يخبرنا رسالة رومية 10:10 “لأن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص”. في الفصل السابق تحدثنا عن الإيمان الذي يأتي من القلب، وعن طبيعته وكيف نحصل عليه؟ وتحدثنا عن البر والخلاص، ورأينا أن كلمة “خلاص” تتضمن أكثر من الولادة التي من فوق، فتشمل كلمة خلاص النجاة والتحرير والحفظ والشفاء وسلامة العقل، وكل هذا متاح لنا بسبب الإيمان. فالإيمان هو “الإيقان بأمور لا تُرى” (عب1:11).
يأتي الإيقان من كلمة الله ومن اعتراف أفواهنا، لم نفكر في مدى أهمية الكلمات التي تتعلق برؤية أمور الله واقعا في حياتنا، ولكن تعلن كلمة الله بوضوح أهمية هذه الكلمات. منذ عدة سنوات تساءلت عن سبب وجود العديد من المسيحيين المكرسين للرب والذين يحبونه جدا لكنهم لم يروا قوة الله تعمل في حياتهم بعد، فتحدث إليّ الرب يوما قائلا: “تهرب القوة من أفواههم” وأراني صورة لإناء للطهي يعمل بالضغط وله صمام مفتوح يهرب منه الضغط ليختفي، وقد استخدم الرب هذا المثل كإيضاح ليساعدني على فهم مدي أهمية كلماتنا.
الله خلق الكون بكلمته
توضع الكلمة المنطوقة في مكانة أقل فنقول عبارات مثل “كلام رخيص” أو”كلام بدون أعمال”. فإدراكنا قليل، لا بل يكاد يكون منعدما لمدى أهمية الكلمات، وهذا يرجع إلى الصحف والتلفزيون والوعود الإنتخابية التي لا تُنفذ وإساءة استخدامنا للكلمة المنطوقة.
وعلى الرغم من ذلك فالكتاب المقدس له وجهة نظر مختلفة تماما بشأن أهمية كلماتنا. فيقول يسوع في إنجيل متى 26:12 “ولكن أقول لكم أن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابا في يوم الدين”. يعتبر يسوع كل ما نقوله مهما، أو مهما جدا لأننا في يوم ما سوف نعطي حسابا عن الكلمات البطالة التي نطقنا بها. لماذا؟ تكمن الإجابة في طبيعة الله، وفي الأسلوب الذي أسس به الكون وصنعه، وفي طبيعة الإنسان.
يعمل الكون كله بالكلمة. تتحدث رسالة العبرانيين 3:1 عن يسوع فتقول “حامل كل الأشياء بكلمة قدرته”. فتربط كلماته النظام الشمسي معا.
لقد ذكرنا من قبل أن الله إله إيمان وأن قلبه مملوء بالإيمان وأن الروح القدس يأخذ من إيمانه الإلهي ليضع إيمانا في قلوبنا عندما تولد من فوق يستخدم الروح القدس كلمة الله لينمى إيماننا ويجعله فعالا. عندما خطط الله لخلق الكون كان لديه تصور داخلي عما يريد. كان لديه حطة وغرض ورؤية في قلبه وعلى الرغم من أن هذه الخطة لم تظهر في الواقع، إلا أن الله آمن بها وكان هناك أي شئ مرئي سوى ما استطاعت عيناه الداخليتان أن تراه.
ثم ظهر كل شئ للعيان. كيف؟ تحدث الله! يخبرنا سفر التكوين 3:1 “وقال الله ليكن نور فكان نور”. تحدث الله فخلق العالم. قال الله “ليكن” وكان، وفيما كانت هذه الكلمات تخرج من فم الله انطلقت قوته وما كان في قلبه على شكل تصور ليصبح واقعا ملموسا وظاهرا.
يقول إشعياء 11:55 “هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي. لا ترجع إلىّ فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح في ما أرسلتها إليه”.
