القائمة إغلاق

الحكمة الإلهية – الجزء Divine Wisdom – Part 1

لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ.
لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزُّبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ.
 وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ.
 وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ”  (يع3: 15-18)

تعلم أن تسلك بحكمة الله في كل مواقف حياتك

أجتماع الثلاثاء 13 / 11 /2018

سلسلة الحكمة النازلة من فوق 7 أجزاء

الحكمة الإلهية – (السلسلة كاملة) 

▪︎ عندنا الكلمة النبويّة وهي أثبت.

▪︎ مواصفات الحكمة الأرضية.

▪︎ مواصفات الحكمة الإلهية.

▪︎ قَدِّسْ ما تفعله بالروح القدس.

▪︎ لقد أخذت طبيعة إلهية، اسلكْ وفقًا لها!

▪︎ لسنا أولاد جارية، بل أولاد الحُرّة.

▪︎ انْتَقي أفكارك، واحرسْ ذهنك جيدًا.

▪︎ ساركس وسوما.

▪︎ صار يسوع لنا حكمة مِن الله!

▪︎ حكمة ليست مِن هذا الدهر.

▪︎ أيّون وكوسموس.

▪︎ مِن العصيان إلى حكمة الأبرار.

▪︎ لا تكن جسديًا، سالِكًا بحسب البشر.

▪︎ إياك وشهوة العيون! فَكُل شيءٍ هو لك!

▪︎ أنتم أبناء الأنبياء والعهد.

▪︎ أنت ثمينٌ جدًا!

▪︎ اهتمام الجسد هو موت.

▪︎ مَن يحب نفسه يهلكها!

▪︎ تجديد الذهن ومدى أهميته.

طرق إطلاق الحكمة.

 

 أنت انعكاس المجد الإلهي والمجد الإلهي ليس أن يظهر لك الرب كما ظهر في العهد القديم لشعبه كريح أو برق أو رعد.

 المجد ليس أيضًا تجلي المسيح في العهد الجديد؛ “وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ.” (متى 2:17) الذي لم يُغيّر التلاميذ في شيء بدليل أن بطرس أنكر المسيح بعد ذلك؛ “فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ يَسُوعَ الَّذِي قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُني ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا.” (متى 75:26).

 مجد الرب هو إظهار روعته وجماله وإحسانه ويظهر ذلك في تغيير الموقف أو حلّ المشكلة. لا يحتمل الجماد هذا المجد؛ لذلك تقول الكلمة في سِفْر القضاة: “تَزَلْزَلَتِ الْجِبَالُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، وَسِينَاءُ هذَا مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ.” (قضاة 5:5).

 كلما فهمْتَ فِكْر هذا الإله كلما اختبرْتَ مجده في حياتك لأن حياتك مُرتبِطة باكتشاف روعته وقوته، وقوته هذه ليست في أن يظهر لك في رؤيا بل أن تعرفه هو شخصيًا لأن التلاميذ الذين شاهدوه في التجلي تركوه وقت الصليب.

▪︎ عندنا الكلمة النبويّة وهي أثبت:

“أَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ. وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ. وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ، عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. أَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.” (2 بطـرس 16:121).

 كما ذكرّنا سابقًا أن بطرس الرسول أنكر المسيح بعد حادثة التجلي وبعد الصليب قاد التلاميذ للعمل في الصيد مرة أخرى بعد تفرُّغهم للخدمة وهذا يعني أن تجلي يسوع أمامه لم يُثبّته في الحق بل اكتشافه للكلمة التي هي أثبت مِن مشهد التجلي أو أي رؤيا.

 لابد أن تكتشف فِكْر الله مِن خلال كلمته لترى مجده في حياتك وتُبطِل عن عمد ما للطفل لأن الروح القدس يتكلّم إليك مِن خلال الكلمة التي درستها ولهجْتَ فيها وخزّنتها في روحك مسبقًا؛ لذلك تقول الكلمة في الأمثال: “اَلْحُكَمَاءُ يَذْخَرُونَ مَعْرِفَةً أَمَّا فَمُ الْغَبِيِّ فَهَلاَكٌ قَرِيبٌ.” (أمثال 14:10).

 كن حكيمًا وخَزِّنْ الكلمة مسبقًا حتى تعرف ماذا تفعل عند مواجهة الموقف. يستطيع أيضًا إبليس أن يتكلّم إليك مِن خلال الكلمة لأنه لا يرتعب مِمَّن يقرأ الكلمة بل يرتعب مِمَّن يفهمها جيدًا ويعرف كيف يسلك بها. إنْ لم تكن تعرف فِكْر الله في موضوع ما، اطلب مساعدة مَن يتابعك روحيًا.

  • مثال توضيحي

 يعتقد البعض حينما يتحيّر في الاختيار بين عملين أو ارتباط أن الحلّ هو الصلاة في حين أن الحلّ هو دراسة الكلمة ومعرفة فِكْر الله تجاه العمل والارتباط مثلما كان الحلّ لخلاص الخاطئ هو أن يَكرز له أحدهم عن المسيح ليعرف فِكْر الله تجاهه ثم يعلن بفمه قبوله للحلّ الإلهي “يسوع”.

 انتبه! الصلاة ليست اكتشاف لفِكْر الله بل هي وقت ترى فيه الكلمة التي تعرفها وتصلي بها لكي تتحقق في حياتك وعندما تصرخ للرب هو يرسل لك كلمته ليُنقذك؛ “أَرْسَلَ كَلِمَتَهُ فَشَفَاهُمْ وَنَجَّاهُمْ مِنْ تَهْلُكَاتِهِمْ.” (مزامير 20:107وعليك أن تعتنق وتتبنّى أفكاره مِن الكلمة.

 اكتشافك للكلمة لا يحدث عن طريق قراءتك للكتاب المقدس بشكل يومي بل دراسة موضوعات مُعيّنة بمساعدة عظات ومقالات روحية، الروح القدس هو مَن يعمل الكلمة فيك ويساعدك أن تُدركها.

 مثلما تُعلّم الطفل الطريقة الصحيحة حتى يسلك بها بشكل تلقائي حينما يكبر كذلك الله يريد أن يُعلّمك فِكْره وطريقته لكي تسلك بها بشكل تلقائي وهذا ما تعلَّمه بطرس الرسول؛ “وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ” وهذا ما جعله ثابتًا بعد ذلك.

“بَعْدَ هذَا أَظْهَرَ أَيْضًا يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتَّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هكَذَا: كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ، وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ، وَابْنَا زَبْدِي، وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ. قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ». قَالُوا لَهُ: «نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضًا مَعَكَ». فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئًا. وَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ، وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى الشَّاطِئِ. وَلكِنَّ التَّلاَمِيذَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَامًا؟». أَجَابُوهُ: «لاَ! فَقَالَ لَهُمْ: «أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا». فَأَلْقَوْا، وَلَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَكِ. فَقَالَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: «هُوَ الرَّبُّ!». فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ، اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ فَجَاءُوا بِالسَّفِينَةِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعِيدِينَ عَنِ الأَرْضِ إِلاَّ نَحْوَ مِئَتَيْ ذِرَاعٍ، وَهُمْ يَجُرُّونَ شَبَكَةَ السَّمَكِ. فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى الأَرْضِ نَظَرُوا جَمْرًا مَوْضُوعًا وَسَمَكًا مَوْضُوعًا عَلَيْهِ وَخُبْزًا. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «قَدِّمُوا مِنَ السَّمَكِ الَّذِي أَمْسَكْتُمُ الآنَ. فَصَعِدَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَجَذَبَ الشَّبَكَةَ إِلَى الأَرْضِ، مُمْتَلِئَةً سَمَكًا كَبِيرًا، مِئَةً وَثَلاَثًا وَخَمْسِينَ. وَمَعْ هذِهِ الْكَثْرَةِ لَمْ تَتَخَرَّقِ الشَّبَكَةُ. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«هَلُمُّوا تَغَدَّوْا!». وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ مِنَ التَّلاَمِيذِ أَنْ يَسْأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ إِذْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الرَّبُّ.” (يوحنا 1:2110).

 بعد القيامة خرج بطرس عن الخطة الإلهية برجوعه إلى مهنة الصيد وقاد التلاميذ أيضًا إلى ذلك وعندما عرف بطرس أنه الرب “اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ” احترامًا له وبالرغم أن الرب لم يعترف بما فعله بطرس “رجوعه للصيد” بل اعترف بالمعجزة التي فعلها حيث قال لهم: “قَدِّمُوا مِنَ السَّمَكِ الَّذِي أَمْسَكْتُمُ الآنَ” نتيجة المعجزة التي فعلتها وأراد مِن ذلك أن يجعلهم يدركون أنهم بدونه لا يقدرون أن يفعلوا شيئًا.

 عندما قال لهم الرب “هَلُمُّوا تَغَدَّوْا!” لم يقدر أحد أن يناقشه أو يعانده وكأنه يقول لهم “افهموا فِكْر الله” وبعد ذلك تخلى بطرس عن الحكمة البشرية لأنه اكتشف الحكمة الإلهية مِن الكلمة والتي لم تأتي مِن خلال بشر بل مِن الروح القدس.

 تختلف طرق الروح القدس معك وفقًا لمستواك الروحي والموقف، فهو يُظهِر محبته لك أحيانًا ويوبّخك أحيانًا أخرى.

 أي مبادئ بشرية صحيحة إن لم تُزرَع فيك مِن الكلمة وهي نتيجةً للعادات والتقاليد والتربية هي نجسة (غير مُميَّزة لأنها ليس بها لمسة إلهية) مثلاً إذا كنت تُساعد الفقير أو تحترم الكبير نتيجة تربيتك ولا تعرف ذلك مِن الكلمة هو أمرٌ نجسٌ؛ لذلك لابد أن تأكل الكلمة وتعرفها في جميع زوايا الحياة لأنه ليس فِكْر الله أن تكون مُشتَّتًا أو مُتحيّرًا في هذه الحياة.

 أنت مولود مِن الله وممتلئٌ مِن الروح القدس لذلك تستطيع أن تأخذ معلوماتك مِن الكلمة ولا تكون مُتذبذِبًا في الحياة لأن الرب سيأتي لكنيسة مجيدة بلا عيب؛ “لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ.” (أفسس 27:5)، لهذا السبب لابد أن تتقدّم الكنيسة دائمًا إلى الأمام، فالمسيح يُعلَّم؛ “وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هكَذَا” (أفسس 20:4لذا لابد أن تُدرَّب بواسطة مَن يرعاك روحيًا.

 

▪︎ مواصفات الحكمة الأرضية:

“مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلاَ تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ. لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ. لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَّزُبُ هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ.” (يعقوب 13:315).

 مَن يرى نفسه حكيمًا (مَن يرى نفسه ذكيًا وفهيمًا) فليُظهِر ذلك في تصرفات وحكمة صحيحة ووديعة والوداعة هي قابلية التصحيح والتعلُّم عن رضا وليس إجبارًا مثل الرب يسوع؛ “لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ” لأن هناك مَن يعتقد إنه يسلك بحكمة إلهية بالرغم أن هناك أعراض تُثبت عكس ذلك؛ “غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ” تؤكد أنها ليست حكمة إلهية لأنه لا يسلك بالكلمة بل يسلك وفقًا للعادات والتقاليد.

 سُميّت الحكمة الأرضية “نَفْسَانِيَّةٌ” لأنها عبارة عن استنتاجات وتوقعات. أيضًا أُطلِقَ عليها “شَيْطَانِيَّةٌ” لأنها زَرْع إبليس الذي يدير العالم ويتحكم فيه؛ لذلك لا تفتخر بهذه الحكمة لأنها ليست إلهية بل أرضية.

  • “غَيْرَةٌ”: غضب شديد وحالة مِن الغليان وهو الشخص المشحون بغضب كالبركان حتى إنْ كان يحب النفوس، هذا غير مُبرَّر.

 ربما تكون حازِمًا في موقف ما ولكن في ذات الوقت لديك سلامٌ داخليٌّ. كلما عرفت الحق الكتابي تستطيع أن تحكم بشكل صحيح على الأمور وتصير ناصحًا وعاقلاً وتعرف تأخذ حقك في كل المواقف دون أن تغضب. سبب ارتباكك وتشويشك في المواقف هو خلط المبادئ البشرية بالمبادئ الإلهية، والذي يؤدي إلى كل شيء رديء، فإنْ أدركتْ الكنيسة الحكمة الإلهية لن تعيش مُخبَّطة ومُرتبِكة في الحياة.

  • “التَّشْوِيشُ”: الحكمة الإلهية ليست بها تشويش (عدم الثبات والاستقرار)، أي لا تكون هادئًا أحيانًا وأحيانًا أخرى ثائرًا ولا تكون أحيانًا في الارتفاع وأخرى في الانحطاط.

 عندما قال الروح لنا مِن خلال بولس: “أَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ” (1 تيموثاوس 10:6فهذا يعني أنها سبب مِن أسباب الشرور وليس السبب الأساسي.

 الحكمة هي البيت الذي يسكن فيه المعرفة وهي معرفة مُرتبِطة ببعضها البعض لأن الحكمة هي مجموعة معلومات مُرتبِطة ببعضها مثلاً أنت تحتفظ بالطعام في الثلاجة حتى لا يفسد، أنت تفعل ذلك بناءً على الحكمة التي تعرفها أي المعلومات التي تعرفها، فإنْ لم يكن لديك هذه المعلومات لن تفعل ذلك.

 الحكمة الأرضية (ضيق، حزن، إحباط، خوف) هي قانون الموت الذي يعمل في الأرض نتيجةَ توقف الإنسان عن إدخال الحياة إلى الأرض، والموت هو غياب الحياة كالظلمة التي هي غياب النور، وقد قال لنا الكتاب إن الموت والهاوية سيُطرَحان في الجحيم بحسب (رؤيا 14:20) “وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. هَذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي”. أنت كمولود مِن الله تعطي حياة لكل شيء.

 الحكمة البشرية هي السلوك بالحواس الخمس مُعتمِدًا على ما تراه وتسمعه وتشعر به وأن تفرح وتحزن بما يفرح ويحزن به العالَم.

 

▪︎ مواصفات الحكمة الإلهية:

“وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَاراً صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ.” (يعقوب 17:3-18).

  • “فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ؛ أهم شيء أنها نقية، صافية، نازلة مِن فوق (أي الكلمة) وغير مُختلَطة أو مُتلوِّثة بالأمور والمبادئ والأفكار البشرية، ليس بها جزءٌ بشريٌّ وجزءٌ إلهيٌّ. إنْ كان لديك مقاييس مُزدوَجة ربما تعتقد أن الكلمة لها أولوية في حياتك في حين أنك تهتم بأمور أخرى (الهجرة للحياة في مكان أفضل مثلاً) مُبرِّرًا ذلك أن مشيئة الرب لك أن تحيا أفضل حياة.
  • أمثلة للمبادئ والأفكار المُختلَطة بالحكمة البشرية:

“وحَدَثَ لَمّا شاخَ إسحاقُ وكلَّتْ عَيناهُ عن النَّظَرِ، أنَّهُ دَعا عيسوَ ابنَهُ الأكبَرَ وقالَ لهُ: «يا ابني». فقالَ لهُ: «هأنَذا». فقالَ: «إنَّني قد شِختُ ولَستُ أعرِفُ يومَ وفاتي. فالآنَ خُذْ عُدَّتَكَ: جُعبَتَكَ وقَوْسَكَ، واخرُجْ إلَى البَرّيَّةِ وتَصَيَّدْ لي صَيدًا، واصنَعْ لي أطعِمَةً كما أُحِبُّ، وأتِني بها لآكُلَ حتَّى تُبارِكَكَ نَفسي قَبلَ أنْ أموتَ». وكانتْ رِفقَةُ سامِعَةً إذ تكلَّمَ إسحاقُ مع عيسو ابنِهِ. فذَهَبَ عيسو إلَى البَرّيَّةِ كيْ يَصطادَ صَيدًا ليأتيَ بهِ. وأمّا رِفقَةُ فكلمتْ يعقوبَ ابنِها قائلةً: «إنّي قد سمِعتُ أباكَ يُكلِّمُ عيسوَ أخاكَ قائلًا: ائتِني بصَيدٍ واصنَعْ لي أطعِمَةً لآكُلَ وأُبارِكَكَ أمامَ الرَّبِّ قَبلَ وفاتي. فالآنَ يا ابني اسمَعْ لقَوْلي في ما أنا آمُرُكَ بهِ: اِذهَبْ إلَى الغَنَمِ وخُذْ لي مِنْ هناكَ جَديَينِ جَيِّدَينِ مِنَ المِعزَى، فأصنَعَهُما أطعِمَةً لأبيكَ كما يُحِبُّ، فتُحضِرَها إلَى أبيكَ ليأكُلَ حتَّى يُبارِكَكَ قَبلَ وفاتِهِ».” (تكوين 1:2710).

