القائمة إغلاق

ما هي الحياة المسيحية وكيف تحياها – الجزء 1 What Is Christianity And How To Live – Part

العظة مكتوبة 

▪︎ المسيحية ومتى نشأت.

▪︎ الناموس والنعمة.

▪︎ العهد القديم عهد الظلال، نحن الآن نحيا الحقيقة.

▪︎ بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه.

▪︎ مواهب الخدمة الخمس وبنيان جسد المسيح.

▪︎ الحياة الإلهية ووعد الله الأزلي.

▪︎ سيادتنا الآن في زوايا حياتنا وعلاقتها بالمُلك الألفي.

▪︎ النعمة وماذا تعني؟

    صاحب الشيء نفسه هو أكثر مَن يريد أنْ يعرف قوة ما يمتلكه، فعندما يكون لديه الشيء ثم يختفي، تجده للأسف يكتشف أهمية ما فقده، لكن لا يريدنا الله أنْ نكون بهذه الحالة، لأنّ هذا نتيجة سقوط الإنسان، يريدنا الروح القدس أنْ نكتشف ونحيا ما أعدّه الله لنا كمسيحيين مِن بدايته وليس بعد فوات الأوان، فأكثر مَن هم في احتياج لفهم المسيحية هم المسيحيون.

    لم يدرك اليهود أهمية الميلاد الثاني مثلما أدركها الذين هم مِن خارج، وهذا لأنّ اليهود كانوا في عهد مع الله، وعندما قبلوا يسوع قدَّروا هذا جدًا ولكن ليس كالذين هم مِن خارج الذين أحسّوا بضخامة ما عمله يسوع، فتعامل اليهود مع الأمر وكأنه شيءٌ كان ناقصًا في موسى واكتمل في يسوع، أما الأمم فلم يستطيعوا إلَّا أنْ يفتخروا بهذا المُسمَّى “مسيحيون”.

▪︎ المسيحية ومتى نشأت:

أَمَّا الَّذِينَ تَشَتَّتُوا مِنْ جَرَّاءِ الضِّيقِ الَّذِي حَصَلَ بِسَبَبِ اسْتِفَانُوسَ فَاجْتَازُوا إِلَى فِينِيقِيَةَ وَقُبْرُسَ وَأَنْطَاكِيَةَ، وَهُمْ لاَ يُكَلِّمُونَ أَحَدًا بِالْكَلِمَةِ إِلاَّ الْيَهُودَ فَقَطْوَلكِنْ كَانَ مِنْهُمْ قَوْمٌ، وَهُمْ رِجَالٌ قُبْرُسِيُّونَ وَقَيْرَوَانِيُّونَ، الَّذِينَ لَمَّا دَخَلُوا أَنْطَاكِيَةَ كَانُوا يُخَاطِبُونَ الْيُونَانِيِّينَ مُبَشِّرِينَ بِالرَّبِّ يَسُوعَوَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُمْ، فَآمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعُوا إِلَى الرَّبِّفَسُمِعَ الْخَبَرُ عَنْهُمْ فِي آذَانِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَأَرْسَلُوا بَرْنَابَا لِكَيْ يَجْتَازَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ.الَّذِي لَمَّا أَتَى وَرَأَى نِعْمَةَ اللهِ فَرِحَ، وَوَعَظَ الْجَمِيعَ أَنْ يَثْبُتُوا فِي الرَّبِّ بِعَزْمِ الْقَلْبِ لأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَمُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَالإِيمَانِ. فَانْضَمَّ إِلَى الرَّبِّ جَمْعٌ غَفِيرٌثُمَّ خَرَجَ بَرْنَابَا إِلَى طَرْسُوسَ لِيَطْلُبَ شَاوُلَ. وَلَمَّا وَجَدَهُ جَاءَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَفَحَدَثَ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الْكَنِيسَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَعَلَّمَا جَمْعًا غَفِيرًا. وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلًا.” (أعمال 11 : 19-26)

    كان كل مَن يتبعون يسوع في ذلك الوقت يسمون “الناصريين” أو “اليسّيين” نسبةً إلى يسَّى والد داود، كان هؤلاء مرتعبين أنْ يُسمّوا باسم يسوع حيث إنّ موسى كان لا يزال يملأ أذهانهم، وكان يسوع بالنسبة لهم هو شخصٌ دخل على خط موسى، لذلك كانت أول كنيسة، أو أول عدد كبير قَبِلَ يسوع مِن الأمم، عملوا شيئًا يؤدي إلى اضطهادهم، لأن كل مَن كان ينتسب إلى يسوع كان يُهدَّد بالقتل، لكنهم لم يخشوا الانتساب لهذا الاسم الصارخ، اعترافًا منهم بهذا الشخص، وبعد ذلك استخدم بطرس هذا الاسم في رسالته الأولى؛

 “فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِل، أَوْ سَارِق، أَوْ فَاعِلِ شَرّ، أَوْ مُتَدَاخِل فِي أُمُورِ غَيْرِهِوَلكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ، فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هذَا الْقَبِيلِ.” (1 بطرس 4 : 15-16). 

