لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا
لسماع العظة على الساوند كلاود أضغط هنا
لمشاهدة العظة على اليوتيوب


(العظة مكتوبة)
التكلم بأسرار – الجزء 5
▪︎ هل ترجمة الألسنة الشخصية أمرٌ حتميٌّ؟
▪︎ نظام التكلُّم بألسنة والترجمة في الكنيسة.
▪︎ مُمارسات واعتقادات خاطئة!
- هل ترجمة الألسنة الشخصية أمرٌ حتميٌّ؟
“٢ لأَنَّ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ لاَ يُكَلِّمُ النَّاسَ بَلِ اللهَ، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَسْمَعُ (يفهم)، وَلكِنَّهُ بِالرُّوحِ يَتَكَلَّمُ بِأَسْرَارٍ. ٣ وَأَمَّا مَنْ يَتَنَبَّأُ، فَيُكَلِّمُ النَّاسَ بِبُنْيَانٍ وَوَعْظٍ (تشجيع) وَتَسْلِيَةٍ (تعزية). ٤ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ يَبْنِي نَفْسَهُ، وَأَمَّا مَنْ يَتَنَبَّأُ فَيَبْنِي الْكَنِيسَةَ. ٥ إِنِّي أُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَكُمْ تَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ، وَلكِنْ بِالأَوْلَى أَنْ تَتَنَبَّأُوا. لأَنَّ مَنْ يَتَنَبَّأُ أَعْظَمُ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةٍ، إِلاَّ إِذَا تَرْجَمَ، حَتَّى تَنَالَ الْكَنِيسَةُ بُنْيَانًا.” (١ كورنثوس ١٤: ٢-٥).
تكلمت معكم المرات السابقة عن التكلُّم بألسنة عن أنها عطية الله لنا لنستمتع ونستفيد منها. قد تكون من أولئك الذين لا يعرفون أنّ الألسنة للجميع، أو قد تكون مؤمِنًا بها ولكنك لا تُمارسها، وهنالك مَن اعتقد أنها انتهت! لدينا انطباعات مختلفة حول ذلك الموضوع، هناك مَن يراها غريبة، والبعض يُحرَج مِن أن يُصليها أمام الناس أو حتى يسمعها.
“الحرج” هو حالة استغراب الجسم لِمَّا هو روحي لكونه غير مُعتاد عليه، لكن عندما تتَمَرَّس بخصوصه (عالَم الروح) ستكون جريئًا فيه، لهذا عليك إخضاع جسدك تحت روحك وأفضل طريقة للتَدرُّب على ذلك هو مِن خلال “الصلاة بالروح”.
وجدنا أنّ أول ردّ فِعْل لأي شخص سطحي في معرفته بكلمة الله، أو حِسي (يسلك بالحواس الخمس) هو رفض أن يتكلَّم بألسنة دون ترجمة، وهذا واضِحٌ في الكلمة؛ “لأن الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيًّا.” (١ كورنثوس ٢: ١٤)، حيث تكون ردة الفِعل تلك مبنية على تعليم يُضاد التكلُّم بألسنة أو عند قراءة الإصحاح لم يُفهَم منه سوى هذه النقطة (الترجمة).
“مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ يَبْنِي نَفْسَهُ (ذاته، وليس النفس البشرية)…”؛ لاحظ أنه لم يذكر الترجمة، مما يُعنِي أنّ الصلاة بألسنة تبنيك حتى لو لم يكُن هناك ترجمة. نستنتج مِن ذلك أنّ التكلُّم بألسنة مفيد للشخص بدون ترجمة، فالترجمة تُفيد مَن في الكنيسة أي عندما نجتمع، كون الناس تحتاج أن تسمع التعليم بلغتها وليس بألسنة، فالألسنة تفهمها روحك وتُبنَى.
أنت روح تمتلك نفس وتسكن في جسد. “نفسك” تتغذَّى على كلمة الله مِن خلال الروح القدس الذي يبث فيك الأفكار، لكن لا تنسى أنّ إبليس أيضًا يُمكِن أنْ يرمي أفكارًا، فذهنك مثل البحيرة التي يمكن الإلقاء فيها أي شيء مِن أي مصدر، سواء مِن خبرات أو معلومات أو دراسات سابقة يستدعيها إبليس على ذهنك، أو يُحرِّضك على الدراسة أو الاطلاع على شيء.
لا يفهم الذهن البشري إلا ما تعلَّمه مِن لغة كالعربية مثلًا أو الإنجليزية وما إلى ذلك، لهذا سيساعدك الروح القدس على الخروج مِن حدود ذهنك عَبْر التكلُّم بألسنة تختلف عمَّا تفهمه، فالكتاب يقول: “وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا.” (أعمال الرسل ٢: ٤).
“أُخْرَى” أي لغة مختلفة عن التي لدى المُتكلِّم، فالألسنة صُمِّمَتْ كي لا تُفهَم، هذا هدفها، أما اللغة المفهومة فهي لبناء الآخرين. دائمًا اسألْ نفسك أثناء وقت التسبيح أو العبادة هذا السؤال: “مَن يسمعني الآن؟ هل مَن بجانبي أم الرب؟”
إن كنت في وقت التسبيح والعبادة، فالصلاة بألسنة مسموح بها فالرب يفهمها وروحك تفهمها وتُبنَى، أما في وقت التعليم فيجب التكلُّم بلغة مفهومة و “لا يُمتَنَع عن التكلم بألسنة” (١ كورنثوس ١٤: ٣٩)، ولكن بصوت منخفض لأنها لن تُفيد مَن يسمعني بل أنا. طالما قالت كلمة الله “لا تمنع” إذًا فليكن! ولا يجب مخالفة ذلك كما يفعل البعض تحت بند أنها هرطقة وخاطئة.
“٢٦ فَمَا هُوَ إِذًا (لنُنَظِّم الأمور) أَيُّهَا الإِخْوَةُ؟ مَتَى اجْتَمَعْتُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَهُ مَزْمُورٌ، لَهُ تَعْلِيمٌ، لَهُ لِسَانٌ، لَهُ إِعْلاَنٌ، لَهُ تَرْجَمَةٌ. فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ لِلْبُنْيَانِ. ٢٧ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ، فَاثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، أَوْ عَلَى الأَكْثَرِ ثَلاَثَةً ثَلاَثَةً، وَبِتَرْتِيبٍ، وَلْيُتَرْجِمْ وَاحِدٌ. ٢٨ وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَرْجِمٌ فَلْيَصْمُتْ فِي الْكَنِيسَةِ، وَلْيُكَلِّمْ نَفْسَهُ وَاللهَ.” (١ كورنثوس ١٤: ٢٦-٢٨).
“مَتَى اجْتَمَعْتُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَهُ…”؛ هذا يُعنِي أنّ كل شخص آتٍ للكنيسة من المفترض أنه مُمتلِئ بالكلمة وليس فقط يأتي ليمتلئ، أي لديه شيءٌ ليُعطيه لبنيان الآخر.
“فَاثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، أَوْ عَلَى الأَكْثَرِ ثَلاَثَةً ثَلاَثَةً، وَبِتَرْتِيبٍ“، أتت في الأصل اليوناني بمعنى: ترتيب بالتتالي أي واحد تلو الآخر، وليس الاثنين أو الثلاثة يتكلمون في نَفَسٍ واحدٍ كما تفعل بعض الكنائس.
- نظام التكلُّم بألسنة والترجمة في الكنيسة:
“أَمَّا الأَنْبِيَاءُ فَلْيَتَكَلَّمِ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ، وَلْيَحْكُمِ الآخَرُونَ.” (١ كورنثوس ١٤: ٢٩).
“الأَنْبِيَاءُ”: هؤلاء ليسوا شريحة مختلفة بل المُتكلِّمين تحت المسحة (التنبؤ)، وهذا المَعنى نراه في النبوة التي قيلت عن الرب يسوع بفم موسى: “أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ.” (التثنية ١٨: ١٨).
يوجد عدة مواصفات للنبي أحدها هي مواجهة الناس وليس شخص يتكلم مع نفسه في البيت، وليس بالضرورة أيضًا يتكلَّم عن أمور مستقبلية، فالرب يسوع لم يتكلم عن المستقبليات إلا في بعض الإصحاحات. الخلاصة هي أنّ النبي شخص يتكلَّم بكل ما يقوله الروح القدس إن كان تصحيحًا أو تربيطًا لأمور ماضية بأحداث أو بتعليم، أو يضرب أمثلة، ويكون كلامه تحت تأثير الروح القدس، وهذا ما رأيناه مُتجسِّدًا في الرب يسوع، حيث إن (التثنية ١٨: ١٨،١٥) كان يصفه.
” وَلْيَحْكُمِ الآخَرُونَ” أي يتمّ مراجعة ما يقوله النبي مِن ترجمة الألسنة، حيث إن كلمة ترجمة المذكورة هنا أتت في الأصل “interpretation” وليس “translation“، والتي تُعنِي “شرح وتفسير” وليس ترجمة كلمة مقابل كلمة.
هذا حدث في العهد القديم، عندما شرح دانيال مستقبل أمة كاملة في ثلاث كلمات فقط! (دانيال ٥: ٢٥-٢٨). يَحدُث ذلك في اجتماع المُؤمِنين الناضِجين، حيث يقوم كل شخصٍ على حِدة بقول نبوة مُترجَمة مِن الألسنة، فهذا النوع من الاجتماعات يُقام في كنيستنا؛ الحق المُغيِّر للحياة.
نستنتج مما سبق أنّ الألسنة لا تحتاج مراجعة، فمِن المستحيل أنْ يُخطِئ الشخص أثناء التكلُّم بألسنة لكون الذهن لا يفهم شيئًا، فلم يذكُر الكتاب قط أن الألسنة يمكن تأليفها أو تزويرها، لكن عندما يدخل الذهن في التكلُّم هنا يجب المراجعة، لأنه مِن الوارد أنْ تُقال معلومات أخرى غير كتابية دخيلة على ذهن الإنسان.
حيث تُؤثِّر مشاعر البعض على ترجمتهم للألسنة فيقولون ما هو نابِعٌ مِن مرارتهم اتّجاه أشياء أو أشخاص أو نظام البلد وهكذا، حيث أن أشهر العبارات التي تُقال أثناء الترجمة: “سيحدث قضاء على هذا المكان أو هذا الشخص!” وأحيانًا تكون تلك العبارات ليس الرب مصدرها من الأساس.
نفهم من ذلك أنه لا يجب أن يسير الشخص بأهوائه الشخصية دون القيادة مِن شخص فوقه يُصحِّح ما قد يصدر من أخطاء أثناء ترجمة الألسنة، فالكنيسة كيان هرمي لا يوجد بها شخص يسير بحسب أهوائه دون قائد فوقه.
“فَلْيَتَكَلَّمِ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ…”؛ استنتجَ البعض خطأً أنّ الحد الأقصى للمُتكلِّمين هو ثلاثة، لكن كلا! فالآيات التي تليها تنفي ذلك الاستنتاج، حيث قال الرسول بولس: “٣٠ وَلكِنْ إِنْ أُعْلِنَ لآخَرَ جَالِسٍ فَلْيَسْكُتِ الأَوَّلُ. ٣١ لأَنَّكُمْ تَقْدِرُونَ جَمِيعُكُمْ أَنْ تَتَنَبَّأُوا وَاحِدًا وَاحِدًا، لِيَتَعَلَّمَ الْجَمِيعُ وَيَتَعَزَّى الْجَمِيعُ.” (١ كورنثوس ١٤: ٣٠، ٣١)، هذا يُثبت أنه يمكن لجميع الكنيسة أن تتنبأ، فهو كان يضرب مثلاً ولا يقصد بذلك أنْ يقتصر الأمر على ثلاثة أشخاص فقط.
يختلف اجتماع المُؤمِنين عن الاجتماع العام واجتماع الصلاة، كما يختلف عن اجتماع التسبيح. يوجد أنواع مِن الاجتماعات [صلاة، تسبيح، عام، مؤمنين] وما يشرحه الرسول بولس هنا يَحدُث في اجتماع المُؤمنين.
إذًا في بعض الأحيان لا يكون فيها المُتكلِّم فقط هو الواعِظ بل الكنيسة ككل تشترك في ذلك، حيث إن كل شخصٍ آتٍ للاجتماع يكون لديه ما يُقدِّمه سواء كان “تَعْلِيمٌ، لِسَانٌ، إِعْلاَنٌ، تَرْجَمَةٌ، مَزْمُورٌ”. أيضًا كلمة “مزمور” هنا ليس معناها الاقتباس مِن سِفْر المزامير ولكن يُقصَد بها أنّ الروح القدس قادَ الشخص ليقول بعض الكلمات التي أعلنها له ويُلحِّنها.
نفهم مِن ذلك أنه يُمكن للروح القدس أن يُعلِن للبعض في الكنيسة وليس شرطًا أنْ يأتي بالإعلانات مِن البيت، لكن لا ننسى المبدأ العام وهو “المُراجعة وراء مَن يتكلَّم”، فليس كل مَن يقول: “الرب قال هذا أو ذلك” هو يقول الحقيقة، فكثيرون دُمِّرَتْ حياتهم بسبب أخطاء حدثت أثناء ممارسة ذلك الأمر، وهناك مَن امتنعَ تمامًا عن التنبؤ نتيجة عدم فَهْم النظام الصحيح.
نستنتج مما سبق أنه في صلاتك الشخصية بألسنة، ليس بالضرورة أن تحتاج للترجمة لأن الألسنة في حدّ ذاتها بدون ترجمة تبنيك، ولكن هذا لا يُعنِي أنني ضدّ الترجمة بل يُمكِنك أن تطلب الترجمة مِن الرب وتقول: “أشكرك يا روح الله لأنك تُعطيني ترجمة ما قُلْته”.
