القائمة إغلاق

حياتك هنا ستُؤثر على حياتك في الأبدية! Your Life Here Is Going to Affect on Your Life in The Eternity!

لسماع العظة على الساوند كلاود SoundCloud 

لمشاهدة العظة على الفيس بوك Facebook

لينك العظة على اليوتيوب YouTube

    ستتعلم مِنْ خلال دراستك لهذا الحق كيف تَنتبه لحياتك هنا على الأرض وكيف تُديرها طبقًا لمعايير كتابية مُحدَّدة، لأن هذه الفترة مِنْ عمرك ليست عابرة بالرغم مِنْ إنها كذلك مُقارنةً بالأبدية، كما أنها أساس لأبديتك.

☆بعض الأفكار المغلوطة عن حياتنا على الأرض:

    يوجد تعليم يقول إنّ الحياة على الأرض مؤقته فلا يجب أنْ يُنتَبه إليها، هذا صحيح في حالة إنْ كُنا نُعني بكلامنا ألا نتمسك بها، ولكنه خطأ حيث ينبغي عليك فَهْم مخزاها، ومِنْ الهام جدًا أنْ تكون حريصًا في كل خطوة تخطوها.

    كمَنْ يتعامل مع مراحل رياض الأطفال باستخفاف غير مُقَدِر لما يتم فيها مِنْ تأسيسٍ لكتابة الحروف وتركيب للكلمة، لذا تهتم الدول المتقدمة بمرحلة رياض الأطفال كغيرها مِنْ مراحل التعليم، فمرحلة التأسيس تُشبه مرحلة الزرع، ولذلك تجدها مُهمَلة عند مَنْ لا ينظرون للنهايات، وتسرَّبَ طريقة التفكير هذه إلينا فنظرنا للحياة على إنها مؤقتة، بالطبع لا يجب أنْ تتمسك بالعالم لأن محبة العالم عداوة لله (يعقوب ٤:٤) ولكن يجب أنْ تنظر لكل خطوة على إنها مهمة لما هو آتٍ.

    هناك نوعك مِن التعاليم ينص على أنّ جميع  المؤمنين سيتساوون في السماء؛ لأن الله يُحبنا جميعًا وهذا خطأ، لأنه إنْ كان كذلك لما قال الرب يسوع “…الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ…”(مت١١:١١)، إذًا يوجد أصغر وأكبر. وقال أيضًا “…مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيمًا …” (متى٢٠ : ٢٦). لذا بما أنّ الرب لديه معايير لهذا، إذًا يجب علينا أنْ نُدرِك أبعاد الأمور، والمعايير التي تقيس بها حياتك؛ لكي تفهم هل أنت تُؤسس لحياتك بطريقة صحيحة أم خاطئة!

    نستطيع أنْ نُحَدِد بوضوح أنّ حياتك على الأرض هي تأسيسٌ للحياة القادمة، إنْ تحركت بهذه النظرة حينئذ ستعرف كيف تنتبه لحياتك الحالية، فهناك مَنْ سيُفاجَئ أنّ إهماله لحياته الحالية أدى إلى أنه غير سعيدٍ في السماء -بلا شك لا يوجد مُكَدِرات في السماء لعدم وجود إبليس فيها- لكن هناك أدوارٌ في السماء مَبنْيّةً على ما قمت به هنا.

    طريقة سلوكك هنا بِدءًا مِنْ لحظة الميلاد الثاني -حيث تُعتَبر أُولى خُطواتك في ملكوت الله- أمرٌ في غاية الأهمية، فهذا القرار يُحدد أين ستقضي أبديتك، لكن لا تقف عند هذا الحد، بل استمر في البناء والتأسيس لما هو آتٍ، فمرحلة ما بعد الاختطاف هي مجدٌ أعلى، وبسلوك الأشخاص بطريقة صحيحة هُنا؛ يكونوا بذلك قد وضعوا أساسًا عظيمًا له.

