القائمة إغلاق

How To Overcome Till The End – Part 2 كيف تغلب إلى النهاية – الجزء

لسماع العظة علي الساوند كلاوند أضغط هنا 

لمشاهدة العظة علي الفيس بوك أضغط هنا 

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب أضغط هنا

كيف تغلب إلى النهاية الجزء 2

  • أنت مُعَدّ للمواجهة والانتصار، وليس للهروب.
  • لا تُخدَع في هويتك.
  • الفرق بين “الازدهار” و “الترفُّه”.
  • انتبه! لا تُخدَع من روح ضد المسيح.
  • مفهوم التجربة.
  • مفهوم الشهوة.
  • اكتشف حقيقة مَن أنت واسلك بناءً على ذلك.

 

  • أنت مُعَد للمواجهة والانتصار، وليس للهروب:

“وَمَنْ يَغْلِبُ وَيَحْفَظُ أَعْمَالِي إِلَى النِّهَايَةِ فَسَأُعْطِيهِ سُلْطَانًا عَلَى الأُمَمِ.” (رؤيا ٢: ٢٦).

  يتكلَّم هنا عن أننا سنملك معه في المُلك الألفي، وسبق وشرحتُ الفرق بين نملك معه ونملك من خلاله، إذًا (رومية ٥) تختلف عن (٢ تسالونيكي ٢).

 لابد أن تعرف مَن ستواجه لكي تعرف كيف ستغلب، فهدف هذه السِلسلة هو معرفة مَن تواجهه لتغلبه وكيف تعرف أنك غلبته، يوضِّح الكتاب المقدس أننا نسير في موكب يسوع الانتصاري عبْر القيادة بالروح القدس.

“١٢ وَلكِنْ لَمَّا جِئْتُ إِلَى تَرُوَاسَ، لأَجْلِ إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، وَانْفَتَحَ لِي بَابٌ فِي الرَّبِّ، ١٣ لَمْ تَكُنْ لِي رَاحَةٌ فِي رُوحِي، لأَنِّي لَمْ أَجِدْ تِيطُسَ أَخِي. لكِنْ وَدَّعْتُهُمْ فَخَرَجْتُ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ. ١٤ وَلكِنْ شُكْرًا ِللهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ. ١٥ لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ ِللهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ. ١٦ لِهؤُلاَءِ رَائِحَةُ مَوْتٍ لِمَوْتٍ، وَلأُولئِكَ رَائِحَةُ حَيَاةٍ لِحَيَاةٍ. وَمَنْ هُوَ كُفْوءٌ لِهذِهِ الأُمُورِ؟ ١٧ لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ، بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ.” (٢ كورنثوس ٢: ١٢-١٧).

 يستخدم الروح القدس روح الإنسان ليقوده استنادًا على ما يقوله الكتاب: “روح الإنسان هي سراج الرب” (الأمثال ٢٠: ٢٧)، فالرسول بولس اِنقاد بالروح أن يودَّعهم وخرج إلى مكدونية، وهذه كانت قيادة الرب للانتصار في هذا الموقف. يوضِّح الكتاب المقدس في هذا الشاهد أنه نفس رائحة المسيح الذكية لها رائحة جميلة وكريهة. إنها جميلة للشخص الذي في وضعية استقبال من الله، وكريهة بالنسبة للشخص الذي في وضعية مُضادة لله. أنت مُخرِج رائحة في عالَم الروح وهذا الكلام ليس مجازيًّا أو مُبالَغًا فيه، ولكنه يعنى حرفيًا أنه في عالَم الروح يوجد روائح وتأثيرات.

 يُشبِه هذا المشهد ما يحدُث مع المُنتصِرين العائدين من الحرب وَهُم يمشون في الموكب الانتصاري، فكان يتمّ فَتْح أبواب البيوت للذين في مقدمة الموكب، حيث تَخرُج رائحة بخور وورود ويُلقَى عليهم الوَرد، فكان الجنود الذين في المُقدِّمة المُنقادين في موكب الملك يشتمّون هذه الرائحة عند دخولهم المدينة كرائحة احتفال بالانتصار، وفى الخلف يوجد الأسرى المَربوطون بسلاسل يشتمّون ذات الرائحة ولكنها بالنسبة لهم رائحة موت.

 يعني هذا أننا نتحرك في المُقدِّمة ولا نهرب من إبليس، نحن في حالة مِن الاستعدادية بسبب ما صنعه الرب يسوع. لكى تنتصر في حياتك لابد أن تعرف العدو الذي تواجهه وكيف تنتصر عليه، فأبرز ثلاث نقاط تكلّم عنهم الكتاب المقدس هم:

أولاً: أن تنتصر على إدارة جسدك.

ثانيًا: أن تقف في مواجهة العالَم ونظامه ولا تأخذ منه ولا تحب طُرقه.

ثالثًا: التعامُل مع إبليس، وما أسهله.

الثلاث زوايا ليس معناها أن الجسد عدوٌ ولكن الجسد يجب أن تُسيطِر عليه وتعرف أن تُديره.

  • لا تُخدَع في هويتك:

“١٥ لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. ١٦ لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. ١٧ وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ.” (١ يوحنا ٢: ١٥-١٧).

 يتكلَّم هذا الشاهد الكتابي عن ما هو “في العالَم” وليس “فينا”، فشهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظُّم المعيشة هم محتويات العالم.

 هذه الحرب حرب خداع وليست دمًا، فهي حرب هوية وتفكير، وإن كنت تجهل كيف تُدير جسدك وما منحه الرب لنا لكى نقدر أن نعيش على الأرض بطريقة صحيحة، ستعتقد أن الرب عالج جزءًا من المشكلة والباقي لا، فتظن خطأً أن الرب خلَّصنا كي نضمن الأبدية ولكنه لم يُعالِج مشكلة الجسد.

 الحقيقة هي أن الجسد ليس شيئًا مُتعِبًا فالرب يسوع وُلِدَ ليس من زَرع رَجُل أي بلا خطية، وكان لديه جسد بنفس خواص جسدنا (غرائز وحواس خمس) لكن كان لديه القدرة أن يُديره ومفعول الموت لم يقدر أن يعمل في جسده حيث إنه لم يسمح له بذلك.

 إن كنت تعتقد أن الجسد مشكلة وإنه بك ثلاث قنابل موقوتة غير قادر عليها وهى (شهوة الجسد وشهوة العيون وتَعظُّم المعيشة)، فأنت بهذا تساعد نفسك على عمل الخطية بسبب هذه المفاهيم الخاطئة دون أن تعلم. “شهوة الجسد” هي كل ما يريده ويرغبه الجسد، مثل: الغرائز والحواس الخمس. أمّا “شهوة العيون” ليس المقصود بها العيون حرفيًا ولكن يقصد بها طُرق تفكير “longings of mind”، أما عن “تعظُّم المعيشة” فهي تعنى الاعتماد على المصادر الأرضية.

