القائمة إغلاق

الإيمان العامل – الجزء 9 Working Faith – Part

 

 

لمشاهدة العظة علي الفيس بوك أضغط هنا

لسماع العظة علي الساوند كلاود أضغط هنا

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب

 

(العظة مكتوبة) 

الإيمان العاملالجزء 9

 

▪︎ هل بإمكان إبليس التأثير عليك؟

▪︎ القراءة من نفس السَطر.

▪︎ حماس وغيرة.

▪︎ أعراض أواخِر الأيام.

▪︎ تموين الجسد ومدى خطورته.

▪︎ كيف تشحن روحك؟

▪︎ لا تخلط بين دورك ودور الروح القدس.

▪︎ في هذه افتكروا.

▪︎ مبادئ هامة من إقامة طابيثا.

 

 

 الإيمان العامِل هو الذي يأتي بنتائج، حيث يُوجد من يُمارِس إيمانه ولكنه لا يجد نتائج وذلك لوجود نواقص في إيمانه ومِثْل هؤلاء لابد أن يفهموا هذه النواقص كي يكون إيمانهم عامِلاً ويأتي بنتائج.

▪︎ هل بإمكان إبليس التأثير عليك؟

“٤ اَلْكَسْلاَنُ لاَ يَحْرُثُ بِسَبَبِ الشِّتَاءِ، فَيَسْتَعْطِي فِي الْحَصَادِ وَلاَ يُعْطَى. ٥ اَلْمَشُورَةُ فِي قَلْبِ الرَّجُلِ مِيَاهٌ عَمِيقَةٌ، وَذُو الْفِطْنَةِ يَسْتَقِيهَا. ٦ أَكْثَرُ النَّاسِ يُنَادُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِصَلاَحِهِ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَمِينُ فَمَنْ يَجِدُهُ؟” (الأمثال ٢٠: ٤-٦).

 بعد أن تقوم بتخزين الكلمة في قلبك، يجب أن تحفظه وتحرسه، لأن مِنه مخارج الحياة. وهذا يَدُل على وجود مخاطر قد تهاجم قلبك، فأثناء تفكيرك في الرب أو في وقت عبادتك يُحاول إبليس تشتيتك ويعمل دائمًا على عقلنة الأمور والتَعامُل مع العيان على إنه الحقيقة كما يحاول أن يجعلك تُركِّز عليه بشدة.

 أيضًا في بعض المراحل يُسحِر للشخص أي يُؤثِّر عليه. فالسحر لا يُشترَط أن يعمل من إنسان لإنسان، فلا ننسى أن إبليس هو مصدر السحر ذاته، وما يقوم به السحرة هو مُجرَّد تسليط أرواح شريرة ضدّ شخص ما للتأثير عليه والتمويه لدى ذهن الإنسان ليجعله يقتنع بأمور مُعيَّنة، وهذا ضمن أعمال الجسد، فكلما سلكت بالجسد والحواس الخمس، كلما وَضَعْتَ نفسك تحت سِحْر إبليس.

 ذات يوم كان الراعي كريس يُخرِج روحًا شريرًا من أحد الأشخاص، وكان هذا الروح الشرير مُتخصِّصًا في التلاعُب في أجهزة التحاليل والأشعة، فكان كلما ذهبَ هذا الشخص إلى أحد معامل التحاليل أو مراكز الأشعة، تَظهر نتائج سلبية تدل إنه مريضٌ بأمراضٍ عديدة.

 بالتالي كان يذهب للعديد من الأطباء للعلاج من تلك الأمراض، وعندما خرجَ هذا الروح الشرير مِن هذا الشخص، اختفت جميع تلك النتائج السلبية التي كانت تظهر في نتائج التحاليل والأشعة.

 من ذلك نفهم أنّ إبليس يعمل في الدوائر الحِسية والجسدية. والسؤال هنا هل يُمكِن لإبليس إحداث أمور في العيان؟ الإجابة نعم، في حالة تصديقك لهذا العيان، حيث يبدأ إبليس بعرض الأعراض المَرضيَّة أو المشاكل الحِسية سواء في عملك أو بيتك وأسرتك أو أي تحدي أو إحساس بمزاج مُتقلِّب أو إلحاح على خطية ما، وفي حالة تصديقك لهذا العيان يتحوُّل لحقيقة.

▪︎ القراءة من نفس السَطر:

 أيضًا في جميع الأمور التي تسلك فيها بإيمان، يحاول إبليس أن يسحبك من الإدراك لهذه الحقيقة، بينما يقوم الروح القدس بشدَّك وسحبك لإدراك الحقيقة التي تقولها الكلمة. لذلك نجاحك لنوال معجزتك أيًا كانت سواء تسديد احتياجات أو شفاء أو غير ذلك، هو أن تبدأ في القراءة من نفس السَطر الذي يقرأ منه الرب دون شك أي دون عدوانية.

 حيث إن الشك هو ألَّا تقرأ من نفس السطر ومن نفس الكلمة التي يقرأ منها الرب، والسلوك بالحواس الخمس وليس بالكلمة. فعندما تسلك بحواسك الخمس، يبدأ إبليس في تأكيد تلك الأعراض لأنك بذلك أدخلْتَ نفسك في منطقته.

 لهذا السبب كما أوضحنا؛ يعمل الروح القدس دائمًا على سحب الإنسان لإدراك الحقيقة التي تقولها الكلمة، وإدراك عالم الروح ومملكة النور وطريقة قراءتها للمواقف، وبمجرد أن يتطابق فكرك مع فكر الرب يبدأ حدوث المعجزة. إذًا لابد من اتَّحاد ومطابقة فِكْرك مع فكر الرب.

