القائمة إغلاق

الإيمان العامل – الجزء 7 Working Faith – Part

 

 

لمشاهدة العظة علي الفيس بوك أضغط هنا 

لسماع العظة علي الساوند كلاود أضغط هنا 

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب 

 

video
play-sharp-fill

 

video
play-sharp-fill

الإيمان العاملالجزء 7

▪︎ تابع أعمدة الإيمان الأساسية:

  • كلمة الله قوية في حدّ ذاتها.
  • يوجد قناعات ينبغي أن تُلغَى أو تُستَبْدَّل.
  • بذرة الإيمان المُوحَّدة.
  • لن يقوم الروح القدس بالإيمان عوضًا عنك بل سيساعدك في بناء إيمانك.
  • إبليس عدوٌ مهزومٌ وليس له سلطان أو تحكُّم في حياتك إلّا بسماحك أنت.

▪︎ التأمُّل.

▪︎ كيفيَّة الوصول لمرحلة الإيمان الداخلي؟

▪︎ الفرق بين قراءة الكلمة ودراستها، والتأمُّل فيها.

▪︎ التمهيدات التي أخذها شعب الله بخصوص المعجزات.

▪︎ الخُلاصة.

 

▪︎ تابع أعمدة الإيمان الأساسية:

 هو الإيمان الذي يأتي بنتائج، فكلما عرفت عنه أكثر تصير بارِعًا فيه، والعكس أيضًا كلما وجدت تعبًا في ممارسة الشيء فهذا ناتجٌ عن عدم المعرفة، لذلك أنت في احتياج أن تفهم كيف تسير في الموقف لأنه كلما كَثُرَتْ التفاصيل كلما ازدادت إمكانية التَصرُّف الصحيح.

 إليك مثالٌ توضيحيٌّ؛ إنْ تعامل شخصٌ مع جهاز أو ماكينة مُعينة وليكن سيارة، وهو لا يفهم فيها، سيطلب المساعدة من آخرين، لكن لو لم يوجد أحدٌ في المكان المُتوقِّف فيه ليساعده، سوف يحاول بنفسه العمل على اكتشاف العُطل، وكل هذا يحتاج إلى خبرة ومعرفه كثيرة حتى لا يُسيء التشخيص.

 هكذا كلمة الله كلما دخلت في تفاصيل كثيرة فيها كلما عرفت كيف تحتوي الأمور وتتصرَّف فيها، لذلك المعرفة الكتابية هامة جدًا لكيلا يَحدُّث خطأ في حياتك.

  • كلمة الله قوية في حدّ ذاتها:

٣٧ لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ.” (لوقا ٣٧:١).

شيء: تعود على كلمة الله وتعني الآية أنه لا توجد كلمة أو يوجد وعد مستحيل لدى الله.

ترجمة أخرى: “لا يوجد كلمة خاوية من القوة من كلمات الله”. لا يوجد كلمة من كلمات الله إلّا ويمكن تنفيذها.

 لذلك كل ما في كلمة الله لديه القدرة في إنجاز ما تقوله. لهذا السبب أنت لست في احتياج أن تدفع الكلمة لكي تُنتِج في حياتك ما تقوله، فقط أنت مُحتاج أن تُغذي البذرة لكي تُنتِج وتُثمِر، فالبذرة فيها حياة وقوة في ذاتها لإنتاج غابة وليس فقط أن تبقى بمفردها وتعيش. بنفس هذا السياق نجد أن الكلمة لديها القوة الذاتية لإخراج إنتاج فهي شُبِّهتْ بالذرة في الكتاب.

  • يوجد قناعات ينبغي أن تُلغَي أو تُستَبْدَّل:

 هناك مرحلة يقتنع الشخص فيها بأمور نتيجة خبرته، أي كثرة تكرار الشيء معه، أو قد يكون لأن إبليس رَسَّخَ فيك الأمر. إليك أمثلة تُوضِّح هذا؛ عندما يضع شخصٌ أمام عينيه ألّا يسقط في خطايا، نجد إبليس يعمل عليه بإقناعه بأنه لا ولن يعرف تكملة أي أمر يبدئه بل سيقع بعد خمسة أيام مثلاً. هذا الاقتناع يأتي للشخص بإثباتات واقعيه لديه لأنه سقط فعلاً، ومن هنا يعمل إبليس عليه.

 تجد الكثيرون يردِّدون: “كل شيء أريده لا يَحدُّث، والشيء الذي لا أريده يَحدُّث”، هذه قناعة. “من لا يُفكِّر في الشيء يأخذه، ومن يُفكِّر فيه لا يأخذه!”، هذه أيضًا قناعة. “الله إلهٌ غامضٌ، ويوجد أناس في مرضهم يأخذون شفائهم سريعًا بمجرد الصلاة لدقائق، أما أنا فأُحب الرب وأذهب للكنيسة، وأتعلَّم الكلمة، ولا يحدث لي شيءٌ. لماذا؟!” كل هذه قناعات غير صحيحة لابد أن تُصحَّح.

 يعتقد البعض أن ما يُقال في العِلم معلومات موثوق فيها، مثلاً هذا المرض الفلاني يستحيل الشفاء منه، أو ذاك المرض هو مرض الموت! كل هذا مُضاد لِمَّا جاء في الكلمة!

