القائمة إغلاق

ما لنا في المسيح – حكمة الله God’s Wisdom – Our Rights In Christ

لقد أعد الله ميراثًا مجيدًا لكل مؤمن. وهذا الميراث يتضمن سيادة فوق كل أعمال الظلمة؛ من خطية ومرض وسقم وموت روحي. لكن كي نتمتع بالسلطان الذي لنا في المسيح ونتصدى بنجاح لخطط ومكايد إبليس في كل موقف، فإننا نحتاج أن تستنير عيون إدراكنا الروحي.

إن ميراث المؤمن في المسيح هو حكمة الله، تلك الحكمة التي كانت مخفية طوال العصور السابقة حتى أُعلنت لنا من خلال يسوع المسيح. لذلك فإن إدراكنا لهذا الحق الكتابي وسلوكنا في نور حقيقة ميراث الله لنا كقديسين هو المفتاح الذي نحتل به موضعنا كمؤمنين منتصرين نملك كملوك في هذه الحياة.

إن رسالة أفسس تعلن بوضوح غنى ميراثنا بصورة أكثر وضوحًا عن أي سفر آخر في الكتاب المقدس. ففي رسالة أفسس الإصحاح الأول والثالث نجد صلاتين أوحى بهما الروح القدس وهما ينطبقان على المؤمنين في كل مكان، لأن الروح القدس أعطاهما لجسد المسيح.

أفسس 1: 15-23

15 لِذَلِكَ أَنَا أَيْضًا، وَقَدْ سَمِعْتُ بِمَا فِيكُمْ مِنَ الإِيمَانِ بِالرَّبِّ يَسُوعَ وَالْمَحَبَّةِ لِجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ

16 لاَ أَنْقَطِعُ عَنْ شُكْرِ اللهِ لأَجْلِكُمْ وَعَنْ ذِكْرِكُمْ فِي صَلَوَاتِي

17 حَتَّى يَهَبَكُمْ إِلَهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ حِكْمَةٍ وَإِلْهَامٍ: لِتَعْرِفُوهُ مَعْرِفَةً كَامِلَة

18 إِذْ تَسْتَنِيرُ بَصَائِرُ قُلُوبِكُمْ، فَتَعْلَمُوا مَا فِي دَعْوَتِهِ لَكُمْ مِنْ رَجَاءٍ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ  

19 كَمَا أُصَلِّي أَنْ تُدرِكُوا مَدَى عَظَمَةِ قُوَّتِهِ الَّتِي لاَ مَثِيلَ لَهَا، وَالَّتِي تَعمَلُ مِنْ أَجلِنَا نَحنُ المُؤمِنِينَ. وَهِيَ نَفسُ القُوَّةِ الفَائِقَةِ الَّتِي أَظهَرَهَا.

20 عِندَمَا أَقَامَ المَسِيحَ مِنْ بَينِ الأَموَاتِ، وَأَجلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي الأَمَاكِنِ السَّمَاوِيَّة.

21 فَوقَ (بَعِيدًٍا جِدًّا عَن) كُلِّ حَاكِمٍ وَسُلطَةٍ وَقُوَّةٍ وَسِيَادَةٍ وَكُلِّ اسْمٍ يَحمِلُ نُفوذًا، لاَ فِي العَصرِ الحَاضِرِ فَحَسبُ، بَلْ فِي العَصرِ الآتِي أَيضًا.

22 وَوَضَعَ اللهُ كُلَّ شَيءٍ تَحتَ تَحْتَ قَدَمَيْ المَسِيحِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ رَأْسًا لِلْكَنِيسَة.

23 الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ وَكَمَالُهُ، هُوَ الَّذِي يُكَمِّلُ الْكُلَّ فِي الكُلِّ.

أفسس 3: 14-21

14 وَلِهَذَا السَّبَبِ أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لِلآب

15 الَّذِي هُوَ أَصْلُ كُلِّ أُبُوَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ

16 لِكَيْ يَمْنَحَكُمْ، وَفْقًا لِغِنَى مَجْدِهِ، أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ،

17 لِيَسْكُنَ الْمَسِيحُ فِي قُلُوبِكُمْ بِالإِيمَانِ؛ حَتَّى إِذَا تَأَصَّلْتُمْ وَتَأَسَّسْتُمْ فِي الْمَحَبَّةِ

18 تَصِيرُونَ قَادِرِينَ تَمَامًا أَنْ تُدْرِكُوا، مَعَ الْقِدِّيسِينَ جَمِيعًا، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُلْوُ وَالْعُمْقُ

19 وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الَّتِي تَفُوقُ الْمَعْرِفَةَ، فَتَمْتَلِئُوا حَتَّى تَبْلُغُوا مِلْءَ اللهِ كُلَّهُ

20 وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ، وَفْقًا لِلْقُدْرَةِ الْعَامِلَةِ فِينَا، مَا يَفُوقُ بِلاَ حَصْرٍ كُلَّ مَا نَطْلُبُ أَوْ نَتَصَوَّرُ

21 لَهُ الْمَجْدُ فِي الْكَنِيسَةِ، فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، مَدَى الأَجْيَالِ وَالدُّهُورِ! آمِين.

إن كنت مؤمنًا تستطيع أن تصلي هذه الصلوات لنفسك، بأن تستبدل ضمائر الغير “أنتم” و”لكم” إلى ضمائر الملكية “أنا” و”لي”. ففي هذه الصلوات يريد الروح القدس أن يعلن للمؤمنين روح الحكمة والإعلان في معرفة الرب يسوع (أفسس 1: 17).

لكن ما هي الحكمة والمعرفة التي يريد الله أن يعلنهما للمؤمن عن يسوع المسيح؟ يريد الروح القدس أن تنفتح عيون أرواحنا لندرك كيف غلب يسوع إبليس في نصرة الصليب. يريدنا أن ندرك معنى جلوس يسوع عن يمين الآب بالنسبة للمؤمن. إن حكمة ومعرفة الروح القدس اللتين يريد أن يعلنهما لنا هما جلوس المؤمن بالاتحاد بالمسيح كبركة من بركات فدائنا. فاشتراكنا في الجلوس مع المسيح هو موضع سلطان ونصرة فوق إبليس. لذلك يريدنا الله أن نرى حقوقنا وامتيازاتنا بكوننا في المسيح.

إعلانات في توافق مع كلمة الله

في آخر كنيسة رعيتها عام 1949 أكثرت في الصلاة وطلب الرب بصورة كبيرة. ففي كل فرصة كانت تتسنى لي، كنت أصلي الصلوات المذكورة في رسالتي أفسس وكولوسي لنفسي. فهما صلاتان أعطاهما الروح القدس، لذلك لا يمكنهما أن يفقدا إلهامهما أو قوتهما أبدًا.

يريدك الروح القدس، من خلال كتابات الرسول بولس، أن تصلي كمؤمن لكي تنفتح عيون روحك وتستنير. فكلمة استنارة تعني “أن تُغمر بنور أو تستضيء”. تقول ترجمة أخرى لهذا الشاهد أن نصلي لكي تستنير عيون قلوبنا وتُغمر بالنور.

بعد أن صليت هذه الصلوات لعدة شهور، تكلَّم إليَّ الرب ذات مرة أثناء صلاتي عند المنبر وقال: “سوف آخذك إلى الإعلانات والرؤى”. كان ذلك نتيجة أني صليت هذه الصلوات آلاف المرات لنفسي. فابتدأت إعلانات من كلمة الله تتوالي عليَّ واستمرت في التتابع. وبهذا أعني إعلانات تتوافق مع كلمة الله.

قلت لزوجتي في النهاية: “ما الذي كنت أعظ به طوال تلك الفترة؟ لقد كنت في الخدمة لمدة أربعة عشر عامًا. لكن في غضون ستة أشهر من صلاتي لتلك الصلوات لنفسي، نلتُ كمًا كبيرًا جدًا من الإعلانات في كلمة الله حتى يبدو لي وكأني صرت شخصًا جديدًا بالكامل”.

هذا ما تتكلم عنه رسالة أفسس الإصحاح الأول: استنارة في معرفة الرب يسوع وإدراك في معرفة كلمته.

في شتاء 1947 و1948 توالت عليَّ إعلانات بالروح القدس في توافق مع كلمة الله. ثم بدأت الرؤى تتوالى علي في الخمسينيات. فمنذ عام 1950 إلى 1959 ظهر لي الرب يسوع بنفسه ثماني مرات مختلفة. في ثلاث منهم تحدث إليَّ لساعة ونصف معطيًا إياي إعلانات إضافية بخصوص كلمة الله.

كانت إحدى الإعلانات التي أعطاني إياها روح الله عن سلطان المؤمن في المسيح فوق إبليس. فعندما تحدث إليَّ يسوع لساعة ونصف في رؤيا عام 1952، نلت فهمًا فيما يتعلق بالشياطين والأرواح الشريرة. قد جاءني هذا الإدراك بعدما صليت هذه الصلوات لكي تستنير عيون روحي. فالرب يسوع المسيح بنفسه، رأس الكنيسة، قد أعطاني حقائق كتابية في تلك الرؤيا ليستنير المؤمنون عن حيل ومكايد إبليس حتى لا يقعوا في الخطأ.

يجهل المؤمنون تدابير إبليس، لذا استطاع أن يستغل جهلهم. لكن روح الله يريد للمؤمنين أن ينالوا حكمة وإعلان في معرفة يسوع وفي كلمته حتى تسنير عيون أرواحهم وإدراكهم، فيعرفوا سلطانهم في المسيح.

يريد الله أن يعرف المؤمنون أنهم لم يعودوا خاضعين لإبليس وأنهم قد تحرروا من سيادته وسلطانه (كولوسي 1: 13). يريد الله لجسد المسيح أن يعرف أننا لسنا مؤمنين مهزومين، بل منتصرين، لنا حق في أن نملك في هذه الحياة من خلال يسوع المسيح إذ لنا موضع سلطان على إبليس. فعندما تستنير عيون إدراكنا سنقدر أن نقف في موضع السلطان كمؤمنين منتصرين على هذه الأرض.

سلطان يسوع

عندما ابتدأ يسوع خدمته العلانية، دخل في الحال في مواجهة مع قوى شيطانية وأرواح شريرة. فقد أطلق إبليس والأرواح الشريرة الشر في العالم على مر العصور. وملك إبليس وجنوده كملوك في عالم الروح مقيدين البشر في عبودية الموت الروحي. ولم يكن لأحد سلطان ليجرِّد سلطان إبليس وجنوده، أو يسود عليهم، أو حتى يقاوم سلطانهم وسيادتهم على الأرض.

