القائمة إغلاق

اُركض في السباق Run In the Race

(عبرانيين 12: 1)

1 فَبِمَا أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الْكَبِيرَ مِنَ الشَّاهِدِينَ لِلإِيمَانِ، يَتَجَمَّعُ حَوْلَنَا كَأَنَّهُ سَحَابَةٌ عَظِيمَةٌ، فَلْنَطْرَحْ جَانِباً كُلَّ ثِقْلٍ يُعِيقُنَا عَنِ التَّقَدُّمِ، وَنَتَخَلَّصْ مِنْ تِلْكَ الْخَطِيئَةِ الَّتِي نَتَعَرَّضُ لِلسُّقُوطِ فِي فَخِّهَا بِسُهُولَةٍ، لِكَيْ نَتَمَكَّنَ، نَحْنُ أَيْضاً، أَنْ نَرْكُضَ بِاجْتِهَادٍ فِي السِّبَاقِ الْمُمْتَدِّ أَمَامَنَا.

قد وضع الله أمامك سباقًا معينًا لتركض فيه. إنه سباق روحي يتعلق بمصير أبدي قد أعده الله لك حتى تتممه. والكتاب المقدس لا يطلب منا أن نركض في السباق وحسب، بل وأن نتممه أيضًا (2تيموثاوس4: 7). بمعنى آخر، لابد وأن تتمم قصد وخطة الله لحياتك الشخصية. كما أنك لست مُطَالبًا بأن تركض في سباق شخص آخر, أو تكمل السعي الخاص به، لأن الله قد وضع شوطًا مختلفًا أمام كل واحد منا.

لماذا إذًا يصبح من الضروري, بل والهام جدًا, أن نتبع خطة الله لحياتنا؟ وكيف يمكننا أن نركض بنجاح في السباق الُموضوع أمامنا وننهي الشوط الخاص بكل واحد منا؟

إن الكتاب المقدس لديه إجابات لجميع هذه الأسئلة.

أولاً: ينبغي أن نلاحظ شيئًا هامًا في العدد الأول من الإصحاح الثاني عشر في الرسالة إلى العبرانيين. فهذا العدد يخبرنا أن هناك مَن يراقبون السباق الذي نركض فيه. فبينما نركض في سباقنا الروحي, يخبرنا الكتاب أنه يوجد “عدد كبير من سحابة الشهود تحيط وتلتف حولنا”. مَن هؤلاء الذين يشكلون سحابة الشهود؟ نجد الإجابة عن ذلك في الإصحاح الحادي عشر من ذات الرسالة. فلابد أن ندرك جيدًا أن كاتب هذه الرسالة- والذي أؤمن أنه بولس- لم يكتبها في صورة أعداد وإصحاحات. إنما كتبها في صورة رسالة متصلة. لذلك فإن سحابة الشهود التي يتكلم عنها هي “أبطال الإيمان” الذين تكلم عنهم في الإصحاح الحادي عشر.

لقد ابتدأ بولس قائمة أبطال الإيمان بـهابيل, ثم مضى ليتكلم عن أخنوخ ونوح وإبراهيم وسارة واسحق ويعقوب ويوسف وموسى.. الخ. ثم في نهاية الإصحاح يكتب عن جميع أبطال الإيمان قائلاً: “إنَّ هَؤُلاَءِ.. حَصِلُوا عَلَى شَهَادَةٍ حَسَنَةٍ مِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ” (ع39).

ثم يقول بولس في العدد التالي مباشرة: “فَبِمَا أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الْكَبِيرَ مِنَ الشَّاهِدِينَ لِلإِيمَانِ، يَتَجَمَّعُ حَوْلَنَا كَأَنَّهُ سَحَابَةٌ عَظِيمَةٌ ..” (12: 1). لذلك فان الرجال والنساء الذين تكلم عنهم في إصحاح 11 هم جزء من سحابة الشهود التي أشار إليها بولس في عدد 1.

ماذا كان بولس يعنيه بقوله: “.. يَتَجَمَّعُ حَوْلَنَا؟” تقول ترجمة أخرى لهذا الشاهد: “وإذ نحن محاطون بعدد ضخم من رجال ونساء الإيمان, يراقبوننا من حلبة المشاهدة… فلنركض بثبات في السباق المعين الذي وضعه الله لكل واحد منا”.

لقد استخدم بولس تشبيه الركض في الميدان ليصف الطريقة التي نتبع بها خطة الله لحياتنا ومسيرتنا الروحية. فقد رسم لنا صورة للألعاب الأولمبية اليونانية, التي كانت تُقام في أيام بولس, والتي تشبه السباقات الأولمبية في أيامنا المعاصرة. فالمتسابقين في ذلك الوقت كانوا يركضون في ميدان, مُحاط بأشخاص يشجعونهم من مدرج المباراة. وكأن بولس يقول: “إن جميع هؤلاء الأبطال الذين ذكرتهم في قائمة أبطال الإيمان السابقة, وجميع الـمـؤمنيـن الذيـن رقــدوا فـي المسيـح, يراقبـون سباقنـا الروحـي”. لذلـك فـإن سحـابـة الشهـود

قد وضع الله أمامك سباقًا معينًا لتركض فيه؛ سباق روحي يتعلق بمصير أبدي قد أعده لك حتى تتممه.