انطوت الكلمات التي أرسلها الله من فمه على قوته وكانت لهذه الكلمات القدرة على خلق ما أراد الله أن يخلقه. يقول يسفر المزامير 6:33 “بكلمة الرب صُنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها”. وتخبرنا أية 9 “لأن قال فكان. هو أمر فصار”.
الإنسان خلق ليحكم
عندما خلق الله الإنسان، صنعه على صورته (تك 26:1). الله ملك وكلماته لها سلطة تغيير الأشياء وكان مقدر للإنسان أن يكون مثل الله ويفكر مثله ويتصرف مثله ويتحدث مثله.
عندما خلق الله الإنسان أعطاه السلطان أن يتسلط على الخليقة قائلا إملأوا الأرض وأخضعوها (تك 28:1)؟ ويخبرنا سفر المزامير 6:8 “تسلطه على أعمال يديك. جعلت كل شئ تحت قدميه”. لقد كانت إرادة الله للإنسان أن يتبوأ منزلة رفيعة للقيادة على الأرض.
يقول مزمور 16:115 “السموات سموات للرب. أما الأرض فأعطاها لبني آدم”. لقد أعطى الله الإنسان أن يتسلط على الأرض ويسيطر عليها. لكن كيف يمكننا أن نتحمل تلك المسئولية؟ بنفس الأسلوب الذي اتبعه الله! فقد خلقنا الله على صورته ومثاله. كيف يحكم الله؟ كملك! كلمته تخرج ووصاياه لها القدرة على تنفيذ الأشياء.
كان على آدم أن ينطق بما في قلبه وبما رُسم كتصور في داخله نتيجة لعلاقته الحميمة بالله، فبهذا الأسلوب ستنطلق قوة الله الخالقة من خلاله عندما يتحدث ويمكننا أن نرى مثلا مجسدا على هذا الأمر عندما أعطى آدم أسماء لكل الحيوانات (تك 19:2).
إذن أين كان الخطأ؟ أتى الشيطان ليُلقي ببذور الشك فيما يتعلق بكلمة الله (تك 1:3) “أحقا قال الله…؟” ليجعل الإنسان يسقط في الخطية ويموت روحيا. ولكن نرتب ما حدث نحتاج إلى إدراك أن الله قد منح آدم سلطانا هنا على الأرض، فقد وضعه الله على الأرض ليحكم بالكلمة وبالفعل. وأراد الشيطان أن يسرق هذا السلطان فبذر بذور السك في مصداقية كلمة الله وجعل الإنسان يؤمن بكلماته ويصدقها ويتصرف بمقتضاها. بهذا حصل الشيطان على حق أن يسرق حياة الناس ويذبحها ويهلكها وهو ما كان يفعله في الماضي ومازال يفعله حتى الآن!
ما الأسلوب الذي اتبعه الشيطان؟ أثر على كلماتنا وجعلنا نؤمن بأكاذيبه، وننطق بما يتفق مع نواياه، وبهذا فقد سمحت كلماتنا للشيطان بأن يقوم بعمله من خلالنا. لماذا كان عليه أن يتبع هذا الأسلوب؟ لأن الله خلقتني أنا وأنت لنحكم هنا على الأرض. ويريد كلا من الله والشيطان أن يؤسس مملكته هنا على الأرض. وبهذا فإيماننا التي ننطقها هي القنوات التي من خلالها يمكنهما تأسيس المملكة.
تطلق الكلمات المملوءة بالإيمان قوة الله بينما تطلق الكلمات المملوءة بالشك والنقد وعدم الإيمان والراهية، إلخ.. قوة الشيطان وتعطيه الحق في أن يسطر علينا ليدمرنا. لماذا؟ لأن الله خلقنا لنكون ملوكا، وهو المكانة التي حصلنا عليها مرة أخرى بسبب الولادة التي من فوق. تدعونا رسالة بطرس الرسول الأولى 9:2 “كهنوت ملوكي” ويخبرنا سفر الرؤيا 6:1 بأن يسوع جعلنا ملوكا وكهنة لله أبيه”.
