القوة الخارقة للطبيعة المطلوبة للمس الحياة المُّرة وجعلها حُلوة. هذا هو السر الذى كان يبحث عنه البشر منذ البدء تقريباً. فكل قلب بشرى ينتحب باكياً من اجل هذا يتوق كل شخص مولود للقوة التى بها يحول المرض إلى صحة، والوحدة إلى محبة والعبودية إلى حرية والفشل إلى نصرة. تتوق البشرية إلى تذوق كمال حلاوة الحياة الفائضة الوفيرة … وجلب ذلك المذاق الجميل إلى الآخرين التى قد أصبحت حياتهم أكثر قليلاً من حبة واحدة تبتلع.
لكن هل تلك القوة موجودة حقاً؟ هل يوجد حقاً سر يمكنه جعل أى حياة فائضة وغزيرة؟
بالتأكيد لو كنت قد جعلت يسوع المسيح رباً على حياتك, فإنك قد إكتشفت ذلك السر بالفعل.
إنه سر الصليب.
يمكنك أن تسال، “ما الذى تعنيه، أيها الأخ كوبلاند؟” فالصليب لم يعد بعد سرا. يعرف معظم الناس عن الصليب.
حسناً، ربما يعرفون بعض الحقائق الأساسية عن الصليب، لكنهم يجهلون ولا يفهمون القوة الحقيقية له، لو أنهم عرفوا وفهموا سيعرفون لما يخبرنا العهد الجديد بوضوح تماماً “… التبشير بالصليب عند هؤلاء الهالكين جهالة؛ وأما عندنا نحن المخُّلصين فهى قوة الله” (1كو1: 18).
لاحظ أن هذا الشاهد لا يخبرنا إن الصليب كان قوة الله فى الماضى، فى ايام مضت. فهو يقول ان الصليب هو قوة الله التى تجلب لنا الخلاص (الذى يعنى التحرير من الشر الوقتى والابدى) الان، اليوم، فى الوقت الحاضر وفى كل يوم من ايام حياتنا!
ياتى كل شئ صالح من الصليب. فهو قد غير مستقبل البشرية باكمله وكل السماء الى الابد.
يؤثر الصليب فى كل شئ. المشكلة هى، لايبدا معظمنا حتى فى فهم انجاز ما تم هناك وتتميمه. فاننا ببساطة فيه على انه المكان حيث دفع يسوع جزاء الخطية ليمكننا ان نذهب الى السماء ونهرب من الجحيم. يُعتبر هذا النوع من التفكير صحيح، الى حد بعيد جدا. لكنه لا يذهب الى مدى بعيد كفاية. يوجد اكثر من ذلك.
أنظر للخلف وإسترجع الى الأزمنة الماضية الحسنة:
لنرى ما الذى حدث حقا عند الصليب، يجب علينا الرجوع الى البدء، الى خلق الانسان، لنرى كيف بدأ كل هذا. يجب علينا الرجوع الى الماضى وإكتشاف كيف أن المرارة دخلت الى مجرى حياة البشرية فى المكان الأول. لم يضع الله حقا هذه المرارة هناك.
يخبرنا سفر التكوين مرارا وتكرارا ان كل شئ خلقه الله على الأرض كان حسن, خلق الأرض والمياة وكان هذا حسن (تك1: 10 خلق كل الاطعمة وكان هذا حسن ع12 خلق الشمس والقمر والنجوم، خلق الحيوانات وكل كائن حى اخر وراى ان كل هذا حسن ع25.
بعد ان انتهى من كل هذا،صنع الله جسد الانسان من تراب الأرض ونفخ فيه نسمة حياته بعد قوله، “ثُمَّ قَالَ اللهُ : «لِنَصْنَعِ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا، كَمِثَالِنَا، فَيَتَسَلَّطَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ، وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ، وَعَلَى الأرض، وَعَلَى كُلِّ زَاحِفٍ يَزْحَفُ عَلَيْهَا»” (تك1: 26) عند تلك اللحظة اصبح الانسان حىَّ. كي يلبس مجد الله فالله بذاته وشخصه فوض ادم واعطاه السلطان (ولاحقا زوجته حواء) ليجلب بركة وازدهار للارض باكملها.
وعندما انتهى من كل هذا، يقول الكتاب المقدس “وَرَأَى اللهُ مَا خَلَقَهُ فَاسْتَحْسَنَهُ جِدّاً. ثُمَّ جَاءَ مَسَاءٌ أَعْقَبَهُ صَبَاحٌ فَكَانَ الْيَوْمَ السَّادِسَ.” (ع31) كانت تلك حقا ايام حسنة.
لمسة الموت:
فى تلك الايام كان ادم وحواء أحرار ليستمتعا بخليقة الله الحسنة ويسلكان فى جنة عدن كمثل لله ونائباه فى الأرض. كانا حران ليستمتعا بكل شئ حلو ونور الى الابد. على شرط واحد ان يحفظا وصية الله وأمره.