 الإيمان هو الاقتناع بشيء داخلي لا يمكن تغييره، ولا يوجد اهتزاز داخلك. هو القراءة من نفس الكلمة ومن نفس السطر الذى يقرأ منه الرب، فلو كان العالم والعيان يقولان إنه توجد مشكلة ما وهذا الأمر غير مُطابِق لكلمة الرب، فلابد أنْ تُثبِّت ذهنك على الكلمة، وبمجرد تثبيت ذهنك على ما يقوله الرب -عكس الواقع والعيان- يبدأ حدوث المعجزة وتغيير الواقع والعيان.

▪︎ حماس وغيرة:

“١٧ يَغَارُونَ لَكُمْ لَيْسَ حَسَنًا، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكُمْ لِكَيْ تَغَارُوا لَهُمْ. ١٨ حَسَنَةٌ هِيَ الْغَيْرَةُ فِي الْحُسْنَى كُلَّ حِينٍ، وَلَيْسَ حِينَ حُضُورِي عِنْدَكُمْ فَقَطْ. ١٩ يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ. ٢٠ وَلكِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ حَاضِرًا عِنْدَكُمُ الآنَ وَأُغَيِّرَ صَوْتِي، لأَنِّي مُتَحَيِّرٌ فِيكُمْ! ٢١ قُولُوا لِي، أَنْتُمُ الَّذِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا تَحْتَ النَّامُوسِ: أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ النَّامُوسَ؟ ٢٢ فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ. ٢٣ لكِنَّ الَّذِي مِنَ الْجَارِيَةِ وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ، وَأَمَّا الَّذِي مِنَ الْحُرَّةِ فَبِالْمَوْعِدِ. ٢٤ وَكُلُّ ذلِكَ رَمْزٌ، لأَنَّ هَاتَيْنِ هُمَا الْعَهْدَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ، الْوَالِدُ لِلْعُبُودِيَّةِ، الَّذِي هُوَ هَاجَرُ. ٢٥ لأَنَّ هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَلكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ الْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا. ٢٦ وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ الْعُلْيَا، الَّتِي هِيَ أُمُّنَا جَمِيعًا، فَهِيَ حُرَّةٌ.” (غلاطية ٤: ١٧-٢٦).

 يُنبِّه الرسول بولس أهل غلاطية من أناسٍ يُحاوِلون التأثير على أذهانهم حتى يتهوَّدوا، فيشير عن هؤلاء الأشخاص بأنهم يَغارون ويتحمَّسون تجاه أهل غلاطية بمعنى إنهم يُلحون بشغف كي يجعلوا أهل غلاطية يتهوَّدوا ويسلكوا بناموس موسى في وقت لم يَعُدّ لناموس موسى وجود حيث توجد نعمة ربنا يسوع المسيح.

 لذا يقومون بالعديد من الزيارات لأهل غلاطية، ويُحاوِلون سحبهم وشَدَّهم ليتهوَّدوا وهذا أمر غير جيد. فالهدف الأساسي هو إنه بعدما ينجحون في سحبهم إلى فِكْر اليهود وهو أن يُختَتنوا ويسلكون بناموس موسى، سيقومون بإنهاء علاقة أهل غلاطية بالرسول بولس ومَنْع التواصل معه!

 هذا يُعنِي أنّ عالَم الروح ليس فيه وسطيَّة، فعندما تسلك بالكلمة تجد أنك مُغلَقٌ تجاه العالم والعيان، وكذلك أيضًا عندما تسلك بمبادئ العالم وما يُمليه عليك العيان تجد نفسك مُغلَقًا تجاه الكلمة.

 أضِف على هذا؛ الإنسان ليس قطعة واحدة، فقد تجد بعض المُؤمِنين لديهم إيمان في بعض الزوايا دون الأخرى، فقد يكون لديك إيمان قوي تجاه الشفاء، وفي الوقت نفسه لديك إيمان ضعيف تجاه تسديد الاحتياجات المادية. وربما يكون لديك خوف ورهبة لمرض مُعيَّن، وفي نفس الوقت استخفاف بمرضٍ آخر، فيكون لديك القدرة على ممارسة إيمانك تجاه هذا المرض دون الآخر في حالة تَعرُّضك للإصابة به.

▪︎ أعراض أواخِر الأيام:

“١ أَنَا أُنَاشِدُكَ إِذًا أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ: ٢ اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ. اعْكُفْ عَلَى ذلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ. وَبِّخِ، انْتَهِرْ، عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ وَتَعْلِيمٍ. ٣ لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ.” (٢ تيموثاوس ٤: ١-٣).

 يتكلَّم هذا الشاهد الكتابي عن إنه سيأتي وقتٌ، يكون هناك أُناسٌ يُحاوِلون تجميع مُعلِّمين كثيرين يخاطِبونه بِمَا هُمْ مُقتنِعون به، وذلك لعدم احتمالهم للحقّ الكتابي الصحيح والسليم. معنى كلمة “يحتمل” في هذا الشاهد أي يتَّضع وينزل وينحني للكلمة ويقبلها كحقيقة.

 الوقت الذي كان يتكلَّم عنه الرسول بولس في هذا الشاهد هو ما نراه الآن بالفعل في أيامنا الحالية حيث إنه يُوجَد أناسٌ لا تحتمل ولا تقبل الكلمة كحقيقة ولا تخضع لها بل تُؤمِن بالواقع وما تعيشه حتى إن كان مُخالِفًا لكلام الله.

 إليك مثالٌ للتوضيح؛ لو كان أمامك كوبان من الماء، وافترضنا أنّ منسوب الماء في أحد الكوبين يُمثل العيان وفي الآخر يُمثِّل الحقيقة، وكان منسوب العيان في الكوب الأول عاليًا جدًا، ومنسوب الحقيقة في الكوب الثاني مُنخفِضٌ جدًا، فبالتأكيد سيكون صوت العيان في هذه الحالة عاليًا جدًا، فإن قام هذا الشخص بشَحْن روحه سيبدأ منسوب العيان ينخفض بينما يعلو منسوب الحقيقة، انتبه! فعالَم الروح ليس فيه وسطيَّة.

