الفقرة الرئيسية : النبوة هي نطق فائق للطبيعي بلغة معروفة لأجل بنيان وتشجيع وتعزية المؤمنين.
1كورنثوس12: 1-12
1 وَأَمَّا بِخُصُوصِ الْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَلاَ أُرِيدُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَمْرُهَا.
7 وَلَكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ.
10 ..وَلآخَرُ النُّبُوءَةَ
تقول ترجمة أخرى للعدد الأول, “وَالآنَ، أَيُّهَا الإِخوَةُ، لاَ أُرِيدُكُمْ أَنْ تَبقُوا فِي جَهلٍ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ”.
ابتداءً من هذا الفصل سوف ندرس مواهب الإلهام أو النطق. وتعد النبوة هي أهم موهبة في هذا القسم. والسبب في ذلك هو لأنها تشتمل على موهبتي النطق الآخرتين: أنواع متعددة من الألسنة وترجمة الألسنة. هاتان الموهبتان تكافئان معاً موهبة النبوة.
يقول الكتاب، ” إِنِّي أَرْغَبُ فِي أَنْ تَتَكَلَّمُوا جَمِيعاً بِلُغَاتٍ مَجْهُولَةٍ، وَلَكِنْ بِالأَحْرَى أَنْ تَتَنَبَّأُوا. فَإِنَّ مَنْ يَتَنَبَّأُ أَفْضَلُ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ بِاللُّغَاتِ إِلاَّ إِذَا تَرْجَمَ (مَا يَقُولُهُ) لِتَنَالَ الْكَنِيسَةُ بُنْيَاناً” (1كورنثوس14: 5). هذا يعنى أن التكلم بألسنة وترجمة الألسنة يكافئان النبوة, لذلك فإن النبوة هي أهم مواهب الإلهام الثلاثة لأنها لا تحتاج لأي موهبة أخرى لتكملها.
يمكننا أن نعرَّف مواهب النطق الثلاثة هكذا:
النبوة هي نطق فائق للطبيعي بلغة معروفة.
الألسنة هي نطق فائق للطبيعي بلسان غير معروف.
ترجمة الألسنة هي تفسير فائق للطبيعي لما قيل بلسان غير معروف.
إن الأصل العبري للفعل “يتنبأ” يأتي بمعنى “يتلي بشيء” أو “يأتي بكلام”, وهى تحمل معنى جريان الينبوع أو الانبثاق أو السريان.
أما الأصل اليوناني لكلمة “نبوة” فيعنى: أن يتكلم أحد للآخر. لذلك فإن الفعل يتنبأ يحمل معنى التكلم إلى الله أو أن يتكلم إنسان بالنيابة عن الله.
نقرأ في رسالة كورنثوس الأولى14: 1, ” اسْعَوْا وَرَاءَ الْمَحَبَّةِ، وَتَشَوَّقُوا إِلَى الْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، بَلْ بِالأَحْرَى مَوْهِبَةِ التَّنَبُّوءِ”. يخبرنا الكتاب أن نشتاق إلى المواهب الروحية لكن على وجه الخصوص أن نتنبأ. وهذا لا يعنى أننا لا ينبغي أن نشتاق أو نسعى لباقي المواهب الأخرى، لكن نشتاق إلى موهبة النبوة على وجه الخصوص.
وفى نهاية الإصحاح يكرر بولس, ” إيُّهَا الإِخْوَةُ، تَشَوَّقُوا إِلَى التَّنَبُّوءِ، وَلاَ تَمْنَعُوا التَّكَلُّمَ بِلُغَاتٍ مَجْهُولَةٍ” (ع39). كان بولس يكتب تحت إلهام من الروح القدس. لذلك يمكننا أن نقول بطريقة أخرى: إن الروح القدس يتكلم من خلال بولس الرسول إلى كنيسة كورنثوس (وهذا ينطبق على كنيسة المسيح في أي وقت وأي مكان) أن تشتاق إلى المواهب الروحية، ولكن على وجه الخصوص أن نتنبأ. (14: 1, 39).
التكلم بأمور آتيه مقابل الإتيان بالكلام
لا ينبغي أن يتداخل مفهوم موهبة النبوة البسيطة مع خدمة النبي أو الكلمات النبوية التي تأتي من خلال خدمة النبي. يقول الكتاب ” أَمَّا الَّذِي يَتَنَبَّأُ، فَهُوَ يُخَاطِبُ النَّاسَ بِكَلاَمِ الْبُنْيَانِ وَالتَّشْجِيعِ وَالتَّعْزِيَةِ” (1كورنثوس14: 3). لذلك نستطيع أن نرى أن موهبة النبوة البسيطة لا تشتمل على أي إعلان عن المستقبل. إنما تأتى بغرض التثقيف والتشجيع والبنيان. لكنه في خدمة النبي فكثيراً جداً ما يأتي الإعلان عن المستقبل (التكلم بأمور آتية) من خلال وعاء النبوة البسيط.
كما ينبغي أن نلاحظ الفرق بين النبوة في العهد القديم والنبوة في العهد الجديد. ففي العهد القديم كانت النبوة تأتي بغرض التكلم بأمور آتية. إلا إننا في العهد الجديد نرى تحولاً كبيراً في هذه الموهبة لتصبح لأجل الإتيان بكلام (تشجيع وتعزية) .
التنبؤ أكثر من مجرد الكرازة
يعتقد البعض أن التنبؤ يعنى الكرازة. لكن لا ينبغي أن ننسى أن أي نطق مُوحى به هو نبوة سواء بصورة مباشرة أو لا. لكن موهبة النبوة ليست الكرازة. إلا إنه في بعض الأحيان يتداخل عنصر النبوة في الكرازة. على سبيل المثال, عندما يُلهم الشخص من الروح القدس ليقول شيئًا في الحال لم يكن يجهز له من قبل أو كان يخطر على باله. إنما جاءه من روحه في تو اللحظة وليس من فكره. هذه هي إحدى الصور لعمل موهبة النبوة.
أخبرني كثيرون قائلين، “بينما كنت اشهد لأحد الأشخاص عن الرب نطقت بكلام كتابي لكنه كان يفوق مستوى إدراكي ولم يخطر على بالى أو حتى كنت أفكر فيه من قبل. لكني أُلهمت من الروح القدس لأقول ذلك”. هذه صورة لعمل موهبة النبوة, لأن النبوة هي نطق تحت إلهام الروح القدس يفوق الكلام النابع من أفكارنا وأذهاننا.
