القائمة إغلاق

جالسون مع المسيح Seated With Christ

نجد في إنجيل متى 18:28 مثلاً آخر على دقة الترجمة العربية للكتاب المقدس وتقيدها بالنص الأصلي. تقول الآية: “فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض”.

بينما تستبدل إحدى الترجمة الإنجليزية لهذه الآية كلمة “سلطان” بكلمة “قوة”.

عندما صعد المسيح نقل سلطانه إلى الكنيسة. المسيح هو رأس الكنيسة والمؤمنون يشكلون الجسد. ينبغي لسلطان المسيح أن يدوم ويستمر من خلال جسده الذي على الأرض (يستخدم الرسول بولس في رسالته إلى أفسس وفي رسائله الأخرى الجسد البشري كإيضاح لجسد المسيح).

إن المسيح جالس عن يمين الآب – مركز السلطان، ونحن جالسون معه أيضاً. إن كنا نُلم ولو إلماماً قليلاً بالتاريخ لأدركنا أن الجلوس عن يمين الملك أو الباب إنما يعني السلطان. ونحن قد متنا مع المسيح وأقمنا معه. فهذا شئ لا ينتظر الله إتمامه في وقت ما في المستقبل لأنه قد أتم إنجازه بالفعل.

عمل شدة قوة الله

مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هون غنى مجد ميراثه في القديسين وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السماويات فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضاً وأخضع كل شئ تحت قدميه وإياه جعل رأساً فوق كل شئ للكنيسة التي هي جسده ملء الذي يملأ الكل في الكل” (أفسس 18:1-23).

لاحظ العدد التاسع عشر على وجه الخصوص، “وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته” وبمعنى آخر كان هناك عرض غامر لقوة الله في إقامة المسيح من الأموات بحيث كان هذا العمل أروع وأعظم أعمال الله التي سجلها لنا الوحي!

لقد قاوم إبليس وكل جحافه قيامة المسيح، إلا أنهم أصيبوا بالبلبلة ومنوا بالهزيمة أمام المسيح يسوع الذي قام وصعد وهو الآن جالس عن يمين الآب السماوي متعالياً عليهم.

هل تذكر الآية في كولوسي 15:2؟ “إذ جرد (المسيح) الرياسات والسلاطين أشهرهم جهاراً ظافراً بهم فيه (بموته ودفنه وقيامته)”.

تلك هي قوات الشر ذاتها التي علينا أن ننازلها، وشكراً لله أن المسيح دحر تلك القوات وهزمها هزيمة ماحقة. تقول بعض الترجمات الإنجليزية للكتاب المقدس أنه “دمرها وشلّ حركتها تماماً”.

كان الملوك المنتصرون في العصور الغابرة يعودون إلى أوطانهم ومعهم أسرى الحرب في موكب عرض للتشهير الجهاري بهم. وهذا عين ما فعله المسيح مع إبليس إذ إنتصر عليه وأشهره أمام ثلاثة عوالم – السماء والجحيم والأرض – وقد سجل لنا الله هذا الحدث في الكتاب المقدس حتى يتسنى لنا في هذا العالم أن نعرف ما قد حدث.

يرينا الله أن نعرف الأحداث المرتبطة بموت ودفن وقيامة المسيح يسوع وجلوسه عن يمين عرش العظمة في الأعالي. كما يريدنا أن نعرف بأنه قد وضع المسيح “فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يسمى…” (أفسس 21:1).

مصدر سلطاننا

يكمن مصدر سلطاننا في قيامة المسيح وتمجيده من قبل الله. لاحظ أن الروح القدس، في العدد الثامن عشر يصلي من خلال الرسول بولس بأن تستنير عيون آذهان – أي أرواح – أهل أفسس وتنفتح لتلك الحقائق. أراد الروح بأن تستنير عيون أذهان كافة الكنائس – كل المؤمنين. ومع ذلك فإن الحق المتعلق بسلطان المؤمن يُغفل من قبل العديد من المسيحيين. بل الحقيقة هي أن معظم الكنائس لا تدرك أن للمؤمن أي سلطان على الإطلاق!

لا يمكنك أن تفهم سلطان المؤمن بعقلك أو حكمتك المجردة، بل عليك أولا أن تنال الإعلان الروحي عنه وأن تصدقه بالإيمان.

وأنتم إذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا التي سلكتم فيهم فينا قبلاً حسب دهر هذا العالم حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية الذين نحن أيضاً جميعاً تصرفنا قبلاً بينهم في شهوات جسدنا عاملين مشيئات الجسد والأفكار وكنا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضاً. الله الذي هو غني في الرحمة من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح. بالنعمة أنتم مخلصون. وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع ليظهر في الدهور الآتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع” (أفسس 1:2-8).

من الجدير بالذكر الإشارة هنا بأن الآية في العدد الأول جاءت في الأصل اليوناني تقول “وأحياكم أنتم إذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا…” ولكن في الترجمة العربية لهذه الآية حذفت كلمة “أحياكم”.

