القائمة إغلاق

Yielding to The Holy Spirit Part1 الخضوع للروح القدس الجزء الاول

 لسماع العظة على الساوند كلاود أضغط هنا 

العظة مكتوبة

  • سبب وجود الإنسان وعربون الروح

“فَإِنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ فِي الْخَيْمَةِ نَئِنُّ مُثْقَلِينَ، إِذْ لَسْنَا نُرِيدُ أَنْ نَخْلَعَهَا بَلْ أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا، لِكَيْ يُبْتَلَعَ الْمَائِتُ مِنَ الْحَيَاةِ. وَلَكِنَّ الَّذِي صَنَعَنَا لِهَذَا عَيْنِهِ هُوَ اللهُ، الَّذِي أَعْطَانَا أَيْضاً عَرْبُونَ الرُّوحِ. فَإِذاً نَحْنُ وَاثِقُونَ كُلَّ حِينٍ وَعَالِمُونَ أَنَّنَا وَنَحْنُ مُسْتَوْطِنُونَ فِي الْجَسَدِ فَنَحْنُ مُتَغَرِّبُونَ عَنِ الرَّبِّ. لأَنَّنَا بِالإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِالْعَيَانِ. فَنَثِقُ وَنُسَرُّ بِالأَوْلَى أَنْ نَتَغَرَّبَ عَنِ الْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ الرَّبِّ. لِذَلِكَ نَحْتَرِصُ أَيْضاً مُسْتَوْطِنِينَ كُنَّا أَوْ مُتَغَرِّبِينَ أَنْ نَكُونَ مَرْضِيِّينَ عِنْدَهُ.” (2كو 5 :4←9)

يتحدث الرسول بولس عن تغيير أجسادنا إلى الجسد المُمَجَّد والذي سنظل فيه للأبد، ونحن لم نُصَمَّم مِنْ البداية به بل صُممنا بجسد يحتاج إلى عناية ورعاية ولكنه غير قابل للشيخوخة ولكن صار قابلًا للموت بعد السقوط.

السبب الرئيسي الذي خُلِقْتَ مِنْ أجله هو ذاته الذي جعل المرأة السامرية تتحدث مع الجميع عن يسوع “هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟”(يو 29:4)، فبعدما تلامست مع محبة المسيح تحررت مِنْ انطوائها؛ لأنّ الرب كشف لها السر “وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ” (يو 23:4)، لذلك يريد الرب من البَدء علاقة مع الإنسان وكان لابد أنْ يكون الانسان قابلًا لهذه العلاقة؛ أي أنْ يصير في المستوى الإلهي، وبالفعل أنتَ صُنَعْتَ لكي تسود حياة الله عليك.

أعطانا الآب عربون الروح لكي تسود حياته علينا حيث إنه يقوم بمفعول الجسد المُمَجَّد الذي لم نأخذه بعد وهو الذي يضمن تحقيق الآتي “لِكَيْ يُبْتَلَعَ الْمَائِتُ مِنَ الْحَيَاةِ” وسيحدث ذلك حرفيًا في الاختطاف، فحياة الله ستبتلع الجسد المائت ويخرج الجسد المُمَجَّد المُعَدّ مِنْ أرواحنا وهذا لم يحدث عند قبولك ليسوع؛ لأن جسدك المادي هذا هو التصريح لوجودك على الأرض لتُكْرِز للآخرين ليقبلوا المسيح فَهُمْ لن يخلصوا بدون كارز.

يجعلك الروح القدس تسلك برضا الرب؛ أي السلوك بالإيمان؛ لذلك سواء كُنْتَ مُسْتَوْطِنًا في الجسد المُمَجَّد أو مُتَغَرِبًا عنه لابد أنْ تسلك بثقة ورجاء فأنتَ لديك الروح القدس الذي جعل الرسول بولس يحيا في نصرة وغلبة.

“لأَنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ نُسَلَّمُ دَائِماً لِلْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ، لِكَيْ تَظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضاً فِي جَسَدِنَا الْمَائِت. إِذاً الْمَوْتُ يَعْمَلُ فِينَا، وَلَكِنِ الْحَيَاةُ فِيكُمْ” (2كو 11:4-12)، يقصد الرسول بولس بلفظ “الْمَوْتُ” المذكور هنا الاضطهادات التي تعمل فيهم لكي يقدم لهم الحياة.

  • الروح القدس شخصٌ يتصرف كالرب يسوع تمامًا

“وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ” (يو 16:14)

“مُعَزِّياً آخَرَ” لفظ “مُعَزِّياً يُعْنِي (المُرْشِد، المُقوي، المُشَجِع، الشفيع، المُحامي، المُسانِد) ولفظ “آخَرَ أي مِثْلي تمامًا، ليس به أي اختلاف فهو مِثْل يسوع تمامًا فيما عدا أنْ الرب يسوع كان مرئيًا وملموسًا بينما الروح القدس ليس هكذا، ولكي تعرف كيف يسلك الروح القدس وتذوق عمله في حياتك يجب أنْ تعرف كيف سَلَكَ الرب هنا في الأرض؛ أي أنْ تعرف فِكْره وهذا سنجده واضحًا في الأناجيل، أشجعك أنْ تقوم بجولة في الأناجيل هادفًا إلى معرفة كيفية سلوك الرب يسوع لأنك حينئذ ستكتشف كيف يتعامل الروح القدس معك.

أنت لا تحتاج أنْ تستنتج شخصية الروح القدس مِنْ خبراتك وتخميناتك الشخصية، فالكلمة تُعْلِن لنا عن ماهية لروح القدس، فقط انظر للرب يسوع؛ لذلك قال الرب يسوع لتلاميذه “اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ” (يو 9:14)

يكره الروح القدس أنْ تتحدث عن أخطاء الآخرين كما يسوع تمامًا، لذا انحنى الرب على الأرض حينما أتوا إليه بالمرأة التي أُمْسِكَتْ في ذات الفعل “ثُمَّ انْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ” (يو 8:8)، كما إنه يبغض أيضًا أنْ تدخل فيما لا يعينك فبإمكاننا أنْ نرى ذلك بوضوح في موقف يسوع حينما سأله بطرس عن يوحنا “فَلَمَّا رَأَى بُطْرُسُ هَذَا قَالَ لِيَسُوعَ: «يَا رَبُّ وَهَذَا مَا لَهُ؟” (يو 12:12) فأجابه الرب “الأمر لا يعنيك” “إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْتَ” (يو 22:21)

شخص الروح القدس لطيفٌ جدًا وهو لا يقتحم الإنسان أو يجعله يقوم بحركات لا إرادية بل عندما يجوع الإنسان له ويفتح قلبه (روحه) يستقبل قوة تؤثر على جسده ولا يستطيع احتماله فيسقط على الأرض وقد يسقط البعض بشكل فجائي مثل سقوط جُنْد الفريسيين عندما أتوا للقبض على الرب يسوع وهذا ما يؤكد أنّ السقوط ليس إثباتًا لاستقبال قوة مِنْ الروح القدس بل هي مُقابَلة روحك مع الروح القدس وبسبب لطف الروح القدس هذا قال الرب يسوع عنه “وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ” (لو 10:12)، فأقنوميّ الآب والابن يقوما بحماية هذا اللطف ويتعاملا مع أي شخص يستهين بلطفه.

  • ترجمة الفاندايك

“فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ فَأَجَابَ الْمَلاَكُ: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا وَهَذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِراً لأَّنهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى الله” (لو 34:1←37).

  • ترجمة الحياة

“فليس لدى الله وعد يستحيل عليه إتمامه” (لو 37:1)

حينما سألت العذراء مريم الملاك: “كيف يحدث ذلك”، أجابها “لأَّنهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ” وتأتي في الترجمة الأصلية أنه لا توجد كلمة من كلمات الله خالية من المفعول وغير قابلة للتحقيق لأن الملاك يتكلم لها بما يراه في السماء.

الروح القدس هو مَنْ يُتمم الكلمة في حياتك؛ لأنه المسئول عن تجسيد وتحقيق الكلمة، وهو أيضًا وراء حدوث المستحيلات في حياتك، لذلك يجب أنْ تعرف كيف يتحرك الروح القدس لأنه حتى الاختطاف سيحدث بطريقة سرّية وتسمع البوق في روحك وليس بصوت مُرْتَفِعٍ كما أنّ المؤمنين المستعدين فقط هم الذين سيسمعونه.

“وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ وَلاَ أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ ثَابِتَةً فِيكُمْ لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ هُوَ لَسْتُمْ أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِهِ. فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي. ولاَ تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ. مَجْداً مِنَ النَّاسِ لَسْتُ أَقْبَلُ وَلَكِنِّي قَدْ عَرَفْتُكُمْ أَنْ لَيْسَتْ لَكُمْ مَحَبَّةُ اللَّهِ فِي أَنْفُسِكُمْ. أَنَا قَدْ أَتَيْتُ بِاسْمِ أَبِي وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي. إِنْ أَتَى آخَرُ بِاسْمِ نَفْسِهِ فَذَلِكَ تَقْبَلُونَهُ. كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْداً بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ؟ وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلَهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟” (يو37:5›44)

لن تستطيع السلوك بالإيمان دون شخص الروح القدس وحينما تنتظر آراء الآخرين عن الموقف، بذلك أنت لا تسلك بإيمان لأنك لا تسمع شهادة الروح القدس، لذلك اخضع له عندما تقتنع بحق كتابي معين، فهناك مَن يجعل الحق قليلًا في حياته بسبب تمسكه برأيه رغم دراسته للكلمة ووضوحها له.

“كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْداً بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ؟” لن تقتنعوا بيَّ لأنكم تقبلون مَدْح بعضكم البعض ولا تطلبون شهادتي، وهذا حال المؤمنين الذين لا يدركون إنهم في هذه الحالة ويتمسكون برأيهم.

  • أشخاص جذبت الرب يسوع لها
  • زكا العشار

“ثُمَّ دَخَلَ وَاجْتَازَ فِي أَرِيحَا. وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ زَكَّا وَهُوَ رَئِيسٌ لِلْعَشَّارِينَ وَكَانَ غَنِيّاً وَطَلَبَ أَنْ يَرَى يَسُوعَ مَنْ هُوَ وَلَمْ يَقْدِرْ مِنَ الْجَمْعِ لأَنَّهُ كَانَ قَصِيرَ الْقَامَةِ. فَرَكَضَ مُتَقَدِّماً وَصَعِدَ إِلَى جُمَّيْزَةٍ لِكَيْ يَرَاهُ لأَنَّهُ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَمُرَّ مِنْ هُنَاكَ. فَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْمَكَانِ نَظَرَ إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا أَسْرِعْ وَانْزِلْ لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ. فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ وَقَبِلَهُ فَرِحاً. فَلَمَّا رَأَى الْجَمِيعُ ذَلِكَ تَذَمَّرُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ دَخَلَ لِيَبِيتَ عِنْدَ رَجُلٍ خَاطِئٍ. فَوَقَفَ زَكَّا وَقَالَ لِلرَّبِّ: «هَا أَنَا يَا رَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهَذَا الْبَيْتِ إِذْ هُوَ أَيْضاً ابْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ”. (لو1:19›10)

كان زكا رئيس للعشارين وكان له هيبة عظيمة ولكنه لم يهتم بهيبته أو منظره أمام الناس وهو يعلم جيدًا أنْ كثيرين سيجتازون مِنْ هذا المكان بل صعد على شجرة الجميز لا لكي يطلب شيئًا بل ليرى يسوع ويعرفه بينما يجتاز مِنْ هذه المنطقة، وهو بذلك وَضَعَ نفسه في وضعية الاستقبال، لذلك وقتما تُخْضِع قلبك للروح القدس وتجوع له صائرًا مَرِّنًا أنتَ بذلك تجعله يلتفت إليك وترى تَدَخُله في حياتك مُعْطِيًا لحياتك طَعْم ومعنى لأن الروح القدس مثل الرب يسوع تمامًا.

