القائمة إغلاق

الرب قريب – الجزء 3 The Lord Is Coming Soon – Part

 

 

لسماع العظة على الفيس بوك اضغط هنا

لسماع العظة علي الساوند كلاود اضغط هنا

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب

 

 

 

 

 

العظة مكتوبة

▪︎ مبدأ هام لفهم مواضيع الكتاب المقدس، وهو “الرجوع للبدء”:-

 ▪︎ فَهْم أهم النقاط في الأخرويات من خلال سفر التكوين:-

    • تكوين (١) الصورة الأصلية للإنسان:

    • تكوين (٢) أين خُلق الإنسان:

    • تكوين (٣) سقوط الإنسان:

    • تكوين (٤) أول جريمة قتل، وبداية التطاول على الله:

    • تكوين (٥) اختطاف أخنوخ حي:

    • تكوين (٦) ظهور النيفيليم (تزاوج بشر مع ملائكة ساقطة):

    • تكوين (٩) بداية قيادة الإنسان للقضاء على الأرض:

    • تكوين (١٠) جذر السبعين أمة، ومَن هو نمرود؟:

    • تكوين (١١) برج بابل، وبلبلة الألسنة:

    • تكوين (١٢) يكشف الرب فكره لإبراهيم:

    • موسى، ونزول الوحي:

 ▪︎ يختلف زمن الكنيسة عن زمن القضاء:-

   لا أتحدث في هذه السلسة بشكل تفصيلي عن الأخرويات، لكن سأوضح بعض النقاط المهمة التي يجب علينا معرفتها ككنيسة، ويوجد عظات خاصة أتكلم فيها عن الأخرويات بشكل أكثر تفصيلاً.    

     تذكر ما قلته في العظتين السابقتين أنه يحق لنا أنْ نعرف زمن أو عصر مجيء الرب، فمثلًا وَبَّخ الرب الناس التي لا تعرف الزمن، وأيضًا قوله: “لا أحد يعلم اليوم أو الساعة” في حد ذاته دليلاً على أنه يمكننا معرفة الشهر أو السنة التي سيأتي فيها، فهو لم يَقُل إننا لن نعرف الشهر أو السنة أو فترة مجيئه.

   “فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ.” (متى ٢٥: ١٣)

     يتضح مِن خلال الخلفية اليهودية لهذا الشاهد أنّ اليهود لديهم عِيدًا مُحددًا -وسأتكلم عن الأعياد في عظة منفردة- لا يعلمون يومه أو ساعته، ولكنهم يستطيعون معرفة أنهم على قرب يومين منه، حيث كانوا يستطلعون القمر ليعرفوا بداية السنة لديهم حينها.

     تكلمت المرة السابقة عن أربعة أيام راحة؛ ومنها ما حُقق، وتبقى يوم واحد وهو “الملك الألفي”، فبحسب (المزامير ٩٠: ٤) و (٢ بطرس ٣: ٨) اليوم عند الله كألف سنة وهذا ليس مجازًا بل حرفيًا يُعني ذلك.

نجد الأربعة أيام في (العبرانيين ٤: ١-١١) :-

  1. اليوم الأول: اليوم السابع الذي استراح فيه الرب مِن الخلق.
  2. اليوم الثاني: خروج شعب الله مِن مصر ودخول أرض الموعد بقيادة يشوع وامتلاكها، فهذا كان يوم الراحة بالنسبة لهم.
  3. اليوم الثالث: فترةالكنيسة.
  4. اليوم الرابع: المُلك الألفي.

    أراد الله أنْ يوضح لشعبه ما سيحدث مُسبقًا لكي يؤهلهم لاستقباله، فهو إله مُتدرج وليس مُفاجئ، فكما يوجد في العلاقة البشرية فترة خطوبة قبل الزواج، فبالمُنطلق نفسه في العلاقة مع الله، كان يُمهد الطريق ليدخل في علاقة حميمية مع شعبه، ونحن فيها الآن.

    طغت لغة الأرقام على لغة الأسماء في كتابات موسى (الأسفار الخمسة الأولى)، فمثلًا الفكر الكتابي اتجاه أيام أسماء الأسبوع لم يكن كما هو معروف اليوم في لغتنا العربية -وإنْ كانت هي الأقرب إلى الأصل على عكس الإنجليزية التي استوحت أسماء أيام الأسبوع مِن آلهة ونيفيليم-  بل كانت تُسمى بالأرقام “اليوم الأول، اليوم الثاني…إلخ”، فلغة الأرقام أكثر دقة مِن لغة الأسماء.

    ▪︎ مبدأ هام لفهم مواضيع الكتاب المقدس، وهو “الرجوع للبدء”:-

     “١ وَقَامَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ الْيَهُودِيَّةِ مِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ أَيْضًا، وَكَعَادَتِهِ كَانَ أَيْضًا يُعَلِّمُهُمْ. ٢ فَتَقَدَّمَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَسَأَلُوهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ؟» لِيُجَرِّبُوهُ. ٣ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «بِمَاذَا أَوْصَاكُمْ مُوسَى؟» ٤ فَقَالُوا: «مُوسَى أَذِنَ أَنْ يُكْتَبَ كِتَابُ طَلاَق، فَتُطَلَّقُ». ٥ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ كَتَبَ لَكُمْ هذِهِ الْوَصِيَّةَ، ٦ وَلكِنْ مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ، ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمَا اللهُ.”(مرقس ١٠: ١-٦)

   كيف يتم فحص أي عقيده كتابية والتأكد مِن صحتها؟ مِن خلال الرجوع لبداية الشيء في العبرية רֵאשִׁית، Rashith أي سفر التكوين، ومثلما نرجع لرخصة بناء البيت كم طابق وما هي رسمته للتأكد ما إذا كان مُخالفًا أم لا، فبنفس المُنطلق نرجع لسفر التكوين لنفهم الفكر الأساسي.

    أراد الرب يسوع الاقتباس مِن موسى ليُدَعم عدم الطلاق كما هو مكتوبًا بالفعل في الشريعة، وكان الطلاق في حالة أنّ الطرفين المُطلقين قُساة القلب أو واحد منهم وليس في العموم، ولكنهم اقتبسوا أنه أذَنَ لهم بكتاب طلاق ليخدموا قضيتهم، ولاحظ أنّ كلاهما استشهد بالشريعة لكنهم كانوا يحاولون التحايل على الكتاب، لذلك تحتم عليه الرجوع بهم إلى ما قبل موسى وهو “مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ”.

    يَقبَل الكثيرون اليوم فكرة المرض والألم والفقر، مُستندين على ما يرونه في العالم الآن مِن فساد وخراب وأوبئة، مُتغافلين فكر الله من بداية خلق الإنسان، فالأمور لم تكُن هكذا قبل السقوط، وشرحت هذا مُسبقًا في سلسلة عظات المعجزات وكيف تنجح.

