القائمة إغلاق

ما هي الحياة المسيحية وكيف تحياها – الجزء 5 What Is Christianity And How To Live – Part

العظة مكتوبة

▪︎ يعني الكتاب ما يقوله ويقول ما يعنيه.

▪︎ حرب الإيمان الجميلة.

▪︎ حُققت الحياة المسيحية في المسيح، وهذا لم يكن متاحًا في العهد القديم.

▪︎ توجد بداخلك طبيعة الله.

▪︎ ما هو هدف الناموس.

▪︎ المسيحية هي حياة تلمذة.

▪︎ عدم انتظار تحقيق الوعود مِن علامات النضوج الروحي.

▪︎ أمور أضعفت الحياة المسيحية.

▪︎ لا تحيا في ضعف.

يعني الكتاب ما يقوله ويقول ما يعنيه

عندما بدأ الناس ينظرون إلى الكتاب المقدس بصورة نظرية رمزية وليست حرفية، دخل في أذهانهم احتمالية تفسير الآيات بمعنى آخر غير معناها الحرفي، فقد تم قبول فكرة أن الوحي ليس حرفي، في حين أن الكتاب يعني ما يقول ويقول ما يعنيه، وعلى النقيض نجد أن شعب الله يتعامل مع الكلمة كما هي دون تخفيف أو نقصان.

 يدرس البعض الآيات بعدم ثقة في داخله فيظن أن الآية تحمل أكثر مِن معنى ولا يضع قوة إيمانه فيها، مما أدى إلى ضعف الحياة المسيحية التي ليست من المفترض أن تكون ضعيفة، فعندما بدأ فكر الرموز يدخل ويُقبَل، حدث إضعاف للإيمان.

 لا يعني هذا أن تصدق كل تفسير تقرأه، بل يجب أن تدرسه بشكل صحيح، وإن تأكدت إنه صحيح وأن هذا هو المعنى الحقيقي للكلمة فعندها ضع كل قوة إيمانك فيها. لديك قوة إيمان تفوق الطبيعي، فالبشر العاديون ليس لديهم نفس قوة الإيمان التي في الشخص المولود من الله، لذلك عندما تبدأ في السلوك بالكلمة تظهر قوة الإيمان.

حرب الإيمان الجميلة

“١١ وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ. ١٢ جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضًا، وَاعْتَرَفْتَ الاعْتِرَافَ الْحَسَنَ أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ.” (١ تيموثاوس ٦: ١١، ١٢)

لفظ “إِنْسَانَ اللهِ” أي رجل الله، يقول بولس لتيموثاوس حارب حرب الإيمان الجميلة، ولفظ “جِهَادَ” يحتوي بداخله بذل مجهود، مما أدى إلى اعتقاد البعض أن الحياة المسيحية تحتاج إلى بذل مجهود ولكن المقصود إنه يوجد نشاط روحي فقصد بولس لتيموثاوس هنا أن يمارس النشاط الروحي.

أُطلق عليها حرب الإيمان، فأي شك أو أفكار سلبية تأتي ضدك هي حرب إيمان، قم بدورك وحارب حرب الإيمان الحسنة، وهي حسنة لأنها معروفة النهاية فهي في صالحك، كل أفكار ومشاعر وظنون تأتي عليك، كل عيان تراه ضدك، هذا كله حرب إيمان وبين يديك أن تجعلها حسنة لأن الكتاب رسم لها أن تكون كذلك، وأيضًا بين يديك أن تجعلها تعيسة، لأنك إن لم تحارب ستُقتل.

كيف تتم هذه الحرب؟ تمسك بقوة الله وبحياة الله التي بداخلك واستخدمها، فلم يكن قصد بولس لتيموثاوس أن يتمسك بالحياة الأبدية أي لا يذهب للنار ولكنه يقصد أن يتمسك بالقوة التي بداخله. استخدم طبيعة الله التي بداخلك، فهذه الحرب لن تكون حسنة ما لم تتعامل بحياة الله التي بداخلك التي هي قوة الله وطبيعته وهي التي خلقت الأرض، وهذه هي الصورة التي خلق الله الإنسان عليها. الحياة المسيحية هي أن تحيا بكامل هذه القوة، ضد الظروف والأحداث وضد كل عيان تقابله. لن يظهر الإيمان في الظروف الجيدة، لكنه يظهر عندما تكون الظروف سيئة لكي تُحدِث أنت التغيير بها، لهذا السبب تعامل مع الأمور بروحك.

لا تعني كلمة “شُهُودٍ” المعني المعتاد لدينا، لكنها تعني الذي شهدت به ووعظت به أمام الناس، فهو يقول له أكمل في أن تسلك به. الحياة المسيحية هي السلوك بالطبيعة الإلهية، هي عدم الهزيمة أمام المواقف والعيان.

الإيمان هو أن تثق في الإمكانيات التي صارت فيك وتسلك بها وتحيا أعلى من المشاعر البشرية. ما تشعر به من سرحان أو سحب ذهني أو أفكار أو هجمات هذا ليس أنت، بل هو يُعرَض عليك من الخارج، يأتي إبليس بأفكار ومشاعر وظنون وانطباعات تجاهك كأنك أنت من أردتها، لا تصدق هذه الأفكار فهذه حرب إيمان، وكثيرون يقعون في هذه الأفكار ولا يعلمون إنهم يجب أن يحاربوا حرب الإيمان الحسنة.

