القائمة إغلاق

الرجولة الروحية الجزء The Spiritual Manhood Part 1

 

لسماع العظة على الساوند كلاود أضغط هنا 

                                                                         العظة مكتوبة (للسلسلة كاملة)

▪︎ ما هو مفهوم الرجولة الروحية؟!

▪︎ ليكن لديك يقين بالحقائق الكتابية.

▪︎ اكتشف أسباب العثرة وعلاجها.

▪︎ تجاوب مع الكلمة.

▪︎ ثباتك يأتي نتيجة فهمك الصحيح للحق الكتابي.

▪︎ تعرف على مستويات النضوج الروحي.

▪︎ مواصفات الأطفال والناضجين روحيًا.

▪︎ وظائف الخدمة الخمس وعلاقتهم بنضوجك الروحي.

▪︎ كيف تنضج روحيًا؟ ما الوسائل التي تساعدك على هذا؟!

▪︎ مبادئ لتربية الطفل والرعاية الروحية.

 ▪︎المزيج بين الصرامة والمحبة في التربية والتلمذة.

 ▪︎ مفهوم الرجولة الروحية:-

 الرجولة الروحية هي مرحلة الاستقرار في الحياة الروحية، والاستمرار في النضوج، وهذا ليس صعب، ولكن هناك معايير إلهية تحكمه. وربما وأنت طفلٌ تعتقد أنك رجلٌ، ولكن هذا لا يعني أنك صرت بالحقيقة كذلك، فإنْ كنت تعاني مِن الارتفاع والهبوط في حياتك الروحية، هذا دليل أنك مازالت طفلاً أو مراهقًا روحيًا.

 الرجولة الروحية لها مبادئ وطريقة، فاستقرارك يحميك مِن التعثر مِن أشخاص أو مواقف أو أحداث، حتى تصل لمرحلة لا تسقط فيها ولا تتعثر، بل تصبح مُحصنًا.

 الرجولة هي أنْ تستمِع للكلمة ولا تختار مواضيع معينة وتترك غيرها كما يحدث مع التلميذ في المدرسة، فهو لا يختار نوعية المادة التعليمية إنما يتعلم ما يُعرَض عليه حتى إنْ لم يكن منجذبًا له لكنه مع الوقت يكتشف أنّ ما درسه له علاقه بدروس أخرى، ويبدأ بتربيط الدروس التعليمية ببعضها.

 “لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْلٍ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْطَنُ وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلَكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ” (١كورنثوس ١١:١٣)

 الطفل الروحي يتكلم ويُفكر بطريقة خطأ، وبالتالي يسلك بصورة خاطئة. ويوضح الرسول بولس بكل جرأة أنه أبطل ما للطفل، الرجولة الروحية هي هدف إلهي لكل أولاده. الطفولة هي أمر طبيعي في حياة أي شخص، ولكن ليس مِن الطبيعي أنْ تستمر طفلاً لأن إبليس لن يرحمك أو يترفق عليك، وإنْ كنت تعتقد أنّ الله سيحميك منه، فهذا عدم فَهْم للقوانين الإلهية لأنك في هذه الأرض وهي الحيز الذي يسيطر عليه إبليس وبالتالي ستجده ينتهز كل فرصة لاقتحام حياتك.

 لم يكن أدم ساذجًا، بل واعيًا ومدركًا لكل شيء حوله، والدليل أنه كُلف بمهام، حتى إنّ الرب قال: “لَيْسَ جَيِّدا انْ يَكُونَ ادَمُ وَحْدَهُ فَاصْنَعَ لَهُ مُعِينا نَظِيرَهُ” (تكوين٢: ١٨) وهو مَن سَلّمَ الأرض لإبليس. توجد أمور تُفهَم ضمنيًا في الوحي، كما أنّ اليهود مِن أكثر مَن يفسرون النبوات بشكل صحيح، وكل كلمة بها تفاصيل كثيرة، فعلى سيبل المثال كلمة “مُعِينا” تعني أنه كان مُكلفًا بمهام، والرب أعطى له معينًا؛ أي مساعد لإتمام هذه المهام.

 إنْ كنت تسعى للرجولة الروحية والاستقرار، ليس الأمر بصعب لكنه يحتاج إلى التزام، فالروح القدس جاد جدًا ويتمنى أنْ يراك ملتزمًا لتصل إلى مرحلة الرجولة الروحية، فهذه مسرة قلب الآب.

 ▪︎ ليكن لديك يقين بالحقائق الكتابية:-

 “ ١ إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، ٢ كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، ٣ رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، ٤ لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ” (لوقا ١: ١-٤).

 لاحظ هنا أنّ لوقا يتحدث بيقينية ويقول إنّ هناك أمورًا نؤمن بها بتأكيد، فلن يستخدم الرب مؤمنين غير واثقين، لأنه يَبِثْ الثقة مِن خلال المؤمن في حياة الآخرين، وبلا شك هناك مَن يُعثِرون آخرين بتعاليم غير كتابية.

 قال الرسول بولس في (أعمال الرسل ٢٠: ٢٠) لأهل أفسس أنه لم يكتم عنهم أي شيء، بل أخبرهم بكل تعليم كتابي يفيدهم، حيث يوجد خدام يعرفون حقائق كتابية ويخشون اعلانها، وتحدث لوقا في الإصحاح الثاني عشر مِن إنجيله عن عقاب الرب لمن لم يعطوا العلوفة في حينها عن طريق الكرباج، في الوقت الذي سيتكلم فيه الرب يسوع معهم عن تقصيرهم في دورهم تجاه الرعية.

 هناك مَن سيُختَطَف ويقف أمام كرسي المسيح، وهناك مَن سيُعِد نفسه في أواخر الأيام ليُختَطَف، “زيت العذارى” لا يشير للروح القدس، لأنه لا يجف، إنما يشير إلى المعرفة الكتابية، بمعنى إنْ لم تأخذ المعرفة الكتابية وتستنير بها، ستجتاز بالضيقة.

 إنْ كنت مؤمنًا متراخيًا تجاه الكلمة ولا تفهمها، ستصير طفلاً معاقًا روحيًا، لأن الطفل إنْ لم يأخذ الغذاء السليم وينمو النمو السليم، سيتحول لطفلاً معاقًا. أما إنْ كنت تريد أنْ تصبح رجلاً روحيًا، عليك أنْ تتبع نظامًا، وتفهم معنى الرجولة الروحية، وتُلزِم نفسك بسماع الحق الكتابي، لأنك كثيرًا ما ستجد جسدك لا يقبل سماع تعليمًا كتابيًا، وأنت بحاجة للتغذي على فكر الرب. ملكوت الله يُغتصب؛ لذا دَرّب نفسك أنْ ترفض ما يطلبه جسدك منك وتنضج وتكبر بسماع الكلمة.

 ▪︎ أسباب العثرة وعلاجها:-

 العثرة هي الاعاقة الروحية؛ أي السقوط في نفس الفخ أكثر مِن مرة. هناك مَن يدّعي أنه مُتعثر وهو في حقيقة الأمر كسولاً. وآخرين تعثروا في حياتهم الروحية مِن أشخاص، والبعض الآخر أعثر نفسه بنفسه.

 تقول كلمة الله في اِحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ، وَإِنْ تَابَ فَاغْفِرْ لَهُ” (لوقا ١٧: ٣) المعنى المقصود في كلمة “وبخه” أي أوقفه وضع له حدودًا، وهي تختلف عن لفظ “عاتبه” المُسَتخدَم في (متى ١٨: ١٥) “وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا” والذي يعني اطلب منه الشرح لما فعله.

 لا توقف نموك الروحي لأنك تعثرت مِن شيء، لابد أنْ تقف ضد هذه الأعذار، حيث سبق الرب يسوع وقال “وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ” (متى ٦ :١١) احفظ نفسك مِن العثرات، وإنْ حاول شخص ما أنْ يُعثرك، أوقفه، وضع له حدودًا.

 “أَلَيْسَ هَذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأَخَا يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَيَهُوذَا وَسِمْعَانَ؟ أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ هَهُنَا عِنْدَنَا؟» فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ.” (مرقس ٣ :٦)

 تعثر هؤلاء في الرب يسوع بسبب استخفافهم به وبقيمته، واعتبروه شخصًا عاديًا. فكلما تستخف بالكلمة بعدم تركيزك وانتباهك واسترجاعك لها -إذ أنّ الكلمة هي ذاتها يسوع- هذا يعني استخفافك بيسوع شخصيًا. يَكمُن جمال يسوع في روعة شخصيته، وليس مظهره الخارجي، عَلِمَ شعب الله جيدًا أنه لا يمكنهم رؤية الله، فكانوا يتأملون في جمال شخصه.    

 ٥٣ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. ٥٤ مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، ٥٥ لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ. ٥٦ مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. ٥٧ كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي. ٥٨ هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». ٥٩ قَالَ هذَا فِي الْمَجْمَعِ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كَفْرِنَاحُومَ. ٦٠ فَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، إِذْ سَمِعُوا: «إِنَّ هذَا الْكَلاَمَ صَعْبٌ! مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟» ٦١ فَعَلِمَ يَسُوعُ فِي نَفْسِهِ أَنَّ تَلاَمِيذَهُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَى هذَا، فَقَالَ لَهُمْ: «أَهذَا يُعْثِرُكُمْ؟ (أهذا صعب عليكم) ٦٢ فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً! (الأضخم) ٦٣ اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ، ٦٤ وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ». لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ. ٦٥ فَقَالَ: «لِهذَا قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي». ٦٦ مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ” (يوحنا ٦: ٥٣-٦٦).

 لم يكن الرب يسوع يتحدث لتلاميذه الاثني عشر بل لليهود، ولم يكن في العلية ممسكًا بالكأس والخبز، وحتى تعاليمه لم تحظى بالقبول لدى الجميع، وحينما تحدث عن ضرورة أكل جسده تعثر منه تلاميذه، فقال لهم: “أهذا صعب عليكم؟ كيف تستطيعوا أنْ تدركوا الأضخم؟!” وهذا يؤكد أنّ الروح القدس لن يكشف لك أمورًا أضخم مِن مستواك الروحي، لأن هناك مَن لا يعرف الكلمة ويعتقد أنّ صوت إبليس هو صوت الروح القدس له ويعاني نتيجة لهذا؛ لذا عليك أنْ تعرف الكلمة جيدًا، فإرادة الرب أنْ يَكسِر كل عدم معرفة وزيف في شعبه.

 التلميذ هو شخص يتبع راعيه، ولا يحضر الاجتماعات فقط حينما يرغب في ذلك، أو يحضر وقت التسبيح وحسب، لأن هذه طفولة روحية. السبب وراء حُب الناس لوقت التسبيح هو أنهم في هذا الوقت يعطون ويحتكون بالرب ويتلذذون به، أما وقت الكلمة لا يستمتعون به بسبب عدم تجاوبهم معها، فيشعرون بالملل ولا يُطيقون سماعها. وبالطبع لابد أنْ يكون التعليم كتابي وحي حتى تستمتع به، لأنك لن تصبح رجلاً روحيًا إنْ لم تعرف الحق الكتابي، وكما تنطلق روحك في التسبيح فتنجذب لها، كذلك إنْ استطاعت إطلاق روحك عند سماع الكلمة، ستنجذب لها.

 لن يَستَخدِم الله غير الرجال روحيًا، لأن الخليقة تنتظر استعلان مجد أولاد الله الناضجين، وإنْ لم تكن دوافعك نقية، ولا تعرف أنْ تصلي، ومازالت تشعر بجفاف روحي بين الحين والآخر، فهذا مؤشِر أنك مازالت طفلاً روحيًا، وإنْ كانت هذه الحقيقة مؤلمة لا يهم، فالتأديب يؤلم في بدايته، لكنه يأتي بثمر بر في النهاية كما تقول الكلمة في عبرانيين ١١: ١٢“وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيراً فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ”.

 علاج العثرة هي اجابة الرب يسوع على سؤال التلاميذ وتوضيحه أنّ المَقْصَد هو عالم الروح “اَلْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ” لذا لابد أنْ تفهم حقيقة وأعماق الأمور عبر فهمك لعالم الروح، قد جعلنا الرب يسوع أساتذة في عالم الروح، وبناءً على هذا تطمئن في كل المواقف لأنك تدرك أنّ أساس كل الأمور روحي.

 على سبيل المثال، لن تخشى مِن أي أمر حينما تتعرض للأذية مِن شخص ما، إذ أنت مدرك أنّ وراء مَن يحاول أذيتك هي أرواح شريرة جعلته يقف ضدك، وبدلاً مِن تصويب أصبع الاتهام تجاه الشخص والتخطيط للانتقام منه، تصلي لأجله وتوقف الأمر مِن عالم الروح.

 هل لازالت تَعثُر بين الحين والآخر؟ هذا يعني أنّ حياتك الروحية لا تسير بالمعدل الروحي السليم، وتحتاج لمعرفة المزيد مِن الحقائق الروحية التي تساعدك في فهم الأمور، فالطفل الروحي كثير العثرة بسبب عدم إدراكه أنّ أساس كل شيء هو عالم الروح. إنْ كنت تسعى لتصِل للرجولة الروحية، عليك أنْ تفهم عالم الروح، وأنّ ويسوع جعلك أستاذًا فيه، وهذا ما يجعلك غير قلق في المواقف لأن أساسها روحي.

 تعامل الرب يسوع مع الأمور مِن الأساس الروحي، وحينما تكتشفه أنت أيضًا وتفهمه؛ ستُدرك أنّ كل شيء مُتحكّم فيه مِن عالم الروح، وتستطيع تغييرها وتتحكم في زمام حياتك. الرجولة الروحية هي أنْ تصل لمرحلة تنتهي فيها مِن دائرتك الخاصة، وتكون في علاقة حية مع الله، وتُدرك أنه لا يتضايق منك وأنّ محبته ثابتة لك دائمًا، وأنّ إبليس ليس له فيك شيء، وتكتشف ما لك في المسيح. فحينما تستنير هذا الحق؛ ستُدرك أنك توثر ولا تتأثر، لأنك مِن نفس خامة الكلمة.

 ▪︎ تجاوب مع الكلمة:-

 لابد أنْ تتجاوب مع الكلمة ولا تكن مثل مَن قال لهم الرب يسوع: “زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا! نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَلْطِمُوا” (متى ١١: ١٧) بمعنى أنكم غير متجاوبين، أما الملائكة فتُهلل بكل حق كتابي (عبرانيين ١٢: ٢٢)، ففي عالم الروح يوجد فرح دائم وتهليل.

 “٩ نَائِلِينَ غَايَةَ إِيمَانِكُمْ خَلاَصَ النُّفُوسِ. ١٠ الْخَلاَصَ الَّذِي فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي لأَجْلِكُمْ، ١١ بَاحِثِينَ أي وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِي لِلْمَسِيحِ، وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا. ١٢ الَّذِينَ أُعْلِنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَيْسَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لَنَا كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهذِهِ الأُمُورِ الَّتِي أُخْبِرْتُمْ بِهَا أَنْتُمُ الآنَ، بِوَاسِطَةِ الَّذِينَ بَشَّرُوكُمْ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُرْسَلِ مِنَ السَّمَاءِ. الَّتِي تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا” (١ بطرس ١: ٩-١٢).

 كان أنبياء العهد القديم هنا يتنبأون عما سيحدث بعد الصليب، وكانوا يبحثون بكد واجتهاد عن مَن سيستمتع بكل هذه الأمور ومتى، وجاوبهم الروح القدس أنه ليس لكم بل لزمن قادم “زمن الكنيسة، وإنْ كان هذا الأمر مُبهِر لهم، فأنت قد صِرت عليه الآن.

 بينما يُعلَن هذا الحق الآن، الملائكة تُصغي وتسمع وتتهلل بسبب ضخامته. تحتاج أنْ تفهم أنّ عالم الروح يتحرك بتجاوبك معه. وإنْ كنت تسير بحواسك الخمسة وتنتظر شيء يُحركك، لن يحدث ذلك لأن سر اشتعالك يكمن في تجاوبك مع الحق الكتابي، وبمجرد أنْ تلتفت إليه، ستكتشف أنك دخلت فيه بشكل تلقائي لأن المملكة التي نحن فيها تسير بالانتباه والجوع.

 إنْ كنت تنتظر أمورًا مبهرة دون أنْ تتجاوب مع الكلمة، وتنتظر كثيرًا ليُحركك شيئًا، لن يحدث ذلك، لأنها ليست الطريقة الإلهية. وهناك مَن يعتقد أنّ الرب سيظهر لهم مثلما ظهر لآخرين طالما أراد ذلك، ظنًّا منه أنّ الرب مثل والديه الذين يفعلون له دائمًا كل ما يريده.

  • الغني ولعازر:-

 “ ٢٥ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي، اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ. ٢٦ وَفَوْقَ هذَا كُلِّهِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ ههُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ، وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا. ٢٧ فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يَا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي، ٢٨ لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هذَا. ٢٩ قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ. ٣٠ فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. ٣١ فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ»”. (لوقا ١٦: ٢٥-٣١)

 لم يضرب الرب يسوع هنا مثلاً، ولكنه سرد قصة حقيقية. يذكر معظم علماء الكتاب المقدس أنّ هذا الغني كان مِن أقرباء الرب يسوع واليهود كانوا يعرفوه؛ لهذا لم يشاء أنْ يذكر أسمه حتى لا يُعرف أمره عند الجميع.

 هناك مَن يفسر هذا الشاهد بإن كنت تبتغي الذهاب للسماء، عليك أنْ تَذُق البلايا، وإنْ عشت في خير على الأرض، ستذهب حتمًا للجحيم حيث ذهب الغني، ولكن هذا الغني كان غنيًا بطريقته وليس غنيًا بالله.

 “فَقَالَ: لاَ يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ. بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ” أيإنْ رأوا شيئًا ضخمًا سيؤمنون، مؤكدًا أنّ مشكلتهم لم تكن الغنى بل عدم الإيمان، ولكنه أجابه إنْ لم تكن قلوبهم تتحرك نحو كلمة الله -مما يوضح أنّ صوت الكلمة أقوى مِن قيامة ميت مِن الأموات- فإنْ قام لهم شخص مِن الأموات، لن يؤمنوا.

 إنْ كنت لا تريد أنْ تسلك مع الرب بجدية وتعتقد أنّ الرب سينزل لمستواك الروحي -رغم أنه في بعض الأحيان يفعل هذا إنْ استدعى الأمر- فهذا لا يعني أنْ تظل طفلاً. لا تحيا مثل الأبن الأكبر الذي أنتظر أبوه يصنع له حفله دون أنْ يطلب منه. لا تنتظر الرب يفعل لك شيئًا دون أنْ تطلبه، وتستمر تنتظره، والرب ينتظرك لتخبره بطلبتك، وإلا ستنتظر كثيرًا وتتأخر روحيًا.

 “٢٣مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ. ٢٤ لأَنَّ: «كُلَّ جَسَدٍ كَعُشْبٍ، وَكُلَّ مَجْدِ إِنْسَانٍ كَزَهْرِ عُشْبٍ. الْعُشْبُ يَبِسَ وَزَهْرُهُ سَقَطَ، ٢٥ وَأَمَّا كَلِمَةُ الرَّبِّ فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ». وَهذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي بُشِّرْتُمْ بِهَا.” (١ بطرس ١: ٢٣-٢٥)

 أنت مولود مِن نفس خامة الكلمة التي لا تسقط ولا تُدمر. الطبيعة البشرية تتدمر، لكن المولود مِن الله لا يمكن تدميره، هللويا!

 “١ فَاطْرَحُوا كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَكُلَّ مَذَمَّةٍ، (عكس ما في قلبك) ٢ وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ، ٣ إِنْ كُنْتُمْ قَدْ ذُقْتُمْ أَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ” (١ بطرس ٢: ١-٣)

 خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْر” كل خباثة ومكر وكل ما يُشابه العالم ومبادئه، فإنْ سلكت بالكلمة، ستكون ناصحًا.