العظيمة الموجودة في عالم الروح, وكذلك جميع المؤمنين الموجودين هنا على الأرض, هم جزءًا من عائلة الله التي تكلم عنها الكتاب في رسالة (أفسس3: 14) “أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لِلآب الَّذِي هُوَ أَصْلُ كُلِّ أُبُوَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ”.

لذلك فإنى أشجعـك أن تعـرف أنـه لديـك عـائلـة سمـاوية, تحيط

بك في عالم الروح, وتشاهدك من مدرجات سماوية, وتشجعك بينما تركض في السباق.

إن هؤلاء الشهود وأبطال الإيمان, لا يراقبونك بينما تركض في سباقك المادي العالمي هنا على الأرض. فهم لا يهتمون بالأمور المادية لهذه الحياة. على سبيل المثال، إنهم لا يشاهدونك أو يشجعونك بينما تسعى في شئون أعمالك اليومية. فهم لا يهتمون بنوع العمل الذي تقوم به, أو موديل السيارة التي تقودها, أو مقدار الأموال التي تحتفظ بها في البنوك. لكنهم يراقبون مسيرة إيمانك, بينما تركض في سباقك الروحي. فهم يهتمون حقًا ما إذا كنت تتبع خطة الله لحياتك أم لا.

مُحاطٌ بسحابة من الشهود

لقد حدث لي اختبارًا فائقًا للعادة منذ عدة سنوات مضت, حصلت منه على هذا الإعلان, وأظهر لي حقيقة سحابة الشهود, التي تراقبنا من مدرجات سماوية. في مؤتمرنا السنوي عام 1968, تنبأت الأخت “جينا وياكرسون” والتي كانت مُعلَّمة قديرة لكلمة الله ونبيه أيضًا، أنه في منتصف هذا العام سوف أنال اختبارًا مشابهًا لاختبار أخنوخ, عندما أُخذ إلى السماء. فقد صعد أخنوخ إلى السماء بجسده (تكوين5: 24، عبرانيين11: 5). لكن الأخت “جينا” تنبأت أني سوف أُؤخذ في الروح, وأنال إعلانًا من الله. من جهتي, لم أفعل أي شيء حتى تتحقق هذه النبوة, بل ظللت أعبد الله وأخدمه كالمعتاد وحسب.

قرب نهاية تلك السنة انتقلت أختي الوحيدة “أولينا” بالسرطان, وهى في الخامسة والخمسين من عمرها. لقد مرضت “أولينا” من قبل وكانت على وشك الموت. لكن عندما صليت لأجلها شُفيت. كانت وقتها طفلة في الإيمان، لذا استطعت أن أحملها على ذراع إيماني وأساعدها في نوال شفاءها. لكن في الوقت الذي مرضت فيه للمرة الثانية كان من المفترض أن تكون قد نضجت  في الإيمان, لذلك لم أقدر أن أساعدها من خلال إيماني. لن نقدر أن نحمل الآخرين على إيماننا وحده طوال الوقت, لأن الله يتوقع من كل فرد أن ينمي إيمانه الشخصي.

انتقلت أختي لتكون مع الرب قرب نهاية تلك السنة. كانت عائلتي كلها مجتمعة حول فراش أختي، حين لفظت أنفاسها الأخيرة في المساء. وفي صباح اليوم التالي, بينما كنت مضطجعًا على الفراش, أفكر فيما حدث لأختي, عندما فارقت روحها جسدها وذهبت إلى السماء لتكون مع الرب. حينئذٍ تذكرت الوقت الذي توقف فيه قلبي عن النبض, في اليوم السادس عشر من أغسطس عام 1933, بينما كنت طريحًا على فراش المرض. فعندما توقف قلبي, فارقت روحي جسدي. وعندما صعدت بروحي إلى سقف البيت نظرت خلفي ورأيت جسدي مُمددًا على الفراش. رأيت والدتي تمسك بيدي. وهذا المشهد قد ذكرني بأختي عندما فارقت جسدها, فربما نظرت لأسفل ورأتنا ملتفين جميعًا حول فراشها. وبينما كنت أفكر في هذا الأمر أشرق فجأة نور ذهبي مُشرق من السماء, اخترق سقف البيت. وبمجرد أن لمسني هذا النور فارقت روحي جسدي. صعدت في شعاع النور هذا, وكأني صاعد في مصعد كهربائي, حتى وصلت إلى السماء. وبمجرد أن وصلت للسماء, رأيت أختي تتحدث مع يسوع. وعندما توجهت إليها توقف يسوع عن التحدث معها ونظر إلي. وبمجرد أن نظر يسوع إليَّ, تحولت أختي لترى الشخص الذي كان يسوع ينظر إليه، فرأتني.

أول شيء قالته لي أختي، “كينيث، لا تشعر بالأسف لأنك لم تستطع أن تصلي لي صلاة الإيمان. أنا أعرف السبب لماذا لم تستطع ذلك (لكنها لم تخبرني به)”. أحيانًا لا يكشف الرب لنا لماذا يفشل البعض في استقبال شفائهم. يقول الكتاب المقدس في سفر (التثنية 29: 29) “السَّرَائِرُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا وَالمُعْلنَاتُ لنَا وَلِبَنِينَا إِلى الأَبَدِ”.

أخبرتني أختي أيضًا أنها رأت جدي وجدتي (من والدتي). كما رأت حفيدها “جاسون” الذي انتقل وهو في الثالثة من عمره. ثم قالت لي، “كينيث، لقد رأيت ابنتي ‘آن’ أيضًا هنا”. كانت “آن” ابنتها قد انتقلت نتيجة حادث سيارة, عندما كانت في الخامسة والعشرين من عمرها, تاركة طفلين صغيرين.