 لن تذهب الأفكار من تلقاء نفسها، إن لم تتعامل معها قد تصل لمرحلة أن تسحبك، لذلك لا يجب أن تتناقش معها. يوجد لدى إبليس قوة سحب لمن يخضع لأفكاره، لأجل هذا يخبرنا الكتاب:كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ” (يعقوب 1: 14) أي يصبح الشخص مسحوبًا تحت هذا التأثير، لهذا السبب يقول الرسول بولس: “مَنْ رَقَاكُمْ حَتَّى لاَ تُذْعِنُوا لِلْحَقِّ؟” (غلاطية 3: 1) أي من الذي سحركم وسحبكم حتى لا تخضعوا للحق، إذًا هناك قوة سحب حدثت لهؤلاء الأشخاص بعد أن كانوا مقتنعين وخاضعين للحق.

حُققت الحياة المسيحية في المسيح، وهذا لم يكن متاحًا في العهد القديم.

“٢١ فَهَلِ النَّامُوسُ ضِدُّ مَوَاعِيدِ اللهِ؟ حَاشَا! لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ. ٢٢ لكِنَّ الْكِتَابَ أَغْلَقَ عَلَى الْكُلِّ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ، لِيُعْطَى الْمَوْعِدُ مِنْ إِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. ٢٣ وَلكِنْ قَبْلَمَا جَاءَ الإِيمَانُ كُنَّا مَحْرُوسِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، مُغْلَقًا عَلَيْنَا إِلَى الإِيمَانِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ. ٢٤ إِذًا قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ. ٢٥ وَلكِنْ بَعْدَ مَا جَاءَ الإِيمَانُ، لَسْنَا بَعْدُ تَحْتَ مُؤَدِّبٍ. ٢٦ لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. ٢٧ لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ: ٢٨ لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. ٢٩ فَإِنْ كُنْتُمْ لِلْمَسِيحِ، فَأَنْتُمْ إِذًا نَسْلُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَسَبَ الْمَوْعِدِ وَرَثَةٌ.” (غلاطية ٣: ٢١-٢٩).

كلمة “مَوَاعِيدِ” هنا تأتي بالجمع، وقبلها كان يتحدث عن الوعد بأن يأتي يسوع من نسل إبراهيم، فكان هذا وعد من وعود الله للإنسان.

أراد بولس أن يثبت للناس في رسالة غلاطية أن الناموس انتهى، فكان هدف الناموس أن يوقف الخطية والموت في الأرض عن طريق تشخيص الخطية، لكنه لم ينجح لأنه كان عاجزاً أن يجعل الإنسان قادراً أن يصنع البر بنفسه.

اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ. (٢ بطرس ١: ٤).

توجد وعود عظيمة وثمينة وأخرى ليست ثمينة أو عظيمة. مثال؛ لن يصنع فرقًا معنا مِن أي نسل أتى يسوع لأننا أمم-وهذا وعد- ولكنه يصنع فرقًا مع اليهود. يُصنَف وعد أن الله يعطينا حياته وطبيعته بالوعود الثمينة والعظيمة، وبما أن هذا الوعد ثمين في نظر الله فهو يجب أيضاً أن يكون ثميناً في نظر الإنسان إذا عرفه بشكل صحيح.

فَهِمَ شعب الله في العهد القديم أن الله سيعطيهم حياة وكانوا يعتقدون أن هذه هي القيامة، لهذا السبب تحدث عنها بولس في رسالة تيموثاوس أن هناك مَن ينادون بأن القيامة قد حدثت وذلك بسبب وجود اعتقاد أن كون المسيح أتى فإن القيامة قد صارت، فقال لهم بولس إذا كان الناموس قادر أن يحيي أي يعطي حياة الله للإنسان، إذاً لا داعي أن يأتي يسوع. أراد بولس أن يوضح أن الناموس كان مثل السجن لدى الأمم والحامي لدى شعب الله وبعد هذا سيصل بهم إلى يسوع.

توجد بداخلك طبيعة الله

البر هو أن تصير بار أي برئ ثم بعدها تصير فيك طبيعة الله، أي طبيعة البر (مقالة أنت بار وبر الله)، يوجد فرق بين بار أي بريء وبين البر أي مصنع لإنتاج الصواب دائماً. توجد بداخلك طبيعة لفعل الصواب، وهذه الجملة قد تزعج البعض لأنها تلغي في أذهان الناس فكرة أن الإنسان خاطئ، وهذا ما يفسر رسالة يوحنا الأولى أن المولود من الله لا يخطئ.

“كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ” (1يوحنا 3: 9)

أوضح يوحنا إنهم برغم أن لديهم هذه الطبيعة التي لا تصنع الخطأ إلا أن بسلوكهم بغير هذه الطبيعة يجعلون الله كاذباً، إذ هم بسلوكهم يثبتون أن هذه الطبيعة خاطئة، لكن طبيعة الله ليست هكذا، لهذا نفهم من رسالة يوحنا أن من يسلك في الظلمة الآن يجعل الله كاذباً لأن من وُلِدوا مِن الله هم الذين يظهرون طبيعة الله، وإذا سلك هؤلاء بالخطية فهم يثبتون للناس أن الله يخطئ. هذا ما يجعلنا نفهم أن طبيعة الله أُعطيت للإنسان لكي يحيا بها الآن، الحياة المسيحية هي أن تحيا الآن بهذه القوة وليس فيما بعد وهذه هو سر انتصار الشخص الذي يفهم هذا.