كان كل شئ يعتمد على ذلك : لو إنهما أطاعا وصية الله، لكانت حياتهما رائعة ومجيدة. لو أنهما عصيا وصيته لكانا قد ماتا.
ويا للأسف إتخذا القرار والإختيار الخاطئ. فعصياه, ونور مجد الله الذى كان يشع ذاته فيهما قد توارى وإختفى بسبب الظلام الروحى للخطية. أصبح الشيطان الذى قد أطاعاه ملكهم فغزت طبيعته المائته أرواحهم وكل شئ رائع قد نفخ فيه الله فى آدم وحواء تشوه.
ثمار روح الله التى ملات نفوسهما الصفات مثل المحبة والسعادة والسلام والإيمان فسدت فجاة. اصبح الحب كراهية تحولت السعادة الى حزن وأسى تحول السلام الى إضطراب أصبح الإيمان إلى خوف تحولت مسحة الله التى قد مكنتهم من مباركة الأرض الى لمسة موت لعنت الكوكب بأكمله. فالأرض نفسها قد لعنت بسبب ما حدث لهما, فتلوثت كل ذرة, لعنت الأرض وكل شئ عليها.
لابد وأن يكون ذلك كافيا فى داخله. لكن لم يتوقف الفزع عند هذا الحد لأن الله قد عين أن كل بذرة تنتج من نفس نوعها وهذا ما حدث لآدم وحواء حيث أنهما بدئا أن ينجبا أطفالاً مصابين بلعنة الخطية. فكلما تكاثرا كلما إنتشرت وتزايدت تأثيرات اللعنة!
تحت لعنة الخطية أصبحت الحياة على الأرض التى كانت ذات مرة عذبة للغاية، أصبحت مُرة ولاذعة بشكل لا يمكن وصفه فى الواقع، المرارة, هى التعريف لجذر الكلمة العبرية لعنة.
أشك فيما إذا كان آدم كان قد لاحظ الفجوة الواسعة لما قد حدث على الفور لكن بمرور الوقت لابد وأنه قد أدرك كِبَر ذلك. لابد وأنه فكر في نفسه قائلاً: ” يا إلهى العزيز البذرة لكل شئ على الأرض مُرَة! وبذرتى الشخصية مُّرة! كيف يمكن لأى شئ على الأرض أن يكون نقى مرة أخرى؟ يا الله، كيف لى أن أصبح صديقا لك مرة أخرى؟ “
لم يكن مع آدم إشارة أو دليل لم يعرف ما هى خطة الله. كانت غموض مخفى فى الله قبل تكوين العالم (1كو2: 7) ومع ذلك منذ اللحظة الأولى التى ضربت فيها اللعنة الأرض، إبتدأ بالتكلم عن الفداء. تماما فى جنة عدن بعد أن أخطا آدم تكلم الله الى الشيطان وقال يوجد شخص قادم من نسل المرأة وسيسحق رأسك (تك3: 15).
عمل الله المستحيل:
لابد ان الشيطان كان متعجبا كيف سيجد الله مثل هذا الانسان. بعد كل شئ كان نسل الانسان باكمله تحت سيادة شيطانية. كانوا جميعا خطاة لم يمكنهم هزم الشيطان فكانوا عبيداً له. ومن خلال خطيتهم، إكتسبوا جميعا نفس الأجرة: مرارة وموت أبدى.
بالطبع، حسب نظام الله لعهده العادل، لو أمكن الله ان يجد إنسانا واحدا نقياً، يمكن لدم هذا الانسان ان يسفك لبقية البشرية. يستطيع ان يصبح بديلا عنهم وياخذ عقابهم. لكن لم يكن لله بذرة واحدة نقية على الأرض. ليتعامل معها. ولم يستطع حتى أن يبدأ مرة أخرى من إلغاؤه ليشكل ويُكَوِن آدم جديداً من تراب الأرض، لان التراب نفسه قد لعن وأصبح غير نقى.
كيف يمكن لله أن يجد دم بشرى لم يكن قد لعن بالفعل بمرارة؟ كان مستحيلاً. أو على ما كان يبدو كذلك.
لكن الله صنع طريقا. زار فتاة شابة تدعى مريم تحدث بكلمته اليها. فصدقتها وتغلغلت تلك الكلمة فى اعماقها “وَالْكَلِمَةُ صَارَ بَشَراً، وَخَيَّمَ بَيْنَنَا، وَنَحْنُ رَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدَ ابْنٍ وَحِيدٍ عِنْدَ الآبِ، وَهُوَ مُمْتَلِىءٌ بِالنِّعْمَةِ وَالْحَقِّ” (يو1: 14).
وُلِدَ يسوع, الكلمة نفسه، فى نقاء وبلا خطية كإبن لله وإبن للإنسان لم يكن فيه مرارة ولا أثر للعنة. وإجتاز كل إختبار للتجربة فشل فيه آدم. عاش كرجل حر لم يمكن للموت أن يلمسه.
