عظات الثلاثاء 3/12/2019
لسماع العظة علي الفيس بوك اضغط هنا
مقدمة
يجب أن تنظر النظرة الصحيحة والسليمة للوقت الذي مضى من حياتك، وللوقت الآتي، فنظرتك السليمة ستساعد في استقرارك.
كلما تتعامل مع ذهنك بطريقة صحيحة، زاد استقرارك؛ لأن ذهنك يحتوي على إظهار حياتك للخارج، ذهنك هو الأرض التي تتحرك من خلالها، فعزمك وقوتك يتركزان في إدراكك، ومعرفتك، وكَم الاستنارة التي بذهنك.
- العَلاقة بين الأسئلة والأجوبة ومستوى الاستقرار
عندما تواجه الحياة ستظهر أسئلة، ومستوى استقرارك له علاقة بما حصُلت عليه من أجوبةٍ للأسئلة التي تدور في ذهنك، فهو يحتوي على معلومات، وإن كان يحتوي على كم من اﻷسئلة أكثر من الإجابات أو المعلومات، فأنت بذلك غير مستقر. يتركز استقرارك في الإجابات الصحيحة (وليس فقط أية إجابات)، سقط الإنسان من خلال سؤال لم يكن مُجابًا عنه بوضوح داخله.
استعمل إبليس طريقة اﻷسئلة ليُسقِط آدم، هو يلعب باستراتيجية الأسئلة، لكن عندما حاول إبليس أن يُسقِط يسوع، تعامل معه عبر الجمل ﻷنه وجد يسوع يعرف الإجابات؛ فاستعمل معه استراتيجية مختلفة. فعمل معه ذات طريقته للتشكيك لكن هذه المرة بوضع أسئلة وأجوبة لها من ذاته، ذلك بسبب حيرته في يسوع.
يوجد من لديه إجابات عن الأسئلة لكنها خاطئة، مثل هذا ستجد كيانه الداخلي ضعيفًا، وغير مبني على صخر وأساسيات الكلمة، إن كنت تريد أن تحيا حياة صحيحة، أدعوك أن تفتح الأسئلة، يوجد أسئلة إذا سألتها بصورة صحيحة ستجد الرب يجاوبك عنها، وسيجيبك طبقًا لمستواك، واتجاه قلبك، إن كنت تسأل سؤالك باتجاه قلبي صحيح، أو باتجاه قلبي خاطئ، سيجيبك الرب طبقا لطريقة سؤالك.
اسأل بطريقة سليمة، يوجد أناس يسألون كثيرًا، لكن لا يتعلمون، ويوجد أناس ممتلئون من الشكوك.
يقاس إيمانك بنوع وكم أسئلتك، فإيمانك مرتبط: بكم ونوعية الإجابات لديك.
عندما تملك إجابات وفهمًا للحياة، تجد إيمانك سلسًا، وسهلًا، وسريعًا، وإن لم تواجه أسئلتك، يصير إيمانك أضعف، فهناك أسئلة حياتية إن لم تسألها فأنت في خطر.
اسأل كل ما لم تجد له إجابة لديك، وضعها في المواجهة، ولا تتركها، لكي تسير بسلاسة، وتجد استقرارًا في حياتك، بهذا لن تكون مملكة منقسمة على ذاتها، ولن يكون لديك شكوك تؤدي بك إلى صراعات.
لا تخشَ أن تسأل أسئلتك خوفًا من أن تكون حمقاء، قد يدور في ذهنك أسئلة مثل: لماذا حدثت معي هذه الأمور؟ لماذا أنا موجود على الأرض؟ لماذا خلق الله الإنسان؟ مثل هذه الأسئلة تحتاج لإجابات، تجرأ وأسأل، وتذكر أن بولس صلى ثلاث مرات فقط ليفهم أمر الشوكة (الاضطهاد) ﻷنه معتاد أن يصلي ويجد إجابات، وعندما جاوبه الرب، أوضح له ما كان يحتاجه ليفهمه ويعمله.
عليك أن تعرف وتفهم متى يحق لك أن تسأل أسئلتك، ومتى تؤجلها، فثمَّة سؤال مهم يجب ألا تؤجله، وآخر يصح أن تؤجله.
يتحرك الله معنا من خلال ترتيب وتنظيم معلومات في أذهاننا.
يوجد مَن لا يسأل من اﻷساس، ولا يستفسرون بأسئلة مثل كيف؟ ولماذا؟ لكن تذكر أن عملاقة الكتاب المقدس هم من سألوا واستفسروا، مثل موسى الذي وقف أمام العليقة، وسأل كيف لم تشتعل؟ والحقيقة أنه لم يكن لها وظيفة سوى لفت الانتباه. كذلك أنت أيضًا، يوجد عليقة في حياتك وظيفتها أن تلفت انتباهك، يريد الروح القدس أن يستخدمها ليأخذك في رحلة من المعرفة والإدراك، لا تغلق على الروح القدس بل تفاعل معه.
ليس من الطبيعي أن يستمر بداخلك أسئلة لم يُجَب عنها مدى الحياة. لذا، يحق لك أن تسأل؛ فالإجابات التي يُجاب عنها تجعلك تعرف كيف تسلك في حياتك الروحية، ليمتلئ ذهنك بالمعرفة، إلى أن تنتهي اﻷسئلة تمامًا. وسبب انتهاء الاسئلة أن في الحق الكتابي جميع الأجوبة، وهو سيجيبك عن جميع أسئلتك.