أتى إلى الرب يسوع أكثر من شخص يسألونه عن كيف يحصلون على الحياة؛ سأل نيقوديموس الرب كيف أحصل على هذه الحياة ورد الرب عليه ينبغي لك أن تولد من فوق، وقال له الرب إنه من المفترض أن تكون عارفًا بهذا الأمر، وعندما أتى الشاب الغني أيضاً إلى يسوع سأله عن الحياة الأبدية وهو لم يكن يقصد أنه يريد أن يقضي الأبدية في السماء فهو كان يعلم إنه إذا مات سيذهب إلى حضن إبراهيم ولكن كان يتحدث عن الطبيعة الإلهية، إذاً كان لديه طموح لها.

“٢٦ السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ وَمُنْذُ الأَجْيَالِ، لكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ لِقِدِّيسِيهِ، ٢٧ الَّذِينَ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ مَا هُوَ غِنَى مَجْدِ هذَا السِّرِّ فِي الأُمَمِ، الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ.”(كولوسي ١: ٢٦، ٢٧).

تخبرنا الآية عن هذا السر العظيم الذي يحتاج الناس أن يروه وهو غني ومجيد، هذا السر هو المسيح فيكم، صار يسوع الآن يستطيع أن يحيا من خلالك، هذا هو الرجاء الذي كان الناس يريدونه، هذا هو المجد المرجو، وهو لا يعني أن هذا سيحدث في القيامة لأن كلمة رجاء تُترجَم أحياناً في الأذهان على إنها ستحدث في القيامة.

 تستطيع الآن أن تفهم وتجد الحلول لمشاكلك من خلال فهمك أن قوة الله الآن فيك وعليك فقط أن تخرجها. تحتاج أن تفهم حرب الإيمان الحسنة من خلال تمسكك بقوة بهذه الحياة التي صارت فيك، هذه هي البشرية الإلهية التي أرادها الله للإنسان، فخلق الله الإنسان على صورته وشبهه، فهذه هي الصورة الأصلية التي كان الله يريدها وحُققت في يسوع.

“لكِنَّ الْكِتَابَ أَغْلَقَ عَلَى الْكُلِّ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ، لِيُعْطَى الْمَوْعِدُ مِنْ إِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ” (غلاطية ٣: ٢٢).

“أَغْلَقَ” أي محبوس، لكي يقول له أنت خاطي وتحتاج إلى طبيعة الله، لهذا السبب عندما تحدث الله مع هذا الشعب كان يقول لهم إن أعثرتك عينك اقلعها وإن أعثرتك يدك اقطعها، فالأفضل لك أن تذهب إلى الأبدية بلا يد أو أن تكون أعور على أن تفقد الأبدية. قَصَدَ الرب أن يجعلهم يفكرون في أن الأعضاء ليست هي المشكلة ولكن الطبيعة هي المشكلة ليصلوا إلى استنتاج أنه حتى إذا الشخص قُطعَت يده فهو مازال يشتهي، ومكتوب في الشريعة لا تشتهي، إذًا مازال الأمر لم يُعالَج، فكان يريد لهم أن ينتبهوا إلى أن الطبيعة الإلهية هي ما يحتاجون إليها.

ما هو هدف الناموس

كان هدف الناموس أن يحرس شعب الله في العهد القديم إلى أن يأتي منهم يسوع، لكنه كان لدى العالم الذي لا يؤمن بهذا الإله يعمل عمل السجان، أما لدى شعب الله كان يحميهم من الاختلاط بالخطية، إذاً كان الناموس هو الطريقة التي قادتهم إلى يسوع. أراد بولس أن يثبت أن الحياة من الخارج إلى الداخل قد انتهت -حيث كان الناموس يقول لك افعل هذا وعليك أن تفعله- لكن الحياة الآن هي من الداخل إلى الخارج لأنك تسلك بالطبيعة الإلهية، لهذا السبب كان بولس يقول لأهل غلاطية إنهم إن أكملوا بالناموس سيسقطون من النعمة.

“١ وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ. ٢ بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ. ٣ هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ. ٤ وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، ٥ لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. ٦ ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ». ٧ إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ ِللهِ بِالْمَسِيحِ.” (غلاطية ٤: ١-٧).

يشبّه بولس شعب الله إنهم مثل القاصر عندما كانوا تحت الناموس، أي لم تُسلَّم إليهم كل الأمور إلى آخرها، ولكن أنت الآن قد نضجت بعدما صارت بداخلك الطبيعة الإلهية. النضوج بالنسبة لشعب الله هو قبول يسوع، فقبل قبوله هم قاصرين وأما بعد قبوله صاروا ناضجين، بنفس المبدأ إن كنت غير ناضج روحياً فأنت تمتلك كل شيء ولكن لا تستطيع أن تستخدم ما لديك مثل القاصر الذي يُحتجز عنه ما له إلى أن يصل إلى سن الرشد، وهذا يوضح لك إنه يوجد ما يؤدبك ويدربك إلى أن تصل إلى استخدام ميراثك وما لك.

استخدم بولس لفظين “الوصي” و “الوكيل”، الوصي أعلى من الوكيل، وهو المدرب الأخلاقي المهتم بالشخص ويعتني بحالته كلها، ولكن الوكيل يهتم فقط باستخدامات الميراث بقدر معين. استخدم بولس نفس اللفظ في رسالة كورنثوس عندما قال لكم ربوات من المرشدين لكن لكم أب واحد، “إِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ، لكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ”(1 كورنثوس 4: 15) ولفظ “مرشد” هو نفس لفظ “وصي”.

 المسيحية هي حياة تلمذة

 يجب أن تخضع لراعٍ يقودك لكي يعلمك، وهذا ما قصده بولس بقوله: إلى أن جاء المسيح كنا تحت أوصياء ووكلاء، هناك شخص مسئول عن حياتك كلها، فهو يقودك في ما تتحرك فيه، هو المدرب الذي يرشدك، وهذا يختلف عن الأبوة الروحية، لكن هو يعطيك ما أخذه من الأبوة الروحية، لذلك في سفر أعمال الرسل نجد كل من يقبل يسوع يُطلق عليه تلميذ، وتلاميذ الرب الذين كانوا معه بدأ يُطلق عليهم رسل.

