القائمة إغلاق

اصحوا واسهروا – الجزء 3 Be Sober, Be Vigilant – Part

لمشاهدة العظة على الفيس بوك اضغط هنا 

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب

اصحوا واسهروا – الجزء 3 

 

  • أهمية الصحيان والسهر وكيف تحياه.
  • ما هي الزوايا التي ينبغي أن تَصْحى وتسهر لها، منها:
    • الصحيان والسهر تجاه العالم.
    • السهر للصلاة.
    • اصح واسهر متوقعًا مجيء الرب.
    • احترز لئلا تُسحَب من الحياة وتفقد استعدادك ليوم الرب.
    • احترز من الذئاب.
  • تجاهل الكلمة يقودك إلى السُكْر.
  • اصح في كل شيء.
  • اصح واسهر حتى تتمكن من الوقوف بثبات ضد هجمات العدو.

 

  • أهمية الصحيان والسهر وكيف تحياه:-

 علينا أن نعلم أنّ هناك فارقًا بين الصحيان والسهر. يمتلئ التعريف بالدسم في الأصل اليوناني حيث يوضح لنا تفاصيل كثيرة نحتاج لفهمها، لأننا في وقت حساس في الأرض.

كتب الرسول بولس منذ زمان بعيد للمؤمنين أن يستعدوا ليوم لقاء الرب، ونحن الآن أقرب مما كان وقت الرُسل. المؤمن الذي يرغب أن يحيا حياة صحيحة، عليه أن يفكر في الكلمة، وإن أردت أن تحفظ بذار الكلمة بعد سماع عظة أو قراءة مقال، أو جلسة مع راعيك الروحي، فالسر في ذلك هو أن تتأمل فيما سمعته من كلام.

 فَكِر في اللحظة التي ستضع فيها عينك في عينك يسوع، ضع حاسبًا ليوم كرسي المسيح، ستحاسب على كل دوافع قلبك، لأن القلب يتكلم في السماء أكثر من الفم.

ربما نشأنا على مفهوم أن الرب رائع وحنون، وهذا شيء صحيح، لكن إن لم يصاحبه اتزان في التعليم سيؤدي للتسيب الروحي، لذلك تحدث الرسل بطرس وبولس والرب يسوع عن كيف نكون صاحين وساهرين، وهذه الكلمات توحي بالاستعداد للهجوم، لأنه يوجد عدو لكن ماذا لو لم تكن تدري بوجوده، أو فوجئت به بعد مرور زمن؟

أخبرنا الرب يسوع أنه ربما تصل لمرحلة أن يكون أعداء الإنسان هم أهل بيته، أو ربما تُعرّض للخطر من قِبل أهل منطقتك، لذا فأنت في حالة خَطَر حتى وإن لم تدرك ذلك، وهذا لا يعني أن تُعادى أحدًا، لكنهم من يُعادونك، وتذكر أن الرب يسوع كان له أعداء كثيرين، كذلك بولس الرسول، وهذا ليس مقياس أنك تسير بشكل صحيح أم لا، إنما المقياس هو أنك تسير وفقًا للكمة أم لا.

تشير كلمة اصحوا واسهروا لحالة اليقظة والاستعداد واللياقة العالية، لذلك فإن جلست تتأمل في هذا الحق الكتابي؛ ستشتعل. وإن كنت تتذبذب بين الفتور والاشتعال الروحي، والثبات والوقوع فالحل لذلك هو التأمل، تأمل في اللحظة التي ستقابل فيها الرب يسوع.

ما جعل الابن الضال يرجع إلى نفسه (مما يوضح أنه كان مسحوبًا في أعذاره، وليس في كامل وعيه) هو التأمل: “…كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا!” (لوقا ١٥: ١٧). هذا التأمل حفزه، شغّل خياله وتفكيره في الصح وليس في الخطأ.

في البداية شغَّل تفكيره وخياله، فتحمس وأخذ قرار أن يبتعد ويقتسم ميراثه ويترك والده، وقد فعل ذلك، لأنه شُحنَ بالأفكار، والذي أعاده مرة أخرى هو أيضًا شحنة من الأفكار السليمة والصحيحة، لذا عليك أن تتعلم كيف تستخدم ذهنك بالطريقة الصحيحة.

ذهنك هو التلفاز الذي تشاهده، في أي مرة تشعر أنك تعبان أو تعاني وتحتاج لدعم ودفعة، اعلم أنك تحتاج أن تتأمل، لكن ماذا لو لم يكن لديك رصيد من الكلمة تتأمل فيه، اذهب لمن يرعاك روحيًا، لأنه ربما تكون مقتنصًا (٢ تيموثاوس ٢: ٢٦) يمكن لإبليس أن يقتنص أشخاص أي يصطادهم.

 سيأتي الوقت ويُفاجئ فيه الناس أن هذا الكلام حقيقي، لكن هناك من يحيا الحقيقة من الآن. يشمل الصحيان والسهر المتراخي روحيًا والساهر روحيًا. وإن كنت ساهرًا بشكل صحيح، ارتقِ لمستوى أعلى، أن ترى ما يريده الرب لك لكي تتحرك فيه وتسير في خطته لك، وبالتالي فهذا الكلام يشمل كل المستويات الروحية.

إن دخلت لمنطقة ما، وقيل لك: “احذر خطر!” لن تجد يافطة مكتوبة على كل شيء “احذر خطر!” لكنه أعطاك تأهب عند دخولك لتنتبه لأي شيء، لأنه ربما يكون هناك حفرة، أو جهاز خطر، من المحتمل أن لا يكون الشيء خطر في ذاته، لكن إساءة استعماله هو الخطر.