  • الفرق بين “الازدهار” و”الترفُّه”:

 يُعَلّم الكتاب المقدس أن حرمان الشخص من الشيء ليس هو الحلّ، فإن أردت مُعالجة الجشع والطمع ليس الحلّ أن تحرم الشخص من المال، فيسوع شخصيًّا كان غنيًّا لديه ما يمتلكه ليعول الاثني عشر تلميذًا بعائلاتهم وكان لديه صندوق خدمة يُسرَق منه، ولم يقُمْ في مرة من المرات باستعطاف الناس ليعطوه مالاً، ففي المرة التي احتاج فيها المال ولم يكن المسئول عن صندوق الخدمة مُتواجِدًا في هذا الموقف وطُلِبَ منه دفع الضريبة، قام بإحضار المال بطريقة معجزية، أيضًا كان يُدعِّم الفقراء، فلو كنت تعتقد أن وفرة المال أمرٌ سيءٌ إذًا لتدرس “عظات الازدهار.

 يوجد فرق بين الترفُّه والازدهار، فالمُرفَّهون أو “المأبونون” كما ذُكِرَتْ في (١ كورنثوس ٦: ٩) هم مَن لا يقولون للجسد لا ولا يأخذون قرارات ولا يقومون بمسئولياتهم، حيث تكلَّم عنهم الكتاب المقدس بالتعريف الآتي إن المُرفَهين اللذين يقولون نعم للجسد يهلكون وَهُم على الأرض (١ تيموثاوس ٦: ٩)، فَهُم أحياء ولكنهم في الحقيقة أموات في الوقت نفسه.

 إن تعمّقت في كلمة الله ستكتشف إنها حياة عسكرية وليست حياة مليئة بالتراخي، فهي تحتوي على أمور قد لا يُجرِّمها الناس مثل دوافع القلب ولكن نرى الكتاب المقدس يتكلَّم عن “إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ.” (متى ٥: ٢٨)، فالروح القدس يتكلَّم عن الحالة القلبية، فلا يوجد تنعُّم وترفُّه بمنطلق ترك الجسد، لكن يوجد تسديد الاحتياج بفيض ووفرة، ويظهر ذلك في سِفْر التكوين أن الرب أمدّ الإنسان بكل ما يحتاجه. تقول كلمة الله إن العالم يمضي وشهوته أما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد.

 معنى ذلك أن الثلاث نقاط (شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة) موجودون في العالم وليسوا من الله.

  • انتبه! لا تُخدَع من روح ضد المسيح:

“١ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالَمِ. ٢ بِهذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ، ٣ وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ. ٤ أَنْتُمْ مِنَ اللهِ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، وَقَدْ غَلَبْتُمُوهُمْ لأَنَّ الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَمِ. ٥ هُمْ مِنَ الْعَالَمِ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ يَتَكَلَّمُونَ مِنَ الْعَالَمِ، وَالْعَالَمُ يَسْمَعُ لَهُمْ. ٦ نَحْنُ مِنَ اللهِ. فَمَنْ يَعْرِفُ اللهَ يَسْمَعُ لَنَا، وَمَنْ لَيْسَ مِنَ اللهِ لاَ يَسْمَعُ لَنَا. مِنْ هذَا نَعْرِفُ رُوحَ الْحَقِّ وَرُوحَ الضَّلاَلِ.” (١ يوحنا ٤: ١-٦).

 يتكلَّم الكتاب المقدس في هذا الشاهد عن الذين يعظون أو يُعلِّقون على آية ما، وراء هذا روح، لذلك يقول الكتاب المقدس: “امتحنوا الأرواح” (١ يوحنا ٤: ١) أي إنه يجب أن تكون ذات حُكْم وذات رأي مبني على حق كتابي، فليس كل ما تسمعه من عظات أو فيديوهات هو كلمة الله، لابد أن تمتَّحن الروح الذي وراء العظة، هل هذا الكلام من الله؟

 لاحظ، روح ضد المسيح أو مَن يخضع له، قد يكون شخصًا أنت تعرفه ولكنك لا تعلم إنه خاضعٌ له. هو لا يُنكِر لاهوت المسيح فقط فهذه هي الصورة الظاهرة ولكن توجد صورة مَخفيّة هي أنه يتكلَّم عن أن يسوع هو ابن الله ولكن يعمل ضد حقيقة كلمة الله ويُزِّيفها.

 نعم روح ضد المسيح يُنكِر أن يسوع قد جاء في الجسد، ولكنه أيضًا له صور كثيرة مُختلِفة، فالصورة التي ذكرها يوحنا في هذا الشاهد ليس المقصود بها إنكار أن يسوع قد جاء في الجسد بل إنكار أن يكون الإنسان شريكًا الطبيعة الالهية، فلا يفرق مع إبليس مجيء يسوع في الجسد بل ما يؤمن به الناس، بالتالي إن قَبِلت ظهور الله في الجسد ستفهم أنّ الله فتح الباب ليصير الإنسان شريكًا في الطبيعة الالهية، فلو أُغلِق الباب بأن يسوع ليس هو الله ستكون النتيجة إلغاء شراكة الإنسان في الطبيعة الإلهية، إذًا الإنسان هو الهدف. قال الرسول يوحنا إننا خرجنا من الله (١ يوحنا ٥: ١) أي إنها تمَّتْ كما تمَّتْ في يسوع والآن يمكنك أن تحيا بها.

“بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ.” (١ يوحنا ٤: ٩).

 يستهدف روح ضد المسيح المُؤمِنين بالرب يسوع، من خلال إضعاف الطموح الذي أفتتحه الرب يسوع وهو أن يكون الإنسان شريكًا للطبيعة الإلهية، وذلك بأن يلغى أن الله قد جاء في الجسد، فهدفه هو أن يُبعد تفكير الإنسان حقيقة أنه صار شريك الطبيعة الإلهية كما ذُكر في (٢ بطرس ١: ٤).

“١٥ مَنِ اعْتَرَفَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ، فَاللهُ يَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِي اللهِ. ١٦ وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي ِللهِ فِينَا. اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ. ١٧ بِهذَا تَكَمَّلَتِ الْمَحَبَّةُ فِينَا: أَنْ يَكُونَ لَنَا ثِقَةٌ فِي يَوْمِ الدِّينِ، لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هذَا الْعَالَمِ، هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا. ١٨ لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ. ١٩ نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً.” (١ يوحنا ٤: ١٥-١٩).

 يتكلََّم الشاهد أعلاه عن علاقة الله بالإنسان؛ “فكَمَا هُوَ فِي هذَا الْعَالَمِ، هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا” أي كما هو الآن بعد الصليب وهزم الشيطان وجلس عن يمين الآب هكذا نحن الآن في هذا العالم، فهدف روح ضدّ المسيح هو عدم إطلاق الإنسان للقوة التي أُعِطيّت له، فلو عرف الإنسان ما هو عليه الآن وما صنعه الرب يسوع له سيحيا حياة انتصارية إلى النهاية وهذه هي خُطة الله.

