القائمة إغلاق

Victorious Church In A Troubled World كنيسة منتصرة في عالم مضطرب 8

العظة على فيس بوك اضغط هنا

كنيسة منتصرة في عالم مضطربالجزء 8

▪︎ ابحث عن الحق الكتابي النقي حتى تجدّ نتائج:

▪︎ أنت تتعامل مع عدو غير مَرئي:

▪︎ ما الغنيمة التي يسعى لها إبليس؟

▪︎ آلية التعامُل مع عالم الروح:

▪︎ هل يتمّ توزيع هذه الطاقة الفِكْرية والعاطفية الخاصة بك تحت الكلمة؟

▪︎ آلية عمل الأرواح الشريرة.

▪︎ معلومات عن عالَم الروح.

▪︎ كيف تتحرَّك في الانتصار؟

▪︎ عِش بالقوة التي لك.

▪︎ تَعلَّم أن تُخرِج طاقة روحية تجاه الموقف.

 الكنيسة هي أفرادها، يذهب الناس للكنيسة ليجدوا فيها نورًا، لكنهم قد يدخلّون كنائس بها خوف ورعب، وكأنك ذهبت إلى مكانٍ لتجد شفائك فيه وبعدها تكتشف أنك تسمع أشياء أصعب مما جئت به.

▪︎ ابحث عن الحق الكتابي النقي حتى تجدّ نتائج:

 إن كنت مُواظِبًا على حضور مكان لا يُعلّم حقًا كتابيًا نقيًّا، تجد إحباطًا وضيقًا بدلًا من أن ترجع مَشحونًا بالصلاح أكثر، وأنت لا تَعلَم أن هذا الأمر ليس كتابيًا، وذلك بسبب أننا كثيرًا ما نفتح قلوبنا لأي أمور نسمعها تحت مسمى أنها كلمة الله، بينما يجب أن نُراجِع أي تعليم. ما تقرأه الآن راجعه، نعم؛ يجب مراجعة الحق الكتابي، وإلا أنت تأخذ دون أن تفحص، وهذا أمرٌ لا يَحدُّث حتى في طعامنا اليومي.

 في وقت ما، كنت مُواظِبًا على حضور اجتماعات كثيرة، حتى التي لا تختص بمرحلتي العمرية كنت أحضرها، كنت أبحث عن هذا الإله، كنت أسعى لأجد ما يُطابق الحياة التي ذُكِرَت في الأناجيل. يوجد جوعٌ بداخل كل واحدٍ مِنَّا ليجد يسوع في الوعظ والتعليم ليعرف كيف يفعل الأمور وكيف يعيش مُنتصِرًا؟

 لا يَحدُّث شيء إلا وقد تعلَّمته، نقضي سنينًا نتعلَّم بالمدارس والجامعات، وللأسف لا يعطي الناس اهتمامًا ليتعلَّموا الأمور الروحية، ولهذا السبب لا يرون نتائج روحية. إن أعطيت نفس هذا الانتباه للكلمة، فتستيقظ باكِرًا لتدرسها، انظر ماذا ستكون حياتك! نَعلَّم أن كل من يتفاوت في الدراسة ويتكاسل عنها، ينتهي به الأمر بأن يكون غير ناجِح في الحياة، هكذا من يتكاسل في الطعام الروحي يعيش حياة من التعب في النهاية.

 أوضحنا سابقًا كيف أن هناك مُؤمنين لا يعيشون الانتصار الذي رُسِمَ لهم، وكيف يعمل عالَم الروح، فإن كنت قد سمعت تعاليمًا غير كتابية جعلتك تشعر أن هذا الإله غامضٌ وصعبٌ، وأن الحياة صعبة، إن كنت جائِعًا وحقيقيًا مع نفسك، لن تقبل إلّا أن ترى يسوع الذي في الأناجيل في حياتك.

“حَتَّى تَكُونُوا ­ بِالْعَكْسِ ­ تُسَامِحُونَهُ بِالْحَرِيِّ وَتُعَزُّونَهُ، لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ مِثْلُ هذَا مِنَ الْحُزْنِ الْمُفْرِطِ. ٨ لِذلِكَ أَطْلُبُ أَنْ تُمَكِّنُوا لَهُ الْمَحَبَّةَ. ٩ لأَنِّي لِهذَا كَتَبْتُ لِكَيْ أَعْرِفَ تَزْكِيَتَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ طَائِعُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ؟ ١٠ وَالَّذِي تُسَامِحُونَهُ بِشَيْءٍ فَأَنَا أَيْضًا. لأَنِّي أَنَا مَا سَامَحْتُ بِهِ ­ إِنْ كُنْتُ قَدْ سَامَحْتُ بِشَيْءٍ ­ فَمِنْ أَجْلِكُمْ بِحَضْرَةِ الْمَسِيحِ، ١١ لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ.” (٢ كورنثوس ٢: ٧>١١).

 “تُمَكِّنُوا (تُفعِّلوا) لَهُ الْمَحَبَّةَ”: إذًا المحبة هي أمرٌ تُبادِر أنت به.

“كَتَبْتُ لِكَيْ أَعْرِفَ تَزْكِيَتَكُمْ”: أي سأختبركم، سأرى هل ستسمعون كلامي أم لا.

“لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ”: أفكاره أي ذهن وعقليّة إبليس، نحن لا نجهل عقلية إبليس بكل منهجية تفكيره، noēma هذه الكلمة لا تعني بعض الأفكار بل كل عقلية هذا الكائن، إنه مَكشوفٌ وعريانٌ لدى الكنيسة بخُططه وأفكاره ومنهجيته.

“يَطْمَعَ”: ليس فقط بمعنى الانتهاز، بل يعني أيضًا إنه يجد الفرصة أن يكون أعلى منك رغم إنه أقل، أي إن إبليس يُظهِر نفسه أعلى بعدم معرفتك، لكنه في الواقع أدنى وأقل من المولود من الله، هو أعلى من غير المَولودين من الله، هو مُسيطِر عليهم.

 ▪︎ أنت تتعامل مع عدو غير مَرئي:

 وُضِعَ العالَم في الشرير، ومملكة الظلمة غير مرئية، ونحن نحتاج لمعرفة كيف تتحرَّك، فلو كنت تتعامل مع عدو مرئي ستعرف كيف يتحرّك، أما إن كنت تتعامّل مع عدو غير مرئي ستحتاج لمعلومات أخرى تجعلك تراه، والكلمة هي التي تجعلك ترى هذا، مثل الأشعة فالطبيب يلجأ إليها لكشف المَخفي في جسم الإنسان ليعرف ماذا يَحدُّث بالداخل وإلا سيعمل في ظلام. كلمة الله هي الأشعة التي تكشف لنا عالَم الروح، فإبليس لم يَعُد غامضًا لدى عارفي الكلمة، بل هؤلاء لهم اليدّ العُليا في المواقف والظروف.

“نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ. ٢٠ وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. ٢١ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الأَصْنَامِ. آمِينَ.” (١ يوحنا ٥: ١٩>٢١).

“وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ”: يوحنا الذي قال هذا هو نفسه من كتب نقلاً عن الرب يسوع: “قَدِّسْهُمْ (اعزلهم، احميهم) فِي حَقِّكَ. كَلَامُكَ هُوَ حَقٌّ.” (يوحنا ١٧: ١٧).

قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ: أي اعزلهم، إذًا الكلمة هي طريقة الانتصار والعزل.

“نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ.”

نَعْلَمُ”: إذًا العلاج هو البصيرة والإدراك لمملكة الظلمة.

وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ”: معنى ذلك أن أي شيء يَحدُّث لك مُطابِقًا لكلمة الله أتى بسبب حماية إلهية، ليس صدفة أنك تعيش الآن وتتحرّك بصورة عادية، الْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ، إذًا ما يَحدُّث معك هو نتيجة أن هناك من يحميك في هذا العالم الذي وُضِعَ في الشرير.

 إن فهمت ذلك ستكتشف اشتعالًا روحيًا، فَمَن لا يهتم ويدقِّق، يشكو من عدم اشتعاله، لذلك حينما وجد داود نفسه منطفئًا قال: “باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته”، “تذكّري حسناته”، هو لا يقولها بصورة مُتراخية، بل كان يأمُّر نفسه أن تبارك الرب، كيف؟ عَبْر تَذكُّر هذه الإحسانات. لا يوجد مؤمن متأمل ويتذكر هذه الإحسانات إلا ويشتعل.

 لابد أن تعلَّم أنك إما قاتلٌ أو مقتولٌ، فاعلٌ أو مفعولٌ به: “فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ.” (١ بطرس ٥: ٩) إبليس يتعامل معك بصورة مباشرة أو غير مباشرة ولهما نفس المفعول، والأمور التي يتعامل معها الناس أنها صدفة وعادية، هي ليست كذلك.

 ‏ تقصير الإنسان تجاه صحته يصيبه بالمرض، لذا عليه أن يتعامّل مع جسده بصورة لائقة، لكن ماذا لو كان غير مُقصَّر في صحته وتفاجأ أنه هُوجِمَ بمرض؟ يوجد له شفاء، لكن هذا الأمر ليس طبيعيًا. كان لوقا طبيبًا سار مع يسوع ثم تركه وعاد مرة ثانية، وهو كطبيب كتب عن الأمراض على إنها أرواح شريرة.

▪︎ ما الغنيمة التي يسعى لها إبليس؟

 الغنيمة هي الأفكار والعواطف والإرادة أي دائرة نفسك، هو لا يستطيع الاقتراب من روحك الإنسانية المولودة من الله، فالإنسان هو كائن روحي، يمتلك نفسًا، ويسكن في جسد، ولكي يُصيب إبليس الجسد يجب أن يدخل عبر النَفْس.

 إن مَرِضَ الشخص، فهذا عبارة عن أفكار دخلت إلى ذهنه، أو أفعال أدَّت إلى المرض، وقد يَحدُّث ذلك دون أن يقصد الشخص بسبب عدم معرفة الكلمة وليس بسبب خطية فِعلية، لذلك إن كنت تغلي وتتضايق بداخلك وتُفاجَأ بأعراض وتعب في نفسيتك، هذا نتيجة أنك لم تعرف أن تضبط ذهنك بالكلمة.

▪︎ آلية التعامُل مع عالم الروح:

“حِينَئِذٍ أُحْضِرَ إِلَيْهِ مَجْنُونٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ فَشَفَاهُ، حَتَّى إِنَّ الأَعْمَى الأَخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ. ٢٣ فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوعِ وَقَالُوا: «أَلَعَلَّ هذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟» ٢٤ أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «هذَا لاَ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلاَّ بِبَعْلَزَبولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ». ٢٥ فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ. ٢٦ فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ ٢٧ وَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ (تلاميذ يسوع) بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! ٢٨ وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ!” (متى ١٢: ٢٢> ٢٨).

“وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ”!: إذًا ملكوت الله هو السيطرة هنا على الأرض على الأرواح الشريرة وليس عندما نذهب للسماء. ككنيسة مُنتصِرة يجب أن تفهم هذا الكلام، لا تستثني نفسك منه!

 “أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلًا، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟ ٣٠ مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ. ٣١ لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ لِلنَّاسِ. ٣٢ وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لاَ فِي هذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي.” (متى ١٢: ٢٩> ٣٢).

 “وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ بِأَصْبعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ. ٢١ حِينَمَا يَحْفَظُ الْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحًا، تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. ٢٢ وَلكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ، وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ.” (لوقا ١١: ٢٠> ٢٢).

 ‏”سِلاَحَهُ الْكَامِلَ”: أي يلبسه في كل زوايا جسمه، ففي (أفسس ٦) يقول الكتاب: “البسوا سلاح الله الكامل”. يسعى إبليس لتقليد هذه الحالة، هو في حالة حرب واستعدادية، لذلك يجب على المُؤمِنين أن يكونوا دائمًا مُتأهِبين.

‏الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ”: ما يتَّكل عليه إبليس هو أفكارك وعواطفك وإرادتك، نفس هذه الأشياء يأخذها يسوع ويوزِّعها، إذًا ليست هي في حدّ ذاتها عيبًا. يأخذ يسوع هذه الأشياء ويضعها تحت الكلمة، ويأخذها إبليس أيضًا ويضعها تحت أفكاره وسلطانه. عندما يدخل يسوع يكون له هدفٌ، ليس فقط الحرية، وهذا ما يبحث الناس عنه طالِبين الصلاة من أجلهم، لكن ماذا بعد ذلك؟ لهذا بدأ يسوع يناقش ذلك.

▪︎ هل يتمّ توزيع هذه الطاقة الفِكْرية والعاطفية الخاصة بك تحت الكلمة؟

 إن لم يَحدُّث هذا ستعود الأرواح الشريرة أشرس مما سبق، لهذا هناك من تلمسه قوة الله لكن بعد ذلك لا يَحدُّث شيء، فعندما جاء الناس ليقبضوا على الرب، خرج يسوع وقال لهم: “أنا هو” فسقطوا تحت قوة الله، لكنهم قاموا وصلبوه.