على سبيل المثال؛ لا نرى في العهد القديم أناسًا يخرجون أرواحًا شريرة من أي إنسان أو يمارسون سلطانًا على إبليس.. إذ لم يكن لمؤمني العهد القديم أي سلطان على إبليس أو الأرواح الشريرة. لكن عندما ظهر يسوع بالمشهد في مسيرته الأرضية، صار الأمر مختلفًا. فقد أدرك الناس والأرواح الشريرة سلطان يسوع في الحال بينما كان يسير على الأرض.

مرقس 1: 21- 24

21 ثُمَّ ذَهَبُوا (يسوع وتلاميذه) إلَى كَفْرِنَاحُومَ، وَدَخَلَ يَسُوعُ إلَى المَجمَعِ يَومَ السَّبْتِ وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُ.

22 فَذُهِلُوا مِنْ تَعلِيمِهِ، لأَِنَّهُ عَلَّمَهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ، وَلَيسَ كَمُعَلِّمِي الشَّرِيعَةِ.

23 وَكَانَ فِي المَجمَعِ رَجُلٌ فيهِ رُوحٌ نَجِسٌ. فَصَرَخَ الرُّوحُ

24 مَاذَا تُرِيْدُ مِنَّا يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ هَلْ جِئْتَ لِكَيْ تُهلِكَنَا؟ أَنَا أَعرِفُ مَنْ تَكُونُ، أَنتَ قُدُّوسُ اللهِ.

من خلال العهد الجديد نرى أن الأرواح الشريرة والشياطين تعرفوا في الحال على يسوع وأدركوا مَن هو. ففي إنجيل مرقس لم يعرف الروح الشرير الذي كان يسكن في هذا الإنسان مَن هو يسوع وحسب، إنما أدرك أيضًا سلطانه.

حتى الكتبة والفريسيين والحاضرين في المجمع أدركوا سلطان يسوع. فقد تعجبوا واندهشوا لأن يسوع كان يعلِّمهم بسلطان، وليس كما يفعل الكتبة. أدرك كلٌ من البشر والشياطين سلطان يسوع وانحنوا سجودًا أمامه.

لقد ارتعبت الشياطين من يسوع لأنه أثبت أنه سيدٌ على الشيطان. حتى في المقابلة الأولى ليسوع مع الشيطان؛ برهن يسوع أنه منتصرٌ على إبليس.

هزيمة يسوع للشيطان

كانت المقابلة الأولى ليسوع مع الشيطان بعد معمودية يسوع في نهر الأردن على يد يوحنا. فبعد المعمودية مباشرة يقول الكتاب: “وَقَادَ الرُّوحُ يَسُوعَ إلَى البَرِّيَّةِ، لِيُجَرَّبَ مِنْ إبْلِيسَ” (متى 4: 1).

لدى كثيرون اعتقاد بأن الروح القدس يقودنا نحو الأمور الصالحة والأماكن السهلة حيث تسير كل الأمور على ما يرام. لكن هذا ليس صحيحًا دائمًا. فبينما ننمو وننضج في المسيح، نكتشف أحيانًا أن الأماكن الصعبة هي الأماكن التي ننمو فيها بصورة كبيرة.

كان يسوع منقادًا بروح الله إلى البرية ليُجرب من إبليس. لكن شكرًا لله؛ لأنه حتى أثناء تجربته، أثبت نفسه سيدًا على إبليس. فقد غلب يسوع إبليس في تلك المواجهة بكلمة الله. ثلاث مرات يهزم يسوع إبليس بالعبارة “يَقُولُ الكِتَابُ…” (متى 4: 4، 7، 10؛ لوقا 4: 4، 8، 12). لم يصنع يسوع حربًا مع الشيطان، لكنه ثبت في مكانه وغلب الشيطان بالكلمة وحدها.

أثناء مسيرة يسوع الأرضية، بدءًا من يوم تجربته عندما كان منقادًا بروح الله إلى البرية ليُجرب من إبليس، إلى اليوم الذي أخضع فيه نفسه لمشيئة الله على الصليب – كان يهزم إبليس في كل مواجهة.

ونصرة يسوع الكاملة والنهائية على إبليس تظهر بوضوح من خلال كلمة الله.

عبرانيين 2: 14

14 فَبِمَا أَنَّ الأَبنَاءَ بَشَرٌ مِنْ لَحمٍ وَدَمٍ، فَقَدِ اشتَرَكَ هُوَ (يسوع) مَعَهُمْ فِي اللَّحمِ وَالدَّمِ أَيضًا، لِكَي يَقْضِيَ بِمَوتِه عَلَى ذَاكَ الَّذي لًهُ سُلطَانُ المَوتِ (الروحي)، أَيْ إبلِيسَ..

يخبرنا هذا العدد أن يسوع قضى على إبليس الذي له سلطان الموت الروحي، الذي هو الانفصال عن الله. لكن قضاء يسوع على إبليس لا يعني أن إبليس لم يعد موجودًا. نجد هذا المعنى بصورة أوضح في ترجمة أخرى تقول أن يسوع قد جعل الشيطان كلا شيء، كالعدم. بمعنى آخر، قد غلب يسوع الشيطان وجرَّده من كل قوته وسلطانه.

فعندما تخبرنا رسالة العبرانيين 2: 14 أن يسوع دمر الشيطان الذي له سلطان الموت، فالكتاب لا يتكلم عن الموت الجسدي، الذي سوف يُوضع تحت أقدامنا في النهاية (1 كورنثوس 15: 54). لكن حتى ذلك الحين، سيظل الناس يموتون جسديًا.

يذكر الكتاب المقدس ثلاثة أنواع من الموت؛ الموت الأول هو الموت الروحي (يوحنا 5: 24؛ أفسس 2: 1) وهو يعني الانفصال عن الله. والموت الثاني الذي يتكلم عنه الكتاب هو الموت الجسدي (فيلبي 1: 20، 21). والموت الثالث هو ما يشير إليه الكتاب بأنه الموت الثاني الذي هو الانفصال الأبدي عن الله والطرح في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت (رؤيا 20: 13- 15).

تتكلم رسالة العبرانيين 2: 14 عن الموت الروحي. فهي تخبرنا أن يسوع حطم سيادة إبليس الذي لديه السلطان على الموت الروحي والانفصال الأبدي عن الله. فأولئك الذين يقبلون يسوع المسيح ربًّا ومخلِّصًا لهم لن يخافوا أبدًا من “ملك الموت” –كما تدعوه إحدى الترجمات– ومن الانفصال الأبدي عن الله.

لننظر فى ترجمات أخرى إلى عبرانيين 2: 14 لتتضح لنا نصرة يسوع على إبليس بصورة أفضل. على سبيل المثال، تقول ترجمة موفات: “..لكى يسحق ذلك له سلطان الموت, أي إبليس”.

وتقول ترجمة آخرى أن يسوع حطم سلطان “ملك الموت” لكي نشترك في نصرة يسوع عليه. ونحن لا نشترك في نصرة يسوع وحسب بل نقاسمه نصرته أيضاً على إبليس. فنحن نشترك في قوة قيامة يسوع. والآن يطلبنا الله أن نشترك معه فى توصيل رسالة نصرة يسوع إلى العالم حتى ينال أولئك المقيدين من إبليس الحرية من آسره.

لقد قضى يسوع على سلطان “ملك الموت” لكي نشترك في نصرة يسوع عليه. ونحن لا نشترك في نصرة يسوع وحسب، بل نقاسمه نصرته أيضًا على إبليس. هذا يعني أننا نشترك في قوة قيامة يسوع. والآن يطلب الله منا أن نشترك معه في توصيل رسالة نصرة يسوع إلى العالم، حتى ينال المقيدون من إبليس الحرية من أسره.

يوجد مقطع آخر في سفر الرؤيا يظهر الهزيمة الكاملة لإبليس –ملك الموت– وكيف أخذ يسوع منه مفاتيح الهاوية والموت. والآن لم تعد الهاوية والموت تحت حكم إبليس.

رؤيا 1: 17، 18

17 فَلَمَّا رَأَيتُهُ، سَقَطتُ عِندَ قَدَمَيهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيَّ وَقَالَ: لاَ تَخَفْ. أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ

18 كُنتُ مَيِّتًا، لَكِنْ هَا أَنَا الآنَ حَيٌّ دَائِمًا وَإلَى الأَبَدِ. مَعِي مَفَاتِيحُ الهَاويَةِ وَالمَوتِ (الروحي).

عندما انتصر يسوع على إبليس بموته ودفنه وقيامته، جرَّد الشيطان من سلطانه بالكامل على الموت الروحي. والآن صار لدى يسوع “مَفَاتِيحُ الهَاويَةِ وَالمَوتِ” (رؤيا 1: 18).

بمعنى آخر، كل مَن قبل يسوع المسيح ربًّا ومخلِّصًا قد نال الفداء من سيادة إبليس الذي لديه سلطان الموت الروحي. قد أُفتدى المؤمنون من الموت الروحي، ولن ينفصلوا عن الله عندما يموتون، بل سيكونون مع الله إلى الأبد (2 كورنثوس 5: 6، 8).

كما نرى أيضًا نصرة يسوع على إبليس في رسالة كولوسي 2: 15.

كولوسي 2: 15

15 إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ.

إن المقطع “إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ” غامض قليلاً بالنسبة لنا. لا شك أن تلك القوات والرئاسات التي جرَّدها يسوع تشير إلى كائنات شيطانية. لذلك دعونا ننظر إلى بعض الترجمات الأخرى لرسالة كولوسي 2: 15 لندرك بوضوح ما فعله يسوع عندما جرَّد تلك الرياسات والقوات.

كولوسي 2: 15

15 وَإِذْ نَزَعَ سِلاَحَ الرِّئَاسَاتِ وَالسُّلُطَاتِ، فَضَحَهُمْ جِهَارًا فِيهِ (الصليب)، وَسَاقَهُمْ فِي مَوْكِبِهِ ظَافِرًا عَلَيْهِمْ.  

كولوسي 2: 15

15 إذْ جَرَّدَ ذَوي القُوَّةِِ وَالسُلطَةِ فِي العَالَمِ الرُّوحِيِّ مِنْ أَسلِحَتِهِمْ، وَأَظهَر هَزيمَتَهُمْ أَمَامَ العَالَمِ، مُنتَصِرًا عَلَيهِمْ بِالصَّلِيبِ.

تخبرنا كولوسي 2: 15 أن الرب يسوع المسيح قد جرَّد إبليس وجنوده ونزع سلاحهم وفضحهم وأشهرهم جهارًا ظافرًا عليهم. ثم صنع يسوع استعراضًا مكشوفًا لهزيمتهم الكاملة. فهذا العدد يكشف هزيمة إبليس الأبدية.