 “الرِّيَاءَ” كل أحكام عكس ما في قلبك. ينبغي أنْ يكون كل مؤمن منفتحًا على مَن يتابعه روحيًا، ولا يُرائي مع أخواته. وينبغي ألا تمدح أحدهم قائلاً: “أنت عملاق روحي” وأنت تعلم جيدًا أنها ليست الحقيقة.

 “الْحَسَدَ” الغيرة القلبية، يتمنى ما لدى الآخر.

 “مَذَمَّةٍ” أي أنْ تتكلم باحتقار عن الآخرين وتُقلل وتسخر منهم، والنميمة، اطرح كل هذا حتى لا تتأذى في النهاية!

 “وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ “الروحي” الْعَدِيمَ الْغِشِّ” بعد أنْ طرحت الخبث والمكر، مِن الطبيعي أنْ تشتهي اللبن الروحي عديم الغش، غير المُضاف له شيئًا؛ أي الحق الكتابي النقي. الطفل يشتهي “لديه رغبة قوية” بالطبيعة البن، وإنْ لم يشتهي اللبن، فهذا غير طبيعي.

 إنْ لم تطرح المكر والرياء والحسد وكل مذمة “الأفكار الخطأ”، ستقل شهيتك للكلمة إلى أنْ تنتهي، وتجد نفسك مُحمَّلاً بأشياء؛ لأن ذهنك مُنتبهًا لأمور أخرى، والحل أنْ تطلب مساعدة مَن يرعاك روحيًا، فإن استمريت بهذا الشكل، ستألف وتعتاد على هذا الوضع، وستستمر دون أنْ تشعر بوجود أي مشكلة.

 “لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ” تأتي في الأصل “لكي تنموا به للخلاص، أو تُنقَذ به” وهو أنْ تصل لمرحلة خلاص نفسك (الأفكار، العاطفة، الإرادة)، عن طريق أنْ تشحنها بالكلمة، وأنْ تُستبدل أفكارك الشخصية، بالأفكار الإلهية. يجب أنْ ينمو المؤمن كل يوم، إذ قال أحد رجال الله “إنْ كنت لا تنمو، فأنت ترتد”.

 “إِنْ كُنْتُمْ قَدْ ذُقْتُمْ أَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ” لا تُبنى حياة أي مؤمن على الرعب مِن الله. وأي تعليم يُرعِب الناس مِن الله؛ يُولِّد أطفالاً معاقين، وإنْ كنت في خصومة مع الله ولا ترى أنّ الرب صالح، العلاج هو الفهم السريع والصحيح لمحبة الله، وهنا تستطيع أنْ تكون جريئًا في علاقتك معه وتنضج مِن مرحلة لأخرى، ولا تبقى كما أنت. اعلم أنّ سبب بقائك في نفس المستوى؛ أنك كسول ولا تريد أنْ تلتزم في علاقتك بالرب. فدائمًا لدى الكسول طريقة تفكيره التي تُدمره.

 “١ يَا إِخْوَتِي، لاَ يَكُنْ لَكُمْ إِيمَانُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، رَبِّ الْمَجْدِ، فِي الْمُحَابَاةِ. ٢ فَإِنَّهُ إِنْ دَخَلَ إِلَى مَجْمَعِكُمْ رَجُلٌ بِخَوَاتِمِ ذَهَبٍ فِي لِبَاسٍ بَهِيٍّ، وَدَخَلَ أَيْضًا فَقِيرٌ بِلِبَاسٍ وَسِخٍ، ٣ فَنَظَرْتُمْ إِلَى اللاَّبِسِ اللِّبَاسَ الْبَهِيَّ وَقُلْتُمْ لَهُ: «اجْلِسْ أَنْتَ هُنَا حَسَنًا». وَقُلْتُمْ لِلْفَقِيرِ: «قِفْ أَنْتَ هُنَاكَ» أَوِ: «اجْلِسْ هُنَا تَحْتَ مَوْطِئِ قَدَمَيَّ»” (يعقوب ٢: ١-٣)

 لا تكن مِن المؤمنين الذين يضعون المحاباة تحت غطاء الإيمان؛ أي لا تفعل شيئًا وتُبرر به المحاباة، إذ هي خطية. بمعنى لا تضع للخطأ غطاءً أسمه المسيح، واحترس مِن الاستخدام الخاطئ للإيمان بتبريرات، أو لتفعل ما تريده. لا تشعر أنّ ما أُعطي لك مِن خدمة أمر صغير عليك، وتبدأ تتذمر وتعتقد أنّ القائد الروحي يقف أمام دعوة الله على حياتك.

 ▪︎ ثباتك يأتي نتيجة فهمك الصحيح للحق الكتابي:-

 “لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَّوِعَةٍ وَغَرِيبَةٍ، لأَنَّهُ حَسَنٌ أَنْ يُثَبَّتَ الْقَلْبُ بِالنِّعْمَةِ (القلب يثبت بقوة الروح القدس بالنعمة)، لاَ بِأَطْعِمَةٍ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا الَّذِينَ تَعَاطَوْهَا” (عبرانيين ١٣: ٩).

 “١٤ لِذلِكَ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ أَنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ هذِهِ، اجْتَهِدُوا لِتُوجَدُوا عِنْدَهُ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ عَيْبٍ، فِي سَلاَمٍ. ١٥ وَاحْسِبُوا أَنَاةَ رَبِّنَا خَلاَصًا، كَمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ أَخُونَا الْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحِكْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ، ١٦ كَمَا فِي الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضًا، مُتَكَلِّمًا فِيهَا عَنْ هذِهِ الأُمُورِ، الَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ “غير الفاهمين” وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ، كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ. ١٧ فَأَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ قَدْ سَبَقْتُمْ فَعَرَفْتُمُ، احْتَرِسُوا مِنْ أَنْ تَنْقَادُوا بِضَلاَلِ الأَرْدِيَاءِ، فَتَسْقُطُوا مِنْ ثَبَاتِكُمْ” (٢ بطرس ٣: ١٤-١٧).

 “وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضاً، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ” مَن يُعلِّمون تعاليمًا غير كتابية، هم أول مَن يتأذون. وإنْ لم تُفهَم الرسائل بطريقة صحيحة، سيضيع الكثيرون ويؤدي ذلك إلى ضياع أخرين لأن الاستقرار الروحي يأتي نتيجة التفسير الصحيح للكلمة.

 “احْتَرِسُوا مِنْ أَنْ تَنْقَادُوا بِضَلاَلِ الأَرْدِيَاءِ فَتَسْقُطُوا مِنْ ثَبَاتِكُمْ” هناك أمور خطيرة في التفسير الخطأ لكلمة الله؛ لذلك ثباتك مرتبط بفهمك الصحيح للكلمة.

 “١٣ هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الْقَائِلُونَ: «نَذْهَبُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا إِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ تِلْكَ، وَهُنَاكَ نَصْرِفُ سَنَةً وَاحِدَةً وَنَتَّجِرُ وَنَرْبَحُ». ١٤ أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ! لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلاً ثُمَّ يَضْمَحِلُّ. ١٥ عِوَضَ أَنْ تَقُولُوا: «إِنْ شَاءَ الرَّبُّ وَعِشْنَا نَفْعَلُ هذَا أَوْ ذَاكَ». ١٦ وَأَمَّا الآنَ فَإِنَّكُمْ تَفْتَخِرُونَ فِي تَعَظُّمِكُمْ. كُلُّ افْتِخَارٍ مِثْلُ هذَا رَدِيءٌ. ١٧ فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ” (يعقوب ٤: ١٣-١٧).

 “إِنْ شَاءَ الرَّبُّ وَعِشْنَا نَفْعَلُ هذَا أَوْ ذَاكَ” لا ينطبق هذا العدد على المؤمنين السالكين بالكلمة، بل الذين تركوا الرب بقلوبهم، والسبب هو تركهم للرب وليس لأن التجارة أمر سيء، فهم يفتخرون بأمور أخرى غير الرب، ويعلمون جيدًا الأمور الصحيحة ولا يريدون أنْ يفعلوها.

 ١ هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، ابْكُوا مُوَلْوِلِينَ عَلَى شَقَاوَتِكُمُ الْقَادِمَةِ. ٢ غِنَاكُمْ قَدْ تَهَرَّأَ، وَثِيَابُكُمْ قَدْ أَكَلَهَا الْعُثُّ. ٣ ذَهَبُكُمْ وَفِضَّتُكُمْ قَدْ صَدِئَا، وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ، وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ كَنَارٍ! قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ. ٤ هُوَذَا أُجْرَةُ الْفَعَلَةِ الَّذِينَ حَصَدُوا حُقُولَكُمُ، الْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ، وَصِيَاحُ الْحَصَّادِينَ قَدْ دَخَلَ إِلَى أُذْنَيْ رَبِّ الْجُنُودِ. ٥ قَدْ تَرَفَّهْتُمْ عَلَى الأَرْضِ، وَتَنَعَّمْتُمْ وَرَبَّيْتُمْ قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي يَوْمِ الذَّبْحِ. ٦ حَكَمْتُمْ عَلَى الْبَارِّ. قَتَلْتُمُوهُ. لاَ يُقَاوِمُكُمْ! ٧ فَتَأَنَّوْا أَيُّهَا الإِخْوَةُ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ. هُوَذَا الْفَّلاَحُ يَنْتَظِرُ ثَمَرَ الأَرْضِ الثَّمِينَ، مُتَأَنِّيًا عَلَيْهِ حَتَّى يَنَالَ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ. ٨ فَتَأَنَّوْا أَنْتُمْ وَثَبِّتُوا قُلُوبَكُمْ، لأَنَّ مَجِيءَ الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَ” (يعقوب ٥: ١-٨).

 فَتَأَنَّوْا أَنْتُمْ وَثَبِّتُوا قُلُوبَكُمْ” تأتي في ترجمات أخرى “كونوا ثابتين ولا تخافوا بصرف النظر عن ما يحدث مِن حولكم مِن ظلم وافتراء وسرقة لأن الرب قريب”. يعتمد ثبات قلبك على فهمك لمبادئ كتابية، لأنك إنْ لم تُدرك أنّ الرب يتدخل في شؤون حياتك ويوقف أي أمور سلبية؛ لن يثبت قلبك. يُثبِّت الروح القدس قلبك ويجعلك راسخًا حينما تُدرك كيف يسير معك على الأرض، هنا لن تتأثر بأي شيء أو تحزن أو تفرح لأي شيء.

 لا تربط قلبك بأي شيء في الأرض أو ممتلكاتك. الرجولة الروحية هي الثبات، وهذا لا يعني عدم مواجهة تحديات وظروف في حياتك، بل ثباتك في مواجهتها. والثبات هو عكس العثرة لأن الشخص المتعثر يتأثر دائمًا بالأحداث والظروف والمشاعر، وهو متقلب المزاج ومرتعب دائمًا مِن إبليس، ويعتقد أنه باستمرار في حرب، ويوجد عدو يحاول الهروب منه، ويطلب الصلاة مِن آخرين.

 ▪︎ مواصفات الطفل الروحي:-

 قد تكون طفلاً روحيًا لأنك حديثي الإيمان، أو عرفت الرب لسنين دون أنْ تسلك بالكلمة، فصرت طفلاً معاقًا Nepios””.

 ١. سهل الخداع في شخص الله، مثل الطفل الذي يعتقد أنّ والديه يمنعوه عن أمور معينة لأنهم لا يحبونه، فهو دائمًا يتعثر مِن الرب ويحتاج لمرشد روحي يعلمه ويعرفه مَن هو الله ومبادئه ليتعلم سماع صوت الرب مِن خلالها، لأنه في هذه المرحلة لا يسمع سوى صوت إبليس الذي يملأ ذهنه بأفكار ضد الرب.

 كل شخص قَبِلَ الرب يسوع أيام الرسل أُطلِق عليه تلميذًا وليس خادمًا، ولكن مع الأسف كل مَن يقبل يسوع في يومنا هذا، يبدأ يخدم مباشرة، ويعتقد الراعي أنّ الخدمة ستجعله يلتصق بالكنيسة، في حين تقديم الحق الكتابي النقي له هو ما يجذبه للكنيسة.

 يُشبه هذا إلى حد كبير أنْ تعطي مسئولية كبيرة لطفل صغير، فتجده يتكبر أو يصنع انشقاقات بسبب دوافع القلب الخاطئة، ولا يمكن تصحيحه لأنه يعتقد أنه قائد إذ تولى مسئولية كبيرة قبل الموعد الصحيح، ومِن هنا نرى خدمات ضعيفة، ومِن السهل أنْ يتضايق الخُدّام مِن بعضهم البعض.

 ٢. سهل الخداع في طُرق الله، يبدأ يُخمن اعتمادًا على معرفته، وهو مثل الطفل الذي يستخدم القلم كسيف، يتعامل مع المواقف بهوجائية وتسرع في الحكم؛ لذلك لابد أنْ يُعطى له الغذاء السليم حتى لا يتحول إلى طفلاً مُعاقًا Napios””، قد يعتقد أنّ الله استجاب له بسبب بكائه، وهنا يحتاج أنْ يتعلم أنّ الله لا يستجيب عن طريق البكاء.

 “عَرَّفَ مُوسَى طُرُقَهُ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ أَفْعَالَهُ” (مزمور ١٠٣: ٧) وضع موسى نفسه في الوضعية الصحيحة وهي أنْ يعرف طُرق الرب، في حين اختار الشعب أنْ يصبح موسى وسيطًا بينهم وبين الله، بينما كان الرب يريد أنْ يتواصل مع الشعب كله، وظهر الرب في الجبل بطريقة خارقة، لأنه يتحتم حدوث ذلك حيث إنهم نشأوا وسط ألهه كثيرة، واعتادوا على الأمور الخارقة، وهم أطفال روحيين ويسلكون بالحواس الخمسة.

 ٣. يشك ويُخدَع في نفسه، مِن السهل أنْ ينتمي لأي تعليم له بريق. فأي شيء جديد له بريقه، ولكن هذا لا يعني أنّ كل ما يلمع ذهب. وإنْ عُرض عليه فكرة مِن إبليس، يعتقد أنه مصدر الفكرة وهنا يلوم نفسه ويسقط مرة أخرى في الخطية، ويصل لمرحلة يشعر فيها بالقيد، وهو لا يعلم أنّ كل هذه الأمور وهمية وليس هناك ما يُسمى بالقيد، وحينما يعلم أنّ هذه الأفكار ليست نابعه منه، يتحرر.

 ربما يعتقد أنّ هناك إنسان عتيق، ويتعامل على أساس أنّ هناك طبيعتين بداخله، وعليه أنْ يُلجّم الطبيعة العتيقة دائمًا، ويجد إثباتات مِن واقِع حياته على ذلك، في حين أنّ الكلمة تُثبت العكس “عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ” (رومية ٦: ٦) وهذا يعني أنه مات حرفيًا وليس تحت حكم الموت

 ٤. يُخدَع في إبليس ويعتقد أنه ضخمًا ومرعبًا، وهو مشكلة حياته ويشتكي مِن الجسد والعالم وإبليس.

 ٥. يُخدَع في الأشخاص ويعتقد أنهم المشكلة، في حين أنّ المشكلة تكمن في عدم ثباته.

 ٦. يعتقد أنّ المشكلة تكمن في الظروف والأحداث مِن حوله، ويُشَخِّص الأمور بطريقة خاطئة. الأطفال لا تعرف أنْ تسمع صوت الرب وإنْ كنت ترعى شخص روحيًا، لا تقُل له: “صلِ واسمع صوت الرب”، مرسومًا لكل أولاد الله أن يسمعوا وينقادوا بروح الله، ولكن ليس كلهم منقادين بروح الله، فقط الناضجين منهم.

 “لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ (أولاد الله الناضجين)” (رومية ٨: ١٤)

 فَرّقَ الرب يسوع بين الغنم والخراف، فالخروف الصغير يتبع الكبير ولا يعرف أنْ يسمع صوت الراعي، أما الكبير يميز صوته؛ لهذا قال الرب لبطرس وأنت تُطعمهم فَرّقَ بين الغنم والخراف. يوجد أطفال روحية، أنت مَن تصنع القرارات لهم مثل الطفل الجسدي لا يستطيع أنْ يصنع قرارات وهو مازال يتعلم، وحينما ينضج يعرف أنْ يصنع قراراته بنفسه.

 ٧. يعتمد على الأخرين.

 ١ وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ. ٢ بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ. ٣ هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ” (غلاطية ٤: ١-٣).

 يتحدث بولس الرسول في هذه الأعداد عن شعب إسرائيل باعتباره قاصرًا قبل قبوله للمسيح، وأصبح ناضجًا بعدما عرف يسوع. ونستطيع أنْ نفهم مبدأ كتابيًا منه، أنّ الطفل الروحي لا يستطيع أنْ يمتلك ما له في المسيح، مثل الوارث القاصر الذي لا يستطيع استخدام ميراثه، وهو يشبه العبد الذي لا يمتلك شيئًا في هذه الحالة.

 إنْ قَبِلَ الطفل الروحي ذلك الحق وأدرك أنه في طريقه للنضوج، سيخضع تحت أوصياء إلى أنْ يقرر والده أنه نضج بالفعل، لأن الطفل لا يستطيع صنع قرارات صحيحة، لأنه يهتم بلذته ورغباته فقط كاللعب والنوم، كذلك يهتم الطفل الروحي فقط بالعالم ويحتاج أنْ يخضع لشخص ليساعده ويرشده.

 ومثالاً على ذلك، هناك ملاجئ مُخصصة لأطفال الشوارع حتى لا يظلون هناك ويصيرون مدمنين أو قطاع طرق، كذلك الطفل الروحي إنْ لم يخضع لأبوة روحية، سيتخبط في هذه الحياة مثله مِثل المُشرّد.

 حينما يخضع الشخص بعد زمن مِن عدم الخضوع، تجده يعنف أبوه الروحي لأنه اعتاد على أسلوب الشارع، وعلى الأب الروحي أنْ يتقبله ويعمل عليه بصبر، وعلى الشخص أنْ يقبل التصحيح حتى وإنْ كان مؤلمًا، وإنْ لم يقبله ولا يدرس الكلمة كما يقوده مَن يرعاه روحيًا، سيُخرب حياته كما يقول الكتاب:

 “وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيراً فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ.” (عبرانيين ١٢: ١١)

 ليس مِن المُخجِل أنْ يعتمد الطفل الروحي على الأخرين، ولكن مِن الخطأ أنْ يربط حياته بأحد ويشعر أنه لا يعرف أنْ يعيش بدونه. مثل الطفل الجسدي الذي يعتمد على والديه الذين يُدربوه على صنع قرارات صحيحة بنفسه بطريقتهم دون أنْ يرجع لهم، ولكنه سيظل يحتاج إرشادهم في أمور أعلى لأنهم أعلى منه.

 مَن يرعاك روحيًا هو شخص يصل بك ليسوع، ويُعلمك كيف تفعل الأمور بطريقته. في البداية يعطيك سمكة ويُعلمك كيف تصطادها، إلى أنْ يأتي الوقت وتصطادها أنت بنفسك، وهذا ما فعله يسوع حينما قال للتلاميذ: “لاَ حَاجَةَ لَهُمْ أَنْ يَمْضُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا” (متى ١٤: ١٦) لأنه أعطاهم تعليمًا كتابيًا، لأن مفهوم تلميذ في ذلك الوقت هو شخص يترك كل شيء ويلتصق بمعلمه ويجلس تحت قدميه ليتعلم منه.

 أنت مَن تستخدم خيال طفلك ولا تتركه فارغًا، أو تقتل الابتكار والإبداع، بل وجهه ليبتكر ويتخيل بشكل صحيح، فالكلمة تجعله خاضعًا، دون أنْ تلغي شخصيته. كما تجعلك تختار بقلب كامل.

