القائمة إغلاق

منشأ إبليس ومملكته Origin of Satan & His Kingdom

إن المؤمنين جالسون مع المسيح في السماويات فوق كل قوى ورياسات الظلمة. ولا يقدر شيطانٌ أن يعيق مؤمنًا جالسًا مع المسيح فوق كل أعمال العدو. فجلوسنا في السماويات وملكنا مع المسيح هو موضوع سلطان وكرامة ونصرة.. لا فشل أو إحباط أو هزيمة. وإذ أن كنيسة الرب يسوع المسيح لديها النصرة والغلبة على الشيطان وعلى جنوده في كل المعارك، فلماذا يبدو وكأن مؤمنين كثيرين لا يزالون خاضعين لإبليس ومكائده؟

إن نصرة المؤمنين أو انهزامهم أمام إبليس تتوقف على النظرة التي يرون بها أنفسهم كجسد المسيح؛ هل هم مؤمنون منتصرون، أم مهزومون، أم محاربون. فالأمر يعتمد كليةً على إدراكهم الصحيح لمكانتهم في المسيح.

المؤمنون المحاربون

يمثل هؤلاء جماعة من المؤمنين لم يجلسوا بعد في السماويات في المسيح ولا يزالوا “يحاربون” في محاولة لتحقيق النصرة على عدو لم يهزمه الرب يسوع المسيح بعد.

المؤمنون المهزومون

يمثل هؤلاء جماعة من المؤمنين يجهلون حقيقة أنهم جالسون مع المسيح ولا يدركون أن من حقهم أن يملكوا في الحياة بيسوع المسيح. وبسبب جهلهم بمكانتهم في المسيح أو لعدم استعمالهم للسلطان الذي يملكونه بالفعل، فإنك تجد هؤلاء المؤمنين مسلوبون دائمًا بمكايد إبليس ويعيشون في فشل وهزيمة مستمرة.

المؤمنون المنتصرون

إنها النظرة الكتابية لجسد المسيح وهو جالس مع المسيح يسوع في السماويات فوق كل رياسة وسلطان (أفسس 1: 3، 2: 6). المؤمنون المنتصرون هم صورة لأولئك الذين لا يعرفون سلطانهم الذي في المسيح وحسب، بل ويمارسونه أيضًا. لذلك يملكون منتصرين في الحياة بيسوع المسيح فوق إبليس، ذلك العدو المهزوم (رومية 5: 17).

في هذا العصر الذي يزداد فيه نشاط الشيطان حول العالم يكون من الضروري أن يعرف المؤمنون ما يشتمل عليه الفداء الذي لهم في المسيح من حقوق. نحتاج أن نتيقن تمامًا من السلطان الذي لنا نتيجة النصرة التي حققها يسوع لنا بالفعل فوق كل قوى العدو. والطريقة الوحيدة لكي نتيقن من السلطان الذي لنا على العدو هي أن نعرف ونسلك في نور كلمة الله. لنتوجه في ضوء هذه المقدمة إلى سفر التكوين ونبدأ دراستنا بتقصي منشأ إبليس ومملكته.

لمحات عن وجود مملكة محتملة قبل خلق الإنسان

تمت الإشارة في الكتاب بصورة واضحة إلى منشأ وسقوط إبليس، الذي دُعي أيضًا “لوسيفر” أي “زهرة بنت الصبح”. كان إبليس يُدعى زهرة بنت الصبح قبل طرده وسقوطه من السماء، ثم دُعي إبليس بعد سقوطه. لكن لم تتم الإشارة إلى منشأ الشياطين والأرواح الشريرة بصورة واضحة.

يعتقد بعض معلمي الكتاب أنه قد أنقضت ملايين السنين بين العددين الأول والثاني من سفر التكوين الإصحاح الأول. ويعتقد البعض في احتمال وجود مملكة أرضية قبل الخليقة المُسجلة في سفر التكوين الإصحاح الأول.

تكوين 1: 1 و2

1 فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ.

2 وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.

من المحتمل أن الأرواح الشريرة الموجودة الآن على الأرض كانت جزءًا من تلك المملكة السابقة لخلق الإنسان. فكثير من معلمي الكتاب يتفقون على وجود مملكة تسبق خلق الإنسان حتى قبل الطوفان. لأننا نعلم من الاكتشافات الجيولوجية أن الديناصورات وأفيال الماموث قد عاشت في وقت ما على الأرض. من أين أتت تلك المخلوقات؟ ربما جاءت من خليقة أخرى كانت موجودة على الأرض قبل خلق الإنسان.

نجد لمحة عن تلك المملكة في سفر إشعياء الإصحاح الرابع عشر.

إشعياء 14 :12-14

12 كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟

13 وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ.

14 أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ.

يتضح من هذا الشاهد أن لوسيفر كان له عرشٌ ودرجةٌ ما من السلطان. من المحتمل أن لوسيفر كان يحكم فيما تحت السحب والنجوم لأن العدد الثالث عشر يقول: “… أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ…” موضحًا أن عرش لوسيفر كان تحت النجوم. وإن كان ذلك صحيحًا فمن الممكن أنه اشتمل وتضمن حيازة ومُلك الأرض.

من المحتمل أن لوسيفر كان يحكم مملكةً هنا على الأرض وجِدت قبل خلق آدم، وفي ذات الوقت الذي عاشت فيه حيوانات ما قبل التاريخ. وربما كانت الأرواح الشريرة الموجودة على الأرض الآن هي مخلوقات روحية ساقطة من تلك الخليقة. مع أنه ليس لدينا إصحاح أو شاهد يؤكد ذلك، إلا أنه من ناحية أخرى فإن الكتاب لا ينفي ذلك أيضًا. إذ نرى لمحات عن ذلك في المكتوب.

نعلم أنه توجد أرواح شريرة على الأرض اليوم، لكن من أين أتوا؟ هناك احتمال آخر وهو أن تلك الأرواح الشريرة هم أولئك الملائكة الذين سقطوا مع تمرد الشيطان (رؤيا 12: 4 و9).

لم يكن الإنسان جزءًا من تلك الخليقة السابقة لآدم لأن الكتاب يوضح أن آدم كان الإنسان الأول: “هَكَذَا أَيْضًا قَدْ كُتِبَ: ‘صَارَ الإِنْسَانُ الأَوَّلُ، آدَمُ، نَفْسًا حَيَّةً’” (1 كورنثوس 15: 45). ربما كانت توجد بعض الخلائق الأخرى قبل آدم – لعلها كانت خليقة مختلفة تمامًا عن تلك التي نعرفها اليوم.