 ظهرت الحكمة البشرية في حُبّ إسحاق للطعام وبسبب حُبه للطعام سلك عكس ما قاله الله سابقًا لرفقة؛ “فَقَالَ لَهَا الرَّبُّ: «فِي بَطْنِكِ امَّتَانِ وَمِنْ احْشَائِكِ يَفْتَرِقُ شَعْبَانِ: شَعْبٌ يَقْوَى عَلَى شَعْبٍ وَكَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِيرٍ” (تكوين 23:25) وبدأ يُفضل عيسو على يعقوب “فَاحَبَّ اسْحَاقُ عِيسُوَ لانَّ فِي فَمِهِ صَيْدا” (تكوين 28:25).

 ظهرت أيضًا في تفضيل رفقة ليعقوب على عيسو؛ “وَامَّا رِفْقَةُ فَكَانَتْ تُحِبُّ يَعْقُوبَ.” (تكوين 28:25) وبدأت مُحاوِلة تحقيق وعد الله (فِكْر الله) بطريقة بشرية وإعطاء يعقوب (الصغير) البركة لأنه بهذه البركة سيسود على عيسو (الكبير) مثلما سلكت سارة بالحكمة البشرية حينما جعلت إبراهيم يتزوج مِن هاجر.

 في النهاية فشلتْ الحكمة البشرية في الحالتين ليس لأن الله خلق البشر فاشلين بل لأنهم سلكوا بطريقة بشرية ولأنه خلق لهم الذهن لكي يستخدموه بطريقة صحيحة مِن خلال الكلمة وليس لكي تستخدمهم أذهانهم. أيضًا تسبَّبتْ الحكمة البشرية في خسائر كبيرة في حياة رفقة؛

  1. 1. محاولة عيسو قتل يعقوب.
  2. 2. غربة وعناء وتعب يعقوب.
  3. 3. لم ترَ رفقة ابنها يعقوب مرة أخر.

 لذلك انتبه دائمًا أن تسلك بطريقة إلهية أي بفِكْر الله في الموقف لأن الحكمة البشرية قد تبدو ناجحة في الظاهر مثلما نجح يعقوب في استقبال البركة مِن والده ولكنك تدمّر شيئًا آخر مثلما أدّتْ إلى خسائر كثيرة في حياة رفقة ويعقوب وعيسو.

لماذا قال الله في (رومية 13:9) “أَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ وَأَبْغَضْتُ عِيسُوَ”؟!

 قرّرَ الله أن يأتي يسوع مِن نسل يحب الرب وعيسو مِن الشرير كما قال الكتاب لأنه اختلط بالأمم وبحسب علم الله السابق اختار أن يأتي يسوع مِن نسل يعقوب وليس عيسو، هذا ليس لأن الرب يُفضِّل شخصًا على شخص آخر. ربما يعتقد شخصٌ ما مُقبِلٌ على الارتباط أن خبرته في العلاقات العاطفية الناتجة مِن مشاهدة الأفلام والمسلسلات ستجعل زواجه ناجحًا وهنا تختلط أفكاره بالحكمة البشرية.

 مِن الممكن أن تكون حكيمًا في عملك بنظرة مَن حولك ولكنك لست حكيمًا مِن وجهة نظر الله. فإذا اعتبرت نفسك حكيمًا بناء على المقاييس البشرية ستلغي عمل الروح القدس وهذا هو السبب في إعطاء الروح القدس حكمة لبصلئيل لصُنْع خيمة الاجتماع؛ “انْظُرْ! قَدْ دَعَوْتُ بَصَلْئِيلَ بْنَ اورِي بْنَ حُورَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا بِاسْمِهِ وَمَلَاتُهُ مِنْ رُوحِ اللهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَكُلِّ صَنْعَةٍ لاخْتِرَاعِ مُخْتَرَعَاتٍ لِيَعْمَلَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَنَقْشِ حِجَارَةٍ لِلتَّرْصِيعِ وَنِجَارَةِ الْخَشَبِ. لِيَعْمَلَ فِي كُلِّ صَنْعَةٍ.” (خروج 2:315) ليصنعوا كل شيء بطريقة صحيحة رغم أن الصناعة موجودة ولكن الرب أراد أن يصنعها بالإلوهية فقط دون الاختلاط بالبشرية ولكن باستخدام البشر.

  • مُسَالِمَةٌ؛ ليس بها انزعاج أو غليان أو غضب أو تعكير أو عدم انسجام. لذلك الحكمة الإلهية تجعلك دائمًا تتحرّك بهدوء وسلام بسبب مبادئ الكلمة التي خزّنتها بداخلك.
  • مُتَرَفِّقَةٌ؛ صبورة، طويلة النفس، غير مُستسلِمة، تكتفي وترضى بأقل شيء بمعنى حتى إنْ لم يتمّ الأمر بشكل كامل 100٪ لا تتأثر بل تستمر في العمل برضا وفرح لأنك لا تسلك وفقًا للعيان بل بالحكمة الإلهية التي بداخلك.

 تستطيع أن ترضى بما هو أقل مِن المُتوقَع ولا تغضب بسبب ذلك، لأن مَن يغضب بسبب ذلك هو شخصٌ رَبَطَ حياته بالأرض حيث إنه مازال يعتنق أفكار بشرية وهذا لا يعني عدم محاولة تغيير العيان بل أن تكون طويل النفس في حياتك لأن الحكمة الإلهية تريدك أن تُحسّن وتُغيّر.

 هي أيضًا تجعلك تثابر في حياتك لأنك تعرف جيدًا ما يُريده الله منك وتقف أمام مواقف الحياة بثباتٍ كأسدٍ زائر لا يهمك العيان ولا تلتفت له وترى الأمور تسير على ما يرام حتى إنْ كان ذلك مُخالِفًا للواقع، لذا تَحدَّثَ أنبياء العهد القديم عن شعب الله بفخر رغم تقصيرهم. مثلاً سليمان الذي تَحدَّث عن عظمة شعب الله: “لأَنَّهُ مَنْ يَقْدُرُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ الْعَظِيمِ هَذَا؟” (1 ملوك 9:3) رغم تعاملهم السيء مع داود أبيه.

 تجعلك الحكمة الإلهية أيضًا تُتمّم الأعمال التي وَكَّلها الله لك مهما واجهت مِن تحديات أو أمور غير مُتوقَعة. بدون الحكمة الإلهية يأتي كل أمر شرير ورديء لأن سبب ثباتك في الأرض مبادئ الكلمة.

  • مُذْعِنَةٌ؛ أي قابِلة للنقاش والخضوع فهي لا تغضب وتُصمّم على ما تريده دون نقاش.

 هذا عكس الحكمة الشيطانية الأرضية غير القاِبلة للنقاش. ذَكَرَ الوحي لنا في الرسالة إلى رومية حقًا ثمينًا: “لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي كَلاَمِكَ وَتَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ.” (رومية 4:3ليس لأن الله هو الله يفعل ما يشاء وهو غير قابل للنقاش بل هو يناقشك فهو لا يسمح أن يذهب الناس إلى الجحيم دون أن يكون لديه تفسير لذلك لأنه الله.

 لله هيبة إلّا إنك تستطيع أن تناقشه وهذا يعني أن لا تغلق باب المناقشة وأن تقبل أن تكون على خطأ في بعض الأحيان، ولا ترى نفسك دائمًا الطرف الذي يرى الأمور بمنظور صحيح ومَن حولك لا يفهمون شيئًا وبالتالي أنت تكسر أمور بشرية بداخلك لخيرك.

 هناك مَن يستند على آية أو اثنين وهو لا يفهم الحق الكتابي بشكل كامل ليأخذ موافقة مَن يتابعه روحيًا ويحاول خلْق أعذار وهميّة ويُبرِّر رغبته في الهجرة مثلاً بأن الرب يريده أن يحيا حياة مريحة ويتسأل “لماذا يستمر في بلد لا تحترم الإنسانية؟! أو لماذا يستمر في عمل به مشاكل كثيرة؟!

 نعم هناك أسباب تجعلك تترك عملك -برجاء الرجوع لسلسلة “كيف تكون ناجحًا ومُثمرًا في الأرض!“- ولكن أحيانًا كثيرة يترك الشخص عمله في حين إنه إنْ استمرَ كان سيحصل على ترقيات كثيرة.

  • مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً؛ مملوءة بالرضا والحنو والترفُّق ومُتعاطِفة وشبعانة؛ أي تفعل الشيء وأنت تشعر براحة داخلية. أحيانًا تضطر أن تنتقل مِن عمل لآخر لأنه يوفر لك الوقت لدراسة الكلمة بشكلٍ أكبر وربما ينتقدك الناس وقتها، لكنك لا تعتبر ذلك بل تفعل الأمر برضا وتشعر براحة تجاهه.

 الحكمة الإلهية تجعلك لا تفكر في ذاتك بل تنظر لجميع الزوايا لأن هناك تعليمًا وحقًّا كاملاً لابد أن تفهمه، فقد تنوي فعل شيء صحيح في زاوية ما لكنه ليس صحيحًا في الزوايا الأخرى.

 مثلاً أحيانًا يكون القرار الصحيح أن ترفض ترقية رغم أن الأمر يبدو رائعًا مِن الخارج ومُتوافِقًا مع الكلمة لأن الرب يريدنا في الارتفاع والمُقدِمة ولكنك تعلم جيدًا في الداخل أنها ستشغلك عن علاقتك بالرب.

 أو تتوقف عن العطاء لشخص بعينه بشكل تدريجي وتخبره بذلك لأنه يعتمد عليك ماديًا حتى تُعلّمه الاعتماد على الرب في تسديد احتياجاته أو ربما تتوقف فجأةً وبشكل نهائي عن العطاء لشخص يستغلك ويكون ذلك تحت قيادة الروح القدس وفهمك لمبادئ الكلمة.

  • وَأَثْمَاراً صَالِحَةً؛ شيءٌ مُربِحٌ وجيدٌ ورائعٌ.

 هنا يقول البعض: “إن ما هو صالح في نظر الإنسان مِن الممكن أن يكون غير صالح في نظر الله ولكن الكلمة تقول: “فَمَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ أَبٌ يَسْأَلُهُ ابْنُهُ خُبْزاً (عطية جيدة) أَفَيُعْطِيهِ حَجَراً (شيء سيء)؟ أَوْ سَمَكَةً (عطية جيدة) أَفَيُعْطِيهِ حَيَّةً (شيء سيء) بَدَلَ السَّمَكَةِ؟ أَوْ إِذَا سَأَلَهُ بَيْضَةً (عطية جيدة) أَفَيُعْطِيهِ عَقْرَبًا (شيء سيء)؟ فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً (البيضة، السمكة، الخبز) فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ.” (لوقا 11:1113).

 بناء على ذلك لا يمكن أن يرى الإنسان الشفاء مثلاً صالحًا ويراه الرب غير صالح وإنْ أخذت شيئًا عكس ما تصلي مِن أجله فالله لم يعطِه لك. جيدة تعني جيدة حرفيًا كما يفهمها الإنسان لأن الله ليس إلهًا غريبًا وغامضًا بل أُعطينا أن نفهم فِكْره.

 هناك أمورٌ خسارتها أمر جيد (علاقات تُعطلك وتُعيقك روحيًا)، وهذا ما قاله الرسول بولس: “لَكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحاً فَهَذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً. بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضاً خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ.” (فيلبي 7:3-8). فهناك أمور لابد أن ترفضها حتى إن كان رفضها يبدو خسارةً لك.

  • عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ؛ تفعل الشيء بكل القلب وكل العزم، هي صريحة وواضحة، مباشرة، غير مُنتقِدة، لا يوجد بها التواء، لا تسعى لذاتها، غير ماكِرة، غير مُنحازة للعيان أو أي شخص سوى الروح القدس، لا تنسحب ولا تصارع وتشبع بما عندها حتى إنْ كان قليلاً.

 لا تنسحب وتتعامل مع مواقف الحياة برعبٍ. عندما لا يسير الأمر كما تريد لا تنفصل ولا تحكم على الآخرين، لا تقاوم ولا تشك ولا تتردّد ولا تسلك بما تراه (ربما يبدو شيئًا صالحًا أمام الناس وهو خبيثٌ في الداخل).

 تجعلك الحكمة الإلهية ترى المواقف بشكل صحيح ولا تنخدع في الآخرين وتتعامل مع المواقف بالقلب الإلهي وتفعل ما كان يفعله يسوع عندما كان على الأرض. فعندما قالت له المرأة الكنعانية: “ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ” (متى 22:15لم يلتفت لها؛ “فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ” (متى 23:15).

 هذا لا يعني إنه لم يُرِدْ شفاء ابنتها بل كان هدفه الأول شعب الله وهي لم تكن مِن ذلك الشعب في ذلك الوقت؛ “لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.” (متى 24:15).

 لكن حينما أعلنت خضوعها لشعب الله؛ “نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا.” (متى 27:15)، في هذه اللحظة أخذت شفاء لابنتها؛ “حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.” (متى 28:15).

  • وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ“؛ أن تعرف من البداية أن تسلك بشكل صحيح.

 حينما قال التلاميذ للرب يسوع: “يَا مُعَلِّمُ الآنَ كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَنْ يَرْجُمُوكَ وَتَذْهَبُ أَيْضاً إِلَى هُنَاكَ!” (يوحنا 8:11). فرد عليهم قائلاً: “أَلَيْسَتْ سَاعَاتُ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي النَّهَارِ لاَ يَعْثُرُ لأَنَّهُ يَنْظُرُ نُورَ هَذَا الْعَالَمِ وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي اللَّيْلِ يَعْثُرُ لأَنَّ النُّورَ لَيْسَ فِيهِ.” (يوحنا 9:11-10).

 كأنه يقول لهم: “أنا أعلم جيدًا ما أفعله!” لا تنسى! هو نفسه يسوع الذي اختبئ في أواخر أيامه لأن اليهود أرادوا قتْله، لأنك قد تتحرك بشكل غير منطقي تحت قيادة الروح القدس ولكن إن لم يقودك الروح القدس إلى ذلك تسلك بالطبيعي.

 ظهرت الحكمة الإلهية حينما منع الروح القدس الرسول بولس أن يُكرز في فريجية وكورة غلاطية وغيرها؛ “وَبَعْدَ مَا اجْتَازُوا فِي فِرِيجِيَّةَ وَكُورَةِ غَلاَطِيَّةَ، مَنَعَهُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالْكَلِمَةِ فِي أَسِيَّا. فَلَمَّا أَتَوْا إِلَى مِيسِيَّا حَاوَلُوا أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى بِثِينِيَّةَ، فَلَمْ يَدَعْهُمُ الرُّوحُ.” (أعمال 6:16-7).

 بالرغم مِن أن الرب قال سابقًا:فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (متى 19:28). وكان بولس يؤمن بضرورة الكرازة لكل الخليقة؛ “أَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ.” (1 كورنثوس 16:9).

