لمشاهدة العظة علي الفيس بوك أضغط هنا
لسماع العظة الساوند كلاود أضغط هنا
لمشاهدة العظة علي اليوتيوب
(العظة مكتوبة)
الإيمان العامل – الجزء 12
▪︎ نظرة سريعة.
▪︎ عدوٌ شَرِسٌ!
▪︎ الأمانة في القليل والائتمان على الكثير.
▪︎ أحلام الغدّ وحصاد اليوم.
▪︎ شخصٌ لا يُمكن الاستغناء عنه.
▪ إياك والفراغ السُلطوي!
▪︎ افهمْ مَن أنت.
▪︎ ما الحلّ إذًا؟
▪︎ كيف تَخرُج من كل هذا؟
▪︎ ارسمْ صورة.
▪︎ نظرة سريعة:
يشتاق كل مؤمن أن يرى نتائج لإيمانه في زاوية أو أكثر من زوايا حياته، لكن هناك شريحة من المُؤمِنين استسلمت لأنها لم ترَ نتائج للإيمان رغم اقترابها من كلمة الرب، حدث هذا معهم لأنهم اقتربوا لكلمة الرب بطريقة غير صحيحة، والسبب ليس في كلمة الرب لكن في شرحها بصورة غير سليمة.
لهذا السبب تكلَّمت المرات السابقة عن كيفية عمل إيمان الشخص بصورة سليمة وعن التَخيُّل والنظرة الداخلية والصورة الداخلية للشخص. الصورة الداخلية ليست سحرًا فالكتاب المقدس يتحدَّث عنها ولكنها استدعاء والدخول إلى عالم الروح عن طريق الذهن البشري، فالقيادة التي تقود الموضوع كله هو كيف تُوجه تفكيرك.
لذلك فالإيمان هو ثباتك على كلمة الرب في الأمر الذي تُواجهه دون تراجُع ولا خوف، ولا شعور بالمخاطرة. يقول البعض: “ولكنني بهذه الطريقة أُجازف!” لكن كلمة الله تُوضِّح أنه إن وقفت بصلابة على الكلمة في عنق الزجاجة الذي يشعر فيه الإنسان بالحيرة حيث إنه قد يكون في مفترق الطُرق بين الحياة أو الموت والوضع يكون ليس هينًا بأي حال من الأحوال، حتمًا ستنتصر. السر لعبورك عنق الزجاجة هذا هو أن يكون لديك خزينٌ مِن الكلمة في روحك.
إنني أُكرر أنّ رسمك للصورة في ذهنك ليس هو أحلامًا تحلمها نتيجة لخبراتك السابقة ولا بسبب كونك مُتفائِلاً بالنسبة للأمر ولا هو مجرد تفكير إيجابي ولكنها صورة تُرسَم كما من الرب الروح أي أن الروح القدس هو الذي يرسمها في ذهنك أو يساعدك لتفهمها من كلمة الرب.
حيث إنها صورة مُستوحاة من كلمة الرب ولها أساسٌ كتابيٌّ، قد لا تكون آية بعينها ولكنها خُلاصة تعليم كتابي ومبادئ إلهية صحيحة تراكمت في ذهنك فصرت تفهم فِكْر الله تجاه الأمر. كما أن الأمر لا يعتمد على حفظك لبعض الآيات بصورة سطحية.
▪︎ عدوٌ شَرِسٌ!
إن كنت تعوَّدت على ذكائك في الامتحانات الدراسية واستذكارك لمُعظم الدروس في الأسبوع الأخير من الدراسة، لن يفيدك هذا الذكاء وتلك الفهلوة في كلمة الرب لأن هناك أمورًا مثل الامتحان الذي يحتوي على أسئلة غير مباشرة وتحتاج إلى أكثر من مجرد المعرفة العادية.
قد تأتي حربك بطريقة مختلفة عن الطريقة المُعتادة المعروفة كأن تأتي مثلاً عن طريق شخص ما يُحبك أو عن طريق أحد الأشخاص الذين اعتدت أن تسمعهم يتكلمون تحت مسحة الروح القدس وينطقون بنبوات، فتسمع منهم كلمات تبدو أنها من الرب ولكنها في الواقع قد تُؤدي إلى تدمير إيمانك.
أيضًا من الممكن أن تكون الحرب ليست مجرد موقف سيئ تحتاج لتغييره لكنها قد تكون عبارة عن أفكار سلبية مُمتلِئة باللوم والدينونة على نفسك، أيًا كانت طريقة الحرب عليك كلما كنت مُلِمًا بفِكْر الله ستقف صَلِبًا على أرض ثابِتة.
أيضًا ربما تكون حربك هي أفكار طَعْن واتّهام لأشخاص آخرين، سواء بشكلٍ مباشرٍ أو بالأفكار فقط بأنهم سبب المشكلة التي تُعاني منها، كونك رسمت هذه الصورة باتّهام الأشخاص أنت بهذا تختم بتوقيعك على بقاء المشكلة، لذلك فهناك أمورٌ غير مباشرة تَحدُث تُؤثِّر على إيمان الشخص.
سأتحدَّث عن تلك العوائق مُكمِّلاً ما تكلَّمت به في المرات السابقة عن تأثير تلك العوائق على موضوع الشفاء وعلى موضوع الماديات، سأكمل اليوم في كيف يعمل إيمانك.
“أَيْضًا الْمُتَرَاخِي فِي عَمَلِهِ هُوَ أَخُو الْمُسْرِفِ.” (الأمثال ١٨: ٩)
هذا النص جاء في كثير من الترجمات بنفس الصورة ويُعنِي أنّ الشخص الذي يتراخى في عمله مثل الشخص الذي يفقد أمواله بإنفاقها في أمور تافهة، لكن الترجمة الكلاسيكية الموسعة Amplified version)) ذكرت أن هناك مخطوطة لهذا النص تحتوي على شرح أحد الآباء اليهود القدامى المُعاصِرين للملك سليمان قال فيها: “إن الشخص الذي يهمل في صحته هو أخو المُنتحِر”.
رغم عدم وجود هذا المعنى في النص الأصلي إلّا أنه يقول إن سليمان كان يشرح لهم هذا النص بهذه الطريقة، هذا الشرح موجودٌ في مخطوطات اليهود، نحن لا نعتبره وحيًّا لكنه شرحٌ يجعل الآية تُعطِي هذا الانطباع وتميل نحو هذا المعنى. أي إنك كلما أخليّت نفسك من المسئولية، أنت بذلك تسير في طريق الانتحار.
قد يقول أحدهم: “أنا لا يمكن أن أُفكِّر في الانتحار إطلاقًا!” لكن كثيرين ينتحروا عن طريق التراخي هذا. يوجد عدوٌ يبدو كأنه برئٌ ومعه بعض الرُخص والأعذار، هذا العدو هو التراخي. هذا لأنه لم يتمّ تجريمه على منابر الوعاظ ولم يتمّ التنبيه على خطورته.
لكن فجأةً يكتشف الأشخاص أن هذا الذي يبدو بريئًا قد انقلب عليهم وبات يُهدِّدهم بالقتل فصاروا يقتلون أنفسهم كالمُنتحِر الذي يُحاول قَتْل نفسه، أنا أُؤمن بحرفية كلمات الوحي المُقدَّس لكني أُصدِّق أنّ كل مَن يُهمِل ويتكاسل عن أداء الواجبات والمهام المُنوَّطة به يكون كالشخص الذي يقتل نفسه.
