القائمة إغلاق

What is the truth 2 ما هو الحق

ما هو الحق – الجزء 2

▪︎ كيف تكون عابِدًا حقيقيًّا؟

▪︎ مستوى الإيمان الحقيقي وكيف تحياه؟

▪︎ الحَقُّ مِن وجهة نَظر يوحنا.

▪︎ لا تعِشْ في مستوى التخمينات.

▪︎ أَعْطَانَا بصيرة لنعرف الحَقّ.

▪︎ طريقة تحرير الابن.

▪︎ الحَقُّ وكيف يُعاش؟

▪︎ اكتشاف الحَقّ والانفتاح عليه.

▪︎ روح الحَقّ ودوره في حياتنا.

▪︎ الانتباه لكلمة الحق.

▪︎ إليك بعض النصائح الذهبية.

 

  سأتحدَّث عن مفتاح هام في الحياة الروحية لكل شخص وسأستفيض في ما هو الحق.

37 فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَفَأَنْتَ إِذًا مَلِكٌ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي». 38قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «مَا هُوَ الْحَقُّ؟». وَلَمَّا قَالَ هذَا خَرَجَ أَيْضًا إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً.” (يوحنا 18: 37 ،38).

 “لِهذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا“: الصحيح أن هذا الجزء هو نهاية الجملة ويتمّ تحريك النقطة (.) التي بعد كلمة “مَلِكٌ” لتصبح بعد “وُلِدْتُ أَنَا“. ما هو الحق؟! هذا السؤال يُراود ذهن كل شخص يقرأ كلمة “حقّ” في الكتاب المقدس.

 

 ▪︎ كيف تكون عابِدًا حقيقيًّا؟

23 وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ (العابِدون) الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ (يعبدون) لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. 24اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا».” (يوحنا 23:4، 24).

 عند فَهمك للحق تستطيع أن تُطبِّق هذه الآية بسهولة، لاحظ لفظ “السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ”؛ لفظ الحق معناه في الأصل شيء حقيقي غير الظاهِر أمام الناس وبعض الترجمات تستخدم كلمة “ذرة” وهي أصغر وأدق شيء للتعبير عن قلب هذه المادة.

 يوجد شرطان يجب أن يتوفَّرا في العابدين وهما أن تكون العبادة بالروح والحق. يوجد مُؤمِنون كثيرون جدًا يعبدون بالروح فقط وآخرون بالحق فقط. الحق ليس هو كلمة الله بشكلٍ عام بل هو موجود في كلمة الله وعليك اكتشافه.

 مثلاً؛ يوجد بروتين في اللبن لكن لا يمكن القول إن اللبن هو بروتين. الحق هو حقيقة الشيء. باكتشافك للحق ستَخرُج خارج دائرة الضوضاء والتي تقول فيها إن العيان لا يتغيَّر، لماذا؟! لأنك لا تسلك بالحق. أنت تعرفه لكنك لا تسلك فيه.

 مَن هو الذي يَعبُد بالروح؟ هو من يستخدم الوسائل الروحية في العبادة وهذا صحيحٌ لكنه مفهوم غيرُ كاملٍ. أيضًا كما ذكرْتُ للتو؛ هناك من يعبد بالحق فقط وليس بالروح، مثلاً؛ شخصٌ عَرَفَ حقيقة إنه مُختلِف عن البشر العادي لأنه خليقة جديدة لكنه لا يستخدم الوسائل الروحية في العبادة مثلاً.

 هناك البعض مَن يقول: “أنا أصبحت برّ الله لكن لن أصلي بالألسنة، هذه وسيلة أساسية في الصلاة بالروح، هذا الشخص عارِفٌ للحقّ ويُصلي ولكن ينقصه شيءٌ يجعله يقفز روحيًا وهو الصلاة بالروح، والعكس تجد شخصًا دائمًا يصلي بالروح ويصلي بالألسنة لكنه عديم الحق (خالي من الحق). الخلو من الحق معناه أن الشخص غير عارِف أو يَعْلَم ولكنه لا يُطبِّق، الله يريد الأمرين معًا.

 هذا السبب في قوله في (رومية 12) “عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ”. هذا لفظٌ غير دقيق. كلمة “عقلية” هي نفسها “روحية” لكنه هنا يريد قول أعمق شيئًا وهو أعقل شيء وأفضل شيء في العبادة، لهذا تجد الشخص الفاهِم للحق الكتابي لكن لا يسلك بروحه يشعر بشيء ناقص أثناء عبادته. إن لم تضع قلبك في الصلاة عندما تُصلي فأنت لا تصلي بحقيقتك.

 

▪︎ مستوى الإيمان الحقيقي وكيف تحياه؟

 الحق هو ليس الكتاب، يحتوي الكتاب على الحق لكنه ليس هو الحق. الحق هو إظهار حقيقة الشيء بمعنى؛ لتصلي بطريقة فعالة صَلِّ بحقيقتك وهي روحك الإنسانية، والكتاب المقدس الذي يحتوي الحق هو مَن يساعدك لأنه يحتوي على حقيقتك. أنت كائنٌ روحيٌّ في الأصل لهذا السبب الله طالب عنصرين في العبادة. عندما تفهم الحق تكتشف كيف تعيش في مستوى إيمان حقيقي يُثمِر نتائج وليس أن تعرفه فقط.

“1 يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ. 2وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا. 3وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ. 4مَنْ قَالَ: «قَدْ عَرَفْتُهُ» وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ. 5وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقًّا فِي هذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ: 6مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا.” (يوحنا الأولى 2 :1 -6).

 عندما تقرأ رسالة يوحنا تكتشف أنه يتحدَّث عن أعراض وليست مطالب ويتَّضح هذا في تكرار: “3وَبِهذَا نَعْرِفُ“. لذا لا تقرأها بمنطلق أنا أريد أن أصبح هكذا لكن بمنطلق أن هذه هي الأعراض التي تظهر على شخص يعيش هذا الكلام.

 انتبه للعدد الرابع فهو يقول: “4 فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ”. أيضًا في الإصحاح الذي يسبقه يَذْكُر؛ “10 إِنْ قُلْنَا: إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِبًا، وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا.” (يوحنا الأولى 10:1). انتبه للفرق بين أن تجعل الله كاذِبًا وإنْ فعلت هذا تكون أنت كاذِبًا. ففي الإصحاح الثاني يقول إنّ الشخص هو مَن يَكذب.