 كان لبولس تعليمٌ مُتكامِلٌ ولكنه تبع صوت الروح القدس وتحرَّكَ وفقًا للرؤية الإلهية لأن هناك أماكن لابد أن يتمخّض أولاً مِن أجلها ويصلي. فليس مِن الضروري أن تُكلِّم كل شخص تراه في الشارع عن الرب يسوع لأنك لابد أن تسلك وفقًا لقيادة الروح القدس ولا يعني أنه طالما الباب مفتوح للخدمة أن تخدم، هذا يوضّح ضرورة أن تكون في شركة مع الروح القدس حتى تعرف طريقة تفكيره.

 إنْ كنت تتحرك بالحكمة البشرية، ستقاوم الروح القدس وأي موقف تسلك فيه بخوف وتشويش وحيرة، اعلم أنك تسلك فيه بالحكمة الأرضية النفسانية الشيطانية (زرع إبليس). أيضًا حينما تسلك بتشويش لن تعرف ماذا تفعل في الموقف وربما تكون مُستنيرًا في أمر ما وتسلك فيه بحكمة إلهية ولكنك غير مُستنير في أمر آخر فتسلك فيه بحكمة أرضية.

 هنا تجد مَن يُستفَز حينما يُصحّحه أحدٌ في أمر وهو غير مُستنير فيه مثل بطرس الذي عرف أن يسوع هو ابن الله؛ “فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ.” (متى 16:16 ولكن نجد الرب -بعد فترة وجيزة من هذه الشهادة الرائعة- يقول له: “اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ.” (متى 23:16) حينما حاول إرجاعه عن الصليب؛ “حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هَذَا!” (متى 22:16).

 الحكمة الإلهية تجعلك تتحرّك بسلام وراحة لأنك مُدرِك أنك تسلك بشكل صحيح في كل وقت. تعرَّفْ على الكلمة التي تجعلك تستبدل مبادئ العالم بمبادئ وفِكْر الله وتجعلك أيضًا تقول الحق بمحبة دون أن تجرح أحدًا مثل يسوع لم يكن يجرح أحدًا بالحق ولكن مَن جُرِحوا منه هم مَن رفضوا الحق.

 ربما تجد سلامًا في أمر ولا تجد سلامًا في أمر آخر لأنك ملآن بأفكار العالم في هذا الأمر ولابد أن تُصحّح أفكارك حتى تنمو الكلمة بداخلك لأن السلام هو طريقة تفكير.

 الحكمة الإلهية هي أن تشكر أنك تعرف كيف تغلب وتجتاز في المواقف بنجاح ولديك مفاتيح الحياة.

▪︎ قَدِّسْ ما تفعله بالروح القدس:

“حَتَّى أَكُونَ خَادِماً لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ الأُمَمِ مُبَاشِراً لإِنْجِيلِ اللهِ كَكَاهِنٍ لِيَكُونَ قُرْبَانُ الأُمَمِ مَقْبُولاً مُقَدَّساً بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (رومية 16:15).

 لن تكون خدمة بولس الرسول مقدسة دون الروح القدس لأن الروح القدس هو الذي يُقدِّس الشيء أي يجعله مُتميّزًا وبه لمسة إلهية. كان مِن الممكن أن يتعب ويسافر ويخدم دون الروح القدس ولكن خدمته ستكون نجسة (مُختلِطة بالأمور البشرية والأرضية، ليست إلهية 100٪) في عين الرب.

 رغم إنه كان فيلسوفًا في عصره لكنه لم يتكلّم بكلام بشري عادي -لم يعتمد على حكمته البشرية هذه- بل تكلّم بحكمة الله المُؤسَّسة على فِكْره وهذا ما يجعل الروح القدس يتحرك بسلاسة وسهولة في حياتك.

 لفظ الروح القدس يُعني الروح المُتفرِّد والانفرادية تُعني الخروج عن المألوف والطبيعي. “القُدُس” هي صفة وليست اسمًا. هو مَن يجعل حياتك مُتفردِّة، فتصبح مُنتصِرًا في المواقف التي يُهزَم فيها الآخرون. هو مَن يعطيك الطريقة الصحيحة لفِعْل الأشياء ويخلق لديك عادات جديدة. كلما استقبلت نورًا أكثر منه كلما كانت حياتك مُتفرِّدة ومُتميّزة.

 الآب ليس هو اسم الله بالرغم مِن أن إعرابه في اللغة اسم ولكنه صفة أي وظيفته آب. خُلِقَتْ الأرض لتخضع لآدم وحواء وتمّ معالجة الأمر بعد سقوط الإنسان. الروح القدس هو الذي يجعلك خاضعًا للآب مِن خلال إرشاداته وشركتك معه.

 روح الله وراء كل الصور الرائعة التي تراها، أيضًا لم يعُدْ هناك فاصلٌ بينك وبين الله لأن بولس الرسول قال: “وَنَحْنُ جَمِيعاً نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا فِي مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.” (2 كورنثوس 18:3).

 “بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ” تعني إنه لا يوجد عائقٌ بينك وبينه ولكن عدم معرفتك بكلمة الله تجعلك تُصدق الأوهام والأكاذيب التي يلقيها إبليس على ذهنك بل على العكس كلما تنظر إلى المرآة الصحيحة (الكلمة) تتغيّر لها والسر في أنك تنظر وتكتشف المجد الذي هو صورتك ووحدانيتك مع هذا الشخص، فالكلمة تعلن إنك ملآن صلاح.

 يريدك الرب أن تعرف الطريقة التي يتحرّك بها حتى تكون مُشترِكًا معه في كل شيء بإرادتك. فهو لا يلح عليك ولن يقتحمك، لكن هذا الذي تفسّره أنت إلحاحًا يشير إلى حيرتك في تنفيذ ما طلبه مِنك، وإنْ لم تسمع لصوته أنت تُدرِّب نفسك على العصيان وأن تعرف أنه صوته ولا تطيعه.

 “نَاظِرِينَ”: أنت مَن يتعمّد ويصرّ أن يرى الصور مِن الكلمة وبالتالي تتغيّر لها. إنْ لم تتعرّض للكلمة لن تتغيّر لها ولن تنطلق الحكمة مِن داخلك لأن الكلمة هي التي تقول لك كيف تخدم وما عليك أن تفعله وكيف تُظهِر المجد في حياتك. وقتها ستعرف كيف تحصل على المال بطريقة صحيحة وتُدرك أن أفكار العالم هي خطية.

 ربما تتفاجأ بترقيتك بسبب أن الروح القدس مسح عين مديرك ليرى عملك مُميّزًا ومُختلِفًا وتكتشف أن الحياة سهلة وسَلِسة لأن الطبيعي لك أنك تتحرك مِن مجد إلى مجد ومِن روعة لحالة أروع.

 كونك مولودًا مِن الله أنت في حالة مجد رغم أي عيان مُعاكِس بل أنت فقط تنظر للكلمة بإصرار وإلحاح ولا تعطي أي اعتبار لأي كلمات سلبية يرسلها لك إبليس مِن خلال أشخاص أو يُلقيها على ذهنك وعندما ترفض كل مبادئ بشرية وتستبدلها بالكلمة تكثر النعمة في حياتك.

▪︎ لقد أخذت طبيعة إلهية، اسلكْ وفقًا لها!

“وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ.” (يوحنا 12:1-13).

 كل مَن وُلِدَ مِن الله، حرفيًا يحتوي بداخله نفس طبيعة وقوة الله (المحتوى الإلهي)، لذلك استخدم أسلوب النفي؛ “اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ” ليؤكد لك أنك لم تعُد بشريًا ولم تعُد شخصًا عاديًا بل تحتوي بداخلك نفس طبيعة الله.

 الحكمة النازلة مِن فوق هي حكمة تختصّ بالطبيعة الإلهية التي بداخلك، إذًا الآن لا تنقصك الحكمة بل أنت تحتاج أن تكتشفها وتفهمها ثم تُخرجها مثل أي طفل لديه القدرة على المشي ولكنه لا يمشي مِن أول ثانية يُولَد فيها بل ينمو ويتدرّب على المشي وهذا لا يعني أنك أضفت له إمكانية جديدة لم تكن موجودة بل أنت عملت على إظهار ما لديه مِن إمكانيات.

 أدْرِك أن كل شيء بشري بدون الألوهية التي بداخلك هو نجسٌ. عندما سقط آدم صارت الطبيعة البشرية تسيطر عليه بالرغم أن الجسد أُعطِي للإنسان كي يستخدمه. عندما سقط الإنسان اكتشف إنه عريانٌ لأن عينه انفتحت على عالَم العيان رغم إنه كان عريانًا قبل ذلك.

 هذا يعني أن آدم قبل السقوط كان أكثر انتباهًا لعالَم الروح مِن عالَم العيان وهذا ما يريده الله لك، فالانتباه مِن إمكانيات طبيعتك الروحية. روحك تفهم عالَم العيان أيضًا لأن آدم قبل السقوط كان مُنتبِهًا لعالَم العيان ويهتمٌ بشجر الجنة.

“وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (2 تيموثاوس 15:3).

 هنا لا يتحدث عن خلاص الروح لأن بولس يتحدث لتيموثاوس وهو مولود مِن الله ويقول له إنه يعرف الكتب أي الكلمة التي توعيه وتُعرّفه كيف يخرج ويخلص مِن الموقف وينتصر عليه وهذه هي الحكمة الإلهية التي لابد أن تستبدل كل حكمة بشرية بها لأن كل شيء بشري لابد أن يُستبَدل بالكلمة وإلّا لن يكون ما لديك مُتميّزًا بالروح القدس وستفشل في النهاية.

 انتبه لكل شيء تفعله هل هو خارج مِن الألوهية أم البشرية وافعلْ كل شيء عن عمدٍ وأسالْ نفسك:” لماذا تفعل هذا الشيء؟” لكي تخلق عادات جديدة في حياتك، فأنت تشبه مبنى ضخمًا تم بنائه ولابد أن تفحص كل طوبة (فِكْرة ومبدأ) هل هي مبنية نتيجة يدّ بشرية أم إلهية وسيستغرق ذلك بعض الوقت لتستبدل الأفكار البشرية بالإلهية، فلا تقلق وتستعجل.

 إنْ وجدت أمورًا أساسها بشري لا تلوم الرب لأن ليس ذنبه أن هناك أمور صُنِعَت بيدٍّ بشرية فَمِن المفترض أن تعرف الرب مِن طفولتك.

 عندما تتحكّم في أفكارك وتقود ذهنك حيث تقول الكلمة: “لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ.” (2 تيموثاوس 7:1 أنت بذلك تتحكُم للخلاص. لفظ “روح النصح” يعني أن تتحكّم وتسيطر على ذهنك وليس أن يتحكّم فيك والخلاص هو أن تخرج مِن الموقف وتحيا كما تقول الكلمة وتسيطر على حياتك بالكامل.

▪︎ لسنا أولاد جارية، بل أولاد الحُرّة:

“أَيْ لَيْسَ أَوْلاَدُ الْجَسَدِ هُمْ أَوْلاَدَ اللهِ بَلْ أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ يُحْسَبُونَ نَسْلاً.” (رومية 8:9).

 ابن الله ليس الجزء البشري فيك. أنت تحتوي على طبيعة بشرية وطبيعة إلهية لأنك كائنٌ روحي بداخلك طبيعة الله وصرت شريكًا للطبيعة الإلهية ولكن إنْ سلكت بالطبيعة البشرية (مبادئ وأفكار اكتسبتها مِن المجتمع) فأنت لا تسلك بطريقة صحيحة، وإن سلكت بالطبيعة الإلهية ستسلك بطريقة صحيحة أي تسلك بمبادئ الكلمة ومِن هنا تبدأ حياتك تسير في الاتّجاه الإلهي بسهولة.

“قُولُوا لِي، أَنْتُمُ الَّذِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا تَحْتَ النَّامُوسِ، أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ النَّامُوسَ؟ فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ. لَكِنَّ الَّذِي مِنَ الْجَارِيَةِ وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ، وَأَمَّا الَّذِي مِنَ الْحُرَّةِ فَبِالْمَوْعِدِ. وَكُلُّ ذَلِكَ رَمْزٌ، لأَنَّ هَاتَيْنِ هُمَا الْعَهْدَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ الْوَالِدُ لِلْعُبُودِيَّةِ، الَّذِي هُوَ هَاجَرُ. لأَنَّ هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ الْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا. وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ الْعُلْيَا، الَّتِي هِيَ أُمُّنَا جَمِيعاً، فَهِيَ حُرَّةٌ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «افْرَحِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. اهْتِفِي وَاصْرُخِي أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَتَمَخَّضْ، فَإِنَّ أَوْلاَدَ الْمُوحِشَةِ أَكْثَرُ مِنَ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ». وَأَمَّا نَحْنُ (المولودين مِن الله) أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَنَظِيرُ إِسْحَاقَ، أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ. وَلَكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ الَّذِي وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ يَضْطَهِدُ الَّذِي حَسَبَ الرُّوحِ، هَكَذَا الآنَ أَيْضاً. لَكِنْ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ابْنُ الْجَارِيَةِ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ. إِذاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ.” (غلاطية 21:431).

 يتحدث بولس الرسول عن الناموس والعهد القديم وهو عبارة عن وصايا يحاول الشخص أن يحيا بها، أمّا في العهد الجديد فأصبح للمؤمن طبيعة إلهية، صارت في كل شخص مولود مِن الله وهو يحاول اكتشافها. عندما تسلك بالطريقة البشرية (الطريقة البشرية التي أنجب بها إبراهيم إسماعيل، لا يُحسَب نسلاً) لأنه لا يُحسَب الجزء البشري بداخلك على إنه أمرٌ إلهيٌّ ولكنه وُجِدَ لكي تستخدمه حتى تتواصل مع عالم العيان وليس ليستخدمك، أنا هنا أتكلّم عن جسدك.

 أنت كمولود مِن الله غير مُصمَّم أن تعيش تعيسًا أو مهزومًا في هذه الحياة ولكن لكي تستمتع بهذه الحياة هناك طريقة لابد أن تتبعها، فمثلاً إن كان لديك بذرة مستوردة مِن الخارج ومُميّزة ولكنك لم تقُمْ بزراعتها، بالتأكيد لن تستفيد مِنها شيئًا. كذلك أنت بك طبيعة وجينات الله لكن هذه الطبيعة لن تخرج ولن تعرف أن تسلك بها إن لم تُنميها.

“وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. وَدُعِيَ أَيْضاً يَسُوعُ وَتلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ. قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ. وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثلاَثَةً. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلَأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلَأُوهَا إِلَى فَوْقُ. ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْراً وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ -لَكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا- دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ. هَذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ فَآمَنَ بِهِ تلاَمِيذُهُ.” (يوحنا 1:211).

 “مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ”: تعني في اللغة اليونانية “ما لي ولك يا سيدتي أو يا مُبجَّلة!” لأن الرب يسوع لم يكن مدعوًا في ذلك الوقت أن يتحرّك في آيات وعجائب ولكنه تحرك معها وصنع المعجزة.

“وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ”

 كانت هذه المياه للاغتسال، ولكن يسوع حوّلها لخمرٍ! مجدًا لاسمه. ظهر مجد الله في حلّ مشكلة العريس ولم يدعه يخجل. مجد الله هو الحالة التي هو عليها، أيضًا هو أن ترى أرواح الشر ترتعب مِنك وأن تتكلم والملائكة تسمعك وتُنفذ أوامرك! أنت مدعوٌ لترى هذا المجد في حياتك لأن لديك البذرة (طبيعة الله) ولكن عليك أن تسقيها لكي تنمو.

“مِنْ أَيْنَ النِّزَاعُ وَالْخِصَامُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَ مِنْ لَذَّاتِكُمْ تِلْكَ الْمُتَصَارِعَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيّاً لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ. أَيُّهَا الّزُنَاةُ وَالّزَوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبّاً لِلْعَالَمِ فَقَدْ صَارَ عَدُّواً لِلَّهِ. أَمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلاً: الرُّوحُ الَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ؟” (يعقوب 1:45).

 “تَقْتُلُونَ”: هذه لغة يعقوب لأنه مُتأثِر بلغة اليهود وهو يعني بها تكرهون أي إنك عندما لا تسلك بالمحبة تجاه أخيك أنت تقتله.

“تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيّاً لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ”؛ هم لم يمتلكوا الشيء بسبب إنهم لم يطلبوه وعندما يطلبون لا يمتلكون لأنهم كانوا يطلبون أن يتزوجوا مِن زوجات أخوتهم في الكنيسة وهذه هي الحكمة البشرية الأرضية الشيطانية.

“أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبّاً لِلْعَالَمِ فَقَدْ صَارَ عَدُّواً لِلَّهِ.”

 طالما محبة العالم عداوة لله، فمحبة الله عداوة للعالم (النظام الفِكْري المُسيطر على العالم أي طريقة تفكير هذا الدهر). هذا النظام هو ما يعوق عمل الروح القدس في حياتك. أحيانًا يكون لديك طريقة تفكير العالم في أمور معينة دون أن تعرف بسبب عدم وجودك في جسد (كنيسة حية)، لأن العالم يراها أفكارًا صحيحة مثل طريقة تفكير الكسل أو أن تكره مِن يكرهك أو أن تتكلم كلمات سلبية على حياتك…إلخ. يريد الرب تنقية كنيسته مِن هذه الأفكار.

“أَمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلاً: الرُّوحُ الَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ؟”

 يغير الروح القدس عليك لأنك صرت مِلْكه وجعلته مَلِكًا وسيدًا على حياتك ولابد أن تستمر تجعله مَلِكًا على حياتك عن طريق أن تجعل أفكاره تُسيطر على ذهنك.

 

▪︎ انْتَقي أفكارك، واحرسْ ذهنك جيدًا:

“وَلَكِنَّنِي أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلاً وَاحِداً وَلاَ يَكُونَ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٌ بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأْيٍ وَاحِدٍ لأَنِّي أُخْبِرْتُ عَنْكُمْ يَا إِخْوَتِي مِنْ أَهْلِ خُلُوِي أَنَّ بَيْنَكُمْ خُصُومَاتٍ. فَأَنَا أَعْنِي هَذَا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَقُولُ: «أَنَا لِبُولُسَ وَأَنَا لأَبُلُّوسَ وَأَنَا لِصَفَا وَأَنَا لِلْمَسِيحِ. هَلِ انْقَسَمَ الْمَسِيحُ؟ أَلَعَلَّ بُولُسَ صُلِبَ لأَجْلِكُمْ أَمْ بِاسْمِ بُولُسَ اعْتَمَدْتُمْ؟ أَشْكُرُ اللهَ أَنِّي لَمْ أُعَمِّدْ أَحَداً مِنْكُمْ إِلاَّ كِرِيسْبُسَ وَغَايُسَ حَتَّى لاَ يَقُولَ أَحَدٌ إِنِّي عَمَّدْتُ بِاسْمِي. وَعَمَّدْتُ أَيْضاً بَيْتَ اسْتِفَانُوسَ. عَدَا ذَلِكَ لَسْتُ أَعْلَمُ هَلْ عَمَّدْتُ أَحَداً آخَرَ لأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يُرْسِلْنِي لأُعَمِّدَ بَلْ لأُبَشِّرَ – لاَ بِحِكْمَةِ كَلاَمٍ لِئَلاَّ يَتَعَطَّلَ صَلِيبُ الْمَسِيحِ. فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «سَأُبِيدُ حِكْمَةَ الْحُكَمَاءِ وَأَرْفُضُ فَهْمَ الْفُهَمَاءِ أَيْنَ الْحَكِيمُ؟ أَيْنَ الْكَاتِبُ؟ أَيْنَ مُبَاحِثُ هَذَا الدَّهْرِ؟ أَلَمْ يُجَهِّلِ اللهُ حِكْمَةَ هَذَا الْعَالَمِ؟ لأَنَّهُ إِذْ كَانَ الْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ اللهِ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ بِالْحِكْمَةِ اسْتَحْسَنَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ الْكِرَازَةِ لأَنَّ الْيَهُودَ يَسْأَلُونَ آيَةً وَالْيُونَانِيِّينَ يَطْلُبُونَ حِكْمَةً وَلَكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوباً: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُوداً وَيُونَانِيِّينَ فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ. لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ! فَانْظُرُوا دَعْوَتَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لَيْسَ كَثِيرُونَ حُكَمَاءُ حَسَبَ الْجَسَدِ. لَيْسَ كَثِيرُونَ أَقْوِيَاءُ. لَيْسَ كَثِيرُونَ شُرَفَاءُ. بَلِ اخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ وَاخْتَارَ اللهُ ضُعَفَاءَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الأَقْوِيَاءَ وَاخْتَارَ اللهُ أَدْنِيَاءَ الْعَالَمِ وَالْمُزْدَرَى وَغَيْرَ الْمَوْجُودِ لِيُبْطِلَ الْمَوْجُودَ لِكَيْ لاَ يَفْتَخِرَ كُلُّ ذِي جَسَدٍ أَمَامَهُ. وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرّاً وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً. حَتَّى كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَنِ افْتَخَرَ فَلْيَفْتَخِرْ بِالرَّبِّ.” (1 كورنثوس 23:131).

“بِحِكْمَةِ كَلاَمٍ لِئَلاَّ يَتَعَطَّلَ صَلِيبُ الْمَسِيحِ”

 لابد أن تدرك أن الحكمة البشرية أو طريقة تفكير العالم التي تختص بكل أمور في حياتك تُعطل عمل يسوع في حياتك وتجعل الكلمة بلا قوة أو فعالية. فتجد نفسك تتأثر بالسحر إنْ كنت لا تعرف مَن أنت في المسيح بالرغم مِن أنك غير مُصمَّم أن تتأثر به.

 تمسّكُك بأفكار العالم يُعطل عمل يسوع في حياتك فمثلاً تمسّكُك بالمرض وأنه مِن المستحيل شفاؤك مِنه يُعطل المعجزة أو أن تُفكر كيف ستحدث المعجزة؟! أو مِن أين سيأتي المال الذي تحتاجه؟! أو أن تفكر أنك تستطيع أن تخدم كل الناس ولا تدرك أن لك دورًا مُحدَّدًا عليك القيام به أو أن تصير شخصًا غضوبًا وهائجًا، لأجل هذا قال الرب يسوع: “مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ” (مرقس 7:13).

ما جعل الرسول بولس يتخلص مِن عاداته القديمة المُتشدِّدة هو إدراكه لمحبة المسيح.

 إنْ كنت تعرج بين العيان والإيمان؛ أحيانًا تؤمِن وتصدق الكلمة وأحيانًا أخرى تُصدق العيان وتستند على ما قاله أبو الولد الذي كان به روح نجس؛ “أُومِنُ يَا سَيِّدُ فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي.” (مرقس 24:9لن تستقبل شيئًا، لأنك مرتابٌ.

 بعدها أوضحت لنا الكلمة؛ “فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ الْجَمْعَ يَتَرَاكَضُونَ انْتَهَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ قَائِلاً لَهُ: «أَيُّهَا الرُّوحُ الأَخْرَسُ الأَصَمُّ أَنَا آمُرُكَ: اخْرُجْ مِنْهُ وَلاَ تَدْخُلْهُ أَيْضاً!” (مرقس 25:9).

 أوقف الرب النقاش وانتهر الروح الشرير حتى لا يفضح ويُخجِّل تلاميذه لأن الجمع كانوا يأتون ركضًا مِن بعيد، فكانت ستنتشر الأقاويل أن تلاميذ الرب يسوع لم يستطيعوا إخراج الروح الشرير مِن الولد مما يؤثر لاحقًا على كرازتهم وبعدها شرح لهم يسوع أنهم لم يقدروا أن يخرجوا الروح الشرير بسبب عدم إيمانهم.

 عندما قال الأب ليسوع: “وَكَثِيراً مَا أَلْقَاهُ فِي النَّارِ وَفِي الْمَاءِ لِيُهْلِكَهُ لَكِنْ إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ شَيْئاً فَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا وَأَعِنَّا”. أجابه الرب: “إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ فَكُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ.” (مرقس 23:9).

 كان الرب هنا يريد قول: “كيف تقول لي إن كنت أستطيع أن أفعل له شيئًا؟! فكل شيء مُستطاع للمؤمِن”. تأتي في الترجمة الموسعة؛ “وقال يسوع: (أنت تقول لي) إن كنت تستطيع أن تفعل شيئًا؟ (لماذا) كل الأشياء (ممكنة) للذي يؤمِن!” الخلاصة هي؛ لم تكن الكرة في ملعب الرب، بل حلّ هذا الأمر كان مُتوقِّفًا على إيمان الأب.

 إذًا إن كانت الكلمة لا تملأ ذهنك فلا تصلي في الصباح قائلاً: يا رب أُسلمك اليوم لأنك تُسلمه يومك عن طريق أن تبني طريقة تفكيرك مِن الكلمة وليس عبر الصلاة العابرة السريعة.

 هناك مَن يتساءل إذا كان الرب يريد له الشفاء أو التدخُّل في الموقف الفلاني أم لا؟! ولكن المؤمِن الذي يفهم الكلمة جيدًا يعلم إنه أعلى مِن أي قوة شيطانية أو أي موقف أو مشكلة وإنه لا يوجد شيءٌ يستطيع أن يقف أمامه لأن الروح القدس الذي يسكن فيه يحقنه بالقوة؛ “لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ” (أفسس 16:3 وهو يستقبل هذه القوة مِن خلال طريقة تفكيره.

 “فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ”؛ كلمة الصليب أي رسالة الصليب التي هي قوة الله التي تجعلك تتصرّف بحكمة في جميع المواقف، أنت لديك القوة ولكن لابد أن تعرف كيف تستخدمها وتَدْخُل إلى أعماق الله.

“أَيْنَ الْحَكِيمُ؟ أَيْنَ الْكَاتِبُ؟ أَيْنَ مُبَاحِثُ هَذَا الدَّهْرِ؟ أَلَمْ يُجَهِّلِ اللهُ حِكْمَةَ هَذَا الْعَالَمِ؟ أَنَّهُ إِذْ كَانَ الْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ اللهِ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ بِالْحِكْمَةِ اسْتَحْسَنَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ الْكِرَازَةِ”

 أين فلاسفة هذا العالم وحكمائه؟ إذا كانوا فشلوا في فهم هذا الإله بطرقهم وفلسفتهم، فالرب سُر أن يُخلص الذين يؤمنون ويفهمون بالحماقة -هكذا ينظر لها العالم، لكنها ليست هكذا في حقيقة الأمر- أي الكرازة بالإنجيل.

“لأَنَّ الْيَهُودَ يَسْأَلُونَ آيَةً وَالْيُونَانِيِّينَ يَطْلُبُونَ حِكْمَةً”

 رفض اليهود الرب يسوع لأنهم يسعون ويبحثون عن شيء غير الذي يطلبه الله. أيضًا يكشف لنا الكتاب أنّ اليونانيين يطلبون حكمة وعلم وفلسفة. مِن هنا نفهم أن اعتمادك على فهمك وذكائك “الفهلوة” ليست طريقة تفكير الله أو حكمته. ليست الحكمة أن تتكلُم بلغة العالَم خارج الكنيسة وبلغة المؤمِنين داخل الكنيسة لأنها حكمة بشرية وإنْ فكرت بهذا المنطق، اعلمْ أنك فاشل لأن كل شيء بشري لابد أن لا يكون له صوت في حياتك.

 توجد أفكار تجعلك لا تُدرك أعماق الكلمة وقد يحدث ذلك مِن خلال أشخاص تُعلّمك. أيضًا ربما تدرس الكلمة وتقتنع بها وفي الوقت نفسه لديك أفكارك الشخصية أي تمزج بين أفكار الله وأفكار العالم وبالتالي أنت تُدمِّر حياتك ولن ترى النتائج التي تصلي مِن أجلها.

 كان اليهود يعرفون الشريعة جيدًا ويلتزمون بها ولكنهم رفضوا الرب يسوع ولم يروه لأن كان لديهم اعتقاد معين عن الله بالرغم مِن أن طريقة الرب كانت واضحة في الشريعة.

 يعتقد البعض أن الرب يعرف أن يصل إلى الجميع بأي طريقة ولكن هذا ليس صحيحًا لأن هناك طريقة واحدة وهي الكلمة. قد ترفض طريقة تفكير الكلمة لأنك لا تعرفها وربما تكون تلك الإجابة لمشكلة تعاني مِنها مِن سنين ولكن إن كنت جائعًا للكلمة دائمًا، تصلي بألسنة وتفهم مبادئ الكلمة جيدًا ستعرف كيف تُدير حياتك بشكل صحيح لأن الرب يسوع ردّ على جميع التساؤلات في كتابه.

“وَلَكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوباً: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً أَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُوداً وَيُونَانِيِّينَ فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ!”

 حكمتنا هي الكرازة بالصليب وكيف صُلِبَ ابن الله؟! وهي مشكلة لدى اليهود وحماقة لليونانيين أما لنا فهي سر قوتنا، لذلك لا تخجل مِن اعتناق كلمة الله والتمسُّك بها لأنك إن لم تفعل ذلك لن ترى نتائج في حياتك. إن كنت لا تعرف الحق مِن الكلمة، ادرسها لتعرف الحق. وإن كنت تعرف الكلمة لكنك لا تعتنقها، ابدأ اعتنقها وأكره أفكار العالم ولا تتأمل فيها.

“فَانْظُرُوا دَعْوَتَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لَيْسَ كَثِيرُونَ حُكَمَاءُ حَسَبَ الْجَسَدِ. لَيْسَ كَثِيرُونَ أَقْوِيَاءُ. لَيْسَ كَثِيرُونَ شُرَفَاءُ.”

 انظروا كم واحد قَبِلَ الرب يسوع مِن أهل كورنثوس، لأن أغلبهم كانوا فلاسفة وحكماء حسب الجسد وليس كثيرون مِنهم شرفاء (يعملون أعمالاً بسيطة) وهنا تجد الكثيرين مِن المؤمنين الذين يتمسّكون بأفكار العالم والجسد ويعتنقون الحكمة البشرية ويروا ما يراه العالم صعبًا، صعبًا وبالتالي لا يعرفون أن يدخلوا في أعماق جديدة مع الله أو يمتدون في خدمتهم ولا يعرفون أن يقتلوا الشعور بالدينونة ولكن عندما تعتنق الحكمة الإلهية تُدرك أنك برّ الله.

 

▪︎ ساركس وسوما:

“لِكَيْ لاَ يَفْتَخِرَ كُلُّ ذِي جَسَدٍ (sarx) أَمَامَهُ”؛ أي لا يفتخر أي شخص ذو طريقة تفكير بشرية عادية غير صالحة في حضور الله. لفظ “ساركس” هو لفظ يوناني.

 لفظsarx لا يعني الإنسان العتيق الذي صُلِبَ مع المسيح بل يعني الطبيعة البشرية. أما لفظ “”soma المذكور في (رومية 11:8) فهو يعني الجسد المادي (اللحم والدم).

 كان ليسوع الاثنين؛ “فِي جِسْمِ ((soma بَشَرِيَّتِهِ (sarx) بِالْمَوْتِ” (كو22:1). إذًا “ساركس” ليست جريمة في حد ذاتها بل استخدامه بشكل خطأ هو الجريمة.

 أنت كائنٌ روحيٌّ مولود مِن الله وما يجعلك بشري هو أنك تمتلك نفسًا وجسدًا. لكن لابد أن تقل البشرية وتزيد الألوهية في حياتك عن طريق السلوك بالمبادئ الإلهية وأن تصير طريقة تفكيرك إلهية وبالتالي تعرف أن تتحكّم في جسدك (النوم، الجنس، الأكل) وتُديره ببراعة. عليك أن تفحص مبادئك وتعرف إنْ كانت إلهية أي لها أساسٌ كتابيٌّ أم مِن العالم أم مصدرها إبليس.