تعرّف المملكة بأنها “السيطرة على نطاق سلطة الملك ومنطقة قوته ونفوذه”. على سبيل المثال القرارات الجمهورية التي تصدرها حكومة السويد تطبق في السويد، ولا تطبق في النرويج فليس للسويد أي نطاق للسلطة في النرويج.
لقد تحملت مسئولية حياتك ومسئولية أسرتك، والكلمات التي تتحدث بها لها سلطان على هذين المجالين. فيمكنك أن تتحدث بأسلوب يخدم الله ليطلق قوته أو يخدم الشيطان ويطلق قوته. فالكلمات التي تخرج من فمك هامة جدا، على سبيل المثال الكلمات التي تتحدث بها لأطفالك. لها تأثير عليهم أكثر كثيرا مما تعتقد.
إن الكلمات خلاقة وستؤثر على أمور في أرواح البشر وستبنيها، يريد الشيطان سرقة كلماتنا لأنه يعرف هذا جيدا وهذا يسمح له بمنع قوة الله عن الناس.
كلماتك خلاقة: تحدث مثل الله
من بين الذين أدركوا قوة الكلمة وسلطانها قائد المئة الذي كان له عبد مريض في إنجيل متى 8:8-10، قال ليسوع “قل كلمة فيرأ غلامي لأني أنا أيضا إنسان تحت سلطان لي جند تحت يدي. أقول لهذا اذهب فيذهب ولآخر تعال ويأتي، ولعبدي افعل هذا فيفعل. فلما سمع يسوع تعجب. وقال للذين يتبعونه. الحق أقول لكم لم أجد ولا في إسرائيل إيمان بمقدار هذا”.
لماذا نعجب يسوع من إيمان قائد المئة؟ لأن قائد المئة أدرك أهمية كلماته وتأثيرها. وقد أدرك هذا بسبب مركزه القيادي حيث أدرك أن ما يتحدث به يسوع سيطلق قوة الله. لقد آمن قائد المئة بقوة الكلمات المملوءة بالإيمان.
تبوأ يسوع نفس المكانة التي كانت لآدم قبل السقوط عندما كان هنا على الأرض. فشفى يسوع بكلماته المرضى وأنتهر العواصف ولعن شجرة التين وأقام أناس من الموت وأطعم آلاف بطريقة إعجازية. فعل يسوع كل هذا ليُظهر لنا طبيعة الله الحقيقية. ففي كل ما قال يسوع وفعل كان تعبيرا تماما عن إرادة الله هنا على الأرض. وفي نفس الوقت كان يسوع ابن الإنسان وهو الاسم الذي كان يسوع يطلقه على نفسه ليصف به جوهر الإنسان الحقيقي وقدرته.
عندما وُلدت من فوق، وُضعت في المسيح وأصبحت جزءا من جسده هنا على الأرض. فبما أنك أصبحت جزءا من جسده فإنك مدعو لتتبع مثاله ولتعمل أعماله (يو 12:14-13). فيسمع هو مثالنا التام ومثلنا الأعلى.
نحن في عائلة الله وتخبرنا كلمة الله بأن نكون “متمثلين بالله كأولاد أحباء” (أف 1:5) وبما أننا أطفال في عائلة، علينا أن نفعل ما يفعله الآب ففي كل عائلة نجد أن سلوك الأطفال ما هو إلا وسيلة للتعبير عن أنفسهم بأسلوب يعكس طبيعة آباءهم وهذا أيضا ينطبق على عائلة الله.
وكلمة “متمثلين” التي ذُكرت في رسالة أفسس 1:5 وهي الكلمة اليونانية “ميماتاي” والتي تعنى أن “نقلد أو نحاكي” فمثلما يقلد الأطفال آباءهم الأرضيين علينا أن نقلد الله أو نحاكيه. ما المعنى؟ المعنى ببساطة ينطوي على أننا يجب أن نكون مثله وأن صفاته يجب أن تكون صفاتنا وعلينا أن نتحدث ونتصرف مثله. وهذا أمر غريب بالنسبة لنا لأننا لم ندرك وضعنا في المسيح، ولكن الآن بعد أن أصبحنا أطفال أبرار لله يريدنا أبونا أن نتحدث مثلما يتحدث ويمكننا فعل هذا بأن نتحدث بكلمته وبأن نقول ما يقوله.
