القائمة إغلاق

The Calling of God – Part 1 دعوة الله – الجزء

 

دعوة الله – الجزء 1

معنى الدعوة

يأتي الخوف بسبب عدم المعرفة

 شواهد تصف دعوة الله

 مواصفات الدعوة العامة

الفرق بين الدعوة والفرز

ما هي الدعوة العامة؟

كل إنسان مدعو دعوتان

كيف تسلك بالبر؟

 

 

  • ما معنى الدعوة

نجد لفظ دعوة في الأصل اليوناني، أوسع مما قد يبدو لنا، ففي اللغة العربية يمكنه أن يعني؛ “أنا أقدم لك دعوة لمناسبة معينة” وهذا من أحد المعاني الصحيحة. دعوة في اللغة اليونانية؛ أي “تسمية”، أي يدعوه بالاسم، بمعنى أن يعطيه عنوانًا ووظيفة. هي وضعية أو مُسمّى أو عنوان، كما نقول، “سنفتتح قسمًا جديداً بالعمل”.

 السبب الأول الذي يجعل المؤمنين مستعبدين للعالم وللخطايا هو عدم معرفتهم إلى أين يذهبون ومن أين يأتون، أي ما هي دعوتهم، ولا يعرفون لماذا هم هنا على الأرض، وإذا لم يجاب على هذا السؤال، ستتولد حربًا بذهن هذا الشخص تميل إلى الإلحاد.

يتساءل البعض: “ما فائدة الإنسان على الأرض؟ هل عمل الرب الإنسان وبعدها فسد الأمر وخرب؟” لا، دعا الرب الإنسان لشيء. لو عرف الشخص دعوته، وما هي نظرة الله للإنسان، في تلك اللحظة سينتبه للدعوة ويذهب لها. لماذا المؤمنون تائهون؟ لأنه لم يشرح لهم أحد لماذا يوجد الإنسان على الأرض، ما هي دعوته، ما الهدف الإلهي له، ولماذا وُلِد من الله؟

 يعتقد الكثير من المسيحيين إنه بسبب كثرة خطايا الناس؛ كان يجب على الرب التصرف لينقذهم من الخطية، وكأن الرب جاء من أجل الخطية، لا! هو لم يأتِ من أجل الخطية. إن فهمت دعوتك فهذا سيخلق هيبة وتقديراً لحياتك على الأرض، وسيجعل وقتك مليئًا ولن تضيعه في القنوات التليفزيونية، أو الموضوعات، أو الفيسبوك وغيره…

يلجأ الشخص لهذه الأشياء لأنه لا يفهم كلمة دعوة ولا يدرك من هو، ولماذا أتى به الرب على الأرض؟ حتى إن قيل لك إنك أتيت عن طريق الخطأ، فهذا الموضوع سيُفهِمك ما معنى أن الإنسان له كيان وقيمة على الأرض. ضع هذا القانون بذهنك؛ “إن لم تفهم كيف يراك الله، لن تعرف أن تسلك تجاه الناس بشكل صحيح.

 

“… كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. (يوحنا ١٥: ٩)، لم يقل يسوع “كما أحبكم الآب أنا أحبكم” بل قال “كما أحبني أنا الآب كذلك أنا أحبكم”، إن لم تفهم ذلك -وهذا قانون- أن يسوع عاش على الأرض انعكاس محبة الله له، فأحب الناس بها. إن لم تفهم محبة الله لك، سيكون من المستحيل أن تحب الآخرين لأنك لم تُلمَس بهذا الحب، فتجد إنك تصارع وتتعب لكي تحب الآخرين بتصنّع، وتحاول فعل ذلك باجتهاد، لكن عند اكتشافك للحب الإلهي ستعرف أن تحب الآخرين بذلك الحب وهذا من خلال اكتشافك للدعوة.

  • يأتي الخوف بسبب عدم المعرفة

إن لم تفهم لماذا يوجد الإنسان هنا؟ سيحدث بداخلك خوف يأتي من عدم المعرفة، أو مِن تصديق إبليس بسبب عدم الفهم، لأن الخوف هو إيمان لكن بشيء سلبي، فأنت ستمارس إيمانك وأنت خائف. دعنا نفهم نقطة هامة جدًا في كولوسي ١، بولس يصلي بهذا الأمر لأنك بدون أن تفهمه ستحتار في المواقف؛ “ما الذي يحدث لي؟، ما الأمر؟، ربما أكون مخطئًا في أمر ما، ربما لا أعرف هذا الشيء.. وهكذا تفتح بابًا لإبليس.

