يتكلم الكتاب عن فائدة الرياضة الروحية بأنها مفيدة للحياة على الأرض والحياة ما بعد الأرض….كيف تروض نفسك للتقوى…الفرق بين التدرب وإسلوب الحياة….وفي أي مجال تروض نفسك؟ إستمع لهذه السلسلة التي ستنقلك في حياتك الروحية نقلة كبيرة.
(العظة مكتوبة) الرياضة الروحية – الجزء 2
- الفرق بين الناضجين وغير الناضجين.
- الرياضة الروحية بالكلمة.
- الرياضة الروحية تمرينٌ ذهنيٌّ.
- الرياضة الروحية والتعقُّل.
- خطوات التحكُّم في الجسد.
- الأنين بحسب الكتاب.
- لغة الرسول بولس.
“6 إِنْ فَكَّرْتَ الإِخْوَةَ بِهَذَا تَكُونُ خَادِماً صَالِحاً لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، مُتَرَبِّياً بِكَلاَمِ الإِيمَانِ وَالتَّعْلِيمِ الْحَسَنِ الَّذِي تَتَبَّعْتَهُ.7وَأَمَّا الْخُرَافَاتُ الدَّنِسَةُ الْعَجَائِزِيَّةُ فَارْفُضْهَا، وَرَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى.8لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيلٍ، وَلَكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ.” (تيموثاوس الأولى 6:4-8).
يُوضِّح بولس هنا طريقةً لكي تجعلك تُنجِز في عالَم الروح وتأتي بنتائج. هناك مبدأٌ كتابيٌّ يقول: “الأَكْبَرُ يُبَارِكُ الأَصْغَرَ” (عبرانيين 7:7) أي أنّ الأصغر (العالَم المادي) يُبارَك مِن الأكبر (عالَم الروح)، فما يَحدُث في عالَم العيان هو انعكاس لما يَحدُث في عالَم الروح، صدى صوت لعالم الروح. لذلك ما يَحدُث في حياتك هو انعكاس لما يَحدُث في حالتك الروحية. إنْ أردت التغيير في العيان بشكلٍ جذريٍّ، اتّجه للجذور في عالم الروح.
هناك مُؤمِنون يَعْلَمون الكلمة والحق الكتابي ولكنهم لا يجدون النتائج مثل الرياضي الذي يتغذَّى على الأكل فقط لكنه لا يمارس الرياضة.
هناك معرفة عادية للكلمة على مستوى الذهن (معرفة الإدراك للمعلومة فقط)، لابد أن يَدخُل الشخص في علاقة مع هذه المعرفة ويمارس الرياضة الروحية لتتحوَّل تلك المعرفة مِن الإدراك فقط للإعلان الذي بدوره يُؤدِي للحياة، مثل أنَّ أحدهم يعلم جيدًا أنّ له النجاح في المسيح ولكنه غير مُختبِر ذلك في حياته، وهنا دور الرياضة الروحية التي تُحوِّل الشخص مِن المعرفة النظرية إلى العمليَّة، لأن هناك مستويات من المعرفة.
▪︎ الفرق بين الناضجين وغير الناضجين:
“وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ.” (غلاطية 16:5) السلوك هنا في المعني الأصلي “peripateo” يُعني شخصًا يسلك بطريقة طبيعية وتلقائية وليس إنه يُحاول أن يسلك. هناك فرقٌ بين شخص يحاول أن يعيش الشيء مثل المحبة ويُصارع داخليًا لأجل هذا، وآخر يُحب بشكل طبيعي لأنه اتَّحد بهذا السلوك.
“إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ فَلْنَسْلُكْ أَيْضاً بِحَسَبِ الرُّوحِ.” (غلاطية 25:5)؛ يأتي السلوك في هذا الجزء في الأصل اليوناني“stoicheo” ، هنا شخصٌ مازال يُلزِم نفسه أن يتدرَّب في الأمر ويُصارِع مِن أجله، وهذا ما يُربِك البعض.
انتبه! مِن الطبيعي أن تتمرَّن في بعض الأمور حتى تصل للمستوى الذي تَحدَّثَ عنه بولس في العدد السادس عشر وهو السلوك الطبيعي. هنا (ع 25) أنت تتمَّرن وتُلزِم نفسك حتى يصير الأمر طبيعيًّا. كذلك مِن ضمن معاني هذه الكلمة أنْ تصطف في طابور مثل الجيش وتستيقظ مبكرًا وتمارِس بعض التمارين التي قد لا تجد لها فائدة مِن وجهة نظرك، خصوصًا وأنت لست في حالة حرب، كما تزداد الأسئلة بداخلك؛ “لماذا كل هذا؟ ولماذا يريد القادة هذا؟!