 يقول البعض: “لابد من حدوث مشاكل معي لكي ألجا للرب!” ولذلك ينتظر الرب أن يفعل له هذا الفِعْل مُقتنِعًا إنّ مصدر هذه المشاكل هو الرب. هذه قناعة خاطئة! ما هي قناعاتك المُرسَّخة داخل ذهنك التي يبدأ منها إبليس الدخول إليك، ويُشعِرك بصعوبة الأمر، واستحالة الحدوث؟ وما مصدرها؟!

 تحتاج أن تأكل كلمة الله، وتُتابَع روحيًا مِن مُرشِد روحي ليعمل عليك، ويكشف لك كيف تعمل الأمور، لابد مِن عيون شخص آخر ترى ما لا تراه أنت، لأنك قد تكون مُقتنِعًا بصحة ما تفعله من أخطاء.

 من المُفترَض أن تضع قناعاتك وثقتك في الكلمة والروح القدس، بدلاً مِن وضعها في دواء مُعيَّن، أو تشخيص ما نتيجةً لتحليل مُعيَّن، لأنك بذلك تتدرَّب على الشكّ وعدم اليقينية لفترات مِن الزمن. في حين أنك قادِرٌ على الخروج مُنتصِرًا من كل المواقف.

 “٩ وَكَانَ قَبْلاً فِي الْمَدِينَةِ رَجُلٌ اسْمُهُ سِيمُونُ، يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ وَيُدْهِشُ شَعْبَ السَّامِرَةِ، قِائِلاً إِنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ! ١٣ وَسِيمُونُ أَيْضًا نَفْسُهُ آمَنَ. وَلَمَّا اعْتَمَدَ كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ، وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى انْدَهَشَ. ١٤ وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ السَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ اللهِ، أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، ١٥ اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ، ١٦ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. ١٧ حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. ١٨ وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ ١٩ قَائِلاً: «أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هذَا السُّلْطَانَ، حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ الرُّوحَ الْقُدُسَ». ٢٠ فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ، لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ! ٢١ لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هذَا الأَمْرِ، لأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا أَمَامَ اللهِ. ٢٢ فَتُبْ مِنْ شَرِّكَ هذَا، وَاطْلُبْ إِلَى اللهِ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ فِكْرُ قَلْبِكَ، ٢٣ لأَنِّي أَرَاكَ (في روحي) فِي مَرَارَةِ (ألم داخلي) الْمُرِّ وَرِبَاطِ الظُّلْمِ». ٢٤ فَأَجَابَ سِيمُونُ وَقَالَ: «اطْلُبَا أَنْتُمَا إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِي لِكَيْ لاَ يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمَا».” (أعمال الرسل ٨: ٩، ١٣-٢٤).

 تدرَّبَ سيمون على الشكّ، وعدم اليقينية، حيث كان لديه جذور داخلية تُمثِّل مرارة (أمور مُؤلِّمة ومُحزِّنة، ماضي، تَعثُّرات قديمة حيث توجد أمور حدثت مع الشخص لم يجد فيها نتائج)، وقلق، ويريد أن يُظهِر نفسه نتيجة نقص معين.

 مِثْل مَن يريد أن يجتهد في الدراسة ليس من أجل التَفوُّق، والمعرفة الصحيحة للعِلم، بل مِن أجل المُنافسة، هذا ما أعاق سيمون من أن يستقبل. ويَذْكُر التاريخ إنه اُستُخدِم في هرطقات ضدّ الرب يسوع، وأكملَ في الإيمان بحالة الازدواجية، ولم يستمع للكلمة، وأيضًا لم يَتُبْ. وتعامل مع عطية الله بصورة استخفافية، فمنع نفسه عن الاستقبال بسبب هذا القلب المُزدوَج.

 كذلك يوجد مَن يقبل الرب يسوع مُخلِّصًا شخصيًّا، لكن لا زالت حقيبة الأفكار العالمية كما هي ويدخل بها إلى الرب. هذا المُؤمن المولود ثانيةً يحتاج إلى تجديد ذهن حيث إن الروح أُعيد خلقها بالميلاد الجديد، ولكن إن استمرَ الشخص بالسلوك القديم، بذلك ستُصبِح روحه مُسَيطَر عليها في حين إنها يجب أن تكون هي المُسيطِرة، لذلك مِن الضروري أن يُخرِج روحه، ويُلغي الأفكار العالمية الآتي بها.

 لأجل هذا تؤثِّر القناعات الداخلية على إيمانك، كما يقول البعض: “يَفرِق معي الجلوس على هذا المقعد في الكنيسة، ويفرق معي معايدات الناس في العيد عليّ، وأن يقفوا معي ويدعمونني في ظروفي، لماذا لم يقوموا بعمل (لايك) لي على الفيس بوك؟!” ويبدأ الشخص يشعر بالمرارة داخليًا بسبب القناعات التي بداخله مِن مرارة، وماضي وغيره.

 تُعنِي كلمة “توبة” أن يعكس الشخص اتّجاهه، ويَضبُط ذهنه عكس الشيء الخطأ الذي يفعله، وليس المقصود بها الندم والحسرة. لذلك مِن الممكن أن تحبِسك القناعات الخاطِئة في وضعية مُعيَّنة، في حين إنه يُمكِنه الخروج منها، إنْ قام بتبديل هذه القناعات بالطريقة الكتابية.