“١٨ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. ١٩ مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا. ٢٠ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ وَتَعْلَمُونَ كُلَّ شَيْءٍ. ٢١ لَمْ أَكْتُبْ إِلَيْكُمْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ الْحَقَّ، بَلْ لأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَهُ، وَأَنَّ كُلَّ كَذِبٍ لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ. ٢٢ مَنْ هُوَ الْكَذَّابُ، إِلاَّ الَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ؟ هذَا هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ، الَّذِي يُنْكِرُ الآبَ وَالابْنَ. ٢٣ كُلُّ مَنْ يُنْكِرُ الابْنَ لَيْسَ لَهُ الآبُ أَيْضًا، وَمَنْ يَعْتَرِفُ بِالابْنِ فَلَهُ الآبُ أَيْضًا. ٢٤ أَمَّا أَنْتُمْ فَمَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ فَلْيَثْبُتْ إِذًا فِيكُمْ. إِنْ ثَبَتَ فِيكُمْ مَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ، فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَثْبُتُونَ فِي الابْنِ وَفِي الآبِ. ٢٥ وَهذَا هُوَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. ٢٦ كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ هذَا عَنِ الَّذِينَ يُضِلُّونَكُمْ. ٢٧ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَقٌّ وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ. ٢٨ وَالآنَ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، اثْبُتُوا فِيهِ، حَتَّى إِذَا أُظْهِرَ يَكُونُ لَنَا ثِقَةٌ، وَلاَ نَخْجَلُ مِنْهُ فِي مَجِيئِهِ. ٢٩ إِنْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ بَارٌّ هُوَ، فَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَنْ يَصْنَعُ الْبِرَّ مَوْلُودٌ مِنْهُ.” (١ يوحنا ٢: ١٨-٢٩).

 يُخاطِب هنا أُناسًا أخذوا تعليمًا وصاروا يعرّفون كيف يسمّعون لصوت الروح القدس، وهذا ليس معناه عدم الخضوع للتعليم كوظيفة كنسيّة تحت مُسمى الاعتماد على الروح القدس، لأنه يوجد توازن حيث إن الرب وَضَعَ المُعلِّمين في الكنيسة لكى يضعوا الطريق الرئيسي لطريقة التفكير الكتابية لأنه يوجد اعتقاد انتشر عند بعض المسيحيين أن الروح القدس إله حرية وغير مألوف فقد يطلب منك أشياء غير معروفة وغير مُتوقَّعة وذلك بسبب التعليم غير الدقيق عن الأنبياء في العهد القديم.

 كان يتوجَّب على النبي في العهد القديم حتى يقوم بعمل إلهي أن يفعل أمورًا غير مألوفة على جميع الناس ممّا اعتقد البعض أن الله قد يفعل ذلك الآن أيضًا، ومن هنا أَعْطَت الناس رخصة لنفسها باستبدال الكنيسة والوظائف التي بها بالمعرفة الذاتية تحت مُسمَى؛ بما أنهم لهم مسحة الروح القدس إذًا هم يستطيعون معرفة كل الأشياء، ولكن الحقيقة الكتابية هي أن الإنسان يجب أن يعرف الطُرق الرئيسية للمعرفة الكتابية الواضحة (كالمُعلِّمين)؛ لأن الروح القدس لا يتكلَّم مُستقِلاً عنها.

 يطعن روح ضد المسيح في القدرة التي صارت في الإنسان، فعلاقة الإنسان مع الله تَكمُن في أنه صارت له قدرة إلهية في داخله، معنى ذلك أن الهدف الذي يسعى إليه روح ضد المسيح هو أن يعمل على أفكارك ليُشَكِّك في القدرة الإلهية التي لديك في السيطرة على أفكارك وهو يُقلِّل من شأنك في نظر نفسك، حيث يهدف لأن تحيا حياة بشريّة عادية مُستسلِمة وهذا هو لفظ “مترفة أو مأبونون” حيث لا يأخذ الشخص قرارات ولا يقوم بدوره ولا يعتنى بحياته ولا ببيته ولا بصحته، فخداع إبليس هو العدو الحقيقي وليس الجسد.

  • مفهوم التجربة:

“١ يَعْقُوبُ، عَبْدُ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، يُهْدِي السَّلاَمَ إِلَى الاثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا الَّذِينَ فِي الشَّتَاتِ. ٢ اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، ٣ عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. ٤ وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ. ٥ وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ. ٦ وَلكِنْ لِيَطْلُبْ بِإِيمَانٍ غَيْرَ مُرْتَابٍ الْبَتَّةَ، لأَنَّ الْمُرْتَابَ يُشْبِهُ مَوْجًا مِنَ الْبَحْرِ تَخْبِطُهُ الرِّيحُ وَتَدْفَعُهُ. ٧ فَلاَ يَظُنَّ ذلِكَ الإِنْسَانُ أَنَّهُ يَنَالُ شَيْئًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ. ٨ رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ. ٩ وَلْيَفْتَخِرِ الأَخُ الْمُتَّضِعُ بِارْتِفَاعِهِ، ١٠ وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَبِاتِّضَاعِهِ، لأَنَّهُ كَزَهْرِ الْعُشْبِ يَزُولُ. ١١ لأَنَّ الشَّمْسَ أَشْرَقَتْ بِالْحَرِّ، فَيَبَّسَتِ الْعُشْبَ، فَسَقَطَ زَهْرُهُ وَفَنِيَ جَمَالُ مَنْظَرِهِ. هكَذَا يَذْبُلُ الْغَنِيُّ أَيْضًا فِي طُرُقِهِ. ١٢ طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» الَّذِي وَعَدَ بِهِ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ.” (يعقوب ١: ١-١٢).

 يأتي لفظ “تجربة” بأكثر من معنى، فقد يعنى تجريب الشيء أي معرفة هل ستقوم بالمهام المطلوبة منك أم لا، وقد يُعني إيقاع الشخص في الفخّ مثلما فعلوا الذين كانوا يجرّبون يسوع، أي ليوقعوه في الفَخّ (متى ١٦: ١) (متى ١٩: ٣) (مرقس ١٠: ٢) (يوحنا ٨: ٦)، فهي عدوانية تحتوي على خسائر وهذا ليس من الله، وقصة تقديم إسحاق كذبيحة ليست قصة مُتكرِّرة فهذه الحالة كانت عبارة عن عهد مع إبراهيم وحدثتْ مرة واحدة ولم يكتمل قتل إسحاق ولكن بالإيمان اُعتبِر إنه قُتِلَ.

“٣٩ وَكَانَ عِنْدَ نِهَايَةِ الشَّهْرَيْنِ أَنَّهَا رَجَعَتْ إِلَى أَبِيهَا، فَفَعَلَ بِهَا نَذْرَهُ الَّذِي نَذَرَ. وَهِيَ لَمْ تَعْرِفْ رَجُلاً. فَصَارَتْ عَادَةً فِي إِسْرَائِيلَ ٤٠ أَنَّ بَنَاتِ إِسْرَائِيلَ يَذْهَبْنَ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ لِيَنُحْنَ عَلَى بِنْتِ يَفْتَاحَ الْجِلْعَادِيِّ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فِي السَّنَةِ.” (القضاة ١١: ٣٩، ٤٠).

