لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا
(العظة مكتوبة)
أنبياء ملوك وكهنة لله – الجزء 5
- اعمل باجتهاد في الوظائف التي وضعك الرب فيها:
- وظائف الكاهن:
- أولاَ، مُقدِم ذبائح:
- ثانيًا، يُحافِظ على الهيكل:
- ثالثًا، أن يُعلِن بركات:
- رابعًا، يُعلِم الكلمة:
- خامسًا، يعمل عمل قضائي:
- ليتك تُحيي هيبتك لكل كلمة تسمعها:
- اعمل باجتهاد في الوظائف التي وضعك الرب فيها:
“٤ يُوحَنَّا، إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ الْكَائِنِ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، وَمِنَ السَّبْعَةِ الأَرْوَاحِ الَّتِي أَمَامَ عَرْشِهِ، ٥وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، ٦وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ” (رؤيا ١: ٤ – ٦).
يوضح الروح القدس هنا أننا صِرنا مُلُوكًا وكَهنة، وأوضحت سابقًا أننا صرنا أنبياء، بالمفهوم السليم الخاص بالنبي.
“١٠مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ…” (أرميا ٤٨: ١٠).
أعطانا الروح القدس هذه الوظائف، ومَن لا يسلك بها فإن حياته تمتلئ بالتعاسة والتعب، من أجل ذلك فإن الكتاب يقول: “جعلنا ملوكًا وكهنة أنبياء” صرنا في هذه الوظائف وكل شخص فينا مُطالب أن يقوم بهذه الوظائف، ومن المفترض والمتوقع أن تواجه ظروف الحياة بأحد هذه الوظائف.
هذه الوظائف هي بمسابة أدوات، مثل الأدوات الموجودة داخل المطبخ فهي مستخدمة كلها في ظروف مختلفة، وبحسب الاحتياج، فكل مطبخ يحتوي على أدوات مثل: سكينة، شوكة، ملعقة …. إلخ، وكل مرة تتعامل فيها مع ظروف الحياة، فإنك تحتاج لاختيار أي من تلك الوظائف ستستخدمها في مكانها الصحيح ووقتها المناسب.
من أحد وظائف النبي أن يتكلم طبقًا لوجهة نظر الرب، وليس طبقًا لوجهة نظر العالم، أو لوجهة النظر البشرية العادية، فهو يستقي من الله وجهة النظر الإلهية ويقدمها للوضع الحالي وللمواقف الحادثة.
أما الكاهن فإنه يعمل في علاقة تخصه وتخص الله، والنبي يعمل في علاقة تخصه وتخص البشر، وكذلك الملك فإنها علاقة تختص بالله والبشر.
الإنسان موجود على الأرض لكي يعمل عمل الرب، لذا فكل مرة تعمل أي عمل للرب برخاوة أو باسترخاء – بتكاسل – ستحدث لعنات في حياتك. واللعنات ليس معناها أن تُصبح حياتك تعيسة في كل الزوايا، فربما لا تكون ظاهرة للجميع، وربما تكون في أحد الزوايا في حياتك، مثل أن لا يكون لديك استنارة فكرية.
يخبرنا الكتاب المقدس عن الشخص كلما يتعمق في حق كتابي يعيش به، فإن كل ما يصنعه ينجح، لأن أفكاره ستصبح مستنيرة في تعامله مع الحياة وظروفها، فأفكارك إما تصبح ظُلمة أو نور، لا يشترط أن تكون اللعنة في شيء ضخم، لكن ربما في طريقة تفكيرك، مثل أن تصبح غير قادر على استيعاب أو إدراك ما يحدث حولك.
يوضح الروح القدس أن “الكاهن والنبي والملك” وظائف لا غنى عنها لأي إنسان، وهي لا تختص بشخص بعينه دونًا عن الجميع، ومع ذلك يوجد تخصصات مثل مَن يعملون في خدمة النبي (هي خدمة تُسمى بخدمة النبي) وليس الجميع أنبياء بهذا المنطلق، لكن وظيفة (الأنبياء والملوك والكهنوت) بصفة عامة موجودة بداخلنا جميعًا، لكن هناك مَن يتخصص بصورة أعلى من الآخر في أحد هذه الوظائف، حيث يكون الروح القدس قد وضع على حياته دعوة لهذا، ويكون لها نظام.
بدأنا في المرة السابقة في موضوع الكهنة وأوضحت أن كلمة كاهن أصلها “kohen”، وهي شخص متقرب إلى الله، وصلة وصل ووساطة بين الله والبشر.
عندما تنظر للعلاقة بين آدم والرب لم يكنا في حالة صمت، بل في تواصل عميق، وكل ما فعله الله كان يفعله بشراكة مع آدم. وإن قرأت سفر التكوين الإصحاح الثاني ستفهم أنّ هناك حوار مستمر كان يدور بين آدم والرب لأنه كان يعمل عمل النبي والكاهن والملك.
“فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا” (تكوين ٢: ٢١).
كلمة “سُبَاتًا” تعني نومًا عميقًا، من الصعب أن يستيقظ منه، وكأن الشخص قد تم تخديره، في بعض الأحيان، حينما نريد عزل أجزاء من شخص، حتى لا يشعر بها، فإنه يستلزم أن يكون في نوم عميق جدًا.
“فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ” كلمة أخذ غير دقيقة عند بعض المفسرين، ليس معناها أن هناك ضلعًا ناقصًا عند الرجل، هذا غير كتابي، لأنها في الأصل العبري تصلح أن تكون كلمة (ضلع أو كلمة جنب)، بمعنى أدق، أن الرب قد فصل حواء عن آدم، أي كانوا جنب بعض، أو موجودين في بعض.