    كان أي شخٍص في ذلك الوقت يبحث عن الانتساب لفيلسوفٍ ما أو عالِمٍ معروفٍ ويُسَمَّى باسمه، فأحب الأمميون أنْ يُسموا بهذا الاسم اعتزازًا منهم بالمسيحية، وقبل أن يستنير بطرس في هذا الأمر كان يتكلم ويقول: فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ، لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ.” (أعمال 3 :19)، كان يقصد بأوقات الفرج هنا أوقات فيها انتعاش بشري.

    نجد بولس بعد ذلك وهو يقول: “إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.” (2 كورنثوس 5 : 17)، أي إنّ الإنسان في المسيح أخذ طبيعة الله. هذا النظام الذي سار به اليهود منذ موسى جعلهم يعتقدون أنّ قبولهم ليسوع ما هو إلّا إضافة شيءٍ، ولكن حقيقة الأمر هي إعادة خلق الروح الساقطة، فقد كان هناك خليط بين فِكْر موسى وفكر يسوع.

▪︎ الناموس والنعمة:

    للحياة المسيحية مبادئ ومفاهيم ثابتة وواضحة وليست متناقضة، إنْ لم تُفهَم، سيعيش الإنسان بطريقة خاطئة، وهنا نوضح مبدأ خطأ تربيّنا عليه في فَهْم الكتاب وهو؛ لابد مِن وجود اختلاف في العقيدة المسيحية بين الواحد والآخر، فالاختلاف يبرز الجمال، وهذا غير صحيحٍ تمامًا، وهنا نحن لا نجبر أحدًا على الإيمان بمعتقداتنا، لكن حينما يقول أحدهم إنه لابد مِن الاختلاف حتى نكمل بعضنا البعض، ومِن يمكن أنْ يكون للآية أكثر مِن مفهوم، فهذا غير صحيح.

    تخيل معي أننا نعيش في فترة ما بعد يسوع وقبل بولس؛ فيسوع هذا شخص له تعليمٌ مختلفٌ، وها هو واحد مِن أتباعه انتحر، مع الأخذ في الاعتبار حالة التعتيم والإخفاء لأي خبرٍ يخص قيامة يسوع مِن الموت، لذلك حينما يعلن الكتاب عن كواليس يهوذا؛ فهو بدأ يكذب على يسوع ويتحرك ضده ليسلمه، وكيف تعامل الرب معه وكيف تطور الأمر إلى أنْ شنق نفسه، وقتها حتمًا ستختلف نظرتنا وحكمنا على تلك الأحداث، فلا أحد يعرف ما وراء الأمور إلا مَن قرأ الكتاب، فأنت حينما تنظر إلى حقيقة الشيء مِن الداخل، ستختلف نظرتك للأمر.

     يوجد مِن اليهود مَن قبلوا يسوع ومَن لم يقبلوه أيضًا، وربما يُقال: لا يوجد فرقٌ كبيرٌ بين اتّباعك لموسى أو يسوع، لكن ماذا عن أبدية هؤلاء الناس! ماذا عن هؤلاء الذين يؤمنون بالنيات فقط ولا يهتمون بالطريقة الكتابية لفِعْل الأمور، مبررين ذلك بأنّ الله يرى القلب؟ هذه الطريقة هي أكثر شيء حاربه بولس موضحًا أنه غير صحيح أن تسير في طريقين؛ إما مع موسى أو مع يسوع، وهذا ما قاله بولس في (غلاطية 3 و 4) موضحًا أنه؛ إنْ سلكتم بالناموس ستسقطون مِن النعمة، فالشخص السالك بالإيمان العامل بالمحبة هو الشخص السالك بالنعمة، أما إنْ سلكتم بطريقة؛ لا أحد يعرف أين الحقيقة، وأنّ هناك بعض الناس الذين ينادون بضرورة الختان وتقديم الذبائح، وهنا أوضح بولس عدم صحة ذلك.

     هذا ما نجده حينما يقول أحدهم: لماذا هذا التدقيق! ألا يكفي أنني أحب الله؟ لا يجب أن تتدخل في علاقتي مع الله. وهنا نوضح أنه ليس لدينا مشكلة في اختلاف الرأي، لكن إنْ كنت تريد معرفة الله بصورة حقيقية، وقمت بالاستماع للكثير مِن الآراء وحاولت التأقلم على وجود تفاسير كثيرة، هذا لن يصل بك للحقيقة، أو بالعكس؛ ربما يُقال لك لا تجزم قائلاً: إنّ هذه الآية تعني كذا، بل قُلّ إنّ هذا هو رأيك الشخصي بخصوصها، لكن ماذا إنْ كان هذا إيماني، لماذا يسلبني أحدٌ حقي!

    لا توجد وسطية ولا ديمقراطية في تفسير الكتاب المقدس فهو له تفسيرٌ واحدٌ، مِن الممكن أنْ تختلف التفسيرات، لكن هذا لا ينفي وجود تفسير واحد، مثلما توجد عملات مزورة كثيرة لكن توجد عملةٌ واحدةٌ حقيقيةٌ، ولن تجد التزوير هذا إلّا إذا كان الشيء ثمينًا. لابد أنْ تضع هذا المبدأ بداخلك. عندما قطع الله عهدًا مع الإنسان -مع إبراهيم- في الإصحاح الثاني عشر مِن التكوين، بدأ حقبة جديدة وتدبير وسياسة جديدة، لكن المبادئ واحدة.

