القائمة إغلاق

Changing To His Image Part 1 نتغير الي تلك الصورة عينها جزء

 

نتغير الي صورته الجزء الاول 23-8-2016

العظة مكتوبة

(السلسلة كاملة)

طبيعة مُحايدة، طبيعة شيطانية، طبيعة إلهية.
▪︎ سبب وجود إبليس.
▪︎ الطريقة التي تجعلك على صورة المسيح.
▪︎ سراج الجسد هو العين.
▪︎ بيسوع نهاية الناموس.
▪︎ لسنا أولاد جارية بل أولاد الحرة.
▪︎ الذي حسب الجسد يضطهد الذي حسب الروح.
▪︎ كن سامِعًا عاملاً بالكلمة.
▪︎ كن مَرِنًا، لا تغلق قلبك حتى يكشف لك الروح ما بقلبه.
▪︎ الكذبة الأولى.
▪︎ الكذبة الثانية.
▪︎ الكذبة الثالثة.
▪︎ ثمر الروح.
▪︎ إنْ ماتتْ تأتي بثمرٍ كثير.
▪︎ بنورك نرى نورًا.
▪︎ كيف تخرج الثمر مِن داخلك؟
▪︎ محبة الله وقضائه.
▪︎ اطلبوا ما هو فوق.
▪︎ التلمذة ليست شيئًا اختياريًا.
▪︎ لا تبع الأمور الروحية مقابل ملذّات وقتيّة.
▪︎ كلمة الله ودورها الضخم في بناء شخصيتك!
▪︎ كيف يقودنا الله؟
▪︎ داود بطل التأمل.
▪︎ اللهج وخطواته الثلاث.

▪︎ طبيعة مُحايدة، طبيعة شيطانية، طبيعة إلهية:
“يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضاً إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ.” (غلاطية 19:4). ترجمة الفاندايك.
“يا أولادي الصغار الذين أتمخض من أجلهم مرة أخرى حتى يتصور ويتجسّد المسيح بكمال وثبات فيكم”. (غلاطية 19:4). الترجمة الموسعة.
يتشفع الرسول بولس من أجل أن تصير صورة المسيح ظاهرة في كنيسة غلاطية، وكلمة “أيضًا” تعني إنه تشفّع قبل ذلك من أجلهم حتى يُولَدوا ثانيةً. كل من وُلِد من الله لديه الطبيعة الإلهية لكنه إن لم يُخرج هذه الطبيعة في حياته، يكون مثل نسر لا يستطيع أن يحلق في السماء بسبب إنه نشأ وسط الفراخ.
خلق الله روح الإنسان محايدة ليست لها طبيعة شيطانية ولا إلهية أيضًا -مثل المياه ليست مالحة أو مُحلّاة- لكنها معدة أن تستقبل حياة الله لأن فكر الله أن تصير طبيعته في الإنسان؛ “بُولُسُ، عَبْدُ اللهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، لأَجْلِ إِيمَانِ مُخْتَارِي اللهِ وَمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، الَّذِي هُوَ حَسَبُ التَّقْوَى، عَلَى رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، الَّتِي وَعَدَ بِهَا اللهُ الْمُنَّزَهُ عَنِ الْكَذِبِ، قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ”. (تيطس 1:1-2).
استغل إبليس طبيعة الإنسان المُحايدة هذه ووضع طبيعته الشيطانية فيه فصار ابنًا له؛ “هَئَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي” (مزمور 5:51) وكما قال الرب يسوع: “أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا”. (يوحنا 44:8)، وقبض إبليس على النسل البشري وبالتالي أصبح كل من يُولَد له الطبيعة الشيطانية إلى أن جاء يسوع.
مثال توضيحي؛ نعلَّم أن طبيعة النسور أن تُحلق وتطير عاليًا، أما طبيعة الفراخ فلا تستطيع الطيران، فالطبيعة هي أمر تستطيع أن تفعله بتلقائية دون مجهود وهذا هو السبب الذي جعل الله يضع طبيعته في الإنسان حتى يستطيع بتلقائية أن يحيا الحياة الإلهية.
كان آدم يتعامل مع عالم العيان قبل السقوط ولكنه كان أقل انتباهًا له حيث كان أكثر إدراكًا لعالم الروح، لكن بعد السقوط صار مُدرِكًا أكثر لعالَم العيان، مُعطيًّا له تقديرًا أكثر من الأمور الإلهية، كما تخبرنا الكلمة: “فَانْفَتَحَتْ اعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا انَّهُمَا عُرْيَانَانِ”. (تكوين 7:1).
نعلم أنّ الله روح؛ “اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا” (يوحنا 24:4)، والسلوك بالعيان هو أن تصدق ما تراه وتسمعه وتشعر به. عندما أتى الرب يسوع ليعطيك الطبيعة الإلهية، جعلك مُدرِكًا لعالَم الروح أكثر من العالَم المادي. كي يصير مصدر معلوماتك هو روحك ولكي تنقاد بالروح القدس، لابد أن تصير أولًا على صورة يسوع لأنك لن تستطيع أن تنقاد بالروح القدس وأنت لا تعلم صورته، فالقيادة بالروح أمر في غاية السهولة.
“وَلَكِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ حَاضِراً عِنْدَكُمُ الآنَ وَأُغَيِّرَ صَوْتِي، لأَنِّي مُتَحَيِّرٌ فِيكُمْ! قُولُوا لِي، أَنْتُمُ الَّذِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا تَحْتَ النَّامُوسِ، أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ النَّامُوسَ؟” (غلاطية 20:4-21). لم تكن كنيسة غلاطية على صورة يسوع بسبب سلوكها عكس طبيعتها (الطبيعة الإلهية)، كانوا يُقدّرون نظامًا آخر.
“وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضاً لاَ بِأَقْوَالٍ تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ. وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً. وَأَمَّا الرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ لاَ يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ”. (1 كورنثوس 12:2←16).
لا يستطيع الإنسان الطبيعي الذي يسلك بالحواس الخمس استيعاب وإدراك أمور الله. هو الشخص الذي يشرد (يسرح) كثيرًا أثناء استماعه للعظات ويعتقد إن مجرد سماعه للكلمة وحضوره للاجتماعات يُباركه، ولا يدرك إنه يجب أن يفهم الكلمة. كان هناك أشخاص كثيرون متواجدون أيام الرب يسوع لكنهم لم يفهموا كلامه على الرغم من استماعهم وبالتالي لم يروا نتائج في حياتهم.
قال الرب يسوع لتلاميذه “أَوْ أُولَئِكَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْبُرْجُ فِي سِلْوَامَ وَقَتَلَهُمْ أَتَظُنُّونَ أَنَّ هَؤُلاَءِ كَانُوا مُذْنِبِينَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ”. (لوقا 4:13-5).
كان الرب يقصد أن سبب سقوط البرج عليهم هو الخطية وليس لها أسباب وتحليلات أرضية (مشاكل في التخطيط والهندسة مثلاً). كان الرب يرى الأمور من منظور روحي مختلف عن نظرة الناس الطبيعية، الذين يرون اليوم أن تغيير القوانين سيؤدي إلى حل مشكلة الفقر، ولكن السبب الحقيقي في الدمار والفقر في العالم هو سلوك الأشخاص بالحواس الخمس.
يحكم الشخص الروحي في كل الأمور ويفهم أمور الروح. هو شخصٌّ صار على صورة المسيح وأحيانًا لا يفهمه الآخرون. نجد هذا في الرب يسوع الذي لم يكن خاطئًا، لكنه كان يختلط بالخطاة. في منظورهم كان من المفترض أن يحترم السبت ولكنه كان يشفي في السبت، كان يبدو غريب الأطوار بالنسبة لهم.
“لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟” ← هي مقتبسة من العهد القديم لكنه استدرك قائلًا: “وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ” ويعني هذا إننا نختلف عن أناس العهد القديم فالآن نحن نعرف فكر الله، هللويا.
“وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَالٍ فِي الْمَسِيحِ سَقَيْتُكُمْ لَبَناً لاَ طَعَاماً لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ بَلِ الآنَ أَيْضاً لاَ تَسْتَطِيعُونَ لأَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ. فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟” (1 كورنثوس 1:3←3).
يوجد مؤمنون ناضجون روحيًا وهناك أيضًا أطفال ومعاقون روحيًا بالرغم من إنهم في المسيح، ويقول الرسول بولس لهم إنه لا يستطيع أن يتواصل معهم لأنهم جسدّيون رغم إنهم في المسيح ولكنهم يسلكون مثل البشر العاديون بينما مشيئة الله لهم أن يكونوا إلهيين. إن سلكت بروحك لن يفرق معك الذم والمدح، ومَن الذي سأل عنك في غيابك، أو مَن سلم عليك أو تعامل معك بطريقة سيئة.

▪︎ سبب وجود إبليس:
كان الفكر الإلهي هو خلق خدام “ملائكة” قبل أن يُخلَق الإنسان، فالإنسان هو هدف الله، لكن لوسيفر انقلب على الله وتبعه ثلث الملائكة.
“كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلَهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ.” (2 بطرس 3:1-4) قدرة الله وهبت لك كل ما تحتاجه في هذه الحياة بمعرفة (الله) الذي دعاك إلى المجد والفضيلة.
“هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ”← أي مُنعزِلين وغير مُتأثِّرين بالفساد الذي يحدث الآن في العالم الذي سببه السلوك والانسياق وراء الحواس الخمس وإشباعها وتصديقها، وهذا ما صلاه الرب يسوع: “لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ”. (يوحنا 15:17).
ليست المشكلة في وجود أشخاص غير مؤمنين في العالم، بل دخول فِكْر شيطاني عند سقوط آدم. كان هدف المسيح عندما جاء إلى الأرض أن يجعل للإنسان الطبيعة الإلهية؛ لذلك كل من قَبِلَ المسيح، استقبل كل ما يحتاجه لكي يحيا الحياة الإلهية وصار في المجد والفضيلة ووُهِبَ له المواعيد العظمى.
وعد الله قديمًا إنه سيُولَد نسلٌ يأخذ الطبيعة الإلهية؛ لذا أي شيء تعرفه عن يسوع أنت أصبحت شريكًا فيه بولادتك من الله كما تقول الكلمة؛ “شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ”. أنت صرت مُشترِكًا في الطبيعة الإلهية؛ لذلك عندما تأتي أفكار لا تتوافق مع الكلمة، أدْرِكْ إنها أفكار مُستورَدة من الخارج وليست نابعة من روحك، فسِرّ نجاحك وانطلاقك الروحي هو اكتشافك من أنت بعد الميلاد الثاني.
“فَرَجَعَ السَّبْعُونَ بِفَرَحٍ قَائِلِينَ: «يَا رَبُّ حَتَّى الشَّيَاطِينُ تَخْضَعُ لَنَا بِاسْمِكَ. فَقَالَ لَهُمْ: «رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ سَاقِطاً مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ. هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَاناً لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُّوِ وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ. وَلَكِنْ لاَ تَفْرَحُوا بِهَذَا أَنَّ الأَرْوَاحَ تَخْضَعُ لَكُمْ بَلِ افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ”. (لوقا 17:10←20).
يقول الرب يسوع لتلاميذه لا تفرحوا لأن الشياطين تخضع لكم -أي ترون نتائج- لأن ليس هذا سببَ الفرح الحقيقي، بل افرحوا لأنكم آمنتم بيَ وترونني وتقبلونني؛ “طُوبَى لِلْعُيُونِ الَّتِي تَنْظُرُ مَا تَنْظُرُونَهُ لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ كَثِيرِينَ وَمُلُوكاً أَرَادُوا أَنْ يَنْظُرُوا مَا أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَلَمْ يَنْظُرُوا وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا”. (لوقا 23:10-24). إيمانهم بالرب يسوع هو ما جعلهم يرون نتائج في حياتهم وجعل الشيطان يخضع لهم وهذا ما يُفرّحك حقًا.

▪︎ الطريقة التي تجعلك على صورة المسيح:
صلاة القادة من أجلك.
دراستك للكلمة وإدراكك لها.
عدم السلوك بالحواس الخمس.

▪︎ أمواتًا بالذنوب والخطايا:
“وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتاً بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ، الَّذِينَ نَحْنُ أَيْضاً جَمِيعاً تَصَرَّفْنَا قَبْلاً بَيْنَهُمْ فِي شَهَوَاتِ جَسَدِنَا، عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وَالأَفْكَارِ، وَكُنَّا بِالطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ أَيْضاً”. (أفسس 1:2←3).
“دَهْرِ”؛ هو نظام العالم أو طريقة تفكيره (Aion)، أما العالم هو Cosmos))، هكذا تأتي الألفاظ في اليوناني. لنضرب مثلاً لمزيد من الفهم؛ الهاتف المحمول يمثل (Cosmos) والسوفيت وير يُعتبَر (Aion) هو النظام الذي يعمل به، أيضًا الشركة تمثل (Cosmos) والنظام التي تسير به (Aion)؛ إذًا إن أردتْ أن تُطوّر من الشركة لابد أن تُغيّر من نظامها.
أنت لم تعد الآن ميتًا بالذنوب والخطايا التي سلكت فيها سابقًا بحسب نظام هذا العالم. كل ما هو مرئي ومحسوس وملموس، حسب إبليس الذي يعمل الآن في أبناء المعصية الذي تصرفت قبلًا مثلهم حسب قيادة الحواس الخمس وما يريده الجسد، لذلك مشكلة العالم الآن هي سلوكه حسب الحواس الخمس “عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وَالأَفْكَار” فإبليس يستغل الحواس الخمس والأفكار البشرية العادية التي يسلك بها الناس وهم لا يعلمون إنه نظام شيطاني.
“وَكُنَّا بِالطَّبِيعَةِ كَالْبَاقِينَ أَيْضاً”← كانت طبيعتنا الروحية طبيعة إبليس؛ نفكر ونسلك مثل سائر البشر الذي يدّخر ماله خوفًا من المرض أو الوقوع في كارثة ويضع أمانه في الآخرين، وهذه هي فلسفة إبليس.
“الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ” لم يعد هذا الروح عاملاً فينا الآن نتيجةً لموت وقيامة يسوع.
“اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ – بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ – وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ (تحفته)، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.” (أفسس 4:2←10).
“فِي الْمَسِيحِ”← المسيح ليس فقط شخصًا بل مكانًا أيضًا، لقد أُعيد خلق كل من وُلِدَ ميلادًا ثانيًا مرة أخرى في ملكوت الله، ولم يتم تنظيفه، فإنْ تم تنظيف الشخص فقط، هذا يعني إنه تم تبرئته ولكنه مازال ابنًا لإبليس، فهو مازال لديه الطبيعة الشيطانية نفسها، لكن الحقيقة إنه مات وأُعيد خلقه مرة أخرى، أي الطبيعة الشيطانية لم تعد موجودة وتم وضع طبيعة جديدة بداخله. للأسف لا يعلم الكثير من المؤمنين عن ذلك؛ لذلك تجدهم يعتقدون إنهم فقط خلصوا ويحاولون تغيير سلوكهم.
تؤدي الطبيعة إلى السلوك وليس العكس، بمعنى إنه حتى تجعل شجرة المانجو تُخرِج موز لابد أن تُغير من طبيعتها (بذار الزرع)، وهذا ما قال الرب يسوع للتلاميذ أن يفرحوا به؛ “وَلَكِنْ لاَ تَفْرَحُوا بِهَذَا أَنَّ الأَرْوَاحَ تَخْضَعُ لَكُمْ بَلِ افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ”. (لوقا 20:10).
كونك وُلَدت من الله، يعني هذا إنه تم إعادة خلقك مرة أخرى في المسيح، أنت صرت في ملكوت الابن المحبوب، روحك الإنسانية صارت في مكان آخر؛ “وَلِصِهْيَوْنَ يُقَالُ: هَذَا الإِنْسَانُ وَهَذَا الإِنْسَانُ وُلِدَ فِيهَا وَهِيَ الْعَلِيُّ يُثَبِّتُهَا. الرَّبُّ يَعُدُّ فِي كِتَابَةِ الشُّعُوبِ أَنَّ هَذَا وُلِدَ هُنَاكَ. سِلاَهْ” (مزامير 5:87-6).
يقول أيضًا الرسول بولس: “وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (أفسس 6:2). عندما تدرس وتتأمل كثيرًا في هذه الآيات، ستتغير حياتك لكي تسلك في الأعمال التي سبق وأعدها الله لك، يجب أن تدرك ما صرت عليه في المسيح يسوع.