لكنه حينما فعل الذى لم يخطر هذا على البال.
“وَإِذْ ظَهَرَ بِهَيْئَةِ إِنْسَانٍ، أَمْعَنَ فِي الاِتِّضَاعِ، وَكَانَ طَائِعاً حَتَّى الْمَوْتِ، مَوْتِ الصَّلِيبِ.” (فى2: 8).
كان يسوع حُّرا بالفعل. لم يكن مضطرا لفعل ذلك. لكنه إختار فعل هذا.
“إِذَنْ، بِمَا أَنَّ هَؤُلاَءِ الأَوْلاَدَ مُتَشَارِكُونَ فِي أَجْسَامٍ بَشَرِيَّةٍ مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ، اشْتَرَكَ الْمَسِيحُ أَيْضاً فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ بِاتِّخَاذِهِ جِسْماً بَشَرِيّاً. وَهَكَذَا تَمَكَّنَ أَنْ يَمُوتَ، لِيَقْضِيَ عَلَى مَنْ لَهُ سُلْطَةُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ (15)وَيُحَرِّرَ مَنْ كَانَ الْخَوْفُ مِنَ الْمَوْتِ يَسْتَعْبِدُهُمْ طَوَالَ حَيَاتِهِمْ” (عب2: 14-15).
الحياة فى السماء العذبة:
ذلك هو ما حدث على الصليب! فدانا يسوع من عبودية اللعنة فأصبح لعنة لأجلنا (غلا3: 13) فهو لم يدفع الثمن القاسى فقط لما قد فعله آدم، بل كسر محطما قوة اللعنة ودمر سلطان إبليس كى لا يمكنه إستخدامه على أى مؤمن سيسلك بالايمان، بالفداء المشترى.
أبعد يسوع سلطان المرارة واطلق البركة –عذوبة السماء- مرة أخرى للأرض! إحتمل يسوع مرارتنا ومنحنا حياته الوافرة والفائضة والعذبة. فتح صلاح عدن لنا مرة آخرى.
كيف أن نحيا فى ذلك الصلاح؟
بنفس الطريقة التى كان من المفترض لادم وحواء ان يفعلاها باطاعة وصيه الله. لو أننا سنفعل ذلك ستصبح اللعنة بلا فائدة لتعمل فى حياتنا وستلحق بنا بركات الله الحسنة وتدركنا (تث28: 1-2) تنطلق كل قوة حامية للصليب والقيامة فى كل نواحى حياتنا –الروح والنفس والجسد عندما نفعل وصية الله.
وكما يقول (1يو5: 3) وصاياة ليست ثقيلة “فى الواقع انها بسيطة بكل سرور “وَأَمَّا وَصِيَّتُهُ فَهِيَ أَنْ نُؤْمِنَ بِاسْمِ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً كَمَا أَوْصَانَا ” (1يو3: 23).
او كما قال يسوع فى (متى22: 37-40) “فَأَجَابَهُ: «أَحِبّ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَكُلِّ نَفْسِكَ وَكُلِّ فِكْرِكَ (38)هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الْعُظْمَى الأُولَى (39)وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: أَحِبّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ (40)بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ تَتَعَلَّقُ الشَّرِيعَةُ وَكُتُبُ الأَنْبِيَاءِ! »”.
آمن فقط, هذا هو المطلوب منا فعله لنحيا بحرية. نحن لسنا مضطرين للمعاناة من تأثيرات اللعنة فيما بعد. من خلال موت يسوع وقيامته فالله لم يجعل الامر فقط ممكنا لنا لنتذوق حلاوة حياة الله بل وضع ينبوع فى داخلنا (يو4: 14) لقد منحنا انهار منها، انهار لن تنضب او تجف ابدا (يو7: 38) لقد تم منحنا بالفعل القوة الخارقة للطبيعة المطلوبة للمس الحياة المُرَة وجعلها عذبة لذلك ما عليك سوى اطلاق ايمانك ودع تلك الحلاوة والعذوبية تنهمر وتفيض على حياتك، وعلى حياة الآخرين أيضا, أدخل فى الغمر عبر قوة الصليب!
أخذت بإذن من خدمات كينيث كوبلاند www.kcm.org & www.kcm.org.uk .
هذه المقالة بعنوان “إكتشاف السر العذب للصليب” تأليف : كينيث كوبلاند من المجلة الشهرية BVOV مايو 2008 .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث كوبلاند.
Used by permission from Kenneth Copeland Ministries www.kcm.org & www.kcm.org.uk.
This article entitled “Discovering the Sweet Secret of the Cross” is written by Kenneth Copeland , taken from the monthly magazine BVOV May. 2008.
© 2008 Eagle Mountain International Church, Inc.: aka: Kenneth Copeland Ministries. All Rights Reserved.
This work Translated by: Life Changing Truth Ministry