     في هذا الوقت جاء إسحاق ويعقوب ويوسف وموسى، ولكن ماذا عن الناس قبل موسى؟ كيف كانوا يعبدون الله؟ بدأ نظام الذبائح منذ آدم وليس منذ إبراهيم، وكان كل شخصٍ يعبد الله بحسب ما يروق له، فكانت الذبائح تُقَدَّم بطرقٍ مختلفةٍ، إلى أنْ جاء موسى، لكن قبل موسى كان هناك أناسٌ يحبون الرب ويرفضون الخطية على الرغم مِن عدم وجود الناموس وقتها مثل يوسف، لكن بعد الناموس صارت الأمور مُنظَمةً ومقنَّنةً.

“مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ. فَإِنَّهُ حَتَّى (إلى أن أتى) النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ.” (رومية 5 : 12-13).

“فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ”، هذا يعنى أنّ الخطية انتهت في العالم بمجيء الناموس، وهو هنا يتكلم للعالم وليس لشعب الله.

“فَهؤُلاَءِ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ النَّامُوسُ هُم نَامُوسٌ لأَنْفُسِهِمِ.” (رومية 2 : 14).

    هنا يتكلم عن العالم قبل موسى، فلا يصح أنْ يُقال الآن إنّ أي إنسانٍ لم يعرف يسوع، سوف يحاسبه الله بناموس ضميره، لا، فالكتاب يوضح أنّ الناموس أتى للعالم كله، لكن فقط الحقبة ما بين السقوط إلى الناموس هي ما يُقال عنها؛ “هم ناموس لأنفسهم”، أما ما بعد هذا فأي شخص لم يؤمن بيهوه في ذلك الوقت سيهلك.

    “عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ”، حساب الخطية وضع نهاية للموت، فالناموس نفسه يجلب موتًا مع إنه هو وضع نهاية للموت، وهذا هو السبب في أن يسوع أباد الموت بموته لكنه تميَّز بالقيامة.

    لابد أنْ تفهم ما صنعه يسوع؛ فيوجد فرق بين أنْ أرفع عنك خطأك وأنْ آخذها على نفسي وأحملها، أي توضع في سِجِلّي وأتلوث بها، فيسوع صار هو خطية وليس ذبيحة خطية، فهو حمل الخطية عليه، وهذا أمر ليس بهيّنٍ حيث وُضِعَتْ الخطية على روحه. 

“لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى.” (رومية 5 : 14).

   لم يقل: ملك الموت مِن آدم إلى إبراهيم أو إلى يسوع لكنه قال موسى، وذلك لأنّ موسى هو مَن أُعْطَيَّ الناموس الذي يتضمن مبادئ للسلوك بها، وهذا وحده أوقف الموت الذى كان يسري على حياة الناس، فالكلمة تجلب حياة، إنْ كان هناك شخصٌ يحب الرب جدًا ويقضي ساعاتٍ في الصلاة بدموعٍ، وكتابه المقدس مُتهالِك مِن كثرة القراءة، لكنه مُتخبِطٌ  (الموت يعمل في حياته)، إلى أنْ تأتي وتعلِّمه المبادئ الموجودة في الكلمةِ التي لم يكن يفهمها بالصورة الصحيحة، فيبدأ في الصلاة مثلاً بطريقة معينة مختلفة عن طريقته الأولى، حينئذ يتوقف الموت عن العمل في حياته.

▪︎ العهد القديم عهد الظلال، نحن الآن نحيا الحقيقة:

    كان إبراهيم وإسحق ويعقوب يحبون الرب جدًا، لكن -بحسب الكلمة- كان الموت يعمل فيهم، “مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى”، وقد لا نعرف تفاصيل كثيرة لأنها لم تُذكَر في الكتاب المقدس، لكن الكتاب يعطينا مثال عن موسى عندما كان في طريقه لتحرير شعب الله، تعرض ابنه للموت، وفي هذا الوقت لم تكن الشريعة قد أُعطِيَتْ له، لكن الختان كان معروفًا منذ إبراهيم، ولم يكن موسى واضعًا علامة العهد في ابنه، أي الختان، ففي العهد القديم كانت العلامات مهمة جدًا، أما في العهد الجديد لا توجد أهمية لها لأننا نحيا الحقيقة الآن ولا نحتاج إلى علاماتٍ.

     منذ أيام قايين قال له الله: “إني سأضع لك علامة على رأسك”، فكان الله يتحرك بعلامات مع الناس لأنهم حِسِّيون، يتحركون بحواسهم الخمس، وهذا ما حدث مع موسى حينما تعرض ابنه للموت، فأدركَتْ زوجته الأمر، حدث ذلك لأنّ موسى لم يعش الأمر الذي كان ذاهبًا ليطالب الناس به، وهذا يفسِّر لماذا أنتً تتخبط في أمرٍ لم تدرسه بطريقة كافية وذهبت تعلِّم عنه، ولذلك تجد نفسك وإذ تُحَارَب فيه، لكنك حينما تدرس الأمر بكفاية وتفهم لماذا وكيف، وهذا هو أهمية التعليم، وهذه هي الحياة المسيحية، هكذا تستطيع أن تتكلم بكل جرأة، ولن تُحارَب فيها لأنك واثق في الأمر.