عندما نرجع لما توارثه البشر، نجدهم يقولون: “أن آدم حينما أستيقظ ووجد حواء أمامه، تحدث بما حدث معه”، ولكن التقليد اليهودي يخبرنا شيئًا مختلفًا، أن الرب لم يجعله نائمًا لكي يعزله عما سيحدث في جسده، إنما ليجعله مُطلعًا على رؤية عميقة جدًا ليعرف مَن هي حواء، فجعل الرب النوم العميق، لكي لا يتدخل آدم في هذه العملية الجراحية –إن جاز التعبير– وبالتالي ليس سبب نوم آدم لكى يغيب عن الوعى، بل ليكون في وعى وإدراك آخر، حتى لا يقاطع ما يفعله الرب، ليفهم جيدًا من هي حواء.
أي شخص لا يعرف ما هي كلمة الله، هو لا يعرف ولا يفهم الآخرين وسيتعامل معهم بسطحية، أو كأنَّهم آلات في وجهه. كانت العلاقة بين آدم والرب عميقة جدًا، وبدأ يكشف له عن أسرار مَن هي حواء، وكأنه أخذ الرؤية من الرب لكيفية التعامل معها. ينمو الرب بنا تدريجيًا، وأعطانا الوحى بشكل مُتدرج ويشرحه لنا بأكثر تفصيل مع الوقت. كلمة الرب هي وحى متكامل، ولكن الإنسان يحتاج أن ينمو تدريجيًا مع الرب. نحن في أقصى مراحل الاستنارة التي أصبحت متاحة للبشر بعد مجيء الرب يسوع.
- وظائف الكاهن:-
- أولاَ، مُقدِم ذبائح:
هذه وظائف كل شخص فينا، لا ننظر للكاهن باعتباره أحد خدام الكنيسة، هذه وظائفنا جميعًا.
الكاهن هو مُقدِم ذبائح، وقَدَّمَ آدم في البداية ذبائح للرب قبل السقوط، ليست ذبائح حيوانية، فالذبائح الحيوانية كانت رمزًا للمسيا، حيث أفسد الإنسان الخِطة الإلهية، لكن قبل ذلك كانت الذبائح هي ما يخرج من فم آدم، وهي العلاقة بينه وبين الرب، لم يكن هناك بشر سوى حواء، إذ انتشرت بعض التعاليم تُخبر بوجود مخلوقات أخرى، وهو غير كتابي بالمرة.
كان آدم وحواء في علاقة كهنوت مع الرب، أي يعبدون الرب بالأساس، وثانيًا كانوا يعملون في الأرض، وهذا سنتطرق إليه لاحقًا، إنما العلاقة هي التواصل، فحينما تفكر في الرب، أنت تتواصل معه، ليس بالضرورة أن يكون لديك وضعية معينة في الصلاة، على الرغم من أنه يُفضل بالطبع أن تكون مُعبرًا عن ذلك بوضعية صحيحة، كما قال بولس الرسول: “أحنى ركبتي” فالانحناء والركوع هي أمور كتابية، لكن إن كنت في العمل أو في مواصلات مجرد تفكيرك في الرب، فأنت في حالة تواصل معه.
الكهنوت هي حالة اتصال لها طعم ومبدأ، لأن الإنسان مسئول عن الأرض، لتحويل الماديات إلى روحيات والروحيات لماديات، بمعنى أن الكاهن هو يقوم بتحويل المواد الأرضية إلى روحية والعكس، وكأنه مثل ماكينة تحويل.
بعدما دخلت الخطية، أصبح كل ما نفكر فيه من جهة الكاهن هو تقديم الذبائح، لكننا هنا سنعرض وظائف أخرى وليس ذبائح فقط، حيث بدأت الإشارة للذبائح الحيوانية بعد سقوط آدم، إذ فعل الإنسان الخطية ولم يستمر في العهد مع الرب، وهنا دخل شيء آخر –برئ– وهو الحيوان إلى أن يأتي المسيا، ووضع الرب ضوابط للذبائح، لكنه لا يعني أن هذا هو دور الكاهن فقط كما ذكرنا للتو.
يوجد خمس أنواع من الذبائح يقدمها الكاهن، وسنتطرق إليها بشيء من التفصيل لاحقًا، كما جاءت في سفر اللاويين من الإصحاح الاول حتى الإصحاح السابع، لتنظيم الأمور.
تحدثنا في المرة السابقة عن سفر التثنية وكيف تكلّم موسى باستنارة أعلى من الأسفار الأخرى، لدرجة أنه تحدث عن ختان القلب، وكأنه يقول للشعب أن ينتبهوا بأن الوقت القادم سيكون الختان هو ختان للقلب، وبمعنى آخر، أنه ليس المهم هو ما نراه من أمور رمزية.
أثناء حديث الرب يسوع مع لتلميذي عمواس قَسّمَ للعهد القديم على النحو التالي:
“وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِير” (لوقا ٢٤: ٤٤).
هناك ثلاثة تقسيمات، كما شرحنا سابقًا كلمة ” تَناخ، Tanakh” التي تشير للعهد القديم، وهي اختصار لأول مقطع من الثلاث كلمات، “ta” هي (توراه Torah) أي التوراه، “na” هي (نفيئيم Nevieam) أي الأنبياء، “kh” هي (ختوڤيم Ktouvim) هي كتابات ليست تابعة لأسفار موسى ولا الأنبياء. ينبغي أن تفهم كتابك المقدس، فحينما أراد الرب يسوع أن يشرح لتلميذي عمواس الأمور تَوَجّبَ عليه شرح “التناخ” بكل تقسيماته، من أسفار موسى وما قاله الأنبياء وما كُتب خارج ذلك.