 

▪︎ الحَقُّ مِن وجهة نظر يوحنا:

“7 أَيُّهَا الإِخْوَةُ، لَسْتُ أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ وَصِيَّةً جَدِيدَةً، بَلْ وَصِيَّةً قَدِيمَةً كَانَتْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ. الْوَصِيَّةُ الْقَدِيمَةُ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي سَمِعْتُمُوهَا مِنَ الْبَدْءِ. 8أَيْضًا وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ، مَا هُوَ حَق فِيهِ وَفِيكُمْ: أَنَّ الظُّلْمَةَ قَدْ مَضَتْ، وَالنُّورَ الْحَقِيقِيَّ الآنَ يُضِيءُ. 9مَنْ قَالَ: إِنَّهُ فِي النُّورِ وَهُوَ يُبْغِضُ أَخَاهُ، فَهُوَ إِلَى الآنَ فِي الظُّلْمَةِ. 10مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ يَثْبُتُ فِي النُّورِ وَلَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ. 11وَأَمَّا مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الظُّلْمَةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَمْضِي، لأَنَّ الظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ.” (يوحنا الأولى 2 :7- 11).

 “مَا هُوَ حَق فِيهِ وَفِيكُمْ”: أي أنت غير مُستثنَى فالحق في يسوع وفيك أنت أيضًا. يَتحدَّث يوحنا عن شيء مختلف عما يدور بأذهاننا عن تعريف الحق لذا هو الوحيد من ذَكَرَ ما حدث بين يسوع وبيلاطس واهتمَّ بإبراز ما هو الحق.

دعونا نسرِد تَسلسُّل من رسالة يوحنا الأولى الإصحاح الأول:

 “1 اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ“؛ هنا لم يَذكُر يوحنا لفظ “يسوع”، أي لكي تجد هذا الشخص الآن تجده في الكلمة لأنه مازال حيًّا بين أيدينا، فيسوع هو الكلمة!

“2 فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا.”

 “الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ”: هذا هو الحَقّ الذي يتحدَّث عنه يوحنا. الحياة لا تظهر، تظهر أعراضها لكنها شخصيًا لا تظهر. توجد علامات تَدُل على أنّ جسم الإنسان حيٌّ وإن اختفتْ، ستكون هي موت الشخص. الحياة لا تظهر لكن تظهر نتائجها مثل الكهرباء لا أستطيع أن أمسك بها لكن أرى نتائجها. استخدم يوحنا لفظًا غريبًا؛ “الحياة أُظْهِرَتْ“، وهذا هو الحقّ أي الكشف عن شيء مَخْفي.

3 الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 4وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً.”

 الأمر الذي تستطيع أن تتشارك فيه مع يوحنا الذي رآه ولمسه وعاش معه هو أن يخبرنا عنه. ما يجعلني أعيش الروعة التي عاشها يوحنا هي “نُخْبِرُكُمْ“، إذًا توجد قوة في الكلمات، فهي تُحضِر الشيء للحقيقة. يُعتبَر يوحنا وبولس هما أكثر شخصان تكلَّما عن لفظ الحقّ.

 

لا تعِشْ في مستوى التخمينات:

 لنفهم أكثر ما هو الحق قبل أن نعرف كيف نسلك به؛ “20 وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 21أَيُّهَا الأَوْلاَدُ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الأَصْنَامِ. آمِينَ.” (يوحنا الاولي 5 :20).

 يسوع هو البصيرة، هو الفَهْم والانفتاح على الحق. بمعنى آخر الحق هو استعلان، الحق هو الله، هو الكلمة، هو يسوع، الحق هو حقيقة الشيء. الحق هو فهمك للموضوع بطريقة صحيحة. إنْ عِشت حياتك مُعتقِدًا أنّ تخميناتك ناجِحة فأنت تعيش في مستوى التخمينات وهو أقل من الحق. الحق هو حقيقة الشيء التي لا تستطيع الوصول إليها بالتخمينات.

 مثلاً: ربما تعتقد أن مشكلتك في العمل هي وشاية شخص ما بك لدى المدير وإن رَحَلَ ستتمّ ترقيتك، هذا هو تشخيصك وتخميناتك وربما يكون لديك إثباتاتك الخاصة! لكن يأتي الروح القدس -إن سمحت له- ويُظهِر لك حقيقة الشيء ويُعطيك بصيرة وإدراك، ويجعلك تَفْهم ما حدث ويمكن أن يشير لك على السبب ويكون بعيدًا كل البُعْد عن هذا الأمر الذي كنت تعتقده!

 تَذكَّرْ الرب يسوع عندما انتهره بطرس مُستنكِرًا إنه سيُصلَب، قال له: “اذهب عني يا شيطان”. تشخيص الرب يسوع كان بعيدًا كل البُعْد عن كل تخميناتنا. تخمينك الشخصي قد يكون أن بطرس قَلِقَ على يسوع لئلا يتركهم، لذا ترى إنه كان يجب أن يكون جواب الرب على بطرس كالآتي: “لا تقلق يا بطرس سأستمر معكم ولن أترككم”، لكن تشخيص الرب يسوع بعيد كل البُعد حيث قال له: “أنت تهتم بما يهم الناس وليس الله”، هذا هو الحق.

 

▪︎ أَعْطَانَا بصيرة لنعرف الحَقّ:

 عندما تعرف الحق الكتابي داخلك يوجد تعاملات واجِبة عليك حتى تصل لمرحلة أنك تسلك في الحق وترى الأمور بالمستوى الصحيح؛ حتى في الصلاة تصل لمستوى أن تُدرِك حضور الله بطريقة صحيحة. ليس كل الناس تفهم بالطريقة الصحيحة، لذلك يقول: “وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 21أَيُّهَا الأَوْلاَدُ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الأَصْنَامِ. آمِينَ.” (يوحنا الأولى 5 :20-21).

 لفظ “الأَصْنَامِ” في ترجمات أخرى يُعني أي شيء يأخذ أولوية عن الرب. أي شيء يأخذ بداية انتباهك وبداية يومك عندما تستيقظ هو الصنم الموجود في حياتك! لذلك الصنم ليس معناه أن الشخص يدخل هياكل لكنه الشيء الذي يأخذ الأولوية في حياتك وهو أكثر شيء يُبعِدك عن إدراكك لهذه الحقيقة.