 لابد أن تجعل كلمة الله أعلى، وأكثر سيادة عليك مِن الأمور العِلميّة (مثلاً كما يقول العِلم إنّ الشخص يجب أن يموت بعد فترة قصيرة من إصابته بالمرض الفلاني). فالطِب يتكلَّم من مصدر عيان، لكن ماذا عنك؟! أنت لديك مصدرٌ مُختلِفٌ حيث إنك تحيا الحقيقة (كلمة الله) وليس الواقع.

 اقتناعك بأن إبليس له سُلطة وسيادة وقادِر على تنفيذ ما يريد (الشيطان شاطر كما يقول البعض)، يجعلك أسيرًا من مشكلة لأخرى. هذه القناعة تجعل الشخص لا يعرف أن يستقبل مِن الروح القدس.

  • بذرة الإيمان المُوحَّدة:

“١ سِمْعَانُ بُطْرُسُ عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَرَسُولُهُ، إِلَى الَّذِينَ نَالُوا مَعَنَا إِيمَانًا ثَمِينًا مُسَاوِيًا لَنَا، بِبِرِّ إِلهِنَا وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (بطرس الرسول الأولى ١:١).

كل مَن وُلِدَ من الله لديه إيمان في داخله (بذرة الإيمان).

“٣ فَإِنِّي أَقُولُ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي، لِكُلِّ مَنْ هُوَ بَيْنَكُمْ: أَنْ لاَ يَرْتَئِيَ فَوْقَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَئِيَ، بَلْ يَرْتَئِيَ إِلَى التَّعَقُّلِ، كَمَا قَسَمَ اللهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِقْدَارًا مِنَ الإِيمَانِ.” (رومية ٣:١٢).

 هذه الآية لا تُعنِي أنّ الرب أعطي ايمانًا كبيرًا لأحد، ولآخر إيمانٌ صغيرٌ. لا بل الكلمة التي تحتها خط في الأصل اليوناني تُعنِي المقدار عينه مِن الإيمان، أي مُعرَّفة بال، أي إن كل شخص لديه المقدار المُساوي من الإيمان. أشجعك بدراسة عظات “الإيمان” لتستفيض في هذه الزاوية.

 إن تعاملنا مع هذه الآية المذكورة في رومية الإصحاح الثالث على أنّ كل واحد منَّا أُعطِيَّ مقدارًا مِن الإيمان يختلف عن الآخر يومَ آمَنَ، إذًا هذا سيتضارب مع ما جاء في بطرس عن المقدار المُساوِي من الإيمان المُعطَى لنا، أيضًا سيتضارب مع كلام الرب يسوع للتلاميذ عندما قال لهم: “أين إيمانكم؟”، فَمِن قوله ذلك يريد الرب مِن الشخص أن يُخرِج إيمانه.

 أيضًا يقول الكتاب في لوقا: “أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعًا! وَلكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟” (لوقا ١٨: ٨).

 الإيمان بذرة، أُعِطيَّتْ لنا يوم آمنَّا، يجب العمل عليها حتى تكبر، فيوجد مَن له إيمان عظيم وآخر قليل، هذا نتيجةً لعمل كل شخص على بذرة الإيمان التي أخذها، فالإيمان له طريقة لكي يكبر وهي؛ عن طريق الكلمة، وعلاقتك مع الروح القدس. فالحياة لا تُعاش من غير إيمان؛ “٣٨ أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرُّ بِهِ نَفْسِي.” (العبرانيين ٣٨:١٠).

 أنت يا مَن تبرَّرت بالإيمان، يجب أن تعيش بالإيمان. لذلك لا يجب أن تقول: “يا رب أعطيني إيمانًا، أو أعنْ عدم إيماني”. وقد تَمَّ الإجابة عن هذا المقطع في عظات سابقة، فالرب يسوع كان يتعامل مع كل أمرٍ بصورة واضحة.

  • لن يقوم الروح القدس بالإيمان عوضًا عنك بل سيساعدك في بناء إيمانك:

 لن تجد إيمانك ازداد فجأةً، بل سيساعدك أنْ تبني إيمانك. مثلاً إن كان ابنك لديه امتحان على الإنترنت، ومن ضمن شروط الامتحان عدم المساعدة، ثم قُمت أنت بمساعدته فهذا يُعتبَر غشًا وخداعًا، فَمِن المُؤكد أن الرب لن يفعل هذا الخطأ. التصرُّف الصحيح هو أن يعمل الشخص على إيمانه من خلال أخْذ الكلمة حسب الشاهد الآتي؛ “‏١٧ إِذًا الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ.” (رومية ١٧:١٠).

 يأتي الإيمان بسماع الكلمة حيث تعرف ما تقوله الكلمة عمَّا تمُرّ به ورأي الكلمة فيه، وبهذه الطريقة سيساعدك الروح القدس في بناء إيمانك، ويكشف لك مِن أين أتت المشكلة، لكنه لن يُعطيك الدَفعة التي أنت منتظرها، كما المُدرِّب الذي لا يقدر أن يدخل داخل حدود الملعب، بل يعطي تعليمات وتدريبات من الخارج. للأسف يريد الكثير من الناس التواكل على الرب وعدم القيام بدورهم!