أحيانًا تعترض على بعض التدريبات التي يُعطِيك إياها الأب الروحي، وتقول لماذا طلب من الصلاة بهذه الطريقة في حين أن الأمور حاليًا تسري بشكل رائع؟! أنت مثل الجندي الذي يرفض التمرُّن مادامت ليست هناك حرب ولا يعرف أنه يتمّ إعداده بشكل مسبق!
ربما اعتدت ألّا تُصلي بقوة إلّا عندما تَحدُث مشكلة ما وتعتقد أن هذا صحيح، بينما هذا خطأ. الخلاصة هي؛ هناك بعض التمارين التي قد لا تفهمها في البداية لكنك ستفهمها فيما بعد.
مِن الممكن أنْ تعتقد أن الله سيكشف لك كل شيء إن كنت تسير بشكل خاطئ، والله لن يسكت على أوضاعك الخطأ، ويكون لسان حالك الله لن يتركني! هذا ليس صحيحًا بالكامل إن كنت طفلاً روحيًا وغير ناضِجٍ. أيضًا مَن لا يخضع للقادة هو بالأساس لا يخضع للكلمة. الناضِجون فقط هم مَن يكشف الرب لهم هذه الأمور والحق الكتابي، أما غير الناضجين فلابد أن يدخلوا الطابور ويتعلَّموا من خلال قانون، ويلزمون أنفسهم حتى لو لم يجدوا سعادةً في ذلك.
غير الناضِجين لابد أنْ يسلكوا أولاً حسب الطابور والتمارين بعدها يفهمون ما سبب كل هذا، أما الناضِجون فالرب يتعامل مع أفكارهم أولاً كي يسلكوا بها.
“كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضاً بِالْمَسِيحِ.” (كورنثوس الأولى 1:11). يطلب بولس مِن غير الناضجين أن يقلِّدوا سلوك الكبار ويتمثلَّوا بهم حتى يتعلَّموا أنْ يسيروا مِثلهم. من جهة الصلاة بألسنة كمثال يحتاج غير الناضجين أن ينظروا للناضجين ويقلِّدوا حماسهم وسلوكهم في الصلاة بألسنة وليس تقليد الألسنة نفسها.
انتبه! يمكن للرياضة الروحية أن تُعاق، كما توجد التزامات على المُتدرِّب روحيًا حتى يتمرَّن بشكل صحيح.
هناك مَن يقول: “إنْ أرادَ الرب أن يتعامل معي من خلال الأبوة الروحية، سيكشف للأب الروحي المشكلة” بالتالي تجده لا يفتح قلبه لأبوته الروحية مُعتمِدًا على هذا. هذا خطأ بالطبع! يجب أنْ تفتح قلبك.
لا أقصد أن تسرد كل تفاصيل حياتك، بل إنْ واجهت مشكلةً في أمرٍ ما لابد أن تحكي التفاصيل التي تُساعِد في فَهْم وحلّ مشكلتك. افهمْ أيضًا أنّ الأب الروحي لا يساعد في حلّ المشكلة مِن خلال خبراته، بل باستخدامه لمبادئ الكلمة.
مثلاً لم يختبر الرب يسوع الطلاق لكنه يستطيع أنْ يساعد المُطلَّقين. أحيانًا يشاركك أبوك الروحي أو مَن يتابعك روحيًا بخبرة حياتيه كمثالٍ ليَخرُج منها بمبدأ كتابي، أنت تأخذ مِن الراعي مبدأً وليس خبرةً شخصيةً هو نفسه مرَّ بها.
▪︎ الرياضة الروحية بالكلمة:
الإيمان تمرينٌ مهمٌ لابد أنْ تضع عينك عليه.
“وَلَكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ.” (العبرانيين 6:11).
تعبير “إرْضَاؤُهُ“ لا يُعنِي أنّ الله غير راضٍ عنك، أو غاضبٌ منك، بل إنك عندما تسلك بالإيمان تكون مُنسجِمًا وفي حالة اتّفاق مع الطريقة الإلهية، لذا يقول: “بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ. إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ.” (عبرانيين 5:11) كذلك يقول في التكوين: “وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.” (التكوين 24:5).
مِن قراءة الآيتين نفهم أنَّ أخنوخ سارَ مثل الله حسب طريقته ومبادئه، وهنا لا يقصد إنه عملَ أعمالاً صالحةً وامتنعَ عن الشريرة، وهذه هي الطريقة التي بها أرضى الله، وقد فعلها أخنوخ عن طريق الإيمان. إذًا دون أنْ تسير مثل الله لا تستطيع أن تكون في اتّفاق وانسجام معه، لذلك الرياضة الروحية تشمل الإيمان والمحبة.