الاعتراف الحسن
يمتلئ الكتاب المقدس بالكثير عن اعتراف أفواهنا وأهميته وفي الواقع تخبرنا رسالة رومية 10:10 بأننا خلصنا باعترافنا.
وكلمة الاعتراف هي الكلمة اليونانية “مومولوجيك” والتي تعني أن “تتحدث وفقا ل”. فعندما تعترف بشئ فأنت تتحدث وفقا لما يقوله شخص آخر. ولسوء الحظ فإن هذا عادة ما يؤخذ عن الجوانب السلبية للاعتراف. فتتحدث رسالة يوحنا الأولى 9:1 عن الاعتراف التي ذكرت في العهد الجديد فعندما تعترف بخطية فأنت تتفق مع الله ببساطة على أن ما فعلته يُعدّ خطأ وبهذا تنطلق قوته الغافرة عندما تقول ما يقوله.
لقد جعل الشيطان الناس يسيئون استخدام هذا المدأ بأن يتحدثوا دائما عن مدى عدم استحقاقهم ومدى خطيتهم. فقد أعطاهم صورة خطائة عن طبيعتهم الحقيقية وعن التعريف الكتابي للاعتراف ويشتمل الاعتراف على أمور أكثر كثيرا من مجرد الاعتراف بالخطية على الرغم من أهميته. فكلماتك لها القدرة على أن تخلق في نفسك وفي الآخرين.
تخبرنا رسالة العبرانيين 23:10 “لنتمسك بإقرار الرجاء” (الاعتراف). وتتحدث الرسالة الأولى إلى تيموثاوس 12:6 عن الاعتراف الحسن. وتدعو رسالة العرانيين 1:3 يسوع بأنه “رسول اعترافنا ورئيس كهنة”. فالاعتراف هو الإقرار والموافقة على ما يقول الله عنا في كل مجال من مجالات حياتنا فهو التحدث بما يقوله الله عن نفسه. من هو وماذا يملك وما هي إرادته.
والاعتراف هو النطق بما تممه يسوع، والنطق بمن نحن في المسيح، وما يحق لنا، وما يمكننا أن نفعل به، وأن نعلن أن مكاننا هو فوق عدونا، وذلك لأنه هّزم ولا يستطيع أن يفعل إلا أقل القليل.
قد تقول “هل عليّ حقا أن أردد هذا؟ أليس كافيا أن أؤمن بهذا أو أفكر فيه فقط”. تقول رسالة كورنثوس الثانية 13:4 “فإذ لنا روح الإيمان عينه حسب المكتوب آمنت لذلك تكلمت. نحن أيضا نؤمن وذلك نتكلم أيضا”. إن آمنت بشئ ما واقتنعت به فسيخرج منك ما آمنت به وستتحدث عنه وحتما ستفعله. فمن فضلة قلبك سيتكلم لسانك سواء كان هذا الكلام إيجابيا أو سلبيا.
يقول بعض الناس “لا أؤمن بالثرثرة ببعض آيات الكتاب المقدس فهذا يبدو مثل الخداع أو اللهح المبهم بالنسبة لي حيث يردد الناس بنفس الكلمات مرات ومرات”. إن مثل هؤلاء الناس لم يفهموا ما يقوله الكتاب المقدس عن الكلمات، فعادة ما يقعون في الشرك الذي تنصبه لهم كلماتهم والتي تطلق قوة الموت في حياتهم.