أكملت أختي وقالت، “أول شيء تساءلت ‘آن’ عنه هو حال ‘بيل’ والأطفال؟ (كان ‘بيل’ هو زوج ‘آن’). فلم أخبرها أن ‘بيل’ قد تزوج ثانية”. ثم قالت أختي شيئًا جاء بمثابة إعلان لي. قالت لي, “إن الناس هنا لا يهتمون بأمور الحياة الطبيعية لأولئك الذين يعيشون على الأرض. لا يهتمون بما يشترون أو يرتدون أو مقدار الأموال التي يدخرونها في البنوك.

لديك عائلة سماوية, تحيط بك في عالم الروح, وتشجعك بينما تركض في سباقك الروحي.

إنما يهتمون بالأمور الروحية وحسب. فهم لا يعرفون بما يحدث للأمور المادية الطبيعية التي تخص حياتك. لكنهم يعلمون كل شيء يتعلق بالأمور الروحية التي تقوم بها. كما يعلمون بكل شخص يتخذ قرارًا بقبول المسيح مخلصًا شخصيًا لحياته”.

كانت أختي تتحدث عن سحابة الشهود التي تشاهدنا من السماء بينما نركض في سباقنا الروحي. هذا هو الاختبار الذي تنبأت عنه الأخت “وياكرسون”. ثم طلبت أختي قائلة، “كينيث، من فضلك تحدث إلى ‘—-’ (ثم ذكرت اسم ابنها الأصغر). أنا أعلم أنه سوف يصغي إليك”. كان ابن أختي الذي تحدثت عنه, قد تعرف على الرب في وقت ما, وكانت لديه دعوى إلهية على حياته للخدمة. لكنه انقطع عن الشركة مع الرب لسنوات كثيرة.

فقالت لي: “اخبر ابني أنى أقول له بأنه لن يكون سعيدًا أبدًا, ولن تسير حياته بصورة صحيحة, حتى يُخضع حياته للرب مرة أخرى. أخبره أنه عندما يتخذ قرارًا بتكريس حياته ثانية للرب, فسوف أعرف ذلك. فنحن هنا نعرف كل ما يجرى على الأرض, في كل ما يتعلق بالأمور الروحية..”.

بعد هذا الاختبار, تحدثت إلى ابن أختي كما طلبت مني. وعلى الرغم من أنه أخذ خطوة بشأن هذا الأمر, وابتدأ يقترب إلى الله, إلا أنه لم يُخضِع حياته بالكامل للرب. وبسبب ذلك حدث له كما توقعت أختي له بالضبط, لم تسر حياته بصورة صحيحة لسنوات عديدة. لكن في واحدة من المؤتمرات التي عقدناها قريبًا, اتخذ قرارًا بأن يُخضِع حياته بالكامل للرب, واستجاب لدعوة الله على حياته للخدمة. شكرًا للرب, لأن أختي علمت من السماء باللحظة التي اختار فيها ابنها أن يكَّرس حياته للرب يسوع. والآن هي سعيدة بينما ترى ابنها يركض في سباقه الروحي ويتمم خطة الله لحياته.

عندما تنبأت الأخت “وياكرسون” بأنني سوف أُؤخذ إلى السماء مثل أخنوخ, وأنال إعلانًا إلهيًا, قالت أيضًا إنه سوف يكون هناك شخص آخر, سوف يحدث معه اختبار مماثل لهذا. كان أخي الأكبر “داب” هو ذلك الشخص. في ذات الليلة الذي أُخذت فيها للسماء حدث لـ “داب” ذات الاختبار, وأُؤخذ للسماء, ودار حديث مع أختنا مثل الحديث الذي دار معي في وقت لاحق. وبعدما انتهى ‘داب’ من هذا الاختبار, اتصل بي في اليوم التالي ليخبرني, وهو لا يدري مطلقًا أن ذات الاختبار قد حدث معي في نفس الليلة.

قال لي، “عندما صعدت إلى السماء رأيت أختي تتحدث مع يسوع. ثم التفتت وقالت لي: ‘داب, أريدك أن تتحدث إلى ‘—’ ثم ذكرت اسم ابنها الأكبر. فهو لن يصغي لأي شخص آخر سواك”. [كان ابنها الأكبر قد ابتعد عن الشركة مع الرب].

إن كان لديك أحد الأحباء الذي ذهب ليكون مع الرب، فتأكد يقينًا أنه يراقبك بينما تركض في سباقك, ويشجعك بينما تتبع خطة الله لحياتك, لأنه يشتاق أن يراك تنهي سباقك بنجاح.

تكلم “داب” بالفعل إلى ابن “أولينا” الأكبر. وعلى الرغم من أنه لم يتخذ قرارًا بتكريس حياته للرب, في ذات الوقت, إلا أنه فعل ذلك لاحقًا, وهو اليوم يخدم الرب. لقد سردت هذا الاختبار لكي أساعدك أيها القاريء على فهم (عبرانيين 12: 1) بصورة أكثر وضوحًا.  

كانت أختي واحدة من سحابة الشهود العظيمة الذين يراقبوننا من المدرجات السماوية. كما أن بولس أيضا والآباء الأولين هم أفراد من هذه السحابة التي تحيط بنا. وباقي الرسل الآخرين؛ بطرس ويعقوب ويوحنا.. فهم يراقبوننا أيضًا. فجميعهم ينظرون إلينا بينما نركض في سباقنا الروحي.