عندما تسلك بالمحبة مثلاً ستجد الثبات المطلوب، لن تحتار أو تتوه في حياتك. هذا حسب مستوى نضوجك. تجعلك الرياضة الروحية (السلوك بالروح) واثِقًا مِن خطواتك وسلوكك وتسلك بجرأة مُدرِكًا كيف تسير الأمور مِن حولك، لذا يقول بولس الرسول: “الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيلٍ، وَلَكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ.” (تيموثاوس الأولى 8:4).
قال الرب يسوع “وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».” (يوحنا 28:8).
لا يقصد الرب يسوع أنه كان يفعل في كل حين أمورًا صالحةً حتى لا يُغضِب الآب بل كان يفعل ما هو لائِقٌ، أي يُمارِس الأمور الروحية بشكل طبيعي وهو ما يتَّفق مع الآب، مثلما فعلَ أخنوخ الذي سارَ مع الله، أي سارَ بالاتّفاق مع لله.
“وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي”؛ لا تُعنِي أنّ الآب يتركه حرفيًا بل أنّ الرب يسوع كان يعمل ما هو لائِقٌ وصحيحٌ لدرجة رائعة لهذا كان الله معه، ليس هذا معناه أنّ الله يُفارِق الأشخاص بمعنى أنْ يتركهم، لكنه يتكلَّم بمُنطلَق إنه مُدرِكٌ لحضور الله وواثِقٌ به.
الشخص حديث الإيمان تُعلِّمه في البداية أن يمتنع عن أمور مُعيَّنة، وبعد أن ينمو روحيًا لا يستطيع أن يرجع لهذه الأمور مرةً أخرى لأنه سارَ بشكلٍ تلقائي بطريقة إلهية في الحياة. لذا كل يوم وأنت تُصلِي أعلنْ أنك تسلك بما هو لائِقٌ، قد لا تفهم مِن البداية أنّ هذا صحيح أو قد تجهل الكلمة لكنك تستمر في السلوك به لأن هذه هي كلمة الله.
ربما تكون لديك مقاييس شخصية وليس كتابية في البداية قبل أن تسلك بالكلمة وتتعلَّمها، قد تعتبر ما هو خطية أمرًا صحيحًا، وما تعتبره أمرًا صحيحًا هو خطية في نظر الله.
مثلاً إنْ قالَ الرب لشخصٍ أن يتفرَّغ للخدمة ولم يفعل، ربما يكون هذا ليس خطية في نظرك، لكنه خطية في نظر الله، والعس صحيح. أن يتفرغ شخصٌ غير مدعو، فهذا يُعتبَر خطية لأن الله لم يَقُل له أن يفعل ذلك حتى لو كانت دوافعه جيدة، لأن أهم شيءٍ رأي الله في الموقف، مثل صاحب المصنع الذي يُحدِّد مهمة كل عامِلٍ بالمصنع، وإن قام أحدهم بعمل غيره يُعاقَب فهو لم يلتزم برأي المدير!
“32 وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». 33أَجَابُوهُ: «إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ! كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَاراً؟» 34أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. 35وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الاِبْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. 36فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً. 37أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لَكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كلاَمِي لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ. 38أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ عِنْدَ أَبِي، وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ».” (يوحنا32:8-38).
يقول الرب يسوع إنه يتكلَّم بما يراه عند الآب، وهم يتكلَّمون بما يرونه عند إبليس أبيهم. أنْ يجلس الرب يسوع مع الآب يوميًا هذا أمرٌ طبيعيٌّ، لأن الكلمة تقول: “وَفِي الصُّبْحِ بَاكِراً جِدّاً قَامَ وَخَرَجَ وَمَضَى إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ، وَكَانَ يُصَلِّي هُنَاكَ.” (مرقس 35:1) لكن هل من الممكن أن يجلس أحد مع إبليس شخصيًا كما ذُكِرَ في هذا الشاهد؟!
نعم، لأن الحياة الفِكْرية هي علاقة، لأجل هذا لا تقتصر خلوتك الشخصية على الساعات التي تقضيها في غرفتك مع الرب بل أي أفكار تتجاوب معها، هي علاقة. لكن ليس معنى أنّ الأفكار عُرِضَتْ عليك أنك صرت في شراكة معها، لابد أن تتجاوب وتتفق معها حتى تصير الشراكة قائمة. اليهود هنا لم يصارعوا بداخلهم هل يقومون بضرب يسوع أو لا! بل خرجَ منهم الأمر بتلقائية بسبب إنهم كانوا في شراكة مع أفكار شيطانية.