إنني لا أعرض هذه النظرية بصورة قاطعة لأنه ليس لدينا نور كافي من كلمة الله عن هذا الأمر حتى نكون على يقين. فلا يمكن أن نؤكد أمورًا لا نستطيع أن نثبتها من المكتوب. ففي بعض الأحيان نتمنى لو كان لدينا نور أكثر عن منشأ الأرواح الشريرة، لكنه من الواضح أن الله قد اخبرنا في كلمته بما يريدنا أن نعرفه.

مكانة الشيطان الأصلية وسقوطه

نستطيع أن نقول بكل بيقين أن إبليس والشياطين هم كائنات ساقطة لأن الكتاب يقول هكذا عنهم. لقد سقطوا من المكانة التي شغلوها ذات مرة (رؤيا 12: 4 و9). كما يلقي الكتاب ببعض الضوء على منشأ إبليس أو لوسيفر كما دُعي في البداية.

من أين أتى إبليس في الأصل؟ يعطينا سفر إشعياء الإصحاح الرابع عشر وسفر حزقيال الإصحاح الثامن والعشرين صورة لوجود الشيطان في البداية كما خلقه الله في الأصل وتمرده وسقوطه. وكما نعلم أن الله لم يخلق الشيطان بالشكل الذي هو عليه اليوم لأن كل ما خلقه الله في البدء كان حسنًا (تكوين 1: 10 و12 و18 و21 و25؛  يعقوب 1: 17).

يصف الكتاب إبليس في سفر حزقيال 28 قبل سقوطه وطرده من السماء.

حزقيال 28: 12- 16

12 … هَذَا مَا يُعْلِنُهُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: كُنْتَ خَاتِمَ الْكَمَالِ، مُفْعَمًا بِالْحِكْمَةِ وَكَامِلَ الْجَمَالِ

13 كُنْتَ فِي جَنَّةِ اللهِ عَدْنٍ، حِجَابُكَ كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ… أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ (مزمار) الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ. 

14وَمَسَحْتُكَ لِتَكُونَ الْكَرُوبِيمَ الْمُظَلِّلَ وَأَقَمْتُكَ عَلَى جَبَلِ اللهِ الْمُقَدَّسِ، وَتَمَشَّيْتَ بَيْنَ حِجَارَةِ النَّارِ

15 كُنْتَ كَامِلاً فِي طُرُقِكَ مُنْذُ يَوْمَ خُلِقْتَ إِلَى أَنْ وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ

16 إِنَّمَا بِسَبَبِ كَثْرَةِ تِجَارَتِكَ امْتَلأَ دَاخِلُكَ ظُلْمًا، فَأَخْطَأْتَ. لِهَذَا أَطْرَحُكَ مِنْ جَبَلِ اللهِ كَشَيْءٍ نَجِسٍ، وَأُبِيدُكَ أَيُّهَا الْكَرُوبُ الْمُظَلِّلُ مِنْ بَيْنِ حِجَارَةِ النَّارِ.

يصف الكتاب الشيطان في هذا المقطع ككائن مخلوق وكروب ممسوح وليس ككائن بشرى: “كُنْتَ كَامِلاً فِي طُرُقِكَ مُنْذُ يَوْمَ خُلِقْتَ إِلَى أَنْ وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ” (ع 15).

لم يخلق الله الشيطان بالوضع الذي نعرفه اليوم. فبعدما سقط هذا الكروب الممسوح وطُرد من السماء أصبح الشيطان، لكنه لم يُخلق بهذا الوضع. فقد خلقه الله كاملاً في كل طرقه (حزقيال 28: 15)، مفعمًا بالحكمة وكامل الجمال (ع 12). يخبرنا الكتاب أيضًا أن هذا الكروب كان “عَلَى جَبَلِ اللهِ الْمُقَدَّسِ” (ع 14). لهذا نعلم أنه كان يتمتع بحق الاقتراب من الله.

يخبرنا سفر حزقيال 28: 13 شيئًا ملفتًا للنظر عن هذا الكروب الممسوح كما خُلق في الأصل: “… أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ (مزمار) الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ”.

يتضح إذًا أن هذا الكروب كان على علاقة بالموسيقى. ربما كان قائد العازفين في السماء قبل طرده وسقوطه منها. ألا تلاحظ كيف تلعب الموسيقى دورًا في قصد وخطة الله كما في قصد إبليس أيضًا؟ سوف يساعدك النوع الصحيح من الموسيقى في أن يهيئك لتخضع لروح الله، بينما النوع الخاطئ سوف يقودك لتخضع لروح الشيطان. فإبليس يعمل من خلال الجسد والنفس الغير مجددة بينما الله يعمل من خلال روحك بمساعدة الروح القدس. يذكر الكتاب أنه قد وُجِد شرٌ في هذا الكروب الممسوح (حزقيال 28: 15)، ترى ماذا كانت خطيئته؟

حزقيال 28: 17 و18

17 قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ لِبَهْجَتِكَ (لجمالك). أَفْسَدْتَ حِكْمَتَكَ لأَجْلِ بَهَائِكَ…

18 قَدْ نَجَّسْتَ مَقَادِسَكَ بِكَثْرَةِ آثَامِكَ… 

لقد ارتفع هذا الكروب الممسوح تكبرًا نتيجة جماله العظيم. وبسبب كبريائه أراد أن يصير مثل الله ويصعد إلى السماء فيغتصب سلطان الله. لذلك يتكلم الكتاب عن خطية هذا الكروب في سفر إشعياء الإصحاح الرابع عشر حيث يخبرنا الله أن مقاصد هذا الكروب الشريرة قد استندت على تصريحاته الخمسة عن نفسه.

إشعياء 14: 13 و14

13 وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى

جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ.

14 أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ. 

يتضح أن هذا الكروب الممسوح كان مخلوقًا ذا إرادة مطلقة ولديه حرية التعبير عن إرادته الشخصية، وهذا يتضح من تصريحاته عما سيفعله. كان باستطاعته أن يختار وقد قام بالاختيار الخاطئ. حاول أن يرفع كرسيه فوق عرش الله. ولأجل هذا قال له الله: “.. فَأَخْطَأْتَ”(حزقيال 28: 16). ثم نلاحظ كيف تجاوب الله مع التصريحات الخماسية لهذا الكروب بخمسة تصريحات أخرى عن نفسه. عندما أعلن الله عما سيفعله، انزل حكمًا عادلاً على تمرد هذا الكروب الممسوح الذي أدى إلى طرده وسقوطه من السماء.

