القائمة إغلاق

دراسة: موهبة تمييز الأرواح Discerning of Spirits

الفقرة الرئيسية : إن موهبة تمييز الأرواح تعطي بصيرة في عالم الروح

1كورنثوس12: 1-12

1 وَأَمَّا بِخُصُوصِ المَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَلاَ أُرِيدُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْكُمْ

   أَمْرُهَا. 

7 وَلَكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلمَنْفَعَةِ.

8 فَوَاحِدٌ يُوهَبُ، عَنْ طَرِيقِ الرُّوحِ، كَلاَمَ الْحِكْمَةِ، وَآخَرُ كَلاَمَ الْمَعْرِفَةِ وَفقًا

   لِلرُّوحِ نَفسِهِ،

تقول ترجمة أخرى للعدد الأول, “وَالآنَ، أَيُّهَا الإِخوَةُ، لاَ أُرِيدُكُمْ أَنْ تَبقُوا فِي جَهلٍ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ”.

لقد تكلمنا في الفصول السابقة، عن إثنتين من مواهب الإعلان الثلاثة، وهما كلمة العلم وكلمة الحكمة. وفى هذا الفصل سنغطي الموهبة الثالثة وهى تمييز الأرواح.

إن موهبة كلمة الحكمة، لهي أهم موهبة من مواهب الإعلان الثلاثة، ويليها في الأهمية كلمة العلم. ثم تأتي أخيرًا موهبة تمييز الأرواح.

كل ما يتعلق بمجال المعرفة، عن حقائق أو أحداث أو خطط ومقاصد الله، أو نوايا ودوافع أو مصائر وأقدار، سواء إلهية أو بشرية، أو شيطانية، بطريقة طبيعية أو خارقة للطبيعي، لأزمنة في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، يأتي كل هذا، من خلال واحدة أو أكثر من مواهب الإعلان الثلاثة.

إن هذه المواهب تتضمن في نطاقها الواسع كل ما يعلمه الله. ولا يوجد شيء مما يعرفه الله يمكن للإنسان أن يعرفه إلا وفقاً لما يشاء الروح من خلال واحدة أو أكثر من مواهب الإعلان الثلاثة.

فموهبة كلمة الحكمة تعطينا إعلاناً عن خطط ومقاصد الله. وبهذا يمكننا أن نفهم لماذا تُعتبر هذه الموهبة أعظم مواهب الإعلان جميعهم. فعلى نحو طبيعي، يكون الإعلان عن خطط ومقاصد فكر الله هو أهم من أي شيء آخر في هذا العالم.

أما كلمة العلم فتعطينا إعلاناً عن حقائق سواء في الوقت الحاضر أو قد حدثت في الماضي.

أما موهبة تمييز الأرواح فتعطى بصيرة فائقة للطبيعي في عالم الروح. فلكي يستطيع الإنسان أن يميز شيئاً فهذا يعنى أنه عليه أن يسمع بأذنيه ويري بعينيه. لذلك فإن موهبة تمييز الأرواح هي مقدرة على الرؤية والسمع في عالم الروح.

إن موهبة تمييز الأرواح موهبة محدودة في نطاق عملها بالمقارنة بموهبتي الإعلان الأخرتين؛ كلمة العلم وكلمة الحكمة. هذا لأنها تختص بالإعلان عن مجال واحد محدود وهو عالم الأرواح.

لكن الإعلان الذي يأتي عن طريق موهبتي كلمة العلم وكلمة الحكمة هو واسع النطاق لأنه يضم أحداث وأشخاص وأماكن.. لكن موهبة تمييز الأرواح تقدم بصيرة في عالم الروح فحسب. وأؤكد مرة أخرى، إن موهبة تمييز الأرواح هي الرؤية أو السمع أو كلاهما في عالم الروح. كما إنها تكشف نوع الروح الذي يعمل من وراء المشهد.

ما هو ليس تمييز أرواح

قال أحدهم أن أفضل شيء لكي تتعرف على شيء هو أن تكشف ما ليس هو هذا الشيء. لذلك دعونا نناقش ما ليس هو تمييز الأرواح.

موهبة تمييز الأرواح ليست “معرفة الأرواح”

 لقد سمعت البعض يقولون، “أعتقد أن لدي موهبة معرفة الأرواح”. لا يوجد في الكتاب المقدس مثل هذه الموهبة “معرفة الأرواح”, لكنه يوجد “تمييز الأرواح”. فما يدعوه البعض أحياناً كثيرة “موهبة معرفة الأرواح” هي في الحقيقة عمل موهبة كلمة العلم.