 لماذا؟ لأنهم لم يُفكِّروا في تلك القوة التي جعلتهم يسقطون. يَحدُّث هذا مع الكثيرين، فتجد هذا الشخص أسيرًا، يقول: “لا أقدر، صلِّ لي، أنا مُشوَّشٌ.” وهذا بسبب التعليم الكثير أن يُصلّى لكي يذهب التشويش، فاقتصر الأمر على الصلاة فقط! يوجد أمر آخر هو توزيع الغنائم، فالنفس هي غنيمة إبليس، فيأتي يسوع ويأخذها منه ويوزِّعها.

♡ ‏لكن ماذا لو لم يخضع الشخص لهذا التوزيع؟!

 ‏التوزيع معناه أن تُستبدَل هذه الفكرة بفكرة أخرى في ذهنك الذي يشك ويصدق أي صوت أو فكرة، فيقول الروح القدس لك: “ليس كل صوت صحيحًا”، وهذا يحتاج إلى تعليم، فَمِن جهة سلاح إبليس، جَرَّدَ يسوع بالفعل كل الرياسات والسلاطين، لذلك المشكلة تكمُّن في عدم خضوع الأشخاص للكلمة.

 ما تراه من حزن مفاجئ ينكب عليك، أو أفكار نكد وعدم سلام وشَكّ تجاه أي شيء جميل حولك وتقول: “ستضيع هذه الأشياء، سيهلك هذا الشخص العزيز عليك أو سيموت، من قال إنك ستستمر هكذا، أنت ستموت…إلخ”. ليست هذه الأفكار عاديّة، فإبليس يَعرِّض بضاعته، ويستخدم أمورًا حادثة ليُثبِت بها أنه قادرٌ على فِعل أشياء، وهو كاذب ولا يَعلَّم المستقبل، ويُوضِّح الرب أن إبليس يتَّكِل على هذه الأمور.

 ‏ ‏”مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ.” (لوقا ١١: ٢٣).

 أي يجب أن تنحاز إلى الرب، فإن لم تنحَز له وتفهم فِكره، أنت لا تحيا الحياة المسيحية بجدية. عِشنا كثيرًا ونحن نظن أننا طالما قَبِلنا يسوع فقد ضمنَّا الأبدية، هذا كلام صحيح وغير صحيح في ذات الوقت، لأنك يجب أن تُوضَع بداخل منهجية الكلمة، ويجب أن توزِّع غنائمك أي فكرك ونفسك البشرية لتصير تحت الرب.

 ‏”مَنْ لَيْسَ مَعِي”: أي من لا يُفكِّر مثلي فهو ضدي. لا توجد وسطيّة، يسعى العالم الآن إلى الوسطية وألّا تكون مُتشدِّدًا في قناعاتك.

 هناك لفظ تفشَّى في وسائل الإعلام منذ بداية الألفيّة له مُخطَّط من الأساس؛ هو لفظ “مُتشدد”، وقد اُستُخدِمَ ليُرَخِّص لأمر معين بعد ذلك. عندما تقول عن يسوع إنه الطريق الوحيد للخلاص، سيقولون: أنت “مُتشدِّدٌ”، انظر للأعداد المهولة التي ستذهب للجحيم، لكن يجب أن تفهم، فيسوع كان واضِحًا بقوله: ‏مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ. (لوقا ١١: ٢٣) إذًا يوجد فِعْل يجب أن تفعله، وإلَّا فأنت في المُعسكَر الآخر.

 ▪︎ آلية عمل الأرواح الشريرة:

  • أولًا: شرح الرب يسوع آلية عمل الأرواح الشريرة؛ “مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ، يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً.” (لوقا ١١: ٢٤).

 ما هو الماء؟ هو ما يُعتمَد عليه. ليست الأرواح الشريرة مُصمَّمة لتسكن بداخل الإنسان، ومع ذلك قد تسكن في أشخاص أو حيوانات أو بيوت ومناطق، فإن كان الهيكل قد سُكِنَ بالروح القدس، فإبليس يسعى ليُشابه نفس هذه النماذج. توجد أماكن مسكونة، وليس الحلّ أن ترش ملحًا أو تُعلِّق صُلبانًا، بل العلاج أن تفهم الكلمة.

“يَطْلُبُ رَاحَةً:” راحته هي في نهش الناس والتخريب.

“وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. ٢٥ فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!” (لوقا ١١: ٢٥-٢٦).

“وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ”:

 لكي لا يتمّ طرده مُجدَّدًا، فهو يتقوى بهم لأنه لا يعلَّم ماذا سيَحدُّث له، وكونه لا يعلَّم المستقبل، لذلك فالفكرة التي تأتيك قائِلة إن الأمر سيَحدُّث بصورة مُعينة ولا يمكن أن يَحدُّث غير ذلك هي فكرة كاذبة.

 مثلًا؛ فلان قد فعل بك خدعة أو تكلَّم عنك بصورة مُعينة عند شخص صاحب قرار، فأنت تعتقد أن الأمر والسيناريو سيسير بطريقة معيَّنة! مَن قال ذلك؟ أنت لا تعلَّم المستقبل إلّا مِن خلال الكلمة، إبليس لا يعلَّم المستقبل فطوال الوقت هو يريد إقناعك بأن الأمر هكذا وهذا ما سيَحدُّث ويتمّ، وأنت لا تفهم أن هذا كله كذب، فلا تنسَّ إنه مُخادِعٌ.

 المكان المكنوس هو الذي لم يتمّ توزيع الغنيمة به، ولم يتمّ سيطرة الرب عليه، فيجده إبليس فارِغًا مَكنوسًا من الكلمة. ‏”من ليس معي” أي من لا يتَّبع الحق الكتابي فهو ضدي، كان الرب يسوع واضِحًا، ولكي لا تكون أواخر هذا الشخص أشر من أوائله؛ فالعلاج هو أن يملأ حياته بالحق والفَهم الكتابي.

  • ثانيًا: آليّة مملكة الظُلمة:

بدلًا من أن تدخُّل غرفة مُظلِمة وتصطدِم بالأثاث يجب أن يكون لديك آلية ترى بها هذه الأمور غير المَرئية، وهذه الآلية هي الكلمة.

“أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا (هؤلاء مَن لم يقبلوا يسوع) ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يتكلَّم مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.” (يوحنا ٨: ٤٤).

“وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ”: معنى ذلك أنه يُقدِّم وعودًا، كمثال: هو يقول لك، فقط انتهي من هذا الأمر وبعد ذلك تستطيع أن تصلي، سيأخذ الأمر دقيقتين وبعدها يمكنك أن تأخذ وقتك مع الرب، لكن افعل ذلك في البداية. أترى؟! هو يُقدِّم وعودًا فيسحبك لأمر آخر، وهي وعود كاذبة.

