القائمة إغلاق

نوعان من عدم الإيمان Two Types of Unbelief

يوجد نوعان من عدم الإيمان. أولاً: يوجد نوع من عدم الإيمان مبني على نقص المعرفة. يقول الكتاب: “الإيمَانُ يَأْتِي نَتِيجَةً لِسَمَاعِ الرِّسَالَةِ، وَتُسمَعُ الرِّسَالَةُ حِيْنَ يُبَشِّرُ أَحَدُهُمْ بِالمَسِيحِ” (رومية 10: 17). هؤلاء الذين لم يسمعوا، لا يمكن أن تأتيهم معرفة، ولا يمكنهم بالتالي أن يؤمنوا. كثيرون لا يؤمنون ببعض الأمور الروحية لأنهم لا يعرفون ما تعلِّمه كلمة الله عن الأمر. مثلاً، كثيرون يجهلون تمامًا عن الامتلاء بالروح القدس، لأنهم ببساطة لا يعرفون الكلمة. علاج هذا النوع من عدم الإيمان هو بالطبع المعرفة بكلمة الله.

يُذكر النوع الثاني من عدم الإيمان في عبرانيين 4: 6، “… أَمَّا الَّذِينَ قَدْ سَبَقَ أَنْ سَمِعُوا البِشَارَةَ، فَلَمْ يَدخُلُوا رَاحَتَهُ بِسَبَبِ عَدَمِ إيمَانِهِمْ”. يشير هذا إلى شعب إسرائيل. لا يمكن أن يُحسبوا غير مذنبين بسبب الجهل، لأن الله سبق وأخبرهم أن يذهبوا ويمتلكوا أرض كنعان . بالإضافة إلى ذلك، كانوا قد أرسلوا جواسيس إلى أرض كنعان، ورجع الجواسيس بتقرير أن الأرض تفيض لبنًا وعسلاً، تمامًا كما قال لهم الرب.

تقرأ ترجمة أخرى هذا الشاهد: “… الَّذِينَ تَلَقَّوْا الْبِشَارَةَ بِهَا أَوَّلاً لَمْ يَدْخُلُوا إِلَيْهَا بِسَبَبِ تَمَرُّدِهِمْ (عصيانهم)”، وعن ترجمة أخرى: “لم يستطيعوا أن يدخلوا بسبب عدم اقتناعهم”.

يحذرنا عبرانيين 4: 11 قائلاً: “فَلْنَجْتَهِدْ لِلدُّخُولِ إلَى تِلكَ الرَّاحَةِ، فَلاَ يَسقُطُ أَحَدٌ تَابِعًَا مِثَالَ بَنِي إسرَائِيلَ فِي العِصيَانِ (عدم الإيمان)”. علم شعب إسرائيل ما قاله الله، لكنهم لم يقدروا أن يقتنعوا بكلامه ليسلكوا به. كانوا مذنبين بخطية “عدم الاقتناع” الذي يُسمى أيضًا في الكتاب عدم إيمان. كانت لديهم المعرفة بكلمة الله، لكنهم لم يقدروا أن يقتنعوا ليعملوا بها، لم يشاءوا أن يسمحوا للكلمة أن تقودهم وتحكمهم.

يوجد الكثير من هذا النوع من عدم الإيمان بين المؤمنين اليوم: وهو أنهم غير مستعدين ليسمحوا لكلمة الله أن تسود حياتهم.. ورافضين أن يسلكوا بالمعرفة التي لديهم. يعرف الكثيرون ما تعلّمه الكلمة، لكنهم يرفضون أن يسلكوا بها.

إن الإيمان هو عمل إرادي. يمكننا أن نسلك بالكلمة إن أردنا ذلك. والعصيان هو سلوك غير قابل للإقناع تجاه الكلمة.

لذا، عدم الإيمان إما أن يكون:

1- جهل بكلمة الله. والعلاج هو المعرفة.

2- عدم قابلية للاقتناع بالسلوك بالكلمة. والعلاج هو الطاعة.

في التعامل مع موضوع عدم الإيمان، يجب أن نُلقى نظرة على شيء آخر مشابه له تمامًا وهو: “التوافق العقلاني أو الاقتناع العقلي”. من يسلك بالاقتناع العقلي يؤمن بما يراه أو يشعر به وحسب.