بمعنى آخر، عندما يعرف البعض أموراً بالروح القدس فإنهم يطلقون عليها “تمييز”. لكنها لا تعنى بالضرورة تمييز أرواح، إنما عمل موهبة كلمة العلم.

موهبة تمييز الأرواح ليست نوعاً من قراءة الذهن بأساليب روحية

إنها ليست بصيرة للأمور النفسية أو إختراق ذهني. إنها ليست المقدرة على تمييز ومعرفة أخطاء الآخرين.

إن “موهبة” تمييز وفضح أخطاء الآخرين ليست لدى المؤمنين وحدهم، بل لدى الخطاة أيضاً. لا تحتاج أن تكون مؤمناً لكي تنال هذه “الموهبة”. في الحقيقة إن كلمة الله تقف بشدة ضد فضح أو كشف أخطاء الآخرين (متى7: 1).

من إحدى الأغراض الأساسية لإنسكاب محبة الله في قلوبنا بالروح القدس هو أن تحطم هذه “الموهبة” بفضح أخطاء الآخرين, والتي لَيست أكثر من مجرد نقض ودينونة. ثم إستبدالها بموهبة الشفقة والرأفة. إن كان مَن يعتقد أن لديه موهبة كشف أخطاء الآخرين فليستخدم هذه الموهبة مع نفسه لدقائق معدودة. وبعدها لن يستخدمها مرة أخرى أبداً.

لذلك فإن موهبة تمييز الأرواح ليست موهبة روحية لكشف أخطاء الآخرين. فإنه يتوجب على جميع المؤمنين أن يسلكوا بالمحبة لأن الكتاب المقدس يقول أن المحبة تستر أخطاء الآخرين (1بطرس4: 8). كما كتب بولس لمؤمني أفسس قائلاً, “——————–” (افسس4: 32). كان بولس يتكلم لمؤمنين ممتلئين بالروح القدس.

لذلك فإن موهبة تمييز الأرواح ليست تمييز أخطاء الآخرين ولا تمييز شخصيات الناس. فهي تُدعى “تمييز أرواح” لأنها تتعامل مع الأرواح في العالم الروحي سواء على مستوى الله والملائكة أو إبليس وملائكته أو أرواح البشر.

موهبة تمييز الأرواح لا تميز الأرواح الشريرة فقط

إن موهبة تمييز الأرواح لا تختص بتمييز الشياطين أو الأرواح الشريرة وحسب. فإن قلنا ذلك فهذا ليس تفسيراً صحيحاً. فهذه الموهبة تضم عالم الأرواح بأكمله، سواء أرواح جيدة أو أرواح شريرة أو أرواح بشر. فهي بصيرة خارقة للطبيعي في عالم الأرواح. وكثيراً جداً ما يخطئ البعض عندما يعتقدون أن رؤية الشياطين أو الأرواح شريرة هو كل ما تقتصر عليه هذه الموهبة.

الحفاظ على التوازن في التعامل مع الشياطين

إن الطريقة التي يعلَّم بها البعض عن الشياطين وإخراج الأرواح الشريرة تربكني لأنها لا تتوافق مع فكر الكتاب المقدس. وهى تقيد الناس بدلاً من أن تحررهم.

غلاطية5: 19-21

يذكر الكتاب في الفقرة السابقة أن الحسد يُعد واحداً من أعمال الجسد. ومع ذلك، عندما يعاني أحدهم من مشاكل مع الحسد فإنه يذهب لأحد الأشخاص ليخرج منه “شيطان الحسد”. كذلك الكراهية أيضاً, تُعد واحدة ضمن أعمال الجسد، لكننا لا نحتاج أن نخرج شيطان الكراهية من أي شخص. بل علينا أن نتعامل مع الجسد في مثل هذا الموقف, لأن كلمة الله تخبرنا بالتحديد عن الطريقة التي نتعامل بها مع هذا الموقف: “————” (رومية8: 13، كولوسى3: 5).

نحتاج أن نحذر من أمور كهذه. علينا أن نكون كتابيين ونلتصق بحق كلمة الله ونطبقه. فإن كنا نريد أن نحصل على نتائج تدوم لابد و أن نسير وفقاً لكلمة الله. فهذا الحق يشبه أي عقيدة أخرى في الكتاب المقدس؛ إن ضخمت منه على حساب العقائد الأخرى فسوف تقع في مبالغات وتخرج عن التوازن. لذلك كنتُ دائماً أصلى, “يا رب, ساعدني لكي أحافظ على التوازن في خدمتي”.