 هو لم يثبُت في الحق، فهو يسعى ليسحب آمال الناس، ويرفع سقفًا من الوهم، وفي النهاية لا يعطيهم شيئًا. هذا الكائن يَعد ولا يفي، لذلك احذر من أي أمر أو وعود خارج الكلمة. إن كانت نتيجة التحاليل هي ما تُفرِّحك، أو الأعراض الخارجية، أو الحالة الاقتصادية الرائعة، أو الأمور الرائعة في عملك…. ليس اعتمادك هنا.

 لا تضع اعتمادك على أي شيء خارجي -وهذا ليس معناه أن إبليس هو من وراء ذلك- لكن طالما سِرت في المنطقة الخارجية، سيتلاعب إبليس على ذلك الوتر. لتكن صَلِبًا في هذا الأمر؛ تقريرك هو من الكلمة، فإن انتعش العمل أو هبط، أنت ثابت، وإن تحسَّنت صحتك أو انحدرت، تظل ثابِتًا، ومن هذا الثبات أنت تُحرِّك الموقف الحادث. إن كنت تطمئن من معطيات معينة، سيستخدمها إبليس ويعمل بها على حياتك.

 “فَإِنَّمَا يتكلَّم مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ”: هو يتكلَّم، والرب يسمي كلامه: “كلام كاذب، ليس فيه حق”، إذن هو يَعِد ولا يفي، يتفق معك ويقول لك: “نعم، أنت مشغول حاليًا، لكنك ستجد الوقت لاحقًا” ثم تنسحب وتُفاجَأ أن هذه الوعود التي تقول: “ستجد الوقت بعد ذلك”، لا تحدُّث.

  • ثالثًا: لا يتحرّك الله في عالَم الروح إلا بالسُلطان الذي تمارسه أنت ضدّ إبليس:

 كثيرًا ما اعتقدنا أن الله هو من يُبعِد إبليس من حياة الناس، لذلك يأملون أن يتدخَّل الرب فيصلّون: “ابعد يارب إبليس، لماذا تبقيه؟” وكأن الرب يبقيه! وهذا نتيجة عدم فهم السلطان؛

 “السَّمَاوَاتُ سَمَاوَاتٌ لِلرَّبِّ، أَمَّا الأَرْضُ فَأَعْطَاهَا لِبَنِي آدَمَ.” (المزامير ١١٥: ١٦).

 الأرض في سلطان الإنسان، لا يتدخَّل الله إلّا من خلال الإنسان، فإن لم تقُل: “لا” لإبليس، لن يتحرَّك الروح القدس في الأمر. قد تقول: “الله يعلَّم أنني ضائعٌ، فكيف يرى أب ابنه يضيع ولا يساعده؟!” الإجابة هي أنه بالفِعل يساعده، لكن ماذا لو أن الابن يعلَّم ماذا يجب أن يفعل؟ من العيب أن يساعده أبوه، لا يوجد من يأخذ بيد ابنه ذو التاسعة عشر ليجعله يَعبُر الطريق إلّا إن كان في الأمر مشكلة.

 يساعدنا الروح القدس عبْر تعليمنا وتفهيمنا: “سِرُّ الرَّبِّ لِخَائِفِيهِ، وَعَهْدُهُ لِتَعْلِيمِهِمْ.” (المزامير ٢٥: ١٤).

 “تَكَلَّمْتُ إِلَيْكِ فِي رَاحَتِكِ. قُلْتِ: لاَ أَسْمَعُ. هذَا طَرِيقُكِ مُنْذُ صِبَاكِ، أَنَّكِ لاَ تَسْمَعِينَ لِصَوْتِي.” (إرميا ٢٢: ٢١).

 معنى ذلك أن الرب يتكلَّم لنا في وقت الراحة، وليس من اللازم أن يفعل ذلك وقت المشاكل فقط. إن كنت غير مُتعلِّم، هذا يعني أنك غير مُصغِي إلى مصدر تعليم سليم، أو قد تكون مُصغيًّا لمصدر سليم من التعليم، لكنك غير مُتجاوِب، لذلك، فالأمر ليس أن تنتظر أن يفعل الرب شيئًا.

“فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ.” (يعقوب ٤: ٧).

 لم يقل: صلِّ للرب لكي يقاوم إبليس.

“اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. ٩ فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ.” (١ بطرس ٥: ٨- ٩).

 “أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. ١١ الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. ١٢ فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. ١٣ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا.” (أفسس ٦: ١٠-١٣).

“لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا”: هو يقول لك أن تقاوم، وأيضًا يُفَهِّمك هنا كيف تقدِّر أن تقاوِم. يوجد أشخاص مُنهَكون لا يقدرون أن يقاوموا، لكن توجد قدرة يجب أن تأخذها وتفهمها حتى تقدر أن تقاوم.

 تحتاج أن تفهم هذه النقطة جيدًا؛ عدم التعامُل مع إبليس بصورة صديقة.

 كثيرًا ما تجدّ أشخاصًا يقولون: “كنت أعلَّم أن هذا الصوت من إبليس، لكنني سرت ورائه لبعض الوقت”، وكأنه يتعامل مع شخص عادي جدًا! هو لا يفهم أنه يتعامل مع كائن مهزوم وضعيف، يجد قوته في التعاون.

  “فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ”: تأتي بمعنى المقاومة من بداية الهجوم. يوضح لك الكتاب متى تفعل ذلك؛ من البداية، فحينما كانت الأرواح الشريرة تتكلَّم كلامًا جيدًا عن يسوع، كان هو يُخرِسها، فلا يوجد تفاهم مع هذا الكائن.

 أتعجب ممن يقول إن الرب يستخدم إبليس ليُعلِّم أبنائه دروسًا! لم يكن يسوع صديقًا مع الأرواح الشريرة، بل كان يُخرِسهم. إن لم تستخدم أنت القوة الروحية السليمة، لن يَحدُّث شيء، سيظل إبليس يتفشَّى في حياتك وسيتفاقم الأمر، لذلك قاومه اليوم أفضل من الغد. افهم وادركْ ذلك.

 ▪︎ معلومات عن عالَم الروح:

(١) يُمكِنك أن تمنع إبليس:

وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا (وطأة قدم)” (أفسس ٤: ٢٧) يمكنك هنا على الأرض أن لا تعطي لإبليس مكانًا. نعم العالَم قد وُضِعَ في الشرير، لكننا نملك نظامًا من الحماية هنا على الأرض، ويمكنك الوصول لمرحلة أن لا تعطي لإبليس مكانًا.

