القائمة إغلاق

من الموت إلى الحياة From Death To Life

يظل الكتاب المقدس كتابًا غامضًا إلى أن نجد المفتاح الذي يفتحه. عندئذٍ لا يصبح بعد سرًا، إنما رسالة. هناك كلمتان تكشفان الكتاب المقدس لأذهاننا؛ وهما: الحياة والموت.

لقد ظل الموت لغزًا في كل العصور. فالعلم يقف صامتًا في محضره، غير قادر على التفسير. والفلسفة تتحول إلى خيال عندما تتقابل مع هذا العدو المخيف للإنسان. وعندما يحاول علم اللاهوت أن يفسر حدوثه، فإنه يتعامل معه بصورة عامة وحسب.

هذا العدو، الذي يشبه كلب الصيد المتعطش للدماء، قد بدأ عمله منذ مهد الجنس البشرى وقد تبع البشرية على مدى القرون وحتى الوقت الحالي. لم يكن الموت جزءًا من الخليقة أو من خطة الله الأصلية. حتى الموت الجسدي هو عدو لله وللإنسان. يقول الكتاب في رسالة كورونثوس الأولى 15: 26 أن الموت الجسدي هو آخر عدو سيوضع تحت الأقدام.

مع ذلك، فقبل أن نفهم طبيعة الموت، علينا أن ندرك طبيعة الإنسان. فالإنسان لا يُعد كيانًا ماديًا، إنما روح. في الحقيقة أن الإنسان هو روح يمتلك نفسًا ويحيا في جسد (1 تسالونيكي 5: 23 ).

عندما أخبر يسوع نيقوديموس: “… يَنبَغِي أَنْ تُوْلَدُوا ثَانِيَةً” (يوحنا 3: 7 من الترجمة العربية المبسطة)، كان نيقوديموس يفكر بأسلوب بشرى فسأل: “… كَيْفَ يُمْكِنُ لأَِحَدٍ أَنْ يُوْلَدَ ثَانِيَةً وَهُوَ عَجُوْزٌ؟ أَيُمكِنُهُ أَنْ يَدخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُوْلَدَ؟” ففسر له يسوع: “مَا يُوْلَدُ مِنَ البَشَرِ هُوَ بَشَرِيٌّ، وَمَا يُوْلَدُ مِنَ الرُّوْحِ هُوَ رُوْحِيٌّ” (يوحنا 3: 4 و6 الترجمة العربية المبسطة).

إن الميلاد الثاني هو ميلاد روح الإنسان من جديد.

إن الإنسان الحقيقي هو روح. وروح الإنسان تعمل من خلال نفسه (التي هي مشاعره وإرادته وذهنه). والنفس تعمل بدورها من خلال الجسد المادي.

لذلك، فإن الإنسان (الذي هو روح) ونفسه كلاهما يحيان فى جسد مادي. ويحدث وقت الموت الجسدي أن الإنسان والنفس يتركان الجسد المادي ويذهبان إلى منزلهما الأبدي.

أعطانا المسيح في إنجيل لوقا 16: 19- 24 اختبار الرجل الغنى ولعازر.

لوقا 16: 19- 24  من الترجمة العربية المبسطة

19 كَانَ فِي مَا مَضَى رَجُلٌ غَنِيٌّ يُحِبُّ أَنْ يَلبَسَ ثِيَابَ الأُرجُوَانِ وَالكِتّانِ الفَاخِرِ، وَيُمَتِّعُ نَفسَهُ بِحَيَاةِ التَّرَفِ كُلَّ يَومٍ.

20 وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ فَقِيرٌ اسمُهُ لِعَازَرُ يَتَمَدَّدُ عِندَ بَوَّابَتِهِ، وَقَدْ غَطَّتِ القُرُوحُ جَسَدَهُ.

21 وَكَمِ اشتَهَى أَنْ يَشبَعَ مِنْ فُتَاتِ الطَّعَامِ السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الرَّجُلِ الغَنِيِّ، حَتَّى إنَّ الكِلاَبَ كَانَتْ تَأْتِي وَتَلحَسُ قُرُوحَهُ.

22 ثُمَّ مَاتَ الفَقِيْرُ، فَحَمَلَتْهُ المَلاَئِكَةُ وَوَضَعَتْهُ إلَى جَانِبِ إبرَاهِيمَ. وَمَاتَ الغَنِيُّ أَيضَاً وَدُفِنَ.