“١٤ وَلَمَّا جَاءَ إِلَى التَّلاَمِيذِ رَأَى جَمْعًا كَثِيرًا حَوْلَهُمْ وَكَتَبَةً يُحَاوِرُونَهُمْ. ١٥ وَلِلْوَقْتِ كُلُّ الْجَمْعِ لَمَّا رَأَوْهُ تَحَيَّرُوا (لأن وجهه كان يلمع)، وَرَكَضُوا وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ. ١٦ فَسَأَلَ الْكَتَبَةَ: «بِمَاذَا تُحَاوِرُونَهُمْ؟» ١٧ فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَ : «يَا مُعَلِّمُ، قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكَ ابْنِي بِهِ رُوحٌ أَخْرَسُ، ١٨ وَحَيْثُمَا أَدْرَكَهُ (حَضَرَ على جسده) يُمَزِّقْهُ فَيُزْبِدُ (يُسيِّل ريقه) وَيَصِرُّ بِأَسْنَانِهِ وَيَيْبَسُ. فَقُلْتُ لِتَلاَمِيذِكَ أَنْ يُخْرِجُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا». ١٩ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ!». ٢٠ فَقَدَّمُوهُ إِلَيْهِ. فَلَمَّا رَآهُ لِلْوَقْتِ صَرَعَهُ الرُّوحُ، فَوَقَعَ عَلَى الأَرْضِ يَتَمَرَّغُ وَيُزْبِدُ. ٢١ فَسَأَلَ أَبَاهُ: «كَمْ مِنَ الزَّمَانِ مُنْذُ أَصَابَهُ هذَا؟» فَقَالَ: «مُنْذُ صِبَاهُ. ٢٢ وَكَثِيرًا مَا أَلْقَاهُ فِي النَّارِ وَفِي الْمَاءِ لِيُهْلِكَهُ. لكِنْ إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ شَيْئًا فَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا وَأَعِنَّا (لغة شكّ)». ٢٣ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ. كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ». ٢٤ فَلِلْوَقْتِ صَرَخَ أَبُو الْوَلَدِ بِدُمُوعٍ وَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ، فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي». ٢٥ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ الْجَمْعَ يَتَرَاكَضُونَ، انْتَهَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ قَائِلاً لَهُ: «أَيُّهَا الرُّوحُ الأَخْرَسُ الأَصَمُّ، أَنَا آمُرُكَ: اخْرُجْ مِنْهُ وَلاَ تَدْخُلْهُ أَيْضًا!» ٢٦ فَصَرَخَ وَصَرَعَهُ شَدِيدًا وَخَرَجَ. فَصَارَ كَمَيْتٍ، حَتَّى قَالَ كَثِيرُونَ: «إِنَّهُ مَاتَ!».” (مرقس ٩: ١٤-٢٦).

“٢٣ إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ”: من المُفترَض أن تأتي جملة استفهامية استنكارية؛ “أأنت تقول لي أنا إن كنت تستطيع؟!” فهي ليست جملة خبرية كما تأتي في فانديك، يمكنك النظر إلى ترجمات أخرى، فكل شيءٍ مُستطاع للذي يضع إيمانه.

[23] “ ‘If you can’?” said Jesus. “Everything is possible for one who believes.” Mark 9:23 NIV

 الروح القدس كما الرب يسوع تمامًا في تصرُّفاته وردود أفعاله، فكلمة “مُعَزِّيًا آخَرَ” المذكورة في (يوحنا ١٤: ١٦) تأتي في اليوناني (ألوس باراكليتوس) (allos paraklētos) والتي تُعني (مُعزيًّا مثلي تمامًا). فإنْ أردت أن تعرف الروح القدس لأنه غير مرئي، لابد مِن فهم شخصيته مِن الرب يسوع.

 من الشاهد أعلاه نجد أنّ الرب يسوع انتهر الروح النجس بسبب تراكض الجمع، وعدم مقدرة التلاميذ على إخراج الروح النجس، وحتى لا تنكشف هذه الفضيحة؛ انتهر الروح النجس، وليس بسبب عدم إيمان الأب وطلبه من الرب أن يعين إيمانه.

 لكثير من السنين بُنِيَّ على هذه الآيات عظات من آيات غير مفهوم معناها الصحيح، وغير مفهوم سياقها أيضًا، وبالتالي عندما يتمّ اقتباسها خارج قرينتها يُساء فهمها ويتمّ اقتباسها للتمثُّل بها، في حين إنها ذُكِرتْ لنتعلَّم من خطأ والد هذا الصبي ولا نردِّدها مِثله!

 كل شخص لديه المقدار عينه مِن الايمان، والروح القدس يُساعد إيمانك عن طريق الدخول معك في حوار ويكشف لديك أين الخطأ وكيف تُعالِجه، ولكنه لا يتحرَّك بشخصه في أي موضوع بل مِن إلهام أن يُبنَى إيمانك من كلمة الله.