 ٨. ينتظر أنْ يقوم شخص آخر بالأمور مِن أجله، مثل الرضيع الذي ينتظر أمه لتُطعمه.

 ٩. هو شخص حِسي، يسلك ويقيس حياته بحواسه الخمسة؛ أي ما يشعر به، ما يراه. على سبيل المثال، قد يبكي حينما يجتاز بضيق إلى أنْ يُصححه مَن يرعاه روحيًا ويُعلمه الطريقة الصحيحة. ولا يؤمن دون أنْ يرى.

 فَبَكَّرَ خَادِمُ رَجُلِ اللهِ وَقَامَ وَخَرَجَ، وَإِذَا جَيْشٌ مُحِيطٌ بِالْمَدِينَةِ وَخَيْلٌ وَمَرْكَبَاتٌ. فَقَالَ غُلاَمُهُ لَهُ: «آهِ يَا سَيِّدِي! كَيْفَ نَعْمَلُ؟»” (الملوك الثاني ٦: ١٥)

 ارتعب غلام النبي أليشع، في حين أنّ النبي نفسه لم يهتم أنْ يرى أنّ الذين معهم أكثر مِن الذين عليهم؛ لأنه يراها عبر الكلمة جيدًا، ولكنه صلى لأجل خادمه لكي يفتح الرب عينيه. كان موسى أيضَا يُخبر الشعب أنهم محاطين بالحماية، واستخدم أحيانًا الجبال التي ترمز للحصون الإلهية المحيطة بالشعب. لا تحتاج أنْ ترى بعينك بل أنْ تفهم ما تقوله الكلمة تجاه كل موقف لأن العيان ليس هو المقياس.

 ١٠. كثير الأخطاء لأن الطفولة الروحية مرتبطة بطريقة التفكير.

 “أَيُّهَا الإِخْوَةُ لاَ تَكُونُوا أَوْلاَداً (مراهقينBaidon) فِي أَذْهَانِكُمْ بَلْ كُونُوا أَوْلاَداً (معاقين) فِي الشَّرِّ وَأَمَّا فِي الأَذْهَانِ فَكُونُوا كَامِلِينَ (ناضجين)” (١كورنثوس ١٤: ٢٠).

 نفهم مِن هنا أنْ تكون مُعاقًا، متخلِفًا، غير فاهم، غير مدرك وغير واعي تجاه الشر ولا تتأمل فيه. مثالاً على ذلك، إنْ كان شخص يسرق في عملك، لا تحاول أنْ تعرف كيف يفعل ذلك وتفاصيل الأمر، لا تتأمل في خطيته. يوضح لنا الروح القدس مِن خلال هذه الآيات أهمية أنْ تكون رجلاً روحيًا، وعكسها أنْ تكون طفلاً.

 ١١. لا يستطيع تحمل المسئولية، ويتعامل الروح القدس معه مِن خلال المشاعر، فبعض الأصوات تجعله يضحك في هذه المرحلة؛ لأنه لا يفهم غير لغة المشاعر. مثل الآب الذي يتواصل مع طفله عبر المشاعر، فهذا ما يتلذذ به، وعندما يكبر يتواصل معه مِن خلال الكلام رغم أنه نفس الآب وهو نفس الابن، لكن تغيرت طريقة تواصله معه لأنه نضُج، وإنْ استمريت تتواصل معه بطريقة الطفل ستقوده للإعاقة، هكذا يعاملنا الروح القدس.

 على سبيل المثال، يغمرك روح الله في بعض الأحيان بفرح بينما تصلي “أنت مفعول به”، ولكن يأتي الوقت الذي تفرح فيه عن عمد “أنت الفاعل” وتُبطل ما للطفل وتعيش في فرح دون أي مؤثرات وتتوقف عن الاعتماد على مشاعرك؛ لأجل هذا يقول بولس الرسول: “أَخِيراً يَا إِخْوَتِي افْرَحُوا فِي الرَّبِّ” (فيلبي٣ :١)

 يعتقد الطفل الروحي إنْ لم يشعر بالفرح، فمؤكدًا هناك خطأ ما في علاقته بالرب؛ لأنه يسلك بما يراه ويشعر به. في حين أنّ الرجل الروحي لا يتأثر بما يراه أو يشعر به بل يسلك فقط بما يؤمن به، وعكسها مرحلة النضوج أنْ تسلك بالكلمة فقط.

 يعتقد البعض أنّ الرب يستجيب مِن خلال البكاء والتضرعات، ولكنه يعشق الإيمان، كما هو مكتوب: “وَلَكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ” (عبرانيين ١١: ٦) بمعنى أنْ تُصدِق في شخصيته ولا تصلي “ارحمنا وتراءف علينا” لأنك صرت مرحومًا “الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ” (١بطرس ٢: ١٠)، سيأتي وقت يُفطم فيه الطفل الروحي كما يحدث مع الطفل الجسدي وسيؤلمه ذلك.

 ١٢. يتأكد ويطمئن مِن خلال الأخرين، لأنه لم يعتاد أنْ تكون للكلمة سلطانًا على حياته، ولذلك قال الرسول يوحنا: “أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ لأَنَّكُمْ قَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ.” (١يوحنا ٢: ١٣) يتحدث مع الطفل أو المراهق الروحي عن انتصاره على إبليس لأنه مازال مشغولاً به، ولكنه يتحدث مع مَن تقدم روحيًا عن أعماق علاقته بالرب، لأنه يعمل معه وينشغل بالنفوس.

 ١٣. يصدق أي شيء، وبالتالي مِن السهل أنْ يخدعه أي شخص.

 ١ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أي جِهَادٍ لِي لأَجْلِكُمْ، وَلأَجْلِ الَّذِينَ فِي لاَوُدِكِيَّةَ، وَجَمِيعِ الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا وَجْهِي فِي الْجَسَدِ، ٢ لِكَيْ تَتَعَزَّى قُلُوبُهُمْ مُقْتَرِنَةً فِي الْمَحَبَّةِ لِكُلِّ غِنَى يَقِينِ الْفَهْمِ، لِمَعْرِفَةِ سِرِّ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ، ٣ الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ. ٤ وَإِنَّمَا أَقُولُ هذَا لِئَلاَّ يَخْدَعَكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ مَلِق. ٥ فَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ غَائِبًا فِي الْجَسَدِ لكِنِّي مَعَكُمْ فِي الرُّوحِ، فَرِحًا، وَنَاظِرًا تَرْتِيبَكُمْ وَمَتَانَةَ إِيمَانِكُمْ فِي الْمَسِيحِ. ٦ فَكَمَا قَبِلْتُمُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ الرَّبَّ اسْلُكُوا فِيهِ، ٧ مُتَأَصِّلِينَ وَمَبْنِيِّينَ فِيهِ، وَمُوَطَّدِينَ فِي الإِيمَانِ، كَمَا عُلِّمْتُمْ، مُتَفَاضِلِينَ (متزايدين) فِيهِ بِالشُّكْرِ. ٨ اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ (بريق) بَاطِل، حَسَبَ تَقْلِيدِ النَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ.” (كولوسي ٢: ١-٨)

 يُشرَح العدد الثاني على هذا النحو: لكي تتشجع قلوبكم وأنتم مُقترِنين ومُتحدِين مع بعضكم البعض بالمحبة، فتنالون بركة ما فهمتموه بعد أنْ تيقنوا منه. حينما تقترن بجسد بالمحبة، تفهم وتتيقن بداخلك مما فهمته وهنا تنال بركة الذي درسته في الكلمة؛ لهذا فإنّ وجودك في جسد في غاية الأهمية.

 “وَإِنْ كُنْتُ غَائِبًا فِي الْجَسَدِ لكِنِّي مَعَكُمْ فِي الرُّوحِ” كثيرًا ما تجد مَن يرعاك روحيًا يعلم جيدًا ما تفعله رغم أنه غير متواجد معك في الجسد.

 “وَنَاظِرًا تَرْتِيبَكُمْ” اللفظ المُستخدم هنا هو لفظ حربي يصف الجنود وهم يقفون وكتفهم في كتف بعض، واقفون بجوار بعضهم بمتانة، هذه هي العلاقة بين أخواتك في جسد المسيح.

 سبب اشتعالك هو أنك فتحت قلبك على الحق الكتابي ودرسته جيدًا، وسبب توقف اشتعالك هو عدم حفاظك على اشتعال قلبك بصفة مستمرة؛ لذلك ينصحهم هنا “فَكَمَا قَبِلْتُمُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ الرَّبَّ اسْلُكُوا فِيهِ” بالطريقة عينها التي قبلت بها يسوع، هكذا كَمّل اسلك فيه، ففي البداية انبهارك جعلك تفتح قلبك للكلمة؛ وبالتالي اشتعلت. وفي الوقت الذي تُوقِف انبهارك بالكلمة معتقدًا أنك تعرف تفسير كل آية وتعتاد على ما تسمعه؛ تصل لمرحلة أنّ الكلمة صارت قديمة في نظرك وينطفئ اشتعالك.

 تحتاج كطفل روحي أنْ تحافظ على اشتعالك باستقبال تعليم كتابي نقي، وتحافظ على قلبك مُنتبهًا للكلمة وتضع كل قلبك فيها، حيث قال الرب يسوع: “إِنْ شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ يَعْرِفُ التَّعْلِيمَ” (يوحنا٧: ١٧)؛ أي مَن أراد أنْ يعرف، سيُعطى له النور الكافي، أما الشخص الذي يعطي أعذارًا لنفسه ولا ينتبه للكلمة، سيظل في هذه الحالة.

 ▪︎ مستويات النضوج الروحي:-

 “٣ مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، ٤ كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، ٥ إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ” (أفسس ١: ٣-٥)

 عَيّنَك الرب للتبني، وهو يعني في اللغة اليونانية “النضوج” الروح القدس هو روح التنضيج، وهو مَن يُنضجك؛ لأن مسرة الآب أنْ تنضج روحيًا ولا تحيا مُتخبطًا بسبب أفكارك المُشتتة، وبالتالي يضعف جسدك نتيجة ضعف روحك. الناضج روحيًا هو الثابت الذي لا يهتز بالظروف أو الأحداث ولا يتأثر بالمشاعر.

1. المستوى الأول: بريفوس BREFOS

2. المستوى الثاني: بايدون Paidion

3. المستوى الثالث: هيوس Huios

▪︎ ما معنى التبني؟

 لا تعني تبني طفلاً ليس ابنك، بل تعني التنضيج “هيوسيزيا” فهي مشتقة مِن نفس جذر كلمة “هيوس” في الأصل اليوناني، حيث كان الإمبراطور في ذلك الوقت يلحق جميع أولاده بمدرسة “الهيوسيزيا”، ليتعلموا فيها فنون القتال، والاقتصاد، وكيفية إدارة دولة، حتى يصيروا مثل والدهم تمامًا، وحينما يصلوا لهذه المرحلة يصيروا ناضجين، ويُقيم الإمبراطور حفل تبني؛ أي حفلة تنضيج لهم، ويقول “هذا هو ابني له اسمعوا”كما حدث مع الرب يسوع: “هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا” (متى ١٧: ٥)

 قوة القيامة، التي هي أضخم قوة على الأرض، والتي تُغير الظروف والأحداث؛ صارت متاحة بداخلك. واعلم أنّ وراء أي مشكلة أو معضلة؛ قوة شيطانية تحاول تدميرك، وعليك أنْ تتعامل مع الموقف بقوة القيامة التي صارت متاحة لك، وهي التي تغلب الموقف.

 يعمل الروح القدس على تنضيجك، وربما تُرحِّب بأمور طفولية كثيرة إنْ لم تفهم كيف يتم التنضيج. حينما تصير رجلاً، سَتوقِف كل أمور طفولية تسود عليك. ومِن أبرز هذه الأمور هي التذبذب الروحي، لا يوجد شيء يمكنه أنْ يجعلك تهبط روحيًا لعدة أيام، أو تقف في مكانك. أنت مُصمم أنْ تصل لمرحلة النضوج وتصبح مستقرًا، غير مُتذبذب في حياتك.

 “الَّذِي إِذْ تَأْتُونَ إِلَيْهِ، حَجَراً حَيّاً مَرْفُوضاً مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ مُخْتَارٌ مِنَ اللهِ كَرِيمٌ،” (١بطرس ٢: ٤)

 “لِذَلِكَ هَكَذَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «هَئَنَذَا أُؤَسِّسُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ امْتِحَانٍ حَجَرَ زَاوِيَةٍ كَرِيماً أَسَاساً مُؤَسَّساً. مَنْ آمَنَ لاَ يَهْرُبُ.” (إشعياء٢٨: ١٦)

 “مَنْ آمَنَ لاَ يَهْرُبُ” تأتي في ترجمات أخرى هكذا، “مَن آمن لا يخزي، مَن آمن لا يتسرع”؛ وبناءً على هذا، إنْ كنت مُتسرع في صنع القرارات خوفًا مِن أنْ تفقد فرصة معينة، هذا يعني أنك لا تسلك بالإيمان ولم تنضج روحيًا، في حين أنّ الحياة مع الرب لا يوجد بها فشل أو خزي.

 مِن المحتمل أنْ تحدث بعض الإخفاقات في بداية رحلة نموك ونضوجك، إذ كان مِن المفترض أنْ تعرف الحق الكتابي السليم في طفوليتك، لكنه لم يُعرَض عليك، فأصبحت معاقًا. وفي المقابل هناك شخص آخر يأخذ الحق الكتابي في الموعد السليم، فيجد نتائج أسرع منك، في حين يوجد لديك خليط مِن التعليم الخطأ التي تتمسك بها وتحتاج التخلص منها.

 هذا ليس ذنب الرب ولكن ذنب مَن لم يعلمك الكلمة في وقتها. وسيعاقب الرب الرعاة الذين لم يعطوا العلوفة في حينها؛ أي لم يقدموا الطعام الصحيح (التعليم الكتابي الصحيح) في الوقت الصحيح. وهذا لا يعني أنْ تثور عليهم، بل تدرك أنّ الله بريء مِن كل هذا.

 تشعر في بعض الأحيان أثناء سماعك للحق الكتابي، أنك تعرفه جيدًا، لأن الروح القدس في مرحلة طفولتك كان يتحدث إليك عن أمور مِن خلال أسئلة وأفكار، ولكنك لم تعرف أنْ تُميز صوته بسبب وجود صوت أعلى وهو صوت التعليم غير الكتابي. وهناك مَن تحصن وصار يرفض التعليم النقي بسبب تشَرّبه واقتناعه الشديد بالتعليم الخطأ.

 قبولك للتعليم الصحيح بعد سنين مِن تعليم مغشوش يُشبه الهجرة مِن مكان لآخر، ولكن تجرأ واهدم كل ما تعلمته، طالما اكتشفت عدم صحته. فعل بولس الرسول الأمر ذاته، وحسب كل شيء نفاية، ولم يعتبر ما تعلمه ودرسه، ولم يحزن على السنين التي ضاعت مِن عمره لأن معرفة الرب عنده أغلى مِن أي شيء آخر.

 قال الرب يسوع المبدأ ذاته للفريسيين: “مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ” (مرقس ٧: ١٣).

 أي جعلتم كلامي بلا فائدة ولا قوة بسبب ما أخذتموه مِن تقاليد ومفاهيم مِن أبائكم، وعلاج ذلك هو الثورة على الطفولة الروحية وتقف ضدها، حتى لا تحيا متخبطًا في هذه الحياة، وتسمع عن ما لك في المسيح. ولن تستطيع امتلاك ميراثك مالم تجعل يسوع ربًا وسيدًا على ذهنك كما جعلته ربًا على روحك. ولا تظن أنّ الطفولة الروحية أمر طبيعي بسبب ما تراه حولك مِن مؤمنين أطفالاً متخبطين في الحياة.

  ١٣ اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوَّوْا. ١٤ لِتَصِرْ كُلُّ أُمُورِكُمْ فِي مَحَبَّةٍ” (١ كورنثوس ١٦: ١٣، ١٤).

 مِن أكثر الأمور التي اعتبرها المؤمنين أنها طبيعية هي الجفاف الروحي وعدم الشعور بالرغبة في الصلاة، وهذا يعني أنه محمول بالمشاعر والعواطف. أما النضوج الروحي هو أنْ تصلي دائمًا للآب بسبب رغبتك في ذلك بصرف النظر عن المؤثرات الخارجية وما تشعر به. حينما تنضج بهذا الشكل، سيأتمنك الروح القدس على أمور أضخم، ولكن إنْ كنت متقلبًا، فهذا يعني أنك لا تسير بمبادئ كتابية صحيحة.

 لا تكن معاندًا، عندما لا تمتلك النور الكافي عن جميع الأمور، ولا تتشبث برأيك وتعتقد أنّ الرب هو مَن يتحدث إليك، بينما يكون إبليس هو مَن يُحدثك. فليس كل مَن يقود سيارته، يسير في الطريق السليم؛ لهذا السبب تحتاج أنْ تتعلم القيادة، وتعرف الطريق السليم، وإنْ كنت متمكنًا مِن القيادة؛ ستسير بسرعة. إنْ كنت تعرف الكلمة جيدًا وما الذي تفعله، ستكون سريعًا في حياتك الروحية.

 ليس مِن المفترض أنْ يحيا المؤمن اثناء طفولته الروحية متخبطًا، فإنْ نشأ في مكان سليم، وأخذ الطعام السليم، سينمو في سلام بسبب حماية الروح القدس له، إلى أنْ يصل للنضوج الروحي ويمسك بزمام الأمور. لكن للأسف، لا يدرك الكثير مِن المؤمنين الفرق بين دورهم ودور الرب، وينتظرون تدخله، لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون.

Napios ▪︎ ” الشخص المُعاق روحياً:-

 “ ١ وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ، بَلْ كَجَسَدِيِّينَ (معاقين روحيًا) كَأَطْفَال فِي الْمَسِيحِ، ٢ سَقَيْتُكُمْ لَبَنًا لاَ طَعَامًا، لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ، بَلِ الآنَ أَيْضًا لاَ تَسْتَطِيعُونَ” (١ كورنثوس ٣: ١، ٢).

 كما ينتقل الطالب مِن مرحلة دراسية إلى أخرى، هكذا ينتقل المؤمن إلى مستويات روحية أعلى. لا تعتقد أنّ الحياة الروحية صعبة وممتلئة بالعوائق والعراقيل، فحياتنا مع الرب الآن أسهل مِن حياة التلاميذ مع يسوع بالجسد، بسبب سكنى الروح القدس فينا، مبارك اسمه!

 “لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ.” (يوحنا ١٦: ٧) 

 الأفضل أنْ يكون بداخلك، مِن أنْ يكون معك، فهو لم يعد عمانوئيل (الله معنا) بل الله فينا. وإنْ كان التلاميذ في فرح شديد بسبب التعامل الجسدي مع يسوع، فأنت في حالة أفضل. والملائكة تشتهي أنْ تطلع على وتسمع حكمة الله، وتتعلم منك، وحينما أتى يسوع على الأرض، هتفت الملائكة:

 ١٣ وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: ١٤ «الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ»” (لوقا ٢: ١٣، ١٤).

 “٢٧ الَّذِينَ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ مَا هُوَ غِنَى مَجْدِ هذَا السِّرِّ فِي الأُمَمِ، الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ. ٢٨ الَّذِي نُنَادِي بِهِ مُنْذِرِينَ كُلَّ إِنْسَانٍ، وَمُعَلِّمِينَ كُلَّ إِنْسَانٍ، بِكُلِّ حِكْمَةٍ، لِكَيْ نُحْضِرَ كُلَّ إِنْسَانٍ كَامِلاً فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (كولوسي ١: ٢٧، ٢٨).