☆يهتم الله بحياتنا على الأرض وفي السماء أيضًا:

    يهتم الله بتأسيس وبناء حياتك على الأرض بطريقة رائعة ومجيدة كاهتمامه بحياتك في السماء؛ لأنه يصنع كل شيءٍ  باتزانٍ، حتى وإنْ كان الرب يسوع غير موجود معنا بالجسد، فالروح القدس هنا ليضمن لنا هذه الحياة، فإنْ كان لك ابنٌ سافر ليتعلم في بلد ما أجنبية؛ فستبذلان قصارى جهدكما كأب و أم لتضمنا لهذا الابن أفضل شيء مِنْ سكنٍ ومعيشةٍ، فكم بالحري الله! لم يحتاج التلاميذ شيئًا عندما أطلقهم الرب للخدمة، رغم أنهم لم يأخذوا معهم شيئًا (لوقا ١٠ : ٤) وعند عودتهم سألهم الرب “هل احتجتم لشيء؟” أجابوه “لا” (لوقا ٢٢ : ٣٥)، وهذا يدل على أنّ صندوق الخدمة كان كافيًا ليَسُد كل حاجاتهم.

    هناك مُرسلون يحيون حياة التقشف اختياريًا، لكن ليس معنى هذا أنه لا يَملُك ما يكفيه، حيث يقول الكتاب إنه بإمكاننا أنْ نحيا بفيض ووفرة، وإنْ اعتبرّتَ هذا الكلام  على أنه غير  حرفي، إذًا لنعتبر تجسد الرب وصحبه غير حرفي أيضًا، لكن عندما يذكر الكتاب أنّ الرب يسوع قال شيئًا إذًا هو حرفي، وعليك بتوخي الحذر في أواخر الأيام مِنْ مُحاولات جعل الكتاب المقدس رمزيًا، فكلمة الله تؤكد حرفية الكلمة المكتوبة.

☆بعض الأدلة والإثباتات على أنّ حياتك هُنا تُؤثر على حياتك هناك:

  • أولا: الفرح

    ” ١٢ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ، ١٣ بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ. ١٤ إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ.” (١ بطرس ٤: ١٢-١٤).

    مِنْ إحدى الآيات التي تُثبت أنّ حياتك على الأرض تؤثر على حياتك هناك هو ما قاله الرسول في العدد الثالث عشر “افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ…” فما لم تتعلمه على الأرض ستحتاج لتتعلمه هناك.

    إنْ عكست الآية ستفهم أنّ مَنْ لا يفرح على الأرض لن يفرح في السماء؛ لأن هذا يؤثر على ذاك. بالطبع يوجد فرح في السماء نتيجةً لإزالة العوائق، ولكن هناك فرحٌ مبنيٌ على الكلمة، إنْ تحركت بفَهْم وإدراك لهذا الحق ستفيد حياتك القادمة.

        يتكلم الرسول بطرس هُنا عن الضيقة التي يَعبُر فيها المؤمنين وليس كما يُفَسِر البعض كلامه عن “البلوى المحرقة” إنها وفاة أحد الأقارب أو فقر ومرض، وهم يستندون في ذلك على الجزء الذي يقول” لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ،” وكأنّ الرب أصابهم بشيء ليمتحنهم، ولكنها تُعني “لكي تُظهر معدنكم” مثلما أقول لشخص يفهم في الطبخ أو تصليح الأجهزة “الموقف القادم سيظهر معدنك” هذا لا يُعني إنني مَن جعلته يحدث. بمعنى إنْ كنت تقول إنك تحيا للرب فهذا الموقف سيظهر معدنك الحقيقي ولا يشترط أنْ أكون أنا مَنْ أرسلته لك، لذا عليك بفهم ما إنْ كانت لغة الآية سَبَبية أم سماحية.

        يتضح كلام الرسول بطرس إنه يتحدث عن الاضطهاد مِنْ أجل المسيح وليس المشاكل في العدد الرابع عشر بقوله “إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ…” لأنه يوجد أشخاص يُرَحِبون بالمشاكل والأمراض -التي افتدانا منها يسوع- تحت مُسمى أنّ هذه هي البلوى المحرقة.