 ‏مِنْ أَجْلِ ذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا، مُنْذُ يَوْمَ سَمِعْنَا، لَمْ نَزَلْ مُصَلِّينَ وَطَالِبِينَ لأَجْلِكُمْ أَنْ تَمْتَلِئُوا مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ (كولوسي ١: ٩)

 “مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ” المعرفة(epignosis) أي المعرفة الواضحة العميقة الدقيقة الكاملة لمشيئته.

 يبدأ الخوف بالتسرب لقلب الإنسان إن لم يكن فاهمًا لفكر الله في الحياة والظروف، هذا لأن الروحي يحكم (هو لا ينتقد الناس) “وَأَمَّا الرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ لاَ يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ”(١كو ٢: ١٥)، هو يعرف أن يصدر الحكم من جهة الأمور لأن الحياة بدأت تُفهَم من خلال الكلمة، فتُرى الأمور بشكل صحيح. عندما يفعل الشخص هذا يختفي الخوف ويُمحى من حياته لأنه فهم من أين يأتي وإلى أين يذهب.

انتبه لهذا: يأتي الخوف من عدم المعرفة، فيبدأ الشخص بممارسة إيمانه ضد أمر مُستعبد له أو حيرة أو قلق أو أرق أو اكتئاب، لكنه لا يعرف أن ما وراء هذا هو خوف. “خَشْيَةُ الإِنْسَانِ تَضَعُ شَرَكًا، ….” (الأمثال ٢٩: ٢٥) يجعلك الخوف تصنع فخًا وخدعة لنفسك.

“شَرَكًا” أو فخًا، هذا اللفظ يعني شيء لا تعلم أين هو، ولا تعرفهُ، فتقع فيه، أي إنك تصنع حفرة لا تعلم أين هي فتقع فيها. من هنا تأتي الحيرة وعدم فهم ما يحدث. يكمن حل هذا كله في أمر واحد فقط، أن تمتلئ من معرفة مشيئة الله وفكره، هذا ما صلى له بولس في البداية.

“تَمْتَلِئُوا”: أي تعرفوا لماذا حدث هذا، وتترابط الأمور. الخوف هو روح شرير، وليس العلاج أن تنتهره، لكن أن تعرف مشيئة الله. يسبب الخوف الفوضى والحيرة المتتالية، ويجعل الشخص لا يفهم ماذا يحدث، لذلك احذر، إن كنت غير فاهم لكلمة الله في ذلك الأمر، اركض لتدرس الكلمة، اجلس مع من يتابعك روحيًا لتعرف ماذا يحدث.

“فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ” يوجد من يعرف الكلمة لكن ليس بكل حكمة وفهم روحي، غير مستنير. من الهام أن تفهم الكلمة بإعلان من الروح القدس، هو وحده من سيعطيك ذلك. عدم المعرفة بالدعوة وما وضعك وحالتك ومن أنت في الأرض يجعلك تعيش في عبودية، ومعرفة ذلك سيجعلك تعرف أن تُقيّم الإنسان.

“١٤ فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، ١٥ وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الَّذِينَ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ.” (العبرانيين ٢: ١٤، ١٥)

عندما يخاف الإنسان على كرامته أو يخاف على شخص عزيز ويصلي له ليطول عمره، سيجد نفسه مشبوكًا بخطية وعدم معرفة، وقد صنع لنفسه فخًا دون أن يدري. لا تفكر أن الخوف طبيعي أو غريزي أو احترازي بداخل الإنسان، لأن الكتاب يقول إن الله لم يعطنا روح الخوف. “لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ” (2تيموثاوس1: 7)

عندما أتى الرب يسوع، هو أباد الموت. يوجد فرق بين انتصر وأباد. لهذا يجب عليك اليوم أن تحيا الحرية التي لك في المسيح دون خوف من أن تُطرد من العمل، أو ألّا يكون لديك عمل، أو الخوف على مستقبلك وأفراد عائلتك أن يموتوا، أو الفشل أو غير ذلك. الخوف = ليس لديك معرفة، والعلاج أن تعرف.

تعني كلمة دعوة أي تسمية، أي أنت صرت هذا الاسم؛ ففي العهد القديم، الاسم معناه الهوية. “…لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي.” (المزامير ٩١: ١٤) أي عرف شخصيتي، لهذا يتكلم الكتاب عن تغيير الأسماء. احترم الرب شاول عندما غير اسمه لبولس؛ أي شخص صغير الجسد وليس المقام، لأنه نحيف الجسم، فسماه الروح القدس بالاسم الذي اختاره. يتعامل الروح القدس معك برجولة وجدية.