على سبيل المثال، نعرف أن معمودية الماء عقيدة كتابية. مع ذلك فهناك مَن ضخَّموا من هذه العقيدة وخرجوا عن التوازن. فهم يخبرون الناس أنهم إن لم يعتمدوا بالماء فإنهم لم يخلصوا بعد. وبهذا يقنعونهم أن معمودية الماء هي التي تخلصهم. وهناك آخرون يخبرون الناس أنهم إن لم يعتمدوا وفقاً لطقوس معينة فمعموديتهم باطلة ولم يخلصوا بعد.

سمعت أحد الخدام في الإذاعة ذات يوم، “لا يهم مقدار مَن اعتمد منكم في الماء في إسم يسوع. فأنتم لم تخلصوا بعد ما لم أعمدكم بنفسي. فأنا الشخص الوحيد المُفوض لأفعل ذلك, ولن يذهب أحد منكم إلى السماء ما لم أعمده بالماء في إسم يسوع..”

هذه حماقة. فإنه من الواضح أن هذا الشخص قد خرج عن التوازن لأنه لم يتبع كلمة الله, فوقع في الخطأ.

إنني أؤمن بمعمودية الماء، لكن إن ضخمت هذه العقيدة –والحال كذلك مع أي عقيدة أخرى – فسوف يحدِث ذلك ضرراً أكثر من نفعه. كذلك إني أؤمن بحقيقة الأرواح الشريرة ونحن نحتاج إلى أن نعرف بعض الأمور عنهم وعن الطريقة التي ينبغي أن نتعامل بها معهم. لكن إن بدأت أضخم في هذا الموضوع عن الحد الصحيح فسوف يحدث ضرراً أكثر من نفعه, حتى أننا ربما نؤمن في النهاية أنه يوجد شيطان في كل مؤمن نحتاج أن نخرجه.

فنتيجة لمثل هذه التعاليم المُبالغ فيها أصبح كثيرون مدركين لإبليس وللأرواح الشريرة أكثر من إدراكهم لله. وترتب عليه أنهم أعطوا الشيطان مكاناً لا يستحقه حتى تمكن من هزيمتهم. لكن يسوع قال, “——————-” (يوحنا8: 32).

وكما قلت سابقاً أن كثير من الأمور التي ينسبها البعض للشيطان ليست من فعله على الإطلاق. بالطبع يستطيع إبليس أن يمسك بزمام الموقف عندما تزداد أعمال الجسد. لكن إن تعاملت مع الجسد، فلن يجد إبليس أي أرضاً يعمل عليها.

وإن فعلنا ما يخبرنا به الكتاب المقدس، “————” (رومية12: 1)، “————-” “————” (رومية6: 13), فلن يجد إبليس مكاناً في حياتنا.

حقاً يوجد هناك مَن يعانون من قيود العدو, لأن كل قيد هو من إبليس سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن هناك وجود حرفي لروح شرير، بل ربما شيطان من الخلف يضاعف من شدة المشكلة.

وفى مثل تلك الحالات التي يكون فيها روح شرير هو السبب المباشر للمشكلة، فإن المؤمن يستطيع من خلال موهبة تمييز الأرواح – وكيفما يشاء الروح القدس – أن يدرك هذا الروح المسبب للمشكلة. وكما قلت سابقاً, إن موهبة تمييز الأرواح هي أكثر من مجرد تمييز وجود الأرواح الشريرة وحسب, بل يمتد ليشمل جميع الأرواح في عالم الروح.

عمل موهبة تمييز الأرواح في تمييز الله

سوف نرى الآن بعض الأمثلة من العهد القديم والجديد لعمل موهبة تمييز الأرواح في الكشف عن الله.

رؤية ظل الله من خلال موهبة تمييز الأرواح

إن نطاق موهبة تمييز الأرواح يمتد ليشمل تمييز ورؤية ظل الله. على سبيل المثال، نقرأ في سفر الخروج إصحاح 33 عن موقف سمح فيه الله لموسى أن يرى في عالم الروح وينظر إلى ظل الله.

خروج33: 20-23

إستطاع موسى في هذا الموقف أن يرى في عالم الروح وإبتدأ يميز ظل الله من خلال إستعلان موهبة تمييز الأرواح.

كما نجد حادثة أخرى حيث إستطاع إنسان أن يرى ظل الله. قال إشعياء النبي، “————–” (ع1).

كما نقرأ في كلمة الله عن أولئك الذين رأوا في رؤيا من خلال عمل موهبة تمييز الأرواح ظل وشبه الله. فبينما إستعلن فى صورة مرئية، إستطاعوا أن يروا فى عالم الروح. كان هذا إستعلان لموهبة تمييز الأرواح. لذلك نرى أن موهبة تمييز الأرواح لا تقتصر على الرؤية فى عالم الأرواح الشريرة وحسب.