        تكشف كلمة الله عن وجود بركات مرسومة لمَنْ يتألم ويُضطَهد مِنْ أجل المسيح وهذا نفهمه مِنْ قول الرسول ” إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ…”، والأمر الثاني هو “رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ.” اللفظ الأكثر دقةً هو “روح الله المجيد، أو روح المجد الذي هو روح الله”.

    لفظ “يحل” لا يُعنَى به أنّ الروح القدس يحل ويُفارق، بل تأتي بمعنى “يريحكم، يُخيّم عليكم بالاستقرار”، فالمعني المقصود هنا هو: يحل ويستقر عليكم ويجعلكم تستقرون في ظل هذه الاضطهادات، ولأجل هذا تجد البعض يشهدون بأنهم يشعرون براحة رغم ما يعبرون فيه مِنْ اضطهادات، هذا هو عمل الروح القدس.

  • ثانيًا: أمانتك

    “فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ ” (متى ٢٥ : ٢١).

    كونك كنت أمينًا على القليل في الأرض؛ سَتُقام على الكثير في السماء، إذًا أمانتك هنا تؤثر على أمانتك هناك.

  • ثالثًا: إنكارك ليسوع ولكلمته

    “وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.” (متى١٠ : ٣٣)

    ليس فقط الفرح والأمانة هما ما يؤثران على حياتنا في السماء بل أيضًا الأعمال مِنها إنكار الرب فهي تؤثر على حياتنا هنا وهناك.

    يربط كثير مِنْ الناس هذه الآية بإنكار الإيمان بالرب يسوع، ولكن هذا ذروة الإنكار، حيث هناك إنكار آخر وهو إنكار لفِكْر يسوع أي لعقيدة كتابية ما رغم معرفتك بصحتها، وبسبب خوفك مِنْ الناس تخشى إعلان الحق، انتبه لأن يسوع سيتكلم عن إنكارك هذا أمام الآب!

••الإنكار لا يحدث فجأة بل يسبقه تَدرُّج وتَمرُّن:

    إنْ كان هناك ابن يرفض ويعصي كلام أبويه هذا تدريب وتمرين إلى أنْ يصل في يوم مِنْ الأيام ويترك بيت أبيه. نرى هذا في حياة يهوذا الإسخريوطي، تلميذ الرب يسوع، عندما تذمر على الرب في وقت كَسْر المرأة للطيب عند قدميه، وقال: “لماذا هذا الإتلاف؟ لماذا لم يُبَع هذا الطيب ويعطي للفقراء؟” وبدأ يُجيِّش التلاميذ ضد الرب يسوع (يوحنا ٤ : ٣←١٢) وكانت هذه هي نهاية هذا الشخص: «مَاذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُعْطُوني وَأَنَا أُسَلِّمُهُ إِلَيْكُمْ؟»! (متى ٢٦ : ١٥).

    تحدّث توما أيضًا بسخرية عندنا قال الرب يسوع عن لعازر إنه نائم، ثم قال إنه مات وسنذهب لنُقِيمه (يوحنا ١١ : ١٦)، هذا التلميذ نَفْسه لم يُصدِق قيامة الرب يسوع مِنْ الأموات، يُمكننا تتبع حياة بعض الأشخاص في الكتاب المقدس الذين تمرنوا على إنكار الرب ونري كيف إنهم لم يُوكلوا على مهام كبيرة فيما بعد، بسبب تمرنهم على إنكار الرب في زوايا معينة وليس شرط إنكار الرب يسوع شخصيًا، فهذا يأتي في نهاية المطاف.

  • رابعًا: تضحياتك لأجل الرب والإنجيل

“٢٩فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً، لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ،٣٠ إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا الزَّمَانِ، بُيُوتًا وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَدًا وَحُقُولاً، مَعَ اضْطِهَادَاتٍ، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ” (مرقس ١٠: ٢٩ – ٣٠ ).

“أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا … لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ”

    تُعني إنه وضع أولوية لهذا عن ذاك، ويؤكد الرب يسوع أنّ كل مَنْ سيصنع هذا سيُعوَض في هذا الزمان، وفي الدهر الآتي حياة أبدية، ولم يستطع شرح المزيد، لكن شرحه الروح القدس لنا مِنْ خلال التلاميذ، وخصوصًا الرسول بولس لسِعة استنارته فيما سيأتي، فتحدث عن كرسي المسيح، ويأتي بعده الرسول يوحنا مَنْ تتلمذ على يده هو ولوقا فنجده يتكلم ويقول:”…وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ.”(١ يوحنا ٢ : ٢٨). أما باقي تلاميذ الرب تمحوروا بالأكثر حول عقيدة موسى.

    لاحظ أنّ الرب يسوع لم يقُل إنّ الشخص الذي ترك زوجة سيأخذ عوضًا عنها واحدة أخرى، فبطرس كان مِنْ الذين تبعوا الرب، هل معنى ذلك إنه طلق امرأته؟ لا، وإنما تفرغ وانشغل مع الرب في الخدمة بدلاً مِنْ الصيد، ولكنه استمر مُتَزوجًا وله أسرته، وكان يزورهم بين الحين والآخر، لكن الكتاب لم يَذكر هذه التفاصيل لعدم سِعته، ومع ذلك تستطيع أنْ تستدل علي استمراره في ارتباطه مِنْ قصة شفاء حماته في (مت ٨ : ١٤ – ١٥).

   “مَعَ اضْطِهَادَاتٍ” سوف تُضطَهد لأنك تسير عكس التيار. المقصود بقول الرب “وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ” هو إنك ستُشرَف في السماء وليس فقط ضمان الأبدية، آه لو عَرِفَ المؤمنون هذا الكلام وأدركوا أنّ حياتهم هنا على الأرض سَتُؤثر على حياتهم هناك!

  • خامسًا: إيمانك

    “بِالإِيمَانِ مُوسَى، بَعْدَمَا وُلِدَ، أَخْفَاهُ أَبَوَاهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، لأَنَّهُمَا رَأَيَا الصَّبِيَّ جَمِيلاً، وَلَمْ يَخْشَيَا أَمْرَ الْمَلِكِ. بِالإِيمَانِ مُوسَى لَمَّا كَبِرَ أَبَى أَنْ يُدْعَى ابْنَ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ، مُفَضِّلاً بِالأَحْرَى أَنْ يُذَلَّ مَعَ شَعْبِ اللهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَتُّعٌ وَقْتِيٌّ بِالْخَطِيَّةِ، حَاسِبًا عَارَ الْمَسِيحِ غِنًى أَعْظَمَ مِنْ خَزَائِنِ مِصْرَ، لأَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْمُجَازَاةِ. بِالإِيمَانِ تَرَكَ مِصْرَ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ غَضَبِ الْمَلِكِ، لأَنَّهُ تَشَدَّدَ، كَأَنَّهُ يَرَى مَنْ لاَ يُرَى” (عب ١١ : ٢٣← ٢٧).

    بالإيمان موسى لما كَبَرَ رفض أنْ يُلقَب بأكثر الأسماء شرفًا في ذلك الوقت، يا تُرى مَنْ عَلَّمَه هذا وهو قد ترعرع في بيت مليء بالسحر ومُباح فيه فِعْل كل الخطايا دون تَقيُد؟ السبب وراء كل هذا هو التربية! تربية أمه يوكابد حيث ربته على الكلمة ومبادئ إبراهيم وإسحاق ويعقوب خلال فترة الرضاعة وما بعدها، لم يَكُن لديها عقيدة واضحة، لكن لديها صورة واضحة عن هذا الإله. هذه القصة دليلٌ على إمكانية تعليم طفلك مبادئ الكلمة حتى في الشهور الأولى مِنْ عمره، قد لا تراه مُتجاوبًا معك، لكن ستفاجئ فيما بعد إنه مُتذكر أشياءً كثيرةً منها.