حزقيال 28 :16- 18

16 إِنَّمَا بِسَبَبِ كَثْرَةِ تِجَارَتِكَ امْتَلأَ دَاخِلُكَ ظُلْمًا، فَأَخْطَأْتَ. لِهَذَا أَطْرَحُكَ مِنْ جَبَلِ اللهِ كَشَيْءٍ نَجِسٍ، وَأُبِيدُكَ أَيُّهَا الْكَرُوبُ الْمُظَلِّلُ مِنْ بَيْنِ حِجَارَةِ النَّارِ

17 قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ لِبَهْجَتِكَ (لجمالك). أَفْسَدْتَ حِكْمَتَكَ لأَجْلِ بَهَائِكَ. سَأَطْرَحُكَ إِلَى     الأَرْضِ، وَأَجْعَلُكَ أَمَامَ الْمُلُوكِ لِيَنْظُرُوا إِلَيْكَ.

18 قَدْ نَجَّسْتَ مَقَادِسَكَ بِكَثْرَةِ آثَامِكَ بِظُلْمِ تِجَارَتِكَ، فَأُخْرِجُ نَارًا مِنْ وَسْطِكَ فَتَأْكُلُكَ، وَأُصَيِّرُكَ رَمَادًا عَلَى الأَرْضِ أَمَامَ عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ يَرَاكَ. 

نرى في سفر إشعياء 14 وحزقيال 28 حادثة طرد وسقوط الشيطان، كذلك وصف يسوع هذه الحادثة في لوقا 10.

إشعياء 14: 12

12كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟

حزقيال 28: 16 و17

16 … لِهَذَا أَطْرَحُكَ مِنْ جَبَلِ اللهِ كَشَيْءٍ نَجِسٍ…

17 … سَأَطْرَحُكَ إِلَى الأَرْضِ…

لوقا 10: 18

18 فَقَالَ (يسوع) لَهُمْ: لَقَدْ رَأَيتُ الشَّيطَانَ سَاقِطَا كَبَرقٍ مِنَ السَّمَاء.

طبيعة وشخصية إبليس كما تكشفهما أسماؤه

نرى في جنه عدن لمحة عن إبليس أو لوسيفر كما دُعي قبل طرده وسقوطه من السماء. كما تكشف هذه الفقرة أيضًا جانبًا من طبيعته وشخصيته بعد سقوطه. يقول الكتاب: “وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَمْكَرَ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي صَنَعَهَا الرَّبُّ الإِلَهُ” (تكوين 3: 1). بعد أن سقطت حواء في التجربة قالت لله: “الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ” (تكوين 3: 13) مما يُظهر لنا طبيعة إبليس الخادعة الماكرة.

بعدما كان كروبًا ممسوحًا ذات مرة على جبل الله، ُلعن واتخذ هيئة حية، “فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ.” (تكوين 3 :14).

لكن ماذا يقول الكتاب بخصوص طبيعة إبليس وشخصيته؟ الألقاب الكتابية التي أعطيت لإبليس تكشف طبيعته وشخصيته كما تظهر أيضًا مجال سلطانه على الأرض.

1- الخصم: “… إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ… يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ” (1بطرس 5: 8).

2- السارق: “لاَ يَأْتِي السَّارِقُ إلاَّ لِيَسْرِقَ وَيْقتُلَ وَيُدَمِّرَ” (يوحنا 10: 10).

3- قاتل وكاذب: “أَنتُمْ (الكتبة والفريسيون) مِنْ أَبِيْكُمْ إبْلِيْسَ، وَتُرِيْدُوْنَ أَنْ تَعْمَلُوا شَهَوَاتِ أَبِيْكُمْ. لَقَدْ كَانَ قَاتِلاً مُنْذُ البِدَايَةِ… لأِنه كَذَّابُ وَأَبُو الكَذِبِ” (يوحنا 8: 44).

4- المشتكي: “… قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلاً ” (رؤيا 12: 10).

5- المضلِّل: “طُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ…” (رؤيا 12: 9).

6- ملاك نور: “لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ!” (2كورنثوس 11: 4).

7- رئيس هذا العالم: “اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا” (يوحنا 12: 31، 14: 30، 16: 8 و11).

8- رئيس سلطان الهواء: “سَلَكْتُمْ… قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ” (أفسس 2: 2).

9- إله هذا الدهر: “إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ.” (2كورنثوس 4: 4).

إن أدرك الناس أن إبليس هو إله هذا العالم، لانتهى ارتباكهم بشأن وجود الشر على الأرض. فقد أنشغل كثيرون جدًا بالشر الموجود في هذا العالم حتى اعتقدوا أن هذا الكون هو في الأساس شرٌ وليس خيرًا. فألقي البعض باللوم على الله باعتباره خالق الشر ومصدره. على سبيل المثال، قرأت منذ فترة مضت مقالة كتبها أحد الصحفيين المشهورين جدًا في الولايات المتحدة. ذكر أنه ليست لديه ميول دينية ولا ينتمي لأية كنيسة سواء الآن أو حتى في الماضي. لم يكن يؤمن أن الكتاب المقدس هو كلمة الله ولا يعلم إن كان الله موجودًا أم لا.

كتب في مقالته: “يقول المسيحيون أن الله هو الذي خلق كل شيء وأنه هو الذي يدير الكون. وعندما نتكلم منطقيًا يبدو وكأنه يوجد كائن عظيم قد خلق الكون. لكن إن كان الله هو الذي يتسلط على هذا الكون ويدير كل شيء، فلابد أن الأمور قد خرجت عن سيطرته. إذ لماذا لا ينهي الحروب أو الفقر أو موت الأطفال الأبرياء؟”

حاول هذا الكاتب أن يفهم السبب في كون إله صالح كهذا يدير العالم ويسمح بوجود الشر. لكن هذا الصحفي قد سمع جانبًا واحدًا من القضية.. إذ لم يدرك أن الكتاب يخبرنا أن إبليس هو إله هذا العالم (2 كورنثوس 4: 4).

لو كان هذا الكاتب عرف وآمن بالكتاب المقدس، لكان أدرك أن الله قد صنع العالم في البداية ورأى أن كل شيء كان حسنًا (تكوين 1: 10، 12، 18، 21، 25، 31؛ يعقوب 1: 17). وخلق الله الإنسان وأعطاه السيادة على كل أعمال يديه.

تكوين 1 :26 و28

 26 وَقَالَ اللهُ: نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ….

28 وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ. 

مزمور 8: 4- 6

4 أُسَألُ نَفْسِي: مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَهْتَمَّ بِهِ؟ أَوِ ‘ابْنُ الإِنْسَانِ’ حَتَّى تَعْتَبِرَهُ؟ (5) جعَلْتَهُ أَدْنَى قَلِيلاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ إِلَى حِينٍ، ثُمَّ كَلَّلْتَهُ بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ

6 وَأَعْطَيْتَهُ السُّلْطَةَ عَلَى كُلِّ مَا صَنَعَتْهُ يَداكَ. أَخْضَعْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ.

مزمور 115: 16

16 السَّمَاوَاتُ لِلرَّبِّ وَحْدَهُ، أَمَّا الأَرْضُ فَأَعْطَاهَا لِبَنِي آدَمَ.