لأنَّهُ ليس هو إنسانًا مِثلي فأُجاوِبَهُ، فنأتي جميعًا إلَى المُحاكَمَةِ. ليس بَينَنا مُصالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ علَى كِلَينا (أيوب ٩: ٣٢-٣٣).
طرح أيوب، في الآية السابقة، سؤالًا (يعتبر من أقدم الأسئلة) وهو: من يُوصلني بالله؟ اﻹجابة كانت يسوع.
أية إجابة تحتاجها ستجدها في يسوع، والفن في إخراج اﻹجابة الخاصة بهذا السؤال.
من ضمن معاني “الشكوك” في اللغة اليونانية هي التساؤلات. فترك اﻷسئلة في ذهنك بدون إجابة عنها، يفتح المجال ﻷرواح شريرة على حياتك، عندما تفهم الفكر الإلهي، ستجد أن حقًّا كتابيًّا واحِدًا يؤثر فيك، ويُجيبك عن عدة أسئلة في آنٍ واحد؛ ﻷن أسئلتك هذه كانت أوجهًا كثيرة لسؤالٍ واحد.
- لماذا يموت الشباب في أعمارٍ مبكرة من هذا الجيل؟
يموت الشباب في أعمار مبكرة؛ بسبب مبدأ الزرع والحصاد.
عندما تسمح الكنيسة بدخول أمورٍ ليست لائقة، وتقبلها، ولا تتعامل معها بالكلمة (ليس بالحرب أو الانتقاد)،
هي تسمح بدخول الأرواح الشريرة كالعصابات؛ فتهجم على جيل كامل؛ مسببة له الموت؛ لأن الكنيسة هي حاجز الإثم في الأرض. فهذا الجيل يحصد ما تركته الكنيسة يعبر دون ضبط من الكلمة.
من ضمن الأسباب أيضًا:
- عدم احترام وتقدير السلطة والسلطان ومن هم في منصب.
هذا يشمل: العمل، البيت (الآباء والأمهات)، وكل من هم في رئاسة، وقد تربَّى جيلٌ على عدم احترام السلطة، أو السيادة، أو رأي الآخر، في بيته، أو العمل، أو في مكانٍ حكومي. نمى في هذا الجيل على عدم احترام وتقدير السُّلطان، والاستهانة به، وكذا من هم في منصب؛ مما أدى لعدم وجود تقوى.
- الانفتاح على الإباحية والتعامل معها بصورة سرية خبيثة.
هذه أمور دخلت وسط أشخاص رحبوا بها، ولم يقاوموها. يوجد أيضا من يخاف أن يتكلم عنها، أو من لا يعلم كيف يساعد شعبه على التخلص منها.
كل ما سبق يُحصَد الآن؛ مما يؤدي إلى موت الشباب في سنٍّ مُبكرة.
إن لم تفهم مبادئ الروح القدس، ستجد لديك أسئلة أكثر من اﻷجوبة. يعطيك الروح القدس أسئلة ليفتح معك مواضيع، لكن أسئلته لابد أن تنتهي معك بأجوبة. على النقيض، عندما يعطيك إبليس أسئلة فوراؤها خبثٌ، وتشكيك، وسيتركك في شك.
كلما امتلأت من المفاهيم الكتابية، عرفت كيفية السير في الحياة، وتفادي الفخاخ الموضوعة حولك، ولن تأكل مما يأكله العالم، كما تقول الكلمة في:
(٢بط١: ٤) “هَارِبِينَ مَنَ الفَسَادَ الَّذِي فِي العَالَمِ”. وكلمة “هاربين” تعني: غير متأثرين.
وأنت تسلك في حياتك، عليك مواجهة اﻷسئلة التي تركتها كثيرًا.
أَمَّا يَسُوعُ قَبْلَ عِيدِ الْفِصْحِ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى. فَحِينَ كَانَ الْعَشَاءُ وَقَدْ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَى يَدَيْهِ وَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَرَجَ وَإِلَى اللَّهِ يَمْضِي قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ وَخَلَعَ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَلٍ وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِراً بِهَا. فَجَاءَ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ. فَقَالَ لَهُ ذَاكَ: «يَا سَيِّدُ أَنْتَ تَغْسِلُ رِجْلَيَّ!» أَجَابَ يَسُوعُ: «لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ وَلَكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ». قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لَنْ تَغْسِلَ رِجْلَيَّ أَبَداً!» أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ لاَ أَغْسِلُكَ فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ». قَالَ لَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ لَيْسَ رِجْلَيَّ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يَدَيَّ وَرَأْسِي». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الَّذِي قَدِ اغْتَسَلَ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلاَّ إِلَى غَسْلِ رِجْلَيْهِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كُلُّهُ. وَأَنْتُمْ طَاهِرُونَ وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّكُمْ». لأَنَّهُ عَرَفَ مُسَلِّمَهُ لِذَلِكَ قَالَ: «لَسْتُمْ كُلُّكُمْ طَاهِرِينَ». فَلَمَّا كَانَ قَدْ غَسَلَ أَرْجُلَهُمْ وَأَخَذَ ثِيَابَهُ وَاتَّكَأَ أَيْضاً قَالَ لَهُمْ: «أَتَفْهَمُونَ مَا قَدْ صَنَعْتُ بِكُمْ؟ أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً وَحَسَناً تَقُولُونَ لأَنِّي أَنَا كَذَلِكَ. فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ (يو ١٣: ١- ١٤).
عَالِمٌ أَنَّ الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَى يَدَيْهِ: هذا هو السر الذي دفع يسوع لغسل أرجل تلاميذه.
وَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَرَجَ وَإِلَى اللَّهِ يَمْضِي: كان يسوع يعرف هويته، فلم تكن قيمته من شخص ما، بل كان يعلم أن قيمته وهويته هي من الآب (وليس الناس)، فكان يعلم أن مصدر حياته ليس البشر، وأن قيمته لن تنتقص بأي شيء، ومع أنه المعلم، قام وغسل أرجل التلاميذ.
تذكر أن الهيبة التي كانت معطاة للمعلم آنذاك كانت ضخمة، وكل من يتعلم من معلمٍ ما، كان يجلس عند قدميه، لذلك عندما قام يسوع، وغسل أرجل تلاميذه، كان هذا العمل غريبًا.
«إِنْ كُنْتُ لاَ أَغْسِلُكَ فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ»: لماذا لم يتغاضَ يسوع عمَّا قاله بطرس في هذه الآية؟ لأن بطرس قضى مدة زمنية مع يسوع ليست بقليلة، صار فيها فاهمًا، وعارفًا، أنه توجد أمور يقولها يسوع، أو يفعلها، ثم يشرحها في وقتٍ لاحق، فكان مفترضًا يُطيع بطرس؛ ﻷنه تحت مدرب لا يحق له الفصال، أو استعمال الذهن، معه، بمعنى آخر، بسبب معرفة بطرس بمقام يسوع؛ صار مسؤولًا.
إن كان هذا التصرف صدر عن بطرس في بداية معرفته بيسوع، كان له عذره؛ لكن بسبب أنه متأكد أن كل ما يفعله يسوع له مغزى، لم يكن لديه عذر.
«أَتَفْهَمُونَ مَا قَدْ صَنَعْتُ بِكُمْ؟ كان الرب يسوع يطرح أسئلة آنذاك. وكثيرًا ما يطرح الروح القدس أيضًا أسئلة في ذهنك. لاحظ أن يسوع أجاب بطرس عندما قال له: (لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ وَلَكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ)، لفظ “فيما بعد” كان يقصد يسوع به: “بعد دقائق”، وليس في السماء، أو بعد فترات من السنين. عليك بوضع، أي شيء لا تعرفه، أو تفهمه، في أسئلة، وإن لم تضعه، ستجد نفسك ضعيفًا، ويتزايد ضعفك مع مرور اﻷيام. اﻷسئلة هي المبنى والمعرفة الخاصة بك.
- تعليم يسوع عبر العصف الذهني
كان يسوع يُعطي معرفة، ويُعلم، عبر العصف الذهني. مثلًا قال لليهود: فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ (متى 5: 29- 30).
كان يسوع يريد أن يؤكد في أذهان الأشخاص أن الأمر جادٌّ، فهو لم يقصد حَرْفية قطع اليد، أو فقع العين؛ لأن الشخص لو طبَّقَ هذا، سيستمر أيضًا يشتهي. فكل من سمع يسوع، كان عارفًا أنه لم يقصد قطع اليد أو العين حرفيًّا. من هنا يبدأ الشخص يفكر، ويصل لمقصد يسوع، وهو أن المشكلة في روح اﻹنسان الداخلية، وليس الجسد، فمن قلب اﻹنسان تخرج الخطية، لا من جسده، لذلك تطلب سؤال الرب يسوع عصفًا ذِهنيًّا، ولا تؤخذ معلومات الرب يسوع كل مرة بالصورة التي تُطبَّق فيها مباشَرةً، إذ تختلف أمثالُه، عن التعليم، والرسائل المباشرة.
أى شيء لم تفهمه لا بُدَّ وأن تضعه في أسئلة، وتأكد أن كل اﻷسئلة، مُهِمَّة، في نظر الله، لكن لا تضع نفسك في وضعية سؤال خاطيء؛ بسبب دوافع قلبك.
- وضعية الأسئلة الخاطئة
فَجَاءَ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ وَجَلَسُوا أَمَامِي. فَصَارَتْ إِلَيَّ كَلِمَةُ الرَّبِّ: [يَا ابْنَ آدَمَ, هَؤُلاَءِ الرِّجَالُ قَدْ أَصْعَدُوا أَصْنَامَهُمْ إِلَى قُلُوبِهِمْ, وَوَضَعُوا مَعْثَرَةَ إِثْمِهِمْ تِلْقَاءَ أَوْجُهِهِمْ. فَهَلْ أُسْأَلُ مِنْهُمْ سُؤَالاً؟ لأَجْلِ ذَلِكَ كَلِّمْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي يُصْعِدُ أَصْنَامَهُ إِلَى قَلْبِهِ, وَيَضَعُ مَعْثَرَةَ إِثْمِهِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ, ثُمَّ يَأْتِي إِلَى النَّبِيِّ, فَإِنِّي أَنَا الرَّبُّ أُجِيبُهُ حَسَبَ كَثْرَةِ أَصْنَامِهِ (حز ١٤: ١- ٤).
هَؤُلاَءِ الرِّجَالُ قَدْ أَصْعَدُوا أَصْنَامَهُمْ إِلَى قُلُوبِهِمْ, وَوَضَعُوا مَعْثَرَةَ إِثْمِهِمْ تِلْقَاءَ أَوْجُهِهِمْ. فَهَلْ أُسْأَلُ مِنْهُمْ سُؤَالاً؟:
تقصد الآية أن هل بعد ما وضع أولئك مبادئهم، وعقيدتهم، كشيءٍ أساس لحياتهم، يذهبون ليسألوا الرب؟
فَإِنِّي أَنَا الرَّبُّ أُجِيبُهُ حَسَبَ كَثْرَةِ أَصْنَامِهِ: بمعنى آخر، مَن يسأل هو مَن يضبط اﻹجابة.