أما كلمة يكرز فهي تعني أن يعلن أو يذيع أو ينادى. والغرض الكتابي لموهبة النبوة يختلف عن الغرض من الكرازة. على سبيل المثال، لم يقل الكتاب أن الناس سيخلصون بجهل النبوة بل بجهل الكرازة (1كورنثوس1: 21). فمواهب الروح القدس الفائقة للطبيعي يعطيها الروح لجذب انتباه الخطاة، وليس لأجل خلاصهم. حتى في يوم الخمسين, عندما سمع الناس الرسل يتكلمون بألسنة لم يخلص منهم أحد لمجرد سماعه الألسنة إلا عندما وقف بطرس وكرز لهم (أعمال2: 14-41).
موهبة النبوة مقابل خدمة النبي
كما قلنا سابقاً أن موهبة النبوة لا ينبغي أن تتداخل مع خدمة النبي. فموهبة النبوة البسيطة لا تحتوى على عنصر الإعلان (سواء عن المستقبل أو الحاضر). بل بالأحرى تتكلم للناس ببنيان ووعظ وتشجيع (14: 3). وأيضاً لأجل تثقيف الكنيسة (14: 4 ).
نلاحظ في العدد الأول من رسالة كورنثوس الأولى14 أن بولس كان يخبر جميع مؤمنين كنيسة كورنثوس أن يشتاقوا للنبوة ويشتاقوا لباقي المواهب الروحية الأخرى: “..تَشَوَّقُوا إِلَى الْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، بَلْ بِالأَحْرَى مَوْهِبَةِ التَّنَبُّوءِ”. لكنه في إصحاح12: 28 يقول أن الجميع ليسوا أنبياء. فهل يناقض بولس نفسه إذاً؟ إن التفسير الصحيح لهذا الأمر هو أنه عندما تعمل موهبة النبوة من خلال الشخص فإنها لا تجعل منه نبياً.
على سبيل المثال، إن أي شخص غنى لديه أموال. وكذلك أيضاً كل واحد منا لديه أموال – حتى ولو قروش قليلة. لكن هذا المقدار الصغير لا يجعل من الفرد غنياً. وعلى هذا المنوال, فإن النبي يستطيع أن يتنبأ (كلام بنيان ووعظ وتشجيع) لكن الشخص الذي يتنبأ ليس بالضرورة أن يكون نبياً.
بالإضافة إلى ذلك, فإن النبي يكون لديه مواهب روحية أخرى بجانب موهبة النبوة. وستكون على الأقل موهبتين من مواهب الإعلان ترافقان موهبة النبوة. هذا لأن بولس يقول في 1كورنثوس14: 29، 30: “أَمَّا الأَنْبِيَاءُ فَلْيَتَكَلَّمِ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ وَلْيَحْكُمِ الآخَرُونَ. وَلَكِنْ إِنْ أُعْلِنَ لآخَرَ جَالِسٍ فَلْيَسْكُتِ الأَوَّلُ”. فبولس يتكلم هنا عن الإعلانات “.. لَكِنْ إِنْ أُعْلِنَ لآخَرَ “ (ع30). لذلك فإن النبي سيكون لديه مواهب إعلان أخرى تعمل في خدمته بالإضافة إلى موهبة النبوة.
ولكي يُؤهل الشخص للوقوف في خدمة النبي فإنه ينبغي أن تعمل معه على الأقل موهبتين من مواهب الإعلان بصفة مستمرة في حياته وخدمته بالإضافة إلى موهبة النبوة.
بمعنى آخر، لكي يقف أحد في خدمة النبي يحتاج أن يُدعى أولاً لمواهب الخدمة الخمس (أفسس4: 11، 12), ويكون لديه على الأقل موهبتين من مواهب الإعلان: كلمة الحكمة، كلمة العلم، تمييز الأرواح بالإضافة إلى موهبة النبوة يعملون بصفة مستمرة في خدمته.
لذلك ينبغي ألا تتداخل خدمة النبي مع موهبة النبوة البسيطة التي دعانا الكتاب جميعاً لكي نشتاق إلى عملها في حياتنا “تَشَوَّقُوا إِلَى التَّنَبُّوءِ ..” (1كورنثوس14: 39). فموهبة النبوة البسيطة يمكنها أن تعمل في كل واحد منا لأن الله لن يطلب منا أن نشتاق إلى شيء يستحيل علينا أن نحصل عليه.
1كورنثوس14: 1، 5، 39
1 اسْعَوْا وَرَاءَ الْمَحَبَّةِ، وَتَشَوَّقُوا إِلَى الْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، بَلْ بِالأَحْرَى مَوْهِبَةِ التَّنَبُّوءِ.
5 إِنِّي أَرْغَبُ فِي أَنْ تَتَكَلَّمُوا جَمِيعاً بِلُغَاتٍ مَجْهُولَةٍ، وَلَكِنْ بِالأَحْرَى أَنْ تَتَنَبَّأُوا. فَإِنَّ مَنْ يَتَنَبَّأُ أَفْضَلُ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ بِاللُّغَاتِ إِلاَّ إِذَا تَرْجَمَ (مَا يَقُولُهُ) لِتَنَالَ الْكَنِيسَةُ بُنْيَاناً.
39 إيُّهَا الإِخْوَةُ، تَشَوَّقُوا إِلَى التَّنَبُّوءِ، وَلاَ تَمْنَعُوا التَّكَلُّمَ بِلُغَاتٍ مَجْهُولَةٍ
يستطيع كل واحد منا أن يتنبأ، لكن هذا لن يجعلنا جميعاً أنبياء.
إن النبوة الآتية من خلال خدمة النبي يكون لها سلطان أعظم من موهبة النبوة البسيطة التي يمكنها أن تعمل من خلال الرجل العلماني.
أمثلة العهد الجديد لموهبة النبوة
نرى في سفر الأعمال والإصحاح الحادي والعشرون نموذجاً كتابياً لعمل موهبة النبوة البسيطة في حياة بعض المؤمنين.