 يريد الرسول بولس أنْ يُحضر كل إنسان (أنت لست مُستثنى) كاملاً؛ أي ناضجًا في المسيح يسوع مِن خلال التعليم. إنْ كنت لا تنتبه للتعليم، اعلم أنك لن تنضج. إنْ كنت لا ترى نتائج ونضوج في حياتك، راجع التعليم الكتابي الذي تؤمن به، ولكن إنْ لم لا ترى نتائج لأنك مازالت طفلاً روحيًا، فهذا أمر طبيعي.

 ▪︎ مرحلة النضوج الروحي:-

 “١١ اَلَّذِي مِنْ جِهَتِهِ الْكَلاَمُ كَثِيرٌ عِنْدَنَا، وَعَسِرُ التَّفْسِيرِ لِنَنْطِقَ بِهِ، إِذْ قَدْ صِرْتُمْ مُتَبَاطِئِي الْمَسَامِعِ. ١٢ لأَنَّكُمْ ­إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ­ تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ، لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ. ١٣ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ (معاق Napios)، ١٤ وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. (العبرانيين ٥: ١١-١٤).

 امتنع الرسول بولس عن تفسير الأمور العسرة بسبب عدم فهمهم رغم طول الزمان الذي تعلموا فيه، وليس بسبب صعوبة أو غموض الكلمة. كان مِن المفترض أنْ يصيروا معلمين، وهذا يوضح أنّ كل شخص يتعلم وينضج لكي يُعلِّم آخرين، ولكنهم توقفوا عن النضوج الروحي، وبالتالي يحتاجون إلى تعلُّم الأساسيات.

 “عَدِيمُ الْخِبْرَةِ” تأتي في اللغة اليونانية شيء يثقب شيء. هذا يعني أنهم لم يعبروا، لم يجتازوا في الأمر، لأنه لابد أنْ يكون لديك معرفة وتجتاز في الأمر، مما يوضح أهمية تعليم البر (فعل الصواب) في مرحلة النضوج الروحي.

 “لِلْبَالِغِينَ” الناضجين الذين صاروا مُدرَّبين، مُختَبرين، ولا يهربوا مِن المواقف، بل يروا التحديات فرصة للترقية والاختبارات الجديدة مع الرب، لأن النضوج هو مواجهة الموقف كالأسد الذي ينقض على فريسته، فمن آمن لا يهرب ولا يتسرع لأنه لديه رصيد مِن الكلمة. على سبيل المثال، إنْ كنت لا تعرف أنْ تقود سيارة، ستخشى القيادة، أما إنْ كنت مُدربًا على القيادة، فلن تتردد، لديك طباع أبيك السماوي الذي يغضب ويُزمجر في الموقف.

 ▪︎ صفات الناضج روحيًا:-

  • تحمُّل المسئولية:-

 “١ وَبَعْدَ ذلِكَ عَيَّنَ الرَّبُّ سَبْعِينَ آخَرِينَ أَيْضًا، وَأَرْسَلَهُمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلَى كُلِّ مَدِينَةٍ وَمَوْضِعٍ حَيْثُ كَانَ هُوَ مُزْمِعًا أَنْ يَأْتِيَ. ٢ فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ الْحَصَادَ كَثِيرٌ، وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ. ٣ اِذْهَبُوا! هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ حُمْلاَنٍ بَيْنَ ذِئَابٍ. ٤ لاَ تَحْمِلُوا كِيسًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ أَحْذِيَةً، وَلاَ تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ فِي الطَّرِيقِ” (لوقا ١٠: ١-٤).

 الشخص الناضج روحيًا يتحمل المسئولية. عمل الرب على إعداد النفوس قبل دخوله لأي مكان مِن خلال إرسال تلميذين إليه، ليخبروا البلد بمجيء نبي لهم، حتى يفتحوا قلوبهم لاستقبال الكلمة بشكل صحيح، لأنه إنْ لم يعرفوه كنبي سيعثرون فيه كأهل بلده.

 “ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقَالُوا: «لاَ. فَقَالَ لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً” (لوقا ٢٢: ٢٦).

 وضح لهم الرب يسوع أنه كان يحملهم على جناحي إيمانه، ويصلي مِن أجل تسديد احتياجاتهم، أما الآن فصاروا ناضجين ويستطيعوا أنْ يكونوا مسئولين عن صندوق الخدمة، ويُسلم المسئولية لهم. على سبيل المثال، ربما تجد مَن يطلب منك الصلاة دونما تتحدث معه عن الله، لأن الروح القدس دفعه لك، لأنه يأتمنك على النفوس. وللأسف، هناك مَن يُهلِك النفوس بخوفه أنْ يخبرهم عن الرب حتى لا يبتعدوا عنه.

 النضوج هو أنْ لا تخطيء تحت أي ظرف مِن الظروف، بل تتكلم وتفعل الصواب دائمًا دون اضطراب.

  • مستقر عاطفيًا:-

 الناضج هو شخص يتحكم في عواطفه ويُخرجها في الأمور الصحيحة. فهو لا يبكي عند سماع خبر موت شخص لا يعرفه. هناك مَن يبكي بسبب تذكره لموت أبيه أو أحد أحبائه، مِن المفترض أنْ تصل لمرحلة تقود فيها عواطفك ومشاعرك وليس العكس. حينما بكى الرب يسوع عند قبر لعازر، بكى على الناس وليس بسبب موت لعازر حيث رأى خوفهم ورعبهم مِن الموت: “وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي” (يوحنا ١١: ٤٢).

 البكاء في الكتاب المقدس يشير للهزيمة، فيما عدا وقت التشفع والعبادة، وليس أنْ تبكي بسبب حزنك على أمور. كلمة تحنن “فَلَمَّا رَآهَا الرَّبُّ تَحَنَّنَ عَلَيْهَا وَقَالَ لَهَا: «لاَ تَبْكِي” (لوقا ٧: ١٣) تعني “تحرك بتعاطف روحي” طبقًا لتفكير الله وليس تفكير البشر. إنْ صارت طريقة تفكيرك مثل الناس لن تعرف أنْ تساعدهم، الناضج يُحرك مشاعره طبقًا لما يُفكر فيه الله.

  • لديه ثوابت:-

 “لِذَلِكَ هَكَذَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «هَئَنَذَا أُؤَسِّسُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ امْتِحَانٍ حَجَرَ زَاوِيَةٍ كَرِيماً أَسَاساً مُؤَسَّساً. مَنْ آمَنَ لاَ يَهْرُبُ.” (إشعياء ٢٨: ١٦)

 “مَنْ آمَنَ لاَ يَهْرُبُ” تأتي في ترجمات أخرى “لا يخزي، لا يتسرع”، الرجل الناضج لديه ثوابت. على سبيل المثال، فهو لا يكذب تحت الضغط، ولا يؤجل دراسته الكلمة.

 “وَلِهَذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً” (٢بطرس ١: ٥).

 “فَضِيلَةً” أي مبادئ، لابد أنْ تضع مبادئ وأساسيات، منها أنْ لا تبيع الرب تحت أي ظرف أو ضغط، قال أحد رجال الله “محبة الله كافية لتجعلك تخون العالم”.

 “وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّاً” (لوقا ١: ١٧)

 الشخص الناضج هو الذي ذهنه منضبط على شيء واحد، وهو أنه أعظم مِن منتصر، والكلمة تملأ ذهنه نتيجة سماعه لتعليم كتابي.

 الناضج روحيًا له طريقة تفكير روحية في الأمور تؤثر على سلوكياته، وليس متسرعًا، بل يتحرك بانضباط. انظر للقرد والأسد، تجد القرد يتحرك كثيرًا ولا يجلس، أما الأسد فهو رابض، لا يهتز، ثابت في مكانه، وهذا يؤكد أنّ نضوجك مِن عدمه يؤثر على لغة جسدك وطريقة مشيتك، كما قال الكتاب:

 ٢٩ ثَلاَثَةٌ هِيَ حَسَنَةُ التَّخَطِّي (طريقة السير)، وَأَرْبَعَةٌ مَشْيُهَا مُسْتَحْسَنٌ: ٣٠ اَلأَسَدُ جَبَّارُ الْوُحُوشِ، وَلاَ يَرْجعُ مِنْ قُدَّامِ أَحَدٍ، ٣١ ضَامِرُ الشَّاكِلَةِ، وَالتَّيْسُ، وَالْمَلِكُ الَّذِي لاَ يُقَاوَمُ” (الأمثال ٣٠: ٢٩-٣١).

 “الْمَلِكُ الَّذِي لاَ يُقَاوَمُ” تأتي في ترجمات أخرى “الملك الذي لديه أسلحته وجيشه ولا يُهزم”، هو ثابت لا يهتز، لا يرتعب ولا يخاف. كلمة الله تؤثر على طريقة سيرك وكلامك، وتجعلك تتكلم فقط في الأوقات الصحيحة، فهي لها علاقة بكل ظروف حياتك، ليس كما ظن الكثيرين أنها مُختصة بالأمور التي تُفرِح أو تُحزِن الرب.

 حينما تعرف ما لك في المسيح، تصبح ثابتًا وأنضج مِن سنك، وهذا ما تقوله كلمة الله: ٩٨ وَصِيَّتُكَ جَعَلَتْنِي أَحْكَمَ مِنْ أَعْدَائِي، لأَنَّهَا إِلَى الدَّهْرِ هِيَ لِي. ٩٩ أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ مُعَلِّمِيَّ تَعَقَّلْتُ، لأَنَّ شَهَادَاتِكَ هِيَ لَهَجِي” (المزامير ١١٩: ٩٨، ٩٩).

 “وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً. وَأَمَّا الرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ لاَ يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ.” (١كورنثوس ٢: ١٤)

 الإنسان الطبيعي الذي لا يسلك بالروح، لا يقبل الأمور المختصة بروح الله، ولا يعرفها ولا يستطيع أنْ يُميزها أو يفهمها، فعلى سبيل المثال: لا يميز المعجزة والشفاء الإلهي ويعتبرها أمرًا طبيعيًا.

 “وَأَمَّا الرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ لاَ يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ. يعطي الشخص الروحي رأيه الكتابي في كل موضوع، ولا يستطيع الآخرون أنْ يعطوا رأيهم فيما يقوله ويتعجبوا مِن حكمته. فمثلاً، ربما يُخدع الشخص الطبيعي في أشخاص، أما الناضج فلا يُخدع. النضوج الروحي هو الذي يحميك مِن الوقوع في هذه الفخاخ. الناضج روحيًا يرى الأمور مِن عالم الروح.

 السر وراء نضوجك الروحي هو إدراكك أنّ أساس كل شيء هو روحي. وأي شيء يحدث في العيان، لابد أنْ يحدث أولاً في عالم الروح. وأنْ تُميز الأفكار التي تهجم عليك بشكل مُفاجئ هل هي مِن إبليس أم نتيجة المشاعر؟!

 ▪︎ وظائف الكنيسة الخمسة:-

 “٧ وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ. ٨ لِذلِكَ يَقُولُ: «إِذْ صَعِدَ إِلَى الْعَلاَءِ سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا». ٩ وَأَمَّا أَنَّهُ «صَعِدَ»، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. ١٠ اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ الْكُلَّ. ١١ وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ (تأتي في الأصل اليوناني هكذا: الرعاة الذين هم معلمين)، ١٢ لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ، ١٣ إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ (معرفة عميقة). إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ. ١٤ كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ. ١٥ بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ” (أفسس ٤: ٧-١٥)

 “وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا” تعني في اللغة اليونانية أنه أعطى أشخاص (الرعاة والمعلمين والرسل والأنبياء) هدايا للناس، لأجل تنضيج الكنيسة، لأنه يريدك أنْ تنضج أولاً وترى يد الروح القدس متدخلة ومُستعلنه في دائرتك الشخصية قبل أنْ تخدم، فما أسوأ وما أبشع أنْ يخرج طفل روحي للخدمة، فهي تشبه إلى حدٍ كبير أنْ يدير طفل جسدي مصنع.

 مِن المحتمل أنْ يُستخدَم الطفل مِن قِبل الروح القدس بحسب النور الذي لديه، وبدرجات ضخمة مِن الأرواح الشريرة. فالصحيح أنْ تنضج أولاً ثم تخرج للخدمة، ثم بنيان جسد المسيح، حتى نصل جميعًا إلى نفس طول يسوع هنا على الأرض.

 ما يُثبت أننا سنصل لهذا المستوى على الأرض، هو العدد الذي يليه “مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ” لا يوجد ريح تعليم في السماء، وهي تختلف عن لفظ “مسوقين بالروح القدس” الذي استخدمه الرسول بطرس في رسالته الذي يعني أنهم بداخل مركبة ذات شراع، أما لفظ “مَحْمُولِينَ” فيعني ورقة تطير في الهواء، تارةً في الارتفاع، وأخرى في الانخفاض. الطفل الروحي غير مستقر مما يعطي الفرصة لدخول إبليس بقوة في حياته.

 يذكر الرسول بولس خمس وظائف في الكنيسة:

  1. رُسُلاً، 2. أَنْبِيَاءَ، 3. مُبَشِّرِينَ، 4. رُعَاةً 5. مُعَلِّمِينَ.

 يمكن للرسول أو النبي أو المُبشر أو المُعلم أنْ يكون راعي كنيسة، فالكارز متخصص في التعامل مع الخطأة، ولكن في كنيسته هو معلم وراعي. والنبي يرى رؤى ولكن في كنيسته معلم وراعي. ولا يشترط أنْ توجد الخمس وظائف في الكنيسة كما يعتقد البعض. عمل الرب يسوع بالخمس وظائف، لكن أبرزهم هي المعلم لأنه حتمًا أنْ يتعلم الشعب الكلمة حتى ينضج.

 مِن المفترض أنْ تنمو باستمرار وتتحرك إلى الأمام. وإنْ لم تكن تنمو، اعلم أنّ السبب قد يرجع إلى: الغذاء الخطأ، أو عدم وجود رعاية، أو عدم تجاوبك مع الكلمة أو الرعاية، ولكن المشكلة ليست في الله.

 ▪︎ الحماسة دون معرفة لا تكفي:-

 “ ٢ أَيْضًا كَوْنُ النَّفْسِ بِلاَ مَعْرِفَةٍ لَيْسَ حَسَنًا، وَالْمُسْتَعْجِلُ بِرِجْلَيْهِ يُخْطِئُ. ٣ حَمَاقَةُ الرَّجُلِ تُعَوِّجُ طَرِيقَهُ، وَعَلَى الرَّبِّ يَحْنَقُ قَلْبُهُ” (الأمثال ١٩: ٢، ٣).

 توضح لنا كلمة الله “كون الشخص متحمسًا بدون معرفة ودونما يتوجه بطريقة صحيحة، ليس حسنا”. للأسف أغلب المؤمنين مضطربين بكل ريح تعليم ووصلوا لمرحلة تركوا فيها الرب بشكل نهائي، لأنهم عانوا بسبب المعرفة الخاطئة عن الله.

 يقول العدد الثالث أنّ الشخص الأحمق يُخرّب حياته وشئونه الشخصية، ثم يغضب على الرب. أغلب المؤمنين يسيرون في الاتجاه الخطأ، ويعوجون طرقهم، ثم يلومون الرب على أي تجربة أو مشكلة. والسبب في ذلك هم الرعاة الذين لا يطعمون النفوس بطريقة صحيحة وسيقفون أمام كرسي المسيح وسيعاقبون.

 ▪︎ الطريقة التي تصير بها رجلاً روحيًا:-

 ● أولاً: كلمة الله:-

 “ ١٦ كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، ١٧ لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ” (٢ تيموثاوس ٣: ١٦، ١٧).

 كلمة الله هي أداة التأديب والتقويم؛ لذا إنْ ابتعدت عن الكلمة، التي هي مصدر معرفتك، ستقود نفسك للضلال، إذ أنّ شغفك ومحبتك للرب دون معرفة ليس كافيًا.

 “ ١ فَاطْرَحُوا كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَكُلَّ مَذَمَّةٍ، ٢ وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ، ٣ إِنْ كُنْتُمْ قَدْ ذُقْتُمْ أَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ” (١ بطرس ٢: ١-٣).

 ارفض وأكره وتخلص مِن الخبث والمكر، كل ما يُشابه مبادئ العالم. والرياء هو كل ما هو عكس ما في قلبك. والحسد هو الغيرة وأنْ تتمنى ما لدى الغير. والمذمة هي التكلم باحتقار عن الأخرين. وكطفل روحي اشتهي الكلمة. وإنْ قَلَّت شهيتك، اعلم أنك سمحت لشيء غير مقدس بالدخول، أو لديك تساؤلات عن الرب غير مُجاب عنها.

 “إِنْ كُنْتُمْ قَدْ ذُقْتُمْ أَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ” وهذا يعني أنْ تستند على صلاح الرب وتبني حياتك الروحية عليه. فإن كنت في عداوة مع الله وتعتقد أنه سبب المشاكل في حياتك، لابد أنْ تتصالح معه أولاً وتكتشف أنه ليس السبب في المشاكل التي تجتاز فيها، وهو لن يتدخل في حياتك إلا بسماح منك.

 سؤال الرب يسوع لبرتيماوس الأعمى “مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟” (لوقا ١٨: ٤١) رغم أنه كان يعلم جيدًا أنه يريد أنْ يستعيد بصره يؤكد أنّ الرب لن يتدخل في حياتك إلا إذا سمحت له بذلك، فكان على برتيماوس أنْ يسمح ليسوع ليتدخل في حياته ويشفيه، وكأنه يوقع على موافقته بتدخل الرب.

  • ثانيًا: الامتلاء بالروح القدس:-

 “مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ يَبْنِي نَفْسَهُ” (١كورنثوس ١٤: ١٤)

 مَن يتكلم بلسان يشحن نفسه، ويني ذاته، وكأنه يبني أدوارًا جديدة في المبنى؛ أي في حياته.

  • ثالثًا: تؤمن بنفسك كما يؤمن الله بك:-

 “مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي.” (غلاطية ٢: ٢٠)

 أنْ تؤمن بما يؤمن به الله تجاهك، هو يؤمن بك؛ لأنه استثمر حياته فيك، هللويا!

  • رابعًا: التفاعل مع الكلمة:-

 ٢١ لِذلِكَ اطْرَحُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ وَكَثْرَةَ شَرّ، فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ. ٢٢ وَلكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ. ٢٣ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعًا لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِرًا وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ، ٢٤ فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ. ٢٥ وَلكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ ­ نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ ­ وَثَبَتَ (تمسك)، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا بَلْ عَامِلاً (متجاوباً) بِالْكَلِمَةِ، فَهذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ” (يعقوب ١: ٢١-٢٥).

 يجب أنْ تطرح كل نجاسة وكثرة شر حتى تقبل الكلمة. هناك مَن يخدع ويوهم نفسه مِن خلال استماعه للكلمة دون السلوك بها، وهو يعرف ما تقوله الكلمة في موضوع معين لكنه لا يعيشها وهذه خدعة ضخمة، فإن لم تتفاعل مع الكلمة، ستحيا خادعًا لذاتك.

 إليك هذا المثال لتفهم أكثر: إنْ كنت تعاني مِن مشكلة ما في عملك، وقال لك مَن يرعاك روحيًا، “أنْ تمارس إيمانك لتنتهي هذه المشكلة مِن حياتك” فدورك أنْ لا توافق على كلامه بذهنك فقط، بل تفاعل مع كلامه بروحك، لأنك إنْ تفاعلت بذهنك فقط أنت تخدع نفسك. هؤلاء هم المؤمنين الذين يتحيرون مِن عدم تدخل الرب في حياتهم رغم صلاتهم ودراستهم للكلمة، ولكن السر يكمن في تفاعلهم مِن عدمه مع الكلمة.

 “لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعاً لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِراً وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ” هذا الشخص ينظر لحقيقته الروحية، ولكنه ينساها بعد وقت قليل، لم يُثبِّت تركيزه على ما رآه عن ذاته في كلمة الله.