عندما ندرك كيف استُخدمت كلمة “جرَّد” في الأزمنة الكتاب المقدس، سنرى صورة واضحة لنصرة يسوع الكاملة على قوات الظلمة عندما قام من الموت. ففي أيام الكتاب المقدس عندما كان أحد الملوك يحارب ملكًا آخر ويهزمه في معركة ما، كان يُقال أن الملك المهزوم قد جُرِّد. كان الملك المنتصر يعرض الملك المأسور وبعض السجناء البارزين في موكب بالمدينة كعلامة على النصر. كان الملك الظافر يقيم استعراضًا لهزيمة العدو، مشهرًا سقوطه الكامل علانية وأمام الجميع.

يقول الكتاب أن يسوع قد فعل ذلك مع إبليس. لقد جرَّد يسوع إبليس مشهرًا نصرته عليه وهزيمته له أمام السماء والأرض والجحيم (فيلبي 2: 9، 10). لقد نزع سلاح إبليس وجرَّده من سلطانه آخذًا مفاتيح الهاوية والموت منه (رؤيا 1: 18). فجرَّد الشيطان من سلطانه على الموت الروحي والانفصال الأبدي عن الله.

لقد جعل يسوع القوات والسلاطين كالعدم، إذ قد جردهم تمامًا من سلطانهم. تقول رسالة يوحنا الأولى 3: 8، “.. وَلِهَذَا جَاءَ اِبنُ اللهِ، كَيْ يُدَمِّرَ أَعْمالَ إبلِيسَ”. فالسبب الذي جاء يسوع من أجله هو أن يبطل أعمال إبليس جاعلاً إياه كلا شيء.

قوات مخلوعة

يحتاج جسد المسيح إلى استنارة روحية ليرى هزيمة إبليس الكاملة على يد يسوع. هذه هي حكمة الله التي يريد الله لكل مؤمن أن يدركها.

1 كورنثوس 2: 6، 7

6 لكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ الْكَامِلِينَ، وَلكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هذَا الدَّهْرِ، وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هذَا الدَّهْرِ، الَّذِينَ يُبْطَلُونَ.

7 بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرّ: الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ، الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا.

لا تحيرك كلمة “كاملين” المذكورة في عدد 6. فالكامل هو مَن نمى ونضج. الله يتوقع منا أن ننمو وننضج روحيًا. لننظر إلى هذا الشاهد في ترجمة أخرى:

1 كورنثوس 2: 6، 7

6 لكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ النَّاضِجِينَ، لَكِنَّهَا لَيسَتْ حِكمَةَ هَذَا العَالَمِ، وَلاَ هِيَ مِنْ حُكَّامِ هَذَا العَالَمِ الزَّائِلِينَ.

7 بَلْ إِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرٍّ، تِلْكَ الْحِكْمَةِ الْمَحْجُوبَةِ الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لأَجْلِ مَجْدِنَا.

يخبرنا العدد السادس أن إبليس قد خُلع من سلطانه. والحكمة التي لدى كل مؤمن ناضج روحيًا استنار بواسطة الروح القدس، هي أن إبليس قد نُزع من سلطانه وصار لدى المؤمن نصرة عليه في المسيح.

لقد خُلع إبليس وكل جنوده وجُرِّدوا، وهذا يعني أنهم قد عزلوا عن موضع السيادة. لقد نزع يسوع سلاح إبليس بصليب الجلجثة وبالقيامة. وبهذا خلع إبليس من عرشه ومن موضع سيادته وسلطانه ومكانته العليا. لقد صنع يسوع هذا بالفعل لكل مؤمن.

لذلك لم يعد لإبليس سلطانًا على المؤمن ما لم يعطه مدخلاً له أو سماحًا؛ إما من عن طريق نقص معرفته بكلمة الله، أو من خلال العصيان، أو بفشله في ممارسة حقوقه التي في المسيح.

إن حقيقة نزع سلطان إبليس هي حكمة الله التي يسعي الروح القدس أن ينقلها إلى جسد المسيح –إلى المؤمنين المنتصرين– وذلك من خلال تلك الصلوات التي أوحى بها روح الله في رسالة أفسس.

إن حكمة الله هذه هي ما يحتاجها المؤمنون ليقفوا في نصرة يسوع على إبليس، لأنهم قد صاروا في المسيح. فنصرة يسوع على إبليس هي نصرتهم، لهذا السبب لا يحتاج المؤمنين أن يشنوا حربًا مع عدوٍ مهزومٍ بالفعل. إن حكمة الله –الحكمة الكتابية– تخبرنا أن إبليس عدو مهزوم. لكنها ليست حكمة هذا العالم. فإبليس إله هذا الدهر لا يريد أن يكتشف الناس ذلك.

إنما حكمة إله هذا العالم هي أن يظل المؤمنون يصارعون ويحاربون ضد قوات الظلمة في محاولة لهزيمتهم والتغلب عليهم. يريد إبليس أن يقضي المؤمنون وقتهم يحاربون “معركة” قد حارب يسوع فيها بالفعل وانتصر فيها. فإبليس يعلم أنه بذلك يضيِّع وقتهم.

بالطبع، لا يزال إبليس يمارس سلطانًا على الخطاة في هذا العالم، لأنهم لا يعلمون أنه قد نُزع سلطانه. و”حكمة إبليس” هي أن يظل يملك ويحكم في شئون البشر. لقد أعمى الشيطان أذهان بعض المؤمنين حتى يصدقوا خداعه أيضًا. لهذا يحتاج المؤمنون أن يستنير إدراكهم ليروا الحق والقوة لعمل الجلجثة المُكتمل والمنتهي.

مُلك يسوع

يخبرنا الكتاب أنه بعدما قام يسوع من الموت، رفَّعه الله عاليًا إلى موضع الكرامة عن يمين الله الآب وأعطاه اسمًا فوق كل اسم.

فيلبي 2: 9- 11

9 مِنْ أَجلِ ذَلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ إلَى أَعلَى مَرتِبَةٍ، وَأَعطَاهُ ذَلِكَ الاسمَ الَّذِي هُوَ فَوقَ كُلِّ اسمٍ.

10 لِكَي تَسجُدَ إكرَامًا لاسمِ يَسُوعَ كُلُّ الكَائِنَاتِ، سَوَاءٌ الَّتِي فِي السَّمَاءِ، أَوْ عَلَى الأَرضِ، أَوْ تَحتَ الأَرضِ.

11 وَلِكَي يُقِرَّ كُلُّ فَمٍ أَنَّ يَسُوعَ المَسِيحَ هُوَ الرَّبُّ، فَيَتَمَجَّدَ اللهُ الآبُ.

أفسس 1: 19- 22

19 كَمَا أُصَلِّي أَنْ تُدرِكُوا مَدَى عَظَمَةِ قُوَّتِهِ الَّتِي لاَ مَثِيلَ لَهَا…

20 عِندَمَا أَقَامَ المَسِيحَ مِنْ بَينِ الأَموَاتِ، وَأَجلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاءِ.

21 … فَوقَ كُلِّ حَاكِمٍ وَسُلطَةٍ وَقُوَّةٍ وَسِيَادَةٍ وَكُلِّ اسْمٍ يَحمِلُ نُفوذًا، لاَ فِي العَصرِ الحَاضِرِ فَحَسبُ، بَلْ فِي العَصرِ الآتِي أَيضًا.

22 وَوَضَعَ اللهُ كُلَّ شَيءٍ تَحتَ تَحْتَ سُلطَانِ المَسِيحِ، وَ جَعَلَهُ رَأْسَ كُلِّ شَيءٍ لأِجلِ الكَنِيسَةِ.

لقد أعطى الله يسوع وحده اسمًا يفوق كل اسم حتى تنحني كل ركبة في السماء وعلى الأرض وفى الجحيم لاسم يسوع ويعترفوا بربوبيته وسلطانه. كما أجلس الله يسوع عن يمينه في أعلى موضع في هذه الخليقة جاعلاً إياه رأسًا لكل شيء (ع 22).

فالكتاب لا يقول أن الله أقام يسوع من الموت وأجلسه فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وحسب، بل يقول أن الله أقام يسوع و”رَفَّعَهُ اللهُ إلَى أَعلَى مَرتِبَةٍ” فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة.

مكانة المؤمن في المسيح

كيف يمكن لجلوس يسوع في أعلى منصب في هذا الكون أن يؤثر عليك كمؤمن؟ ما هي مكانتك الآن بسبب مكانتك في المسيح؟

أفسس2: 1، 2، 4- 6

1 وَأَنْتُمْ كُنْتُمْ فِي السَّابِقِ أَمْوَاتًا (روحيًا) بِذُنُوبِكُمْ وَخَطَايَاكُمْ،

2 الَّتِي كُنْتُمْ تَسْلُكُونَ فِيهَا حَسَبَ مَسْرَى هَذَا الْعَالَمِ، تَابِعِينَ رَئِيسَ قُوَّاتِ الْهَوَاءِ، ذَلِكَ الرُّوحَ الْعَامِلَ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْعِصْيَانِ،

4 أَمَّا اللهُ ، وَهُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، فَبِسَبَبِ مَحَبَّتِهِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا،

5 وَإِذْ كُنَّا نَحْنُ أَيْضاً أَمْوَاتاً بِالذُّنُوبِ، أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ، إِنَّمَا بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ،

6 وَأَقَامَنَا مَعَهُ وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي الأَمَاكِنِ السَّمَاوِيَّةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.

وفقًا لرسالة أفسس 2: 6 فإن المؤمنين جالسون مع المسيح في السماويات. إننا نشارك المسيح جلوسه بعيدًا عن كل قوى الظلمة. ولا يمكن للأرواح الشريرة أن تؤثر على المؤمن الذي يجلس مع المسيح بعيدًا عن كل رياسة وقوة.

إن جلوسنا وملكنا مع المسيح في السماويات هو موضع سلطان وكرامة ونصرة، لا موضع فشل أو إحباط أو هزيمة. إن جلوسك مع المسيح كمؤمن هو جزء من ميراثك في الوقت الحاضر. فهذا هو موضع جلوسك بالفعل.. لأنه عندما جلس يسوع منتصرًا، جلست أنت أيضًا معه.

إن الفعلين “أقامنا” و”أجلسنا” في العدد السادس مذكوران في الماضي. هذا يعني أن الله قد أقامك بالفعل مع يسوع وأجلسك في السماويات في المسيح يسوع في موضع كرامة ونصرة. فصرت تملك وتحكم مع المسيح في هذه الحياة الآن.. هذا إن مارست سلطانك الشرعي. لذلك فأن مكانك في المسيح بعيدًا عن كل الرياسات والسلاطين قد تحقق بالفعل. لكنك تحتاج أن تمارس السلطان الذي لك في أحقيتك للملك مع المسيح فوق كل الرياسات والقوات، قبل أن تنتفع به.