    يوجد أشخاص وُلِدوا مِن الله وللأسف لا يعلمون ما حدث لهم في الميلاد الثاني، فبالتالي يتحركون برعب وخوف. يومٌ ما كان رجل الله كينيث هيجين يتكلم إلى شخصٍ مُعيّن فقال له: “ابني لم يذهب أبدًا للطبيب”، فردّ عليه هذا الشخص وقال: “لا تقل هذا حتى لا يسمعك الشيطان”، فأجابه كينيث: “وأنا أريده أنْ يسمعني”. مِن أين تأتي هذه الجرأة! تأتي عنما يكون الشخص فاهمًا وضامنًا ما يفهمه، مثلما تكون ضامنًا أنك تجلس على كرسي ولا تنظر إليه كل لحظة لتتأكد مِن ذلك، أو حينما تصعد بسيارتك أعلى كوبري وأنتَ ضامنٌ إلى أين سينقلك هذا الكوبري.

    نحن نستخدم الثقة لأن الإنسان يسعى للكمال ويؤمن بالأمور التي تم اكتمالها في نظره، أما عندما يأتي إلى الأمور الروحية، فلا يؤمن باكتمالها، اعتقادًا منه إنه بذلك ألمَّ (فَهَمَ) الإنسان بالله، نعم يمكنك معرفة شخصية الله في هذه الزاوية حتى آخرها، ولن تأتي في اليوم التالي لتكتشف رأي آخر عن هذا الإله بخصوصها. آن الأوان لكي تكتشف الحياة المسيحية بصورة صحيحة، فهي تحتوي مبادئ، وإلا ستتخبط ويعمل الموت في حياتك.

     ساد الموت وتسلط منذ آدم إلى أنْ وُضِعَ نظامٌ لحُب الرب الذي كان إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى يسلكون به قبل ذلك، فإلى هذه المرحلة كان يوجد أناس يحبون الرب بل ويموتون مِن أجله، ويقولون: “لا” للعالم، وكان موسى واحدًا مِن هؤلاء، فقد كُشِفَ له وحي الشريعة بعد الخروج مِن أرض مِصر، وهو نفسه كان أحد كوادر العهد القديم، بعد ذلك وُضِعَ نظام حتى يسلك به الناس، فبدأ مستوى تعاملات الرب مع الشعب يزداد، فحينما تدرك الكلمة، ينقلك هذا لمستوى أعلى في حياتك الروحية.

“الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ.” (1 تيموثاوس 2 : 4).

    كثيرًا ما سمعنا أنه يكفي أنْ يقبل الشخص يسوع لأنه بهذا يضمن أبديته، وأنت لا تعلم أنه إنْ لم يسلك بالكلمة سيفقد أبديته، وإنْ لم يسلك في الحياة المسيحية بنظامها سيهلك، مَن يسير بمبدأ “الضمان المطلق” الذي هو غير مُثبَتْ كتابيًا والذي يعني أنه يكفي أنْ يقبل الشخص يسوع، وهذا لأن الناس لا يريدون تحمُل مسئولية معرفة الحق، فإنّ الله يريد للناس، أولاً: أنْ يخلصوا، وثانيًا: أنْ يعرفوا الحقيقة، فهو يريد كليهما.

▪︎ بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه:

    عندما نأتي لمبادئ الكلمة سنكتشف مبدأ كلمة؛ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ.” (عبرانيين 6:11)، ولفظ “إرضاؤه” ليس عكسه “غضبه” لكن إرضاؤه أي التوافق معه أو التفاهم والتعامل معه بالصورة التي يريدها، لذلك تكلم الرب يسوع عن نفسه وقال: أنا أعمل ما يرضي الآب، أي أسلك بطريقته؛ “وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ.” (يوحنا 29:8). 

“بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ. إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ .وَلكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ.” (عبرانيين 11 : 5-6).

   “قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ”، شُهِدَ له داخليًا، هذا يعني أنّ أخنوخ كان يستمع لشهادة داخلية.

   “يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ”، هنا الكاتب يتكلم إلى العبرانيين أي شعب الله، وهذا الشعب يعلم جيدًا معني أنّ الله موجودٌ وكيف أنّ يديه قديرة، فهذا الأمر ليس محض شكّ، لكنه هنا يتكلم عن الوجود الداخلي الذي صار في الإنسان، وإنه يوجد تجاوب من هذا الإله تجاه الإنسان، لذلك فإرضاؤه لا يعني عدم غضبه، فالكتاب يوضح أنّ الله لم يتكلم عن خطية آدم، فهو حكى معه حوارًا فقط ولم يتكلم عنها ثانية، فما الفائدة مِن الحديث عن شيءٍ مضى، لكن الناس هم الذين حكوا عن خطية آدم، إذًا، الله لم يغضب. 

“أَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ.” (رومية 1 : 18).

    غضب الله هنا على الناس الفاجرة وإثمهم، أي الخطايا العمدية المستبيحة، وليس خطية آدم، بلا شكّ ما فعله آدم كان كسرًا للوصية. أراد ألله أنْ يسير الإنسان على نظامٍ فوضع له مبادئ قبل الناموس. الناموس هو مبادئ يسلك بها الناس وهي التي تمنع الموت والتخبط في الحياة، فكان الناس قديمًا يقدمون ذبائح، وكل ذبيحة كانت لها رموزٌ حيث إنه كان عهدَ رموزٍ، لكن هناك من قُبِلَتْ ذبائحهم بطريقةٍ غريبةٍ فَلًمْ يكن هناك وضوحًا، بينما كان هناك مَن تخبَّط ولم يكن يعرف كيف يقدمها وكيف يرضي الله ويجد أنّ هذا الإله يجازي الذين يسألونه بمعنى إنهم يروا نتائج، فهو لا يعرف الطريقة؛ هل أصوم أم أبكي أم أطلب مِن المؤمنين أن يصلوا معي؟

    ما تحتاجه هو مبادئ، ولا يعني هذا ناموس، فقد قال الرب لآدم أنْ يأكل مِن جميع الأشجار ماعدا هذه الشجرة، أليس هذا ناموس؟ مع الأخذ في الحسبان أنّ هذا كان قبل السقوط، نعم، قام الرب بوضع مبادئ منذ بدء الخليقة، فهذا الإله مُنظَم. عندما كسر آدم وصية الله، سُميَّتْ “التعدي” وهو نفس اللفظ الذي يُطلَق على مَن يكسر الناموس، لذلك إنْ لم تكن أمور الحياة مفهومة في نظرك، ستتخبط. 

وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ.” (يوحنا 8 : 29).

    كلمة إرضاء معناها؛ اتفاق أو انسجام مع، فيرتضي الشخص أنْ يكمل معك، وليس معناها الغضب الذي عكسه الرضا، فالرب هنا لا يقصد قول: “أنا لست أعمل ما يغضِب الله”، لكن يريد أنْ يقول إني أعمل ما يُقال، وهذا هو سر الحياة المسيحية. 

“وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلًا: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْمَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ.” (يوحنا 7 : 37-38). 

    “كَمَا قَالَ الْكِتَابُ”، ليس المقصود أن الجملة التالية هي اقتباس مِن العهد القديم، فلا توجد هذه الآية في العهد القديم، لكن هنا كان الرب يسوع يقصد أنّ مَن آمن به بالطريقة التي قال عنها الكتاب، فنتيجة هذا، ستجري مِن بطنه أنهار ماء حي، أي افعل ما يقوله الكتاب تمامًا، وستجد النتيجة وسيتحرك الروح القدس في حياتك بانسيابية، فليست الانسيابية في وقت العبادة فقط.

    إنْ كنت تبحث كثيرًا بتخمينات كثيرة، ما هي الطريقة أو أين الطريق، وأنت لا تبحث في الكلمة، لكنك تبحث عبر التجربة والخطأ، وتسال الناس بدون أنْ تدرس الكلمة بنفسك، فهذا أمرٌ خطيرٌ لأنه يوجد مَن يتربص ليتلاعب بك، لذلك يجب أنْ تؤمن وتسلك كما قال الكتاب، لهذا السبب كان بولس يتحرك بدقة موضحًا أنه لا يجب السلوك بالعهدين؛ بالناموس والنعمة، ليس بالناموس بل بالنعمة. يوجد نور ومعرفة الآن في جسد المسيح، فيلزم أن يكون معها نظامٌ وأيضًا تحذير مِن الارتداد للهلاك، فأنت صرت مسؤولًا. ربما يكون لكلِ واحدٍ مفهومه، لكن ليست هذه هي مشيئة الله.

▪︎ مواهب الخدمة الخمس وبنيان جسد المسيح:

“وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلًا، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، لأَجْلِ تَكْمِيلِ (تنضيج) الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ، إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ (حميمة ودقيقة) ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل (ناضج). إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ. كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالًا مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ.” (أفسس 4 :11-14).

“وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ”، ليس هناك ريح تعليم في السماء، إذًا ميعاد تنفيذ هذه الآيات هو هنا على الأرض.

    “وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ”، معنى ذلك أنه يوجد أشخاصٌ يفسرون الآيات بما سمعوه مِن آخرين بدون مراجعتها، وهذا الشخص مسئول ولكن مسئوليته أقل مِن مسئولية مَن علَّمه، وهنا ينقاد الشخص (السامع) إلى مكيدةٍ أو فخٍّ ويضلّ ويهلك. 

بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ.” (أفسس 4 : 15).