 “أَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ”؛ الحق هو فهم قلب الموضوع. هو إدراك قلب الموضوع، الحق هو النور الإلهي في الموضوع؛ الفهم الإلهي فيما يخص الموضوع الذي تَمرّ به. إذًا كيف تستفيد بهذا الحق؟ لقد أصبح فيك (أنت مولود من كلمة الحق)، ماذا بعد؟! كيف تعيش في هذا المستوى؟ وكيف تُدرِك هذا الحق؟

 ذَكَرَ الكتاب أنّ العابِدين الحقيقيين هم هؤلاء، حتى لفظ “العابِدين الحقيقين” هو نفسه مشتقات كلمة “الحق” لأنه يوجد عابدون غير حقيقيين. عندما تَعبُد بروحك وبالحقيقية ستصل لمرحلة أن تكون مثل شبكة الإنترنت connected)) وستشعر بهذا داخلك، وهذا دليل أنه كل مرة تعاني في أي أمر في حياتك أنه لا يوجد حَقٌّ كتابي كافٍ في هذا الأمر لديك!

 انتبه! لقد تَلمَذَ يسوع تلاميذه بطريقة صحيحة، حيث قضى الرب معهم فترة قبل أن يَخرُج للخدمة، فبعدما مُسِحَ انتقى تلاميذه ولم يَخرُج معهم للخدمة مباشرةً لكنه كان يقضي معهم وقتًا، والدليل عندما طلبت منه العذراء مريم في عُرس قانا الجليل أن يعمل معجزة، مع العِلم أنّ التلاميذ كانوا معه، قال لها لم يأتِ وقتي بعد.

 في هذه الفترة كان يسوع يُعلِّم تلاميذه بعض المبادئ. نجد بطرس هنا يَذكُر أحد المبادئ التي تعلَّموها وقبل أن يروا أي شيء خارق على يدّ يسوع، هي فترة صامتة من الخدمة لكنها فترة تلمذة لهم.

“66 مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ. 67فَقَالَ يَسُوعُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ: «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟»” (يوحنا 6 :66، 67)

 انتبه لهذه النقطة؛ لا تُعطِ تخميناتك عن القادة والخدام، فأنت لا تَعلَّمْ ما وراء الستار والأسباب. ربما تكون المشكلة في الراعي أو الرعية، فيسوع نفسه كان معه أشخاصٌ تتبعه وتركوه.

68 فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَارَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ، 69وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا (تَعلَّمنا أن نُؤمِن) أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ». 70أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، الاثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ!» 71قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ، لأَنَّ هذَا كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسَلِّمَهُ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ.” (يوحنا 6 :68-71).

 “كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ”، لاحظ إنه لم يَذكُر الآيات والعجائب بل كلام الحياة الأبدية. لفظ “وَعَرَفْنَا” غير دقيق هنا لكن معناه “تَعلَّمنا” أو في ترجمات أخرى “تَعلَّمنا أن نُؤمِن“. متى تعلموا هذا الكلام؟ في فترة التلمذة لذلك هؤلاء هم من ثبتوا معه وهذا يُوضِّح أن التلاميذ تبعوا هذه الشخصية (يسوع) ولآخِر لحظة لم يستوعبوا كل شيء فيه.

 

▪︎ طريقة تحرير الابن:

 “31 فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: «إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، 32وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». 33أَجَابُوهُ: «إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ! كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَارًا؟» 34أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. 35وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. 36فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا. 37أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلاَمِي لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ. 38أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ عِنْدَ أَبِي، وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ». أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ! 40وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ. 41أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًا. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ». 43لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كَلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي. 44أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ. 45وَأَمَّا أَنَا فَلأَنِّي أَقُولُ الْحَقَّ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي. 46مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ الْحَقَّ، فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟ 47اَلَّذِي مِنَ اللهِ يَسْمَعُ كَلاَمَ اللهِ. لِذلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ، لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ اللهِ».” (يوحنا 8 :31 -47).

 “31 إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي”؛ إذًا يوجد تلاميذ غير حقيقيين! هؤلاء الذين يثبتون في الكلمة، لم يَقُل لهم سأجعل الآب يصنع معكم عجبًا بل قال: “32 وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ”. إذًا طريقة تحرير الابن هي إعطاء الحق؛ وتعرفون الحق والحق في حد ذاته كافٍ ليُحرِّركم!

 “38 أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ»”؛ للأسف هذا كلام إنشائي معروف في هذا الوقت، حيث كانوا يفتخرون بكونهم ذرية إبراهيم وهذا له ضجة كبيرة جدًا لأن الله يهوه تدخَّلَ في إخراجهم من أرض مصر، فكانوا يفتخرون جيل وراء جيل ويتناقلوا هذه الأحداث. في هذا الموضع كانوا يتكلَّمون بفخر لكنهم للأسف فاقِدون لحقيقة الأمر.

 إليك تفسير لعدد 43؛ “أنتم لا تفهمون لغتي لأنكم لا تعلَّمون كلماتي الأصليَّة، بمعنى غير فاهِمين من أكون أنا، فبالتالي لن تدركوا لغتي!” اللغة هنا هي لغة حوار.

 “47 اَلَّذِي مِنَ اللهِ يَسْمَعُ كَلاَمَ اللهِ. لِذلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ، لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ اللهِ”؛ الحق هو فَهْم قلب الله في الموضوع. هو حقيقة الشيء التي شَهَدَ بها يسوع. لقد أجاب يسوع بيلاطس: “أنه جاء ليشهد للحق” ما هو الحق؟ هو اكتشافك للحقيقة وهذا يحتاج مُفتاحًا مُحدَّدًا هو أن تنتبه للحق الكتابي وأنت تدرسه. أن تنتبه لما يُقال وتضع قلبك لتستمع لكل كلمة. كثير مِن المُؤمِنين يقعون في هذه المشكلة وهي أنهم ينتظرون مفاجأة مِن الرب، وهم لا يعلمون أن الطريقة تَكمُن في إصغائهم للحقّ.