الجسد على سبيل المثال في حد ذاته ليس خطية، حيث كان للرب يسوع جسدًا، لكن إساءة استخدامه هو الخطية. تحتاج لفهم كل شيء بشكل صحيح حتى يمكنك توجيه طاقتك الروحية وحالة التأهب للعدو الحقيقي، يشمل الصحيان والسهر تمييز حقيقة الأشياء، وعدم الإغراء بأي أمر.

ولنأخذ مثالًا عمليًا على ذلك: الحارس الذي ينظر للناس بنظرة مختلفة عن الآخرين وينتبه لعينه وهيئته وشكلة ويلاحظ إن كان يحمل سلاحًا أم لا، أو إن كان مسجلاً في بعض الصور المطلوب متابعتها أم لا، بمعنى أنه ينظر نظرة مختلفة، ويقرأ المواقف بصورة مختلفة عن الشخص الطبيعي، لا يقبل التشتيت والخداع ولا يترك مكانه، بل ينتبه دائمًا لكل ما يحدث حوله. هذه هي الحالة الصحيان والسهر التي يتحدث عنها الكتاب.

  • ما هي نقاط وزوايا الصحيان والسهر:

تكلمنا سابقًا عن الصحيان والسهر:

  1. تجاه إبليس.
  2. تجاه نفسك.
  3. تجاه الرب، حيث يوجد مَن تعثر مِن الرب على الرغم من إنه لم يفعل شيئًا خطأ.
  4. تجاه إخوتك، لا تتعثر من أحد ولا تجعل أي شخص يُعثرك روحيًا، وإن حاول أحدهم يُبعدك أو يبطئك روحيًا ابتعد عنه، حتى لو كان أقرب الأقربين، وإن لم يكن بإمكانك أن تتركه، اغلق قلبك ولا تستقبل منه” (ونُشجعك أن تعود وتدرس سلسلة العثرة)

تذكر الصحيان هو عدم آخذك من العالم التي تصل لمرحلة السُكر، لذلك حينما تحدث الكتاب عن الخمر، على الرغم من وجوده في الذبائح إلا إنه من الخطأ أن تسكر به، وتصل لحد غياب الوعي والإدراك، مثل أولاد هارون اللذان قدما نار غريبة على المذبح نتيجة السُكر، لم تأتي بصورة مباشرة في النص لكن حذّرَ الرب في الأعداد التالية مباشرة للحدث من السكر مما يوضح أنهم كانوا سَكارى وقدموا الذبائح دون اكتراث.

الصحيان هو التعامل مع العالم دون شربك منه، حيث يخبرنا الكتاب إنه ليس بإمكاننا أن نخرج منه ولكن يمكننا أن لا نشرب منه: “٩ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ فِي الرِّسَالَةِ أَنْ لاَ تُخَالِطُوا الزُّنَاةَ. ١٠وَلَيْسَ مُطْلَقًا زُنَاةَ هذَا الْعَالَمِ، أَوِ الطَّمَّاعِينَ، أَوِ الْخَاطِفِينَ، أَوْ عَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَإِلاَّ فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ الْعَالَمِ!” (١كورنثوس ٥: ٩-١٠).

الحل هو أن تغلق قلبك، نشجعك أن تدرس سلسلة “العلاقات“. ستجد استفاضة أكثر في هذه النقطة.

سنتكلم اليوم عن نقاط جديدة ينبغي أن نصحى ونسهر لها، منها:

  • أولاً، الصحيان والسهر تجاه العالم:-

 ” ١٥لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. ١٦لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. ١٧وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ، ١٨ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ” (١يوحنا ٢: ١٥- ١٨).

١٥لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ” يستخدم هنا لفظ آغابى؛ أي محبة غير مشروطة، بمعنى لم يعد الأمر يفرق مع الشخص، وهذا يعني أنه يمكن لأحدهم أن يحب العالم محبة غير مشروطة، ويظهر ذلك عندما يُحَذَّر الشخص من أمر ما لكنه لا يبالي بالمخاطر، ويفعل ما يريده.

 الإثم هنا ليس محبة العالم ذاته، لكن محبة طريقة تفكير العالم، ربما يُحذر من سلوك أو طريقة تفكير معينه مثل الغدر والانتقام من شيء أو شخص ما، لكن لا يستمع للنصيحة التي قيلت له أن يغفر، والمشكلة هنا أنه لا يضع شروطًا لمحبته العالم، ويصل الأمر بتحذير واضح أنه على طريق هلاك وضياع روحي، إلا أن يجيب دائمًا بذات المنطق وأحيانًا بكلماته المعتادة: “أنه لا توجد لديه مشكلة في الأمر!”

غير المُنصت للنصيحة والتوجيه والإرشاد، هو في الواقع يحب العالم دون شروط أو مقابل، وأحيانا يعرف أنه سيواجه نتائج سيئة لاحقًا، إلا أنه يستمر في سلوكه في العالم. من المفترض أن يُوَجِّه هذه المحبة للرب، ليس خوفًا من شيء سيء لأنه لا يصنع هذا، لكن ينبغي أن تحب الرب حب غير مشروط، غير منتظر لمنافع منه، بل لشخصه.

 حينما تبدأ في التعامل مع العالم وتدخل في علاقات خاطئة، وتتنازل عن الخطوط الحمراء التي وضعتها لنفسك سابقًا مثل “لن أختلط بالعالم” وتتدرب على السلوك فيه وأنت تعلم تبعياته، لكنك ترغب في الاستمرار، متجاهلاً أي نصائح روحية لإنقاذك، معتقدًا أنك ستتوب فيما بعد.