 في هذا الزمان يوجد أُناس رافِضين للكلمة، ورافِضون الانحناء والخضوع لها، وهذه أعراض أواخر الأيام، وهذا أيضًا ما تكلَّم عنه الرب في (لوقا ١٨)، وهو أن الرب سيأتي في المجيء الثاني ويبحث عن الإيمان، هل موجود أم لا؟ وهذا دليلٌ قويٌّ جدًا على أنّ الإيمان مُهدَّدٌ في أواخر الأيام، لأنه هو الذي يُحدِّد سلوك الإنسان في الحياة.

 لذلك تمسَّكْ بالتقوى أي تمسَّكْ بأن تُحِب الرب إلهك في جميع الظروف، فلا تجعل الرب في كفة وحدوث معجزات ونتائج في كفة أخرى. إنها محبة مشروطة، فلا تَكُن مِن هؤلاء الذين لا يسلكون بالتقوى.

 الانحناء لكلمة الرب هو حالة خضوعك وقبولك لها، فهناك البعض مَن تحجَّرَ قلبهم ضدّ الكلمة، ولم يعودا يقبلونها حسب ما جاء في (غلاطية ٤)، وذلك نتيجة انجذابهم للعيان. انتبه! مِن المُمكن أن يسحبك إبليس تجاه أمورٍ تدريبية، كأن يجذبك نحو قراءة كُتب فلسفية سواء خاصة بزوايا عِلمية أو العلاقات مع الناس، فتمتلئ بهذه الأمور.

 نتيجةً لذلك تجد نفسك مُغلَقًا تجاه رأي الكلمة في هذه الزوايا التي امتلأت بها من هذه الكُتب، ولن تستطيع ممارسة إيمانك في هذه الأمور لأن قلبك تحجَّرَ. وهذا ما تكلَّم عنه الرسول بولس في (١ تيموثاوس ١) قائلاً إن قلب هذا الإنسان المُتحجِّر يحتاج إلى قسطرة.

“٥ وَأَمَّا غَايَةُ الْوَصِيَّةِ فَهِيَ الْمَحَبَّةُ مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ، وَضَمِيرٍ صَالِحٍ، وَإِيمَانٍ بِلاَ رِيَاءٍ. ٦ الأُمُورُ الَّتِي إِذْ زَاغَ قَوْمٌ عَنْهَا، انْحَرَفُوا إِلَى كَلاَمٍ بَاطِل. ٧ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا مُعَلِّمِي النَّامُوسِ، وَهُمْ لاَ يَفْهَمُونَ مَا يَقُولُونَ، وَلاَ مَا يُقَرِّرُونَهُ.” (١ تيموثاوس ١: ٥-٧).

 هل لاحظت هذا؟ هدف الوصية هو المحبة من قلب نظيف وضمير صالح، وإيمان بلا رياء أي لا يُمكن إضعافه. كان يستخدم لفظ “الرياء” للتعبير عن شخص يُمثِل شخصية ليست شخصيته، فإن كُنت لا تُؤمِن بكلمة الله فأنت لا تعيش حقيقتك، فحقيقتك هي أن تُصدِّق الكلمة. كان الناس في قديم الزمان يقومون بشراء آنية الفخار في وقت النهار حتى يكتشفوا ما بها من عيوب.

 هنا يتكلَّم أيضًا الرسول بولس عن الإيمان القوي الذي يأتي نتيجة دراسة الكلمة. فكلمة الله تجعلك تُدرِك الحقيقة الكتابية حتى لو كان العيان يقول عكس الكلمة.

 التأمُّل الذي قيل عنه في (أمثال ٤) هو عبارة عن دستور يُنشِئ العديد من القوانين، الدستور هو القانون الأعلى الذي يُحدِّد القواعد الأساسية لشكل الدولة. على سبيل المِثال، كانت الوصايا العشر بمثابة دستور ينقسم إلى خمس وصايا تُنظِّم العلاقة مع الله، وخمس أخرى تُنظِّم العلاقة مع الإنسان.

 ثم بعد ذلك بدأ يشرح موسى النبي الوصايا فتفرع من الوصية الواحدة العديد من المبادئ والقواعد المُنظِّمة للوصية. كذلك أيضًا الأربع قواعد التي ذُكِرَتْ في (أمثال ٤) توجد بهم مبادئ عديدة يجب أن تفهمها.

▪︎ تموين الجسد ومدى خطورته:

“١٢ قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. ١٣ لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. ١٤ بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.” (رومية ١٣: ١٢-١٤).

 تفكيرك هو الذي يُحدِّد اتّجاه إيمانك، فلفظ “تَدْبِيرًا” المذكور في هذا الشاهد يُعنِي إعمال العقل وذلك حسب الترجمة اليونانية، حيث تأتي الكلمة في الأصل pronoia وهي مُشتَقة من قسمين هما “”pro وتُعني سابقًا، “”noieō وتُعني ممارسة التفكير وإعمال العقل والتفكير المُوجَّه. يُعنِي أن الشخص يشحن جسده والعيان عن طريق التفكير فيه. فهنا يطلب الرسول بولس من أهل رومية التَوقُّف عن الأخطاء التي يفعلونها وأن يتحرَّكوا بأسلحة النور.

 كما علَّمهم طريقة وخطوات فعلها وهي عن طريق التَوقُّف عن شَحْن الحواس الخمس (الجسد) وذلك بعدم منحه وإمداده التفكير أي لا تشحنوا الحواس الخمس (الجسد) بالتفكير المُوجَّه والمُحدَّد تجاهه.