▪︎ سراج الجسد هو العين:
“لَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجاً وَيَضَعُهُ فِي خُفْيَةٍ وَلاَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ لِكَيْ يَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ. سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِماً. اُنْظُرْ إِذاً لِئَلاَّ يَكُونَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةً. فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نَيِّراً لَيْسَ فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ يَكُونُ نَيِّراً كُلُّهُ كَمَا حِينَمَا يُضِيءُ لَكَ السِّرَاجُ بِلَمَعَانِهِ”. (لوقا 33:11←36).
الفِكْر الإلهي هو أن لا يختبئ جزء من النور، بل أن يكون ساطعًا ومُشرِقًا، إنْ خبأت جزءًا منه، سترى تأثيره فقط ولكنه في الواقع أقوى بكثير مما تراه. مَن يريد أن يُظهِر هذا النور، لابد أن يُخرِجه للخارج ولا يخبئه، وهنا يقول الرب يسوع لك كيف تُخرج الروعة أو النور الذي فيك.
“سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِماً”: هذا تأثير أفكار الإنسان على جسده، ويُحذّر الرب يسوع قائلًا: “اُنْظُرْ إِذاً لِئَلاَّ يَكُونَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةً” أي انتبه واحذر حتى لا يكون ما تظنه نورًا بداخلك من وجهة نظرك هو في الأساس ظلمة في نظر الله.
يحذر الرب يسوع من وجود أجزاء مُظلِمة في حياتك، مثل بعض المؤمنين الذين يعتقدون أن الميلاد الثاني هو ضمان الأبدية فقط ولا يعلمون إنه عبارة عن حياة الله في الإنسان واستبدال الطبيعة البشرية بالإلهية وإنه وُلِدَ في السماء، فلا يمكنه أن يتمنى الذهاب إلى هناك.
فَضَّلَ الرسول بولس البقاء في الجسد من أجل فائدة الكنيسة عن أن يصير مع المسيح؛ “فَإِنِّي مَحْصُورٌ مِنْ الاِثْنَيْنِ: لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً”. (فيلبي 23:1)، فهو كان يحب جسد المسيح ويُضحي من أجله، وهذه هي الطبيعة الإلهية طبيعة المحبة وهذا هو النور الكامل أن تفكر بالمحبة تجاه الآخرين وتصير مُختلِفًا عنهم ولا تفكر مثل باقي البشر.
“سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ” يُقصَد بالعين أي طريقة التفكير، فإذا كانت عينك ترى أمورًا صحيحة، يكون جسدك كله نيرًا، وإن كانت ترى أمورًا خاطئة، فجسدك كله يكون مُظلمًا، هنا يتبيّن ضرورة توافق طريقة تفكيرك متوافقة مع فكر الله
“وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا. لأَنَّ الْمَسِيحَ إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ. فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارٍّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضاً أَنْ يَمُوتَ. وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا.” (رومية 5:5←8).
بَيَّنَ الله محبته للإنسان بأن أخذ مكانه، وأنت تُظهِر محبتك له عن طريق أن تأخذ مكانه وهذه هي طريقة إظهار محبتك أن تأخذ مكانه مثلما أخذ المسيح ما عندك. ليست المحبة أن تعامل الآخر بلطف وحسب بل هي طبيعة أنت تُدركها وتحيا بها حتى تستطيع أن تُظهِر محبة الله التي صارت فيك.
“وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ. إِذاً نَحْنُ مِنَ الآنَ لاَ نَعْرِفُ أَحَداً حَسَبَ الْجَسَدِ. وَإِنْ كُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لَكِنِ الآنَ لاَ نَعْرِفُهُ بَعْدُ. إِذاً إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً. وَلَكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ، أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحاً الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعاً فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. إِذاً نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ. لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.” (2 كورنثوس 15:5←21).
شرعية أن تأخذ مكان الرب يسوع هو أن الله جعل المسيح خطية وأخذ مكانك لكي تأخذ أنت مكانه؛ أي طبيعتك الروحية صارت بها جميع الإمكانيات الإلهية حتى إن لم ترَ ذلك، ولكي تُطلِق ذلك للخارج لابد ألّا يكون النور جزئيًا في حياتك أو يُوضَع تحت المكيال -حتى يستفيد منه العالم- والأمر يكمن في طريقة ونظام تفكيرك.
“فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.” (رومية 1:12-2).
الطريقة التي بها تتغير عن شكلك هي تجديد ذهنك بكلمة الله. إنْ كنت لا تدرس الكلمة، لن تعرف أن تتغيّر إلى تلك الصورة عينها. بإمكانك تغيير ظروفك وشكل حياتك عن طريق تجديد ذهنك. تُطلَق الروح الإنسانية عن طريق ضبط ذهنك على الكلمة، وهذا دورك أنت.
تحتوي إرادة الله على ثلاثة مستويات؛ إرادة صالحة (جيدة)، ومستوى أعلى وهي المرضية، ثم أعلى مستوى هي الكاملة، وهو المستوى الذي يريده الله لكل مؤمن ومؤمنة ولكن للأسف ليس الجميع يصل إليه. اكتفى الكثيرون بقبول الرب يسوع فقط ولم يخوضوا أعماقًا مع الرب . نجاح يسوع في حياتك مُرتبِط بسماحك له بالتدّخُل فيما يخصك.

▪︎ بيسوع نهاية الناموس:
“يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضاً إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ. وَلَكِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ حَاضِراً عِنْدَكُمُ الآنَ وَأُغَيِّرَ صَوْتِي، لأَنِّي مُتَحَيِّرٌ فِيكُمْ! قُولُوا لِي، أَنْتُمُ الَّذِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا تَحْتَ النَّامُوسِ، أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ النَّامُوسَ؟ فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ.” (غلاطية 19:4←22).
كانت مشكلة كنيسة غلاطية هي اتّباع طريقة خاطئة في العلاقة مع الله؛ وهي طريقة موسى التي هي عكس طريقة يسوع. حافظت طريقة موسى على شعب الله لكي يأتي يسوع من نسلهم ولكن انتهى العمل بالناموس بمجيء الرب إلى الأرض. الناموس هو عبارة عن أوامر؛ “افعل ولا تفعل” ولكنه لم يُغيّر الطبيعة الروحية التي نجح الميلاد الثاني في تغييرها، وعلى المؤمنين أن يتعلّموا عن هذه الطبيعة وكيف يخرجوها ويُظهروها للعيان.
هناك من لغى موسى تمامًا وهذا خاطئٌ. قَدَّمَ موسى الله كوصايا وشريعة ولكن قلب الله يظل ثابتًا في شريعة موسى ويسوع؛ أي تظل الخطية خطية، وما يريد الله الإنسان أن يشترك فيه كما هو.
هناك من يعتقد أن العشور والتقدمات هو أمر يخص العهد القديم فقط ولكن عندما تدرس أكثر عنها، تكتشف أن موسى لم يفعل ذلك لأنه عكس الخطية لكنه فعله لأنه أمر طبيعي، مثل شجرة معرفة الخير والشر التي كانت توجد في جنة عدن ومنع الله آدم وحواء من الأكل منها، فهي تحت تصرُّف الإنسان ولكنها مِلكٌ لله، وهكذا العشور فهي تحت تصرُّف الإنسان ولكنها مِلكٌ الله، وهي لم تأتِ بعد موسى بل كانت منذ أيام إبراهيم وإسحق ويعقوب.
“لِهَذَا أَعْطَاكُمْ مُوسَى الْخِتَانَ لَيْسَ أَنَّهُ مِنْ مُوسَى بَلْ مِنَ الآبَاءِ. فَفِي السَّبْتِ تَخْتِنُونَ الإِنْسَانَ. فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ يَقْبَلُ الْخِتَانَ فِي السَّبْتِ لِئَلَّا يُنْقَضَ نَامُوسُ مُوسَى أَفَتَسْخَطُونَ عَلَيَّ لأَنِّي شَفَيْتُ إِنْسَاناً كُلَّهُ فِي السَّبْتِ؟” (يوحنا 22:7-23).
يُفرق هنا الرب يسوع بين ما قاله موسى وما قاله الآباء، فهو يوضح أنه ليس شريعة وقانون بل هي حياة، فهو لم يلغِ الختان في العهد الجديد بل قال عنه إنه ختان الروح مما يعني أن المبدأ موجود ولكنه مبدأ روحي يحدث في الروح.
مثلاً إنْ عشت لفترة من الزمن في الماضي في أمريكا ونوى أحد أقربائك الذهاب إليها بعد رجوعك، فأرسلته إلى شخص بعينه ليساعده في أوراق الإقامة والسكن وكل شيء إلى أن تذهب أنت إليه. هل يعني هذا إنه عندما تذهب إليه سيتوقف عن أن يكون له سكن وأن يأكل ويشرب؟! بالطبع لا، لأن المبادئ ستظل موجودة. ففي فكر الله أن يعيش الإنسان مُرتبِطًا بالعالم الروحي.
“وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ السِّحْرَ يَجْمَعُونَ الْكُتُبَ وَيُحَرِّقُونَهَا أَمَامَ الْجَمِيعِ. وَحَسَبُوا أَثْمَانَهَا فَوَجَدُوهَا خَمْسِينَ أَلْفاً مِنَ الْفِضَّةِ.” (أعمال 19:19).
حرق السحرة كل أدوات السحر لأنهم وجدوا طريقة روحية أعلى من الطريقة التي يستخدمونها، ليس لأنها خطية فقط بل لأنهم اكتشفوا إنه توجد طريقة أعلى تفوق تلك الطريقة التي يسلكون بها وهي الإيمان بيسوع المسيح، فخضعوا لها.
يرتبط عالم الروح بعالم العيان، وهناك قوانين لابد أن تُدركها؛ ففي غلاطية يقول الرسول بولس إنه تم الانتهاء من السلوك بأعمال ناموس موسى، فهناك اختلاف بين العهد القديم والجديد، ففي العهد القديم لم تُغيّر شريعة موسى الطبيعة الروحية التي تم تغييرها في العهد الجديد، وإبليس لم يكن مهزومًا في العهد القديم ولكن تمت هزيمته في العهد الجديد، وأنت نُقِلْتَ من مملكة الظلمة إلى مملكة النور.
مملكة الظلمة هي ظلمة لأنها تعتمد على السلوك بالبشرية أي “العيان” لتحقيق رغبات الجسد. أنت كمؤمن جديد ستتعذب إن سلكتْ بما تمليه عليك حواسك، فالله يريد أن تُخرِج الروعة التي بداخلك للخارج، وما يُعيقك عن ذلك هو إنك تُصدّق ما تشعر به وتتصرّف بناء عليه.

▪︎ لسنا أولاد جارية بل أولاد الحرة:
“قُولُوا لِي، أَنْتُمُ الَّذِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا تَحْتَ النَّامُوسِ، أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ النَّامُوسَ؟ فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ. لَكِنَّ الَّذِي مِنَ الْجَارِيَةِ وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ، وَأَمَّا الَّذِي مِنَ الْحُرَّةِ فَبِالْمَوْعِدِ. وَكُلُّ ذَلِكَ رَمْزٌ، لأَنَّ هَاتَيْنِ هُمَا الْعَهْدَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ الْوَالِدُ لِلْعُبُودِيَّةِ، الَّذِي هُوَ هَاجَرُ. لأَنَّ هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ الْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا. وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ الْعُلْيَا، الَّتِي هِيَ أُمُّنَا جَمِيعاً، فَهِيَ حُرَّةٌ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «افْرَحِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. اهْتِفِي وَاصْرُخِي أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَتَمَخَّضْ، فَإِنَّ أَوْلاَدَ الْمُوحِشَةِ أَكْثَرُ مِنَ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ. وَأَمَّا نَحْنُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَنَظِيرُ إِسْحَاقَ، أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ. وَلَكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ الَّذِي وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ يَضْطَهِدُ الَّذِي حَسَبَ الرُّوحِ، هَكَذَا الآنَ أَيْضاً. لَكِنْ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ابْنُ الْجَارِيَةِ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ إِذاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ.” (غلاطية 21:4 ←31).
وُلِدَ الأول حسب الجسد، وهو يرمز للسلوك بالجسد، والثاني حسب كلمة الله، وهو يرمز للسلوك بالروح.
“وَلَكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ الَّذِي وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ يَضْطَهِدُ الَّذِي حَسَبَ الرُّوحِ”← وجدت سارة أن إسماعيل يسخر من إسحاق “وَرَاتْ سَارَةُ ابْنَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ لإبْرَاهِيمَ يَمْزَحُ”. (تكوين 9:21)، لذلك مِن الطبيعي أن تسخر الحواس الخمس من أمور الروح، كما هو طبيعي أن يكون جسدك غير سعيد وأنت تصلي؛ لذلك تجد الرب يسوع يقول: “اسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ”. (متى 41:26).
مِن الطبيعي أن تجد الرغبة في روحك أن تُصلي ولكن جسدك لا يرغب في ذلك لأن الجسد دائمًا يشتهي ضد الروح، وهذا ما يقوله الرسول بولس: “وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ” (غلاطية 16:5)، فالعهد القديم كان عالَمًا حسيًا، لذا تجد الرب يسوع ينقلهم في العهد الجديد إلى عالم الروح ويُكمل حديثه قائلًا: اسلك بروحك.
“فَاثْبُتُوا إِذاً فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً! لَكِنْ أَشْهَدُ أَيْضاً لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ. قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ.” (غلاطية 1:5←4).
المؤمن الذي يسلك بالجسد، يسقط من النعمة، وهذا يعتمد على مستواه الروحي، فقد يبدأ بداية قوية جدًا ويخدم الرب بكل قلبه ثم يبتعد فيسقط من النعمة، ولكن بُعده عن الرب لا يعني هلاكه لأنه يستطيع أن يرجع مرة أخرى، ولكن من يسلك بروحه هو شخص ينظر للطبيعة الإلهية التي صارت فيه ويسلك بها. هناك أطفال روحيون مثل مَن يضعون علامة معينة للرب من أجل ارتباطهم أو الاختيار بين عملين ولا يعلمون أن هناك طريقة قيادة في الكلمة حتى تصير حياتهم أسهل وأكثر سلاسة.

▪︎ الذي حسب الجسد يضطهد الذي حسب الروح:
“فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ. كُنْتُمْ تَسْعَوْنَ حَسَناً. فَمَنْ صَدَّكُمْ حَتَّى لاَ تُطَاوِعُوا لِلْحَقِّ؟ هَذِهِ الْمُطَاوَعَةُ لَيْسَتْ مِنَ الَّذِي دَعَاكُمْ. خَمِيرَةٌ صَغِيرَةٌ تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ. وَلَكِنَّنِي أَثِقُ بِكُمْ فِي الرَّبِّ أَنَّكُمْ لاَ تَفْتَكِرُونَ شَيْئاً آخَرَ. وَلَكِنَّ الَّذِي يُزْعِجُكُمْ سَيَحْمِلُ الدَّيْنُونَةَ أَيَّ مَنْ كَانَ. وَأَمَّا أَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَإِنْ كُنْتُ بَعْدُ أَكْرِزُ بِالْخِتَانِ فَلِمَاذَا أُضْطَهَدُ بَعْدُ؟ إِذاً عَثْرَةُ الصَّلِيبِ قَدْ بَطَلَتْ. يَا لَيْتَ الَّذِينَ يُقْلِقُونَكُمْ يَقْطَعُونَ أَيْضاً! فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ، بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. لأَنَّ كُلَّ النَّامُوسِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْمَلُ: «تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. فَإِذَا كُنْتُمْ تَنْهَشُونَ وَتَأْكُلُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، فَانْظُرُوا لِئَلاَّ تُفْنُوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهَذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ. وَلَكِنْ إِذَا انْقَدْتُمْ بِالرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ. وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ: الَّتِي هِيَ زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضاً: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هَذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. وَلَكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ فَلْنَسْلُكْ أَيْضاً بِحَسَبِ الرُّوحِ. لاَ نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضاً، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضاً.” (غلاطية 5:5←26).
كونك تحيا بنظام موسى في العهد الجديد، هذا أمر في غاية الخطورة لأنه نظام حسي، وللأسف هذه الخميرة تُخمِّر العجين كله، ولكن نظام الرب يسوع هو روحي. يجب أن يتوافق سلوكك مع صورة يسوع عن طريق أن يتشفع أحدهم من أجلك وأن تصلي بالروح من أجل نفسك وتأكل الكلمة وتسلك بها، لأن الكلمة هي الوحيدة التي تأخذك بعيدًا عن العالم الحسي.
إن سلكت بالروح، ستُضطَهَد؛ “وَلَكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ الَّذِي وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ يَضْطَهِدُ الَّذِي حَسَبَ الرُّوحِ، هَكَذَا الآنَ أَيْضاً.” (غلاطية 29:4).
أي ستسخَر الحواس الخمس مِن كل أمر تفعله بإيمان مثل؛ الصلاة بألسنة وحضور الاجتماعات…إلخ، لذلك حَذَّرَ الرب يسوع التلاميذ من السلوك بالجسد وقال لهم إن الروح نشيط في الرغبة والإرادة، لأن التلاميذ كانوا يريدون أن يصلّوا -حينما كانوا معه في بستان جثسيماني- وحينما ذهب عاد ووجدهم نيامًا؛ لذلك أوضح لهم الحل وهو أن الجسد يريد عكس ما يريده الروح، فهو يريد أن ينام؛ لذلك دائمًا اعمل عكس ما تشعر به.
قال الرب يسوع للتلاميذ هكذا: “اسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ”. (متى 41:26).
إن فعلت ذلك، أنت تعطي الفرصة لروحك أن تُبنَى وهذا هو الحلم الإلهي أن يبني شخصيته فيك وتتمرن أن تتكلم الكلمة مثله وتسلك بها وتجد ردود أفعالك اختلفت تمامًا وتصير مُدرَّبًا ومُدرِكًا أن الجسد ليس له أي سلطان على حياتك، إنْ وصلتْ لهذا المستوى، فهذا يعني أن الروح القدس نجح فيك.