أعمال21: 8، 9
8 وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي ذَهَبْنَا إِلَى مَدِينَةِ قَيْصَرِيَّةَ وَنَزَلْنَا ضُيُوفاً بِبَيْتِ الْمُبَشِّرِ فِيلِبُّسَ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُدَبِّرِينَ السَّبْعَةِ،
9 وَلَهُ أَرْبَعُ بَنَاتٍ عَذَارَى كُنَّ يَتَنَبَّأْنَ.
كانت بنات فيلبس الأربعة يخدمن في موهبة النبوة البسيطة. وكان من الواضح إنهن كن يتنبأن في الاجتماعات التي كانت في بيتهم، وإلا لما استطاع بولس أن يعلم إنهن يتنبأن.
كانت بنات فيلبس الأربعة يتكلمن للحضور بكلام بنيان ووعظ وتشجيع (1كورنثوس14: 3). لكن عندما جاء أغابوس النبي كانت لديه رسالة من الروح القدس تفوق م وتحمل إعلاناً يتعلق بالمستقبل.
أمثلة العهد الجديد لخدمة النبي
أعمال21: 10، 11
10 فَبَقِينَا عِنْدَهُ عِدَّةَ أَيَّامٍ. وَبَيْنَمَا نَحْنُ هُنَاكَ جَاءَنَا مِنْ مِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ نَبِيٌّ اسْمُهُ أَغَابُوسُ
11 فَأَخَذَ حِزَامَ بُولُسَ، وَقَيَّدَ نَفْسَهُ رَابِطاً يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَ: «يَقُولُ الرُّوحُ الْقُدُسُ إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْحِزَامِ سَيُقَيِّدُهُ الْيَهُودُ هَكَذَا فِي أُورُشَلِيمَ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى أَيْدِي الأَجَانِبِ»
لم يكن أغابوس يتنبأ هنا بتعريف النبوة في مفهومها البسيط من بنيان ووعظ وتشجيع. إنما كان يعطى رسالة بالروح القدس تحتوى في داخلها على إعلان يتعلق بما سيحدث لبولس- وكان ذلك من خلال إستعلان موهبة كلمة الحكمة.
على الرغم من ذلك، فإننا نلاحظ أن الرسالة لم تقدم أي قيادة محددة لبولس. بمعنى آخر، لم يخبر أغابوس بولس ما إذا كان ينبغي عليه أن يذهب إلى أورشليم أو لا. فالقرار كان يعود لبوس، لكن أغابوس اخبره فقط بما سيحدث له في المستقبل إن أراد أن يتوجه إلى أورشليم.
هناك طريقتين يمكننا أن نفسر بهما الطريقة التي أعطى بها أغابوس كلمة الحكمة بخصوص بولس. فالأولى هي أن كلمة الحكمة قد جاءت من خلال وعاء النبوة البسيط. والثانية هي أن أغابوس كان ينطق مباشرة بكلمة الحكمة التي استقبلها من الروح القدس.
هكذا يتضح أن النبي يمكن أن يتنبأ (يتكلم ببنيان ووعظ وتشجيع), لكن الرسالة التي سيقدمها ليست بالضرورة تكون نبوة. بمعنى آخر، إن الرسالة التي يقدمها النبي ربما تأتي من خلال وعاء النبوة (نطق موحى به من الروح القدس للبنيان والوعظ والتشجيع) لكن الرسالة في حد ذاتها تكون واحدة أو أكثر من مواهب الإعلان, مثل كلمة الحكمة أو كلمة العلم.
أما الاحتمال الآخر هو أن النبي يتكلم بما يستقبله مباشرة من الرب قائلاً، “هكذا يقول الرب…”. وربما تحتوي الرسالة على إستعلان مواهب الروح مثل كلمة الحكمة.
لذلك فإن الرسالة التي أُعطيت في سفر الأعمال 21: 10، 11 كانت إستعلاناً لواحدة من مواهب الإعلان وهي كلمة الحكمة. وربما جاءت من خلال وعاء النبوة أو أن أغابوس نطق بكلمة الحكمة التي استقبلها من الروح القدس قائلاً، “هكذا يقول الروح القدس..”, دون تدخل موهبة النبوة.
سوء استخدام موهبة النبوة
إن سوء استخدام موهبة النبوة يمكنه أن يسبب نوعاً من التشويش بين المؤمنين. لكن إن استخدمنا هذه الموهبة وفقاً لكلمة الله فسوف تكون بركة عظيمة لجسد المسيح. لكن ما يحدث كثيراً هو أنه عندما يسمع أحدهم بعض الخدام الذي يشغلون خدمة النبي وهم يتكلمون بإعلانات مستقبلية فيظن إنه بإمكانه أن يفعل ذلك أيضاً. فيحاول أن يأتي بإعلان ويتكلم بأمور آتيه بدلاً من التكلم ببنيان ووعظ وتشجيع, فيقع في مشاكل.
أخبرتني أحدي السيدات ذات مرة بعدما حضرت اجتماعاً لي كنت أعلَّم فيه عن هذا الموضوع وقالت، “لقد كان كل كلامك يا أخ هيجن جديدًا بالنسبة لنا. ففي مدينتنا لدينا اجتماع صلاة أسبوعي، وإني أريد أن أسألك بشأنه. يعتقد البعض منهم إني مخطئة، لكنني لا أعتقد أن ما نفعله صحيحًا. في الواقع، لا أستطيع أن ادعوه اجتماع للصلاة – فكل ما يفعلونه هو أن يضعوا أيديهم على بعض ويتنبئون. فيقضون الوقت كله يتنبئون أحدهم على الآخر. وأنا لم أحصل على شيء أبدًا سوى نبوات سيئة.
تنبئوا أن والدتي ستموت في غضون ستة أشهر. وقد مضى ثمانية أشهر ولم تمت. تنبئوا أن زوجي سيتركني. على الرغم من أنه لم يخلُص بعد، إلا أنه رجل طيب وأنا أحبه. وهو زوج معطاء وليس لدينا أي مشاكل. هذان مثالان وحسب.. فعادة ما يتنبأون لي بأن أمور رديئة سوف تحدث –لكن لم يحدث أي شيء رديء إطلاقًا”.
قلت: “أنت ابنه لله ولن يحدث لك شيء رديء بالمرة”.
قالت: “هل يُعتبر هذا سوء استخدام لتلك الموهبة؟”
قلت: “نعم، هذا صحيح”.