 إبليس عدوٌ مهزومٌ وليس له سلطان أو تحكُّم في حياتك إلّا بسماحك أنت:

“١٠ وَالَّذِي تُسَامِحُونَهُ بِشَيْءٍ فَأَنَا أَيْضًا. لأَنِّي أَنَا مَا سَامَحْتُ بِهِ ­ إِنْ كُنْتُ قَدْ سَامَحْتُ بِشَيْءٍ ­ فَمِنْ أَجْلِكُمْ بِحَضْرَةِ الْمَسِيحِ (مُدرِك لحضور الله)، ١١ لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ.” (٢ كورنثوس ٢: ١٠، ١١).

 إبليس شخصٌ انتهازيٌّ ويدخُل بصورة انتهازية، فهو كائنٌ مُقتَحِم. بمجرد أن يُعطيه الشخص مساحة (كما الحشرة) تجده يَدخُل. ولكن يُمكننا غَلْق الباب بألَّا نعطيه مكانًا أو وطأةَ قدمٍ، وليس إنه ذكيٌّ وسيدخُل رغمًا عنا. مثلاً لو كان شخصًا ما يُرتِّب بيته ولا زال يوجد به فتحات يدخل منها حشرات، فيجب أن يقوم بترميم بيته بصورة جيدة ثم يقتل كل الحشرات التي دخلت بيته. بالطريقة نفسها يجب التعامُل مع إبليس.

 بذلك يمكنك أن تضع لإبليس حدودًا، حيث يوجد مرحلة يعتمد فيها الشخص على آخرين ليُصلُّوا معه، إلى أن يصل لمرحلة يسير فيها بالكلمة؛ وبذلك لا يأتي إبليس على ذهنه ويكون في حالة استقرار وسيادة لأنه بدأ يُدرِك الكلمة ويقفل الأبواب ضده.

 “يَطْمَعَ”: يعلو فوق الشيء، ينتهز الفرصة، يزاحم، لديه رغبة في الربح والكسب والطموح عندما تُفتَح الأبواب أمامه.

 هل من الممكن ان لا يطمع فينا إبليس أو ينتهز الفرصة؟! بالطبع نعم عندما تُغلِق أبوابك بشكل صحيح.

“كَالْعُصْفُورِ لِلْفَرَارِ وَكَالسُّنُونَةِ لِلطَّيَرَانِ، كَذلِكَ لَعْنَةٌ بِلاَ سَبَبٍ لاَ تَأْتِي.” (الأمثال ٢٦: ٢).

 المعنى باللغة العبرية يأتي كالآتي؛ “كما أنّ الطائر لا يجد مكانًا يقف عليه، هكذا إبليس لا يعرف أن يدخل طالما لا توجد أرض متاحة.

 كل شيءٍ له سبب، وليس لإبليس أن يعمل رغمًا عنك، أو في أي وقت يحلو له، لأنه أصبح له حدود بعد الذي فَعَله الرب يسوع من أجلك، وعليك أن تعرف كيف تُغلِق أبوابك أمامه. الروح القدس في صفك ليكشف لك مِن أين جاءت المشكلة، وكيف تُمارس إيمانك، ولكنه لا يمارس الإيمان عنك.

▪︎ التـــــأمُّل:

هو جذر الإيمان ليتمّ بصورة صحيحة.

“فَإِذْ لَنَا رُوحُ الإِيمَانِ عَيْنُهُ، حَسَبَ الْمَكْتُوب: «آمَنْتُ لِذلِكَ تَكَلَّمْتُ»، نَحْنُ أَيْضًا نُؤْمِنُ وَلِذلِكَ نَتَكَلَّمُ أَيْضًا.” (٢ كورنثوس ٤: ١٣).

 الكلمات المنطوقة بدون الإيمان الداخلي الذي يَحدُّث بالتأمُّل ليس لها أي قيمة، فهي ليست تعويذة. فالكلمات المنطوقة هي تحصيل حاصل وليست هدفًا. نجد إنه في بعض المرات تأتي الكلمات المنطوقة بنتائج، ذلك لأن لك رصيدًا من الكلمة في ذهنك في أمر ما، فعندما أطلقت الكلمة خرجت بقوة. لكن في مرات أخرى تقول الكلمات ولا يَحدُّث شيءٌ بسبب عدم وجود الإيمان الدخلي!

كيف أَصِلُ لمرحلة الإيمان الداخلي؟ عَبْر التَأمُّل، وهذا مذكورٌ في كلمة الله ويعني اللهج الذي يملئك بالإيمان.

“١ قُلْتُ: «أَتَحَفَّظُ لِسَبِيلِي مِنَ الْخَطَإِ بِلِسَانِي. أَحْفَظُ لِفَمِي كِمَامَةً فِيمَا الشِّرِّيرُ مُقَابِلِي». ٢ صَمَتُّ صَمْتًا، سَكَتُّ عَنِ الْخَيْرِ، فَتَحَرَّكَ وَجَعِي. ٣ حَمِيَ قَلْبِي فِي جَوْفِي. عِنْدَ لَهَجِي اشْتَعَلَتِ النَّارُ. تَكَلَّمْتُ بِلِسَانِي…” (المزامير ٣٩: ١-٣).