انتبه يقول الكتاب: “لا تحبوا العالم، ولا الأشياء التي في العالم” مثل الاستمتاع بشراء أشياء جديدة موبايل، سيارة، منزل…إلخ! لكن يمكنك أن تنظر لكل هذه الأشياء بنظرة مختلفة، إنها ستحترق قريبًا “وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ” (١ يوحنا ٢: ١٧).

يخبرك روح الله أن تشاهد هذه الأشياء أنها ستمضي، وكأنك تركب وسيلة المواصلات فهي لا تعني لك شيئًا حتى تهتم بأي تفاصيل فيها ولو بسيطة، لا تشرب من هذا العالم! لأن الذي يحب العالم، ليس فيه محبه الله.

يتمحور العالم في:

  • أولاً، شهوة الجسد:

يخاطب العالم شهوة الجسد، أي الأمور التي يستجيب معها جسدك أو يجد أرضية فيها. كان الرب يسوع لديه جسد، لكنه تعامل بشكل مختلف معه. أعطيت لنا إمكانيه التحكم في أجسدنا عندما ولدنا ثانيةً، إن حاول شخص أن يتحكم في جسده دون أن يستخدم هذه القوة سيفشل مثلما فشل فرعون في عبور البحر الأحمر. إن وصل لمراحل تمرين ولياقة بصبر وطول آناه، فلها نهاية ومحدودية. أما المولود من الله بداخله قوة حقيقية للسيطرة على جسده وتركيزه ووقته وحبه، انتبه لهذه القوة!

  • ثانيًا، شهوة العيون:

هي التخيلات والأبعاد الفكرية والانتباه للعالم، الانجذاب نحو الأضواء والإعلانات وكل ما هو جديد، يقدم لنا العالم التخيلات، على سبيل المثال الإعلانات الموجودة في الشوارع نجدها ترسم لنا صورًا تخاطب أجسادنا، فليس صدفة أن تجد صور رعب موضوعة أو صور تُشجعك على أخذ قرض من البنوك، ودون أن تدري هناك أشياء تُلقى بداخلك كلما نظرت إلها، إلا إن كنت منتبهًا لذلك.

يعلمنا الكتاب أن ندير أموالنا بطريقة صحيحة حتى لا نحتاج للاقتراض، وإن كنت في هذه المرحلة، عليك أن تنتهي من هذه الديون في أسرع وقت ممكن. ليست الإعلانات فقط تلقي صورًا لأذهاننا لكن أيضًا الكلام مع الناس، فمثلاً تقابل أحيانًا شخصًا يقول لك: “يااااه نفسي في كذا وكذا…” هو بذلك ألقى لك شيئًا في ذهنك، إن لم تكن منتبهًا حريصًا سيقع بداخلك كالطعم.

  • ثالثًا، تعظم المعيشة:

تأتي في الأصل اليوناني بمعنى التعامل مع الأمور البشرية لحلها بطرق بشرية بدلاً من الطرق الروحية الإلهية. مثلاً، يلجأ أحدهم لكورس علاجي سواء نفسي أو طبي للتغلب على القلق، ولا بأس من العلاج والطب، لكن في الحقيقة علاج هذا الأمر هو روحي، كما يعرف دارسي الطب النفسي أن العلاج لا يجعل الإنسان يعود طبيعي، هذه حقيقة واقعية في الطب، لذلك لا يوجد حل للأرق أو القلق والخوف وحالات الذعر سوى أن تدخل كلمة الله وتغير في أفكار الإنسان ليصل لمكان صح.

تعظم المعيشة ليس هو الرفاهية في الحياة، لأن البذخ وأيضًا البُخل هما خطأ، لكن الاتزان في الأمر صحيح. الكلمة هنا لا تعني الماديات فقط، بل التعامل باعتمادية على أمور أرضية لعلاج أمور روحية، مثل الاستناد على الرصيد البنكي أو الأملاك في حال حدوث شيء ما، أو العلاج بالخارج إن مرضت.

“شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ” ليست من الآب بل من العالم، وما يقدمه العالم سيمضي وشهوته معه، وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد.

  • ثانيًا، السهر للصلاة:-

“٢ وَاظِبُوا عَلَى الصَّلاَةِ سَاهِرِينَ فِيهَا بِالشُّكْرِ، ٣مُصَلِّينَ فِي ذلِكَ لأَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضًا، لِيَفْتَحَ الرَّبُّ لَنَا بَابًا لِلْكَلاَمِ” (كلوسي ٤: ٢ – ٣).

استخدم نفس الكلمة “ساهرين”؛ أي وأنت تصلي كن في حاله استعداد. لكي تصلي في حد ذات هذا الأمر تحتاج أن ترى نفسك مع الروح القدس وتتأمل أنك شخص مُصلي، إن كان لديك أولاد وبنات علمهم أن يتخيلوا أنفسهم وهم يصلون بحماس، لأنه عندما ترى هذه الصور ستعيشها. الصلاة هي العمل والشغل الإلهي، لهذا يجب أن نحرص عليها.

“وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ” (بطرس الأولى ٤: ٧).

قال الرسل يوحنا وبطرس وبولس: “إن نهاية كل شيء قد أقترب، فتعقلوا”

تعني كلمة “تعقلوا” ليكن ذهنك في حالته السليمة يفكر في الفكر الكتابي، هو أيضًا إرجاع الشيء لأصله الطبيعي وغير ذلك فأنت لست عاقلاً في نظر الكتاب المقدس، بمعنى أن تكون طريقة تفكيرك ذاتها هي طريقة تفكير الكلمة.