    سنقوم مِن خلال هذا المفهوم -الرجوع للبدء- الخوض في فهم خريطة الأخرويات مِن خلال بعض الشواهد في سفر التكوين، وعليك ألا ترى أنه لأمر مُستحيل فهم الأخرويات، فما عليك إلا أنْ تخضع للروح القدس وتلتفت إليه وهو سيجعلك تفهم، فلا تقلق!

  • يُقسَّم العهد القديم لثلاثة أقسام لفهمه:-

التناخ بالعبرية תנ״ך هو اختصار (ت ن خ) (توراة- نيڨيئيم – كتوڨيم)

  1. توراة: الأسفار الخمسة الأولى (شريعة موسى).
  2. نيڨيئيم: أسفار الأنبياء الكبار والصغار.  
  3. كُتُوڨيم: الأسفار الشِعْريّة، وباقي الأسفار.

    هذا هو الكتاب المقدس (العهد القديم) بالنسبة لنا، ولكن الكتاب المقدس لشعب الله يشمل أكثر مِن هذه الأسفار، كالتلمود الذي هو شرح تفاصيل أكتر للأسفار التي بين أيدينا مع وجود بعض الأخطاء ليست مُدركه لديهم لعدم فهمهم للعهد الجديد، وعدم إيمانهم بالمسيا وسفر الرؤية غير موجود في نظرهم، كان الروح القدس يعمل معهم بدرجة إلى أنْ توقف تمامًا، فعلى سبيل المثال:

    شلومو يتسحاقي، أو باللاتينية Salomon Isaacides، واليوم معروف بالاختصار “راشي” هو حاخام فرنسي مِن العصور الوسطى، تكلم عن سبع سنين الضيقة التي كشفها له الروح القدس، رغم عدم إيمانه بسفر الرؤيا فقبول هذا يلزم أنْ يكون الشخص مؤمنًا بالعهد الجديد.

     تنبأ الرب يسوع في حدود عام ٣٠ م أو ٣٣ م عن تحطيم الهيكل، ولم يؤمن واليهود وقتها، ولكن المُذهل في الأمر أنه كان يوجد بعض الأنبياء في فترة آخر أربع سنين قبل ٧٠ م تنبأوا بأنّ الهيكل سيُحطم.

    كانت تُقفل أبواب الهيكل مِن تلقاء نفسها بواسطة الروح القدس على الكاهن بالداخل في يوم كيپبور، أو يوم هاكيپبوريم الذي هو عيد الغفران (بالعبرية יוֹם כִּפּוּר أو יוֹם הַכִּפּוּרִים) وتوقفت هذه المعجزة بعد صعود يسوع، لأن زمن تقديم الذبائح في الهيكل قد انتهى، وإلى الآن لديهم تساؤلات بخصوص هذا الأمر، ولكن لم يستطيعوا الوصول لإجابة؛ لعدم إيمانهم بالمسيا، الذبيحة الأبدية، الذي أوقف هذه المعجزة.

    تذكر أنني أوضحت المرة السابقة ثلاثة تقسيمات للشعوب في الكتاب المقدس:

“كُونُوا بِلاَ عَثْرَةٍ لِلْيَهُودِ وَلِلْيُونَانِيِّينَ وَلِكَنِيسَةِ اللهِ.” (١ كورنثوس ١٠: ٣٢)

  1. الأمم.
  2. اليهود.
  3. الكنيسة.

  ▪︎ فَهْم أهم النقاط في الأخرويات مِن خلال سفر التكوين:-

      قد ترى في البداية ما سأشرحه الآن لا علاقة له بالأخرويات، لكن في الحقيقة هي أساس فهم الأخرويات، تابع وستفهم.

 • تكوين(١) الصورة الأصلية للإنسان:

   لنكتشف ما هو الفكر الإلهي اتجاه الإنسان.

“٢٦ وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». ٢٧ فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. ٢٨ وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». ٢٩ وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْل يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا. ٣٠ وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا». وَكَانَ كَذلِكَ. ٣١ وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا.” (التكوين ١: ٢٦-٣١)

      “صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا” ليسوا مترادفين، حيث “صورة” تعني شكل، و “الشبه” أي السلوك والطبيعة والشخصية.

     نفهم مِن هذا أنّ فكر الله مِن البداية قبلما يحدث أي تشويه في الخليقة هو أنْ يسود ويتسلط الإنسان على الأرض، وتحقق هذا بالكلمة (بيسوع)، ولتفهم أكثر دعنا نرى الآتي:

    “١٢ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ. ١٣ فَإِنَّهُ حَتَّى(جاء) النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ. ١٤ لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي. ١٥ وَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ! ١٦ وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هكَذَا الْعَطِيَّةُ. لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ. ١٧ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!

 (رومية ٥: ١٢-١٧)

    نرى في هذا أنه بدخول الخطية دخل الموت، ولكن بعد مجيء الناموس تم إلغاء مفعول الخطية على كل مَن يؤمن، وحتى ذلك الوقت كان الناس لازالوا يخطئون.

    لاحظ لم يقل الكتاب قد ملك الموت مِن آدم إلى يسوع، بل “قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى”؛ لأن الكلمة جاءت مِن خلال موسى، فبالتالي توقف مفعول الموت بمجيء الناموس.

    يوجد فرق بين يملكون بيسوع المسيح ويملكون معه، فنحن نملك به في الوقت الحالي، وسنملك معه في المُلك الألفي.

    “نَعْمَلُ الإِنْسَانَ” خلفية هذه الشاهد هو خلق الله إنسانًا لم يكن على صورته، ثم قرر أنْ يصنع إنسانًا على صورته، وأحبه؛ لأنه مِن نفس الطبقة التي أرادها الله، وهذا يُفسر لماذا يتم اكتشاف حفريات شبيهة للإنسان في الشكل وفي DNA؛ لأن هذا الكائن كان نموذجًا لما سيُخلق فيما بعد، وكانت الملائكة تدرب عليه، وبالطبع هذا لا يعني حدوث تطور ولكن خلق.

وتم شرح هذا بالتفصيل في مقالة “غرض الله للإنسان شراكة” نشجعك أنْ تدرسها.