 اغتصاب إبليس للسلطان الضائع للإنسان

في البدء كان لآدم سلطان على هذا العالم، وعلى هذا الأساس أصبح آدم “إله” هذا العالم. لكن عندما أكل هو وحواء من الثمرة المُحرَّمة انفتحت أعينهما وعلما الخير والشر (تكوين 3: 6 و7). وكان الرب قد أخبر آدم وحواء أنه يوم يأكلان من الشجرة سيموتان. لم يمت أي منهما جسديًا، إنما ماتا روحيًا. وعندما ماتا روحيًا انفصلا وقُطعا عن الله. عندما ارتكب آدم هذا العصيان أُجبِر أن يسلِّم السلطان الذي له على الأرض إلى إبليس. والكتاب يؤكد أنه نتيجة العصيان باع آدم سلطانه إلى إبليس، معطيًا الفرصة له ليصبح إله هذا العالم. لننظر إلى أحداث تجربة إبليس ليسوع.

لوقا 4: 1، 2، 5- 8

1 أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ

2 أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ….

5 ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَل عَال وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ.

6 وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: ‘لَكَ أُعْطِي هذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ، لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ، وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ.

7 فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ’.

8 فَأَجَابَهُ يَسُوعُ وَقَالَ: ‘اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ’.

نستطيع أن نلاحظ هُنا الكثير من الحقائق الهامة. قال لي بعض الخدام: “كان إبليس يكذب على يسوع عندما أخبره أنه سيعطيه السلطان على ممالك العالم، لأنه لم يكن لديه سلطانًا عليهم”. لكن إبليس كان لديه هذا السلطان حقًا؛ لأن آدم قد سلَّم هذه الممالك لإبليس عندما أخطأ ضد الله.

مَن سلَّم ممالك هذا العالم إلي إبليس؟ هل الله هو الذي فعل ذلك؟ لا.. فالله قد أعطاها في الأصل إلى آدم، لكن عندما أخطأ آدم وعصى الله خسر حقه في امتلاكها، فاستولى إبليس عليها. فنحن نعلم أن إبليس لم يكن لديه سلطان على العالم قبل أن يعطيه آدم إياه، لأن إبليس قد سقط من السلطان الذي كان له (حزقيال 28: 16- 18؛ لوقا 10: 18).

إذًا كان لآدم في الأصل السلطان والسيادة على هذه الأرض، لكنه دفعها إلى يديَّ إبليس عندما عصى وصية الله (رومية 5: 14). وعندئذ صار إبليس إله هذا العالم.

بالإضافة إلى ذلك، فإن لم يكن لإبليس السلطان على ممالك هذا العالم فالكتاب إذًا يكذب عندما يقول أن يسوع قد جُرب من إبليس (لوقا 4: 2). فلو لم يكن لإبليس سلطان وسيادة حقيقية على ممالك هذه الأرض، لما كانت تلك تجربة حقيقية ليسوع، لكن الكتاب يدعوها تجربة.”أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ. أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ” (لوقا 4: 1 و2). لهذا السبب يتضح أن إبليس كان لديه سلطان وسيادة على الأرض لأنه استطاع أن يجرب يسوع.

استطاع إبليس أن يأخذ من آدم موضـع السيـادة والسلطـان علـى الأرض،و لكـن هـل هـذا هونهاية الأمر؟

حتمًا لا. لقد أرسل الله يسوع المسيح إلى الأرض ليفتدى الجنس البشرى ويعيد للإنسان سلطانه المفقود وسيادته على الأرض. وعندما يبدأ الإنسان في ممارسة السلطان الذي أُعطى له في المسيح يسوع فإنه يتمم مشيئة وقصد الله على الأرض. لكن إلى أن ينتهي وقت آدم على الأرض –إلي أن تأتى نهاية الزمان كما نعرفه وينال إبليس دينونة الله النهائية– فإن إبليس لا يزال لديه سلطان هنا.

نرى في العهد الجديد أنه عندما كان يسوع يدخل إلى المجمع كان الأشخاص الذين بهم شياطين يصرخون: “مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللهِ؟ أَجِئْتَ قَبْلَ الْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟” (متى 8: 29). فإبليس يعلم أن وقته على الأرض يكاد ينفذ ويدرك أن عذابه ودينونته المُتوقعة قد تم التنبؤ عنها في سفر الرؤيا (رؤيا 20: 10).

لا تزال السماويات ضمن دائرة سيادة إبليس حتى بعد سقوطه

تخبرنا رسالة أفسس 6: 12 أن مملكة إبليس لا تتضمن دائرة هذا العالم وحسب إنما تضم أيضًا المناطق التي يُشار إليها في الكتاب المقدس باسم “السماويات أو الأماكن السماوية”.

أفسس 6: 12

12 فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.

لذلك نعلم أن إبليس يحكم أيضًا في السماويات.

ثلاثة سماوات

ماذا يقصد الكتاب بقوله “السماويات”؟ في الواقع يشير الكتاب إلى ثلاثة سماوات. ففي رسالة كورنثوس الثانية 12: 2 نستطيع أن نرى إشارة واضحة لأكثر من سماء. يتفق معظم معلمي الكتاب المقدس أن الرسول بولس كان يتكلم عن نفسه في هذا الشاهد.

2 كورنثوس 12: 2-4

2 أَعرِفُ إِنسَانا فِي المَسِيحِ، أُصْعِدَ قَبلَ أَربَعَةَ عَشَرَ سَنَةً إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ. أَأُصْعِدَ فِي جَسَدِهِ أم خارج جسده؟لااعلم الله وحده يعلم.

3 أَنَا أَعرِفُ ذَلِكَ الشَّخصَ، لَكِنْ لاَ أَعرِفُ إِنْ كَانَ فِي جَسَدِهِ أَمْ خَارِجَ جَسَدِهِ، اللهُ ويَعلَمُ.

4 لَكِنَّهُ أُصْعِدَ إِلَى الفِردَوسِ، وَسَمِعَ كَلِمَاتٍ لاَ يُمْكِنُ التَّعبيرُ عَنها.

حيث أنه توجد سماء ثالثة فلابد أن هناك أولى وثانية، وإلا لما كان هناك جدوى من ذكر الكتاب لسماء ثالثة. فالسماء الأولى من الثلاثة هي تلك الموجودة فوقنا مباشرة، وهي ما ندعوها سماء الهواء أو السماويات. تليها المنطقة التي تضم النجوم والشمس والقمر والكواكب، وهي ما ندعوها سماء النجوم أو الفراغ، ويمكن أن نشير إليها باعتبارها السماء الثانية. ثم تأتي بعدها السماء الثالثة التي هي أبعد مما تمكن العلم من بلوغه أو استكشافه.. سماء السماوات حيث يوجد عرش الله.