    رفض موسى أنْ يكون له تَمتُع مؤقت بالخطية، وبالإيمان بدأ يضع حسابات ويقول نعم لأمور ولا لأمور أخرى، ورأى عار المسيح غنى أعظم مِنْ أغنى دولة في العالم في هذا الوقت، والسبب إنه كان ينظر للمكافأة (المجازاة)، كما قال أحد رجال الله في إحدى كتاباته “فَكَّر في المُكافآت لأنّ هذا يُحفزك!”.

     تُعلمك كلمة الله أنْ تحيا حياة الإيمان فهي التي تُعطيك طاقةً لترى ما لا يُرى، لذلك لا تحيا حياة عادية، بل كما فعل موسى رسم حياته بحسابات واضعًا أفضليات لأمور عن أمور أخرى؛ فتكافئ على الأرض وفي السماء، كما كُفِئ موسى وأؤتُمِن على شعب بكامله، هذه نعمة وليست فرحة بالقيادة، لأن القائد مُطالَب أنْ يحيا الكلمة أكثر مِنْ الآخرين (يعقوب ٣ : ١).

  • سادسًا: حساباتك وتقييمك لأمور الحياة

    “وَلكِنَّ الطَّعَامَ لاَ يُقَدِّمُنَا إِلَى اللهِ، لأَنَّنَا إِنْ أَكَلْنَا لاَ نَزِيدُ وَإِنْ لَمْ نَأْكُلْ لاَ نَنْقُصُ.” (١كورنثوس ٨ : ٨).

    يُعالج الرسول بولس هنا أمرًا قد عانى منه أهل كنيسة كورنثوس إذ كانوا يعثرون حينما يروا أحد المؤمنين يأكل ما ذُبِحَ للوثن، حتى إنهم في أي مرة يذهبون ليبتاعوا لحومًا كانوا يُدققوا “أهذا مذبوحٌ للوثن أم لا؟” فعَلَّمهم الرسول بولس إنه لا يوجد إله آخر أو شيء آخر يؤثر على قداسة الأكل أو نجاسته، ولكن يجب على الناضجين مراعاة ضمير غير الناضجين لئلا يعثروهم (١كورنثوس ٨ : ٩).

 علَّمهم أيضًا مبدأ ضروريًا، نستطيع أنْ نزِن أي شيءٌ في الحياة عليه، وهو “…الطَّعَامَ لاَ يُقَدِّمُنَا إِلَى اللهِ، لأَنَّنَا إِنْ أَكَلْنَا لاَ نَزِيدُ وَإِنْ لَمْ نَأْكُلْ لاَ نَنْقُصُ.”

مُؤكدًا لا يتحدث الرسول بولس هُنا على النظام الغذائي، بل غرضه شرح وتوضيح الحق الكتابي “هل هذا الشيء له قيمة وتأثير على حياتي الروحية أم لا؟” حتى لا يصنعوا مشكلةً مِنْ أمر أرضي لا يُؤثر على علاقتهم بالله.

   افهم الحق الكتابي هذا! ليس فقط الطعام الذي لا يُقدمك إلى الله، فكل الأمور الأخرى كالشغل وكرامة ومدح الناس، و… لا تُقَدِم علاقتك مع الله. ضع هذا المبدأ نصب عينيك دائمًا، واسأل نَفْسك هذا السؤال في أي شيء يتعلق بحياتك “هل هذا يُقدمني إلى الله” بمعنى هل يجعلني أزداد وأتعمق في علاقتي معه؟! إنْ كان نعم، فلتتمسك به، وإنْ لم يكن فلا تُعطِه أي قيمة، دون أنْ تضع أعذارًا لنفسك، ظانًا أنه ذا تأثير على حياتك الروحية، لكن كلمة الله تُعلمك أنّ لا تأثير لأي شيء عليك إلا إذا صدقت أنه يؤثر عليك.

   قد تتعرض لشيء يؤثر عليك جسديًا أو تُضرَب أو تُهان، لكن في كل هذا روحك لم تُمس بشيء؛ أي أنّ هذا لم يؤثر سلبًا على أعضائك الروحية، مِثل فقدان عينك الروحية أو قَطْع ذراع روحك، وبعبارة أخرى؛ أنت لم تُعاق في حياتك الروحية بسبب هذا الأمر مهما كان! أما إْ أعاقك؛ فهذا لأنك أعطيته قيمة عالية، وحينما تُقَلّل قيمته لن تتأذى بسببه.