  • شواهد تصف دعوة الله

“١٢ لَيْسَ أَنِّي قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلاً، وَلكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرِكُ (أستوعب، وأفهم، واستعمل) الَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِي (وصل إليَّ) أَيْضًا الْمَسِيحُ يَسُوعُ. ١٣ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ، ١٤ أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ (جائزة) دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (فيلبي ٣: ١٢-١٤)

“دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا” الدعوة أي هويتك، أنت دُعيت دعوة عُليا، إن فهمت ذلك وسلكت به؛ ستختلف حياتك وتكتشف إنك شخص فاهم وتعيش بغرض.

يخبرنا بولس الرسول هنا عن السلوك بغرض “…أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ” أي يتحرك تجاه هذا الهدف، ويُريد إصابته. إن سرت بهذا الغرض ستجد إن حياتك بدأت تمتلئ بأمور رائعة، وستكتشف إن الأمور التي كنت تنظر لها إنها مهمة تبدأ بالوقوع، وتجد إنك من الصعب أن تُستعبد لشيء؛ استعبادك لرأي الناس أو لخطية أو لذاتك، لأن الخطية هي أن الشخص يتمحور حول نفسه، يُخبئ ما هو فيه، يحاول أن يُظهر إنه جيد، هو يظن إنه يخدع الناس لكنه لا يعلم إنه يسلك في خوف وإنه إن عبر اليوم أو الغد لن يعبر الأمر بعد ذلك.

اعلم إن حياتك روحية، لا يوجد شيء تفعله على الأرض مستقل عن الكلمة، كل شيء مرتبط بها “…كُلُّ شَيْءٍ بِهِ (أي بالكلمة) كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ.” (يوحنا ١: ٣). إن كنت تريد التعامل مع أي شيء في الأرض ارجع للكلمة؛ لأنها التي تغير أي شيء، لهذا السبب إن استقللت عن الكلمة حتى إن كنت مستقرًا ظاهريًا، بعد ذلك لن تكون مستقرًا.

تتكلم الكلمة عن: من أنت في المسيح، هذا أول أمر تحتاج لمعرفته، أنت لست إنسانًا عاديًا. كمولود من الله، يحاول إبليس دائمًا أن يوهمك إنك عادي، وكلما تدرس الكلمة وتصلي بالروح كلما يحارب إبليس في تلك الزاوية قائلًا: “أنت لا تفعل أمرًا جديدًا”، فيقلل من شأن ما تفعله لكي يعمي المؤمن عن حقيقة إنه ليس عاديًا.

 ٨ فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ، ٩ الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، ١٠ وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ. ١١ الَّذِي جُعِلْتُ أَنَا لَهُ كَارِزًا وَرَسُولاً وَمُعَلِّمًا لِلأُمَمِ.” (٢ تيموثاوس ١: ٨-١١)

“بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ” أي أفعلها بقوة الله.

  • مواصفات الدعوة العامة

١-دعوة؛

هو جعلك على هذه الهيئة والهوية لقصد إلهي

“٩ الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، ١٠ وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ. ١١ الَّذِي جُعِلْتُ أَنَا لَهُ كَارِزًا وَرَسُولاً وَمُعَلِّمًا لِلأُمَمِ. ١٢ لِهذَا السَّبَبِ أَحْتَمِلُ هذِهِ الأُمُورَ أَيْضًا. لكِنَّنِي لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ.” (٢ تيموثاوس ١: ٩-١٢)

“بِمُقْتَضَى” تعني بحسب أو بسبب القصد الإلهي والنعم الإلهية التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية، فإذا كان الشخص يرى نفسه طوال الوقت بهوية أقل من التي جعله الله عليها، وكلمة الله في نظره عبارة عن شيء نظري، فيجب عليه أن يفهم الدعوة التي دعي إليها؛ فهي دعوة عليا.

٢- مقدسة؛

كلمة قداسة ليست عكسها النجاسة، بل هي تعني في الأصل شيء مفرز ومستبعد لكي يظهر الفرق، تشرحها بعض المراجع إنها واجهة لمحل بيع، فتوضع أفضل قطعه في المحل فيها، في حين إنه ترك كل القطع داخل المحل أما هذه القطعة فهي خارجه وصارت مختلفة وفي عزلة عن باقي القطع التي بالداخل. مقدسة؛ أي متفردة مختلفة.

قصد دعوة الله للإنسان أن يكون على صورته شبهه، دعوة معناها تسميع أو توظيف، أنت وُظِفت في مكان عالي جدًا، لأجل ذلك لابد أن تعيش هذا العلو. عُليا: أي منفردة، لذلك متوقع منك أن تعيش بهذا المنطلق.