▪︎ الأمانة في القليل والائتمان على الكثير:
كان هذا مُرتبِطًا بما يَخُص الشفاء والماديات، أيضًا هناك نقطة أخرى تُكمِّل الصورة فيما يختص بالماديات ألّا وهي: “هل أنت أمينٌ في القليل؟”
يعمل بعض المُؤمِنين في محلات أو مصانع تُخصِّص بعض مُنتجاتها كعينات مُخصَّصة للتوزيع المجاني كنوع من الدعاية والإعلان عن منتجاتهم، إن احتفظت بتلك المنتجات لنفسك ولم توزعها كما خططَ المسئولون في الشركة، هذا عدم أمانة. كذلك الأشخاص الذين يدَّعون أنهم مرضى لكي يستفيدوا من أدوية وخدمات التأمين الصحي، هذا أيضًا عدم أمانة.
إن أردت أن تعيش حياة سليمة ومليئة بالصحة، تعاملْ مع المال بصورة مُتّزِنة ولا تُعطِ المال أكثر من حجمه ولا تشتكِ من استقطاع جزء من مُرتَّبك للتأمين الصحي وخلافه لأن ذلك التذمُّر سيجعلك تُعاني في عملك. أُشجِّعك بمراجعة عظات “كيف تكون ناجِحًا ومُثمِرًا في الأرض“.
هناك البعض مَن يقولون: “أنا لا أُحب أن يكون لي مديرٌ أو رئيسٌ” هذه اللغة تجعل الأموال تهرب منك بدلاً من أن تجري إليك لأنها لغة تحتوي على عدم خضوع. يُخبرنا الكتاب أنّ الرب يُعطي نعمةً للمُتضِعين، كما أنّ كل من كلمتي الوداعة والاتّضاع يتحدَّثان عن شخص لديه الكثير من المعرفة ولكنه يسهل عليه أن يتنازل عن رأيه ويقبل أن يسمع معلومة جديدة رغم كل ما لديه من معرفة!
لقد وَعَدَ الرب إبراهيم أن يكون أمةً عظيمةً ولكن لكي يتمّ ذلك على أرض الواقع كان لابد له أن يضعه في رحم أرض مصر، لقد أتوا لمصر أفرادًا قليلين لكن بعد سنين خرجوا من مصر شعب كثير. قد تحلم بأن يكون لك مشروعٌ كبيرٌ والرب يُؤكِّد لك على ذلك.
لكن التَدرُّج الطبيعي هو أنْ تعمل تحت شخصٍ آخر له مشروعه الكبير كالذي تحلم أن يكون لك، وتتعلَّم منه الخبرات التي ستصير نافِعةً لك فيما بعد في مشروعك الخاص وبالتأكيد لن تسرق منه العملاء ولا الأشياء التي لا يحقّ لك أن تأخذها، هناك أمورٌ يُمكِن أن تفعلها وأخرى لا يصح قانونًا أن تأخذها حتى تستطيع بعد فترة من الزمن أن تتحرك وتفتح المشروع الخاص بك.
ليس من الطبيعي أن تقفز مرةً واحدةً إلى حلمك بأن تصبح صاحب مشروع أعمال ضخم دون التَدرُّج الذي يتَّسق مع كلمة الرب، لذلك فإن توقُّعاتنا بأن نُمارس إيماننا في موضوع مُعين كالماديات مثلاً يُحتِّم أن نفهم كيف سيتمّ حدوث الأمر، فالبعض يعتقدون أنهم سوف يكون لديهم نقودًا في البنك فجأةً، وآخرون يعتقدون أنهم سيجدون أموالاً في دواليبهم وهُم يفتحونها ويندهشون من المفاجأة!!
قد يَحدُث مثل هذا النوع من المعجزات ولكن ليس هذا هو الأمر الطبيعي، فالطبيعي أن يُساعدك الروح القدس على النمو والنضوج والإكثار بصورة مُتدرِّجة. كُنْ أمينًا في القليل، كُنْ نشيطًا في عملك. إن كنت خادِمًا للرب فكُنْ نشيطًا في خدمتك إن كنت تريد أن ترى ثمرًا لخدمتك وتنجح في عملك.
اهتمْ بأدقّ وأصغر التفاصيل. تذكَّرْ داود عندما كان شابًا يرعى غنم أبيه حينما وَكَّلَ إليه أبيه مهمة الذهاب لإخوته للاطمئنان عليهم في الحرب، يقول الكتاب إنه سَلَّمَ الغنم لشخصٍ آخر مسئول ولم يُهمِل في مسئوليته ويتركهم بلا مسئول بحُجة أن أبيه طلبَ منه أمرًا آخر غير رعاية القطيع.
كلما كنت دقيقًا في كل تفاصيل حياتك، على سبيل المثال: ترتيب حُجرتك، أو مظهرك…إلخ، سينفعك هذا في أمور أخرى. هذا مُهمٌ وخاصةً إنْ كُنت تريد أن تتقدَّم لوظيفة في شركةٍ ما. حيث تهتم الشركات بمظهر المُتقدِّمين لشَغْل وظائف لديها.
حتى الروح القدس نفسه يهتم بمظهرك، كان الرب يسوع يتعطَّر بال perfume، كما سبقَ أن ذكرت لَكُم كما كان يهتم بمظهره وكان لديه أموال يستطيع أن يشتري بها ملابس ثمينة تليق به كمُعلِّم، فقد كان ثوبه قطعة واحدة وهو أغلى أنواع الملابس آنذاك لذلك القى الجنود عليه قرعة وقت القبض عليه (يوحنا ٢٤:١٩).
قال الرب يسوع: “١٧ وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، ١٨ لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.” (متى ٦: ١٧، ١٨).
عبارة “ادْهُنْ رَأْسَكَ” تُعنِي “تعطَّرَ بالعطور” وقد كان الرب يسوع يصوم أيامًا كثيرة جدًا لذلك كان يتعطَّر كثيرًا في أوقات الصيام وغيرها، فلن يوصينا وصيةً لا يفعلها هو له كل المجد! كُنْ مُرتَّبًا في حياتك واهتمْ بتفاصيل عملك، إن طُلِبَ منك دراسة موضوع ما مُرتبِط بعملك، ادرسه فورًا وكُنْ أمينًا.
لا تعتمد على النعمة التي يُعطيها لك الرب في أعين رؤساؤك بينما أنت غير مُهندَم (لم تفعل دورك)، هذا غير كتابي. مِن الضروري أن تصنع كل هذا ولكن لا تعتمدْ عليه بل على نعمة الله. قُمْ بدورك كاملاً مُعتمِدًا على نعمة الرب لك. لا تنسَ القاعدة الذهبية؛ التراخي والإهمال في صحتك أو دراستك أو عملك يساوي انتحارًا.
▪︎ أحلام الغدّ وحصاد اليوم:
لكي ترى نتائج لإيمانك سواء في الشفاء أو النجاح في الماديات أو في الدراسة، من المهم أن ترى الأمر أنه في مُتناول يدك، وقُمْ برسم صور نجاحك في المرحلة التي أنت فيها الآن، يرسم البعض صورًا للمرحلة البعيدة جدًا ويُردِّد لنفسه: “أين أنا من تلك الصورة التي أحلم بها؟!”، فيُحبِط نفسه، بينما هو في طور النمو والتحقيق.