لكي نفهم الرب نحتاج لفهم منظوره عن هذه التقسيمات الثلاثة في العهد القديم حتى نتمكن من فهمه في العهد الجديد، كانت كتابات العهد الجديد -الرسائل- أوضح ولا تحتاج لرموز، فنلاحظ أن الرب كَلّمَ البشر بأمثال في العهد القديم (حيث يبدأ العهد الجديد بعد قيامة الرب يسوع) أما في العهد الجديد تقل الأمثال، فقلما تجد مثلاً في الرسائل، إذ بدأ الكلام يصبح مباشرًا، والعلاقة صارت أوضح بين الله والإنسان.
بينما ندرس عن الكاهن لا ترجع لفكر العهد القديم لا في كلامك ولا تفكيرك، ولا تعتقد أننا نلبس هذا الثوب في الوقت الحالي، إنما تحتاج أن ترى الكلمة بالتحديثات التي تمت في العهد الجديد، سيكون بالطبع مفيد أن نفهم ما كان يحدث في العهد القديم.
- ثانيًا، يُحافِظ على الهيكل:
من وظائف الكاهن هو الحفاظ على الهيكل، خيمة الاجتماع سابقًا، إلى أن بُنيَ الهيكل، بالنسبة لنا في الوقت الحالي الهيكل هو أجسادنا، فنحن هيكل للروح القدس، تذكر “أنه ملعون من يعمل عمل الرب برخاء” فإن كنت لا تحافظ على جسدك ستتسلل التعاسة لحياتك، اللعنة هي حالة الفشل قد تبدأ بالفشل الذهني والمزاجي، وتكون غير قادر على السيطرة على ذهنك أو تفكيرك، ربما تأتيك أفكار عادية، لكنك لا تستطيع تمييزها إن كانت من الشيطان أو من الرب، وتسير في حالة ظُلمة تكون استدعيها لحياتك لأنك لا تعمل عمل الرب بنشاط.
نجد مثل هذا الشخص خائفًا من الاقتراب للرب، ويبدأ في وضع أعذار لنفسه مثل “أنا مشغول حاليًا، لديَ تساؤلات، حينما اقتربت من الرب جُرحت وتألمت، الرب مُعقد وصعب الفهم، الكلمة صعبة الفهم جدًا …إلخ”، حينما تُجيب على هذه الأسئلة، يُجيبك: “من أين أبدأ؟” مع أن كلمة الله واضحة جدًا، إلا أنه يحتاج إلى انكسار قلبه، بمعنى أن يضع قلبه تحت الرب مباشرة، ولا يفهم سوى ما يقوله الرب، وبالتالي يكون سريعًا في الاشتعال للرب دون تفاهم.
“ ١ وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: «أَنْتَ وَبَنُوكَ وَبَيْتُ أَبِيكَ مَعَكَ تَحْمِلُونَ ذَنْبَ الْمَقْدِسِ، وَأَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ تَحْمِلُونَ ذَنْبَ كَهَنُوتِكُمْ. ٢ وَأَيْضًا إِخْوَتُكَ سِبْطُ لاَوِي، سِبْطُ أَبِيكَ، قَرِّبْهُمْ مَعَكَ فَيَقْتَرِنُوا بِكَ وَيُوازِرُوكَ، وَأَنْتَ وَبَنُوكَ قُدَّامَ خَيْمَةِ الشَّهَادَةِ، ٣ فَيَحْفَظُونَ حِرَاسَتَكَ وَحِرَاسَةَ الْخَيْمَةِ كُلِّهَا. وَلكِنْ إِلَى أَمْتِعَةِ الْقُدْسِ وَإِلَى الْمَذْبَحِ لاَ يَقْتَرِبُونَ، لِئَلاَّ يَمُوتُوا هُمْ وَأَنْتُمْ جَمِيعًا. ٤ يَقْتَرِنُونَ بِكَ وَيَحْفَظُونَ حِرَاسَةَ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ مَعَ كُلِّ خِدْمَةِ الْخَيْمَةِ. وَالأَجْنَبِيُّ لاَ يَقْتَرِبْ إِلَيْكُمْ. ٥ بَلْ تَحْفَظُونَ أَنْتُمْ حِرَاسَةَ الْقُدْسِ وَحِرَاسَةَ الْمَذْبَحِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ أَيْضًا سَخَطٌ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. ٦ هأَنَذَا قَدْ أَخَذْتُ إِخْوَتَكُمُ اللاَّوِيِّينَ مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَطِيَّةً لَكُمْ مُعْطَيْنَ لِلرَّبِّ، لِيَخْدِمُوا خِدْمَةَ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. ٧ وَأَمَّا أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ فَتَحْفَظُونَ كَهَنُوتَكُمْ مَعَ مَا لِلْمَذْبَحِ وَمَا هُوَ دَاخِلَ الْحِجَابِ، وَتَخْدِمُونَ خِدْمَةً. عَطِيَّةً أَعْطَيْتُ كَهَنُوتَكُمْ. وَالأَجْنَبِيُّ الَّذِي يَقْتَرِبُ يُقْتَلُ»” (العدد ١٨: ١-٧).
“ أَنْتَ وَبَنُوكَ وَبَيْتُ أَبِيكَ مَعَكَ تَحْمِلُونَ ذَنْبَ الْمَقْدِسِ…وذَنْبَ كَهَنُوتِكُمْ” أي أنت وكل بيتك وكل نسلك مسئولين عن بيت المقدس، أي خيمة الاجتماع آنذاك، ومسئولين عن صيانته، وعن العمل الكهنوتي.