رؤية المسيح المقام من خلال موهبة تمييز الأرواح

يستطيع الفرد من خلال موهبة تمييز الأرواح أن يرى في عالم الروح ويميز المسيح المُقام. لم يرى أحد يسوع وهو في جسده الممجد بلحمه وعظمه (لوقا24: 39), منذ يوم صعوده وجلوسه عن يمين الآب حيث يعمل هناك كرئيس كهنة يشفع لأجلنا (عبرانيين 7: 25).

فمنذ صعود يسوع وجلوسه في الأعالي لم يره أحد وهو في هذه الحالة إلا من خلال موهبة تمييز الأرواح. فمن خلال هذه الموهبة إستطاع البعض أن ينظروا في عالم الروح ويروا المسيح المُقام.

فهذه الرؤيا هي إستعلان لموهبة تمييز الأرواح. يمكن أن تصاحب هذه الموهبة كلمة حكمة أو كلمة علم, لكن الرؤيا في حد ذاتها ستكون موهبة تمييز للأرواح لأن الشخص في ذلك الوقت يكون بإمكانه أن يرى في عالم الروح.

تذكر دائماً أن موهبة تمييز الأرواح هي رؤيا خارقة للطبيعي لكل من الأرواح الشريرة والأرواح البارة في عالم الروح. كما يمكن أيضاً لموهبة تمييز الأرواح أن تكشف روح الإنسان, وتعرف ما إذا كانت دوافعها صادقة أم رديئة. لذلك فإن موهبة تمييز الأرواح تتعامل مع ثلاثة أنواع من الأرواح؛ أرواح مقدسة وأرواح شريرة وأرواح بشرية.

وكما ذكرنا سابقاً, أن موهبة تمييز الأرواح يمكنها أن تميز ظل أو شبه الرب وتميز المسيح المقام وحتى الروح القدس أيضاً.

تمييز الروح القدس من خلال موهبة تمييز الأرواح

لقد إستطاع الرسول يوحنا أن يرى الروح القدس من خلال رؤيا وهو على جزيرة بطمس في صورة سبعة أرواح أمام عرش الله (رؤيا 4: 5). هذا يعنى ببساطة أن يوحنا استطاع أن يرى الإظهارات السبعة لروح الله وهو في عالم الروح.

كما يمكن لموهبة تمييز الأرواح أن تكشف ملائكة الكروبيم والساروفيم ورؤساء الملائكة أو رئيس جند الرب. كما يمكنها أن تكشف إبليس وجنوده. وكذلك أيضاً قوى الخير أو قوى الشر التي تكون مسئولة عن إظهار ما هو فائق للطبيعي أو تؤثر على سلوك معين.

(تمييز)تميز الروح العامل في الخفاء

إن الإظهارات الفائقة للطبيعي يمكنها أن تأتي من مصادر مختلفة. في الواقع، هناك الكثير من الأمور التي تبدو عجيبة وخارقة للطبيعي إلا إنها لا تأتي من الله. فلا يجب أن ننسى أن إبليس هو كائن فائق للطبيعي أيضاً. ففي أحيان كثيرة جداً تجد أشخاص مستعدون ليقبلوا أي شيء خارق للطبيعي وملفت للنظر، سواء من الله أو لا.

من الضروري أن نتعرف على الإظهارات الحقيقية لروح الله وندرك(أنه) إنه ليست كل الإظهارات الفائقة للطبيعي تكون بالضرورة هي إستعلان لروح الله. لذلك فإنه من خلال عمل موهبة تمييز الأرواح يمكنك أن تكشف الروح العامل من وراء الستار.

نجد مثال على ذلك في سفر الأعمال والإصحاح السادس عشر, حيث تعامل بولس مع روح شرير كان يعمل في الخفاء. عندما ظلت الجارية التي بها روح عرافة تتبع بولس وتصرخ, “هَؤُلاَءِ النَّاسُ هُمْ عَبِيدُ اللهِ الْعَلِيِّ، يُعْلِنُونَ لَكُمْ طَرِيقَ الْخَلاَصِ” (أعمال16: 17). ما قالته تلك الخادمة كان أمرًا حقيقيًا، لكن لا أحد يريد أن يشهد إبليس عنه. كان أمرًا مزعجًا أن يعلن إبليس عنهما هكذا. لكن لماذا لم ينتهر بولس ذلك الروح الشرير في اليوم الأول أو حتى في اليوم الثاني؟ السبب في ذلك هو أن موهب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$