القائمة إغلاق

الشهادة الداخلية Inner Witness

الأصوات في القيادة بالروح

أولا: الشهادة الداخلية

“الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا…” (رومية 16:8).

سوف تجد أن قيادة الشهادة الداخلية لك هي الطريقة الأولى أو الأساسية التي بها يقود الله كل أولاده.

دعوني أرجع – كما قلت لكم في بداية هذا الكتاب – إلى ما قاله لي الرب يسوع في فبراير 1959 عندما كنت في “الباسو El Paso” بولاية “تكساس”. كان  ذلك في السادسة والنصف مساءا. بينما كنت أدرس وأنا جالساً على الفراش مفتوح العينين. (هناك ثلاثة أنواع من الرؤى. أسمى أنواعها هو الرؤية الواضحة بالعيان، حيث يشعر الشخص بكل حواسه الجسدية وعينيه مفتوحتين. إلاَّ أنه يقيّد كل قدراته الجسدية ويدخل إلى دائرة الروح).

سمعت صوت خطى أقدام. كان باب حجرتي شبه مفتوحاً بين أثني عشر وأربعة عشر بوصة، فنظرت لأرى مَن القادم إلى حجرتي. توقعت أن أرى شخصاً مجسماً، ولكن عندما نظرت لأرى مَن كان بالباب، رأيت يسوع. أحسست برهبة وكأن شعر رأسي قد وقف وإمتلأ جسدي كله بالقشعريرة. كان يرتدي رداءً أبيض اللون. وينتعل ب “صاندل sandals” روماني الطراز. (ظهر لي يسوع ثماني مرات. وفي كل مرة, كان حافي القدمين عدا هذه المرة. لذا فقد كان وطء أقدامه هذه المرة هو ذلك الصوت الذي سمعته وهو يقترب إلى باب الحجرة). كان طوله 5 أقدام و11 بوصة تقريباً. وكان وزنه يبدو وكأنه 180 رطلاً.

دخل من الباب ورده إلى الخلف حتى أغلقه تقريباً. ثم سار إلى حافة فراشي. كنت أتبعه بعيني وأنا معقود اللسان. أخذ مقعداً وقربه من فراشي. جلس عليه، وكَتَف يديه وبدأ حديثه معي قائلاً: “قلت لك البارحة وأنت في السيارة…”.

كانت السيارة التي تقلنا أنا وزوجتي مزدحمة بركاب آخرين. وكما جلس يسوع بجانب فراشي، هكذا سمعت بوضوح روح الله يتحدث إليّ. لدرجة أني ظننت أن كل من كان في السيارة قد سمع ما سمعته أنا. فسألتهم: “هل سمعتم جميعكم ذلك؟”. فأجابوا “كلا، لم نسمع أي شيء”.

أنبياء العهد القديم كانوا يقولوا “وجاءت إليّ كلمة الرب قائلة…”. هل تساءلت أبداً كيف كانت تأتي كلمة الرب. لم يكن من الضروري أن يُسمع الكلام حرفياً، لأنه لو كان الأمر كذلك لَسَمع كل الحاضرين في المكان ما يُقال، وبالتالي فلم يكن من الضروري أن يخبر النبي الشعب بما يقوله الروح القدس!! لكن كلمة الرب كانت تأتي إلى روح النبي بواسطة روح الله. وهذا ما جعلها مسموعة بوضوح في ذلك الوقت. كانت كلمة الرب حقيقية بالنسبة لي، لدرجة أني أعتقدت أن كل من كان معي بالسيارة آنذاك قد سمع أيضاً.

وبينما كان يسوع يجلس إلى جانبي قال: “لقد تحدثت معك منذ يومين في السيارة وأخبرتك بأمور محددة. قلت لك، أنه بواسطة روحي سوف أتكلم معك فيما بعد بطريقة أبعد، لذلك أتيت لأتحدث معك عن هذا”.

كان هذا يختص بخدمة النبي. جلس يسوع على الكرسي المجاور لي وظل يتحدث معي لمدة ساعة ونصف. وتحدثت أنا أيضاً معه. وسألته أسئلة تتعلق بما قد قاله. وأجابني عليها. لن أسرد كل ما قاله لي عن خدمة النبي، فهذه رسالة أخرى. ولكنني سوف أذكر البعض عنها.