في رأيي، التوافق العقلاني هو واحد من أدهى الأعداء للإيمان. فهو يبدو “تدّيني” للغاية. من يسلك بالتوافق العقلاني يمكن أن يقول: “أنا أؤمن بالوحي اللفظي للكتاب”. يقول: “أؤكد على الإيمان الذي سُلِّم مرة للقديسين”، ومع هذا يرفض أن يسلك بالكلمة.

 كيف يمكن أن تفرق ما إذا كان الشخص يؤمن  بحق من قلبه أم مقتنع عقليًا وحسب؟ المقتنع عقليًا سيقول أن الكتاب صادق، لكنه يرفض أن يسلك به.

إن الإيمان هو السلوك بكلمة الله.

إن إعلانك أن كلمة الله صادقة أن تقل أن الله لا ولن يتخلى عن مساعدتنا في الأوقات العصيبة ثم تتحول بعد ذلك للعالم للمساعدة، لهي مسألة خطيرة! فهي تفتح الباب لخداع وفشل العدو، لأن الكتاب يقول أن إبليس هو إله هذا العالم.

المقتنع عقليًا هو في خطر شديد. إنه في مكان لا يستطيع الله أن يصل إليه، لكن يستطيع إبليس أن يدخل إلى فكره الداخلي، ويفشل بالتالي في الانتفاع بحقوقه وامتيازاته في المسيح.

من السهل أن تُعلن أن كلمة الله صادقة عندما يسير كل شيء على ما يرام. لكن ماذا عندما تأتي الأزمات؟ ماذا عندما تهُب عواصف الحياة؟ ألا تكون كلمة الله وقتها صادقة تمامًا كما في الأيام التي كانت فيها الشمس ساطعة وكل شيء يسير على ما يرام؟

قد يقول المقتنع عقليًا: ” الله لا يُهمِل أبدًا. كلمته صادقة”، وذلك عندما تسير الأمور على ما يرام. لكنه مقتنعًا وحسب، لا يؤمن بحق. هو يظن أنه يؤمن، لكنه ليس كذلك.

إن كناّ نؤمن بحق بكلمة الله، سنكون ثابتين وراسخين عندما تغطي الغيوم حياتنا، تمامًا كما كنا عندما كانت الشمس ساطعة. وفي الحقيقة، يمكننا أيضًا أن نهزأ بالظروف.

حتى لو كانت خزانة الطعام فارغة، نستطيع أن نهزأ بالأمر. لو كان جيبنا خاليًا من المال، نستطيع أن نهزأ بالأمر. لن نكون منزعجين لأننا نعرف الكلمة.

عندما يكون بمحفظتك مائة جنيه ولديك حساب بنكي جيد، فمن السهل أن تقول: “حمدًا للرب، إلهي يسدد كل احتياجاتي. أشعر وكأني أستطيع أن أؤمن به لأجل كل شيء”. لكن عندما ينفذ حسابك البنكي، وتفرغ محفظتك، وتلاحقك الفواتير.. وقتها يكون الأمر مختلفًا.

في أوقات كهذه، ينهار المقتنع عقليًا لاجئًا إلى نوع إيمان توما، ويسلك بما يمكن أن يراه. فهو يستطيع أن يرى أن الاحتياج ما زال قائمًا، ثم يسير بما يراه.

لقد تعلمت منذ وقت طويل أن أتكلم بطريقة صحيحة في وجه العوز والاحتياج الشديد وأقول: “أنا لا أسير بالعيان”. تقول رسالة 2 كورنثوس 5: 7، “لأَِنَّنَا نَسْلُكُ عَلَى أَسَاسِ الإِيمَانِ، لاَ عَلَى أَسَاسِ مَا يُمكِنُنَا رُؤيَتُهُ”. أقول كما قال سميث وجلسورث: “أنا لن أتحرك بما أراه. لن أتحرك بما أشعر به. أتحرك بما أؤمن به وحسب. وأنا أؤمن بكلمة الله”.

تقول كلمة الله: “سَيَسُدُّ إلَهِي كُلَّ احتِيَاجَاتِكُمْ” (فيلبي 4: 19). تقول كلمة الله: “الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلَسْتُ أَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ” (مزمور 23: 1). وأنا أؤمن بالله.