▪︎ كن سامِعًا عاملاً بالكلمة:
“فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا أُشَبِّهُهُ بِرَجُلٍ عَاقِلٍ (عملي/ حكيم) بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. فَنَزَلَ الْمَطَرُ وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ وَوَقَعَتْ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّساً عَلَى الصَّخْرِ. وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا يُشَبَّهُ بِرَجُلٍ جَاهِلٍ بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ. فَنَزَلَ الْمَطَرُ وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ وَصَدَمَتْ ذَلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيماً!” (متى 24:7←27).
هذا الرجل الحكيم بنى بيته على الصخر، فهو حفر في الأرض حتى وجد الأساس الثابت وبنى بيته عليه، وبالتالي فإن العمر الافتراضي لهذا البيت أطول من الآخر الذي بُنِي على السطح.
“عَلَى الصَّخْرِ”← يعني أن يتأكد الشخص من متانة الأرض ولا تعني الاختيار بين الأرض الرملية والصخرية، فهي نفس الأرض ولكن الشخص يحفر حتى يصل إلى الأرض الصخرية بالأسفل.
الشخص الذي يسمع ويعمل هو الشخص الذي بنى بيته على الصخر وجعل أساسه متينًا، لكن الشخص الذي يسمع دون أن يعمل هو الذى بنى بيته سريعًا دون أن يكون له أساس متين، وهذا هو الشخص الذي يسمع الكلمة ويُعجَب بها، لكنه لا يجعلها فعّالة في حياته مُبرِرًا ذلك بأنه ليست لديه رغبة في دراسة الكلمة.
إن كنت تدرس الكلمة وتلهج فيها ولكن مازلت لا ترى نتائج، لا تقلق فالبناء يستغرق وقتًا طويلًا ولا يظهر سريعًا في العيان. ربما لا يكون شكل حياتك جميلًا وهناك أشخاص يسبقونك في دراسة الكلمة ويسخرون منك لأنك بطيء فيها، لكنك تعيش الكلمة بكل قلبك وبأمانة وتضعها موضع التنفيذ، فأنت تبني حياتك على الصخر.
“إِلَى أَنْ أَجِيءَ اعْكُفْ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ. لاَ تُهْمِلِ الْمَوْهِبَةَ الَّتِي فِيكَ الْمُعْطَاةَ لَكَ بِالنُّبُوَّةِ مَعَ وَضْعِ أَيْدِي الْمَشْيَخَةِ. اهْتَمَّ بِهَذَا. كُنْ فِيهِ، لِكَيْ يَكُونَ تَقَدُّمُكَ ظَاهِراً فِي كُلِّ شَيْءٍ. لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ وَدَاوِمْ عَلَى ذَلِكَ، لأَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ هَذَا تُخَلِّصُ نَفْسَكَ وَالَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ أَيْضاً.” (1 تيموثاوس 13:4←16).
يقول الرسول بولس لتيموثاوس أن يستمر في دراسة الكلمة، وأن يكون فيها أي ينكب عليها، ونتيجة لذلك يكون تقدمه ظاهرًا في كل شيء للجميع، فهو يتغيّر وهم يتغيرون أيضًا. أول شيء ذكره هو دراسة الكلمة ولكن لابد أن تتعلم الكلمة وتدرسها على يد من سبقوك في دراستها، ادخل على تعبهم واكمل عليه، ولا تظل مُنتظِرًا أن يكلمك الرب بشكل شخصي وأنك لست بحاجة إلى من يساعدك، لأنك في البداية لا تعرف أن تسمع صوت الروح القدس وتحتاج أن تتعلم سماع صوته.

▪︎ كن مَرِنًا، لا تغلق قلبك حتى يكشف لك الروح ما بقلبه:
استغرق بطرس وقتًا طويلًا كي يدرك أن الإنجيل للأمم أيضًا لأن ذهنه لم يكن مُستنيرًا في هذا الأمر وهو أغلق عليه. لا يستطيع الروح القدس أن يتكلم إليك في الأمور التي تغلق عليها، ويضطر أن يتكلم إليك بطريقة تشبيهية، فمثلًا؛ قد تبحث عن شيء فُقِدَ منك فتجده يقول لك “أبيض” وتبدأ في البحث عن هذا الشيء في الملابس البيضاء.
حدث هذا الأمر مع الرسول بطرس حينما كان جائعًا وهو على السطح عند رجل يعمل في الجلود، ويُقال في التاريخ حسب المراجع إنه كان يوجد جلد حيوان مصبوغ على السطح مع بطرس، وكان الروح القدس يريد أن يقول له إن الخلاص ليس لليهود فقط بل للأمم أيضًا، وعندما نام وأُخِذَ في غيبة استخدم الروح القدس العناصر التي كانت حوله ومازال يراها في عينه (جلد الحيوانات المذبوحة) وقال له الله “قُمْ يَا بُطْرُسُ اذْبَحْ وَكُلْ” (أعمال 13:10).
استخدم الروح القدس أمرًا تشبيهيًا حتى يتكلم مع بطرس، وبعد أن استيقظ بدأ يتأمل فيه وقال له الروح القدس: “مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!” (أعمال 15:10).
عرف بطرس أن يسمع الروح القدس في أن هناك رجال ينتظرونه أسفل؛ “وَبَيْنَمَا بُطْرُسُ مُتَفَكِّرٌ فِي الرُّؤْيَا قَالَ لَهُ الرُّوحُ: «هُوَذَا ثَلاَثَةُ رِجَالٍ يَطْلُبُونَكَ. لَكِنْ قُمْ وَانْزِلْ وَاذْهَبْ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ لأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ” (أعمال 19:10-20) ولكنه لم يعرف أن يسمع صوته في عقيدة مقتنع بها ولا يفكر في مدى صحتها من عدمه.
لذلك إن كنت تغلق ذهنك تجاه حق معين، فسيحاول الروح أن يوضح لك ذلك ولكنك ترفض الإصغاء له وبالتالي لن يستطيع أن يتواصل معك.
يعتقد معظم المؤمنين إنه من الصعب معرفة الرب، وهم بذلك يغلقون أذهانهم وبالتالي لا يستطيعون معرفته. نعم، أنت لن تستطيع أن تعرف الرب بشكل كامل في كل شيء، ولكنك تسطيع أن تعرف نهايات للمواضيع التي كشف الله عنها في كلمته، مثلما تعرف الحق الكامل عن الميلاد الثاني.
تجرأ الرسول بولس وقال: ” لِذَلِكَ يَقُولُ: «إِذْ صَعِدَ إِلَى الْعَلاَءِ سَبَى سَبْياً وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا. وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضاً أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. الَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضاً فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلَأَ الْكُلَّ. وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ، لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ، إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِلٍ. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ. كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ. بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ”. (أفسس 8:4 ←15).
أعطى الرب هؤلاء الناس “رُسُلاً، أَنْبِيَاءَ، مُبَشِّرِينَ، ورُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ” هدايا للكنيسة من أجل تنضيج الكنيسة وبنيانها إلى أن تنتهي الكنسية إلى وحدانية في الإيمان ومعرفة -معرفة ضخمة- ابن الله إلى إنسان كامل إلى قياس قامة ملء المسيح، وهذا سيحدث هنا على الأرض.
قال الرسول بولس في (فيلبي 12:3) “لَيْسَ أَنِّي قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلاً، وَلَكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرِكُ الَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِي أَيْضاً الْمَسِيحُ يَسُوعُ”، هو هنا لا يتحدث عن وصوله في المعرفة بل وصوله إلى معرفة كاملة عَمّا فعله يسوع من أجله، أن يصير سلوك يسوع الكامل ظاهرًا في حياتك ليس فقط في لطفه بل في سلطانه، وتعامله مع المواقف وإظهار محبة الآب وحكمته فيها.
هذا ما صلى به الرب يسوع: “وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي. أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ. أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ وَهَؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ.” (يوحنا 22:17←26).
كانت هذه حياة يسوع على الأرض، هو كشف شخصية الآب لنا، وأنت أيضًا لابد أن تكون حياتك كشف عن شخصية الآب للآخرين، ولا تُعيق نفسك بقولك: أنا لا أستطيع أن أصل لهذا المستوى، فالروح القدس هو الذي يجعل صورة يسوع تظهر في حياتك.
هدف الله هو تكوين عائلة تسلك بنفس الطبيعة الإلهية ولا يكونون مثل البشر العاديون، فالميلاد الثاني ليس أسلوب حياة جديدة بل هو أن تأخذ الطبيعة الإلهية لأن المسيحية هي الحياة الإلهية في الإنسان.
“وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ. وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً.” (يوحنا 12:1←14).
هنا ينفي أن الإنسان بعد ميلاده الثاني مازال إنسانًا طبيعيًا، بل صار يحتوي طبيعة إلهية؛ وهدف الله أن تصير على هذه الصورة وتعكسها للآخرين من خلال أن تُجسِّد الكلمة على الأرض كما كان يسوع يُجسّد الكلمة على الأرض.
“بِهَذَا تَكَمَّلَتِ الْمَحَبَّةُ فِينَا: أَنْ يَكُونَ لَنَا ثِقَةٌ فِي يَوْمِ الدِّينِ، لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هَذَا الْعَالَمِ هَكَذَا نَحْنُ أَيْضاً.” (1 يوحنا 17:4).
“لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هَذَا الْعَالَمِ هَكَذَا نَحْنُ أَيْضاً”← تأتي في اللغة الأصلية لأنه كما هو الآن مُنتصِرًا على إبليس وجالسًا عن يمين الآب هكذا نحن أيضًا؛ لذلك أنت كلمة الله المُتجسِّدة.
ليست مسيحية بدون الروح القدس، إن لم ترَ يدّ الله في حياتك وظروفك، فهذا يعني أنك لم تستفِد الاستفادة الكاملة من الميلاد الثاني، فالرب يسوع كان يُغيّر في ظروف وحياة الآخرين ولم يعطِهم القدرة على احتمال المشاكل.
إنْ لم تكن تُدرك ذلك فهذا يعني أن المسيحية بالنسبة لك هي محاولة التقرّب إلى الله “ديانة”، لكنها ليست كذلك بل هي الألوهية في الإنسان “اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ” (يوحنا 13:1) يعني هذا إنك لم تعد إنسانًا طبيعيًا بل إلهيًا.

▪︎ الكذبة الأولى:
أن لفظ “الروح” المذكورة الشاهد الأسفل يُقصَد به الروح القدس.
” وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ”. (غلاطية 16:5). ترجمة الفاندايك.
تأتي في ترجمة أخرى “وإنما أقول: اسلكوا بالروح، فمؤكداً لن تكتمل شهوة الجسد”. (غلاطية 16:5).
هناك فرق بين الروح الإنسانية والروح القدس وفي (رومية 16:5) يتضح الفرق بينهما عندما يقول: “اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ”، “اَلرُّوحُ نَفْسُهُ” هو الروح القدس، “لأَرْوَاحِنَا” هي الروح الإنسانية التي ولدت من الله مرة أخرى وتم إعادة خلقها.
لا يقول هنا حارب أو قاوم الجسد بل قال اسلك بالروح لأنك عندما تسلك بالروح، أنت توقف إنتاج الجسد -التعامل بطريقة بشرية مع الأرض- بشكل تلقائي ويستحيل أن تسلك به أو أن تنحدر روحيًا لأنك تجد الروح القدس يقويك ويُدعّمك.
لم يخلق الرب لك الحواس البشرية لتُشكِّل مشكلة لك بل هي للتعامل مع الأرض لكي تؤثر فيها وليس لكي تستقبل معلوماتك منها. تخبرنا الكلمة: “لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ”. (رومية 8:6) أي من يسلك بالجسد (الحواس الخمس) يموت؛ لذلك اسلك بالروح فمؤكدًا لن تُكمل شهوة الجسد.
الإنسان العتيق ليس هو الجسد، بل هو الروح الإنسانية التي كانت طبيعتها الخطية قبل أن تُولَد من الله، ولكن بعد الميلاد الثاني تغيّرت وصارت طبيعة الله. عندما تجد صعوبة في حياتك الروحية وإيمانك، اعلم أنك تسلك بالجسد، والعلاج أن تُجدّد ذهنك في الموضوع الذي كنت تفكر فيه وسَبَّبَ لك هذه الأفكار السلبية. لابد أن تكون حساسًا ومُنتبِهًا لأفكارك بأن تكون مُتوافِقة مع الكلمة دائمًا، وهذا ما يجعلك تفكر بطريقة صحيحة في مواقف حياتك.
سلوكك بالروح هو تحقيق لحُلم الله وهدفه الذي يعمل عليه يوميًا؛ وهو أن يبني شخصيته فيك مُعتمِدًا على وجود الطبيعة الإلهية بداخلك كما تخبرنا الكلمة: “وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي لِلَّهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثاً مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ.” (أعمال 32:20)، فالله يبني شخصيته وطباعه داخل المؤمن.
سلوكك بالروح هو وضع روحك موضع التشغيل واستخدام كلمة الله، وهذا يحتاج إلى فهمك للكلمة مُسبقًا في مواضيع مختلفة، ولكن لا تسلك أوقات بالروح وأخرى بالجسد وتبرر ذلك بسبب صعوبة الموقف، فتُعطيه سيادة على ذهنك بدلًا من الكلمة، بل انظر للموقف بنظرة الله له واعطِه حجمه الصحيح واطلق كلمة الله قائلاً: إن هذه المشكلة تم حلها حتى إن كان العيان يزداد سوءًا.
نجد لدى المؤمنين ردَّ فعلٍ واحد، فمثلاً إنْ واجه اثنان مِن المؤمنين نفس المشكلة وكان لهما فكر واحد، حتمًا سيكون لهما رد فعل واحد تجاه هذه المشكلة وهذا لأن الاثنين أدركا الحق الكتابي ويتعاملان مع الحياة بمنهجية تفكير واحدة، فالكلمة لديها القدرة أن تجعل المؤمنين لهم فكر واحد وعندما يتّحدون في الفِكْر، لن يكون هناك ما يعيقهم.
“لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهَذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ”. (غلاطية 17:5).
الرُّوحِ هنا تعني الروح الإنسانية وليس الروح القدس لأنه يقول: “حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ”، والأدق “حتى لا تفعلون ما تريدون” أي إنه توجد روعة بداخلك ولكنك لم تُخرجها، فإن كان يقصد بلفظ روح المذكور هنا “الروح القدس”، فهذا يعني أن الروح القدس يمكن هزيمته.
كما إنه مُقصِّرٌ في حياة أولئك الذين يسلكون بالجسد لأنه يقول ” يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ” والروح القدس قادر وبالتالي هو يستطيع أن يجعلك تفعل ما تريده وليس أن تفعل ما لا تريده لأنه لا يُهزَم أبدًا، وهذا هو السبب (الفهم الخاطئ) الذي يجعل المؤمنين ينتظرون الروح القدس أن يُخرِج ثمر الروح منهم.
“وَلَكِنْ إِذَا انْقَدْتُمْ بِالرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ” (غلاطية 18:5).
يوجد فريقان: الفريق الأول يسلك بالجسد؛ أي يفكر مثل البشر العادي ويُصدّق ما يراه، وبالتالي يصارع مع رغبة بداخله لا يستطيع تنفيذها، والفريق الثاني يسلك بالروح وبالتالي يفعل ما يريده ولا يكون خاضِعًا أو مُستعبَدًا كما كان اليهود مُستعبدين لأنهم كانوا يحاولون أن يعيشوا بالناموس، أي يحاولون فعل الصواب وهم بداخلهم الطبيعة الفاسدة.
هذا لا يعني أن الناموس مشكلةٌ أو شرٌّ، كلا، بل هو أمرٌ إلهيٌّ. أنت أيضًا كابن لله لا تحاول أن تتقمص شخصية أنت عليها بالفعل وكونك لا تصدق إنك صرتها، لن تستطيع أن تحياها، مما يؤول بك إلى السقوط من النعمة.
ما حدث هنا لدى أهل غلاطية هو أن اليهود كرزوا بيسوع للأمم، وبالتالي وصلت للأمم رسالة المسيح بطريقة اليهود واعتقدوا أنها الطريقة الصحيحة. لم يكن اليهود مولودين ميلادًا ثانيًا، وكانوا يحاولون تطبيق الناموس ولكنهم لم تكن لديهم الطبيعة التي تجعلهم يعيشون الناموس.
بعد قبولهم للمسيح استمرّوا يعيشون بالناموس؛ لذلك عندما كرزوا للأمم صَدَّروا لهم ذات المشكلة؛ العيش بالناموس بعد قبول يسوع. يصحح هنا بولس هذا المفهوم لديهم ويلغي مفهوم الناموس، لأن الناموس هو محاولة لعلاج الأمر من الخارج حتى يأتي المسيح، ولكن الآن هم صاروا خليقة جديدة ولا يحتاجون محاولة تطبيق الناموس.