 أوضح الكتاب السبب قبلها قائلًا “اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ.” (أفسس ٤: ٢٦). اغضبوا ولا تخطئوا بأن تَصبروا على تصحيح حياتكم الروحية وتُؤجِّلون الأمر إلى غروب الشمس. لفظ “اِغْضَبُوا”: لا يعني أنك تغضب على شخص فتقول له ألفاظًا خاطئة، لا، لكنه مُقتبَسٌ من (مزمور ٤:٤).

  “غَيْظِكُمْ”: أي غيرتكم الروحية. هو يقول: “اغضب على حياتك الروحية ولا تخطيء بأن تصبر وتغرب الشمس على حالة غيرتك الروحية، ولا تعطِ لإبليس مكانًا عبر التكاسُل”. يجول ‏إبليس مُلتمِسًا من يبتلعه، فهو يتربَّص بك، مع أن الأمر بسيطٌ، يمكنك أن تقاومه، حتى إن كان مرضًا يزداد، لو فهمته من عالَم الروح ستجد أن الأمر تحت سيطرتك. ‏يمكنك أن تجعل نظام حياتك دقيقًا، حتى إن أخطأت تجد نفسك عارِفًا أن تغلق هذه الزاوية.

(٢) يوجد فرق بين المعرفة، والجهل، والتجاهُل:

 المعرفة عكس الجهل، لكن الأبشع من الجهل هو التجاهُل. حينما تجد الحق الكتابي، فقد أزيل الجهل، لكنك حينما تتجاهله أنت لا تدري أنك تفتح الباب لمملكة الظلمة. توجد لدينا الثقافة التي بها تعظيم للأرواح الشريرة فتقول؛ إن إبليس له آلاف السنين، وأنت لك سنين قليلة، وقد أعطى هذا الأمر سمعة غير حقيقية عن هذا الكائن المهزوم.

 إبليس ليس ماهِرًا، هو كائن يجهل أننا نعرف كل شيء عنه. وصلت به حماقته أنه يعلَّم جيدًا نهايته من الكلمة والعظات والخدام والنبوات أنه مهزوم، لكنه لازال مَخدوعًا في نفسه ويحاول أن يحارب الله، فَمِن كثرة كذبه صَدَّقَ نفسه. هو مخدوع في نفسه، ومن يسير معه يُخدَع في نفسه أيضًا ويأمل ولا يحصل على أمله.

“فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ.” (متى ٢٢: ٢٩).

 هذه الحالة علاجها المعرفة، لكن حينما تعرف وترفض المعرفة، تكون في خطر. يجب أن تنحاز للرب فتضع فِكرك تحت الكلمة، حتى إن جادلك عقلك تقول له: “لا” الكلمة هي الحقيقة. قد تصدق كلام الطبيب لأنه يرى أكثر منك، لكنك تأتي للكلمة التي ترى أكثر منك ولا تصدقها!! تدرّب أن تكون إنسانًا روحيًا، وهذا يتطلَّب خضوعك للكلمة عن عمد.

 لا يقبل الإنسان الطبيعي ما لروح الله، فهو يُفكِّر بمصداقية في أفكاره البشرية ويحسب الأمور بمنطِقه الخاص. يقول الكتاب: “فِي حَرْثِ الْفُقَرَاءِ طَعَامٌ (غنائم) كَثِيرٌ” (الأمثال ١٣: ٢٣) هو يحتاج لحكمة الله لكي يستخرج هذه الغنائم، قد يجد أمامه حلولًا قليلة لمشاكله، لكنه لا يَعلَّم أنه يسير فوق الحلّ. تدرَّب أن تخضع للكلمة، هذا اختيار. أن تنحاز لرأي الكلمة. يقول الكتاب إن عالم الروح يتحكَّم في عالم العيان، إذًا، لتُصدِّق أن كل الأمور التي حولك يمكنك التَحكُّم بها.

 “الَّذِي مَجِيئُهُ (الوحش) بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ، وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، ١٠ وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا. ١١ وَلأَجْلِ هذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، ١٢ لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ.” (٢ تسالونيكي ٢: ٩-١٢).

 لقد عُرِض عليهم الحق، وهذا ما نراه الآن، فهناك من ينكر أن هذه هي أواخر الأيام، ويُنكر أن الشريحة ليست علامة الوحش. هذا رَفْض للحق الذي يُقال. هؤلاء يصدّقون الكذب، ويجدون أنفسهم في سَحْب مُستمِر أكثر وأكثر، كما حدث ليهوذا الإسخريوطي، فهو كان يُشحَن بما يريده إبليس أن يفعله، واستيقظ في حالة من الإدانة؛ “كيف تفعل ذلك بيسوع؟ لم يفعل أمرًا رديًا معك” فقتل نفسه!

 لا تضع نفسك في حالة من الضلال بسبب رفضك للحق الكتابي، أو إن كنت تدرس أمرًا غير مُلِحٍّ لديك، التأمل اليومي “أنشودة الحقائق” مثلاً لا تستهِن بها. كونك تدرِّس الحق وتفحصه من الكلمة وتُصدِّقه، أنت تضع نفسك تحت يدّ الروح القدس، فيُنزَع أي ضلال من حياتك. لا تُخدَع من الناس وتأخذ قرارات صحيحة، أو ترى أمورًا بروحك لا يوجد دليلٌ عليها، تجد حَذرًا بداخلك أو اطمئنان في ظل الأمور السلبية. احذر إذًا الجهل والتجاهُل.

 (٣) يمكنك أن تُسيطر على عالم الروح في الزوايا الشخصية الخاصة بك وليس كل العالَم الذي حولك:

 الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ.” (أفسس ٦: ١١).

“لِكَيْ تَقْدِرُوا”: يوجد من لا يملك هذه الطاقة، ليس العلاج أن تأخذ طاقة من خلال الصلاة مع أحد، إذًا كيف تأخذ الطاقة؟ عبر أن تلبس السلاح، فهذا ما يُعطيك الطاقة.

“سِلاَحَ اللهِ”: أي إن الله أعطاه لنا.

“لأَنَّنَا وَإِنْ كنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ. ٤ إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ.” (٢ كورنثوس ١٠: ٣- ٤).

مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا.” (أفسس ٦: ١٣).

  “الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ”: يوجد يوم يُحدِّده إبليس بعدما يحاول أن يُضيِّق الظروف حولك، فتجد أمرًا من هنا ومشكلة من هناك، هذا هو اليوم الشرير. لا تخف من ذلك، لكن كن مُستعِدًا.