 “اطَّلَعَ” تأتي في اللغة اليونانية بمعنى “حَرَّك جسده واتَّجه إلى”؛ أي وَجَّه نفسه وتفاعل. ويطبق الأمر عمليًا في حياتنا حينما يقول قائد التسبيح “ارفع يدك واعبد الرب”، يجب أنْ ترفع يدك وتفاعل معه وإنْ لم تفعل ذلك، أنت تخدع نفسك. ولا تَدَّعي أنك شخصية غير مُعَبرة، لأنه يتحتم أنْ يكون للمؤمنين رد فعل واحد في المواقف والدليل على ذلك، حينما اُضطهِد التلاميذ، كان لديهم رد فعل واحد:

 “فَلَمَّا سَمِعُوا رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتاً إِلَى اللهِ” (أعمال ٤: ٢٤) 

 تصرف التلاميذ هكذا لأن لديهم طريقة تفكير واحدة، ولم يلجأ أحدهم لشخص ما ذات منصب عالي ليساعدهم، لأن مَن يتغير إلى صورة يسوع عينها، يصير له طريقة تفكير الله. إنْ اجتاز اثنان مِن المؤمنين في المشكلة ما، سيكون لهم رد الفعل ذاته، لأن لهم طريقة التفكير عينها (المحبة والإيمان).

 كلمة الله تُعَلّمك ماذا تفعل في كل أمر ولا تحتار، لأن الحيرة مِن علامات الطفولة الروحية، كما أنّ الصوم ليس هو ما يحل المشكلة، ولكنك تصوم وتجلس مع الكلمة حتى تعمل فيك وتُنَضّجك روحيًا.

 “عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ” أي تجاوب مع الكلمة واسلك بها، لأنك المسئول عن صناعة الكلمة في حياتك. لديك المادة الخام “كلمة الله” يبقى أنْ تضعها موضع التنفيذ. كأنك تمتلك جهاز ويبقى فقط أنْ تستخدمه لتستفيد منه؛ لذا اصنع الكلمة في حياتك كي تكون ناجحًا في كل شيء.

  ٤ وَإِنَّمَا أَقُولُ هذَا لِئَلاَّ يَخْدَعَكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ مَلِق. ٥ فَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ غَائِبًا فِي الْجَسَدِ لكِنِّي مَعَكُمْ فِي الرُّوحِ، فَرِحًا، وَنَاظِرًا تَرْتِيبَكُمْ وَمَتَانَةَ إِيمَانِكُمْ فِي الْمَسِيحِ. ٦ فَكَمَا قَبِلْتُمُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ الرَّبَّ اسْلُكُوا فِيهِ” (كولوسي ٢: ٤-٦).

 “لَكِنِّي مَعَكُمْ فِي الرُّوحِ” الراعي الصحيح يعرف في روحه مَن يضعف روحيًا مِن رعيته، لأنه معهم في الروح. ويوضح بولس الرسول أنه يرى بروحه عنادهم في الإيمان، وأنهم صامدون يقفون جنبًا إلى جنب، وتأتي في اللغة اليونانية “كتفًا إلى كتف”.

 “فَكَمَا قَبِلْتُمُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ الرَّبَّ اسْلُكُوا فِيهِ” بالطريقة ذاتها التي قبلت بها يسوع، هكذا استمر في السلوك بها، تُرى، كيف قبلت يسوع؟ لقد أصغيت لكلام مَن كرز لك وتجاوبت وتفاعلت معه، وسمحت للكلمة تدخل فيك، وصليت معه، ولم تعطِ اعتبارًا لصوت حواسك الخمسة، كما أنك رفضت أمورًا مثل خطايا وصداقات معينه، وهذا ما أدى إلى خلاصك؛ بهذه الطريقة عينها، وبذات التجاوب، هكذا استمر اسلك في حياتك مع الرب.

 “فَتْحُ كَلاَمِكَ يُنِيرُ يُعَقِّلُ الْجُهَّالَ” (مزمور ١١٩: ١٣٠) تأتي في الترجمة الأصلية هكذا: “دخول كلامك إلى قلبي؛ أي استقبال الكلمة في روحي، يجعلني مُستنيرًا”، هللويا! يمكن أنْ يستمع ثلاثة أشخاص لنفس العظة واحد منهم لا يفهم شيئًا، والآخر يستنير جزئيًا، والثالث يستنير كُليًا؛ لأن الأمر يعود على استقبال كل شخص منهم.

 حينما تستمع لعظة، فأنت لا تسمع للكلمة التي أعدّها خادم مِن أجلك، بل لما جُعتَ له، فالمرأة نازفة الدم أخذت ما جهزّت نفسها له، لأن الرب يسوع لم يُعِّد نفسه لشفائها، وحينما لمست هدب ثوبه، استقبلت الشفاء الذي أعدّت قلبها له وسحبت قوة منه؛ لذا ضع نفسك في وضعية الاستقبال حتى تنضج روحيًا.

 قال أحد رجال الله: “لا ترمي السلم ولا تتخلص مِن الطُرُق التي جعلتك تنمو روحيًا” لأنه يتحتم عليك أنْ تستمر في استخدام الطريقة التي جعلت تخطو خطوات للأمام كي ما تستمر في التقدم أكثر فأكثر، لا تعتقد أنك نضجت روحيًا ولا تحتاج أنْ تختلي بالرب، أو أنك كبرت على دراسة آيات معينة معتقدًا أنْ الكتاب المقدس مثل المنهج الدراسي الذي تتعلمه وينتهي بالنسبة لك.

  • خامسًا: خضوعك لمرشد روحي:-

 تذكر أنّ كل مَن يعمل بوظائف الخدمة الخمسة، لابد أنْ يكون راعيًا ويعطي نصائح خاصة لكل شخص. فالرسول وسط شعبه هو معلم وراعي، ويطلق عليه راعي رسول Pastor Apostle. الكارز وسط شعبه هو معلم وراعي، ويُعلم أشخاص ليكرزوا خارج كنيسته.

 “مُتَأَصِّلِينَ وَمَبْنِيِّينَ فِيهِ، وَمُوَطَّدِينَ فِي الإِيمَانِ، كَمَا عُلِّمْتُمْ، مُتَفَاضِلِينَ فِيهِ بِالشُّكْرِ.” (كولوسي ٢: ٧)

 يستخدم لغة الزراعة ولغة البناء؛ أي هناك أمور لها جذور متأصلة.

 “وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ، بَلْ رَبُّوهُمْ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ وَإِنْذَارِهِ.” (أفسس ٦: ٥)

 يوجد ما يُطلَق عليه تأديب الرب، ولن تعرف أنْ تربي أولادك بصورة سوية دون أنْ تفهم طريقة تأديب الرب. التأديب ليس كسر الطفل بل تعليمه الصح مِن الخطأ؛ لأنك أنْ لم تؤدبه، فأنت تُخرب حياته. وإنْ كنت ترعى شخص روحيًا ولا تؤدبه وتوبخه، أنت تُخرب حياته.

 “١اِسْمَعُوا أَيُّهَا الْبَنُونَ تَأْدِيبَ الأَبِ، وَاصْغُوا لأَجْلِ مَعْرِفَةِ الْفَهْمِ، ٢ لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيمًا صَالِحًا، فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي. ٣ فَإِنِّي كُنْتُ ابْنًا لأَبِي، غَضًّا وَوَحِيدًا عِنْدَ أُمِّي، ٤ وَكَانَ يُرِينِي وَيَقُولُ لِي: «لِيَضْبِطْ قَلْبُكَ كَلاَمِي. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا. ٥ اِقْتَنِ الْحِكْمَةَ. اقْتَنِ الْفَهْمَ. لاَ تَنْسَ وَلاَ تُعْرِضْ عَنْ كَلِمَاتِ فَمِي. ٦ لاَ تَتْرُكْهَا فَتَحْفَظَكَ. أَحْبِبْهَا فَتَصُونَكَ” (الأمثال ٤: ١-٦).

 ينصح الملك سليمان البنون بتعليمات رائعة لأنه خَضَعَ في وقت ما لداود والده، وبذلك يستطيع أنْ يرعاهم، لأنه لا يوجد ابن بدون آب؛ لهذا السبب لا تقُل أنا استقبل مِن الرب نفسه، وترفض الخضوع لشخص ما ليصححك، لأنك في هذه الحالة تعتزل ولا تريد أنْ يُصححك أحدًا، كما يقول الكتاب:

 “الْمُعْتَزِلُ يَطْلُبُ شَهْوَتَهُ. بِكُلِّ مَشُورَةٍ يَغْتَاظُ” (أمثال ١٨: ١).

 كل مَن يعزل نفسه عن مَن يرعاه روحيًا، ويخشى أنْ يفتح قلبه له، هو لا يريد أنْ يُصححه أحدًا. ما أبشع أنْ يرعى شخص آخرين وهو نفسه لا يُتابع مع راعي أعلى منه.

 اصغِ وانتبه للتعليمات التي يُقدمها لك مَن يقودك روحيًا، فما أبشع التظاهر بأنك مُصغي، ولا تضع قلبك فيما يقوله لك.

 “فَإِنِّي كُنْتُ ابْناً لأَبِي، غَضًّا وَوَحِيدًا عِنْدَ أُمِّيكنت ملتصقًا بأبي، تتلمذت على يده، مَرِن وسلس وسهل التشكيل، “وَوَحِيداً” أي تم الاهتمام بيَ بعناية كأني الأبن الوحيد، رغم أنه لم يكن الوحيد، وتأتي في ترجمات أخرى “كنت الابن الوحيد المحبوب”.

 إنْ كنت تريد أنْ تُربي ابنك تربية صحيحة، عليك أنْ تعتني به عناية خاصة، وتملأ ذهنه بمبادئ الكلمة، بدلاً مِن ترك ذهنه يمتلئ بمبادئ العالم، ثم تنتهره وتوبخه وتُطالبه أنْ يسلك بطريقة صحيحة وأنت لم تزرع فيه مبادئ الكلمة. إنْ كنت تعتني بشخص روحيًا، لابد أنْ يكون ملفه حاضرًا في ذهنك وتعتني به عناية خاصة.

 تَلّمذَ بولس الرسول تيموثاوس وقال عنه في رسائله إنه “ابنه” رغم أنه لم يربحه للمسيح، لكنه عمل على حياته وعلمه الكلمة، مِن هنا نفهم أنّ التلمذة أمرًا هامًا جدًا، وهي لا تقتصر على المنبر فقط، بل تمتد إلى الجلسات الفردية أيضًا.

 “لِيَضْبِطْ قَلْبُكَ كَلاَمِي. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا.هذه أول وصية أعطاها داود لسليمان لتحفيزه، وتشجيعه، وتعليمه أنْ يحفظ كلامه في قلبه، لأن حياته مرتبطة بالكلام الذي يسمعه، وشَرَحَ له طرق الحياة. مِن أجل هذا إنْ كنت تريد أنْ ينشأ طفلك للرب، لا تقضي كل أوقاتك تتحدث معه في أمور تافه دون أنْ تزرع الكلمة في قلبه، وتربط كل زوايا حياته بيسوع، واحكي له وأخبره أنّ الرب هو الذي أعطاك المال الكافي لتشتري له ملابس جديدة لأنه يحبه.

 اجعل للكلمة سلطانًا على أولادك ولا تخشَ عليهم مِن التلوث بمبادئ العالم، لأنها ستحفظهم وتصونهم. ولا تعتقد أنّ مجرد معرفتهم بقصص الكتاب المقدس فقط كافيًا لتجعلهم يسلكون بطريقة صحيحة، بل يجب عليك أنْ تغرس مبادئ الكلمة فيهم.

 “٤«اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. ٥ فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ. ٦ وَلْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ، ٧ وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلاَدِكَ، وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ، ٨ وَارْبُطْهَا عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ، وَلْتَكُنْ عَصَائِبَ بَيْنَ عَيْنَيْكَ (أنْ تكون ملازمة لك)” (التثنية ٦: ٤-٨).

 “قُصَّهَا” تأتي في الترجمة الأصلية “سَنِّنها”؛ أي اجعلها تخترق، واجبرها على أبنائك. مؤكدًا إنْ كنت مُستخفًا بالكلمة، لا تعتقد أنك ستستطيع تربية طفلك على الكلمة أو مساعدة شخص ما روحيًا، إنْ كنت ترعى أحدهم، مِن الهام أنْ تعلمه مبادئ الكلمة وتعرفه كيف يصلي بطريقة صحيحة. لا تتوقع مِمَن يرعاك أنْ يخرج معك، وتعتبره صديقًا لأنك إنْ اعتادت عليه، لن تستقبل التعليم منه، لذا انظر له كآب وليس كصديق.

 اجعل الكلمة تمسح مخ طفلك وعلمها له، ولا تتبع المشورة التي تنصحك: “لا تمنع شيئًا عنه حتى لا تكسره”، بل علِّمه الكلمة، فالرب نفسه فعل هذا مع آدم:

 “١٦ وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، ١٧ وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ»” (التكوين ٢: ١٦، ١٧)

 آمره أنْ لا يأكل؛ لهذا السبب يجب أنْ تقول لابنك “لا” لأنه إنْ لم يسمع كلمة “لا” منك، سيعتاد أنْ يفعل ما يحلو له، وبهذا تقوده للجحيم.

 تحتاج وبشدة أنْ تخرج خارج عادات مجتمعك كما آمر الرب إبراهيم “وَقَالَ الرَّبُّ لابْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ ارْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ ابِيكَ الَى الارْضِ الَّتِي ارِيكَ” (تكوين ٢: ١) تأتي في ترجمات أخرى “اخرج لخيرك”؛ أي اخرج مِن طريقة تفكيرهم.

 “وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ، بَلْ رَبُّوهُمْ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ وَإِنْذَارِهِ (تحذيره وتشجيعه)” (أفسس ٦: ٤)

 يفعل الروح القدس الأمر ذاته معك فهو يؤدبك ويشجعك، ويساعدك في تأديب أولادك. تحتاج أنْ تُدرِك معنى الخضوع والتبعية الروحية، وأنْ تتبع شخص روحيًا لا يلغي شخصيتك بل يُدربك لتصل لمرحلة تستطيع فيها أنْ تفعل بالأمور بمفردك دون الرجوع إليه، وسيستمر يأخذك للارتفاع؛ لهذا فإنّ الرعاية الروحية أمر لا يمكن الاستغناء عنه. عدم وجود توجيه وإرشاد ورعاية، سبّبَ إعاقة للمؤمنين في نموهم الروحي.

▪︎ لا تنتظر أمورًا خارقة :-

 لا تنتظر أنْ يحدث لك شيء خارق للطبيعة حتى تؤمن أنْ الله يتكلم لك. فتعتقد إنْ لم يقُل راعي الكنيسة اسمك ويطلق نبوات على حياتك أنه لا يحبك، حينما تفعل ذلك تكون مثل مَن ينتظر الرب أنْ يأتي مِن النافذة وهو يأتي مِن الباب، وهذا يوضح جهلك بالكلمة وأنها ليس لها سلطان على ذهنك وستنتظر سنين ولن يحدث شيئًا، وهذا لا يعني أنه يتجاهلك بل هو يحبك ويعشقك لكنه لديه طريقة يعمل بها، وعليك اتباعها.

  • مثال توضيحي:-

 “ ٢٧ فَقَالَ: أَسْأَلُكَ إِذًا، يَا أَبَتِ، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي، ٢٨ لأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ لِكَيْلاَ يَأْتُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ الْعَذَابِ هذَا. ٢٩ قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: عِنْدَهُمْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءُ، لِيَسْمَعُوا مِنْهُمْ. ٣٠ فَقَالَ: لاَ، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمَ، بَلْ إِذَا مَضَى إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ. ٣١ فَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانُوا لاَ يَسْمَعُونَ مِنْ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ، وَلاَ إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ الأَمْوَاتِ يُصَدِّقُونَ»” (لوقا ١٦: ٢٧-٣١). 

 طلب لعازر مِن إبراهيم أنْ يُرسل شخص مِن الأموات إلى بيت أبيه، حتى يتوبوا ولا يكون مصيرهم الجحيم مثله، لكنه أجابه إنْ لم يُقَدّروا الكلمة وينتبهوا لها حتى إنْ قام شخص مِن الأموات، لن يؤمنوا. انتبه لهذا، لقد أعطى هنا الكلمة مصداقية وتأثير أعلى مِن قيامة شخص مِن الأموات! فإنْ كنت تنتظر شيئًا خارقًا، ستظل تنتظر الرب بينما هو ينتظرك. يستخدم الرب الأمور الخارقة للطبيعة مع أشخاص بعيدة عن الكلمة ولا تمتلكها.

 إنْ كنت تنتظر هذا الطريقة، اعلم أنك طفل روحي، وأنك تعاني في حياتك بسبب ذلك. إنْ ظل الطفل يلعب اللعبة ذاتها التي كان يلعبها في الثالثة مِن عمره، بعدما بلغ مِن العمر ثمانية عشر سنة، فهو أصبح مُعاقًا ويُحزِن مَن حوله عليه، كذلك إنْ استمريت تستخدم نفس الطريقة مثل انتظار الأمور الخارقة، ستبقى طفلاً روحيًا.

  • تعلَّم مبادئ الكلمة :-

  ١٨ «رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، ١٩ وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ». (لوقا ٤: ١٨، ١٩)

 لا تعتقد أنّ الله يتكلم إليك مِن خلال الآية التي تلمس قلبك في قراءاتك اليومية للكتاب المقدس، هناك مَن اعتقد خطأً أنّ هذا العدد كان مِن القراءة اليومية للرب يسوع، ولكن في الحقيقة قد فتح هذا الموضع وقرأ هذه الأعداد عن عمد.

 ربما تكلم إليك الرب في وقت ما بهذه الطريقة لأنه نَزِل إلى مستواك الروحي، ولكن لن يستمر الأمر بهذا الشكل، لأنه ينبغي أنْ تدرس الكلمة في كل موضوعات الحياة ولا تنتظر أنْ تجد الآية في قراءاتك اليومية، لكي تكون مستعدًا لمواجهة أي موقف، وهذا ما يوضحه سليمان “اَلْحُكَمَاءُ يَذْخَرُونَ مَعْرِفَةً أَمَّا فَمُ الْغَبِيِّ فَهَلاَكٌ قَرِيبٌ.” (أمثال ١٠: ١٤) الحكيم يُذخر المعرفة حتى يكون مستعدًا لمواجهة الظروف بقوة.

 إنْ فهمت كلمة الله، ستستطيع أنْ تستخرج منها مبادئ حياتية عامة، لأنها ليست قاصرة فقط على دخولك للسماء، بل تعطيك مبادئ لتسلك بطريقة صحيحة في الحياة، مثل: ارتباطك، اختيار عملاً مناسبًا، وحتى في الهجرة أيضًا.

  ٦ أَمْ أَنَا وَبَرْنَابَا وَحْدَنَا لَيْسَ لَنَا سُلْطَانٌ أَنْ لاَ نَشْتَغِلَ؟ ٧ مَنْ تَجَنَّدَ قَطُّ بِنَفَقَةِ نَفْسِهِ؟ وَمَنْ يَغْرِسُ كَرْمًا وَمِنْ ثَمَرِهِ لاَ يَأْكُلُ؟ أَوْ مَنْ يَرْعَى رَعِيَّةً وَمِنْ لَبَنِ الرَّعِيَّةِ لاَ يَأْكُلُ؟ ٨ أَلَعَلِّي أَتَكَلَّمُ بِهذَا كَإِنْسَانٍ؟ أَمْ لَيْسَ النَّامُوسُ أَيْضًا يَقُولُ هذَا؟ ٩ فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ مُوسَى:«لاَ تَكُمَّ ثَوْرًا دَارِسًا». أَلَعَلَّ اللهَ تُهِمُّهُ الثِّيرَانُ؟ ١٠ أَمْ يَقُولُ مُطْلَقًا مِنْ أَجْلِنَا؟ إِنَّهُ مِنْ أَجْلِنَا مَكْتُوبٌ. لأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْحَرَّاثِ أَنْ يَحْرُثَ عَلَى رَجَاءٍ، وَلِلدَّارِسِ عَلَى الرَّجَاءِ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا فِي رَجَائِهِ. ١١ إِنْ كُنَّا نَحْنُ قَدْ زَرَعْنَا لَكُمُ الرُّوحِيَّاتِ، أَفَعَظِيمٌ إِنْ حَصَدْنَا مِنْكُمُ الْجَسَدِيَّاتِ؟” (١ كورنثوس ٩: ٦-١١).