رَكِّزْ على نجاحك في المرحلة التي أنت فيها الآن ولا تَكُفْ عن الأحلام للوقت القادِم، اعمل الاثنين معًا، ولا تجعلْ المستقبل الذي تزرع له الآن يُعطِّلك عن نجاحك الحالي، لذلك كلما صنعت هذا سيأتي الوقت الذي تتحقَّق لك فيه الصورة الرائعة التي تحلم بها للمستقبل، لذلك قال بولس؛ “فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا.” (رومية ٨: ١٨).
حين كتبَ بولس تلك الكلمات لم يَكُن قد كرزَ بعد لكل البلدان التي كرز فيها، كان يحلم بهذا، أن يكرز لكل آسيا لكنه لم يدع حلمه الكبير يُعطِّله عن تفاصيل كرازته اليومية وآلامه في الخدمة. كذلك في دراستك للكلمة، لا تقُلْ لنفسك: “لقد فاتتني دراسة موضوعات كثيرة لن أعوضها!” هذا غير صحيح، فقط ابتدئ وستنجح وتكمل ما فاتك بنعمة الرب ومُثابرتك في الكلمة.
إن كنت طالِبًا، ابتدئ الاستذكار بالمادة التي تهابها، واجه جُليات وأنت لديك رؤية صحيحة للموقف. ذات يومٍ كنت أدرس في كلية الطب وأنا مُوقن تمامًا أنني لن أَستخدِم دراستي عمليًا بسبب إدراكي وإيماني أنني سأتفرغ تمامًا لخدمة الرب وكثيرًا ما كانت تهاجمني أفكار بالهروب من التعب والمجهود الذهني والجسدي في الدراسة فلماذا أتعب في دراسة لن أستفيد منها؟
لكن الرب أنهى معي هذا الأمر واقتنعت تمامًا بالاجتهاد في كل المواد وكل الفروع والجوانب العمليَّة والنظرية في دراسة الطب من السنة الأولى حتى السادسة وحين كنت أرى أي مادة أكبر وأضخم مني كنت أخرج وأتكلَّم بألسنة وأرى في روحي إنه ليست هناك مادة أكبر ولا أضخم من أن استوعبها!
ثم أعود وأدرس المادة، ثم تواجهني مادة أخرى فأخرجُ ثانيةً وأُصلي وأضع الصورة الصحيحة وأعود أدرسُ، وبدأ الروح القدس يُعطيني استراتيجية في كيفية الدراسة وربط الموضوعات المُتشابِهة ببعضها في المواد الأخرى، كانت المراجع كلها مكتوبة وضخمة وكانت الدراسة وقتها أصعب من الآن.
▪︎ شخصٌ لا يُمكن الاستغناء عنه:
لكن الروح القدس درَّبني واستطعت بمعونته أن أقف وأواجه كل هذا ورأيت المواد أصغر مني وصرت أُردِّدُ أنّ الذي فيَّ أعظم من الذي في العالم، الروح القدس فيَّ لذلك أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني، وابتدأت أرى المادة التي أنا داخلٌ لدراستها أنها سهلة وسآكلها أكلاً.
لقد رسمت تلك الصورة في عقلي فابتدأت أمتلكها في الواقع رغم كل صعوبات بكالوريوس الطب من التَعصُّب ضدّ أبناء الرب بلا حياء وغيرها. يستطيع الروح القدس أن يساعدك بصورة تقدر بها أن تمتلك الشيء الذي تُواجهه بالإيمان ويستطيع أن يشتغل على ذهنك لتستطيع فَهْم المادة وتَعلُّمها.
يمكنك أن تنطق باعترافات الإيمان هذه: “إن الذي فيَّ يُعلِّمني، أنا لديَّ مسحة الروح القدس وهي تُعلِّمني كل شيء، أنا أعرف كل شيء، أنا أفهم كل شيء”. إن كنت في عملٍ ما، ابتدئ في توقُع أن تقابل الأشخاص الأمناء المُناسِبين وأن يبعد عن طريقك الأشخاص غير الأمناء والذين ليس لديهم المعلومة الصحيحة.
إن كنت تبحث عن عمل على الإنترنت لتقع بين يديك المعلومة السليمة، سيكون هذا بل ويُخبِرك الروح القدس بأمورٍ آتية ستَحدُث في الأسواق رغم عدم وجود مُؤشرات لحدوثها وستجد الروح القدس يُنبِّهك ويُحذِّرك من تَعامُل ما قد يؤذيك وأنت لا تدري.
قبل أن يَحدُث الكساد الكبير الذي حدثَ في العالم في الخمسينات، تحرَّكَ رجل الله كينيث هيجن بسياسةٍ نتيجة إعلان من الروح القدس قبل أن تَحدُث أي مؤشرات تُشير أو تُوحي بحدوث كساد في العالم وقتئذ، وبدأ يتعامل بسياسة مادية مُعيَّنة في الخدمة لكي يستطيعوا أن يَعبُروا تلك الأزمة العالمية الطاحِنة.
ثم بعد ذلك بدأ يبني صرحًا هائلاً حتى إنك تحتاج أن تسير داخله بسيارة لكي تصل لآخِره، كان يبني هذا الصرح الهائل أثناء الكساد العالمي الذي اجتاح أمريكا والعالَم، لم تَكُن هناك أموال في أمريكا وكان الناس بالكاد يعيشون! حدثَ هذا لأنه أدار الأموال بطريقة صحيحة مُعتمِدًا على الروح القدس.
ألَّا تكون مديونًا، هذا مُشتمَلٌ في الإدارة الصحيحة للأموال. إن كنت تعتمد على الديون والتقسيط باستمرار، حاول أن تُقلِّل هذا وتُنهيه، لا تحزن، لكن ضعْ في ذهنك أنك ستحيا بصورة مُختلِفة في الأوقات القادِمة ولن تكون مديونًا لا لبنوك ولا لأشخاص.
سيقودك الروح القدس لسياسة مادية صحيحة، قد تُؤجِّل بعض الأشياء، وستحتاج أن تُقلِّل القيمة المادية لبعض الأشياء التي تلح عليها نتيجة طريقة تفكير خاطئة عندك. هناك زوجات كثيرات يحاولن إقناع أزواجهن بأهمية الشيء الذي تريد شراؤه بإلحاح، تحتاج أن تتعلَّم الإدارة الصحيحة للأموال حتى لو تمتلك الكثير منها! تَحرّكْ بسياسة دقيقة في حياتك، هذا سيصنع فرقًا كبيرًا في مادياتك.
لكن إن كان الزوج مُمسِكًا بزيادة، سيُعطيكِ الروح القدس كزوجة أفكارًا في كيفية التَحرُك في ماديات المنزل. أيضًا ربما تحتاج الزوجة أن تضع صورة مُختلِفة عن زوجها الذي تتَّهمه بالإقلال في الصرف، إن فعلت هذا ستجد الروح القدس يقود البيت بطريقة رائعة.