    يرى الله الإنسان على أنه “حَسَنٌ جِدًّا”، وليس كما يقول البعض أنه تراب وساقط وما إلى ذلك، فأنا أتذكر أحد الأشخاص الذين كانوا يحبون أثناء صلاتهم التقليل مِن قيمة الإنسان على أنه دودة وأنّ الخطية أفسدته، لكن لما لا نتكلم عما صنعه الرب يسوع معنا، فهو جعل الإنسان ليس فقط حسن جدًا بل رائعًا جدًا جدًا، وهذا ما قاله الرسول بولس:

   “لِكَيْ تَكُونَ شَرِكَةُ إِيمَانِكَ فَعَّالَةً فِي مَعْرِفَةِ كُلِّ الصَّلاَحِ الَّذِي فِيكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ.”(فيليمون ١: ٦)

      أصبح الصلاح بداخلنا كمولودين مِن الله، ويتم اكتشافه أكثر عن طريق شركتنا معًا كمؤمنين، لهذا مِن الهام أنْ تكون وسط جسد.

    كفى شتائم للإنسان المولود مِن الله، وكفى تكلم عن الخطية ونتائجها، فما يتم الاستشهاد به مِن العهد القديم على أنّ الإنسان قلبه نجيس كما ذُكر في (إرميا ١٧: ٩) فنعم الغير مولود مِن الله مازال يمتلك طبيعة شريرة، ولكن كأولاد لله نمتلك طبيعته، وبالطبع علينا الحفاظ عليها.

   • تكوين(٢) أين خُلق الإنسان:

    “١ فَأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. ٢ وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. ٣ وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا. ٤ هذِهِ مَبَادِئُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ حِينَ خُلِقَتْ، يَوْمَ عَمِلَ الرَّبُّ الإِلهُ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ. ٥ كُلُّ شَجَرِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ فِي الأَرْضِ، وَكُلُّ عُشْبِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمْطَرَ عَلَى الأَرْضِ، وَلاَ كَانَ إِنْسَانٌ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ. ٦ ثُمَّ كَانَ ضَبَابٌ يَطْلَعُ مِنَ الأَرْضِ وَيَسْقِي كُلَّ وَجْهِ الأَرْضِ. ٧ وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً. ٨ وَغَرَسَ الرَّبُّ الإِلهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ شَرْقًا، وَوَضَعَ هُنَاكَ آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ.” (التكوين ٢: ١-٨)

   “كُلُّ عُشْبِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمْطَرَ” نرى هنا أنّ النسيم الذي نراه صباحًا يسقي النباتات ورائه الروح القدس مُنتظرًا الإنسان ليعمل الأرض.

   “وَغَرَسَ الرَّبُّ الإِلهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ شَرْقًا، وَوَضَعَ هُنَاكَ آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ.  تُثبت هذه الآية أنّ آدم جُبِلَ خارج الجنة ومِن ثَمَ وُضِع فيها، هذا يعني أنّ أول شيء رآه آدم كانت أرض خصبة جميلة بها بعض النباتات القليلة ولم تكُن الجنة، ولم تكن أيضًا صحراء، فالتصحر أمر غير طبيعي لم يخلقه الله.

    خُلق آدم بالتحديد بحسب المراجع الخاصة بكاتب سفر التكوين، في نفس المكان الذي صُلب فيه يسوع في الجلجثة التي تُدعى الجمجمة ليس لأنها مكان الموتى ولكن لأنها تُشير لمسقط رأس الإنسان (آدم).

  • تكوين(٣) سقوط الإنسان:

“١ وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلهُ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» ٢ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ، ٣ وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا». ٤ فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! ٥ بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». ٦ فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ. ٧ فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ. ٨ وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ.” (التكوين ٣: ١-٨)

   “وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ” يأتي لفظ صوت في الأصل “”voice أي صوت حنجري، لأنّ الرب كان يتكلم معهم، وليس ” sound” وكأنه يتكلم عن صوت أقدامه أثناء سيره في الجنة، ويُشير هذا وبحسب المراجع أنّ الإنسان كان في علاقة مع الله، فغرض الله مِن خلق الإنسان العلاقة معه والاتحاد به.

     إنْ لم يكن آدم قد أخطأ لدخلا في علاقة مع الرب وأخذ طبيعته دون الحاجة إلى الصليب، فكما يقول الكتاب أنّ هذا قصده وبحسب مشيئته المُسرة والمُفرحة له (أفسس ١: ٤، ٥)، ولكن البعض اعتبروا أنّ هذه القصة قصة خيالية بسبب نقص التعليم، ولكنها حق كتابي.

   لابد أنْ تعرف أنّ شجرة الحياة لم تكن فيها حياة الله بل هدف وجودها هو شفاء الإنسان في حالة عدم سقوطه، فإنْ أُصيب أثناء عمله في الأرض يذهب ليأكل منها فيشفى، وعلمنا هذا مِن سفر الرؤيا فالأشخاص الذين لم يأخذوا أجساد ممجده سيأكلون منها ليحيوا للأبد، ولكن الله منع أدم أنْ يأكل منها بعدما سقط لئلا يحيا بطبيعته الفاسدة حتى يأتي الرب يسوع.

     تُسمى حقبة ٦٠٠٠ سنة منذ خلق الإنسان حتى آخرها التي نحن فيها الآن، بالعالم الحالي لدى اليهود، والألف سنة المُتبقية تُدعى الزمن الآتي.

    • تكوين(٤) أول جريمة قتل، وبداية التطاول على الله:

   “٣ وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَيَّامٍ أَنَّ قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ، ٤ وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ، ٥ وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدًّا وَسَقَطَ وَجْهُهُ. ٦ فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «لِمَاذَا اغْتَظْتَ؟ وَلِمَاذَا سَقَطَ وَجْهُكَ؟ ٧ إِنْ أَحْسَنْتَ أَفَلاَ رَفْعٌ؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ، وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا». ٨ وَكَلَّمَ قَايِينُ هَابِيلَ أَخَاهُ. وَحَدَثَ إِذْ كَانَا فِي الْحَقْلِ أَنَّ قَايِينَ قَامَ عَلَى هَابِيلَ أَخِيهِ وَقَتَلَهُ.” (التكوين ٤: ٣-٨)

   “قَايِينَ قَامَ عَلَى هَابِيلَ أَخِيهِ وَقَتَلَهُ” يوجد تحرك شيطاني فوري لإجهاض أي شيء فيه عباده حية قلبية لله، وهذا حدث بعد الخلل وفساد الإنسان، ولكن يسوع أصلح هذا كله هُنا على الأرض، وليس عندما نذهب للسماء.

    لتفهم هذا، ما فائدة إصلاح الله لهذه المشكلة في السماء! فمثلًا مِن الفشل أنْ تقبض الشرطة على شخص يسرق بعد إنهاء جريمته في حين أنهم كانوا في مكان الجريمة ولم يقبضوا عليه تحت مُسمى “عند انتهائه سنقبض عليه”، فبنفس الفكرة نجاح الله هو أنْ يَحل المشكلة هنا على الأرض.