 

▪︎ الحَقُّ وكيف يُعاش؟

 لنَعُد لرسالة يوحنا الأولى الإصحاح الثالث؛ أنا مولودٌ مِن الحَقّ، أنا في الحَقّ، وقد جاء يسوع ليُظهِر لك الحَقّ بدلًا من أن تسير في دوامة فلان أو فلانة كيف يتعامل معي وكيف ينظر لي! فهذا مستوى أقل من الحق ولا تتوقَّع أن شخص مثل هذا يستطيع أن يعيش حياة روحية نشيطة، لماذا؟! لأن الحق موجودٌ في الكلمة وموجودٌ فيك، أنت تكتشفه في الكلمة لتكتشف حقيقتك وكيف أصبحت.

 أثناء عبادتك وأنت ترفع يدك، إن جاءَ بداخلك صوتٌ؛ “أنت لا تعيش حياة روحية صحيحة كيف ترفع يدك وتعبد؟!” هذا الكلام كَذِبٌ وليس حَقًّا والدليل هو الحَقّ الموجود في الكلمة. إذًا ماذا تفعل؟ انتبه للحق فعندما تعطيه انتباهك تجده يزداد في داخلك. هذه هي الطريقة الكتابية لتعيش الحق والحل الوحيد لكي يُستعلَن في حياتك هو أن تنتبه له وتعيشه.

 يوجد فرقٌ بين أنك عرفت وبين أنْ تُطبِّق ما عرفته. في هذه اللحظة تَخرُج قوة الحق وتظهر للخارج. إنْ قال لك شخصٌ أن طريقة تفكيرك خاطئة والحل أن تفكر كما تفكر الكلمة تجاه هذا الأمر وأنت في مستوى أقل من الحقيقة (رؤية الله للأمر) يكون ردك أنك شاعرٌ أن البيت أو الدراسة أو العمل مُعطِّلون.

 ربما تتَّخذ الإحباط نتيجة الموقف الفلاني الذي تعرَّضت له عذرًا، ولا تستطيع أن تغفر. الحلّ هو أنْ تتَّبع النصائح وتسلُك بالحق الذي يُقال لك فتجد نفسك خرجت خارج هذه الدائرة، فالكتاب يقول: “حرري نفسك يا صهيون!”

 يَصِل المُؤمِنون إلى مستوى؛ “فَاخْضَعُوا للهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُم” (يعقوب 4 :7)، وهذا رائع! لكن يوجد مستوى أعلى قال عنه بولس وهو؛ “وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا.” (أفسس 27:4) كيف يحدث هذا؟ عندما يتوغّل الحقّ داخل ذهنك.

يوحنا أكثر من تكلَّموا عن هذه النقطة لذا سندرسها الآن بشكلٍ سريعٍ

“15 مَنِ اعْتَرَفَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ، فَاللهُ يَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِي اللهِ. 16وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي ِللهِ فِينَا. اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ. 17بِهذَا تَكَمَّلَتِ الْمَحَبَّةُ فِينَا: أَنْ يَكُونَ لَنَا ثِقَةٌ فِي يَوْمِ الدِّينِ، لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هذَا الْعَالَمِ، هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا. 18لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ.” (يوحنا الأولى 4 :15-18).

 “18 لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ”: أي خوفٍ يصحبه فِكرة العذاب أو العقوبة. سلوكك بالخوف يجعل الأفكار غير الكتابية تُطارِدك والمشكلة تكمن في السلوك وليس الأفكار؛ لفظ “له” في اليوناني أي مصحوبة بفكرة ولعلاج هذا العذاب لا تتعامل مع أفكار العذاب بل تعاملْ مع سلوكك بالخوف لأن سلوكك هو الذي عَرَضَّك لهذه الأفكار.

 كلمة الله دقيقة بطريقة غير عادية ومريحة لأنه كلما تُكثِر التفاصيل تصل لمراحل أنك تعرف من أين تأتي مشكلتك. ضَعْ هذه القاعدة في ذهنك؛ أن كل مرة فيها مُرتبِكًا ولا تعلَّم ماذا تفعل حيال ظروفك، هذا يساوي أنه ليس لديك نور كافٍ من الكلمة في هذا الموضوع. حتى لو كان لديك المعرفة، ماذا ينقصك إذًا! أن تسلك بما تعرفه فترى قوة الحق تظهر بطريقة تفوق الطبيعي!

 قال الرب يسوع: “أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاة.” (يوحنا 8 :12)، وهذا يعني أنه لن تصير الحياة غامضة في أي موقف لدرجة أنك تَحكُّم في الأمور (أي أن تُميِّز وليس أن تفتي). هناك فرقٌ بين شخص يحب أن يُدلي برأيه في كل شيء وهذه كارثة! وأن تمتلئ بالحق لدرجة إنه يتوغَّل داخلك فترى الأمور دائمًا بالمُنطلَق الإلهي الصحيح، وسيُطيعك عالم الروح حتمًا إن تعاملت معه بهذا المستوى.

 عندما دخل الرب يسوع إلى كورة الجدريين، يقول الكتاب إنه انتهر الروح ولكنه لم يَخرُج، وهذه المرة الوحيدة التي انتهر فيها يسوع روحًا شريرًا ولم يَخرُج! بعدها جاء الرجل وجثا على ركبتيه أمام يسوع وهو مُدرِكٌ أنه مُقيَّدٌ ويحتاج إلى حلٍّ، فجرى وركعَ عند قدمي يسوع مُستغيثًا.

 كيف تعامل الرب يسوع مع هذا الشخص؟ قال له: “ما اسمك؟” هذه هي المرة الوحيدة التي فَتَحَ فيها الرب يسوع حوارًا مع إبليس، هل تعرف لماذا سأل الرب يسوع هذا السؤال؟! أراد الرب أن يُوضِّح للروح الشرير أنه يفهمه ويتعامل بمستوى أعلى من العيان، فهو لا يُخمِّن بل يعرف أنه موجودٌ.

 يوجد أمران جعلا الروح الشرير يخرج:

 أولًا: أن الرجل أتى للرب يسوع وهذه نقطة مهمة جدًا، الاستغاثة برجال الله.