ينطبق هذا الكلام أيضًا على الشفاء. سيكون الأمر هينًا مع بعض الأعراض البسيطة، لكن لن يكون الأمر هينًا أبدًا عندما تكون في ألم. أليست كلمة الله صادقة في وقت ما كما هي في وقت آخر؟ أليست هي صادقة عندما يكون لديك ألم في جسدك كما وأنت صحيح ومعافى؟

إن اخترت أن أسير بالعيان –بما تخبرني به حواسي الجسدية– لكنت مضطرًا أن أقول: “أنا لست على ما يرام.. أنا لم أنل الشفاء”. لكن لأني أسير بالإيمان، فأنا أعلم أنى قد شُفيت باسم يسوع. هكذا نرى أن الإيمان الذي كان لدى توما والتوافق العقلاني هما وجهان لعملة واحدة.

أفضّل أن أستخدم شيئًا سبق أن قاله بولس كاعتراف. أنا أستخدمه دائمًا في حياتي الشخصية. أعترف به لإبليس، وللرب، ولنفسي.

 عندما انكسرت السفينة ببولس وهو في الطريق إلى روما، ضاع كل أمل في نجاته ونجاة الرجال الذين كانوا على السفينة. لكن في وسط هذه الظروف التي تبدو قاتمة، قال بولس: “فِي اللَّيلَةِ المَاضِيَةِ وَقَفَ إلَى جَانِبِي مَلاَكٌ مِنْ عِندِ اللهِ الَّذِي أَنتَمِي إلَيهِ وَأَخدِمُهُ” (أعمال 27: 23).

ثم مضى ليخبر بما قاله له الملاك وهو أن حياة كل إنسان ستخلص إن أصغوا إليه. ثم لخص الأمر بقوله: “تَشَجَّعُوا أَيُّهَا الرِّجَالُ فَلِي إيمَانٌ بِاللهِ بِأَنَّ الأُمُورَ سَتَحدُثُ تَمَامًَا كَمَا قِيلَ لِي” (ع 25). كانت هذه كلمة أحضرها الملاك من عند الله. إن إنجيلنا موثوق فيه تمامًا كهذه الكلمة. لذا أستخدم نفس هذه العبارة، مشيرًا إلى كل ما قيل لي في الكتاب. فأقول: “أنا أؤمن بالله أنه سيحدث كما قيل لي”.

هذا ما فعله إبراهيم بالضبط: آمن وفقًا لما قيل له. بكلمات أخرى، كان هذا صدى لما قاله بولس: “لِي إيمَانٌ بِاللهِ بِأَنَّ الأُمُورَ سَتَحدُثُ تَمَامًَا كَمَا قِيلَ لِي”.

وعلى النقيض، لم يؤمن توما بما قيل له، بل قال: “إِنْ كُنْتُ لاَ أَرَى أَثَرَ الْمَسَامِيرِ فِي يَدَيْهِ، وَأَضَعُ إِصْبِعِي فِي مَكَانِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعُ يَدِي فِي جَنْبِهِ، فَلاَ أُومِنُ” (يوحنا 20: 25 من كتاب الحياة).

إن إيماننا مثل إيمان إبراهيم، لأننا نسل إبراهيم: “… فَإِنَّ البَرَكَةَ الَّتِي أَعطَاهَا اللهُ لإِبْرَاهِيمَ، سَتُنقَلُ إِلَى بَقِيَّةِ الأُمَمِ مِنْ خِلاَلِ المَسِيحِ يَسُوعَ، فَيَقبَلُونَ بِالإِيمَانِ الرُّوحَ الَّذِي وَعَدَنَا بِهِ اللهُ. (غلاطية 3: 14). ويوضح الكتاب أيضًا: “كَذَلِكَ يَنبَغِي أَنْ تَعلَمُوا أَنَّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ هُمْ فِعْلاً أَبنَاءُ إِبْرَاهِيمَ” (ع 7).

كثيرًا ما تشبه حياتنا حادثة تحطم السفينة التي جرت مع بولس. ففي وسط عواصف الحياة التي تعترض طريقنا إن كنا نسير بالمشاعر سيبدو لنا وكأن الله قد تركنا وضاع كل أمل في نجاتنا. لكننا نعلم أنه لم يفعل هذا، لأنه قال: “أَنَا لَنْ أَترُكَكَ وَلَنْ أَتَخَلَّى عَنكَ” (عبرانيين 13: 5). لذا ففي وسط عواصف الحياة، نستطيع أن نقول: “أنا أؤمن بالله”.

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$