 “أنا قلت لنفسي سوف آخُذ حذري ولا أريد أن أُخطئ، وعندما أجد الشرير أمامي أمسك نفسي ولا أريد أنْ أتكلَّم أو أُخطئ، لكني سكتْ حتى في الأمور الجيدة رغم حالة الغليان، وهذا بسبب أنه حمى قلبي في جوفي، فعندما كنت أُفكِّر فيما يَحدُّث وأتأمَّل فيه اشتعلت داخليًا؛ بذلك نَطَقَ لساني نتيجة الاشتعال الداخلي.” ترجمة أخرى.

New living translation

كلما فَكَّرتُ كثيرًا كلما صرتُ أكثر سخونة، وكلماتي الخارِجة مني أصبحت شُعلة.

 التأمُّل هو طريقة تفكيرك تجاه الموقف والتحدي (شغلك، نفسك، صحتك، ….)، فداود شرح لنا الطريقة في العدد الثالث مِن المزمور التاسع والثلاثين قائلاً: (كلما لهجتُ في الأمر وفَكرتُ فيه، كلما ازدتُ اشتعالاً داخليًّا فتَخرُج كلماتي نحو الشيء). هنا داود يتكلَّم عن مفهوم اللهج والتأمُّل ويوضحه بصورة سلبية، لكن يمكن استخدام هذا القانون في أي أمر آخر سواء سلبيًّا أو إيجابيًّا. إذًا كلماتك مُرتبِطةٌ بتأمُّلك أي التفكير العمدي المُتمعَّن في الشيء.

 هو استحضار فِكرة بتفاصيلها، أي ليست أمور عابِرة، بل أن تُفكِّر في الأمر إلى أن تَغلي داخليًا (أي تشتعل بها). فأي مشكلة تواجهها إنْ كان لديك رصيدٌ كافٍ من كلمة الله، سيكون صوت الكلمة عاليًّا داخلك بتأمُّلك. فعندما تُفكِّر في الكلمة طوال الوقت، فسيُصبح صوت روحك أعلى ولديك قدرة نارية داخلية لإطلاق كلمة الله في الموقف فتَحدُّث نتائج.

▪︎ الفرق بين قراءة الكلمة، ودراستها، والتأمُّل فيها:

قراءة الكلمة: هي فِكرة عامة.

دراسة الكلمة: هي لفَهْم جوانب الكلمة بصورة سليمة وصحيحة.

التأمُّل في الكلمة: أي يسترجع الفِكرة في ذهنه ويتخيَّل، ويرى تفاصيل التفاصيل للشيء.

 مثلاً؛ في أوقات الامتحانات نستذكر بكثافة شديدة، وبعد نهاية الامتحانات نجد أنه لا زالت المعلومات تأتي على أذهاننا، وذلك لأننا تأملنا فيها كثيرًا. وهكذا عندما تسافر وقتًا طويلاً بالسيارة ويكون صوت الموتور عاليًّا، بعدما تصل لوجهتك تجد أنّ مازال صوت الموتور عالِقًا في ذهنك في حين أنك تركت السيارة!

 بنفس هذا المَنطِق تجد أنّ أي أمرٍ أنت مُمتلِئٌ به تُخرِجه بدون أي تعب. لذلك أعطانا الرب آلية أنْ نُفكِّر ونتأمَّل طوال الوقت في الكلمة، ويكون لدينا ثقة وليس أن نتكلَّم بها فقط.

  • ما هو التأمل؟

“١٧ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ». أَمَامَ اللهِ الَّذِي آمَنَ بِهِ، الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى، وَيَدْعُو الأَشْيَاءَ غَيْرَ الْمَوْجُودَةِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ. ١٨ فَهُوَ عَلَى خِلاَفِ الرَّجَاءِ (عكس الواقع)، آمَنَ عَلَى الرَّجَاءِ (إجبار ذهني)، لِكَيْ يَصِيرَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ، كَمَا قِيلَ: «هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ». ١٩ وَإِذْ لَمْ يَكُنْ ضَعِيفًا فِي الإِيمَانِ لَمْ يَعْتَبِرْ جَسَدَهُ ­ وَهُوَ قَدْ صَارَ مُمَاتًا، إِذْ كَانَ ابْنَ نَحْوِ مِئَةِ سَنَةٍ ­ وَلاَ مُمَاتِيَّةَ مُسْتَوْدَعِ سَارَةَ. ٢٠ وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ، بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِيًا مَجْدًا ِللهِ. ٢١ وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضًا. ٢٢ لِذلِكَ أَيْضاً: حُسِبَ لَهُ بِرًّا».” (رومية ٤: ١٧-٢٢).

 وُلِدَ اسحاق بالإيمان بعيدًا عن أي مشاكل صِحية لإبراهيم وسارة، لأنه في الأساس كان لدى سارة مشكلة في الإنجاب، وكذلك هما كانا قد تجاوزا سِن الانجاب.

“٢٠ ارْتَابَ”: هي حالة التَردُّد، أي إن الشخص يقرأ من مشهدين، فهو لا يقرأ من نفس الصفحة أو نفس الكلمة مع الرب، أي في خلاف مع أو ازدواجية، فيرى مشهدين ولهما مصداقية لديه.

 لفظ “تَيَقَّنَ” المذكور في (رومية ٢١:٤) هو نفسه لفظ “تَمِّمْ خِدْمَتَكَ” في اليوناني، المذكور في تيموثاوس؛ “وَأَمَّا أَنْتَ فَاصْحُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ. اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ. تَمِّمْ خِدْمَتَكَ.” (٢ تيموثاوس ٤: ٥).