 تعني عبارة “لَمْ تَعْرِفْ رَجُلاً” أنها صارت “نذيرةً للرب”، فبالنسبة للحيوان يُقَدَّم كذبيحة وبالنسبة للإنسان يُخَصَّص ولا يُقَدَّم كذبيحة مهما كانت خلفية هذا الشخص حتى إن كان ابن زنى أو ما إلى ذلك، فالشريعة واضحة جدًا في منع تقديم ذبائح بشرية. يعتقد البعض أنه كان من السهل تنفيذ ما يأمر به الله في القديم، ففي الحقيقة كان هناك إجراءات وإن لم يتمّ تنفيذها بدقة فالنهاية ستكون مُؤسِفة! كما حدث ومات أُناسٌ بسبب تقديم نار غريبة أمام الرب، ففي المرة التي طلب فيها الرب يسوع بأن يذهب الأبرص الذي نال شفاءه ليُعرِض نفسه على الكاهن كان لسببٍ، فهذا الإجراء هدفه الإعلان عن شفاءه، وهذا يرجع للخلفية اليهودية.

 كثيرًا ما يحلّ الرجوع للخلفية اليهودية الكثير من المُعضِلات في الشواهد الكتابية. في الأعداد التي تسبق الشاهد السابق، نَذَرَ يفتاح الجلعادي نذرًا للرب بتقديم ما سيخرُج من باب بيته، حينها فُوِجئ بخروج ابنته، فقدمها، لكن ليس كذبيحة وأحرقها وإلا كان سيُرجَم بحسب الشريعة؛ لأنه قدم ذبيحة بشرية، بل خصَّصها. إجراء التخصيص في حدّ ذاته كان يُحتِّم عليه الذهاب للكاهن، فتنفيذ ما يقوله الله له إجراءات وليس بتلك السهولة كما اعتقد البعض.

 نستنتج من هذا أن التجربة التي فيها خسارة هي من إبليس وهى ليست لإظهار المعدن لكنها ليفقد الشخص شيئًا، فالكتاب يتكلَّم عن إنه “كَثِيرَةٌ هِيَ بَلاَيَا الصِّدِّيقِ، وَمِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيهِ الرَّبُّ” (المزامير ٣٤: ١٩)، كلمة بلايا تعني محاولات ضرب الصدِّيق (البار) وليس أنه سَيُبلَى، فإبليس يقوم بعرض بضائعة من خلال عمل مشكلة أو أزمة، تصديق تلك الأمور هو في حدّ ذاته قبول لهذه المشكلة وتصديق على استلامها، لكن عندما تقاومها ولا تؤمن أنها حقيقية بل تُنكرها فأنها تختفى لأنها لا تجدّ مكانًا فيك ولا أخذت غذائها من إيمانك فيها، فالمُجرِّب هنا هو إبليس كما ذُكِرَ أيضًا في (متى ٤).

 شهوة الجسد ليست مشكلة بل عندما تُعرَض عليك الأفكار وتُصَدِّق أنها أنت وإنك سقطت فيها فهنا تكمُن المشكلة، حيث يوجد فرقٌ بين أن تُعرَض عليك وبين أنك سقطت فيها، يتكلَّم الكتاب عن يسوع؛ “فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا” (العبرانيين ٢: ١٨)، إذًا يسوع مرَّتْ عليه التجربة ولكنه ولم يُؤخَذ فيها، معنى ذلك أن تُحارَب بتجربة ليس معناه أنك سقطت فيها وهذه هي الخدعة التي يسقط بسببها الكثيرون.

“١٣ لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا. ١٤ وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. ١٥ ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَالْخَطِيَّةُ إِذَا كَمَلَتْ تُنْتِجُ مَوْتًا. ١٦ لاَ تَضِلُّوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ.” (يعقوب ١: ١٣-١٦).

 التجربة المذكورة من عدد ١ حتى ١٢ هي الإيجابية التي تُظهِر المعدن الحقيقي للشيء أي الاضطهاد.

  • أما تلك المذكورة بدايةً من عدد ١٣ هي السلبيّة التي لها خسائر، والتي تأتي نتيجةً للسقوط في الشهوة وسأشرح معناها الآن.

 أتتّ كلمة “تجربة” في الأصلpeirasmosبمعنى إظهار الخامة والمعدن ووضع الشيء في امتحان وهذه هي الجيدة، أما السلبيّة هي فقدان الشيء، ويوجد معنى آخر وهو الخبرة أي تذوق الشيء فتقول أنا جربت هذا الشيء أي اجتّزته.

 يقول في الشاهد أعلاه إن الرب ليس مصدر التجربة بل إبليس؛ لذلك قال: “فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ.” (يعقوب ٤: ٧)، وهنا يُحَمِّل الإنسان مسئولية أن يقوم بدوره في قيادة جسده وبالتبعيّة حياته، فلو كنت تغضب في مواقف مُعيّنة عليك أن تُخرِج ما في روحك وليس جسدك، إذًا الحلّ في طريقة تفكيرك.

  • مفهوم الشهوة:

“١ مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ ٢ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. ٣ تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ. ٤ أَيُّهَا الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ِللهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا ِللهِ. ٥ أَمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلاً: الرُّوحُ الَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ (الغيرة والشوق للشخص)؟ ٦ وَلكِنَّهُ يُعْطِي نِعْمَةً أَعْظَمَ. لِذلِكَ يَقُولُ: «يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً». ٧ فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ. ٨ اِقْتَرِبُوا إِلَى اللهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ. نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِي الرَّأْيَيْنِ. ٩ اكْتَئِبُوا وَنُوحُوا وَابْكُوا. لِيَتَحَوَّلْ ضَحِكُكُمْ إِلَى نَوْحٍ، وَفَرَحُكُمْ إِلَى غَمٍّ. ١٠ اتَّضِعُوا قُدَّامَ الرَّبِّ فَيَرْفَعَكُمْ.” (يعقوب ٤: ١-١٠).

 ما يُحارِب في أعضائهم وأجسادهم هو عبارة عن إبليس يسعى إلى إشعال خواص جسم الإنسان وهذا هو معنى لفظ الشهوة، ففي الظاهر نرى إنه في الشاهد أعلاه يتكلَّم عن أن تلك الحرب داخلية ولكن نفهم من باقي السياق إنه كوننا نُقاوِم إبليس فسيهرب، إذًا الحرب في أعضاء أجسادنا فقط وليس في داخلنا فيسوع كان لديه رغبة مُلِحّة وقال: “شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ” (لوقا ٢٢: ١٥)، إذًا يسوع كان لديه هذه الخواص في جسده فبالتالي هي ليست مشكلة.

 تكمُن القصة في أن روح الإنسان قبل أن تُولَد من الله كانت خاضِعة للإشارات المُرسَلة من الذهن، فكان الشخص يخضع لما يطلبه جسده. يجب أن يُقاد الجسد كالعَربة التي يجب أن تسوقها كيلا تُصطدَم فليست كل الطُرق مُستقيمة حيث ستُقابل بعض المنحنيات في الطريق، لذا لا تنخدع في نفسك كون الأمور هادئة حولك، فقد تكون مُشتعِلاً روحيًا ولكن غير مُتحكِّم في جسدك، فإن كنت لا تتحكّم في جسدك ستتأذى وهنا لا تلوم الجسد فهو ليس العدو.

 نحن نمتلك ذات الجسد الذي كان لديهم قبل السقوط، فحواء اشتّهت به قبل أن تسقط، فهو ليس به طبيعة خطية داخل الإنسان، ولكن يوجد سِحْر شيطاني هو مَن أوقع بها، فالجسد في حدّ ذاته ليس العدو.