إن كنت واضعًا أعذارًا، ولديك أفكار شخصية متمسكٌ بها (أي واضعٌ أصنامًا في قلبك)، وتذهب تسأل الرب، دون أن تتخلى عنهما، فأنت في النهاية من ضبط اﻹجابة، مثلًا عندما تقول إنك لن تتبع الرب، إلا عندما يستجيب لك في أمرٍ ما، أو يُجيبك عن تساؤلك! إن وضعت ذلك كشرط لتبعيتك للرب، في هذه اللحظة أنتَ تسير بدون تقوى، وستمنعك دوافع القلب هذه من استقبال اﻹجابة! حتى إن جاوبك الرب، ستجد نفسك تبحث عن أمر آخر تضعه كشرط جديد في تبعيتك له، من هنا لن تكون تقيًّا؛ لأن التقوى أن تحب الرب من كل قلبك دون شروط.
عندما يجد الرب الشخص واضعًا أصنامًا بداخله، من خلال تقديسه وتقديره لمبادئه الشخصية، سيعطيه إجابات طبقا للوضعية التي وضع نفسه فيها. فيصير الشخص أعمى في ذهنه، لا يستطيع أن يستقبل الكلمة؛ قائلًا: “تعبر الكلمة أمامي، لكنني لا أفهمها”. وهذا سببه أنك لم تتعلم من البداية أن تخاف الرب، وتحبه من كل قلبك، بعيدًا عن اﻷسباب؛ كنتيجة لذلك؛ ستبدأ في التعامُل مع الله بصورة فيها استخفاف.
لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى وَلَكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هَؤُلاَءِ. فَإِنَّهُ مِنْ هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْبُيُوتَ، وَيَسْبُونَ نُسَيَّاتٍ مُحَمَّلاَتٍ خَطَايَا، مُنْسَاقَاتٍ بِشَهَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. يَتَعَلَّمْنَ فِي كُلِّ حِينٍ، وَلاَ يَسْتَطِعْنَ أَنْ يُقْبِلْنَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ أَبَداً (٢تي ٣: ٥-٧).
وَيَسْبُونَ: أي يصنعون فخاخًا.
مُنْسَاقَاتٍ بِشَهَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ: بمعنى أن هناك أصنامًا في حياتهم.
يَتَعَلَّمْنَ فِي كُلِّ حِينٍ، وَلاَ يَسْتَطِعْنَ أَنْ يُقْبِلْنَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ أَبَداً: أي يسألن كثيرًا، ويسعين للمعرفة في كل حين، لكنهن لا يستطعن الوصول لمرحلة اليقينية والفهم، والسبب أنهن “محملات”، أي طوال الوقت مُحمَلاتٌ بأصنام، ومبادئ، وأفكار في قلوبهن، يرفضن تغييرها، عندما يريد الروح القدس أن يضبطها، متحججين بحُججٍ كثيرة مثل: “مَن قال هذا؟”، “وما الخطأ في مبدأي هذا؟” ويبدأ الشخص يتعامل بهذا المنطلق.
رغم توفر اﻹجابة لديه، يجد إنه غير قادر على الاستيعاب، إذ يوجد شيء كالفرامل يجعله يقف؛ لإنه واضع أعذارًا كثيرة. وربما يضع أشهر اﻷعذار وهي: “من يعرف الحق؟”.
هل يُعقل أن يتركك الله على اﻷرض، لتكون منساقًا بكل ريح تعليم، دون أن يُعلِمك الحقيقة؟ مستحيل! فلا تقل: “إن كان الله يريد أن يُجيبني سيُجيبني”، وتظل دون سعي! كيف سيُجيبك الله دون سعى منك لدراسة الكلمة؟ عمليًّا في حياتك، أنت لا تتوقع أن يأتي أحدٌ لغرفتك عبر النافذة، إنما عبر الباب، هكذا الله، الباب الذي يأتي منه هو كلمته، لذلك اسعَ إليها؛ لأنه سيُجيبك فقط منها.
- أمثلة للأسئلة الخاطئة
1- سؤال متأكد من إجابته
فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ انْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَلَمَّا رأي انَّهُ لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. وَقَالَ: «اطْلِقْنِي لأنه قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لا اطْلِقُكَ انْ لَمْ تُبَارِكْنِي». فَسَالَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». فَقَالَ: «لا يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ اسْرَائِيلَ لأنك جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ». وسأله يَعْقُوبُ: «اخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْالُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ (تك ٣٢: ٢٤- ٢٩).
الكلمة المتداولة “نُصارع مع الله في الصلاة”، ليس معناها البكاء، ومحاولة جعل الله يستجيب. مكتوب في (هو١٢: ٤) “جاهَدَ مع المَلاكِ وغَلَبَ. بَكَى واستَرحَمَهُ. وجَدَهُ في بَيتِ إيلَ وهناكَ تكلَّمَ معنا”، معنى الآية أنه كان يتشفع، وليس في صراع عنيف مع الله. بالنسبة لأمر “حُق فخذ يعقوب”، كان يعقوب يحيا حياته من خلال ذراعه، وقدرته البشرية، لذلك عندما تعامل الرب معه، صارت علامة ليتذكرها، لكنها لم تكن مرضًا؛ فبسبب هذه العلامة، صار يعقوب يتذكر طريقة حياته القديمة؛ ليتوقف عنها.
وَلَمَّا رأى إنَّهُ لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ: أي لم يقدر عليه في التشفع؛ حيث إنه حصل على ما يريد.