سمعت اختبارات كثيرين يقولون: “عندما بدأت أُصلي بالروح، بدأَ ذهني ينفتح على بعض المفاهيم أو نُلْت ترجمة في الحال”، هذا الكلام يحتمل الصواب والخطأ، فللوهلة الأولى عندما يلتقي الشخص لأول مرة مع شرارة الروح القدس ويمتلئ به تبدأ مفاهيم جديدة في الكلمة تُكشَف له، وربما تكون ترجمة ألسنة أو إعلانات لكون الشخص للمرة الأولى ينتبه للروح القدس بتلك الصورة.
يأخذ الذهن حينها مُنحنَى سليمًا في التفكير لكون الشخص لم يعتَد عليها بعد بل ويختبرها لأول مرة، وسأتكلَّم عن الاعتيادية في وقتٍ لاحقٍ، لأن البعض فقدَ حماسه تّجاه الصلاة بألسنة بسبب الاعتيادية فبالتالي لا ينفتح على الروح القدس ثانيةً. لهذا يجب ممارستها في كل مرة عن فِعْل إرادي عمدي وسأتكلَّم عن ممارستها الصحيحة.
اعتقدَ بعض الناس خطأ، بسبب ما اختبروه في أول مرة تكلَّموا فيها بألسنة، أنه صارت لهم وظيفة ترجمة الألسنة، ويَكثُر ذلك الاعتقاد في الكنائس المسموح فيها بالتكلُّم بألسنة بحرية دون نظامٍ، ويندُر في الكنائس التي تُضاد التكلُّم بألسنة وأولئك يَرُد عليهم الكتاب قائلاً: “إِنِّي أُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَكُمْ تَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ.” (١ كورنثوس ١٤: ٥).
إذًا يريد الله ذلك للكل، حيث سنجد أنه في (أعمال الرسل ٢: ٤) تكلّّم الجميع بلا استثناء بألسنة، وكان عددهم مئة وعشرون (أعمال الرسل ١: ١٥). كما تكلَّمتْ عائلة كرنيليوس بألسنة بالكامل (أعمال الرسل ١٠: ٢٤، ٤٤-٤٦). أيضًا في (أعمال الرسل ١٩: ٦، ٧) تكلَّم الاثنا عشر تلميذًا بألسنة، مما يعني أن نسبة إرادة الروح القدس في أن الجميع يتكلَّمون بألسنة هي ١٠٠٪!
أيضًا قد شرحت في بداية السلسلة آية: “أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ يُتَرْجِمُونَ؟” (١ كورنثوس ١٢: ٣٠)، يُمكِنك الرجوع إليها، فالبعض اعتقدَ بأن الألسنة ليست للجميع بسبب الفَهْم الخاطئ لتلك الآية.
أريد بالتحديد الآن التكلُّم عمَّا يَحدُث أثناء ممارسة الصلاة بألسنة، حيث إنها ليست كلام لله فقط بل هي إيقاظ لروحك لتوعيتك بأمورٍ ولتُأهِّبك لأمورٍ، لهذا أوضحَ الكتاب أنّ الألسنة مفيدة للشخص نفسه.
“وَأَرْوَاحُ الأَنْبِيَاءِ خَاضِعَةٌ لِلأَنْبِيَاءِ.” (١ كورنثوس ١٤: ٣٢).
وأتت في ترجمة أُخرى بمعنى “الذين يتكلَّمون بألسنة”
1 Corinthians 14:32 AMPC
[32] For the spirits of the prophets (the speakers in tongues) are under the speaker’s control [and subject to being silenced as may be necessary],
فكما أوضحت منذ قليل أنّ النبوة هي ترجمة ألسنة.
الآن انتبه، يُعلِّمنا الكتاب هنا أننا لدينا القدرة على كبح أنفسنا عن الصلاة بألسنة أي يُمكنك خفض صوتك أو التوقُّف تمامًا أو توجيه الألسنة عن عمدٍ ورفْع الصوت إن كان وقت تسبيح، وليس كما ادَّعى البعض أنه فجأةً أراد التكلُّم بألسنة وسط الكنيسة، وهذا تعليمٌ وممارسات خطأ وتقليد بعضهم البعض، فالبعض يعتقد أنه إنْ هزَّ رأسه أو جسده فبهذا قد حضرَ الروح القدس عليه! وهذا لفظٌ غير دقيق، ففي الحقيقة الصلاة بألسنة صحيحة ولكن الممارسة خاطِئة.
لاحظ أنه لا يُقصَد بلفظ ممارسة خاطِئة أنها بذلك ألسنة شياطين، لا يوجد شيءٌ يُسمَى بذلك مِن الأساس، لكن ما يَحدُث في هذه الممارسات هو إضافة المشاعر؛ لهذا يجب مراجعة الشخص المُترجم للألسنة لئلا تختلط الترجمة بمشاعره أو دوافعه الشخصية، وبنفس المُنطلق مع مَن يُحرِّكون أجسادهم بطرق مُعينة بسبب انفعال مشاعري.
يدَّعي البعض أنّ الروح القدس سيجعل أجسادهم تتحرَّك تلقائيًا أو أنّ أفواههم ستتكلَّم تلقائيًا! في الحقيقة لن يفعله الروح القدس هذا أبدًا، فسبب ذلك الاعتقاد هو النظرة له من خلال وجهة نظر العهد القديم، الذي لا ينطبق بدوره على العهد الجديد فنحن الآن في وضعية أفضل حيث يسكن فينا الروح القدس وليس كما كان في العهد القديم “الله معنا”. الآن هو فينا! يجب أن تفهم كيف تُمارِس الصلاة بألسنة، فوجود نتائج في حياتك يعتمد على فهمك للأمور بالصورة الصحيحة.
“لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلهَ تَشْوِيشٍ (فوضى) بَلْ إِلهُ سَلاَمٍ، كَمَا فِي جَمِيعِ كَنَائِسِ الْقِدِّيسِينَ.” (١ كورنثوس ١٤: ٣٣).
ليس معنى ذلك أن تكون الناس مكتوفة الأيدي وقت العبادة ولا يرفع أحد يده أو يُعلِّي صوته! لأني أعلَّمُ أنّ هناك بعض الأماكن يكون فيها نظام الصلاة بصورة فيها رُعب وحَذر مُبالَغ فيه تحت مُسمَى هيبة الله، على الرغم مِن قوله في العهد القديم: “اهتفوا” (المزامير ٣٣: ١) وهي أتت في الأصل العبري “rânan“ وتُعنِي (رفع الصوت والصراخ) لكن بالطبع بصورة مُقدَّسة وبتعبير عن الفرح.
في العهد الجديد وجدناه أيضًا يتحدَّث عن رفْع الصوت ويقول: “كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ.” (أعمال الرسل ١٠: ٤٦). مِمَّا يُعنِي أنّ رفْع الصوت في العبادة -طالما ليس للإزعاج أو التباهي- أمرٌ طبيعيٌّ وليس خاطئ.
هناك البعض مَن يقيسون السلام الذي ذُكِرَ في الآية الوارِدة في (١ كورنثوس ١٤: ٣٣) على الراحة الداخلية (المشاعر)، اعتقادًا أنه كونهم شعروا بالاضطراب أثناء سماعهم للصلاة بألسنة إذًا هي خاطئة، للأسف هذا معيارٌ خاطئٌ، فأحيانًا تستمع لتعليم يُوبِّخك ويجعلك لا تشعر بسلام لأن لديك دوافع خاطئة وأمور غير سليمة في ذهنك، هل الآن تستطيع أن تجعل مِن السلام الداخلي مقياسًا؟! تذكَّرْ، الكتبة والفريسيين لم يكونوا شاعِرين بسلامٍ أيام الرب يسوع!
