القائمة إغلاق

دراسة: مواهب الشفاء Gifts of Healing

الفقرة الرئيسية : إن مواهب الشفاء هي مواهب روحية لتقديم الشفاء بطريقة فائقة للطبيعي بدون تدخل الطب أو العلوم الطبية, والغرض منها هو تحرير المرضى وتحطيم أعمال إبليس في جسد المؤمنين.

1كورنثوس12: 1-12

1 وَأَمَّا بِخُصُوصِ الْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَلاَ أُرِيدُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَمْرُهَا. 

7 وَلَكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ.

8 فَوَاحِدٌ يُوهَبُ، عَنْ طَرِيقِ الرُّوحِ، كَلاَمَ الْحِكْمَةِ، وَآخَرُ كَلاَمَ الْمَعْرِفَةِ وَفْقاً لِلرُّوحِ نَفْسِهِ،

تقول ترجمة أخرى للعدد الأول, “وَالآنَ، أَيُّهَا الإِخوَةُ، لاَ أُرِيدُكُمْ أَنْ تَبقُوا فِي جَهلٍ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ”.

يأتي إستعلان مواهب الشفاء لأجل تحقيق شفاءٍ فائق للطبيعي للأمراض والأسقام بدون تدخل أي عناصر أو وسائل طبيعية.

هناك بعض المواهب التي يكون إستعلانها بطريقة جذابة وملفتة للنظر عن البعض الآخر، لكن تظل جميعها  خارقة للطبيعي.

إن معظمنا يدرك أن الشفاء هو ركن أساسي من أركان العهد الجديد. فالشفاء كان عنصراً أساسياً طوال خدمة يسوع عندما كان على الأرض. ولم يقتصر الشفاء على يسوع وحده, إنما أعطى التلاميذ أيضاً سلطاناً على شفاء الأمراض (متى10: 8). وبعد ذلك وضع يسوع شفاء المرضى كعنصر أساسي في الوصية العظمى لجميع المؤمنين (مرقس16: 18).

مواهب الشفاء .. هي شفاء بدون تدخل الطب

أريد أن أؤكد في البداية على الخصائص الخارقة للطبيعي لمواهب الشفاء. فهذه المواهب لا علاقة لها بالطب أو الأدوية. لقد كان لوقا طبيباً بشرياً وكان يرافق بولس في كثير من رحلاته التبشيرية وقد كتب سفر الأعمال وكذلك كتب إنجيل يحمل اسمه. كما كان يرافق بولس أيضاً عندما إنكسرت به السفينة وهو على جزيرة مالطة.

لكن لا يذكر الكتاب أي شيء يوحي بأن لوقا قد خدم المرضى على جزيرة(مالطا)  مستخدماً علومه الطبية. فعندما يذكر الكتاب أن حمو رئيس القبيلة كان مريضاً، وضع بولس يده عليه وشفاه. فقد شُفى من خلال قوة الله الخارقة للطبيعي, وكان هذا إستعلان لمواهب الشفاء. عندئذٍ أحضر جميع سكان الجزيرة مرضاهم إلى بولس،فنالوا شفاءهم جميعاً.

حقا إني أؤمن بالطب والعلاج بالأدوية. وشكراً لله لأجل ذلك. فأنا لا أعترض على الأطباء بأي حال، لكن البعض يخلطون بين الشفاء عن طريق العلوم الطبية ومواهب الشفاء.

سمعت أحد الخدام على الإذاعة يقول أن مواهب الشفاء هي الإمكانيات والقدرات التي أعطاها الله للأطباء. لكن مواهب الشفاء لا علاقة لها أبداً بالطب أو العلوم الطبية. فإن كان العلاج بالوسائل الطبية هي الطريقة التي يستخدمها الله للشفاء، فعلى الأطباء إذاً ألا يتقاضوا أجوراً, وأن يقدموا العلاج الطبي مجاناً لأن الكتاب المقدس يقول، “الْمَرْضَى إشْفُوا، وَالْمَوْتَى أَقِيمُوا، وَالْبُرْصَ طَهِّرُوا، وَالشَّيَاطِينَ أطْرُدُوا. مَجَّاناً أَخَذْتُمْ، فَمَجَّاناً أَعْطُوا!” (متى10: 8). لكننا نعلم جيداً أن العلاج الطبي ليس مجاناً.