يقول الروح القدس هنا من خلال الرسول بولس: “حسب عمل شدة قوته الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات…” “وأحياكم أنتم إذ كنتم أمواتاً…” (أفسس 20:1، 1:2). ولابد لنا هنا بأن نشير أيضاً أن الفعل المستخدم في الأصل في أفسس 20:1 للدلالة على إقامة شعب الله أيضاً. وبمعنى آخر فإن عمل الله الذي أقام المسيح من الأموات أقام وأحيا جسده أيضاً. فحسب فكر الله، حين أقيم المسيح من الأموات أقمنا نحن أيضاً من الأموات.

دعونا نمضي قدماً لنقرأ من الإصحاح الثاني، “ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح… وأقامنا معه في السماويات في المسيح يسوع” (أفسس 5:2-6). تتناول هذه الفقرة منح هذا السلطان.

لاحظ بأن الرأس (المسيح) والجسد (الكنيسة) أقيما معاً. ولاحظ أيضاً بأن هذا السلطان لم يُمنح للرأس وحسب بل وللجسد أيضاً، لأن الرأس والجسد هما واحد. (فعندما تفكر في شخص ما فأنت تفكر فيه ككل ولا تفرق بين رأسه وجسده.

تؤمن الكنائس المختلفة بأننا أقمنا مع المسيح. فلماذا لا تؤمن أيضاً أننا أجلسنا معه في السماويات؟ فإذا كان شطر من هذه الآية صحيح فلابد أن يكون الشطر الآخر كذلك أيضاً.

لو أننا ككنيسة حصلنا أبداً على الإعلان بأننا نحن جسد المسيح فسننهض لنعمل أعمال المسيح! فحتى الآن لم نعمل أعمال المسيح إلا بقدر محدود.

عندما ندرك أن السلطان الذي يخص المسيح يخص أيضا أعضاء جسده أفراداً، وإنه متاح لنا، فعندئذ سيحدث تغيير أساسي شامل في حياتنا!

“لأنه كما أن الجسد هو واحد وله أعضاء كثيرة وكل أعضاء الجسد الواحد إذا كانت كثيرة هي جسد واحد كذلك المسيح أيضاً (ونحن المسيح لأن يدعو الجسد، الذي هو الكنيسة، المسيح) لأننا جميعاً بروح واحد أيضاً إعتمدنا إلى جسد واحد يهوداً فإن الجسد أيضاً ليس عضواً واحداً بل أعضاء كثيرة وأما أنتم فجسد المسيح وأعضاؤه أفراداً” (1 كورنثوس 12:12-14، 27).

نسكر الله أننا جسد المسيح!

“لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين. لأنه أية خلطة للبر والإثم. وأية شركة للنور مع الظلمة. وأي إتفاق للمسيح مع بليعال. وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن” (2 كورنثوس 14:6-15).

يُدعى المؤمن هنا بـ “البر”، بينما يدعى غير المؤمن بـ “الظلمة”، ويدعى المؤمن بـ “المسيح”، بينما يدعى غير المؤمن بي “بليعال”.

جالسون مع المسيح

تقول الآية في 1 كورنثوس 17:6 “وأما من إلتصق بالرب فهو روح واحد” نحن واحد مع المسيح، بل نحن المسيح – جسد المسيح. وقد أجلسنا عن يمين عرش العظمة في الأعالي وأخضع كل شئ تحت أقدامنا.

تمكن معضلتنا في أننا جعلنا “صليب” محير كرازتنا في حين يلزمنا أن نجعل “العرش” محور تلك الكرازة. أقصد بهذا أن الناس اعتقدوا بأن المفروض عليهم البقاء عند الصليب. حتى أن بعض الذين نالوا معمودية الروح القدس رجعوا أدراجهم حتى الصليب ثانية وظلوا قابعين هناك منذ ذلك الحين.

طالما رنمنا ترنيمة :في الصليب في الصليب”. نعم صحيح أننا في حاجة لأن نأتي الصليب لننال الخلاص، ولكن لا حاجة بنا أن نبقى عند الصليب. علينا أن نمضي قدماً إلى إختبار يوم الخمسين ومنه إلى الصعود ثم إلى العرش!

إن الصليب هو مكان الموت والهزيمة، أما القيامة فهي مكان الإنتصار، فإذا كرزت عن الصليب فأنت إنما تكرز عن الموت وتترك الناس هناك.

نعم لقد مُتنا، ولكننا أقمنا أيضاً مع المسيح وأجلسنا معه… إذاً هذا هو مكاننا الآن، جالسون مع المسيح في مركز السلطان في السماويات.

العديد من المسيحيين لا يعرفون شيئاً عن سلطان المؤمن. وهم في الحقيقة لا يؤمنون بأننا نمتلك أي سلطان على الإطلاق. يعتقدون بأنهم بالكاد قد حصلوا على الخلاص وأن عليهم أن يمضوا في الحياة وهم خاضعون لسيادة إبليس إذ لا حول لهم قوة. وهم بذلك إنما يعظمون إبليس أكثر من تعظمي الله.