إن كان لديك أحد الأحباء الذي ذهب ليكون مع الرب، فتأكد يقينًا أنه يراقبك بينما تركض في سباقك, ويشجعك بينما تتبع خطة الله لحياتك, لأنه يشتاق أن يراك تنهي سباقك بنجاح.

أتذكر ذات مرة أنى كنت أشجع ابني “كين” عندما كان مشتركًا في سباق للركض, وهو في المدرسة الثانوية. كنت واقفًا في المدرج بالقرب من مسار السباق, وعندما كان “كين” يقترب مني وهو يركض كنت أشجعه. وعندما كان متسابق آخر يقترب منه كنت أصرخ بأعلى صوتي, “أسرع يا ‘كين’ أسرع .. إنه يقترب منك”. وعندما كان “كين” يسمعني, كنت أراه يجمع قواه ويأخذ شهيقًا عميقًا, فيتقدم على جميع المتسابقين بأكثر من عشرين ياردة.

لقد فاز فريق ابني في هذا السباق. قد ساعده تشجيعي على أداء أفضل ما لديه في هذا السباق. بذات الطريقة، يمكننا أداء أفضل ما لدينا ونحن نركض في سباقنا الروحي حيث تقف عائلتنا في المدرجات السماوية, لتشجعنا حتى ننهي السباق الذي وضعه الله أمامنا.

اطرح كلَّ ثِقَل

والآن يتبقى السؤال: كيف نركض في السباق الموضوع أمام كل واحد منا, بطريقة تمكننا إتمام خطة الله لحياتنا فيكون هناك فرح في السماء؟

نجد الإجابة عن هذا السؤال, في العدد الأول من الإصحاح الثاني عشر من الرسالة إلى العبرانيين: “.. لْنَطْرَحْ جَانِباً كُلَّ ثِقْلٍ يُعِيقُنَا عَنِ التَّقَدُّمِ، وَنَتَخَلَّصْ مِنْ تِلْكَ الْخَطِيئَةِ الَّتِي نَتَعَرَّضُ لِلسُّقُوطِ فِي فَخِّهَا بِسُهُولَةٍ”. تأتي الترجمة الموسعة Amplified بمعنى أوضح لهذا الشاهد: “.. حيث أننا محاطون بسحابة ضخمة من رجال ونساء يشاهدوننا من مدرجات سماوية فلنتخلص من كل ما يبطيء تقدمنا, ويُرجِعنا للوراء, وبالأخص تلك الخطية التي تلتّف بشدة حول أقدامنا وتعرقلنا. ودعونا نركض بمثابرة في السباق المُعين الذي وضعه الله أمامنا”. عندما نفحص ملابس المتسابقين الرياضية في الألعاب الأولمبية، هل يرتدي المتسابق معطفًا؟ لماذا لا يركض وهو يرتدي ملابسه بالكامل من سروال وقبعة ومعطف..؟ لأن هذه الأشياء ستبطيء من حركته. كذلك أيضًا, لا ينتظر المتسابق حتى يركض منتصف الطريق ليخلع معطفه قائلاً: “هذا المعطف ثقيل. إنه يعوّقني”. إن فعل ذلك فلن يكن باستطاعته أن يربح السباق أبدًا.

من الناحية الطبيعية, إن كان ارتداء المتسابق لمعطف, سوف يبطيء من سرعته ويعوّقه عن الفوز في السباق, فإن الوضع ينطبق كذلك على العالم الروحي. فالخطية سوف تعوّق تقدمك وتبطيء من سرعتك وباستطاعتها أن تحرمك من الفوز في سباقك الروحي.

هكذا يتضح, إن أي سلوك خاطيء في حياة المؤمن, لا يعوّق شركته مع الرب وحسب, لكنه يُنْهك روحه, ويجعلها أقل استجابةً وحساسيةً لقيادة الروح القدس. لذلك فإن أي سلوك غير سليم يُترك بدون كبح, ولا يتم التعامل معه, سوف يحصرك في نطاق الحياة الطبيعي, ويفقدك أفضل ما أعده الله لحياتك.

كما أنه من السهل أيضًا أن تنشغل كثيرًا من جهة أمور كثيرة, والتي تبدو شرعية وجيدة في حد ذاتها, لكن الرب لم يدعك إليها. هناك أمور عديدة في هذه الحياة, ليست بالضرورة مخطئة، لكنها سوف تبطيء من تقدمك في السباق الروحي, وربما تعوّق نموك الروحي, وإتمام قصد ودعوة الله على حياتك. لهذا السبب يخبرنا الكتاب في (عبرانيين 12: 1) أن نتخلص من أي حمل وسلوكيات خاطئة في حياتنا تعرقلنا وتبطيء من تقدمنا. نحتاج أن نفعل ذلك الآن حتى لا نتعطل عن إتمام خطة الله لحياتنا. إن انتظرنا حتى نصل إلى منتصف السباق كي نتخلص من هذه الأثقال, فسوف نخاطر بعدم مقدرتنا على إكمال السباق وإتمام خطة الله لحياتنا (2تيموثاوس4: 7). كما نلاحظ من (عبرانيين12: 1) أن كل شخص مسئول بذاته عن التخلص من هذه الأثقال, وجميع السلوكيات الخاطئة التي تعوّق مسيرته الروحية.