ثانيًا: أنّ يسوع تعامل من مستوى الحقيقة وليس العيان، فنظر له وقال: “ما هو اسمك؟” أنا أعلَّمُ أنك موجودٌ، أنت لا تتكلَّم وغير ظاهِر عليه لأنك خائِفٌ أنْ أُخرِجك. كانت الأرواح الشريرة عددًا مهولاً ولهم قائدٌ. انتبه! عندما تتعامل بمستوى الحَقّ تجذب أمورًا وتتمّ وتَحدُث، كيف؟ بأن تعيش الحق الذي لديك، وأي شيء يَنُقصك…سيستلمه الروح القدس، لا تقلق!

 “قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.” (يوحنا 14: 6). إذًا يسوع هو شخصيًا الحق.

 “قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ.” (يوحنا 17 :17). إذًا كلمة الله هي الحَقّ. لا تتعامل مع الحق كمُسمَى، بل هو كشف حقيقة الشيء، كشف المَخفي (هذا المعنى اليوناني). تَذكَّرْ أن حقيقة المنبر هي خشب حتى إذا كان مَطلَّيًا بالذهب؛ الظاهر أمامك إنه ذهبٌ. لفظ الحقيقة جاء بمعنى أعمق شيء.

 توجد مشكلة لدى المُؤمِنين أنهم لا يُفكرِّون مثل الحقيقة التي يعرفونها، أنت تؤمن بالحق لكنك لا تُفكِّر بطريقته فسقوطك مُتكرِّر ولهذا السبب بطرس وضع نهايةً للأمر ووضع مُفتاحًا وهو الانتباه للحق.

“17 وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟ 18يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ! 19وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ. 20لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. 21أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ لَمْ تَلُمْنَا قُلُوبُنَا، فَلَنَا ثِقَةٌ مِنْ نَحْوِ اللهِ. 22وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ. 23وَهذِهِ هِيَ وَصِيَّتُهُ: أَنْ نُؤْمِنَ بِاسْمِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا كَمَا أَعْطَانَا وَصِيَّةً. 24وَمَنْ يَحْفَظْ وَصَايَاهُ يَثْبُتْ فِيهِ وَهُوَ فِيهِ. وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِينَا: مِنَ الرُّوحِ الَّذِي أَعْطَانَا.” (يوحنا الأولى 3 :17 -24).

 “17 وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ”؛ هذا دليلٌ على أنّ هناك شيئًا رائعًا داخلك وأنت مَن تُحاوِل أن تُغلِق أحشائك عن إخراجه! لم يَذكُر في الشاهد أن تحاول السلوك بالمحبة بل ما حَدَثَ هو أن الشخص هو مَن أغلقَ قلبه. إن قلبك يحتوي محبة الله السائلة (طالما انسكبت محبة الله إذًا هي سائلة)؛ “18 يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ“، إذًا السلوك هو الحقيقة؛ أي عندما تسلُك بما تعرفه هذه هي الحقيقة.

 “19 وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ“؛ لفظ “بِهذَا” عائِدٌ على ما قبلها، وبهذا السلوك العملي نعرف أننا خارِجون مِن الحق؛ “وَنُسَكِّنُ (نُقنِع) قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ”. أريد أن أتكلَّم عن هذا الجزء تحديدًا: عندما تعيش بالكلمة تستطيع أن تُقنِع نفسك أنك تسلك بالخطوات الصحيحة، وإنْ وُجِدَ شيءٌ ناقصٌ من المعرفة سيكشفها لك الروح القدس وهذا ما ذَكَرَه الشاهد بعدها؛ “20 لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ“.

 نعود للإصحاح الثاني من رسالة يوحنا الأولى لنفهم أعظم من ماذا: “10مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ يَثْبُتُ فِي النُّورِ وَلَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ. 11وَأَمَّا مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الظُّلْمَةِ يَسْلُكُ، وَلاَ يَعْلَمُ أَيْنَ يَمْضِي، لأَنَّ الظُّلْمَةَ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ”.

 مشكلة هذا الشخص أنه لا يعيش بالكلمة فهو يسلك في الظلمة ولا يعلَّم أين يمضي فالظلمة أعمت عينيه. في الإصحاح الثالث يقول: “20 لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا (بسبب أن الشخص لا يعيش بالحق ويوجد شيءٌ ناقصٌ) فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ (يعرف) كُلَّ شَيْءٍ” ما ينقصك سيُخبِرك الروح القدس به.

 فقط اَظْهِر أمامه شغفك في أن تعيش بالحق، ضَعْ قلبك أن تعيش بالحق، بمعنى عندما يقول لك أحدُ القادة الروحيين بأن تفعل شيئًا فأفعله مباشرةً حتى لو أنت تعيش في مستوى الأفكار الكثيرة وتريد أن تُجيب الكثير من الأسئلة وتُثبِت أنك على حَقّ وقد اُفتُرِيَّ عليك، إن كنت في هذا المستوى فأنت في مستوى أقل من الحَقّ. لا تعتقد أنك تسلك بهذا المستوى وعندما تُصلِي وتُمارِس طُرق كتابية صحيحة ستجد نتائج، لماذا؟ لأن الحق كتلة واحدة، ولا يُعاش بالتقسيط!

 يوجد مستويان إمّا أنك تعيش بالحَقّ وتسلك فيه فتستطيع أن تُقنِع نفسك عكس الحروب الذهنية التي تُطارِدك بأنك تَسلُك في الطريق الصحيح وما لا تعرفه يكشفه لك الروح القدس وتحصد نتائج

 أما المستوى الثاني هو ألّا تعيش بالحق فلا تعلَّم أين تمضي وتسلك في الظُلمة ولكن يأتي الروح القدس وهو أعظم منك ليُرشِدك بأن ما تحتاج إليه هو أن تجري عليه. لذا فَكِّرْ فيه، انتبه للحق لأن هذه هي مشكلة المُؤمِنين؛ “قلة الانتباه للحق”، وهذا السبب أن بطرس وضعها لنا بطريقة واضحة جدًا

 “21 أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ لَمْ تَلُمْنَا قُلُوبُنَا، فَلَنَا ثِقَةٌ مِنْ نَحْوِ اللهِ. 22وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ”؛ ما هو المُرضِي أمامه؟ الإيمان لهذا أكمل الآية بعدها وقال: “23 وَهذِهِ هِيَ وَصِيَّتُهُ: أَنْ نُؤْمِنَ بِاسْمِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا كَمَا أَعْطَانَا وَصِيَّةً. 24وَمَنْ يَحْفَظْ وَصَايَاهُ يَثْبُتْ فِيهِ وَهُوَ فِيهِ. وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِينَا: مِنَ الرُّوحِ الَّذِي أَعْطَانَا.” (يوحنا الأولي 4 :21-24).