▪︎ الكذبة الثانية:
يَخرُج ثمر الروح بشكل تلقائي، ويعتقد الشخص إنه إن لم يشعر برغبة في إخراج المحبة مثلاً، هذا يعني إنه يوجد به خطأ ما وإنه يتظاهر بالمحبة وهي ليست فيه من الأساس.
“وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ: الَّتِي هِيَ زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضاً: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هَذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ.” (غلاطية 19:5←21).
“وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ” ← هي الروح الإنسانية وليس الروح القدس، بالرغم من أن الروح القدس سكن بروحك ستظل روحك الإنسانية تُخرِج الروعة عن عمد وبإرادتها فروح الله لا يسلب إرادة الإنسان. لاحظ أنّ لفظ “ثَمَرُ” يأتي هنا بالمفرد وليس الجمع أي ثمر الروح هو عبارة عن المحبة وهو النظام الأساسي الذي يخرج منه “فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ”.
حينما يصلي الكثير من المؤمنين ينتظرون الروح القدس أن يُخرِج المحبة والفرح منهم بشكل تلقائي، نعم؛ يتحمل الروح القدس مسئولية المؤمن حديث الإيمان “الطفل الروحي” الذي لا يفهم شيئًا، لكن بعد وقت من المفترض أن يكبر هذا المؤمن ويتحمل مسئولية نفسه، مثل الأب الذي يُطعِم ابنه الصغير في فمه حتى يكبر ويتعلَّم أن يتحمل مسئولية نفسه، لذلك إن كنت حزينًا لا تنتظر أن يُخرِج الروح القدس الفرح منك لأن الرب هو مَن ينتظرك لتُخرِجه من روحك، وإلا ستظل مُنتظِرًا كثيرًا.
مثلاً إن كنت لا تشعر برغبة في الصلاة، تَذكَّر ما قاله الرب يسوع: “مَنْ آمَنَ بِي كَمَا قَالَ الْكِتَابُ تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ”. (يوحنا 38:7)، وما قاله للتلاميذ: “أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ”. (متى 41:26). لابد أن تفهم روحك وتسلك بها. ما أكثر المؤمنين الذين تركوا الرب وتخبَّطوا في الحياة بعد تَخرُّجهم من الجامعة لأنهم لم يأكلوا الطعام الكافي الذي يجعل قلوبهم مُستعِدة لمواجهة الحياة وتحدياتها.
“ضِدَّ أَمْثَالِ هَذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ” (غلاطية 22:5) لا يستطيع أي ناموس أو قانون (ناموس الخطية والموت) أن يَشنّ أي هجوم عليك إن سلكت بروحك باختيارك، فهذه الثمار فيك بالفعل وأنت لا تحاول اكتسابها ولكنك فقط تحتاج أن تُنميها.
“وَلَكِنْ إِذَا ٱنْقَدْتُمْ بِٱلرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ.” (غلاطية 18:5).
ناموس تعني نظام، وهو رائعٌ ولكنه كان يتعامل مع أناسٍ لم تُولَد أرواحهم من الله؛ لذلك كان قاتلًا بالنسبة لهم؛ “فَوُجِدَتِ ٱلْوَصِيَّةُ ٱلَّتِي لِلْحَيَاةِ هِيَ نَفْسُهَا لِي لِلْمَوْتِ.” (رومية 10:7)، أي ما كان لخيري تم استخدامه لقتلي. إن سلكت بروحك، أنت لست تحت ناموس أو قانون، والمرض الذي يستغرق أسابيع وشهورًا لكي يُشفَى، لن يستغرق معك هذه المدة إن كنت تسلك بروحك ومُدرِكًا أنك لا تحيا بناموس الخطية.
“لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ.” (فيلبي 13:2).
يعمل الله فيك من خلال الكلمة لكي تريد وتعمل، الله لا يسلب إرادتك على الرغم من التصاقكما بل يؤثر عليها فقط، هو يحاول إقناعك لكنه لا يجبرك. مثل شخصين مُتزوِجين مُتّحدين في الفكر، لكن اتّحادهما لا يعني سيطرتهما على بعضهما البعض. تستطيع أن تجعل الروح القدس كامل السيطرة عليك عن طريق أن تسلك معه وتخضع له، لكن ستظل أنت من يأخذ المبادرة في أن تصلي وأن تُطلِق ثمر الروح.
“وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ.” (1 كورنثوس 17:6).
عندما وُلِدتَ الميلاد الثاني، صارت روحك الإنسانية مُؤهلة للسُكنَى والالتصاق بالروح القدس، وهذا ما حدث في الميلاد الثاني، لكن مازال الروح يحترم إرادة الإنسان، لذلك لكي تظهر الروعة التي صارت عليها روحك الإنسانية، لابد أن تُطلِق هذه الروعة للخارج فبإمكان ذهنك أن يغلق على روحك حيث إنه بوابة روحك.
“أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ.” (يوحنا 1:15←3).
الغضن (أنت) هو الذي يُنتج الثمر وليست الكرمة (الرب يسوع)، لهذا السبب من المستحيل أن يكون المقصود بثمر الروح، ثمر الروح القدس….بل هو ثمر روح الإنسان الجديدة.
“وَكَانَتِ الارْضُ كُلُّهَا لِسَانا وَاحِدا وَلُغَةً وَاحِدَةً. وَحَدَثَ فِي ارْتِحَالِهِمْ شَرْقا انَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي ارْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نَصْنَعُ لِبْنا وَنَشْوِيهِ شَيّا». فَكَانَ لَهُمُ اللِّبْنُ مَكَانَ الْحَجَرِ وَكَانَ لَهُمُ الْحُمَرُ مَكَانَ الطِّينِ. وَقَالُوا: «هَلُمَّ نَبْنِ لانْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجا رَاسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لانْفُسِنَا اسْما لِئَلَّا نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الارْضِ». فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو ادَمَ يَبْنُونَهُمَا. وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ وَهَذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالْانَ لا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ انْ يَعْمَلُوهُ. هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لا يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ».” (تكوين 1:11←7).
“وكانت الأرض كلها لها لغة واحدة ولهجة واحدة وطريقة تعبير واحدة”. (تكوين 1:11). الترجمة الموسعة.
كان لديهم فكر واحد وطريقة تعبير واحدة، ورأى الرب إنهم قادرون على عمل ما ينوون عمله لأنهم متّحدون في الفكر واللغة وقال لا يمكن إيقافهم، لذلك قطع التواصل بينهم لكنه لم يُغيّر من إرادتهم، لذلك إنْ صار للمؤمنين طريقة تفكير واحدة، لن يمكن إيقافهم بالرغم من وجود محاولات شيطانية، تَذَكَّرْ قول الرب يسوع: “وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا”. (متى 18:16).
عندما يصير لجميع المؤمنين فكر واحد، سيصبحون على الصورة التي يريدها الله؛ لهم ردٌّ فعل واحد وطريقة تعبير واحدة. يذكر لنا الوحي عن الرُسل في (أعمال 24:4) وهم يرفعون صوتهم بنفس واحدة؛ “فَلَمَّا سَمِعُوا رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتاً إِلَى اللهِ”، هذا ما جعلهم يرون نتائج في أمورهم، وهو ما يجعلنا لا نرى نتائج مثلهم لأن الأمر لا يحدث نتيجة الصراخ للرب من أجل أن يمد يده في أمور حياتك، بل هو يُظهِر ذاته لمَن يُقدّر كلمته ويعرف فكره جيدًا، لأنك قد تفعل شيئًا يمنعه من التدخُّل في حياتك.
“رُوحُ الإِنْسَانِ تَحْتَمِلُ مَرَضَهُ أَمَّا الرُّوحُ الْمَكْسُورَةُ فَمَنْ يَحْمِلُهَا؟” (أمثال 14:18).
“روح الإنسان القوية تمده بالقوة وقت الألم الجسدي أو الضيقة لكن الروح الضعيفة والمكسورة، من يستطيع إقامتها أو احتمالها؟” (أمثال 14:18). الترجمة الموسعة.
أنت كائن روحي وعندما تصير روحك قوية وممتلئة بالكلمة، ستمدك بالقوة وقت المشكلة أو الأزمة، أما إن كانت ضعيفة وغير نشيطة، لن تستطيع إقامتك. يتعامل الرب مع الروح الإنسانية وهذا كافٍ جدًا لكي تحيا حياة غالبة، لأجل هذا يخبرنا الكتاب قائلاً: “لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ”. (أفسس 16:3).
يقويّك الروح القدس بالقدرة في إنسانك الباطن أي في روحك الإنسانية، ولم يقل في أجسادكم لأنه يعلم جيدًا إنه إن تقويت الروح الإنسانية تستطيع أن تؤثر بشكل صحيح على جسد الإنسان وتجعله يتصرف بطريقة صحيحة في كل موقف.
“وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ”. (يعقوب 18:3). ترجمة فانديك.
“وحصاد البر (الاتّفاق مع مشيئة الله في الفِكْر والفِعْل) هو (ثمر الزرع) مغروس في سلام من الذين يعملون من أجل السلام (في أنفسهم وفي الآخرين وهذا السلام يعني انسجام، اتّفاق وتناغم بين الأفراد دون انزعاج، بذهن هادئ خالٍ من المخاوف والمشاعر الهائجة والصراعات الروحية)”. (يعقوب 18:3). الترجمة الموسعة.
لا يوجد حصاد دون زرع، ففكرة أن تَخرُج المحبة من داخلك يحدث نتيجة لدراستك ومعرفتك عن ثمر المحبة الذي صار بداخلك، وهذا يستغرق وقتًا حتى تزرع الثمر وتحصده؛ لذلك لا تطلب شيئًا لم تزرعه بل ازرع للسلوك بالمحبة، وطريقة الزرع هنا عن طريق دراستك بشأن الموضوع وتصديق ما أصبحت روحك تحتويه.

▪︎ الكذبة الثالثة:
ثمر الروح يخرج كله بالكامل “مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ، وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ” وإذا لم يخرج كله، هذا يعني أن هناك خطأ ما.
“كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلَهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ. وَلِهَذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفاً، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْراً، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى، وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً. لأَنَّ هَذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (2 بطـرس 3:1←7).
كونه هنا يقول: ضع في إيمانك فضيلة وفي الفضيلة معرفة وفي المعرفة تعففًا وفي التعفف صبرًا وفي الصبر تقوى وفي التقوى مودة أخوية، هذا يعني إنه يمكن أن تظهر واحدة دون الأخرى.
“وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هَذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ.” (غلاطية 22:5-23).
أنت من تختار أن تسلك بروحك، إن كنت تجتاز في ضيقة أو ظروف صعبة، اختَر أن تسلك بروحك ولا تقل: “أنا لا أستطيع أن أفعل ذلك”، لأن اعتقادك في ذلك سيجعلك لا تستطيع فِعْله، وطالما قال: “اسْلُكُوا بِالرُّوحِ” فمؤكدًا أنت تستطيع فِعْلها.
هذه الأكذوبة مثل الاكاذيب التي يُلقيها إبليس على الخاطئ حين يقبل الرب يسوع ويجعله يعتقد إنه لن يقدر أن يتوقف عن الخطية، لكن بمجرد قبول يسوع ربًا ستصير له الطبيعة الإلهية ويعرف كيف يسلك بها.
إن لم تدرس عن المحبة، لن تستطيع أن تُخرِج محبة. افهم محبة الله لك حتى تستطيع أن تُخرِجها للآخرين، لأنه يقول: “نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً” (1 يوحنا 19:4)، تأتي في اللغة الأصلية “نحن نحب لأنه أحبنا أولاً”، بمعنى أنّ مبدأ المحبة صار فينا لأنه هو أحبنا أولاً، وعندما تدرك إنك صرت من عائلته، ستعرف أن تُخرِج المحبة وتسلك بها. إنْ أدركتْ محبته لك، لن تستثني نفسك عنه لأنك صرت في المسيح. ليست المحبة غفرانًا فقط
“لاَ تُجَازُوا أَحَداً عَنْ شَرٍّ بِشَرٍّ. مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ النَّاسِ. إِنْ كَانَ مُمْكِناً فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ.” (رومية 17:12-18). ترجمة فانديك.
“إن كان ممكنًا بحسب اعتماد الأمر عليكم، عيشوا في سلام مع جميع الناس”. (رومية 18:12). الترجمة الموسعة.
“إن كان ممكنًا، فمادام الأمر يتعلق بكم، عيشوا في سلام مع جميع الناس.” (رومية 18:12). ترجمة الحياة.
للأسف أساء البعض تفسير لفظ “فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ” واعتقدوا أن لمحبتهم حدودًا، لكن المعنى المقصود هو ما جاء في ترجمات أخرى: على قَدْر تَعلُّق واعتماد الأمر عليك.
اسلك تجاه أي شخص بمحبة. فَكِّرْ فيه بطريقة صحيحة بصرف النظر عما يفعله معك، وليس أن تحب الآخر بحسب طاقتك -بحسب التفسير الخاطئ للفظ- وتقول: “أنا ليس لديّ طاقة أن أتعامل معه”. إن سلك الآخر معك بمحبة أو لم يسلك، فهذا لا يخصك بل ما يخصك هو أن تسلك أنت بمحبة تجاهه.
لا تعتقد أن محبتك للآخر تعتمد على طاقتك أو ما تشعر به. إن كنت تريد أن ترى نتائج في حياتك، لابد أن تسلك بالكلمة تجاه الأشخاص والمواقف من حولك.
ظهرت محبة يسوع أيضًا في تسديده لاحتياجات الناس. اختَر أن تسلك بمحبة وتعطي الحق الكتابي للجائعين حتى إنْ اضطهدوك وتكلموا بطريقة سلبية عنك. تَدَرَّبْ ألَّا يفرق معك ما يُقال عنك بل قَدِمْ ذاتك من أجل خلاص الآخرين؛ “إِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ عُرْيَانَيْنِ وَمُعْتَازَيْنِ لِلْقُوتِ الْيَوْمِيِّ، فَقَالَ لَهُمَا أَحَدُكُمُ: «امْضِيَا بِسَلاَمٍ، اسْتَدْفِئَا وَاشْبَعَا» وَلَكِنْ لَمْ تُعْطُوهُمَا حَاجَاتِ الْجَسَدِ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ؟” (يعقوب 15:1-16)، كذلك ما المنفعة من محبتك إن لم تقدم الحق الكتابي لهم بينما هم في حاجة إليه.

▪︎ ثمر الروح:
الفرح
“أَخِيراً يَا إِخْوَتِي افْرَحُوا فِي الرَّبِّ”. (فيلبي 1:3).
افرحوا لأنكم صرتم في الرب وضمن عائلته، أنت بداخل الألوهية والوفرة، أنت لست وحيدًا بل في المسيح ومُرتبِطًا به وما يخصك يخصه.