لا شك أن الله يساعدنا في تحقيق ذلك، لأن الروح القدس المعين الذي يسكن بداخلنا, يعطينا القوة والقدرة على طاعة الله (يوحنا14: 26). لكن الله, لن ينتزع معطفك من عليك, ولن يزيل هذه الأثقال أو الخطايا التي تبطيء من تقدمك؛ لكنك أنت المسئول عن فعل ذلك.

لهذا السبب, يواجه مؤمنون كثيرون مشاكل أثناء جريهم في السباق الروحي. فهم لم ينتزعوا بعد كل ما يبطيء من تقدمهم ويشدهم للخلف. ولم يطرحوا بعد كل سلوكيات خاطئة “نَتَعَرَّضُ لِلسُّقُوطِ فِي فَخِّهَا بِسُهُولَةٍ”.

وأحيانًا أخرى, يواجه البعض مشاكل في سباقهم الروحي, لأنهم لا يركضون السباق الذي وضعه الله أمامهم، بل يركضون في سباق آخر صنعوه بأنفسهم. فهم لا يتبعون خطة الله ولا غرضه لحياتهم. وعندما يحدث ذلك يصبح السباق صعبًا ومنهكًا.

لكن السباق الذي يضعه الله أمام كل واحد منا ليس صعبًا أو منهكًا, لأن الرب يسوع قال:

 (متى11: 28, 30).

28 تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالرَّازِحِينَ تَحْتَ الأَحْمَالِ الثَّقِيلَةِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ

29 اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ، وَتَتَلْمَذُوا عَلَى يَديَّ، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا الرَّاحَةَ لِنُفُوسِكُمْ

من السهل أن تنشغل من جهة أمور كثيرة, والتي تبدو شرعية وجيدة في حد ذاتها. بل, وليست مخطئة, لكن الرب لم يدعك إليها, وسوف تبطيء من تقدمك في السباق الروحي.

30 فَإِنَّ نِيرِي هَيِّنٌ، وَحِمْلِي خَفِيفٌ!»

كثيرًا ما تكون الصعوبات التي نواجهها, بينما نركض في السباق, ليست بسبب ثقل النير الذي وضعه الله علينا, أو صعوبة إتمام مشيئة الله لحياتنا, بل نتيجة إصرارنا في الاحتفاظ بأمور معينة تعيقنا عن التقدم.

لذلك, فإنه بذات السهولة التي تخلع بها معطفك وتلقى به, يمكنك أن تأخذ قرارًا بالتخلي عن كل توجهات أو دوافع خاطئة, وكل ميول بشرية وأفكار جسدية ورغبات, تعوّقك عن التقدم في السباق. ربما تأخذ هذه الأثقال صورة عدم الخضوع لكلمة الله, أو أفكار شك أو بلاده روحية أو خوف..إلخ.

اطرح جميع هذه الأثقال, وارفض أن تحملهم مرة أخرى. لابد أن تفعل ذلك, بينما تبذل قصارى جهدك, وأنت تركض في السباق الروحي, وتكمل الشوط بفرح ونجاح.

لنركض باجتهاد

دعونا ننظر إلى المقطع الأخير من (عبرانيين 12: 1) “.. لنَرْكُضَ بِاجْتِهَادٍ فِي السِّبَاقِ الْمُمْتَدِّ أَمَامَنَا”. إن لم نركض في السباق الذي وضعه الله أمامنا, بثبات وإصرار, فسوف نجعل طريقنا صعبًا, ونعوّق تقدمنا الروحي. فإن إكمال السباق بنجاح, يتطلب مثابرة وإصرار، وهذا تحدٍ في ذاته. فمن السهل جدًا أن ينفذ صبرنا, من جهة أشواقنا في رؤية خطط ومقاصد الله وهي تكتمل في حياتنا.

على سبيل المثال، يمكن أن نسلك في عُجالة من جهة الوقت, حتى أنه عندما نسمع شيئًا من الرب بخصوص خطته لحياتنا, فإننا نريد أن نتممها في الحال. لكننا نحتاج أن نتعلم الصبر, بينما نركض في سباقنا الروحي, لأن الله لا يتقيد بأوقات. إنه يعمل خارج نطاق الوقت والزمان. فالكتاب المقدس يقول, أن يوم واحد عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد (2بطرس3: 5). الله لا تحدَّه أوقات أو ساعات أو أيام أو سنين. فما نراه وقت طويل جدًا ربما يبدو كلحظة عابرة في نظر الله. لهذا السبب, يُصبح من الضروري جدًا أن نستريح في وعود كلمة الله, دون أن نأخذ في اعتبارنا عامل الوقت. فعندما نتعلم كيف ندخل إلى راحة الإيمان فإننا نسمح لله أن يتدخل ويتمم خططه في حياتنا.

أحيانًا, عندما يخبر الله بعض المؤمنين, عن أشياء بخصوص خطته في حياتهم, فإنهم يحاولون أن ينفذوها بجهودهم الشخصية. وعندما يفعلون ذلك, يُفسدون الأمر ويُعطلون خطة الله لحياتهم, فلا يقدر الله أن يصنع ما يريد أن يفعله في حياتهم. كانوا يحتاجون إلى الثبات في الإيمان بشأن خطة الله لهم, ويتركوا الرب ينفذ ما أخبرهم به. فكل ما عليهم فعله, هو أن يعدُّوا أنفسهم حسب كلمة الله, وقيادة الروح القدس.