    تذكر كان آدم الأول نفسًا حية مثل الماء ليس مالحًا أو حُلوًا؛ أي أنّ له طبيعة مُحايدة، حتى جاء إبليس وبث طبيعته فيه، ولكن آدم الأخير، الذي نحن على صورته الآن، روحًا مُحِّيًا أو مُعطي حياة، فليس مِن الصدفة أنْ نرى العلامة المُميزة للصيدليات هي “ثعبان في كأس” فهذا له جذر روحي.

   يسعى إبليس دائمًا لزرع چيناته في الإنسان، فقد تكلمت منذ فتره في أحد السلاسل “لماذا نسل المرأة يسحق رأس الحية” وشرحت أنه بحسب الأعراف اليهودية كانت الحية لها رجلان، وتهدف أنْ تتزوج حواء وتقتل الرجل، وأزال الرب قدمها منعًا لئلا تضع طبيعتها الشريرة، لذلك يقول الكتاب: “«أَيْنَ شَوْكَتُكَ “لدغتك” يَا مَوْتُ؟” (١ كورنثوس ١٥: ٥٥)، فالرب يسوع قد هزم الموت هنا وليس سيهزمه، ونحن نسير الآن في موكب نصرته، يوجد نسلان في الأرض، نسل الحية ونسل إلهي.

   “وَلِشِيثَ أَيْضًا وُلِدَ ابْنٌ فَدَعَا اسْمَهُ أَنُوشَ. حِينَئِذٍ ابْتُدِئَ أَنْ يُدْعَى بِاسْمِ الرَّبِّ.” (التكوين ٤: ٢٦)

   كنت مُعتقدًا لفترة أنّ هذه الآية تعني أنه لم يكن يُدعى باسم الرب وصاروا ينادوا باسمه، هذا انطباع أي شخص يقرأها باللغة العربية، لكن تأتي في الأصل العبري وبحسب المراجع اليهودية هكذا: “ابْتُدِئَ يُسمى أشخاص وأماكن باسم الرب” أي صار هناك تَبَجُّح، حيث أصبح اسم الرب يُطلق على أوثان وأشخاص وما إلى ذلك، وتم التقليل مِن الله ولم يعُد هو الوحيد المُستحق بأن يُدعى إله بل أشركوه مع أشياء أخرى.

   • تكوين(٥) اختطاف أخنوخ حي:

   “٢١وَعَاشَ أَخْنُوخُ خَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً، وَوَلَدَ مَتُوشَالَحَ. ٢٢ وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ بَعْدَ مَا وَلَدَ مَتُوشَالَحَ ثَلاَثَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. ٢٣ فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ أَخْنُوخَ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَخَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً. ٢٤ وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.” (التكوين ٥: ٢١-٢٤)

    يتضح لنا مِن خلال الأعراف اليهودية شيئين:

     أولاً: آدم خُلق في سن ٣٠ سنة وسقط في سن ٣٣سنة، كيسوع الذي عاش ونمى في القامة والحكمة لمدة ٣٠ سنة ومات وقام في سن٣٣سنة.

    ثانيًا: مُعاصرة أخنوخ لآدم، وسأله عن علاقته مع الله قبل السقوط خلال الثلاث سنوات التي قضاها في جنة عدن، حينما عرف سر هذه العلاقة مِن آدم انطلق في العبادة والعلاقة مع الرب، لدرجة أنه اكتشف أشياء مُذهلة وصار أول مَن اختبر الاختطاف.

    يعني اسم “مَتُوشَالَحَ” الموت قادم عبر الذي يأتي أي “نوح” الذي جاء بعده،ومعنى اسمه سلام، فالطوفان كان قضاء لنسل شيطاني نتج عن تزاوج أرواح شريرة ببنات الناس.

    • تكوين(٦) ظهور النيفيليم (تزاوج بشر مع ملائكة ساقطة):

” ١ وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثُرُونَ عَلَى الأَرْضِ، وَوُلِدَ لَهُمْ بَنَاتٌ، ٢ أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأَوْا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ. فَاتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا اخْتَارُوا ٣ فَقَالَ الرَّبُّ: «لاَ يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ، لِزَيَغَانِهِ، هُوَ بَشَرٌ. وَتَكُونُ أَيَّامُهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً» ٤ كَانَ فِي الأَرْضِ طُغَاةٌ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَبَعْدَ ذلِكَ أَيْضًا إِذْ دَخَلَ بَنُو اللهِ عَلَى بَنَاتِ النَّاسِ وَوَلَدْنَ لَهُمْ أَوْلاَدًا، هؤُلاَءِ هُمُ الْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ ذَوُو اسْمٍ.” (التكوين ٦: ١، ٤)

    تأتي عبارة “أَبْنَاءَ اللهِ” بأنهم الملائكة الساقطة، وقد تسأل: كيف تتزوج الأرواح ببشر لهم أجساد مادية؟ هذا لأن كلمة “ملائكة” تحتوي بداخلها على الكثير مِن الفصائل وليس نوعًا واحدًا، حيث كانت الملائكة الساقطة، أحد تلك الفصائل، لديها القدرة على التجسد في هيئة ذكر بشري والتزاوج مع الإناث بالإجبار.

    تذكر، الملاكان اللذان جاءوا لإنقاذ لوط في سدوم وعمورة، عندما رأوهم سكان المدينة وأرادوا ارتكاب الخطية معهم، ويمكنهم أيضًا التزاوج عن طريق خضوع الرجال لهم عبر التورط في خطايا جنسية، مُستخدمين حيواناتهم المنوية واضعين فيها طبيعتهم، فيُنتجوا نسلاً غير بشري (هجين).

    “لاَ يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ” يمكنك أنْ تلاحظ مِن هذه الكلمات أنّ الله له نهاية في مُحاولاته مع الإنسان، فوضع له نهاية، وفي الحقيقة “المائة والعشرون سنة” لها معنيان:

  • الأول: العمر الافتراضي للإنسان سيكون مئة وعشرون سنة.
  • الثاني: مدة تحذير هؤلاء الناس قبل الطوفان، فالمدة منذ اصدار الله هذا التحذير حتى الطوفان تُقدَّر ب١٢٠سنة.

    نرى في العدد الرابع أول ظهور للعماليق أو الجبابرة، حيث يهدف إبليس مِن ذلك التكاثر، إنتاج بشر أعلى مِن الطبيعي في الضخامة، يحملون صورته مُتحديًا الله ومُنشئًا مملكته الخاصة للاستحواذ على الأرض، وكان يوجد على الأقل سبعة أنواعًا مِن العماليق منهم بني عناق، وأحد الأنواع الأخرى عندما يسير كان يُصدر أصواتًا عالية ويدُب على الأرض؛ لإخافة أعدائه.