قال لي يسوع: “إن النبي في العهد الجديد يشبه إلى حد كبير النبي في العهد القديم، فالنبي في العهد القديم كان يسمّى “رائي” لأنه كان يرى ويعرف أموراً خارقة للطبيعة. وهكذا الحال مع النبي في العهد الجديد أيضاً؛ فهو يرى ويعرف أموراً خارقة للطبيعة. إلاّ أن النبي في العهد الجديد ليست له مكانة النبي في العهد القديم، وهكذا فأنا لا أضع أنبياء في الكنيسة لإرشادها وقيادتها. فالمؤمن في العهد الجديد لا يحتاج أن يبحث عن الإرشاد من خلال الأنبياء. ربما يحصل على قيادة إرشاد بواسطة أنبياء ولكن ليس عليه أن يبحث عنه، فهذا الأمرغير كتابي. إن خدمة النبي في العهد الجديد هو أن يؤكد فقط ما قد سمعه الآخرين بالفعل في أرواحهم .

“ففي العهد القديم، كان الكاهن، والنبي، والملك فقط هم الذين يُمسحون بالروح القدس ليقوموا بهذه  المهمة – بينما هؤلاء الذين يطلق عليهم العلمانيون لا يتمتعون بروح الله عليهم أو فيهم. لذلك كان الشعب في العهد القديم يبحث عن الإرشاد من خلال الأنبياء لأن لديهم روح الله”.

ولكن شكراً لله، لأننا في العهد الجديد لا نتمتع بروح الله علينا فحسب، بل بروح الله الذي فينا!

قال يسوع لي أيضاً: “لم يُكتب في العهد الجديد أن (كل الذين ينقادون بالأنبياء فأولئك هم أبناء الله)، بل مكتوب أن (كل الذين بروح الله فأولئك هم أبناء الله)” (رومية 14:8).

ثم قال “إن الطريقة الأولى، والأساسية التي أقود بها كل أبنائي هي من خلال الشهادة الداخلية. سأعلمك هذا حتى لا تقع في نفس الأخطاء التي قد وقعت فيها من قبل”.

ثم شرح يسوع لي أنه لكي يقوم إنسان بمهمة النبي، عليه أولاُ أن يُدعى إلى تلك الخدمة بدعوة من الله لحياته. ثانياً يجب أن يكون لديه على الأقل موهبتين من مواهب الإعلان – مثل كلام حكمة، وكلام علم، وتمييز أرواح – بجانب موهبته التنبوء التي تُستخدم في خدمته.

ثم وجّه إنتباهي إلى شيء حدث لي منذ ثلاثة أيام مضت، عندما كنت جالساً أكتب خطاباً إلى قس لأحدد وأؤكد له تاريخ الاجتماع الذي كنت سأقيمه عنده. وفي اليوم الأول كتبت ما يقرب من نصف صفحة، ثم مزقتها وقذفت بها في سلة المهملات. وفي اليوم الثاني والثالث فعلت ذات الشيء عينه. ثم كان اليوم الذي وقف فيه الرب يتحدث معي هنا في الحجرة.

قال يسوع “أنت تراني أجلس معك هنا وأتحدث إليك. هذا هو إظهار الروح ويسمى بتمييز الأرواح هو رؤية ما هو بداخل مجال الروح. أنت تراني وتسمعني أتكلم. أنني أعطي لك، من خلال الرؤية، كلام حكمة وكذا كلام عِلم. إنني أقول لك لا تذهب إلى تلك الكنيسة. فالراعي لن يقبل الطريقة التي تخدم بها. ولكنني لن أقودك بمثل هذه الطريقة مرة أخرى. (لقد مرَّ على هذا بضعة سنوات ولم يتكرر هذا الأمر ثانية). ومن الآن فصاعداً سأقودك من خلال الشهادة الداخلية. تلك التي تمتعت بها في كل وقت. فأنت قد أخذت شيئا في روحك… ضوء إنذار وهذا هو السبب الذي جعلك تمزق الخطاب ثلاثة مرات. لم يكن حتى مجرد صوت يقول لك “لا تذهب” بل كان فقط بصيرة داخلية.

ثم ذكّرني يسوع بدعوة أخرى. لقد وعظت في إحدى مؤتمرات الكنيسة الخمسينية في السنة الماضية. ثم طلب مني بعد ذلك كل الرعاة تقريباً أن أذهب إلى كنائسهم لعقد إجتماعات. لقد تلقيت مئات الدعاوي.

توجه إليّ زميل يقول “يا أخ هيجين، هل ذهبت إلى كنائس صغيرة من قبل؟”

أجبته “إني أذهب إلى أي مكان يقودني إليه الرب”.

حسناً، إن عددنا يوم الأحد يتراوح ما بين سبعين وتسعين شخصاً. فإذا ما تكلم إليك الرب أي وقت عن ذلك، فنحن نريد أن تأتي إلينا”.