يخبرنا الكتاب المقدس ببعض الأمور عن السماء الثالثة. فعلى سبيل المثال، نعرف أن الفردوس في العهد الجديد يوجد في السماء الثالثة (لوقا 23: 43؛ 2 كورنثوس 12: 4؛ رؤيا 2: 7). كما نعلم أن يسوع في السماء عن يمين الله (مرقس 16: 19؛ عبرانيين 1: 3، 4: 14).

كما يخبرنا الكتاب أيضًا أن يسوع يعَّد مكانًا للمؤمنين في السماء “فِي  بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا” (يوحنا 14: 2 و3). كما نعلم يقينًا أن المؤمنين سيذهبون إلى السماء ليكونوا مع يسوع عندما يفارقون الحياة. لأن يسوع قال:”وَبَعدَ أَنْ أَذْهَبَ وَأُهَيِّئَ لَكُمُ المَكَانَ، سَآتِي ثَانِيَةً وَآخُذُكُمْ، حَتَّى تَكُونُوا مَعِي حَيثُ أَكُونُ” (يوحنا 14: 3).

أخبرنا الرسول بولس أيضًا أن المؤمنين سيذهبون إلى السماء عندما ينتقلون “… لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ…. فَإِنِّي مَحْصُورٌ مِنْ الاثْنَيْنِ: لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ” (فيلبى 1: 21، 23).

السماويات.. الأماكن العليا

لا يذكر الكتاب سماءً واحدة وحسب، لكنه يتكلم أيضًا عن “السماويات”. تخبرنا رسالة

أفسس 6: 12 أننا لا نصارع ضـد جسـد ولحـم إنمـا ضـد الرؤسـاء والسـلاطـيـن وولاة العـالم

وأجناد الشر الروحية في السماويات أو الأماكن العليا.

ظهر لي يسوع في رؤيا عام 1952، والتي سوف أسرد منها جزءًا طويلاً في فصل آخر. تحدث معي لمدة ساعة ونصف عن إبليس والشياطين وموضوع سكنى الأرواح الشريرة. من أحد الأمور التي ذكرها لي أنه توجد أربعة طبقات أو تقسيمات للشياطين والأرواح الشريرة التي ذكرها بولس في أفسس 6.

قال لي يسوع فيما يتعلق بترتيب هذه القوات الشيطانية أن بولس قد ابتدأ من أسفل القائمة بأدنى طبقة من الشياطين ثم تقدم تصاعديًا وفقًا لترتيبهم؛ الرئاسات، السلطات، حُكّام ظلمة هذا الدهر، وأخيرًا قوات الشر في السماويات.  

أفسس 6: 12

12 فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.

سأضعهم فيما يلي في قائمة وفقًا لترتيبهم أو رتبتهم من الأعظم في القوة إلى الأدنى مع شرح قليل فيما يتعلق برتبتهم:

1- أجناد الشر الروحية في السماويات: هؤلاء هم أعلى مرتبة، ويتواجدون في السماويات لا على الأرض.

2- حكام ظلمة هذا العالم: هؤلاء هم أعلى رتب الشياطين الذين يضطر المؤمنون إلى التعامل معهم هنا على الأرض.

3- السلاطين: هؤلاء يشكِّلون المرتبة الثانية، وهم يحصلون على التوجيهات الخاصة بهم من حكام الظلمة الذين يسودون عليهم.

4- الرؤساء: هؤلاء هم الأدنى مرتبة، ونادرًا جدًا ما يتخذون قرارات من أنفسهم؛ حيث تسود عليهم الرتب الأخرى وتحكمهم.

أعتقد أن لدينا من الأسس الكتابية ما يرجح أن الفئات الثلاث الأخيرة لتلك الأرواح الشريرة والتـي تشمـل: الحَّكـام والسلاطين والرؤساء- توجـد فـي السمـاء الأولـى التـي تضـم الهواء وسماء الجـو فـوقنـا مبـاشـرة. هـذه السمـاء هـي مكـان سكنـى الشيـاطيـن لأن الكتـاب

يقول أن إبليس هو رئيس سلطان الهواء (أفسس 2: 2).. وهذه هي دائرة مُلكه. ربما لا يمكنك أن تراهم، لكنهم متواجدين هناك وبإمكانهم أن يسودوا ويتسلطوا على أي إنسان في الأرض يسمح لهم بذلك. ثم تأتي السماء الثانية في الدائرة الكونية بعد سماء الجو، حيث توجد النجوم والكواكب. إني أؤمن شخصيًا أن السماء الثانية هي ما يشير إليها الكتاب في رسالة أفسس 6: 12 باعتبارها “السماويات أو الأماكن العليا”. فذلك هو الموضع الذي تحكم فيه أرواح الشر في السماويات ومكان مُلكهم. ثم تأتي السماء الثالثة بعد ذلك، التي هي سماء السماوات وموضع الفردوس حيث عرش الله. وبالطبع لا توجد أي أرواح شر في محضر الله.

المملكة المزدوجة

إذًا نعلم أن السماويات هي موضع مُلك الرؤساء والسلاطين وحكام ظلمة هذا العالم وأجناد الشر الروحية. عندما تدرك أن آدم تخلى عن سيادته لإبليس، تستطيع أن تفهم بسهولة أمرًا نراه بوضوح في الكتاب المقدس.. ألا وهو المملكة المزدوجة.

تشير المملكة المزدوجة إلى وجود مملكة شريرة تحكم في السماويات وتؤثر على حياة البشر فوق هذه الأرض. قوات روحية غير مرئية تحكم وتسود البشر الذين يحكمون الممالك الأرضية المرئية.. هذا إن سمحوا لهم بذلك.

تخبرنا رسالة أفسس الإصحاح السادس أننا لا نتعامل مع دم ولحم أي مع طبائع وشخصيات لبشر يعيشون على هذه الأرض وحسب. لكننا نتعامل أيضًا مع كائنات روحية تحكم في السماويات. لذلك فإن المملكة المزدوجة تشير إلى وجود مملكة يحكمها بشر هنا على الأرض هم بالفعل تحت تأثير وسيادة حُكام روحيين في السماويات. نرى أمثلة لتلك الممالك المزدوجة في الكتاب المقدس. فعلى سبيل المثال يعطينا الكتاب لمحة عن عمل تلك المملكة المزدوجة في سفر حزقيال الإصحاح الثامن والعشرين.

حزقيال 28: 2

 2 يَا ابْنَ آدَمَ، قُلْ لِرَئِيسِ صُورَ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ وَقُلْتَ: أَنَا إِلهٌ. فِي مَجْلِسِ الآلِهَةِ أَجْلِسُ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلهٌ، وَإِنْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ!