 التفكير المُسبَّق المُحدَّد والمُوجَّه تجاه أمر مُعين يجعلك تُشحَن، مما يُؤدي أخيرًا إلى سلوك. السلوك هو عبارة عن نتيجة شَحْن هذا الأمر عن طريق تفكيرك المُسبَّق. لذلك كان الرسول بولس يُحذِّر ويُنبِّه المُؤمِنين في رسالته بالابتعاد عن التَخيُّلات والأفكار الشريرة لأنها ستُؤدِي إلى سلوك بالشرّ، وطالبهم بأن يكرهوا الشر ولا يقبلون التفكير فيه.

 فكلما تنظر إلى العيان سيُؤدي هذا إلى سلوك به، لأنه بنظرك للعيان والتأمُّل فيه، أنت تقوم بشَحْنه. بينما عندما تتأمَّلْ وتُفكِر وتسلك بروحك طبقًا للكلمة، سيُؤدِي هذا بك إلى السلوك بها. أنت مولودٌ جديدٌ وخليقةٌ جديدةٌ تستطيع إخراج الطبيعة الإلهية التي بداخلك والسلوك بالبِرّ.

▪︎ كيف تشحن روحك؟

 إن كُنت تريد أن تَحدُث معك مُعجزات مادية أو صِحيَّة أو أية أمور أخرى، فالمُشترَك في جميع هذه المعجزات هو الإيمان. فمثلاً إن فهمت كلمة الله فقط عن المعجزة الصحية التي تريدها دون أن تقوم بالتفكير المُسبَّق والمُوجَّه والمُحدَّد فأنت بذلك لا تشحن روحك، وبالتالي لن تَحدُث معجزتك، وذلك لعدم وجود طاقة وشحن لهذه المعجزة لتَخرُج إلى العَلَن، فالمعجزة مُرتبِطةٌ بتفكيرك وتأمُّلك وتخيُّلك.

 إن كان هناك شخصٌ ما لديه منسوب العيان عالٍ ثم بدأ يعرف الكلمة، وبدأ يزداد لديه منسوب الكلمة، يحتاج أن يشحن روحه بالتفكير والتأمُّل وليس فقط مجرد معرفة ذهنية للكلمة، أيضًا انتبه أن التأمُّل ليس فقط وقت الصلاة، بل دائمًا. التأمُّل هو التعامُل مع ما جاء في الكلمة كحقيقة حتى لو لم يتغيَّر العيان، والإيمان هو إدراك ما يَحدُث في عالم النور وفرضه على العيان.

“وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.” (٢ كورنثوس ٣: ١٨).

 تُوضِّح الترجمة اليونانية معنى عبارة “كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ” أي بفِعْل الروح، نتغيَّر مثل التجلي، ونتجلَّى من مجد إلى مجد.

 عبارة “كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ” تُعنِي أنّ الروح القدس -عندما تكون مُمتلِئًا به- يقوم بإحضار الصور الخاصة بمعجزتك مِن الكلمة التي درستها سابقًا ويُعطيك قدرةً على أن ترى هذه الصور في روحك أي يعطيك قدرةً على الإبصار.

 لاحظ أيضًا أنّ التَغيّر يكون من الداخل إلى الخارج، فالمعجزة هي داخلك وليست في السماء، وانتظارك للرب لكي يفعل لك المعجزة يجعل إيمانك يتوقَّف. فلكي تُنتِج البذرة ثمرًا، عليك أن تزرعها. فمثلاً إن قال الفلاح إنّ كل شيء بيدّ الرب ولم يَقُم بزراعة البذرة ورعايتها وانتظر الرب لكي يجعلها تُنتِج الثمر، لن يحصد شيئًا.

 إذًا يوجد دورٌ وعليك أن تقوم به، ففي المثال السابق عليك أن تزرع البذرة، وتقوم بخطوات الزراعة، فكل بذرة لها موسم وتوقيت لزراعتها، بينما دور الرب هو أن يُعطِي قوة الحياة للبذرة.

 يفهم بعض الناس دور الإنسان في صناعة المعجزة بأنه استقلالية عن الله، والبعض يخاف من سماع ذلك بسبب عدم إرادتهم لتَحمُّل المسئولية، مُتواكِلين، يريدون الرب أن يصنع لهم المعجزة.

“١ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ، إِذْ لَنَا هذِهِ الْخِدْمَةُ ­كَمَا رُحِمْنَا­ لاَ نَفْشَلُ، ٢ بَلْ قَدْ رَفَضْنَا خَفَايَا الْخِزْيِ، غَيْرَ سَالِكِينَ فِي مَكْرٍ، وَلاَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، بَلْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ، مَادِحِينَ أَنْفُسَنَا لَدَى ضَمِيرِ كُلِّ إِنْسَانٍ قُدَّامَ اللهِ. ٣ وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، ٤ الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.” (٢ كورنثوس ٤: ١-٤).

 يوضح الرسول بولس في هذا الشاهد الكتابي أن ظُلمة التفكير التي يُعانِي منها غير المولودين من الله ورائها أرواح شريرة، وهي التي أعمَّت أذهانهم. أيضًا يوجد مُؤمِنون مولودون من الله عُميان عن أمور مُعيَّنة في الكلمة، فكما كان شعب الله مُؤمِنين بيهوه ولكنهم كانوا في حالة عمى عن تمييز الرب يسوع هكذا يوجد مُؤمِنون بيسوع ولكنهم في حالة عمى روحي.

 لاحظ أنّ عبارة “أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ” في الأصل اليوناني ليس المقصود بها العمى فقط بل تُعنِي أيضًا أنّ العين نفسها لم تَعُد موجودة! مِمَّا يدل أن الرب لا يُعطِي قدرة على الإبصار وحسب، بل يستطيع أن يَخلق العضو نفسه أيضًا.