 23 وَنُحِبَّ بَعْضُنَا”؛ يوحنا هنا لا يتحدَّث عن محبتنا لبعضننا البعض بل كان هناك هرطقتان في هذا التوقيت ويريد أن يُثبِت للناس أنه عندما تعيش بالحق تجعل ما قاله الله عنك حقيقة؛ لهذا قال “تجعله كاذبًا”.

 9 بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ. 10فِي هذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا.11أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ أَحَبَّنَا هكَذَا، يَنْبَغِي لَنَا أَيْضًا أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا.” (يوحنا الأولى 4 :9-11).

 

▪︎ اكتشاف الحَقّ والانفتاح عليه:

 يوضح أن بداية أي شيء هو أن تكتشف وتنفتح على محبة الله لك.

“16 وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي ِللهِ فِينَا. اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ. 17بِهذَا تَكَمَّلَتِ الْمَحَبَّةُ فِينَا: أَنْ يَكُونَ لَنَا ثِقَةٌ فِي يَوْمِ الدِّينِ، لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هذَا الْعَالَمِ، هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا. 18لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ. 19نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً. 20إِنْ قَالَ أَحَدٌ: «إِنِّي أُحِبُّ اللهَ» وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ. لأَنَّ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ، كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْهُ؟ 21وَلَنَا هذِهِ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ: أَنَّ مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أَخَاهُ أَيْضًا.” (يوحنا الأولى 4 :16-21).

“1كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا. 2بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ.” (يوحنا الأولي 5: 1 ،2)

 “16وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي ِللهِ فِينَا“؛ لكي تُؤمِن وتَسلُك بالمحبة تحتاج أن تكتشف محبة الله لك ونتيجة لذلك تستطيع أن تُحِب الناس حولك، وتسلك في مستوى الحق فترى حقيقة الشخص أنه خليقة جديدة أو إن كان غير مُؤمِن فهو في مملكة الظلمة ويحتاج إلى نور يسوع.

 تكتشف أن مستوى الحق يجعلك تُفرِّق بين الأمور لذلك يقول الكتاب: “قدسهم في حقك” أي اجعلهم مُتميزين وليس عكسها نجاسة. ويَذكُر بعدها يسوع قائلاً: “لذلك أُقدس أنا ذاتي”، إن كان عكس كلمة قداسة “نجاسة”، هل المعنى أن يسوع كان يسلك بنجاسة؟ أي سلك بطريقة مختلفة فيما يريده الله لي! حاشا له!

 بمجرد سلوكك بالحق تكتشف أنك أدركت شيئًا غريبًا غير ملموس لمَن حولك لكنه ملموسٌ لك وصار حقيقية وستجد فرقًا معك في كل شيء في حياتك؛ سواء العمل، أو الخدمة، حتى طريقة سيرك.

 يَذْكُر لنا سِفْر الأمثال ويتعجَّب من حالات معينة إحداها الملك بينما يسير وهو مُجهَّزٌ بكل عِتاده وهو داخل الحرب ويمشي مشية الواثق مِن نفسه. لا تحتاج أن تتعلَّم لغات الجسد أو لغة الوعظ، ستجدها تَخرُج من روحك لأنك صرت في مستوى الحقيقة وتجد صلاتك أصبحت حيوية. كيف أَصِلُ لهذا المستوى؟ الحق فيّ وأنا في الحَقّ بحسب (يوحنا الأولى 5)، أصبحت أنت الحَقّ، أنت تعيش في الحقيقة لذلك الكُل في هيكله يصرخ مجدًا.

 ليتك تكتشف حقيقة هذا الهيكل؛ أنت في هذا الهيكل الآن، ولا يمكن أن تقول مجدًا فقط في الاجتماع اعتقادًا أن الهيكل هنا فقط (أي في الكنيسة)، لا، بل عندما تكون في المواصلات أو الشارع ويبدو أنك صامتٌ لكن داخلك تمجيدًا غير عادي لهذا الإله، ولا تحتاج إلى وجود رتم عالٍ -مثلاً- للترانيم لتَصل إلى حضور الله، فإن كنت هكذا، فأنت مازالت في مستوى الحواس الخمس!

 تستطيع أن تَعبُد في كل لحظة، بإمكان روحك أن تَعبُد في كل الأوقات. إذًا هذا الكلام صار حقيقيًّا أكثر من عالَم العيان حتى، كيف تصل إلى هذه المرحلة؟ أن تعيش الحَقّ الذي لديك وتُقاوِم الأفكار التي تُخبِرك بأنك غير مُنضبِط ويوجد شيءٌ يَنقصك، الآن عرفت لماذا لا ترى نتائج في بعض الأوقات. لابد نسكن قلوبنا أي نُقنع أنفسنا بينما نسلك بالحق.

“9 إِنْ كُنَّا نَقْبَلُ شَهَادَةَ النَّاسِ، فَشَهَادَةُ اللهِ أَعْظَمُ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ شَهَادَةُ اللهِ الَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا عَنِ ابْنِهِ. 10مَنْ يُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ فَعِنْدَهُ الشَّهَادَةُ فِي نَفْسِهِ. مَنْ لاَ يُصَدِّقُ اللهَ، فَقَدْ جَعَلَهُ كَاذِبًا، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِالشَّهَادَةِ الَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا اللهُ عَنِ ابْنِهِ. 11وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً (حياته الشخصية داخلنا)، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ.” (يوحنا الأولى 5 :9-11).

 

▪︎ روح الحَقّ ودوره في حياتنا:

 “10مَنْ يُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ فَعِنْدَهُ الشَّهَادَةُ فِي نَفْسِهِ”؛ كام مِن شخص يؤمن بابن الله وسطنا؟ إذًا لديك هذه الشهادة داخلك.