يذكر سفر حزقيال 28: 2 رسالة نبوية أُعطيت من خلال النبي حزقيال إلى ملك صور، الذي كان إنسان قد ارتفع قلبه تكبرًا. نعلم أن هذه الرسالة تشير حرفيًا إلى ملك صور الذي كان يحكم مملكة أرضية، لأن الله قال له: “… وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلهٌ ” (حزقيال 28 :2). في حين أن الملائكة والأرواح الشريرة ليسوا بشر. لذلك كان ملك صور إنسانًا يحكم مملكة على الأرض في ذلك الوقت.

ثم نرى في ذات الإصحاح الثامن والعشرين لسفر حزقيال في الأعداد من 11 إلى 19 كلمة نبوية أخرى أُعطيت من خلال حزقيال لكنها موجهة إلى ملك صور الذي لم يكن إنسانًا. كان ملك صور المُشار إليه هنا هو حاكم روحي شرير يملك في السماويات.

حزقيال 28: 12 ،13

12 يَا ابْنَ آدَمَ، ارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى مَلِكِ صُورَ وَقُلْ لَهُ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ الْجَمَالِ.

13 كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللهِ. كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ… أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ.

لقد رأينا بالفعل أن تلك الفقرة تشير إلى إبليس ذلك الكروب الممسوح. إذ يستحيل على ملك صور البشري أن يُوجد في عدن جنة الله. فلم يكن قد وُلد بعد. لذلك فإن “ملك صور” المذكور سابقًا لا يشير إلى إنسان بل إلى مخلوق آخر، إلى روح ساقط كان يحكم مملكة أرضية بناءً على موضع سيادة في السماويات (حزقيال 28: 13- 15).

يوضح لنا الكتاب فكرة المملكة المزدوجة من خلال هذين الكائنين: ملك صور الإنسان، وملك صور الكائن الروحي (الذي هو إبليس نفسه). فالمملكة الطبيعية فوق الأرض يحكمها بشرٌ، لكنها أيضًا تحت سلطان مملكة روحية تحكمها قوات شر روحية في السماويات.

المملكة المزدوجة في سفر دانيال

نجد في سفر دانيال مثالاً آخر للمملكة المزدوجة. كان دانيال صائمًا ويطلب الله فظهر له ملاك وأعطاه إعلانًا من عند الله.

دانيال 10: 12 ،13

12 فَقَالَ (الملاك) لِي: لاَ تَخَفْ يَا دَانِيآلُ، لأَنَّهُ مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ الَّذِي فِيهِ جَعَلْتَ قَلْبَكَ لِلْفَهْمِ وَلإِذْلاَلِ نَفْسِكَ قُدَّامَ إِلهِكَ، سُمِعَ كَلاَمُكَ، وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ.

13 وَرَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ قَاوَمَنِي وَاحِدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَهُوَذَا مِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ جَاءَ لإِعَانَتِي، وَأَنَا أُبْقِيتُ هُنَاكَ عِنْدَ مُلُوكِ فَارِسَ.

لقد قاوم ملك فارس –حاكم شرير في السماويات– ملاك الله في السماويات ليمنعه من الوصول إلى دانيال برسالة الله. على الرغم من أن الملاك أتى بالاستجابة منذ اليوم الأول الذي تضرع فيه دانيال، إلا أن الملاك قال: “وَرَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ قَاوَمَنِي وَاحِدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا” (دانيال 10: 13). كان الملاك يتكلم عن معركة حدثت في عالم الروح في السماويات. فهو لم يكن يشير إلى مقاومة إنسان يعيش على الأرض له، إنما إلى حاكم شرير في السماويات. كان يوجد على الأرض مملكة مادية أرضية تدعى مملكة فارس وكان لهذه المملكة ملك بشرى يحكمها. لكن فوق تلك المملكة مباشرة كانت توجد مملكة روحية في الظلام تُدعى أيضًا مملكة فارس.

وهذه المملكة الروحية كان يحكمها روح شرير يُدعى ملك فارس، وهذا الروح كان يتسلط على مملكة فارس الأرضية. لذلك فإن هذا الشاهد يشير إلى كائن روحي في السماويات يحكم منطقة على الأرض من خلال بشر خاضعين له.

لماذا رفض هذا الروح الشرير الموجود في الأماكن السماوية أن يترك الملاك يصل إلى دانيال برسالة من عند الله؟ لنفس السبب الذي يجعل أرواح الشر لا تريد لرسالة الله أن تبلغ الناس اليوم.. لأن إبليس وجنوده لا يريدون أن تُعرف مشيئة الله هنا على الأرض. ولذلك أعمى إبليس أذهان الناس عن رؤية الحق الكتابي (2 كورنثوس 4: 4).

في حالة دانيال، أراد الشيطان أن يمنع الملاك من إعلان مقاصد الله وأغراضه لدانيال تجاه المستقبل. لكن عندما اعترض ملك فارس ملاك الله، أرسل الله تعضيدًا عن طريق ميخائيل رئيس الملائكة ليساعد في المعركة: “… وَهُوَذَا مِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ جَاءَ لإِعَانَتِي” (دانيال 10: 13). ثم اجتاز ملاك الرب أخيرًا إلى السماويات بعد واحد وعشرين يومًا ووصل إلى دانيال برسالة الله استجابةً لصلاته. أراد الله أن يعلن لدانيال ما سوف يحدث على الأرض ويكشف له أحداث المستقبل.

من ذلك نرى أن الأرواح الشريرة يمكنها أن تسود على ممالك ودول أرضية. والآن دعونا نرى تأثير الشياطين على حياة البشر الشخصية على الأرض.

حُكَّام الظلمة

دعنا ننظر بالتحديد إلى أحد رتب الأرواح الشريرة التي تكلم معي يسوع عنها: حُكَّام ظلمة هذا العالم (أفسس 6: 2). فسَّر يسوع قائلاً: “إن أعلى رتب الشياطين التي ستحتاج أن تتعامل معها هنا على الأرض هي حُكَّام ظلمة هذا العالم. فهم حكَّام تمامًا كما يقول الكتاب عنهم بالضبط. إنهم يحكمون ظلمة هذا العالم ويتسلطون على أولئك الذين هم في الظلمة”.

أوضح لي يسوع أن حُكَّام الظلمة سوف يحاولون أيضًا أن يسودوا على المؤمنين الذين لا يسلكون في نور فدائهم أو أولئك الذين لا يعرفون ولا يمارسون حقوقهم وامتيازاتهم في المسيح.

وأخبرني يسوع أنه وفقًا لكلمته فإنه يتحتم على المؤمنين أن يمارسوا سلطانًا على الثلاث رتب الأولى للشياطين: الرؤساء والسلاطين وحُكَّام ظلمة هذا العالم. ثم قال أننا لو قيدنا عمل الرتب الثلاث الأولى للشياطين، فإنه سوف يتعامل مع الرتبة الرابعة لتلك الشياطين: أجناد الشر الروحية في السماويات.