يوجد من قَبِلَ يسوع وانطلق للخدمة مباشرة، ولم يعبر على وصي ووكيل، لفظ الوكيل هو الشخص الذي يبدأ في مساعدة من يدربه خطوة بخطوة إلى الأدوات التي يستطيع استخدامها الآن تحت إشراف الوصي، إلى أن يصل لمرحلة التدريب والنضوج.

معنى “أركان العالم” أو “عناصر العالم” أي ما يقدمه العالم للبشرية وهو السقوط بكل جوانبه، فعندما يكون الشخص قاصرًا(غير ناضج روحيًا) فهو مازال خاضعًا لعناصر العالم، يتضايق مثل الناس ويأخذ عدوى مثل الجميع ويعاني من الحياة، ولكن إذا كنت بالروح تُميت أعمال الجسد، أي إذا واجهت عدوى تستطيع أن تقتلها بروحك. توجد قوة إذا اخرجتها من داخلك تجد نتائج.

 مِن الممكن أن يحدث لك هجوم وهذا لا يعني إنك شخص سيء. يسعى إبليس إلى ضرب الشخص المولود من الله لكن ماذا تفعل أنت معه، إن كنت تنتظر الله أن يتدخل فأنت تحتاج إلى فهم حرب الإيمان الحسنة. ماذا تفعل مع أي اكتئاب أو شكوك تُلقى عليك، وماذا عن الظنون السلبية تجاه الأشخاص؟ يجب أن تميت بروحك هذه الأمور.

لفظ “قاصرون” بالنسبة لشعب الله أي كانوا مستعبدين للناموس الذي يحدثهم بأمور ملموسة أو طقوس، لكن بالنسبة لك كمولود من الله فهو يعني أن لا تتأثر بعناصر العالم. إن لم يكن لديك شغفًا لدراسة الكلمة، يجب أن تبدأ ولا تنتظر مشاعرك وإلا ستحيا حياة القاصر رغم إنك من المفترض أن تحيا حياة الناضج.

 مِن علامات النضوج الروحي

عندما تنضج تجد أن شهيتك لدراسة الكلمة لم تعد مثلما بدأت بها بالجسد والمشاعر فقط ولكنك الآن روحياً أنت في حالة جوع للكلمة. في بداية قبولك يسوع كنت تجد جسدك لا يريد دراسة الكلمة أو الذهاب للكنيسة، في هذا الوقت كنت محمولًا على أيدي الوصي والوكيل فهو كان يحملك على جناح إيمانه، ولكن في وقت معين عليك أن تقف أنت وتفعلها بنفسك وهذا من ضمن علامات النضوج.

لم يسمع الكثير مِن الناس تعليمًا عن أن دورهم هو أن يسلكوا بالكلمة عن عمد لذلك فقد اعتقدوا إنهم ضعفوا روحياً لأنهم يقيسون أنفسهم على مشاعرهم، ولكن أحد علامات النضوج هي أن تفعل الأمر أنت بنفسك. ما تعتقد إنه ذهب ولن يعود سواء فرح أو شهية يجب أن تفهم إنها موجودة بداخلك وأنت من تخرجها، الحياة المسيحية هي أن تصنع الشيء لأن بداخلك القوة، فلم تعُد الآن مستعبدًا لما يمليه عليك جسدك. بداية التدريبات الروحية هي أن تقول لجسدك “لا”، أي أفكار شريرة تملي عليك أن تسخر من أحد هي ليست منتجة من روحك ولكن هي من إبليس، كلما تثق في الطبيعة الإلهية بداخلك كلما تستطيع أن تسلك بالروح، الحياة المسيحية هي ثقة في الطبيعة الإلهية الموجودة بداخلك.

لا يمكن التلاعب بالأزمنة والأوقات الإلهية المحددة، فبرغم زيغان شعب الله إلا أن الرب حافظ على بقية تقية استمرت مع الرب، وهي التي بسببها أصغى الرب لكي تتم خطته في النهاية بصورة رائعة مُحكَمة. كان شعب الله يتوقع مجيء يسوع لأنهم كانوا يعلمون إنه مثل وجود ستة أيام خلق واليوم الرابع هو بداية النور، أن الرب سيأتي بعد أربعة آلاف سنة لأن اليوم الواحد عند الرب كألف سنة، وبالحقيقة أتى الرب في نفس الميعاد، كذلك سيأتي الرب ثانية بعد انتهاء الألفي عام التي نحن الآن في نهايتها.

لا يعني لفظ “التبني” إنك لست ابن الله بالفعل بل هو يعني “التنضيج”، وكانت هذه الجملة تُقال في زمن الرومان عن مدرسة النضوج، فكان الأب يرسل ابنه ليتعلم في هذه المدرسة أمورًا كثيرة وعندما ينضج يتم الاعتراف به من الأب أمام الجميع أنه الآن ابن ناضج، مثلما فعل الآب مع يسوع أمام الجميع عندما قال: “هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. لَهُ اسْمَعُوا(لوقا 9: 35) ولا يعني هذا أن الروح القدس يتعامل مع الناضجين فقط. النضوج الروحي هو طموح إلهي. قيل كثيراً إنه أمر جيد أن يكون هناك اختلافات وسط جسد المسيح لأنها تعطي معنى للجسد وغيرها من هذه الجمل، لكن هذا عكس ما يقوله الكتاب تمامًا.

“وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.”(٢ كورنثوس ٣: ١٨).

عندما تنضج تستطيع أن تحب كل أنواع الطعام وكل الألوان ولكن ليس مِن الخطأ أن يكون لك لون مفضل أو طعام مفضل إن كان هذا لا يتحكم فيك، لكن إن تحكم فيك طعام معين، إذاً ليست روحك هي مَن تقود، وهذا ليس سليمًا لأنك يجب أن تقود أنت جسدك. لابد من وجود من يقودك لتتغير إلى تلك الصورة عينها، مثل المدرب الذي يقود فريقه فيتحول هذا الفريق إلى نفس تصرفات وقواعد المدرب ويتغير إلى صورة المدرب عينها. ولا يتغير أحد إلا عندما يكون تحت مدرب. يأتي العقم الروحي حينما لا يكون هناك مرشد روحي، ولكن يوجد شرط في هذا المرشد أن يقودك بحسب الكلمة.

“١٥ فَمَاذَا كَانَ إِذًا تَطْوِيبُكُمْ؟ لأَنِّي أَشْهَدُ لَكُمْ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ لَقَلَعْتُمْ عُيُونَكُمْ وَأَعْطَيْتُمُونِي. ١٦ أَفَقَدْ صِرْتُ إِذًا عَدُوًّا لَكُمْ لأَنِّي أَصْدُقُ لَكُمْ؟ ١٧ يَغَارُونَ لَكُمْ لَيْسَ حَسَنًا، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكُمْ لِكَيْ تَغَارُوا لَهُمْ” (غلاطية ٤: ١٥-١٧).

يقول بولس لأهل غلاطية إن تطويبهم ومدحهم له والاختبارات والتغيير الحادث فيهم هو نتيجة تعليمه لهم، ويحذرهم من هؤلاء الذين يتحمسون ويريدون أن يعزلوهم لكي يضيفوا رصيد لإيمانهم بأنه يجب الختان والسلوك بحسب اليهودية، ويوضح لهم أن ما يحدث لهم من هؤلاء ليس بدافع حسن أو بهدف نبيل، فلهذا يجب أن تراجع الكلمة وراء من يرعاك روحيًا وتتأكد أن ما يقوله لك هو بحسب الكلمة، وبعدما تمتحن وتتأكد يجب أن تخضع.

“حَسَنَةٌ هِيَ الْغَيْرَةُ فِي الْحُسْنَى كُلَّ حِينٍ، وَلَيْسَ حِينَ حُضُورِي عِنْدَكُمْ فَقَطْ” (غلاطية ٤: ١٨).

جيد أن يتحمسوا إليكم ولكن الأهم أن يكون بدوافع حسنة، لفظ “غيرة” ليس معناه شخص يغير من أحد أو اشتهاء شيء، ولكن معناها الحماس أو الشغف إلى الشيء. كان بولس جريئًا في أن يضع فرقًا بينه وبين آخرين لدى الناس، فكان يوضح لهم إنه غير الآخرين فهو يأتي إليهم بدافع حسن نحوهم، وهذا هو الدافع الذي يقيسون عليه. يريد الرب منك أن تسلك بالطبيعة الإلهية ولكن تحتاج كشخص مولود من الله أن تكبر تحت إرشاد روحي لأن ليس كل الطعام مناسب لك في البداية.

“لِذلِكَ اسْهَرُوا، مُتَذَكِّرِينَ أَنِّي ثَلاَثَ سِنِينَ لَيْلاً وَنَهَارًا، لَمْ أَفْتُرْ عَنْ أَنْ أُنْذِرَ بِدُمُوعٍ كُلَّ وَاحِدٍ” (أعمال ٢٠: ٣١).

معدل النضوج الروحي هو مِن ثلاث إلى خمس سنوات بشرط أن تأكل الكلمة بنَهَم وتحت قيادة روحية، قد يبدو هذا الكلام غريبًا لدى البعض فهناك من يعتقد أن النضوج الروحي يحتاج إلى عشرين عاماً، ولكن يوضح بولس هنا وهو يتحدث إلى أساقفة معدل النضوج الروحي. الحياة المسيحية سهلة وسلسة شرط أن تُطعَم طعامًا سليمًا وصحيًا، وليس معنى أنك نضجت أن تتوقف عن النمو، فأنت مازالت تأكل نفس الطعام الذي كبرت به لتحافظ على ما وصلت إليه، ولحماية هذا الجسد من أن ينهار.

يوجد بعض الجمل التي دخلت مثل لا أحد يعرف الحق الكتابي، لا أحد يعرف الحقيقة، هذه الجمل تعطل نموك الروحي، وتقتل الرجاء والأمل. قد يكون من قال لك هذه الجمل لم يقصد تعطيلك، لكن يوجد أهداف الشيطان كان يريد زرعها عبر جمل لم يعترض أحد عليها وتبدو إنها مستقيمة لكن عاقبتها خطيرة. لا يوجد لدى الرب مخطط للحياة المتعبة الحزينة المنكسرة، وأن الهدف هو أن يقبل الشخص الرب يسوع فقط، لذلك صار لدى جميع من أكل من هذا الطعام إنه بهذا ضمن الأبدية وكفى، من هنا صار يوجد تعب بسبب منع النمو بصورة سليمة.

“وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ.” (أعمال الرسل ٢٠: ٣٢).