 عندما يعمل الروح القدس في الإنسان، ويسمح له الإنسان بهذا وينحني ويخضع له عبر أن يضع قلبه في الكلمة ويواظب على سماع ودراسة الحق الكتابي، حينئذ يتشبَّع بالرؤية الإلهية والفِكْر الإلهي. إذًا فالروح القدس هو مَن يجعلك ترى في وسط الظلمة التي في الموقف والتحدي الذي تواجهه.

 سواء كُنت مديونًا بديون كثيرة جدًا، أو تُعانِي من مرض يقول عنه العِلْم والطب إنه من المستحيل الشفاء منه، وقد يكون هناك عضوٌ في جسدك فسدَ أو ماتَ حتى. في كل هذه المواقف والتحديات يبدو أن الموقف عبارة عن ظُلمة ولا أمل فيه، ولكي يتغيَّر تحتاج إلى أمرٍ خارِق للطبيعي، في بعض الأوقات يحاول إبليس وَضْع يده على ما يخصّك، لا تسمح له بذلك ولكي تتخلَّص منه، تحتاج لاستنارة خارِجة من رجال الله.

“٥ فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ. ٦ لأَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ: «أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ»، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. ٧ وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ ِللهِ لاَ مِنَّا. ٨ مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ. ٩ مُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ. ١٠ حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا. ١١ لأَنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ نُسَلَّمُ دَائِمًا لِلْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ، لِكَيْ تَظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا الْمَائِتِ. ١٢ إِذًا الْمَوْتُ يَعْمَلُ فِينَا، وَلكِنِ الْحَيَاةُ فِيكُمْ.” (٢ كورنثوس ٤: ٥-١٢).

 مهما كانت الظلمة التي أنت فيها، يستطيع الروح القدس إخراج النور منها، وبالطبع يستخدم أُناسًا لفِعْل ذلك في حياتك؛ ولا تنسَ أنّ رجال الله قادِرون على إخراج النور من أرواحهم التي كانت في الماضي عبارة عن ظُلمة. فالرب قد أشرقَ نورًا في أرواحهم وصاروا الآن يستطيعون أن يُنيروا آخرين.

 يُحذِّر الرسول بولس في رسالته أهل كورنثوس مِن الانجذاب والانسحاب وراء أفكار بعض الأشخاص التي تطعن ضدّ الرُسل، حيث إن أهل كورنثوس في هذا الوقت بدأوا ينظرون لهم على إنهم أشخاص عاديون بسبب اقتناعهم بأفكار بعض الناس ضدّهم.

▪︎ لا تخلط بين دورك ودور الروح القدس:

 أيضًا سيُعطيك الروح القدس هذا الفهم والبصيرة بناءً على المعرفة والاستنارة والنور الذي يأتي من خلال رجال الله عندما يشرحون الكلمة. إذًا لكي تفهم وتستنير في آية معينة، فهذا بسبب مفعول الروح القدس الذي جعلك تُدرِك. إذًا، القدرة على الإبصار ورؤية صور من الكلمة، هذا ورائه الروح القدس.

 أنت لست في احتياج أن تلح وتتوسَّل للروح القدس حتى يعمل في حياتك، فهذا دوره، هو يعمل بالفِعل، ولن يرتكب خطية بتقصيره تجاهك! لكن يقول البعض إن لديه مشكلة في التَخيُّل كما إنه لا يستطيع أن يرى صورًا في الكلمة. الحقيقة أن المشكلة ليست في التَخيُّل بل في التَمرُّن.

 انتبه إلى هذا الشيء الهام؛ كونك استطعت أن تُبصِر المبدأ الكتابي وتفهم الآية، هذا بسبب عمل الروح القدس الذي جعلك تُبصِر وتُدرِك. وهنا ينتهي دور الروح القدس في هذه النقطة، ويبدأ دورك أنت في استحضار الصور وليس الروح القدس.

 لاحظ أنّ عبارة “وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ” المذكورة في (٢ كورنثوس ٣: ١٨) تُعنِي أن هذا هو دور الإنسان، والذي يجعلك مُتكاسِلاً روحيًا هو أنك رأيت نفسك هكذا وصدَّقت تلك الصورة غير الحقيقية عنك. والذي يجعلك مُهتَمًا بأمورك اليومية أكثر من الكلمة هو أنك رأيت نفسك مُهتَمًا بهذه الأمور. والحلّ هو أن ترى وتتخيَّل صورًا أخرى عن نفسك يكون مصدرها الكلمة.

 مثالٌ على ذلك المُدرِّس الذي يقوم بشرح الدرس للتلميذ وبذلك يكون انتهى دوره، ويبدأ دور التلميذ بأن يُذاكر الدرس، فقد أعطى المُدرِّس للتلميذ نورًا لفَهْم الدرس، فاستنار (هو مَن نزعَ الستار لدى هذا الشخص تجاه شيء مُعيَّن)، ثم يبدأ دور التلميذ بأن يرى هذه الصور ويستحضرها لذهنه.

“١٧ كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، ١٨ مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ، ١٩ وَمَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ ٢٠ الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.” (أفسس ١: ١٧-٢٠).

 تأتي الاستنارة من الكلمة ومِن تأثير الروح القدس، وبتأمُّلك عن عمد في الذي فهمته واستنرت فيه. أيضًا يُعني التأمُّل أن تُفكِّر في الشيء، وتأتي به على ذهنك مثل التلميذ الذي يُذاكِر ويستحضر دروسه، ويجب أن يكون التدبير والتأمُّل والتفكير مُسبَقًا بزمن كما سبقَ توضيحه (رومية ١٣).