ثم أعطاني متى 18: 18 ليثبت ذلك.

متى 18: 18

18 إنَّ كُلَّ مَا تَربِطُونَهُ عَلَى الأَرضِ يَكُونُ مَربُوطَا فِي السَّمَاءِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرضِ يَكُونُ مَحلُولاَ فِي السَّمَاءِ.

علينا أن نقيد عمل الأرواح الشريرة ضدنا في اسم يسوع بناءً على كلمة الله (لوقا 10: 19؛ فيلبى 2: 9 ،10؛ إشعياء 54: 17؛ رؤيا 12: 11). هذا هو المقصود من متى 18: 18. فعندما نقف بثبات في سلطاننا الذي لنا في المسيح ونقيد عمل الرتب الثلاث الأولى من الأرواح الشريرة في نطاق الأرض، فسوف يتوقفون عندئذٍ عن نشاطهم ضدنا. إن فعلنا ذلك، فحينئذٍ سيتعامل يسوع مع أعلى رتب الشياطين وهم أجناد الشر الروحية الذين يحكمون في السماويات. ثم مضى يسوع يفسر أن حُكاَّم ظلمة هذا العالم هم في الحقيقة أكثر الأرواح الشريرة ذكاءً ممَن يتوجب على المؤمنين أن يتعاملوا معهم.

ثم أوضح: “عادة ما يسكن واحد من حُكاَّم ظلمة هذا العالم في إنسان ويمتلكه. بالإضافة إلى ذلك، فأن أولئك الحُكاَّم يسودون أيضًا على باقي الأرواح ويخبرونهم بما يجب أن يفعلوه. على سبيل المثال، فهم يسودون على السلاطين ويخبرونهم بما يفعلوه، الذين بدورهم يسودون على الرؤساء ويخبرونهم بما يفعلوه. لذلك فإن أدنى أنواع الشياطين لديهم سلطان محدود جدًا ولا يستطيعون أن يقرروا من ذاتهم إلا القليل جدًا، إنما يتلقون الأوامر بما يجب أن يفعلوه.

قال لي يسوع أن حُكَّام الظلمة يمكنهم أن يتسلطوا على أي إنسان يسلك في الظلمة. فهم يسودون على كل الخطاة وعلى كل الذين يسلكون في الظلمة، بما فيهم المؤمنين الذين يسلكون في الظلمة. لهذا السبب نجد أنه في بعض الأحيان يخضع حتى المُخلَّصين لتلك الأرواح ويتركوها تسود عليهم.. هذا إن كانوا بعيدين عن الشركة مع الله ولا يسلكون في نور كلمته. إن سمح المؤمنون لتلك الأرواح الشريرة فسوف تسود عليهم، وقد يكون هذا عن رضا أو عن جهل أو عن عصيان. لذلك تجد البعض، ومن ضمنهم المؤمنين، يفعلون أمورًا معينة ولا يعلمون لماذا يفعلونها.

ثم أكمل يسوع: “لذلك تجد في بعض الأحيان أن أولئك الذين يرتكبون أعمال الظلمة يقولون: ‘لا أعلم ما الذي جعلني أفعل ذلك’. ولذلك تجد أناسًا صالحين يقولون عن آخرين: ‘لن أفعل مطلقًا شيئًا كهذا’ ثم تجدهم بعد وقت قليل يفعلون شيئًا أسوأ.

كذلك قال يسوع أنه عندما يفعل أحد أفراد العائلة شيئًا غريبًا عن طبعه فيقول باقي أفراد العائلة: “لا نعلم ما الذي دفعه إلى ذلك؟ لم نراه يفعل شيئًا كهذا أبدًا!”. السبب وراء أفعالهم هذه هو أنهم سمحوا لحُكَّام الظلمة من شياطين وأرواح شريرة أن تسود عليهم. فإن كانوا يسلكون في الظلام فإنهم بهذا يدعون حُكَّام الظلمة يتسلطون عليهم ويحركونهم.

ثم أعطاني يسوع رسالة يوحنا الأولى 5: 19 ليوضح ما كان يتكلم عنه: “نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنَا نَتبَعُ اللهَ، بَينَما العَالَمُ بِأَسرِهِ تَحتَ سَيطَرَةِ الشِّرِّيْرِ” (1 يوحنا 5: 19). ثم قال لي: “كل رجل وامرأة لم يخلص بعد، بغض النظر عن مَن هم –سواء كانوا من أقربائك أو أخاك أو أختك أو أباك أو أمك أو أي شخص خاطئ في مملكة الظلمة– فهؤلاء يسود عليهم ويحركهم الشياطين والأرواح الشريرة الذين يحكمون ظلمة هذا العالم بدرجات قد تتفاوت”.

ثم علَّق قائلاً: “سواء اعترفوا بذلك أم لا، وسواء أردت أن تعترف أنت أو أي إنسان آخر بذلك أم لا، فستظل تلك حقيقة مطلقة”. فأولئك الذين لم يُولدوا ميلادًا جديدًا ولم يصيروا في جسد المسيح فهم لا يزالون في مملكة الظلمة. لذلك فإن كل شخص ليس في مملكة النور فهو لا يزال بدرجة ما تحت سيادة وسلطان تلك الأرواح الشيطانية التي في مملكة الظلمة، على الرغم من أنه ربما لا يعرف ذلك (أفسس 2: 1- 3). لهذا السبب يقول البعض أشياءً ويفعلون أمورًا كانوا قد عزموا أنهم لن يفعلوها على الإطلاق.

نستطيع أن نرى أمثلة كثيرة لأشخاص خطاة مدفوعين بأرواح شريرة. على سبيل المثال، كنت أعظ في ولاية كاليفورنيا ذات مرة وقرأت في صحيفة أن شاب في الثامنة والعشرين من عمره أغرق ابنه البالغ من العمر أربعة سنوات عن عمد في مرحاض المياه.

عندما استجوبت السلطات هذا الشاب وجدوا أنه سليم عقليًا تمامًا ولم يكن لديه سوابق من أفعال خاطئة وكان يعمل في عمل جيد ويسكن في منزل جميل. لم تكن لديه أي أعباء مادية بل كان من عائلة جيدة وورث منها ميراثًا وكان يعمل في مشاريع العائلة التجارية. لم يجدوا مشكلة واحدة عنده.