للأسف صار للحواس الخمس الحُكْم لدى الكثيرين اليوم مِمَّا جعلهم غير روحيين ويحكمون خطأ في الأمور، تذكَّرْ المَثَل الذي قُلته قبلاً عن المُدير (الجسد) الذي يَحكُم في كل شيء، حيث صار البعض اليوم خاضِعين لِمَّا تُمليه عليهم بشريتهم (حواسهم الخمس) في الحُكم على الأمور والأشخاص.
نتيجةً لذلك أصبحوا مُتمسِّكين بآرائهم الشخصية وتحليلاتهم البشرية، لهذا عندما نُصلي بألسنة نكون لأول مرة نقول للمُدير (النفس البشرية والجسد): “لن تدير الأمور هذه المرة” ونُصمِته وذلك ينتُج عنه بالطبع الملل والنفور الذي يشعر به الكثيرون، فأول مَن يتضايق هو الذهن البشري وعلاج ذلك التجاهل والسلوك بناءً على مبادئ الكلمة وليس المشاعر.
بالطبع يوجد تنوُّع حيث تكلَّمَ البعض بألسنة مِن أول مرة، وهناك مَن انطلقَ في الصلاة بالروح دون أنْ يعلَّم عنها مِن الأساس، أيضًا يوجد مَن يتمنَّى الملء بالروح لسنوات ولم يحصُل عليه بعد لأنه لا يفهم الطريقة.
ثاني المُتضايقين مِن الألسنة هو “إبليس” لكونه لا يفهم منها شيئًا، فتجده يُلقِي عليك أفكارًا مِثل: “أنت مجنونٌ، كيف تتكلَّم بشيءٍ لا تفهمه، ما الفائدة مِن ذلك…إلخ”. يوجد مَن يُسكِته وهناك مَن اعتادوا على هذا الشيء، فيُهانوا منه باستمرار وفي الغالب هم لا يعلَّمون أن المُتكلِّم في أذهانهم هو إبليس.
سُميت الصلاة بالروح لأن المُهيمن أثناء التكلُّم بألسنة هو الروح وليس النَفْس البشرية. لكي لا يتضايقون دارسو اللاهوت بخصوص مُصطلَح “صلاة بالروح”، أُريحكم بأن أقول أنه معناه بالطبع لا يقتصر على الصلاة بألسنة بل يُعنِي أيَّ شخص يتكلَّم تحت قيادة الروح وعلى رأسهم التكلُّم بألسنة، فهي أحد الأعمدة الأساسية لتدريبك على كيفية أن تكون شخصًا روحيًّا.
افهمْ ذلك، ما يحدث في لحظة استيقاظك مِن النوم هو أن ذهنك يَنشط كما الحاسوب عند تشغيله بعدما كان مُنطفِئًا، فعندما تُبادِر بالصلاة بالروح عند استيقاظك تجعل روحك هي المُسيطِرة وتقود جسدك.
“إِلهُ سَلاَمٍ…”؛ يُعنِي السلام هنا رجوع القيادة للروح الإنسانية ويكونا النَفْس والجسد مسحوبين ورائها، حيث يريد الله تعديل ما حدثَ مِن خطأ أي لا تعود النفس البشرية تقود حياتك مرة أخرى، فسبب عدم نُطقك وتصديقك لكلمة الله بسهولة أو اقتناعك بها ذهنيًا فقط هو بمثابة ارتفاع صوت أفكار الشخصية، أيضًا لأن الأمر لم يتخمّر جيدًا في روحك.
إنْ رجعنا لأصل كلمة “سلام” في الأصول العِبرية سنجدها تُعنِي؛ عدم نقصان الشيء، أي حالة الكمال wholeness, totality وتلك الحالة الكاملة لن تصير إلا عندما تقود الروح الإنسانية نَفْس وجسد الإنسان.
“لَيْسَ إِلهَ تَشْوِيشٍ” أي ليس إله فرقعة فهو لا يسعى للاستعراض. على الجانب الآخر هذا لم يمنعه مِن أن يُظهِر مجده حينما حوَّل الماء لخمرٍ في عُرس قانا الجليل: “هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ.” (يوحنا ٢: ١١)، معنى ذلك أنه يوجد إظهارات للروح القدس ولكن بنظام، لهذا نرى كيف يُنظِّم الرسول بولس العبادة في (١ كورنثوس ١٤).
يوجد مَن يتحمَّس في الصلاة بألسنة، خصوصًا مَن اختبرها لأول مرة، مُنتهِزًا كل فرصة صلاة مُتجاهِلاً اندهاش الناس منه، وهناك مَن يخاف مِن نظرة الناس ويُصلي في الخفاء خصوصًا في الكنائس التي تمنع ذلك. لاحظ أيضًا أنه يوجد مَن انحرفَ للمُمارسات وليس للألسنة نفسها، مع العلم إنه لا يوجد رموز في العهد الجديد كالذي انحرف في التسبيح وصار ينفعل مع الموسيقى أكثر من كلمات الترنيمة ذاتها.
“وَهكَذَا تَصِيرُ خَفَايَا قَلْبِهِ ظَاهِرَةً. وَهكَذَا يَخِرُّ عَلَى وَجْهِهِ وَيَسْجُدُ ِللهِ، مُنَادِيًا: أَنَّ اللهَ بِالْحَقِيقَةِ فِيكُمْ.” (١ كورنثوس ١٤: ٢٥).
“مُنَادِيًا: أَنَّ اللهَ بِالْحَقِيقَةِ فِيكُمْ”، حدث ذلك نتيجة ترجمة الألسنة (التنبؤ)، لاحظ أنه إنْ كان هناك واعِظٌ يتكلَّم بلغة غريبة لمستْ الناس مِن خلال المُترجِّم الذي نقلها لهم، حتمًا القوة في كلمات الواعِظ نفسها والمُترجِم ما إلّا ناقِل، إذًا تَكمُن القصة في كلمات الألسنة ذاتها وليس في الترجمة، ولا يُمكِن غَضّ النظر عن الألسنة.
بالطبع إنْ حدثَ خطأٌ في الترجمة لن يستفيد الناس شيئًا. للأسف مَن هو سطحيٌ في قراءته لـ (١ كورنثوس ١٤)، سيقول لن أُصلي بألسنة بدون ترجمة مُختزِلًا الإصحاح كله في هذه النقطة! الألسنة في حدّ ذاتها لديها قوة.
كل كلمة تقولها أثناء الصلاة بألسنة لها قوة وهي تُغذِي روحك، لكن ذهنك يتغذَّى على كلمة الله. وُجِدَتْ الألسنة لتتخطَّى حدود ذهنك في الاستيعاب وتجعلك تخرُج عن الطبيعي لتختبر الخارِق للطبيعي. الخلاصة أن الترجمة هدفها توصيل المعلومات التي تحمل القوة للآخرين، فمِن الواضح أن كل شيء في مملكة الله له علاقة بالكلمات.