 أيضًا تذكَّرْ أن الذي يجعل الشهوات تعمل في حياة الشخص هو إنه سَبَقَ أنْ دَبَّرَ وتأمَّلَ وفَكَّرَ فيها بزمن، ويكون عمل الشهوات هو مجرد نتيجة لِما دبَّره في ذهنه سابقًا بزمن. نعم في بعض الأحيان يُعطِي الروح القدس معونة لك للتَخلُّص من هذه الشهوات ولكن ليس معنى ذلك أن مفعولها سينتهي، فلابد لك أن تجدِّد ذهنك وتفكيرك بالكلمة، وتُفكِّر عن نفسك بطريقة صحيحة كتابية.

 يعمل الرب فيك من خلال مبادئه، فالنظام هو أن تأخذ مبادئ الكلمة بداخلك وتسلُك بها. للأسف يقرأ البعض كلمة الله بدون استنارة ويتظاهرون بمعرفتها وهُمْ في الأساس غير مُستنيرين فيها كما إنهم غير مُفكِّرين بها، وعندما تُواجههم مواقف الحياة يسقطون ويُعثِرون أولئك الذين كانوا ينظرونهم على أنهم يعرفون كلمة الرب.

 إذًا أولاً تأتي الاستنارة من الكلمة مصحوبة بمفعول الروح القدس، ثم بعد ذلك تقوم بالتأمُّل والتخيُّل فيما استنرت فيه، وبهذا تنال معجزتك، إذًا لا غِنَى عن التأمُّل.

▪︎ في هذه افتكروا:

“٨ أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا. ٩ وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ.” (فيلبي ٤: ٨، ٩).

 عبارة “فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا” أي في هذا ثبِّتوا واشغلوا أفكاركم. وتأتي في ترجمة أخرى: “ليكن هذا مَحط أفكاركم” أي اجعلوها مَركز أفكاركم، ازرعوها في أذهانكم. كما تمَّتْ صياغتها في ترجمة أخرى كالآتي: “لتكُن هي التحليل والتفكير ومصدر معلوماتك والطريقة التي تُفكِّر بها”.

 لفظ “افْتَكِرُوا” المذكور سابقًا يأتي في اليوناني logizomai”” وهو ذات اللفظ المذكور في رومية حينما قال الكتاب؛ “طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً” (رومية ٤: ٨). إذًا قد اُستخدِمت هذه الكلمة بمعنى حساب، كما وردتْ أيضًا في الإصحاح الرابع عشر؛ “إِنِّي عَالِمٌ وَمُتَيَقِّنٌ فِي الرَّبِّ يَسُوعَ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ نَجِسًا بِذَاتِهِ، إِلاَّ مَنْ يَحْسِبُ شَيْئًا نَجِسًا، فَلَهُ هُوَ نَجِسٌ.” (رومية ١٤: ١٤).

 مثلاً عندما تسأل عن كم شخص تَخرَّجَ من الجامعة وموجود الآن بهذه القاعة؟ في هذا السؤال أنت تحسب وتُعطِي قيمة ومقدار. فالحساب هو إعطاء قيمة ومقدار وتقدير، لذلك كثيرًا نجد الرسول بولس يستخدم لفظ “حساب” هذا! فنرى هذا اللفظ أيضا في الرسالة إلى كورنثوس؛ “أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ.” (٢ كورنثوس ٥: ١٩).

 لكن دعونا نرجع لشاهدنا الأساسي؛ “أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا.” (فيلبي ٤: ٨).

 كلمة “مَدْحٌ” المذكورة في هذا الشاهد الكتابي، المضاد لها هو انتهار واضطهاد، فكلمة “انتهار” تُعني التحقير من الشيء وعدم إعطاء قيمة له، وبالتالي يُحدِّد الرسول بولس هنا الأشياء التي يجب أن تُعطيها قيمة وحساب وتُثبِّت ذهنك فيها، وتُعطيها تفكيرك وتكون أولوية ومصدر تفكيرك وتقوم بالتحليل فيها بدلاً من تحليلك للعيان.

 انتبه وأنت في العالم من الممكن أن تمتلئ بالعيان دون أن تدري، ولكن عندما تصل لمرحلة عدم قبوله ورفضه بسبب انحيازك للكلمة وقتها سيختلف الأمر. لتكُنْ طريقة تفكيرك تجاه العيان مثل نوح، مهما ارتفعت المياه فأنت أعلى منها.

 كذلك أيضًا مهما ارتفعت الأسعار وازداد العيان شراسة وسوءًا فأنت أعلى مِنه لأنك في مكان مُختلِف. لتكُن هذه هي طريقة تفكيرك، ولكن إن رأيت كما يرى الناس وانحازْتَ لأفكارهم فستُعاني مِمَّا يعانون منه! إذًا إيمانك هو طريقة تفكيرك، وليس هو حماسك أو أشواقك أو حتى مشاعرك وأحاسيسك.

 لتُعطِ انتباهك للرب حتى إن كنت لا تفهم بعض الأمور، فمثلاً قد يقوم المُعلِّم بشرح الدرس للتلميذ، بينما يكون التلميذ غير مُنتبِه بحُجة أن لديه بعض الأسئلة فيما يُقال، وهذا فخّ! بلا شك يجب أن يُجاب على أسئلتك، لكن لا تجعل أسئلتك هذه تُعيق انتباهك لِمَا يُقال، فأنت بذلك تُقاوِم نفسك وتقف ضدَّها. أيضًا تُوضِّح كلمة الرب كيفية الحماية من هذا الأمر.

“٢٥ مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، ٢٦ فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ.” (٢ تيموثاوس ٢: ٢٥، ٢٦).

 إرادة الرب هي أنْ تحيا الحياة الإلهية. يوجد فخٌّ من إبليس سقطَ فيه البعض وأصبحوا مُقتنَصين في شباكه، والحل هو قبول التعليم والتصحيح.