نحتاج أن نميز هذه الأمور. فمن السهل جدًا على الأطفال روحيًا أن يضلوا ويُخدعوا ويحيدوا عن المسار الصحيح لهذا السبب. لهذا كتب بولس لكنيسة كورنثوس عن هذه الأمور.
هذا مثال على سوء استغلال موهبة النبوة في صورتها الصحيحة. فإن مارس المؤمنون النبوة البسيطة بما تحمله من “بنيان ووعظ وتشجيع” فلن تحدث مشاكل كهذه.
بالطبع إن أولئك الذين يشغلون خدمة النبي سوف ينطقون في بعض الأحيان بأمور آتية. وهناك آخرون (لا يشغلون خدمة النبي) لكن تعمل معهم موهبة كلمة الحكمة أو كلمة العلم, والتي ربما تأتي من خلال موهبة النبوة. لكن هذا لا يجعل منهم بالضرورة أنبياء, لأنه كما رأينا سابقاً إنه توجد مؤهلات أخرى مطلوبة لكي يقف الشخص في هذه الخدمة.
موهبة النبوة البسيطة لا تحتوى على عنصر التوقع بالمستقبل
يعتقد الكثيرون أن موهبة النبوة لابد أن تحتوى على التوقع بالمستقبل. مع ذلك فهي لا تحتوى على أي عنصر للتوقع, إنما هي النطق بكلام, ” أَمَّا الَّذِي يَتَنَبَّأُ، فَهُوَ يُخَاطِبُ النَّاسَ بِكَلاَمِ الْبُنْيَانِ وَالتَّشْجِيعِ وَالتَّعْزِيَةِ” (1كورنثوس14: 3).
عندما يتعلق الأمر بمواهب الروح، فلا يمكن لأحد أن يتمتع بإظهارات الروح القدس إلا بعد أن يُولد ثانية ويصير خليقة جديدة (2كورنثوس5: 17). وبعد ذلك يقبل الامتلاء بالروح القدس.
وعندما يقول الكتاب المقدس أن الروح القدس يقسَّم المواهب لكل مؤمن (ممتلئ بالروح) كيفما يشاء (1كورنثوس12: 11), فهذا يتطلب أن يكون الشخص في الروح لكي تعمل معه هذه المواهب. فالسلوك بالجسد يعيق عمل مواهب الروح، لأن إستعلان هذه المواهب يعتمد بصورة أساسية على مسحة الروح القدس. فحن لا يمكننا أن نعمل هذه المواهب بالانفصال عن الله.
يدهشك كم من المؤمنين الذين اتبعوا تعاليم خاطئة عن هذا الموضوع. لكن لا ينبغي أن نتراجع ونتوقف عن التعليم عن موضوع المواهب الروحية لأنه توجد بعض التعاليم المزيفة. بل على العكس, نحن في احتياج شديد لنترك الروح القدس يعمل من خلالنا مواهب الروح الحقيقية حتى ينكشف كل ما هو مزيف وتتبين كلمة الله أنها صادقة وحقيقية.
من المؤسف أنه يوجد مؤمنين مخلصين قد أضُلوا بشأن المواهب الروحية. على سبيل المثال، قد اخبرني أحد الأشخاص إنه قبل أن يذهب للعمل في كل صباح كان ينتظر أمام الله حتى يعطيه كلمة نبوة ليعلم أي رباطة عنق ينبغي أن يرتديها. لكن الله لا يهتم بأي رباطة عنق ترتديها. فما كان يحصل عليه هذا الأخ ليست كلمة نبوة على الإطلاق، لكنه في الحقيقة كان يعرَّض نفسه لخداع إبليس.
كتب إليَّ أحد الأشخاص ذات مرة يطلب مني أن أتنبأ له عن أي كنيسة ينبغي أن يحضرها. لكن هذا أمر غير كتابي بالمرة, لأن كل مؤمن لديه الروح القدس بداخله ليرشده ويقوده (يوحنا16: 13). والطريقة الأساسية التي يقود بها الله كل ابن من أولاده هي عن طريق الشهادة الداخلية (رومية8: 14), وليس عن طريق أحد الأشخاص الذي يتنبأ لهم.
في إحدى المناسبات, كنتُ أعقد اجتماعاً في ولاية كولورادو. اتصل أحد الأشخاص من نيويورك بالمدير المسئول للفندق الذي كنت مقيماً فيه الساعة الرابعة صباحاً واخبره إنه يحتاج أن يتكلم إلى القس هيجن لظرف طارئ.
لم يكن هناك في ذلك الوقت تليفونات داخلية في الغرف. كنت مع زوجتي نائماً عندما طرق موظف الاستقبال باب الغرفة وقال لي أنه يوجد لدي اتصال طارئ. فنهضت من على الفراش وأنا شبه نائم، ثم ارتديت معطفاً وهمت بالذهاب. نادتني زوجتي, “حبيبي، ألا تلاحظ أنك تركت قبابك”. لم أكن مدركاً أني كنت أسير حافي الأقدام. فرجعت وارتديته.
عندما أجبت الهاتف قالت السيدة المتصلة، “أخ هيجن، نحن نعقد اجتماع صلاة طوال الليل. وخطر على بالنا أن نتصل بك لنرى إن كانت لديك كلمة من الرب لنا (كانت تقصد كلمة نبوة)”.
فأجبتها، “حسناً, لدي كلمة .. لكنها ليست نبوة. ولا أريد أن أخبركم بها لأنها ليست من الرب. إنها من جسدي..”.
ربما يستخدمك الرب في بعض الأحيان لتعطى كلمة علم أو نبوة لأحدهم. لكن هذا لا يعنى إنه بإمكانك أن تطفئ وتشغل مواهب الروح كيفما تشاء. فعلينا أن ندرك أن هذه المواهب هي من الروح القدس وبواسطة الروح القدس وعلينا أن نخدم وفقاً لمسحة الروح القدس وفى الاتجاه الذي يقودنا فيه.