فمكانتنا كمؤمنين هي مكانة أولئك الذين يشاركون المسيح في جلوسه في السماويات. ربما لم يعش البعض في هذا المستوى، لكنها تظل مكانتهم على أي حال.

إن أردت أن ترتفع فوق ظروفك، فلتستغل مكانتك في المسيح.

أفسس2: 4- 6

4 لَكِنَّ اللهَ الغَنِيَّ فِي رَحمَتِهِ، وَبِدَافِعٍ مِنْ مَحَبَّتِهِ العَظِيمَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا

5 وَبَينَمَا كُنَّا أَموَاتًا بِسَبَبِ خَطَايَانَا، أَعطَانَا اللهُ حَيَاةً مَعَ المَسِيحِ. فَبِالنِّعمَةِ أَنتُمْ مُخَلَّصُونَ.

6 ثُمَّ أَقَامَنَا مَعَ المَسِيحِ، وَأَجلَسَنَا مَعَهُ فِي العَالَمِ السَّمَاوِيِّ، لأَِنَّنَا فِي المَسِيحِ يَسُوعَ.

لقد رفَّعنا الله الآب وتوَّجنا مع يسوع في السماويات. فهل ذلك يمثل وضع مؤمنين مهزومين لا يزالوا يحتاجون أن يحاربوا ليحققوا سيادة على إبليس؟ حتمًا لا. لقد وضع الله لجسد الرب يسوع المسيح أن يكون منتصرًا، لأننا شركاء لنصرة يسوع على إبليس.

ولأجل أن المؤمن صار في المسيح، لذا فعندما جلس يسوع في السماويات، جلس المؤمن معه فوق كل رياسة وسلطان. إن الكنيسة –جسد المسيح– هي في المسيح. فالجسد عادة يكون في اتصال مع الرأس. ويسوع هو رأس جسده: الكنيسة.

وإذ أن يسوع –الرأس– قد انتصر على إبليس، فهل يكون جسد المسيح في نصرة أقل، مع أننا في المسيح؟ بالطبع لا. فمن حقنا الشرعي أن نشارك المسيح في جلوسه في السماويات في موضع السلطان والنصرة فوق كل الرياسات والسلاطين. وإن بدأت تستغل حقك في الجلوس مع المسيح، فسوف تنتصر في الحياة.

لا يحتاج المؤمنون أن يجتهدوا ليجلسوا مع المسيح فوق كل الرياسات والسلاطين أو يصلوا بلجاجة حتى يجلسوا في هذا الموضع في السماويات، أو حتى يصارعوا ليبلغوا تلك المكانة أو يحاربوا شياطين ليجلسوا في موضع النصرة مع المسيح.

إن مكانة المؤمن وجلوسه مع المسيح هي حقيقة قد تمت بالفعل. فقد أعطيت لنا تلك المكانة من خلال الرب يسوع المسيح. وكل ما علينا فعله هو أن نتمتع بحقوقنا وامتيازاتنا التي سبق وأُعطيت لنا كشركاء في الميراث مع المسيح.

فمن خلال هذه الصلوات الممسوحة بالروح القدس، يجتهد روح الله لينقل إلى جسد المسيح أن اشتراكهم مع المسيح في الجلوس فوق مجال الظلمة هو ميراث شرعي لهم. لكن المؤمنين لن يستطيعوا أن يستغلوا ما صار ملكًا لهم شرعيًا بميراثهم في المسيح ما لم تنفتح عيون أذهانهم وتستنير ليروا ما يملكونه بالفعل في هذه الحياة. فنحن لا نستطيع أن نمتلك ما لا نعرف عنه شيئًا.

عندما ينال المؤمنون إعلانًا عن مكانتهم في المسيح، فسوف يحدث فرقًا كبيرًا في حياتهم. لن يعودوا مؤمنين مهزومين، بل سوف يحتلوا مكانتهم كمؤمنين منتصرين مثلما وضع الله لنا قبل تأسيس العالم. لكن مؤمنين كثيرين لا يزال تفكيرهم عتيقًا. يعتقدون أنهم عاجزون أمام إبليس وخاضعون دائمًا للفشل والهزيمة. “… إبليس يلاحقني دائمًا”، “..إبليس سيفتك بي”، “ليس لدينا الكثير في هذه الحياة. لكن عندما نذهب للسماء، فيا للمستقبل المجيد الذي ينتظرنا”.

بالطبع، ينتظر المؤمنون مستقبلاً مجيدًا لأنهم سيكونون مع الرب دائمًا. لكن الروح القدس يريد أن للمؤمنين أن يدركوا المجد الحاضر الذي يمتلكونه الآن بسبب مكانتهم في المسيح.

فبفضل تلك المكانة، صار الله قوة لحياتنا. فكاتب المزمور يتساءل، “.. مِمَّنْ أَخَافُ؟” (مزمور 27: 1). لا نحتاج أن نخاف من أي شيء، حتى من إبليس والشياطين والأرواح الشريرة، بسبب نصرة يسوع على الصليب.

رومية 8: 37-39

37 غَيرَ أَنَّنَا فِي كُلِّ هَذِهِ الشَّدَائِدِ، مُنتَصِرُونَ انتِصَارًا مَجِيدًا جِدًّا مِنْ خِلاَلِ ذَاكَ الَّذِي أَحَبَّنَا.

38 فَأَنَا مُقتَنِعٌ بِأَنَّهُ مَا مِنْ شَيءٍ يَقدِرُ أَنْ يَفصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي المَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. فَلاَ مَوتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ أَروَاحَ مُتَسَلِّطَةً، وَلاَ شَيءَ فِي الحَاضِرِ، وَلاَ شَيءَ فِي المُستَقبَلِ، وَلاَ قُوَىً رُوحِيَّةً، وَلاَ شَيءَ مِمَّا فَوقَنَا

39 وَلاَ شَيءَ مِمَّا تَحتَنَا، وَلاَ أَيَّ شَيءٍ آخَرَ مَخلُوقٍ (إبليس والأرواح الشريرة) يُمكِنُ أَنْ يَفصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي لَنَا فِي المَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.

إن جسد المسيح –المؤمنين المنتصرين– أعظم من منتصر على كل قوى العدو لأننا في المسيح (لوقا 10: 19، رومية 8: 37). ربما اعتاد المؤمنون أن يرنموا تلك الترنيمة التي تقول: “خليني قرب الصليب”. لكن كلا، لا نريد أن نبقى قرب الصليب. بل بالأحرى نتقدم إلى العرش ونجلس في أماكننا الشرعية كشركاء الميراث في المسيح في السماويات (أفسس 2: 6، غلاطية 4: 7، رومية 8: 17). عليك أن تحتل موضع سلطانك بعيدًا عن كل الرئاسات والقوات حتى يتسنى لك أن تملك وتحكم في هذه الحياة بيسوع المسيح.

تعال إلى الصليب، لكن لا تبقى هناك. تقدم إلى يوم الخمسين وامتلأ بالروح القدس، لكن لا تتوقف هناك. بل اصعد إلى العرش حيث هناك أنت جالس في المسيح وخذ سلطانك الذي لك فيه. إنه موضع سلطان، لا يعتمد على هويتك أنت، بل عليه هو.

هل يجلس جسد المسيح في السماويات فوق كل الرياسات والسلاطين بقوتهم وقدرتهم الشخصية؟ كلا، إنما نحن جالسون في السماويات بقوة الله القديرة (أفسس1: 20- 22، 6: 10). لتنظر معي إلى رسالة أفسس 1: 22 لنرى هناك حق عظيم.

أفسس1: 22

22 وَوَضَعَ اللهُ كُلَّ شَيءٍ تَحْتَ قَدَمَيْ المَسِيحِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ رَأْسًا لِلْكَنِيسَة.

يقول الكتاب أن كل الأشياء –سواء إبليس أو سلطات أو قوات أو عروش أو سيادات– قد أُخضِعت للرب يسوع المسيح. ولأننا في المسيح فأن الأرواح الشريرة تخضع لنا في اسم يسوع.

كم عدد الأشياء التي وضعها الله تحت قدمي يسوع؟ كل الأشياء: سواء إبليس أو شياطين أو أرواح شريرة أو خطية أو مرض أو فقر. ولأننا جسد المسيح على الأرض، فهذا يعني أن كل الأشياء قد وُضعت تحت أقدامنا أيضًا.

هل الله في طريقه ليخضع كل الأشياء تحت قدمي يسوع وبالتالي تحت أقدامنا أيضًا؟ كلا. هذا ليس أمرًا سوف يحدث في المستقبل. لقد وضع الله (في الماضي) كل الأشياء تحت قدمي يسوع (1 كورنثوس 15: 27، أفسس 1: 22). يأتي زمن الفعل في الماضي. فإبليس قد وُضع بالفعل تحت قدمي يسوع – لذلك فهو تحت أقدامنا أيضًا، لأننا في المسيح.

إن كان إبليس تحت أقدامنا، فهذا يعني أنه ليس لديه سلطان علينا –إنما نحن الذين لدينا سلطان عليه. هل ذلك هدف يسعى المؤمنون للوصول إليه؟ كلا.. إنها حقيقة اكتملت بالفعل لأن المؤمنين يشاركون المسيح في جلوسه في السماويات.

إن أدرك المؤمنون المعنى الحقيقي لذلك، فلن يقدر إبليس أبدًا أن يملك عليهم ثانية. وإن ترسَّخ هذا الحق بين جسد المسيح، سيقدر المؤمنون أن يحتلوا مكانتهم الشرعية كمؤمنين منتصرين يملكون كملوك في هذه الحياة.

إن جلوسنا وملكنا مع المسيح هو اكتمال عمل المسيح الفدائي. فبعد القيامة، صعد يسوع لأعلى مكان في هذا الكون، ومُنح كل سيادة وسلطان وقوة.

ليس ذلك وحسب، بل أن كل قوة وسيادة وسلطان قد وُضعت تحت قدمي يسوع، أي تحت أقدامنا حيث أننا جسد المسيح. لهذا السبب، لا يستطيع إبليس أن يسود عليك ما لم تسمح له بذلك سواء عن طريق جهلك بحقوقك وامتيازاتك في المسيح أو بفتح باب له. أحيانًا كثيرة جدًا يفتح المؤمنون بابًا ويدعون إبليس بالدخول. يرينا الشاهد التالي السلطان الذي لنا حيث أن إبليس تحت أقدامنا.