أيضًا عطائك المادي في الملكوت يُؤثِر كثيرًا على مادياتك، كلما أعطيت قد يبدو أنك تفقد (حسابيًا) لكن كتابيًا حسب المملكة أنت تربح، هذا هو الفِكْر الإلهي الصحيح تجاه الماديات. إن كنت تُمارس إيمانك بخصوص التحرير من أمرٍ معينٍ والإقلاع عنه، ما هي توقعاتك؟
كما تَعلَّمنا عن الإيمان بخصوص الشفاء والماديات وأن هناك تدريجًا، سيعود عليك هذا بثماره. هكذا أيضًا في موضوع ممارسة الإيمان بخصوص الحرية والتحرير من أمرٍ ما، يحتاج الأمر إلى التَعامُل مع أفكارك نتيجة وجود بعض العادات الفِكْرية الخاطِئة لديك، وقد شرحت هذا في سلسلة “كيف تخلق عادة“.
▪ إياك والفراغ السُلطوي!
هناك عادات سلوكية وعادات فِكْرية أيضًا، تتكوَّن العادات الفِكْرية حينما يَعبُر الشخص في موقف يكون فيه مثلاً جائِعًا فإنه يُعوِّد نفسه على هذا السلوك الفِكْري وهو أن يُفكِّر في الطعام وبناءً عليه يأخذ قرارًا مُعينًا، أو قد يكون الشخص مضغوطًا نتيجةً لموقف ما في عمله فيَأخذ قرارًا أهوج غير حكيم.
أو عندما يكون في مُفترَق طُرق ومُضطرًا أن يأخذ قرارًا بالسير في اتّجاه مُعين، أو اختيار نوع طعام من قائمة أطعمة مُختلِفة تجد الشخص يتضايق ويحتار في الاختيار وخاصة إن كانت القائمة تحتوي على العديد من الخيارات، البعض حين يتمّ سؤاله ماذا تختار يَرُدّ بالجواب: “أي شيءٍ”، ولا يختار شيئًا بذاته.
حين لا تختار أو تُقرِّر شيئًا وتترك لآخر باستسلام أن يختار لك فأنت بذلك تصنع فراغًا سُلطويًا، وستجد المُزاحِم (إبليس) يَدخُل في الأمر بصورة مُزاحِمة، بالطبع هنا أتكلَّم عن الأمور البسيطة التي تقود لأمورٍ أكبر.
إن كنت تُريد الحُريَّة من الخطية أو من بعض العادات أو قيود مُعيَّنة، تحتاج أن تفهم أن الطبيعة التي بداخلك لا يُمكِن أن يتم تقييدها، لكن هذا وحده ليس كافيًا لأنك تحتاج أن تُخرِج هذه الطبيعة للخارج، وبالتالي طالما أنت مُقتنِعٌ برأيك في زاوية مُعيَّنة فإن هذا يأخُذك للنقطة التي أنت مُقتنِعٌ بها.
حين تكون مُقتنِعًا بأنَّ النقاش سينتهي حتمًا باتّخاذ قرار مُعيَّن قد تقول لنفسك: “لماذا الحوار والجدال؟ خُذْ القرار نفسه وأرِحْ نفسك من المُجادلة!” هذا فِكْر هروبي، وقد يكون الشخص هروبي الفِكْر في نقاط مُعيَّنة وغير ذلك في نقاط أُخرى.
أيضًا حين يُوجِّهه المُرشِد الروحي ويُنبِّهه من عدم تبنِّي طريقة تفكير الفِكْر المكافئي الهروبي تجده يرفض الاقتناع بهذا ويُدافِع عن نفسه بأنه قويٌّ وشديدٌ في الكثير من المواقف في العمل، وهو بالحقيقة كذلك في العمل لكنه ليس كذلك فيما يتعلَّق بالأمور الأُسريّة مثلاً أو حين يحتاج لشخص ما لإصلاح مُشكلة ما في المنزل.
أو قد ينسحب حين يكون في مجال يتحدَّث فيه الآخرون بصوتٍ مُرتفعٍ. أيضًا لا يرغب البعض في التعامُل مع الأمور الورقيَّة أو الرسمية، طالما أنت مُرتبِكٌ بتلك الأمور ستجد نفسك سريع السقوط في الخطية، وربما تتساءل: “ما علاقة ما ذكرته بالسقوط في الخطية؟” الجواب هو أن العزم الداخلي والقدرة الداخلية لرَفْض الخطية لديك مكسورة.
حينئذ تُصبح شخصيتك هشةً نتيجةً لذلك فيأتي إبليس ليستغل هذا الأمر فيُوقِعك في الخطية بسهولة رغم أنك تمتلك القوة في داخلك وهي قوة الروح القدس الساكِن فيك. تُشخِّص الأشعة الروحية السماوية حالتك بأن لديك تلك القدرة داخلك.
▪︎ افهمْ مَن أنت:
بالطريقة نفسها التي يُمكِن بها تشخيص الطفل بأن لديه القُدرة على أن يكون له أسنانٌ مثلاً ولديه القدرة على السير على قدميه وعلى التفاعُل مع الناس والتَكيُّف مع البيئة المُحيطة به، بينما هو لا يزال رضيعًا ملفوفًا في حضن أمه يحتاج أن يأكل طعامًا صحيًّا وسليمًا طوال الوقت وبدون انقطاع حتى يتمّ إخراج الأسنان والقُدرة على السير والتفاعُل منه.
هذا الرضيع الصغير لديه نظريًا كل إمكانيات وقُدرات أي إنسانٍ كبيرٍ وطويلٍ لكن نحتاج لإخراج هذه الإمكانيات وتطويرها أن نهتم بإطعامه الأنواع التي تساعده على ذلك من الأطعمة. نلاحظ أيضًا أنّ نوع الطعام الذي يجب أن يتناوله الطفل قد يكون مُختلِفًا عن الهدف المُراد حدوثه، بمعنى أننا إن أردنا أن نجعل أسنان الطفا تنمو، لسنا مُطالَبين أن نطعمه عظامَ أسنانٍ مطحونة مثلا😁!!
لكننا نُطعِمه طعامًا يُساعد الأسنان على النمو، فشكل الكلمة المُقدَّسة التي ستُطعِم نفسك بها يختلف عن شكل التغيير الظاهِر الذي سيَحدُث في حياتك فيما بعد، فقد تدرس الكلمة في موضوع ما لكنها ستُؤثِر في حياتك في موضوع آخر تحتاج للتغيير فيه.
ربما يكون سبب سقوطك في الخطية هو عدم الدقة أو لاعتناقك فِكْرة خاطئة بأن إبليس حينما يُحاول إسقاطك فإنه ينجح دائمًا في ذلك لأنه شاطِر حسب ما تعوَّدت أن تُردِّد لسنوات طويلة، أو قد تكون تعرَّضت لتَحرُّش في طفولتك فكَبِرْت مُعتقِدًا أنّ الخطية شيءٌ عاديٌّ وطبيعيٌّ!
خاصةً أنّ الأرواح الشريرة التي تعمل مع الأطفال الذين تمَّ التحرُّش بهم، تُهاجِم أفكارهم فتجعلهم يشعرون بأنهم مسئولون عَمَّا قد حدث معهم فيتكوَّن لديهم شعورٌ دائِمٌ باللومِ والذنبِ رغم أنه غالبًا ما يكونون أطفالاً لا ذنب لهم فيما حدثَ معهم ولا حيلة لهم في مقاومة حالات التَحرُّش أو الاغتصاب التي تعرَّضوا لها.