إستعلانات الروح القدس من خلال العبادة
نرى بعض التوجيهات الإضافية الخاصة باستخدام موهبة النبوة في رسالة كورنثوس الأولى 14: 26
1كورنثوس14: 26
26 فَمَا الْعَمَلُ إِذَنْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ؟ كُلَّمَا تَجْتَمِعُونَ مَعاً، سَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْكُمْ مَزْمُورٌ، أَوْ تَعْلِيمٌ، أَوْ كَلاَمٌ بِلُغَةٍ مَجْهُولَةٍ، أَوْ إِعْلاَنٌ، أَوْ تَرْجَمَةٌ. فَلْيَتِمْ كُلُّ شَيْءٍ بِهَدَفِ الْبُنْيَانِ
يتضح من هذا الشاهد أن الروح القدس يكون أكثر استعداداً ليتحرك ويعلن عن نفسه عندما يجتمع المؤمنين معاً في اسم الرب يسوع لأجل العبادة. ففي ذلك المناخ, حيث اسم يسوع يتعظم, يكون الروح القدس أكثر حرية ليعلن عن نفسه.
على سبيل المثال، أثناء خدمتي كنت أجد نتائج أعظم عندما كنت أصلى للناس تحت عمل ومسحة الروح القدس، عما لو فعلت دون إستعلان المسحة. لذلك عندما كنت أصلى لأجل الشفاء أو الامتلاء بالروح القدس أو تسديد الاحتياجات المختلفة كنت أفعل ذلك بعدما أقدم تعليم الكلمة. ففي ذلك الوقت تكون المسحة ثقيلة في المكان وحضور الله واضح للجميع. لهذا السبب أصلى دائماً للناس في نهاية الاجتماع.
لكن هناك مَن لا يقدرون على الصبر ويريدون الصلاة في الحال. لكن عندما نجتمع معاً في اسم الرب يسوع لنعبد الله ونعلَّم الكلمة فنحن نخلق مناخاً روحياً ملائماً لكي ننهض إيمانناً حتى نستطيع أن نستقبل من الله ما نريده. كما أن هذا المناخ أيضاً يكون أكثر ملائمة لإستعلان مواهب الروح القدس.
عندما نعبد الله يعلن الروح القدس عن نفسه
في سفر الأعمال13: 1 نجد مواصفات أخرى للمناخ الملائم الذي يتحرك فيه الروح القدس.
أعمال13: 1-4
1 وَكَانَ فِي الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أَنْطَاكِيَةَ بَعْضُ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُعَلِّمِينَ؛ وَمِنْهُمْ بَرْنَابَا؛ وَسِمْعَانُ الَّذِي يُدْعَى الأَسْوَدَ؛ وَلُوكِيُوسُ مِنَ الْقَيْرَوَانِ؛ وَمَنَايِنُ الَّذِي تَرَبَّى فِي طُفُولَتِهِ مَعَ هِيرُودُوسَ حَاكِمِ الرُّبْعِ؛ وَشَاوُلُ.
2 وَذَاتَ يَوْمٍ، وَهُمْ صَائِمُونَ يَتَعَبَّدُونَ لِلرَّبِّ، قَالَ لَهُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ: «خَصِّصُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لأَجْلِ الْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ».
3 فَبَعْدَمَا صَامُوا وَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا أَيْدِيَهُمْ أَطْلَقُوهُمَا.
4 وَإِذْ أَرْسَلَ الرُّوحُ الْقُدُسُ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ، تَوَجَّهَا إِلَى مِينَاءِ سُلُوكِيَةَ، وَسَافَرَا بَحْراً بِاتِّجَاهِ قُبْرُصَ.
نلاحظ من الشاهد السابق أنهم بينما كانوا يعبدون للرب أعلن الروح القدس عن نفسه. كما يتضح من العدد الثاني أن الروح القدس تكلم إلى أرواح التلاميذ لكي يفرزوا بولس وبرنابا للخدمة.
ربما لا يوضح لنا الكتاب المقدس بالتحديد كيف تكلم الروح القدس, لكنه من المحتمل أنه تكلم من خلال أحد الأنبياء. لأن مَن يشغل خدمة النبي يكون مزوداً بإمكانيات ووسائل روحية ومواهب نطق يستطيع من خلالها أن يتكلم بما يعلنه الروح القدس له. أو ربما تكلم الروح القدس من خلال الشهادة الداخلية للتلاميذ (رومية8: 14).
لكننا نلاحظ شيئاً آخر في الفقرة السابقة وهى أن بولس وبرنابا لم ينالا الدعوة إلى الخدمة من خلال هذا الموقف حيث تكلم الروح القدس. لأننا عندما ندقق جيداً في الشاهد السابق نجد أن الرب قد سبق وأن دعاهما إلى الخدمة, وليس في هذا الاجتماع على وجه التحديد. لذلك عندما تكلم الروح القدس قال, “خَصِّصُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لأَجْلِ الْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ” يأتي زمن الفعل “دَعَوْتُهُمَا” في الماضي.
لذلك, فإن بولس وبرنابا قد تلقيا بالفعل دعوة من الرب للخدمة في حياتهما الشخصية قبل أن يؤكدها لهم في ذلك الاجتماع. بمعنى آخر، لم يحصلا على الدعوة للخدمة من خلال نبي, إنما كان الروح القدس يؤكد لهما هذه الدعوة من خلال خدمة النبي.
احزر من النبوات الشخصية
أريد أن أؤكد بشدة على ضرورة الحرص الشديد من جهة النبوات الشخصية. فلقد تدمرت حياة الكثيرين وأصاب الفشل مؤمنون كثيرون بسبب سوء استخدام النبوات الشخصية. بالنسبة لي، فإني شديد الحرص من جهة هذا الأمر عندما يستخدمني الرب من حين لآخر في هذا الاتجاه. لأني على مر السنوات, رأيت أخطاء كثيرة جداً في دائرة النبوات الشخصية حتى جعلت كل مؤمن تقريباً ينفر من خدمة النبوة – وحتى الحقيقي منها. لذلك كنت أراقب نفسي حتى لا اجنح للجانب الآخر تماماً وأتوقف كلياً عن خدمة النبوة الشخصية، فأعيق روح الله عن أن يستخدمني بالطريقة التي يريدها لي. فالنبوة البسيطة هي للبنيان والوعظ والتشجيع.
1كورنثوس14: 3
3 أَمَّا الَّذِي يَتَنَبَّأُ، فَهُوَ يُخَاطِبُ النَّاسَ بِكَلاَمِ الْبُنْيَانِ وَالتَّشْجِيعِ وَالتَّعْزِيَةِ.