يقول سفر الأمثال 21:18 “الموت والحياة في يد اللسان”. تعني هذه الآية أن اللسان له القوة والقدرة على إحضار الحياة أو الموت، فتشكل الكلمات المملوءة بالإفتراء والشك والحسد والكراهية والنقد والتملق والأكاذيب تربة خصبة لأعمال الشيطان فحيثما تنتشر كلمات الشك وعدم الإيمان والنقد تنتشر أعمال الشيطان ويصبح له الحق في إتمام هذه الأعمال. تقول رسالة يعقوب 16:3 “لأنه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكل أمر ردئ”.
قبل أن نصبح مسيحيين أو عندما كنا مسيحيين جسديين وفاترين سمحنا لجسدنا أن يتحكم في كلامنا، فتحدثنا بما فكرنا فيه وبما شعرنا به وليس بما تقوله كلمة الله فعادة ما يخجل الناس من التحدث بما تقوله الكلمة إذا كانت لا تتوافق مع ما يرونه في تلك اللحظة.
فلسنوات طويلة استعبدنا إبليس بالمعلومات التي نحصل عليها من الحواس الخمسة، ونقلت لنا الصحف المسائية والصباحية وكذلك العديد من المنشورات الدينية معلومات سلبية وخاطئة وأثرت على أذهاننا سلبيا، فكانت كلماتنا سلبية ومملوءة بالخوف وعدم الإيمان، فنطقنا بأشياء مثل هذه “لن يجدي هذا”، “لا أعرف أن أفعل هذا الشئ”، “الأمر يزداد سوء ولن انتهي من هذا الأمر في الوقت المحدد له”، “ولا أرى حلا لهذه المشكلة”.
كلماتنا تؤخذ بجدية في عالم الروح نحن ملوكا
على الرغم من أننا قد لا نأخذ الأمور التي نتحدث بها بجدية إلا أنه في عالم الروح كلماتنا لها أهمية بالغة، قد نمزح ولا نقصد ما نقوله، ولكن إدراكنا أن كلماتنا ما هي إلا قرارات ملكية سيحول دون أن نقول أشياء مثل “أراك غدا، إم لم يفتكرني الله”.
نتحدث إلى السيارة ونقول لها “أوق” إذا لم تدر، ونصرخ عندما نصطدم بعتبة الباب وعندما تمطر السماء. ولا يفكر أحد فيما يقوله، ونتنبأ سلبيا عن ضياع ممتلكاتنا وعن عدم لحاقنا بالأتوبيس وهكذا. يبدوا هذا طبيعيا بالنسبة لمعظم الناس. لماذا؟ لأننا سمعنا معلومات سلبية وخادعه وقبلناها. فقد آمنا بالأكاذيب والمخاوف التي ملأ بها الشيطان أو روح هذا العالم أذهاننا وتحدثنا بها وتصرفنا بمقتضاها.
عندما يأتي الله ليساعدنا على التغير، قد يكون رد فعل الجسد كما يلي: “ترديد الآيات الأسلوب يجعلنا نشعر بأننا مثل الآلة”. هذا هو الذهن الجسدي الذي يتمرد على كلمة الله. يجب عليك أن تتمرد على الجسد. ضع كلمة الله في فمك وقل ما يقوله الله عن مكانتك ووضعك بغض النظر عما تشعر به.
في البداية قد يبدو هذا الأمر جافا وبلا حياة وغريبا. لكن تذكر كيف كان حالك عندما كنت تتعلم المشي؟” لم تجلس وتقول “لا أشعر بشئ، فلن يجدي تعلم المشي. لقد حاولت المشي ثلاث خطوات كاملة ولم أر نتيجة!” لم تفعل هذا بل استمررت في التعلم حتى أصبح المشي طبيعيا وسهلا.
بنفس هذا الأسلوب عليك أن تُعلم نفسك أن تستوعب كلمة الله. فتحتاج أن تعترف كل يوم بما يقوله الله عن وضعك بعد كل هذه السنوات من الإتفاق مع الشيطان. يعمل الاعتراف على محرين: (1) إلى الإيمان و(2) من الإيمان.