على سبيل المثال، إن كانت الناس تقلق من شيء ما، فإنك إن كنت تفكر بالكلمة لا ينبغي أن تقلق منه مثلهم، تستطيع فرض صورة مختلفة على ذهنك وتفكر بطريقة مختلفة، لذلك يقول: “تَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ” أي عليك أن تسأل ذاتك “كيف أصحى؟” عبر الصلاة، وهذا يعني أن عملية الصحيان نفسها شيء، والصحيان للصلاة شيء آخر.

 بمعنى آخر فإن عملية الصحيان هي طريقة تفكير وحالة من التأهب، وكأنك موجود في منطقة مملوءة باللصوص وتتعامل بحذر وانتباه لأفكارك وأفكار الناس حولك لكي تساعدهم، وأفكار أولادك، فإن كان كبير لا تتركه يجلس بمفرده يفكر بل اسأله: “في ماذا تفكر؟” لئلا يكون منجرفًا مع أرواح شريرة وأنت لا تعلم.

 أنتبه لذاتك وأنت في العمل أو مع الآخرين أو أثناء مشاهدة التلفاز، هل هذه الأشياء تُلقي أمورًا بداخلك أم لا؟ تعقلوا؛ أي كونوا في التفكير السليم حسب الكلمة، واصحوا للصلوات. لكي تستطيع أن تُوَجِّه قلبك للصلاة تحتاج لصحيان وعدم شربك من العالم، لأنك إن شربت منه ستسكر به وبأفكاره وبأخبار الناس من حولك، من ثم ستجد نفسك مثقلاً وغير قادر على الصلاة، فحالة السكر هذه أثقلتك أثناء الصلاة، وما هو الحل إذًا؟ أن تحرس قلبك.

لكن ماذا لو شربت وامتلأت من العالم بالفعل؟ عليك أن تستخدم التفكير العمدي وتتأمل وتنطق بلسانك: “أنا أستيقظ من هذا التفكير” مثل الابن الضال الذي رجع إلى نفسه “وبدأ يفكر” مما يعني أنه كان مسحوبًا في البداية ولم يكن في طوع تفكيره الصحيح. ثم ابدأ في الصلاة وضع ذهنك فيها.

  • ثالثًا، الصحيان والسهر تجاه العلاقات:-

“٣٣ لاَ تَضِلُّوا فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ” (١ كورنثوس ١٥: ٣٣).

الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ” لا تعني الخلق الجيد كما نستخدمها في اللغة العربية، لكن الأصل اليوناني يعني العادات، بمعنى إن كان لديك عادة الاستيقاظ باكرًا لدراسة الكلمة والصلاة وقابلت شخصًا ما وأخذت من عادته الخاطئة، فهذا ما يطلق عليه إفساد العادات الجيدة، وستجدها مشروحة أكثر في سلسلة “العلاقات” يمكنك الرجوع لها لمعرفة المزيد.

  • رابعًا، اصح واسهر للبر:-

“اُصْحُوا لِلْبِرِّ وَلاَ تُخْطِئُوا، لأَنَّ قَوْمًا لَيْسَتْ لَهُمْ مَعْرِفَةٌ بِاللهِ. أَقُولُ ذلِكَ لِتَخْجِيلِكُمْ!” (١ كورنثوس ١٥: ٣٤)

يحتاج البر لحالة يقظة ووعي، ولا تشرب من العالم بل من البر، كما قلنا أن كلمة “اصحوا” تعني عدم السُكْر، التعامل مع العالم بفلترة وتنقية.

“اُصْحُوا لِلْبِرِّ وَلاَ تُخْطِئُوا” لا تندم أو تدين نفسك على أخطائك السابقة لأنك أصبحت خليقة جديدة، ولا تفعل هذا مرة أخرى. لتظل مستيقظًا للبر، وليس هذا فقط، لكن ما دمت يقظًا للبر فستعمل الصواب، عُد مرة أخرى وادرس مقال “أنت بار وبِر الله” لتعرف تفاصيل أكثر عن الفرق بين البار وبر الله.

باختصار، البار هو الشخص الذي خرج من الزنزانة بعد أن كان متهمًا وأصبح بريئًا، لكن هذا غير كافٍ، لأنه ربما عاد وأخطأ مرة أخرى، لذلك هو مات وأُعِيد خلقه مرة أخرى وأخذ طبيعة البر فأصبح هو القاضي؛ أي أصبحت طبيعته الروحية بِر أي منتجة للصواب.

أُسلِمَ الرب يسوع لأجل خطايانا، وأُقيم لأجل تبريرنا، والآن كمولود من الله فأنت خليقة جديدة، ليس فيك إنسان عتيق وإنسان جديد، بل بداخلك إنسان جديد فقط. والشاهد السابق يدعونا أن نستيقظ لحالة البر لأنه لم يقل لنا: “حاول أن تكون بارًا، أو عليك أن تتبرر” بل يوضح أننا تبررنا بالماضي، هذا حدثت معك أنت مفعول به، مثلما أخطأ آدم الأول، فصرنا جميعًا خطاة دون أن نفعل شيئًا، هكذا أطاع الرب يسوع وجعلنا أبرارًا دون تدخُل منّا.

 اصحوا للبر، أنت بار أي برئ. وبر الله أي صرت مُنتجًا للصواب. الآن اختلفت طبيعتك، لا تقلق أن يصدر منك شيئًا خطأ ما دمت تسير بالكلمة، لأن الطبيعة الإلهية التي بداخلك تحتاج فقط أن تنموا لتثمر الصواب. ليس معنى أنك لن تخطئ، لكنك تحتاج لتنمية الطبيعة الإلهية التي بداخلك، لذلك يؤكد اصحوا للبر فلا تخطئوا لأن البر حاله ليست مرتبطة بما فعلت.