    سلك موسى وكثير مِنْ أبطال الكتاب المقدس هكذا، مِثْل إبراهيم الذي قَدَّم ابنه بالإيمان، لم يقُل هذا ابني الذي نلته بعد عمرٍ طويلٍ، حيث رأى بالإيمان أنّ إسحاق سيعود للحياة مرة أخرى (عبرانيين ١١ : ١٧← ١٩)، هذا هو رأي الكتاب بصدد هذا الأمر، ولكن إنْ كانت لك وجهة نظر أخرى وتتألم مِنْ كلام الناس أو حدوث مواقف معينة؛ فهذا لأنك لم تجعل كلمة الله تُمنْهِج طريقة تفكرك.

    كل ما يحدث معك مِنْ إهانة مِن شخصٌ ما مثلًا، أو عدم تقدير شريك الحياة لك، أو أنّ شخص ما لا يقدر ما صنعته معه بل وتعامل معك بعصبية شديدة….إلخ، إنْ اعتبرت هذا الأمور بأنها لا تُقدِّمك إلى الله؛ ستحيا مُنطلقًا في حياتك الروحية.

   هذه الحسابات وطريقة التفكير جعلت الرسول بولس يحيا مِثْل السيف والقطار الذي لا يقف أمامه شيء، وحينما قُيِّدَ في السجن رَفَضَ أنْ يرثي لذاته أو يجعل هذا يعوقه عن نَشْر الإنجيل، فقال “الَّذِي فِيهِ أَحْتَمِلُ الْمَشَقَّاتِ حَتَّى الْقُيُودَ كَمُذْنِبٍ. لكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لاَ تُقَيَّدُ.” (٢ تيموثاوس ٢: ٩)، ومِنْ ثَمَّ تحرك وأرسل رسائل لمَن يتابعهم روحيًا.

•سابعًا: قراراتك

قراراتك مُرتبطة بانطلاقك الروحي

   عَبَرَ النبي إرميا في أمر ليس بسهلٍ، لقد اُضِطهِد مِنْ أهله وهرب، وناح ورثى لحاله: “وَيْلٌ لِي يَا أُمِّي لِأَنَّكِ وَلَدْتِنِي إِنْسَانَ خِصَامٍ وَإِنْسَانَ نِزَاعٍ لِكُلِّ ٱلْأَرْضِ…” (إرميا ١٥ : ١٠)، وأجابه الرب على كلامه هذا قائلا له: ” ١٩ لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «إِنْ رَجَعْتَ أُرَجِّعْكَ، فَتَقِفْ أَمَامِي. وَإِذَا أَخْرَجْتَ الثَّمِينَ مِنَ الْمَرْذُولِ فَمِثْلَ فَمِي تَكُونُ. هُمْ يَرْجِعُونَ إِلَيْكَ وَأَنْتَ لاَ تَرْجعُ إِلَيْهِمْ. ٢٠ وَأَجْعَلُكَ لِهذَا الشَّعْبِ سُورَ نُحَاسٍ حَصِينًا، فَيُحَارِبُونَكَ وَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْكَ، لأَنِّي مَعَكَ لأُخَلِّصَكَ وَأُنْقِذَكَ، يَقُولُ الرَّبُّ. ٢١ فَأُنْقِذُكَ مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ وَأَفْدِيكَ مِنْ كَفِّ الْعُتَاةِ».” (إرميا ١٥: ١٩-٢١).