 نفهم مما سبق أن “الشهوة” هي رغبة مُلِحّة لفِعْل شيء (سلبي أو إيجابي)، فعلى سبيل المثال: إن كنت لا تشتهي الصلاة وتملّ منها سريعًا وتجدّ نفسك تشتهي أمورًا عالميّة بسهولة، فهذا بسبب أنّ جسدك لم يُمَرَّن على ذلك وليس لأنك فاسدٌ مِن الداخل، لكن بالطبع إن أكملت في هذا النهج من عدم التدريب ستهلك. التشخيص هو أن جسدك يحتاج لسيطرة.

 إن كان ليس لديك اشتهاء للصلاة ولكن لديك اشتهاءً للأشياء العالميّة فهذا يعنى أن جسدك غير مُمَرَّن ويحتاج إلى سيطرة، فهنا يوضِّح الرسول يعقوب أن الحرب التي تدور في أعضائكم ليست سببها الأعضاء نفسها ولكن عدم السيطرة عليها، فيجب أن تتدرّب على قول “لا” لجسدك، إن اعتدت على إخراج غضبك بسهولة ثم تعتذر بَعدها فأنت في الحقيقة لم تقُلْ لا لجسدك الذي اشتهى أن يُخرِج الغضب ففي هذه اللحظة تكون قد أحببت البشرية بمبادئها.

 يُحدثنا الكتاب عن أبطال الإيمان الذين “لَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ (psuchē بشريتهم) حَتَّى الْمَوْتِ.” (رؤيا ١٢: ١١) واختاروا أن يسلّكوا بألوهيتهم، فهؤلاء الذين غلبوا منذ أن بدأت الكنيسة وليس فقط مَن هم في أواخر الأيام، فجميع الأحداث التي تحدُث في العالم اليوم سواء سمعتها أو قرأتها في الأخبار أو من أي مصدر هي عبارة عن أمور مُرتبِطة بنبوات واضحة جدًا في تنفيذها.

 لابد أن تفهم إنها الساعة الأخيرة وبالنسبة لنا هي اللحظات الأخيرة، أيضًا الشيء الذي قد يستغرق حقبة من الزمن ليتمّ، لدى الرب يتمّ في وقت وجيز، أي الله خارج الزمن؛ “فهل تُولَد أمة في يوم” (إشعياء ٦٦: ٨)، فعندما قال لا يمضي هذا الجيل وتكون أورشليم مُداسة من الأمم إلى أن تنتهي فترة الأمم ثم يقول لا يمضي هذا الجيل ويكون هذا (متى ٢٤: ٣٤)، معنى ذلك أن الحقبة الزمنية تبدأ منذ ١٩٤٨ ميلادية، فنحن نتكلم هنا عن أواخر الأيام.

 ذُكِرَ في الكتاب المقدس لفظان مُختلِفان هما “الأهواء، والشهوات أو اللّذات”، فلفظ الأهواء هو الطبيعي الخاص بجسدك وهو أن يُحِب الشيء ويهواه بصورة تلقائية مثلما تشتّم رائحة طعام ويُعجِبك، بينما الشهوة مُحَفَّزة بأفكار وأنت المسئول عمّا يمرّ في ذهنك، فلذلك يقول:

“١ مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ ٢ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. ٣ تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ. ٤ أَيُّهَا الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ِللهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا ِللهِ.” (يعقوب ٤: ١-٤).

 شهوات الجسد هي عبارة عن رغبات يمكنك توجيهها. قد تسأل: لماذا لم يُرِحنا الله بعدم خلقه لهذا الجسد بدلًا من هذا العناء؟ لأنك حينها لن تستطيع التفاعُل في الأرض بدونه، فعندما تسلك بروحك ستُشبِه آدم قبل السقوط الذي لم يكن يدري إنه عريان، لأن عينيه مُنفتِحة على عالَم الروح أكثر من عالَم العيان.

 إن سلكت بالكلمة سترى الأمور بصورة روحية وتزداد إلى أن ترى جميع الأمور كذلك وستصير هذه طريقة تفكيرك وهذا يعود على مخزون الكلمة لديك وفهمك لها، وتأثير الروح القدس على حياتك، إذًا الحرب هي حرب خداع ويوجد حالة من الجذب بسبب قوة للجسد.

 لنتطرق لمثال سيخدم موضوعنا، السمك الحي فقط قادِرٌ على مقاومة التيار، فالميت سينجرف مع التيار. لكن يوجد نقطة عليك فَهمُها جيدًا ألّا وهي إنه إن كانت سرعة السمك أثناء سيره عكس التيار سرعة مُتوسِّطة فسيُستَهلَك، لذلك فحالة الميوعة الروحية هذه خطيرة بالأخص في الأيام هذه والقادمة أيضًا، فهناك مَن يُعانون بسبب تلك الحالة وهناك مَن اعتادوا عليها وللأسف هذا تدريب على الارتداد للهلاك بشكل تدريجي! أن تقود حياتك وتفكيرك هذا هو أَسمَى ما أراده الرب للإنسان أي يكون شريكًا للطبيعة الإلهية ويسود على حياته.

 “١٤ وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. ١٥ ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَالْخَطِيَّةُ إِذَا كَمَلَتْ تُنْتِجُ مَوْتًا.” (يعقوب ١: ١٤، ١٥).

 “الانجذاب والانخداع” يَستخدِم هنا لفظ يُستعمَل في صيد السمك بالطُعم، حيث جاءت في الأصل: “تصديقك لهذا الطُعْم يساوي أنك أخذته داخل فمك”، فالشهوة إذا حَبُلَت تلدّ خطية أي أكلت الطُعْم، وتذكَّرْ أن العيب ليس في الشهوة ولكن في طريقة تفكير الشخص.

 الخطية إذا كَمُلت تنتج موتًا أي أفعالٍ ستُؤدي لفساد زوايا مُعيّنة في حياتك. يعنى هذا أيضًا إنه يُمكِن إيقافها في أية مرحلة، مثلاً: إنْ وَصَلَ الشخص لمرحلة الغضب ففي هذه الحالة يُوجد رغبة مُلِحّة لمُضايقة شخص آخر أو تعديل مساره وإدانته تحت مُسمَى: “أنا أُحب أن تسير الأمور باستقامة!” فإن لم يتجاوب مع الفِكرة فلن يُنفذها.

 يتّضح لنا أن “الطُعْم” هو إبليس وليس الشهوة فالشخص ينجذب بالشهوة إلى الطُعْم وليس معنى ذلك أن الطُعْم بداخلك، فالخطية ليست في كيانك لأنك مولود من الله، فالشخص عندما يصل لمرحلة الغضب فهذا هو الخطأ وترك الأمر ليكتمل بأفعال وتصرُّفات فهذا هو الموت، فبذلك يكون تخطّى مرحلة التفكير إلى مرحلة الأفعال فبالتالي الإنتاج يكون عن طريق أن يضع إبليس السُمّ في أفكار الشخص.

“١٧ كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ. ١٨ شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ. ١٩ إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ (ليس في العام والشامل بل للكلمة)، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ، ٢٠ لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللهِ. ٢١ لِذلِكَ اطْرَحُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ وَكَثْرَةَ شَرّ، فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ. ٢٢ وَلكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ.” (يعقوب ١: ١٧-٢٢).