  • خامسًا، قدِّر رجال الله ومَن سبقق في معرفة الرب:-

“١٢ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ أَبُلُّوسَ الأَخِ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهِ كَثِيرًا أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْكُمْ مَعَ الإِخْوَةِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ إِرَادَةٌ الْبَتَّةَ أَنْ يَأْتِيَ الآنَ. وَلكِنَّهُ سَيَأْتِي مَتَى تَوَفَّقَ الْوَقْتُ. ١٣ اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوَّوْا. ١٤ لِتَصِرْ كُلُّ أُمُورِكُمْ فِي مَحَبَّةٍ. ١٥ وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ بَيْتَ اسْتِفَانَاسَ أَنَّهُمْ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ، وَقَدْ رَتَّبُوا أَنْفُسَهُمْ لِخِدْمَةِ الْقِدِّيسِينَ، ١٦ كَيْ تَخْضَعُوا أَنْتُمْ أَيْضًا لِمِثْلِ هؤُلاَءِ، وَكُلِّ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيَتْعَبُ” (١ كورنثوس ١٦: ١٢-١٦).

تذكر أن الرسول بولس تعامل في الإصحاحين الثالث والرابع مع الانشقاقات داخل كنيسة كورنثوس: ٣ لأَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ. فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ، أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟ ٤ لأَنَّهُ مَتَى قَالَ وَاحِدٌ: «أَنَا لِبُولُسَ» وَآخَرُ: «أَنَا لأَبُلُّوسَ» أَفَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ؟ ٥ فَمَنْ هُوَ بُولُسُ؟ وَمَنْ هُوَ أَبُلُّوسُ؟ بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا، وَكَمَا أَعْطَى الرَّبُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ: ٦ أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى، لكِنَّ اللهَ كَانَ يُنْمِي. ٧ إِذًا لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلاَ السَّاقِي، بَلِ اللهُ الَّذِي يُنْمِي” (١ كورنثوس ٣: ٣-٧)

 “ أَنَا غَرَسْتُ…” حافظ الرسول بولس على الكيان الهرمي، لكن دون أن يُقلل من شأن الرسول أبولس لدى الشعب، وأمرهم أن يتوقفوا عن السلوك بالجسد وصنع الشقاقات. هذا لم يمنع كون بولس الرسول هو زارع التعليم، وقد شرح هذا منعًا للهرطقات لكي يُلتَفت لما يقوله، لكن دون شقاقات لأننا نُعلِّم التعليم ذاته.

لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ، لكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ” (١ كورنثوس ٤: ١٥). أب واحد، أي الذي زرع التعليم هو على رأس الجسد.

 “مِنْ جِهَةِ أَبُلُّوسَ الأَخِ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهِ كَثِيرًا أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْكُمْ مَعَ الإِخْوَةِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ إِرَادَةٌ الْبَتَّةَ أَنْ يَأْتِيَ الآنَ” شعر أبُلوس أن البعض يرفضون وجوده في الكنيسة لذا رفض أن يذهب، لذلك قال له الرسول بولس أنه سيرسِل رسالة للكنيسة (كورنثوس الأولى)، ويوضح كيف تسير الأمور بشكل صحيح، وتعامل مع حالة الانشقاق الموجودة في الكنيسة، لكنه حينما طلب منه بولس مرة أخرى أن يذهب خضع “وَلكِنَّهُ سَيَأْتِي مَتَى تَوَفَّقَ الْوَقْتُ”.

“١٣ اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوَّوْا” يمكنك أن تفهم من هذا العدد أن تقدير للخدام له علاقة بالثبات في الإيمان ونموك الروحي وقوتك (أشجعك أن تراجع سلسة كونوا رجالاً).

“١٥ وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ بَيْتَ اسْتِفَانَاسَ أَنَّهُمْ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ، وَقَدْ رَتَّبُوا أَنْفُسَهُمْ لِخِدْمَةِ الْقِدِّيسِينَ، ١٦ كَيْ تَخْضَعُوا أَنْتُمْ أَيْضًا لِمِثْلِ هؤُلاَءِ، وَكُلِّ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيَتْعَبُ” لم يطلب الرسول بولس من الكنيسة أن تخضع فقط لأبُلوس بل أن يخضعوا أيضًا لمن هم سبقوهم روحيًا، وذلك استنادًا على أنهم باكورة آخائية، وأيضًا لكل مَن مثلهم ويعمل ويتعب، يجب الالتفات لمثل هؤلاء، ويُخضع إليهم كونهم أقدم في المسيح.

ما أراد الرسول بولس قوله هنا: “اسهروا؛ أي احفظوا أفكاركم، عبر رفضكم وعدم السماح لأي أفكار خاطئة تجاه الخدام ومن هم قدامى في المسيح عنك” لأن الأمر يتعلق بالإيمان أيضًا، فطلب منهم أن يسلكوا ويتحركوا بالإيمان، ويكونوا رجالاً أي يسيروا بقوة. وإن لم يسهروا وسمحوا لأي أفكار سلبية بالدخول فهذا سيفسد إيمانهم، ورجولتهم الروحية أي يُضعفهم روحيًا.

