القائمة إغلاق

ما حدث في العليّة What Happened In the Upper Room?

دعنا نسافر للوراء ليوم الخمسين حيث كان في العليٌة مائة وعشرون رجلاً وامرأة قد وُلدوا في عائلة الله. كان كل شيءٍ مُعّد بدقة إلهية. فقد تم الانتهاء من عمل المسيح البدلي، قديسي العهد القديم قد أُخذوا من الفردوس إلى السماء. تم قبول دم حمل الله، وجلس يسوع عن يمين العظمة في الأعالي. واتجه الروح القدس من السماء إلى الأرض ليعيد خلق الرجال والنساء.

يا له من يوم كان يجب أن يحدث. فيما يتعلق بولادة جسد المسيح (الكنيسة)، هناك حقائق معينة يجب أن نلاحظها:

أولاً: لم يُطلب منهم أي إيمان. لم يُقال لهم أن يتوبوا، ولم يكونوا على دراية بما سيحدث. لم يولد أحد ميلاد جديد من قبل. لم يعرفوا أن العهد الأول قد تم إكماله وتنحيته جانباً، وأن العهد الجديد قد حلٌ مكانه. فحقيقة أن الختان قد كُشف معناه الحقيقي في الميلاد الجديد، لم تكن معروفة لديهم.

لم يعلم أحد أن الكهنوت قد توقف عن العمل. كانوا يجهلون حقيقة أن يهوه لن يقبل الذبائح والكفارة والتقدمات. لم يعد هناك قدس أقداس أرضي، وقد انتهى العمل بشريعة موسى. عهدٌ جديدٌ، وكهنوتٌ جديدٌ، وناموسٌ جديدٌ، قد ظهر. “ما عتق وشاخ فهو قريب من الاضمحلال” (عب8: 13) انشق حجاب الهيكل من فوق إلى أسفل. وفارق يهوه قدس الأقداس الأرضي لهيكلٍ جديد؛ قدس الأقداس في السماء. لم يعرفوا أنهم قد ورثوا عهدًا جديدًا، وسوف يبدأوا فيه من خلال إعادة خلقهم من جديد؛ أي الولادة من فوق. لم ينتبهوا لحقيقة الختان أنه يجب أن يكون روحياً وليس ماديًا.

لم يعطوا اهتمامًا لحجاب الهيكل الممزق، لم يتمكنوا من فهم مغزاه. ما حدث على الصليب وخلال ثلاثة أيام وثلاث ليال كان ككتابٍ مغلق بالنسبة لهم، ولم يكن لديهم أي فكرة عما حدث خلال الأربعين يومًا.

لم يعرفوا أن يسوع حمل دمه إلى قدس الأقداس السماوية، لم يعرفوا أنه كان رئيس كهنتهم. لم يكن لديهم أي تلميح أن الرب الذي أحبوه، يجلس الآن في يمين العظمة في الأعالي.

لم يُقّدر أحد بعد؛ أن الله صار لديه عائلة، بدلاً من أمة.

لم يُقدّروا حقيقة أن لديهم أبٌ محبٌ. فالعلاقة التي كان مرموز لها بالأعشاب المرة تم استبدالها بالصحبة الحلوة التي يمكن الاستمتاع بها مع الآب، من خلال يسوع المسيح. من الصعب علينا أن ننظر إلى الوراء إلى تلك المجموعة الصغيرة من الرجال والنساء في العلّية، والتفكير بهم كمجرد إسرائيليين دون تصور لما كان سيحدث. يجب أن ندرك أن كل ما حدث في العليٌة فضلاً عن القيامة كان في عالم الحواس. كان على الله أن يعمل في كلا المجالين؛ المجال الروحي والمادي. كان هذا جديدًا تمامًا، فكل شيء مرتبط بالعهدِ الأول كان في عالم الحواس. عندما جاء الروح القدس سمعوا صوت هبوب ريح عظيمة.

رأوا ألسنة النار.