 عبارة “مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ” تأتي في الترجمات “المقاومين لأنفسهم“، بمعنى أنّ الشخص يقف ضدّ نفسه بسبب وجود تساؤلات في ذهنه، أو بسبب شخصية الإنسان نفسه فقد يكون اعتاد في تربيته على نوال ما يريد عندما يُظهِر حزنه أو غضبه. فَمِثل هؤلاء يريدون أن يتعامل معهم الله والناس بالمشاعر والعواطف، وبذلك فَهُم يعيقون أنفسهم، لأنهم يرفضون أن يُعامَلوا بالمبادئ والقواعد.

 تُعلِّمنا كلمة الرب عن طريقة تربية الأبناء، نعم مكتوب أنهم على الأيدي يُحمَلون، ولكن هناك فرقٌ بين وقت التدليل ووقت التعليم، فتربية الأبناء على التدليل فقط، ينشئ أبناءً يُعيقون أنفسهم، ويرفضون مبادئ الرب، لأنهم لم يعتادوا على المسئولية، فنتيجةً لذلك يُقاوِمون أنفسهم، ومثل هؤلاء هم الأكثر سقوطًا في الفِخاخ.

 أيضًا تُعني كلمة “فَيَسْتَفِيقُوا” في الترجمة اليونانية أن يخرجوا من حالة الغيبة وحالة الوهم. كما تُعني كلمة “اقْتَنَصَهُمْ” أنّ الفريسة أصبحت داخل أسنان الأسد، أي هم في المرحلة الأولى، فيوجد بعض الناس يحاول ابتلاعهم وهناك من ابتلعهم بالفِعْل.

 بالطبع سيُعاني هؤلاء من الألم عند محاولة خروجهم، وذلك بسبب أفكار الوهم والخداع التي كانوا مُتمسِّكين بها في وقت ما ويحاولون الآن التَخلُّص منها. ويكون هذا الألم نتيجة عدم خضوعهم وليس لأن تنفيذ الكلمة مُؤلِمٌ.

 لتنتبه أكثر لِما يقوله الروح، أيضًا تذكَّرْ أن الروح القدس أنار لك وجعلك تُبصِر، وعليك أن تنتبه أثناء سماعك للكلمة وأيضًا بعد شرحها. قد ينتبه بعض التلاميذ أثناء شرح الدرس ولكنهم يُضيفون بعض أفكارهم الشخصية لشرح المُعلِّم، فعندما يُذاكرون بعد شرح الدرس يعتقدون أن المُدرِّس شرح الدرس مُضافًا إليه أفكاره الشخصية، وهذا يَحدُث كثيرًا عند تفسير الآيات.

 على سبيل المثال، عندما يشرح رجل الله عن أن هدف مجيء الرب يسوع هو لكي يُعطينا كل شيء، تجد أحد المُستمِعين يُضيف أفكاره الشخصية لتفسير رجل الله ويقول إن الله يُعطينا أيضًا الألم، رغم أن رجل الله لم يَقُل هذا ولكنها أفكار الشخص. فَمِثل هؤلاء يحتاجون أن يستفيقوا أي يخرجوا من حالة الوهم والغيبة.

 كلمة “يستفيق” هي حالة تحديد الهوية والمكان، وأنْ تعرف جيدًا ما هي علاقة الرب بالإنسان وعلاقة الإنسان بالرب بإدراك وليس مجرد معلومات. أيضًا عليك أن تتنبه لمكايد إبليس، فعندما يقوم الشخص بالانتباه للكلمة، يبدأ إبليس في تذكيره بذكريات ماضيه لكي يسحب انتباهه بعيدًا عن الكلمة، كما يقوم بتذكيره بأوقات فشله لكي يُعجِّزه ويُعطِّله.

 لذلك عليك أن ترفض مِثل هذه الأفكار، وتختار أن تُحدِّد تركيز ذهنك وتفكيرك تجاه الكلمة فقط، مثل الذي يقود سيارته ويتحرَّك بهدف واتّجاه مُحدَّد. لا تَكُن من المُغيَّبين بسبب تأثير الأرواح الشريرة التي تجعل الذهن مُغيَّبًا مما يُؤثِر على الجسد، وبالتالي تعمل أعمالاً بدون وعي.

 هؤلاء هم الذين يقولون: “لا أعلم لماذا تصرَّفت كذلك أو لماذا أنا جئت لهذا المكان….. إلخ” فَهُم مُغيَّبون، وهذه كلها عبارة عن تدريبات من الأرواح الشريرة ثم بعد ذلك تبدأ هذه الأرواح في الدخول لحياة الشخص أكثر وأكثر.

 حينئذ نراه يجتاز في حالة من الحزن لأيام عديدة ثم يستفيق بسبب حدوث أمر معين أو ظروف معينة أو وجود بعض الأشخاص أو بسبب خروجه لمكان معين أو بسبب تناوله لمشروب ما، فهؤلاء هم الذين يسلكون بأجسادهم وليس بأرواحهم، والحلّ لخروجهم من هذه الغيبة هو سلوكهم بالروح.

 الانتباه هو التركيز عن عمد على فكرة واحدة فقط وسط زحام الأفكار والمعلومات التي تأتي على ذهنك، فإبليس يسعى لسحب الناس لأفكاره ويحاول إقناعهم بأن ذلك هو طبيعتهم، ولكن عندما تستنير في كلمة الرب، ستدرك أن عالم العيان بما فيه من أحداث هو عبارة عن وَهمٍ.