وسأله يَعْقُوبُ: «اخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْالُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ: وكأن الرب يَودُّ أن يقول له كفاك تدخلًا فيما لا يعنيك، كفاك تعقبًا، وحب استطلاع.
طرح يعقوب سؤالًا، ورفض الرب أن يجُيب عنه، بل قال له لماذا تسأل من الأساس؛ بسبب أنه سأل سؤالًا يعلم إجابته، فبعد أن فارقه الملاك، قال يعقوب إني رأيت الله، ونُجيَت نفسي، فهو كان يعلم أنه الله، ورغم ذلك، باركه الله.
تكرر ذات الموقف مع بطرس عندما سأل الرب عن يوحنا، فقال له الرب لماذا تتدخل في شؤون الآخر؟ بمعنى لا تسأل الأسئلة التي بها تدخُّل في أمور اﻷخرين، كفاك تحليلًا وتفكيرًا وتعقبًا. ذهنك غير مستريح بسبب اﻷسئلة الكثيرة التي ليست في محلها.
لا تسأل أسئلة معروفة اﻹجابة. إن كنت من هذا النوع، أنت في خطر، وتضع نفسك في زوايا من عدم الاستقرار، عن دون وعي، أو قصد، أو دراية، فلا تسأل: هل يحبني الرب؟ وأنت عالم الإجابة، أنه يحبك.
2- أسئلة ليس لها علاقة بالموضوع الكتابي الحالي:
بداية أي سؤال نظريًّا، هي سعي وراء الإجابة، لكن ليس كل اتجاه سؤال صحيحًا، وليس توقيت كل سؤال أيضًا صحيحًا، ﻷنه يوجد أسئلة تخفف عمل الروح القدس في حياتك. وهذا من خلال أن تسأل سؤالًا ليس له علاقة بالموضوع الكتابي الذي تدرسه الآن، رغم أنه يبدو كذلك، فلو أكل شخص طعامًا ليس بنظيف فسبب له المرض، ليس من الصحيح أن يسأله أحد: “لماذا أكلت من الأساس؟” لكن السؤال الصحيح هو: “ماذا أكلت؟” فليس من البديهي أن يسأل شخص أحدًا “لماذا تجوع؟”. هكذا الأمر أيضًا في التعليم الكتابي؛ كما سيُوضَّح في النَّص الآتي:
وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ بَلْ يَنْتَظِرُوا «مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ لَيْسَ بَعْدَ هَذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ». أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ: «يَا رَبُّ هَلْ فِي هَذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أع ١: ٤- ٨).
أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ: كان يسوع يتحدث مع التلاميذ عن إرسال الروح القدس، لكن التلاميذ سألوه سؤالًا، علّق فيه الكتاب، وقال “أما هم”. وذِكر هذه الكلمة، يوضح أن التلاميذ لم يكونوا في تركيز مع حديث الرب يسوع، وكانوا يفكرون في أمر آخر أثناء حديثه، فسألوه سؤالًا يظهر في شكله، وكأن له علاقة بما يتحدث عنه يسوع، لكن في الحقيقة لم تكن له علاقة. كان يسوع يتكلم بقيادة الروح القدس (أوصى بالروح القدس)، لكن بسؤال التلاميذ الخاطىء، أطفأوا الاستعدادية التي كان يريد أن يزرعها بداخلهم.
لن يعمل الروح القدس معك أي أمر ما لم تكن متوقعه، أو منتظره، حتى ولو بدرجة قليلة. هذا مبدأ، لم يُحبل بيسوع في البطن قبل عِلم العذراء مريم بالأمر، وموافقتها عليه، لا يعمل الله شيئا بالقوة (كإجبار) خارجًا عن إرادة الشخص، يجب أن توافق عليه أولًا، كذلك لن تفعل اﻷرواح الشريرة أمرًا ما لك دون سماحك.
فَقَالَ لَهُمْ: “لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ”: تحدث بولس هنا عن اﻷزمنة واﻷوقات، هنا لم يقصد أن يخالف كلام الرب يسوع عندما قال للتلاميذ إن ليس لهم أن يعرفوا اﻷزمنة والأوقات، إنما كان لديه كل اليقينية أنه سيجاب له عن كل اﻷسئلة، بمجرد أن يأخذ الروح القدس.
لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ: أرجَع الرب يسوع الانتباه مرة أخرى للموضوع، وهو عن الروح القدس، كان الرب يسوع يقول لهم ركزوا هنا، وسيأتي الوقت وتجاب أسئلتكم بالنسبة للأوقات والأزمنة.
كلما يكون ذهنك منظمًا ومرتَّبًا، تعرف متى تسأل أسئلتك، وما الذي عليك فِعله، ومتى؛ ﻷنك عندما تسأل السؤال الصحيح، تصيب الهدف، غير ذلك ستجد حياتك ممتلئة من الارتباكات والاستفهامات، أكثر من الإجابات، وأنت تفهم هذه المبادئ ستجد الروح القدس يستخدمها ليعمل عليك.
وَصَلَّى اسْحَاقُ الَى الرَّبِّ لأجل امْرَاتِهِ لأنها كَانَتْ عَاقِرا فَاسْتَجَابَ لَهُ الرَّبُّ فَحَبِلَتْ رِفْقَةُ امْرَاتُهُ. وَتَزَاحَمَ الْوَلَدَانِ فِي بَطْنِهَا فَقَالَتْ: «انْ كَانَ هَكَذَا فَلِمَاذَا انَا؟» فَمَضَتْ لِتَسْالَ الرَّبَّ (تك ٢٥: ٢١- ٢٢).