إن كان الله يستخدم الأطباء والعلوم الطبية ليخدم الشفاء فينبغي إذاً أن يخلو العلاج من الأخطاء ولا يعجز الأطباء عن شيء. لكننا نعلم أن هذا ليس صحيح, لأن كثير من الأطباء يخفقون من حين لآخر. لكن الحقيقة هي أن الأطباء والعلوم الطبية هي وسائل طبيعية لتقديم العلاج. لكن مواهب الشفاء وباقي الطرق الإلهية هي وسائل خارقة للطبيعي لتحقيق الشفاء.

إنني لا أتكلم ضد الأطباء أو المستشفيات أو الطب لأنهم يفعلون ما بوسعهم لمساعدة البشرية. كما نشكر الله لأجل الأطباء المؤمنون الذي يجتهدون بكل ما بوسعهم لمساعدة المرضى ويخدمون بما لديهم من خبرات وقدرات بشرية.

لكن الشفاء الذي يتحقق بطريقة خارقة للطبيعي لا يأتي من خلال التشخيص والعلاج الطبيعي. فالشفاء الإلهي يتحقق من خلال وضع الأيدي، ومسح المريض بالزيت والإيمان عن طريق الكلمة المنطوقة. هذه بعض الأمثلة عن الطريقة التي يمكن أن نقدم بها الشفاء للمرضى.

مواهب الشفاء.. هي الأكثر إستعلاناً في العهد الجديد

عندما ننظر إلى بعض الأمثلة عن عمل مواهب الشفاء في العهد الجديد سيتضح لنا عمل هذه المواهب والغرض منها.

فالغرض من هذه المواهب هو تحرير المريض وتحطيم أعمال الشيطان في جسد الإنسان.

لقد تكلمنا عن موهبة أعمال المعجزات وعرفنا أن إستعلانها كان يتكرر بصورة واضحة في العهد القديم عنه في الجديد. إلاَ أن الوضع ينعكس مع مواهب الشفاء. فهذه المواهب تتكرر بصورة أكثر وضوحاً في العهد الجديد عنه في القديم.

لقد خدم يسوع كإنسان ممسوح بالروح القدس وليس كإبن الله

لقد خدم يسوع ليس باعتباره إبن لله بل كإنسان ممسوح بالروح القدس. عندما كان يسوع في سن الخامسة والعشرين كان إبن لله في نفس المرتبة التي كان عليها في الثلاثين من عمره, إلا أنه  لم يشفى مريضاً واحداً ولم يصنع معجزة واحدة منذ ميلاده حتى الثلاثين من عمره, حينما امتلأ بالروح القدس.

فإلى أن مُسِح يسوع بالروح القدس لم يشفى شخصاً واحداً أو يصنع معجزة واحدة قبل الإمتلاء. كما لم يكن هناك أي إستعلان لقوة الله في حياته. لكن بعدما حل الروح القدس عليه من السماء حينئذٍ ابتدأت مواهب الروح القدس تُستعلن في خدمته.

قال يسوع بنفسه، “أَنِّي أَنَا فِي الآبِ، وَأَنَّ الآبَ فِيَّ. الْكَلاَمُ الَّذِي أَقُولُهُ لاَ أَقُولُهُ مِنْ عِنْدِي، وَإِنَّمَا الآبُ الْحَالُّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ أَعْمَالَهُ هَذِهِ” (يوحنا14: 10). فهو لم يدّعي أبداً أنه كان يصنع هذه الأعمال بنفسه أو بقدرته الذاتية. لكنه كان دائماً يقول أن الآب الحاّل فيه هو الذي يصنع هذه الأعمال. كيف كان يفعل ذلك؟ من خلال قوة الروح القدس.

لقد وقف يسوع في مدينة الناصرة وقرأ في المجمع: “رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْفُقَرَاءَ؛ أَرْسَلَنِي لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاقِ وَلِلْعُمْيَانِ بِالْبَصَرِ، لأُطْلِقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَاراً” (لوقا4: 18). وعندما كان بطرس يكرز لكرنيليوس ولبيته قال، “قَدْ مَسَحَ اللهُ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَبِالْقُدْرَةِ، فَكَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ يَعْمَلُ الْخَيْرَ، وَيَشْفِي جَمِيعَ الَّذِينَ تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ” (أعمال10: 38). فمع أن يسوع كان دائماً ولا يزال إبن الله إلاأنه  لم يشفي أحداً أبداً حتى مُسِح بالروح القدس وبقوة.