تجاهلت هذا الحديث كما تجاهلت العديد من الأحاديث الأخرى. ويوماً ما، وبعد مرور بضعة أشهر، بينما كنت أصلي في الكنيسة من أجل خدمتي في تلك الأمسية، تذكرت تلك المحادثة الأخيرة. وإستمر إتيان ذلك الحديث إليّ يومياً. أخيراً، حوالي ثلاثين أو أربعين يوماً، سألت الرب قائلاً: “هل تريدني أن أذهب إلى تلك الكنيسة الصغيرة لإقامة إجتماع هناك؟”

وكلّما صلّيت من أجل هذا الأمر، كلّما إنشغلت به أكثر، أو شعرت بشيء ما في داخلي. لم يكن هذا مجرد إحساس بالجسد، ولكنه كان شعور ما في روحي.

وأشار يسوع إلى هذا وهو يجلس بجانب الفراش قائلاً: “كلّما فكرت في هذا الأمر، كلّما إزداد شعورك به. فأنت لديك في داخل روحك شعور ناعم الملمس مثل ملمس القطيفة. وهذا هو الضوء الأخضر. هذه هي إشارة الأمان للتحرك. هذه هي شهادة الروح للذهاب. والآن أنت تراني أجلس هنا، وتسمعني أتحدث إليك، وأقول لك إذهب إلى تلك الكنيسة. ولكنني لن أقودك بمثل هذه الطريقة مرة أخرى (وهذا ما حدث بالفعل). بل من الآن فصاعداً، سأرشدك كما أرشد كل المؤمنين الآخرين – من خلال الشهادة الداخلية”.

ثم قال ليّ الرب أمراً ليس فقط لفائدتي، بل لفائدتكم أيضاً: “إذا كنت ستتعلم أن تتبع الشهادة الداخلية، فسأغنيك. سأرشدك في كل أمور حياتك المادية والروحية أيضاً. [قد يظن البعض أن الله يهتم بالأمور الروحية فقط. ولكنه في الواقع يهتم بأدق التفاصيل والأمور التي نهتم نحن بها]. فأنا لا أعارض كوْن أولادي أغنياء، ولكن ما أعارضه هو أن يصيروا جشعين”.

لقد إتبعت الشهادة الداخلية وفعلت ما قاله لي بالضبط. فجعلني غنياً. سألني أحد الأشخاص قائلاً: “هل أنت مليونير؟”

لم أقل هذا. فالبعض لا يدركون المعنى الحقيقي لكلمة “غنى”. فهذه الكلمة تعني تسديد كافة الإحتياجات؛ تعني إمداد بفيض. إنني أختبر ما هو أكثر من مجرد تسديد كافة الإحتياجات. ولديّ أكثر من الإمداد الوفير. وذلك لأنني تعلمت أن أتبع قيادة الروح بالشهادة الداخلية.

وما قد فعله الله معي سيفعله أيضاً معك. لن يحدث هذا في ليلة واحدة، أو في أمسية الأحد المقبل. ولكن  كلّما تعلمت كيف تدرب روحك وتتبع الشهادة الداخلية، كلّما قادك الله في كل مجالات حياتك.

أعرف رجلاً في ولاية “تكساس”. لم يبلَي حذاءه قط حتى بلغ الثانية عشر من عمره. وكان قد أنهى فقط السنة الخامسة من التعليم. ولكنه كان مليونيراً في ذلك الوقت الذي فيه كانت النقود نقوداً.”

قال لي رجلين مختلفين تماماً أحدهما من “كاليفورنيا” والآخر من “مينوسيتا” – اللذان كانا ضيوفاً على منزل ذلك الرجل باستمرار – بأنه قال لهما نفس الشيء.

“طوال هذه السنوات بالإستثمار [كانت هذه هي الوسيلة التي كوّن بها ثروته]، قال لهم لم أفقد ولا حتى عُشر دولار أمريكي”.

هذه الرجل فاق من سبقه. فماذا عنك أنت؟

قال “كل ما إستثمرته ساعدني في تكوين ثروتي”. قالها لكليهما في مناسبات مختلفة. ثم قال لهما معاً كيف حدث هذا.

“إنني أفعل هذا دائماً. عندما يعرض على شخص فكرة لأستثمرشيئا، يكون أول رد فعل لي بالإيجاب. والآن أعرف ما قاله يسوع [متى صليت أدخل مخدعك]، لم يكن يعني بالضرورة أن تدخل بالفعل إلى مخدعك لتصلي. أعلم أن ما كان يعنيه من هذا بالنسبة لنا هو أن نغلق على أنفسنا من تلك المؤثرات الخارجية. مع أنني أمتلك مخدعاً كبيراً في حجرة النوم لأصلي فيه. أذهب إلى هناك وأنتظر وقت كافِي حتى أسمع ما يقوله الروح لي. أحياناً أنتظر لمدة ثلاثة أيام. وأنا لا أعني بهذا أنني أقضي هناك 24 ساعة في اليوم. فأنا قد أخرج وأتناول وجبة واحدة فأنا عادة أقصد أن لا أتناول بعض الوجبات. وقد أخرج وأنام قليلاً. ولكن معظم الوقت أقضيه في الإنتظار، فقط بمفردي، مع نفسي، حتى أعرف ما سأفعله وذلك عن طريق الشهادة الداخلية.