«انْ كَانَ هَكَذَا فَلِمَاذَا انَا؟»: وكأن رفقة تسأل: ما دامت هناك استجابة، لماذا يوجد صراع وارتباك بداخل بطنها؟ فذهبت لتسأل الرب، وأجابها أن هذا له بُعد نبوي، فهي اتبعت الطريقة الصحيحة، والخطوات السليمة بأن التفتت لتسأل الرب.
إن كنت تمر بأمور صعبة في حياتك بخصوص عملك، أسرتك، حياتك، أو دراستك، ولا تعرف كيف تتصرف، التفت إلى الصلاة والكلمة، حينها ستجد الروح القدس يكشف لك، وتجد حلولًا، لكن لا تترك اﻷمر إلى أن ينتهي، وأنت لست فاهمًا، تحيرت رفقة في اﻷمر؛ حينئذ ذهبت لتسأل الرب، لكن هناك من لا يسأل الرب، ويتأقلم على حاله، ولا يسأل، لكن واجه أسئلتك عبر أن تكتبها، وتصنفها.
يجب أن يكون لديك إجابات عن أسئلتك، اكتبها، واكتب الإجابات التي تعرفها قدامها، والأسئلة التي لم تجد لها إجابات، اسأل فيها.
إن لم يكن لديك أسئلة، لن يتولد بداخلك شغف، وإن لم تجد بداخلك احتياجًا، لن يتولد أيضًا الشغف.
يريدك الروح القدس أن تتجرأ، وتفتح الملفات التي لم تفتحها من قبل، رد فعلك السليم هو أن تسأل الرب، بمعنى أن تصلي، وتعرف الكلمة، لم تمتلك رفقة وسيلة سوى الصلاة، وتعامل الرب معها عبر صلاتها.
من أكثر اﻷمور التي أنقذت أيوب، والتي من خلالها حدث تعويض، أنه بدأ يسأل أسئلة، فحين أراد الله أن يتدخل في أمر أيوب، تدخل من خلال أن يسأله أسئلة، أول أمر فعله الله معه هو أن طرح أسئلة، رد الفعل السليم هو أن تسأل الرب.
فَقَالَ الرَّبُّ لأَيُّوبَ مِنَ الْعَاصِفَةِ: “مَنْ هَذَا الَّذِي يُظْلِمُ الْقَضَاءَ بِكَلاَمٍ بِلاَ مَعْرِفَةٍ؟”. (أيوب ٣٨: ٢- ٢).
مَنْ هَذَا الَّذِي يُظْلِمُ الْقَضَاءَ بِكَلاَمٍ بِلاَ مَعْرِفَةٍ؟ هذه الآية دليل أنه لم يكن لدى أيوب معرفة، بمعنى آخر اﻷسئلة التي سيسألها أيوب للرب ستعطيه معرفة، واجه الأسئلة التي بداخلك، ولا تستعجب منها؛ لأن أي أسئلة عالقة بداخلك غير مجاب عنها، ستسمح لإبليس أن يدخل في ذهنك.
يقول الكتاب
«لِأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ ٱلرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ ؟». وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ ٱلْمَسِيحِ. كُورِنْثُوسَ ٱلأُولَى 2:16
إننا أخذنا فكر وذهن المسيح، أخذنا الطريقة اﻹلهية في فهم هذا اﻹله، لا تقل من عرف فكر الرب، ربما تكون اﻹجابة كلمة، أو جملة بسيطة، لكن سيكون لها تأثير ضخم في حياتك.
[قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ وَلاَ يَعْسُرُ عَلَيْكَ أَمْرٌ. فَمَنْ ذَا الَّذِي يُخْفِي الْقَضَاءَ بِلاَ مَعْرِفَةٍ! وَلَكِنِّي قَدْ نَطَقْتُ بِمَا لَمْ أَفْهَمْ. بِعَجَائِبَ فَوْقِي لَمْ أَعْرِفْهَا. اِسْمَعِ الآنَ وَأَنَا أَتَكَلَّمُ. أَسْأَلُكَ فَتُعَلِّمُنِي. بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي. لذلكَ أرفُضُ وأندَمُ في التُّرابِ والرَّمادِ (أيوب ٤٢: ٢- ٦).
أَسْأَلُكَ فَتُعَلِّمُنِي، قرر أيوب أنه سيتعلم عبر أن يضع أسئلة.
وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي: تعني أن أيوب ابتدأ يدرك الرب.
لذلكَ أرفُضُ وأندَمُ في التُّرابِ والرَّمادِ،
نجد أيوب قد ندم، لكن عن ماذا؟ ندم وتاب عن فحوى الكلام الناتج عن عدم المعرفة.
لم يرد الله لأيوب الشرور، والشيطان هو من فعل ذلك.
الكلمة المتداولة “أن الله سمح بالشر” هي سماحية مبنية على سماحية أيوب المسبقة أولا لهذا الشر قبل الله، لم يرد الله له الشر من البداءة، لاحظ أن كل الأحاديث التي صارت بين أيوب والله تمحورت حول قوة وحكمة وحماية الله، وكأن الله يقول لأيوب: “أنت تشك في حمايتي لك”؛ وليس “هل تشك في أن هذه الشرور سمحت بها لخيرك؟” وهذا لأن من البداية لم تكن هذه الشرور لخير أيوب، وإلا ما كان الله عوضه؛ ﻷن لو كان الله هو مرسل هذه الشرور، وهو المعوض في الوقت ذاته، فهو إذن إله متقلب، كان خوف أيوب نتيجة لعدم فهمه للحماية، وهذا سمح لدخول إبليس في حياته.