لم يتحدث الرب مع زكا في خطيته بل حينما تقابل معه تَغَيّر بالكامل وقال “هَا أَنَا يَا رَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ”.

كان الجميع ينظر له نظرةً بشعة كما إنه كان يعرف إنه منبوذ، أما الرب فَنَظَرَ له على إنه محبوب ومقبول ودخل بيته آكلًا معه؛ لأن المحبة هي التي تُحرر الخطاة وليس أن تقوم بنبذهم، مِنْ هذه القصة نستطيع أيضًا ملاحظة أنْ الروح القدس لا يَفْرِق معه خطاياك بل ما يهمه هو قلبك ومدى جوعك له. والآن اسأل نفسك هذا السؤال “هل تتمسك بصورتك ومنظرك أمام الآخرين وتخشى أنْ توضح لهم تَمَسُكك بالكلمة في عملك، وحتى إنْ أخطأتْ لا يذلك أحد بخطأك هذا؟! إنْ كنت تفعل هذا، فأنتَ في المكان الخاطئ حيث إنك لم تضع نفسك في الوضعية التي تجذب وتلفت انتباه الرب يسوع.

لم يكن الرب يسوع يتحرك بشكل عشوائي، كما إنه كان مُسْتَفِزًا للكتبة وللفريسين ومُسْتَهدَفًا منهم أيضًا، وكل مَن كان يُشْفَى كانوا يجادلونه حتى لعازر حاولوا قتله، فهو كان مصدر قلق لهم ولكنه لم يتحرك بقلق أو شك وقال لهم عندما أتوا للقبض عليه “كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي الْهَيْكَلِ أُعَلِّمُ وَلَمْ تُمْسِكُونِي! وَلَكِنْ لِكَيْ تُكْمَلَ الْكُتُبُ” (مر49:14) وهو مَن سمح للموت بأنْ يسود عليه بإرادته، فلو لم يكن قد سمح له لَمَا تَمَكَّن منه (أقصد الموت) فهو لم يفعل خطية.

“لاَ أَتَكَلَّمُ أَيْضاً مَعَكُمْ كَثِيراً لأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ.” (يو30:14)

قال النقولاويون أنْ الرب يسوع إنسانٌ عاديٌ ويمكنه أنْ يُخطئ وهناك بعض التلاميذ انجرفوا وصدقوا هذا التعليم لأنهم لم يفهموه بشكل صحيح، لذلك سَبَقَ الرب وقال لهم “رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ (إبليس) يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ” حتى لا يعتقدوا اعتقادًا خاطئًا عنه عند صلبه وموته ومُفْتَكِرين إنه مجرد نبي هُزِمَ في النهاية.

 “رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ (إبليس) يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ” هي نَفْس اللفظ الذي استخدمه الروح القدس مِنْ خلال الرسول بولس في أف27:4 “ وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَاناً.وهذا يعني إنه بإمكانك فعلها؛ لأن الرب يسوع فعلها، وأيضًا الذي له فيك وهو الروح القدس.

  • المرأة الكنعانية

“ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدّاً. فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا! فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي! فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ فَقَالَتْ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضاً تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا. حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.” (مت21:15›28)

اعتقد الكثيرون أنْ الرب يسوع صَمَتَ ليُجربها أو يذلها ولكن بالتأكيد خطأ بلهنا الرب يتعامل مع شخصية أممية لأن صور وصيداء في ذلك الوقت هي سوريا الآن وهي لا تؤمن بيهوه إله اسرائيل وبالفعل نجد الرب يكشف لتلاميذه عن سبب صمته “لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ” حينما قالوا له “اصْرِفْهَا لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا! وعندما قال لها “لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ” هو لم يقصد احتقارها لأن لفظ كلابلا يُعْتَبَر شتيمة آنذاك، بل تعني نجسينأي غير مُفْرَزين للرب وهي كانت تفهم ذلك فَهْمًا جيدًا.

 بمجرد إتيانها إليه وسجودها وعبادتها له (سلّمتْ نفسها له)، نرى ذلك واضحًا في قولها “نَعَمْ يَا سَيِّدُ” تجاوب معها في الحال، فَهنا هي أعلنته ربًا وسيدًا لحياتها، فأجابها “يَا امْرَأَةُ عَظِيمٌ إِيمَانُكِ!” فحصلت على ما تُريده وهكذا يفعل معك الروح القدس حينما تُعطيه انتباهك وتركيزك وتجوع له.

 هناك مَنْ يتعامل مع الرب بعواطفه وهذا ليس خطأً في حدّ ذاته، لكن عليك أنْ توجه عواطفك للحق الكتابي الذي تسلك به عن عمد ولا تترك المجال لمشاعرك في استنتاج الأمور بل دَعْ روحك هي مَنْ تقود عواطفك، أَدْرِكْ أيضًا أنْ الرب لا يُعَقِد الأمور بل أنت في الأرض حيث مكان عملك لأنها أُعْطَيت لك.

إنْ كنت تتكلم بطريقة سلبية عن شخص ما وبدأ مَن يرعاك روحيًا يُصَحِحك، لا تتذمر بداخلك قائلًا: “هو يقول ذلك لأنه لا يشعر بما شعرت به ولم يحدث معه ما حدث معي” لأنك في هذه اللحظة أنت لا تنظر له على أنه شخص يتكلم لك كلام الله، لا تنسَ حقيقة إنه صوت الروح القدس لك، لذا اقبل التصحيح ولا تلتمس الأعذار لنفسك وتذكر أنه يتكلم كلام الله لك، اشرح له الموقف كما تشاء ولكن أَدْرِكْ أنك إنْ سلكت بمشاعرك ستحدث نتائج عكسية لأنك قد تُبَرِّر مِنْ أخطاءك مُقَلِّلًا مِنْ أمور رائعة أنت تفعلها وتجرمها وهنا أنت تستخدم موازين خاطئة.

  • الشاب الغني

 “وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلِبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ. فَأَجَابَ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ. فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِيناً لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ. فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَقَالَ يَسُوعُ أَيْضاً: «يَا بَنِيَّ مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! مُرُورُ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّهِ” (مر17:10›27)

كان يجلس بهذه المنطقة ذوي الرتب، وهذا الشاب كان واحدًا منهم، فهو كان رئيسًا “وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ” (لو18:18) وهنا ركض إلى يسوع ليسأله عن طريقة الحصول على حياة الله (زوى)، لم يقصد الرب بعبارة “لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟” الاتضاع كما يعتقد البعض بل ليستفز تفكيره ليعترف به إله وسيد ورب، فأجابه الرب أنْ يعيش الكلمة لأنها أول وأهم الوصايا كما أجاب الناموسيّ الذي سأله “يا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟” (مت36:22) “تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى.” (مت37:22-38)، أجابه الشاب بأنه عاش بكل هذه الوصايا منذ طفولته، فنظر إليه الرب بتمعن وأحبه كثيرًا بسبب تقديره وانتباهه للكلمة. أنت لست في احتياج أنْ تبكي للرب بل فقط انتبه لكلمته.

 “يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ”

هنا يكشف لنا الروح القدس عن سبب مشكلته وهو اعتماده على أمور معينة غير الله وهي أمواله، وهذا يؤكد أنّ الإنسان ليس كتلة واحدة، فربما تعتمد على الله في أمورٍ معينة ولا تعتمد عليه في أمور أخرى، وللآسف انصرف هذا الشاب حزينًا لأن هناك مَنْ أتى ليسوع ويبدو أنه لم يجد حل لمشكلته؛ لأنه ليس مُسْتَعِدًا أنْ يتبعه بالفعل، لذلك العيب ليس في الخدام بل في مَنْ لا يريد السلوك بالكلمة، فلا تخف أنْ تعطي، حيث إنْ الله لا يسلبك بل أنت تعطي لخيرك لأنه سيعوضك أضعافًا.

“حَامِلاً الصَّلِيبَ” كان الصليب في ذلك الوقت هو طريقة الموت وكأنه يقول له استعد أنْ تتبعني حتى إنْ وَصَلَ بكَ الأمر للموت.

حينما قال لهم الرب يسوع “مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! تحير التلاميذ كثيرًا لأنهم يفهمون جيدًا أنّ مَنْ يمشون مع الرب تُسدَّد احتياجاتهم بفيض ووفرة، ولهذا السبب شرح لهم قائلًا: “يَا بَنِيَّ مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! أي المعتمدين على أموالهم وليس الممتلكين للأموال.

“مُرُورُ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!

كان يتم إغلاق المدينة في ذلك الوقت لحمايتها وكانوا يتركون بابًا صغيرًا ليدخل منه مَنْ يأتي متأخرًا، كما كانت الحيوانات تدخل بالكاد من هذا الباب بسبب ضيقه وهذا هو “ِالإبْرَةٍ”، إنْ أردنا التعبير عن المعنى بكلمات أخرى فيمكننا قول: “مرور الجمل من هذا الباب الضيق أسهل من أن يدخل المتكل على ماله إلى ملكوت الله”، فلا تتكل على أي شيء غير الرب سواء كان خبرات أو أموال أو معارف وعلاقات.

غير مستطاع عند الناس أنْ يَخْلُص الشخص ويكون في ذات الوقت مُسدَّد الاحتياجات بفيض ووفرة لكنه مستطاع لدى الله.

  • كيف ينحاز الروح القدس لك؟!

“وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُ الْجُمُوعَ إِذَا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ. فَأَجَابَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتِي؟ ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي. أَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي.” (مت46:12›50)

أنت تضع نفسك في قرابة مع الروح القدس وتجعله ينحاز لك حينما تصنع مشيئته (الكلمة) لأنه لا ينظر للقرابة الجسدية، فالقرابة الحقيقية بالنسبة له هي “من يصنع مشيئته” فلقد مدَّ يده نحو التلاميذ حينما قال “هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي” وليس مَنْ يسمعونه بسطحية.

يتشرف الروح القدس بمَنْ يتتلمذون على يده سامحين للكلمة أنْ تُصححهم واضعينها وَضْع التنفيذ حتى إنْ لم يقتنعوا في البداية ولكنهم يقررون أنْ يدرسوها بعناية قابلينها في داخلهم، ولا يوجد ما يعتقد فيه البعض أن كل شخص له إيمانه فليس هناك إلا حقٌ واحدٌ.

“أَسْجُدُ فِي هَيْكَلِ قُدْسِكَ وَأَحْمَدُ اسْمَكَ عَلَى رَحْمَتِكَ وَحَقِّكَ لأَنَّكَ قَدْ عَظَّمْتَ كَلِمَتَكَ عَلَى كُلِّ اسْمِكَ.” (مز2:138)

نلاحظ أنّ الكاتب يذكر “عَلَى كُلِّ اسْمِكَ” كما قال الرب أيضًا “وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (مت19:28) ولم يَقُل بأسماء الآب والابن والروح القدس. فهو وضع الكلمة في مرتبة أعلى من اسمه أي شخصيته وسُمْعَتِهِ فهو يهتم كثيرًا بمعرفتك لما تقوله كلمته عنه لأن الكل يتفق على أنه قدير ولكنهم غير مختبرين قدرته في حياتهم.

“وَإِذَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أُورُشَلِيمَ سِتِّينَ غَلْوَةً اسْمُهَا «عِمْوَاسُ. وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ بَعْضُهُمَا مَعَ بَعْضٍ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْحَوَادِثِ. وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَحَاوَرَانِ اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا. وَلَكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ. فَقَالَ لَهُمَا: «مَا هَذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟ فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا الَّذِي اسْمُهُ كَِلْيُوبَاسُ: «هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؟ فَقَالَ لَهُمَا: «وَمَا هِيَ؟» فَقَالاَ: «الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ الَّذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ. وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلَكِنْ مَعَ هَذَا كُلِّهِ الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذَلِكَ. بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِراً عِنْدَ الْقَبْرِ وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ فَوَجَدُوا هَكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضاً النِّسَاءُ وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ. فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟ ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ

 وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ. ثُمَّ اقْتَرَبُوا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ إِلَيْهَا وَهُوَ تَظَاهَرَ كَأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ إِلَى مَكَانٍ أَبْعَدَ. فَأَلْزَمَاهُ قَائِلَيْنِ: «امْكُثْ مَعَنَا لأَنَّهُ نَحْوُ الْمَسَاءِ وَقَدْ مَالَ النَّهَارُ». فَدَخَلَ لِيَمْكُثَ مَعَهُمَا. فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا أَخَذَ خُبْزاً وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا فَقَالَ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ: «أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِباً فِينَا إِذْ كَانَ يُكَلِّمُنَا فِي الطَّرِيقِ وَيُوضِحُ لَنَا الْكُتُبَ؟ فَقَامَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ: «إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ!” (لو13:24›34)

توضح لنا قصة تلميذي عمواس أنّ الكلمة أهم من رؤية يسوع شخصيًا، وللآسف لم تكن عيونهم مفتوحة على الكلمة في البداية، ولكن عندما فُتِحَتْ عرفوه.

هناك مَنْ ينظر إلى الأعمال العظيمة وينبهر بها ولكن طريقة الروح القدس أنْ يشرح لك الكلمة مُعَلِمًا إياها لك لافتًا انتباهك إليها كما فعل الرب يسوع بالضبط مع تلميذي عمواس فلقد شرح لهم الكلمة من البداية، وإنْ أردت التفسير الكتابي الصحيح لموضوع ما لابد مِنْ شرح الكلمة بداية مِنْ سِفْر التكوين؛ لأنه الصورة الأصلية التي يريدها الله والرب يسوع نفسه استشهد بسِفْر التكوين حينما سألوه “فَقَالُوا: «مُوسَى أَذِنَ أَنْ يُكْتَبَ كِتَابُ طَلاَقٍ فَتُطَلَّقُ” (مر4:10) فأجابهم “مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ كَتَبَ لَكُمْ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ وَلَكِنْ مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمَا اللَّهُ. مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. إِذاً لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ.” (مر5:10›8)

لا تسمح أنْ يكون ذهنك مُلَوَثًا بأفكار غير كتابية، وإنْ كان لديك أسئلة غير مُجاب عنها لا تتركها دون أنْ تعرف جوابها بداخلك وادرس الكلمة وتتلمذ حتى يُعطيك الروح القدس أسراره، يجب أنْ ننوه أيضًا عن أهمية خضوعك واستماعك للروح القدس؛ فإنْ كان تلميذي عمواس قد تجادلا مع الرب يسوع لَصَمَتَ، وهذا ما يفعله الروح القدس أيضًا لأنه لطيف ولا يقتحمك مثلما فعل الرب يسوع حينما جادله نيقوديموس “كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟” (يو4:3) فأجابه يسوع “الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ.” (يو5:3) أي ما أقوله لك هو الحق ولم يستفض يسوع في مناقشته.

لا تُقلل من الأمور الروحية التي تقوم بها لأنها تبني علاقتك مع الرب، فإنْ لم تُقَدَّر هذه الأمور لن تأخذ أكثر من الروح القدس، لذلك تَتَبّع آثاره واسلك بطريقته. هناك مرحلة ترى آثاره ومرحلة أخرى تراه وأخرى ثالثة يتحرك فيك لأنه صار جزءًا لا يتجزأ منك.

قد تسمع صوتًا يسخر مَنْ رَفْع يدك في العبادة قائلًا لك: “ماذا بعد أن تسبح وترنم؟!” هذه لغة شيطانية، أرفضها، فكل أمر روحي تفعله وكل لسان له معنى قوي وتأثير في عالَم الروح وهو يبني روحك.

  • الروح القدس لا يُدينك

أَدْرِكْ وافهم فِكْر الروح القدس وشخصيته حتى لا تعتقد أنه يُجَرِم شيئًا مُعَيّنًا وهو لا يجرمه أو تعتقد أن هناك أمر صحيح وهو خطأ وهنا هو يشير إليك أن الأمر خطأ ولكنه لا يُبكتك، فَدور الروح في التبكيت غير مُوَجَّهًا إليك كمؤمن، حيث إنه يُبكت العالم فقط “وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ.” (يو8:16) ويشير له على الحالة السيئة التي هو عليها لكي يقبل يسوع، أمّا دوره تجاهك هو أنْ يُشجعك ويُذكرك بالكلمة لكي تنهض.

  • يوحنا المعمدان
  • طوبى لمن لا يعثر فيَ

“فَأَخْبَرَ يُوحَنَّا تَلاَمِيذُهُ بِهَذَا كُلِّهِ. فَدَعَا يُوحَنَّا اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَأَرْسَلَ إِلَى يَسُوعَ قَائِلاً: «أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟ فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ الرَّجُلاَنِ قَالاَ: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ أَرْسَلَنَا إِلَيْكَ قَائِلاً: أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟ وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ شَفَى كَثِيرِينَ مِنْ أَمْرَاضٍ وَأَدْوَاءٍ وَأَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَوَهَبَ الْبَصَرَ لِعُمْيَانٍ كَثِيرِينَ. فَأَجَابَ يَسُوعُ: «اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا رَأَيْتُمَا وَسَمِعْتُمَا: إِنَّ الْعُمْيَ يُبْصِرُونَ وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ وَالْبُرْصَ يُطَهَّرُونَ وَالصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ وَالْمَسَاكِينَ يُبَشَّرُونَ. وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ” (لو18:7›23)

 “أَمَّا يُوحَنَّا فَلَمَّا سَمِعَ فِي السِّجْنِ بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ” (مت2:11)

لم يشك يوحنا المعمدان في هوية المسيح، فهو كان يعرف جيدًا أنه المسيح وهو الوحيد الذي رأى مشهد نزول واستقرار الروح القدس عليه في هدوء الحمامة لكنه كان مُتَعَثِرًا منه لأنه هو الذي عمّده وأَعَدّ له الطريق ولكنه تركه في السجن، وهذا حال المؤمنين الذين يعتقدون إنهم قاموا بأدوارهم ويتهمون الرب بأنه تخلى عنهم.

جدير بالذِكْر أنْ يوحنا سُجِنَ بسبب قيامه بأمور لم تُطْلَب منه }فَإِنَّ هِيرُودُسَ كَانَ قَدْ أَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ وَطَرَحَهُ فِي سِجْنٍ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ أَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ” (مت3:14-4) ومِنْ هنا بدأ يتخبط ويتعثر، وَرَدّ الرب على تلاميذه “اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا رَأَيْتُمَا وَسَمِعْتُمَا إِنَّ الْعُمْيَ يُبْصِرُونَ وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ وَالْبُرْصَ يُطَهَّرُونَ وَالصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ وَالْمَسَاكِينَ يُبَشَّرُونَ. وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ” طوبي لمَنْ يراني إلهًا حيًا ولا يتعثر فيّ، والكثير مِنْ المؤمنين اليوم يتعثرون في الرب بسبب عدم وجود نتائج للكلمة في حياتهم وهم لا يعلمون أنهم الآن يزرعون الكلمة وسيأتي الوقت الذي يحصدون فيه إنْ تمسكوا بها، وليس شرطًا أنْ يتكلم الشخص بالسلب بلسانه على الرب بل هو أمر داخلي.

  • مدح الروح القدس لك

“وَبَيْنَمَا ذَهَبَ هَذَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ لَكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَاناً لاَبِساً ثِيَاباً نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِي بُيُوتِ الْمُلُوكِ. لَكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيّاً؟ نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ.” (مت7:2›9)

تكلم الرب يسوع بطريقة رائعة عن يوحنا رغم تَعَثره، هكذا يكون تقرير الروح القدس عنك حتى إنْ كنت مُتَعَثِرًا فيه، فلا تتعثر فيه وتتخبط حتى تستمتع به، فعندما تتعثر ستتركه لبعض الوقت ومِنْ الممكن أنْ ترجع إليه في النهاية ولكن بعد أنْ تكون قد عانيت كثيرًا، لذلك ارفض أنْ تتخبط مُتَعَثِرًا، وثق فيه حتى في أصعب وأشدّ ظروف حياتك.

  • تجاوب مع الروح القدس

“مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ. «وَبِمَنْ أُشَبِّهُ هَذَا الْجِيلَ؟ يُشْبِهُ أَوْلاَداً جَالِسِينَ فِي الأَسْوَاقِ يُنَادُونَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ وَيَقُولُونَ: زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا! نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَلْطِمُوا! لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ فَيَقُولُونَ: فِيهِ شَيْطَانٌ. جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا” (مت15:11›19)

يصف هنا الأشخاص التي لم تتجاوب معه ويعلق قائلًا: “فعلنا لكم كل ما يمكن أنْ نفعله ولكنكم لم تتجاوبوا”، لذاتجاوب دائمًا مع الروح القدس حتى تصل إلى مرحلة تسير أنت وهو ككيان واحد لأنك عرفت فكره، وهذا لن يتحقق عَبْر أنْ تصلي كثيرًا بل حينما تعرف الكلمة بعناية، صَمِم على أنْ تكون شخصًا دارسًا جيدًا للكلمة لأنها أساسية وقوية ومُعَمِرة وارفض أنْ تكون شخصًا عجولًا مُتعامِلًا مع الكلمة بسطحية مُهْمِلًا دراسة آية معينة لأنك درستها مِنْ قبل بل استقبلها كما لو كنت تسمعها لأول مرة حتى يعمل الروح القدس فيك لأنك قد تُقلل مِنْ تأثيره وتُقاوم عمله في حياتك بسبب إهمالك للكلمة.

يتعجب الروح القدس من الأشخاص التي تسمع الكلمة ولا تفرح أو تُهلل بها.

“وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا”: تظهر الحكمة في مَنْ يدّعون أنّ لديهم حكمة؛ أي إنها ستظهر في حياة كل شخص بحسب إيمانه، بالطبع هناك مَنْ يستخدمون هذا الشاهد ليؤكدوا على وجود الإنسان العتيق ولكن هذا غير كتابي.

خدم الرب يسوع وهو في سن صغير ولم يُنْظَر له على أنه صغير أو قليل الخبرة ومَنْ استهانوا به هُمْ مَنْ لم يعرفوا كيف يستقبلون الكلمات الخارجة مِنْ فمه.

يُبادر الرب دائمًا، ولكن هل أنت مُبادِرٌ ومُتَفاعِلٌ أيضًا أم لا؟! إنْ أردت أنْ يعمل الروح القدس في حياتك، فعليك أنْ تتفاعل معه وتشكره على كلمته مُقَدِرًا إياه بداخلك غير مُعْتَمِد على خبراتك أو شهاداتك وهذا بالتأكيد لا يعني أنْ تلغي عِلْمَك ودراستك لأن الرب سيستخدم ذلك كما استخدم ما تعلمه موسى (يُقال أنّ موسى اشترك في حرب من حروب الفراعنة) في بيت فرعون بالرغم أنه لغى الكثير منه لأن الروح القدس شخص متمرس يعرف أنْ يُخْرِج منك أمورًا رائعة، فلا تنسَ أنّ العشار والصياد والدكتور كانوا مِنْ أتباعه، وهم ذاتهم الذين اُسْتُخْدِموا لإنقاذ وخلاص البشرية.