لأَنَّهُ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ»؟ وَأَيْضًا: «أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا»؟” (العبرانيين ٥:١)

“ثُمَّ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ»؟”(العبرانيين ١٣:١)

 الرب لم يسعَ لكي يخلص الشيطان (كان ملاكًا خادمًا) فهو لم يفتدِ الملائكة، ولم تكن في خطته أن يخلص الشيطان ويجعله من النسل الإلهي.

٣-سماوية؛

“مِنْ ثَمَّ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْقِدِّيسُونَ، شُرَكَاءُ الدَّعْوَةِ السَّمَاوِيَّةِ، لاَحِظُوا رَسُولَ اعْتِرَافِنَا وَرَئِيسَ كَهَنَتِهِ الْمَسِيحَ يَسُوع” (عبرانيين3: 1)

 أنت دعيت دعوة سماوية؛ معناها أنت من نوعية إلهية، أصبح الإنسان شريكًا للطبيعة الإلهية، ما أقيم وما أرهب هذا الحق الكتابي! لابد أن تتهلل به وتتفاعل معه حينما تدركه. دعوة سماوية أي لها علاقة بالشغل السماوي فهذا شيء سيادي وذلك هو الحق الكتابي الذي يخصك، أنت صرت تابعًا لهذه الشريحة.

 “٣ كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، ٤ اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ.” (٢ بطرس ١: ٣، ٤).

“دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ” تعني الدعوة إلى المجد والفضيلة.

“الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ” هما شيئان مهمان لأنه توجد وعود ليست عظيمة وليست ثمينة؛ فوعد الله لنوح إنه لن يعود يهلك الأرض، هذه ليست مواعيد عظمى لأنه كان يحمل أمرًا قضائيًا، أما كوننا صرنا شركاء الطبيعة الإلهية؛ هذه هي المواعيد العظمى والثمينة. موعد تعني أن الشخص يعد بشيء.

هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ.” هاربين يختلف عن لفظ اختطاف الذي يعنيExit يخرج منه، أما هاربين فتعني غير متأثرين وأنتم موجودين في هذا المكان، أي لا يسري عليك ما يحدث في الأرض.

“٥ وَلِهذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، ٦ وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى، ٧ وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً. ٨ لأَنَّ هذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (٢ بطرس ١: ٥-٨).

لِذلِكَ بِالأَكْثَرِ اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذلِكَ، لَنْ تَزِلُّوا أَبَدًا” (٢ بطرس ١: ١٠). لديك الإمكانية لجعل هذه الدعوة ثابتة أو ترخي يدك عنها. من جهة الرب يسوع فهو مضمون، لكن أنت لك دور تجاهه وتستطيع أن تثبته أو أن تضيعه.

  • الفرق بين الدعوة والفرز

 يوجد فرق ما بين الدعوة والفرز؛ أنت دعيت إلى المجد والفضيلة وصرت شريك الطبيعة الإلهية. كل مؤمن مدعو دعوتين والكثير من الناس يخلطون ما بينهما؛ فالأولى دعوة عليا سماوية متفردة، لكن الثانية ليست لكل الأشخاص، يخبرنا الكتاب: “٧ وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ. ١١ وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ” (أفسس ٤: ٧، ١١) هذه هي وظائف الخدمة الخمس.

الله يوجه الدعوة العليا إلى المجد والفضيلة إلى الكل، لكن توجد أمور ليست لكل الناس وهي؛ الرسول، النبي، المعلم، هذه هي الدعوة الخاصة، لذلك لابد للشخص أن يكتشفها، وهي تختلف من شخص لآخر.

“١ فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ: أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا. ٢ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ. ٣ مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. ٤ جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضًا فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ.” (أفسس ٤: ١-٤)

يخاطب الرسول بولس هنا كل أهل أفسس بهذه الدعوة. يعني لفظ “طول أناة” إنه لابد أن يكون لديك صبر، يقول الكتاب إنك لابد أن تجتهد في هذا الأمر؛ أن تحافظ على وحدانية الروح برباط السلام، ولا تسمح بأفكار ترخي عزمك تجاه الناس وتجاه أخوتك، بل تعامل مع هذه الأفكار بعنف واجتهد ضدها.