إن الاعتراف الذي يقود إلى الإيمان يعني البدء بالتحدث بمواعيد الله المذكورة في الكلمة والتي تتعلق بأمر ما في حياتك. وعليك أن تجتهد في هذا لأن الشيطان سيهاجم الكلمة وسيفعل كل ما بوسعه ليجعلك تشعر بأنك غير متأثر بالكلمة أو ترددها مثل الآلة بدون فهم أو تلتزم بها حرفيا. فقط إستمر في الاعتراف! اقرأ الكلمة وإلهج فيها وتحدث بها فستعمل في قلبك وستتحول إلى اعتراف “إيمان” من إيمانك ومن قلبك وستكتشف إنه في الأمور التي تعتدت أن تتصرف فيها بخوف واحباط ومرارة أصبحت الكلمة الحية تخرج من روحك وتتحرك مصحوبة بالروح القدس مثل القاطرة الضحمة المملوءة بالوقود.
تطهر الكلمة التي تحدثت بها المجال الروحي وتزيل آية مقاومة وتطلق قوة الله، فالكلمة سيف ذي حدين (عب 12:4) ولكنها ليست سلاحا لتستخدمه في القاء الخوف في نفوس غيرك من المسيحيين الذي ينتمون إلى طوائف أخرى، لكنها سلاح في عالم الروح. كيف تعمل؟ يقول سفر الرؤيا 16:1 عن يسوع أن “سيف ماض ذو حدين يخرج من فمه”. فالكلمة التي تخرج من فمك سيف ماض ذو حدين ضد العدو.
يقول سفر المزامير 2:8 “من أفواه الأطفال والرضع أسست حمدا بسبب إضدادك لتسكيت عدو ومنتقم”. لقد وضع الله قوة في أفواهنا. إنها قوة الكلمة التي تصمت العدو عندما تنطق بإيمان. إن كلمة الله التي تنطقها بفمك لها نفس القوة التي كانت لها عندما كانت في فم يسوع. أخبر يسوع الشيطان “اذهب يا شيطان لأنه مكتوب..” (مت 10:4). إذا كان يسوع قد استخدم الكلمة كسلاح ليوقف حروب الشيطان ألا تعتقد أنك ستحتاج إلى فعل نفس الشئ. ستوقف قوة الكلمة التي في فمك هجمات العدو التي لن تقف بقوتك.
لا عجب من أن الشيطان يحاول بشتى الطرق منع المؤمن من قضاء وقت مع كلمة الله ثم التحدث بها. استمر في التحدث بكلمة الله بغض النظر عن أي شئ آخر. لا تتحدث فقط عن ظروفك ولكن تحدث عما يقوله الله عن ظروفك. يقول بعض الناس “لكن لا يمكننا تجاهل الواقع”. لا، لا تستطيع تجاهل الواقع. ولا يوجد سبب يجبرنا على تجاهله. وعلى الرغم من ذلك فالواقع أكثر كثيرا مما نستطيع رؤيته الآن بعيوننا الجسدية.
نحتاج أن نفرق بين حقائق الإيمان والحقائق الملموسة. إذا كان هناك ألم في قدمك فالحقيقة هي أن هناك ألم في قدمك، وأن قدمك ليست على ما يرام. فإذا سألك شخص ما إن كان هناك ألم وأجبت بابتسامة مصطنعة قائلا: “لا إني لا أشعر بألم”، إذن تكذب، وهذه خطية وحتما ستعوق قوة الله من العمل لشفائك.
لا يوجد سبب يجعلك تنكر أن قدمك تؤلمك فهذه حماقة. ولكن عليك أن تتحدث بما تقوله الكلمة عن قدمك بدلا من أن توافق دائما على حالة قدمك المؤلمة، فكل شئ في هذا العالم بما ف ذلك الألم قابل للتغير. والألم ليس أمرا ثابتا. تقول رسالة كورنثوس الثانية 18:4 “لأن الأمور التي تُرى وقتية وأما التي لا تُرى فأبدية”.