ثم ابتدأوا يُدرِكون أمورًا جنسيةً أكبر مِن أن يُدركها سنهم وصاروا يعتادون عليها وكأنها أمرٌ طبيعيٌّ أو عاديٌّ بالنسبة لهم أن يمارسوها جسمانيًا في هذه السِن الصغيرة، أو قد يصابون بحالة من الاستنكار لِمَن فعلَ بهم هذا وعدم الغفران له.
▪︎ ما الحلّ إذًا؟
تحتاج أن ترى صورة مُختلِفة مِن كلمة الله وهي أنّ الداخل يتجدّد يومًا فيومًا وأنك لست هذا الشخص الذي ربما منذ دقيقتين فقط كُنت ساقِطًا في أمرٍ ما من الأمور السابق ذِكْرها بل تتجدَّد في إنسانك الداخلي كل يومٍ؛ “لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا.” (٢ كورنثوس ٤: ١٦).
هذا الإصحاح يتحدَّث عن الطبيعة العجيبة للإنسان الداخلي للمُؤمِن المسيحي. إن ظللت تتأمل فيما حدثَ لك من صعوبات فستظل تلهج فيه وتقتنع به وسيتحوَّل إلى حياة مُعاشة بالنسبة لك. بالفعل وصلَ البعض لمُستوى جيد من أن يظل يمنع نفسه من السقوط لفترة لا بأس بها من الوقت لكنه أخيرًا سقطَ!
شيءٌ من الأمور التي قد تكون بعيدةً عن تفكيرك هي كيفية استخدامك لوقتك، أو قد تكون من الناس الذين ينضغطون نتيجةً لمُطالبتهم بإنجاز مهام مُعيَّنة، الحل هو أنْ تأخذ الأمر ببساطة take it easy)) ودع روحك تستقبل الأمر فتُعطيك قدرةُ على التَعامُل، إن استقبلت الأمر ببشريتك ستجد نفسك أُحبِطت وتضايقت ولن تنجز شيئًا لكثرة ما عليك من مهام لم تنجزها، فتجد نفسك قد هربت من كل هذا إلى الخطية!
هذا لأنّ هناك شعورٌ بالألم، وتختلف القدرة على التعامل مع الألم من شخص لآخر فتجد الأشخاص الذين لم يتعرَّضوا للتَحرُّش والاعتداء لديهم القدرة على التَعامُل مع الألم والتكيُّف معه بينما أولئك الذين تمَّ التَحرُّش بهم يهربون من الألم للخطية، قد يكون التحرش الذي حدث للبعض ليس تحرُّشًا من أشخاص بل تحرُّشَ أرواح شريرة.
إذًا قد تتحرَّش الأرواح الشريرة بالأشخاص ليس بشكل جسماني بل نفساني؛ فكثيرون يسمعون في أذهانهم الكثير من السُخرية والكلمات السلبية عن أنفسهم التي يتبعها حالة من الخجل الدائِم الذي يجعل الشخص ينطوي على نفسه وينزوي بعيدًا مُنسحِبًا من مواجهة الحياة، كل هذا بسبب تعرُّضه لموقف تمَّ فيه إهانته بشكل مُعيَّن وظلَّ إبليس ينفخ في هذا الموقف ويكبره ويُعيِّره به، ولم ينتهِ الموقف في داخله حتى وصل به الأمر إلى السقوط في الخطية.
أقول كل ما سبق لكي تعرف أنك حين تحاول ممارسة إيمانك، أنّ الأمر ليس مجرد زِر تضغط عليه فينتهي الأمر رغم إني تحدَّثت عن أهمية إصرارك وتثبيتك للصورة الصحيحة. بل هناك أمورٌ أُخرى سيشتغل الروح القدس عليها ليَسُدّ الثغرات الموجودة في حياتك وتعمل على تسريب إيمانك الذي تضعه في الأمر.
تلك الثغرات هي التي بسببها تقول إن هذا الأمر لن يَحدُث مرةً أُخرى ثم تجد نفسك تسقط ثانيةً رغم أنك واضِعٌ إيمانك في الأمر ومُنتبِهٌ لكل المحاذير ولكل الزوايا وذلك لأنك لا تدري أنّ إبليس لديه دخول Access على النظام System الخاص بك، مِثْلك في ذلك مثلما قد يحدث على هاتفك المحمول حين تضع عليه تطبيق مُعيَّن يخترق نظام هاتفك وأنت لا تدري إنه مُخترَقٌ.
أو كما كان يَحدُث في السيارات قبل نزول السيارات الحديثة حاليًا حينما كان ينسى سائق السيارة الأضواء الداخلية مُوقَدة في المرأب مساء، تجده عندما يُحاول قيادة السيارة في الصباح للذهاب إلى عمله يكتشف أنّ بطارية السيارة لا تعمل إذ حدثَ تسريب لطاقتها طوال الليل بسبب اللمبات المُضاءة سهوًا.
ليست المشكلة في إبليس ولا في الأرواح الشريرة التي تُشاكِس الشخص، لكن الأمر بسبب أن الشخص ظلَّ لفترة طويلة يتمرَّن على أصوات سواء أصوات الشهوة أو الضغوط والإلحاح بفِكْرة مُعيَّنة كفكرة تعاطي مُخدِّر ما أو شرب نوع من المسكرات أو الإلحاح لمشاهدة أفلام ومقاطع إباحية…إلخ.
حين تُنصِت لمِثْل هذه الأصوات التي تقول لك لابد أن تفعل كذا أو كذا، هذه هي اللحظة التي لابد أن تقف فيها لتعرف مَن الذي يتكلَّم معك وتَرُد عليه وترفضه سواء كان شهوةً أو عصبيةً أو نوباتٍ من الخوف والفزع أو هجماتٍ من الشعور بالخيانة من الجميع، ينقلب البعض نتيجة تلك الهجمات على ذهنه على الجميع بمعاملة وكلمات مُسيئة بدون تمييز وعندما يعود إلى صوابه يعتذر بعد أن يكون قد أصاب الكثيرين بسهامه الطائِشة.
▪︎ كيف تَخرُج من كل هذا؟
بأن تدع الروح القدس يشتغل على شخصيتك إن كنت تتضايق من تقصير الناس أو غير قابِل لبعض الناس، فكل هذه ثقوب في حياتك تعمل على تسريب إيمانك. إن كنت تُدين أولئك الذين لا يلتزمون بالمواعيد وعندما يتأخر أحدهم عن ميعاده معك تصب عليه جامات غضبك.
لتسمح للرب أن يعمل فيك إن كنت من الذين حينما يسيرون بسياراتهم ومال أحد السائقين المُجاوِرين بسيارته على مسارك فتقوم بلومه بكلمات شديدة أو شتائم قد تكون مُبرَّرة من وجهة نظرك، يبدأ الموضوع بأفكار تعتنقها وليست فقط أرواح شريرة تحتاج للتَحرُّر منها كما يعتقد الكثيرون.
يحب بعض الناس الانتقاد والبعض الآخر يهوى التشكيك في الآخرين لكي يكون لهم رأي مُختلف ولكي يكون مُميَّزًا بإظهار الأمور المَخفيَّة ويحظى بانبهار الآخرين، هذه الأشياء تجعلك تسقط في الخطية بسهولة.