لقد أفسدت خطة الله لحياتي أكثر من مرة, عندما كنت حديثًا في الإيمان. أحيانًا عندما كان الرب يخبرني عن شيء يتعلق بخدمتي, كنت أقفز في الحال لأفعله. وفي كل مرة يحدث ذلك, كان الرب يخبرني أني أخفقت الأمر, ولم أفعله بصورة صحيحة. ربما يقول أحدهم، “حسنًا, هذا يُظهر أن الرب لم يتكلم إليك حقًا..”. كلا, بل تكلم إليَّ بالفعل, لكنى انحرفت عن التوقيت الصحيح فعوَّقت خطة الله.

عندما يخبر الله بعض المؤمنين, عن أشياء بخصوص خطته في حياتهم, فإنهم يحاولون أن ينفذوها بجهودهم الشخصية. وعندما يفعلون ذلك, يُفسدون الأمر ويُعطلون خطة الله لحياتهم..

أخبرني الرب يسوع, ذات مرة عندما ظهر لي في رؤيا قائلاً: “إن أخفقت في اتباع خطتي في التوقيت الصحيح, فإنه من الأفضل أن تكون متباطئًا, عن أن تكون متسرعًا. عندما تتباطأ عن اتباع خطتي وقيادتي, فعلى الأقل سوف تسير خلفي, فتستطيع أن تراني أمامك. لكن إن تسرعت وقفزت أمامي، فلن تقدر أن تراني مطلقًا, وستنحرف عن الطريق الصحيح”.

عندما كبرت في الإيمان, تعلمت ألا أقفز أمام الرب وأتسرع فعل الأمور، بل وثقت في أنه سوف ينفذ مقاصده في حياتي, حينما أحرص في الوقت ذاته, أن أكون أمينًا في اعداد نفسي. كما تعلَّمت أيضًا ألا أكتف بمعرفة مشيئة الله وخطته لأجلي, بل أستمر في الصلاة حتى أكتشف التوقيت السليم والطريقة الصحيحة. هكذا يتضح, إن أخبرك الرب لكي تفعل شيئًا, فهذا لا يعني إنه يريدك أن تفعلها في الحال أو تفعلها الأسبوع القادم أو الشهر القادم أو حتى السنة القادمة. هذه هي الحقيقة.

لقد سبق الله وأعد خطة لحياتك. لكنك ربما لا تكون مستعدًا دائمًا, لتتمم الخطوة التالية في هذه الخطة. لذلك فإن الرب يهتم كثيرًا لينميك ويدربك, قبل أن يتمم ما تكلم به إلى قلبك, بغّض النظر عما يستغرق ذلك من وقت.

الاعداد لأجل المقاصد الإلهية

لا تعتبر أيام الاعداد أوقاتًا ضائعةً أبدًا. فدومًا ما تكون هناك دروس هامة, وحقائق لا تزال تحتاج أن تتعلمها, لكي تتمم بنجاح خطة الله لحياتك. وهذا يتطلب وقت لتعَّد نفسك وتثبت في كلمة الله (2 تيموثاوس2: 15). مع ذلك, فأوقات الاعداد لا تكون سهلة دائمًا. ففي بعض الأحيان يكون هناك ثمن تدفعه كي تعَّد نفسك. ومن وجهة النظر العادية, ربما ترى أن أوقات الاعداد ليست مريحة, لأنه في بعض الأحيان تحتاج أن تموت عن رغباتك الشخصية, وتوقعاتك البشرية, حتى تسمح لله أن يقوم باعدادك.

أيام الاعداد أوقاتًا ضائعةً أبدًا.

 

وعلى الرغم من أن أوقات التجهيز والاعداد, تبدو صعبة وغير مريحة, إلا أنها جزء من السباق الذي وضعه الله أمامك. كما يتطلب الأمر أن تكون أمينًا أثناء وقت الأعداد، حتى لو اقتضى الأمر أن تكون هناك تضحية من جانبك. لأنك عندما تُعدّ جيدًا, وتُثبت نفسك أمام الله, وتجتاز الاختبار, حينئذٍ سوف يأتمنك الرب, ويكون باستطاعته أن يُرقّيك, وينقلك إلى الموضع الذي خططه لك؛ إلى مكانة ذات مسؤولية أعظم, ومسحة أقوى وخدمة أكبر.

على الرغم من أن أوقات التجهيز والاعداد ربما تبدو صعبة وغير مريحة, إلا أنها جزء من السباق الذي وضعه الله أمامك.

 

لكن إن لم تُعدّ نفسك, في أوقات الاعداد, فلن تكن مستعدًا لتنتقل إلى المرحلة التالية في خطة الله لحياتك. فإن أهملت أوقات التدريب وانشغلت بأمور الحياة العادية وحسب, فلن تستطع أن تميز الفرص والأبواب التي يفتحها الله أمامك. وإن لم تُعدّ نفسك, لن تكن جاهزًا ومستعدًا لتعبر من خلال هذا الباب, إلى المرحلة التالية في خطة الله لحياتك.

إن سباقنا الروحي يشبه إلى حد كبير السباق المادي. ففي السباقات الأولمبية, يركض المتسابق حتى يصل إلى محطة معينة, حيث يُسلم الشعلة إلى متسابق آخر ليتولى المهمة. وبذات الصورة, أحيانًا كثيرة توجد مراحل أو محطات مختلفة في سباقنا الروحي. وعادة ما توجد أوقات اعداد قبل بدء كل مرحلة جديدة. وفي معظم الأحيان يكون العاملان اللذان يحددا الوقت الذي نقضيه بين مرحلة وأخرى هما:

1- طاعتنا وخضوعنا للروح القدس.