أبسط شيء يقوله الشخص السطحي أو من هو مبتدئ حديثا في دراسة الكلمة: “أنا لست متفقًا معك، أو لا أريد أن أكمل..” لأنه غير متدرب أن يخضع تحت قانون يدربه ويعلمه، هكذا تجد كثير من المؤمنين يجولون في الكنائس والخدمات لأنهم لا يعرفون الخضوع، مثل طالب لا يريد الاستكمال مع مدرس، فيتركه ويغيره كثيرًا ويظل في حيرة. من أكثر وأخطر الأشياء أن يحضر شخص خدمات مسيحية كثيرة ويقول: “سوف آخذ الحلو من كل مكان”، هو بذلك يمتلئ معرفه لكنه لن يأخذ شيئًا، فهو يحتاج أن يُتلمَذ.

“٣ مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. ٤ جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضًا فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ. ٥ رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، ٦ إِلهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ. ٧ وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ. ١١ وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، ١٢ لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ، ١٣ إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ.” (أفسس ٤: ٣-٧، ١١-١٣)

“رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ” تعني هدف أو مكان وصول، فكلنا دعينا الى مكان وصول واحد. إذًا مواصفات الدعوة العامة؛ إنها دعوة عليا، مقدسة، سماوية.

  • ما هي الدعوة العامة؟

أن يعرف كل شخص من هو في المسيح لكي يستخدمه الرب، من المستحيل أن تُستخدَم كنبي أو معلم أو رسول إن لم تعبر على أول شيء، مثل طفل في السادسة من عمره، هل يُعقل أن يدير شركة والده؟ بالطبع لن يستأمنه والده وهو في هذا السن أن يدير مشاريعه لأنه بذلك سوف يدمرها، فهو في البداية لابد أن يعرف من هو أبيه ويتعلم منه ويبدأ في فهم كيف يعمل في هذه الجزئية ويتدرب عليها، وبعد ذلك يستطيع أن يمسك هذه المهمة الخاصة.

تجد المؤمنين تائهين في هذه الجزئية ويخلطون ما بين ميراثهم في المسيح الذي هو عام للكل، وما بين الدعوة الخاصة، فيقول المؤمن: قد لا تكون مشيئة الله لي أن أكون شخصًا متفوقًا.. قد يكون الرب يريدني أن أكون منكسرًا، لأن الكتاب يقول: “أَبْعِدْ عَنِّي الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ. لاَ تُعْطِنِي فَقْرًا وَلاَ غِنًى. أَطْعِمْنِي خُبْزَ فَرِيضَتِي” (أمثال ٣٠: ٨)، أي لا تعطِني الغنى لئلا أكون متمردًا، ولا تعطني الفقر لئلا أتضايق منك.

تجد أحيانًا الشخص غير عالم إن كان مدعوًا أم لا، ويبدأ في الخلط ما بين الدعوة العامة والخاصة. الدعوة العامة هي ميراثك في المسيح وأن تحيا بانتصار هنا على الأرض، هذه هي الدعوة العليا السماوية الموحدة للكل، أما الدعوة الخاصة فهي ليست لكل الأشخاص، فقد يكون على يديك سيحدث اكتشاف علمي كبير، وليس شرطًا أن تكون دعوتك بداخل الخدمة، لكنها قد تكون أن تصنع تغييرًا في مكان العمل، وبداخله ستربح النفوس.

 إن لم تفهم هذا الكلام ستجد نفسك بنصف قلب في عملك، فلا تكون منتجًا، بل تريد أن تترك العمل وتدخل آخر جديد ربما يكون فيه بريق وفرح في البداية ولكن هذا البريق يبهت مع الوقت، وتريد أن تترك العمل مرة أخرى، كل هذا بسبب إنك لست فاهمًا الهدف من العمل، لكن ليس من المفترض أن تكون هذه حياتك.

 “١٥ لِذلِكَ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ سَمِعْتُ بِإِيمَانِكُمْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَمَحَبَّتِكُمْ نَحْوَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، ١٦ لاَ أَزَالُ شَاكِرًا لأَجْلِكُمْ، ذَاكِرًا إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، ١٧ كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، ١٨ مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ” (أفسس ١: ١٥-١٨).

“رَجَاءُ دَعْوَتِهِ” أي مكان وصول. ما هو الشيء الذي كان يرجوه لك الرب حينما دعاك أن تدخل في علاقة معه؟ أن تكون شريكًا في طبيعته.

لماذا كان بولس يصلي أن تنفتح أعين الناس؟ لأن هذه الدعوة تحتاج منك أن تمتلئ بفكر الله ومعرفة مشيئته وبالتالي تنتهي الفخاخ من حياتك وتصبح سلسة وسهلة وتصير متمكنًا فيها وتعرف كيف تتصرف. حينما تقول: “لست أعلم ماذا أفعل” هذه الجملة تجعل التساؤلات تزيد أكثر، ويكتشف إبليس إنك لست فاهمًا الكلمة، وتدخل الأرواح الشريرة في حياتك لأنها تجد حائطًا منهدمًا، فتتعقد حياتك أكثر بسبب هذا الخوف في ذهنك، لكن علاج الخوف هو المحبة، فأنت تكتشف محبة الله مِن خلال معرفة كلمته.