وهذا يؤكد بشدة أن يسوع لم يشفى المرضى بقوة موروثة فيه باعتباره ابن لله. إنما كان يشفى المرضى مثل أي مؤمن آخر قد دُعي من الله ليخدم للمرضى اليوم: عن طريق مسحة الروح القدس وبإستعلان مواهب الشفاء وبكرازة الكلمة.

لقد كان هناك إستعلان لجميع مواهب الروح في خدمة يسوع ماعدا موهبتي الألسنة وترجمة الألسنة اللتان تقتصران على تدبير الكنيسة. وبالطبع كانت خدمة يسوع تشتمل على إستعلان مواهب الشفاء.

مواهب الشفاء

1كورنثوس12: 9، 28، 30

9 فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى .. مَوَاهِبُ شِفَاءٍ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ.

28 وَقَدْ رَتَّبَ اللهُ فِي الْكَنِيسَةِ أَشْخَاصاً مَخْصُوصِينَ: أَوَّلاً الرُّسُلَ، ثَانِياً الأَنْبِيَاءَ، ثَالِثاً الْمُعَلِّمِينَ، وَبَعْدَ ذَلِكَ أَصْحَابَ الْمَوَاهِبِ الْمُعْجِزِيَّةِ أَوْ مَوَاهِبِ الشِّفَاءِ أَوْ إِعَانَةِ الآخَرِينَ أَوْ تَدْبِيرِ الشُّؤُونِ أَوِ التَّكَلُّمِ بِاللُّغَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ

30 أَلَعَلَّ لِلْجَمِيعِ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ يُتَرْجِمُونَ؟

وفقا لقاموس فاين التفسيري لكلمات العهد الجديد, فإن الأصل اليوناني لكل من كلمتي “مواهب” , “شفاء” المذكورتين في الأعداد الثلاثة السابقة تأتيان بصيغة الجمع وليست بصيغة المفرد “موهبة شفاء”. فكلمة “موهبة” تأتي بصيغة الجمع “مواهب”. وكذلك كلمة “شفاء” تأتي بصيغة الجمع “شفاء أنواع عديدة من الأمراض”.

لذلك تُعتبر هذه الموهبة هي الموهبة الروحية الوحيدة من مواهب الروح التسعة المذكورة في كورنثوس الأولى 12 التي تأتي بصيغة الجمع “مواهب” لتخدم “شفاء أنواع عديدة من الأمراض”.

لكن الوضع يختلف قليلاً مع موهبة الألسنة. فهذه الموهبة تأتي بصيغة المفرد “موهبة” لكنها تأتي بأنواع عديدة من الألسنة, وسوف نستفيض في شرحها في فصل لاحق.

لماذا لا يقول الكتاب مواهب “الشفاء (أي بصيغة المفرد)” أو موهبة “شفاء أنواع عديدة من الشفاء”؟ لماذا تأتي كل من كلمتي “مواهب” و “شفاء أنوع عديدة من الأمراض” بصيغة الجمع؟

ربما يكون أقرب تفسير لذلك هو لأنه توجد أنواع عديدة من الأمراض والأسقام التي  فيها يصعب على موهبة واحدة أن تشفى جميع الأنواع. على سبيل المثال، لقد لاحظت في خدمتي للشفاء وخدمة الآخرين أيضاً التي تُستعلن فيها مواهب الشفاء إنني كثيرا جداً ما أحقق نجاحاً أكبر في شفاء حالات مرضية معينة عن حالات أخرى. في حين يحقق الآخرون نجاحاً أكبر في شفاء أمراض معينة من تلك التي لم أنجح كثيراً في شفائها.

وقد أخبرني خدام كثيرون إنه توجد أنواع معينة من الأمراض نادراً ما يحققون نجاحاً في شفائها من خلال خدمتهم. وعلى العكس، هناك أنواع أخرى من الأمراض تقريباً يشفى منها كل شخص يُصَلون إليه.