“وَلكِنْ إِلَى أَمْتِعَةِ الْقُدْسِ وَإِلَى الْمَذْبَحِ لاَ يَقْتَرِبُونَ، لِئَلاَّ يَمُوتُوا هُمْ وَأَنْتُمْ جَمِيعًا” في هذا الوقت لم يكن مسموحًا لباقي أفراد سبط لاوي أن يقتربوا للذبائح، كانوا يقومون ببعض الأشياء، أما الذبائح فهي خاصة بهارون وحده أن يقربها، لكن بدأوا في تقديم الذبائح معه بعد أربعين عامًا، عندما تكلم موسى معهم وهم اقفين في وجه أريحا.
إن أردنا أن نسير بشكل جيد مع الروح القدس، علينا أن نعرف الطريقة التي يعمل بها، وليس الطريقة التي تعتقد أنها صحيحة، قد آن الآوان أن تتضع الكنيسة لتعرف فكر الله في الموقف.
“٧ وَأَمَّا أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ فَتَحْفَظُونَ كَهَنُوتَكُمْ مَعَ مَا لِلْمَذْبَحِ وَمَا هُوَ دَاخِلَ الْحِجَابِ، وَتَخْدِمُونَ خِدْمَةً. عَطِيَّةً أَعْطَيْتُ كَهَنُوتَكُمْ” هذا معناه أنها أصبحت وظيفة، وذلك كان في العهد القديم، أما الآن فأنت تحاج أن تحافظ على ذهنك وعلى قلبك، لأن جسدك هو خيمتك وهيكلك، أي تحافظ على صحتك، فإن كنت تحافظ على جسدك ستعرف أن تعتني بشريك حياتك، فمن يستطيع أن يهتم بجسده، يستطيع أن يهتم بشريك الحياة.
إن إهمال الزوج وعدم اعتنائه بمصاريف البيت، والانسحاب في الموبايل، هي نتائج طبيعية لعدم وجوده في علاقة صحيحة مع الرب، وأول شيء لتُصلِح علاقته مع زوجته وأسرته، هو أن يُصلِح علاقته بالرب، حينئذ سيصبح تفكيره أكثر انضباطًا بعد أن كان مُشتتًا في أمور كثيرة بعيدة عن الرب، وسينتبه للاعتناء بمنزله ويهتم بأفراد أسرته وحياتهم، وبعدما كان ينتظر منهم مقابلاً وينتظر شيئًا يُشبعه، سيتحول لشخص لدية رغبة في العطاء، ولا يتضايق إن لم يُعطى له، لهذا فالذي يهتم بهيكله سيهتم بحياة الآخرين من حوله.
“ ٢٨ لأَنَّهُمْ كَانُوا يَقِفُونَ بَيْنَ يَدَيْ بَنِي هَارُونَ عَلَى خِدْمَةِ بَيْتِ الرَّبِّ فِي الدُّورِ وَالْمَخَادِعِ، وَعَلَى تَطْهِيرِ كُلِّ قُدْسٍ وَعَمَلِ خِدْمَةِ بَيْتِ اللهِ” (أخبار الأيام الأول ٢٣: ٢٨).
هذه وظيفتهم، الحماية والحفاظ على الهيكل، وبصفة أكبر فالهيكل هو الكنيسة، والكنيسة أكثر من مجرد المبنى، وإن كنا نتعامل مع المبنى بتقدير، لكن الكنيسة هي الأشخاص. حافظ على إخوتك! ربما تعرف مشاكلهم وأسرارهم، لا تفضح اسرارهم، وإن كانت لديك شكوى من المهم أن ترفعها للشخص الأعلى منك وسيتعامل مع الأمر، لكن أن تفضح أسرارهم فهذا غير مقبول.
ثالثًا، أن يُعلِن بركات:
يقوم الكاهن بتحويل البركات الروحية عبر لسانه لأمور تحدث في الارض، فهو يقوم بعملية تحويل.
“وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «كَلِّمْ هَارُونَ وَبَنِيهِ قَائِلًا: هكَذَا تُبَارِكُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلِينَ لَهُمْ: يُبَارِكُكَ الرَّبُّ وَيَحْرُسُكَ. يُضِيءُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَرْحَمُكَ. يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَلَيْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاَمًا. فَيَجْعَلُونَ اسْمِي عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنَا أُبَارِكُهُمْ” (عدد ٦: ٢٢)
كيف يوضع اسم الرب على الشعب، فاسم الرب دعي عليهم، وقد رُبطوا بهذا الاسم، لكن الكاهن يُنقذ ذلك عبر أن يُطلق عليهم البركات وهذا الأمر يحدث عدة مرات، ولنأخذ مثلًا داود، فقد عمل ذلك، بالرغم من أنه من سبط يهوذا وليس من سبط لاوي، وقد أطلق بركات على شعبه، لأنه أدرك أنه في مكانة ملكي صادق، باعتباره نبي وملك وكاهن، حتى أنه لبِسِ “الأفود ” –وهي ملابس خاصة بالكاهن– وأكل من خُبز الوجوه، فعل هذا لأنه أدرك باستنارة أنه يعمل في الوظائف الثلاثة وليس من تفاوت، وأطلق بركات على الشعب، لأنه مُدرك لدوره.
يوضح الكتاب لنا وظيفة الكاهن (أنتَ وأنتِ)، نحن نعمل في هذه المكانة، وكل مرة تُطلق فيها كلمات منطوقة فهي تصنع تأثيرًا، على الرغم من أن البعض لا يدركون معنى وقيمة الكلمات المنطوقة ويسخرون منها، إلا أنه حق كتابي، حيث قال الرب أن بهذه الطريقة يُعلَن اسمي على الشعب، وإن حذفنا هذا، فلن نجد اسمه أعلِن عليهم، أي هذا استعلان لما في عالم الروح، فهو موجود كرصيد، مثل إن كان لديك رصيد في البنك، وترغب في سحبه فلا شك أنه موجود، لكن استخراجه له طريقة، بمعنى آخر أن عملية استحضار الأمور من عالم الروح لعالم العيان، وتحويل الأرقام التي في حسابك البنكي لمال ملموس، هي ذاتها العملية التي يقوم به الكاهن لتحويل البركات من عالم الروح واستحضارها لعالم العيان.