سمعوا بعضهم البعض يتكلمون بألسنة أخرى.

لم يعرفوا ما كان يحدث. لم يكونوا على علم بحقيقة أنهم فجأةً ولدوا في عائلة الله. لم يكن أحد يعرف أنهم صاروا خليقة جديدة.

لم يعرفوا شيئاً عن البر.

لم يعرفوا شيئاً عن الفداء.

لقد وصلوا إلى وجهتهم، لكنهم لم يعرفوا ذلك.

لقد حصلوا على الحياة الأبدية، وقبلوا الروح القدس ليسكن فيهم، ولكن لم يكن أياً منهم يعرف ما يدور. امتلأوا بهجةً لا توصف ومُفعمة بالمجد.

السلام السماوي قد ملأ قلوبهم.

صار لديهم حياة أبدية.

أصبحوا بر الله. 

كان لديهم فرح جديد لم يكن يملكه أي إنسان آخر. كل واحد منهم كان يمكنه أن يدخل قدس الأقداس. لم يكن أحد منهم تحت الإدانة.

كان لديهم نفس الروح القدس الذي أقام المسيح يسوع من بين الأموات.

لقد كانوا يجهلون كل هذه العجائب، لكنهم استمتعوا بها. 

دعونا نلقي نظرة على هذا بشكل حاسم. فبحسب ما قاله يسوع ويوحنا المعمدان، يجب أن يتعمدوا في الروح القدس.

في (١كور ١٢: ١٣) نجد شرحاً لما حدث؛ “لأننا جميعنا بروح واحد أيضا اعتمدنا إلى جسد واحد، يهودًا كنا أم يونانيين، عبيدًا أم أحرارًا، وجميعنا سقينا روحًا واحدًا”.

هذا يُفسر ما حدث.

في اللحظة التي تغطسوا فيها في الروح ولدوا من الروح.

لا يمكنك أن تُولد ما لم تخرج من الرحم، وهم خرجوا من أحشاء الروح. ففي تلك العلٌية قد ولدهم الروح واستقبلوا حياة أبدية.

واليوم حينما ينال الرجال والنساء الحياة الأبدية، فإن الروح القدس يُظللهم مثلما فعل في العلٌية، ويمنح لأرواحهم الحياة الأبدية؛ أي طبيعة الله.

لقد كانت المرة الأولى في تاريخ البشرية؛ أن الإنسان ينال طبيعة الله. صحيح أن يسوع استقبل الحياة الأبدية قبل قيامته، ولكنه لا يصنف مع الآخرين، فهو “بكرٌ من بين الأموات”.

وقد ظهر هذا في (كو ١: ١٨)، “وهو رأس الجسد: الكنيسة. الذي هو البداءة، بكر من الأموات، لكي يكون هو مُتقدمًا في كل شيء”. انظر إلى (رومية ٨: ٢٩).

حدثت ظاهرة غريبة؛ ألسنةٌ من نار استقرت على رأس كل واحد منهم. هذا يدل على أن الرسالة التي كانوا سيجلبونها للعالم سُتعطى بقوة لا هوادة فيها. أثبت استفانوس ذلك؛ فلم يستطيعوا التعامل معه إلا من خلال رجمه حتى الموت.

أعطى الله هؤلاء الناس المخلوقين من جديد طبيعة الحب، طبيعته التي يمكن أن تقف في وجه الموت والكراهية؛ بانتصارِ.

هذه الرسالة لا يمكن أن يُطفئها الخصم. لماذا؟ لأن الإنسان الطبيعي جائع لله. إنه جائع للحياة الأبدية. قد لا يعرف ذلك؛ ربما لا يفهم نفسه، ولكن عندما يسمع هذه الرسالة فإنها تحرك أعماق نفسه.

إن رسالة الخليقة الجديدة هي الإجابة لصرخة قلب الإنسان. 

وقعت أربعة أحداث عظيمة في تلك العليّة.

أولاً، تم إعادة خلقهم من جديد.