▪︎هل الله يندم:

    الحياة المسيحية لها نظامٌ وترتيبٌ، فمنذ البداية أراد الله أنْ يكون في علاقة وشراكة مع الإنسان وأنْ يعطيه الطبيعة الإلهية، وهو لم يتفاجأ بسقوط الإنسان كما إنه لم يندم مِن كونه قام بخلقه، فكلمة “ندم” معناها (تراجع عن) فيوضح لنا الكتاب في سِفْر (العدد 23) عن النبي بلعام الذي ارتدّ، فاضطر وهو يتكلم تحت تأثير مسحة الروح القدس قائلًا:

لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلاَ يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَفِي؟” (عدد 23 :14).

    كيف يقال هنا أن الله لا يندم مع أن الكتاب يذكر أن الله ندم؟ هل في هذا تضارب؟ في الواقع ليس هناك تضارب، فالله لا يتراجع عن مبادئه الأساسية، لكن توجد سياسة للمعطيات الحالية للإنسان وهو يتعامل معها، وهنا قال بلعام: لقد بارك الله هذا الشعب فلا يمكنني أنْ ألعنه لأني لن أضع نفسي في مواجهة الله، وحتى لو قلتها لن تنجح، لأنه لا عيافة ولا عرافة عليهم، وبالتالي لا يتراجع الله عن مبادئه، لكن نفس هذا الإله قيل عنه إنه ندم، أي تراجع عن معطيات كان يتعامل معها، لكن السياسة العامة لا تراجع فيها.

    إما أنْ يضع الإنسان نفسه تحت مبادئ الله أو يخرج خارجها، وإنْ خرج سيتعامل معه الله بنظام آخر، لكنه لازال يريد أنْ يكون في علاقة مع الإنسان لا تراجع عنها ولا ندم فيها، فالرب لا يتغير في مبادئه تحت أي مُسمَّى. عندما كان هناك نفيليم على الأرض وتمّ القضاء عليهم، تراجع الرب عن غضبه لأن الأمر انتهى وليس لأنه ندم.

   عندما يقرأ البعض الكتاب المقدس يعتقدون أن الرب فُوجِئ بما يحدث على الأرض بسبب كلمة ندم، لكن فحوى الكلام معناه أن الرب لن يتراجع عن مبادئه، لكن الشعب اُغوي ووضع نفسه في اللعنة، وهذا شيء آخر، لكن مازال الرب في مبادئه الثابتة في العهد.

▪︎ الحياة الإلهية ووعد الله الأزلي:

“بُولُسُ، عَبْدُ اللهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، لأَجْلِ إِيمَانِ مُخْتَارِي اللهِ وَمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، الَّذِي هُوَ حَسَبُ التَّقْوَى، عَلَى رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، الَّتِي وَعَدَ بِهَا اللهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ الْكَذِبِ، قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، وَإِنَّمَا أَظْهَرَ كَلِمَتَهُ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ، بِالْكِرَازَةِ الَّتِي اؤْتُمِنْتُ أَنَا عَلَيْهَا، بِحَسَبِ أَمْرِ مُخَلِّصِنَا اللهِ.” (تيطس 1 : 1-3).

   هذا الإله مُتَكلِّمٌ، فكان آدم يسمع صوته يتمشى في الجنة، وهو ليس صوتَ أقدامٍ بل صوت حنجري يتكلم، فهذا الإله في علاقة مع الإنسان، وهو لم يتفاجأ عندما تكلم إلى آدم، لكنه كان ينزل إلى مستوى الإنسان، وعندما سأله أسئلة هذا لا يعني أنه لا يعرف إجاباتها. وعد الله بالحياة الأبدية (الإلهية) قبل الأزمنة الأزلية، أي قبل وجود الزمن وقبل السيناريو الذي في (تكوين 1 : 1) فيقول لنا الكتاب إنّ الله وعد بهذه العلاقة.

“وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أُبْطِئُ، فَلِكَيْ تَعْلَمَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِ اللهِ، الَّذِي هُوَ كَنِيسَةُ اللهِ الْحَيِّ، عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ.” (1 تيموثاوس : 15). 

تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِ اللهِ”، تأتي بمعني code of contact أي النظام السلوكي داخل المكان.

“عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ” الكنيسة، بيت الله هي عمود الحقيقة وقاعدتها، فالكنيسة لا تحتاج أن تُسنَد، بل هي التي تقوم بتقديم المساندة، وهي لا تحتاج إلى إعانة، فقد وُضِعَتْ فيها كل الإعانة الإلهية. منحنا الله كل ما يلزمنا كي نعيش الحياة المسيحية.

كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ.” (2 بطرس 1 : 3-4).  

    “هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ” عن طريق الشراكة في الطبيعة الإلهية، يمكنك أن لا تتأثر بالعالم الذي يتأثر بسبب حواسه الخمس. بيت الله ليس هو المبنى الذي فيه الكنيسة، فهو صار بيت الله بسبب الموجودين فيه، يقول الرسول بطرس: “كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ ­كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ­ بَيْتًا رُوحِيًّا.” (1 بطرس 2 : 5).

   أنتم بيت الله وهيكل الله، فالكنيسة هي أُناس وُلِدوا مِن الله ويتواجدون في أماكن، وهذه الأماكن تُقَدَس بسبب وجودهم، فالكنيسة ليست حجارة بل أشخاصًا.