 إنْ كانت بشرية عليك أن تكرهها ولا يكن لك علاقة بها (إن هذا المرض مستحيل الشفاء مِنه أو الاستيقاظ مبكرًا صعبٌ للغاية). أدْرِك أن أي شيء بشري لا يستطيع أن يرفع نفسه أمام الله، حيث رُسِمَ لك أن تستخدم البشرية وليس هي مَن تستخدمك.

▪︎ صار يسوع لنا حكمة مِن الله!

“وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرّاً وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً.”

 أنت مُنبثِقٌ مِن الله ولديك حياته وطبيعته وهو لم يجعلك حكيمًا بل جعلك حكمته وهذا يعني كونك قبلت الرب يسوع سيدًا وربًا على حياتك أنت صرت حكمته وصار لك طريقة تفكيره. هناك مَن يقبل حكمة الله (طريقة تفكيره) ثم يرفضها لأنه لم يجد ما يريده بالرغم مِن المفترض أن تحيا مِن أجله. قيمة الشيء هي التي تحدِّد حبك له، لذلك اربط حياتك بعلاقتك مع الله والروح القدس.

 “فِدَاءً”: اُستخدِمت في الرسالة إلى العبرانيين بمعنى نجاة؛ “أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ.” (عبرانيين 35:11). يسوع هو الطريق للخروج مِن المشكلة والنجاة مِنها لأن الحكمة الإلهية هي التي تُنقذك مِن المواقف عن طريق أن ترفض مبادئ العالم وتقبل مبادئ الله وتعتنقها. ربما يكرهك مَن حولك ويسخرون مِنك ويرون في ذلك جهالة لأنك تفكر بطريقة مختلفة عنهم، لكن لا بأس! أنت على صواب.

 يريد الرب أن تتخلى كنيسته عن طريقة التفكير البشرية التي تتضارب مع التفكير الإلهي وهذا لا يعني أن الله ضدّ العقل بل هو روح وهو خارق للطبيعي ولا يستطيع العقل تفسير أو استيعاب الخارق للطبيعي. أنت أيضًا لم تُخلَق لتحيا بالفلسفة البشرية لأنك عندما تسلك بها سيعيق ذلك المعجزة في حياتك.

 اعلم أن اقتناعك بالحقائق العلمية أو المنطق التجاري العالمي سيُعيق الروح القدس مِن التدخُّل في حياتك وربما تتخذ قرارًا خطأ ولا تعرف أن تسمع لأفكاره وتُعيق المعجزة في حياتك لأنه أحيانًا يقول لك أمرًا مُخالِفًا عمّا يقوله لك العقل والمنطق البشري.

“وَلَكِنَّ الطَّعَامَ لاَ يُقَدِّمُنَا إِلَى اللهِ لأَنَّنَا إِنْ أَكَلْنَا لاَ نَزِيدُ وَإِنْ لَمْ نَأْكُلْ لاَ نَنْقُصُ.” (1 كورنثوس 8:8).

 يقصد بولس الرسول هنا إن أكلت ما ذُبِحَ للأوثان لن يؤثر ذلك في علاقتك بالرب، لا يزيد أو ينقص مِنها، بالتالي أي شيء لا يؤثر على حياتك الروحية لا تعتبره.

 حياتك مِن الداخل للخارج كما قال الرب يسوع: ” لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هَذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ.” (متى 11:15 مما يعني أن ما يحدث معك وظروفك لا تؤثر فيك بل ما تفعله أنت هو الذي يؤثر فيك. إنْ ضبطت ذهنك على هذه المبادئ لن يتولّد بداخلك مرارة لأنك أنت مَن تؤثر وليس ما حولك. لا يوجد شيء له قوة عليك. تَعمَّدْ أن تُخرِج روعة الله مِن داخلك وقتها ستعيش حياة رائعة. على النقيض إنْ فكرت فيما يحدث معك مِن الآخرين ستعيش تعيسًا لأنك تعيش مِن الخارج للداخل.

 لا تسمح لنفسك بالاستعباد للأشياء عبر حبك وولعك بها (التكنولوجيا مثلاً) بل استخدمها للرب. لأنك إن أحببت شيئًا وصار يستخدمك بدلاً مِن أن تستخدمه ستجد ارتباكًا وتشويشًا في حياتك بعد ذلك. اربط حياتك بالرب ولا تربطها بأشياء في هذا العالم الزائل.

 كل شيء يحدث على الأرض له أساسٌ روحيٌّ. راحتك تكمن في روحك وهذا ما يجعلك مُنطلِقًا ومُبتهِجًا دائمًا. لا يوجد شيء يُعيق علاقتك بالله إلّا طريقة تفكيرك.

 أنت تصنع المعجزة في حياتك عبر كلمته بمعنى أن تعرف وتفهم فِكْره تجاه الأمر وتجعله طريقة تفكيرك وبالتالي تصل إلى مرحلة الغلبة والسيادة على الظروف والمواقف. الصلاة والتسبيح لا يُصحِّحا شخصية الإنسان الذي هو الحُلم الإلهي، لذلك تمخّض بولس الرسول مرة مِن أجل أهل غلاطية أن يقبلوا المسيح ومرة أخرى مِن أجل أن تتجسّد شخصية المسيح فيهم.

“بَلْ بِهَذَا لِيَفْتَخِرَنَّ الْمُفْتَخِرُ: بِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَيَعْرِفُنِي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الصَّانِعُ رَحْمَةً وَقَضَاءً وَعَدْلًا فِي الأَرْضِ لأَنِّي بِهَذِهِ أُسَرُّ يَقُولُ الرَّبُّ.” (إرميا 24:9).

 فخرك هو أن تدرك فِكْر الله تجاهك وهنا الصلاة لا تفيد شيئًا بل دراسة الكلمة دراسة عميقة. لم يُصلِّ الرب يسوع كثيرًا ليفعل شيئًا بل صلى عند اختياره للتلاميذ لأن كان هناك كثيرون يتبعوه وكان عليه أن يختار مِن بينهم ولكنه اختار في النهاية على أساس أفكار كتابية، فصوت الله يأتي مِن خلال معرفة فِكْره مِن الكلمة في المواقف وليس عن طريق أفكارك الشخصية التي تسمعها وتتصارع معها.

▪︎ حكمة ليست مِن هذا الدهر:

“وَأَنَا لَمَّا أَتَيْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَتَيْتُ لَيْسَ بِسُمُوِّ الْكَلاَمِ أَوِ الْحِكْمَةِ مُنَادِياً لَكُمْ بِشَهَادَةِ اللهِ لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً. وَأَنَا كُنْتُ عِنْدَكُمْ فِي ضُعْفٍ وَخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ كَثِيرَةٍ. وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ. لَكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ الْكَامِلِينَ وَلَكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الدَّهْرِ وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هَذَا الدَّهْرِ الَّذِينَ يُبْطَلُونَ. بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرٍّ: الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هَذَا الدَّهْرِ – لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ. بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ. فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ. لأَنَّ الرُّوحَ يَفْحَصُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ.” (1 كورنثوس 1:210).

 تأتي الحكمة البشرية نتيجةً للتربية، العادات والتقاليد والمجتمع، ومِن إبليس مباشرة. لذا يجب أن تكره وتعادي أفكار العالم مثل استحالة شفاء هذا المرض، استحالة ازدهارك وتسديد احتياجك المادي، فالحكمة الإلهية تقول: “أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي.” (فيلبي 13:4).

 لم تعتمد كرازة الرسول بولس على تلك الحكمة بشرية بالرغم مِن معرفته العلمية العميقة بل كانت ببرهان الروح أي الروح الذي يؤكد ويُثبِت الكلمة بداخلك. مثلاً عندما تسمع أن الشفاء هو حقٌّ لك في المسيح فالروح القدس هو مَن يقنعك بهذا الحق في روحك وهذه هي الحكمة الإلهية. إن لم تكُن في شركة مع الروح القدس لن تعرف أن تستفيد مِن هذه الحكمة.

“وَلَكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الدَّهْرِ وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هَذَا الدَّهْرِ”

 ليست بحكمة مِن النظام العالمي ولا مِن عظماء هذا الدهر الذين تُحركهم أرواح شريرة. دعا الرب يسوع ساعة الصليب “ساعة الظلمة”، حيث استخدم إبليس أذهان مَن قاموا بِصلبه وملأها بالغضب والكراهية ضد يسوع لأن إبليس لم يكن يعرف أن نهايته ستبدأ مِن الصليب فهو يجهل المستقبل.

 أيضًا لو عَلِمَ الفريسيين مَن هو يسوع لكانوا قبلوه ولذلك قال: “لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْد”. لا يستطيع الله تقييد أجناد الشر في الأرض مثلما قَيّد أجناد الشر في السماء لأنه دور الإنسان الذي أُعطِيت له الأرض؛ “السَّمَاوَاتُ سَمَاوَاتٌ لِلرَّبِّ أَمَّا الأَرْضُ فَأَعْطَاهَا لِبَنِي آدَمَ.” (مزامير 16:115).

 “لَكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ”: هذا يعني أن كلامه هو شخصيًا حكمة لأنه فَهِمها واعتنقها في البداية حتى صارت جزءًا مِنه وبالتالي صار يتكلّم بها بشكل تلقائي. هذا ما جعله يكتشف أسرارًا لم يكتشفها أحدٌ غيره وكان يعيش الكلمة أولاً قبل أن يعظها.

 شهد واعترف الرسول بطرس بعمق تعليمه؛ “وَاحْسِبُوا أَنَاةَ رَبِّنَا خَلاَصاً، كَمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ أَخُونَا الْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضاً بِحَسَبِ الْحِكْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ، كَمَا فِي الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضاً، مُتَكَلِّماً فِيهَا عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ، الَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضاً، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ.” (2 بطرس 15:3-16).

 يُرَى مجد الله في حياتك حينما تكتشف حكمته التي تفوق تخيلاتك وذكائك، لذلك تخلى عن ذكائك لأن الرب خلق خيالك وذكائك لكي تستخدمهما روحك.

“بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرٍّ الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا”

 السر هنا هو الصلاة بألسنة وهي أكثر شيء يُخرِج حكمة الله مِن داخلك. كونك أطلقت ألسنة حتى إنْ لم يفهم ذهنك معناها، أنت تُخرِج حكمة الله. هو خبأ هذه الحكمة لقُدسيتها. أيضًا الحكمة الإلهية لا علاقة لها بالحواس الخمس أو العقل البشري بل لها علاقة بالشركة مع الروح القدس؛ “فَأَعْلَنَهُ اللهُ لَنَا نَحْنُ بِرُوحِهِ”.

 علاقتك بالروح هي التي تُطلق هذه الحكمة التي تجعلك تعرف فِكْر الله وتُخرِجك مِن المواقف وتجعلك تصل بالإنجيل إلى العالم أجمع وتجعلك أكثر صلابةً وتعقُلاً. تَذكَّرْ قول الرب: “هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسَطِ ذِئَابٍ فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ.” (متى 16:10) لأن الحكمة ليست شرّ بل استخدامها بشكل خطأ هو الشرّ.

“الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضاً لاَ بِأَقْوَالٍ تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ. وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً. وَأَمَّا الرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ لاَ يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ. لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ.” (1 كورنثوس 13:216).

 أخرج بولس هذه الحكمة عن طريق النطق بها.

“وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُضمير الغائب في كلمة “يعرفه” عائدٌ على أمور الله.

 “وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ (أمور الله) لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً”: أي العقل البشري العادي لا يقدر أن يكتشفها بل لابد أن يمتلئ الشخص بالروح القدس حتى يعرف أن يستوعبها، فالروح الإنسانية المولودة مِن الله هي التي تفهمها.

“وَأَمَّا الرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ لاَ يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ”

 أي يتعجّب الآخرون مِنه لأنه لا يسقط في الفخ أبدًا وهو شخص وديع وناصح أيضًا. يتعجب مِنه الجميع لأنهم يعتقدون مَن هو وديع القلب ليس ناصحًا ولا يعرف كيف يدير الأمور وأنت لابد أن تدرك أنك لست شخصًا مُنطويًّا أو كثيرَ الكلام بل تصمت في مواقف وتتكلم حين يكون مِن الصواب فِعْل ذلك كما كان يسوع يصمت أحيانًا ويتكلم كثيرًا أحيانًا أخرى ويُعلِّم متى كان هذا مطلوبًا.

“لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟”؛ هذا الحق مُقتَبَسًا مِن العهد القديم أما الآن في العهد الجديد نحن لنا فِكْر أي ذهن وطريقة تفكير المسيح “”Mindset of Christ “وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ”.

“وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ جَمِيعِ بَنِيهَا.” (لوقا 35:7).

 تعني أن الحكمة ظهرت وصارت واضحة لِمَن اقتنعوا بها، أي الذي تعتنقه هو الذي يظهر على حياتك سواء حكمة إلهية أو بشرية.

▪︎ أيّون وكوسموس:

“الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ (aiōn) هَذَا الْعَالَمِ (kosmos)، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ.” (أفسس 1:2).

 “دَهْر” تأتي (aiōn) في اليوناني، وهي طريقة التفكير. بينما “الْعَالَمِ” يأتي (kosmos) وهو العالم الملموس.

 إذًا “الدهر” هو النظام وطريقة التفكير التي تَحكُم “العالم” وهو النظام الذي يعمل به الشيء الملموس الذي نراه. إبليس هو المُؤلِّف والمُبتدِع لهذا النظام العالمي الشيطاني وطريقة التفكير الذي يُدار بها. لهذا السبب تقول الكلمة: “الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ.” (2 كورنثوس 4:4). “إله هذا الدهر” أي مُؤلِّفه.

 أيضًا يُطلَق على إبليس “رئيس هذا العالم” كما ذُكِرَ في يوحنا؛ “لاَ أَتَكَلَّمُ أَيْضاً مَعَكُمْ كَثِيراً لأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ.” (يوحنا 30:14). لم يُسمَّ إله هذا العالم لأنه لم يخلقه بل أُخضِعَتْ الأرض له عند سقوط آدم الذي أسلم الأرض له ولأن طريقة تفكير هذا العالم إبليسية لابد أن تكرهها.

 أنت تحيا في الأرض لكن ليس عليك أن تسلك بمبادئ هذا العالم لأن هذا الروح يعمل في أبناء المعصية وليس فيك كابن لله. فأنت كنت ابنًا للغضب أما الآن صارت فيك طبيعة الله وصرت ابنًا له.

▪︎ مِن العصيان إلى حكمة الأبرار:

“وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّاً.” (لوقا 17:1).

 “فِكْرِ الأَبْرَارِ”؛ أي حكمة الأبرار ويقول هنا أن العصاة سيرجعون إلى حكمة الله والعاصي هو الشخص الذي يعصي الله بتلقائية وهو لا يُصارع لكي يعصيه والطبيعي بالنسبة لك كمؤمِن أن تسلك بحكمة الله بسلاسة وسهولة مثلما يسلك العاصي بحكمة العالم. إن كنت سمحت لنفسك بالامتلاء بشهوة العالم لابد أن تمتلئ بكلمة الله حتى تمتلئ بحكمته.

“وَقَالَ أَيْضاً لِتَلاَمِيذِهِ: «كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ لَهُ وَكِيلٌ فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَذِّرُ أَمْوَالَهُ. فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطِ حِسَابَ وَكَالَتِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلاً بَعْدُ. فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ لأَنَّ سَيِّدِي يَأْخُذُ مِنِّي الْوَكَالَةَ. لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْقُبَ وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ. قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي فِي بُيُوتِهِمْ. فَدَعَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مَدْيُونِي سَيِّدِهِ وَقَالَ لِلأَوَّلِ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟ فَقَالَ: مِئَةُ بَثِّ زَيْتٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاجْلِسْ عَاجِلاً وَاكْتُبْ خَمْسِينَ. ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: وَأَنْتَ كَمْ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: مِئَةُ كُرِّ قَمْحٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاكْتُبْ ثَمَانِينَ. فَمَدَحَ السَّيِّدُ وَكِيلَ الظُّلْمِ إِذْ بِحِكْمَةٍ فَعَلَ لأَنَّ أَبْنَاءَ هَذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ فِي جِيلِهِمْ. وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اصْنَعُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ حَتَّى إِذَا فَنِيتُمْ يَقْبَلُونَكُمْ فِي الْمَظَالِّ الأَبَدِيَّةِ.” (لوقا 1:169).