2- أمانتنا نحو إعداد أنفسنا في كلمة الله.

أحيانًا ما يسمع المؤمنون صوت الله, بشأن المرحلة التالية في سباقهم الروحي, فيعتقدون أنه يتوجب عليهم أن ينفذوا ما أخبرهم به الله في الحال. لكنهم لم يَعدُّوا أنفسهم جيدًا ولم يستعدوا كما يجب لذلك تجد أنهم عندما يبدأون في تنفيذ الخطة يفشلون فشلاً ذريعًا.

هكذا يتضح, أن الله لديه خطة وطريقة ,كما لديه توقيت أيضًا. والخروج عن توقيت الله, يعني الخروج عن مشيئته كذلك.

إن موسى يُعتبر مثالاً كتابيًا, للشخص الذي قفز أمام توقيت الله, وأفسد الأمر. فبينما كان موسى يعيش في قصر فرعون, أدرك دعوة الله على حياته, ليخلص شعبه من العبودية. لكن خطة الله لتحرير شعب إسرائيل, تعطلت بسبب تخطي موسى لتوقيت الله, محاولاً أن ينفذ الأمر بطريقته الخاصة وقوته الشخصية.

فعندما كان في الأربعين من عمره, قتل رجلاً مصريًا كان يعتدي على عبد عبراني. لكن لم تكن هذه هي الطريقة التي يخلص بها الله شعب إسرائيل. وعندما انتشرت أخبار ما فعله موسى وسمع فرعون, هرب بحياته في البرية (خروج2: 11-15). لقد استغرق الأمر وقتًا طويلاً في الجانب الآخر من الصحراء, ليتعلم موسى الصبر, حتى يتمكن الله من استخدامه, في إتمام خطته الإلهية لخلاص شعب إسرائيل. وبعد مرور أربعين عامٍ أخرى, أخبر الله موسى أنه قد حان الوقت لينقذ شعب إسرائيل من أيدي المصريين.

الله لديه خطة وطريقة وتوقيت أيضًا. والخروج عن توقيت الله, يعني الخروج عن مشيئته كذلك.

 

سوف أذكر مثالاً آخر من حياتي الشخصية, يوضح الخروج عن مشيئة الله, وتخطي التوقيت الإلهي. في منتصف عام 1940, كشف الله في قلبي أمورًا كثيرة, مما أفعلها اليوم في خدمتي. كنت أعلم في روحي أن الله لديه شيئًا لأتممه, بجانب عمل الرعوية الذي كنت أقوم به. ثم حدث في عام 1944, أنني تركت عمل الرعوية, وخرجت إلى حقل الخدمة, معتقدُ أن توقيت الله قد حان, لتبدأ المرحلة التالية في خدمتي. فقفزت في حقل الخدمة متخطيًا توقيت الله, فلم تسرِ الأمور كما يجب. لقد بارك الله تلك السنة, التي قضيتها في حقل الخدمة, على قدر استطاعته. كانت لدينا اجتماعات رائعة وشعب جميل, وأناس يخلصون, ومؤمنون يمتلئون بالروح القدس. لكني في قرارة نفسي, كنت أعلم أني قفزت وأنا غير مكتمل النمو, إلى المرحلة التالية في خطة الله لي. فرجعت إلى حيث أخفقت وعدت إلى عمل الرعوية. 

فعلى الرغم من أن الرب قد تكلم إليَّ حقًا في ذلك الوقت بشأن خدمتي, إلا أن الوقت لم يكن مناسبًا لتنفيذ هذه الأمور. على سبيل المثال، كان التوقيت الإلهي لما وضعه الرب في قلبي, بشأن خروجي إلى حقل الخدمة, كان ينبغي أن يتحقق بعد خمسة سنوات لاحقة. (وهناك بعض الأمور الأخرى التي أخبرني بها قد تحققت بعد أكثر من خمسة سنوات. وهناك أمور أخرى لا تزال تتحقق الآن).

بعد مرور خمسة سنوات, كنت قد تعلمت ما يكفي حتى أقول, “لن أتحرك هذه المرة حتى أحصل على شهادة في روحي بأن الوقت الصحيح قد حان للتحرك”. فاستمررت أقوم برعوية آخر كنيسة, حتى أنهض الروح القدس قلبي في أوائل عام 1949, مؤكدًا لي أن الوقت قد حان للخروج إلى حقل الخدمة.

لقد تعلمت على مدار السنوات أن أتبع هذه الطريقة في كل نواحي حياتي. فلم أكن أتحرك حتى أحصل على اشارة الموافقة من الروح القدس. وعندما كنت أحصل على الموافقة, وأبدأ السلوك في نور ما أخبرني به, كانت خطة الله تعمل في سهولة تامة.