23 فَرَفَعَ الغَنِيُّ بَصَرَهُ وَهُوَ يَتَعَذَّبُ فِي الهَاوِيَةِ، وَرَأَى إبرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍِ، وَلِعَازَرَ إلَى جَانِبِهِ.

24 فَصَرَخَ وَقَالَ: يَا أَبِي إبرَاهِيمَ، أَشفِقْ عَلَيَّ وَأَرسِلْ لِعَازَرَ لِيَضَعَ طَرَفَ إصبَعِهِ فِي المَاءِ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي. فَأَنَا مُتَأَلِّمٌ فِي هَذِهِ النَّارِ

كان لا يزال لعازر والرجل الغني في وعيهما. فالإنسان لا يموت مثل الحيوان كما يؤمن البعض ولا يوجد شئ يُدعى نوم النفس.

قد تكلم الكتاب عن أنواع عديدة للموت، لكن توجد ثلاثة أنواع نحتاج أن نتعرف عليهم بأنفسنا: 1- الموت الروحي، 2- الموت الجسدي، 3- الموت الأبدي أو الموت الثاني الذي هو الطرح في البحيرة المتقدة بنار وكبريت.

أتى الموت الروحي إلى الأرض أولاً، ثم أعلن عن نفسه في الجسد المادي بتدميره إياه. لذلك فإن الموت الجسدي هو استعلان للناموس الذي يعمل بداخلنا والذي يدعوه بولس “نَامُوسِ الْخَطِيئَةِ والْمَوْتِ” (رومية 8: 2).

عندما قال الله لآدم: “… لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ”، لم يكن يشير إلى الموت الجسدي، بل إلى الموت الروحي. فلو لم يكن الإنسان قد مات روحيًا، لما كان قد مات جسديًا.

والموت الروحي يعني الانفصال عن الله. ففي اللحظة التي اخطأ فيها آدم انفصل عن الله. عندما نزل الله عند هبوب ريح النهار، كعادته لكي يسير ويتحدث مع آدم، دعاه قائلاً: “أَيْنَ أَنْتَ؟”، فقال آدم: “لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ”. لقد كان منفصلاً عن الله.

صار الإنسان الآن متحدًا بإبليس، وصار منبوذًا، متعديًا، مطرودًا من الجنة وليس لديه حق الاقتراب من الله. لم يعد يستجيب بعد لدعوة الله، إنما إلى طبيعته الجديدة وإلى سيده الجديد. وصار الإنسان أكثر من مجرد متعدٍ خارجٍ عن القانون وخاطئ، إنما صار أيضًا ابنًا روحيًا لإبليس ومشتركًا في طبيعة أبيه.

لهذا السبب لا يستطيع الإنسان أن يخلُص بالأعمال، ويحتاج أن يُولد من جديد. إن لم يكن الإنسان ابنًا لإبليس، لكان بإمكانه أن يسلك بصورة صحيحة، وكان هذا ليكفي. لكنه حتى إن سلك بصورة صحيحة، فإنه سيظل ابنًا لإبليس وسيذهب إلى الجحيم عندما يموت.. إلى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت، التي هي الموت الثاني.

لا يقدر الإنسان أن يقف في محضر الله كما هو –لأن بداخله طبيعة إبليس أبيه. وكي يخلُص فلابد أن يدفع شخص ما ثمن خطاياه معطيًا إياه طبيعة جديدة.

يمكنك أن تأخذ بغلاً منهكًا وتحاول أن تجعل منه فرس سباق. يمكنك أن تنظف أسنانه، وتلمع حوافره، وتطعمه أفضل الأطعمة، وتدربه يوميًا في حلبة سباق، وتجعله يبيت في إسطبل مريح. لكن عندما يُطلق المدفع في يوم السباق فكل ما سيفعله هو أن يسير متوانيًا في الحلبة.. وهذا لأنه بغل. إمكانية التسابق ليست فيه بالمرة. وعلى النقيض، يمكنك أن تأخذ فرس سباق ولا تمنحه عناية جيدة، لكنك عندما تضعه على خط البداية ويُطلق المدفع فسوف يجرى.. هذا لأنها طبيعته. لقد وُلد وتربى بهذه الطريقة. ولكي يصبح هذا البغل المسن فرس سباق فلابد له أن يُولد ثانيًا.. وهذا مستحيل.

مع ذلك، فالإنسان الذي هو روح ويحيا في جسد يمكنه أن يُولد ثانيًا. يمكن أن تتغير طبيعته ويصبح خليقة جديدة في المسيح يسوع.