السلام
“لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ وَلَكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ”. (رومية 6:8). ترجمة فانديك.
“طريقة تفكير الجسد (التفكير المنطقي دون الروح القدس) هو موت (الموت الذي يشمل جميع المآسي التي تأتي من الخطية؛ هنا وفي الآخرة) ولكن طريقة تفكير الروح حياة وسلام (الآن وإلى الأبد)” (رومية 6:8). الترجمة الموسعة.
طريقة تفكير الجسد هي موت أما ضبط تفكيرك بحسب الروح هو حياة.
“لِتَكْثُرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَيَسُوعَ رَبِّنَا.” (2 بطـرس 2:1).
تكثر لكم النعمة والسلام عن طريق معرفة الله ويسوع ربنا. لن يكثر السلام إن لم تكن تسلك بروحك، والسلام ليس فقط سلامًا داخليًا بل نظرة صحيحة للمستقبل وأن لا ترى نتائج للماضي؛ لذلك يقول في (رومية 1:5) “فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ” فهنا يرتبط السلام بأمر صنعه الرب لك في الماضي.
القلق هو نتيجة خوفك من أن تفعل شيئًا خطأ اليوم من الأخطاء التي ارتكبتها أمسًا، أو تخاف من مواجهة شيء في المستقبل وعندما تدرك أن محبة الله شملت كل هذه الزوايا بالكامل، تبدأ في اختبار السلام.

طول الأناة
الوقوف على أرضك ضد العيان المضاد وإدراكك أن الإيمان يأتي دائمًا بنتائج، وبالتالي تتعامل مع الظروف بعناد ولا تتنازل عن موقفك.

اللطف
ليس معناه التعامل بخنوع مع المواقف بل أن يخرج ردّ فعلك مِن روحك، والذي أحيانًا يكون حادًا ضد الخطية، لأنه كما تقول الكلمة “أَمِينَةٌ هِيَ جُرُوحُ الْمُحِبِّ وَغَاشَّةٌ هِيَ قُبْلاَتُ الْعَدُوِّ.” (أمثال 6:27).
يقول بولس الرسول أيضًا: “لأَنِّي وَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَحْزَنْتُكُمْ بِالرِّسَالَةِ لَسْتُ أَنْدَمُ، مَعَ أَنِّي نَدِمْتُ. فَإِنِّي أَرَى أَنَّ تِلْكَ الرِّسَالَةَ أَحْزَنَتْكُمْ وَلَوْ إِلَى سَاعَةٍ”. (2 كورنثوس 8:7) لأن كلمته ستؤدي إلى تصحيحهم، ولأن لطف الله يظهر في اظهار فكر الله ومشيئته ومحبته أيضًا في الموقف.

الصلاح
“وَأَنَا نَفْسِي أَيْضاً مُتَيَقِّنٌ مِنْ جِهَتِكُمْ يَا إِخْوَتِي أَنَّكُمْ أَنْتُمْ مَشْحُونُونَ صَلاَحاً وَمَمْلُوؤُونَ كُلَّ عِلْمٍ قَادِرُونَ أَنْ يُنْذِرَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً.” (رومية 14:15).
أنت مشحون بصلاح وإحسان الله. عندما تتكلم مع شخص مُحبَط تستطيع أن تجعله يرى صلاح الله في الموقف وإنه لا يصيبه بالمشاكل أو المصائب، فَكُل شخص جيد هو يُخرِج جودًا فقط؛ “أَلَعَلَّ يَنْبُوعاً يُنْبِعُ مِنْ نَفْسِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ الْعَذْبَ وَالْمُرَّ؟ هَلْ تَقْدِرُ يَا إِخْوَتِي تِينَةٌ أَنْ تَصْنَعَ زَيْتُوناً، أَوْ كَرْمَةٌ تِيناً؟ وَلاَ كَذَلِكَ يَنْبُوعٌ يَصْنَعُ مَاءً مَالِحاً وَعَذْباً!” (يعقوب 11:3-12). من الهام أن تُدرِك إنك مشحونٌ صلاحًا حتى تتمكن مِن إخراجه للآخرين.
“أَشْكُرُ إِلَهِي كُلَّ حِينٍ ذَاكِراً إِيَّاكَ فِي صَلَوَاتِي، سَامِعاً بِمَحَبَّتِكَ، وَالإِيمَانِ الَّذِي لَكَ نَحْوَ الرَّبِّ يَسُوعَ وَلِجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، لِكَيْ تَكُونَ شَرِكَةُ إِيمَانِكَ فَعَّالَةً فِي مَعْرِفَةِ كُلِّ الصَّلاَحِ الَّذِي فِيكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (فليمون 4←6).
لن تعرف الصلاح الذي فيك دون أن تكون في شراكة مع جسد المسيح الذي هو حجارة حية يُشعِل كل حجر الآخر فيجعل إيمانك فعالًا، وبالطبع لابد أن تعرف كلمة الله وفكره تجاه المواقف.

الإيمان
أمانة أو إيمان. أنت لا تكتسب الإيمان بل هي قدرة كامنة في روحك لكي يظهر المسيح فيك. أُعطيت مقدارًا من الإيمان. أشجعك بدراسة هذا الموضوع في كلمة الله.

الوداعة
هي ليست الاتضاع بل هي قبول التصحيح عن طريق الروح القدس أو القادة وهذا يعني أن تسمح للكلمة أن تُصحِّحك؛ “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ”. (2 تيموثاوس 16:3).
يكشف لك الروح الصورة التي كنت عليها والتي أصبحت عليها، لذلك وجه قلبك أن تكون قابلاً للتصحيح. بالطبع في البداية لن تعرف كيف تسمع صوت الرب بنفسك، لذا يجب أن تخضع لشخص يُعلّمك ويُدرّبك، فَمِن الممكن أن تعتقد أنك تسلك في الطريق الصحيح وأنت في الطريق الخطأ.
لا تقِس نفسك على نفسك كما قال الرسول بولس “لأَنَّنَا لاَ نَجْتَرِئُ أَنْ نَعُدَّ أَنْفُسَنَا بَيْنَ قَوْمٍ مِنَ الَّذِينَ يَمْدَحُونَ أَنْفُسَهُمْ، وَلاَ أَنْ نُقَابِلَ أَنْفُسَنَا بِهِمْ. بَلْ هُمْ إِذْ يَقِيسُونَ أَنْفُسَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَيُقَابِلُونَ أَنْفُسَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، لاَ يَفْهَمُونَ.” (2 كورنثوس 12:10).

التعفف (ضبط النفس)
أن تضبط نفسك من الداخل؛ لذلك إن كنت لا تعرف أن تضبط أعصابك، فأنت تحتاج أن تُنشِّط روحك لأن بداخلك قدرة ضبط النفس والسيطرة على نفسك ولكن أنت تحتاج أن تُطلقها.
“وَبَيْنَمَا كَانَ يَتَكَلَّمُ عَنِ الْبِرِّ وَالتَّعَفُّفِ وَالدَّيْنُونَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَكُونَ ارْتَعَبَ فِيلِكْسُ وَأَجَابَ: «أَمَّا الآنَ فَاذْهَبْ وَمَتَى حَصَلْتُ عَلَى وَقْتٍ أَسْتَدْعِيكَ.” (أعمال 25:24).
تحدَّث بولس الرسول مع فيلكس قائلًا له: “إنْ قَبِلْتَ الرب يسوع، ستتمتع بالبر وضبط النفس والخلاص من الدينونة”، فارتعب فيلكس لأنه ليس لديه بر أو ضبط نفس أو خلاص من الدينونة، لكنك لست من المفترض أن ترتعب من أواخر الأيام لأن لك خلاص من الضيقة التي ستحدث على الأرض.
الإنجيل هو إرجاع الإنسان إلى الصورة الأصيلة التي أرادها الله له من البداية، والرب لن يستخدم شخصًا مؤمنًا دون أن يعرف كيف يُسيطر على نفسه لأن الكلمة تقول: “اَلْبَطِيءُ الْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ الْجَبَّارِ وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً”. (أمثال 32:16). ترجمة فانديك.
“البطيء الغضب خير من القوي والذي يملك روحه خير من مالك مدينة”. (أمثال 32:16). الترجمة الموسعة.
“اللطف أفضل من العضلات وضبط النفس أفضل من القوة السياسية”. (أمثال 32:16). ترجمة الرسالة.
يهتم الرب أن يجعلك صبورًا ومُثابِرًا، أكثر من أن تكون قويًا، لأن الروح القدس يريد أن يبني شخصيته فيك وهذا أهم عنده من أن تملك ميراثك. دعنا نرى هذا من الكلمة؛ “وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي لِلَّهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثاً مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ.” (أعمال 32:20)، فهي تبنيك أولاً حتى تستطيع أن تملك ميراثك.
“فَاللِّسَانُ نَارٌ! عَالَمُ الإِثْمِ. هَكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ، الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ، وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ”. (يعقوب 6:3).
يعني هذا إنه إن كنت تستطيع أن تُسيطر على لسانك فأنت تُسيطر على جسدك بالكامل. من الممكن أن يقول لك الروح القدس أن تتوقف عن التعليق على أخطاء الآخرين فاسمع له، وحينما تفعل ذلك سيبدأ الروح القدس يُظهِر ذاته من خلالك ويتعجب الآخرون من شخصيتك. هكذا أيضًا عندما تتعامل مع شخص في الخدمة يتكلم بطريقة غير لائقة، ستعرف كيف تضبط نفسك ولا تفقد أعصابك.
أن تملك نفسك وتعرف كيف تقود حياتك خير مِمَّن لديهم قوة سياسية، وإن لم يكن لديك عضلات وضعيف جسديًا، فالروح القدس هو من يعطيك هيبة وسط الجميع لأن هناك قوانين روحية تحكم العيان. هناك من يصل إلى حد الخوف والرعب الذي هو عمل أرواح شريرة في ذهن الشخص وهو يتجاوب معها لأنه ليس لديه أفكار الكلمة ليهزمها بها وهذا ما جعل الرب يسوع يتعامل مع من يعاني نفسيًا من خلال الكلمة.

▪︎ إنْ ماتتْ تأتي بثمرٍ كثير:
“اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ.” (يوحنا 24:12).
“مَاتَتْ”← تعني دُفِنَتْ في الأرض، هنا يرمز إلى نفسه إنه سيأتي بثمر من خلال موته. اختَر أن تسلك بروحك بعد فهمك للحق ولا تكن شخصًا تسلك وفقًا لما يفعله الآخرون أو الظروف المحيطة، لكن ليمُتْ أي شيء كي يخرج ثمر روحك عندما تضعها موضع التنفيذ، وإلا لن تُخرِج الروعة التي فيك وكلمة الله لن تأتي بنتائج في حياتك ولن تكون مُثمِرًا في حياتك ولن تأتي بالنفوس إلى المسيح رغم حبك لهم لأنك لا تسلك بروحك لكي تُخرج حياة الله التي فيك.
الإنسان ليس سبيكة واحدة؛ ربما يكون لدى شخص ما إيمانٌ أن من يقبل يسوع ربًا يضمن الأبدية، لكنه ليس لديه إيمان في صلاح هذا الإله وإنه يريده دائمًا مشفيًا وصحيحًا، فهو قد يكون لديه إيمان في زاوية واحدة وليس لديه إيمان في باقي الزوايا؛ لذلك قال الرب يسوع: “إِنَّ مَنْ قَالَ لِهَذَا الْجَبَلِ انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ وَلاَ يَشُكُّ فِي قَلْبِهِ بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ مَا يَقُولُهُ يَكُونُ فَمَهْمَا قَالَ يَكُونُ لَهُ”. (مرقس 23:11)، تستطيع أن تنقل هذا الجبل ولكن ماذا عن الجبال الأخرى؟!
كان لدى أيوب إيمانٌ في الازدهار المادي، لكن لم يكن لديه إيمانٌ في الحماية، لهذا السبب نجده أخيرًا يقول: “قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ وَلاَ يَعْسُرُ عَلَيْكَ أَمْرٌ”. (أيوب 2:42)، تأتي في اللغة الأصلية: “قد اعتقدت إنك وراء كل شيء يحدث سواء سلبي أو إيجابي”، عندما آمن بهذا، حدث له.
أحيانًا نرى شخصًا يسلك بمحبة مع زملائه في العمل ولا يسلك بمحبة مع أهل بيته لأنه يعتقد أن على أهل بيته أن يحتملوه لأنهم يعرفونه جيدًا ويعرفون قلبه. لابد أن تسلك دائمًا بطبيعتك التي أنت عليها ولا تستثني موقف فعندما تبرّر عدم سلوكك بالكلمة في موقف ما، هذه طريقة تفكير خاطئة ولا تتوافق مع ما جاء في الكلمة.
أن تتغير إلى تلك الصورة عينها لا يحدث عن طريق العبادة بل عن طريق معرفة ودراسة أنفاس الله (كلمته)، تقول الكلمة: “نَحْنُ مِنَ اللهِ. فَمَنْ يَعْرِفُ اللهَ يَسْمَعُ لَنَا، وَمَنْ لَيْسَ مِنَ اللهِ لاَ يَسْمَعُ لَنَا. مِنْ هَذَا نَعْرِفُ رُوحَ الْحَقِّ وَرُوحَ الضَّلاَلِ”. (1 يوحنا 6:4). ترجمة فانديك.
“نحن (مولودون) من الله. ومن يتعلَّم أن يعرف الله (يُدرك، يتعرّف على، يفهم الله تدريجيًا عن طريق الملاحظة والخبرة ليحصل على معرفة واضحة عنه) يسمع لنا، ومن ليس من الله لا يسمع ولا ينتبه لنا. وبذلك نعرف روح الحق وروح الضلال”. (1 يوحنا 6:4). الترجمة الموسعة.
مِن الصعب أن تسمع لله وأنت لا تعرفه معرفة جيدة، يمكن أن تسمع لأرواح شريرة مُعتقِدًا أنها صوت الرب لأنها تكشف لك عن خفايا في حياتك لكي تُوهمك إنها صوت الله، فيمكن للأرواح الشريرة أن تستخدم كلمة الله حتى تضلك.
هناك من يسمع صوتًا يقول له: “اترك هذا العمل وابحث عن عمل آخر يعطيك دَخْلاً أكبر لأنك مبارك وابن الملك”، لكن الله له طريقة مختلفة في ازدهار أولاده حيث إنّ الازدهار لا يعتمد على دَخْلك كما قال الرب يسوع: “انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ”. (لوقا 15:12).
لا يُقاس ازدهارك بما تملكه، بل بما لديك من معرفة إلهية، لذا لابد أن تأكل الكلمة وتعرف فِكْر الله في جميع زوايا حياتك وهذا ما جعل الرب يسوع يقول: “الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ.” (يوحنا 53:6).
“اَلأَوَّلُ فِي دَعْوَاهُ مُحِقٌّ فَيَأْتِي رَفِيقُهُ وَيَفْحَصُهُ.” (أمثال 17:18). ترجمة فانديك.
“من يقدم حجته أولاً، يبدو صحيحًا حتى يأتي مُنافِسه ويستجوبه بدقة”. (أمثال 17:18). الترجمة الموسعة.
مَن يقدم دعواه أولاً في المحكمة، يبدو مُقنِعًا وصحيحًا حتى يأتي منافسه ويفحص كلامه ويثبت خطأه، كذلك إنْ تركتْ إبليس يُلقي صورًا وأفكارًا بذهنك دون فحصها من الكلمة، ستبدو صحيحة في نظرك لأنه يُثبتها لك بمواقف كثيرة، لكن إن بدأت تفحص كل فكرة في ضوء كلمة الله، ستكتشف كذب هذه الأفكار. يوجد مستوى أعلى؛ هو أن تسلك بأفكار الكلمة بتلقائية لأنك عرفتها ودرستها ولهجتْ فيها وصار لها صوت بداخلك.
أحيانًا تشعر بدينونة حتى يأتي نور الكلمة ويُعلِّمك إنه: “إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ”. (رومية 1:8)، وإنك بر الله “لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ” (2 كورنثوس 21:5)، وقتها تدرك ذلك وتسلك بعكس ما تشعر به. نجد أن المؤمن الذي ليس لديه نور الكلمة، يعتقد أن أفكار إبليس صحيحة لأنه لا يجد أفكارًا أخرى تُثبت عدم صحتها.