لوقا 10: 19  

19 هَا قَدْ أَعطَيتُكُمْ سُلطَانًا لِكَي تَدُوسُوا الأَفَاعِيَ وَالعَقَارِبَ، وَسُلطَانًا عَلَى كُلِّ قُوَّةِ العَدُوِّ، وَلَنْ يُؤذِيَكُمْ شَيءٌ.

قد استخدم يسوع مصطلحات مثل “الأفاعي” و”العقارب” في إشارة لقوة العدو، فيما كان يتكلم عن إبليس وكل جنوده من شياطين وأرواح شريرة. نعلم ذلك لأن يسوع قال: “هَا قَدْ أَعطَيتُكُمْ سُلطَانًا… عَلَى كُلِّ قُوَّةِ العَدُوِّ”.

كان يسوع يقول أنه لا تستطيع قوة العدو أو الرئاسات أو السلاطين أو حكاَّم الظلمة أو أجناد الشر الروحية أن تؤذينا، لأننا نقف في السلطان الذي لنا في المسيح. فبإمكاننا أن نطأ على إبليس وكل جنوده تحت أقدامنا. إن الأصل اليوناني لكلمة “سلطان” هو “أكسوزياexousia ” ويعني نفوذ وسلطة. والأصل اليوناني لكلمة “قوة” هو “دوناميس donamis” وتعنى قوة أو مقدرة. فيسوع قد أعطانا سلطانًا –وليس مجرد قوة– لندوس على قوة العدو. يوجد فرق بين التعبيرين؛ فنحن ليس لدينا “قوة” على قوة العدو، بل سلطان. فلا توجد قوة في ذواتنا، لكن لدينا سلطان في المسيح. فالمؤمنون في حد ذواتهم ليس لديهم قوة على إبليس، لكن لديهم سلطان عليه.

إن سلطاننا في المسيح يشبه سلطان شرطي المرور عندما يقف في الشارع لينظم حركة المرور. فالشرطي لا يملك قوة شخصية ليوقف كل تلك السيارات.. فليست لديه هذه المقدرة. لكنه يملك ذلك السلطان والناس تدرك سلطانه وتخضع له. لذلك فأن يسوع كان يقول لنا في لوقا10: 19، “قد أعطيتكم السلطان لتدوسوا على الشياطين والأرواح الشريرة وكل قوى العدو. وبسبب السلطان الذي لكم في اسمي، فلن يؤذيكم أي من قوى العدو”.

الله بنفسه هو مصدر القوة الدافعة التي وراء سلطانك في المسيح. فالمؤمن الذي يدرك بالكامل القوة الإلهية التي خلف سلطانه في المسيح، سيتمكن من مواجهة العدو دون خوف أو تردد.

حكمة وجودنا في المسيح

لنعد مرة ثانية ونقرأ رسالة كورنثوس الأولى 2: 6 حتى ندرك حكمة الله بصورة أوضح.

1 كورنثوس 2: 6، 7

6 لكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ النَّاضِجِينَ، لَكِنَّهَا لَيسَتْ حِكمَةَ هَذَا العَالَمِ، وَلاَ هِيَ مِنْ حُكَّامِ هَذَا العَالَمِ الزَّائِلِينَ.

7 بَلْ إِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرٍّ، تِلْكَ الْحِكْمَةِ الْمَحْجُوبَةِ الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لأَجْلِ مَجْدِنَا

ما هي حكمة الله التي يحتاج أولئك الناضجون روحيًا أن يروها ويدركوها في كلمة الله؟ إنها معرفة الميراث الذي سبق الله وأعده لهم في المسيح. إنها حكمة المعرفة بهويتهم في المسيح. إن حكمة الله هي أن يعرف المؤمنون كيف يقاومون الشيطان وجنوده، وهم ثابتون في عمل الصليب المكتمل وفى النصرة التي سبق وأن حققها لأجلهم.

فإن ابتدأ المؤمنون يقفون في موضع السلطان الذي لهم في المسيح ضد عدو قد هُزم بالفعل وخُلع من منصبه، لانتهت الكثير من مشاكلهم.

لقد سقط كثير من المؤمنين حسني النية في خطأ التفكير بأنه لا يزال عليهم أن يفعلوا شيئًا ليغلبوا إبليس. إذ بدا لهم بطريقة أو أخرى أنهم يحتاجون أن يحاربوا إبليس ويغلبوه. وفقًا لرسالة كورنثوس الأولى 2: 6، فإن أحد الأسباب وراء سقوط المؤمنين في هذا الخطأ هو أنهم لم ينضجوا في كلمة الله: “… لكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ النَّاضِجِينَ”.

فإن أولئك الذين يصارعون دومًا ضد إبليس بقدرتهم الشخصية محاولين أن يهزموا “عدو مخلوع”، لم ينضجوا بعد في كلمة الله. إنني لا أقول ذلك من نفسي – بل هذا ما يقوله الكتاب: “لكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ النَّاضِجِينَ، لَكِنَّهَا لَيسَتْ حِكمَةَ هَذَا العَالَمِ… .. بَلْ إِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرٍّ “. إن حكمة الله هي حكمة الكلمة. لذلك تحتاج أن تجدد ذهنك ليرى حكمة الله –التي هي حكمة كلمته– ويدرك ما سبق واشتراه يسوع لك في الفداء. سوف يساعدك هذا لكي تنضج في معرفة هويتك في المسيح.

عندما يستنير ذهن المؤمنين، سيدركون حتمًا حقيقة خطة الفداء المكتملة. لكن أولئك الذين يشنون حربًا على إبليس لم تستنر عيونهم الروحية بعد على حكمة الله. لكن عندما تنضج في معرفة كلمة الله المقدسة وتدرك حكمة الله –الحكمة الكتابية– ستعرف أن يسوع قد هزم إبليس وجنوده بالفعل وغلبهم وجردَّهم ونزع سلاحهم وجعلنا مؤمنين منتصرين في المسيح.

لكنك تحتاج أن تثبت في كلمة الله ضد إبليس لأن حيلَّه خادعة وماكرة. فهو يحاول أن يعمي بصيرتك الروحية حتى تظن أن لديهم القوة والسلطان عليك. ويسعى دائمًا ليخرجك عن دائرة الإيمان بكلمة الله مشككًا إياك في الكلمة المقدسة وفى الله وفيما قاله الرب لك. لهذا السبب تتمركز الحرب ضده في دائرة الإيمان بالله وبكلمته.. وليست في محاولة هزيمة عدو قد هُزم بالفعل.

من أحد الأسباب التي تفسر أن مؤمنين كثيرين لديهم مشاكل عديدة مع إبليس هو أنهم يحاولون دائمًا أن يفعلوا شيئًا بأنفسهم مع إبليس، بدلاً من السلوك بما تعلنه كلمة الله عما سبق وفعله يسوع مع إبليس. مما يعني أنهم ليسوا عاملين بالكلمة. فتجدهم يقولون: “دعونا نعلن الحرب على إبليس”. ثم يحاولون أن يشنوا حربًا ضده.

لكن عندما تدرك أن إبليس قد جُرد من ملكه، ستكتشف أن الرب يسوع المسيح قد أعلن الحرب عليه بالفعل وحقق نصرة عليه. فصار يسوع هو البطل المنتصر. ما تحتاج أن تفعله هو أن تحتل مكانك كشريك للمسيح في نصرته على إبليس.

إن كان الشيطان وجنوده قد جُرِّدوا بالفعل، فلماذا إذًا لا تزال قوات الظلمة تسود على مؤمنين كثيرين؟ السبب في ذلك هو إما لأن المؤمنين لا يعرفون سلطانهم في المسيح، أو لأنهم لا يمارسون ذلك السلطان.

سيظل إبليس يملك على أولئك الذين لم يخلُصوا بعد في العالم؛ لأنهم لا يعرفون أي شيء. لكن إن ابتدأ المؤمنون يكرزون بالإنجيل لأولئك الخطاة، سيخلصون ويخرجون من تحت سيادة الشيطان.

فمن واجب جسد المسيح أن يكرز بالأخبار السارة للخليقة كلها حتى يخرجوا من تحت سيادة إبليس. هذه هي الطريقة التي نشن بها “حربًا” على إبليس. فعندما يقبل الناس الأخبار السارة التي في المسيح يسوع ويُولدوا ميلادًا جديدًا، لا يعد إبليس قادرًا أن يسود عليهم فيما بعد. هذه هي الطريقة التي نبطل بها مملكة إبليس.

السلطان الذي في اسم يسوع

إن اسم يسوع هو المفتاح لميراثنا المجيد وسلطاننا على قوى الظلمة. فالمؤمنون لديهم سلطان على إبليس في اسم يسوع، وليس في ذواتهم. لكني أعتقد أن مؤمنين كثيرين يظنون أن اسم يسوع يُستخدم كسوار سحري يلبسه الفرد ليردع به قوى شريرة أو ما شابه. فالمؤمنون لم يدركوا حقًا ما يمتلكونه في ميراثهم بسبب اسم يسوع. إن كل قوة وسلطان يمتلكها يسوع قد ذخرها في اسمه. لكنه أعطى المؤمنين السلطان ليستخدموا اسمه (يوحنا 14: 13، 14).

نحن نعلم أن لنا السلطان لنستخدم اسم يسوع في الصلاة لأن يسوع قال: “مَهمَا طَلَبتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي، فَإنَّهُ سَيُعطِيْكُمْ” (يوحنا 16: 23).

إن الصلاة وفقًا لكلمة الله هي إحدى الطرق التي يقف بها المؤمنون في موضع السلطان الذي لهم في المسيح هنا على الأرض. كذلك قال يسوع أيضًا لكل مؤمن: “… بِاسْمِي يَطْرُدُونَ الشَّيَاطِينَ” (مرقس 16: 17). لذلك فنحن نملك سلطانًا على إبليس في اسم يسوع.

فيلبي 2: 9، 10

9 مِنْ أَجلِ ذَلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ إلَى أَعلَى مَرتِبَةٍ، وَأَعطَاهُ ذَلِكَ الاسمَ الَّذِي هُوَ فَوقَ كُلِّ اسمٍ.

10 لِكَي تَسجُدَ إكرَامًا لاسمِ يَسُوعَ كُلُّ الكَائِنَاتِ، سَوَاءٌ الَّتِي فِي السَّمَاءِ، أَوْ عَلَى الأَرضِ، أَوْ تَحتَ الأَرضِ.

إن اسم يسوع له السلطان في السماء وعلى الأرض وفي الجحيم. وإبليس يدرك سلطان اسم يسوع ويعلم أنه يتوجب عليه أن ينحني لهذا الاسم، كما يدرك سلطانك أنت أيضًا الذي في المسيح بسبب هذا الاسم. لكنك تحتاج أن تدرك سلطانك هذا وتمارسه وتتصدى لإبليس في اسم يسوع.