بالطبع هذا لا ينفي حقيقة أن أي مؤمن يستطيع أن ينال الشفاء من أي مرض من خلال إيمانه الشخصي بكلمة الله. لكن من ناحية أخرى هناك مَن هم مؤُيدون بمواهب روحية معينة مثل مواهب الشفاء ليخدموا للآخرين.

في خدمتي الشخصية قد لاحظت أن جميع الحالات تقريباً التي تعاني من أورام أو فتاق أو سرطان ينالوا الشفاء عندما أصلى لهم. فقد داومت على إعداد تقرير عن كل اجتماع شفاء على مدار أعوام عديدة لأسجل حالات الشفاء. فوجدت أنه بنسبة تسعة وتسعون بالمائة من الحالات المذكورة سابقاً كان أصحابها ينالون الشفاء. فبعض من حالات الأورام كانت تختفي في غضون شهر، وهناك حالات أخرى كانت تستغرق عدة أشهر قبل أن تختفي بالكامل. لكن جميع حالات الأورام كانت تختفي ويُشفى أصحابها. هذه صورة من صور إستعلان مواهب الشفاء.

هناك خادم آخر كان مُستخدماً بطريقة عظيمة في شفاء حالات الصمم. قال هذا الخادم بإعترافه الشخصي إنه نادراً ماكان يُشفى أحداً مصاباً بأمراض مستعصية ماعدا أولئك الصُّم. لقد شاهدته وهو يخدم في إجتماعات كثيرة جداً ومختلفة ولم أرى أبداً حالة صمم واحدة تعجز عن إستقبال شفائها.

مواهب الشفاء مقابل موهبة الإيمان

يوجد فرق بين إستقبال الشفاء من خلال إستعلان مواهب الشفاء وبين إستقبال الشفاء من خلال إيمان الفرد الشخصي بكلمة الله. لقد علَّمني الله على مر السنوات أنه يوجد فرق بين الاثنين, مع أن كلاً من الطريقتين كتابيتين لإستقبال الشفاء.

على سبيل المثال، عندما إستقبلت شفاءً لجسدي لم يضع أحداً يده علىَّ. في الحقيقة لم يكن هناك وقتها أي عضو في أي طائفة كان يؤمن بالشفاء الإلهي. فلم أسمع وقتها في دوائر الإنجيل الكامل عن الشفاء. لكن عندما كنت صبياً معمدانياً (طريحاً للفراش) قرأت كتاب جدتي المقدس وإستقبلت الشفاء بنفسي عندما آمنت بمرقس 11: 24 “إِنَّ مَا تَطْلُبُونَهُ وَتُصَلُّونَ لأَجْلِهِ، فَآمِنُوا أَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمُوهُ، فَيَتِمَّ لَكُمْ”. لقد وقفت على هذا الشاهد وإعتبرت أن الشفاء الجسدي هو ذلك الشيء الذي أتمناه وأشتاق إليه.

فصليت صلاة الإيمان وبدأت أقول، “إنني أؤمن إنني أستقبل الشفاء لقلبي المشوه.

إني أستقبل الشفاء لجسدي المشلول.

إني أستقبل الشفاء لمرض دمي.

إنني أستقبل الشفاء من (هامة رأسي)أعلي رأسي  حتى أخمص قدمي(أسفل قدميَ)، عندئذٍ إسُتعلِنَت قوة الله في جسدي.

لقد نلت الشفاء لأني سلكت بإيماني في كلمة الله. فإن لم تجد حولك مَن يؤمنون بمواهب الشفاء أو حتى بالشفاء الإلهي من الأساس فيمكنك أن تفعل نفس ما أنا فعلته؛ فكلمة الله سوف تعمل لأجلك إن آمنت وسلكت بها. لكن مواهب الشفاء تُستعلن من خلال شخص آخر لتخدم لك الشفاء.

لذلك نستطيع أن نقول أن جميع حالات الشفاء تأتي من عند الله لكن الإختلاف هو في القناة التي يسُتعلن من خلالها الشفاء.

سمعت البعض يقول إنه في كل مرة تستقبل شفاءك فإن ذلك يتم من خلال عمل مواهب الشفاء. فبصورة عامة, يعُتبر الشفاء موهبة في حد ذاته لأن كل ما نستقبله من الله هو هبة أو عطية. لكن جميع حالات الشفاء ليست بالضرورة تكون إستعلان لعمل مواهب الشفاء. فشفائي على سبيل المثال كان نتيجة إيماني الشخصي بكلمة الله.