لا يهم مقدار ما يناله الإنسان من تعليم جيد، أو كم الألقاب التي تضاف إلى اسمه، أو مقدار ما يملك من أموال، أو كم العمل الاجتماعي الذي يقوم به، أو كم هو متدين.. ففي كل الأحوال لا يمكن للإنسان أن يقف في محضر الله لأن طبيعته خاطئة. إن الإنسان ضائع اليوم.. ليس بسبب ما يفعله، لكن بفضل حالته (ما يفعله هو نتيجة حالته). يحتاج الإنسان إلى حياة من عند الله لأنه ميت روحيًا. لكن شكرًا لله لأن المسيح افتدانا من الموت الروحي.

 

يوحنا 5: 26

لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ.

لم يكن الإنسان الجديد يسوع المسيح لديه موت في ذاته. فهو لم يُولد كما وُلدنا نحن ولم تكن فيه طبيعة الموت الروحي، التي هي طبيعة إبليس. لكن مع ذلك فالكتاب يقول في رسالة العبرانين 2: 9 أنه ذاق الموت لأجل كل إنسان.

لقد حمل يسوع طبيعتنا الخاطئة. إذ تقول رسالة العبرانيين 9: 26، “… لِيُبْطِلَ الْخَطِيَّةَ (وليس الخطايا) بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ”. لقد حمل طبيعتنا الخاطئة –التي هي طبيعة الموت الروحي– لكي تصير لنا حياة أبدية.

قال يسوع: “لاَ يَأْتِي السَّارِقُ (إبليس) إلاَّ لِيَسْرِقَ وَيْقتُلَ وَيُدَمِّرَ. أَمَّا أَنَا فَقَدْ جِئْتُ لِكَيْ تَكُوْنَ لِلنَّاسِ حَيَاةٌ، وَتَكُوْنَ لَهُمْ هَذِهِ الحَيَاةُ بِكُلِّ فَيْضِهَا” (يوحنا 10: 10 الترجمة العربية المبسطة).

وقال أيضًا: “.. إنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِمَنْ أَرسَلَنِي، يَنَالُ حَيَاةً إلَى الأَبَدِ. وَلاَ يَكُوْنُ تَحْتَ حُكْمِ الدَّيْنُوْنَةِ، بَلْ قَدْ عَبَرَ مِنَ المَوْتِ إلَى الحَيَاةِ” (يوحنا 5: 24 الترجمة العربية المبسطة).

لقد أتى يسوع ليفدينا من الموت الروحي. لقد حُرم آدم من شجرة الحياة برفضه لكلمة الله. وفقًا لسفر الرؤيا 2 : 7 فإن كل مَن يقبل ويطيع كلمة الله الآن سوف يعود إلى شجرة الحياة.

لا يحدث الميلاد الثاني تدريجيًا. إنما هو حدث لحظي؛ إنه عطية من عند الله ننالها في اللحظة التي نؤمن بها.

تقول رسالة أفسس 2: 1 أننا كنا أمواتًا بالذنوب والخطايا –هذا هو الموت الروحي– لكن يسوع أقامنا وأحيانا. ثم يخبرنا العددان 8 و9 كيف حدث ذلك.

أفسس 2: 8 و9  الترجمة العربية المبسطة

فَإِنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْكُمْ. إِنَّهُ هِبَةٌ مِنَ اللهِ، لاَ عَلَى أَسَاسِ الأَعْمَالِ، حَتَّى لاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ.

“لاَ عَلَى أَسَاسِ الأَعْمَالِ”.. إن هذا يثقب بالون الذات. فالإنسان يريد أن يفعل شيئًا ليُخلِّص نفسه. يريد أن يكون له دور في ذلك، لكنه لا يستطيع.

لابد أن تعترف بعجزك ويأسك. عليك أن تعترف بأنك خاطئ ضائع مثل ما يقول الكتاب عنك. ثم تأتي بعد ذلك وتقبل ما دبره يسوع لك.. هبة مجانية.

هل عبرت من الموت الروحي إلى الحياة الروحية؟

هل الله هو أبوك؟

هل تستطيع أن تنظر إلى السماء وتقول “أبي السماوي”؟

هل روحه القدوس يشهد مع روحك أنك ابن لله؟

هل يصرخ الروح القدس في روحك “أبا الآب”؟

سيحدث كل ذلك إن كنت نلت الميلاد الجديد. وإن لم تكن قد نلته، فلتقبل يسوع مخلصًا لك اليوم.

رومية 8 : 14 – 16

لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ.

إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ:’يَا أَبَا الآبُ‘.

اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ.

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$