 جعلنا الرب في الدرجة الأولى من خلائقه فهذا ما تعنيه كلمة “بَاكُورَةً aparchē“، ويمكنك الرجوع لسلسلة كنسية أبكارللفَهم المُستفيض. يجب أن يكون الشخص واعيًا ويُدير جسده وفِكْره بروحه المولودة من الكلمة التي صارت مَغروسة فيك كونك وُلِدت منها بحسب الشاهد أعلاه.

 لذا فَما تحتويه داخلك هو طبيعة واحدة لا أكثر التي هي “البرّ” فالكتاب يقول: “هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.” (٢ كورنثوس ٥: ١٧)، ويمكنك الرجوع لمقالة البرللاستفاضة. إن لم تقُد نفسك وجسدك ستنخدع، والخداع هو أن تُصَدِّق أن هذه الأفكار نابعة منك ولم تُميّز أنها دخيلة عليك ومُلقَاة من الخارج فنتيجة ذلك تتعامل معها بمصداقية فتسقط فيها.

▪︎ اكْتشِفْ حقيقة مَن أنت واسلكْ بناءً على ذلك:

“٢٣ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعًا لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِرًا وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ، ٢٤ فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ. ٢٥ وَلكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ ­ نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ ­ وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ. ٢٦ إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِيكُمْ يَظُنُّ أَنَّهُ دَيِّنٌ (يعبد)، وَهُوَ لَيْسَ يُلْجِمُ لِسَانَهُ، بَلْ يَخْدَعُ قَلْبَهُ، فَدِيَانَةُ (عبادته) هذَا بَاطِلَةٌ. ٢٧ اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ.” (يعقوب ١: ٢٣-٢٧).

 نكتشف من الآيات السابقة إنه بمجرد اكتشاف الشخص لصورته الحقيقية -أي لم يعُد يُنتِج الخطأ- يصير قادرًا على التمييز والحُكْم على الأفكار ما إذا كانت منه أو مُلقاة عليه من الخارج، فَحلّ السقوط المُتكرِّر هو معرفة أن الأفكار السلبيّة ليست منك.

 عندما يسمع الشخص بأمور إيجابيّة من الكلمة ولا يعملها فذاك يشبه رجلًا نظر للروعة التي هو عليها ومضى وللوقت نسيَّ الصورة الإلهية التي هو عليها، بينما مَن “اطّلع parakuptōأي نَظَرَ بصورة مُتأمِّلة في الكلمة لفترة طويلة يصير ليس سامِعًا ناسيًا بل عاملًا بالكلمة ومُبارَكًا في عمله، فلكي تعيش مُبارَكًا في كل زوايا حياتك عليك أن تعطي تقديرًا للكلمة في تفكيرك.

“١ وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، ٢ الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ (aiōn النظام العالمي) هذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ، ٣ الَّذِينَ نَحْنُ أَيْضًا جَمِيعًا تَصَرَّفْنَا قَبْلاً بَيْنَهُمْ فِي شَهَوَاتِ جَسَدِنَا، عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وَالأَفْكَارِ، وَكُنَّا بِالطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ أَيْضًا، ٤ اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، ٥ وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ­ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ ­ ٦ وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٧ لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. ٨ لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. ٩ لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. ١٠ لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.” (أفسس ٢: ١-١٠).

 إبليس حقيقة وليس كِذبًا كما يعتقد البعض إنه مجرد فكرة وقصص أساطير، فالكتاب المقدس يتكلَّم عنه أنه روح شرير و يعمل الآن في أبناء المعصية -لكنه لا يعمل فينا- فلقد تصرَّفنا قبلًا بما يُمليه علينا جسدنا أي كُنَّا نعمل ما يُقال من جسدنا وأفكارنا، فكل إشارة كانت تأتي منهما كُنَّا نفعلها، فلم يَكُن يوجد أقوى من صوت الجسد حيث كنا أمواتًا روحيًا في هذا الوقت وطبيعتنا كانت ساقطة مثلنا مثل الناس العاديين، إذًا هي كانت عبارة عن أفكار تُملَى علينا فنُنّفذِّها، فأفكارنا كانت مليئة بمبادئ النظام العالمي وطبيعتنا لم تَكُن قادرة على الامتناع، أما الآن فأخذنا طبيعة مختلفة نقدر بها أن نُسيطر على الجسد.

 خَلَّصنا الرب يسوع من تلك العبودية وجعلنا قادرين على أن نتحكّم في أفكارنا ونُسيطر على السرحان وعلى رغباتنا إلى أن نصل لمرحلة نُسيطر فيها على كل ما يختص بدائرتنا الشخصية، ثم دائرة أُسرنا فالصلاحيات تزدّاد كلما أثبتّْ جدارتك في الدائرة التي تسبقها. بداية الأمر هو أن تقول “لا” لذلك يقول قاوموا إبليس فيهرب منكم (يعقوب ٤: ٧)، وكلمة “قاوموا” تعنى أنت مَن تقول “لا” وتقاومه وليس الرب هو مَن يقاومه عنك، فالنتيجة الحتميّة لمُقاومتك له هو أن يهرب! ولابد أن تستخدم لسانك في هذا الأمر.

“١ أَمْ تَجْهَلُونَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ­ لأَنِّي أُكَلِّمُ الْعَارِفِينَ بِالنَّامُوسِ ­ أَنَّ النَّامُوسَ يَسُودُ عَلَى الإِنْسَانِ مَا دَامَ حَيًّا؟ ٢ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي تَحْتَ رَجُل هِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ بِالرَّجُلِ الْحَيِّ. وَلكِنْ إِنْ مَاتَ الرَّجُلُ فَقَدْ تَحَرَّرَتْ مِنْ نَامُوسِ الرَّجُلِ. ٣ فَإِذًا مَا دَامَ الرَّجُلُ حَيًّا تُدْعَى زَانِيَةً إِنْ صَارَتْ لِرَجُل آخَرَ. وَلكِنْ إِنْ مَاتَ الرَّجُلُ فَهِيَ حُرَّةٌ مِنَ النَّامُوسِ، حَتَّى إِنَّهَا لَيْسَتْ زَانِيَةً إِنْ صَارَتْ لِرَجُل آخَرَ. ٤ إِذًا يَا إِخْوَتِي أَنْتُمْ أَيْضًا قَدْ مُتُّمْ لِلنَّامُوسِ بِجَسَدِ الْمَسِيحِ، لِكَيْ تَصِيرُوا لآخَرَ، لِلَّذِي قَدْ أُقِيمَ مِنَ الأَمْوَاتِ لِنُثْمِرَ ِللهِ. ٥ لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا، لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ. ٦ وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ تَحَرَّرْنَا مِنَ النَّامُوسِ، إِذْ مَاتَ الَّذِي كُنَّا مُمْسَكِينَ فِيهِ، حَتَّى نَعْبُدَ بِجِدَّةِ الرُّوحِ لاَ بِعِتْقِ الْحَرْفِ.” (رومية ٧: ١-٦).