يجب أن تُبنى لتعرف أن تستخدم هذا الميراث الآن لكي تحيا به هنا على الأرض. ما هي الوعود التي قالها الله لإبراهيم؟ قال له أنت ستتبارك وفيك ستتبارك الأمم، ما معنى البركة لدى إبراهيم وقتها؟ هي عبارة عن كل بركات العهد القديم، إذا ً كان الرب يتحدث عن الأمم إنهم كانوا مشتركين مع إبراهيم في كل هذه البركات، ولهذا غير مقبول أن تقول الآن الرب أعطاني وعد بكذا لأنه لا يوجد وعد الآن سيتم سوى أن يسوع آتي ثانية، فالله قد أتم كل الوعود في يسوع.

لا تنتظر تحقيق الوعود

إن كنت تنتظر من الرب تحقيق وعدًا معينًا، إذًا أنت لم تنتقل إلى مرحلة إيمان وبالتالي توقع إنك لن تحصل عليها مع إنها ملكك، فطريقة الحصول عليها هي طريقة كتابية واحدة، وهي أن تفهم أن ما تنتظره وترجوه قد صار فيك. يفسر هذا لك لماذا انهزمت أمام مواقف الحياة سابقًا أو إن كنت انتصرت عليها فقد حدث هذا بطريقة صعبة وكنت ترى صعوبتها وليس فرح الانتصار عليها. طالما مازالت الحياة ضخمة في نظرك إذًا أنت لا تحياها بالمنطلق الإلهي الذي يرى المواقف مثلما قال بولس “خفة ضيقتنا الوقتية” برغم إن ما عبر به بولس لم يكن خفيفًا، لأنه كان ينظر بالإيمان وليس بحسب العيان.

إذًا فالكلمة تبنيكم وتعطيكم ميراثًا، لذلك يجب أن تُبنى لكي تأخذ هذا الميراث الذي صار لك ولكن إذا كنت مازالت قاصرًا لا يمكنك استخدامه.

“١٧ كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، ١٨ مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ” (أفسس ١: ١٧، ١٨).

هل هذا الميراث روحي فقط أم يختص بالأرض أيضاً؟ هل بركات العهد الجديد روحية فقط أم جسدية؟

“لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (غلاطية 3: 14)

 كونك قبلت الرب يسوع إذًا أنت مثل إبراهيم في ميراثه. كان إبراهيم هو الشخص الوحيد الذي أخذ الأرض وامتلكها بروحه عندما قال له الله انظر شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، كل ما تراه تمتلكه، وبدأ إبراهيم يرى كل الكرة الأرضية بروحه، حتى ما لم يراه بعيونه الجسدية امتلكه بروحه، يقول الكتاب في (رومية 4: 13) إنه صار وارثًا للعالم. فتح الرب عهدًا مع إبراهيم بعد ما أُسلمت الأرض للشيطان، لكي يأتي من خلاله يسوع ويسترد الأرض مرة أخرى ويعطيها ليسوع.

صارت البركات الآن روحية تؤدي إلى جسدية ولا فاصل بينهم، يعتقد الكثيرون إنه كانت كل بركات العهد القديم جسدية في العيان، أما في العهد الجديد فكل البركات روحية ولم تعد جسدية، لكن الكتاب لم ينفِ إنها في العهد الجديد جسدية، فنجد في رسالة العبرانيين “الأَصْغَرُ يُبَارَكُ مِنَ الأَكْبَرِ” (عبرانيين 7: 7)، “الأَصْغَرُ” أي عالم العيان يُبارَك مِن “الأَكْبَرِ” أي عالم الروح. لم تُعطَ البركات الروحية لشعب الله لأنهم كانوا غير مولودين من الله، ولكن الآن أُعطيت للكنيسة البركات الروحية والجسدية.

“١٦ فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ، ١٧ الَّتِي هِيَ ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ.” (كولوسي ٢: ١٦، ١٧).

“ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ” أي الأمور التي كانت ستحدث عند مجيء يسوع، فهذه الأمور كانت في وقتها عتيدة أي إنها كانت ستحدث في المستقبل، لكنها ليست عتيدة بالنسبة لبولس أو لنا ولكنها عتيدة بالنسبة لشعب الله.

 “أَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ” أي تجسيد هذه الظلال هي في المسيح، فقد ظهرت الحقيقة في المسيح التي كانت ظلالًا بالنسبة لهم، وهذا يعني إننا رأينا في يسوع أروع من هذه الظلال، فما كانوا يطمحون إليه في العهد القديم صار الآن متجسدًا في العهد الجديد، الكلمة صار جسدًا.

الحياة المسيحية هي “مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ” (1كورنثوس 2: 9) أنت الآن تسير في أعلى قمة الإنجاز الإلهي، الميلاد الثاني هو أعلى إنجاز تم للبشرية، كل قوة الله وُضعت في هذا الخلاص، فبالتالي ليس من الصواب أن تظن إنك ناقص في أمر معين، هذه القوة تشمل السيطرة على حواسك الخمس وعلى غرائزك وعلى جسدك، تصير الإنسان الذي قرر الله أن يصنعه، أنك الآن تستطيع أن تتعامل مع ظروف الحياة بالمنطلق الإلهي وليس بالمنطلق العاجز، توجد بالكنيسة الآن كل قوة الله.

أمور أضعفت الحياة المسيحية

ما هي الأمور التي أعتقدها الناس إنها صحيحة ولكن في الواقع كانت هي من تسحب ايمانهم؟ ما هي الأمور التي أضعفت الحياة المسيحية التي كان المفترض أن تُعاش بقوة؟ معرفة هذه الأمور ستفسر لك الكثير من الأحداث التي مررت بها، فتستطيع أن تقوم الآن وتحيا بهذه القوة.