لا يجب أن ننسى أبداً الاستخدام الكتابي الصحيح لموهبة النبوة البسيطة. فإن حرصنا على ذلك لن نخفق عقائدياً فيما يتعلق بهذا الأمر. فالغرض من موهبة النبوة البسيطة هو التكلم للآخرين بكلمات خارقة للطبيعي لكن بلسان معروف بقصد البنيان والوعظ والتشجيع “أَمَّا الَّذِي يَتَنَبَّأُ، فَيَبْنِي الْكَنِيسَةَ” (1كورنثوس14: 4). كما تُعطى موهبة النبوة بغرض تثقيف الكنيسة وبناء جسد المسيح من خلال الوعظ. فالأصل اليوناني لكلمة يعظ المذكورة في العدد الرابع تعنى تقديم دعوة للاقتراب من الله.
يقول العدد الثالث من رسالة كورنثوس الاولى14 أن موهبة النبوة تقدم تعزية. لكن كثير جداً مما يدعوه البعض نبوة لا يقدم أي تعزية على الإطلاق, بل على العكس: إزعاجاً!
لذلك لا يمكن لمثل هذا أن يكون عمل لواحدة من مواهب الروح, لأن موهبة النبوة تقدم وعظ وتشجيع وتعزية.
أحياناً ما يكون الإعلان الذي يأتي من خلال خدمة النبي يكون شديد اللهجة إلى حد ما عندما يريد الروح القدس أن يأتي بتبكيت وتصحيح. لكن موهبة النبوة البسيطة لا تأتي سوى بتثقيف وتشجيع وتعزية.
في إحدى مؤتمرات الإيمان الذي كنا نعقدها في مدينة فينوكس بولاية أريزونا، استطعت أن أميز روحاً شريراً في أحد الأشخاص الذي كان جالساً في مقدمة الكنيسة. علمت أن به روحاً خاطئاً وسوف يفسد العظة إن وجد فرصة.
حاولت جاهداً إلا يكون هناك أي فترات سكون أثناء العظة حتى لا يجد هذا الشخص فرصة ليقف ويفسد الاجتماع. لكن في نهاية العظة، لم يستطيع أن يحتمل نفسه فوثب على قدميه وابتدأ يخبر الحضور بكل الأمور السلبية التي لاحظها عليهم, معتقداً إنه يتنبأ لهم.
لقد فعل هذا الشخص كل شيء عدا ما يقوله الكتاب عن موهبة النبوة. فبدلاً من أن يعظ الناس ويقرّبهم إلى الله، أبعدهم أكثر. وبدلاً من أن يعزيهم أزعجهم.
وعندما أدركت إنه من المحتمل أن يكون مختل عقلياً احتملته وصبرت لبعض الحين متذكرا قول بولس في الأعداد التالية:
1تسالونيكى5: 14, 19-21
14 أَنَّنَا نُنَاشِدُكُمْ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنْ تَعِظُوا الْفَوْضَوِيِّينَ، وَتُشَدِّدُوا فَاقِدِي الْعَزْمِ، وَتُسَانِدُوا الضُّعَفَاءَ، وَتُعَامِلُوا الْجَمِيعَ بِطُولِ الْبَالِ
19 لاَ تُخْمِدُوا الرُّوحَ
20 لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوءَاتِ
21 امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ وَتَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ
كان ضروري أن يكتب بولس هذه الأعداد للكنيسة في تسالونيكى لأنه كان هناك سوء استخدام كبير لموهبة النبوة حتى ابتدأ كثيرون يحتقرونها في النهاية. فاضطر بولس بإرشاد الروح القدس أن يكتب لهم قائلاً, “لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوءَاتِ” (ع20).
إن أولئك الذين يجولون مخبرين الآخرين بما يلاحظونه فيهم من أمور سلبية وأمور أخرى تزعجهم وتفسد حياتهم – معتقدين بذلك أنهم يمارسون موهبة النبوة, فهم مخطئون تماماً. فهذه ليست موهبة من مواهب الروح القدس على الإطلاق.
جاءتني سيدة تشكرني بعدما أن تكلمت معها بشأن سوء استخدمها لموهبة النبوة. فالأشخاص القابلين للتعلم يريدون أن يعرفوا الشيء الذي قد أخفقوا فيه حتى يقبلوا التصحيح. قالت لي هذه السيدة, “أرى الآن ما أخفقت فيه. حقاً إن الله يستخدمني أحياناً في النبوة, لكني كنت أحاول أن أتملق كل شخص من خلال النبوة”.
كانت هذه السيدة تحاول أن تتحكم في حياة الآخرين باستخدام موهبة النبوة. فقد حاولت أن تجعل النساء يرتدون مثلها (كانت لديها أفكار غريبة من جهة الملابس وكثير من الأمور الأخرى). لكن الغرض الأساسي للموهبة النبوة هو التعزية وليس التصحيح.
النبوة في حياة المؤمن الشخصية
إن موهبة النبوة البسيطة (وهي تكافئ الألسنة مع ترجمة الألسنة) لا تقتصر على التكلم أمام الجماعة وحسب. فالنبوة يمكن أن تعمل على مستوى حياة الشخص الفردية أيضاً. على سبيل المثال، نرى في سفر المزامير أن النبوة كانت تستخدم في الصلاة والتسبيح, فكثير من هذه المزامير قد أُعطى بروح النبوة.
لكننا نرى صورة أخرى لعمل موهبة النبوة على مستوى صلاة المؤمن الفردية. فعلى سبيل المثال، تشجعنا رسالة أفسس5: 19 أن نتكلم لأنفسنا “مُحَدِّثِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَنَاشِيدَ رُوحِيَّةٍ، مُرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ بِقُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ”. هذه صورة لعمل موهبة النبوة في حياة المؤمن الشخصية. فأحياناً كثيرة وأثناء الصلاة بألسنة يترجم المؤمن ما يقوله ويتكلم بأمور روح الله التي تخص حياته. فالتكلم بألسنة يعَّد الطريق إلى أمور الروح والمدخل لعالم الأمور الفائقة للطبيعي. (إني أتكلم عن الألسنة التي ينالها كل مؤمن كبرهان على الامتلاء بالروح القدس. لأنه يوجد صورة أخرى للألسنة كواحدة من مواهب الروح والتي يعملها الروح القدس كيفما يشاء).