تذكَّرْ معي ما قاله الكتاب بخصوص ما حدثَ يوم الخمسين: “١٦ بَلْ هذَا مَا قِيلَ بِيُوئِيلَ النَّبِيِّ. ١٧ يَقُولُ اللهُ: وَيَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ أَنِّي أَسْكُبُ مِنْ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى وَيَحْلُمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَمًا.” (أعمال الرسل ٢: ١٦، ١٧).
قال الرسول بطرس هنا إنّ ما حدثَ مِن تكلُّم بألسنة بدون ترجمة هو ما قيل في يوئيل النبي، لكننا لم نرَ حقًا تجسيد ما قاله نصًا، فلم يرَ أي منهم رؤيةً أو حَلُمَ حُلْمًا، مما يُعنِي ضمنيًا أن الصلاة بألسنة تجعلك تستطيع أن تُسبِّح في عالَم الروح وتفهمه فترى أمورًا فيه، حيث إنّ الأمر ليس مُرتبِطًا بالأحلام التي تُرَى في المنام أو ما إلى ذلك.
الترجمة مفيدة للشخص الذي بجانبك وليس لك، فالآخرون يفهموننا مِن ذهن لذهن وفي أحيانٍ قليلة يفهموننا من روح لروح.
“٣٤ لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ (زوجاتكم) فِي الْكَنَائِسِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. ٣٥ وَلكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ.” (١ كورنثوس ١٤: ٣٤، ٣٥).
انتبه! هنا يتكلَّم عن الزوجات وليس النساء، حيث يحثهم على التعلُّم مِن رجالهن ولا يتخطوهن في التكلُّم في الكنيسة، فكلمة “نساء” كلفظٍ يمكن أن يُقصَد بها المُتزوِّجات وغير المتزوجات، وهذا نُحدِّده طبقًا لسياق النص، هنا في السياق يتَّضح جليًّا أنه يُعنِي المُتزوِّجات.
“٣٦ أَمْ مِنْكُمْ خَرَجَتْ كَلِمَةُ اللهِ؟ أَمْ إِلَيْكُمْ وَحْدَكُمُ انْتَهَتْ؟ ٣٧ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْسِبُ نَفْسَهُ نَبِيًّا أَوْ رُوحِيًّا، فَلْيَعْلَمْ مَا أَكْتُبُهُ إِلَيْكُمْ أَنَّهُ وَصَايَا الرَّبِّ. ٣٨ وَلكِنْ إِنْ يَجْهَلْ أَحَدٌ، فَلْيَجْهَلْ!“ (١ كورنثوس ١٤: ٣٦-٣٨).
يُخاطب هنا مَن يدَّعون أنهم أنبياء (يتكلَّمون تحت المسحة) أو روحانيون لكنهم تضايقوا مِن نظامه المُنضبِط في العبادة، أولئك مَن يرون أنفسهم يستطيعون.
“إِنْ يَجْهَلْ أَحَدٌ، فَلْيَجْهَلْ!”، أتت هذه العبارة في الأصل هكذا؛ عندما يتجاهل الشخص هذا الكلام، الذي هو وصايا الله بحسب السياق، سيتجاهله الله أو لن يستخدمه. وأتتْ واضِحةً في ترجمات انجليزية هكذا:
(1 Corinthians 14:38 AMP)
“[38] If anyone does not recognize this [that it is a command of the Lord], he is not recognized [by God].”
[٣٨] إنْ لم يعترف أحد بهذا [أنه أمرٌ مِن الرب] ، فلا يعترف به [الله]. (١ كورنثوس ١٤: ٣٨) (الترجمة المُوسَّعة).
( 1Corinthians 14:38 MSG)
“[38This is the way the Master wants it. If you won’t play by these rules, God can’t use you. Sorry.”
“إذا كان أحدٌ منكم يعتقد أن الله لديه ما تقوله أو ألهمك للقيام بشيء ما، انتبه جيدًا لما كتبته. هذه هي الطريقة التي يريدها السيد. إذا كنت لا تلعب بهذه القواعد، آسف، فلا يمكن أن يستخدمك الله.” (١ كورنثوس ٣٧:١٤-٣٨) (ترجمة الرسالة).
يوجد أُناسٌ توقَّفَتْ عند حدّ مُعين في حياتها ولا تعلَّم السبب، السبب هو عدم الهيبة لكلمة الله واعتقاد الشخص أنه ذات قامة روحيًا أو موهوبٌ ولديه قدرة على الفَهْم، حيث أتت كلمة “رُوحِيًّا” في الأصل “pneumatikos” وتُعنِي موهوبًا وتلك التي ذُكِرَتْ في (١ كورنثوس ١٢: ١) بمعنَى (مواهب روحية) والتي مِن المُفترَض أن تأتي بمعنى (قِطَع روحية).
قال الرسول بولس ذلك بسبب ما صدرَ من أقاويل عنه؛ إنه صار مُنغلِقًا بصورةٍ مُبالِغٍ فيها، وستجد مُعترضِي عصرنا الحالي يقتبسون آيات بصورة خاطئة ويقولون: “أين حرية أولاد الله، أليس حيث روح الرب هناك حرية؟!” وهي لا تُعنِي إطلاقًا التَحرُّك عن جهل بالكلمة تحت مُسمَى الحرية.
“وَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ بِلِيَاقَةٍ وَبِحَسَبِ تَرْتِيبٍ.” (١ كورنثوس ١٤: ٤٠).
استخدمَ الرسول بولس ألفاظًا حربيةً، حيث شرحَ المُؤرِّخ “Josephus-يوسيفوس” كلمة “تَرْتِيبٍ” وقال إنها اُستخدِمَتْ مِن قِبَل فئة مِن الناس تُسمَى الإيثيين أولئك الذين حَسَبوا الأيام مِن أول آدم إلى يوم مجيء الرب وعرفوا اليوم بالتحديد لكن بالطبع يوجد نسبة أخطاء وقد شرحت هذا تفصيلاً في سلسلة “الرب قريب“.
هؤلاء الإيثيين يستعملونها بمعنى “احترام الشخص المُتكلِّم وعدم مُقاطعته”. أيضًا اُستخدِمَتْ في الحرب لدى الرومان، ليَسهُل على القائد أنْ يُنادِي على الجنود ويجتمعون في لحظةٍ بصوتٍ واحدٍ مِن صوت البوق بدلاً مِن مُناداة كل شخصٍ على حِدة.
“فَإِنَّهُ إِنْ أَعْطَى الْبُوقُ أَيْضًا صَوْتًا غَيْرَ وَاضِحٍ، فَمَنْ يَتَهَيَّأ (يستعد) لِلْقِتَالِ؟” (١ كورنثوس ١٤: ٨). سمعت مِن قبل أكثر من شخص يقول لي إنه قبل حدوث أمرٍ مُعيَّنٍ بأيام أجد نفسي أنطلق في الصلاة بألسنة، فهي بالفِعْل تُؤهِّبك لأمور مُستقبلية.