“أحياناً يقول ذهني [آه، كم ستكون غبياً إذا ما وضعت أموالك في هذا. ستفقد حتى قميصك]. ولكن قلبي يقول: [تقدم وإستثمرها]، فأفعل ذلك. وبهذه الطريقة طوال تلك السنوات لم أفقد أبداً أي شيء.

“ثم يأتي إليّ رجل آخر بصفقة فيقول ذهني [إنه من الأفضل أن تدخل في هذه الصفقة] – ولكنني لا أذعن إليه. فأدخل إلى مخدعي وأناظر. أحياناً أنتظر الليل كله – أصلي وأقرأ في كتابي المقدس، ولكن أحياناً كثيرة أنتظر فقط. أنتظر وأهداً حتى أسمع ما يقوله قلبي داخلي. فعندما يقول قلبي [لا، لا تفعل هذا]، ويقول ذهني [نعم من الأفضل أن تفعل ذلك]. فإنني لا أفعل”.

ماذا فعل هذا الرجل؟ لقد تعلّم أن يتبع الشهادة الداخلية، فقاده الله وأعطاه إرشاداً في عمله. حتى أواخر الثلاثينات وأوائل الأربعينات كان يمتلك 2 مليون دولار. إن هذا لا يعني الكثير الآن، ولكنه كان كثيراً جداً آنذاك.

هل تعتقد أن الله أحب ذلك الإنسان أكثر منك بالطبع لا، ولكن هذا الإنسان صرف وقتاً طويلاً ينصت إليه ويستمع إليه.

بينما كنت مع مجموعة من الخدام نتجاذب أطراف الأحاديث الجانبية، سأل أحدهم واحداً من أنجح الخدام قائلاً: “والآن، نحن نعلم أنك مدعو من الله، وأن مسحة روح الله عليك. ولكن من وجهة نظرك الخاصة، هل هناك شيئاً فعلته تستطيع أن تقول أنه قد ساهم في نجاحك أكثر من أي شيء آخر؟”

فأجاب ذلك الخادم قائلاً: “إنني دائماً أتبع أحاسيسي الداخلية العميقة”.

ماذا كان يقول؟ كان ببساطة يقول: “إنني دائماً أستمع إلى روحي، وأفعل ما تقوله لي روحي أن أفعله. إنني أتبع تلك الشهادة الداخلية”.

إن الشهادة الداخلية لهو أمر خارق للطبيعة كالإرشاد من خلال رؤى أو ما هو إلى ذلك. إن الأمر ليس أمراً مشهدياً (يُثير الإعجاب).فالكثير من الناس يبحثون وينظرون إلى تلك الأمور المُلفتة  للنظر ويفقدون كل ما هو خارق للطبيعة، والذي هو متاح لهم هناك كل الوقت.

كذلك يعرف الخلاص

“مَن يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه…” (1 يوحنا 10:5).

“لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله” (رومية 14:8). يمكن أن يتوقع أبناء الله أن ينقادوا بروح الله. هللويا! إنهم لا ينقادون بواسطة شخص آخر يقول لهم ما ينبغي أن يفعلونه. إن الروح القدس هو الذي يقودنا. فلدينا آيات الكتاب المقدس التي تقول لنا كيف يقودنا؟ إن الآية السادسة عشر هي المفتاح: “الروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله” (رومية 16:8).

إن أعظم حدث في الحياة، وأهم شيء يمكن أن يحدث لك – لما تصبح ابناً لله – هو أن يسمح لك الله بأن تعرف أنك أنت إبنه وذلك بروحه الذي يشهد لروحك. وبعد ذلك تستطيع أن تدرك أن أول وأهم طريقة سوف يقودك الله بها هي تلك الشهادة الداخلية.

فأنت لم تعرف أنك ابن لله بسبب أن أحد الأشخاص قد تنبأ لك بهذا. فلو كان الأمر كذلك لما كنت قد قبلته. فأنت لم تعرف أنك ابن لله لأن أحدهم قال لك: “أنا أشهد بذلك”. فأنت لا يمكنك أن تقبل ذلك. كما أنك لست ابناً لله لأنك رأيت رؤية. ربما تكون رأيت رؤية أو لم تري، ولكن الرؤية ليست بالأمر الذي يجعلك إبناً لله. فهذا ما لم يقله الإنجيل، فهذه ليست الطريقة التي بها تعرف أنك ابن لله.