تفاعل مع التسبيح وقم بعكس آية “زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا” ولا تفكر في الأمور التافه حتى لا تكون حياتك تافه بل فَكِر في الشخص الكبير العظيم الذي يسكنك فهو مَنْ يعطي لحياتك طعمًا وهيبة وكن دائمًا ناظرًا إلى مجد الرب بوجه مكشوف.

“ثُمَّ أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ بِوَدَاعَةِ الْمَسِيحِ وَحِلْمِهِ، أَنَا نَفْسِي بُولُسُ الَّذِي فِي الْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ بَيْنَكُمْ، وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ عَلَيْكُمْ. وَلَكِنْ أَطْلُبُ أَنْ لاَ أَتَجَاسَرَ وَأَنَا حَاضِرٌ بِالثِّقَةِ الَّتِي بِهَا أَرَى أَنِّي سَأَجْتَرِئُ عَلَى قَوْمٍ يَحْسِبُونَنَا كَأَنَّنَا نَسْلُكُ حَسَبَ الْجَسَدِ.” (2كور1:10-2)

يتحدث بولس الرسول إلى أهل كورنثوس قائلًا: “أنا بولس الذين تقولون عنه إنه ذليل حينما يكون معكم ومتجاسر عليكم في رسائله“لأَنَّهُ يَقُولُ: «الرَّسَائِلُ ثَقِيلَةٌ وَقَوِيَّةٌ، وَأَمَّا حُضُورُ الْجَسَدِ فَضَعِيفٌ وَالْكَلاَمُ حَقِيرٌ” (2كور10:10) فلا تضطرونني أنْ أصير جريئًا معكم، كما إنه يوضح لهم أنّ ما يرونه مِنْ ضعف هو صبر ووداعة المسيح، لذلك لا تضطر الروح القدس أنْ يتجرأ عليك بسبب عدم تقديرك له، وهنا لم يسلك بولس بالجسد بل هي كلمات تحت المسحة وهو اضطر في وقت ما أنْ يُسَلٍم شخصًا منهم لإبليس حتى لا يفقد خلاصه.

  • اعتمد على الروح القدس

“وَحَدَثَ بَيْنَمَا كُنَّا ذَاهِبِينَ إِلَى الصَّلاَةِ أَنَّ جَارِيَةً بِهَا رُوحُ عِرَافَةٍ اسْتَقْبَلَتْنَا. وَكَانَتْ تُكْسِبُ مَوَالِيَهَا مَكْسَباً كَثِيراً بِعِرَافَتِهَا. هَذِهِ اتَّبَعَتْ بُولُسَ وَإِيَّانَا وَصَرَخَتْ قَائِلَةً: «هَؤُلاَءِ النَّاسُ هُمْ عَبِيدُ اللهِ الْعَلِيِّ الَّذِينَ يُنَادُونَ لَكُمْ بِطَرِيقِ الْخَلاَصِ. وَكَانَتْ تَفْعَلُ هَذَا أَيَّاماً كَثِيرَةً. فَضَجِرَ بُولُسُ وَالْتَفَتَ إِلَى الرُّوحِ وَقَالَ: «أَنَا آمُرُكَ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا». فَخَرَجَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ.” (أع16:16›18)

لا يبدو مِنْ وجهة النظر الطبيعية أنّ تلك الجارية بها روح شرير حيث إنّ كلماتها كانت تبدو كدعاية لبولس، قام بولس بتركها لأيام، وهذا بالتأكيد لا يعني إنه خُدِعَ بل حينما ميَّز في روحه وجود روح شرير بها، سلك بالاستنارة وانتهره وأمره بالخروج منها وهذه هي إشارة الروح القدس له فهو لم يعتمد على أي إظهارات أو علامات كإثبات لخروج الروح منها.

يكشف لك الروح القدس الأمور التي تبدو روحية من الخارج، أنت لا تتحرك في الحياة بسياسة الأبواب المفتوحة والمُغلقة لأنك قد تعتقد أن الرب أغلق بابًا معينًا في حين أنّ إبليس هو مَنْ فعل ذلك والعكس صحيحًا أو ربما تعتمد على العلامات مما يجعل إبليس يدخل إلى حياتك ويُخربها. أنت من يفتح أو يغلق وليس الله والدليل على ذلك أن الرب فتح باب الخلاص للجميع ولكن هناك من أغلق الباب على نفسه بعدم قبوله ليسوع. إن كنت لا تعرف الحق الكتابي، ستتزعزع مع ظروف الحياة ولن تستقر.

منع الروح القدس بولس أن يُكرز بالإنجيل في فريجية “وَبَعْدَ مَا اجْتَازُوا فِي فِرِيجِيَّةَ وَكُورَةِ غَلاَطِيَّةَ مَنَعَهُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالْكَلِمَةِ فِي أَسِيَّا” (أع6:16)، فهو لم يتبع سياسة الأبواب المفتوحة رغم أن أخر كلمات الرب للتلاميذ “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ” (مت19:28) لكنه اتّبع سياسة التشفع مِنْ أجل جميع الأمم حتى تصير مُعدَّة لاستقبال الكلمة عندما يُكْرَز لهم وهذا ما يوضحه بولس الرسول في م19:4″يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضاً إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ” فهو تشفع مرة مِنْ أجل أن يولدوا مِنْ الله ويتشفع مرة أخرى ليتغيروا إلى تلك الصورة عينها.

ليس كل حق كتابي يُعَلَّم في كل مكان وهذا ما كان يفعله بولس، فنجده يتكلم إلى أفسس وكولوسي بنَفْس الرسالة ولكنه قال في رسالته لأهل أفسس “أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ” (أف22:4) وهنا يقول لهم “أن يخلعوا” أما في كولوسي قال “اذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ اعْمَالِهِ،” (كو9:3) لأنهم تعلموا أن يتوقفوا عن التصرف بالجسد، تكلم أيضًا إلى أفسس عن سلاح الله الكامل في حين أنه تكلم عن مدى الانتصارات في كولوسي وذكر أمورًا عميقة في رسالته لأفسس لم يذكرها في كولوسي؛ لأن احتياج كل منهم مختلف عن الآخر.

سياسة الأبواب المفتوحة هي سياسة الأطفال روحيًا وتنجح في بداية حياتك الروحية فقط؛ لأن الرب يتعامل معك كطفل وينزل لمستواك الروحي لكنها ليست طريقته المُعْتادة، حينما ظهر الرب لموسى في العليقة، لم يُذَكِّره بقتله للمصري رغم أنه يكره القتل وسفك الدماء بل تكلم معه عن المهمة التي عليه إتمامها، فموسى تعامل بجهل والرب يتغاضى عن أزمنة الجهل لكن حينما ضرب الصخرة “وَرَفَعَ مُوسَى يَدَهُ وَضَرَبَ الصَّخْرَةَ بِعَصَاهُ مَرَّتَيْنِ فَخَرَجَ مَاءٌ غَزِيرٌ فَشَرِبَتِ الجَمَاعَةُ وَمَوَاشِيهَا” (عد11:20) في حين إنه كان مِنْ المُفترض أن يُكلمها “خُذِ العَصَا وَاجْمَعِ الجَمَاعَةَ أَنْتَ وَهَارُونُ أَخُوكَ وَكَلِّمَا الصَّخْرَةَ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ أَنْ تُعْطِيَ مَاءَهَا فَتُخْرِجُ لهُمْ مَاءً مِنَ الصَّخْرَةِ وَتَسْقِي الجَمَاعَةَ وَمَوَاشِيَهُمْ” (عد8:20)، كانت النتيجة ضخمة هذه المرة لأنه أصبح ناضجًا روحيًا، ووقتها قال الرب له : “«مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمَا لمْ تُؤْمِنَا بِي حَتَّى تُقَدِّسَانِي أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي إِسْرَائِيل لِذَلِكَ لا تُدْخِلانِ هَذِهِ الجَمَاعَةَ إِلى الأَرْضِ التِي أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا” (عد12:20) فإكرام الرب يكون الرب عبر فِعْل مشيئته وما يقوله لك وليس أن تحدث معجزة فعندما ضرب موسى الصخرة أخرجت ماء ولكن لم يكن الرب راضيًا عن هذا.

لا تعتقد أن ذلك تعقيد للحياة الروحية بل هو معرفة واستنارة فإنْ لم تخضع لها، ستُخطئ ومِنْ المُحْتَمَل أنْ لا يكون هناك تغاضي عن الجهل وتجد إبليس مُسْتَغِلًا الفرصة مُخَرِبًا حياتك، لذلك ادرس الحق الكتابي لأن الروح القدس يتكلم لك من خلال كلمته.

  • قَدِّر الروح القدس

الروح القدس هو مَنْ كان يظهر للناس في العهد القديم، وهو شخص له يدان ورجلان ورأس، فهو ليس حمامةً أو زيتًا أو سائلًا كما وَصَفَه البعض، فعندما قال يوحنا “وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ بِكَ سُرِرْتُ!” (لو22:3)، كان يقصد طريقة نزوله مثل الحمامة في هدوئها وليس هيئته كالحمامة، فإنْ كان قد قال عليه إنّه حمامة لرجمه اليهود؛ لأنه شَبَّه الله بحيوان.

“إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَذْكُرُ. تَسَابِيحَ الرَّبِّ. حَسَبَ كُلِّ مَا كَافَأَنَا بِهِ الرَّبُّ وَالْخَيْرَ الْعَظِيمَ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَافَأَهُمْ بِهِ حَسَبَ مَرَاحِمِهِ وَحَسَبَ كَثْرَةِ إِحْسَانَاتِهِ. وَقَدْ قَالَ حَقّاً: «إِنَّهُمْ شَعْبِي بَنُونَ لاَ يَخُونُونَ (يكذبون)». فَصَارَ لَهُمْ مُخَلِّصاً. فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ (الروح القدس) خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ وَلَكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوّاً وَهُوَ حَارَبَهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ الأَيَّامَ الْقَدِيمَةَ: مُوسَى وَشَعْبَهُ. «أَيْنَ الَّذِي أَصْعَدَهُمْ مِنَ الْبَحْرِ مَعَ رَاعِي غَنَمِهِ؟ أَيْنَ الَّذِي جَعَلَ فِي وَسَطِهِمْ رُوحَ قُدْسِهِ” (إش7:63-11)

“وَقَدْ قَالَ حَقّاً: «إِنَّهُمْ شَعْبِي» تأتي في الترجمة الأصلية إنهم بنون حقيقيون لا يكذبون”، فذاقوا الخلاص في حياتهم، لذلك عندما تصبح بكل قلبك للرب، ستذوق خلاصه في حياتك.

فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ” يتعاطف الروح القدس معك ويشعر بك عند اجتيازك في ضيق وأُطلق عليه “وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ” لأنه مُرْسَل مِنْ الله لك، فهو المسئول أن يجعل حضور الله حقيقة في نظرك مُجَسِدًا الكلمة لك لافتًا انتباهك إليها وهو أيضًا مَنْ يجعل يسوع حقيقة في نظر الخاطئ الذي تُكرز له، فيقبله ربًا وسيدًا على حياته والدليل هو “وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ” هو الروح القدس “وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ“.

“فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوّاً وَهُوَ حَارَبَهُمْ” مِنْ الممكن أنْتجعل الروح القدس يقف ضدك بمعنى أن لا تجد اللمسة الإلهية في حياتك، وذلك عندما تستهين به ولا تكن حقيقيًا في علاقتك معه وتسلك أحيانًا بمبادئ إبليس وأحيانًا أخرى بمبادئ الرب أو قد تُضيف بعض التدين مثل أن تصوم لكي يستجيب الله لصلواتك وهذا ما وقف ضده بولس الرسول حينما قال “قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ” (غل4:5) وهو يرسل رجال الله لتحذيرك ولكن عدم استجابتك تضعك تحت إبليس وتجد حياتك تمتلئ بالمشاكل نتيجةً لاستهانتك.

“يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا وَلَمْ تُرِيدُوا” (مت37:23)

وقف الرب يسوع ضد أورشليم التي يعشقها؛ بسبب عدم إيمانها ووقوفها في عداوة معه بعد أن أرسل أنبياءً لهم مِنْ أجل خلاصهم، لهذا السبب لا تستهن بلطف الروح القدس فربما لا ترى نتائج فورية لاستهانتك بسبب سلوكك بحواسك الخمس، حينئذ سيتكلس قلبك وهذا ما جعل يهوذا الإسخريوطي لا يرى نتيجة ما يفعله حتى أسلم يسوع لليهود.

  • إحزان الروح القدس

“وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هَكَذَا إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ (روحكم تُجدد ذهنكم)، وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ (الإلوهية). لِذَلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ، لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ. اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَاناً. لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلاً الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ. لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحاً لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ. وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ.” (أف 20:4←30)

“اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ” هناك مَنْ يعتقد إنها تعني يغضب دون أن يُخطئ، وبالفعل غضب الرب يسوع غضبًا مُقَدَسًا دون أن يُخطئ لكن هذا ليس المقصود في هذا النص، فتلك الآية مقتبسة مِنْ مز4:4″اِرْتَعِدُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. تَكَلَّمُوا فِي قُلُوبِكُمْ عَلَى مَضَاجِعِكُمْ وَاسْكُتُوا. سِلاَهْ.والمقصود بها أنْ تثور على حياتك ولا تُخطئ بأن تؤجل تلك الثورة إلى الغد.

لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحاً لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ.أنت تعطي نعمة للسامعين حينما تتكلم الكلام الصحيح في الوقت الصحيح، لذلك إنْ كنت ترعى شخصًا، لابد أنْ تكلمه بما يُسَدِد احتياجه.

وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاء” ما يُحْزِن الروح القدس هو أن تتكلم كلمات غير متوافقة مع روحك وطبيعتك الجديدة، وما يُفْرِحه هو اعترافك بالكلمة وسلوكك بها.

  • ما يَسِرُّ الروح القدس

“وَبَعْدَ ذَلِكَ عَيَّنَ الرَّبُّ سَبْعِينَ آخَرِينَ أَيْضاً وَأَرْسَلَهُمُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلَى كُلِّ مَدِينَةٍ وَمَوْضِعٍ حَيْثُ كَانَ هُوَ مُزْمِعاً أَنْ يَأْتِيَ” (لو1:10)

هذه استراتيجية لإعداد تلك المدن حتى تستقبل الكلمة مِنْ يسوع، كذلك أنت أيضًا عليك أن تُعِدّ مَنْ ترعاهم بالطريقة ذاتها لكي يستقبلوا الكلمة في الاجتماعات.

“فَرَجَعَ السَّبْعُونَ بِفَرَحٍ قَائِلِينَ: «يَا رَبُّ حَتَّى الشَّيَاطِينُ تَخْضَعُ لَنَا بِاسْمِكَ فَقَالَ لَهُمْ: «رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ سَاقِطاً مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ. هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَاناً لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُّوِ وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ. وَلَكِنْ لاَ تَفْرَحُوا بِهَذَا أَنَّ الأَرْوَاحَ تَخْضَعُ لَكُمْ بَلِ افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ. وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ وَقَالَ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هَذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ وَالْتَفَتَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي. وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ الاِبْنُ إِلاَّ الآبُ وَلاَ مَنْ هُوَ الآبُ إِلاَّ الاِبْنُ وَمَنْ أَرَادَ الاِبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ كَثِيرِينَ وَمُلُوكاً أَرَادُوا أَنْ يَنْظُرُوا مَا أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَلَمْ يَنْظُرُوا وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا ” (لو17:10←24)

هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَاناً لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُّوِ وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ” إبليس ليس له فيك شيئًا ولا يقدر أن يضرك، لذلك لا تخف منه إن أخرجت روحًا شريرًا مِنْ أحد، فلا تعطيه اهتمام أو ترش دم يسوع على حياتك أو تكسر حصونًا فهذا غير كتابي، أنت لم تَعُدْ في احتياج لكل هذا، فقط لا تعطِ لإبليس مكانًا في حياتك، بالإضافة إلى إنك إنْ رجعت لشريعة رش الدم تجد أنه لم يكن مسموحًا للكاهن أو أي شخص آخر سوى رئيس الكهنة برش الدم، ولهذا السبب يسوع (رئيس الكهنة) هو الوحيد الذي كان بإمكانه أن يفعل ذلك وقد فعله من أجل الكهنة (المؤمنون).

ليس هناك احتياج أنْ ترش الدم؛ لأنك بداخل الحضور الإلهي وأنت في حماية بالفعل طالما تسلك بالمحبة والإيمان، فسلوكك بالخوف، يُفَعِّل عَمْل إبليس سامحًا له بالدخول في حياتك، ما تحتاجه هو إعلانك إنك في شركة جسد الرب ودمه عن طريق موته وقيامته.

ما يُخيف المؤمنين مِنْ إبليس، هو عدم معرفتهم بمبادئ الكلمة وشعورهم بعدم القدرة على التحكم فيه وإنه قد يدخل حياتهم فجأة ويُخربها ناسين أنّ الروح القدس يقول لنا من خلال بولس الرسول “لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ” (2كور11:2)، أنت مُتَسيِّد ومَلِك في هذه الحياة، انتقلت مِنْ مملكة الظلمة إلى ملكوت الله وهذا لا يعني عدم مواجهتك للتحديات بل ضمان انتصارك مهما واجهت مِنْ صِعاب، فستصير المشكلة ضخمة وعسرة طالما أعطيتها هذا الحجم، لنضرب مثالًا لمزيد مِنْ الفَهْم؛ إنْ حزنت عند سماعك لخبر سلبي، هذا يعني أنك لا تسلك بالكلمة بل تسلك بخوف والحل هو سلوكك بإيمان في مواقف الحياة.

وجودك على الأرض لا يعني أنّ إبليس يستطيع أنْ يفعل ما يحلو له او إنه له أحقية فيك “قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ” (يو33:16) أنت تغلب بالكلمة لأنك إن كنت تسكن في ستر العلي (الكلمة)، تبيت في ظل القدير (الحماية الإلهية) وهذا ما جعل الرب يسوع يقول للتلاميذ “وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ“، قد توجد أمور تغلبك الآن بسبب عدم معرفتك بمبادئ الكلمة ولكن كن مُدْرٍكًا إنه سيأتي اليوم الذي تعرف فيه مبادئ الكلمة في جميع الزوايا وتصير صَلِبًا وتغلب هذه الأمور وتصل إلى المرحلة التي تَكَلَم عنها الكتاب ألا وهي عدم إعطاء إبليس وطأة قَدَم في حياتك، هللويا.

لا تعتقد في قدرة إبليس بسبب طول عمره على الأرض وأنك لن تقدر عليه؛ لأن الروح القدس اتخذ مِنْ جسدك هيكلًا له وحينما تدرك هذه المهابة، سيهابك كل مَنْ يراك أو يتعامل معك، يُعْتَبَر موسى مثالٌ؛ فكان مِنْ الممكن أن يأمر فرعون بقتله حينما أمره أن يُخرج الشعب لكنه لم يفعل ذلك بسبب هيبته وأيضًا كان مِنْ الممكن أنْ يُضْرَب يسوع عند إخراجه للصيارفة ومَنْ يبيعون ويشترون خارج الهيكل، فَما استطاعوا فَعْلَه هو قولهم له “بأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هَذَا وَمَنْ أَعْطَاكَ هَذَا السُّلْطَانَ حَتَّى تَفْعَلَ هَذَا؟” (مر28:11) بسبب هيبته.

 أيضًا عندما أتى الجنود للقبض على يسوع، قال لهم “كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي الْهَيْكَلِ أُعَلِّمُ وَلَمْ تُمْسِكُونِي!” (مر49:14) وهم تمكنوا مِنْ القبض عليه لأنه سمح بذلك بقوله “وَلَكِنَّ هَذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ” (لو53:22) كما إنه لم يرثِ لذاته بل قال لمَنْ بكى عليه “يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ لاَ تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ” (لو28:23) لأنها ليست طريقة تفكير الكلمة.

يجعلك الروح القدس تثق في نفسك وما يفعله فيك فتصير تُقَدِّر وتهاب نفسك، أنت خُتِمْتَ بالروح القدس “إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ،” (أف13:1) وهذا يُشبه المُنْتَج الذي تمّ اختباره وخُتِمَتْ عليه إدارة الجودة أنه صالح للاستخدام، كذلك الروح القدس ختمك بمعنى إنك قادر على التعامل مع مواقف الحياة بغلبة ونصرة، لذلك توقف عن استخدام كلمات مثل “لا أستطيع“، “لن أقدر”، ” هذا الشيء مستحيل”…إلخ.

تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ” تأتي في الترجمة الأصلية أنه قفز وصاحوصفق، كان له مشاعر ويستخدمها بشكل صحيح.

“وَمَنْ أَرَادَ الاِبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ” هو لا يعلن الحق للجميع بل لأشخاص مُحَدَّدة رغم أن الكتاب مع الجميع إلا إنه يتعامل مع مَنْ يهتم بالكلمة ويدرسها ويُقدرها.

ما يُسِرُّ الآب هو سلوكك بمبادئه الموجودة في كلمته وأن ترى عالَم الروح، فَمَا كان يُفْرِّح يسوع هو أنْ يرى التلاميذ يعيشون بنَفْس المستوى الذي يعيشه، وإنْ كنت تفرح بأمور في العالَم، ستأتي أمور أخرى وتُحزنك لكن الفرح الذي يأتي مِنْ الكلمة لا يتغير أو ينتهي.

  • إطفاء الروح القدس

“اِفْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ. لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ. امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ. اِمْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرٍّ. وَإِلَهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (1تس16:5-23)

إطفاء الروح القدس لا يُعْني نَزْعه مِنْ داخلك كما يعتقد البعض، فهناك مَنْ يخشون أنْ يُنْزَع الروح القدس منهم إنْ لم يصلوا بألسنة لوقت طويل.

لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ” تُحدد الصيغ في اللغة اليونانية أي مبتدأ يقصده، هل هو المبتدأ المذكور قبلها بعَشْر جمل أم مُبتدأ متأخر؟!، ينطفئ الروح نتيجة احتقار النبوات والنبوة هي الوعظ وليس الإخبار بالمستقبل، وبالطبع عليك أنْ تمتحن كل وعظ تسمعه لأن هناك وعظ خطأ مُنْتَشِر بكثرة، يجب أنْ تتمسك بالتعليم الصحيح فقط، وامتنع عن كل شبه شر بمعنى ابتعد عن كل ما يبدو رائعًا في العظات وهو في الحقيقة تعليم غير سليم، كما إنها تأتي في ترجمات أخرى التخيلات السلبية التي يرسمها لك الوعظ والتي ترسم حياتك بطريقة سلبية. احذر أيضًا أنْ تزرع أرضك صنفين بقبولك لخليط من التعاليم المتناقضة حتى لا تُدَمِر حياتك.

  • معنى الاحتقار

 الاحتقار ليس بالضرورة أنْ يعني السخرية مِن الكتاب المقدس بطريقة ظاهرة بل هو أيضًا يعني تجاهل الكلمة الحية التي تسمعها في العظات مما يؤدي إلى توقف عمل الروح في حياتك دون أن تدري.