“١٤ لِتَصِرْ كُلُّ أُمُورِكُمْ فِي مَحَبَّةٍ” يتساءل هنا الرسول “أين محبتكم؟” لاحظ معي أن إصحاح المحبة جاء قبل ذلك باصحاحات قليلة، وكأنّه يطرق بمطرقة الكلمة، لأن الكتاب يتكلم عن كلمة الله أنها كالمطرقة، وذلك من أجل إيقاظ ذهنهم ليستفيقوا. والمحبة هي حالة العشق والغرام بينك وبين الرب.

يتكلم الكتاب دائمًا بلغة: “اصحوا اسهروا، تقووا في الرب” وليس” “يا رب أيقذنا! يا رب قوينا!” وما يجعل تلك القوة تتسرب هو سماحك بالأفكار السلبية ناحية الآخرين، مثل البطارية التي سَرَّبت شُحنتها، فحينما يحاول السائق تحريك سيارته ويجد البطارية فارغة، فحتما لن تتحرك. أو مثلما تحاول استعمال هاتفك المحمول ولا تجده مشحونًا، لذا عليك اكتشاف ما الذي يستنفذ طاقة هاتفك، فربما يكون أحد التطبيقات يستهلك جزءًا كبيرًا منها وعليك بإزالته.

هذا يفسر لماذا تجد نفسك في بعض الأحيان غير قادر على الصلاة، أو ليس لديك شهية لها، والسبب هو لأنك لم تسهر على أفكارك، من الهام أن ترجع مرة أخرى لتعريف كلمة اسهروا لتتأمل فيه.

  • سادسًا، اصح واسهر متوقعًا مجيء الرب:-

“اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ” (متى ٢٤: ٤٢).

كن دائمًا في حالة سهر وصحيان لأنك لا تعلم الساعة التي سيأتي فيها الرب. لاحظ أنه لم يقل إننا لا نعرف الفترة الزمنية بشكل عام بل الساعة التي سيأتي فيها، ويرجى العودة لسلة “الرب قريب” التي تحدثنا فيها عن فترة مجيء الرب. لذا عش حياتك منتظرًا الرب وكأنه سيأتي بعد دقيقة من الآن. وهذا ليس معناه ألا تعمل أو تدرس بكل قلبك وتتقدم فيما تتدرسه، لكنك تتحرك فيه بنظرة مختلفة وهو أنك هنا لتأتي بآخرين ليسوع من خلال ما تعمله وتفكر في النفوس.

  • سابعًا، اصح واسهر لئلا تدخل في تجربة:-

 “اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ” (متى ٢٦: ٤١).

أعطى الرب تشخيصًا هامًا للغاية لتلاميذه، وبينما هم نيام من الغم والحزن فقال لهم: “أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ” فكيف نُنَشط الروح؟ كانت أرواحهم نشيطة نتيجة جلوسهم مع الرب وسماعهم لتعليمه وتدريباته لهم لأنه كان يطلب منهم تدريبات معينه مثل، أن صلوا الآن أو يقرأوا آيات معينه ويشرحها لهم، فهذا هو عمل الرباي أو المعلم، مثل المدرس الذي يقوم بتحفيظ الطلاب شيئًا ما.

كان الرب لازال جنينًا حينما اقتربت مريم من إليصابات وركض الجنين في بطن إليصابات، إذ يمكن للمسحه أن تؤثر عن بُعد، على الرغم من كُلاً منهم في بطن مختلفة، إلا إنه هناك قوة تخرج من يسوع لمن حوله نتيجة عمل الروح القدس، لهذا السبب كانت أرواح التلاميذ نشيطة.

“اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ” كيف لم يمنع الرب التجربة عن التلاميذ؟ لأن هذا ليس دوره، بل دور الإنسان أن يكون في حالة يقظة روحية لئلا يدخل في تجربة. لو سهر التلاميذ وصلوا وكانوا يقظين، لما حدث ما حدث مع بطرس، ولما تفرَّقوا وأصبحوا في حالة من الارتباك والخوف والرعب التي رأيناها فيهم في الثلاث أيام التي كان فيها الرب في القبر والتي رأيناها حينما قام وظهر لهم في العلية.

 لو صلوا لكانوا في حال أفضل من ذلك، لكنهم دخلوا في تجربه، لكن الرب ساعدهم إلا إنه لن يمنع الأمر. ربما تسأل: “لماذا إذًا قال الرب لا تدخلنا في تجربه؟” هذا النوع من الصلاة كان يناسب مستوى التلاميذ أثناء هذه الفترة، كما أنها تعني في الأصل اليوناني “حينما ندخل في تجربه، نسألك أن تخرجنا منها”، وهذا لا يعني أن الرب يصنع التجربة.

من كان لديه تعليم كتابي رائع، ولم يتأمل به، ولم يعطيه أي انتباه، سيجد نفسه انطفأ، وما لديه من تعليم سيُسرق منه.

  • ثامنًا، احترز لئلا تُسحب من الحياة وتفقد استعدادك ليوم الرب:-

“فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً” (لوقا ٢١: ٣٤).

الشخص الساهر واليقظ هو في حالة من التأهب ويتعمد أن يحافظ على استعداده ويمنع أي أفكار أن تدخل أو تتوغل في ذهنه، لهذا عليك أن تحترز لئلا تنسحب. سَمّى الرب الحياة “خُمَارٍ وَسُكْرٍ” وهي عكس “اصحوا واسهروا”، لأن هناك من يُسحب في الحياة لدرجة السكر، انتبه لئلا تنسحب في هموم الحياة ويصادفك يوم مجيء الرب بغتةً.