 “لاَ تَكُمَّ ثَوْراً دَارِساً”؛ أي لا تضع كمامةً على فم الثور وهو يعمل في الحقل، وفَهِم الشعب هذا المعنى الواضح والصريح. أما الرسول بولس فقد أوضح أنها لا تخص الثيران، بل بخدام الإنجيل، إذ أعلن له روح الله -بعد قراءته للعهد القديم- أنّ الإنسان ذات قيمة أعلى بكثير مِن الحيوانات. بناءً على هذا نفهم ذلك المبدأ: أنّ روح الله يكشف لنا المبادئ الحياتية مِن خلال كلمته كما حدث مع بولس الرسول.

 اكتشف الرسول بولس أبعادًا عميقة مِن الكلمة، وغير متضاربة معها في ذات الوقت. يحتوي كل عدد مبادئ كتابية، لهذا يمكنك أنْ تستخرج مِن كلمة مبادئ تعيش بها كلما أكلتها، قال بولس الرسول هكَذَا إِذْ كُنَّا حَانِّينَ إِلَيْكُمْ، كُنَّا نَرْضَى أَنْ نُعْطِيَكُمْ، لاَ إِنْجِيلَ اللهِ فَقَطْ بَلْ أَنْفُسَنَا أَيْضًا، لأَنَّكُمْ صِرْتُمْ مَحْبُوبِينَ إِلَيْنَا. (١ تسالونيكي ٢: ٨)؛ أي شاركنكم ليس فقط الإنجيل بل حياتنا وخصوصياتنا أيضًا وهذا يعني أنْ لا تُشارِك خصوصياتك مع أي شخص، بل مع أشخاص معينة، وبعد أنْ تثق فيهم.

 ▪︎ تأديب الرب:-

 ١لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، ٢ نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ. ٣ فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ (ذهنكم). ٤ لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ، ٥ وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ (التشجيع) الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ (الناضجين): «يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. ٦ لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ». ٧ إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ ٨ وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ (أبناء غير حقيقيين) لاَ بَنُونَ. ٩ ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟ ١٠ لأَنَّ أُولئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّامًا قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. ١١ وَلكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرّ لِلسَّلاَمِ. ١٢ لِذلِكَ قَوِّمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ، ١٣ وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى” (العبرانيين ١٢: ١-١٣).

 “سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ” هذا المشهد السماوي مُشبّه بالإستاد الرياضي الأرضي الذي به لاعبين (المؤمنين)، وأبطال الإيمان فقط هم مَن يشاهدوننا وليس كل مَن ذهب للسماء، طالما هناك أبطال إيمان سلكوا بطريقة صحيحة على الأرض، تشجع أنت أيضًا واطرح كل ثقل. عندما نزل الرب يسوع للهاوية أخذ معه أبطال الإيمان في العهد القديم وصعد بهم، ودخل هو أولاً للسماء ومِن ثمّ تبعه المؤمنين، وذُكر هذا هو المشهد في سِفر المزمور:

 “اِرْفَعْنَ أَيَّتُهَا الأَرْتَاجُ رُؤُوسَكُنَّ وَارْتَفِعْنَ أَيَّتُهَا الأَبْوَابُ الدَّهْرِيَّاتُ فَيَدْخُلَ مَلِكُ الْمَجْدِ” (مزمور ٢٤: ٧).

 يبدأ الملل في ذهنك ويقودك إلى الضعف، لأنك لا تنظر ليسوع؛ أي لا تنظر للكلمة.

 “لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ،” لن تصل لمرحلة سفك الدم مِن أجل الخطية، لأن الرب يسوع وصل إلى موت الصليب، إلى الدم، مِن أجلك.

 “يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ” إنْ كنت تريد أنْ تصبح رجلاً روحيًا، لابد أنْ تقبل التأديب والتلمذة والتهذيب، والتقويم هو إعطاء طريق للشخص وتصحيحه، لا تُحبط حين يوبخك أبوك الروحي!

 “لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ” هناك مَن رفض الرب لأنه اعتقد خطئًا إنْ صار ابنًا للرب، سيُجلد.

 “إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ (الناضجين)” لابد أنْ تنزل تحت يد الرب، وتقبل تأديبه، حتى يعاملك كابن ناضج. مَن لا يقبل التأديب والخضوع -ويجب أنْ يكون الخضوع بكامل القلب- يتحول إلى ابن نغول، غير حقيقي، بدلاً مِن أنْ يصبح ناضجًا.

 يكشف الروح القدس لمن يرعاك روحياً أسرارك، وإنْ كنت تخاف مِن ذلك، اعلم أنّ قلبك ليس مرنًا وُممتلئًا بالخبث، ويحتاج تصحيح وصيانة. إذا أردت أنْ تترك بصمة في حياة الآخرين، تحتاج أنْ تخضع وتكون مرنًا، وتعطي المجال للروح القدس ليعمل فيك، ولا تظن أنك ستعرف أنْ تسمع لصوت الروح القدس الآن وأنت طفل روحي، لأنك بحاجة إلى شخص يكون صوت الرب الواضح لك، ويرشدك.

 “أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدّاً لأَبِي الأَرْوَاحِ” الرب هو أبي الأرواح لأنه روح، لذا فحينما يجلد، سيجلد أرواحنا. تربط معظم مراجع الكتاب القدس هذا الشاهد بأمثال١٧: ١٠ “اَلاِنْتِهَارُ يُؤَثِّرُ فِي الْحَكِيمِ أَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ جَلْدَةٍ فِي الْجَاهِلِ. أي الكلمات تؤثر في الشخص الحكيم أكثر مِن مئة جلدة على ظهر الجاهل، مما يوضح أنّ الجلدات لا تُفيد شيئًا مع الجاهل.

 إنْ لم يؤدب أي أب وأم أرضيين أولادهم بالكلمة، سيؤدبونهم بحسب مقاييسهم الشخصية وليس مقاييس الرب.

 “وَأَمَّا أَخِيراً فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ” كل تأديب يكون مؤلمًا في البداية، ولكن وتظهر نتيجته الرائعة في النهاية.

 “واصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً” يمكنك أنْ تصنع هذه المسالك المستقيمة لرجلك غبر خضوعك لشخص يرعاك روحيًا.

 “أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا اوْلاَدَكُمْ لِئَلاَّ يَفْشَلُوا” (كولوسي ٣: ٢١)

 إنْ كنت تغضب على طفلك أو مَن ترعاه روحيًا دون أنْ تزرع فيه الكلمة، فأنت تكسره وتُدمره. هناك مَن يغيظ ويُعنِّف مَن يرعاهم، وفي النهاية يصبحوا محبطين، منكسرين في الحياة ويشعرون بصغر النفس. بإمكان الأب أنْ يصنع مِن ابنه بطلاً أو شخصًا مهزوزًا؛ لهذا السبب لا تكن جافًا مع ابنك أو مَن ترعاه روحيًا.

 الرعاية الروحية مسئولية، وسيقف كل الرعاة أمام كرسي المسيح. لو تذكر الناس فقط وقت وقوفهم أمام كرسي المسيح، لصنعوا القرارات الصحيحة. قال بولس الرسول أنه سيُقدم مَن تلمذهم أمام المسيح ويفتخر بهم: “كَمَا عَرَفْتُمُونَا أَيْضاً بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ أَنَّنَا فَخْرُكُمْ، كَمَا أَنَّكُمْ أَيْضاً فَخْرُنَا فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ” (٢كورنثوس ١: ١٤) 

 ▪︎ تربية الطفل والرعاية الروحية:-

 “أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَاباً، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ، لأَنَّ هَذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ.” (عبرانيين ١٣: ١٧)

 أعطى الرب سلطانًا لمن يقودك روحيًا ليتكلم إليك عن الأمور التي تُخْفيها ولا تريد إعلانها، فلا تحاول إخفاء بعض أمور ولا تسمح لراعيك الاقتراب منها، فإن لم تخضع، ستعاني في الحياة، وتصنع لنفسك سبلاً معوجة، وبعد أنْ تُخرب حياتك، تنقلب على الرب وتشتكيه. على سبيل المثال، يمكن أنْ يأخذ المرشد الروحي موبايلك بسبب إدمانك له.

 إنْ كنت ترعى شخص ما، يجب أنْ تُدرك أنك لديك أداة ضخمة جدًا وهي كلمة الله. وإنْ كنت مستبيحًا في حياتك الروحية، ستُهلِك مَن ترعاهم، وسيطلب الرب دمهم منك. إنْ لم تلمس الكلمة قلبك وتُحركك، لن تلمس كلماتك مَن تقودهم روحيًا أو تُحركهم، لأنها لابد أنْ يكون لها سلطانًا عليك أولاً، وهذا ما وضحه قائد المئة الذي كان مدركًا تمامًا لكلمات الرب يسوع، لذا قال له:

 ٨فَأَجَابَ قَائِدُ الْمِئَةِ وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي، لكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلاَمِي. ٩ لأَنِّي أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ. لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي. أَقُولُ لِهذَا: اذْهَبْ! فَيَذْهَبُ، وَلآخَرَ: اءْيتِ! فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِيَ: افْعَلْ هذَا! فَيَفْعَلُ»” (متى ٨: ٨، ٩).

 ١يَا ابْنِي، احْفَظْ كَلاَمِي وَاذْخَرْ وَصَايَايَ عِنْدَكَ. ٢ احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا، وَشَرِيعَتِي كَحَدَقَةِ عَيْنِكَ. ٣ اُرْبُطْهَا عَلَى أَصَابِعِكَ. اكْتُبْهَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَ. ٤ قُلْ لِلْحِكْمَةِ: «أَنْتِ أُخْتِي» وَادْعُ الْفَهْمَ ذَا قَرَابَةٍ. ٥ لِتَحْفَظَكَ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، مِنَ الْغَرِيبَةِ الْمَلِقَةِ بِكَلاَمِهَا. ٦ لأَنِّي مِنْ كُوَّةِ بَيْتِي، مِنْ وَرَاءِ شُبَّاكِي تَطَلَّعْتُ، ٧ فَرَأَيْتُ بَيْنَ الْجُهَّالِ، لاَحَظْتُ بَيْنَ الْبَنِينَ غُلاَمًا عَدِيمَ الْفَهْمِ، ٨ عَابِرًا فِي الشَّارِعِ عِنْدَ زَاوِيَتِهَا، وَصَاعِدًا فِي طَرِيقِ بَيْتِهَا. ٩ فِي الْعِشَاءِ، فِي مَسَاءِ الْيَوْمِ، فِي حَدَقَةِ اللَّيْلِ وَالظَّلاَمِ. ١٠ وَإِذَا بِامْرَأَةٍ اسْتَقْبَلَتْهُ فِي زِيِّ زَانِيَةٍ، وَخَبِيثَةِ الْقَلْبِ. ١١ صَخَّابَةٌ هِيَ وَجَامِحَةٌ. فِي بَيْتِهَا لاَ تَسْتَقِرُّ قَدَمَاهَا. ١٢ تَارَةً فِي الْخَارِجِ، وَأُخْرَى فِي الشَّوَارِعِ، وَعِنْدَ كُلِّ زَاوِيَةٍ تَكْمُنُ. ١٣ فَأَمْسَكَتْهُ وَقَبَّلَتْهُ. أَوْقَحَتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ لَهُ: ١٤ «عَلَيَّ ذَبَائِحُ السَّلاَمَةِ. الْيَوْمَ أَوْفَيْتُ نُذُورِي” (الأمثال ٧: ١-١٤).

 يؤكد هذا الشاهد على أهمية الكلمة، وإنْ كنت ترعى وتقود آخرين عليك أنْ تؤكد لهم على ضرورة إعطاء الكلمة سلطانًا على حياتهم.

 “لِتَحْفَظَكَ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ مِنَ الْغَرِيبَةِ الْمَلِقَةِ بِكَلاَمِهَا” تحفظك الكلمة مِن الخداع في أشخاص أو أشياء. فمِن الممكن أنْ يُحذِّرك الروح القدس مِن إعطاء مبلغ مِن المال لمن يَدّعي الفقر، أو يقودك لإعطائه لأنه له قصد مِن ذلك. مِن الضروري جدًا أنْ تُدرك أنه كثيرًا ما يحاول إبليس إغوائك لتترك عملك حتى تنحرف عن الطريق الصحيح.

 “الْجُهَّالِ” تعني في اللغة العبرية الذين قلوبهم وأذهانهم فارغة مِن الكلمة، الذين لم يذخروا الكلمة بداخلهم. إنْ كنت تريد أنْ تُعلّم طفلاً جسديًا أو روحيًا، علِّمه الذي عليه أنْ يفعله أولاً قبل أنْ تعلمه ما عليه الامتناع عنه، ويوجد سماحية للطفل الروحي.

 “أَفَلَمْ يَفْعَلْ وَاحِدٌ وَلَهُ بَقِيَّةُ الرُّوحِ؟ وَلِمَاذَا الْوَاحِدُ؟ طَالِباً زَرْعَ اللَّهِ. فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ وَلاَ يَغْدُرْ أَحَدٌ بِامْرَأَةِ شَبَابِهِ.” (ملاخي ٢: ١٥)

 يقول لنا الرب في هذه الكلمات غرضه مِن الارتباط: “لماذا جعلكم الله أنت وزوجتك جسدًا واحدًا، لماذا أحياكم وجعلكم واحدًا، لأنه يريد نسلاً إلهيًا” أي يجب أنْ ترسم طفلك لله وتملأ ذهنه بمعلومات مِن الكلمة لأنك إنْ لم ترسم له طريقه، سيرسم إبليس له الطريق.

 “فَرَأَيْتُ بَيْنَ الْجُهَّالِ لاَحَظْتُ بَيْنَ الْبَنِينَ غُلاَماً عَدِيمَ الْفَهْمِ” سبب إغواء هذا الشخص هو ذهنه الفارغ مِن الكلمة.

 “فِي بَيْتِهَا لاَ تَسْتَقِرُّ قَدَمَاهَا” مِن ضمن علامات عدم الاستقرار الروحي هو الخروج الكثير، وعدم احتمال البقاء في البيت، لأنك تهرب مِن التواجد مع غير مؤمنين ببيتك. الهروب ليس الحل وإنْ ظللتُ تهرب، سيأتي يوم ويُدمرك هروبك الدائم. إنْ كنت مُشتعلاً روحيًا، ستعرف أنْ تعبد وأنت في السجن مثل بولس الرسول، لا يتأثر بشيء بل يؤثر فقط.

 “عَلَيَّ ذَبَائِحُ السَّلاَمَةِ. الْيَوْمَ أَوْفَيْتُ نُذُورِي” هذا الشخص يتظاهر أنه مستقر روحيًا. هناك مَن يتسرع في قرار ارتباطه وهو لا يعلم أنْ ارتباطه قد يؤدي به للجحيم بسبب فراغ ذهنه مِن الكلمة، فيُخدع في الآخَر.

 إنْ كنت تقود شخص روحيًا، لا تُفَوت أخطائه، بل صححه، لأنك إنْ تركته، سيعتاد قلبه على الخطأ.

 يُسمَح بضرب الطفل لتأديبه في عمر معين لأنه كطفل لا يفهم الكلمات، بل يفهم لغة الحواس الخمسة، إلى أنْ يصل لمرحلة يفهم فيها الكلمات ويكون لكلامك سلطانًا عليه فتصبح أقوى مِن الضرب.

  ١٣ اَلْمَرْأَةُ الْجَاهِلَةُ صَخَّابَةٌ حَمْقَاءُ وَلاَ تَدْرِي شَيْئًا، ١٤ فَتَقْعُدُ عِنْدَ بَابِ بَيْتِهَا عَلَى كُرْسِيٍّ فِي أَعَالِي الْمَدِينَةِ، ١٥ لِتُنَادِيَ عَابِرِي السَّبِيلِ الْمُقَوِّمِينَ طُرُقَهُمْ: ١٦ «مَنْ هُوَ جَاهِلٌ فَلْيَمِلْ إِلَى هُنَا». وَالنَّاقِصُ الْفَهْمِ تَقُولُ لَهُ: ١٧ «الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ، وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ». ١٨ وَلاَ يَعْلَمُ أَنَّ الأَخْيِلَةَ هُنَاكَ، وَأَنَّ فِي أَعْمَاقِ الْهَاوِيَةِ ضُيُوفَهَا” (الأمثال ٩: ١٣-١٨).

 “الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ” ما يُفعَل سرًا له لذته في البداية، ولكن هذا لا ينطبق عليك، لأن مَن تكلم بهذه الكلمات ذهنها فارغ مِن الكلمة، وأي شيء ظاهر ومُعلَن هو مِن النور. إنْ علّمت طفلك وجعلته فاهمًا للكلمة وكيف تسير الأمور حتى لا يسعى أنْ يعرفها بنفسه، حينما تُعرض عليه، سيرفضها بإرادته، لأن لديه معلومات مُسبقة.

 إنْ كنت مسؤولاً عن أشخاص، يجب أنْ ترى الأمور قبل حدوثها، وتعلمهم الكلمة، وتوبخهم أحيانًا، حتى لا ينتهي بهم المطاف بصورة سيئة، وإنْ كانت لهم صداقات سيئة، لا تخشَ أنْ تمنعهم مِن الاختلاط بهم خوفًا أنْ يمتنعوا عن حضور الاجتماعات.

 إنْ أدركت محبة الله، ستعشق دراسة الكلمة، بدلاً مِن الإحساس بالفراغ والملل والخروج الكثير بسبب الفراغ الروحي. ارفض أنْ تكون مؤمنًا عاديًا.

 ١ثُمَّ وَصَلَ إِلَى دَرْبَةَ وَلِسْتَرَةَ، وَإِذَا تِلْمِيذٌ كَانَ هُنَاكَ اسْمُهُ تِيمُوثَاوُسُ، ابْنُ امْرَأَةٍ يَهُودِيَّةٍ مُؤْمِنَةٍ وَلكِنَّ أَبَاهُ يُونَانِيٌّ، ٢ وَكَانَ مَشْهُودًا لَهُ مِنَ الإِخْوَةِ الَّذِينَ فِي لِسْتَرَةَ وَإِيقُونِيَةَ. ٣ فَأَرَادَ بُولُسُ أَنْ يَخْرُجَ هذَا مَعَهُ، فَأَخَذَهُ وَخَتَنَهُ مِنْ أَجْلِ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي تِلْكَ الأَمَاكِنِ، لأَنَّ الْجَمِيعَ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَبَاهُ أَنَّهُ يُونَانِيٌّ” (أعمال الرسل ١٦: ١-٣).

 أطلق بولس الرسول “تِيمُوثَاوُسَ الَّذِي هُوَ ابْنِي” رغم أنه لم يُتلمذه منذ بداية إيمانه، لكنه شكل في شخصيته تشكيلاً جذريًا بعد أنْ قابله، وكان يُزكيه لتعلمه على يده وخرج يُعلِّم بتعليمه؛ إنْ أخذ الحق الكتابي مجراه في تشكيل شخصيتك، فأنت إذًا على الطريق الصحيح.

 ▪︎ الآب والمرشد الروحي:-

 “ ١٥ لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ، لكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ. ١٦ فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي (قلدوني). ١٧ لِذلِكَ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسَ، الَّذِي هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ وَالأَمِينُ فِي الرَّبِّ، الَّذِي يُذَكِّرُكُمْ بِطُرُقِي فِي الْمَسِيحِ كَمَا أُعَلِّمُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ” (١ كورنثوس ٤: ١٥-١٧).