هل لاحظت أنها كلها أمور تبدو بعيدة عن موضوع الإيمان المُباشِر؟! ورغم هذا فإنها تُضعِف إيمانك وشخصيتك وتسحبك للأسفل إذ تُسقطِك في الخطية، كلما سِرْت في تدريبات الروح القدس ستجد الأمر يختلف معك للأفضل.
“لِذلِكَ حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي أُهَيِّئُكَ لِلدَّمِ، وَالدَّمُ يَتْبَعُكَ. إِذْ لَمْ تَكْرَهِ الدَّمَ فَالدَّمُ يَتْبَعُكَ.” (حزقيال ٣٥: ٦).
يتحدَّث هذا النص عن عيسو ونسله وكيف إنهم أحبوا الخطية وسَفْك الدماء ونتيجةً لذلك فإن الدماء تتبعهم. هناك حالة من الود والصداقة الداخلية لسَفْك الدماء! نتيجة عدم نفورك وكراهيتك للخطية ونتيجة صداقتك الداخلية لها وعدم سلوكك بالاستقامة في مثل هذه الزوايا ستجد تلك الأشياء تتبعك وتلاحقك، لذلك كلما فَكَّرت في أمرٍ صرت فيه.
في الغالب تكون هذه الأمور مَخفيَّة والبعض بعدما سار لفترة في تدريبات روحية تجدهم سقطوا بسهولة في تلك الزوايا بسبب ضرب فرحك وسلامك، تكمُن قوتك في فرحك، أي مسببات للحزن والملامة والشعور بالذنب ستصيبك وتجعلك سهل الوقوع في الخطية، احذر خذا العدو!
هذا الأمر مُرتبِطٌ بحالة مزاجية مُستمِرة مَبنيَّة على كلمة الرب وليست على المشاعر البشرية وليس لها ارتباط بهل نمت جيدًا أم لا ولا هل شربت القهوة أم لا ولا هل عملك يسير بصورة جيدة أم سيئة، ولا هل أنت مُستقِرٌ ماديًا وأُسريًا أم لا. يدخل إبليس من هذه لأنك تدرَّبت أن تأخذ الأمر وتُحوِّله إلى أفعال هوجاء أو خطايا نتيجة الضغط الواقع عليك.
الحل هنا، كُنْ غير قابِل للضغط، لن تستطيع أن تتوقَّف عن الخطية بينما مثل تلك الثغرات غير مُغلَقة في حياتك، وإن استطعت تقليل عدد السقطات، لكن تذكَّرْ إنه بعد كل هذا وحين تجد نفسك استرحت وفرحت وشعرت بالاستقرار سيبدأ إبليس في اللعب معك على موضوع التراخي ويهمس في أذنك أنك الآن جيدٌ ولا تحتاج لشيء، هذه العظة سمعتها من قبل، هل سنظل نكرر العظات والتدريبات؟! لا تحتاج إلى كل هذا!
من هنا يأتي السقوط. انتبه، فهناك عدوٌ مُتربِصٌ بك، عمله الأساسي أن يُخفِّض ويُحقِّر منك ومن عمل الرب معك وإن تركته ولم تردعه ستجده يُقلِّل ويُحقِّر من الآخرين في نظرك ويجعلك ترى الناس سيئين وتشمئز منهم، وإن لم تقف ضد هذا الأمر ستجد نفسك في حالة من الاشمئزاز المُستمِر من أي شيءٍ يُقابِلك والنقد المُستمِر للآخرين حتى إنك قد تصل لحالة من العصاب والوسواس القهري (obsessive compulsive) الذي يقهر الإنسان.
إنها أرواح شريرة وليس كيمياء مُضطرِبة في الإنسان، طالما عَوَّدت نفسك عليها سيصير هذا طبيعيًا لديك بل ويُمكِن أن تُحبها وستظل تتبعك بالعديد من الصور والأشكال والمظاهر فتجد نفسك من وقت لآخر تدخُل على المواقع الإباحية أو قد تدخل على الانفتاح على روح الثورة والغضب لأسباب تافهة وتعود حين تهدأ وتتساءل: “لماذا أتصرف هكذا؟!”
أيضًا هناك البعض مَن يتمادى ويُعطِي تبريرات لنفسه بأنه مُحِقٌ فيما يفعله فيصل إلى حافة الكارثة إذ يكون واثِقًا في نفسه بأنه على صواب حيث يُخبرنا الكتاب أنّ مثل هذه الحالة تكاد تكون بلا رجاء، لهذا السبب يُطالبنا الكتاب بأن نكون ودعاء قابِلين للتَعلُّم.
لذلك فالحُريَّة أمرٌ خاصٌ بالنفس البشرية، سَيطرْ على نفسك ولا تُكافِئها. حين تحتاج للراحة، أرحْ جسدك لكن لا تترك ذهنك مفتوحًا لكل عابِر سبيل، لا تُعطِ لنفسك راحةً من التأمُّل في كلمة الرب لأن وقتها ستجد الأرواح الشريرة تُساعِدك في هذا وتُبرِّره لك بأنك لست مُحتاجًا لكل هذا اللهج في الكلمة فأنت حافِظٌ للكلمة وللعظات وسيُقنعك أنك لا تحتاج لكل هذا التركيز في الكلمة.
ماذا عن الرب يسوع؟ فقد كانت حياته كلها أكلاً في الكلمة ولهج فيها سواء في طفولته أو شبابه أو في خدمته، لن تكون أفضل من مُعلِّمك، ولا تظن أن الطريقة الفهلوية التي استخدمتها في دراستك العلمية ستنجح بها في حياتك الروحية مع الله. تحتاج كلمة الله لِمَن يُحبها ويخضع لها ويأكلها بكل شغف وحُب واقتناع وخضوع.
كُنْ خاضِعًا للكلمة ولا تُجادِل معها، حينما تتدرَّبْ في هذا تجد نفسك في المواقف التي تحاول أن تُسقطك وتُميتك قادِرًا أن تقف ضدها وتقول لها “لا” وذلك لأنك استطعت أن تقف وتقول “لا” لأفكارك وللنفس البشرية فلسنا مُطالَبين بأن نسير طبقًا لها، أعطانا الرب إياها لنقودها ونتعامل بها مع العالم الخارجي لكننا كائنات روحية في الأساس وليس لكي تقودنا ولا لكي نقتنع ونتكلَّم بما نشعر به ولا بما نراه ونسمعه.
لا تخرُج الحياة الإلهية التي داخلنا للخارج لأن هناك مانِعًا وحاجِزًا (barrier) للأمر لكن حين تُطلِق روحك في المواقف فأنت تقول للنَفْس البشرية أن تخضع. أفضل وسائل لتدريبك الروحي هو التأمُّل والصلاة بألسنة لأن التَأمُّل يفرض صورة على العيان وعلى ذهنك.
أيضًا أنت لا تفعل هذا لأن هناك مشكلة حادثة، لكنك طوال الوقت تصنع صورًا في ذهنك عن حياتك وعملك وخدمتك وأُسرتك وكل مجالات حياتك واهتماماتك. أُشجعك بدراسة سلسلة عظات “النور العجيب وكيف تُخرِجه“، قد تكلَّمت فيه باستفاضة عن التَخيُّل والتَصوُّر الداخلي فالأمر مُرتبِطٌ بما تراه في داخلك فأنت بهذا تجعل الأشياء تتبعك.