مواهب الشفاء .. من مواهب الخدمة

دعونا ننظر مرة أخرى إلى رسالة كورنثوس الأولى12: 28 “وَقَدْ رَتَّبَ اللهُ فِي الْكَنِيسَةِ أَشْخَاصاً مَخْصُوصِينَ..”. لم يكن بولس يتكلم في هذه الفقرة عن مواهب الشفاء باعتبارها موهبة روحية يمكنها أن تُستعلن من خلال أي مؤمن ممتلئ بالروح. لأن هذا يخالف ما قاله في بداية الإصحاح عندما قال, “.. َلَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ يُشَغِّلُهُ الرُّوحُ الْوَاحِدُ نَفْسُهُ، مُوَزِّعاً الْمَوَاهِبَ، كَمَا يَشَاءُ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ” (ع 11). مشيراً إلى أنه لا يوجد مؤمن يُستثنى من إستعلان المواهب الروحية في حياته.

لكنه في عدد 28 يقول أن الله قد وضع “بعضاً” وليس الكل في الكنيسة. ثم يكمل, “.. أَوَّلاً الرُّسُلَ، “. إن موهبة الرسول ليست موهبة روحية (من مواهب الروح) التي يمكن لأي مؤمن أن ينالها, إنما هي واحدة من مواهب الخدمة في الكنيسة التي يعطيها الله للبعض. ثم يكمل ويقول, “.. ثَانِياً الأَنْبِيَاءَ ..” هذه ليست موهبة روحية بل موهبة خدمة (واحدة من مواهب الخدمة الخمسة) التي يعطيها الله ليبارك الكنيسة بأكملها. ثم يكمل بعد ذلك ويقول, “.. ثَالِثاً الْمُعَلِّمِينَ ..”. هكذا ينطبق الحال على موهبة التعليم. فهي واحدة من مواهب الخدمة الخمسة التي تفيد الكنيسة بأكملها.

لكن بولس يسرد بعد ذلك أعمال المعجزات باعتبارها واحدة من مواهب الخدمة الخمسة. فهو يقول أن هناك بعض المؤمنين (ليسوا العلمانيين إنما المتفرغين بالكامل) يُؤيَدون بمواهب أعمال المعجزات التي ترافق خدماتهم بصورة مستمرة. (وهذا يختلف عن مواهب أعمال المعجزات باعتبارها موهبة روحية يعملها الروح القدس من خلال جميع المؤمنين). ثم يكمل هذا العدد ويضيف “.. وَبَعْدَ ذَلِكَ مَوَاهِبِ الشِّفَاءِ.”.

يتساءل بولس, “أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ رُسُلٌ؟”. بمعنى آخر، كان بولس يقول, “هل كل مؤمن لديه موهبة الرسول؟”. فتكون الإجابة “لا”. هل الجميع أنبياء أو معلمين؟ الإجابة لا.

ليس كل مؤمن لديه خدمة التعليم لجسد المسيح. فبكل يقين نستطيع جميعاً أن نعلَّم وفقاً لمقدار معرفتنا الكتابية. لكن هذا ليس إستعلان لموهبة المعلَّم. فهناك مَن وضعهم الله في الكنيسة وعضدهم بالروح القدس بموهبة التعليم.

بالنسبة لي، لم أكن دائماً معلَّماً للكلمة. فالتسعة سنوات الأولى من خدمتي كنت كارزاً فقط. كنت أحب الكرازة جداً وبالأخص الكرازة النارية. إن استطعت أن أصيغها بصورة أوضح: لقد كنت أعظ مثل العاصفة. كانت قوة الله تحل علينا وأموراً عجيبة تحدث. كنت أعظ بعنف وبسرعة جداً حتى كان الشعب يقول لي, “تكلم ببطء, لا نسمع نصف ما تقوله”. لقد كانت الكلمات تتدفق مني مثل نهر. وبسبب عدم نضجي ونموي الروحي, كنت أعتقد أنك لا يمكنك أن تكون ممسوحاً ما لم تتكلم بسرعة الصاروخ وتلَّوح بيدك مثل طاحونة الهواء ومضرب القطن.