 “وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا” هذا اللفظ عسكري في اللغة اليونانية ويعني إن الشخص قد انتهى من معركة ويَثبُت بسيطرة تامة استعدادًا للمعركة القادمة، لدية قوة وطاقة للقادم. إن كانت دائرة من الاكتئاب، أو حالة من الماديات إبليس يحاول ضربك فيها أو علاقات تفشل، أو كنت تجد نفسك في حالة من التشويش أو العصبية، وتجد أنك لم تعُد أنت، أو حالة من الاحتدام والكُرْه ليست طبيعية. هذه حرب، يجب أن ترى حالة الاستقرار أنها مُمكِنة وليست بالأمر الصعب.

 (٤) سِرّ الفشل في الأرض هو الحكمة الأيديولوجية البشرية:

الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ.” (أفسس ٦: ١١).

 “مَكَايِدِ” هنا يتكلَّم عن الطُرق، وحالات الخدعة والجذب أو التربُّص، أي “فخ”، فقد تُفاجَأ بأمر لم تتوقَّعه، لكنك مُستعِدٌ لأنك تصلي بالروح وتلبس سلاح الله الكامل.

 عندما كان يسوع نائِمًا في القارب وبدأ القارب يغرق، أيقظه التلاميذ وكانوا يلومونه قائلين: “ألّا يهمك أننا نغرق!” فوقف يسوع وانتهر الريح، كانت لديه حالة من الاستعدادية. كان يسوع مُرهَقًا فهو كان يُبكِّر في الصباح فارتاح في ذلك الوقت. في تلك المنطقة التي اتّجهوا لها بالقارب كان كُرسي الشيطان، فهو يحاول إيجاد كرسيه ببعض المناطق ويتنقَّل، لذلك دخل يسوع على عالم الروح، فاضطربت الأرواح الشريرة من يسوع والتلاميذ، فقد ميزوهم في عالم الروح.

 يَحدُّث هذا الأمر كثيرًا، فتجد شخصًا يرتاح بمكانه ويشعر بالاشمئزاز في أماكن أخرى، هو لا يعلَّم أن الأرواح الشريرة تحب التواجد في أماكنها. لهذا طلبت الأرواح الشريرة من يسوع أن لا يخرجهم من المنطقة وأن يُرسلهم للخنازير، هذا لأنه يوجد رياسة فوقهم ويطالبونهم بعمل، هذه المملكة تعمل بالكره والرُعب.

 قد يشمئز الشخص من مُؤمنين مُمتلئين من الروح القدس أو من بيت الرب، وهذا يَظهر كثيرًا في الأطفال، فتجد طفلًا لا يحتمل شخصًا ما، أما حول الطفل أرواح شريرة فتشمئز من هذا الشخص أو العكس. حتى الحيوانات، فتجد ببعض الأماكن كلابًا تنبح دون داعٍ لأنهم يرون عالَم الروح.

 يُرَى عالَم الروح منذ القدم؛ “فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ.” (التكوين ٣: ٧) كان آدم وحواء يُميّزان عالم الروح والعيان، وبالأكثر عالم الروح. نجد أيضًا أن الطفل الصغير ذهنه لم يعمل بعد، لكن روحه تعمل، فيُميِّز عالم الروح بكثرة، فتجده يضحك وهذا عمل الملائكة، أو يبكي كثيرًا وهذا غير طبيعي.

“اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِل، حَسَبَ تَقْلِيدِ (مفاهيم) النَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ (عناصر) الْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ.” (كولوسي ٢: ٨).

 “وَبِغُرُورٍ بَاطِل”: أمور برَّاقة لكنها زائِفة ومخادِعة، حِسِّية لكنها فارِغة.

 “أَرْكَانِ (عناصر) الْعَالَمِ”: العناصر هي ما يُقدِّمه العالم للناس؛ إحباط، فشل، يأس، مزاج مُتقلِّب، اقتصاد سيء، حيرة، خوف ورُعب.

 فعندما تتعامل مع زملائك في العمل تجدّ لغتهم مليئة بالفشل والخوف والرعب، هم يتكلَّمون بحسب عناصر العالم، ولغتهم هي سبب انتكاستهم.

 “اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ”؛ يوجد أشخاص يتكلَّمون بمفاهيم وأعراف الناس، فيقول لك: “كيف ستفعل ذلك، كيف ستحدُّث المُعجزة؟” فتجاوبه بأنه يوجد يدّ إلهية فيستمر قائلًا: “كيف ذلك؟”، هذا هو تقليد الناس وليس حسب المسيح، بل حسب تقليد الناس وعناصر العالَم الساقط، فتجد رواجًا وقبولًا من الناس، إن سرت بتلك العناصر ستُأكَل منها.

 “وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ.” (غلاطية ٤: ١).

 لو كان الشخص ليس ناضِجًا روحيًا سيُشبه العبد، نعم له حقّ الميراث لكنه لا يستطيع أخذه رغم امتلاكه له. يَحدُّث هذا مع مُؤمِنين كثيرين، لا يميّزون حقوقهم، أو يميِّزونها لكن لا يأخذونها بسبب أنهم قاصِرون روحيًا.

“بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ.” (غلاطية ٤: ٢)؛ هناك من لا يتدَّرب فلا ينضج من الأساس.

“هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ.” (غلاطية ٤: ٣)؛ أي كلما تنضُج روحيًا، كلما تخرُج خارج عناصر العالَم، وعندما تكون غير ناضِج تجد أنك لا تقدِّر على الخروج خارج هذه العناصر.

“مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ. ١٤ وَلكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلاَ تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ.” (يعقوب ٣: ١٣، ١٤).

“غَيْرَةٌ مُرَّةٌ”: أي شيء فيه حماس غير طبيعي، وتجد أنك مجرورٌ لتفعل شيئًا سيئًا، أو تجد نفسك غاضِبًا.

“لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ. ١٦ لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزُّبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ.” (يعقوب ٣: ١٥، ١٦).

سيَحدُّث كل أمر سلبي عندما تسير بالحكمة البشرية الأرضية الشيطانية.

“وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ. ١٨ وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ.” (يعقوب ٣: ١٧، ١٨).

 سبب انتكاسة الناس هو السلوك بالحكمة البشرية، وخروجنا خارج فلسفة العالم هو العلاج. هام جدًا فهمك لذلك. لا يسير عالم الروح بالنوايا الحسنة فقط، قد تحب الرب بقلبك لكنك لا تعرفه بقلبك، يوجد فرق بينهما.

 “وَذُو الْمَعْرِفَةِ مُتَشَدِّدُ الْقُوَّةِ.” (الأمثال ٢٤: ٥): توجد قوة تأخذها في المعرفة تجعلك تقدر أن تعيش.