بداية هذه المعتقدات الخاطئة هي اعتقاد الشخص بأنه يستطيع أن يأخذ من الرب مباشرة ولا حاجة له أن يخضع لرعاية روحية.

“١٣ مَغْرُوسِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، فِي دِيَارِ إِلهِنَا يُزْهِرُونَ. ١٤ أَيْضًا يُثْمِرُونَ فِي الشَّيْبَةِ. يَكُونُونَ دِسَامًا وَخُضْرًا” (مزمور ٩٢: ١٣، ١٤).

لا يمكنك أن تزهر أي تكون منتجًا دون أن تكون مغروسًا في بيت الرب. لا يمكنك أن تحيا حياة انطلاق روحي دون كنيسة. دور الكنيسة أن تدفئك بحق كتابي وهي ليس مكان اجتماعي، نعم قد يتولد فيها اجتماعيات، ولكنها مكان لأكل الكلمة. ما لم تكن مغروسًا روحياً في بيت الرب وتأكل الكلمة وتحاط بأشخاص من الكنيسة ستأخذ من مبادئ العالم لأنك طوال الوقت تصنع علاقات فيها أخذ وعطاء إلى أن تصل لمرحلة نضوج تستطيع فيها أن تعطي فقط.

 لا يمكنك النمو بمفردك في البيت، فليست وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام بديلاً عن الكنيسة. “مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا… لأَنَّهُ هُنَاكَ أَمَرَ الرَّبُّ بِالْبَرَكَةِ(مزمور 133: 1-3) توجد بركة خاصة أمر بها الرب في التجمع الكنسي. خضوعك للكنيسة واعطائها الأولوية في حياتك هو نزول تحت الكلمة، فأرواح المؤمنين تُشعل بعضهم بعضًا.

 قد تدخل الكنيسة وأنت تشعر بعجز وعندما تسمع الكلمة تكتشف القوة التي بداخلك، نفس هذه القوة تنتقل إلى الأشخاص الذين يشاهدونها عبر الشاشات بسبب بعد المكان، ولكن الذي يستطيع الحضور بالجسد في الكنيسة ولا يتواجد يفقدها. إن لم تكن هناك كنيسة حولك يمكنك أن تعمل أنت كنيسة.

لا ينبغي أن تُستبدل الكنيسة والتلمذة بالخدمة، فنجد أشخاصًا بمجرد أن يقبلون الرب يسوع يدعونهم للخدمة مباشرة، وهذا مثل طفل صغير يدعونه للعمل وممارسة مهام فيكبر هذا الطفل وهو ليس صحيحًا لأنه حمل أثقالًا وهو مازال صغيرًا، هذا الأمر سبب تعبًا لأشخاص وأوصلهم إلي حياة مسيحية غير سهلة.

 قد يسقط بعض الأشخاص في الكبرياء بسبب عدم وجود رعاية روحية صحيحة وعدم الالتصاق بالكنيسة والتلمذة لأنهم بدأوا يرون أنفسهم في مرتبة روحية هم ليسوا فيها بالفعل، فينتفخ هؤلاء الأشخاص واهمين إنهم قادرين على مواجهة مواقف الحياة فيجدوا أنفسهم إما أن يتكبروا أو يُلاموا من إبليس بسبب أمور مازالوا يفعلوها، وكل هذا بسبب إنهم أُسلموا للعمل بالخدمة مبكراً، لا يعني هذا عدم اشتراكهم مطلقًا في أعمال الخدمة، لكن يمكنهم أن يشتركوا في الأعمال خفيفة ويكون انشغالهم الأكبر بدراسة الكلمة.

 من يتحرك في الخدمة قبل نضوجه لن يحتمل من حوله ولن يسلك بالطريقة التي أرادها له الرب، لذلك التصاقك بالكنيسة هو التصاقك بالرب شخصيًا، لأن الكنيسة هي عمود الحق وقاعدته هنا على الأرض. قيل عن الكنيسة الكثير مِن الجُمَل مثل؛ الكنيسة ضعيفة وليست قوية، وأن عدو الخير لا يسكت، لكن الرب يسوع أوضح عكس هذا فيقول الكتاب في أعمال الرسل: لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ(أعمال 1: 8). هذه القوة في الأصل اليوناني هي(ديوناميس) أي نفس قوة الله ونفس الطبيعة الإلهية التي أُعطيت لك.

لا تحيا في ضعف

 كيف تحيا في حالة ضعف وأنت فرد من أفراد الكنيسة فبالتالي تحيا الكنيسة في ضعف؟ حدث هذا نتيجة عدم فهم الروح القدس. يوجد اعتقاد أن الروح القدس هو تأثير أو حمامة، لكنه هو شخص له يدين ورجلين، وعندما حل على الرب يسوع كانت طريقة نزوله كالحمامة وليست هيئته الجسدية كالحمامة. عندما تبدأ في التعامل معه تسلك بهذه القوة، إن كنت تأخذ وقتًا كافيًا في الصلاة بالروح وتتأمل في الكلمة ستصل لمرحلة وعي بالروح القدس طوال الوقت، وهذا هو الهدف الإلهي.

 “١ اَلْكَلاَمُ الأَوَّلُ أَنْشَأْتُهُ يَا ثَاوُفِيلُسُ، عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ، ٢ إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ، بَعْدَ مَا أَوْصَى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الرُّسُلَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ.” (أعمال ١: ١- ٢).