مع أنني لم أكن أحب التعليم, إلا أني كنت أعلَّم درس للكتاب المقدس للكبار كل يوم أحد في ذات الكنيسة التي كنت أرعاها. لم يكن هناك شيء يسرني على الإطلاق سوى أن ينتهي درس الكتاب المقدس في صباح الأحد حتى أعود للكرازة. لقد مقت خدمة التعليم جداً حتى أنه في أحيان كثيرة جداً لم أكن انظر إلى جدول الخدمات إلا قبل أن تبدأ الخدمة بأربعين دقيقة.

حققت تقدماً لا بأس به. لقد كبر الفصل وتبارك الشعب. لكني كنت أبتهج كثيراً عندما كان الدرس ينتهي في صباح كل يوم أحد. كنت أستنشق نفسي وأقول, “شكراً للرب, لقد إنتهى درس هذا الأسبوع”. لم أكن أحب التعليم, لأنه لم يكن جزءً مني.

لكن في عصر أحد أيام الخميس في شهر يونيه عام 1943, في منزل الرعوية التابع لتلك الكنيسة وبينما كنت أتحرك من غرفة المعيشة إلى غرفة النوم في الساعة الثالثة بعد الظهر, وقع بداخلي شيء ما فجأة. أفضل وسيلة يمكنني أن أوضح بها ذلك هو سقوط(عملة معدنية )في الهواتف التي تعمل بالعملة. فأنت تسمع صوت العملة وهي تسقط في الهاتف. لقد شعرت تقريباً بمثل هذا الشعور, فقد سقط بداخلي -في روحي- شيء ما. لقد أتى من السماء.

توقفت وظللت صامتاً لأن روح الله حلَّ علي. ثم خرجت هذه الكلمات من فمي دون تفكير, “الآن أستطيع أن أعلَّم”. أدركت بالروح القدس ما حدث, فقد كانت موهبة سماوية ومقدرة إلهية للتعليم. وهذه الموهبة لم تعطى لفائدتي الشخصية إنما لبركة الآخرين. هكذا ينطبق الحال على موهبة أعمال المعجزات ومواهب الشفاء باعتبارهم مواهب خدمة.

وكما رأينا سابقاً أن بولس يتساءل, “أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ رُسُلٌ؟” بالطبع لا. “أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ مُعَلِّمُونَ؟”. كلا, فليس كل مؤمن لديه موهبة التعليم. (لم تكن لدي لعدة سنوات). بالطبع كنت أقوم بالتعليم عندما أكون مضطراً لذلك. لكنها لم تكن موهبة أو خدمة.

ثم يكمل بولس ويقول, “أَلَعَلَّ لِلْجَمِيعِ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ؟” (ع30). بالطبع ليس الجميع لديهم مواهب شفاء. هذا الشاهد ينفي الإعتقاد بأنه إن استقبل أحد شفاءه فهذا لابد وأن يكون من خلال إستعلان مواهب الشفاء. كما ينفي الاعتقاد بأن كل مريض يحتاج بصورة أساسية لعمل مواهب الشفاء لكي يستقبل شفاءه. فبإمكان أي مؤمن أن ينال الشفاء من خلال إيمانه الخاص.

 فما يتكلم عنه الكتاب في عدد 30 هو الإستعلان الخارق للطبيعي لمواهب الشفاء. لكن توجد طرق كثيرة لإستقبال الشفاء؛ منها وضع الأيدي والصلاة لأجل المرضى أو عن طريق أن يمارس الشخص إيمانه في كلمة الله كما حدث.

عندما كنت شاباً معمدانياً كنت أكرز عن الإيمان والصلاة. وعندما كنتُ أصلى للآخرين لم أرى أي إستعلان للمسحة لأجل المواهب الروحية. كنت أصلى للآخرين بإيمان والله كان يكرم إيماني – فهو دائماً يكرم الإيمان بكلمته. لذلك كان الناس يستقبلون شفائهم.

ظللت أصلى للمرضى بوضع الأيدي والمسح بزيت حتى عام 1938 عندما قبلت رعوية إحدي كنائس الإنجيل الكامل في شمال وسط تكساس. وبينما كنت أصلى ذات ليلة تكلم إليَّ الرب من خلال الروح القدس قائلاً، “لقد أعطيتك مواهب للشفاء وقد أرسلتك لتخدم للمرضى”.