 “فِي حَرْثِ الْفُقَرَاءِ طَعَامٌ كَثِيرٌ، وَيُوجَدُ هَالِكٌ مِنْ عَدَمِ الْحَقِّ.” (الأمثال ١٣: ٢٣)؛ توجد ثروات في حقل الذي يرى نفسه فقيرًا، لكنه يهلك بسبب عدم فهمه في التعامُل مع هذه الأمور. لذلك العلاج يكمن في الفهم، وليس أن الشخص فقيرٌ. الفقر هو طريقة تفكير وليس مالاً قليلاً.

  “الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ.” (١ تيموثاوس ٢: ٤)، يحتاج المولود من الله أن يُكمل في معرفة الحق.

▪︎ كيف تتحرَّك في الانتصار؟

أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. ١١ الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ.” (أفسس ٦: ١٠، ١١).

الْبَسُوا” معناها هو أن تلبسه ولا تخلعه أبدًا؛ أي مدى الحياة.

  إليك بعض الملاحظات الهامة:

  • يُدقِّق الكتاب المقدس في الألفاظ، فيجب أن نفعل ذلك أيضًا، فهو في (غلاطية ٣: ١٦) يدقِّق في قوله: “نسل” وليس “أنسالاً”. أيضًا رسالة كولوسي وأفسس يطلق عليهما رسائل التوأم، لذلك كُتِبَ لأحدهما شيئًا والآخر لا والعكس، وكان فيهما النور الأعلى، والمستوى التعليمي الأعلى، دغنا نأخذ مثلاً….

“أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ… وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ” (أفسس ٤: ٢٢-٢٤).

إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ… وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ (كولوسي ٣: ٩، ١٠)، أي إن أهل كولوسي كانوا قد عبروا أشياء معينة لم يجتازها أهل أفسس بعد.

 الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ”: أي إنك تُحاط من رأسك لقدميك؛ أن تُغلََّف، فبدلًا من أن تتساءل: “من أين دخل إبليس في حياتي؟!” تَفرَّغ للهجوم عليه، وهذه هي الطريقة التي إن سرت عليها لن تسير في حالة من التخمين. تُوصِّلك الكلمة إلى مرحلة من الثبات والاستقرار، حتى تجاه نفسك، فتثق في نفسك من الكلمة وليس في بشريتك.

“فَرَأَى أَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ، وَتَحَيَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ شَفِيعٌ. فَخَلَّصَتْ ذِرَاعُهُ لِنَفْسِهِ، وَبِرُّهُ هُوَ عَضَدَهُ. ١٧ فَلَبِسَ الْبِرَّ كَدِرْعٍ، وَخُوذَةَ الْخَلاَصِ عَلَى رَأْسِهِ. وَلَبِسَ ثِيَابَ الانْتِقَامِ كَلِبَاسٍ، وَاكْتَسَى بِالْغَيْرَةِ (أي تحمّس) كَرِدَاءٍ.” (إشعياء ٥٩: ١٦، ١٧).

 يُحدِّثنا هذا الشاهد عن مجيء الرب يسوع في المُلك الألفي ونحن معه -كيف سنأتي معه إن لم نكن اُختُطِفنا قبلها!

 “بِالْغَيْرَةِ”؛ أي يوجد حماس روحي، يسوع سيلبس ذلك. أي يوجد استخدامات لتلك الأسلحة، وليس الأمر فقط أن ترى نفسك مُلامًا فتلبس درع البر. أنت تلبس تلك الأسلحة طوال الوقت. إذا كان لدى إبليس سلاحٌ كاملٌ (ليس المعنى أن لا يمكن اختراقه) بل أن السلاح من فوق إلى أسفل، هكذا لنا سلاح مُعطَى لنا من الرب. سيلبس يسوع نفسه ذلك السلاح، إذًا يوجد منطلق ونظرة أخرى لفهمنا لذلك السلاح.

 “وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَهَ مَتْنَيْهِ، وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقْوَيْهِ.” (إشعياء ١١: ٥)؛ إذًا يلبس يسوع قطع السلاح. السلاح هو استخدامات الكلمة والعقيدة الكتابية في تفكيرك. كيف تفعل ذلك واقعيًا؟ ذلك عبر فهمك للعقيدة الكتابية بصورة عملية.

“الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ.” (أفسس ٦: ١١)؛ يُعني ذلك أن القدرة لتقف أمام مكايد إبليس تأتي بسبب لبس السلاح.

“وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (أفسس ٢: ٦).

من سياق الإصحاح الأول والثاني ندخل إلى الإصحاح السادس، فهو يقول:

الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، ٢١ فَوْقَ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ وَسِيَادَةٍ، وَكُلِّ اسْمٍ يُسَمَّى لَيْسَ فِي هذَا الدَّهْرِ فَقَطْ بَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا.” (أفسس ١: ٢٠- ٢١).

“وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (أفسس ٢: ٦).

 “فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ (أعلى الرتب) الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ”. (أفسس ٦: ١٢).

 مصارعتنا ليست مع البشر بل مع من نجلس فوقهم. أنت جالس عن يمين الآب عاليًا فوق كل رياسة. لفظ “مُصَارَعَتَنَا” يعني سيطرتنا، وهي ليست مع البشر. فإذا تعاملت مع أحد، أو وجدت موقفًا أو شخصًا أو مرضًا أو عيانًا مُعانِدًا، اعرف أنّ لديك اليد العُليا، هي مُعطاة لك كمولود من الله. إن تحرَّكت بهذا المُنطلَق لن تُحبَط، لذلك هذا المفهوم هو في حدّ ذاته طاقتك.

▪︎ عِش بالقوة التي لك:

“أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ.” (أفسس ٦: ١٠).

“أَخِيرًا”: أي بعد هذا الشرح، أو تلخيص ما سبق، عيشوا في هذه القوة. من يُعلِّم عن الضَعف سيشرب منه، ومن يُعلِّم عن القوة سيحيا فيها. لذلك يجب أن تفهم أننا في حالة حساسة جدًا في الأرض، لم يَعُد الوضع كما سبق، والأخطاء لن تكون كما سبق، الأمر إما قاتِل أو مقتول، يوجد تربُّص.

 “تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ”: أي تشدَّد وتقوَّى به واعتمد على هذه القوة، قوته الشديدة. ليس هناك ضعف إن سرت بذلك. بعد ذلك يقول إنك تقدِّر أن تثبت. “الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ”: أي لتملأ الكلمة كل كيانك.

 ‏”مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا.” (أفسس ٦: ١٣).

 “احْمِلُوا”: أي ابدأ في استخدام واستعمال السلاح. يوجد مُؤمِنون يعرفون، لكن هناك آخرون لا يستخدمون ذلك السلاح، هُنا يوضِّح الفرق بين كلمتين حيث قال: “احْمِلُوا” ولم يقل: “البسوا” أي ابدأ باستعمال تلك الأدوات.