 هناك فرق بين الآب الروحي والمرشد الروحي، الآب الروحي هو الشخص الذي يضع ويُرسِّخ عقيدة لدى الشعب كما فعل بولس. وعلّمَهم في الإصحاح السابق أنه مِن الخطأ أنْ ينحازوا لخادم بعينه، سواءً لبولس أو لأبلوس. ذَكَرَ في نهاية الرسالة أنه طلب مِن أبلوس أنْ يذهب إليهم، لكنه لم يشأ، لأنه غير مقبول لديهم، بسبب انحيازهم الكثير لبولس.

 المرشد الروحي هو شخص يخضع لنفس الأب الروحي ويتعلم منه، ويُعلمك ما تعلمه مِن الأب الروحي. إنْ علّمَك عكس ما يُعلِّم به الأب الروحي، عليك أنْ تسمع للأب الروحي وليس له، ولهذا قال بولس الرسول: “وَلِلْقَادِرِ أَنْ يُثَبِّتَكُمْ حَسَبَ إِنْجِيلِي” (رومية ١٦: ١٤) أي حسب ما اكتشفته عن يسوع، كأني التصقت بالرب مثل التلاميذ، وبالطبع ليس كل مَن يقول إنه اكتشف يسوع بشكل ما مِن الكلمة، إذًا قد اكتشف الحق، أما بولس فكان معروفًا لدى الرسل والتلاميذ وله مهابته الروحية.

 أدى عدم فهم أهمية الأبوة الروحية إما إلى تسيب، أو الرعب والسيطرة والقبضة الحديدية مِن الأبوة الروحية، والخوف مِن تركها حتى لا تحل اللعنات على الشخص. مِن حقك أنْ تترك لأسباب كتابية، ولكن إنْ تركت لسبب دوافع قلب غير نقية أو رفضك للتصحيح، ستؤذى وترجع إلى ما كنت عليه، وتعمل في حياتك نفس الأرواح وتُطاردك، لأنك لا تسلك بمبادئ كتابية صحيحة.

 الخضوع لأب روحي هو أمر اختياري وطوعًا، وإنْ كنت جائعًا للحق الكتابي، سيجعلك الروح القدس تثق في أبيك الروحي. مِن الخطأ أنْ تتسيب وتعتقد أنك ستستطيع اكتشاف الكلمة بمفردك، هذا ليس بصحيح.

 تَمَثّل بمن يرعاك روحيًا واخضع له، تعلم منه عبر تعليمه وعبر رؤيته في المواقف، فهو الذي يُدربك ويلفت انتباهك مِن خلال الكلمة الصالحة، لأنك في أوقات كثيرة ستعاني بسبب عدم خضوعك.

 كانت هناك عقوبات في العهد القديم تقع على مَن يعترض على مَن يُقدِّم التعليم الكتابي، ولهذا كان مِن السهل حدوث المعجزات. أُرسل إيليا أمام الرب ليهيئ له الطريق، وحينما أتى الرب يسوع، كانت قلوب الناس مُستعدة لاستقبال الكلمة والتصق به تلاميذه بسهولة.

 بالطبع هناك مَن استغل سلطان الرعاية الروحية بشكل سيء، ولكن هذا لا يعني عدم وجود رعاية روحية صحيحة. مِن حقك أنْ تناقش ما يُعرَض عليك مِن الكلمة، ولكن في حال اكتشافك أنه الحق الكتابي، يجب أنْ تخضع له، وهذا ما جعل بولس الرسول يقول لتيموثاوس “لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ” (١تيموثاوس ٤: ١٢) أي لا تسمح لأحد أنْ يستهين بصغر سنك، لأنه ليس للسلطان الروحي علاقة بالسن، بل يعتمد على النضوج في المعرفة الكتابية.

 ١أَطْلُبُ إِلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ، أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ، وَالشَّاهِدَ لآلاَمِ الْمَسِيحِ، وَشَرِيكَ الْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ، ٢ ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّارًا، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ، ٣ وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ، بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ” (١ بطرس ٥: ١-٣). 

 “نُظَّاراً” تأتي في اللغة اليونانية بمراقبة واعتناء؛ أي ناظرًا إلى ما هو أبعد، وفي بعض الترجمات الأخرى تأتي بمعنى مُفتشًا عن.

 ليس مِن المفترض أنْ تشارك تفاصيل حياتك لكل أخ وأخت في الجسد، بل تُخبر مَن يرعاك روحيًا فقط، لتعرف رأي الكلمة في الموقف. لا تخجل أنْ تشارك راعيك بأي شيء، ولا تخشَ أنْ يقول لك رأي لا تحبه، للأسف طبيعتنا وثقافتنا كمجتمع مصري لا يحب الخضوع، فلا تتطبع بهذه الثقافة!

 “لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاِخْتِيَارِ وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ” ارعِ رعية الله بالاختيار وليس بالإجبار، ليس مِن أجل المال بل بنشاط دون مجهود.

 “وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ” يوضح خطأ تسلط الراعي والقبضة الحديدية، مَن يتركك فليتركك، الرب يترك التسعين وتسعين خروف ليبحث عن خروف واحد، ولكن إنْ اختار الخروف أنْ يتركك، فسيدعه يذهب مثل الأبن الضال حينما اختار أنْ يترك والده، لم يُجبره الأب على المكوث معه، لأنه ناضج. أما إذ كان طفلاً، لن يتركه كما يشاء بل يتحكم فيه، ومِن الممكن أنْ يصل الأمر للضرب، لأنها وصية كتابية في تربية الأطفال، ليست وسيلة التربية الأولى، بل آخر وسيلة يمكن استخدامها.

 لابد أنْ ينتقل سلطان الكلمة على حياتك لمن ترعاه روحيًا، ولكن إنْ لم يقبل ويقتنع بسلطان الكلمة على حياته، فالعيب ليس فيك. كما رفض الكثيرون كلام الرب يسوع وأُهين رغم كونه ممسوحًا، لأن المسحة لا تُجبر الإنسان على شيء، وهناك مَن يتعامل مع المسحة بطريقة غير لائقة.

 “٢١ تَكَلَّمْتُ إِلَيْكِ فِي رَاحَتِكِ (نعيمك وازدهارك). قُلْتِ: (لاَ أَسْمَعُ). هذَا طَرِيقُكِ مُنْذُ صِبَاكِ، أَنَّكِ لاَ تَسْمَعِينَ لِصَوْتِي. ٢٢ كُلُّ رُعَاتِكِ تَرْعَاهُمُ الرِّيحُ، وَمُحِبُّوكِ يَذْهَبُونَ إِلَى السَّبْيِ. فَحِينَئِذٍ تَخْزَيْنَ وَتَخْجَلِينَ لأَجْلِ كُلِّ شَرِّكِ” (إرميا ٢٢: ٢١، ٢٢)

 يقول الرب لشعبه تكلمت معكِ في وقت نعيمك وازدهارك، ولكنكِ لم تُصغين، إذ أنّ هذه هي طريقتك منذ طفولتك. مما يوضح إنْ تركت ابنك يفعل الخطية مبررًا ذلك أنه حينما يكبر سيفعل الصواب، في حين إنه مِن الضروري أنْ تزرع الكلمة فيه مِن طفولته لتُشكِّله، أنت لا تكبته، بل تُعلمه.

 إنْ كنت تقود شخص ما روحيًا، مِن الهام جدًا أنْ تضع حدود بينك وبينه، ولا تسمح له أنْ يتعامل معك كصديق بل كراعي، حتى إنْ كنت أصغر منه سنًا، ويجب أنْ تشرح له أنك تعمل عليه روحيًا، فإنْ لم تُعلمه وتركته كما هو، لن يسمع لك فيما بعد، لأنه لم يسمع مِن طفولته، واعتاد على ذلك. وقت الطفولة هي التي تحدد ما سيكون عليه في المستقبل. فإن تركت الشخص يتظاهر أمام الآخرين بأمور، ولم تُعدل له دوافعه، فأنت تضعه في خطر.

 “وَقَدْ أَخْبَرْتُهُ بِأَنِّي أَقْضِي عَلَى بَيْتِهِ إِلَى الأَبَدِ مِنْ أَجْلِ الشَّرِّ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ بَنِيهِ قَدْ أَوْجَبُوا بِهِ اللَّعْنَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَمْ يَرْدَعْهُمْ.” (١صمؤيل٣: ١٣)

 حَسَبَ الرب عالي الكاهن مسئولاً لأنه لم يردعهم، رغم أنّ قلبه رائع، ويعرف طرق الرب بدليل أنه علمها لصموئيل.

 “وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (٢تيموثاوس ٣: ١٥)

 عَرِفَ تيموثاوس الكلمة جيدًا مِن الطفولة بسبب شرح والدته وجدته. حينما تزرع الكلمة في الطفل، سترى نتائج ضخمة في حياته ويتغير بسهولة وسلاسة في أي شيء بسبب المفعول القوي للكلمة، هللويا! وإنْ لم تكن مؤمنًا بمفعولها، هذا يعني أنك لم تنضج بعد في الكلمة.

 تقع هذا مسؤولية في المقام الأول على الأب والأم، وإنْ لم يتفقا معًا في الرأي (تسيب أحدهم وتشديد الآخر) ويُصّر كل منهم على تنفيذ ما يريده، ستكون النتيجة: “كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ” (متى ١٢: ٢٥)، وستحدث مشاكل ضخمة ويصبح أولادهما أبناءً للجحيم، وإنْ كان ارتباطك بهذا الشكل، فالحل أنْ تصلي مِن أجله ولا تتحسر أو تحزن.

 “أَفَلَمْ يَفْعَلْ وَاحِدٌ وَلَهُ بَقِيَّةُ الرُّوحِ؟ وَلِمَاذَا الْوَاحِدُ؟ طَالِباً زَرْعَ اللَّهِ. فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ وَلاَ يَغْدُرْ أَحَدٌ بِامْرَأَةِ شَبَابِهِ.” (ملاخي١٥:٢)

 إنْ لم تكن أنت وزوجتك متحدان في الفكر، انتظرا ولا تُنجبا أطفالاً، حيث أنّ الاتفاق هو مبدأ إلهي. توضح الكلمة أنّ الله جعلكما أثنين لأنه يطلب نسلاً إلهيًا. هدف الرب مِن الإنجاب ليس أنْ يفرح والديك بأحفادهم، بل لتأتي بنسل إلهي. إنْ لم تُطبق الكلمة، لا تتوقع أنْ يعمل روح الله في حياتك بطريقة ضخمة، لأنك تكسر كلمته المكتوبة.

 ١ اِصْغَ يَا شَعْبِي إِلَى شَرِيعَتِي. أَمِيلُوا آذَانَكُمْ إِلَى كَلاَمِ فَمِي. ٢ أَفْتَحُ بِمَثَل فَمِي. أُذِيعُ أَلْغَازًا مُنْذُ الْقِدَمِ. ٣ الَّتِي سَمِعْنَاهَا وَعَرَفْنَاهَا وَآبَاؤُنَا أَخْبَرُونَا. ٤ لاَ نُخْفِي عَنْ بَنِيهِمْ إِلَى الْجِيلِ الآخِرِ، مُخْبِرِينَ بِتَسَابِيحِ الرَّبِّ وَقُوَّتِهِ وَعَجَائِبِهِ الَّتِي صَنَعَ. ٥ أَقَامَ شَهَادَةً فِي يَعْقُوبَ، وَوَضَعَ شَرِيعَةً فِي إِسْرَائِيلَ، الَّتِي أَوْصَى آبَاءَنَا أَنْ يُعَرِّفُوا بِهَا أَبْنَاءَهُمْ، ٦ لِكَيْ يَعْلَمَ الْجِيلُ الآخِرُ. بَنُونَ يُولَدُونَ فَيَقُومُونَ وَيُخْبِرُونَ أَبْنَاءَهُمْ، ٧ فَيَجْعَلُونَ عَلَى اللهِ اعْتِمَادَهُمْ، وَلاَ يَنْسَوْنَ أَعْمَالَ اللهِ، بَلْ يَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ. ٨ وَلاَ يَكُونُونَ مِثْلَ آبَائِهِمْ، جِيلاً زَائِغًا وَمَارِدًا، جِيلاً لَمْ يُثَبِّتْ قَلْبَهُ وَلَمْ تَكُنْ رُوحُهُ أَمِينَةً لِلهِ” (المزامير ٧٨: ١-٨).

 مسئولية كل أب وأم أنْ يُعلموا أولاده وصايا الرب، ثم أولادهم يعلموها أولادهم وهكذا. بسبب غياب تعليم الكلمة أو تعليمها بصورة خاطئة، تجد المؤمنين يجاهدون في ممارسة إيمانهم. يلزم عليك أنْ تحيا الكلمة أولاً وتعلمها لطفلك أو مَن تبنيه روحيًا، لكي تجعل اعتماده على الرب.

 السر في عدم اعتماد طفلك على الله هو اعتمادك الدائم على وسطاء في حل مشاكلك، وخبراتك أو انشغالك في المكالمات الهاتفية، وعدم رويته لك تدرس الكلمة أو تصلي. اعلم أنّ ابنك هو انعكاسك، وكل مَن يراه، يستنتج شخصيتك مِن خلاله. هذا ما قاله الرب يسوع “بِهَذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تلاَمِيذِي” (يوحنا ١٣: ٣٥) 

 “رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ فَمَتَى شَاخَ أَيْضاً لاَ يَحِيدُ عَنْهُ.” (أمثال ٢٢: ٦)   

 درب ابنك في الطريق الذي تريده أنْ يسير فيه، لأنه مازال طفلاً ولا يعرف الطريق الصحيح. اعلم أنّ أي شخص تراه متسيبًا في أمر، هو لم يُدرَّب فيه، أو ربما دُرِّب وتواصل مع أشخاص أفسدوه. اخلق أسلوب حياة في مَن ترعاهم روحيًا، وعرفهم كيف يسلكون في مواقف الحياة كما علم الرب يسوع تلاميذه كيف يسلمون ويتواصلون مع الآخرين:

  ١٢ وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ، ١٣ فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقًّا فَلْيَأْتِ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا فَلْيَرْجعْ سَلاَمُكُمْ إِلَيْكُمْ” (متى ١٠: ١٢، ١٣).

 يُعلمك الأب الأرضي أو الروحي كيف تسلك الطريق، حتى حينما تنضج لا تُحِد عنه. درِّب ابنك على حضور الاجتماعات وسماع الكلمة، ولا تسمح له أنْ يلعب أثناء الاجتماع، حتى لا تخلق بداخله استخفاف بالكلمة.

 “مَنْ يَمْنَعُ عَصَاهُ يَمْقُتُ ابْنَهُ وَمَنْ أَحَبَّهُ يَطْلُبُ لَهُ التَّأْدِيبَ.” (أمثال ١٣: :٢٤)

 توضح الكلمة أنّ ضرب طفلك لا يعني كرهك له، بل إنْ لم تفعل ذلك فأنت تكرهه، لأن الطفل في البداية لا يفهم الكلمات بل يفهم لغة الجسد، والألم الجسدي، ولكن بعد وقت سيفهم كلماتك ولن تحتاج لاستخدام وسيلة الضرب. وتأتي في ترجمات أخرى “اطلب له التأديب مبكرًا”.

 حينما قَبِلَ آدم أنْ يسود إبليس على حياته، دخل الموت إلى العالم، وصار كل إنسان بحاجة للولدة مِن الله. سيقبل الطفل يسوع في قلبه عند سن الإدراك والوعي، ويحتاج أنْ يُشكَّل، وتوضَع له ضوابط وقواعد، ولا يترك لحريته.

 “اَلْجَهَالَةُ (الحماقة) مُرْتَبِطَةٌ بِقَلْبِ الْوَلَدِ. عَصَا التَّأْدِيبِ تُبْعِدُهَا عَنْهُ.” (أمثال ٢٢: ١٥) 

 الحماقة مرتبطة في قلب الطفل، ولا يوجد حل لإخراجها إلا العصا وهذا في مراحل الطفل الأولى. وسيُجّرِبَك طفلك ويفعل أمورًا معينة حتى يرى رد فعلك، وإنْ رفضت سيُجّرِبَك حتى يعرف إنْ كنت تعني ذلك أم لا. وإنْ لم تعنيها وتركته يفعل ما يريده، ستربيه على العصيان وتُزيد مِن الحماقة بداخله، في حين أنك تحتاج أنْ تتعامل معه بصرامة.

 لا تتبع ما يقوله علم النفس أنك ستكسر نفسيَّة الولد إنْ ربيته بهذه الصورة، وعاد علم النفس ليُثبت أنه حينما توضع قواعد للطفل، يشعر بالأمان في حياته، وإنْ تركته بلا قواعد، أنت تخلق عدم أمان بداخله. يحتاج أي طفل أنْ يُعلّم، إلا الرب يسوع لأنه لم يأخذ الطبيعة الشيطانية، ورغم ذلك يذكر الكتاب عنه:

 “مَعَ كَوْنِهِ ابْناً تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ.” (عبرانيين ٥: ٨) 

 تعلم مِن الألم الذي عَبَرَ فيه نتيجة ظروف حياته، فمعظم المراجع تذكر أنّ يوسف مات مبكرًا، لذا صار مسئولاً عن بيته، وعمِل مكان يوسف، بينما هو جاء لهدف آخر وهو الكرازة بالملكوت. تشمل الصرامة أيضًا تغيير الصوت، أو تأخذ شيئًا مِن يده لأنه لا يفهم اللغة التي تتكلم بها.

 “أَدِّبِ ابْنَكَ لأَنَّ فِيهِ رَجَاءً وَلَكِنْ عَلَى إِمَاتَتِهِ لاَ تَحْمِلْ نَفْسَكَ.” (أمثال ١٩: ١٨)

 “أَدِّبِ ابْنَكَ لأَنَّ فِيهِ رَجَاءً” تأتي في ترجمات أخرى “أدب ابنك طالما يوجد فيه رجاء وأمل، ولكن احذر مِن تحطيمه عبر أنْ تصرخ فيه وتضربه حتى تُنفس عن غضبك وغيظك منه نتيجة عدم طاعته لك” إنْ تعاملت معه بالكلمة، لن تحتاج بعد وقت أنْ تستخدم معه أي صورة مِن صور العنف، لكن مِن الضروري أنْ يسمع كلمة “لا” منك في مواقف وأمور لأن الله نفسه منع أدم مِن البداية عن الأكل مِن شجرة معرفة الخير والشر.

 “اَلْعَصَا وَالتَّوْبِيخُ يُعْطِيَانِ حِكْمَةً، وَالصَّبِيُّ الْمُطْلَقُ إِلَى هَوَاهُ يُخْجِلُ أُمَّهُ.” (أمثال ١٩: ١٥)

 مَن يترك طفله يفعل ما يشاء، سيُخزيه في النهاية ويُتعِبه؛ لذلك تحتاج أنْ تُحدد له دائمًا ما يفعله، واجعله يقضي معك فترات صلاة ويتعلم منك كيف يصلي كما علم الرب تلاميذه. وأيضًا لم يكن يقاطعه أحدًا وهو يصلي، بل كانوا يسألوه بعد انتهائه مِن الصلاة. يجب أنْ يتحد الوالدين ويكون لهما رأيًا واحدًا أمام أولادهم.

 إنْ كنت تستهين بزوجتك أمام أبنائك، أنت تُحطم أسرتك دون أنْ تدري، فمِن الهام أنْ يُدرك ابنك أنه لا يوجد طرف منكما يوافق على ما يريده والآخر يرفضه، فيذهب للطرف الأكثر مرونة ليطلب منه ما يريده، وإنْ طلب منك شيئًا مِن الممكن أنْ توافق عليه والطرف الآخر رفضه، ارفض واتفق فيما بعد مع شريك حياتك على طلبه.