▪︎ بنورك نرى نورًا:
“بِنُورِكَ نَرَى نُوراً”. (مزمور 9:36).
عندما أنار نورك بداخلنا، بدأنا نرى النور، فتسلك كل يوم في اكتشاف لهذا الإله لأن لديك أساسيات عنه إنه صالحٌ ورائعٌ، وعندما تواجه أي مشكلة لن تتذمر عليه بل تفحص نفسك وما تقوله الكلمة. إن كانت لديك مرارة تجاه الله، اعلم إنك غير مُدرِك لصلاحه ولن تُشابه تلك الصورة عينها (صورة يسوع).
لا تصمت أمام أفكار إبليس بل تَكلَّم بالكلمة، وهذا ما فعله الرب يسوع في التجربة في البرية، ولكن قبل أن ينطق بالكلمة كان ذهنه مُمتلِئًا بها.
“تُرَاقِبُ طُرُقَ أَهْلِ بَيْتِهَا وَلاَ تَأْكُلُ خُبْزَ الْكَسَلِ”. (أمثال 27:31).
توضح لنا هذه الآية إننا نأكل خبزًا إما من الرب أو من إبليس، ولا يوجد مصدر آخر، حتى كلام ومبادئ الناس هي من إبليس وهو يستخدمهم كوسيلة لبثّ أفكاره. الكسل هنا ليس خبزًا ولكنه يوضح أن هناك أشخاص يأكلون من أفكار ويتأملون فيها حتى تصير جزءًا لا يتجزأ منهم.
تَذكَّرْ معي ما قاله الرب يسوع: “وَلَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ”. (يوحنا 14:4)، لم يكن يتحدث عن الماء الطبيعي، بل من يحيا بالطريقة الطبيعة سيستمر يعطش مرة أخرى أما من يحيا من المصدر الإلهي فلن يعطش أبدًا.

▪︎ كيف تخرج الثمر مِن داخلك؟
أدْرِكْ أن الثمر والإمكانية موجودة بروحك ويتبقى أن تعرف كيفية استخدامها.
“لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ لِجَمِيعِ النَّاسِ، مُعَلِّمَةً إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ الْفُجُورَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بِالتَّعَقُّلِ وَالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فِي الْعَالَمِ الْحَاضِرِ”. (تيطس 11:2-12). ترجمة فانديك.
“لأن نعمة الله (إحسانه وبركاته التي لا نستحقها) أُظهِرت من أجل النجاة من الخطية والخلاص الأبدي لكل البشر، مُدرِّبة إيانا أن نرفض ونترك الفجور والرغبات العالمية لكي نحيا بتعقل (باعتدال وضبط نفس) باستقامة (بإخلاص روحي بالكامل) لكي نحيا في العالم الحاضر”. (تيطس 11:2-12). الترجمة الموسعة.
“التَّعَقُّلِ” هو ضبط طريقة تفكيرك بطريقة صحيحة (طريقة تفكير إلهية كتابية سليمة) فترى الأمور والمواقف من منظور الله وتُصدق ما تقوله الكلمة، حتى وإن كان العيان عكس ذلك. “البر” هو أن تُخرِج الروعة التي بداخلك وتُنتج الصواب، و “التقوى” هو أن تحيا بالألوهية أمام الآخرين.
“فَاثْبُتُوا إِذاً فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضاً بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً! لَكِنْ أَشْهَدُ أَيْضاً لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ. قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ. كُنْتُمْ تَسْعَوْنَ حَسَناً. فَمَنْ صَدَّكُمْ حَتَّى لاَ تُطَاوِعُوا لِلْحَقِّ؟ هَذِهِ الْمُطَاوَعَةُ لَيْسَتْ مِنَ الَّذِي دَعَاكُمْ. خَمِيرَةٌ صَغِيرَةٌ تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ.” (غلاطية 1:5←9).
من يسلك وفقًا للمسيح والناموس أيضًا يسقط من النعمة. كانوا قديمًا مثل العبيد الذين يحاولون أن يكونوا أحرارًا ومثل شخص ليس لديه الطبيعة الإلهية ويحاول أن يعيش بها، لكنه لن يعرف أن يعيش بها. لا تسعَ أن تكون ما أنت عليه بالفعل. أعطى بولس الرسول هذه القضية أهمية كبيرة لأنها تمثل عدم الإيمان بالسلوك بما أنت عليه، وبذلك أنت تسقط من النعمة، والحل أن تسلك بنور ما أنت عليه.
كانت المشكلة في العهد القديم إنهم كانوا يسلكون بكل وصايا الله، ولكنهم كانوا يعلمون أن لديهم طبيعة فاسدة كما هو موضح في (رومية 7) إن الإنسان ليس لديه الطبيعة الإلهية، وهو يحاول أن يعيش الناموس لكنه يفشل في ذلك، وعندما قبلوا الرب يسوع صارت أرواحهم لها طبيعة إلهية ولكن أذهانهم مازالت تعمل وفقًا للنظام القديم.
لن تجد جرأة أن تسلك بما أنت عليه وأنت غير مُقتنِع إنك صرت خليقة جديدة؛ لذلك يناقش الروح القدس هذا الأمر من خلال بولس الرسول قائلاً: اقتنع أولًا إنك صرت خليقة جديدة ثم اسلك بها وستجد الأمر في غاية السهولة. طالما لا تقتنع أن الفرح الذي تُدركه بروحك هو فرح حقيقي ظانًا أن الأمر وهميٌّ واصطناعيٌّ، فإن حاولتْ أن تفرح وأنت غير مُقتنِع إنك تحتوي الفرح بداخلك، ستسقط من النعمة لأن النعمة تحتاج إلى السلوك بالإيمان فقط.

▪︎ محبة الله وقضائه:
الإيمان والمحبة هما من أكثر الأمور التي تجعلك شبه المسيح. لا يعني الإيمان أن تمارس إيمانك من أجل الحصول على شيء، ولا تعني المحبة الغفران فقط بل هناك ما هو أعمق من ذلك وهو إعطاء الذات. عندما أحبّ الله أعطى حياته، عندما أحبّ الله أعطى حياة: “لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ”. (يوحنا 16:3). لابد أن تسلك بالإيمان دائمًا لأن الله إله يسلك بالإيمان والمحبة وهما الاثنان سيستمران إلى الأبد.
“أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ هَذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلَكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ.” (1 كورنثوس 13:13).
الإيمان والرجاء والمحبة سيظلون إلى الأبد ولكن أعظم شيئًا هو المحبة؛ لذلك إن كنت لا تسلك بهم، لن تعرف أن تحيا حياة صحيحة.
اعتقد المؤمنون أن المسيحية هي فقط قبول المسيح ربًا وفاديًّا، وذلك بسبب الوعظ عن فكرة الخلاص من الجحيم فقط، ولكن هناك ما هو أعمق وهو أن الذات الإلهية صارت فيك، وهذا ما يجعلك تعيش مُنتصِرًا هنا على الأرض.
أدى الاكتفاء بقبول يسوع ربًا فقط إلى استخفاف المؤمنين بحياتهم هنا على الأرض، وصار كل اهتمامهم محصورًا في الذهاب إلى السماء، لكنهم يعيشون مُنهزِمين هنا على الأرض.
أيضًا عدم فهم المؤمنين لقضاء الله هنا على الأرض نتج عنه وجود مرارة بداخلهم تجاه الرب فَهُمْ اعتقدوا إنه طالما الله يحب من يخطئ في حقهم، سيغفر له ولن يقضي بالعدل في الأمر، وسينظر لهم نظرة السيد الذي غفر لعبده الدين، بالطبع هذا غير سليم.
“فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ كُلُّ ذَلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ إِلَيَّ. أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضاً تَرْحَمُ الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟ وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ.” (متى 32:18←34).
يعتقدون خطأً إنه لن يُجازَى هذا الشخص على أخطائه لأن الله يحبه وبالتالي عليه أن يصمت راضيًا بما يحدث معه ولن يتدخل ليُوقفه. سبب ذلك هو عدم وجود تعليم كتابي عن القضاء الإلهي أو التعليم عنه بشكل غير صحيح وخلطه بالتأديب.
عدم فهمك وإدراكك لمحبة الله بصورة صحيحة سيؤدي إلى خَلْق مرارة بداخلك، ولا تنسى أن الكلمة تقول: “لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ بَلْ أَعْطُوا مَكَاناً لِلْغَضَبِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هَذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ”. (رومية 19:12-20) أي أفْسِحْ الطريق للرب حتى يجازي كل واحد حسب أعماله.
أيضًا قال الرب يسوع: “وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضاً بَعْضُكُمْ بَعْضاً.” (يوحنا 34:13).
نجد أن المحبة في العهد القديم هي أن يذوق الشخص المخطئ نفس الألم الذي عبر به الآخر ليعرف كمّ الألم الذي سببه له، أما المحبة في العهد الجديد فلا داعي للمجازاة البشرية، بل كما أحبنا المسيح ولم يتعامل معنا بمنطق؛ “وَعَيْنا بِعَيْنٍ وَسِنّا بِسِنٍّ وَيَدا بِيَدٍ وَرِجْلا بِرِجْلٍ وَكَيّا بِكَيٍّ وَجُرْحا بِجُرْحٍ وَرَضّا بِرَضٍّ.” (خروج 24:21-25).
رأينا في الرب يسوع إنه لم يحب وفقًا لمحبة الناموس مع المرأة الزانية، فقد حكم على الخطأ لكنه تعامل معها بمحبة، فهي وصية جديدة لأن شكل المحبة اختلف “كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ”.
لم يجازِ الرب يسوع أحدًا عن شر بشر وهذا ما جعل استفانوس يصلي قائلاً: “يَا رَبُّ لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ”. (أعمال 60:7). إن لم يغفر لهم كانوا سيُعانون حيث يتعامل الرب مع مَن يعادي شعبه كأنه يعاديه هو شخصيًا، أتتذكر ما قاله تجده لشاول الطرسوسي! “شَاوُلُ شَاوُلُ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟” (أعمال 4:9) ولم يقل “لماذا تضطهدهم؟” فهو يقف مع شعبه ضد أي شخص يضطهدهم.
عندما تغفر لشخص وتتنازل عن حقك، انظر للموقف بعقلية إلهية مُدرِكًا أنّ الله يقف في صفك لكي يجازي هذا الشخص، وغفرانك يعطي له فرصة ليتغيّر.

▪︎ اطلبوا ما هو فوق:
“فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ. مَتَى اظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ انْتُمْ ايْضاً مَعَهُ فِي الْمَجْدِ. فَأَمِيتُوا أعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ، الأُمُورَ الَّتِي مِنْ اجْلِهَا يَأْتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى أبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ، الَّذِينَ بَيْنَهُمْ انْتُمْ أيْضاً سَلَكْتُمْ قَبْلاً، حِينَ كُنْتُمْ تَعِيشُونَ فِيهَا. وَأَمَّا الآنَ فَاطْرَحُوا عَنْكُمْ انْتُمْ ايْضاً الْكُلَّ: الْغَضَبَ، السَّخَطَ، الْخُبْثَ، التَّجْدِيفَ، الْكَلاَمَ الْقَبِيحَ مِنْ أفْوَاهِكُمْ. لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، اذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أعْمَالِهِ، وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ، حَيْثُ لَيْسَ يُونَانِيٌّ وَيَهُودِيٌّ، خِتَانٌ وَغُرْلَةٌ، بَرْبَرِيٌّ سِكِّيثِيٌّ، عَبْدٌ حُرٌّ، بَلِ الْمَسِيحُ الْكُلُّ وَفِي الْكُلِّ. فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ احْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفاً، وَتَوَاضُعاً، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ انَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً انْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هَكَذَا انْتُمْ ايْضاً. وَعَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ. وَلْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي إلَيْهِ دُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وَكُونُوا شَاكِرِينَ. لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً، وَأَنْتُمْ بِكُلِّ حِكْمَةٍ مُعَلِّمُونَ وَمُنْذِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، بِنِعْمَةٍ، مُتَرَنِّمِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ. وَكُلُّ مَا عَمِلْتُمْ بِقَوْلٍ اوْ فِعْلٍ، فَاعْمَلُوا الْكُلَّ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ، شَاكِرِينَ اللهَ وَالآبَ بِهِ.” (كولوسي 1:3←17).
أن تهتم بما فوق لا بما على الأرض لا تعني أن تنسى ما على الأرض بل أن تتعامل بعقلية إلهية وأنت هنا على الأرض.
“عِبَادَةُ الأَوْثَانِ”← ليست عبادة صنم بل هي عبادة أي شيء عن طريق إعطائه اهتمام زائد.
“إذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أعْمَالِهِ” ← أي خلعتم الإنسان العتيق بشخصيته ومبادئه وأعماله “وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ” ← لبستم الإنسان الجديد (طبيعة الله) الذي يتجدد حسب صورة من وُلِدَ منه (الله).
هذا ليس تغيير طباع أو التوقف عن خطية ما، بل هي طبيعة تُدركها لكي تعرف أن تسلك. قلب الله وهدفه لك أن تكون طبيعته مُعلَّنة وظاهرة فيك ومِن خلالك، لذا انتبه في كل دقيقة إما الله أو إبليس يبني شخصيته فيك، فعملية النمو والبناء هي عملية مُستمِرة لا تتوقف.

▪︎ التلمذة ليست شيئًا اختياريًا:
“وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ، لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ، إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِلٍ (ناضج). إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ. كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ. بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ، الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ مُرَكَّباً مَعاً، وَمُقْتَرِناً بِمُؤَازَرَةِ كُلِّ مَفْصِلٍ، حَسَبَ عَمَلٍ، عَلَى قِيَاسِ كُلِّ جُزْءٍ، يُحَصِّلُ نُمُوَّ الْجَسَدِ لِبُنْيَانِهِ فِي الْمَحَبَّةِ. فَأَقُولُ هَذَا وَأَشْهَدُ فِي الرَّبِّ، أَنْ لاَ تَسْلُكُوا فِي مَا بَعْدُ كَمَا يَسْلُكُ سَائِرُ الأُمَمِ أَيْضاً بِبُطْلِ ذِهْنِهِمْ، اَلَّذِينَ إِذْ هُمْ قَدْ فَقَدُوا الْحِسَّ، أَسْلَمُوا نُفُوسَهُمْ لِلدَّعَارَةِ لِيَعْمَلُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ فِي الطَّمَعِ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هَكَذَا -إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ.” (أفسس 11:4←24).
تقدِّم بعض الشركات عروضًا على منتجاتها ويختار العميل العرض المُناسِب له حسب قدرته المادية على الدفع، لكن الله يعمل بنظام مختلف؛ فهو أعطاك العرض ومعه القدرة لكي تُحقّقه.
هناك من يعتقد أن الحياة الروحية حظوظ، وهناك من ينمو روحيًا والبعض الآخر لا ينمو ويلجأ إلى مَن هو أعلى منه روحيًا لكي يصلي من أجله، وهذا الاعتقاد نتيجة عدم معرفتهم أن الله يريد أن ينضج الجميع، لذلك قال الرب يسوع لهم: “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ”. (متى 19:28).
التلمذة ليست شيئًا اختياريًا، فَمَن يرفض التلمذة هو شخص يطلب شهوته كما تقول الكلمة: “الْمُعْتَزِلُ يَطْلُبُ شَهْوَتَهُ. بِكُلِّ مَشُورَةٍ يَغْتَاظُ.” (أمثال 1:18) فهولا يريد أن يُصحِّحه أحدٌ ويخلق أعذارًا لنفسه. إن لم يُتلمَذ الشخص، لن يصير رجلاً روحيًا.
يريد الرب أن يصير شعبه على صورته، إذًا بناءً على هذا الأساس لا يوجد في كنيسة الله شخص اجتماعي وآخر انطوائي وآخر جريء والثاني خجول، فَلِكل شعب الرب فكر واحد.
هدف الله هو تكميل وتنضيج الكنيسة وأن يكون لكل المؤمنين فكرٌ واحدٌ عن الله وأن يصيروا ناضجين ومُستقِرين روحيًا غير مُشتَّتين بين تعاليم كثيرة، حتى وإن بدا ذلك مُستحيلًا بسبب ظهور طوائف جديدة يوميًا.
“وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هَكَذَا”← لم يقُل لهم إن الطبيعة الجديدة ليست فيهم، بل لم تتعلموا المسيح، فهُم لديهم الطبيعة لكنهم يحتاجون أن يتعلموا عنها، هذا ما شرحه بولس الرسول سابقًا وقال إن الناس بدأوا يحاولون السلوك وكأنهم لا يمتلكون الطبيعة الجديدة، ويسلكون بعدم إيمان بوجود هذه الألوهية بداخلهم.
يقول لنا الروح من خلال بولس في رسالته إلى أهل أفسس: “أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ”. (أفسس 22:4) وفي (كولوسي 9:3) “لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، اذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ اعْمَالِهِ”. لاحظ اختلاف زمن الفعل “خلع”، لأن كنيسة أفسس مازالت تسلك بالجسد، أما كنيسة كولوسي نجحت في ذلك.
أيضًا يقول الرسول يعقوب: “وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللَّهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ.” (يعقوب1: 5)، أما الرسول بولس فقال: “وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرّاً وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً”(1 كورنثوس 30:1). هناك من لم يدرك الحكمة الممنوحة له بعد وهناك من أدركها وبدأ ينمو أكثر فيها.
تَكلَّم الرسول بولس عن سلاح الله الكامل في الرسالة إلى أفسس ولم يتكلم عنه في كولوسي وكانت المسافة بين كل منهم حوالي 130 كيلو متر، وقد ذهب بولس إلى أفسس ولم يذهب إلى كولوسي بل أرسل تلميذًا له إلى هناك. تكلَّم عن نفس التعليم والمبادئ في أفسس وكولوسي إنما من جوانب مختلفة.
لا تقتصر صورة المسيح على السير بطريقة صحيحة فقط من وجهة نظر الناس؛ فيسوع كان المُحِبّ والقاضي، المُعلِّم والمُوبِّخ، الجريء واللطيف، لا يخاف لكنه يسلك بحكمة ويتحرك بقوة وجرأة ولا يخشى من إبليس أو الناس، لا يعطي قيمة لما يعطيه البشر الطبيعي قيمة، وقد رفض شهادة يوحنا المعمدان واعتمد على الشهادة الداخلية.
“وَأَنَا لاَ أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنْسَانٍ وَلَكِنِّي أَقُولُ هَذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ. كَانَ هُوَ السِّرَاجَ الْمُوقَدَ الْمُنِيرَ وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً. وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.” (يوحنا 34:5←36).
أظهر الرب يسوع مبادئ الله في طبيعته وشخصيته وتصرفاته وشفائه للمرضى، إذًا مَن يرفض تعليم الشفاء يقف ضد المسيح شخصيًا لأنه كان يشفى طوال الوقت ولم يُمرِض أحدًا. لا يحتاج الأمر إلى تخمينات، فقط انظر لحياة الرب يسوع لأن الآب كلَّمنا من خلال ابنه: “كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ – الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ”. (عبرانيين 2:1).
يسوع هو الله المُتكلِّم، وهو لم يكن يُهزَم في أي موقف. كان يتعامل بمنطلق إلهي على الأرض. كان ينظر إلى الأمور بمنظور مختلف عمّا يراه الآخرون. نظر للبحر الهائج بشكل مختلف وسأل تلاميذه؛ “مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟” (متى 26:8).
تَكلَّم عن الله الآب بكل جراءة؛ إنْ أردتَ معرفة الصورة الصحيحة لله، انظر للمسيح وللرسل وكيف ساروا على الأرض بجراءة، على الرغم من خوفهم في البداية، لكني أقصد بعد حلول الروح عليهم.
“أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ وَهَؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ”. (يوحنا 25:17-26).
“وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ”← عرفتهم شخصيتك ليكون فيهم الحب. كان الرب يسوع في حياته على الأرض يُعرّف شخصية الآب للناس لهذا السبب قال لهم في (يوحنا 9:14) “اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ” لأنه كان تجسيدًا للآب.
“لَيْسَ أَنَّنَا كُفَاةٌ مِنْ أَنْفُسِنَا أَنْ نَفْتَكِرَ شَيْئاً كَأَنَّهُ مِنْ أَنْفُسِنَا، بَلْ كِفَايَتُنَا مِنَ اللهِ”. (2 كورنثوس 5:3).
نحن لسنا أقوياء من أنفسنا بل قوتنا من الله، فقوتك ليست باستقلالية عن الله لأن قوته صارت قوتك وهي تخرج منك، أنت صرت واحدًا معه ويده صارت يدك. امتلئ وتشبّع بهذه الصور في وقت عبادتك.
أن تدرك أنك صرت واحدًا معه هي النتيجة التي لابد أن تصل إليها. لا تعرف الملائكة أن تعبده مثلك لأنهم ليسوا مولودين من الله لكن أنت مولود منه ومن نفس المستوى الإلهي، هللويا.