لم يقل يسوع في مرقس 16: 17 أن التلاميذ وحدهم هم الذين سيتكلمون بألسنة. إنما قال أن كل مؤمن لديه الحق في أن يتكلم بألسنة.
لكن الله لا يريدنا أن نتوقف عند مرحلة التكلم بألسنة وحسب. فهو يريدنا أن نترجم ما نقوله ونصليه بالألسنة – كما يقودنا الروح لذلك. “لِذَلِكَ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ فَلْيُصَلِّ لِكَيْ يُتَرْجِمَ” (1كورنثوس14: 13). لن يخبرنا الله أن نصلى لآجل شيء لا يمكننا الحصول عليه. بالطبع ليس بالضرورة أن نترجم كل ما نصليه بالروح أثناء صلواتنا الشخصية. بل كيفما يقودنا الروح لذلك. هذا تطبيق لاستخدام الترجمة على مستوى الفرد.
لكن هناك استخدام آخر لترجمة الألسنة على مستوى الجماعة. فهو شيء ينبغي أن يتم على مستوى الكنيسة المحلية. “فَإِذَا صَارَ تَكَلُّمٌ بِلُغَةٍ، فَلْيَتَكَلَّمِ اثْنَانِ، أَوْ ثَلاَثَةٌ عَلَى الأَكْثَرِ، كُلٌّ فِي دَوْرِهِ” (1كورنثوس14: 27) عندما يتكلم الكتاب المقدس هنا على ترجمة الألسنة فهو يتكلم عن شيء يختلف عن ترجمة الألسنة على مستوى صلاة الفرد الشخصية التي تكلم عنها في عدد 13. فما ذكره في عدد 27 هو موهبة من مواهب الروح التسعة التي يعملها الروح القدس بين جسد المسيح كيفما يشاء. وعندما يكون كذلك فإنه يتكافئ مع النبوة, حيث يقدم الله تعزية وتشجيع لجسد المسيح. لهذا السبب يخبرنا الكتاب المقدس, “تَشَوَّقُوا إِلَى الْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، بَلْ بِالأَحْرَى مَوْهِبَةِ التَّنَبُّوءِ.. أَمَّا الَّذِي يَتَنَبَّأُ، فَيَبْنِي الْكَنِيسَةَ” (عدد1، 4).
لذلك نرى إنه من خلال موهبة النبوة يمكننا أن نتكلم بكلمات فائقة للطبيعي وبلسان معروف – ليس لجسد المسيح وحسب – لكن لكل واحد منا في حياة صلاته الشخصية.
إن التنبؤ في حياة صلاة المؤمن يبدأ بالتكلم بألسنة (1كورنثوس14: 2). فعندما يتكلم المؤمن بألسنة تكون روحه في تواصل مباشر مع الله الآب, مع إنه يكون بلسان غير معروف له ولا يفهم ما يقوله.
إن التكلم بألسنة هو نطق خارق للطبيعي بلسان غير معروف. لذلك قال بولس إنه عندما نصلى بلسان فذهننا يظل غير مثمراً – ما لم نترجم ما نقوله (1كورنثوس14: 14، 15). بمعنى آخر، نحن لن نعرف دائماً كل ما نصليه بألسنة. لكن عندما نصلى بنبوة (ألسنة مترجمة) فإننا نتكلم بلسان معروف فتنال فهماً لما نقول.
كثيرا جداً ما يكون التكلم بالألسنة هو نقطة البداية نحو نبوة في الصلاة. وتذكر دائماً أن النبوة بمفهومها العام هي نطق مُوحى به من الروح القدس. لكن عندما يصلى الفرد بذهنه أو من إدراكه فليس بالضرورة أن كل ما يقوله يكون مُوحى به من الروح القدس. إنما هو يصلى من ذهنه وبلسان معتاد بالصورة التي يدرك بها الموقف.
لكن عندما تصلى بلسان عن موقف ما، فأنت تصلى بإيحاء من الروح القدس. وغالباً ما ينتهي الأمر بالنبوة, والتي هي نطق مُوحى به من الروح القدس لكن بلغة مفهومة. وفهذه هي الطريقة التي تستطيع أن تصلى بها خطة الله الكاملة لحياتك, وخصوصا عندماً ترافق النبوة موهبة أخرى من مواهب الروح مثل كلمة الحكمة. لأنه حينئذٍ تنال معرفة عن المستقبل. وكما قلنا سابقاً أن النبوة يمكن أن تكون وعاءً يحمل من خلاله مواهب أخرى. وهذا الأمر يمكن أن يحدث مع كل مؤمن ممتلئ بالروح في حياة صلاته الشخصية.
عندما ترافق كلمة الحكمة أو كلمة العلم موهبة النبوة ستجد إدراكك قد تحول تماماً مقارنة بما كنت عليه قبل الصلاة. فربما تعلن لك كلمة الحكمة جزء من خطة الله لحياتك, فتجد نفسك تصلى مشيئة الله وخطته لك أثناء خلوتك الشخصية (يوحنا16: 13، 14).
مع ذلك, لابد أن نفرَّق بين عمل موهبة كلمة الحكمة وهي تأتي من خلال وعاء النبوة أثناء صلاة الفرد الشخصية وبين عملها على مستوى الجماعة.
أي مؤمن يستطيع أن يصلى مشيئة وخطة الله لحياته (يوحنا16: 13، 14). سواء كان ذلك عن طريق الألسنة وحدها أو الألسنة وترجمتها (نبوة مع كلمة حكمة) كيفما يشاء الروح. لكننا لابد أن نفرَّق ونفصل بين هذا الاستخدام وبين الاستخدام على مستوى الجماعة. فالروح القدس يمكن أن يكشف للمؤمن بعض الأمور التي تختص بحياته الشخصية والتي ليست بالضرورة تخص الجماعة.
وأخيراً أريد أن أؤكد على أن عمل موهبة كلمة الحكمة أو كلمة العلم في خلوة المؤمن الشخصية لا تجعل منه نبياً. فهناك فرق بين عمل مواهب الروح على مستوى حياة صلاة المؤمن الشخصية وبين عملهم من خلال أولئك الذين يشغلون مواهب الخدمة الخمسة, حيث يكون إستعلان الروح القدس من خلالهم بغرض الخدمة للجماعة.