أليس هذا هو قانون الجذب law of attraction الذي يكتشفه العالَم خارِجًا ويقولون إنك تجذب الأشياء حينما تُفكِّر فيها؟ هُمْ يسمونها هكذا لكنها فِكْرة كتابية ذكرها الكتاب المقدس قبل ذلك بكثير. لهذا السبب حين خلقَ الرب آدم، تكلَّم معه هو وحواء حيث كانت حواء لا تزال بداخل آدم، فالرب يتكلَّم معنا ككائنات روحية، وقد سُمِعَ صوت الرب بالفِعل في أرواح آدم وحواء قبل أن يُسمَع في آذانهم وأفكارهم الذهنية البشرية.
هذا معناه أنك إن أردت أن تسمع صوت الرب فعلاً، اسمعه في روحك الإنسانية، من هنا بداية الأمر. فالطبيعي لسماع صوت الرب هو أن تُنصِت لصوت روحك، وتَحكُم في مشاعرك وأفكارك وتأثير الأمور الخارِجية عليك من الخارج فتستطيع عيش حالة من الحرية والانطلاق عكس المشاعر والحواس الخمس بجاذبيتها وشدَّها لأفكارك.
تعلَّمْ أن تفرض السلام والفرح على نَفْسك البشرية بمعنى أنك حينما تبدأ بالشعور بالانزعاج ابتدئ بالسيطرة على مشاعرك ولا تَقُل: “أنا مُنزعِجٌ الآن”، لأنك بذلك تقول إن ما يَحدُث معك هو الذي يُحدِّد حالتك وأنّ ما تشعُر به هو الحقيقة، هذا نتيجة عدم فَهْمك للفرق بين الروح والنفس والجسد.
حين تُسيطِر روحك الإنسانية على نفسك تقول لها: “لا، أنتِ غير مُنزعِجة، أنا أسيطر عليكِ” حالة فَرْض مُوجَّهة نتيجة أفكار كتابية تصحيحية تعرفها مُسبَقًا فتبدأ النفس البشرية بالخضوع لروحك وبذلك تستطيع أن تعيش من الداخل للخارِج.
الظروف التي مِن الخارج ليست هي مَا تُحدِّد حالتك بل أنت بما ترسمه في ذهنك من صور ومشاعر وأفكار وإرادة، ذلك ما يُحدِّد استقرارك ضدّ الخطية ثم استقرارك ضدّ المرض. أيًا كان نوع الإدمان أو الأمور التي تُعاني منها، فالأمر مُرتِبطٌ بما تراه في روحك وتمنع به تسريبات عمل الروح القدس في حياتك،
هدف الروح القدس أن يعمل على شخصيتك ويُعدِّل فيها سواء في مبادئك أو قيمك أو ما يُفرِّحك أو يُكدِّرك حتى تستقر في نفسك البشرية. ربما تَحدُث بعض الهجمات عليك من إبليس بأفكار تُحاوِل مُضايقتك قد تكون مُصاحِبة لخبر سلبي تسمعه وحتى بدونه، المهم أن تكون مُدرِكًا أنّ هذه هي هجمة على روحك وأن روحك لا تُخرِج سوى الصلاح فقط.
أنت برّ الله وتجسيد لكلمة الرب فأنت تتحرَّك بالكلمة ولا تستبعدها في مواجهة الحياة. لتُدرك أنك لست هذا الشخص الخاطئ السيء بل أنت منسوجٌ من كلمة الرب وتحيا طوال الوقت بها. طالما تُخبِرك الكلمة بأنك فَرِحٌ طول الوقت لذلك أنت كذلك.
قُلْ لنفسك: “أنا في حالة من الاستقرار حتى لو كان المُحيطون بي هائجين ومواقفهم معي تدعوني للهياج مثلهم، أنا أفرضُ حقيقة سلامي واستقراري على الواقع المُحيط بي وأقف ثابتًا كالجبل وهذا بسبب أن روحي مستقرة”. لا تجعل ردّ فِعْلك للمواقف هو الحيرة والارتباك وإعلان حيرتك في كلماتك لأنك بهذا ستسقط في الخطية بسهولة.
من الممكن ألّا تكون خطايا بعض الناس بارزة وضخمة ولكنهم يُستعبَدون لقرارات خاطئة ويُكرِّرونها باستمرار وخاصةً أثناء الوقوع في حالات الغضب والضيق والمشاكل الأسرية. تحتاج في هذا الوقت أن تُسيطِر على جسدك ومشاعرك وبذلك لن تقع في الخطية بالسهولة التي كنت تقع فيها من قبل.
هناك حقيقة واحدة تخُص أولاد الله وهي؛ لا يُمكن أن نُستعبَد، لا يمكن تقييد أرواحنا. لكن كيف يَحدُث هذا على أرض الواقع؟ تلك هي الزوايا التي لا يدركها الكثيرون، بلا شك علاقاتك وارتباطك بأشخاص مُعيَّنين يُحضِر معه أرواحًا شريرةً وكذلك ابتعادك عن المُؤمِنين المُشتعِلين روحيًا واقترابك من أولئك الفاترين يُؤثِّر سلبًا على حياتك الروحية.
إن كنت تعاني من مشكلة الانجذاب للأمور الإباحية أو الخمور أو أيًا كان نوع الإدمان الذي تُعاني منه سواء مُخِّدرات صريحة أو بعض الأدوية التي تحتوي على مخدرات، أو إن كنت تميل إلى الانطواء والانزواء بعيدًا عن الجميع كنوع من العقاب لهم وتظل تُشاكِس الناس كالقطة التي تخمش الناس بأظافرها لأنك دائم الغضب من الناس المحيطين بك…إلخ.
كل ما سبق بل وأكثر، إن ذهبت للأطباء النفسيين سيُخبرونك بأن لديك مشكلة ما ولكن كلمة الرب تُخبِرك أن تلك هي قيود أنت سمحت بها على ذهنك، قد ترفض أن تذهب للعمل وتنقطع عنه سواء طلبت إذنًا أو لم تطلب، كل هذه أرواح شريرة تُحاوِل أن تربطك وتُقيِّدك.
▪︎ ارسمْ صورة:
بعد أن سمعنا كل تلك المحاذير التي يجب أن نلاحظها وليس هذا فقط بل نلاحظ ما يشابهها من أعراض، ما هي الصورة التي يجب أن نرسمها بعد كل هذا؟
ما تحتاج أن تأخذ نفسك إليه هو أن تبتدئ في رؤية نفسك مُستقِرًا وتعكس الصورة التي اعتدت أن ترى نفسك فيها بأنك دائِم السقوط ولن يَمرّ عليك خمسة أيام حتى تسقط ثانيةً، هناك بالفعل مَن حاول إبليس إقناعهم وقد سقطوا في الخطية مرة أخرى نتيجة اقتناعهم بذلك!
إن كنت رسمت لنفسك مثل هذه الصورة بسبب الواقع الذي عشته وتكرَّرَ كثيرًا ولا زال يَحدُث، ابتدئ في رؤية صورة أخرى مُختلِفة حتى وأنت لا زلت تسقط وانتبه لباقي الجوانب واعمل على تنشيط روحك، حين تستمر في عمل هذا ستجد إنه قد حدثَ عندك نوعٌ من الصلابة الداخلية، وبينما تَحدُث تلك الصلابة قد تقع مرة واثنتين وثلاثة….