عندما تجاب أسئلتك، لن يكون هناك ثغرات لإبليس في حياتك، لا تعتبر الثغرات خطايا فقط، بل أيضا أن تترك أسئلة لم يُجَب عنها.
عندما يكون لديك أسئلة، وتجد لها إجابة، ولا تقبل هذه الإجابة، فأحد أسباب رفضك هو الكسل.
- تأثير الكسل على وضعية الاستقبال
اَلْكَسْلاَنُ أَوْفَرُ حِكْمَةً فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ مِنَ السَّبْعَةِ الْمُجِيبِينَ بِعَقْلٍ (أم ٢٦: ١٦).
الكسول شخص حكيم في عيني نفسه أكثر من سبعة (عدد الكمال) حكماء يجاوبونه، فلم تقنعه أفضل إجابة من سبعة أشخاص، والسبب أنه كسول، ولا يريد أن يتحمل مسؤولية ما، الكسول هو شخص يخرج أعذارًا لنفسه. فبالرغم من أن سبعة أشخاص أجابوه إجابة صحيحة، متعقلة، لم يرد أن يستجيب؛ فدوافعه الدفينة هي أنه كسول، ولا يريد أن يتحمل المسؤولية، وهو لا يريد أن يفعل ما يُطلب منه، كنتيجةٍ لذلك؛ سيسعى دائما لإظهار أن الآخرين مخطؤون، وأنه على صواب. ما أخطر هذا الاتجاه!
توجد داخل الكسلان أسئلة، نعم يطرحها، لكنه لا يُريد وهو يطرحها أن يتعلم فيغلق قلبه، ولديه دائمًا حُججه. احذر أن يكون هذا بداخلك؛ ﻷن أسئلتك هي بداية فتح كلام للروح القدس معك، فمجموعة الإجابات والمعلومات الصحيحة التي لديك هي التي ستقود حياتك بشكل صحيح، وهذه هي الطريقة التي من خلالها عاد الإنسان ثانية إلى الرب، تأثير اﻹجابة، التي قد تكون في جملة، أو كلمة، كافية أن تُغير حياتك.
وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ أَكْثَرَ جِدّاً مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا (أف ٣: ٢٠).
توضح هذه الآية أن الله قادر أن يفعل أكثر بكثير مما أنت تظن، أو تعتقد، أو تطمح، يفعل الله أكثر مما أنت تتوقعه، لكن حسب مقدار القوة التي تعمل فيك، بمعنى كلما يحدث بداخلك تغيُّر ويُجاب عن أسئلتك، وتُصحَّح دوافع قلبك، وتضبط قِيمًا بداخلك، سيكون هناك تأثير ضخم في حياتك. قد يبدو هذا الأمر صغيرًا، لكن مفعوله قوي. هذا يشبه ضغطك على دواسة البنزين؛ مقارنة بالقوة الدافعة الناتجة عنها للسيارة، فضغط بسيط على دواسة البنزين، يُقابله مفعول ضخم من السرعة الناتجة. وهذا يُشبه أيضًا ماكينة ضخمة لديها ترس صغير مُعطل، فبتصليح الترس الصغير، ستعمل الماكينة الضخمة بكفاءة، هكذا الأمور البسيطة التي تُضبَط في داخلك، ستجعل حياتك تسير بسلالة.
يفعل الرب أكثر مما تتوقعه، لكن بحسب (بمقدار) القوة التي سمحتَ لها أن تعمل فيك.
أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: تَعْلِيمِي لَيْسَ لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي. إِنْ شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ يَعْرِفُ التَّعْلِيمَ هَلْ هُوَ مِنَ اللَّهِ أَمْ أَتَكَلَّمُ أَنَا مِنْ نَفْسِي (يو ٧: ١٦- ١٧).
لا يريدك الرب أن تحيا حياة غموض وعناء واستفهامات، بل حياة مليئة بإجاباتٍ عن الله، وعن الظروف، وأن يكون لديك فهم روحي صحيح.
أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: تَعْلِيمِي لَيْسَ لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي
أي إن هذا التعليم ليس من عندي، ليس من ابتكاري، بل من عند الذي أرسلني.
إنْ شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ يَعْرِفُ التَّعْلِيمَ هَلْ هُوَ مِنَ اللَّهِ أَمْ أَتَكَلَّمُ أَنَا مِنْ نَفْسِي: هذه الآية مكتوبة هكذا في ترجماتٍ أخرى: (فقط إن أراد أحد، سيُعطى له النور الكافي، والمعرفة الكافية؛ ليعرف هل أتكلم صحيحًا أم لا).
ستُعطى لك الاجابة وقتما تجوع، وتريد أن تعرف الحق الكتابي.
أحيانًا يكون لديك معرفة في زوايا معينة، لكن ليس في كل الزوايا، وهذا مثل أيوب الذي كانت لديه معرفة في زوايا الازدهار، لكن ليس في زوايا أخرى، مثل الحماية؛ فضُرب، وسقط فيها.
واجه أسئلتك من الكلمة، وأعرفها في كل الزوايا.
تأكد من أنك إن أردت أن تعرف الحقيقة اﻹلهية، سيُعطى لك النور الكافي، ولن تُترك، كما لن تصل لمرحلة أن تسأل الرب ولا يجيبك، عندما تسأل أنت تضع عمل الروح القدس لتعليمك وضع التنفيذ. يُريد الروح القدس أن يصل بك ﻷعلى مستوى من الإدراك، والفهم الروحي.