 “الأَمْرُ الَّذِي لأَجْلِهِ نُصَلِّي أَيْضًا كُلَّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ: أَنْ يُؤَهِّلَكُمْ إِلهُنَا لِلدَّعْوَةِ، وَيُكَمِّلَ كُلَّ مَسَرَّةِ الصَّلاَحِ وَعَمَلَ الإِيمَانِ بِقُوَّةٍ” (٢ تسالونيكي ١: ١١).

 السبب الذي جعل بولس يقول هذا الكلام؛ هو حدوث أمر في الكنيسة، وقد تحدث أيضًا عن القضاء ما بين الأخوة وبعضهم داخل الجسد. تكلم بولس هذا الكلام لأن هؤلاء الأشخاص يحتاجون لتأهيل لكي يثبتوا في دعوتهم، مثل شخص تعين في وظيفة لكنه يحتاج تمارين أكثر لكي يثبت في وظيفته، فلذلك يصلي بولس لكي يؤهلوا.

“٣ أَشْكُرُ إِلهِي عِنْدَ كُلِّ ذِكْرِي إِيَّاكُمْ ٤ دَائِمًا فِي كُلِّ أَدْعِيَتِي، مُقَدِّمًا الطَّلْبَةَ لأَجْلِ جَمِيعِكُمْ بِفَرَحٍ” (فيلبي ١: ٣، ٤)

 يستحيل أن تسري هذه الصلاة على شخص وهو ليس فاهمًا كيف ينتمي لجسد، وكيف يخضع لتعليم كلمة ممنهج.

 “أَدْعِيَتِي“: نجد أن الدعاء لدينا في اللغة العربية مثل “ادعِ لي يا فلان” هذا غير كتابي.

 “٦ وَاثِقًا بِهذَا عَيْنِهِ أَنَّ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحًا يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. ٧ كَمَا يَحِقُّ لِي أَنْ أَفْتَكِرَ هذَا مِنْ جِهَةِ جَمِيعِكُمْ، لأَنِّي حَافِظُكُمْ فِي قَلْبِي، فِي وُثُقِي، وَفِي الْمُحَامَاةِ عَنِ الإِنْجِيلِ وَتَثْبِيتِهِ، أَنْتُمُ الَّذِينَ جَمِيعُكُمْ شُرَكَائِي فِي النِّعْمَةِ.” (فيلبي ١: ٦-٧) يتضح من هذه الآية أن هؤلاء الناس دخلوا في علاقة شراكة حقيقية مع بولس. “وَاثِقًا بِهذَا عَيْنِهِ” أي عارفًا ومؤمنًا بهذا وليس إني أتمنى هذا.

“سِرُّ الرَّبِّ لِخَائِفِيهِ، وَعَهْدُهُ لِتَعْلِيمِهِمْ.” (المزامير ٢٥: ١٤) يخبرنا الكتاب إن سر الرب للأشخاص الذين يعبدونه. لا تتوقع أن يكشف الرب لك شيء وأنت لست في علاقة حميمية معه، فلن تستطيع أن تحصل على أقصى استفادة وتكتشف المعرفة من خلال محبه الله وأنت لست مرتبطًا بجسد، حتى وإن كنت عالمًا باللغتين اليونانية والعبرية أيضًا.

٨ لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. ٩ لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. ١٠ لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.” (أفسس ٢: ٨-١٠)

 لأننا نحن تحفته أعيد خلقنا في مكان اسمه المسيح يسوع، هذا هو مسقط رأسك، أنت وُلِدت هناك، “وَلِصِهْيَوْنَ يُقَالُ: «هذَا الإِنْسَانُ، وَهذَا الإِنْسَانُ وُلِدَ فِيهَا، وَهِيَ الْعَلِيُّ يُثَبِّتُهَا».” (المزامير ٨٧: ٥) يتكلم هنا عن مدينة الله الحي. يجب أن يكون هذا هو تأملك إلى أن يصل الأمر بأن يأخذ وضعيته السليمة. عندما تتأمل في الكلمة تجد الروح القدس يجعل هذا الأمر حقيقة في نظرك وتجد نفسك بدأت تكتشفه وتستلذ به.