تحدث بالكلمة إلى الجبل
هذا يعني أن كل ظرف وكل أمر يحدث في هذا العالم قابل التغير على الرغم من أنه قد يبدو عكس هذا. فالظروف أمر مؤقت. على أية حال فإن كلمة الله أبدية ولها قيمة أعظم. فقد كانت الأشياء غير المرئية موجودة في وقت يسبق وجود الأشياء المرئية بكثير فالإيمان هو الإيقان بأمور لا تُرى (عب 1:11).
الكلمة أبدية ولا يمكن أن تتغير وتزول (مت 35:24). وعندما تُبذر الكلمة في قلبك سينمو الإيمان وستبدأ في رؤية ما كان غير مرئي من قبل. فسترى عيناك الداخليتان التغيير أو المعجزة التي تحتاجها. فما أظهره الله لك في كلمته سيصبح اقتناعا في قلبك.
نعم قد تكون لا تزال تشعر بالألم في قدمك، ليس عليك أن تنكر هذا. فصوت الألم يتحدث بوضوح لكنك تسمع صوتا أخر وترى شيئا آخر أراه لك الله في كلمته في نفس الوقت وتفهم أنه “بجلدته شفيتم” (1بط 24:2)، ترى شفائك وتتمسك به بإيمانك وتنطق به بفمك قائلا: “نعم قدمي تؤلمني ولكن بجلدة يسوع حصلت على الشفاء وقوة الله تعمل الآن لاشفيني”.
فهذا ما كان يسوع يقصده في إنجيل مرقس 23:11-24 عندما يقول “من قال (لم يفكر فقط) ل (ليس عن أن بشأن) هذا الجبل (ليس للآخرين) انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه بل يؤمن أن ما يقوله يكون، فمهما قال يكون له”.
يخبرنا يسوع أننا أن نحصل على ما نقول. قد يقول أحدهم “ولكن بالطبع لا يمكن أن نحصل على ما نقول. أليس كذلك؟” في الآية التالية يقول يسوع “كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم”. بمعنى آخر إذا كان هناك في قلبي إيمان وإيقان وإقتناع بما في الكلمة بشأن أي جبل أو مشكلة أو ظرف، لن أشك ولن أتحدث كما لو كان هذا الجبل هو النهاية ولا يمكن تخطيه. فيسمع قلبي ما يقوله الله بالإيمان. وتعلن كلمة الله عن إرادته لحياتي وذلك لأنه معي وليس ضدي. فأنا أعلم جيدا أنه يريد أن يزال هذا الجبل. إذن ماذا أفعل؟ اطلق قوته بالكلمات المملوءة بالإيمان، وتحدث إلى الجبل، فقد صدر مرسوم ملكي وارسل أمر لهذا الجبل أن ينتقل.
لمن صدر هذا الأمر؟ للجبل! تحدث مباشرة إلى ظروفك ولا تتحدث عنها فقط لا تشفق على نفسك لتحصل على العطف من الآخرين. لكن تحدث إلى الجبل. هناك شيئا ما بداخلك سيرفض أن تقبل الظروف وسيطالب بالتغيير لأنك رأيت إرادة الله. ولكن يقول بعض الناس “كيف ترفض قبول شيئا أمامك مباشرة؟” ذلك لأنك قادر أن ترى وراء ما هو أماك مباشرة! يمكنك أن تتحدث إلى الجبل وتأمره أن ينتقل.
نعم ولكن ماذا سيحدث لو بقى؟ يطالبنا يسوع أن نفعل ما فعله، وقبل أو يقول هذا كان يسوع قد لعن شجرة التين. تحدث إلى الشجرة (مر 14:11)، ولكن التلاميذ لم يروا أن أغصان الشجرة قد سقطت وأنها قد يبست إلا في اليوم التالي (مر 20:11-21). ففي اللحظة التي تحدث فيها يسوع خرجت الكلمة من فمه، وما قاله حدث في عالم الروح. لقد لعن الجذر ولكن الأمر استغرق وقتا حتى يظهر مرئيا. شرح يسوع ما حدث مستخدما توضيح الجبل الذي ينطرح في البحر (آيات 23-24).