    عندما تعَثَّر النبي في حياته، نَطَقَ بكلماتٍ إنْ قرأها أي إنسان سيشعر أنها طبيعية وبديهية، أما الرب فقال له إنّ كلام الشكوى والمرارة ليست مستقيمة أمامي “وَإِذَا أَخْرَجْتَ ٱلثَّمِينَ مِنَ ٱلْمَرْذُولِ” تكون النتيجة “مِثْلَ فَمِي تَكُونُ.” أي تتكلم بكلماتي وستعود المسحة تعمل وتنساب في حياتك مرةً أخرى؛ وهذا يُفَهمنا أنّ النبوة توقفت، وكان قد بدأ في التراجع عن دعوة الرب لحياته، ويوضح لنا النص الكتابي إنه هُزِم بسبب أسلوب الشكوى الذى تكلم به.

     بدأ النبي إرميا أيضًا يلجَأ للناس كي يُخرجوه مِنْ المشاكل التي حدثت معه بسبب النبوات التي تنبأ بها، لذا وضَّح له الرب أنّ الناس هي التي ستأتي إليك طالبة المشورة مِنك وليس العكس، وفي النهاية كلام الرب معه أكَّدَ له على وعده السابق (إرميا ١٥: ٢٠-٢١).

    هكذا طفأ وأوقف كثير مِنْ المؤمنين حياتهم الروحية بعدما كانت رائعة ومشتعلة لأسبابٍ غَير كتابية، مِثلما تقول إحدى الزوجات عن زوجها إنه لا يهتم بها أو لا يشتري لها ما تريده، وكذلك الأزواج؛ زوجتي لا تُكرِمني حيث أجد الإكرام في العمل ولا أجده مِنها.

    السؤال الذي يحب أنْ يُسْأَل هنا هو: ماذا تفعل كزوج تجاه زوجتك؟! فالأفضل أنْ تقوم أنتَ بشيء تجاهها، بدلًا مِنْ أنْ تظل تُطالبها بما يَنبغي عليها فِعله. وأنتِ كزوجة ماذا تفعلين تجاه زوجكِ؟! اعلموا جيدًا حينما يُوَّجه إصبع الاتهام تجاه الشخص الآخر، بذلك نكون نعيد ما حدث وقت السقوط، حينما بدأ الرب يتحاور مع آدم وحواء، أخذ كل مِنهما يُشير بإصبع الاتهام على الآخر، حيث ألقى آدم باللوم على حواء وألقت حواء اللوم على الحيّة.

 ••طريقة حل أي مشكلة في ارتباطك:

أولًا: ابدأ بتقليل قيمة الشيء الذي يزعجك ويضايقك بداخلك، وصَنِّفه أهل هو يؤثر على علاقتك مع الرب أم لا؟! (١كورنثوس ٨ : ٨).

ثانيًا: ابحث وفَتّش على دورك وقُم به، وليس ما هو دور الآخر؟! دون أنْ تضع شروطًا له؛ أي لا تنتظر الآخر أنْ يتغير أو يقُم بدوره لكي تتحرك أنت.

ثالثًا: امتلئ بهذا الفَهْم الكتابي، إنْ أردت أنْ تحيا بطريقة صحيحة على الأرض. كل مشاكلك يُمكن حلها عندما تمتلئ بفَهْم مبادئ الكلمة، أي تمتلئ بالنظام الإلهي، فعلى سبيل المثال في أنظمة الهواتف التليفونية لا يُمكننا تشغيل نظام ال apple بنظام ال android لأنّ لهذا نظام ولذاك نظامٌ آخر، وبالطريقة نفسها أنت في احتياج لدراسة ومعرفة النظام الإلهي، وبعدها ستكتشف أنّ معاييرك اختلفت؛ ونتيجةً لهذا سترى الأمور بالمنظور السليم الحقيقي، لذا كان الرب يسوع يقول دائمًا: “الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ” (يوحنا ٥ : ١٩)، أي ما هو مَخفي أنا أُظِهرَه لكم. وكلما سلّكت بالكلمة، أنت تسلك بالحقيقة. يُوجَد أشخاص يَجلبون اللعنة على حياتهم بسبب رفضهم للحقيقة (مزامير ١٠٩ : ١٧).