 “تَمِّمْ” هي نفسها “تَيقَّن” وسنعرف معناها من استخداماتها في الكتاب المقدس.

“وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ، فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَد” (٢ تيموثاوس ١٧:٤).

لفظ “تُتَمَّ” هو نفسه لفظ “تَيقَّن” في اليوناني.

 تَيقَّن” في اللغة اليونانية تُعنِي إنه وَصَلَ لمرحلة تتميم الاقتناع، والامتلاء ب وتَمَّ تمامًا، اكتمل هذا الأمر، هي حالة الملء بالشيء، حالة الإثبات التام الداخلي (لا يرى شيئًا خارجيًّا)، وأنهى الأمر داخليًا وكأنه ملأ الكأس لآخِره (كأس الاقتناع الداخلي).

 كل هذا كان من الداخل فالرب أعطى إبراهيم صورة ليُفكِّر ويتأمَّل فيها. لذلك نجد إنه من الممنوعات إحصاء الشعب إلّا وسيُدفَع فدية….. لماذا؟ لأن الرب قال لإبراهيم: “تأمَّلْ وحاول أن تَعد النجوم ورمل البحر إن عرفت، هكذا يكون نسلك بهذه الكثرة!” ففي المساء يرى النجوم ويحاول أن يعدها، وفي الصباح يحاول إحصاء الرمل، أي مُحاصِره ليلاً ونهارًا طوال الوقت.

 هنا إبراهيم امتلأ بالصورة داخليًا، هذا هو التَيقُّن، وليس نشوة أو فرحة داخلية بسببها تقول أنا عندي إيمان. فهو ليس إحساسًا داخليًّا بفرح وحماسة لأنها تُعتبَر مشاعر. الإيمان يجب ان يُعَلََّم فهو لا يُقاس بالدواخل النقية للشخص كونه لا يفعل أمورًا تُغضِب الرب وغيره.

 مِن هنا نجد الكثيرين يعتقدون بأنهم يسيرون بشكل صحيح إلى أن يُصدَموا بالواقع الذي بدوره يُؤدي لارتداد الكثيرين عن الرب، أو عدم ممارسة الإيمان مرة أخرى مثلاً. لذلك عندما أنجبَ إبراهيم إسحاق، ومَرَّتْ الأيام وجاء الملك داود وأحصى الشعب، لم يُقدِّم فداءً (أي يسمح بتدُّخل الرب في الأمر، ويضعه تحت يده)، حَدَثَ الوباء في الشعب.

 إنْ أردتْ أن تضع تأمُّلك بشكل صحيح، وتُقوي إيمانك، لابد أن تُوجِد وقتًا للتأمُّل، بعدها تجد الشخص يشتعل داخليًا ثم يتكلَّم الكلمة فتَحدُّث. أما مَن يستعجل ويتفوَّه بكلمات منطوقة في الحال دون الامتلاء بالشيء تكون النتيجة صفرًا (لا شيء). ومِن المهم أن تعرف الموضوعات التي تضع فيها إيمانك بشكل سليم، عن طريق دراسة كلمة الله في الموضوع الذي تريد فيه معجزة.

 يقول البعض: “يا قسيس الكتاب أبسط من هذا، وليس مُعقَّدًا!” فيلجأ الناس لحلول سريعة، سواء بتقليل النصيحة أو بعملها. لكننا نجد أن الكتاب المقدس واضحٌ في سَرْد سهولة حصول شعب الله على المعجزات في أيام وجود يسوع على الأرض، وذلك لأنهم مروا بمراحل تعليم عن المسيا الذي سيأتي وتكون معه كل الأشياء سهلة، وأيضًا لديهم فِكْر إلهي عن الشفاء وغيره. يمكنك دراسة سلسلة “المعجزات وكيف تنجح“.

 يَذكُّر الكتاب المقدس أن الرب يسوع شفى قليلين في مدينته، لأنهم كانوا ينظرون إليه على إنه الشخص الذي تربَّى معهم، وتعاملوا معه باعتيادية، فهؤلاء المرضى الذين أتوا له للشفاء لم يكن لديهم إرادة، وفي حالة غيبوبة (في اللغة اليونانية) لأن عندهم أمراض تختَّص بالوعي، وغير مُتعثِّرين فيه. أما من لهم إرادة كانوا مُتعثِّرين في الرب يسوع لأنهم يعلمون مَن هو وأين وُلِدَ، وأين يسكن، ومَن هم أبواه، كل هذا بسبب عدم إيمانهم به.

 لم يقدر يسوع (أي إنه قام بمحاولات) أن يعمل إلّا معجزات قليلة في وطنه (مَسقَط رأسه)، لماذا؟ لأن أذهان الناس كانت تعمل بصورة عكسية في هذه المنطقة. أما في بقاع أخرى كانت تَحدُّث معجزات كثيرة بسبب التمهيد الذي أخذه شعب الرب بخصوص هذا الأمر. هذا التمهيد نفسه، تحتاج إليه الكنيسة الآن.

▪︎ التمهيدات التي أخذها شعب الله بخصوص المعجزات:

1- من نبوات وفَهْم غير مغلوط عن هذا الإله حيث إنه لا يأتي بالمرض بل يشفي.