اختَر أن تعيش الحياة الروحية بجدية، ولا تكن كسولًا، أو معتمدًا على رأيك الشخصي، ولا تعتَد على الصراع الذي في الذهن.
كان هناك صراع في بطن رفقة، لكنها لم تسكت، وسألت الرب. يترك البعض اﻷسئلة تدور في أذهانهم، وﻷنهم كسالى، لا يقبلون الإجابات بسبب دوافع الكسل الداخلي، وعدم الرغبة في معرفة الرب من القلب.
عندما يسير الشخص بهذه الطريقة، تمر المعرفة أمامه، ولا يراها، أو يعتبرها؛ بسبب أن قلبه أظلم، فإن لم تقبل كلمة الله، ستصل لمرحلة تكلُّس، وجفاف تجاهها، تجعل التقوى قلبك لينًا سلسًا. لا تتمسك برأيك، بل اخضع للمناقشة بإذعان، وإلا ستعبُر عليك المعرفة، ولن تفهمها.
انتبه لحياتك؛ ﻷن الجدية تجعل الروح القدس يعرفك، ويعلمك، سيُعطى لك النور، والمعرفة الكافية، وستصل لمستوى عالٍ من الإدراك.
تجرأ، واسأل اﻷسئلة التي خاف البعض أن يسألها مثل: هل يريد الله هذا اﻷمر لي؟ لماذا لم يحدث هذا أو ذاكَ؟ وقبل أن تسأل عن اﻷخرين، أسأل عن نفسك.
يحل لك أن تسأل، لا يوجد عيب أو خطأ في أن تسأل. لكن من الخطر أن تترك السؤال بداخلك. يقول الروح القدس لك اسأل، فهو لا يريدك محتارًا، أو كئيبًا، أو حزينًا.
اُدْعُنِي فَأُجِيبَكَ وَأُخْبِرَكَ بِعَظَائِمَ وَعَوَائِصَ لَمْ تَعْرِفْهَا (إر ٣: ٣٣).
اُدْعُنِي: فقط نادِّ عليَّ فأجيبك.
وَأُخْبِرَكَ بِعَظَائِمَ: أي أمور ضخمة تفوق الخيال، تفوق المستوى الذي توقعته، سيُعرفك الروح القدس بهذه العظائم، وهو يعرفك إياها لكي تمتلكها، لا أن يُحمِّسك، أو يشوقك تجاها، دون امتلاك.
وَعَوَائِصَ: أي أمور محاطة بسور (ترجمة أخرى). هناك أمور لا يريد الله أن يعطيها ﻷحد سوى الجائعين فقط للفهم، حينها تصل، إن كُنتَ جائِعًا، لمرحلة أن يأخذك الروح القدس لما هو محاط بسور؛ حيث يمنع أن يقترب أحد منه، إلا من معه العملة، ألا وهي الجوع. ستجد الروح القدس يأخذك لأعماق أكثر فأكثر، إلى أن تصير مُدركًا لأعماق الله، وهذا كله عَبْر الروح القدس.
كلما تدرس الكلمة وتصلي باﻷلسنة، ستعرف إجابات، ﻷنك حين تصلي بألسنة، تصلي بأسرار تجعلك تفهم هذا اﻹله، وتُعرفك إجابات عن أسئلة، وستنتهي الحيرة؛ فسبب الحيرة والسرحان هو: عدم وجود إجابات عن أسئلتك، ثقتك في رأيك، وأنك تضع إجابات شخصية للأسئلة، أيضا خوفك من مواجهة بعض اﻷسئلة.
يقول الروح القدس لك الآن فقط ادعني، بمعنى ألا تبحث في مكان آخر، عندما تدعوه فقط، سيعطيك إجابات أعظم من المستوى الذي تتوقعه. لن يتركك الروح القدس تحيا حياة فيها غموض.
ليتولد بداخلك جدية وجوع روحي سليم، ضع نفسك في وضعية استقبال، لا تكن شخصًا يترك اﻷمور تمر بصورة عادية، كما فعل موسى مع العليقة. ففي بعض اﻷوقات، ستجد الروح القدس يفتح معك حوارات؛ ﻹنقاذ نفسك، وآخرين، عبر إدراكك، وفهمك ﻷمور معينة.
لذلك، لا تحيا في حيرة، فمن يتبع الرب لا يسير في ظلمة، بل يسلك في نور الحياة، فليس من الطبيعي أن يكون لديك أسئلة أكثر من الإجابات، لذلك قال بولس الرسول “هذا السر أقوله لكم”؛ بمعنى أن هذه صارت لغة العهد الجديد؛ أي اكتشاف اﻷسرار؛ فلم يعد الأمر غامضًا. تذكر أن الرب يسوع دعا التلاميذ أحباء؛ بسبب أنه كشف لهم اﻷسرار. حسب (يو ١٥: ١٥)، “لَا أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لِأَنَّ ٱلْعَبْدَ لَا يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لِأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي.”
مرسوم، وموضوع لنا، أن نكتشف هذا اﻹله بعمق، وهذا سيعود بنتائج في حياتك؛ كالهدوء، والاستقرار الداخلي، فالشخص المجاب عن أسئلته، هو شخص مستقر، هادئ بداخله، وهكذا ستكون في سلام. من ضمن معاني كلمة سلام، أن تكون كل أمورك الداخلية مستقرة، ومترابطة بعضها ببعض.
كُنْ جائعًا لاكتشاف الرب، وارفض أن تحيا حياة غموض.
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الإقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations is forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