 “٢٧ وَلكِنَّ الَّذِي يَفْحَصُ الْقُلُوبَ يَعْلَمُ مَا هُوَ اهْتِمَامُ الرُّوحِ، لأَنَّهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يَشْفَعُ فِي الْقِدِّيسِينَ. ٢٨ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ. ٢٩ لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ.” (رومية ٨: ٢٧-٢٩)

 هذه الآية لا تسري على كل الناس بل على الذين يحبون الله ومَن هم مدعوون. يتداول الناس هذه الآية بصورة عامية مبسطة قائلين: “كل ما يُعمل هو للخير”. توجد أشياء ستدمر الناس، لكن فقط لمن يحبون الله وفي علاقة حميمية معه واكتشفوا دعوته وسلكوا فيها، هؤلاء هم من تعمل الأشياء لخيرهم.

  • كل إنسان مدعو دعوتان؛

 الدعوة الأولى (العامة) هي في الكلمة، أي ما لك في المسيح، أما الثانية (الخاصة) فتحتاج أن تعرفها بعدما تسلك في الأولى. الدعوة الخاصة ليس لها علاقة بحقوقك في المسيح، لكنها تحتاج أن الله يهبك نعمة خاصة لكي تفعل هذا الشيء. لقد أخذ بولس فترة من الزمن يصنع الأشياء الصحيحة مثل أكله الكلمة والتصاقه بالإخوة، قبل أن يسلك في الدعوة الخاصة.

٤-البر؛

“٢٩ لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. ٣٠ وَالَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهؤُلاَءِ دَعَاهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهؤُلاَءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا.” (رومية ٨: ٢٩، ٣٠).

كان داود فاهمًا البر من العهد القديم. “١٨ أَنْقَذَنِي مِنْ عَدُوِّيَ الْقَوِيِّ، مِنْ مُبْغِضِيَّ لأَنَّهُمْ أَقْوَى مِنِّي. ١٩ أَصَابُونِي فِي يَوْمِ بَلِيَّتِي، وَكَانَ الرَّبُّ سَنَدِي. ٢٠ أَخْرَجَنِي إِلَى الرُّحْبِ. خَلَّصَنِي لأَنَّهُ سُرَّ بِي. ٢١ يُكَافِئُنِي الرَّبُّ حَسَبَ بِرِّي. حَسَبَ طَهَارَةِ يَدَيَّ يَرُدُّ عَلَيَّ. ٢٢ لأَنِّي حَفِظْتُ طُرُقَ الرَّبِّ، وَلَمْ أَعْصِ إِلهِي. ٢٣ لأَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ أَمَامِي، وَفَرَائِضُهُ لاَ أَحِيدُ عَنْهَا. ٢٤ وَأَكُونُ كَامِلاً لَدَيْهِ، وَأَتَحَفَّظُ مِنْ إِثْمِي. ٢٥ فَيَرُدُّ الرَّبُّ عَلَيَّ كَبِرِّي، وَكَطَهَارَتِي أَمَامَ عَيْنَيْهِ.” (صموئيل الثاني ٢٢: ١٨-٢٥).

يقول داود: لأني سلكت بما يسرك فأنا مقبول لديك، جعلتني أفعل الصواب أمامك، جازيتني على أعمالي وجعلتني أنتصر على الأعداء، فالبر يجعلك جريء كالأسد.

  • كيف تسلك بالبر؟

 لا تتعامل مع الأمر باهتزاز، ولا تقل “أنا غير مستحق”، أو “أنا ملآن خطية”. انتبه!! أنت بر الله، لذا تحتاج أن تفهم موضوع البر، فهو قد بررك ومجدكوَالَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهؤُلاَءِ دَعَاهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهؤُلاَءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا”(رومية8: 30) ليس ذلك فقط بل أنت صرت مجد الله،وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.“(2كورنثوس3: 18)

 أنت الآن شخص مختلف؛ الجمال الإلهي واللمسة الإلهية تحاوط حياتك، لأجل ذلك تجد الروح القدس يعطيك نعمة مع الناس، وأيضًا عندما تدخل في أي موقف، لأنك صرت تابعًا لهذه الشريحة الممجدة والمبررة، لذلك كل الأشياء تعمل معًا لخيرك. إن فهمت دعوتك وسلكت فيها وفهمت إنك دعيت للمجد والفضيلة، فسوف تعي أهمية أن تسلك بجدية في حياتك.