إذاً ماذا يقول الإنجيل عن كيفية معرفتنا بأننا أولاد الله؟ يقول أن روحه، أي روح الله، يشهد لأرواحنا.

أحياناً لا تستطيع أن توضح أو تشرح كيف عرفت حقاً أنك صرت ابناً لله، ولكنك فقط تعرف، من أعماقك الداخلية، تتيقن من ذلك! فأنت تعرف ذلك من خلال الشهادة الداخلية.

لقد حصلت على الولادة الثانية في 22 من أبريل عام 1933. وأنا في سن المراهقة، لما كنت طريح فراش المرض. ومنذ ذلك اليوم لم يساورني الشك مطلقاً بأنني لم أخلص بعد. وبالرغم من كوني مسيحياً حديثاً، إلا أنني لم أستمع لهؤلاء الذين قالوا لي: “أنت لم تخلص لأنك لم تتعمد بطريقتنا”. كما قدم لي العديد من الناس أسباباً أخرى وراء عدم إقتناعهم بحصولي على الخلاص.

ولكنني لم أنزعج قط من كل هذه الأقاويل. لقد سخرت منها لأن لدي الشهادة الداخلية! ولدي الحب!

“نحن نعلم أننا قد أنتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب…” (1 يوحنا 14:3).

جزة الصوف

“وأعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جديدة في داخلكم وأنزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم. وأجعل روحي في داخلكم…” (حزقيال 26:36-27).

في عام 1941 لم أكن أعرف الكثير بقدر ما أعرف الآن. أرجو أن لا تسيئوا فهمي؛ فأنا لا أعرف الكثير الآن بقدر ما سأعرفه فيما بعد. إنني أكره التفكير في أنني أعرف كل ما يمكن أن أعرفه في هذه الحياة عن الله وعن الكتاب المقدس. كلا، إننا لا نعرف كل شيء، ولكن شكراً لله على ما نعرفه الآن.

على أي حال، في عام 1941، كنت أنا وزوجتي نرعى كنيسة في وسط ولاية “تكساس” الشمالية. وطلبت مني كنيسة أخرى واقعة على حقل بترول بولاية “تكساس” الغربية أن أكون راعياً لها، فتوجهت إلى هناك ووعظت يوم أحد. سألتني الكنيسة إذا كان من الممكن أن ينتخبوني كراع لهم، فأجبتهم بالإيجاب، ثم عدت إلى المنزل بعد الإنتهاء من الخدمة، ووضعت جزّة صوف كعلامة.

لقد ولدت ونشأت رجلاً معمدانياً من الجنوب. وبدأت أعظ كرجل معمدانياً. تعمدت بالروح عام 1937 كواعظ معمداني. قبلت خدمة الرعوية عام 1939 لكنيسة خمسينية. وكان ذلك عام 1941  عندما طلبت مني هذه الكنيسة بولاية “تكساس” الغربية أن تعتبرني راعياً لها. تعايشت مع شعب خمسيني لفترة طويلة كافية آنذاك لأن تنضح علي أفكارهم الخاطئة. لا تسيئوا فهمي فيما أقول؛ فقد نضحوا عليّ وأثروا فيّ بأشياء جيدة أيضاً. ولكن هذا الشيء (المتعلق بجزة الصوف) لم يكن أمراً جيداً. لقد إستمريت أسمعهم وهم يتحدثون عن وضع جزّة الصوف كعلامة. ولذلك وضعت أنا أيضاً جزّة الصوف.

كانت معرفتي آنذاك أفضل، ولكن في ذلك الوقت كانت تلك الطريقة تبدو كما لو أنها ستوفر عليّ مشاكل كثيرة في الصلاة، والصوم، وإنتظار الله. لذلك وضعت جزة الصوف.

فعند وضع جزة الصوف، كان يصلي الشخص صلاة كهذه: “يا رب، إن كنت تريدني أن أفعل هذا – فافعل أنت ذلك”. أو يقول: “يا رب، إن كنت تريدني أن أفعل هذا، فاجعل هذا الشيء يحدث”. أو “يا رب، إغلق هذا الباب وافتح ذلك”.