يُقصَد بلفظ “لِيَاقَةٍ” (تنظيمًا مُتَعَمَّدًا)، مما يُعني أنّ كلمتي “بِلِيَاقَةٍ وَبتَرْتِيبٍ” يُعنيان معًا (التنظيم العمدي والتشكيل العسكري للتأهُّب للقتال).
أرادَ الرسول بولس تنظيم شيئين في الكنيسة:
أولاً: عدم الصلاة بألسنة أثناء وقت التعليم؛ لأن الآخر لن يستفيد بالألسنة إلا إن حَصُل ترجمة.
ثانيًا: احترام بعضنا البعض أثناء التنبؤ، وعدم مُقاطعة الآخر بل يكون هناك تنظيمٌ وننتظر كل شخصٍ حتى يُنهِي كلامه ومِن ثَمَّ يتكلَّم الشخص الذي بعده، فإنْ حدثَ مُقاطعة حينها ستفقد الكنيسة معلومةً أو حتى حرف جر ولن تتهيأ للقتال!
لهذا خطيرٌ أنْ يتمّ مُقاطعة الشخص المُتكلِم بألسنة أو الذي يُترجِم له، فإن حدثَ مُقاطعة سيكون الأمر مثل إعاقة صوت البوق بطريقة ما فيتشتَّت الجنود فتجد منهم مَن يقول: “لقد سمعت نداء الحرب”، بينما يُنكِر آخرون ذلك فبالتالي يَحدُث تشويشٌ.
سبقَ وذكرَتْ سابقًا أنني فهمت آية بصورة صحيحة بسبب حرف جر! وتلك الآية هي؛ “بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ” (أعمال الرسل ١٧: ٢٨) حيث أتت في ترجمة إنجليزي كـ “المُوسَّعة” هكذا:
[28] For in Him we live and move and exist [that is, in Him we actually have our being]
فرقَ معي هذا المعنى جدًا، لأنه جعلني أُدرِك أنني لا أحتاج للسعي وراء حضور الله مِن خلال الصلاة فأنا فيه بالفِعْل! وليس كما كان يشرح البعض هذه الآية على أننا بالله نحيا ونتحرَّك ونُوجَد. مثلها مثل التعليم عن “اسم يسوع” حيث يوجد فرقٌ بين (في اسم يسوع) و (بـاسم يسوع)، فالكثيرون خلطوا بينهما. يُمكِنك الرجوع للموقع وسماع تعليمٍ عن “اسم يسوع“.
أستعجبُ على مَن يستخدمون هواتفهم أثناء سماع الوعظة، فقد يفوتهم كلمة أو معلومة كانت سُتغيِّر حياتهم، حيث يتحرَّك الروح القدس لك مِن خلال انتباهك له.
- مُمارسات واعتقادات خاطِئة تَخُص التكلُّم بألسنة:
سأتناولُ معكم اليوم الممارسات الخطأ الشائِعة بخصوص التكلُّم بألسنة، لأني أعلمُ أنّ هناك مَن تراجع عنها بسبب ما رآه مِن سلوكٍ خاطئٍ لبعض المُؤمِنين. ستجدها مُضحِكةً بعض الشيء وغريبة ونادرة على مسمعك بعض الشيء.
الألسنة ما هي إلا لغة أخرى أنت تعرفها وتقولها وقت الصلاة:
يعتقد البعض أنّ الصلاة بألسنة هي قول بضع كلمات بالإنجليزية على سبيل مثال، فأحيانًا تجد مَن يقول بتكرار: “Jesus Jesus”، لكن هذا ليس تكلُّم بألسنة، فالكتاب يقول: “ألسنة أخرى”، أي التكلُّم بلغة أنت لا تعلمها وليس التكلُّم بلغات أخرى أنت تعرفها.
الألسنة ليست للجميع:
بالطبع يُجيب عن ذلك ما قاله الكتاب: “إِنِّي أُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَكُمْ تَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ…” (١ كورنثوس ١٤: ٥).
كما ذَكْرتُ في بداية العظة، وأقولها ثانيةً: يريد الله إذًا للكل ذلك، حيث سنجد في (أعمال الرسل ٢: ٤) أنّ الجميع بلا استثناء تكلّموا بألسنة، وكان عددهم مئة وعشرين (أعمال الرسل ١: ١٥). أيضًا تكلَّمتْ عائلة كرنيليوس بالكامل بألسنة (أعمال الرسل ١٠: ٢٤، ٤٤-٤٦)، وفي (أعمال الرسل ١٩: ٦، ٧) تكلَّمْ الاثنا عشر تلميذًا جميعهم بألسنة. مِمَّا يُعنِي ذلك أنّ نسبة إرادة الروح القدس في أنّ الجميع يتكلَّمون بألسنة هي ١٠٠٪! كما أني شرحْتُ في بداية السلسلة آية “ألعل الجميع يتكلَّمون بألسنة”، يمكنك الرجوع إليها.
تأتي الألسنة للشخص عندما يمتلئ بالروح للمرة الأولى فقط:
جذر هذا الاعتقاد الخاطئ هو الظن أنّ الألسنة علامة الملء بالروح القُدس وبعد ذلك لا حاجة لها مرةً أخرى، لكن دعني أصدمك وأُفَرّح بعض اللاهوتيين بقولي إنّ: “الألسنة ليست علامة الملء بالروح القدس!”. دعنا نرى بعض الشواهد لتفهم ما أقول:
“٦ أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَارَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟» ٧ فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ، ٨ لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ».” (أعمال الرسل ١: ٦-٨).
لاحظ هذه الإحصائية الهامة وهي إنّ ذِكْر (اسم يسوع) يقل في سِفْر أعمال الرسل بينما يَكثُر ذِكْر (الروح القدس والكلمة) وهذا ليس تقليلاً للرب يسوع بل لأنّ الروح القدس هو الذي صار مسئولاً معنا في الأرض، وهذا يختلف عن الأناجيل الذي يَكثُر فيها ذِكْره لكونه كان متواجِدًا في الأرض. يمكنك مراجعة ذلك بنفسك!
نرى هنا الرب يسوع كيف كان يُهيِئ التلاميذ لاستقبال أحد أهم أعمدة استقرار الكنيسة وهو الروح القدس، مُوضِّحًا أنه سيكون المسئول عن تقويَّتهم وقيادتهم بعد رحيله (صعوده). أيضًا لا يُعنِي جواب الرب يسوع عليهم في الشاهد السابق أنّ هذا السؤال ليس له إجابة أو سؤال خاطئ، كلّا! بل في الحقيقة كان هذا تأجيلاً مُؤقَّتًا للإجابة إلى أنْ يأتي الروح القدس.
“٨ لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا”؛ إذًا علامة الملء هي أنْ تكون فَعَّالاً في الشهادة بالإنجيل وليس أنْ تتكلَّم بألسنة، لكن لنرى الصورة كاملة.
“٤٤ فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. ٤٥ فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ، كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ، لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الأُمَمِ أَيْضًا. ٤٦ لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ…” (أعمال الرسل ١٠: ٤٤-٤٦).