 هذه قصة واقعية وليست مثلاً وتحكي هذه القصة عن شخص كان وكيلاً لشخص غني واستخدم المال بشكل خطأ وبَذَّرَه وأدى ذلك إلى رفضه مِن منصبه وعندما تمّ رفضه فَكَّر ماذا يعمل حيث إنه لا يعرف أن يعمل في الفلاحة ويستحي أن يطلب المال مِن أحد.

 فوجد فِكْرة ترضي جميع الأطراف (صاحب العمل ومديوني سيده) وهي أن يدفع مِن ماله ويُسدّد ديون الأشخاص ويجمع المال لسيده، لذلك مدحه سيده والمال هنا هو مال ظُلم لأن هذا الشخص استخدمه بشكل خطأ ولكن لا يقصد المال بوجه عام. ستجد الكثيرون في السماء الذين يشكرونك على عطائك مِن أجل الكرازة بالإنجيل لهم.

 “لأَنَّ أَبْنَاءَ هَذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ فِي جِيلِهِمْ”؛ أبناء هذا الدهر غير المؤمِنين الذين يسلكون في الظلام هم أحكم مِن أبناء النور المؤمِنين في جيلهم، لكن هذا الأمر اختلف الآن بالنسبة للخليقة الجديدة حيث أصبحت لديك حكمة تفوق حكمة أبناء هذا الدهر فالروح القدس الذي فيك يعطيك حكمةً وأفكارًا واستراتيجياتٍ.

“لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَماً وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا.” (لوقا 15:21).

سيعطيك الروح القدس حكمة لا يستطيع أحدٌ مقاومتها.

“وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا الْحِكْمَةَ وَالرُّوحَ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ.” (أعمال 10:6).

 الروح هو مَن يعطيك الحكمة كما أعطى لبولس، وللرب يسوع حينما لم يكن يمتلك المال الكافي ولكنه طلب مِن بطرس أن يُخرِج المال مِن السمكة؛ “قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «مِنَ الأَجَانِبِ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «فَإِذاً الْبَنُونَ أَحْرَارٌ. وَلَكِنْ لِئَلَّا نُعْثِرَهُمُ اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً خُذْهَا وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَاراً فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ.” (متى 26:17-27).

 توضح الحكمة الإلهية لك نهاية الموقف وهنا يتجلى أهمية دور الرعاية أو الأبوة الروحية التي تكشف لك نهاية الأمر وتنصحك مثلما تقول لشخص: “إنْ لم تذاكر دروسك لن تنجح” دون أن يوجد دافعُ تهديد، ولأن كلام هذا الراعي ممسوحٌ بالروح بالتالي سيكون مُقنِعًا لك.

 لا تخشَ مِن التصحيح واكتشاف نهاية الأمر. لا تكن مثل النعامة التي تضع رأسها في التراب. أيضًا إن تعرضت لإساءة مِن الأبوة الروحية لا تتعثّر وترفض أن يكون لك أبٌ روحيٌّ يُرشدك وينصحك.

 أي شيء ينقص أو يزيد في الجسم البشري يُحدِث خللاً له كذلك نسبة الكلمة لابد أن تكون عالية (لتسكن فيك الكلمة بغنى) بداخلك حتى لا يكون هناك خلل في حياتك.

“لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَاداً، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً.” (غلاطية 8:6).

 إنْ زرعت الكلمة ستحصد حياة وإنْ لم تزرعها ستحصد دمارًا وخرابًا في حياتك، والحصاد لا يحدث بشكل فوري بل ما زرعته مِن سنين قد تحصده الآن.

 عندما تستبعد وتستثني نفسك مِن الكلمة لن تستفيد بالرغم مِن أن الرب يدعوك أن تعرف وتدرس الكتاب لأنه قال: “فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.” (يوحنا 39:5). كلمة الله نافعة لك وهي مَن تُعدِّل مِن شخصيتك وتجعلك ترى الأمور بشكل صحيح. مِن هنا يتدخّل الرب في حياتك لأنك عندما تعتنق فِكْره أنت تتّفق معه وتسمح له أن يتحرك في حياتك.

“وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ فَأَعْطَى وَاحِداً خَمْسَ وَزَنَاتٍ وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ وَآخَرَ وَزْنَةً – كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ* وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا فَرَبِحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. وَهَكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ رَبِحَ أَيْضاً وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ. وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ أَتَى سَيِّدُ أُولَئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا. قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ. كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. ثُمَّ جَاءَ أَيْضاً الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ. فَأَجَابَ سَيِّدُهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِباً. فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.” (متى 14:2530).

 لم يفهم العبد الكسول سيده بشكل صحيح لذلك لم يستثمر في حياته. لابد أن تًدرك أن حياتك هنا على الأرض لها حسابات مكتوبة ومحفوظة في سِفْر الحياة لأنك لابد أن تملك مع الرب على الأرض. إنْ أخطأت في استخدام حياتك لن تملك معه فيما بعد، لذا أول شيء يصنعه الروح القدس في حياتك هو أن ينقلك مِن الكسل إلى النشاط الروحي “مهابة وتقدير الكلمة” فهناك مَن لا يرفض الكلمة ولكنه لا يعتنقها ولا يجعلها طريقة تفكيره (حالة وسطية)، وهذه جريمة!

▪︎ لا تكن جسديًا، سالِكًا بحسب البشر:

“وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَالٍ فِي الْمَسِيحِ سَقَيْتُكُمْ لَبَناً لاَ طَعَاماً لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ بَلِ الآنَ أَيْضاً لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ. فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟ لأَنَّهُ مَتَى قَالَ وَاحِدٌ: «أَنَا لِبُولُسَ» وَآخَرُ: «أَنَا لأَبُلُّوسَ» أَفَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ؟” (1 كورنثوس 1:34).

“لاَ يَخْدَعَنَّ أَحَدٌ نَفْسَهُ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِي هَذَا الدَّهْرِ فَلْيَصِرْ جَاهِلاً لِكَيْ يَصِيرَ حَكِيماً! لأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ اللهِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «الآخِذُ الْحُكَمَاءَ بِمَكْرِهِمْ وَأَيْضاً: «الرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ الْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ. إِذاً لاَ يَفْتَخِرَنَّ أَحَدٌ بِالنَّاسِ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَكُمْ: أَبُولُسُ أَمْ أَبُلُّوسُ أَمْ صَفَا أَمِ الْعَالَمُ أَمِ الْحَيَاةُ أَمِ الْمَوْتُ أَمِ الأَشْيَاءُ الْحَاضِرَةُ أَمِ الْمُسْتَقْبَلَةُ. كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ.” (1كورنثوس 18:322).

أولاً: أطفال pios أي أطفال معاقين في المسيح.

ثانيًا: أنت لم تعد مثل البشر العادي.

 في الأعداد السابقة بدأ أهل كورنثوس يتحزبون ويحبون أشخاص بعينهم ويحتقرون أخرين مِن رجال الله وهنا بولس الرسول يقول لهم إنها حكمة شيطانية ولها إطار روحي لأنهم كانوا مُتعصِبين لبولس ومُحتقِرين لأبلوس.

 هو يقول لكل شخص يرى نفسه حكيمًا ولديه خبرة في الخدمة: “يا ليتك كنت جاهلًا لكي تصير حكيمًا!” لا تكن مِن هؤلاء.

 إنْ كنت ترى نفسك لَبِقًا أو تخاف أن يُفَكّر أحدهم بسلبية عنك أو تفكر كثيرًا في قيمة نفسك لدى الناس وصورتك أمامهم، اضطهد وأكره هذه الأفكار وارفضها ولا تسلك بها. فتمسُّكك بهذه الأفكار يُعيق حكمة يسوع في حياتك والتي تعرفها عن طريق الكلمة.

 لا تفتخر بالحكمة البشرية وأدْرِك أن كل شيء هو لك والكلمة لا تُبالغ في ذلك، فإن بالغ الكتاب يعني هذا إنه ليس حقيقيًا. أيضًا عندما تدرك أن يسوع أعطى الكنيسة كل شيء لن تُحارب أن تمتلك شيئًا ولن تبحث عن قيمتك مِن خلال أشخاص. حينما تتوّج الكلمة تتوجك أي تُنتج في حياتك ما تقوله عنك.

▪︎ إياك وشهوة العيون! فَكُل شيءٍ هو لك!

“لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ.لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ.” (1 يوحنا 15:2-16).

 عداوة العالم تعني أن تكره طريقة تفكير العالَم والبشرية والحواس الخمس.

 “شَهْوَةَ الْجَسَدِ”: الشهوة هي لفظ يعني الرغبة المُلِّحة، لذلك يتوقف ذلك على كيفية استخدامك لجسدك لأنك قد تستخدمه للرب.

 “شَهْوَةَ الْعُيُونِ”: هي الأبعاد الفِكْرية، فمثلاً عندما جَرَّبَ إبليس الرب يسوع لم يأخذه جسديًا إلى جناح الهيكل؛ “ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ وَأَوْقَفَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ.” (متى 5:4) بل ذهنيًا أي أعطاه صورة في ذهنه وهذا لا يعني أنه أخطأ، فهو لم يتجاوب مع تلك الأفكار، أقصد أن مرور الأفكار الشريرة على ذهنك ليس بالضرورة دليلاً على سقوطك فيها، يتوقف الأمر على تجاوبك معها! لذلك شهوة العيون هي أن تتخيل نفسك خارج الكلمة وعندما تقتنع بها يتولّد لديك قوة لفِعلها وتطبيقها.

 َتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ”: هو ليس الغنى الفاحش بل الاعتماد والثقة في الأمور البشرية بدلاً مِن الله أي اعتمادك على ما تمتلكه، وإنْ لم تكن تمتلك شيئًا وتتمنى أن تمتلكه لأنك ترى قوتك فيه، هذا أيضًا تعظُّم معيشة!

“الَّذِي هُوَ لَنَا كَمِرْسَاةٍ لِلنَّفْسِ مُؤْتَمَنَةٍ وَثَابِتَةٍ، تَدْخُلُ إِلَى مَا دَاخِلَ الْحِجَابِ.” (عبرانيين 19:6).

 تحتاج نفسك أن تُثبَّت في يسوع بمعنى أن تعتمد عليه حتى إنْ لم تكن تمتلك شيئًا وحينما تفعل ذلك تهدأ وتستقر روحيًا وتبدأ في رؤية نتائج في حياتك.

“كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلَهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ.” (2 بطـرس 3:1-4).

 أنت وُهِبْت كل ما تحتاج إليه في هذه الحياة كي تعيش حياة مجيدة سعيدة. لفظ “هَارِبِينَ” تعني مُنعزِلين أي غير مُتأثِرين بالفساد الذي يعمل في الأرض، فالحكمة الأرضية هي مفعول الموت على الأرض.

 دعني أضرب لك مثلاً؛ عندما لا تحتفظ بالطعام في الثلاجة سيتعفن نتيجةً لقانون الموت الذي يعمل في الأرض. أما أنت فمفعول الموت لم يعد يسري عليك كشعب الله حينما شهد الكتاب عنهم وقال: “فَقَدْ سِرْتُ بِكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي البَرِّيَّةِ لمْ تَبْل ثِيَابُكُمْ عَليْكُمْ وَنَعْلُكَ لمْ تَبْل عَلى رِجْلِكَ.” (تثنية 5:29).

 لم تبل ثيابهم أو نعالهم بل كبرتْ مع نمو أجسادهم طول الأربعين سنة! هذا يعني أن قانون الموت لم يسري عليهم بل قانون الحياة نتيجةَ خضوعهم لقيادة روحية صحيحة. أنت أيضًا تستطيع أن تحتفظ بأشيائك سليمة رغم انتهاء مدة صلاحيتها عن طريق دراسة وفهم الكلمة وأن تُعلن أن كل ما تمتلكه لا يسري عليه قانون الموت وتشتري أشياء جديدة فقط لتقتني الأحدث.

لاَ تَتْعَبْ لِكَيْ تَصِيرَ غَنِيّاً. كُفَّ عَنْ فِطْنَتِكَ. هَلْ تُطَيِّرُ عَيْنَيْكَ نَحْوَهُ وَلَيْسَ هُوَ؟ لأَنَّهُ إِنَّمَا يَصْنَعُ لِنَفْسِهِ أَجْنِحَةً. كَالنَّسْرِ يَطِيرُ نَحْوَ السَّمَاءِ.” (أمثال 4:23-5).

 عندما ترى الشيء بصورة بشرية أو تحاول عمل شيء اعتمادًا على الحكمة البشرية لن تعرف أن تمتلكه لأن اهتمامك الزائد به يجعله يركب أجنحة ويطير مِنك.

  • مثال توضيحي

 إنْ نظرت لموقف الشاب الغني بطريقة سطحية ستجد العلاج في انتهاره للحزن، لكن عندما تنظر للأمر بصورة أعمق ستُدرك أنه عليه أن يخلع محبة المال مِن قلبه. نعم كان لديه اتّجاهٌ إيجابي وهو أن يأخذ الطبيعة الإلهية، لكن كانت هناك زوايا مازالت لم يصل إليها نور الكلمة.

 لا تكن ذلك الشخص الذي يحارب مِن أجل الحفاظ على صورته أو الفوز في مناقشة أو الانتصار على شريك الحياة.

 

▪︎ أنتم أبناء الأنبياء والعهد:

“وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ. إِذاً نَحْنُ مِنَ الآنَ لاَ نَعْرِفُ أَحَداً حَسَبَ الْجَسَدِ. وَإِنْ كُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لَكِنِ الآنَ لاَ نَعْرِفُهُ بَعْدُ.” (2 كورنثوس 15:5-16).

 عرف الرسول بولس المسيح في البداية بصورة بشرية عادية وبسبب ذلك لم يعرفه بشكل صحيح (كإله)، لذلك قَرَّرَ أن لا يعرف أي شخص مِن الخارج بل مِن الداخل أي الطبيعة الإلهية.

 الحكمة الإلهية توضح أننا لسنا في عهد مع الله والعهد القديم والجديد ليس لنا بل لشعب الله ونحن مُنتَج هذا العهد كما تقول الكلمة:أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الأَنْبِيَاءِ وَالْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدَ بِهِ اللهُ آبَاءَنَا قَائِلاً لِإِبْراهِيمَ: وَبِنَسْلِكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ.” (أعمال 25:3).

 مثل الطفل الذي يُولَد مِن أب وأم، هو ليس في عهد معهما بل هو مُنتَج هذا العهد. وطالما أنك لست في عهد مع الله، فعلاقتك به لا تقوى أو تضعُف أو تبهت بل أنت في الحضور الإلهي دائمًا كما أن الأب سيظل أبًا والابن سيظل ابنًا مهما ارتكب أبشع الخطايا، كذلك أيضًا علاقتنا بالله أبينا بل وأرقى! تقوم الحكمة الإلهية ببناء مبادئ صحيحة بداخلك تجاه الله قبل أن تتعامل مع ظروف حياتك.

 قَطَعَ الرب عهدًا مع إبراهيم لكي يأتي يسوع مِن هذا النسل ثم أزال الناموس الذي كان يفصلهم عن الأمم وعندما أتى يسوع صرت مولودًا مِن الله ولا يمكنك أن تشعر بالوحدة لأنه صار فيك إلّا إن تعمدت السلوك بعكس ذلك. إذًا أنت ابنٌ ولست في معاهدة أو عهد معه.

 

▪︎ أنت ثمينٌ جدًا!

“أَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَائِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ.” (رؤيا 17:3).

 مَن يعتمد على الحكمة البشرية يراه الله شقيًا وبائسًا وفقيرًا وأعمىَ وعريانًا فلا تكن عنيدًا لأنك عندما تفعل ذلك أنت تقاوم الروح القدس.

“مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي.” (غلاطية 20:2).

 الذي يحيا الآن هو المسيح الذي فيك وما تحياه أنت تحياه بإيمان ابن الله فيك فيسوع يؤمِن فيك وبك وينظر لك بمهابة. لا يمكن ليسوع أن يؤمِن بشيء غير حقيقي أو يبالغ لأنه لا يرتكب خطية بل هو يؤمِن بك بشيء حقيقي، لذلك غير مسموح لك أنْ تُقلِّل مِن نفسك كما قال الرب لبطرس: “فَأَجَابَنِي صَوْتٌ ثَانِيَةً مِنَ السَّمَاءِ: مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُنَجِّسْهُ أَنْتَ” (أعمال 9:11).

 إذًا يراك الرب غاليًا وبهيبة، أنت كذلك غير مسموح لك أن تقول أو ترى نفسك عكس ذلك. ليس مِن الغريب أن يحاول إبليس دائمًا التقليل مِنك، لا تصدقه لأنك مولود مِن الله وهذا يعني أن خامتك نفس خامته وأنت لم تعد إنسانًا بشريًا عاديًا بل خليقة جديدة وهو يؤمِن بالخليقة الجديدة التي فيك.

 الحكمة الإلهية هي إظهار قوة الله. هي تكشف لك أن الله بداخلك إنْ كنت مُمتلِئًا مِن الروح القدس وعندما تُدرك ذلك لن تسخر مِن نفسك مرة أخرى أو تتكلم بطريقة سلبية على حياتك وتُدرك أنك ملك وبالتالي تنظر لظروف الحياة بطريقة صحيحة.

 حكمة الله تثق فيك لأنك مولود مِن الله أي كائن روحي تمتلك نفسًا وتسكن في جسد وتعيش في عالَم الروح وتتّصل به وتدخل إليه عَبْر ذهنك، وعندما تستخدم ذهنك في التفكير في الكلمة أنت تفكر في عالم الروح.

 الذي فتح الإنسان على عالم الروح هو التفكير أيضًا حواء خُدِعَت مِن خلال ذهنها؛ “وَلَكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هَكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ.” (2 كورنثوس 3:11). فالأرواح الشريرة سيطرت عليها مِن خلال ذهنها لأن الذهن هو بوابة الدخول إلى عالَم الروح.

 ضعْ قيمة كبيرة لنفسك فلقد مات الرب يسوع مِن أجلك، أنت غالٍ جدًا حيث يوجد مَن يحب ويحترم ويُقدِّر الآخرين ويغفر لهم ولكنه للأسف يتعامل مع نفسه بشكل مختلف لأنه يعرف عيوبه جيدًا، لذلك أفضل شيء أن تتعامل مع نفسك كشخص غريب حتى لا تقف ضد نفسك أو تتفاوت في أخطائك حتى تتعامل مع نفسك وتراها كما ترى الآخرين.

 لابد أن تُبنَى بداخلك مبادئ صحيحة تجاه الله مثل أن الله لا يستخدم الألم ليُعلِّمك دروسًا، فهناك مَن يعتقد أن هناك أشخاص عنيدة لابد أن تعاني وتتألم حتى تتوب وترجع عن طرقها ولكن الكلمة تقول: “لاَ تَضِلُّوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ. كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ.” (يعقوب 16:1-17).

 إذًا لا تضل عن طريق أن تقول أو تعتقد أن المرض أو المشاكل مِن الله، فحينما تقتنع بذلك ستجري مِن الله ولن تجري إليه (تلجأ إليه). الله روح وليس جسدًا، بالتالي لن يتعامل معك جسديًا.

 إنْ لم تفهم طريقته ستنتظر أشياء ولا تحصل عليها في النهاية لأنه يستجيب مِن خلال كلمته أي فِكْره لأن بداخله القوة لإحداث التغيير في الموقف فهو يتعامل مِن عالم الروح وعليك أن تتعامل مِن عالَم الروح لكي تُغيّر المواقف أي ترجع للأصل (عالم الروح) مثل العلماء الذين عندما يريدون إحداث أي تغيير يرجعون إلى نواة (أصل) الشيء ويسوع كان يقول دائمًا: “اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ” أي أقول لكم نواة (أصل وحقيقة) الأمر.

“فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ.” (يوحنا 1:15).

 يسوع هو الخالق ولم يُخلَق شيءٌ بدونه. كل شيء خُلِقَ به مما يعني أن مصدر كل شيء هو روحي، إذًا الحكمة الإلهية تروحن الأمور، بمعنى آخر توضح لنا أصل (جذر) كل شيء هو روحي. حتى تُحدِث أي تغيير في العيان لابد أن ترجع إلى الأصل (عالَم الروح) لأنه هو الذي يُحرك العيان حتى تمسك بزمام الأمور في حياتك لأن الله في صفك ضد الظروف.

“نِهَايَةُ أَمْرٍ خَيْرٌ مِنْ بَدَايَتِهِ. طُولُ الرُّوحِ خَيْرٌ مِنْ تَكَبُّرِ الرُّوحِ. لاَ تُسْرِعْ بِرُوحِكَ إِلَى الْغَضَبِ لأَنَّ الْغَضَبَ يَسْتَقِرُّ فِي حِضْنِ الْجُهَّالِ. لاَ تَقُلْ: «لِمَاذَا كَانَتِ الأَيَّامُ الأُولَى خَيْراً مِنْ هَذِهِ؟» لأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ حِكْمَةٍ تَسْأَلُ عَنْ هَذَا. اَلْحِكْمَةُ صَالِحَةٌ مِثْلُ الْمِيرَاثِ بَلْ أَفْضَلُ لِنَاظِرِي الشَّمْسِ. لأَنَّ الَّذِي فِي ظِلِّ الْحِكْمَةِ هُوَ فِي ظِلِّ الْفِضَّةِ وَفَضْلُ الْمَعْرِفَةِ هُوَ أَنَّ الْحِكْمَةَ تُحْيِي أَصْحَابَهَا.” (جامعة 8:712).

 الحكمة البشرية تجعلك قصير النَفَس، تفرح وتتحمّس للأمر في بدايته فقط ثم تبدأ تملّ مِنه، أما الحكمة الإلهية تجعلك تنظر لنهاية الأمر وتُحفّزك أن تستمر في الطريق لأنك تثق دائمًا أنك ستصل إلى هدفك. يهتم الرب بنهايات الأمور ليس فقط بالبدايات؛ مثلاً هو لا يهتم فقط باختيار الشخص المناسب للارتباط به بل يهتم أيضًا باستمرار هذا الارتباط بنجاح.

 الكبرياء هو أن تفكر بصورة معاكسة للكلمة ولا تخضع لها. تَذكَّر أن الرب بنفسه يقاوم المُستكبِرين؛ “وَلَكِنَّهُ يُعْطِي نِعْمَةً أَعْظَمَ. لِذَلِكَ يَقُولُ: يُقَاوِمُ اللَّهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً.” (يعقوب 6:4). لابد أن تتخلى عن كل طريقة تفكير بشرية تُخرِّب حياتك.

“لأَنَّ الَّذِي فِي ظِلِّ الْحِكْمَةِ”: أنت في حماية الروح القدس ولا تنظر للوراء مُتحسِّرًا على الأيام الرائعة، حيث تقول الكلمة تقول: “أَمَّا سَبِيلُ الصِّدِّيقِينَ فَكَنُورٍ مُشْرِقٍ يَتَزَايَدُ وَيُنِيرُ إِلَى النَّهَارِ الْكَامِلِ.” (أمثال 18:4). أيامك تزداد دائمًا روعة وإشراق.

“فَقَالَ: «وَوَيْلٌ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ لأَنَّكُمْ تُحَمِّلُونَ النَّاسَ أَحْمَالاً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَأَنْتُمْ لاَ تَمَسُّونَ الأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُمْ. وَيْلٌ لَكُمْ لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَآبَاؤُكُمْ قَتَلُوهُمْ. إِذاً تَشْهَدُونَ وَتَرْضَوْنَ بِأَعْمَالِ آبَائِكُمْ لأَنَّهُمْ هُمْ قَتَلُوهُمْ وَأَنْتُمْ تَبْنُونَ قُبُورَهُمْ. لِذَلِكَ أَيْضاً قَالَتْ حِكْمَةُ اللهِ: إِنِّي أُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ وَرُسُلاً فَيَقْتُلُونَ مِنْهُمْ وَيَطْرُدُونَ.” (لوقا 46:1149).

 هؤلاء ناموسيون ويعرفون الكلمة جيدًا ولكن الحكمة الإلهية تراهم بشكل مختلف لأنهم لا يفهمون فِكْر الله بشكل صحيح قالت حكمة الله هنا إنهم سيقتلون الأنبياء. حتمًا سيُهاجمك أشخاص ولكن يسوع الذي فيك سينتصر في النهاية. إنْ كنت مُتحيِّرًا تجاه أمر ما، ادرسْ ما تقوله كلمة الله بخصوصه.

 

▪︎ اهتمام الجسد هو موت:

“أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ.” (1 تسالونيكي 4:4).

في العدد الثالث يقول: “لأَنَّ هَذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا”. ثم يكمل ويقول لهم إنّ عليهم أنْ يتعلموا إدارة أجسادهم لأنك أنت مَن يدير جسدك بشكل صحيح وليس الله مَن يفعل ذلك بالنيابة عنك مما يعني أن هناك طريقة لقيادة جسدك. إنْ عرفت كيف تقود جسدك ستعرف كيف تقود حياتك بالكامل والروح القدس سيساعدك في ذلك.

 دعني أسألك؛ “هل جسدك (الهيكل) به عبادة أم لا؟! لأنه إن لم يكن به عبادة فهو عاطلٌ ولست مُسيطِرًا عليه! أدْرِك أن هناك علاقة بين كل أمور حياتك -مشاكل أسرية، مشكل مادية، خسارة في مشروعك الخاص نتيجة سذاجتك، رغم أنّ الروح القدس لا يريدك ساذجًا في هذه الحياة وسهل الخداع لأن هذا يكون نتيجةَ يدٍّ شريرة تعمل في حياتك وتُسيطر عليك- والعبادة وإنْ تعاملت مع مشاكلك بطريقة بشرية ستُخرِّب حياتك.

 تذكر أنك تُغذي الجسد عن طريق التفكير في شهواته ورغباته. إنْ كنت تُفكر في أمور تافهة ستُسيطر عليك وإنْ فكرت في أمور كثيرًا ستراها ضخمة ويصير لها قيمة ضخمة في نظرك كما قال الكتاب: “لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أيضًا.” (متى 21:6). الكنز هو الشيء الذي تُعطيه اهتمامًا كبيرًا في حياتك.

 إنْ كنت تخشى حدوث شيء ما، ضعْ له قيمة وتخيل حدوثه ولا تخف مِن أي نتيجة لأن الرب فيك وهو يقف في صفك حتى إنْ أخطأت. تعمّدْ أن ترى قيمة الآخرين كقيمة الرب يسوع الذي مات مِن أجلهم، فقيمة الإنسان لا تعتمد على أعماله أو إنجازاته. هكذا ينظر الله للبشرية! مِن هنا ستنتهي المرارة مِن حياتك.

“لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا نَحْنُ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ وَلَكِنَّ الَّذِينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ. لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ وَلَكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ. لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعاً لِنَامُوسِ اللهِ لأَنَّهُ أيضًا لاَ يَسْتَطِيعُ. فَالَّذِينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ.” (رومية 4:88).

“فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ”؛ الذين هم للجسد أي الذين يعتبرون ويقتنعون بما تقوله لهم الحواس الخمس، مثلاً أن يقتنع جسدك ويقبل أعراض البرد لأنه يشعر بها. إنْ سلكت بالحواس الخمس ستخضع للقانون الحسي وسيستمر المرض وينتهي بنهاية سيئة.

“لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ”

 اعتبار الجسد وما تقوله لك الحواس الخمس وترحيبك به هو بمثابة ترحيب بقانون الموت. ما كان يُصادقه المؤمِنون ويعتبروه أمرًا عاديًا هو موت والموت يعني أن تسوء ظروفك أكثر وأكثر بسبب استسلامك للعيان وتعتقد أن الحل أن تطلب مِن الرب التدخُّل في المشكلة وأنت على النقيض تُدخِل إبليس في حياتك باهتمامك بالعيان واقتناعك بما تشعر به.

 لابد أن تُدرك أن الحواس الخمس ليست لها مصداقية وهي ليست حقيقية والرب يضحك عليها ويسخر منها؛ “السَّاكِنُ فِي السَّمَاوَاتِ يَضْحَكُ. الرَّبُّ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ.” (مزامير 4:2لأنه لا يعتبر أي شيء خارج مملكة الله.

 سلوكك بعكس الكلمة مثل إدانة نفسك؛ “إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (رومية 1:8) أو أن تكون ثائرًا وغاضبًا يُسبِّب لك المشاكل في عملك وفي بيتك ولكن حينما تحب الرب بكل قلبك بمعنى أن يكون لك طريقة تفكيره ونظرته للمواقف سترى حياة الله “زوى” تعمل في حياتك وتبدأ تُسيطر على جسدك وكل شيء حولك لأن ذهنك صار مُمتلِئًا بالأفكار الإلهية.

 افحصْ نفسك؛ هل تحليلاتك تجاه المواقف والأشخاص بشرية أم إلهية؟! إنْ صَدَرَ قرارٌ ضدك، هل تؤمِن أن صلاتك بإمكانها تغيير هذا القرار أم ترى استحالة تغييره؟!

 أدْرِك إنك حينما تُصلي أنت تُطلِق الحكمة الإلهية في الموقف ومِن خلال عمل الروح القدس في ذهن مَن اتّخذ هذا القرار يُغيّر هذا القرار لخيرك بسبب حركة الملائكة التي تنتظر الأوامر مِنك دائمًا لأنهم مخلوقون لخدمتك؛ “أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحاً خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ!” (عبرانيين 14:1). هذا ما يجعلك مُطمئِنًا ومُستقِرًا غير مُضطرِب بشيء.

“لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعاً لِنَامُوسِ اللهِ لأَنَّهُ أيضًا لاَ يَسْتَطِيعُ.”

 كلما سلكت بالحواس الخمس أنت تُصادق إبليس وتعادي الله. خلق الله الحواس الخمس لتستخدمها أنت لا لكي تستخدمك هي! إذًا أنت مَن تضع مبادئ وأفكار الله في الأرض، أنت لا تأخذ مِن الأرض بل تُعطي لها لأنك عندما تأخذ معلوماتك مِن الأرض تعيش عكس الله وتخضع للأرض.

 لكن عندما تفكر بطريقة إلهية تخضع الأرض لك. لا تعرج بين الفرقتين؛ أن تفكر أوقات بطريقة إلهية وأوقات أخرى بطريقة بشرية. ارفضْ طريقة التفكير البشرية نهائيًا.

 تُطلَق روحك وتتحرك عَبْر ذهنك. إنْ كان ذهنك مُمتلِئًا بأفكار إلهية ستعرف أن تحكم بشكل صحيح في الأمور وسينتهي الصراع بداخلك بين الصواب والخطأ ولن تجد صوت روحك مُختلِفًا عن صوت ذهنك بل سيكون هناك توافقٌ بين الاثنين لأن ذهنك هو قناة وبوابة روحك وكلما أطلقت ثمر روحك كلما تنطلق الحكمة الإلهية وترى يدي وعمل الروح القدس في مواقف حياتك.

▪︎ مَن يحب نفسه يهلكها!

“مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ.” (يوحنا 25:12).

 “نَفْسَهُ”: النفس البشرية Psuchē في اليوناني. ما جعلك بشريًّا هو النَفْس البشرية (الفِكْر والمشاعر والإرادة) لأنك كائن روحي في الأساس.