    مازال يحدث ذلك هذه الأيام مِن خلال الخطايا الجنسية التي يتورط فيها الرجال، ولكن المُنتج الآن هو عبارة عن شخص يمتلك ذكاءً شريرًا، فالحرب هذه الأيام حرب فكرية، أما نظام الحروب في العهد القديم كانت جسدية، لذلك كان يُنتَج أحجامًا ضخمة.

   نرى اليوم في أفلام الكرتون وألعاب الأطفال، حيث يبدوا للبعض أنها مجرد أشياء تحتوي وحوش لها أجسام عملاقة وما إلى ذلك، ولا يعلمون أنّ هذا مدخل للأطفال إلى عالم الروح، وليس فقط الكرتون بل الموسيقى أيضًا.

       لم يقتصر وجودهم في فترة نوح فقط والدليل على ذلك هو قول الكتاب المقدس “كَانَ فِي الأَرْضِ طُغَاةٌ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَبَعْدَ ذلِكَ أَيْضًا هذا يعني أنهم ظهروا بعد نوح، والذي كان مسئولًا عن مقاومتهم هم شعب الله.

  لماذا كان هناك قتل في العهد القديم لبلاد كاملة بأطفالها وحيواناتها؟ لأن هذه البلاد بسُكانها وحيواناتها كانت مُهجنة مع عالم الروح (الملائكة الساقطة)، على عكس بعض البلاد الأخرى التي لم يسمح الله بقتلهم؛ لأنه ليس إله دموي يحب القتل.

   أخذوا اليونانيين قصص هؤلاء الناس وحوّلوها لقصص يُطلِق عليها البعض الآن أساطير، ولكنها حقائق، فأشرهم قصة “هيركليز” الذي كان يشرب دم الآلهة؛ لينال قوة وهذا كان موجودًا بالفعل.

     أُخفيت أشياء معينة في بعض الأماكن خوفًا مِن تأكيد صحة الكتاب المقدس، فعلى سبيل المثال، إنْ نظرت في الخريطة على جزيرة قبرص إلى ساحل البحر المتوسط، ستجد نفقًا حفروه العمالقة، وعندما أراد أحد القساوسة تصويره منعوه، تحت مُسمى “لئلا تُصاب بسبب سقوط شيء عليك”، ولكن في الحقيقة هذا خوف مِن أنْ يصبح ذلك دليلاً قاطعًا على صحة الكتاب المقدس، هذا بجانب الشروحات الكثيرة في التلمود التي تتكلم عن مدى ضخامة شرهم.

     نفهم مِن ذلك أنّ سبع سنين الضيقة “القضاء الإلهي”، ليست مُعده لنا ككنيسة، بل لهذا النسل الشرير، وفهمنا جِزر هذا مِن خلال ما قرأناه للتو.

   • تكوين (٩) بداية قيادة الإنسان للقضاء على الأرض:

     مِن سفر تكوين الإصحاح السادس حتى التاسع يتكلم عن قصة الطوفان، لذلك سنجتازها، مُكملين رحلتنا في فَهْم جذر ما سيحدث في الأخرويات.

“١ وَبَارَكَ اللهُ نُوحًا وَبَنِيهِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ. ٢ وَلْتَكُنْ خَشْيَتُكُمْ وَرَهْبَتُكُمْ عَلَى كُلِّ حَيَوَانَاتِ الأَرْضِ وَكُلِّ طُيُورِ السَّمَاءِ، مَعَ كُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ، وَكُلِّ أَسْمَاكِ الْبَحْرِ. قَدْ دُفِعَتْ إِلَى أَيْدِيكُمْ. ٣ كُلُّ دَابَّةٍ حَيَّةٍ تَكُونُ لَكُمْ طَعَامًا. كَالْعُشْبِ الأَخْضَرِ دَفَعْتُ إِلَيْكُمُ الْجَمِيعَ. ٤ غَيْرَ أَنَّ لَحْمًا بِحَيَاتِهِ، دَمِهِ، لاَ تَأْكُلُوهُ. ٥ وَأَطْلُبُ أَنَا دَمَكُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَقَطْ. مِنْ يَدِ كُلِّ حَيَوَانٍ أَطْلُبُهُ. وَمِنْ يَدِ الإِنْسَانِ أَطْلُبُ نَفْسَ الإِنْسَانِ، مِنْ يَدِ الإِنْسَانِ أَخِيهِ. ٦ سَافِكُ دَمِ الإِنْسَانِ بِالإِنْسَانِ يُسْفَكُ دَمُهُ. لأَنَّ اللهَ عَلَى صُورَتِهِ عَمِلَ الإِنْسَانَ.” (التكوين ٩: ١-٦)

    “كُلُّ دَابَّةٍ حَيَّةٍ تَكُونُ لَكُمْ طَعَامًا….” هذا عكس ما قيل في (التكوين ١: ٢٩) أنّ يأكل الإنسان البقول والنباتات فقط، حيث تقول بعض المراجع اليهودية أنّ الإنسان قبل السقوط كان نباتيًا، ولكن نرى الآن أنه يمكنه أكل اللحوم، وهذا يطرح لذهننا سؤالاُ: هل أكل اللحوم خطية؟ لا، لأن الرب يسوع نفسه أكل لحوم أثناء وجوده.

     يتضح لنا في العددين الخامس والسادس أنّ منذ ذلك الحين أصبح الإنسان هو المسئول عن الحكم على إنسان آخر، مع العلم أنّ الله لا يحب أنْ يُقتل الإنسان في العموم؛ لأنه على صورته وله قيمة عالية جدًا، لذلك لا يُعلق على خشبة “مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ”(غلاطية ٣: ١٣)؛ لأن الحيوان هو مَن كان يُعلق، فمن العار أنْ يتساوى الإنسان مع الحيوان، وهذا ما حدث مع الرب يسوع حيث صار لعنة لأجلنا.

   • تكوين (١٠) جذر السبعين أمة، ومَن هو نمرود؟:

“١ وَهذِهِ مَوَالِيدُ بَنِي نُوحٍ: سَامٌ وَحَامٌ وَيَافَثُ. وَوُلِدَ لَهُمْ بَنُونَ بَعْدَ الطُّوفَانِ. ٢ بَنُو يَافَثَ: جُومَرُ وَمَاجُوجُ وَمَادَاي وَيَاوَانُ وَتُوبَالُ وَمَاشِكُ وَتِيرَاسُ. ٣ وَبَنُو جُومَرَ: أَشْكَنَازُ وَرِيفَاثُ وَتُوجَرْمَةُ. ٤ وَبَنُو يَاوَانَ: أَلِيشَةُ وَتَرْشِيشُ وَكِتِّيمُ وَدُودَانِيمُ. ٥ مِنْ هؤُلاَءِ تَفَرَّقَتْ جَزَائِرُ الأُمَمِ بِأَرَاضِيهِمْ، كُلُّ إِنْسَانٍ كَلِسَانِهِ حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ بِأُمَمِهِمْ.” (التكوين ١٠: ١-٥)

    كلمة “الأُمَمِ” تُدعى בְּגוֹיֵהֶֽם، gôyوالتي تعني غير اليهود، وهذا كان أول ظهور لهم مِن خلال نسل أولاد نوح الثلاثة.