نفهم مما سبق أن التكلُّم بألسنة اختبارٌ مُصاحِبٌ للملء بالروح القدس، والدليل أنّ الرسول بطرس والذين معه لم يعلَّموا أنّ الأمم امتلئوا بالروح القدس إلّا عن طريق رؤية إظهار الروح القدس وهو الصلاة بألسنة. اربطْ الشواهد الآن ببعضها ودعني أقول لك الخُلاصة: «علامة الملء بالروح القدس هي الشهادة الفعَّالة بالإنجيل، أي تتغير حياتك وتصير فَعَّالاً ويُصاحِب ذلك تكلُّم بألسنة أخرى».
«الألسنة هي طريقة إطلاق للروح القدس، ونُطق معلومات مهمة في عالَم الروح»
نستنتج مِن ذلك أن الألسنة شيءٌ مُستمِرٌ ولا نختبرها فقط في وقت الملء بالروح لأول مرة، فهي ليست شيئًا ثانويًّا بل أساسيًّا في حياة أي مُؤمِن: “فَمَضَى حَنَانِيَّا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ، قَدْ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ يَسُوعُ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ، لِكَيْ تُبْصِرَ وَتَمْتَلِئَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ».” (أعمال الرسل ٩: ١٧).
لاحظْ أنّ حنانيا لم يَقُل للرسول بولس (الذي كان حديثًا في الإيمان حينها): “ستمتلئ بالروح القدس عندما تتّلمذ أولًا”، كلا! بل من أول لحظة. لذلك نرى الصلاة بالروح صارت منهجيته في الصلاة فهو قال بعد ذلك الحَدث في رسالته: “فَمَا هُوَ إِذًا؟ أُصَلِّي بِالرُّوحِ، وَأُصَلِّي بِالذِّهْنِ أَيْضًا. أُرَتِّلُ بِالرُّوحِ، وَأُرَتِّلُ بِالذِّهْنِ أَيْضًا.” (١ كورنثوس ١٤: ١٥). إذًا الألسنة مِن المفترَض أن تكون مُصاحِبة للملء بالروح، لكن للأسف هناك مَن لا يختبرها. ربما لأنه لم يُعلَّم عن ذلك.
سأضرب لك مثلاً ليتضح الأمر أكثر؛ مِن الطبيعي حينما يشتري شخصٌ هاتفًا جديدًا أن يكون معه شاحنٌ، هل صار الشاحن أهم مِن الهاتف نفسه؟ لا! بل الهاتف أكثر أهمية بالطبع. بالمنطلق نفسه؛ الألسنة هي شاحنٌ، لكنها ليست ذات أهمية أكثر مِن الروح القدس.
قُلْت هذا المثال لتوضيح أهمية الألسنة وكيف أنها تشحنك ولعدم المغالاة في شأنها وجعلها أكثر أهمية مِن الروح القُدس؛ لأن هناك مَن انحرفَ بالدفة تمامًا كونه كان مِن خلفية تُضادها فبالغَ في الدفاع عنها. سيأتي وقتٌ وستنتهي الألسنة ومَن سيبقى هو شخصُ الروح القدس لذا اهتمْ بتواصلك معه الذي ليس خطأً أن يكون بلُغتك العربية ولكن التُواصل الأعمق يكون مِن خلال الصلاة بالروح.
الألسنة وقت التعزية أو الحماس:
اعتقدَ البعض أنهم يُصلُّون بألسنة فقط عندما يتحمَّسون في فرصة صلاة قوية، أو في نهاية مُؤتمر بعد سنين من إهمالهم لأوقات صلاتهم، أي عندما يشعر بشيء ما عمومًا، وأنا أُشبِّه تلك الحالات بالشخص الذي شعرَ بأنه يريد التقيؤ فتقيأَ!
أعلَّمُ أنك تريد أنْ تسأل: “إذًا مِن أين ظهرَ ذلك الاعتقاد؟!” تفسير ذلك هو إنه بسبب احتكاك الشخص بالكلمة في وقت التعليم، أيضًا عندما يبدأ في الانتباه للروح القدس أثناء العبادة يكون بذلك قد بدأَ في الالتفات لما تهتم به روحه فينشط ومِن ثمَّ يُحفَّز للصلاة بألسنة، لأن ذهنك كان مَن يقودك قبل انتباهك هذا للروح.
يُمكِنك أن تُصلي بألسنة في أي وقت وأي مكان، فهي لم ولن تُنزَع مِنك حتى إن توقَّفت لسنوات، أو فعلت خطايا، فعطايا الله هي بلا استرجاع (رومية ١١: ٢٩). بالتأكيد هذا ليس دعوة للتسيُّب وعدم الانضباط، بل بالأحرى أشجعك على الالتزام والانضباط روحيًا.
يقول الكتاب في رسالة كورنثوس الأولى؛ “مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ يَبْنِي نَفْسَهُ، وَأَمَّا مَنْ يَتَنَبَّأُ فَيَبْنِي الْكَنِيسَةَ.” (١ كورنثوس ١٤: ٤).
” يَبْنِي”؛ أتت في الأصل اليوناني oikodomeō“” بمعنى “شحن، ورَفْع المبنى، وتغيير الحالة مِن حالة أقل لأعظم”. إنْ رجعت لتاريخ استخدام الكلمة ستجد أنهم وقتها لم يكونوا قد اكتشفوا معنى الشحن كما نفهمه الآن، ولكن فهموا معنى الكلمة مِن خلال الأمطار أو الشلالات التي كانت تملأ العيون، فمِن هنا فهموا أنّ شحن الشخص لنفسه كضخ الماء لملء فراغ، بهذا المُنطلق تعمل الصلاة بالروح!
إذًا نحن لا نُصلي بالروح فقط عندما نتعزَّى، أساسًا تُعني كلمة “تعزية” أنك مُدَعَّمٌ نتيجة إن الروح القدس يُفهمك ويرشدك وليست قائمة على المشاعر. فهو الـ “paraklētos”. لا يوجد ما يُسمَى بال “تسخين” قبل الصلاة بألسنة، ولكنك تتكلَّم بألسنة لتشحن نفسك فتُدَعم روحيًا (تتعزى).
للأسف هناك مَن فقدَ فوائدها بسبب التعليم الخاطئ والتوقُّف عن استعمالها كمَن سمعَ عن طعامٍ جيدٍ به بروتينات وڤيتامينات ومعادن أنه سيء، ففقدَ جسمه الكثير من الفوائد، وهذا سببه السطحية وعدم تعليم للكلمة بطريقة سليمة.
“١٤ لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. ١٥ إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي (التنضيج) الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ». ١٦ اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ.” (رومية ٨: ١٤-١٦).
أحد فوائد التكلُّم بألسنة هي جعل الروح القدس يستطيع التكلُّم لروحك ووَضْع الإثبات (الشهادة) داخلك أنك ابن الله، حيث يُعنِي لفظ “يَشْهَدُ” إنه يحمل لديك الإثبات. أيضًا يأتي منها لفظ “استشهاد martyrdom” والذي يُعنِي “الثقة التامة بالشيء حتى الموت، وعدم اعتبار اعتراض الناس أو السجن أو حتى الإعدام”.