أخبر السلطات أنه لا توجد لديه أي مشاكل ذهنية، ولم تكن لديه هموم أو مشاكل وكان طفله أيضًا بصحة جيدة. لكنه قال: “بينما كنت أحممه فاجئني إلحاح لم اقدر أن أتغلب عليه لكي أؤذيه، ثم أخبرني صوت بأن أغرقه. فخضعت له. عندما رجعت إلى نفسي كنت ممسكًا بابنى تحت الماء، فصرخت: ‘يا الهي، لماذا فعلت ذلك؟’”

كان هذا الشخص تحت سيطرة أرواح شريرة –حكاَّم ظلمة هذا العالم– لأنه كان يعيش في الظلمة ولم يكن قد خلُص بعد. لكن لا داعي أن يعانى المؤمنون من تسلَّط الأرواح الشريرة لأننا قد أُنقذنا من مملكة الظلمة ونُقلنا إلى ملكوت النور (كولوسي 1: 13). لقد صرنا في النور حيث يسوع هو رب لنا. وهو وحده مَن يسود علينا ويملك.. إنه رأسنا وليس حكاَّم الظلمة.

في حين يرأس إبليس أولئك الذين لم يخلصوا بعد. فإن عرف الخطاة هذا الحق، لأسرعوا إلى المؤمنين ليكتشفوا كيف يخلُصون حتى يستطيعوا أن يخرجوا من تحت سيادة إبليس..

هناك عالم روحي أكثر حقيقة من هذا العالم المادي. يحتاج الناس أن يعرفوا ذلك. وعندما تتكلم عن العالم الروحي فلابد أن تدرك أن الله روح (يوحنا 4: 24)، وأن إبليس والأرواح الشريرة والشياطين يوجدون أيضًا في هذا العالم الروحي – بالإضافة إلى الملائكة سواء كانوا صالحين أو أشرار. لكن المؤمنين لديهم سلطانًا على الأرواح الشريرة، بينما لا يملك الخطاة ذلك لأن إبليس هو إلههم.

لا يقدر حكَّام الظلمة أن يملكوا في النور

إن العهد الجديد هو إعلان لخطة الله العظيمة للفداء. إذ تخبرنا رسالة كولوسي 1: 13 أن يسوع قد أتى ليخلصنا من قوة وسلطان الأرواح الشريرة والشياطين الذين يملكون في عالم الظلام “… الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابنِهِ الحَبِيبِ”.فالمكان الوحيد الذي لا يقدر حكاَّم الظلمة أن يملكوا فيه هو حيثما يوجد النور. لكن أي نور؟ هل هو نور التعليم أو نور العلم؟ لا هذا ولا ذاك، إنما نور الإنجيل.

تقول الكلمة أن المؤمنين هم أبناء النور وليس أولاد الظلمة (1 تسالونيكي 5: 5) لأننا وُلِدنا ثانية في مملكة النور. لهذا السبب يصبح من الضروري جدًا أن نسير في النور. فالسلوك في نور كلمة الله يضمن حماية ضد كل جنود إبليس.

لقد أوضح لي يسوع أنه نظرًا لأن المؤمنين هم أولاد الله وأولاد نور فهم يعيشون في العالم لكنهم ليسوا من العالم (يوحنا 17: 14- 16). لذلك ليسوا مضطرين أن يخضعوا لحكم إبليس. مع ذلك، فبإمكانهم أن يسمحوا لإبليس بأن يسود عليهم إن سلكوا في الظلام بدلاً من النور.

باستطاعة إبليس أن يتسلط علينا أيضًا إن سمحنا له بـأن يسـود علينـا بإرادتنـا أو دون

إرادتنا عن طريق الجهل بكلمة الله. لهذا السبب يحث الكتاب المؤمنين على أن يسيروا في النور. فحكَّام الظلام لا يقدروا أن يملكوا في النور ولا يستطيعوا أن يسودوا على أولئك الذين يسلكون في النور. لننظر إلى التباين بين مملكة الظلمة ومملكة النور الإلهية.

يوحنا 8: 12

12 ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلاً: أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ (زوي، حياة الله).

يوحنا 12: 35، 36، 46

35 … سَيَبْقَى النُّوْرُ مَعْكُمْ زَمَانًا قَصِيْرًا بَعْدُ، فَسِيْرُوا مَادَامَ النُّوْرُ مَعْكُمْ، وَقَبلَ أَنْ تُدرِكَكُمُ الظُّلْمَةُ. لأِن السَّائِرَ فِي الظُّلمَةِ لاَ يَعْلَمُ إلَى أَيْنَ يَتَّجِهُ.

36 آمِنُوا بِالنُّوْرِ مَادَامَ مَعَكُمْ، فَتَصِيْرُوا أَوْلاَدَ النُّوْرِ…

46 لَقَدْ جِئْتُ نُورًا لِلعَالَمِ، فَكُلُّ مَنْ يُؤمِنُ بِي لاَ يَبْقَى فِي الظَّلمَةِ.

أفسس 5: 14

14 لِذلِكَ يَقُولُ: اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ (الظلمة الروحية) فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ.

رومية 13: 12

12 َقدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ.

2 كورنثوس 6: 14

14 لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟

1 يوحنا 1: 5- 7

5 هَذِهِ هِيَ الرِّسَالَةُ الَّتِي سَمِعنَاهَا مِنهُ، وَنَحنُ نُعلِنُهَا لَكُمْ: اللهُ نُورٌ، وَلاَ يُوجَدُ فِيهِ ظَلاَمٌ عَلَى الإطلاَقِ.

6 إنْ قُلْنَا إنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ، وَوَاصَلْنَا السَّيْرَ فِي الظَّلاَمِ، فَإنَّنَا نَكذِبُ وَلاَ نَتْبَعُ الحَقَّ (النور).

7 لَكِنْ إنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا أَنَّ اللهَ هُوَ فِي النَّورِ، عِندَهَا نَشتَرِكُ بَعضُنَا مَعَ بَعضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ اِبنِ اللهِ يُطَهِّرُنا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ (ظلمة).

مجدًا لله.. أكثر الشياطين قوة ليس لديهم سلطان ليتسلطوا على المؤمنين الذين يسلكون في نور الكلمة ولا يعطون إبليس مكان. يستطيع المؤمنون أن يسلكوا في النور فلا يقعوا فريسة لإبليس.

في الحقيقة، كلما أزداد المؤمنون في معرفة كلمة الله، كلما حل النور والحرية. فمعرفة كلمة الله تجلب النور (مزمور 119: 130)، والمعرفة الكتابية هي التي تحررنا في كل نواحي حياتنا.

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية  www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries  ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

1 Comment

  1. Christiane Fernand Bahgat Sharawy

    لم أكن أعلم عن السماويات كثيرا الان اعرف انه مكان تواجد ابليس وقوه الشر الروحية. ولكن مجدا لله فيسوع الان وبعد الصليب جلس هناك واجلسنا معه واعطانا سلطان عليهم.
    وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، (أف 6:2)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$