 تعلم تيموثاوس مِن بولس كل شيء “وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي، وَسِيرَتِي، وَقَصْدِي، وَإِيمَانِي، وَأَنَاتِي، وَمَحَبَّتِي، وَصَبْرِي،” (٢تيموثاوس ٣: ١٠) أنت تتعلم ممن يرعاك روحيًا ومِن طريقة حياته.

  ١٣ لاَ تَمْنَعِ التَّأْدِيبَ عَنِ الْوَلَدِ، لأَنَّكَ إِنْ ضَرَبْتَهُ بِعَصًا لاَ يَمُوتُ. ١٤ تَضْرِبُهُ أَنْتَ بِعَصًا فَتُنْقِذُ نَفْسَهُ مِنَ الْهَاوِيَةِ” (الأمثال ٢٣: ١٣، ١٤).

 أنت تُحدد المكان الذي سيذهب إليه ابنك فيما بعد، الأمر ليس في الضرب، بل أنْ يكون لكلماتك تأثير عليه دون أي عقوبة. لا تقلق عليه إنْ ضربته، لأنه لا يموت لأنك تُنقذه مِن الهاوية. إنْ دربته بهذا الشكل، سترتاح فيما بعد لأنه سيأخذ الشكل الذي رسمته له.

▪︎ المحبة والصرامة:-

 “لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «هَئَنَذَا أُدِيرُ عَلَيْهَا سَلاَماً كَنَهْرٍ وَمَجْدَ الأُمَمِ كَسَيْلٍ جَارِفٍ فَتَرْضَعُونَ وَعَلَى الأَيْدِي تُحْمَلُونَ وَعَلَى الرُّكْبَتَيْنِ تُدَلَّلُونَ” (إشعياء ١٢:٦٦).

 حاوط ابنك بالمحبة، وبداخل هذه المحبة توجد صرامة، لأن حماقة الطفل لا تخرج إلا بالعصا، ولكن إنْ أخطأ أمام الناس، لا تحرجه أمامهم، أما إذا كرر الخطأ، صححه حتى يدرك أنّ الأمر لا يمر هكذا.

 إنْ كان طفلك لا يسمع صوتك إلا وأنت تصرخ فيه ليتوقف عن شيء ما، سيعتاد على ذلك ويعصيك لا إراديًا، قَدِّم لابنك محبة كافية عبر أنْ تقضي معه بعض الوقت وتُفهمه كلمة الله، وأكد له دائمًا أنك تحبه ولا تُخاصمه إنْ أخطأ في شيء، ولا تقُل له جُمَل مثل “أنا زعلان منك” فتلك هي الكلمات التي تُشعرك بالدينونة دائمًا، وثق أنّ الكلمة ستجعله مرنًا وتُغير فيه.

 أكِّد محبتك له وكُن صارمًا في الوقت نفسه، وعَلِّمه أنك تُصححه بدافع المحبة، كما قال الرب يسوع لكنيسة برغامس:

 ١٣أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، وَأَيْنَ تَسْكُنُ حَيْثُ كُرْسِيُّ الشَّيْطَانِ، وَأَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِاسْمِي، وَلَمْ تُنْكِرْ إِيمَانِي حَتَّى فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا كَانَ أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي الأَمِينُ الَّذِي قُتِلَ عِنْدَكُمْ حَيْثُ الشَّيْطَانُ يَسْكُنُ. ١٤ وَلكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ: أَنَّ عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِيَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا” (رؤيا ٢: ١٣، ١٤).

 احذر ممن يسرق عقل ابنك، مِن أفلام الكرتون وأبطالها، لئلا يحلِّوا محل الرب يسوع في نظره، اشرح له سبب عدم مشاهدة هذه الأفلام. حينما تمنعه عن شيء، لابد أنْ تعطيه أسباب ذلك، بعض أفلام تعطي رسالة للأولاد أنّ هناك مَن يستطيع أنْ يُنقذ البشرية غير يسوع، وهي مُستوحاه مِن أرواح شريرة، ولها أهداف تخريبية حتى يرى الحياة الخارقة في أمور بعيدة عن الكلمة.

 أخبر أولادك أنّ يسوع هو مصدر كل شيء وهو الذي يعطيك المال لتشتري لهم ما يريدونه حتى يعشقوا يسوع، ويميز بين الأمور الصحيحة والخاطئة لأنك دربته. كذلك حاوط مَن ترعاه روحيًا الذي يأتي لك بأفكار العالم بالكلمة وعلمها له وأرشده، إنْ لم تفعل ذلك، أنت تعطيه مبادئ بشرية. لا تتركه يستمر على التعليم غير الدقيق، مثلاً، إنْ سمعته يقول: “يا رب سامحني” صححه، واثبت له الأمر مِن الكلمة وانزل لمستواه.

  ١ وَأَمَّا أَنْتَ فَتَكَلَّمْ بِمَا يَلِيقُ بِالتَّعْلِيمِ الصَّحِيحِ: ٢ أَنْ يَكُونَ الأَشْيَاخُ صَاحِينَ، ذَوِي وَقَارٍ، مُتَعَقِّلِينَ، أَصِحَّاءَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالصَّبْرِ. ٣ كَذلِكَ الْعَجَائِزُ فِي سِيرَةٍ تَلِيقُ بِالْقَدَاسَةِ، غَيْرَ ثَالِبَاتٍ، غَيْرَ مُسْتَعْبَدَاتٍ لِلْخَمْرِ الْكَثِيرِ، مُعَلِّمَاتٍ الصَّلاَحَ، ٤ لِكَيْ يَنْصَحْنَ الْحَدَثَاتِ أَنْ يَكُنَّ مُحِبَّاتٍ لِرِجَالِهِنَّ وَيُحْبِبْنَ أَوْلاَدَهُنَّ، ٥ مُتَعَقِّلاَتٍ، عَفِيفَاتٍ، مُلاَزِمَاتٍ بُيُوتَهُنَّ، صَالِحَاتٍ، خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ، لِكَيْ لاَ يُجَدَّفَ عَلَى كَلِمَةِ اللهِ. (تيطس ٢: ١-٥) 

 “كَذَلِكَ الْعَجَائِزُ فِي سِيرَةٍ تَلِيقُ بِالْقَدَاسَةِ” تأتي في ترجمة أخرى “لا تنشغلين بشيء غير أنْ تُعلمين الأصغر سنًا كيف يسيرون بطريقة صحيحة في الحياة”، مِن المتوقع أنّ أي أم أو شخص ناضج في الكلمة يصير مُعلمًا لأولاده “لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ” (عبرانيين ٥: ١٣).

 “حَافِظُ التَّعْلِيمِ هُوَ فِي طَرِيقِ الْحَيَاةِ وَرَافِضُ التَّأْدِيبِ ضَالٌّ.” (أمثال ١٠: ١٧)

 تأتي في الأصل اليوناني هكذا: “أنّ الذي يسلك في التعليم الصحيح هو في طريق الحياة، وهو طريق حياة للآخرين، ورافض التأديب هو ضال يُضِل آخرين” وبهذا نفهم أننا نقود الآخرين مِن خلال سلوكنا دون أنْ ندري.

  ١ فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. ٢ وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ” (رومية ١٢: ١، ٢)

 كلمة الله تُغير شكلك، قيم ومقدار الأمور لديك، وكذلك الدوافع والمبادئ عبر تغيير ذهنك، فمالم تُغير طريقة تفكيرك لن تتغير أنت. كلمة الله تستبدل الأفكار البشرية العادية بأفكار الله، اخضع للكلمة حتى لا تخزى حينما تصلي لأمور ولا ترى نتائج فيها.

 هناك أطفال شرسة وعنيفة لأن والديهم أعطوا مجالاً للأرواح الشريرة في حياتهم، ولم يقوموا بتصحيحهم، وهنا وجدت الأرواح الشريرة مدخلاً لهم، وعانى الأباء ليجعلوهم خاضعين وودعاء، غير مُمَيزين أنّ عالم الروح له تأثير على عالم العيان.

 “اَلرَّجُلُ الضَّالُّ عَنْ طَرِيقِ الْمَعْرِفَةِ يَسْكُنُ بَيْنَ جَمَاعَةِ الأَخِيلَةِ.” (أمثال ٢١: ١٦)

 الشخص الذي لا يسلك بالمعرفة، يسكن وسط الأرواح الشريرة، انتبه! هو لم يستدعيها لكن عدم سلوكه بالكلمة جذب هذه الأرواح لحياته؛ لأنك إما تجذب الملائكة أو الأرواح الشريرة لحياتك.

 “أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ عِنْدَ أَبِي وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ” (يوحنا ٨: ٣٨)

 وضح الرب يسوع أنّ أبيهم هو إبليس في عدد ٤٤ “أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا” ولكن السؤال هو “كيف رأوا أعمال أبيهم حتى يفعلوها؟” فهم لم يجلسوا مع إبليس بشخصه، بل يدرسون الناموس جيدًا! لكن وجد إبليس مكانًا في أذهانهم بسبب عدم وجود استنارة في الكلمة، وتجاوبهم مع الأفكار التي يعرضها عليهم، ورفضهم ليسوع.

 إنْ لم يكن لديك نور الكلمة؛ سيستخدم إبليس ذهنك بسهولة ويضع فيه أفكاره، وأحيانًا يستخدم الحق الكتابي بشكل خاطئ؛ لذا كُن صاحيًا وواعيًا، لأنك حينما تأخذ نور الكلمة؛ تُنقِذ نفسك وأسرتك مِن الدمار. إنْ كنت مكتئبًا، العلاج ليس أنْ يصلي لك أحدهم، بل أنت تغلق الباب في وجه أفكار إبليس المعروضة على ذهنك.

  ٣٠ وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ. ٣١ فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: «إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، ٣٢ وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». ٣٣ أَجَابُوهُ: «إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ! كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَارًا؟» ٣٤ أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. ٣٥ وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. ٣٦ فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا. ٣٧ أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلاَمِي لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ” (يوحنا ٨: ٣٠-٣٧).

 “لأَنَّ كلاَمِي لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ” تأتي في ترجمات أخرى “لأن كلامي ليس له مدخلاً فيكم” لأنهم تلاميذ غير حقيقيين، هناك طريقة يجب أنْ تتبعها لتكون تلميذًا حقيقيًا، وهي أنْ تثبت كلام الرب فيك.

  ٦٠ فَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، إِذْ سَمِعُوا: «إِنَّ هذَا الْكَلاَمَ صَعْبٌ! مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟» ٦١ فَعَلِمَ يَسُوعُ فِي نَفْسِهِ أَنَّ تَلاَمِيذَهُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَى هذَا، فَقَالَ لَهُمْ: «أَهذَا يُعْثِرُكُمْ؟ ٦٢ فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً! ٦٣ اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ، ٦٤ وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ». لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ. ٦٥ فَقَالَ: «لِهذَا قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي». ٦٦ مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ. ٦٧ فَقَالَ يَسُوعُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ: «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟» ٦٨ فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَارَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ، ٦٩ وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ»” (يوحنا ٦: ٦٠-٦٩)

 لابد أنْ تكون تلميذًا لشخص حتى تصبح رجلاً روحيًا. التلميذ هو شخص يتعلم ويلتصق بالتزام، ومِن حقه أنْ يسأل، فتلاميذ الرب لم يخشون أنْ يسألوه أبدًا، يجب أنْ يسأل التلميذ ويفهم ليقتنع. التربية الصحيحة لابنك هي شرح وتوضيح وإعطاء الطريقة وليس الرفض دائمًا.

 ▪︎ التلمذة عبر التعليم المتناقل:-

 “٢٨ فَشَتَمُوهُ وَقَالُوا: «أَنْتَ تِلْمِيذُ ذَاكَ، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّنَا تَلاَمِيذُ مُوسَى. ٢٩ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مُوسَى كَلَّمَهُ اللهُ، وَأَمَّا هذَا فَمَا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ»” (يوحنا ٩: ٢٨، ٢٩)

 لم يكن موسى موجوداً في ذلك الوقت، ولكن لأنه وضع الشريعة وهم يتبعوها أصبحوا تلاميذه. يوجد جيل تعلم مِن موسى شخصيًا، وعلموا الجيل التالي وهكذا إلى وصلنا لوقت الرب يسوع، اعترف الرب بذلك، مما يوضح أنّ هناك مَن يُتلمذ عبر التعليم المتناقل. تحتاج الكنيسة إلى التلمذة لتُخرج رجالاً روحيًا.

 ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ، وَلكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ، فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ” (يوحنا ١٩: ٣٨).

 هناك مَن يتبع ويُتلمَذ خفية مثل يوسف الرامي، ويتبع تعليم الرب يسوع في الخفاء ولكن هذا ليس الشكل الصحيح والأمثل للتبعية، التلمذة هي تعليم وتصحيح بكلمة الله، والتصاق بالطريقة والمنهج الكتابي.

  ١٧ وَفِي أَوَّلِ أَيَّامِ الْفَطِيرِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ لَهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ لَكَ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟» ١٨ فَقَالَ: «اذْهَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، إِلَى فُلاَنٍ وَقُولُوا لَهُ: الْمُعَلِّمُ يَقُولُ: إِنَّ وَقْتِي قَرِيبٌ. عِنْدَكَ أَصْنَعُ الْفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي». ١٩ فَفَعَلَ التَّلاَمِيذُ كَمَا أَمَرَهُمْ يَسُوعُ وَأَعَدُّوا الْفِصْحَ” (متى ٢٦: ١٧-١٩).

 يوجد محبة وحوار بين المعلم والتلميذ، والدليل على ذلك أنّ يوحنا استطاع أنْ يتكئ رأسه على صدر يسوع، لكن يوجد هيبة للمعلم كي يستطيع أنْ يستقبل التلميذ منه. لم يأمرهم الرب أنْ يُعِدوا له الفصح، أما هم فاعتبروها كأوامر، وهذا ما ساعدهم خلال الثلاث سنوات أنْ يُتلمذوا بشكل صحيح. يَعلَم شعب الله جيدًا أهمية الخضوع للمعلم والشريعة، وإظهار الهيبة والخضوع الصحيح لمَن يتكلم عن الله.

 ١«أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. ٢ كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ” (يوحنا ١٥: ١، ٢).

  ١٥ لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ. ١٦ لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ. ١٧ قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلَامُكَ هُوَ حَقٌّ” (يوحنا ١٧: ١٥-١٧).

 يمكن أنْ تحفظ نفسك مِن الشرير بكلمة الله، فمع أنّ الرب صلى لكل مؤمن إلا أنّ ليس جميعهم محفوظين مِن الشرير؛ إذ ليس الجميع يعرفون ويسلكون بالكلمة. لكلمة الله مفعول أنْ تعزلك عن العالم ومبادئه، وتحفظ أبنائك مِن تلوث العالم، فلا تخشَ عليهم منه.

 إنْ تَشَكَّلَ أحد أولادك بمبادئ خاطئة، تعامل معه كما تعامل الأب مع الابن الضال، فهو لم يمنعه مِن شيء، حيث فات الأوان على هذا، وتركه يصنع قرارات خاطئة، ولكن حاوطه بمحبته. تتشفع لأجله ابنك أو بنتك كي ما يُلمس بالحق الكتابي، ولا تنظر لهذا الحق أنه حل مؤقت أو تخدير للواقع، فهذا هو الحل صحيح الذي يأتي بنتائج.

 ▪︎مبادئ الرعاية أو التربية:-

 ١. سواء كنت راعيًا أو أبًا أو أمًا، تحتاج أنْ تكون ناضجًا، ولديك خزين مِن المعرفة وتستمر نضوجًا في الكلمة، لكي لا تصبح حسي، وتستطيع قيادة بيتك أو شخص روحيًا، لأنك إما تقوده إلى الرب أو إلى الهاوية. هناك مَن لا يعرف متى يرفض أو يقبل طلب ابنه، مِن الضروري أنْ تتعامل مع ابنك بمحبة غير عادية، ولا تكن أنانيًا نفسانيًا وتُستَفز مِن ابنك الروحي أو الجسدي حينما لا يطيعك أو يحضر في اجتماع آخر.

 إنْ كنت راعيًا وتقدم طعامًا حقيقيًا لشعبك وتُغير حياتهم، سيلتصقون بك دون أنْ تسعى لذلك، ليس لك أنْ تتحكم في اختيارات شعبك طالما لم يعطوك الحق في ذلك، وليس لك الحق أنْ تلعنهم إنْ تركوك، فعندما ترك بعض التلاميذ الرب يسوع، قال لبقية تلاميذه “أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضاً تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟” (يوحنا ٦: ٦٧)

 ٢. ثق وآمِن في ذاتك مِن الكلمة، حتى يُمكنك بث الثقة في ابنك عبر المبادئ التي تزرعها فيه، ووضِّح سبب مدحك له كما وضح الرب سبب مدحه للكنائس السبعة “أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَمَحَبَّتَكَ وَخِدْمَتَكَ وَإِيمَانَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّ أَعْمَالَكَ الأَخِيرَةَ أَكْثَرُ مِنَ الأُولَى” (رؤيا ٢: ١٩).

 لا تتشكل بطباع الشعب المصري الذي لا يعرف أنْ يذكر الاحسانات، ويفرح فقط بالأمور الضخمة، بل سِر بطريقة كتابية وافرح بكل أمر صغير يفعله الروح القدس في حياتك، كما فعل كاتب المزمور: “بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ.” (مزمور ١٠٣: ٢).

 ٣. وجِّه وتَلمِذ طفلك أو ابنك الروحي باستخدام الكلمة. فأنت لا تقود الناس بمبادئ خارج كلمة الله ومَن يرفض تلك المبادئ اليوم، لن تأتي بنتائج في حياته حينما يجتاز في ضيق، كما ذكر لنا سفر الأمثال:

 ٢٠ اَلْحِكْمَةُ تُنَادِي فِي الْخَارِجِ. فِي الشَّوَارِعِ تُعْطِي صَوْتَهَا. ٢١ تَدْعُو فِي رُؤُوسِ الأَسْوَاقِ، فِي مَدَاخِلِ الأَبْوَابِ. فِي الْمَدِينَةِ تُبْدِي كَلاَمَهَا ٢٢ قَائِلَةً: «إِلَى مَتَى أَيُّهَا الْجُهَّالُ تُحِبُّونَ الْجَهْلَ، وَالْمُسْتَهْزِئُونَ يُسَرُّونَ بِالاسْتِهْزَاءِ، وَالْحَمْقَى يُبْغِضُونَ الْعِلْمَ؟ ٢٣ اِرْجِعُوا عِنْدَ تَوْبِيخِي. هأَنَذَا أُفِيضُ لَكُمْ رُوحِي. أُعَلِّمُكُمْ كَلِمَاتِي. ٢٤ «لأَنِّي دَعَوْتُ فَأَبَيْتُمْ، وَمَدَدْتُ يَدِي وَلَيْسَ مَنْ يُبَالِي، ٢٥ بَلْ رَفَضْتُمْ كُلَّ مَشُورَتِي، وَلَمْ تَرْضَوْا تَوْبِيخِي. ٢٦ فَأَنَا أَيْضًا أَضْحَكُ عِنْدَ بَلِيَّتِكُمْ. أَشْمَتُ عِنْدَ مَجِيءِ خَوْفِكُمْ” (الأمثال ١: ٢٠-٢٦) 

 لا يوجد أداة للتدريب غير كلمة الله. على سبيل المثال، إنْ قال لك مَن يرعاك روحياً أنْ تصلي ساعة بألسنة يوميًا ورأيت هذا صعب، فأنت إذًا تحتاج تمرين وتدريب على صلب جسدك واخضاعه لروحك، وسيظهر وكأن الأمر حقًا صعب في البداية. وإذا قال لك اقرأ بعض المقالات ولم تقرأها، لن يتمكن مِن مساعدتك، فإنْ وصف لك طبيب دواء، ولم تتناوله، لن يستطيع مساعدتك.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$