عندما تتحدث للجبل وتأمره إن ينطرح في البحر فقد خرجت كلمة الله من فمك، ولن ترجع إليك هذه الكلمة فارغة على الرغم من النتائج التي قد لا تظهر في الحال. تذكّر ما قاله يسوع في أية 23 “بل يؤمن أن ما يقوله يكون فمهما قال يكون له”. يجب أن تتمسك بإقتناعك بأن هذا سيحدث في وقت ما في المستقبل.
تعلن أية 24 شئ مهم يجب أن تفهمه لأن الإيمان يهتم بالحاضر. يقول يسوع “آمنوا أن تنالوه فيكون لكم”. بمعنى آخر عندما تصلي وتأمر الجبل أن ينتقل إعترف بما تقوله كلمة الله عن وضعك حتى قبل أن ترى آية نتائج مرئية. يجب أن تؤمن بهذا وتقبله كحقيقة، فيجب أن تراه وقد أكمل بعينا الإيمان. يمكنك أن ترى استجابة حتى قبل أن تأتي هذه الاستجابة فعلا. وعندما تطالب بها تحدث بالحل، لا تتحدث عن المشكلة فقط. عالما أن هذا سيحدث. قال يسوع “فيكون لكم” (أية 24).
هذا لا يعني أن تنكر وجود الجبل في حياتك ولكنه يعني أن ترفض النظر إلى الأمور الوقتية وكأنها أبدية لأن هذا ما قاله الله فهذا ما فعله إبراهيم، كان يرى إبنه قبل أن يولد اسحق بفترة طويلة. تخبرنا رسالة رومية 18:4-21 بما فعله، فقد علم ابرام أن جسده مات ولكنه لم يسمح لجسده بأن يكون هو مصدره الأكيد للمعلومات. عندما كان لا يوجد رجاء من الناحية الطبيعية، لكنه كان لا يزال يؤمن بالرجاء “وتيقن أن ما وعد به هو قادر أن يفعل أيضا”.
كان عليّ كل بطل من أبطال الإيمان في العهد القديم أن يجتاز هذه المرحلة، وعلينا أنا وأنت أن نفعل هذا أيضا. أروع شئ في هذا الأمر أننا سنتعلم أن نثق في الله فإنها مجرد مسألة النظر وراء الظروف الحالية إلى ما يريد الله أن يقوله عن هذا الموقف. وكلما تمسكنا به وآمنا به واعترفنا به سنرى اتمام كملته في حياتنا.
تقول رسالة العبرانيين 23:10 “لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لأن الذي وعد هو أمين”. لقد تكلم الله وما يقوله صحيح. وعليّ أن أتمسك بمواعيد كلمته، وأتفق معه وأقول ما يقوله دون أن أسمح لظروفي أن تحركني. لماذا؟ لأني على علاقة وطيدة معه وأعلم أنه أمين وأنه يمكنني الثقة بكلمته وأنه قادر أن يفعل ما وعد به. عندما أقول ما يقوله الله أعطيه الفرصة أن يعمل، وستنطلق قوته وستتغير ظروفي، فيجب أن يخضع الطبيعي لما هو خارق للطبيعة.
تحدث عدة أشياء عندما تخرج كلمة الله من فمك. أولها إنها تقوى إيمانك عندما تسمع الكلمة منطوقة، وستميز الكلمة بين النفس والروح في حياتك (عب 12:4)، سامحة لك أن ترى إرادة الله أكثر وضوحا. تخلق كلمة الله كلما خرجت مثل البذرة التي تأتي بالحصاد وأخيرا إنها سلاح جبار يدمر مكائد العدو وحصونه.
لقد وضع الله بالفعل قوة ضخمة في فمك (مز 2:8) وكلا من الحياة والموت في يد اللسان (أم 21:18)، وما الكلمات إلا أوعية عندما تملأها بكلمة الله تملأها بكل ما تحويه الكلمة. وهذا النوع من الكلمات ورح وحياة وهي تطلق قوة الله.
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.