     إنْ كُنتَ ممتلئًا بالمرارة، فأنت تؤثر على الوقت القادم -الأبدية- وليس هُنا فقط، لا تعتقد أنك ستقف أمام الرب يسوع وتُحَدِثه عن آلامك وأتعابك على الأرض، حيث يوضح الكتاب أنك تستطيع أنْ تعيش هنا في فرح؛ فتفرح هناك أيضًا حينما تراه وتبتهج.

  • ثامنًا: ما تزرعه في حياتك

“وَإِنْ قَدَّسَ إِنْسَانٌ بَعْضَ حَقْلِ مُلْكِهِ لِلرَّبِّ يَكُونُ تَقْوِيمُكَ عَلَى قَدَرِ بِذَارِهِ بِذَارُ حُومَرٍ مِنَ ٱلشَّعِيرِ بِخَمْسِينَ شَاقِلِ فِضَّةٍ.” (لاويين ٢٧ : ١٦).

     يُخاطِب الرب الكهنة في هذا العدد موضّحًا مبدأ مهما وهو؛ إنْ كان لشخص ما قطعة أرض زراعية، وأحب أنْ يُكَرسها للرب، يكون تقييمك؛ أي تقديرك وإعطائك القيمة لهذه القطعة بناءً على نوع البذار المزروعة فيها.

   تُقَدَّر قيمة حياتك بما زرعته فيها، ليس فقط على الأرض بل في السماء أيضًا. فماذا يا تُرى أنت زارعٌ في أرضك؟ أفرح؟! إنْ كان كذلك فهذا الجزء يُقَيّم مِنْ حياتك. لذا ازرع الكلمة! وحينما تسمع مبادئ الكلمة أدرسها وتعمق فيها، لا تكتفِ بسماع الحلقة أو بقراءة التأمل اليومي بل ادرس الموضوع مِنْ بدايته إلى نهايته. (يُرجى سماع سلاسل عظات القيمة والمقدار الجزء الأول، الجزء الثاني والدوافع الجزء الأول، الجزء الثاني وخلاص نفوسكم)، لأنّ فهمك لهم سيساعدك على إدراك أنّ أرضك (حياتك) تُقَيّم طبقًا للبذار المزروعة فيها.

     يُوجَد مَنْ يزرع أمور العالم، مِثْل: الأفلام والمسلسلات، ومبادئ الناس دون أنْ يُراجعها ويمتحنها قَبْل أنْ يقبلها؛ لذا تُقَيمّ حياتك طبقًا لما زرعته فيها. لذا ازرع ما هو صحيح كالفرح مثلًا، ويختلف الفرح الإلهي عن العالمي الذي هو عبارة عن “نكت، خروجات، سهر….”، أما الإلهي فهو مبنيٌ على الكلمة، لدرجة أنّ كل أحاديثك هي مِنْ الكلمة.

     يريد لك الرب أنْ تحيا حياة رائعة مملوءة انتصارات، وتكون رأسك مرفوعة ليس فقط في السماء بل على الأرض أيضًا، وتذكر أنّ حياتك هنا أساسًا لهناك، فلا تُهمل الأساس لأنه سيختفي بعد قليل، وتعامل معها كفترة تأسيسية وهي بالفعل كذلك، حتى وإنْ وُجِدَ بها بعض المناوشات الشيطانية، لكن هناك انتصارات إلهية يريدها لك الروح القدس، وإلا ما كان كشفها لك.

    خلاصة القول أنّ كل شيء هنا مرتبطٌ بحياتك الأبدية بِدءًا مِنْ أفكارك، فرحك، اعترافك بالرب، أمانتك، إيمانك، تقيمك للأمور، بذارك وزرعك…إلخ، فَكِّر في الأمر الحقيقي الذي يغفل الكثيرون عنه “أنّ الأرض ستنتهي!” فهل أنت مِنْ معسكر المهزومين والضحايا أم المنتصرون؟! لأنك إنْ لم تتعلم كيف تتحكم في أفكارك وحياتك هنا ستخزى هناك، وإلا لما نَبّهنا الرسول يوحنا: “…حتى لا نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ.” (١يوحنا ٢ : ٢٨) فهناك أشخاص لن يكون وقت مجيء الرب يسوع مُفرّحًا لهم!

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$