إن بعض هذه الأبواب قد يغلقها الشيطان، والبعض الآخر قد يفتحها. فهي في سلطاته. والكتاب المقدس يسمي إبليس بأنه إله هذا الدهر (2 كورنثوس 4:4). وهذا يشبه ما نصليه قائلين: “يا رب إن كنت تريدني أن أذهب إلى ولاية “تكساس” الأسبوع القادم، فافتح أنت باب الأخ هيجين”. بينما يمكنني أن أفتحه بنفسي. فأنا أعيش هناك. وهكذا فإن إبليس يمكن أن يتحرك في مجال الشعور والأحاسيس.

لدى الله طرق في قيادة أولاده بطريقة أفضل من طريقة أخري قد  تحتمل الصواب والخطأ مثل جزة الصوف. إن العهد الجديد لم يقل “كل الذين ينقادون بجزة الصوف فأولئك هم أبناء الله”.

وقد يقول شخص نعم ولكن “جدعون قد استخدم جزة الصوف في العهد القديم”.

لماذا نعود إلى الوراء تحت مظلة العهد القديم؟ فنحن لدينا شي أفضل. إن العهد القديم هو للأموات روحياً. إنني لست مائتا روحياً. إنني حي! وروح الله في داخلي.

تذكّر أن جدعون لم يكن نبياً، ولا كاهناً. أو ملكاً. فأولئك الثلاثة فقط في العهد القديم، كانوا يُمسحون بروح الله. وروح الله لم يكن مُعلن بشكل شخصي لبقية الشعب.

لذلك كان على كل شخص أن يقدّم نفسه مرة في السنة أمام هيكل أورشليم، أما شكينة المجد – حضور الله – فكان قاصراً على قدس الأقداس فقط. ولكن بموت يسوع على الجلجثة، إنشق حجاب الهيكل، الذي كان يحجب قدس الأقداس من أعلى إلى أسفل. وخرج الله خارجاً. ومنذ ذلك الوقت لم يعد يسكن في منازل مصنوعة بالأيدي. بل فينا!

لذلك فإنه من الخطر في العهد الجديد، أن يستخدم المؤمنون الممتلئون بالروح جزات الصوف. فأنا أعرف ذلك من خلال كلمة الله. ومن خلال التجربة والإختبارات.

نعود مرة أخرى إلى عام 1941 بينما كنت أقود السيارة في طريق عودتي كنت أقول: “يا رب، إنني سأضع جزة صوف أمامك (لم أدرك آنذاك أنني لم أكن أضعها أمام الله). فإذا أنتخبوني راعياً لهم بنسبة مائة في المائة، فسوف أقبل هذا كإرادتك لي وسوف أقبل كوني راعياً الكنيسة”.

إنتخبني الجميع! وهذه كانت علامة جزة الصوف لي، إنتُخِبت بنسبة مائة في المائة. لم يفهموا قصد الله. ولم أفهمه أنا أيضاً. هم وضعوا جزة صوف، كما وضعتها أنا أيضاً. لقد كنت خارج إرادة الله الصالحة لي، ولكنه سمح لي أن أفعل ذلك.

إنتقلنا إلى المنزل المُعد للراعي. كانت معظم الأشياء أكثر راحة مما كنا عليه من قبل، وذلك من وجهة النظر الطبيعية. توفرت لدينا نقوداً أكثر. وسكنا في منزل أفضل. وقُدنا سيارة أفضل.

كل ما كان عليّ فقط هو أن أدرس وأصلي وآخذ رسالة وأكون دائماً مشتعلاً بالروح. ولكن في اللحظة التي خطوت فيها داخل باب الكنيسة، شعرت وكأن شخصاً ما قد صبَّ عليّ كمية من الماء البارد. وفقدت كل حرارة بداخلي. ففي خلال الأربعة عشر شهراً الذين قضيتهم هناك، لم أعظ عظة جيدة. ولم يوحي لي الله بأية رسالة.

رفضت زوجتي أن تقول أي شيء. ولكنها أخيراً قالت: “إنك وصلت إلى حيث يمكنك فقط أن تقول مجرد أحاديث جميلة جيدة”.

وهذا ما كنت أفعله بالحقيقة، فكانت عظاتي مجرد “أحاديث”. لم أكن أعظ. ولما جاء الوقت للرحيل رحلت. لم أكن في حاجة لأية علامة للرحيل. فتركت المكان في الحال.

وبعد ذلك كنت دائماً أود أن أعود إلى هناك لعقد ولو إجتماع واحد لأنني أردت أن يعرف الناس هناك أنني أعرف كيف أعظ. فهم لم يسمعونني من قبل وأنا أعظ. وأخيراً، وبعد مرور الوقت، ذهبت إلى هناك وقمت بنهضة. إنفتحت أفواه الشعب قائلين: “لم نكن نعلم أنك تعرف أن تعظ مثل هذا”.