مباركون بكل بركة روحية في المسيح

إن هذا السلطان على إبليس هو ملكية حقيقية لكل ابن لله. إنه يخص كل واحد منا، وهو واحد من بركات ميراثنا الروحي كقديسين في المسيح.

أفسس1: 3

3 تَبَارَكَ اللهُ، أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي الأَمَاكِنِ السَّمَاوِيَّةِ.

إن الفداء الذي صنعه يسوع وكل ما اشتراه لنا وكل الانجازات التي صنعها وضمنها في نصرته على إبليس، قد فعله لأجل جسد المسيح؛ لي ولك. فنصرة يسوع وغلبته تخص كل مؤمن ومؤمنة.

ولأننا قد تباركنا بكل البركات الروحية، فذلك يتضمن حتمًا النصرة والسلطان على إبليس، وإلا لما ذكر الكتاب أننا قد تباركنا “بكل” بركة روحية.

لقد صارت كل بركة روحية في المسيح يسوع تخصك الآن. لذلك لا تحتاج أن تعمل أو تصارع أو تحارب شياطين لكي تحصل على تلك البركات الروحية. فهي قد مُنِحت لك بالفعل. ما عليك سوى أن تسعى إليها عن طريق الإيمان بالكلمة، وأن تمارس السلطان الذي صار لك شرعيًا. فكل تلك البركات الروحية قد صارت لنا لأننا في المسيح.

لكن أحيانًا ما تسمع البعض يقولون: “لكن لماذا يبدو أن فلان يحصل على بركات أكثر مني؟” عادة ننظر إلى أشخاص معينين ونعتقد أن الله باركهم بطريقة خاصة. لكنك لن تجد هذا في أي موضع في الكتاب المقدس، لأن الله ليس لديه محاباة.

إن أولئك الذين يتمتعون ببركات الله، بما فيها سلطانهم الشرعي على إبليس، قد عرفوا كيف يستغلون ما يخصهم بدرجة أكبر من أولئك الذين لم يسعوا إلى بركات الله. إن لم تعلم شيئًا عن ميراثك وسلطانك في المسيح، فلن تقدر أن تتمتع بما يخصك شرعيًا.

كل فرد منا في جسد المسيح قد باركه الله بكل البركات الروحية في المسيح. لذلك لا يوجد مَن نال أفضلية في السلطان الذي نمتلكه في اسم يسوع على إبليس. يستطيع أصغر عضو في جسد المسيح أن يواجه بجرأة الشياطين والأرواح الشريرة مستندًا على هويته في المسيح. لا يوجد أحد قد باركه الله ببركات روحية أكثر من باقي الأعضاء في جسد المسيح.

لكن من المؤسف أنه ليس كل عضو في جسد المسيح يستغل ما يخصه حقًا أو يستفيد منه. فهو لديه سلطان على إبليس، سواء علم ذلك أم لا. لكن لا يمكن لأحد أن يستغل شيئًا أو يمارسه دون أن يعلم عنه شيء.

عندما تطبق الحق الكتابي فحينئذٍ يحررك

تحتاج أن تستنير عيونك الروحية حتى تعلم وتمارس السلطان الذي لك في المسيح قبل أن يفيدك. بمعنى آخر، يمكنك أن تعرف سلطانك في المسيح، لكن لا تطبقه. يمكنك أن تعلم ما تقوله الكلمة، لكن لا تعمل بها. أي بركة أو حق أو امتياز أو سلطان يمكن أن يخصك.. لكن إن لم تعلم عنه شيئًا، فلن تسلك بموجبه. وإن لم تطبق ما تعرفه أو تمارس ما قد أُعطى لك بالفعل، فلن يفيدك بشيء، ولن يصبح حقيقة لك حتى وإن كان ملكية شرعية لك. لهذا السبب تحتاج أن تعرف عما يخصك في المسيح. لكن المعرفة وحدها بما هو لك ليست كافية. إنما السلوك بتلك المعرفة هو الذي يأتي بنتائج. لا يريد إبليس أن يكتشف شعب الله السلطان الذي يملكونه بالفعل في المسيح. هذه هي إحدى الطرق التي يحاول بها إبليس أن يهزم أولاد الله. فهو يعلم أنه عندما يكتشف المؤمنون حقوقهم وسلطانهم الشرعي في المسيح، فسوف يتمتعون بنصرة عليه.

لهذا السبب يحاول إبليس أن يخفي هذه المعرفة ويعمي بصيرة المؤمنين وإدراكهم ليحرمهم من هذه المعرفة الجوهرية. لكن عندما يعلم أولاد الله الحق ويسلكون به، فلن يعود إبليس يسود عليهم فيما بعد.

يوحنا 8: 32

32 وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ (كلمة الله)، وَالْحَقُّ (كلمة الله) يُحَرِّرُكُمْ.

تحتاج أن تعرف الحق قبل أن يحررك.. هذا هو المقصود بيوحنا 8: 32. وبمجرد أن تعرف حق كلمة الله عن هويتك في المسيح، فإن السلوك بموجب هذا الحق الذي تعرفه هو الذي يحررك. إنه أمر شديد الأهمية، لذلك سوف أصيغه بطريقة مختلفة حتى تستطيع أن تدرك المعنى:

لابد أن تعرف الكلمة قبل أن تحررك.

ولابد أن تسلك بموجب الكلمة التي تعرفها.

إن الكلمة التي تعرفها وتطبقها هي التي سوف تحررك.

عندما تطبق الكلمة التي تعرفها، فسوف تختبر نصرة على القوى الشيطانية في كل ظروف الحياة.

2 كورنثوس 2: 14

14وَلكِنْ، شُكْرًا لِلهِ الَّذِي يَقُودُنَا دَائِمًا فِي مَوْكِبِ النَّصْرِ فِي الْمَسِيحِ، وَيَنْشُرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَان.

لقد وعدنا الله بنصرة في كل ظروف الحياة، فلا داعي أن تُهزم من التجارب والامتحانات. فالكتاب المقدس لا يقول: “شكرًا لله الذي ينصرنا بين الحين والآخر على إبليس والظروف”. لكن لأن يسوع تغلَّب على كل القوى الشيطانية، لذا فنصرته هي نصرتك؛ لأنك صرت فيه.

تقول ترجمة أخرى لهذا الشاهد: “شكرًا لله الذي يقودني في موكب نصرته من موضع إلى موضع، لنحتفل بغلبته على أعداء المسيح يسوع (الشياطين)”.

أمام كل هذه الحقائق الكتابية، ماذا ينبغي أن يكون رد فعلنا تجاه إبليس وأعماله؟ هل يجب أن نكون أناسًا قامعين في خوف من إبليس؟ كلا، إننا أعظم من منتصرين من خلال ذاك الذي أحبنا (رومية 8: 37). باعتبارنا جسد المسيح، فنحن نقف في مكان يسوع على الأرض. فيسوع هو الرأس ونحن –جسده– نعمل لأجله على هذه الأرض في شئون الحياة. فيسوع هو المحطِّم لسلطان العدو.. ونحن علينا أن نضاعف هزيمته هنا على الأرض.

لن يسود إبليس على المؤمنين

إننا نتحدث الآن عن غنى ميراثنا في المسيح. يخبرنا الكتاب المقدس أننا قد انتقلنا من ملكوت الظلمة إلى ملكوت ابن الله المحبوب (كولوسي 1: 13). لذلك فإن ميراثنا يتضمن حقيقة أن أعمال الظلمة ليس لها سيادة شرعية أو سلطان علينا.

يكتب بولس إلى مؤمني روما قائلاً: “… وَلَنْ تَسُودَ الخَطِيَّةُ عَلَيكُمْ” (رومية 6: 14). في حقيقة الأمر، إن إبليس والخطية مصطلحان مترادفان. لذلك فأننا نستطيع أن نقرأ هذا العدد هكذا: “لن يسود إبليس عليكم”.

تقول ترجمة أخرى: “لن تملك الخطية عليكم”. لذلك نستطيع أن نقول: “لن يملك إبليس عليكم”. لماذا لا يقدر إبليس أن يملك على المؤمنين؟ لأنه لم يعد سيدًا لنا –بل قد وُضع تحت أقدامنا. يسوع هو ربنا ورأسنا، وليس إبليس. فيسوع هو الشخص الوحيد الذي له الحق في أن يسود علينا. إنه الرب الذي له أن يملك علينا –لا كجسد المسيح مجتمع معًا– بل كأفراد أيضًا.

على سبيل المثال، إن حاول العدو أن يهاجم جسدي أو ذهني بأعراض عجز أو ضيق من أي نوع، كنت أقول ببساطة: “لا يا إبليس. لا تستطيع أن تصيبني بأي شيء. يسوع المسيح يسود عليَّ وهو الرب الشافي لي والمحرر.. إنه لا يُهلِك.

“إن يسوع هو واهب الحياة وهو سيدي، أما أنت يا إبليس فلست سيدًا لي ولا يمكنك أن تتغلب عليَّ. إني أرفض قبول أي شيء يخصك أو السماح به. لا يمكنك أن تصيبني باكتئاب أو ضيق أو مرض أو سقم. إنني أرفض السماح بهذا في اسم يسوع”.

عندما تتصدى لإبليس في اسم يسوع مستخدمًا سلطانك الشرعي، فإبليس لا يقدر أن يبتليك بأي من أعماله الشريرة. إن كنتُ عاملاً بالكلمة، فإبليس لا ولن يستطع أن يهزمني لأن كلمة الله تعلن سيادة الرب يسوع عليَّ، وأني أقف بثبات على الحقوق والامتيازات التي لي في المسيح. إن سيادة الرب يسوع عليَّ هي أمر حقيقي وأنا أخضع له وحده كرَّبٍ ليَّ”.

هذا مثال على السلوك بموجب الحق الكتابي، وهذا كافي بأن يحررك.

وادي ظل الموت

عندما ندرك أننا قد تحررنا من سلطان وسيطرة إبليس ولم نعد تحت سيادة الموت الروحي فعندئذٍ نستطيع أن ندرك بصورة أوضح ما يقوله مزمور23.

مزمور 23: 1، 4-6

1 الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلَسْتُ أَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ.

4 حَتَّى إِذَا اجْتَزْتُ وَادِي ظِلالِ الْمَوْتُِ، لاَ أَخَافُ سُوءًا لأَنَّكَ تُرَافِقُنِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا مَعِي يُشَدِّدَانِ عَزِيمَتِي.

5 تَبْسُطُ أَمَامِي مَأْدُبَةً عَلَى مَرًْأى مِنْ أَعْدَائِي. مَسَحْتَ بِالزَّيْتِ رَأْسِي، وَأَفَضْتَ كَأْسِي.