 تحتاج أن تُبغض نفسك بمعنى أن تُبغض وتضطهد الأفكار البشرية (الشك في الآخرين دائمًا أو تحليل المواقف بصورة مُبالَغ فيها) لأنها تُعيق عمل الروح القدس في حياتك ولأنك إنْ أحببتها ستُهلِكك وتُدمِّرك أما عندما تبغضها أنت بذلك تُحافظ على نفسك وتجعل Zōē حياة الله تسود عليك.

 “حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ”: Zōē التي هي طبيعة الله وحياته التي لا تُقهَر ولا تُهزَم ولا يمكن كسرها والتي صارت فيك؛ لذلك أنت لست إنسانًا عاديًا لأنك مُتّحِدٌ وشريكٌ وذائبٌ في الطبيعة الإلهية وتصل إلى مرحلة الاحترافية في السلوك بالروح حينما تصير ماهرًا في معرفة الكلمة.

 أيضًا ستصبح قادرًا على معرفة أسباب المشاكل لأن يسوع هزم إبليس وجَرَّده مِن سلطته؛ “إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ اشْهَرَهُمْ جِهَاراً، ظَافِراً بِهِمْ فِيهِ.” (كولوسي 15:2). بالتالي هو ليس له أي قوة أو سلطان عليك الآن، كما تكمن قوتك في معرفتك للمكتوب ومَن أنت في المسيح والمبادئ الصحيحة في كل موقف.

 الروح القدس شخص سَلِس وسهل جدًا. هو لا يتعامل مع فئة معينة مِن الناس، كما إنه يتكلّم إليك مِن خلال الكلمة ويضع مبادئ الله فيك ويشرح لك ماذا تفعل ولماذا تفعله لأن هناك مَن اعتقد خطأً أنّ الروح القدس كان يتكلّم فجأةً لأنبياء العهد القديم برسالة معينة بغض النظر عن جهلهم بكلام الله، لكن هذا غير سليم.

 كان الأنبياء دارسين للكلمة ويلهجون بها دائمًا ولذلك كان لديهم فِكْر الله بداخلهم وكانوا يعلمون جيدًا أخبار شعبهم ولذلك استطاعوا أن يتحرّكوا بسلاسة مع الروح القدس، إذًا هذا مرتبطٌ بذاك! كلما صرت في شركة حميمة معه كلما اختلفتْ تعبيراتك وردود أفعالك تجاه المشاكل والمواقف وتصير أكثر اتّزانًا.

“لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.” (2 بطـرس 21:1).

 أناس الله الذين صاروا فاهمين لفِكْر الله، هُم ليسوا أناسًا عاديين بل أشخاصًا عمل الله على شخصياتهم حتى صاروا رجال الله الذين يفهمون ويعرفون هذا الإله. بالطريقة نفسها يقودك الروح القدس فهو يقول لك عن فِكْره في الموضوع (العمل، الشفاء، الأسرة، الماديات، العلاقات) وعندما تمتلئ بالكلمة هو يتحدث إليك مِن خلال مبادئ الكلمة التي وُضِعَتْ بداخلك، لذلك ادرس الكلمة كموضوعات حتى تحصل على أقصى استفادة.

“وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْحَمَلِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ.” (رؤيا 11:12).

 هم لم يحبوا حياتهم Psuchē حتى إن اضطروا الموت في سبيل ذلك. ما أسهل أن تسلك مع الروح القدس حينما لا تعطي قيمة للمبادئ البشرية. ستصير شخصًا عجيبًا في نظر البشر العادي، لذلك لا تحاول أن تبحث عن كرامتك في شيء أو شخص ولا تنتظر مدح الآخرين لك ولا تبذل مجهودًا مُبالَغًا فيه حتى يمدحك الآخرون.

 لا تُركِز كيف يراك الآخرون. لا تصير عبدًا لآرائهم ولا تُحلل المواقف أو تتّخذ قرارات احتياطية خوفًا مِن خيانة الآخرين لك. أيضًا لا تكن مُتفاوِتًا أو سالِبًا لحقوق الآخرين لأنك حينما تفعل ذلك أنت لا تُسلِم أمورك للرب وبالتالي أنت تُدخِل الموت إلى حياتك.

 مثلاً؛ إنْ كنت تاجرًا لابد أن تسلك بالمبادئ القانونية في المنافسة ولا تسلك بالمبادئ البشرية ولا تُبرّر عدم سلوكك بالمبادئ الإلهية بأنها تؤدي إلى خسارتك لأنها هي التي تجعلك تربح وتُبارِكك.

▪︎ تجديد الذهن ومدى أهميته:

“الْحِكْمَةُ عِنْدَ الْفَهِيمِ وَعَيْنَا الْجَاهِلِ فِي أَقْصَى الأَرْضِ.” (أمثال 24:17).

 الشخص الفاهم يعرف أن يفكر ويركز في الحكمة ويستحضرها في الموقف على عكس الجاهل (الواثق في آرائه الشخصية لأنه يحب المبادئ البشرية ولا يضطهدها أو يرفضها) الذي يسرح دائمًا وهو مُشتَّتُ الأفكار.

 اعلم هذا؛ إنْ كنت تفكر وتسلك بالمبادئ البشرية ستسرح دائمًا، والحل أن تضع تركيزك في الكلمة لأن ذهنك مثل مبنى ضخم، لا تستطيع هدمه مرة واحدة بل تقوم بفحص طوبة طوبة (فِكْرة فِكْرة)، هل هي جيدة (مُتوافِقة مع الفِكْر الكتابي) أم لا!

 إنْ لم تكن لها أساسٌ كتابيٌّ عليك بإزالتها واستبدالها بطوبة (فِكْرة) صالحة (متوافقة مع الفِكْر الإلهي). ما أتحدّثُ عنه هو ما يُطلِق عليه الكتاب تجديد الذهن الذي هو استبدال الأفكار والمبادئ البشرية بأفكار ومبادئ إلهية.

 “وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.” (رومية 2:12). عندما تستبدل كل أفكار بشرية بأفكار إلهية تصبح أكثر استقرارًا وتتعامل مع المواقف بشكل صحيح وتعرف كيف تُسيطر على ذهنك.

“أَمْثَالُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ: لِمَعْرِفَةِ حِكْمَةٍ وَأَدَبٍ لإِدْرَاكِ أَقْوَالِ الْفَهْمِ.” (أمثال 1:1-2).

 هدف هذه الأمثال أن تُعرِّف الناس بالحكمة الإلهية لأنك تستطيع معرفتها من خلال الكلمة.

“مَخَافَةُ الرَّبِّ رَأْسُ الْمَعْرِفَةِ. أَمَّا الْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ الْحِكْمَةَ وَالأَدَبَ.” (أمثال 7:1).

 “مَخَافَةُ الرَّبِّ”؛ هي عبادة الرب بكل القلب وأن تُشكك في المبادئ البشرية ولا تقتنع بها وأن تهابه بمعنى أن لا تهاب شيئًا أو شخصًا غيره. عندما تفهم وتدرك حضور الله الذي فيك لن تنجرف وراء أمور العالم لأنك لا تنبهر بشيء غيره ويبدأ الروح القدس يستأمِنك ويكشف لك فِكْره.

 عكس الهيبة “الاحتقار”. سرحانك الدائم يعني أنك تهاب أشياء أخرى غير الرب. إنْ كنت تنبهر بالــ Social Media أنت تحتقر الرب. لذلك تَعَلَّم أن تستخدم الـ Social Media في نشر الكلمة ولا تتركها تستخدمك.

“يَا ابْنِي إِنْ قَبِلْتَ كَلاَمِي وَخَبَّأْتَ وَصَايَايَ عِنْدَكَ حَتَّى تُمِيلَ أُذْنَكَ إِلَى الْحِكْمَةِ وَتُعَطِّفَ قَلْبَكَ عَلَى الْفَهْمِ – إِنْ دَعَوْتَ الْمَعْرِفَةَ وَرَفَعْتَ صَوْتَكَ إِلَى الْفَهْمِ إِنْ طَلَبْتَهَا كَالْفِضَّةِ وَبَحَثْتَ عَنْهَا كَالْكُنُوزِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ الرَّبِّ وَتَجِدُ مَعْرِفَةَ اللَّهِ.” (أمثال 1:25).

“تُمِيلَ أُذْنَكَ إِلَى الْحِكْمَةِ”: أن تحب الكلمة عن عمد وتتغزّل فيها وتهتف بها ولا تكن شخصًا يهتف لأمور أخرى ولا يهتف بالكلمة.

“وَالآنَ هَا أَنَا أَذْهَبُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُقَيَّداً بِالرُّوحِ لاَ أَعْلَمُ مَاذَا يُصَادِفُنِي هُنَاكَ. غَيْرَ أَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يَشْهَدُ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ قَائِلاً: إِنَّ وُثُقاً وَشَدَائِدَ تَنْتَظِرُنِي. وَلَكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ.” (أعمال 22:2024).

 قال الروح القدس لبولس أن هناك شدائد ومشاكل تنتظره وما جعله مُستعِدًا لمواجهة هذه الضيقات أن لا شيء يُحرِّكه أو يُخيفه أو يُغيّره أو يُؤثِر عليه لأنه لم يضع قيمة لنفسه Psuchē أي البشرية.

 عندما لا تعطي قيمة لشيء أو شخص ستعرف أن تُتمّم دعوتك والمهام التي وُكَّلها الرب لك لأن إعطائك قيمة للأمور هو ما يُعيق عمل الروح القدس في حياتك على عكس أن تُشكّك في الأفكار البشرية وترفضها فتبدأ تنطلق في حياتك الروحية وترى عمل الروح القدس في حياتك.

طرق إطلاق الحكمة:

  • كلمة الله

 اعتنق كلمة الله ولا تحتقر الرب بسلوكك بالمبادئ وطريقة التفكير البشرية لأنها تُعيقك في حياتك الروحية بل استبدل الأفكار البشرية بأفكار إلهية. ليكن بداخلك هيبة لكلمة الله التي هي استعلان لشخصيته وذاته.

“مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ (عالم الروح) فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ.” (أفسس 3:16).

 أنت مبارك بكل بركة روحية مما يعني أنك تمتلك كل شيء لأن أساس كل شيء هو روحي؛ “وَبِدُونِ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ: الأَكْبَرُ يُبَارِكُ الأَصْغَرَ.” (عبرانيين 7:7). ما أسهل عالم العيان لأن عالم الروح هو المُسيطِر عليه. أيضًا أنت مَن يستحضر البركات الموجودة بعالم الروح مِن خلال إيمانك.

 أنت لمدح مجد نعمته بمعنى أنك تعكس صورة الله كما يعكس الطفل المستوى المادي لوالديه ويعطي انطباعات عنهما كذلك أنتَ. أنت بالفعل مُنعَمٌ عليك ومُحسَن إليك، فلا تصلِّ قائلاً: “أحسنْ إليّ يا رب” لأن مَن يفعل ذلك هو يجهل الكلمة ومِن هنا يبدأ إبليس في محاربته.

 إنْ كنت فاهمًا للكلمة لن يعرف إبليس أن يُحاربك لأنه يخاف مِن الفاهمين ويعجز عن هزيمتهم. لا تُضخِّم مِن صورة إبليس ولا ترتعب مِنه، هو عدوٌ مهزومٌ! كلما فهمت الكلمة كلما أدركت أنك تفهم أمور ضخمة هو لا يفهمها لأنك صرت مُحترِفًا وماهِرًا في التعامل مع عالم الروح.

  • الروح القدس

“لِذَلِكَ أَنَا أيضًا إِذْ قَدْ سَمِعْتُ بِإِيمَانِكُمْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَمَحَبَّتِكُمْ نَحْوَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، لاَ أَزَالُ شَاكِراً لأَجْلِكُمْ، ذَاكِراً إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلَهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ.” (أفسس 15:117).

 صلى الرسول بولس لأهل أفسس أن يعرفوا بروح الحكمة والإعلان الكلمة أي الحكمة الإلهية حتى يروا المجد في حياتهم، فالأمر يكمن في الاكتشاف. ضعْ هيبة بداخلك لشخص الروح القدس الذي يسكن فيك كأنك تجلس مع دكتور جامعي ليشرح لك خصيصًا الذي لا تستوعبه مِن المحاضرة!

  • أن تتعلم الكلمة مِن خلال أشخاص

 أنت في حاجة إلى أشخاص تُعلّمك الكلمة وأن تراها مُعاشة في حياة آخرين. إنْ لم تأكل الكلمة في فترة ستصير مُعاقًا كالطفل الذي لم يأكل بشكل صحيح حتى أصبح مُعاقًا جسديًا. كُلْ الكلمة بكثافة بمساعدة مُرشِد روحي. أيضًا اعلمْ إنك لن تجد نتائج سريعة لأنك تهدم أمورًا وتبني أخرى لكن لا تقلق، سيساعدك الروح القدس في استبدال المبادئ البشرية بمبادئ إلهية.

  • التكلم بألسنة

“لَكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ الْكَامِلِينَ وَلَكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الدَّهْرِ وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هَذَا الدَّهْرِ الَّذِينَ يُبْطَلُونَ بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرٍّ: الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا.” (1 كورنثوس 6:2).

 أنت لا تتكلّم بالحكمة فقط بل أنت قد صرت الحكمة معاشة. أن تتكلّم بحكمة الله في سِرّ هو أن تتكلّم بألسنة لأن التكلم بألسنة هو استخراج حكمة الله الموجودة بروحك للخارج.

 التكلُّم بألسنة هو تعامُل بشكل مباشر مع الروح القدس دون أن يفهم ذهنك الأمور وهنا الروح القدس يشرح لك الأمور التي لا تعرفها وعندما تتكلّم ألسنة لم تعد سِرًا بل يمكنك استخدامها بروحك وتبدأ روحك تُترجمها على هيئة أفكار ويحدث نضوج ونمو روحي سريع.

 التكلم بألسنة كأنك تُخرِج أسدًا وتُطلِقه، بمعنى وجود نتائج خارقة وسريعة في حياتك. لكن انتبه! التكلم بألسنة دون دراسة الكلمة لا فائدة له ودراسة الكلمة دون الصلاة بألسنة تجعلك بطيئًا في نموك الروحي.

 الشخص الذي اخترع الأقمار الصناعية، ذهب في إحدى الليالي إلى كنيسته ووجدهم جميعًا يصلون بألسنة فبدأ يصلي بألسنة وفجأة قال له أحدهم “طيور طيور” فبدأ يدرك ويفهم ويفكر في عالم الفضاء ومِن هنا جاءت له الفِكْرة التي خدمت الكثيرين حول العالم. فالرب يجعلك تصلي السِرّ ثم يخرج هذا السِرّ في هيئة أفكار.

  • أن تؤمِن

“لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (يوحنا 16:3).

“يُؤْمِنُ”: مَن يؤمِن هو مَن يمتلك الشيء قبل أن يراه في العيان ويشكر الرب عليه.

 لابد أن تؤمِن بما تقوله الكلمة عنك والكلمة تقول لك: “إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (رومية 1:8) فلا تعتبر أي شعور بالإدانة يُلقَى عليك إنْ أخطأت.

 أيضًا صدقْ أنك الشخص الذي بإمكانه قيادة الحوار حتى ترى ذلك في العيان. فالسماء لا ترى حالتك الحالية (ما تشعر به مِن ضعف) بل تراك كاملاً بسبب ذبيحة يسوع التي لا يُستهان بها. أنت صرت بداخل الحضور الإلهي.

 مِن المؤسف أن تؤمِن بشيء لا يؤمِن به الله عنك وتقف مع إبليس ضد نفسك بتجاوبك مع الشعور بالإدانة؛ لذلك عندما تُخطئ، أعْلنْ أنه سيأتي الوقت وتصير مُنتصِرًا في الحياة ولا تسقط في هذا الخطأ مرة أخرى لأن الحقيقة أنك تخرج مِن بطنك أنهار ماء حي؛ “مَنْ آمَنَ بِي كَمَا قَالَ الْكِتَابُ تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ.” (يوحنا 38:7) وليس ما تشعر به. فلا تعتد على المشاعر والأفكار البشرية التي تتعامل معها بصداقة! 

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$