• مثال توضيحي
“إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً. الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ.” (يوحنا 31:5-32).
إنه لا يشهد لنفسه لأن الشهادة في الناموس على يدّ شاهدين أو ثلاثة ولكن يوجد من يشهد عنه وفي الإصحاحات التالية قال: “وَإِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي حَقٌّ لأَنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وَإِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فلاَ تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ آتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ.” (يوحنا 14:8).
هنا بدأ يُعلمهم بطريقة أعمق وقال لهم شهادتي حق، ثم قال: “وَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَدِينُ فَدَيْنُونَتِي حَقٌّ لأَنِّي لَسْتُ وَحْدِي بَلْ أَنَا وَالآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي.” (يوحنا 16:8) أي شهادتي حقّ لأن الروح القدس يشهد عني أيضًا؛ أدْرِكْ هذا الالتحام والالتصاق وأنك صرت واحدًا مع هذا الإله، وحينئذ لن تستطيع أن تتوقف عن عبادته.
“وَأَمَّا الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ. وَنَحْنُ جَمِيعاً نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا فِي مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.” (2 كورنثوس 17:3-18)
نظرك (تأمّلك وتمعّنك) إلى مجد الرب يجعلك تتغيّر له. اكتشافك لمَن أنت في المسيح، يجعلك تتغيّر إلى تلك الصورة عينها. أن ترى الإنسان يسوع يتصرّف بجراءة في المواقف وأنه لم يكن يُهزَم في مناقشة.
كيف كان يتعامل برسمية مع قوانين الأرض ولم يخلّ بها لأن البعض قد يتساءل؛ لماذا كان يستخدم المواصلات ولم ينتقل بشكل خارق للطبيعة من مكان لآخر وعندما لزم الأمر اختفى من وسطهم وهو لم يدخل أورشليم في أواخر الأيام لأنهم أرادوا قتله ولم يَقُل سأدخل أورشليم ولن يقدر أحدٌ أن يمسني وكانوا يأتون إليه خارج أورشليم.
لم يفعل هذا عن خوف بل لأنه كان يتحرك وفقًا لاستراتيجية ولِما يقوله له الآب. إدراكك أنك مُشترِكٌ معه في نفس الطبيعة وأن الصبر والوداعة هما ثمر روحك الإنسانية، يجعلك تتغيّر وتسلك بجراءة في المواقف.
تأمّلك في هذا المجد حتى إنْ ساء العيان أكثر وأكثر، أنت ترى فقط هذه الصورة “أنك تعبد الرب بكل قلبك” ولا تفكر للحظة أن الله غير راضٍ عنك وهذا يحدث عندما تجلس أمام الكلمة وتلهج في أنك صرت طبيعة جديدة.
عندما تسلك بذلك، لن يكون هناك اكتئاب أو حزن أو هزيمة في حياتك ولن تتأذى من شيء لأنك بدأت ترى هذه الصورة وأنك شريك فيها فأنت صرت شريكًا للطبيعة الإلهية. عندما تراها بإيمان ولا تحاول أن تكونها، ستسلك بها وتبدأ في رؤية المواقف طبقًا للصورة التي رأيتها في الصلاة وتسلك في الموقف بنور طبيعتك؛ لذلك الصلاة هي ليست وقت طلبات بل هي اختلاط وتعارُف.

▪︎ لا تبع الأمور الروحية مقابل ملذّات وقتيّة:
“لأَنَّ جَمِيعَ الشُّعُوبِ يَسْلُكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِاسْمِ إِلَهِهِ وَنَحْنُ نَسْلُكُ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِنَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.” (ميخا 5:4).
كل الشعوب تسلك باسم إلهها حتى المُلحِدين. لذا اعلم أنك إما تسلك باسم الرب أو تسلك باسم إله غريب. إنْ كنت مُتكاسِلاً روحيًا، أنت تسلك بالجسد وطالما أنت تسلك بالجسد، اعلم أنك تحت سيطرة إبليس وتوقّع حدوث مصائب في حياتك؛ لذلك تقول الكلمة في (رومية 13:8) “لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ.”
أنت إما تسلك بروحك أو جسدك ليس هناك خيار ثالث ولكي تتدرَّب وتتغير إلى صورته، وَحِّدْ فِكْرك من خلال الكلمة وتتأمل فيها ووَجِّه تفكيرك لها واِلْهج فيها. تعزلك كلمة الله عن هذا العالم وطريقة تفكيره وأنت تحيا فيه.
“فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هَذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ. لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ، وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ: «يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ. إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ. ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدّاً لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟ لأَنَّ أُولَئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّاماً قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هَذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ.” (عبرانيين 3:12←10).
إنْ أردتْ أن تشابه صورة يسوع، اقبل التأديب والتصحيح بدراستك للوحي ومعرفة فكر الله بطريقة عميقة تجاه مواضيع الحياة المختلفة. إنْ كنت تغضب سريعًا، ستعرف جيدًا أن الكلمة تتحدّث عن ضبط النفس (التعفف). إنها طبيعتك! ولأنك درست الكلمة مُسبقًا ستعرف كيف تضبط نفسك من الداخل.
“وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيراً فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ. لِذَلِكَ قَّوِمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ، وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى.” (عبرانيين 8:12←13).
عندما تعمل الكلمة في داخلك وتُغيّرك من الداخل، لن يكون وقتَ فرحٍ أو أمرًا مُسِرًّا خاصةً إنْ كنت مُتمَسِّكًا بتلك الزاوية التي تصحّحك الكلمة فيها ولكنها ستُخرِج منك برًا في النهاية وترى نتائج في حياتك. لكن إنْ لم تُصدِّق الكلمة لا تتوقع أن تُثمِّر في حياتك.
عندما قال الرب يسوع لبطرس: “اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ”. (متى 23:16)، وَضَّحَ له حقيقة الأمر إنه لا يهتم بالأمور الإلهية بل يهتم بمجد الناس فقط. دور الكلمة أن تجعلك تكتشف وتفهم شخصيتك وتُعرّفك الحق عن حياتك الشخصية، فإنْ لم تجلس أمامها لا تتوقع التغيير إلى صورته أو الاشتراك في قداسته فأنت من يصنع مسالك مستقيمة لنفسه من خلال سلوكك بالكلمة.
“اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ، وَالْقَدَاسَةَ الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ. مُلاَحِظِينَ لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ. لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ انْزِعَاجاً، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ. لِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ زَانِياً أَوْ مُسْتَبِيحاً كَعِيسُو، الَّذِي لأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ. فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَيْضاً بَعْدَ ذَلِكَ، لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرِثَ الْبَرَكَةَ رُفِضَ، إِذْ لَمْ يَجِدْ لِلتَّوْبَةِ مَكَاناً، مَعَ أَنَّهُ طَلَبَهَا بِدُمُوعٍ.” (عبرانيين 14:12←17).
لم يضبط عيسو نفسه ولذلك باع بكوريته مقابل أكلة. كان شخصًا جسديًا ومثلما طلب عيسو البركة بدموع، يتكرر اليوم هذا السيناريو مع كثرة مِن المؤمنين وهم لا يعلمون أن المشكلة هي عدم سلوكهم بالكلمة.
“فَإِذْ لَنَا هَذِهِ الْمَوَاعِيدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ لِنُطَهِّرْ ذَوَاتِنَا مِنْ كُلِّ دَنَسِ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ، مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ. اِقْبَلُونَا. لَمْ نَظْلِمْ أَحَداً. لَمْ نُفْسِدْ أَحَداً. لَمْ نَطْمَعْ فِي أَحَدٍ. لاَ أَقُولُ هَذَا لأَجْلِ دَيْنُونَةٍ، لأَنِّي قَدْ قُلْتُ سَابِقاً إِنَّكُمْ فِي قُلُوبِنَا لِنَمُوتَ مَعَكُمْ وَنَعِيشَ مَعَكُمْ. لِي ثِقَةٌ كَثِيرَةٌ بِكُمْ. لِي افْتِخَارٌ كَثِيرٌ مِنْ جِهَتِكُمْ. قَدِ امْتَلَأْتُ تَعْزِيَةً وَازْدَدْتُ فَرَحاً جِدّاً فِي جَمِيعِ ضِيقَاتِنَا. لأَنَّنَا لَمَّا أَتَيْنَا إِلَى مَكِدُونِيَّةَ لَمْ يَكُنْ لِجَسَدِنَا شَيْءٌ مِنَ الرَّاحَةِ بَلْ كُنَّا مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. مِنْ خَارِجٍ خُصُومَاتٌ. مِنْ دَاخِلٍ مَخَاوِفُ. لَكِنَّ اللهَ الَّذِي يُعَزِّي الْمُتَّضِعِينَ عَزَّانَا بِمَجِيءِ تِيطُسَ. وَلَيْسَ بِمَجِيئِهِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي تَعَزَّى بِهَا بِسَبَبِكُمْ وَهُوَ يُخْبِرُنَا بِشَوْقِكُمْ وَنَوْحِكُمْ وَغَيْرَتِكُمْ لأَجْلِي، حَتَّى إِنِّي فَرِحْتُ أَكْثَرَ. لأَنِّي وَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَحْزَنْتُكُمْ بِالرِّسَالَةِ لَسْتُ أَنْدَمُ، مَعَ أَنِّي نَدِمْتُ. فَإِنِّي أَرَى أَنَّ تِلْكَ الرِّسَالَةَ أَحْزَنَتْكُمْ وَلَوْ إِلَى سَاعَةٍ. اَلآنَ أَنَا أَفْرَحُ، لاَ لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ، بَلْ لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ لِلتَّوْبَةِ. لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ لِكَيْ لاَ تَتَخَسَّرُوا مِنَّا فِي شَيْءٍ. لأَنَّ الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ، وَأَمَّا حُزْنُ الْعَالَمِ فَيُنْشِئُ مَوْتاً. إِنَّهُ هُوَذَا حُزْنُكُمْ هَذَا عَيْنُهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، كَمْ أَنْشَأَ فِيكُمْ مِنَ الاِجْتِهَادِ، بَلْ مِنَ الاِحْتِجَاجِ، بَلْ مِنَ الْغَيْظِ، بَلْ مِنَ الْخَوْفِ، بَلْ مِنَ الشَّوْقِ، بَلْ مِنَ الْغَيْرَةِ، بَلْ مِنَ الاِنْتِقَامِ. فِي كُلِّ شَيْءٍ أَظْهَرْتُمْ أَنْفُسَكُمْ أَنَّكُمْ أَبْرِيَاءُ فِي هَذَا الأَمْرِ.” (2 كورنثوس 1:7←11).
الرسالة الأولى أحزنتهم ولكن كان هذا لخيرهم، فإنْ كنت تتمسّك بشيء ولا تريد الاستغناء عنه ستحزن مثل الشاب الغني الذي قال له الرب: “إنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي”. (متى 21:19)، فكان رد فعله؛ “فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِيناً لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ”. (متى 22:19)، كان مُتمَسِّكًا بأمواله.
إنْ كنت تريد أن تتغير إلى تلك الصورة عينها الذي هو حلم الرب لك -وهو أولى من أن تربح نفوسًا، حتمًا هذا أيضًا ضروريٌّ ولكن له وقته- اجلس مع الكلمة كل يوم.
السلوك بالمحبة والإيمان لأنهما من الأمور الهامة جدًا والتي بدونها ينحدر الشخص روحيًا ولذلك قال بولس الرسول: “لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.” (غلاطية 6:5).
“أَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ.” (غلاطية 15:6).
لن يفرق أي شيء من الخارج بل السر في أنكم وُلِدتم من الله، إنْ انتبهتْ لطبيعتك الإلهية وسلكت بها ستحيا حياة مُنتعِشة ومُنتصِرة.