    بدأت مِن هنا السبعين أمة، وفي عيد المظال (اللاويين ٢٤:٢٣)، يُقدِّم شعب الله سبعين ذبيحة، فبحساب عدد الذبائح التي ذُكرت في (سفر العدد٢٩) ستجدهمسبعين ذبيحة؛ لأنهم مسئولين عن “السبعين أمة”، فعندما دعا الله إبراهيم ليكون في علاقة معه، هذه بداية نشأة شعب الله، ومِن خلال نسله سيأتي يسوع وتتبارك فيه جميع “الأمم”، وبذلك يكون إبراهيم مربوطًا بالعالم والعالم به، فكما قال الكتاب:

“وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ” (التكوين ١٢: ٣).

“٨ وَكُوشُ وَلَدَ نِمْرُودَ الَّذِي ابْتَدَأَ يَكُونُ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ، ٩ الَّذِي كَانَ جَبَّارَ صَيْدٍ أَمَامَ الرَّبِّ. لِذلِكَ يُقَالُ: «كَنِمْرُودَ جَبَّارُ صَيْدٍ أَمَامَ الرَّبِّ». ١٠ وَكَانَ ابْتِدَاءُ مَمْلَكَتِهِ بَابِلَ وَأَرَكَ وَأَكَّدَ وَكَلْنَةَ، فِي أَرْضِ شِنْعَارَ.”

(التكوين ١٠: ٨-١٠)

     عبارة “جَبَّارَ صَيْدٍ أَمَامَ الرَّبِّ” غير واضحة في الترجمة العربية ولا في أي ترجمة أخرى، فهي تأتي بمعنى “صياد نفوس”، و “أَمَامَ الرَّبِّ” تعني أنّ الله ليس بغافل عن هذا، حيث كان له قدرة غريبة على إقناع الناس وتجييشهم ضد الله، مُستمده مِن أرواح شريرة، فهو وراء فكرة بناء برج بابل.

   نرى هذا حاليًا أيضًا في أُناس معك في العمل، أو في مدرسة، أو في مكان ما لديهم قدرة إقناعيه غريبة يُسميها الطب النفسي “شخصية هستيرية”، ولكن هذه القدرة مصدرها عالم الروح، فمن جهتنا نحن المؤمنين لدينا قدرة إقناعيه ولكن مِن الروح القدس.

     ما تفهمه الآن يبني حياتك، فإن اكتشفت في أولادك أنهم مُتأثرون بشدة بشخصٍ مشهور، أو أحد أصدقائهم، وترى محاولاتك في تنقيتهم تبوء بالفشل، إليك الحل:

  1. أثناء صلاتك بألسنة، أطلق كلمات عليهم لتمنع تأثير الأرواح الشريرة.
  2. تشفع لأجلهم واثقًا أنّ الله سيُلّين إرادتهم ليخضعوا لك.
  3. تكلم معهم.

    ربما يكون ابنك رافض التحدث معك، هذا لأنك إنْ كنت تسير بالكلمة خلال سني حياتك السابقة لصار التعامل معه أسهل، ولكن يوجد حل، وهو أنْ تنقاد بالروح القدس عن طريق الامتلاء اليومي به؛ لتعرف متى تصمت ومتى تتكلم.

     تختلف سياسة ربح الابن الكبير عن الصغير، فتعاملك مع الابن الكبير أنْ تتركه؛ لأنه ناضجًا كمثل الابن الضال الذي تركه أبوه ليذهب حيث أشاء، ولكن الصغير يجب أنْ تُشكله، فإن كان لا يصلي يجب أنْ تأخذه ليصلي، ولا تقُل “لن أفعل ذلك لئلا يكره الصلاة فيما بعد”، فقولك هذا يَنُم عن عدم إدراكك لقوة الكلمة والروح القدس، فسلوكك بالطريقة الكتابية يبني طفلك.

   • تكوين (١١) برج بابل، وبلبلة الألسنة:

“١ وَكَانَتِ الأَرْضُ كُلُّهَا لِسَانًا وَاحِدًا وَلُغَةً وَاحِدَةً. ٢ وَحَدَثَ فِي ارْتِحَالِهِمْ شَرْقًا أَنَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ. ٣ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نَصْنَعُ لِبْنًا وَنَشْوِيهِ شَيًّا». فَكَانَ لَهُمُ اللِّبْنُ مَكَانَ الْحَجَرِ، وَكَانَ لَهُمُ الْحُمَرُ مَكَانَ الطِّينِ. ٤ وَقَالُوا: «هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجًا رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْمًا لِئَلاَّ نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ». ٥ فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَمَ يَبْنُونَهُمَا. ٦ وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَهذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. ٧ هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ». ٨ فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ، ٩ لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ.” (التكوين ١١: ١-٩)

     لم يكن هدف بناء البرج، بناء ناطحة سحاب، بل كان تحديًا للرب لحمايتهم مِن الغرق في حالة أرسل الله طوفانًا مرة أخرى، فحسب المراجع كانت الأرض مُبللة نتيجة الطوفان، ولم يكُن هناك صخور للبناء، فقاموا بتسخين الطين لتحويلة لطوب مصنوع يدويًا، وهذا يدل على مدى إصرارهم وتحديهم لله.

      قرر الله ضرب فَهْمَهم لبعض، عن طريق بلبلة الألسنة، فلو لم يفعل الله ذلك لما أوقفهم أحدًا، فهذا ما يقوله الكتاب:

   “وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَهذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ.”

  لن تستفيد مِن كلمة الله إنْ لم تفهمها، على عكس الصلاة بألسنة، تؤثر عليك وتجعلك تفهم عالم الروح وتنسجم مع أخوتك، حتى وإنْ كانت الكلمات غير مفهومة للذهن لكنها مفهومة للروح.