أجبت قائلاً: “نعم، كنت أعظ هكذا قبل أن أكون راعياً، وكنت أعظ هكذا أيضاً بعدما تركت هذا المكان”.

“ولكن، أنت لم تكن تعظ بهذه الطريقة عندما كنت هنا”.

أجبت “كلا، لأننا كنا جميعاً خارج إرادة الله. لقد جئت إلى هنا وأنا خارج إرادة الله، وأنتم انتخبتموني دون إرادة الله”.

لقد تعلّمت هذا من جزة الصوف. يكفي أن يتعلم الإنسان من مرة واحدة. ولكن البعض يستمرون في وضع جزة الصوف كشيء إعتادوا القيام به حتى ولو لم تكن هناك نتائج لها.

لم أفعل هذا الشيء ثانية وأنا أتوجه إلى أية كنيسة لأكون راعياً لها. لم أضع أية جزة صوف من بعد هذا اليوم. تعلّمت أن أصلي وأنتظر أمام الله. وأتحدث إلى الله كثيراً بما فيه الكفاية حتى أعرف من داخلي ما يريدني أن أفعله.

إتبع الشهادة

“لأنك أنت تضيء سراجي. الرب إلهي يُنير ظلمتي” (مزمور 28:18).

تركنا تلك الكنيسة. ثم إن بعضاً من قادة طائفة أخرى قد طلبوا مناً أن نخدم في كنيسة أخرى بشكل مؤقت لملء فراغ موجود هناك، فوافقنا وفعلنا ذلك.

وبينما كنت أصلي في حجرة مكتبي، شعرت بتثقل لأن أرجع ثانية إلى الكنيسة التي كنت قد أتيت منها كنتيجة لعلامة جزة الصوف. شعرت بأنني لم أتمم ما أراده الله مني هناك.

وقد حدث هذا غالباً عندما كنت أصلي بألسنة، فإن روحي تصلي، لأن روح الإنسان هي سراج الرب – شعرت في هذا اليوم بتثقل شديد لهذه الكنيسة التي كنت قد تركتها منذ أكثر من عامين، حتى أنني كدت أقفز وأخرج من الحجرة لأفارق ذلك الإحساس.

وفي ذات مرة، وقفت بالشارع بالقرب من الكنيسة أسأل نفسي، “كيف خرجت من هناك؟” ولكي أخرج من هناك كان عليّ أن أخرج مسرعاً متجهاً إلى الباب الخارجي. ولكن لم أذكر أنني قد فعلت ذلك. ولكنني قد فعلت ذلك. ولكنني شعرت بتثقل لهذه الكنيسة، رغم أنني حاولت جاهداً أن أتجنب ذلك الإحساس. فلم أكن راغباً في العودة ثانية إلى هناك لأرعى الكنيسة.

أخيراً، وبعد مرور حوالي شهراً من الزمان من ذلك الموقف قلت: “يا رب، هل تكلمني للرجوع مرة أخرى إلى هذا المكان؟ هل تريد أن تقدم لي بعض الإرشاد؟” ثم قلت له: “تحدث إلى زوجتي. فهي تستطيع أن تسمع أيضاً.

وفي صباح أحد الأيام، بينما كنا نغسل الأطباق، قلت لزوجتي: “إن قال لك الرب أي شيء، دعيني أعرف”. ولم أقل لها أكثر من ذلك.

ثم أنتظرت شهراً آخر. فأحياناً تقتضي الأمور أن لا تكون متسرعاً في بعض الأشياء. فالكتاب المقدس يقول: “…من آمن لا يهرب” (إشعياء 16:28). إن الإيمان لا يمكن أن يكون بالعجلة. سوف يحاول إبليس أن يدفعك. سيقول لك: “هيا أسرع..أسرع..أسرع”. سيحاول أن يهز إيمانك، ويوقعك في الشك، وعدم الإيمان، ويخرجك خارج قيادة الله.

وبعد مضي ثلاثون يوماً، بينما كنت أغسل الأطباق وزوجتي تجففها، قلت لها: “هل تكلم إليك الله؟”.

قالت: “ربما، ولكنني لا أعلم الأمر بالضبط”.

حاولت أن ألقي   بعض الضوء على هذه النقطة حتى أساعدها. فقلت: “هل تحدّث لك الرب عن أي شيء يتعلق بالعودة إلى…؟” وذكرت لها إسم البلدة التي كانت تقع بها الكنيسة.

قالت: “آه، لقد ظننت أن هذا الأمر كان مجرد تفكير من تلقاء نفسي”.

أجبت: “حسناً، دعينا نحلل ما تعنيه أنتي من كلمة (من تلقاء نفسي)”.