6 إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي طَوَالَ حَيَاتِي، وَيَكُونُ بَيْتُ الرَّبِّ مَسْكَنًا لِي مَدَى الأَيَّامِ.

يوجد في مزمور 23 حق كتابي عجز جسد المسيح أن يقبله أو يطبقه في حياته. إن كثير من تلك المزامير هي مزامير نبوية أو مسيانية. لكننا نعيش في هذا المزمور الآن.

يقول مزمور 23: “حَتَّى إِذَا اجْتَزْتُ وَادِي ظِلالِ الْمَوْتُِ” (ع 4). قد جرت العادة بأن نقتبس هذا المزمور في كل الجنازات. لكنه في الواقع يشير إلى سيادة إبليس هنا على الأرض. كما أنه يشير إلى الموت الروحي وليس الموت الجسدي.

فأنت وأنا نسير في وادي ظلال الموت في هذه الحياة؛ لأن إبليس هو إله هذا العالم. فالموت الروحي ومظاهره موجودة في كل جانب تحيط بنا في هذه الحياة. وكل ما يأتي به إبليس من خطية ومرض وسقم وفقر يحيط بنا في هذه الحياة. لكن يسوع قد أعلن أننا نعيش في هذا العالم، لكننا لسنا فيه (يوحنا 17: 16، 18). إن ذلك يرتبط بحق جوهري نجده في مزمور23: 5: “تَبْسُطُ أَمَامِي مَأْدُبَةً عَلَى مَرًْأى مِنْ أَعْدَائِي”.

مَن هم أعدائنا؟ بالطبع إبليس نفسه هو عدونا. فالكتاب يدعوه هكذا (1 بطرس 5: 8). لذلك يمكنك أن تعتبر أن الأرواح الشريرة والشياطين والأمراض والأسقام والفقر هم أعدائنا جميعًا. فكل ما يعيقنا أو يقيدنا هو عدو لنا.

مأدبة التدبير

يخبرنا الله في مزمور23 أنه قد أعَّد لنا مأدبة في وسط أعدائنا.. في عقر مملكة إبليس حيث يسود الشيطان على أولئك الذين في الظلمة باعتباره إله هذا العالم.

حقًا أن إبليس والشياطين والأرواح الشريرة حاضرون هنا، حتى أننا في بعض الأحيان نشعر بوجودهم وتأثيرهم. لكن على الرغم من ذلك فقد أعَّد الله لنا مأدبة في وسطهم. لماذا يرتب الله لنا مأدبة في وسط أعدائنا؟ لماذا لا نتخلص منهم وحسب؟ لأننا لا نستطيع. فكما قلت سابقًا، أن لديهم الحق في الوجود هنا. وسوف يظلوا باقين هنا حتى تنتهي رخصة تواجد آدم على هذه الأرض. لهذا السبب يصبح من الهام جدًا على المؤمنين أن يثبتوا في النصرة التي لهم ويشتركوا في المأدبة التي يقدمها الرب. فهذه الأرواح الشريرة ستظل هنا تحاول أن تعيقنا وتجربنا لكي تمنعنا من أن نقبل مشيئة الله الكاملة للحياتنا.

ونحن لا نزال في محضر أعدائنا –من شياطين وأرواح شريرة– قد أعَّد الله لنا مأدبة من غنى مجد ميراثه في القديسين لكل مؤمن في جسد المسيح.

والسبب في أن مؤمنين كثيرين مهزومين في الحياة –حتى على الرغم من أنهم جالسون مع المسيح في السماويات إلى مأدبة الرب– هو أنهم لا يتناولون ما قُدم لهم على هذه المأدبة. كل غنى الميراث الذي لنا في المسيح قد صار مُقدمًا على مأدبة الرب.

لم يحاول مؤمنون كثيرون حتى أن يلتفتوا إلى العطايا والهبات التي أعدها الله لهم في الكلمة. فبدلاً من أن ينظروا إلى حقوقهم وامتيازاتهم في المسيح –بما في ذلك سلطانهم على إبليس– تجدهم ينظرون إلى العدو ويكون تركيزهم في الحياة على إبليس وأعماله، لا على يسوع وعمل الفداء المكتمل.

هؤلاء يظلوا يتحدثون دائمًا عن إبليس والأرواح الشريرة والقوى الشيطانية، بدلاً من غنى فيض نعمة الله وكل “البركات الروحية” التي صارت لهم في المسيح. فهم لا يقفون في عمل الصليب المكتمل كمؤمنين منتصرين يملكون في الحياة من خلال يسوع المسيح.

لا يكن حالك هكذا.. لا تركز نظرك على العدو. حقًا أن الشياطين والأرواح الشريرة متواجدة هنا، ونحن لا ننكر وجودهم. لكن شكرًا لله لأنه أعَّد أمامنا مأدبة في وسطهم جميعًا. إن المأدبة التي أعدها الرب لنا هي مأدبة تدبير بغنى. على سبيل المثال، يوجد على تلك المأدبة الميلاد الجديد، والامتلاء بالروح القدس، والسلطان على إبليس والأرواح الشريرة، والشفاء. سوف نجد على تلك المائدة كل ما نحتاجه لنعيش منتصرين في الحياة.

ستجد على هذه المأدبة نصرة وتحرير من كل ما يحاول أن يقيدنا أو يعيقنا أو يحول دون نجاحنا في الحياة. سوف تجد على تلك المأدبة البركة والمساعدة والنصرة والغلبة، لا الهزيمة والفشل. يوجد على تلك المأدبة كل ما نحتاجه منذ أن نولد ثانية حتى ننتقل إلى السماء.

ربما تتساءل عندئذٍ: “لماذا لا أتمتع ببركات الله إذًا؟ حسن، مع أن المأدبة قد أعدت لأجلك، إلا أنك تجهل البركات التي أعطيت لك شرعيًا على المأدبة؛ وهي غني مجد ميراثك في المسيح. أو ربما لا تعلم أن المأدبة قد صارت متاحة أمامك لأن عيونك الروحية لم تستنر بعد لترى غنى هبات الله وفيضها التي صارت لك. أو ربما لا تدرك أنك جالس على مأدبة النصرة لا مائدة الهزيمة. وبهذا تسمح لإبليس بأن يطأ فوقك. أو ربما تعلم بوجود تلك الهبات وكل البركات الروحية على هذه المأدبة، إلا أنك لا تسعى لتمتلكها في حياتك. فأنت لا تمارس السلطان الذي لك على إبليس من خلال الإيمان بقوة كلمة الله.

مد يدك وخذ ما لك على تلك المأدبة. لقد أعد أبوك السماوي كل تلك المأدبة لأجلك. لذلك استخدم اسم يسوع لأن لديك سلطان في هذا الاسم. نحتاج أن نركز نظرنا على الله وما قد أعده، بدلاً من تركيز نظرنا على إبليس وما يصنعه. نحتاج أن نثبت أنظارنا على غنى ميراثنا في المسيح وعلى الحقوق والامتيازات التي صارت لنا بسبب وجودنا فيه. امتلك لنفسك الغنى الذي لك في المسيح. وجه نظرك على مكانتك السماوية في المسيح حيث نجلس فوق كل الرياسات والسلاطين وكل أعمال العدو الشريرة.

حقًا كنا مهزومين ومغلوبين قبل أن نقبل يسوع المسيح كمخلِّص لنا. فقبل أن نعرف يسوع كان إبليس يسود علينا، لم نكن نعلم أن ملك الملوك ورب الأرباب قد هزم إبليس وكل جنوده وجرَّدهم من سلطانهم.

لنملك في هذه الحياة

بسبب نصرة يسوع على إبليس في الصليب لم نعد مؤمنين مغلوبين ومهزومين يسود علينا الشيطان. لكننا نملك الآن في المسيح كملوك في هذه الحياة وفى هذا العالم. ولأننا صرنا في المسيح، فإبليس تحت أقدامنا. من قبل، كنا مستعبدين لإبليس وللموت الروحي، لكن الآن أصبحنا نملك في الحياة من خلال يسوع المسيح. هذا جزء من غنى ميراثنا في المسيح.

رومية 5: 17

17 فَبِمَا أَنَّ المَوتَ قَدْ مَلَكَ عَلَى النَّاسِ مِنْ خِلاَلِ ذَلِكَ الوَاحِدِ: آدَمَ، وَبِسَبَبِ مَعصِيَتِهِ الوَاحِدَةِ، فَالأَولَى أَنَّ الَّذِينَ يَتَمَتَّعُونَ بِفَيضِ النِّعمَةِ وَعَطِيَّةِ البِرِّ سَيَمْلُكونَ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ مِنْ خِلاَلِ الوَاحِدِ: يَسُوعَ المَسِيحِ.

هل يشير هذا الشاهد إلى مؤمنين واقعين تحت سيادة وسلطان إبليس والأرواح الشريرة؟ كلا. متى يقول الكتاب أننا سنملك على الشيطان وتدابيره الشريرة ضدنا؟ تدريجيًا؟ أوعندما نذهب جميعنا للسماء؟ كلا، إن المؤمنين يملكون كملوك في عالم الحياة.. الآن. فنحن الذين وُلدنا ثانية قد صرنا خليقة جديدة في المسيح يسوع، وأصبحنا الآن منتصرين لا مهزومين. إننا الآن مؤمنون منتصرون أعضاء كنيسة منتصرة، ولسنا مهزومين. نحن نملك كملوك في الحياة من خلال يسوع المسيح.

الآن هذا جزء من حكمة الروح القدس التي يحاول أن ينقلها لجسد المسيح من خلال تلك الصلوات الموحاه بالروح القدس في رسالة أفسس. ففي أوقات حياتنا السالفة قد خدمنا كعبيد لإبليس لكننا الآن نسير في الحياة الجديدة (رومية 6: 4) ولأننا شركاء في الجلوس مع المسيح في السماويات فإننا نملك كملوك من خلال الرب يسوع المسيح.

هذه هي الحكمة التي يجتهد الروح القدس من خلال تلك الصلوات التي أوحى بها في رسالة أفسس أن ينقلها لجسد المسيح. في الماضي، كنا نخدم كعبيد للشيطان. لكننا الآن نسير في نور الحياة الجديدة (رومية 6: 4). ومنذ أن صرنا نشارك المسيح جلوسه في السماويات، ونحن نملك كملوك من خلال الرب يسوع المسيح.

هذه هي الرسالة التي يحاول الروح القدس من خلال صلوات الرسول بولس أن ينقلها لجسد المسيح. فالله يريد أن تستنير عيون أرواحنا حتى ندرك أننا نملك مع المسيح في هذه الحياة.