لذا فإن الأرض كلها، تحتاج للبشر الذين يعملون في هذه الوظيفة، حيث أنه لا يوجد شيء في الأرض يحدث دون وجود هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بذلك، وهم المسئولون عن التحويل أو توصيل الأمور من عالم الروح لعالم العيان، لذلك لن يحدث شيئًا في بيتك ومستقبلك ما لم تعلنه، وقد يأخذ هذا بعض الوقت ليتم، حيث أننا نتعامل مع عدو، وأمور أخرى من الطبيعي تأخذ وقتًا ليس بسبب وجود عدو، مثل أي بذرة يتم زرعها، من الطبيعي أن تأخذ وقتها.
توجد بعض الأمور يحاول إبليس إجهاضها ومنعها، وتظهر في حياة الناس في شكل عراقيل، هذه الأمور تحتاج لصلاة، وهذا هو دور الصلاة بالروح بألسنة والاستمرار في اعلان الكلمة، لذا فإن الكاهن هو شخص يُحِضر ويُحَوّل.
ولاحظ أن تقسيمة البركات المذكورة في (عدد ٦: ٢٢) تختص بثلاث زوايا: الأرضية والروحية، واقتران اسم الرب على حياتهم إلى أن يأتي المسيا، سيظلون خاضعين لهذا الإله، وفِكرة الاسم مرتبطة بما سيأتي مستقبلاً.
- رابعًا، يُعلِم الكلمة:
إن كنت ترى أن الكنيسة هي الدور الوحيد لتعليم الكلمة لك ولأولادك وأسرتك، وقيامها بالتثقيف الروحي، فهذا معناه أنك تُعيق عملك الكهنوتي في البيت كأب وكأم الذي هو تعديل مسار البيت والأسرة والأبناء، فهذا دور كهنوتي، ويجب أن تكون هناك رسالة تعليمية يتم قولها بوضوح.
” ١وَأَخَذَ ابْنَا هَارُونَ: نَادَابُ وَأَبِيهُو، كُلٌّ مِنْهُمَا مِجْمَرَتَهُ وَجَعَلاَ فِيهِمَا نَارًا وَوَضَعَا عَلَيْهَا بَخُورًا، وَقَرَّبَا أَمَامَ الرَّبِّ نَارًا غَرِيبَةً لَمْ يَأْمُرْهُمَا بِهَا. ٢ فَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَكَلَتْهُمَا، فَمَاتَا أَمَامَ الرَّبِّ. ٣ فَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «هذَا مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ قَائِلًا: فِي الْقَرِيبِينَ مِنِّي أَتَقَدَّسُ، وَأَمَامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ أَتَمَجَّدُ». فَصَمَتَ هَارُونُ. ٤ فَدَعَا مُوسَى مِيشَائِيلَ وَأَلْصَافَانَ ابْنَيْ عُزِّيئِيلَ عَمِّ هَارُونَ، وَقَالَ لَهُمَا: «تَقَدَّمَا ارْفَعَا أَخَوَيْكُمَا مِنْ قُدَّامِ الْقُدْسِ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ».٥ فَتَقَدَّمَا وَرَفَعَاهُمَا فِي قَمِيصَيْهِمَا إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ، كَمَا قَالَ مُوسَى. ٦ وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ وَأَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ ابْنَيْهِ: «لاَ تَكْشِفُوا رُؤُوسَكُمْ وَلاَ تَشُقُّوا ثِيَابَكُمْ لِئَلاَّ تَمُوتُوا، وَيُسْخَطَ عَلَى كُلِّ الْجَمَاعَةِ. وَأَمَّا إِخْوَتُكُمْ كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ فَيَبْكُونَ عَلَى الْحَرِيقِ الَّذِي أَحْرَقَهُ الرَّبُّ. ٧ وَمِنْ بَابِ خَيْمَةِ الاجتماع لاَ تَخْرُجُوا لِئَلاَّ تَمُوتُوا، لأَنَّ دُهْنَ مَسْحَةِ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ». فَفَعَلُوا حَسَبَ كَلاَمِ مُوسَى. ٨ وَكَلَّمَ الرَّبُّ هَارُونَ قَائِلًا: ٩ خَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ تَشْرَبْ أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجتماع لِكَيْ لاَ تَمُوتُوا. فَرْضًا دَهْرِيًّا فِي أَجْيَالِكُمْ ١٠ ولِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ وَبَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ،١١ وَلِتَعْلِيمِ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ الَّتِي كَلَّمَهُمُ الرَّبُّ بِهَا بِيَدِ مُوسَى“. (لاويين ١٠: ١- ١١)
توضح الآيات السابقة، أن موسى أوصى بني هارون بعدم البكاء على إخوتهم وعدم الخروج من خيمة الاجتماع لئلا يموتوا، بسبب وجود مسحة الرب عليهم، أي ممنوع الحزن. بسبب ما فعله هؤلاء لا يجوز شرب الخمر، وواضح من النص أنهم شربوا خمرًا، وبعدها ذهبوا للتقديم، فلم يعرفوا المعايير المطلوبة نتيجة السُكر وعدم الوعي، ولهذا مُنِعَ أن يشرب الكاهن الخمر قبل الدخول للخيمة.