▪︎ كلمة الله ودورها الضخم في بناء شخصيتك!
“أَنَا وَٱلْآبُ وَاحِدٌ. فَتَنَاوَلَ ٱلْيَهُودُ أَيْضًا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ.  أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَعْمَالًا كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي. بِسَبَبِ أَيِّ عَمَلٍ مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟ أَجَابَهُ ٱلْيَهُودُ قَائِلِينَ: «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لِأَجْلِ عَمَلٍ حَسَنٍ، بَلْ لِأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلَهًا. أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ ٱلَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ ٱللهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ ٱلْمَكْتُوبُ”. (يوحنا 30:10←35).
“إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ” أي هم صاروا آلهة بسبب وصول كلمة الله لهم وهو لا يتحدث عنا بل عن اليهود، بمجرد أن صار لهم الوحي صاروا آلهة لأن كلمة الله هي طريقة تفكيره وبمجرد أن يفكّر الإنسان بطريقة الكلمة ويلهج فيها تتحول شخصيته إلى شخصية الله.
فعلاً من سلك بالكلمة في العهد القديم، عاش حياة خارقة لأن كلمة الله بها قوة. لا تستهن بالكلمة ونتائجها في حياتك وللأسف يوجد الكثيرين الذين استهانوا بالكلمة كثيرًا وهم لا يعلمون أنه ستأتي أيام لن يعرفوا أن يسلكوا بالكلمة وهم يطلبوها؛ “فَأَنَا أَيْضًا أَضْحَكُ عِنْدَ بَلِيَّتِكُمْ. أَشْمَتُ عِنْدَ مَجِيءِ خَوْفِكُمْ”. (أمثال 26:1).
الكلمة حياة وطريقة تفكير ومَن يستهين بالكلمة هو يستهين بيسوع شخصيًا والروح القدس دائمًا يُعظم من الكلمة لأن الرب يسوع قال: “ذَاكَ (الروح القدس) يُمَجِّدُنِي، لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ”. (يوحنا 14:16). إذًا يُمجَّد الرب يسوع عن طريق الكلمة.
ادرس الكلمة بطريقة صحيحة حتى تستفيد منها، أيضًا التغيير يحدث نتيجة فهم الكلمة وليس قراءتها فقط، فالخصي الحبشي كان يقرأ في الكلمة ولكن عندما سأله فيلبس: “أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟” (أعمال 30:8)، أجابه الخصي: “كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟” (أعمال 31:8).
“اَلرُّوحُ هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي. أَمَّا ٱلْجَسَدُ فَلَا يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلَامُ ٱلَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ”. (يوحنا 63:6).
حتى تصير شخصًا روحيًا، تغذَّى على مبادئ الله، قال لهم في عدد 58 “مَنْ يَأْكُلْ هَذَا ٱلْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى ٱلْأَبَدِ”. (يوحنا 63:6).
الله روح وهو رئيس الحياة؛ “وَرَئِيسُ ٱلْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ، ٱلَّذِي أَقَامَهُ ٱللهُ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ، وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذَلِكَ”. (أعمال 15:3) وهذه الحياة تنتقل من الله إلى البشر عن طريق كلماته.
يريد الرب أن يجعلك من أولاده رجالاً! فلا يكونوا مُتسرِعين أو يعيشون في لا مبالاة لأن هناك من يحتار ماذا يفعل في كل موقف! فالرب يسوع كان صارمًا في بعض المواقف ولطيفًا في مواقف أخرى ومن يأكل الكلمة يتحول إلى هذه الحياة.
عندما سأل الشاب الغني الرب يسوع؛ “أَيُّهَا ٱلْمُعَلِّمُ ٱلصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لِأَرِثَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ؟” (مرقس 17:10) لأن اليهود كانوا يعلّمون جيدًا أن الحياة الإلهية متاحة للبشر. فأجابه: “أَنْتَ تَعْرِفُ ٱلْوَصَايَا: لَا تَزْنِ. لَا تَقْتُلْ. لَا تَسْرِقْ. لَا تَشْهَدْ بِٱلزُّورِ. لَا تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ”. (مرقس 19:10).
هناك طريقة للحصول على الحياة الأبدية (حياة الله)، وتلك الطريقة هي العيش بالمكتوب. يجب أن تدرس عن المحبة لكي تظهر في حياتك وعندما تفعل ذلك، أنت تعطي مساحة للرب.
قال الرب يسوع لمَن لا يعلم الكلمة: “وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْمُرَاؤُونَ! لِأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ ٱلْبَحْرَ وَٱلْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلًا وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ٱبْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا.” (متى 15:23).
أي تجنّدوا أولادًا لجهنم بالرغم من إنهم في منصب ديني، كان عليهم أن يطعموا الكلمة للشعب؛ “فَمَنْ هُوَ ٱلْوَكِيلُ ٱلْأَمِينُ ٱلْحَكِيمُ ٱلَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ ٱلْعُلُوفَةَ فِي حِينِهَا؟” (لوقا 42:13).
سيأتي اليوم ويُضرَبون؛ “وَأَمَّا ذَلِكَ ٱلْعَبْدُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ إِرَادَةَ سَيِّدِهِ وَلَا يَسْتَعِدُّ وَلَا يَفْعَلُ بحَسَبِ إِرَادَتِهِ، فَيُضْرَبُ كَثِيرًا.” (لوقا 47:13). يجب أنْ يستعد شعب الرب بالكلمة لكل مرحلة في حياته ويعرف كيفية التعامل في هذه الحياة، وهنا تأتي أهمية التعليم المُبكِّر (تخزين الكلمة).

▪︎ كيف يقودنا الله؟
“مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الْخَائِفُ الرَّبَّ؟ يُعَلِّمُهُ طَرِيقاً يَخْتَارُهُ.” (مزامير 12:25).
من الذي يعبد الرب بهيبة؟! فالرب يُعلّمه الطريق وهو من يختار هذا الطريق. إنْ كنت في علاقة حميمة مع الروح القدس، سيُعلّمك طريقة التفكير الصحيحة والسلوك بشكل صحيح وكيف تتعامل مع المواقف.
في مرحلة النضوج أنت لا تنتظر إلحاحًا داخليًا بل تسلك في الموقف بالفِكْر الإلهي نتيجةً لمعرفتك السابقة له ولا تحتاج لشخص يُلجّمك أو يوقفك لأنك تعرف كيف تختار الطريق وهذا يأتي بعد بناء شخصية الله فيك.
“أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ. لاَ تَكُونُوا كَفَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ بِلاَ فَهْمٍ. بِلِجَامٍ وَزِمَامٍ زِينَتِهِ يُكَمُّ لِئَلاَّ يَدْنُوَ إِلَيْكَ.” (مزامير 8:32-9). ترجمة الفاندايك.
“أرشدك وأعلّمك الطريق الذي عليك أن تسير فيه. أنصحك. عيني عليك. لا تكن مثل الفرس أو البغل الذي ينقصه الفهم الذي لابد أن يُكمّ فمه بلجام وزمام وإلا لن يأتي معك”. (مزامير 8:32-9). الترجمة الموسعة.
سأعلمك الطريق لكي تختار أنت أن تسلك فيه وسأُرشدك بعيني أي أقودك بعيني بمعنى إنْ نظرت لشيء ستذهب إليه لأنك في انسجام معي.
لا تكن مثل الفرس أو البغل الذي تضطر أن تؤلمه لكي يتحرك معك لأنه لا يفهم. لا تكن بلا فهم وتحتاج أن يقول لك أحدهم ماذا تفعل لأن الرب يريدك أن تفهم لكي تتصرف بشكل صحيح مع المواقف.
الفكر الإلهي ليس أن يضغط عليك أو يُعنّفك الروح القدس لكي تفعل شيئًا لأنه يريدك أن تكون في انسجام معه فتفعل فِكْره بشكل تلقائي؛ لذلك بعض المؤمنين السطحين يتعاملون بلا مبالاة ويعتقدون أن ذلك اتّكال على الروح القدس وإنه إن أراد الشخص أن يفعل شيئًا سيقوده له.
أحيانًا يقودك الروح القدس وخاصة في بداية علاقتك به بصوت مُلِح ولكنه لن يستمر يقودك بهذا النهج بل أنت تعرف ِفكْره لكي تسلك في المواقف به بشكل تلقائي ولا تحتاج أن تُصلي كثيرًا قبل أن تتّخذ قرارًا بشأن أمر معين في حياتك لأنك تعرف فكره من البداية في جميع جوانب حياتك وهذا لا يمنع أن تصلي قبل أن تتّخذ قرارات في حياتك بحسب مستواك الروحي ولكن كن على يقين أن هناك مستوى تصل أنك تتخذ قراراتك بناء على معرفتك السابقة للكلمة.
“وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوهُ إِلَى الْعَبْرِ حَتَّى يَصْرِفَ الْجُمُوعَ. وَبَعْدَمَا صَرَفَ الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ مُنْفَرِداً لِيُصَلِّيَ. وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ كَانَ هُنَاكَ وَحْدَهُ. وَأَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ قَدْ صَارَتْ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ مُعَذَّبَةً (تترنح وتُضرَب) مِنَ الأَمْوَاجِ. لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ مُضَادَّةً. وَفِي الْهَزِيعِ الرَّابِعِ مِنَ اللَّيْلِ مَضَى إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مَاشِياً عَلَى الْبَحْرِ. فَلَمَّا أَبْصَرَهُ التَّلاَمِيذُ مَاشِياً عَلَى الْبَحْرِ اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ خَيَالٌ». وَمِنَ الْخَوْفِ صَرَخُوا! فَلِلْوَقْتِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا. فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ فَمُرْنِي أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ. فَقَالَ: «تَعَالَ». فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ. وَلَكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ صَرَخَ: يَا رَبُّ نَجِّنِي.” (متى 22:14←30).
فَكَّرَ بطرس إنْ كان الرب يسوع يسير على المياه، ماذا يمنع أن أسير مثله؟! وعندما قال الرب يسوع له: “تَعَالَ”، بدأ ينتبه لها، يفكر فيها ويتخيّلها ويسلك بها ويُطبّقها وانفصل عن العالم الحسي وصار واعيًا أكثر للعالم الروحي وبدأ يسلك بروحه وأخرج رجليه من المركبة. تَعلَّمْ أن تُسحَب بروحك وراء الشيء. أعطى بطرس مصداقية أكبر للكلمة فسلك بها وقتما كانت الريح شديدة وعندما انتبه أخيرًا لشدة الأمواج (العيان) بدأ يغرق.

▪︎ داود بطل التأمل:
“إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذَلِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ.” (مزامير 3:27).
بدأ يُفكّر ويتخيّل الكلمة ويدرسها بمبدأ التخطيط بمعنى ماذا سيفعل في كل موقف. روعة داود تظهر في إنه كان يتأمل في الكلمة ويرى الأمور قبل حدوثها بوقتٍ. بدأ يتخيل الموقف؛ إنْ نزل عليه جيش، ماذا سيكون رد فعله؟! وبالرغم من صعوبة الموقف لكنه قال “لاَ يَخَافُ قَلْبِي” لأنه مُدرِك إنه ساكنٌ في بيت الرب وكونه ساكنًا هناك، لن يُهزَم.
أنْ ترى الموقف وتُطبّق الكلمة فيه قبل حدوثه أي تستعد للحياة لأن العالم قد وُضِعَ في الشرير وأنت لديك أفكار شريرة ولابد أن تتخلص منها وتستبدلها بأفكار الكلمة وتراها بداخلك وتنتصر على المواقف بداخلك وتُتهلل وتفرح بها ولكن إن كنت تتعجب أو تندهش من موقف عند حدوثه، اعلم أنك غير مستعد.
“سِلاَهْ”: هي فقرة صمت ليتأمل في الحق وهذا هو السبب وراء انتصاراته وعندما كان يظن الناس أنه انتهى، تجده يقف صَلِبًا قويًا وتجده يحزن بشدة عند موت الملك شاول ميتة شخص غير ممسوح لأنه رسم الصورة بداخله أن الشخص الممسوح لا يموت بهذا الشكل.
• مثال توضيحي
إنْ أهانك شخص لم تكن تتوقع منه الإساءة، لا تندهش لأن هذا الشخص له إرادة ومُعرَّض للتأثُر بأرواح شريرة. كن مثل داود المُستعِد دائمًا لأي موقف لأنه كان يعرف ماذا يفعل في كل موقف بسبب ذخيرة الكلمة بداخله.
إن حدث وانقلبت الجبال الثابتة، لا نخشى أبدًا. كان داود يعلّم أن قوة الروح القدس وليس القوة البشرية العادية تستطيع أن تكسر القوس وتقطع الرمح وكان مُدرِكًا أن الله هو الذي يحميه. دائمًا كان يرسم صورة النصرة بداخله ويتخيلها مبكرًا وهذا هو السبب الذي جعله يختار خمسة حجارة بمقياس معين وهو مُتيقِّنًا أن القوة بسبب المسحة وليس بسبب ذكائه ومهاراته لأنه تلامس مع قلب الرب.
“لإِمَامِ الْمُغَنِّينَ. لِبَنِي قُورَحَ. عَلَى الْجَوَابِ. تَرْنِيمَةٌ اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْناً فِي الضِّيقَاتِ وُجِدَ شَدِيداً. لِذَلِكَ لاَ نَخْشَى وَلَوْ تَزَحْزَحَتِ الأَرْضُ وَلَوِ انْقَلَبَتِ الْجِبَالُ إِلَى قَلْبِ الْبِحَارِ. تَعِجُّ وَتَجِيشُ مِيَاهُهَا. تَتَزَعْزَعُ الْجِبَالُ بِطُمُوِّهَا. سِلاَهْ. نَهْرٌ سَوَاقِيهِ تُفَرِّحُ مَدِينَةَ اللهِ مَقْدِسَ مَسَاكِنِ الْعَلِيِّ. اللهُ فِي وَسَطِهَا فَلَنْ تَتَزَعْزَعَ. يُعِينُهَا اللهُ عِنْدَ إِقْبَالِ الصُّبْحِ. عَجَّتِ الأُمَمُ. تَزَعْزَعَتِ الْمَمَالِكُ. أَعْطَى صَوْتَهُ ذَابَتِ الأَرْضُ. رَبُّ الْجُنُودِ مَعَنَا. مَلْجَأُنَا إِلَهُ يَعْقُوبَ. سِلاَهْ. هَلُمُّوا انْظُرُوا أَعْمَالَ اللهِ كَيْفَ جَعَلَ خِرَباً فِي الأَرْضِ. مُسَكِّنُ الْحُرُوبِ إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ. يَكْسِرُ الْقَوْسَ وَيَقْطَعُ الرُّمْحَ. الْمَرْكَبَاتِ يُحْرِقُهَا بِالنَّارِ.” (مزامير 1:46←9).

▪︎ اللهج وخطواته الثلاث:
التأمل (التفكير والسرحان)
عندما تفكّر في الكلمة، ستجد الروح القدس يرسم صورًا لها في خيالك وتصبح مُستعِدًا لمواجهة أي ظرفٍ وإن أساء إليك أحدهم، تعرف أن تُخرِج له محبة لأنك رسمت هذه الصورة بداخلك مُبكرًا وأن تكون مُدرِكًا أن اقتصادك اقتصاد سماوي حتى إن كان عملك يُفلس وذلك من خلال عطائك.
لا تعتقد أنك تستطيع أن تجتاز تحدياتك لمجرد معرفتك الذهنية بالكلمة. إن لم ترسم الصورة بداخلك وتجعلها تملأ كل خيالك وتفكيرك، لن تُثمر ويصعب عليك قول: إن حدث هذا الموقف، أنا قادر عليه لأني أحتوي الطبيعة والقوة الإلهية وأستطيع أن أتعامل مع ظروف الحياة بانتصار.
انظر ليشوع وكالب وما تكلما به بعد تجسس أرض كنعان: “إِنَّمَا لا تَتَمَرَّدُوا عَلى الرَّبِّ وَلا تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ خُبْزُنَا. قَدْ زَال عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ وَالرَّبُّ مَعَنَا. لا تَخَافُوهُمْ” (عدد 9:14)، هما نظرا للصورة الصحيحة رغم أن العيان يبدو غير ذلك تمامًا.
تكلُّم الكلمة بصوت منخفض
هنا أنت تُبرمج ذهنك بالحق الكتابي.
الْهَجْ كل يوم في مَن أنت في المسيح، الروح القدس فيك وأنت فيه. ادرس موضوعات أخرى والْهَجْ فيها والروح القدس سيُذكّرك بالكلمة التي لهجت فيها حتى تصير جزءًا لا يتجزأ منك وتصير طريقة تفكيرك وإن لم تتعامل مع الكلمة بهذه الصورة، لن ترى نتائج في حياتك لأنه لا يوجد طريقة أخرى.
إنْ أخذت قرارًا خاطئًا، السبب هو أن الكلمة لا تملأ ذهنك. هناك أمور تبدو مستقيمة ولا تستطيع أن تُميّزها إلا من خلال الكلمة. لا يريدك الروح القدس أن تفعل شيء دون أن تفهم لأن الرب يسوع قال: “لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي” (يوحنا 15:15) لأنه علّمهم وشرح لهم الكلمة.
ادرس الكلمة حتى تصير هي طريقة تفكيرك. قال الرب ليشوع: “لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ, بَلْ تَلْهَجُ فِيهِ نَهَاراً وَلَيْلاً, لِتَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ. لأَنَّكَ حِينَئِذٍ تُصْلِحُ طَرِيقَكَ وَحِينَئِذٍ تُفْلِحُ.” (يشوع 8:1).
“كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ”. (أف4:1-5).
“لِلتَّبَنِّي”← أي النضوج وهذا ما يجعلك تُسيطر على حياتك ولا تخاف من أي شيء أو أن يتركك الجميع لأنك مُدرِك جيدًا أنك لست وحدك.

• الزئير بالكلمة
أي أن تصرخها بصوتٍ مرتفع في مواجهة الظروف المواقف.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$