   • تكوين (١٢) يكشف الرب فكره لإبراهيم:

“١ وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. ٢ فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً. ٣ وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ». ٤ فَذَهَبَ أَبْرَامُ كَمَا قَالَ لَهُ الرَّبُّ وَذَهَبَ مَعَهُ لُوطٌ. وَكَانَ أَبْرَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَارَانَ. ٥ فَأَخَذَ أَبْرَامُ سَارَايَ امْرَأَتَهُ، وَلُوطًا ابْنَ أَخِيهِ، وَكُلَّ مُقْتَنَيَاتِهِمَا الَّتِي اقْتَنَيَا وَالنُّفُوسَ الَّتِي امْتَلَكَا فِي حَارَانَ. وَخَرَجُوا لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتَوْا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. ٦ وَاجْتَازَ أَبْرَامُ فِي الأَرْضِ إِلَى مَكَانِ شَكِيمَ إِلَى بَلُّوطَةِ مُورَةَ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ حِينَئِذٍ فِي الأَرْضِ.”(التكوين ١٢: ١-٦)

انقسمت الشعوب لقسمين:

  1. الأمم، gôy” בְּגוֹיֵהֶֽם
  2. اليهود “Yehudi، יְהוּדִי” وهم الذين خرجوا وانعزلوا عن الأمم.

     يأتي مُصطلح “بَلُّوطَةِ مُورَةَ” في العبري êlôn môreh، אֵלוֹן מוֹרֶה هي مشتقة مِن ôr، אוֹר التي تعني نور، لأن الاستنارة قد حدثت في هذا المكان، كانت هذه المنطقة تتميز بوجود جبلين بها “جرزيم، وعيبال” ويرمزان للبركة واللعنة.

     أخبر الله إبراهيم إنه إنْ سار معه سيرث البركات، وفي هذه المنطقة أراد الله أنْ يكشف فيها فكره له، ويعطيه النور الذي سينيره وينير العالم، كاشفًا له أنه سيسود في الأرض ويكون مباركًا وبركة للأمم، وأنه يوجد رَدْع للذي يخالف طريق الرب “اللعنات” وخير للذي يتبعه “البركات”، وأثناء حواره مع الله كان يسير مِن جبل للآخر، فالأمر أخذ فترة طويلة وليس حوارًا قصيرًا كما يتضح للقارئ العادي.

      مِن هنا نفهم أنّ “سبع سنين الضيقة” هي للأمم (gôy) التي سارت بعيدًا عن الرب فمنهم المُهجَّن ومنهم التابعين لإبليس. كان أيضًا هدف شعب الله مِن البداية هو أنْ يباركوا العالم، ولكن حينما حادوا عن طريقه، تم ردعهم بطرق كثيره سنعرفها لاحقًا، وآخرها سبع سنين الضيقة.

     كما تمشّى إبراهيم بين الجبلين “البركة واللعنة”، حدث المشهد نفسه وفي المنطقة ذاتها أنّ يشوع قَسّمَ الشعب لقسمين قائلًا لهم تكلموا كلمات البركات على جبل البركة، واللعنات على جبل اللعنة كما جاءت في (تثنية٢٨)، وهذا شرحته في عظات “المعجزات وكيف تنجح” فما يحدث الآن مِن خلط بين البركات واللعنات، دون علم أنه كان بينهم فارق مسافة جبلين، على عكس هذه الأيام التي يُطلَق فيها على اللعنة بركة! لذلك عليك أنْ تدرس جذر كل شيء تقرأه.

    افهم هذا المبدأ، يوجد الكثير مِن المراجع والشروحات، ففي بعض الأحيان أظل أدرس في آية واحدة لمدة أسابيع، وأكتشف أحيانًا أخطاء فادحة في مراجع مُعينة، ولكن للتسهيل الحل هو “مَن يشرح الوحي هو كاتبه”، لذلك يجب على سبيل المثال: قراءة شرح موسى لما كتبه في الوحي مِن خلال كتاباته الأخرى، وليس شرح وتفسير الآخرين.

      أخطأ ابراهيم عندما أخذ لوط معه؛ لأن الله كان يريده هو فقط، ونحن نعرف ما حدث بعدها، حيث اختار لوط أنْ يسكن في سدوم وعمورة وتركه إبراهيم لحرية إرادته، وكانت هذه العلاقة الخاطئة مع لوط إحدى أسباب تأخير معجزة إبراهيم.

    “مغارة مخبيلة” هي مغارة مزدوجة، أي منقسمة لقسمين مِن الداخل، واشتراها إبراهيم ليدفن فيها زوجته سارة، ودُفن فيها هو أيضًا بعد موته، ومِن بعده اسحق وزوجته رفقة، وبحسب المراجع اليهودية هذا نفس المكان الذي دُفن فيه آدم وحواء.

    لم يكن المكان الذي قَدّمَ فيه إبراهيم إسحاق ابنه كذبيحة معروفًا للجميع سوى لموسى لأنه كتب بوحي مِن الروح القدس، وبعد سنين كشف الرب لداود حينما أحصى الشعب، وكان يشاهد الملاك الذي يدمر الشعب في المكان الذي يُدعى أرنان اليبوسي، كلمه الله قائلًا: “ابني هنا المذبح”، فهذا المكان الذي:

  • خُلق فيه آدم.
  • قُدم فيه إسحاق.
  • بُني فيه الهيكل.
  • صُلب فيه الرب يسوع وقام.

هذه المنطقة مهمة، ولها قُدسية خاصة في فكر الله.

   أثناء فهمك لهذه القصة يجب أنْ تعرف أنّ الرب لم يختَر هذا الشغب ليكن مميزًا عن باقي الشعوب ولكن لتتبارك الأمم مِن خلالهم، وتوضح الكثير مِن المراجع أنّ الشعوب كانت تنظر لإبراهيم كرجل عظيم وكانت تُقدِم له عشورها، لم تكُن كضريبة لكن تقديرًا له، ورأينا هذا حينما أنقذ لوط في الحرب وأرادوا تقديم عشورهم له ولكنه رفض.