“١١ وَلِتَعْلِيمِ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ” الكاهن شخص يميز بين ما هو صواب وما هو خطأ، ما يستحق أن تعطه هيبه وما لا يستحق، فأخبار العالم لا تستحق هيبة، لكن ما قاله الكتاب عن أخبار العالم يستحق الهيبة. تعامل بهيبة مع أي شيء يتصل بكلمة الرب. أي تعاليم عالمية يتم اضافتها على كلمة الله فهي نار غريبة، والكاهن من المفترض أن يكون ملتزمًا بما تقوله الكلمة، ولا يجب أن يستلف أو يقترض من العالم مفاهيم، ونحن هنا لا نتحدث عن أمثال إنما عن عقيده ومفاهيم ومبادئ العالم.
لنعطي مثالاً على بعض تعاليم العالم: لكي يتوقف المراهق عن الوقوع في خطية، ينُصح بأن يذهب للجيم ويمارس رياضية، والحقيقة أن هذه ليست ثقافة كتابية، على الرغم من أن ممارسة الرياضة ليست خطأ وأنا أشجعها، والكتاب يُعلِّم أن الرياضة مُفيدة، لكن لا تكون نصحيه ممارسة الرياضة مقترنه بتوجيه المراهقين بأن حل الوقوع في خطية هو ممارسة الرياضة، لأن هذه الأمور روحية ويجب معالجتها روحيًا، ولا يتم التعامل معها بصورة بشرية، فهذه نار غريبة.
ما يحدث في عالم الروح لمثل هذه النصائح أنها تحترق على الفور لا يمكن صعودها للسماء، ربما تُسمَع في الميكروفونات أو الفيديوهات لكنها لن تتجاوز الحيز الأرضي للشخص، يتم حرقها في الأرض، هكذا الأشخاص الذين يستخدمون وسائل نفسية لعلاج أمور روحية، تعلمنا كلمة الله أن الإنسان كائن روحي بالأساس، ويتم التعامل معه من الناحية الروحية ومفاتيح روحية، والتعامل مع الأمور الأرضية يجب أن يتم بصورة روحية، لأن كل شيء هو بالأساس روحي، وما نراه ونتعامل معه ما إلا قشرة. لذلك فالكاهن هو الشخص الذي في ذهنه الكلمة، هو يميز ويُعطي الكلمة، ويُقدم تعليمًا كتابيًا، كما قيل في (لاويين ١٠: ١١).
نقرأ أيضا في تثنية: “يُعَلِّمُونَ يَعْقُوبَ أَحْكَامَكَ، وَإِسْرَائِيلَ نَامُوسَكَ. يَضَعُونَ بَخُورًا فِي أَنْفِكَ، وَمُحْرَقَاتٍ عَلَى مَذْبَحِكَ” (تثنية ٣٣: ١٠)
دور اللاوي أن يُعلم، إذًا فدورك في الأسرة هو أن تبوق الكلمة لمن حولك، وكلما أُتيحت لك الفرصة فلتُعلم، ولهذا السبب يقول الكتاب عن الرب يسوع أنه النبي الذي سيأتي مثل موسى، كلما رأى ناس مِن حوله كان يُعلمهم كعادته، فما سيجعل المؤمنون أقوياء، هو التعليم وليس أن تصلى معهم، فالرب يسوع لم يأخذ التلاميذ ليُصلى معهم عندما سألوه في أي أسئلة، لم يأخذ الشعب لكي يُصلى معهم في أسئلتهم، ولا في احتياجاتهم – وهذا ليس معناه أننا نقلل من قيمة الصلاة، لكننا هنا نتحدث عن الوظائف.
أعطى الرب تعليمًا للشعب لكي تكون صلواتهم صحيحة، لهذا لا تُدمن أن تُمسك بيد كل شخص تراه في احتياج وتصلى معه، لقد قمنا –ككنيسة– في بداية خدمتنا، بمنع أي شخص أن يصلى مع الآخرين أو يعطيهم نبوة، ليس لأننا ضد ذلك بشكل عام لكننا نسعى للتنظيم، فإن كنت أرغب في مساعدة شخص ما، فالأفضل أن أعطية تعليمًا كتابيًا.
عطش وجوع الناس يجعلهم يلجؤون للخادم وللكنيسة وكأنها مكان عِرافة أو سِحر، فيطلبون من الخادم أن يُصلى لهم ليعرفهم ماذا قال له الرب، وقد سماها داود النبي أنها عادة البشر، أنّ لديهم رغبة وحُب استطلاع لمعرفة المستقبل، حينما جاء إليه النبي وقال له: “الرب رأى قلبك في بناء بيتًا له، وهو الهيكل الحجري، لذلك سيظل كرسيك للأبد” بدأ داوود في الصلاة بالامتنان والشكر وقال للرب، أنه صنع معه عادة البشر، النبوة هي جوع البشر، لم يكن هو جوعان لهذا، ولا في انتظاره، لكن رد فعله أعطانا لمحة عما هو بشري وهو الجوع لمحاولة معرفة النتيجة قبل موعدها سواء نتيجة ثانوية عامة، أو القبول في السفارة أم لا؟ هل سيتم قبولي في العمل أم لا؟ … إلخ.
هناك حاله جوع لمعرفة المستقبل، أي أن الإنسان صار غير ضامن للغد وكأنه يحاول أن يرمى الزهر وينتظر النتيجة، يحيا البشر في حالة من الصدفة والتخمين! لا يريدنا الرب هكذا! لكي يجعل الكاهن الشعب قويًا وثابتًا في الإيمان يشرح لهم مبادئ الكلمة، ويكررها أكثر من مرة وفي أكثر من موضوع لأن هذا دوره ووظيفته ولا يتوقف عن عمل هذا الأمر.