▪︎ سيادتنا الآن في زوايا حياتنا وعلاقتها بالمُلك الألفي:

لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِيوَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ!” (رومية 5 : 14-15).

    كما أثّرَتْ الخطية على أُناسٍ كثيرين لكن بالأحرى تؤثر نعمة الله أكثر كثيرًا جدًا عن تأثير الخطية على الإنسان هنا على الأرض.

“وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هكَذَا الْعَطِيَّةُ. لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!” (رومية 5 : 16-17).

   أثَّرَتْ خطيةُ واحدٍ على كثيرين، وأدَّتْ إلى دينونة، لكن ما فعله الله (هبة الله) كان تأثيره أضخم بكثيرٍ، وأدَّتْ إلى تبرير للخطايا التي كانت كثيرة، لذلك لا تحكي عن الخطية وتأثيرها عليك، فحينما يتم قتل فيروس أو بكتيريا في الجسم فقد أُبطِل مفعول ما كان يقوم به مِن إفناءٍ للجسم، هكذا تمَّتْ معالجة الخطية التي كانت تفني الإنسان نهائيًا، بل أعطاه الله كل ما يلزمه لكي يعيش بطريقة صحيحة على الأرض، فهو يحتاج فقط إلى التصرف السليم؛ أنْ يعرف كيف يسلك وكيف يفهم هذا الإله، ويعرف الحقيقة، جاء يسوع حتى يعطينا بصيرة لنفهم ولكي نحيا به.

اُذْكُرْ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ بِحَسَبِ إِنْجِيلِي، إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ.” (2 تيموثاوس : 8، 12).

   “مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ”، لم يَقُلْ: مِن نسل إبراهيم، لأنه كان يعطي تلميحات عن المُلكِ الألفيِّ وأيضًا “فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا (مَعَهُ)” وهذا سيحدث في المُلك الألفي، يختلف هذا عن؛ “سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ”، أي نملك (به) أي نملك مِن خلاله هنا على الأرض على حياتنا وشخصياتنا وطباعنا ثم ما يخصنا ثم دوائرنا، إذًا يوجد فرق ما بين تحقيق الأمر في حقبة الكنيسة الحالية وتحقيقه في حقبة المُلك الألفي الذي قد اقترب.

    مُسِحَ داود ثلاث مرات، أول مرة مُسِح سرًا في البيت أمام عائلته، ثم مُسِحَ مِن سبط يهوذا بعد مناوشات كثيرة، وأخيرًا مُسِحَ على شعب الله بعد مناوشات كثيرة أيضًا، وهذه الأمور لها معانٍ عند اليهود؛ فعندما سقط الإنسان أراد الله أنْ يدخل في علاقةٍ معه بعهدٍ، فكان هذا الأمر مع عدد قليل، وهذا يشبه داود الذي مُسِحَ سرًا وسط أسرته فقط وصار يعيِّد ويفرح بهذا، بعد ذلك مُسِح مِن سبط يهوذا، وهذا يرمز إلى الكنيسة، ثم مُسِح على كل شعب إسرائيل، مما يرمز إلى العالم كله.

    هذا التدرج حادث الآن، ففي الثلاث مراحل هناك مُلْك وسيادة، لأول مرة في العهد القديم نجد مَن يقول: لماذا أنت منحنية يا نفسي، قومي….إلخ، وهذا بسبب المسحة التي عليه، فبدأ يعرف كيف يقيم نفسه ويسيطر عليها مع أنه لم يكن مولودًا ميلادًا ثانيًا، فبدأ هذا الشخص ينضجُ ويكبرُ.

    فكرة أنّ الله، بعد أن يأتي يسوع ثانية، سينقذ البشرية من الحالة التي هي فيها، إذًا لماذا أتى أولًا! هذا يشبه شخصًا سافر وترك أسرته وعندما اتصلوا به لينقذهم، أجابهم: عندما آتي سأصلح الأمر، يمكنكم أنْ تعانوا حتى آتي، هذا ليس يسوع ولا تعليمه وليس أيضًا تعليَم بولس أو بطرس. اعلم جيدًا أنّ هناك مَن يقول: إننا حاليًا في المُلك الألفي، لكن هذا ليس حقيقيًا، وإلا لِما تَكَلَّمَ بولس عنه بصيغة المستقبل؛

“فَلْنَخَفْ، أَنَّهُ مَعَ بَقَاءِ وَعْدٍ بِالدُّخُولِ إِلَى رَاحَتِهِ، يُرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنَّهُ قَدْ خَابَ مِنْهُ!” (عبرانيين : 1).

    وهو هنا يتكلم عن يوم الراحة الثالث الذي دخلنا نحن فيه كمولودين من الله، يتمّ شرح هذا باستفاضة في سلسلة عظات “خلاص نفوسكم“، لكن يوم الراحة الرابع هو يوم داود (أي الملك الألفي)، وكما فقد شعب الله الدخول إلى أرض الموعد التي كانت هي يوم الراحة بالنسبة لهم. إذًا فلنخف لئلا لا ندخل راحته، وهذا الكلام في العهد الجديد، وهو لا يتضارب مع النعمة، بل سيزن مفاهيم النعمة لدى أذهان الناس.