٦- مدعو لميراث؛

“٩ الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، ١٠ وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ.” (٢ تيموثاوس ١: ٩، ١٠)

“رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ” (لوقا ٤: ١٨)

تكلم الرب يسوع عن زوايا تخص احتياجات البشر، فالإنجيل الذي يتكلم عنه بولس “بحسب إنجيلي” يشمل شيئين أحدهما الآن والآخر مستقبلي، وهذا الميراث الذي هو الآن يشمل الخلاص بكل معانيه؛ شفاء، تحرير، تسديد احتياجاتك بفيض ووفرة، حماية، سلام هذا هو ما يريده الله لك، هو لا يريدك أن تحيا تعيسًا. هناك من يقول: ” أنا لم أذُق هذا الكلام مع إني قبلت يسوع منذ ثلاثون عامًا” هذا لأنه لم يجد من يعلمه بذلك، وإنه لن يحدث أتوماتيكيًا بمجرد قبول يسوع.

 تجد بولس الرسول يصلي لكي يكتشفوا رجاء وهدف دعوة الرب، أن يمتلئوا من معرفة مشيئته. “لَمْ نَزَلْ مُصَلِّينَ وَطَالِبِينَ لأَجْلِكُمْ أَنْ تَمْتَلِئُوا مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ”(كولوسي 1: 9). لا تتساءل قائلًا:” أنا مؤمن أنا ابن الله لماذا يحدث ذلك معي؟”. وارد أن يحدث ذلك معك لكن ماذا تفعل وكيف تتعامل مع الموقف هذا هو الإنجيل. جُرِّبَ يسوع نفسه، وليس معنى ذلك أن يسوع كان فاتحًا نفسه لإبليس، وارد أن إبليس يقتحم ويدخل لكن ماذا أفعل هذا هو المهم؛ هنا يخرج التعليم.. فإن كانت الاسفنجة ممتلئة بالحق الكتابي فأي شيء يضغط عليها تُخرِج ما امتلأت به.

دعوتك هي أن تسلك كما يحق فبواسطة الإنجيل صارت الدعوة الحالية التي تخص الحياة معروفة، وما يخص الحياة المستقبلية إننا سنملك معه، هذا هو الوعد المتبقي. كل الوعود فيها النعم والآمين لكن ما لم يحدث بعد هو أن نلبس الأجساد الممجدة، هذا هو الميراث القادم، لكن الميراث الحالي أن تحيا مثلما يقول الإنجيل.

“وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ” (2تيموثاوس1: 10)

“أَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ” ليس نور الحياة لأن الحياة لا تحتاج لنور فهي نفسها نور، أنار تعني أظهرها للعلن. “بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ” يعني الانجيل أي ما يحتويه من معاني الخلاص الخمسة وليس فقط الأبدية بل يتضمن أيضًا أن تحيا حياتك بالصورة التي يريدك الرب عليها.

تعني كلمة دعوة؛ أمر أنت سُميت عليه، فحينما قال الله لأبرام يدعي أسمك “إبراهيم” أعطى له وظيفة، فماذا فعل إبراهيم بهذا الكيان؟ سمي نفسه وطالب الناس بتسميته بهذا الاسم على الرغم من عدم وجود شيء في العيان. أول شيء بالنسبة للدعوة، اكتشفها، وثاني شيء إعلنها واعترف بها، وأنت تصلي بالروح لهذه الأمور تظهر في حياتك وتكتشفها فلذلك أنت تحتاج الملء بالروح وفهم من أنت في المسيح.

إذا إلى أي شيء دُعي الإنسان؟ لماذا صُنِعتَ على الأرض؟ وماذا لك في المسيح؟

 “٤فَإِنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ فِي الْخَيْمَةِ نَئِنُّ مُثْقَلِينَ، إِذْ لَسْنَا نُرِيدُ أَنْ نَخْلَعَهَا بَلْ أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا، لِكَيْ يُبْتَلَعَ الْمَائِتُ مِنَ الْحَيَاةِ. ٥ وَلكِنَّ الَّذِي صَنَعَنَا لِهذَا عَيْنِهِ هُوَ اللهُ، الَّذِي أَعْطَانَا أَيْضًا عَرْبُونَ الرُّوحِ.” (٢ كورنثوس ٥: ٤، ٥).

أنت مدعو أن تلبس غير المائت وأن تحيا الحياة الإلهية على الأرض، تحيا الميراث من خلال قوة الروح القدس والكلمة لكي تستطيع أن تقف ضد المرض والموت وتمنعه من حياتك، والتعب والإرهاق واستنزاف الأموال، لأنك أعطيت السلطان. دعيت للدعوة العليا المتفردة السماوية. لا تتعامل مع الحياة بخوف، بل اجرِ على الكلمة.

 

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$