 تَذكَّرْ (رومية ٧) لا يتكلَّم عنا نحن المُؤمِنون الآن بل على غير المؤمنين، كنا مثلهم قبلاً. كان الناموس كاشِفًا ومُستفِزًّا للخطية وهدفه تشخيصي فقط، فكان يثير الشهوة في الشيء كمبدأ “الممنوع مرغوب”، حيث أعطى في الشاهد أعلاه مِثالًا لزوجة كانت مُتزوِجة من شخصٍ وبعد وفاته صار يُمكنها الزواج بآخر، فالزوج القديم في المَثْل هو الناموس والزوج الجديد هو يسوع، لكن للدقة -وبحسب المَثْل المُعطَى- مات الزوج القديم (الناموس) والزوجة أيضًا، إذًا فالعهد القديم وطبيعتنا الساقطة انتهيّا، والآن نحيا بصورة مُختلِفة (بالطبيعة الإلهية).

“٥ لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ…”

 هذه الجملة ضخمة جدًا! يُعنَى بها؛ لَمَّا كُنا تحت سيطرة الجسد، فَهُنا الرسول بولس لم يكن ميتًا عندما كتب تلك الرسالة، حيث يقول: “٦…إِذْ مَاتَ الَّذِي كُنَّا مُمْسَكِينَ فِيهِ، حَتَّى نَعْبُدَ بِجِدَّةِ الرُّوحِ لاَ بِعِتْقِ الْحَرْفِ.” أي ننطلق في عبادة جديدة هي عبادة الروح، انطلاق الحياة من الداخل للخارج.

 عبادة الروح هي كلمة جديدة افتّتحها الرب يسوع، لم تَكُن موجودة في العهد القديم. سبق ووَضَّحَ الكتاب المقدس كيف كان مُؤمِنون العهد القديم يعبدون، حيث كانت تُقَدَّم الكفارة مرارًا وتكرارًا لتغطية الخطية وليس لِمَحوها، فكانت الذبيحة التي للبركة هي نفسها تُشعِر الشخص بالإدانة، أمّا يسوع فدخل مرة واحدة ولم يكن مُحتاجًا إلى عدة مرات وأعطى الإنسان روحًا جديدة تحتوي على طبيعة الله.

 بدأ بعد ذلك يشرح لأهل رومية الحالة الكئيبة لغير المَولودين من الله حتى لا يَتَهَوَّدوا -لأنه سبق وكُرِزَ لهم من يهود- مُوضِّحًا لهم أن الناموس قد انتهى فالمشكلة كانت في روح الإنسان التي كانت عندما ترى الشريعة تقول لا تقتل ولا تسرق كانت تُستَفَز بسبب ما تحويه من الطبيعة الشريرة، وليس معنى ذلك أنك في كل مرة تجد نفسك فيها غير قادر أن تتوقّف عن السحب في العالم فهذا لا يعني بالضرورة أنه لازالت الطبيعة الشريرة فيك، بل أنت مخدوعٌ.

“١ فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. ٢ وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.” (رومية ١٢: ١، ٢).

 يطلب منهم الآن -بعدما تحدَّث معهم عن ضخامة ما صنعه يسوع في الإصحاحات السابقة أن يُقدموا أجسادهم ذبيحة حية، ونلاحظ هنا قوله “حية” فالله لا يقبل ذبائح بشريّة، حيث توجد بعض المُعتقَدات تؤمن بإتلاف الجسد لإرضاء الله، تلك هي العبادة النافلة (الزائدة) التي ذكرها في (كولوسي ٢: ٢٣)، حيث إنها في الظاهر لها حكمة ولكنها غير مَقبولة لدى الله.

 “لتختبروا” هي نفس لفظ “تجربة” لكن هنا أتت بمعنى “لتذوقوا”، فكلمة تجربة ليس معناها في كل مرة شيءٌ سيءٌ، حيث يُمكنك أن تذوق إرادة الله لك عندما يتغيّر ذهنك (طريقة تفكيرك) فترى نفسك بطريقة صحيحة، وتتعامل مع ما يأتيك من أصوات بصورة صحيحة، وتعرف مَن أنت في المسيح والطبيعة الإلهية التي فيك الآن، فبكل بساطة عندما تأتيك الأفكار السيئة صَدِّقْ أنها ليست مِنك، ولكن يسبقها أن تُخزِّن المعرفة فتقدر أن ترى إرادة الله الصالحة والمُرضيّة الكاملة.

“١ لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ، ٢ حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً. ٣ فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ، ٤ لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ. ٥ لِذلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يُخْضَعَ لَهُ، لَيْسَ بِسَبَبِ الْغَضَبِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا بِسَبَبِ الضَّمِيرِ. ٦ فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هذَا تُوفُونَ الْجِزْيَةَ أَيْضًا، إِذْ هُمْ خُدَّامُ اللهِ مُواظِبُونَ عَلَى ذلِكَ بِعَيْنِهِ. ٧ فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ. ٨ لاَ تَكُونُوا مَدْيُونِينَ لأَحَدٍ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِأَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، لأَنَّ مَنْ أَحَبَّ غَيْرَهُ فَقَدْ أَكْمَلَ النَّامُوسَ. ٩ لأَنَّ «لاَ تَزْنِ، لاَ تَقْتُلْ، لاَ تَسْرِقْ، لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ، لاَ تَشْتَهِ»، وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً أُخْرَى، هِيَ مَجْمُوعَةٌ فِي هذِهِ الْكَلِمَةِ: «أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». ١٠ اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَصْنَعُ شَرًّا لِلْقَرِيبِ، فَالْمَحَبَّةُ هِيَ تَكْمِيلُ النَّامُوسِ. ١١ هذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ، أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا. ١٢ قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. ١٣ لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. ١٤ بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.” (رومية ١٣: ١-١٤).

 يُكمِل معهم هنا ويقول: “الوصايا التي كُرِزَت لكم من قِبَل اليهود صارت فينا الآن كوننا صرنا شركاء الطبيعة الإلهية”، فلا تحتاج الآن أن تلتفت للوصية لتحياها (كمطالبة) ولكن الآن أحياها من الداخل إلى الخارج (كطبيعة).

 يقول أيضًا: “فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ”، لابد أن تفهم إنها حرب لكن ليست في جسدك بل في ذهنك من خلال أفكار تُلقَى عليك لإعاقة علاقتك مع الله التي لن يستطيع إبليس إعاقتها فهي فُتِحَتْ ولن يعوقها شيءٌ، فَما يقوم به هو مُحاولة خداعك وأنت مَن عليك تصديقه أو لا.

 “وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ” أي لا تُمَوُّنوا الجسد عبر تفكيركم فتُعطوا للشهوات طاقة، طريقة إصلاح النظام الذي يُعطَّل مرارًا وتكرارًا بداية من انسداد النِفْس تجاه العلاقة مع الله إلى حالة العصبية واتّخاذ قرارات غريبة إلى الأكل كثيرًا والنوم أكثر من الطبيعي إلى عدم التواصل مع الناس ثم تعود بعد خمسة أيام تعتذر إلى تكرار السقوط في الشهوة أو في الجنس إلى اعتقادك أن ذلك كله أساسي في شخصيتك، والسؤال هنا ما السبب وراء كل ذلك؟

“قبل أن تُسيطِر على حياتك وظروفك يجب أن تُسيطر على جسدك، فالكتاب المقدس يتكلَّم أن الشخص المُسيطِر على جسده خير من مالِك مدينة.” (الأمثال ١٦: ٣٢).