- خامسًا، يعمل عمل قضائي:
يعمل الكاهن لحل النزاع، وليس أن يكون هو طرفًا في نزاع مع آخرين، وربما يتعرض لنزاع من الآخرين، لكنه نفسة لا يجب أن يكون بداخله هذا النزاع مع من حوله، تعرض الرب يسوع نفسه لنزاعات مستمرة مع الناس وقيل عنه كلامًا غير صحيح والبعض خاصموه، لم يكن هذا خطأ الرب، بل مشكلة اعوجاج الناس، فالرب يسوع لم يصنع مشكلة طبقًا للمقاييس الكتابية أنها مشكلة، لكنه جاء ليلقى سيفًا على الأرض بمعنى جعل الناس تأخذ اتجاهات أكثر وضوحًا بهدف توضيح هويتهم، وبالتالي قد ينقلب أفراد الأسرة على بعضهما.
ربما يقول أحدهم: “إن كان هذا المؤمن يسير بالكلمة حقًا فلا يجب أن تحدث له مشكلة في البيت!” هذا غير دقيق كتابيًا، فعلى الرغم من أن الشخص يسير بوداعة واتضاع ومحبة مع أسرته إلا أنه ربما يحدث خلافًا بينهم ويصل لحد الكراهية في بعض الأحيان، بسبب وضوح هوية وسلوك المؤمن بالحق، والحق ليس بالضرورة أن يوافق عليه كل الناس، شرط أن لا يكون هذا المؤمن مجادلاً أو صانع خلافات بسلوكيات خاطئة.
قد يجد الكاهن خشونة في التعامل من الآخرين، وكان هذا واضحًا من بعض الأحداث في العهد القديم، إلا إنْ كان الكاهن يقبل الوسطية والخنوع ويذبح للرب والأوثان في ذات الوقت، لكن هناك مَن حافظ على نقاء قلبه مثل والد يوحنا المعمدان، إلى أن جاء يوحنا المعمدان، ومَن حافظ على نقاء قلبه سيستمر في خدمة الرب وفي العمل الكهنوتي في الملك الألفي (حزقيال ٤٨: ١١-١٢).
القاضي يحل النزاع، ولا يصنع نزاعًا، قد يكون قراره وحُكمه في الموقف يصنع نزاعًا لأن الشخص لا يريد الانحناء والخضوع أمام الرأي الكتابي السليم، لذا فهو حلال للمشاكل.
“٨ إِذَا عَسِرَ عَلَيْكَ أَمْرٌ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ دَمٍ وَدَمٍ، أَوْ بَيْنَ دَعْوَى وَدَعْوَى، أَوْ بَيْنَ ضَرْبَةٍ وَضَرْبَةٍ مِنْ أُمُورِ الْخُصُومَاتِ فِي أَبْوَابِكَ، فَقُمْ وَاصْعَدْ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ،٩ وَاذْهَبْ إِلَى الْكَهَنَةِ اللاَّوِيِّينَ وَإِلَى الْقَاضِي الَّذِي يَكُونُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، وَاسْأَلْ فَيُخْبِرُوكَ بِأَمْرِ الْقَضَاءِ. ١٠ فَتَعْمَلُ حَسَبَ الأَمْرِ الَّذِي يُخْبِرُونَكَ بِهِ مِنْ ذلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ، وَتَحْرِصُ أَنْ تَعْمَلَ حَسَبَ كُلِّ مَا يُعَلِّمُونَكَ. ١١ حَسَبَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي يُعَلِّمُونَكَ وَالْقَضَاءِ الَّذِي يَقُولُونَهُ لَكَ تَعْمَلُ. لاَ تَحِدْ عَنِ الأَمْرِ الَّذِي يُخْبِرُونَكَ بِهِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا. وَالرَّجُلُ الَّذِي يَعْمَلُ بِطُغْيَانٍ، فَلاَ يَسْمَعُ لِلْكَاهِنِ الْوَاقِفِ هُنَاكَ لِيَخْدِمَ الرَّبَّ إِلهَكَ، أَوْ لِلْقَاضِي، يُقْتَلُ ذلِكَ الرَّجُلُ، فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيل. ١٣ فَيَسْمَعُ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَيَخَافُونَ وَلاَ يَطْغَوْنَ (يعصون) بَعْدُ” (تثنية ١٧: ٨- ١٣).
“٩ وَاذْهَبْ إِلَى الْكَهَنَةِ اللاَّوِيِّينَ وَإِلَى (أو) الْقَاضِي” تأتي في اللغة العبرية اذهب إلى الكاهن أو القاضي، وهذا معناه أن الكاهن يعمل عمل القاضي، والقاضي هو مَن حل عليه روح الرب كما جاء في سفر القضاة ويمكن أن يخرج من أي سبط وتلاحظ الناس أنه يصلح أن يكون قاضيًا، حيث أعطاه الرب مسحة ونعمة، لذا فالكاهن واللاوي أو القاضي يعملوا على حل النزاعات.
“ فَيُخْبِرُوكَ بِأَمْرِ الْقَضَاءِ” أي يعطوك ما ينبغي عليك فعله أو ما نبغى أن يكون في هذا الأمر.
“١١ حَسَبَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي يُعَلِّمُونَكَ وَالْقَضَاءِ الَّذِي يَقُولُونَهُ لَكَ تَعْمَلُ” أي أنك تعمل بحسب ما تم الحكم به، ولا يكون هذا القضاء إلا بحسب الشريعة.
لا يقف الكاهن حائرًا في المشاكل لأن لدية نور كتابي من الشريعة يرشده كيف يتعامل مع المواقف المختلفة التي تُعرض عليه، لديه حكمة في التصرف، ربما يحتاج للإمام ببعض المعلومات والاستماع لشهادة أطراف أخرى لذات الموقف، ولمعرفة المفاهيم والمعلومات المرتبطة بموضوع ما، مثل كيف تُدار الأمور في هذا المشروع أو غيره، حتى يكون لدية إلمام بكيفية الحكم في نزاع ما، وهذه العملية تتطلب وقتًا للاستماع من عدة أطراف وهو أمر طبيعي جدًا.