لفظ أوصى بالروح القدس ليس معناه إنه أوصى عن الروح القدس، لكن الرب يسوع كان يتكلم منقادًا بالروح القدس، وكذلك أنت الآن الروح القدس يخرج من صوتك، روح الله الآن يمكنه أن يظهر على أجساد البشر ويمكنه أن يتمشى في ذهنك وأن ينظر من خلال عينيك، على أن ترى الأمور وتفكر فيها بنفس طريقة الله، وتتكلم نفس كلام الله.

كف عن السخرية وعن استحقار ما صنعه يسوع في حياتك، كف عن النظرات السلبية التي تأتي على ذهنك وتقول لك إنك شخص جسدي. توجد خدعة يعتقد فيها الشخص إنه لم يتغير بعد قبوله ليسوع، وذلك لأن جسده وأفكاره لم يتغيروا في الحال، لكن هذا ليس صحيحًا، فهو مثل شخص كان في فراش المرض لمدة طويلة وطوال الوقت كان الآخرون يحضرون له اطعام ويعتنون به ثم شُفى هذا الشخص وقام ولكن يتبقى إنه يجب أن يتعامل مع العادات الفكرية التي تكونت لديه أثناء مرضه، فيتعلم ويصنع ما كان يُصنع معه وهو في حالة المرض.

 “إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ(2 كورنثوس 5: 17) أنت الآن خليقة جديدة وشخص مختلف، ليس الميلاد الثاني تجديدًا، فلفظ تجديد لا يعني مخلوق جديد. لدينا تعريف لكلمة تجديد أن يصنع شخص تجديد في شقته مثلاً فيبدأ في تغيير وتصليح بعض الأشياء فيها، ولكن لفظ الخليقة الجديدة ليس هكذا فهو يعني أن كل هذه الشقة اُستُبدلَت بأخرى غيرها.

 أُعيد خلق الإنسان من جديد، يعتقد الشخص إنه لم يتغير قبل وبعد الميلاد الثاني لأنه عمل أمور خاطئة مثل ما كان سابقًا، واقعاً هو أُعيد خلقه روحياً وصار إنسانًا جديدًا، لكن جسدياً مازال كما هو ومازال ذهنه يحتاج تجديدًا، لذلك تحتاج أن تفهم معلومات مِن الكلمة لكي تكتشف الطبيعة الإلهية بداخلك. صارت الآن أعضاءك أعضاءه فبالتالي ما أنت تصنعه هو يصنعه، وهذه ليست مبالغات أو رموز، فقد صار الآن تجسيد الله في أولاده.

كم المرات التي كنت فيها غير واعٍ بهذا فتحركت كإنسان عادي. الحياة المسيحية هي اكتشافات، إنها حرب هوية، فعندما تأتي فكرة شريرة على ذهنك تشك إنك وُلدت ميلادًا ثانيًا معتقدًا إنك نفس الشخص قبل وبعد قبول يسوع.

“إِذًا نَحْنُ مِنَ الآنَ لاَ نَعْرِفُ أَحَدًا حَسَبَ الْجَسَدِ. وَإِنْ كُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لكِنِ الآنَ لاَ نَعْرِفُهُ بَعْدُ” (2 كورنثوس 5: 16)

يقول الرسول بولس: لا أعرف أي شخص ولا نفسي بصورة جسدية، وإن كنا عرفنا المسيح حسب الجسد لكن الآن لا نعرفه حسب الجسد، كذلك الآن لا أعرف نفسي من الخارج، فالإنسان العتيق مات ولم يعد موجودًا، المُنتج للخطية مات، الروح الإنسانية التي عجز الناموس أن يغيرها الآن أُعيد خلقها، أنت الآن تحتوي على طبيعة الله.

 المسيحية هي الحياة الإلهية في الإنسان، الطبيعية الإلهية التي تجعلك بسهوله تقول لا لمشاعرك، لأن طبيعة الله بداخلك تقدر أن تخرج طاقة فرح خارج هذا الجسد وتطغي على ما أنت تشعر به، هذه هي طبيعة الله هذا ليس في المستوى البشري. ليست المعجزة فقط في شق البحر أو شيء ضخم يحدث، ما يتم الآن من التحكم في أفكارك وأعصابك هي الطبيعة الإلهية.

 عندما تسأل عن عدم حدوث المعجزة، هذا بسبب أن خيالك لا تعمل فيه كلمة الله ولكن يعمل فيه ما تصدقه أنت عن نفسك بصورة سلبية. إن كنت طوال الوقت ترى نفسك بصورة خاطئة، فعندما تُعرَض عليك أفكار صحيحة تنفيها وإن استمر هذا لفترة من الوقت تتحول إلى معاق روحيًا.

“وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ(2 كورنثوس 3: 18).

من المفترض أن روحك تشاهد ذهنك الذي تُفَعِّل فيه أفكار الكلمة عن عمد، لهذا السبب ناظرين إلى تلك الصورة عينها نتغير إليها، أي كلما ترى الأمر في روحك ستراه عياناً، ولكن إن لم تكن متحكمًا في أفكارك ستكون مازالت خاضعاً لعناصر العالم وأفكاره وما يعطيه العالم فترى نفسك ضعيفًا مثل العالم.

 اخرج هذه القوة فهي بداخلك الآن، لا تحتاج إلى ضجة لخروجها، لكن اخرجها عبر أن تتكلم الكلمة وتوجيه تفكيرك، صلي بألسنة واخرج كلمات الله مِن فمك، ابتعد عن كل شيء يجعلك خفيفًا روحيًا، فهناك من يُشحَن بالكلمة وبعدها بسبب كلمات السخرية والاستخفاف بالكلمة يفقد ما أخذه مثل الآبار المشققة التي لا تضبط ماء، فيتحول إلى إنسان عادي ويتكلم مثل باقي الناس.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$