من قبل, كنت أمسح الناس بالزيت وأصلي لأجلهم بإيمان بوضع الأيدي دون أن يكون هناك أي إستعلان لمواهب الشفاء من خلالي. لكن بعدما تكلم الرب إلي بخصوص خدمة المرضى أصبحت مدركاً لهذه الموهبة العاملة في خدمتي. في الواقع, لم أفعل أي شيء تجاه الأمر سوى إني كنتُ أخضع للروح القدس. عندئذٍ بدأت ألاحظ الفرق بين الشفاء عن طريق الإيمان البسيط في وعود كلمة الله مع الصلاة بوضع الأيدي وبين عمل مواهب الشفاء.

يمكن للناس أن ينالوا الشفاء مباشرة بأنفسهم من خلال الإيمان بكلمة الله. فكثيرين كانوا قد شُفوا من خلال إيمانهم الشخصي بكلمة الله. لكن عندما يتعلق الأمر بمواهب الشفاء؛ فلابد أن يكون هناك إستعلان خاص للروح القدس من خلال الخادم للشخص الذي يحتاج للشفاء.

عندما يطلب مني الناس أن أصلى لأجل شفائهم كنت أجيبهم بأني سوف أخدمهم وأصلى لأجلهم بإيماني الشخصي في وعود كلمة الله. فأنا لا أشَّغل مواهب الروح كيفما أشاء, لأنها تعمل كيفما يشاء الروح القدس.

مع ذلك، إن لم تُستعلن مواهب الروح فالناس يمكن أن ينالوا الشفاء والتحرير من خلال كلمة الله. فالكتاب المقدس يقول أن المسحة (قوة الله) هي التي تكسر النير (إشعياء10: 27) . والمسحة ترافق كلمة الله دائماً.

لهذا السبب يصبح من الضروري جداً أن يحرص المؤمنون على الإجتماعات التي يُكرز فيها بكلمة الله ويتحرك الروح القدس فيها بحرية. فقد إكتشفت أنه في تلك الاجتماعات يصبح من السهل جداً إستقبال ما تريده من الله.

وأكرر مرة أخرى أن مواهب الشفاء لا تلغى أو تبطل إستقبال الشفاء من خلال إيمانك الشخصي بكلمة الله. فالكتاب يقول “وَبِجِرَاحِهِ هُوَ تَمَّ لَكُمُ الشِّفَاءُ” (1بطرس2: 24). 

شكراً لله لأجل كلمته ولأجل إمتياز الإيمان بالكلمة والسلوك بموجبها. وشكراً أيضاً لأجل الإستعلان الخارق للطبيعي لمواهب الشفاء.

أسئلة للدراسة

1.    ما هي الوسائل الطبيعية للشفاء؟

…………………………………………………………………………………………………………………………………………

1.    ما هي الوسائل الفائقة للطبيعي للحصول على الشفاء؟

…………………………………………………………………………………………………………………………………………

1.    ما هي المواهب الروحية التي يتكرر إستعلانها مرات كثيرة في العهد الجديد؟

…………………………………………………………………………………………………………………………………………

1.    كيف كان يسوع يخدم عندما كان على الأرض.(؟)

…………………………………………………………………………………………………………………………………………

1.    لماذا جاءت كل من كلمتي “مواهب” , “شفاء” في صيغة الجمع؟

…………………………………………………………………………………………………………………………………………

1.    عن أي شيء كان بولس يتكلم في رسالة كورنثوس الأولى 12: 28  عندما قال “وَقَدْ رَتَّبَ اللهُ فِي الْكَنِيسَةِ أَشْخَاصاً مَخْصُوصِينَ..”.

…………………………………………………………………………………………………………………………………………

1.    وفقا لكورنثوس الأولى 12: 30، أي شيء ينفيه هذا العدد.

…………………………………………………………………………………………………………………………………………         

1.    كيف يمكن للناس أن يستقبلوا شفائهم إن لم يكن هناك إستعلان لمواهب الروح.

…………………………………………………………………………………………………………………………………………

1.    وفقاً لإشعياء10: 27, ما هو الشيء الذي يكسر النير؟

…………………………………………………………………………………………………………………………………………

10- الفرق بين مواهب الشفاء المذكورة في عدد 9 ومواهب الشفاء المذكورة في عدد 28؟

…………………………………………………………………………………………………………………………………………

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$