“١٢ لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ (العظام والنخاع)، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. ١٣ وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا.” (العبرانيين ٤: ١٢، ١٣).

 كلمة الله تقطع -ليس لترمي- لتكشف الشيء الداخلي، فهي الوحيدة القادِرة أن تكشف حقيقتك فهي تَعْرِفك أكثر من ذهنك! لاحظ أمرًا هامًا جدًا، الشاهد السابق مُرتبِط ارتباط وثيق بشاهد آخر في الإصحاح التالي، حيث يقول: “وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.” (العبرانيين ٥: ١٤).

 وجدنّا الآن كيفية تحقيق هذه الآية فالسِرّ في كلمة الله، مِن خلال الكلمة يُمكنك أن تُميِّز حقيقتك.

 “المخاخ والمفاصل” للدقة هي العظم والنخاع، فالنخاع هو الذي يُعطِي العظام النمو والغذاء، فالمُغذِي للنَفْس هي الروح الإنسانية فبدلًا من أنها تُملَى عليك ما تفعله، يجب أن تُملِي أنت عليها وتكتشف الروعة التي بداخلك من خلال الكلمة.

 عندما تقول كلمة الله إن لديك ثمر الروح المحبة وأنت تشعر بكراهية نحو شخص، إذًا الحقيقة هي ما تقوله الكلمة عنك وليس ما تشعر به، فالكلمة كشفت لك عن طريق هذا السيف ذو الحدين، لديك القدرة على محبة هذا الشخص رغم أن ذهنك يعتقد أنك تكرهه، فاسلكْ بالحقيقة التي تقولها الكلمة وليس بالتي يقولها ذهنك، فَترى نفسك انطلقت بسهولة ولا تقبل أي تشكيكات، ويتكلَّم أيضًا إنها مُميِّزة أفكار القلب ونيّاته وهنا لا يتكلَّم عن النوايا السيئة بل عن كونها تكشف عن الروعة التي بداخلك.

 أتى لفظ “أمرنا” المذكور في (عبرانيين ٤) في الأصل اليوناني logosبمعنى “الكلمة” أو قد تأتي بمعنى “سِجلّ بيانات”. logos”كمُشتَق، فهو يقول من معه الكلمة التي تخصّنا في كل أمور حياتنا، عندما تُصلى بألسنة أنت تُخرِج هذا، إذًا لدينا هدفٌ، لدينا طريقة الكتاب المقدس، يتكلَّم عنها أن تُخرِج روحك الإنسانية للخارج عبْر الكلمة والصلاة بألسنة وعبْر الكلمات المنطوقة.

“٤١ فَكَانَ الْيَهُودُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَيْهِ لأَنَّهُ قَالَ: «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ». ٤٢ وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هذَا هُوَ يَسُوعَ بْنَ يُوسُفَ، الَّذِي نَحْنُ عَارِفُونَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ؟ فَكَيْفَ يَقُولُ هذَا: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ؟» ٤٣ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَتَذَمَّرُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ. ٤٤ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ.” (يوحنا ٦: ٤١-٤٤).

 يوجد قوة جذب من الروح القدس ولكن لأنه يحترم إرادة البشر لا يقتحمك، فلا تظهر هذه القوة إلّا عندما تضع نفسك تحت تأثير الكلمة، فلو قلت إنك ليس لديك الرغبة للكلمة فأنت مخدوعٌ وليس لأن تلك حقيقتك.

 عندما تجلس أمام الكلمة، هل تأكلها بطريقة صحيحة أم لا؟ حيث يواجه البعض مشكلة من أين يبدءون في الكتاب المقدس وكيف يستخرّجوا الكلمة التي تنفعهم (٢ تيموثاوس ٣: ١٦)، لو كنت لا تعرف كيف تُحَضّر الكلمة مثل الطعام إذًا هناك مشكلة لديك. لابد أن تعرف وتفهم الكلمة عبر تعليم كتابي أي من قِبَل مُعلِّمين.

 كلمة الله ليست كالكتب الدراسية التي بها الدروس بالترتيب، لكنها أشمل من ذلك فهي تحوي الكثير من المواضيع منها الموجود في مكان واحد ومنها مَن يحتاج للتكملة من أكثر من موضع، فجذر مشكلة المللّ من الكتاب المقدس هو العجز عن الاستفادة منها، واليوم الذي تُقرِّر فيه دراستها تُخدَع بخدعة أخرى ألّا وهي مشاعر المللّ، وعلاج الخدعة الثانية هو السلوك بالإيمان مُتجاهِلًا تلك المشاعر وأنت مُستنِدٌ على ما قاله الرب يسوع: “مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ»” (يوحنا ٧: ٣٨).

 يكمُن السِرّ في الطريقة التي تؤمن بها عن نفسك، إن فهمت مَن هو يسوع ستُدرِك مَن أنت؛ “لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هذَا الْعَالَمِ، هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا.” (١ يوحنا ٤: ١٧)، وقتها ستكتشف أن الكلمة لا تقول عنك إنك غضوبٌ بل لديك قوة للتحكُّم في نفسك تمامًا كما هو، وعندما تؤمن بذلك تبدأ في إخراج هذه القوة وجذب الروح القدس ليبدأ بالعمل، لهذا قال لهم الرب يسوع: “لماذا أنتم مُتضايقون؟!”

 لم يتأثّر الرب يسوع عندما تُرِكَ من الناس (يوحنا ٦: ٦٦، ٦٧)، ولا بما كان يُقال عنه؛ لأنه لم يكن يسعى لإرضاء الناس ويعلم ما يفعله، كانت توجد شهادة بداخله من الروح القدس مطابقة للكلمة، فبالتالي إن فهمت حقيقتك من الكلمة ستكتشف أنك انسحبت بقوة الروح القدس وأنك غير قادِر على ترك الكتاب المقدس. إن لم تصل إليها (الجوع للكلمة) ابدأ على الأقل صلِّ بألسنة وارجعْ لِمَن يرعاك روحيًا ليُحدِّد لك ماذا تقرأ وماذا تسمع.

 من الهام أن تدرس الكتاب المقدس في صورة مواضيع؛ لذلك كان أي شخص يقبل يسوع ينضم للتلاميذ في سِفْر أعمال الرسل، لذا خُذْ وقتًا أمام الكلمة ومع الرب في الصلاة بألسنة مُخرِجًا قوة الروح القدس التي بداخلك، فإن كنت لازلت تعتمد على الاستمتاع بالترانيم والتسبيح فقط، فهذا يعني أنك تحتاج لتجديد ذهنك، أنت في احتياج لكلٍ من الكلمة وعلاقتك مع الروح القدس (العبادة والتسبيح) كالرجلين اللتين لا يمكن الاكتفاء بأحدهما فقط.

 نرى “موسى وداود” في أكثر من موضع مُنبهِرين بالكلمة جدًا -وليس بشكل الورق- لأنهما اكتشفا مدى علو حكمة وتفكير هذا الإله عن كل البشر!!

_______

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations is forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$