يظهر هنا دور الروح القدس مِن خلال الصلاة بالروح وهو “إثبات الكلمة لك”، ففي أحيانٍ كثيرةٍ تستقبلها كمعلومات وتعتقد أنها غير حقيقية أو غير عملية في حياتك، لكن إنْ صليت بالروح فهذا سيُساعدك على تجسيدها وإثباتها في حياتك!
“أَبْنَاءُ اللهِ” أتت في الأصل “الناضِجين”، إذًا أي مُؤمِنٍ مُرشَّحٍ أن يكون مُنقادًا بالروح، لكن ليس كل مَن يقول الروح القدس قال لي كذا وكذا هو على صواب، فكما درسنا منذ قليل أنه حتى الذين يتنبأون يجب المراجعة ورائهم.
“يَشْهَدُ” أي يُؤَكِّد لديك ميراثك في المسيح، ويُخَمِّر ما سمعته في الكلمة داخلك، ويضع الإثباتات داخلك.
“١٧ فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ. ١٨ فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا (الكنيسة، وليس عند مجيء الرب). ١٩ لأَنَّ انْتِظَارَ الْخَلِيقَةِ يَتَوَقَّعُ اسْتِعْلاَنَ أَبْنَاءِ اللهِ (الناضجين). ٢٠ إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ – لَيْسَ طَوْعًا، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَخْضَعَهَا (آدم وليس الله كما أتت في بعض الترجمات) – عَلَى الرَّجَاءِ. ٢١ لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ. ٢٢ فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ. ٢٣ وَلَيْسَ هكَذَا فَقَطْ، بَلْ نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ، نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا، مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ فِدَاءَ أَجْسَادِنَا. ٢٤ لأَنَّنَا بِالرَّجَاءِ خَلَصْنَا. وَلكِنَّ الرَّجَاءَ الْمَنْظُورَ لَيْسَ رَجَاءً، لأَنَّ مَا يَنْظُرُهُ أَحَدٌ كَيْفَ يَرْجُوهُ أَيْضًا؟ ٢٥ وَلكِنْ إِنْ كُنَّا نَرْجُو مَا لَسْنَا نَنْظُرُهُ فَإِنَّنَا نَتَوَقَّعُهُ (الجسد الممجد) بِالصَّبْرِ. ٢٦ وَكَذلِكَ الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا (لا تُصاغ في كلمات). ٢٧ وَلكِنَّ الَّذِي يَفْحَصُ الْقُلُوبَ يَعْلَمُ مَا هُوَ اهْتِمَامُ الرُّوحِ، لأَنَّهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يَشْفَعُ فِي الْقِدِّيسِينَ. ٢٨ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ.” (رومية ٨: ١٧-٢٨).
يئن العالم لأنه خاضِعٌ للبُطل بسبب حالة المُعاناة والفراغ والفوضى، لكن أنين المُؤمِنين هو بصورة إيجابية وهو عبارة عن محاولة الخروج مِن محدودية الجسد المادي هذا. أيضًا يئن الروح القدس، فهو يشفع فينا بأنات وذلك ليُساعدنا في الصلاة مِن خلال وَضْع كلمات وأصوات مُعيَّنة بها نُحدِث تغييرًا في الأشخاص والظروف، بناءً على ذلك بحسب السياق كل الأشياء تعمل معًا لخيرك.
ذكرْتُ مِن قبل أن مَن اخترعَ القمر الصناعي كان في الحقيقة في اجتماع صلاة وبينما كان يُصلي بالروح، استقبلَ ترجمةً للألسنة فنطقَ لفظ “bird” ومن هنا جاءته فِكْرة الاختراع.
هو مِن الأساس كان يُحاول نشْر الإنجيل لكل العالَم ولم يَكُن يعرف كيف حتى ساعده الروح القدس بتلك الفِكْرة، فأثناء أبحاثه أخيرًا اكتشفَ الحلّ وهو إرسال الرسائل مِن خلال شيءٍ يكون خارج نطاق الأرض، وبالطبع بعد ذلك أُسيء استخدامها مِن خلال إبليس ومَن خضعوا له.
بالمِثْل عندما تُصلي بألسنة تجد نفسك قادرًا على فَهْم الأمور بصورة صحيحة، لهذا تعلَّمْ الصلاة بالروح باستفاضة وليس بعض الكلمات، مثلما تشحن الهاتف لمدة طويلة، فأنت تعلَّم يقينًا أنك تفعل شيئًا هامًا وتُغيِّر أمورًا.
أيضًا لا تتشتَّتْ إنْ كنت قد تكلَّمْتَ باللغة الإيطالية مثلاً أو قَلَّدتْ ألسنة آخرين، فالبعض يتشتَّت بهذه الأمور ويُضيِّع فيها وقتًا، بل كُن مُدرِكًا أنك بهذا ستَخرُج خارج الإطار الطبيعي الذهني، وسيكشف لك الروح القدس أمورًا ضخمة ويجعلك تَخرُج خارِج محدوديتك.
(Romans 8:28 AMPC)
“[28] We are assured and know that [God being a partner in their labor] all things work together and are [fitting into a plan] for good to and for those who love God and are called according to [His] design and purpose.”
(رومية 8: 28) الترجمة المُوسَّعة
“[28] نحن على يقين ونعلَّم أن [الله شرِيكٌ في عملهم] كل الأشياء تعمل معًا [وفقًا لخطة] للخير لأولئك الذين يحبون الله والذين دُعِوا حسب تصميمه وهدفه.”
“١٨ فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا… ٢٨ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ. ٢٩ لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. ٣٠ وَالَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهؤُلاَءِ دَعَاهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهؤُلاَءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا.” (رومية ٨: ١٨، ٢٨-٣٠).
يشترك الله معنا في الصلاة وهذا ضمان استعلان المجد في حياتنا، إذًا نحن في مجد وعلينا إعلانه من خلال الصلاة بالروح. إذًا لتُصلِّ بصورة صحيحة، فمِن الممكن أن تُصلي خطأً، فالرب يسوع حينما سأله تلاميذه عن كيفية الصلاة لم يُجِبهم قائلاً: “قولوا ما في قلبكم” بل عَلَّمهم ما يقولونه.
يُعنِي هذا أنّ مَن يُصلي أي كلامٍ يخطر على قلبه حتى إنْ كان غير مُتماشِي مع مبادئ الكلمة، أمرٌ غير كتابي، فالصلاة لها ضوابط، بالطبع الصلاة التي قالها الرب يسوع لتلاميذه إجابةً على سؤالهم، كانت تتوافق مع زمنهم، حيث اختلفَ الأمر الآن، فيوجد ما يُسمَّى بالحق الحاضر.
هناك مَن ينطق كلمات خطأً أثناء الصلاة وبذلك يُدخِل إبليس لحياته، فالله مُنظَّمٌ وليس عشوائيًّا، لهذا أدعوك إن كنت مولودًا مِن جديد وقَبِلْتَ الروح القدس أن تَدخُل عالَم الخارِق للطبيعي، وابدأ في الصلاة بالروح.
ــــــــــــــــــــــــــــ
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
Download