 “6 هذَا هُوَ الَّذِي أَتَى بِمَاءٍ وَدَمٍ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ. لاَ بِالْمَاءِ فَقَطْ، بَلْ بِالْمَاءِ وَالدَّمِ. وَالرُّوحُ هُوَ الَّذِي يَشْهَدُ، لأَنَّ الرُّوحَ هُوَ الْحَقُّ“؛ لهذا السبب قال يسوع في يوحنا “روح الحق”، هذه وظيفة الروح القدس، تستطيع أن تعتمد عليه ليَكشف لك حقيقة الموقف. لن تتوه في أي يوم من أيام حياتك وهذا ليس تَمني ولكنه شيءٌ حدث بالفعل، لماذا؟ لأن بداخلك الروح القدس، فطريقة تفكيرك اختلفت وهي بداية أنْ تُطبِّق الكلمة.

 يوجد فرقٌ بين أن أُعلِّمك وأن تأخذ أنت هذه المعلومات لتُطبِّقها فتَظهَر قوة المعلومات. إن لم تعِش هذا الكلام، فالمُحصِّلة صفرًا. احذر من أن تكتفي بأنك مُتلقِي فقط!

 “مَنْ لاَ يُصَدِّقُ اللهَ، فَقَدْ جَعَلَهُ كَاذِبًا”؛ بكل بساطة عندما يشهد شاهدٌ بأن فلان لم يقتل ثم يعترف فلان بنفسه أنه قَتَلَ فالطبع جعل هذا الشاهد كاذبًا! هذا هو معنى الشاهد ولا يُعنِي أنّ المُؤمِنين جعلوا الله كاذِبًا أي صارت حالته كاذبًا! لا بل لدي المُحيطين بهم لأنه مُفترَض أنهم نورٌ لمَن حولهم. لو لم تسلك (تعيش) بهذا الحق تجعل الله كاذبًا ليس لدى السماء وعالم الروح، بكل بساطة الملائكة تفهم أن هذا بسبب الأشخاص.

 تجعل الله كاذبًا بمعنى أن سلوكك لم يَكُن مُطابِقًا مع الحقيقة التي أنت عليها والله شهد بها! إذًا يوجد مشكلة عند المؤمنين أنهم لا يصدقون هذه الشهادة؛ “9 إِنْ كُنَّا نَقْبَلُ شَهَادَةَ النَّاسِ، فَشَهَادَةُ اللهِ أَعْظَمُ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ شَهَادَةُ اللهِ الَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا عَنِ ابْنِهِ.

 لن يوجد صوت أعلى من صوت الكلمة لذلك هذه الشهادة أعظم وأروع وأقوى وأفضل. أول نقطة أن تُؤمِن وأن تُصدِّق ومن لا يصدق الله يجعله كاذبًا لدي الناس بسلوكه عكس الكلمة.

 

▪︎ الانتباه لكلمة الحق:

 “16 لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. 17لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ». 18وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ. 19وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ، 20عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ.” (بطرس الثانية 1: 16-20).

 هنا يحكي بطرس عن التجلي وفجأةً يَنظُر إلى الناس ليُخبرهم عن مستوى أعلى من التَجلي (wow)؛ “وَهِيَ أَثْبَتُ” أي أقوى مقارنةً بما سبق. رغم أنّ ما سبقَ كان؛ لمسناه ورأيناه وعاينَّا عظمته، يريد بطرس قول؛ لم نرَ إنسانًا في حياتنا تَحوُّل بهذه الصورة!!

 أيضًا سمعنا هذا الصوت من السماء، لكن تستطيعوا أن تعيشوا بهذا المستوى في حياتكم، كيف؟ تَذكَّر خلفية بطرس، إنه شخصٌ كان مُتردِّدًا ومشكلته الخوف بالرغم من تَسرُّعه. أنكر يسوع بالرغم من إنه رأى التجلي، إذًا التجلي لم يُغيِّر في بطرس، فما الذي غَيَّره إذًا؟ المفتاح هو الانتباه للكلمة النبوية (كلمة الحق).

“19 وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ، 20عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ.”

 بمجرد أن تضع قلبك في الكلمة ستجد نتائج غير عادية كما نرى في قلب الأطفال سريع التجاوب. عندما نُصلي مع أحد كخدام ونجد أن الشخص لا يستقبل بسهولة، نتعجَّب ونفحص الشخص مرة أخرى فنجده يتعامل بمنطلق أنه لديه خطية وغير قادِرٍ أن يمشي على الخطوات! للأسف لم يكتشف حقيقة الأمر. انتبه لِمَّا قاله الكتاب؛ بهذا نعرف أننا من الحق إنْ عملنا بالحق أي سلكنا به وليس فقط أن يصبح الأمر مجرد كلام، فنرى نتائج في الحال.

 إذًا من أين تبدأ؟ أن تنتبه للحق وتفهمه. أيضًا أن تدرك أن الحق بداخلك وتضعه وَضْع التنفيذ بدون تَردُّد أو خوف، هذا ما جعل بطرس يسير على الماء عندما خطى خارج السفينة ولكن عندما انتبه للعيان ولم يسلك بالإيمان، بدأ في الغرق.

 الانتباه هو المفتاح الهام لكل شخص ليرى نتائج مثل التجلي؛ “كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ”.

 يتكلَّم الكتاب عن صموئيل النبي في العهد القديم عندما سمع صوت يستدعيه فذهب لعالي الكاهن، عندما فَهَمَ عالي الكاهن أن هذا الصوت من الله أخبره أنه يوجد طريقة ليسلك بها لكي يُكلِّم الله ويتحدَّث إليه…الطريقة هي أن تُظهِر استعدادك.

 قال عالي الكاهن لصموئيل سأُخبِرك ما تفعله. كان يوجد مدارس أنبياء في العهد القديم، أي هناك أناس تتعلَّم. أكملَ عالي في حديثه مع صموئيل وقال له: “بمجرد أن تسمع الصوت مرة أخرى أخبره تكلَّمْ يا رب لأن عبدك سامِعٌ، فيبدأ في الكلام معك” لتُظهِر استعدادك، ولتَخطُ هذه الخطوة وعندما تفعل هذا، ستظهر قوة الحق بوضوح في حياتك (الحياة التي أُظهِرتْ أي صارت واضِحة كشخص، تظهر في حياتك بطريقة واضحة).