فإذا كنتِي تعني الجسد، فإن هذا ليس صحيحا. ولكن إذا كنتِي تعني أنتِي حقاً، الإنسان الداخلي – الذي هو أنتي بالفعل – فإن هذا يعتبر صحيحاً. تذكر أن الروح سراج الرب. إذن فإن الأمر ليس انك فقط الإنسان الخارجي – بل إن الرب هو الذي يضيء سراجك – الإنسان الباطن أو الإنسان الداخلي.

قلت لزوجتي: “أريد أن أسألك سؤالاً، نتأكد هل هذا كان من الجسد، أم هو مجرد كلام طبيعي، هل تريدين الرجوع مرة أخرى إلى هذا المكان؟”

“آه! كلا”.

“إذا فالأمر ليس منك (ومن الأفضل أن نقول أنه ليس من الجسد، أو من الإنسان الطبيعي، أو من الإنسان الخارجي). فإنه من المستحيل أن تفكري في شيء لا ترغبين فيه”.

وهكذا فقد اختبرت الشهادة الداخلية كما اختبرتها أنا أيضا. فأحياناً تكون الشهادة الداخلية موجودة ولا يدركها الناس.

قلت لها: “إنني مقتنع بأن الله يقودنا في هذا الإتجاه. إنه الله من سيفتح لنا هذا المكان مرة أخرى لنذهب إلى هناك. فلنعطي له المجال ليفعل هذا”.

وهذا ما قام به الله بالفعل. ففي خلال شهور قليلة دعيت لأعظ في هذه الكنيسة لمدة أسبوع. دون أي تدخل أو مجهود بشري مني لإتمام ذلك. وبعد الإنتهاء من هذا الأسبوع عرضت عليّ لجنة الكنيسة أن أعود مرة أخرى راعياً لهم.

لم أقل لهم أنني أخذت شيئاً واضحاً من الله. ولكنني قلت “ربما آتي يوماً ما”.

قالوا: “لقد تحدثنا جميعنا معاً ونحن نريدك أن ترجع مرة أخرى”.

قلت: “حسناً، إنتخبوني أولاً. وسوف أقول لكم ما سأفعله بعد ذلك”.

فمن وجهة النظر الطبيعية، كنت أنا وزوجتي لا نريد أن نعود إلى هناك ثانية. فبالرغم من أننا قد أحببنا الناس، إلا أننا لم نكن نريد أن نعيش في هذه البلدة. وفي هذا المنزل. كنت أبغي طاعة الله من كل قلبي، إلا أن كل شيء من ناحية جسدي كان يرفض هذا الأمر. فمن جهة الإنسان الطبيعي، أو الإنسان الخارجي، أو بتفكيري الإنساني الطبيعي وبذهني، لم أكن أريد الرجوع ثانية إلى هذا المكان.

لقد واصلت الصلاة والصوم بينما كانت لجنة الكنيسة ترتب كل الإستعدادات اللازمة وتنشر الإعلانات من أجل الإنتخابات. كنت أقول للرب بالفعل أنني لا أريد أن أثق في الشهادة الداخلية التي شعرت بها أنا وزوجتي.

كان هذا هو اليوم الثالث من صيامي. كنت أريد أن يتحرك الرب بطريقة واضحة وعلنيّة – كنت أريد كلمة، ألسنة وترجمة، نبوة، أو حتى يكتب الله على صفحة السماء ويقول: “إذهب إلى هذا المكان”. كنت ساجداً على ركبتيّ صارخاً ومتوسلاً – لأنني لم أكن أعرف طريقة أفضل من هذا.

إن الله يقود أيضا عن طريق الصوت الداخلي كما يقود بالشهادة الداخلية. قال لي هذا الصوت الداخلي: “أخرج من هنا وكُف عن هذا”.

وقفت. ثم قلت للرب: “لو كنت تعطيني بعض العلامات الخارقة للطبيعة، لكنت أشعر بحالة أفضل”.

قال “أنت تملك كل ما سأعطيه إياك. فأنت لا تحتاج لأي علامة خارقة للطبيعة. أنت لا تحتاج لأية كتابات على صفحة السماء. ولا تحتاج لألسنة وترجمة. أو لأي نبوة. فأنت تعلم في داخلك ما ستفعله. فافعله الآن”.

قلت: “حسناً، سأفعله”.

نحن نتجاهل الشهادة الداخلية في الكثير من الأحيان. فنبحث عن شيء في الدائرة المحسوسة. نبحث عن تلك الأحاسيس ونفقد بذلك أمور الله الخارقة للطبيعة.

ولكن دعونا نتعلم أن الله يقود كل أولاده، أولاً وقبل كل شيء، من خلال الشهادة الداخلية.

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية  www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries  ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$