نحن بحاجة لأن نُعتق من عبودية الموت ونسير في جدة الحياة. فنحن لم نعد عند الصليب. لقد مُتنا مع المسيح ولكنه أقامنا معه. المجد لله. تعلم كيف تتبوأ مركز سلطانك مع المسيح.

إن يمين عرش الله هو مركز قوة الكون بأسره! وإن حق ممارسة القوة الكامنة في هذا العرش قد أعطى للمسيح المقام,

نحن نعلم أن المسيح بجسده المقام موجود هناك مالكاً لكل حقوقه، منتظراً الوقت المحدد من الآب كي يُوضع أعداءه موطئاً لقدميه. تقول الآية في عبرانيين 13:1 “ثم لمن من الملائكة قال قط إجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك؟”

إن إرتفاع شعب الله مع المسيح إلى السماويات إنما هو إشارة واضحة إلى حقيقة كوننا جالسين معه مشاركين ليس عره فحسب بل وسلطانه أيضاً. ذلك السلطان هو ملكنا!

فلا عجب إذاً أن يقول الرسول بولس في رسالته إلى أهل رومية: “لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت (الروحي) بالواحد، فبالأولى كثيراً الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح” (رومية 17:5).

تقول عدة ترجمات إنجليزية للكتاب المقدس ومن ضمنها الموسعة بأننا “سنملك كملوك” . فهل يا ترى سيقتصر ملكنا على الوقت الذي نذهب فيه إلى السماء؟ كلا بل علينا أن نملك كملوك في الحياة بالمسيح يسوع. هذا هو السلطان. أليس كذلك؟ فمهما قال الملك أصبح قوله قانوناً، لأنه هو السلطان الأعلى – المرجع الأخير. نحن شركاء في سلطان عرش المسيح.

لقد مارس بعض منا سلطاناً على قوات الهواء أكثر من غيرنا وذلك لكوننا نتمتع بإدراك روحي أوسع. ولكن الله يريد لجميعنا أن ننال هذا الإدراك الروحي.

المحافظة على التوازن

صلّى الروح القدس من خلال بولس لأجلنا لنحصل جميعاً على الحكمة والفهم والسلطان على قوات الشر وعلى المعضلات التي تثيرها تلك القوات ن خلال تلاعبها المستمر بأفكار الناس والتأثير عليها.

يبدو أنه من الصعب جداً أن تجافظ الكنيسة على توازنها. فيمكنك أن تأخذ أي موضوع – حتى موضوعنا هنا، سلطان المؤمن – وتتطرف به فيصبح ضاراً ومجرداً من كل بركة.

خلص أحد الأشخاص وامتلأ بالروح القدس. كان إختباره صادقا، ثم ابتدأ بدراسة هذه الآيات التي ذكرت في موضوعنا هذا. فأخذ يفكر في نفسه قائلاً “إذا كنا نحن المسيح، فأكون إذا أنا المسي. ومادام المسيح هو الله، فأكون إذا أنا الله”. وهكذا أنشأ هذا الرجل مذهباً جديداً شائعاً جداً. وقد تعبد له الناس فدعى الأب الإلهي.

من السهل الجنوح عن الطريق القويم والتوغل في الإفراط والتطرف والتعصب. فيا حبذا لو أننا سلكنا منتصف الطريق وحافظنا على التوازن.

نال “يوحنا ألكسندر دوي” من أسكتلندا إعلاناً سماوياً حول الشفاء الإلهي حين كان يخدم في إستراليا في أواخر القرن الماضي. وقد عبر يوحنا دوي المحيط عدة مرات خلال حياته. وكثيراً ما هبت عليه العواصف وهو في المحيط. لكنه كان يقول بأنه كلما هبت عاصفة كان ينهج نهج المسيح فينتهر العاصفة فتهدأ.

ينبغي أن لا يأخذنا العجب في ذلك لأن المسيح قال: “…من يؤمن بي فالأعمال التي أعملها يعملها هو أيضاً ويعمل أعظم منها لأني ماض إلى أبي” (يوحنا 12:14). قد يسأل سائل: وما هي تلك “الأعمال الأعظم”؟ ولكن، دعونا نعمل أولاً الأعمال التي عملها المسيح ومن ثم نفكر في “الأعمال الأعظم”!

لم يقل المسيح أن هذه الأعمال تقتصر على أقلية مختارة من الناس دون سواهم، بل بالحري قال إنها في مقدر كل من يؤمن به.

فإذ ندرس ما تعلمه كلمة الله المقدسة ونثقف أرواحنا بخصوص سلطان المؤمن، فإني أؤمن بأننا سنتمكن من السير في هذا الحق العظيم أكثر فأكثر.

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية  www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries  ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$