لا يكن الاحتقار علانيةً فَحسب بل داخليًا أيضًا، على سبيل المثال؛ ربما تكون مِنْ مُرَدِدي هذه العبارات هذا الكلام ليس عمليًا” “هذا كلامٌ يحتوي على نسبة مِنْ الخطأ” وما شابه هذا، هذا إحدى صور الاحتقار، إن شعرت بذلك ابدأ في طرح أسئلتك إن كنت حقًا تريد أنْ تتعلم، فهناك مَنْ يسأل أسئلة كتابية ولكنه لا يريد أنْ يتعلم وقد يكون لديه مجموعة مِنْ الأسئلة يسألها لكل خادم يتقابل معه وفي النهاية هو لا يدرس الكلمة بنفسه ليكتشف الحق الكتابي “يَتَعَلَّمْنَ فِي كُلِّ حِينٍ، وَلاَ يَسْتَطِعْنَ أَنْ يُقْبِلْنَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ أَبَداً.” (2تي7:3).

ما يثبط عمل الروح القدس في حياتك هو احتقارك للكلمة ومبادئها، الوعظ، خدام الرب، لذلك لا تشعر بالملل حينما يقول الواعظ قف وارفع يدك وسبح الرب بل اخضع حتى إنْ كان الأمر غريب عليك كما حفظت في وقت جدول الضرب وبدا الأمر غريبًا بالنسبة لك في البداية، ولكن عرفت فائدته فيما بعد. على سبيل المثال، قد يقول لك مَنْ يرعاك روحيًا أنْ تدرس سلسلة معينة مِنْ العظات وأنت تريد أنْ تدرس سلسلة أخرى، ففي هذه الحالة اخضع لِمَا يقوله لك ولا تكن مثل المريض الذي يذهب للطبيب ويشخص حالته غير مُقْتَنِع بتشخيص الطبيب فيذهب لطبيب آخر.

لم يكن اختيار يوم الخمسين صدفة بل استراتيجية مِنْ الروح القدس لأنه كان عيد عند اليهود ويحضره عددٌ كبيرٌ مِنْ اليهود وكان اختياره لرِبْح أكبر عدد للمسيح، فهو يُسمى اختبار الملء وليس اختبار الخمسين.

كن جادًا مع الروح القدس وأعني ما تقوله وقُلْ ما تعنيه. على سبيل المثال، لا تقل “إن شاء الرب” مُسْتَنِدًا على يع15:4 “عِوَضَ أَنْ تَقُولُوا: «إِنْ شَاءَ الرَّبُّ وَعِشْنَا نَفْعَلُ هَذَا أَوْ ذَاكَ” لأنها قيلت عن أناس تعساء لا يسلكون بالكلمة وبالتالي هم لا يضمنون عمرهم، فيقول لهم الرسول قولوا أولًا “إن شاء الرب وعشنا، سنفعل ذلك”.

حينما تسلك مع الروح القدس، ستثق في نفسك وتتأكد في داخلك مِنْ إنك تسلك بطريقة صحيحة وتخطو خطوات جريئة ليس بها شك وتصير حياتك مستقرة وتتحرك بجراءة يسوع على الأرض الذي عندما اجتمعوا عليه ليقتلوه، اجتاز في وسطهم، إنْ خزنت الكلمة في روحك وبدأت مبادئها تدخل حياتك ستدرك حقيقة كل موقف، فتدرك أنْ المرض ليس سببًا في موت أحد اقربائك بل السبب الحقيقي هو عدم معرفته بالكلمة.

“ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَمَضَى مِنَ الْهَيْكَلِ فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ لِكَيْ يُرُوهُ أَبْنِيَةَ الْهَيْكَلِ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا تَنْظُرُونَ جَمِيعَ هَذِهِ؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ هَهُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!” (مت1:24-2)

كان التلاميذ مُنبهرين بمنظر الهيكل ولكن لم ينبهر الرب يسوع به؛ لأنه يرى حقيقة الأمور فَنَجِدَهُ يقول لهم “إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ هَهُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!” لم يقل ذلك لأنه شخص كئيب بل لأنه لا ينبهر بما ينبهر به الآخرين ويرى المواقف بالمقاييس الصحيحة وهذا ما سيحدث معك أنتَ أيضًا.

هنا تتعاطف مع الناس في الأوقات الصحيحة؛ إن كنت تساعد شخصًا ما لمدة سنة كاملة وربما تحرم نفسك حتى تعطيه المال وتجده اشترى سيارة فجأة، فلا تشعر بأنك خُدِعْتَ، فليس شرطًا أنْ يكون ذلك صحيحًا؛ لأنه قد يكون تَعَلّم الكلمة ومارس إيمانه واقتنى السيارة وهنا تستطيع أن ترى حقيقة الموقف لأنك تتحرك بمبادئ كتابية وليس مشاعر.

معنى سلوكك بمبادئ وليس بمشاعر إنك تدرس ما تقوله الكلمة في كل موضوع وتجعلها طريقة تفكيرك ومبادئك وبالتالي تصير مُسْتَعِدًا لمواجهة المواقف مثل داود الذي كان مُسْتَعِدًا دائمًا للمواقف “إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذَلِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ.” (مز3:27) وليس أنْ تنتظر مواجهة موقف معين كمرض مثلًا حتى تدرس عن الشفاء، فهذا يُشبه أنْ لا تنظف حجرتك لمدة طويلة مُنْتَظِرًا إلى أنْ تقفز الحشرات عليك وأنت نائم حتى تشعر باحتياجك لتنظيفها.

  • كيف يعمل الروح القدس في حياتك؟!

يعمل الروح القدس عَبْر أنْ تُكرمه، وتُقدره، مُحْتَرُمًا طرقه مُقَدِرًا ما يصنعه في حياتك؛ إحساناته وكلماته وأفكاره لك.

“لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهِ” (مر4:6)

لا تعتد على سكنى الروح القدس فيك لأنك سمعت منذ طفولتك عن سكناه فيك ولكن أدرك معنى ذلك أنّ يده صارت في يدك ورجليه في رجليك وهو يستخدم أذنك وفمك وعينك ويُطلق قوته مِنْ خلالك حينما تنفتح عليه عَبْر تفكيرك فيه وتقديرك له، لذلك فَكِرْ فيه دائمًا، إنه ينظم لك وقتك وحياتك، ولا تستخف به لأنك لا تشعر حسيًا به، كن مُدْرِكًا أيضًا أنك صرت في حالة أفضل وأكثر ميزاتٍ مِنْ التلاميذ؛ لأنه يسكن فيك.

المحبة ليس أنْ تعطي فقط بل أنْ تأخذ وتستقبل أيضًا، كان هناك مَنْ يُساعد الرب يسوع ماديًا، لذا أنت تستطيع أنْ تستقبل الكلمات الإيجابية مِنْ الآخرين وتُصدقهم وتخضع للرؤساء والسلاطين وتُقدر مَنْ يحرسون البلد بينما أنت نائم في بيتك ولا تكن ثائرًا على بلدك، يجعلك الروح القدس أيضًا تفكر بطريقة روحية في الأمور وإنْ كنت تشعر باستعباد لخطية معينة، ستدرك أنك غير مستعبد لها وأنك فقط تحتاج أنْ تُغير طريقة تفكيرك مُكْتَشِفًا سهولة الأمر، فعندما تدخل مبادئ الكلمة حياتك، تصير حرًا تمامًا.

كل ظهورات العهد القديم لشخص الروح القدس وليس يسوع كما يعتقد البعض، الروح القدس هو شخص له يدان ورجلان، “رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ.” (يو17:14) أنت تحتاج أنْ ترى الروح القدس وتعرفه مِنْ خلال الكلمة لكي تستمتع به.

  • كلماتك هي استعلان إمّا للروح القدس أو الأرواح الشريرة

“قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟ فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. (مت15:16-17)

“مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيراً مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَيُقْتَلَ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ. فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلاً: «حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هَذَا! فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ”(مت21:16-23)

أنت لا تستطيع أنْ تفصل إنسانًا عن كلماته، فكلماتك هي استعلان أمّا للروح القدس أو الأرواح الشريرة، لهذا السبب يُعَد التَكَلُم بألسنة أمرًا في غاية الأهمية؛ لأنه استعلان للروح القدس على جسدك، سمح بطرس للروح القدس أنْ يتحدث على فمه “أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ” ثم سمح للأرواح الشريرة أيضًا أنْ تتحدث مِنْ خلاله “فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلاً: «حَاشَاكَ يَا رَبُّ!” افهم هذا؛يقاوم إبليس كل ما هو حق، وهو دائمًا يريد أنْ يقتل، لكنه هذه المرة قاوم فكرة موت يسوع وهذا دليلٌ على جهله بالمستقبل.

لم ينتهر بطرس الرب يسوع بسبب حبه له بل بسبب دوافعه الخاطئة، والدوافع هي قوة خفية تدفعك لفِعْل شيء معين وعلاجها ليس التوقف عن تلك الأمور بل الحل الجذري هو تغيير طريقة التفكير الخاطئة وهنا كشف الرب يسوع عن هذه الدوافع “أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ” ودافعه كان الشهرة حيث إنه يتبع السيد لكي يملك أي منفعة شخصية. كان بطرس لديه خليط مِنْ الأفكار: لأن الإنسان ليس عبارة عن سبيكة واحدة بمعنى أنه ربما تكون لديه أفكار صحيحة في زوايا وأفكار خاطئة في زوايا أخرى، ووقتها لابد مِنْ إدخال الكلمة بمبادئها في تلك الزوايا التي تفتقر للكلمة حتى لا تُدَمَّر حياتك.

لم يكن بطرس ملبوسًا بروح شرير ولكنه خضع في ذلك الوقت لإبليس، إنْ كنت تفكر أفكارًا سلبية عن الآخرين، أنت بذلك تُخْضِع نفسك لإبليس، أيضًا الاستهانة بالكلمة لا تعني استحقارها بل احتقار مبادئها واعتبارها إنها آراء وليست مبادئ إلهية، يُدربك الروح القدس ويعمل فيك لكي تريد وأن تعمل من أجل مسرته لكي تختار مبادئه بإراداتك وبسلاسة وسهولة، لذلك لن يحدث الاختطاف بشكل تلقائي بل سيُخْتَطَف المؤمنون المستعدون فقط، وهذا ليس عقابًا مِنْ الرب بل بسبب عدم تعاون البعض مع الروح القدس.

“أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ. أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً.” (لو1:4-2)

“وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ الرُّوحُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُهُ.” (مر12:1-13)

أَخْرَجَهُ” تأتي في الترجمة الأصلية “جرى على البرية”، الروح القدس هو مَنْ كان يُحركه مُتَهَلِلًا، بالتأكيد الروح القدس ليس السبب في التجربة بل كان مِنْ الضروري أنْ يواجه يسوع إبليس على الأرض، هذا ما يشبه الآتي؛ في البداية يعيش الطفل مع أبيه وأمه ثم تأتي مرحلة يتركانه يختلط فيها بأصدقائه في المدرسة وإنْ ضايقوه في شيء، هذا لا يعني أنّ الأب والأم السبب في تلك المضايقة.

سمح الروح القدس للرب أنْ يواجه التجربة والوحوش أي الحيوانات المفترسة؛ لأنه كان مِنْ الضروري أنْ يغلبهم ويستطيع السيطرة على جسده ويصير في شراكة مع الروح القدس، كما أنّ الروح وقف معه وساعده حتى يُدربه ليكون قائدًا مؤثرًِا حيثما ذهب، فكان لابد أنْ يُدَرَّب أولًا، لكنه لم يرسل التجربة له وكذلك لا يرسل التجربة لك بل يرى أنّ الموقف في مستواك الروحي وتستطيع أنْ تجتازه بنجاح وهو بالطبع يُعطيك المخرج.