على سبيل المثال، ما أقوم به اليوم في خدمتي, هو ما أخبرني به الله منذ سنوات عديدة مضت. فإن كنت قد تحركت وقتها لأفعل ما أخبرني, لكنت قد أخفقت في توقيته الإلهي, وكانت الخدمة سوف تعاني الكثير, وكنت قد فقدت مرحلة من خطة الله لحياتي. لكني بدلاً من ذلك، كنت أنتظر حتى أستقبل في روحي اشارة بدء التحرك لأنفذ الخطة. وعندئذٍ كنت أطبَّق ما نلته في روحي. ولأني تعلمت الانتظار، ففي كل مرة كنت أفعل ما يخبرني به الرب, كان الأمر يعمل بكل تلقائية بصورة كانت تدهشني. هذا لأني كنت أتحرك وفقًا لخطة الله, وفى توقيته الإلهي  الصحيح.

لقد تعلَّمت منذ وقت طويل, كيف أتوقف عن التخيل بفكري البشرى, عن كيفية وتوقيت تتميم وتنفيذ خطة الله. على سبيل التوضيح, أثناء السنوات الثلاث الأخيرة في خدمة الرعوية [كان ذلك في أواخر الأربعينيات] كنت منتظرًا أمام الله في الصلاة, لساعات وأيام طالبًا مشيئته وخطته لحياتي. وبينما كنت أنتظر, رأيت في روحي الجوانب المتعددة التي ستكون عليها خدمتي, والتي بدأت تتحقق في السنوات الأخيرة وحسب. مع ذلك, لم أر الصورة بالكامل. فقد كنت وقتها لا أزال في مرحلة نموي الروحي. وإن كنت قد عرفت ما سوف يحدث في خدمتي اليوم, لكنت قد فزعت! فالرب لا يخبرنا بخطته الكاملة لحياتنا دفعة واحدة, لكنه يكشف لنا عن أجزاء صغيرة من خطته, لأننا لن نقدر أن نتحمل أو ندرك كل ما أعده لنا.

لم يكن لديَّ أدنى فكرة, عن الطريقة التي سوف يتمم بها الله ما كشفه لي بخصوص خدمتي، لذلك استودعت الأمر بالكامل بين يديه. كنت أمينًا في طاعة الله خطوة بخطوة، وكان هو من جانبه يتحرك في الوقت الصحيح, ليتمم لي ما قد أعلنه منذ أكثر من أربعين عامًا. يحتاج المرء أن يصبر في انتظار الله, حتى يتمم مقاصده في حياته. يوجد وقت ويوجد موسم لكل شيء (جامعة3: 1). والوقت الصحيح ليس بالضرورة أن يكون هو الوقت الحالي. لهذا السبب يخبرنا الكتاب أن “نَرْكُضَ بِاجْتِهَادٍ فِي السِّبَاقِ الْمُمْتَدِّ أَمَامَنَا” (عبرانيين12: 1).

ربما يقول أحدهم، “متى سوف تتغير الأحوال؟ أعلم أن الله يعدَّني ويجهزني. وأنا أريد أن أكون أمينًا, لكن الأمور تبدو وكأني سأبقى في موضع الاعداد هذا لوقت طويل. متى ستتغير الأمور؟ استمر في الثقة بالرب بكل قلبك, واركض في السباق الموضوع أمامك بكل مثابرة وإصرار. لا تحاول أن تتخيل كيف, ومتى, سوف يتمم الله خطته. داوم على الصلاة لأجل الأمر وهو سيكشف لك كل خطوة ينبغي أن تأخذها. تعلَّم كيف تستريح في الإيمان, وتنساب مع الروح القدس. ثق أن الله سوف يوقظ روحك, ويحرك قلبك, عندما يحين الوقت المناسب لتأخذ الخطوة التالية في خطته لحياتك. لأنه عندما يحين الوقت لتنتقل إلى المرحلة التالية في خطته ستكون مستعدًا بالكامل لتفعل ما دعاك إليه.

ينبغ أن تدرك أنك سوف تستغرق وقتًا, حتى تصل إلى كل ملء ما أعده الله لك. لن يحدث ذلك في غضون يوم أو يومين أو حتى شهر. لكن بينما تواظب على اعداد نفسك, وحرصك المستمر على الخضوع لقيادة الروح القدس, فسوف تخطو إلى ملء خطة الله لك.

بمجرد أن تكتشف خطة الله لحياتك, لن تقدر أن تصل اكتمال الخطة فى لحظة. لكن قليلاً فقليلاً بينما تثّبت نفسك أمينًا وخاضعًا, سوف تتحرك نحو تمام ما أعده الله لك. وذات يوم ستجد نفسك واقفًا فى غمر بركات الله ومقاصده لحياتك. وعندما تصل إلى هذه المرحلة, سوف تنظر إلى الوراء, إلى أوقات الاعداد وتقول: “أشكرك يا رب لأجل أوقات الاعداد تلك. أشكرك لأني كنت أمينًا فى طاعتي لك”.

وبينما تركض فى السباق الموضوع أمامك بصبر, تذكر أن لا تركض فى سباق شخص آخر. لا تنظر حولك لترى أين وصل الآخرون فى سباقهم, حتى لا تنحرف وتنخرط في سباقهم لتركض فيه. بل دع الله يخبرك بمدى تقدمك فى السباق الخاص بك.

اكتشف السباق الذي وضعه الله أمامك. تخلص من كل الأثقال والسلوكيات الخاطئة, التي تعوّقك عن طاعة الرب. وبعد ذلك, اركض فى السباق, وعيناك مثبتتين على الهدف.. على المكافئة وجائزة دعوة الله العليا فى المسيح يسوع (فيلبى3: 14). ليتك تصمم بكل كيانك أن تتبع خطة الله لحياتك, وتنهى سباقك بفرح ونجاح.

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$