ثانياً، استقرت ألسنة من نار على كل واحد منهم.

ثالثاً، سكن الروح القدس في أجسادهم.

رابعاً، تكلموا بألسنة أخرى.

كانوا أول من استقبل الروح القدس هكذا. في ظل العهد الأول، كان الروح القدس يأتي على الناس لإتمام خدمة خاصة، ثم يغادر ثانيةً.

لم يتمكنوا من استقبال الروح القدس -كما فعل التلاميذ في العلية – لأنهم لم يكونوا مولودين ثانيةً.

لقد وُلِدَ التلاميذ مرة أخرى، وبذلك تمكّن الروح القدس أن يسكن في أجسادهم ويجعلها منزله الدائم.

لم ندرك ذلك، ولكن في العليّة قد حدث ما تنبأ به يسوع.

فقد ترك الله قدس الأقداس في الهيكل، والحجاب الممزق هو شهادة على هذه الحقيقة، ودخل الروح القدس هيكلًا جديدًا في تلك العليّة، هيكلاً غير مصنوع بأيديهم.

نقرأ في (١كو ٣: ١٦) “أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم؟ إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله، لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو.”

أليس من الجدير بالملاحظة كيف يُسمى الجسد الجماعي الهيكل، ونحن نُسمى بشكل فردي خيمة سكنى؟!

في اللحظة التي سكن فيها الروح القدس أجسادهم وبدأ يتولى القيادة، بدأوا يتكلمون بألسنة.

يا لها من لحظة مثيرة كان يجب أن تحدث! 

نعرف أنهم جميعًا قد قبلوا الروح القدس. كانت الجموع التي في ذلك المكان من أماكن كثيرة، ومع ذلك فقد فهم كل واحد منهم الرسالة بلغته الخاصة. سواء ترجم الروح القدس الرسالة لكل فرد، أو أعطى لبعض الأعضاء المجتمعين من المائة والعشرين هبة خاصة للتحدث بلغات أخرى، لا نعرف. 

لم نكن نعلم أن التلاميذ قد ولدوا ثانية وسكنهم الله.

إن حلم الحب للآب قد ظهر.

تم الانتهاء من الجانب القانوني لخطة الفداء، والآن نقدر أن نرى الجانب الحيوي. لقد رأى الآب الرجال والنساء يستقبلون الحياة الأبدية ويصبحون أبناء وبنات له. نجح عمل يسوع كبديل. فقد رأى الروح القدس يلد الرجال والنساء روحياً، رآهم يعبرون من الموت إلى الحياة، ومن الهزيمة إلى الانتصار.

فالأشخاص العاديين صاروا الآن غالبين.

لقد رأى سيادة البر حيث كانت الإدانة لها نفوذًا كاملاً.

كانت بداية الخليقة الجديدة، بداية عصر جديد، ونوع جديد من البشر، نوع خاص يخص الله. كانت نهاية سيادة السلوك بالحواس.

انتهى العهد الإبراهيمي وكل ما يتعلق به. إنه بداية عهد جديد في الروح. كان هذا العهد الجديد ليجعل روح الإنسان في اتحاد بروح الله.

نشأت عائلة جديدة تتكون من أبناء وبنات صاروا مسكونين ومتعلمين من الله. لقد كان إظهاراً لما يمكن أن تفعله الحياة الأبدية في الإنسان. لقد كان تدفق نوع جديد من الحب في قلب الإنسان.

إن دراما العلّية كانت بداية الآب لحقائق أعظم من أي وقت مضى لُيحضرها إلى وعي الإنسان؛ وهي استقبال الحياة الأبدية. كان الله سيسكن في البشر بذاته.

_______

نشرت بإذن من مؤسسة كينيون لنشر الإنجيل Kenyon’s Gospel Publishing Society وموقعها www.kenyons.org.    

جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية بإذن من خدمة كينيون.

Taken by permission from Kenyon Gospel Publishing Society, site www.kenyons.org. All rights reserved to Life Changing Truth.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$