يريد الله أن نعلم أننا منتصرون على إبليس في كل مواجهة وموقف، مثلما كان يسوع منتصرًا على إبليس عندما كان على الأرض. لذلك لا حاجة لنا أن نصارع لكي ننتصر، بل كل ما علينا فعله هو أن نثبت في كلمة الله وفقًا لميراثنا الحقيقي في المسيح ضد عدو مهزوم.

إن الأمر لا يتطلب يومًا بأكمله لتقاوم أرواحًا شريرة إن كنت تعلم سلطانك في المسيح. فقط عليك أن تتكلم إليهم بكلمة الله في اسم يسوع، وسيرحلون. لا تحتاج أن تصارعهم، لأن يسوع قد هزمهم ونزع سلاحهم. وعندما تثبت في كلمة الله ضدهم، فأنت بهذا تثبت في نصرة يسوع.

لأصدقك القول، هناك ما يثور بداخلي عندما أسمع بعض الوعاظ يعلِّمون الناس أن يخافوا من إبليس. لا أعلم إن كان ذلك غضب مقدس، أو أنه يجن جنوني وحسب. فهم يقولون للناس: “ينبغي أن تكون حريصًا.. فربما يسمعك إبليس”. أو “احترس، ربما يحاول إبليس أن يصيبك بمرض أو سقم”.

لديَّ سلطان على حياتي وعلى أهل بيتي إن حاول إبليس في أي مرة أن يقرع باب بيتي بمرض أو فقر أو احتياج أو ضيق. عندئذ سوف أقول له: “لا تأتي إلى هنا. عليك أن تتخلص من تلك القمامة في مكان آخر لأني لن أقبلها”.

لكن ليس لدي سلطان على إبليس في حياتك. في الواقع، تحتاج أن تتعلَّم كيف تتصدى لإبليس بنفسك. بالطبع إن كنت طفلاً روحيًا، فسوف أمارس إيماني لأجلك. لكن في نهاية الأمر يتوقع الله أن تمارس سلطانًا على إبليس بنفسك.

أما إذا كنت بالفعل قد قبلت منه مرض أو سقم (أو أي شيء وضعه إبليس في طريقك)، فأنت إذًا في ورطة وتحتاج أن تفعل شيئًا بخصوصها. لكن شكرًا لله لأنك تستطيع أن تفعل شيئًا في اسم يسوع.

إن سمحت لأحد المؤمنين الناضجين روحيًا، فإنه يستطيع أن يصلى إليك بإيمان. لكن في الحقيقة، تحتاج أن تفعل شيئًا بخصوص ممارسة سلطان على إبليس بنفسك. هذه هي إحدى الطرق التي تنمو بها في حقيقة هويتك في المسيح. مارس سلطانًا على إبليس أو المرض أو السقم أو أي شيء يحاول العدو أن يبتليك به، وتصدى له في اسم يسوع. فكثيرًا ما يخطئ المؤمنون عندما يقبلون ما يجلبه إبليس عليهم.

ستُهزم إن لم تدرك من أنت والسلطان الذي لك في المسيح. إن فشلت في أن تدرك أن الإله الأعظم يسكن بداخلك، ستسمح لإبليس أن يتفوق عليك.

إنه لأمر أن يسود إبليس على الخطاة الذين هم تحت سلطان مملكة الظلمة. لكنه أمر آخر أن يسود إبليس وجنوده كذلك على مؤمنين كثيرين ممَن لا يعرفون سلطانهم أو لا يمارسون ذلك السلطان. لهذا السبب عندما يتقدم المؤمنون إلى الصلاة، ينبغي أن يدركوا أن يسوع قد هزم كل قوى الشر الروحية. وعندما يصلى المؤمن، عليه أن يصلي من موضع نصرة لأنه جالس مع المسيح في السماويات ينظر إلى أسفل على عدو مهزوم.

عندما تتقدم للصلاة، فلتصل من مكانة جلوسك مع المسيح فوق كل الرياسات والسلاطين حيث تشارك المسيح في جلوسه في السماويات. فنصرة يسوع هي نصرتك، وبسبب ما فعله يسوع، فأنت قد تحررت من سيادة إبليس.

كثيرًا جدًا ما يخفق المؤمنون وهم يحاولون أن يفعلوا ما بوسعهم غير مدركين ما يخولَّه لهم ميراثهم في المسيح بالفعل. فبدلاً من أن يحتلوا مكانتهم الشرعية في المسيح كمؤمنين منتصرين، فأنهم يعظمون إبليس، وهذا ما يعطيه مدخلاً لحياتهم.

يمكنك أن تتأمل في الجانب السلبي للأمور، وسوف تصبح ما تتأمل فيه. فما تفكر فيه وتتأمل به، سوف تؤمن به. وما تؤمن به، سوف تتكلم به. وفى النهاية فأن ما تؤمن به وتتكلم عنه، سوف تصبحه.

ينطبق هذا المبدأ على إبليس والأفعال الشيطانية أيضًا. فإن فكرت في أفكار إبليس، فسوف تُحبط وتكتئب وتتضايق وستقع في الخطأ. أو بإمكانك أن تفكر في كلمة الله، فيستنير فكرك ويُغمر بالنور. يمكنك أن تجول تعظ عن مقدار قوة إبليس، أو تتحول إلى الجانب الإيجابي حيث تستنير عيونك الروحية لترى حكمة الله. عندئذٍ ستصبح في الجانب الكتابي.. في جانب النصرة حيث تنتمي كمؤمن بسبب نصرتك في المسيح.

لأني أعلم أن يسوع قد هزم إبليس، فسوف أفكر هكذا وأتكلم هكذا. فالإله الأعظم يرفعني عاليًا في الحياة معطيًا لي النجاح؛ لأنني أعطي مكانًا لله ولقوة كلمته، لا لإبليس.

ينهزم المؤمنون عندما يؤمنون: “إن الذي في العالم أعظم من الذي فيَّ”. لقد عكسوا تفكيرهم. ثم مضوا يعترفون بهذا. كثيرون يُهزمون في الحياة لأنهم يتمسكون بالاعتراف السلبي. فهم دائمًا ما يتكلمون عن الجانب السلبي للأمور، وهذا يفتح بابًا لإبليس في حياتهم. يخبرون دائمًا بما ليسوا عليه، وما لا يملكونه، وعن ضعفاتهم وفشلهم واحتياجاتهم. وبلا شك ينحدرون لمستوى اعترافاتهم.

إن بدأت تؤمن وتعترف أن إبليس أعظم من قوة الله، فسوف يهزمك إبليس. لكن إن ثبت في الحقوق المُشتراة بالدم التي لك في المسيح واعترفت بها، فسوف ترتفع لمستوى اعترافك وميراثك. يا له من تغير سوف يحدث في حياتك عندما تثبت في كلمة الله ضد كل هجمة من هجمات العدو في كل امتحان واختبار. يا له من تغير سوف يحدث إن حافظت على اعتراف إيجابي في المسيح، فلا تعطي إبليس أي موضع في حياتك. عندئذٍ سوف ترتفع لمستوى اعترافك وستحتل مكانتك الشرعية في المسيح، فتصبح قادرًا أن تمتلك ما قد اشتراه لك يسوع بالفعل. ستأخذ مكانك الشرعي كمؤمن منتصر في الرب يسوع المسيح فوق كل قوى الشيطان.

مؤمن منتصر.. لا مؤمن مجاهد أو مهزوم

يوجد البعض اليوم يتكلمون عن المؤمن المجاهد المحارب، وبين أولئك، يوجد مَن يقولون أن جسد الرب يسوع المسيح يحتاج أن يحارب ضد شياطين لكي ينجح. لكنني أود أن أتكلم عن المؤمن المنتصر لأن هذا هو الحق الكتابي. فنصرة يسوع على إبليس هي نصرة كل المؤمنين. وبإمكان كل مؤمن أن يتمتع بتلك النصرة والغلبة إن ابتدأ يسير في نور ميراثه في المسيح. أولئك الذين يتكلمون دائمًا عن المؤمن المجاهد هم الذين يحاولون أن يصارعوا إبليس: “سنقيم حربًا على الشيطان. سيكون الوضع صعبًا، فنحن سوف ندخل في معركة”.

إن أولئك الذين يتكلمون هكذا طوال الوقت يحتاجون أن تستنير عيون أرواحهم ليروا أن تلك المعركة قد انتصر فيها يسوع المسيح بالفعل. كل ما يحتاجون أن يفعلوه هو أن يقفوا في تلك النصرة. عندما تستنير عيونك الروحية لترى مكانتك الشرعية في المسيح –التي هي موضع نصرة– عندئذٍ تواجه قوى إبليس فتعلم كيف تتعامل معهم. وبسبب سلطانك في المسيح على الأرواح الشريرة، ستتصدى لهم بكلمة الله واضعًا إياهم في مكانهم الصحيح.

إن جسد المسيح منتصر. شكرًا لله لأننا نستطيع أن ننتصر على الخطية والمرض والسقم والفقر والعادات السيئة بسبب ميراثنا في المسيح. كما نستطيع أن ننتصر على كل الشياطين والأرواح الشريرة وأي شيء يحاول العدو أن يقيدنا به؛ لأن يسوع قد هزمهم بالفعل لأجلنا.

إن سبب دخول يسوع في معركة فدائنا الرهيبة هو لأجلنا ولكي يفتدينا من يدي العدو. شكرًا لله، لأنه فعل ذلك ليفتدى جسد المسيح –المؤمنين– ليشتركوا في ميراثهم في المسيح وليملكوا ويحكموا في نصرة وغلبة على إبليس في كل شئون الحياة. فما فعله يسوع قد فعله لأجلنا. ونصرة يسوع على إبليس هي لنا.

لا نحتاج أن نفعل شيئًا تجاه ما هو لنا في المسيح سوى أن نأخذه ونقبله بإيمان. لا نحتاج أن نصارع لكي نؤمن بشيء صار يخصنا بالفعل، لكننا نحتاج أن نعرف أنه لنا وإلا لما استطعنا أن نأخذ مكانتنا الشرعية في المسيح ونستمتع بما هو لنا.

أينما أُعلنت خطة الله للفداء، يخلص الخطاة. وبذلك يستطيعون أن يسودوا فوق ظروفهم وعلى قوى الشيطان، بدلاً من أن يتركوا إبليس يسود عليهم.

لا يحتاج أبدًا جسد المسيح أن ينحني في جبن لقوى الظلمة أو لسيادة الشيطان. كلا، ينبغي أن ننهض بجرأة في اسم يسوع ونأخذ مكاننا في ميراثنا كأبناء وبنات لله العلى القدير.

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية  www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries  ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$