ليس لأن الشيطان صعبٌ ولا الخطية صعبة ولا لأن مثل هذه الأنواع من الخطية لا يُمكن الفكاك منها، انتبه من الكلمات التي يُردِّدها كثيرون في مثل تلك الأوقات، قد يقول أحدهم: “لقد تردَّدت على مصحات للتعافي ولم تُجدِ نفعًا معي وانتكست ثانيةً”.
الحلّ الوحيد هو كلمة الله المُحرِّرة، معنا اليوم اختبارٌ قويٌّ لشخص تردَّد على المصحات أربع مرات وتمَّ نفيه لأماكن بعيدة ليمتنع عن هذه الأمور، لكنه وجدَ الحلّ في كلمة الله التي تجعل كل أمر سهلاً وسَلِسًا وتجعلك تقف ضدّ هذه الأمور بثبات.
إن كنت في موقف مثل هذا، قِفْ وانظرْ الصورة الصحيحة وثَبِّتْ ذهنك عليه وردِّدْ: “أنا حرٌّ، لا يمكن لأي إدمان أو قيد أن يُكبِّلني” ليس هذا فقط بل تمادى في رؤيتك للصور الصحيحة وكرِّرها وأكْثرْ منها أزيد وأزيد. وابدأ في رؤية أنّ الإقلاع عن تلك الأمور سَلِسٌ وسهلٌ.
أيضًا واجه الأمور التي ابتدأ الروح القدس في إصلاحها فيك وتنبيهك بأنها تُساعد على سقوطك كثيرًا مثل استسلامك للشعور بالإحباط والفشل أو تَذكُّرك بأنك لم تكمل دراستك أو أن شريك حياتك ناجِحٌ وأنت لست كذلك. هذه الأفكار ومثيلاتها ما هي إلّا أرواحًا شريرة تهمس في ذهنك.
بينما أُصلي لبعض الأشخاص، أرى أشكالَ الأرواح الشريرة جالِسةً عند آذانهم وتتكلَّم لهم وهُم تارِكون لهم دوائر أو حُجرات وكأن الروح الشرير مُحتَل مساحة ما في ذهن الشخص، هذا هو السبب في عودة الروح الشرير مرة أخرى بعد انتهاره، هذا نتيجة مُصادقة الشخص وحُبه لهذا الأمر الذي يُقيِّده واعتياده على طريقة تفكير معينة.
قد يكون وجدَ أباه وأمه يفكران بتلك الطريقة فصار هو يفكر بالطريقة نفسها وعليه أن يكتشف أنّ هناك مشكلة في طريقة تفكير والديه تلك التي اعتنقها دون فَحْص في ضوء كلمة الرب، هذا الفَحْص ليس عكس الوصية الخاصة بإكرام الوالدين. بالطبع لابد أن تُكرِمهم ولكن قد تكون هناك أخطاء أخذتها عنهم.
لذلك سيقودك الروح القدس في طريق التَصوُّر والتَخيُّل، انظرْ نفسك مُستقِرًا وهادئًا ومُسيطِرًا على دائرة النفس. ابنِ هذه الصور؛ إنك لا يُمكن أن تُهزَم، الروح القدس الذي فيك أقوى بكثير من الأرواح الشريرة التي تُهاجِمك. لتُصادِقْ الروح القدس، تكلَّمْ معه ودعه يتكلَّم لقلبك إلى أن تصل لمرحلة فيها كثير من الاستنارة ومع الوقت ستصل لمرحلة مليئة بالهدوء الداخلي.
ربما تبدأ استقرارك مع الناس أو زحام السيارات الذي كان يُؤثِّر على أعصابك، أو العمل المليء بالضغوط، بهذا تكون أعراض التحرير قد بدأت في الظهور، قد تكون ما زلت تتعرَّض للوقوع لكنها مسألة وقت لأن بعض الناس لديهم عادات قد تجعلهم يستمرون لبعض الوقت في فِعْل أمور قد تحرَّروا فعلاً منها.
إلى أن يُكوِّنوا عادات جديدة مُختلِفة، كالشخص المشلول الذي كان مُعتادًا أن يُحضِر له الآخرون الطعام، لقد اعتاد على ذلك ويجب أن يساعد نفسه لاكتساب عادة إحضار ما يحتاجه بنفسه ولا يضغط على أسرته وزوجته، عُدْ وادرسْ سلسلة “كيف تخلق عادة“
أُشجِّعك أن تُصمِّم وتستمر في فَرْض الصورة الصحيحة لنفسك وأية مرة تسقط فيها وأنت في طريقك، هذا ليس بسبب صعوبة الخطية لكن لأنه لا زالت هناك أمورٌ وخطايا أخرى يتمّ اكتشافها وتعمل على تسريب عمل الروح القدس في حياتك، لا تُحبَط بل استمرْ بقوة وستجد أنّو الأمر قد انتهى فليس الأمر صعبًا بل صار سهلاً عليك.
“وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ.” (مرقس ١٦: ٩).
نلاحظ في هذا النص أنّ جملة “الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ” تأتي في اللغة اليونانية في صيغة تُفيد التَدرُّج في الحدث، مِمَّا يُعنِي أنّ الرب انتهر الأرواح الشريرة منها ولكنها ظلَّت لفترة من الوقت تعود للرب وتُخبِره بعودة هجوم الأرواح عليها بمشاعر مُعيَّنة، وكان الرب يساعدها في الأمر.
كانت تُستخدَم تلك الكلمة اليونانية وقتها بتلك الصورة التي فيها تدريج، هناك البعض من يعتقد أن التَدرُّج في الأمر يُفقِده الصفة المُعجزية، لكن هذا ليس صحيحًا في الحقيقة، فهو أمرٌ معجزيٌّ أيضًا. هناك حالات يذهب فيها الشخص ثم يعود عدة مرات على الراعي أو المُرشِد الروحي للتَخلُّص من تلك الأفكار التي تعاود الهجوم عليه، هذا أمرٌ لن يفعله الروح القدس.
هناك بعض الحالات القليلة التي يمحو فيها الروح القدس أمرًا ما من ذاكرة الشخص لأنه لا يعرف سوى تلك الطريقة، لكن في أحيان أخرى لا يستخدم الرب ذات الطريقة، هذا لا يُعنِي أن خدمة الرب يسوع كانت تنقصها قوة ما أو ملء أكثر بالروح.
بل هذا يُعنِي أنّ مريم كانت لديها بعض الأمور التي كانت مُقتنِعة بها ومُتشبِّثة فيها، هناك أمور تبدو ظاهريًا بريئة لكنها تصنع ثغرات يدخل منها العدو ليُعاوِد الهجوم عليك منها، لقد تحرَّرت مريم المجدلية تمامًا لكن الأرواح الشريرة بعد أن خرجت من روحها صارت تحاول أن تُطرِق أبوابها من الخارج فصارت تُكرِّر نفس الأصوات والأفكار عليها مرة ومرات.
أيضًا كانت تعود للرب فيُساعدها على التعامُل مع إلحاح الأفكار الشريرة عليها، لذلك من الهام أن تفهم أسلوب الأرواح الشريرة وكيفية تعامُلك مع مكرها وخداعها، عُدْ وادرس سلسلة عظات “الملائكة والأرواح الشريرة” سوف تستفيد منها جدًا في هذا الموضوع وستقف بثبات في مواجهاتك.
ــــــــــــــــــــــــــــ
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
Download
هللويا