   ▪︎ العهد الأبدي بين الرب وإبراهيم:-

   بدأ العهد بين الله وإبراهيم عندما قدم إسحاق ابنه. وعندما قال الرب لإبراهيم أنْ يقسم الحيوانات نصفين، -بحسب المراجع- ظهر له نورًا، وسار الرب بين الذبائح صانعًا علامة اللا نهاية “∞” التي ترمز أنّ هذا العهد عهدًا أبديًا (تكوين ١٥: ١٧)، على عكس ما قِيل أنّ الرب استبدل شعبه القديم بالكنيسة، فهذا خطأ؛ فكثير مِن شواهد العهد القديم تُثبت أنه عهدٌ أبديٌ، وأيضًا يقول الكتاب في العهد الجديد:

    “١ فَأَقُولُ: أَلَعَلَّ اللهَ رَفَضَ شَعْبَهُ؟ حَاشَا! لأَنِّي أَنَا أَيْضًا إِسْرَائِيلِيٌّ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ. ٢ لَمْ يَرْفُضِ اللهُ شَعْبَهُ الَّذِي سَبَقَ فَعَرَفَهُ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ فِي إِيلِيَّا؟ كَيْفَ يَتَوَسَّلُ إِلَى اللهِ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: ٣ «يَارَبُّ، قَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ وَهَدَمُوا مَذَابِحَكَ، وَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي!». ٤ لكِنْ مَاذَا يَقُولُ لَهُ الْوَحْيُ؟ «أَبْقَيْتُ لِنَفْسِي سَبْعَةَ آلاَفِ رَجُل لَمْ يُحْنُوا رُكْبَةً لِبَعْل». ٥ فَكَذلِكَ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ أَيْضًا قَدْ حَصَلَتْ بَقِيَّةٌ حَسَبَ اخْتِيَارِ النِّعْمَةِ” (رومية ١١: ١-٥)

    اُحتُضِن “عاش” إبراهيم ونسله أول ٤٠٠سنة بعد العهد -سائرين باستقامة- بداخل أمه مصر؛ لأنهم لم يصيروا أمه بعد، ومِن ثَمَ استثارت عليهم الأرواح الشريرة وجاء ملك قاسي فتركوا أرض مصر، ومكثوا أربعين سنة في البرية، كما اُحتُضِن الرب يسوع في مصر في صغره، لذلك مُبارك شعب مصر.

     • موسى، ونزول الوحي:

       كان صوت الرب مسموعًا في كل الأرض عندما كان يكتب لوحي الشريعة لموسى على الجبل في يوم الخمسين وهو ذات اليوم الذي حلّ فيه الروح القدس على التلاميذ، وتعتبر هذا كرازة بالشريعة للعالم كله مِن قِبل الله، وسَمِعت جميع الأمم عن شعب الله، مثل راحاب الزانية التي قالت إننا عنكم وعن إلهكم، مع العلم أنّ الشريعة لم تُعطى لهم دفعة واحدة، ففي البداية أعطاهم الرب الوصايا العشر، ثم أعطاهم الشرح على فترات.

     لم يُتَمِّم شعب الله مهمتهم للنهاية، التي هي قيادة الأمم لعبادة الإله الحي بدلًا مِن عبادة الأوثان؛ لذا صار عليهم قضاء، وسنفهم هذا أكثر المرات القادمة.

   لا يتناقض الكتاب مع نفسه حينما قال في سفر الرؤيا أنّ الوحش سيغلب القديسين في سبع سنين الضيقة، مع كلام الرب يسوع عن الكنيسة: وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا” (متى ١٦: ١٨) لأن هؤلاء ليسوا الكنيسة بل شعب الله الذين سيؤمنون بالرب يسوع في الضيقة، لذلك تجنبًا للخلط تذكر الثلاثة تقسيمات للشعوب التي شرحتها منذ قليل؛ لأن لكل شعب خطة ومصير مُحدد يختلف عن الآخر.

   ▪︎ يختلف زمن الكنيسة عن زمن القضاء:-

“١٨ «رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، ١٩ وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ». ٢٠ ثُمَّ طَوَى السِّفْرَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ، وَجَلَسَ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ كَانَتْ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةً إِلَيْهِ.” (لوقا ٤: ١٨-٢٠)

   اقتبس الرب يسوع قراءته مِن سفر (إشعياء ٦١: ١، ٢)، مُوضحًا دوره هنا على الأرض أنه سيحرر الناس، ولكن لم يتكلم عن القضاء:لأُنَادِيَ…بِيَوْمِ انْتِقَامٍ لإِلَهِنَا” (إشعياء ٦١: ٢) لماذا؟ لأن حقبة الكنيسة تختلف عن حقبة سبع سنين الضيقة (القضاء).

   يُثبت هذا أنه يوجد آيات جزء منها سيتحقق في زمن والجزء الآخر في زمن مختلف، لذا تحتاج لمعرفة كيف تفهم النبوات، فهناك أزمنة تختلف عن الأخرى، وشعوب تختلف عن شعوب، يقول الكتاب: “مُلْكُكَ مُلْكُ كُلِّ الدُّهُورِ، وَسُلْطَانُكَ فِي كُلِّ دَوْرٍ فَدَوْرٍ.”(المزامير ١٤٥: ١٣)

     حاول إبليس تفشيل خطة الله، أراد أنْ يسيطر على الأرض قبل وبعد خلق الإنسان ولكن الله أوقفه بتعاون مع الإنسان، والآن الكنيسة هي المسئولة عن تمرير التشريع الإلهي على الأرض عبر الكلمات المنطوقة والصلاة؛ لأنها جسده، فلم يُطلق هذا اللفظ على شعب الله ولا على الأمم، بل على الكنيسة وحدها، حيث يقول الكتاب:

“لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ.” (إشعياء ٩: ٦)

    يتكلم هنا الرب يسوع، وكتفه هو جسده (الكنيسة)، وهي المُطهرة لذاتها، ويطهرها الروح القدس عبر الكلمة وليس بالأمراض والمشاكل، على عكس ما ذُكر في سفر الرؤيا فمن ابتعد عن الرب هم الذين يحتاجون للتبيض، أي التنظيف بالعقاب، هم شعب الله لأنهم تلوثوا بالعالم وساروا في خطية مختلفة عن خطة الرب لهم.

     تأمل كم أنّ رحمة الرب عظيمة، وتأمل في تعامله الرائع في القصص التي شرحنا بعضها اليوم، فهي ليست قصص تُحكى في مدارس الأحد وانتهى الأمر، بل لكل منها هدف ومغزى وأعماق كثيرة، تُكتشف مِن خلال دراستها أنّ هناك أُناس ماتوا قبل الطوفان (القضاء) مباشرة، فهذه كانت طريقة إنقاذهم حينها، لذلك ستفهم مع الوقت أنّ كل كلمة كُتبت في الكتاب المُقدس لها معنى وهدف.

  أدعوك أنْ تراجع كل ما تكلمنا عنه، وتدرسه، وتتأمل في مدى صبر وحُب هذا الإله في تعامله مع الناس ومع الأخطاء البشرية، وافهم ما شرحناه مِن أمور مترابطة في العهد القديم تخص الأخرويات، واسأل نفسك هل سينجح الله في تتميم خطيطته؟ نعم، فهو نجح في تأسيس الكنيسة، وتتميز الكنيسة عن سالف تعاملات الرب مع البشر لأنها تحتوي على طبيعة الله، لذا ستكون غالبة. الكنيسة الحية التي سيخطفها الله -التي تسلُك بالروح أي بالكلمة وليس بالجسد- وليس كل الكنائس.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

 

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$