 ماذا تفعل؟ اعرف الكلمة وفَكِّرْ بطريقتها. يشمل الانتباه أن يُفكِّر الشخص بالطريقة وليس فقط الإصغاء ثم تتجنَّبْ هذا الكلام داخلك لكن انتبه واقتنص الكلام داخلك وتَشرَّبْ به. قِفْ للكلمة احترامًا داخلك، اعتبرها، مثلاً آية؛ “لاَ يُلاَقِيكَ شَرٌّ، وَلاَ تَدْنُو ضَرْبَةٌ مِنْ خَيْمَتِكَ.” (مزامير 91: 10هذه حقيقة!

 عندما تسمع هذا الحق الكتابي، لا يَكُن ردّ فِعْلك هو “آمين تحدُّث معي فحسب”. لكن يوجد طريقة، إن كنت ساكِنًا في سِتْر العلي، فهذا تعليمٌ كتابيٌ فيجب أن تُفكِّر بهذه الطريقة، بمعنى لا تقلق عند ركوب سيارة على طريق ما وأنت بمفردك أو تتجنَّب السلام على شخص مريض تجنبًا لانتقال العدوى، إن كنت تفعل هذا، فأنت بذلك دارِسٌ للحقّ ولا تمارسه. إنْ كنت تُفكِّر وتسلك بهذه الطريقة، اِلْهج كثيرًا حتى تحصل على نتائج.

 اللهج ليس كلمة منطوقة فقط بل أن تُفكِّر حسب الكلمة؛ “وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.” (رومية 12: 2).

 هذا ما يُحدِث التغيير، طريقة التفكير بحسب الحق. يُعرِّف العالَم الغنَى والفقر بطريقة مختلفة عن تعريف الكتاب، مثلاً وجهة نظر العالم إن لم يَكُن هناك أغنياء، لن يكون هناك فقراء (والعكس) لأن تعريف الغِنَى والفقر لديهم هو مجرد رصيدٌ بنكيٌّ أو ممتلكات مُعيَّنة. لكن الكتاب المقدس يَتكلَّم أن إرادة الله أن يكون الكل أغنياء.

 الغِنَى هو التسديد الفائِض للاحتياجات والالتزامات. إنْ فهمت الحق ستَرَى العالَم أدنى؛ “لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ.” ( يوحنا الأولى 2: 15). استعمل العالم ولا تجعله يستعملك. لا تحبه لأن هذا عداوة لله. تَشرَّبَ يوحنا هذا الحق لدرجة أن نُزِعَ منه الخوف واتَّكئ على صدر يسوع.

 لم نرَ أحدًا وَصَلَ لهذا العُمق؛ “لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ.” ( يوحنا الأولى 4: 18).

 اكتشفَ بقلبه وسلكَ بالحقّ وبدأ يَغوص في محبة الله فصارت الحياة الإلهية ظاهرة في جسده ولم يستطيعوا قتله لذلك أطلقوا عليه لفظ “يوحنا الإلهي” لأنه رَبَطَ بين الحَقّ والمحبة والإيمان والسلوك ونظرته للأشياء وطريقة تفكيره، لذلك قال الخوف مصحوب بأفكار دينونة وعقاب، وبالتالي سلوكك بالحق مصحوب معه أفكاره، فالعكس صحيح.

▪︎ إليك بعض النصائح الذهبية:

 سلوكك بالحَقّ يتبلور في أن تُبدي استعدادك بمعنى وقت الصلاة انفجر في الصلاة لا تنتظر أن تشعر بشيءٍ يُحرِّكك. فَكَّرْ مثل الكتاب، مثلاً يقول الكتاب إن الألسنة شيءٌ هامٌ، لذلك، لتُكثِر منها!

 نكمل الحديث عن العابِدين الحقيقيين بالروح والحق، هُمْ أي شخص يكتشف حقيقة الله ويكتشف حقيقة نفسه ويَعبُد بالروح مُستخدِمًا طُرق الروح. فتجد نفسك مُشتعِلاً ومُلتهِبًا طوال الوقت. حتى إن أخطأت تكون مُدرِكًا أن الخطأ لا علاقة له بحياتك الروحية.

 أن تلتصق بجسد المسيح والاجتماعات وتلتصق بكل ما فيه حَقّ كتابي نقيٌّ وصافٍ. فتجد أنه صعبٌ عليك أن تترك اجتماعك لأنك تعيش بالفِعل هذا الجو ولا تَدَّعي هذا أو تحاول أن تعيشه. اضبط تفكيرك مثل الكلمة تمامًا. واجه الأفكار بالكلمة (من الأساس لا يلاقيني شرٌ وليس أن يلاقيني وأقاومه). أنظرُ بعيني مجازاة الأشرار ولا يَحدُّث معي لأن (أفسس 2) يَذكُر أننا جالِسون في السماويات وأهل بيت الله.

 هل الأمر بهذه البساطة؟! نعم. في البداية يَحدُّث فطامٌ للشخص بين الروح والنفس (لأنها مَن تُدير). في البداية قد يراودك أفكار مِثل؛ كيف أَخرُج مِن هذه الأفكار والضوضاء أنا بحاجة إلى وقتٍ لكي أهدأ، لن تستمر هذه الأفكار كثيرًا إن واجهتها بالكلمة.

 لا تتجنَّبْ الجلوس مع قائدك الروحي بحجة أنك تحتاج وقتًا لتهدأ، بهذه الطريقة تكون الشخص المُنعزِل (أي من يطلب شهوة نفسه) كما قال سِفْر الأمثال، وهذا بدوره سيُبعِدك عن الحلول. في الحقيقة هذا الشخص المُنعزِل يريد أن يُحقِّق ما بداخله وخائِف من أن يُصحٍّحه أحدٌ ويضطر إلى أَخْذ قرارات صعبة في نظره لأن فيها تضحيات.

 في الواقع هي ليست تضحيات ولكنها مشاكل هو من أدخلَ نفسه فيها بعلاقات أو عمل خطأ فيخشى من جلسة الرعاية لئلا يُقال له إنه في الطريق الخطأ، فيأخذ الطريق الأسهل وهو أنْ يُقرِّر أن ينعزل. اجرِ على قائدك الروحي حتى ولو للمرة المليون. لن تجد الحَق؟ إلّا في كنيسة الله، فهي المكان الذي وَضَعَ الله الحَقّ فيه فهي قاعدة الحق وعموده.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$