يُعِدَّك الروح القدس ويُجهزك قبل أنْ تجتاز في الموقف، فلا توجد مفاجآت في حياتك، هناك مواقف مختلفة تجتاز فيها ولكن إبليس يستخدم فيها نَفْس الاستراتيجية وأنت ستعلم جيدًا أنّ إبليس السبب في هذه المواقف، فلن تتساءل كثيرًا وستعرف كيف تتعامل معها بحكمة الروح القدس وتُحَرِك الملائكة لخدمتك وهذا ما قاله الرب يسوع للتلاميذ “أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟” (مت53:26)؛ لذلك تستطيع أنت أيضًا أنْ تأمرهم.

لم ينجذب الرب يسوع لشهوته، وبالتالي لم يسقط في التجربة كما تذكر الكلمة في يع14:1 “وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ” بل هي تجربة تحطيمية لدعوته، وبالتالي جعله الروح القدس يواجهها، يحمي الروح القدس المؤمن ولكن هناك مواقف لابد أنْ يواجهها المؤمن بنفسه، فعندما أيقظ التلاميذ الرب يسوع قائلين له “يَا مُعَلِّمُ أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟” (مر38:4) أجابهم “مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هَكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟” (مر40:4) وكأنه يقول لهم: “لماذا لم تفعلوا شيئًا مع الريح؟”، خلاصة الأمر هي لا يمنعك الروح القدس مِنْ مواجهة التجارب بل سيكون معك فيها ويعمل معك بشكل تدريجي.

كان يسوع يحيا بالروح القدس، كذلك يُسْتَعٍلَن الروح القدس على فمك حينما تُعطيه مساحة في ذهنك وأفكارك، لذا لا تهمل الأفكار لأنها المدخل الذي يُسْتَعٍلَن مِنْ خلاله إبليس أو الروح القدس. إنْ سمحت لحواسك الخمس أنْ تقودك، ستعطي مساحة للأرواح الشريرة في حياتك وتُدْخِل الموت إليك “لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ وَلَكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ.” (رو6:8).

“مَنْ دَلَّلَ عَبْدَهُ مِنْ حَدَاثَتِهِ فَفِي آخِرَتِهِ يَصِيرُ مَنُوناً.” (أم21:29)

مَنْ يُدلل أو يسمح لعبده أنْ يقول له ماذا يفعل، سيأتي اليوم الذي يُطالبه فيه هذا العبد بحقوق وميراث الابن، كذلك إنْ دللت جسدك -الذي مِنْ المفترض أنْ يكون عبدًا لك- وتركته يفعل كل ما يريده، ستسقط في الخطية ولا تعرف سبب ذلك. على سبيل المثال، إنْ أعطيت عذرًا لنفسك وتجاوبت مع مشاعرك كالكسل أو الشعور بالملل عند دراسة الكلمة، ستنمو نموًا غير صحيح.

لابد أنْ يُتَلْمَذ كل مؤمن فإنْ لم يُتَلْمَذ سيصير عضوًا مؤذيًا في جسد المسيح، فهو ليس مِنْ الضروري أنْ يفعل أمورًا سيئة لكن كونه لم يَقُمْ بدوره، فهو مؤذي وهناك مؤمنون خرجوا للخدمة دون تلمذة لكنهم عرفوا دعوتهم ولكن بعد أنْ خسروا جولات كثيرة في حين أنها ليست مشيئة الرب لهم.

“لأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْعَمَلِ الرَّدِيءِ لاَ يُجْرَى سَرِيعاً فَلِذَلِكَ قَدِ امْتَلَأَ قَلْبُ بَنِي الْبَشَرِ فِيهِمْ لِفَعْلِ الشَّرِّ.” (جا11:8)

قد غلظ قلوب البعض بسبب عدم وجود نتائج فورية لشرهم وهم لا يعلمون إنهم يذخرون غضبًا لأنفسهم، هناك مؤمنون يفسدون في جسد المسيح ولأنهم لم يُجازوا سريعًا على أخطائهم، يغلظ قلوبهم ويتجرأون أكثر على فِعْل الخطية.

بسبب عدم سرعة رؤية نتائج في علاقة المؤمنين مع الروح القدس، يغلظ قلبهم تجاه الله وحينما يصلون يشعرون بالملل بسبب أنّ الكلمة لم تملأ زوايا كثيرة في حياتهم، ربما تصلي وتشعر بفرح، لكن لا تعتقد أنّ الفرح هو علامة الملء؛ لأن الفرح هو أمر تفعله عن عمد ولا تنتظره وحينما لا يحدث ذلك، يغلظ قلبك. يبدأ الفيض عن طريق التكلم ويؤدي إلى التكلم، كما إنك أنتَ الذي تُبادر بالفرح وهنا تجده يخرج منك “وَلَمَّا وَضَعَ بُولُسُ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْهِمْ فَطَفِقُوا يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ وَيَتَنَبَّأُونَ.” (أع6:19)

ما عليك أنْ تفعله هو أنْ تنغمس في الكلمة وتعبد الرب وتُقَدِّره بداخلك مُتَكَلِمًا إلى نفسك بمزامير وتسابيح وأغاني روحية، التحامك بالروح القدس هو عن طريق التكلم بالكلمة وأن تعزها، وعندما تواجه موقفًا معينًا، عليك أنْ تختار إعلان ما تقوله الكلمة بخصوص ما تمر به وبذلك أنتَ تعطي مساحة للروح القدس أنْ يعمل في حياتك.

أنت مَنْ تجعل للكلمة سلطانًا على حياتك، تظهر ربوبية يسوع عن طريق إعلان الكلمة في حياتك، لذلك حرص الرب يسوع في كل حين على تعليم الكلمة، هكذا يحرص الروح القدس أيضًا على تعليمك الكلمة.

  • ضرورة التواجد في جسد له نَفْس التعليم

ما يعيق عمل اروح الله في حياتك هو عدم تواجدك في جسد له نُفْس التعليم الكتابي النقي.

“فَقَالَ لِي: [يَا ابْنَ آدَمَ، كُلْ مَا تَجِدُهُ. كُلْ هَذَا الدَّرْجَ، وَاذْهَبْ كَلِّمْ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ فَفَتَحْتُ فَمِي فَأَطْعَمَنِي ذَلِكَ الدَّرْجَ. وَقَالَ لِي: [يَا ابْنَ آدَمَ، أَطْعِمْ بَطْنَكَ وَامْلَأْ جَوْفَكَ مِنْ هَذَا الدَّرْجِ الَّذِي أَنَا مُعْطِيكَهُ». فَأَكَلْتُهُ فَصَارَ فِي فَمِي كَالْعَسَلِ حَلاَوَةً. فَقَالَ لِي: [يَا ابْنَ آدَمَ، اذْهَبِ امْضِ إِلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَكَلِّمْهُمْ بِكَلاَمِي” (حز1:3-4)

“فَحَمَلَنِي الرُّوحُ وَأَخَذَنِي، فَذَهَبْتُ مُرّاً فِي حَرَارَةِ رُوحِي، وَيَدُ الرَّبِّ كَانَتْ شَدِيدَةً عَلَيَّ. فَجِئْتُ إِلَى الْمَسْبِيِّينَ عِنْدَ تَلِّ أَبِيبَ، السَّاكِنِينَ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ. وَحَيْثُ سَكَنُوا هُنَاكَ سَكَنْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ مُتَحَيِّراً فِي وَسَطِهِمْ.“(حز14:3-15)

“وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَيَّ هُنَاكَ. وَقَالَ لِي: [قُمُ اخْرُجْ إِلَى الْبُقْعَةِ وَهُنَاكَ أُكَلِّمُكَ فَقُمْتُ وَخَرَجْتُ إِلَى الْبُقْعَةِ، وَإِذَا بِمَجْدِ الرَّبِّ وَاقِفٌ هُنَاكَ كَالْمَجْدِ الَّذِي رَأَيْتُهُ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ. فَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي. فَدَخَلَ فِيَّ رُوحٌ وَأَقَامَنِي عَلَى قَدَمَيَّ. ثُمَّ قَالَ لِي: [اِذْهَبْ أَغْلِقْ عَلَى نَفْسِكَ فِي وَسَطِ بَيْتِكَ. وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَهَا هُمْ يَضَعُونَ عَلَيْكَ رُبُطاً وَيُقَيِّدُونَكَ بِهَا، فَلاَ تَخْرُجُ فِي وَسَطِهِمْ.” (حز22:3-25)

استقى حزقيال مِنْ نَفْس الحيرة التي كانت فيهم، لذلك أمره الروح القدس أنْ يخرج مِنْ وسطهم ولا يأكل مِنْ أكلهم.

إن كنت لا تعرف كيف يعمل الروح القدس في حياتك وأنه يتعامل مع ذهنك بمبادئ حتى تصنع القرارات الصحيحة بنفسك، ستُعيق عمله، فالخارق للطبيعي ليس أنْ تُفاجَئ بوجود شيء غريب بداخلك؛ لأنه يعمل على إقناعك لكي تريد وأنْ تفعل.

 ربما تعتقد أنك تتأخذ قرارات صحيحة بسبب عدم شعورك بوجود خطأ ما وأنّ الروح القدس يوافق على ما تفعله، وهناك أيضًا مَنْ يسترخي على الروح القدس ويصنع قرارات خاطئة ويعتقد أنّ الروح القدس هو المسئول عنها على الرغم مِنْ أنّ الروح يساعدك مِنْ خلال مبادئ الكلمة لكي تعرف ماذا تفعل، فتصبر مُحْتَرِفًا في اتخاذ القرارات مُتَجَنِبًا القرارات الخاطئة، وهذا لن يأتي مِنْ فراغٍ بل نتيجة لذخيرة الكلمة في داخلك ومتابعتك مع الراعي.

“لَكِنِّي قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا حَتَّى إِذَا جَاءَتِ السَّاعَةُ تَذْكُرُونَ أَنِّي أَنَا قُلْتُهُ لَكُمْ. وَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ مِنَ الْبِدَايَةِ لأَنِّي كُنْتُ مَعَكُمْ. وَأَمَّا الآنَ فَأَنَا مَاضٍ إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَسْأَلُنِي أَيْنَ تَمْضِي. لَكِنْ لأَنِّي قُلْتُ لَكُمْ هَذَا قَدْ مَلَأَ الْحُزْنُ قُلُوبَكُمْ. لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ.” (يو4:16-7)

طريقة الروح القدس هو أنْ يشرح ويوضح لك الأمور، وهو لا يشرح لك كل الأمور دفعة واحدة لكنه سيشرح لك الأمر قبل أنْ يحدث ليعدك له.

“لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ” إنه أكثر ميزاتٍ ونفعًا وتأثيرًا أنْ انطلق ليأتي الروح القدس وتصير في شراكة حميمة معه، وبالتالي أنت في حالة أفضل مِنْ وجود يسوع معك بالجسد.

إنْ كنت لا تعيش الحياة الأفضل، السبب في ذلك هو أنك لا تعرف كيف يتحرك في حياتك، فهو لا يعمل باستقلالية عن الكلمة، فهو يعمل بسهولة مِنْ خلالها في حياتك إنْ فَهِمْتها.

  • مَنْ الذي يصرخ، أنت أم الروح القدس؟!

“فَإِذاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ!” (رو12:8-15)

نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ” أنت لست مُلْتَزِمًا أو مُجْبَرًا على السلوك بالجسد، فالجسد ليس له سلطان عليك.

أَعْمَالَ الْجَسَدِ” هي المعاملات التي تحدث بينك وبين العالم (الاقتصاد السيء مثلًا)، صار هناك فاصل بينك وبين العالم، وهذا ما قاله الرب لحزقيال أنْ ينعزل عن مَنْ حوله؛ لأنه رغم إنْ يدّ الرب كانت شديدة في حياته إلا إنه تأثر بمَنْ حوله وعاش مثلهم وبالطبع هذا لا يعني أنْ تترك بيتك بل ما أتكلم عنه هو انعزالك داخليًا عن أفكار العالم وتفكيرك وفقًا للكلمة، لا تنسَ إنه بإمكانك أنْ تُميت أي أفكار أخذتها مِنْ العالم.

“لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ.أبناء الله الناضجون فقط هم الذين ينقادون بالروح القدس؛ فالأطفال لا يعرفون لأنهم غير مُدَرَّبون (برجاء قراءة مقالة النضوج الروحي إنْ أردت الاستفاضة في هذا الموضوع).

“الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ! أنت مَنْ تصرخ هنا وليس روح الله، إذًا أنت مَنْ يبادر وتأخذ الكلمة، وبالتالي يعمل الروح القدس فيك، فَبَعٍد أنْ صرخ الروح القدس بداخلهم “أنتم أبناء”، صاروا هم يصرخونها.

“ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً: «يَا أَبَا الآبُ. إِذاً لَسْتَ بَعْدُ عَبْداً بَلِ ابْناً، وَإِنْ كُنْتَ ابْناً فَوَارِثٌ لِلَّهِ بِالْمَسِيحِ.” (غل6:4-7)

أمّا في هذا المقطع، فَيُذْكَر أنّ الروح القدس هو مَنْ يصرخ بداخلك ليُثبت لك أنك ابن للرب، فخلاصة الأمر إنه يصرخها ويتكلمها بداخلك حتى تصرخها أنت. استخدم لفظ “صراخ”؛ لأنهم عاشوا في عبودية الناموس وكانوا متمزقين بسبب عدم قدرتهم على فعل الصواب وحينما أتى يسوع وصاروا خليقة جديدة، لم يقدروا أنْ يحيوا بطريقة يسوع.

معنى أنّ الناموس صار بداخلهم أي إنهم؛ لن يحاولوا أنْ يفعلوا الصواب بل هم أنفسهم صاروا الناموس وهذا وضع جديد عليهم، لذلك يتبلور عمل الروح القدس في إقناعهم بهذا الحق صارخًا “أنت ابنًا” وهذا كان العلاج لهم “أن يصرخها الروح القدس أولًا بداخلهم ليعرفوا هم أنْ يصرخوها” وتلك هي الطريقة التي يستخدمها معك عندما تفكر عن نفسك بطريقة سلبية، فهو يتكلم بداخلك ولكنك أحيانًا لا تسمعه؛ لأنك لا تحضر اجتماعات أو تستمع لعظات، وربما لا تنتبه لها أو لا تدرس الكلمة مِنْ الأساس، فلا يجد الروح القدس رصيدًا مِنْ الكلمة بداخلك ليتحدث لك مِنْ خلاله، صوت الروح القدس خافت والسبب في عدم قدرتك على سماعه هو سماعك الدائم لصوت إبليس والحل أنْ تنغمس في الحق الكتابي بصورة أكثر كثافة مِنْ ذي قَبْل.

الألسنة هي إخضاع لسانك وطالما لجمت لسانك، أنت لجمت جسدك بالكامل بحسب يع2:3 “لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضاً. أنت تُلجم لسانك عن طريق تلجيم ذهنك؛ لأن ما تفكر فيه حتمًا ستتكلم به، لهذا السبب املأ حياتك بالكلمة، ليأخذ الروح القدس مجاله في حياتك.

علامة الملء بالروح ليست الاهتزاز أو الرعشة، يوجد فرق بين سكنى الروح القدس (أنْ تصير يده في يدك ورجليه في رجليك)، وأنْ تُقَدِّره كل يوم في حياتك فهناك مَنْ يعتقد ويُعَلِّم بأنّ الملء هو بذاته سكنى الروح القدس، كما إنه لا يحدث مرة واحدة بل لابد مِنْ إعطاء مساحة كل يوم للروح القدس حتى يمتلكك بالكامل، وهم بذلك يلغون فكرة التكلم بألسنة مُعْتَقِدين أنّ المؤمن يظل صامتًا إلى أنْ يمتلكه الروح القدس تدريجيًا، وهذا ليس كتابيًا.

“فَصَرَخُوا إِلَى الرَّبِّ فِي ضِيقِهِمْ فَخَلَّصَهُمْ مِنْ شَدَائِدِهِمْ. أَرْسَلَ كَلِمَتَهُ فَشَفَاهُمْ وَنَجَّاهُمْ مِنْ تَهْلُكَاتِهِمْ.” (مز19:107-20)

يريد الروح القدس أنْ يرسل كلمته لك، فإنْ كنت تصلي مِنْ أجل شفاء، لن يتحرك الروح بشكل فجائي في جسدك، إن أردت العيش بطريقة حسية، ستتخبط كثيرًا؛ لأن اهتمام الجسد (الحواس الخمس) هو موت “لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ” (رو6:8).

“وَلَمَّا أُطْلِقَا أَتَيَا إِلَى رُفَقَائِهِمَا وَأَخْبَرَاهُمْ بِكُلِّ مَا قَالَهُ لَهُمَا رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ. فَلَمَّا سَمِعُوا رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتاً إِلَى اللهِ وَقَالُوا: «أَيُّهَا السَّيِّدُ أَنْتَ هُوَ الإِلَهُ الصَّانِعُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا” (أع23:4-24)

“وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ.” (أع31:4)

اعتاد هذا الشعب على الآيات والعجائب، لذلك كانوا أرضًا خصبة للآيات وحينما صلوا اهتز المكان وليس بالضرورة أنْ يحدث ذلك معك، ولكن الأهم أنهم تكلموا بكلام الله بكل مجاهرة، لابد أنْ تفهم الثقافة التي نشأ عليها جيلك لأنه إنْ كان يضاد الآيات والعجائب، سيؤدي ذلك إلى عدم إيمان بالآيات والعجائب وحينما يتغير طريقة تفكير هذا الجيل إلى الآيات والعجائب، سيبدأ يرى نتائج في حياته ويجد الروح القدس أرضًا خصبة يتحرك بها.

حينما تصلي انفجر حبًا في شخص الروح القدس وادرس الحق الكتابي بخصوص الموقف الذي تجتاز فيه وفَكِر فيه شاكرًا الآب على الهدية الثمينة (الروح المعزي)، رأيت الشيء في روحك، لن يقدر أي شيء أنْ يُعيقه مِنْ الظهور للعيان.

الصلاة ودراسة الكلمة أمران في غاية الأهمية، ولكن حتى تستفيد الاستفادة القصوى ادرسها كموضوعات مِنْ خلال عظات وكتب روحية، فهناك مَنْ تعب في الدراسة وربط آيات الموضوع الواحد ببعضها البعض بمساعدة الروح القدس، بمعنى آخر؛ ادخل على تعب آخرين، ارجع للشواهد الكتابية بنفسك لتعطي مساحة للروح القدس أنْ يتكلم لك بحسب مستواك الروحي.

  • يعطيك الروح القدس معايير ومقاييس صحيحة

“فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاَللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ، وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضاً وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَاناً وَذَبِيحَةً لِلَّهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً. وَأَمَّا الزِّنَا وَكُلُّ نَجَاسَةٍ أَوْ طَمَعٍ فَلاَ يُسَمَّ بَيْنَكُمْ كَمَا يَلِيقُ بِقِدِّيسِينَ، وَلاَ الْقَبَاحَةُ، وَلاَ كَلاَمُ السَّفَاهَةِ وَالْهَزْلُ الَّتِي لاَ تَلِيقُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ الشُّكْرُ.” (أف1:5-4)

كلما تُدرك علاقتك مع الروح القدس وتشكره على سكناه فيك رغم إنك لا ترى نتائج في حياتك وتخضع له ولكلمته، سيتحرك في حياتك بحرية وتجد إظهاراته في طريقة كلامك وسلوكك.

بَلْ بِالْحَرِيِّ الشُّكْرُ” ارفع صوت شكرك، كن شخصًا شكورًا حتى في أصعب المواقف، حتى إن انكسر شيئًا جديدًا مثلًا، لا تغضب بل اشكر، لأنّ الرب سيساعدك على تصليحه وليس لأنه هو مَنْ كان يريد فساد هذا الشيء.

رغم إنْ يدّ الرب كانت شديدة على حزقيال وانتقل انتقالاً معجزيًا إلا إنه سلك بطريقة غير صحيحة بسبب تأثره بمن حوله، فلابد أنْ ترى ما تسمعه بنظرة الروح القدس لأنه يعطي لك قيمًا ومعاييرًا سليمةً للمواقف.

إن كنت تعيش مع الروح القدس، لن يكون مصدر فرحك أي شيء في الأرض بل ستفرح فرحه وتحزن حزنه، بلا شكّ قد يصفك البعض بالتجلد، ولكن لا يهم؛ لأنك أصبحت ترى المواقف كما يراها هو وترى الناس بقيم مختلفة، دعني أضرب مثالًا عمليًا لتوضيح الأمر؛ أنْ ترى قيمة كل شخص كقيمة يسوع ذاته، وإنْ أخطأ أخوك المؤمن غير الناضج في حقك، تلتمس له العذر غافرًا له لأنه أصبح هيكلًا لروح الله.

بكى الرب يسوع على أورشليم لأنها لم تقبل الخلاص وبكى أيضًا على مَنْ كانوا يبكون على لعازر بسبب رؤيتهم للموت بشكل ضخم وانزعج في نفسه تعني زمجر استعدادًا للهجوم على الموت؛ لأنه هو القيامة.

الروح القدس هو مَنْ يعطيك القوة لاصطناع الثروة، فلا تعتقد أنّ قوتك هي نتيجة الجينات الوراثية بل الروح القدس هو مَنْ أعطاها لك.

أنت لا تحتاج ترنيمة أو أنْ تُسخن لكي تصلي، فهذه طفولة روحية ولابد أنْ تُفْطَم منها. حينما غضب أليشع النبي في العهد القديم، طلب عوادًا يعزف له؛ لأن الغضب أوقف الروح القدس “وَالآنَ فَأْتُونِي بِعَوَّادٍ]. وَلَمَّا ضَرَبَ الْعَوَّادُ بِالْعُودِ كَانَتْ عَلَيْهِ يَدُ الرَّبِّ” (2مل15:3) ولكن هذا لا يعني أنْ تنتظر شيئًا ليؤثر فيك في العهد الجديد، أنت تستطيع أنْ تعبد الرب في أي مكان توجد فيه سواء عملك أو الشارع؛ لأن العبادة هي انتباهك له.

“إِذاً يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعاً فِي الاِسْتِمَاعِ، مُبْطِئاً فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئاً فِي الْغَضَبِ، لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللَّهِ. لِذَلِكَ اطْرَحُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ وَكَثْرَةَ شَرٍّ. فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ.” (يع19:1-21)

لِذَلِكَ اطْرَحُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ وَكَثْرَةَ شَرٍّ” لابد أنْ تطرح كل غضب، نجاسة، وكثرة شر حتى تستطيع أنْ تقبل الكلمة، فمثلًا إنْ كنت تهتم برأي الناس، اعلم أنّ الكلمة لن تدخل وتُغير حياتك بسهولة كما حدث مع حزقيال نتيجة تأثره بمَنْ حوله.

يريد الله أنْ يبني شخصيته فيك حتى تتغير إلى تلك الصورة عينها، وأنْ يصير رد فعلك مثل رد فعل الروح القدس الذي يوجهك، يرشدك ويقول لك ماذا تفعل في كل موقف، فربما تجده يقول لك فَكِر وتكلم بإيجابية تجاه شخص ما، وإنْ خضعت له، يبدأ يأتمنك على أمور أضخم أو إنْ كنت تصلي مِنْ أجل الرؤساء وتتكلم بشكل سلبي عنهم، يوضح لك أنّ كلماتك السلبية ستجهض صلواتك، هذه هي الطريقة التي يقودك بها الروح، لتخضع له، فهو مَنْ سيجعل حياتك المقفرة بستانًا.

 

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$