 ما أروع تعبيرات الكتاب المقدس إذ يقول إن هذا اليوم آت، آت ولا شك في ذلك، لكن العبرة في الاستعداد، فلا يوجد فائدة من تجاهلك لهذا الحق. إن كنت تفكر “أنه ما زال هناك وقت على مجيء الرب، وقد سمعنا هذا كثيرًا” فهذا يعني أنك تهرب، مجيء الرب أمر حقيقي. وربما تكون مسحوبًا في زاوية ما وسكران بهموم الحياة، لذا احترز لنفسك لئلا يصادفك ذلك اليوم بغتة.

٣٥لأَنَّهُ كَالْفَخِّ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ الْجَالِسِينَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. ٣٦اِسْهَرُوا إِذًا وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ، لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلاً لِلنَّجَاةِ مِنْ جَمِيعِ هذَا الْمُزْمِعِ أَنْ يَكُونَ، وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ” (لوقا ٢١: ٣٥ – ٣٦).

وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ” يتكلم الرب هنا عن كرسي المسيح مما يؤكد على ضرورة السهر لتصبح مستعدًا للقائه.

“اِسْهَرُوا إِذًا وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ” يتكلم الرب عن الصلاة هنا ولكن ليس بالطريقة التي رأينها من أشخاص يرددون كلامًا لا يدركون معناه، مثل “يا رب أحفظني، سامحني، ساعدني” فهي ليست بالطريقة الكتابية ولا تأتي بنتائج، لكن الصلاة الكتابية هي علاقة وتواصل مع شخص الروح القدس، لذا نشجعك على العودة لدراسة سلسلة “الصلاة المستجابة” على الموقع.

  • تاسعًا، احترز من الذئاب:-

“اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ. ٢٩لأَنِّي أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. ٣٠وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ، ٣١ لِذلِكَ اسْهَرُوا، مُتَذَكِّرِينَ أَنِّي ثَلاَثَ سِنِينَ لَيْلاً وَنَهَارًا، لَمْ أَفْتُرْ عَنْ أَنْ أُنْذِرَ بِدُمُوعٍ كُلَّ وَاحِدٍ،٣٢ وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ” (أعمال ٢٠: ٢٨ – ٣٢)

يُكلَّم الرسول بولس هنا مع رعاة كنيسة أفسس ويخبرهم إنه سيدخل من وسطهم ذئاب تتكلم بأمور ملتوية ويجذبون التلاميذ ورائهم، لن يبدوا ظاهريًا أنهم تركوا الرب، لكن طبقًا للعرف السماوي فهم تركوه.

تذكر معي شاول الملك الذي ترك الرب رغم أنه لازال جالسًا في منصبه كملك، وبدلاً من أن يحل عليه الروح القدس بدأت أرواح شريرة تعمل في حياته. هناك أشخاص ابتعدت عن الرب حسب العرف الإلهي لأنهم لا يصدقون آيات معينه جوهرية جدًا في الكلمة.

” لِذلِكَ اسْهَرُوا، مُتَذَكِّرِينَ…لأَنِّي بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ” لذلك احذر من الذئاب الخاطفة، واحذر على نفسك، حافظ على قلبك.

 تجاهل الكلمة يقودك إلى السُكْر:-

” ٦ فَلاَ نَنَمْ إِذًا كَالْبَاقِينَ، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ. ٧لأَنَّ الَّذِينَ يَنَامُونَ فَبِاللَّيْلِ يَنَامُونَ، وَالَّذِينَ يَسْكَرُونَ فَبِاللَّيْلِ يَسْكَرُونَ ٨وَأَمَّا نَحْنُ الَّذِينَ مِنْ نَهَارٍ، فَلْنَصْحُ لاَبِسِينَ دِرْعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ، وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ. ٩لأَنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلْغَضَبِ، بَلْ لاقْتِنَاءِ الْخَلاَصِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ١٠الَّذِي مَاتَ لأَجْلِنَا، حَتَّى إِذَا سَهِرْنَا أَوْ نِمْنَا نَحْيَا جَمِيعًا مَعَهُ” (١ تسالونيكي ٥: ٦- ١٠).

وَالَّذِينَ يَسْكَرُونَ فَبِاللَّيْلِ يَسْكَرُونَ” لا يتحدث هنا عن السُكر العادي، بل عن حالة الانجِراف. طبقًا للأعراف اليهودية من العار أن يسكر الشخص في الصباح، لهذا قال بطرس في يوم الخمسين لمن ظنوا أنهم سكارى: “لأَنَّ هؤُلاَءِ لَيْسُوا سُكَارَى كَمَا أَنْتُمْ تَظُنُّونَ، لأَنَّهَا السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ مِنَ النَّهَارِ” (أعمال ٢: ١٥).

يشير السكر لحالة الظلام وعدم المعرفة. يبدأ الأمر أولاً بحالة الظلام، أي عدم المعرفة أو تجاهل المعرفة حينما تُعرض عليك، من ثم تدخل إلى الظلام، فتنجرف للسُكر. لم يحدث السُكر من فراغ، لكن لأنك تركت ذاتك في حالة الظلام وتجاهل المعرفة.