▪︎ النعمة وماذا تعني؟

    يظن البعض أنّ النعمة تعني أنْ يحمل الله أثقالك وهو مَن يتحرك نيابةً عنك، وأنت ليس عليك أن تفعل أي أمر، كما يعتقد البعض خطأً أنّ النعمة معناها إنه لا توجد حسابات للخطية، لكن عكس كل هذا موجود في العهد الجديد؛ عهد النعمة. أي شخص يتضايق مِن هذا التعليم، فهذا يعني أن حياته لا يوجد بها سلوك بانضباط ولا يريد أن يتحمَّل مسئولية، فالمبدأ واحد وهو؛ الكلمة هي المرجع، فتوجد مبادئ الحُجة والبرهان لدارسي الكتاب المقدس أو دارسي الفلسفة، إن تم الرد على حُجة، يؤخذ بها.

   لا يفرق معي إنْ كنت تؤمن بالمُلك الألفي أم لا، فأنا لن أؤذَى مِن معتقداتك! لكن أقول هذا لمَنْ له أذن للسمع فليفهم، فهذا وقت فيه تقوم الكنيسة، لأننا صار فينا ما يلزمنا لنسود في هذه الحياة، بمعنى إنك ُتحدِث تغيير في ظروفك وفي حياتك، وتبدأ تخطف الناس مِن النار، فإنْ كنت أنت مُتعَبًا في حياتك، لن تستطيع أنْ تعمل هذا بكفاءة. لا تعتقد أنّ هذا الأمر لا يهم الرب، فكثيرون يقولون: أنا لست مُهِمًا، وحتى إنْ مُتّ بكذا أو كذا، ما يهمني أنْ يكون الرب راضيًا عني.

    يهتم الرب بالأمرين؛ هو راضٍ عنك، وهو أيضًا يريدك أنْ تحيا بطريقة صحيحة، فهذه هي نفس مشاعر الأب والأم السويين، لذلك يجب أن تصلّح مفاهيمك، فإنْ كان الأب والأم الأرضيين لا يقبلوا معاناة ابنهما، فكم بالحري الأب السماوي، كم بالحري هذا الإله! تذكَّر كلمات بلعام وهو تحت تأثير المسحة:

لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ.” (عدد 23 : 19).

   هو لا يتراجع ولا يعكس اتجاهه. هذا هو ميراث الكنيسة، فأنت قد وُهِبْتَ كل ما تحتاجه. أنت تحتاج لنظامٍ حتى تسير عليه، وهذا النظام يحتاج إلى تعليمٍ كتابيٍّ، تحتاج إلى مفاهيم لتحيا الحياة المسيحية، هو ليس نظامًا تقشُّفيًا، لكن يوجد فيه تقشُّفٌ اختياريٌّ، فإن كنت تعلم كواليس كثيرة، فأنت لا تعلم كَمّ الأصوام والصلوات وكَمّ الانضباط والعسكرية في الالتزام، وكيف تتمّ تنقية الدوافع في الرعاية.

لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَجَنَّدُ يَرْتَبِكُ بِأَعْمَالِ الْحَيَاةِ.” (2 تيموثاوس 4:2)

فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا، لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ، إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا الزَّمَانِ، بُيُوتًا وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَدًا وَحُقُولًا، مَعَ اضْطِهَادَاتٍ، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.” (مرقس 10 : 29-30).

“فَلَوْ كُنْتُ بَعْدُ أُرْضِي النَّاسَ، لَمْ أَكُنْ عَبْدًا لِلْمَسِيحِ.” (غلاطية 1 : 10).

    لفظ “إرضاء” يعني اتّفاق الآخرين معه، أو نوال منهم الموافقة وعدم المقاومة، لذلك قال بولس: إن كنت أرضي الناس وأطلب اتّفاقهم وإقناعهم، فلست عبدًا ليسوع المسيح، لكن سأقول الحقيقة، ومَن لا يقتنع فهذه مشكلته هو. عندما وجد بولس أُناسًا مقتنعين بالحق الكتابي وآخرين غير مقتنعين، أجرى مدرسةً وأخذهم فيها ليعلّمهم (أعمال 19) لكنه كان يحاجهم لأن لديه ردود.

   توجد حياةٌ يريدك الروح القدس أنْ تحياها، ولا تنسى إنك لن تستطيع أنْ تحيا حياتك مرتين، فاختر أن تحياها بطريقة صحيحة. الحياة المسيحية لها نظامٌ، إنها حياة الله في الإنسان، هي تنبض في داخلنا. إن كنت قد وُلِدت من الله فهي تنبض بداخلك وتحيا فيك، وإن تساءلت؛ لماذا يحدث لي هذا؟ سأرد عليك قائلاً لك: إنك عليك أن تكبر وتنضج فيها وتسير على تدريبات ونظام، وربما تكون سرت على نظام بالفعل ثم انسحبت، ولكن المثابرة ضرورية. آن الأوان لتعرف كيف تسلك في المملكة الإلهية الجديدة.

 __________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$