 “الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ”: هو اليوم الذي قد تسمع فيه خبرًا سلبيًا، أو فيه محاولة لكسرك، أو إزاحتك من شيء رائع، أو محاولة لسلب أمر رائع في حياتك. ماذا ستفعل؟ إن لم تكن مُدجَّجًا ولابِسًا لسلاحك بالكامل ستُهزَم، ولن تجدّ العزم. لذلك هو يقول أنْ تلبس ذلك قبل اليوم الشرير، فعندما يأتي تكون جاهِزًا له.

 “وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا”: ما أروع هذا الكلام! يوجد حالة من الاستقرار والثبات والإتمام، فبعدما انتهيت من ذلك الشيء أنت تكون جاهِزًا لما بعده، وليس أنك ستخلع السلاح مُجدَّدًا، بل معنى الكلمة اليونانية هو: life style أسلوب حياة.

 فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ.” (أفسس ٦: ١٤).

  “مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ”: هنا يستخدم الحِزام الذي يُوضَع به جميع قطع السلاح. يوجد تعاليم يعتقد الناس أنها كلامٌ زائد، ولا يعلمون أنّ بهذه التعاليم تُربَط لديهم باقي قطع السلاح الأخرى. هذا هو الحِزام الذي يُوضع به السيف وباقي أدوات الحرب، فقد تبدو لك تعاليم أنها ليست احتياجك الحالي، لكنك لا تعلَّم أنها هي التي ستربط لك التعليم الذي تحتاجه. توجد طاقة روحية تنمو بداخلك كلما يكون لديك رصيد من الكلمة.

 “رُوحُ الإِنْسَانِ تَحْتَمِلُ مَرَضَهُ، أَمَّا الرُّوحُ الْمَكْسُورَةُ فَمَنْ يَحْمِلُهَا؟” (الأمثال ١٨: ١٤). “تَحْتَمِلُ sustains أي روح الإنسان هي ما تحمله وقت المشكلة، هي التي تُقاوِم المشكلة والمرض. لو كُسِرَ مصدر قوتك أي روحك، هذه كارثة. إن لم تكن روحك قوية، فأنت قد هُزِمَت.

▪︎ تَعلَّم أن تُخرِج طاقة روحية تجاه الموقف:

“ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا مِنْ تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَجَاءَ إِلَى بَحْرِ الْجَلِيلِ فِي وَسْطِ حُدُودِ الْمُدُنِ الْعَشْرِ. ٣٢ وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. ٣٣ فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ، وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ، ٣٤ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ.” (مرقس ٧: ٣١> ٣٤).

 “وَأَنَّ”: تعني أنّ ردّ فعل قد خرج من روحه. ليس المعنى التأوه والحزن بل أنه يُخرِج طاقة روحية تجاه الموقف. روح الإنسان هي التي تقاوم العيان، لن يقاوم البشر لك العيان، بل روحك. “أنَّ” أي إنه مُعتمِد على روحه في الموقف. عزل يسوع الرجل الأصم الأعقد عن الناس، يوجد من لا يعرف أن يأخذ شفاؤه وسط الناس بسبب كلامهم والعيان، فيحتاج الشخص أن ينعزل. كان يسوع يتعامل بآلية مُعيَّنة لهذا كان ينجح في الشفاء. “وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَنَّ (أطلق روحه)“: يجب أن تتعلَّم إطلاق روحك في الموقف.

 “فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَابْتَدَأُوا يُحَاوِرُونَهُ طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ، لِكَيْ يُجَرِّبُوهُ. ١٢ فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: «لِمَاذَا يَطْلُبُ هذَا الْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هذَا الْجِيلُ آيَةً!” (مرقس ٨: ١١- ١٢).

 “فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ”: أي أطَلَّقَ روحه تجاه الموقف، بعد ذلك عرف ماذا يفعل، فليس من اللازم أن يصنع معجزة، لقد قاده الروح القدس. كان ردّ فِعل يسوع بروحه وليس بالحكمة البشرية. يساعدنا الروح القدس عبر الصوت الداخلي وعبر إطلاق أرواحنا داخليًا. إن تَعلَّمَ المُؤمِنون إطلاق أرواحهم تجاه الأفكار وأي مشكلة، لن يكونوا في حالة الهزيمة. السلاح هو إطلاق روحك باستعلان للكلمة وإدراك لها بداخلك، فتجد أنك تتحرَّك بقوة.

 أنّ يسوع أيضًا عند قبر لعازر (يوحنا ١١) أي كان يهجم على الموقف بروحه، ومعناها أنه كان يُصدِّر صوتًا (يزأر) بداخله. يوجد شيء في روحك، ليس من اللازم أن يكون الأمر من خلال صوت داخلي، يقول الكتاب إن هذا شيء مكتومٌ داخليًا، لكن به إطلاق لروح الإنسان، هذه mechanism أو آليّة يجب أن تتعلَّم طريقتها.

 يتطلَّب هذا أن تكون مَشحونًا وفاهِمًا أن هذا العالم الذي أمامك هو عالم مُسيطَر عليه من عالم الروح وأنت لك السيادة على هذا العالم، لذلك أنت تتحرَّك بروحك ناحية ذلك الموقف. إن سَمعت خبرًا سلبيًا أو أمرًا ما، وأنت تغلق الهاتف أنت تهجم بروحك، تأخذ المبادرة الأولى وسط سماعك لهذا الأمر، تهجم بروحك، تأكل الموقف وإلّا ستُؤكَل منه. هذا ما فعله الرب يسوع، أول ردّ يفعله هو أنه يئن داخليًا، أي يَحدُّث حوار داخلي، اعتمادية داخلية، إطلاق لروحك تجاه الموقف.

 توجد قوة بداخلك، يوجد شيءٌ بداخلك يأكل المواقف، تحتاج الكنيسة لأن تتجرّأ لذلك. إن لم تعبُد بصوت مُرتفع كيف تئن أي تُخرِج القوة؟! لذلك فالصامت في التسبيح والصلاة، أو من يأخذ وقتًا ليجمع تفكيره عندما يبدأ صلاة هو شخص غير مُتفاعِل مع عالم الروح، واقعًا هو متفاعل مع عالم العيان، ويستمر عالم العيان يَجُره وراء الأكاذيب، لأن عالم العيان قد وُضِعَ في الشرير.

 يجب أن تفهم المصدر للمعلومات الذي لديك. مرسوم لنا الانتصار، لكن هل تسير بهِ؟ هذا يعود عليك إذا كان لديك فهم لسلاح الله، وتَعلَّم كيف تلبسه بشكل صحيح.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$