2- أيضًا عندهم يوحنا المعمدان الذي مَهَّدَ الأرض للمسيا القادِم، فهو لم يعمل معجزة واحدة.

3- يسوع نفسه كان يُعلِّم الشعب بغزارة.

مِن هذه التمهيدات السابقة حدثت لهم آيات ومعجزات وعجائب سريعة.

▪︎ الخُلاصة:

 التَيقُّن يحتاج إلى التَمعُّن الداخلي، فإن كنت تهرب وتقول سريعًا إن الموضوع ليس بهذا التعقيد! فأنا أقول لك إنه له طريقة وأنت غير معتاد عليها. فقط عليك أن تتَّضع تحت الكلمة، وتقتنع اقتناعًا داخليًّا ولا تتسرَّع في دراسة الكلمة والتأمُّل فيها وتُفَكِّر فيها عن عمد، وترسم الصور، فهذا هو ما سيجعلك تأخذ ما تريده.

 البعض يقول: “أنا عقلاني!”، العقلاني ليس بمشكلة فإنه من الهام أن تضع الكلمة في عقلك وليس العالم لأنك بذلك تجد صعوبة في استيعاب الكلمة لأن أرضك مملوءة بزرع آخر (أفلام، مسلسلات، ألعاب، أمور أخرى)، فعندما تأتي الكلمة محاولة إيجاد مكانٍ لن تجد، حيث يوجد زحام وسَحْب في العالم. مِن هنا يتأمَّل الشخص ولكن بطريقة خاطئة، فالمكينة عامِلة طوال الوقت. لأن التأمُّل هو عملية يقوم بها ذهنك طوال الوقت، إما تديره وتجدده بأفكار الله أو يديرك هو.

 لذلك التأمُّل هو الوسيلة بأن تضع الكلمة هي المادة الفِكرية السليمة في ذهنك للموضوع الذي تريد وضع ايمانك فيه. فمِن ضمن الأعمدة التي ينبغي الاهتمام بها أن لا تعول الهم إنْ كان لديك أكثر من موضوع تريد الإيمان فيه، لأن الروح القدس سيساعدك بمجرد أن تضع فِكْرك في التأمُّل، وتملأ ذهنك بالصور، ثم تضغط بهذه الصور على الواقع الذي تحيا فيه، إلى أن تعرف ان تتكلَّم بها. كل هذه الخطوات عملية فِكرية (لهج) أي حالة تكرار وتمتمة بالشيء داخليًا.

 التأمل يجعلك تحتك بالروح القدس، كما لو أن شخصًا لمسَ حائطًا عليه طلاء حديث فيطبع عليه دون أن يعمل الحائط أي مجهود، هكذا كلمة الله. أيضًا إن جلست وسط مجموعة مُشتعِلة بشكل صحيح فسوف تُحفِّز إيمانك.

“٣٦ وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، ٣٧ لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». ٣٨ فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ. ٣٩ فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، ٤٠ وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. ٤١ فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.” (لوقا ١: ٣٦-٤١).

“٣٧ لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ”: أي لا توجد كلمة لله خاوية من القوة، فكل كلمة لديها قوة لفِعْلها.

 “٣٨ لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ”: حسب المراجع اليهودية، تعلَّمت العذراء مريم هذا من والدها، فكان والدها مسؤولاً عن المخطوطات في المجمع، وكان يُخبِرها بما يقوله الكتاب. لذلك قالت للملاك هذا لأنها تدرَّبت من والدها أن تستجيب سريعًا، فهي كانت طائِعة للكلمة وتهابها. لذلك التربية أمرٌ هامٌ للغاية.

“٤٠ وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ”: ذهبت مريم لنفس فئة هؤلاء مَن لديهم معجزة غريبة تشبه خاصتها، واقتربت لمَن يجعلها تشتعل بهذا الأمر كيلا يذهب فِكْرها بعيدًا، وكي تُحاط بالأجواء السليمة، ولم تذهب لأي شخصية فحسب.

 التَأمُّل يحتاج إلى أرض خصبة وجو مُلائِم، فمجرد سلام مريم لاليصابات تحرَّكَ يوحنا في بطنها، وبدأت تمتلئ بالروح وتنطق بالكلمات المذكورة في (لوقا ١). هذا ما يجعل المعجزات تَحدُّث معك سريعًا هو أن تمتلئ.

“١ فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ (الروحية). ٢ وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.” (رومية ١٢: ١، ٢).

“٢ وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْر”: لا تتأثّروا بما يَحدُث في العالم، لأن عندك قوة للتغيير الداخلي وليس من السماء.

 “بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ”؛ كيف يكون هذا التغيير؟ بتجديد أذهانكم أي تمتلئ بأفكار أخرى غير الموجودة، وأن تقوم بإعادة برمجة لأفكارك، فَمِن الممكن ان تكون نسبة العيان أكبر من نسبة كلمة الله في ذهنك. فعندما تملأ ذهنك بكلمة الله تجد أن النسبة بدأت تزداد وتصير أعلى إلى أن تطغي على الأفكار والأصوات الأخرى. إذًا طريقة تفكيري تُحدِّد معجزتي، وليس أن الرب يتدخَّل. “لِتَخْتَبِرُوا” أي تذوقوا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$
Hide picture