أعطى الرب أدوات للكهنة في العهد القديم تساعدهم في الحكم، مثل: حجرين يشعوا نورًا لكي يكون الحكم دقيقا بنعم أو لا طبقًا لمشكلة النزاع، وطريقة أخرى هي البقرة الحمراء حيث كانوا يأخذون الرماد هذه البقرة، ويقوم المتهم في أمر ما (زنى مثلاً) بشرب هذا الكأس، وبقوة الروح القدس يكتشفوا إن كان يكذب أم لا، فإن تقيأ الشخص فهو كاذب، وأن لم يتقيأ فهو برئ، أما نحن في العهد الجديد فلدينا القيادة بالروح القدس. القضاء أمر مَهيب وخطير ولا يجوز فيه الخطأ في الحكم، لذا فتدخل الروح القدس يساعد في الحكم والفصل بين الأمور.
- ليتك تُحيي هيبتك لكل كلمة تسمعها:
“٩ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ (شريحة) مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ. ١٠ الَّذِينَ قَبْلًا لَمْ تَكُونُوا شَعْبًا، وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ” (بطرس الأولى ٢: ٩- ١٠).
اقتبس الرسول بطرس هنا من العهد القديم: “وأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ وَأُمَّةً مُقَدَّسَةً. هذِهِ هِيَ الْكَلِمَاتُ الَّتِي تُكَلِّمُ بِهَا بَنِي إِسْرَائِيل” (خروج ١٩: ٦).
لا تنتظر وجود أمور مفاجئة وخارقة للطبيعي في العيان مثل (فرقعة مباغتة)، حيث يقول الكتاب أنّ إلهنا ليس إله تشويش، “لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلهَ تَشْوِيشٍ بَلْ إِلهُ سَلاَمٍ” (كورنثوس الأولى ١٤: ٣٣).
هذا يعني أن إلهنا ليس إله الأمور الصّاخبة أو الضخمة لكي يشعر به الإنسان. تخيل أن الرب يسوع بشخصه ظهر لك وطلب منك أن تقول رسالة للناس، ستخرج لهم بذات الهيبة التي عشتها معه، وستكون غير قادر على السكوت وتتصل بهم وتزعجهم حتى لو في منتصف اليل، ولن تطيق الانتظار أو تستطيع الهدوء، لا تحتاج أن يظهر لك الرب لتتحرك بهيبة لكلمته، فهو يتكلم لك من خلال كلمته التي بين يدينا.
“اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ،٢ كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ” (عبرانيين ١: ١- ٢).
الابن هو الرب يسوع، والرب يسوع هو الكلمة التي بين يدينا، بذات الهيبة التي تمت مع الأنبياء في العهد القديم أن الرب كان يتكلم إليهم، هكذا فالرب يسوع هو الكلمة، لذا تعامل بهيبة مع كل كلمة تسمعها كما لو أن الرب قد ظهر لك أو أنك أُخِذت للسماء وأطلعك الرب على رؤية، وعُدت مرة أخرى ستكون غير قادر على السكوت، لذلك من المهم أن تُحي هيبتك للرب.
عِش بهيبة، أنت كاهن للرب، لا تُقدِم نار غريبة له، وتسمح بدخول ثقافة غير كتابية لحياتك، فمثل هذه الثقافة يتم حرقها في عالم الروح، وهذا معناه كبير جدًا في عالم الروح، فهو يعني تفريغ الملائكة من المكان الذي تتواجد فيه، لأن الملائكة تتواجد في الأماكن التي بها طاعة للكلمة، مما يترتب عليه أن حياتك ستمتلئ بأرواح شريرة، وأن السماء كاها أصبحت ضدك، لذا تحذرنا الشريعة من عدم سماع قضاء الكاهن، فالشريعة هي صوت الرب، يا ليتك تُحيي هذه الهيبة بداخلك، اسمح بعمل الروح القدس بداخلك لإحياء الكلمة، فهي أنفاس الله.
عندما أراد الرب أن يخلق حواء أعطى آدم نومًا عميقًا ليختلي به في رؤيا، وليس فقط لكي لا يشعر بالعملية الجسمانية التي تحدث، حيث أن الأعضاء الأثنين كانت موجودة لكن الرب قام بفصل الأعضاء عن بعض. ومن له دراية بدارسة الطب، يعلم بوجود هرمونات وأعضاء ذكورية لدى الأنثى ولكنها غير ظاهرة والعكس صحيح. وسبق أن ذكرنا أنّ مَن درس عِلم الأجنة، سيعرف أن الرب وضع بصماته في الخلق ويشهد أننا جنس مختار أعلى من كل الحيوانات.
ففي خلق الإنسان يمر بعدة مراحل أثناء تكوينه في بطن الأم، مثل: أن تبرز له خياشيم ويتم غلقها وتظهر له زعانف ثم تضمر، حتى يتم تشكيله ورسمه –كجنس مختار– وكأن الرب يرسل رسالة للعلماء من خلال دراستهم، “بأن الإنسان أعلى بكثير من كل المملكة الحيوانية” لذا من العار أن تقوم بتشبيه إنسان بحيوان أو تمدح حيوان على إنسان. لهذا السبب حينما يقع الإنسان في خطية، فإن إبليس يستلمه وينتهز الفرصة ليقوم بتكسيره وتحطيمه ويلومه، وكأنه يقتل الإنسان ويسير في جنازته بعد أن أسلمة للموت.
ــــــــــــــــــــــــــــ
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.