التكلم بمزامير وتسابيح وأغاني روحية من خلال النبوة
أفسس5: 18، 19
18 لاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ، فَفِيهَا الْخَلاَعَةُ، وَإِنَّمَا امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ
19 مُحَدِّثِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَنَاشِيدَ رُوحِيَّةٍ، مُرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ بِقُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ
أعمال 13: 1
1 وَذَاتَ يَوْمٍ، وَهُمْ صَائِمُونَ يَتَعَبَّدُونَ لِلرَّبِّ، قَالَ لَهُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ..
تعَّد هذه واحدة من الطرق التي عبد بها التلاميذ الرب. فربما كانوا يرنمون ويغنون في قلوبهم للرب.
عندما يتكلم الكتاب عن المزامير والتسابيح والأغاني الروحية، فهذا لا يعنى الأناشيد التي نقتبسها من كتاب الترانيم. فمعظمها قد تم تأليفها بعدم إيمان، وغير مستوحاة بالروح القدس. وكذلك أيضاً عندما يتكلم عن المزامير, فهو لا يقصد سفر المزامير. فنحن لدينا مائة وخمسين مزمورًا في العهد القديم وكثير من هذه المزامير قد أُعطيت لداود بينما كان يجتاز خلال تجارب ومحن. كانت له، وباركته وشجعته. لكن الكتاب يتكلم في الشاهد السابق عن شيء يعطيك إياه روح الله ارتجالاً.
يمكن أن تأتي المزامير والتسابيح من خلال روح النبوة باعتبارها نطق مُلهم به بلغة معروفة. أو ربما تأتي من خلال الألسنة وترجمتها (نطق مُلهم به لكن بلغة غير معروفة).
عندما أنال مزمور، وغالباً ما يكون في أوقات الصعبة والعصيبة، فإني أواظب على ترديده. فأحياناً أدوام على ترديد هذه المزامير لنفسي طوال الليل كله, واحد تلو الآخر.
وهذه المزامير والتسابيح والأغاني الروحية تأتيني تلقائياً من خلال وحي الروح القدس. وهى تكون إما إستعلان لموهبة النبوة أو ما تكافئها من ألسنة مع ترجمتها. فالروح القدس يستخدم أي من الوسيلتين ليعزينا ويشجعنا في الأوقات العصيبة وأزمات الحياة.
1كورنثوس14: 26
26 فَمَا الْعَمَلُ إِذَنْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ؟ كُلَّمَا تَجْتَمِعُونَ مَعاً، سَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْكُمْ مَزْمُورٌ، أَوْ تَعْلِيمٌ، أَوْ كَلاَمٌ بِلُغَةٍ مَجْهُولَةٍ، أَوْ إِعْلاَنٌ، أَوْ تَرْجَمَةٌ. فَلْيَتِمْ كُلُّ شَيْءٍ بِهَدَفِ الْبُنْيَانِ
الشرح
لم يُكتب سفر المزامير لنا نحن مؤمني العهد الجديد بل لأجلنا. (هناك فرق بين أن تكتب رسالة مباشرة إلى شخص وبين أن تكتب رسالة عن شخص). وهذا على خلاف الرسائل, فهي خطابات قد كُتبت مباشرة لنا نحن الكنيسة.
الشرح
فلأجل ذلك, كتب بولس لكنيسة كورنثوس- وهذا ينطبق على جميع المؤمنين- أن يشتاقوا إلى النبوة لأنه عن طريقها يستطيع الله أن يتكلم إلينا بطريقة خارقة للطبيعي وبلسان معروف. بالإضافة إلى ذلك، فهذا يقوي من عمق شركتنا وتواصلنا مع الروح القدس من خلال الصلاة بهذه الطريقة الفائقة للمعتاد.
تخبرنا كلمة الله إنه على كل مؤمن ممتلئ بالروح القدس ألا يتوقف عن التكلم بألسنة بعدما يختبر الامتلاء بالروح القدس، بل عليه أن يستمر في التكلم بألسنة كاختبار متجدد طوال أيام حياته.
كما تخبرنا كلمة الله أيضاً أن كل مؤمن يحتاج أن يتكلم إلى نفسه بمزامير وتسابيح وأغاني روحية.
وإن كنا نريد أن نتبع توجيهات العهد الجديد فعلينا أن نشتاق إلى النبوة حتى نتكلم إلى أنفسنا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية.
فدعونا نشتاق إلى موهبة النبوة.
تقول رسالة كورنثوس الاولى12: 31 “لكِنْ تَشَوَّقُوا إِلَى الْمَوَاهِبِ الْعُظْمَى”. عندما نفعل ذلك سيصبح بإمكاننا أن نتكلم بكلمات فائقة للطبيعي لجسد المسيح للوعظ والتشجيع والتعزية. ومن ناحية أخرى, سيمكننا أيضاً أن نتكلم إلى أنفسنا في حياة صلواتنا الفردية بكلمات خارقة للطبيعي لنشجع ونعزي أنفسنا ولنعبد الله ولنرنم ونسبح ونغني.
أسئلة للدراسة
1- لماذا تعد موهبة النبوة من أهم مواهب النطق؟
…………………………………………………………………………………………………………………………………………
2- ما هو المقصود بالنبوة؟
…………………………………………………………………………………………………………………………………………
3- لا ينبغي أن تتداخل موهبة النبوة البسيطة مع …………………..
4- إن موهبة النبوة البسيطة لا تشمل على …………………..
5- في العهد القديم، كانت النبوة في الأساس تأتي بغرض ………………….. لكن في العهد الجديد, أصبحت هذه الموهبة تقتصر على …………………..، …………………..، ……………………
6- ماذا يعنى بكلمة “يكرز”؟
…………………………………………………………………………………………………………………………………………
7- أذكر مثالاً في العهد الجديد لموهبة النبوة.
…………………………………………………………………………………………………………………………………………
8- أذكر مثالاً في العهد الجديد لخدمة النبي.
…………………………………………………………………………………………………………………………………………
9- صف المناخ الذي يجعل الروح القدس فيه أكثر استعداداً ليعلن عن نفسه.
…………………………………………………………………………………………………………………………………………
10- أي نوع من النبوات نحتاج أن نكون حريصين جداً بشأنها.
…………………………………………………………………………………………………………………………………………
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.