▪︎ مبادئ هامة من إقامة طابيثا:

“٣٦ وَكَانَ فِي يَافَا تِلْمِيذَةٌ اسْمُهَا طَابِيثَا، الَّذِي تَرْجَمَتُهُ غَزَالَةُ. هذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالاً صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا. ٣٧ وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَّهَا مَرِضَتْ وَمَاتَتْ، فَغَسَّلُوهَا وَوَضَعُوهَا فِي عِلِّيَّةٍ. ٣٨ وَإِذْ كَانَتْ لُدَّةُ قَرِيبَةً مِنْ يَافَا، وَسَمِعَ التَّلاَمِيذُ أَنَّ بُطْرُسَ فِيهَا، أَرْسَلُوا رَجُلَيْنِ يَطْلُبَانِ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يَتَوَانَى عَنْ أَنْ يَجْتَازَ إِلَيْهِمْ. ٣٩ فَقَامَ بُطْرُسُ وَجَاءَ مَعَهُمَا. فَلَمَّا وَصَلَ صَعِدُوا بِهِ إِلَى الْعِلِّيَّةِ، فَوَقَفَتْ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأَرَامِلِ يَبْكِينَ وَيُرِينَ أَقْمِصَةً وَثِيَابًا مِمَّا كَانَتْ تَعْمَلُ غَزَالَةُ وَهِيَ مَعَهُنَّ. ٤٠ فَأَخْرَجَ بُطْرُسُ الْجَمِيعَ خَارِجًا، وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْجَسَدِ وَقَالَ: «يَا طَابِيثَا، قُومِي!» فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. وَلَمَّا أَبْصَرَتْ بُطْرُسَ جَلَسَتْ، ٤١ فَنَاوَلَهَا يَدَهُ وَأَقَامَهَا. ثُمَّ نَادَى الْقِدِّيسِينَ وَالأَرَامِلَ وَأَحْضَرَهَا حَيَّةً. ٤٢ فَصَارَ ذلِكَ مَعْلُومًا فِي يَافَا كُلِّهَا، فَآمَنَ كَثِيرُونَ بِالرَّبِّ.” (أعمال الرسل ٩: ٣٦-٤٢).

 يُوضِّح لنا هذا الشاهد الكتابي ما فَعَله الرسول بطرس لعمل المعجزة؛ كان عليه أن يُركِّز، فقام بإخراج الجميع كما كان يفعل الرب يسوع، وبدأ يُصلي حتى يرى الأمر في روحه. ثم بدأ بطرس يتعامل مع الأمر في روحه، وبعدما انتهى من الصلاة بدأ في عَمل المعجزة، فنظر إلى الجسد وقال: «يَا طَابِيثَا، قُومِي!».

 لاحظ إنه لم يَقُل: “يا رب اقمها من الموت” بل قال: “يا طابيثا قومي” أي أنا الذي أقول لك قومي! يا لها من جرأة! لقد تعلَّمها من سَيده. أيضًا لا تُعني كلمة “يصلي” إنه كان يترجَّى الرب حتى تَحدُّث المعجزة، فبطرس هنا كان يقرأ من ذات الصفحة ومن ذات السطر الذي يقرأ منه الرب.

 الواضح من هذا الشاهد الكتابي أنّ المعجزة لا تَحدُث بصورة مُستعجَلة، بل لابد أولًا أن ينتهي الأمر في روحك عن طريق الصلاة أي التَأمُّل، وهذا يتطلَّب منك أن تُركِّز وتنتبه لمشهد واحد فقط وتبتعد عن المُشتِّتات، وذلك ما جعلَ بطرس الرسول يُخرِج الجميع خارجًا.

 عليك أن تعزل نفسك عن المَهزومين من الموقف والتحدي وتنتبه لِمَّا تقوله الكلمة فقط، وتُفكِّر فيها وترى الأمر في ذهنك كما تقوله الكلمة، ثم بعدما تتشبَّع وتشحن روحك وتنظر للموقف والتحدي وتأمره أن يصير في العيان كما رأيته في ذهنك وروحك.

 لاحظ أيضًا أن بطرس الرسول لم يعطِ اعتبارًا لموت طابيثا وتذكَّرَ أن الرب قد أعطاهم السلطان لإقامة موتى، وهذا لا يُعنِي إنكارًا للواقع ولكنه كان يرى الموقف كما يراه الرب. تذكَّرْ أن الرب كان يرى الموتى على إنهم نائمون، فالصور الداخلية التي تراها وتتأمَّل فيها ليست مجرد تَخيُّلات بل هي صور حقيقية من الكلمة. وهذا يُعني أن المعجزة مرتبطة بالإنسان.

 لتتمثلْ بالله، ليكن هو قدوتك؛ “فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ” (أفسس ٥: ١). يا أولاد الله الأحباء، قلِّدوا طبيعة الله التي في داخلكم، وهذا معناه أنّ عليك دورًا تفعله عن عمد. حتى إن كان ذهنك يرفض هذا، يجب أن تُجدِّده بمبادئ الكلمة إلى أن يصير خاضِعًا لروحك. فلا تنظرْ إلى الحواس الخمس وما تشعر به، ولكن انظرْ لداخلك، لطبيعتك الإلهية التي صرت عليها.

 لذلك أشجعك أن تنعزل عن العالم فكريًا مهما كان صوته عاليًا، إنه تدريب، فلا تفشل. يساعدك على ذلك الصلاة بألسنة واستخدام لسانك في أن تنطق الكلمة عن عمد، فلكي تتمّ المعجزات تحتاج أن تنعزل وتتأمّل في الصورة التي تراها من الكلمة وتفترس الموقف في روحك، فالرب يعتمد عليك أن تُخرِج القوة التي أودعها بداخلك.

  • تذكَّرْ هذا جيدًا؛

 أولًا: يجعلك الروح القدس تستنير وتفهم الكلمة.

 ثانيًا: يجب أن تنتبه وتُقدِّر وتحترم الكلمة ولا تضيف أو تُنقِص منها، بل تتعامل معها بجدية، وبعدم التفات للأمور الماضية والذكريات السلبية.

 ثالثًا: تنظر وتصدق وتقرأ من ذات السطر ومن ذات الصفحة التي يقرأ منها الرب.

ــــــــــــــــــــــــــ

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$