  • اصح في كل شيء:-

٥وَأَمَّا أَنْتَ فَاصْحُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ. اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ. تَمِّمْ خِدْمَتَكَ.” (٢ تيموثاوس ٤: ٥)

إن لم يُذكر شيء ما القائمة السابقة لتصحى وتسهر له، فهذه الآية شاملة لأنها تقودنا للصحيان والسهر والانتباه في كل شيء، مثل: كم ساعة قام أولادك بتشغيل التلفاز هذا اليوم؟ ماذا أكلوا؟ هل كل احتياجات المنزل متوفرة أم لا؟ هل الأم منتبهه لما يحدث في منزلها؟ هل ذاكر الابن أم لا؟ هل أبنائك مستعدين لمجيء الرب؟ أم هم مسحوبون مع أصحاب معينين؟ هل تسأل أبنائك عما فعلوه وتحدثوا فيه خلال اليوم؟

حالة من النظام واليقظة في كل شيء، وكأنك متأهب دائمًا لئلا يدخل إبليس في منطقة معينة في حياتك أو في بيتك. تسأل ذاتك دائما: “تُرى ما الشيء الذي تراخيت فيه؟ أو ما الأشياء التي لم انتبه لها؟ هل هناك شيء أحتاج لتعلمه لكي أخلق عادة جديده؟ أو هل هناك شيء يسبب لي خوف عن ذكر اسمه أحتاج لدراسته أكثر حتى أواجهه؟

 من الهام أن تستيقظ لكل شيء لأن الكتاب يأمرنا بهذا، كم من الوقت تقضِه في دراسة الكلمة؟ في أي شيء تسرح بأفكارك، ما هو دافعك عندما قلت كذا وكذا؟ أو لماذا صمت في هذا الموقف؟ هل لأنك تريد إظهار اعتراضك على ما سمعته؟ أم لأنك تستمتع بقلبك للمتكلم. ما الذي يفرحنك أو يحزنك؟ لذا أشجعك على دراسة سلسلة الدوافع، وأيضًا عظات القيمة والمقدار ستفيدك كثيرًا في هذا الأمر.

الانتباه لكل أمر سيقودك أن تكون للرب كاملاً حتى يصل بك الأمر: “أنا لك، ولغيرك لن أكون”. لا يَعبُر على تفكيري أي روح شرير، فأنا ملك الرب. أخبَر الرسول بولس تيموثاوس “أستيقظ في كل شيء، أنت شخص غير عادى، أنتبه لأنك مستهدف”، وهذا لا يعني أنه غفل، لكنه يستيقظ ويحرس ذهنه.

 الآن عليك أن تصحى وتسهر وتتمم عملك بجودة فائقة كما لو أنك تعمله للرب. وإن كنت تدرس تمم دراستك على أكمل وجه لأنك تدرس للرب وترغب في إفادة الناس حولك وتفهم العلم الذي تدرسه، أما إن ذاكرت بسبب الرغبة في تجاوز الامتحان -كما تكلمت عن ذلك في سلسلة كيف ناجحاً في الأرض– حينما تُقدِّم على عمل لن تجد قبول لأنك رفضت العمل من الداخل عبر رفضك للدراسة سابقًا.

استيقظ مبكراً حتى لو لم تكن تعمل، لا تَسهر حتى طلوع الفجر وتستيقظ بعد الواحدة ظهرًا، وإلا ستتدرب على رفض العمل، فإن لم تنادى العمل بداخلك، لن تجد قبولاً حينما تطلبه لأنك رفضه سابقًا بسلوك. كل فعل تفعله هو تدريبات صغيرة لأمور كبيرة. لا تكافئ نفسك بعد كل مجهود تبذله وتقول: “لن أستطيع دراسة الكلمة اليوم لأنني مرهق، سأدرس الكلمة غدًا”، إن كانت شهيتك هي التي تقودك ولا تقاومها، اعلم أن حياتك على وشك الانهيار، لأنه تُسرِّب قوتك وفي حالة من النعاس.

 يفسَد أي شيء مثل سيارة أو غسالة عندما يبدأ الصدأ يعمل فيه تدريجيًا وتكتشف أنه تلف بعد وقت، بدأ الأمر بنُقطة صغيرة ولم تعالجها ثم انتشرت وتوسعت بشكل تدريجي، لأنه لا يوجد شيء يحدث فجأة بل يسبقه ترتيب وتجهيز، لكن إن كنت يقظًا ستستطيع علاجه مبكرًا قدر الإمكان. لذلك في هذا الوقت، لا يجب لإبليس أن يتمكن منك.

  • اصح واسهر حتى تتمكن من الوقوف بثبات ضد هجمات العدو:-

“١٠أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. ١١الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. ١٢فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.. ١٣مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. ١٤فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، ١٥وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ” (أفسس ٦: ١٠ – ١٥).

تَقْدِرُوا، تَثْبُتُوا، تُتَمِّمُوا” لاحظ أن الكتاب يتكلم بلغة كلها قوة، تستطيع أن تقف ضد مكايد إبليس وتنتصر في اليوم الشرير، وهو اليوم الذي يرتب فيه إبليس لخطة ليهجم عليك بشيء ما، ربما تحدث لك فجأة أعراض لمرض ما، أو قرار مفاجئ في العمل، أو يحدث شيء خطير لك، أو تواجه ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، أو أمر لم تكن ترتب له. كل يوم يظل إبليس يخطط ويرتب كيف يهاجمك، فإن كنت صاحيًا ومستيقظًا، تستطيع أن تثبت، لكن إن لم تكن مستيقظًا، ستسقط في هذا اليوم.

“إِنِ ارْتَخَيْتَ فِي يَوْمِ الضِّيقِ ضَاقَتْ قُوَّتُكَ” (الأمثال ٢٤: ١٠).

 توضح لنا هذه الآية إن ضعفت في يوم المشكلة، اعلم أنك ضعيف من قبل، وأن المشكلة التي حدثت ما إلا أظهرت الحالة التي أنت عليها سابقًا، لذا فالأمر يتعلق باستعدادك واستيقاظك السابق، نحن في وقت نحتاج فيه لليقظة والسهر.

آمين.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$