روحك الإنسانية هي منبع حياتك، لا يريدك الله أن تفعل شيئًا مِن الخارج؛ “وَأُذُنَاكَ تَسْمَعَانِ كَلِمَةً خَلْفَكَ قَائِلَةً: «هَذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ. اسْلُكُوا فِيهَا.” (إشعياء 21:30). هناك مستوى يُرشِدك فيه الروح القدس بما عليك أنْ تفعله، لكن هناك مستوى أعلى تفعل فيه الشيء بتلقائية بعد أن تكون قد تشبَّعت به من خلال جلوسك مع الأفكار الكتابية.
مثلاً إنْ كنت تريد الاختيار بين عَملين أو قادم على ارتباط، إن لم تتوغَّل كلمة الله بشكلٍ كافٍ في أفكارك بسبب التمرُّن، ستكون مُحتاجًا أن تسمع قيادة ترشدك أن تفعل ذلك أو تمتنع عنه، وسيسير الرب معك في هذا المستوى. لكن من المتوقَع أن تنضج لمستوى أعلى، فهذا قلب الرب لك.
أن تفعل ذلك دون أن تسمع صوت أحدهم وتصل إلى مرحلة لا تحتاج أن تُصلِي أكثر مِن يوم حتى تتَّخذ القرار الصحيح، ربما تُصلِي فقط للتأكُّد، لكنك تعلَّم جيدًا بداخلك ما عليك القيام به، لأن طريقة تفكيرك صارت صحيحة.
▪︎ الرياضة الروحية تمرينٌ ذهنيٌّ:
الرياضة الروحية ليست فقط روحية لكنها أيضًا تمرينٌ ذهنيٌّ؛ “20 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هَكَذَا، 21إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، 22أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، 23وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، 24وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ.” (أفسس 20:4-24).
اخلعوا التصرُّف وطريقة السلوك غير النافِعة. “وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ”؛ أي اجعلوا أرواحكم تُجدّد أذهانكم، كما أن الذي يُجدِّد ذهنك هو كلمة الله التي ذُخرِّت في روحك التي تَحصُد ثمرها بعد حين. هذا لا يُعنِي أنّ الذهن له روح بل روح الإنسان تُجدِّد ذهنه، فيصير ما في روحك على ذهنك، هذا لا يَحدُث بمنأى عن الكلمة والاجتماعات الروحية.
إليك مثالٌ للتوضيح؛ في البداية ربما تكون مُعتادًا أنْ تردّ الإساءة بالإساءة، لكن بعد أنْ تعرف الكلمة وتُلزِم نفسك على السلوك بها تصير مُدرَّبًا، وتصير الكلمة سلوكك الطبيعي.
أيضًا عندما تتعرَّض لموقف كان يستفزك في الماضي تجد الكلمة التي زرعتها صارَ لها ثمرًا بداخلك ولا تحتاج أنْ تقرأها مِن الكتاب المقدس حتى تحصل على التمييز، لأن الكلمة صارت تُرشِد ذهنك وتقول له ماذا يفعل، لهذا روحك تجدد ذهنك نتيجةً لذخيرة الكلمة بداخلها.
تجعلك الرياضة الروحية تُفكِّر بشكل صحيح، وتصير في مستوى أعلى مِن المستوى الذي تسمع فيه صوت الرب كي يُرشِدك في الموقف، بل تعمل بشكل تلقائي. وعندما يُفكِّر ذهنك عكس الكلمة تجد روحك تُجدِّد ذهنك وتمنعه أنْ يُفكِّر بطريقة غير صحيحة.
على سبيل المثال إنْ كنت تسمع أخبارًا سلبيةً تجد روحك جدَّدت ذهنك، تجد نفسك تقول: “الذي فيَّ أعظم مِن الذي في العالَم” ستنطقها بشكلٍ تلقائي: “أنا لا أُعانِي مثل العالم” يَحدُث هذا بسبب رصيد الكلمة بداخلك الذي يتكلَّم إلى ذهنك عندما يجد فكرة لها طريق مُعاكِس للكلمة. لذلك لابد أن تصل كلمة الله فيك إلى مستوى تُجدِّد فيه ذهنك، عن طريق أنْ تسكن فيك كلمة المسيح بغنى، وأن ترفض التصرُّف السابق (طريقة تفكير الماضي).
▪︎ الرياضة الروحية والتعقُّل:
“11 لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ لِجَمِيعِ النَّاسِ، 12مُعَلِّمَةً إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ الْفُجُورَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بِالتَّعَقُّلِ وَالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فِي الْعَالَمِ الْحَاضِرِ، 13مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (تيطس 11:2-13).
التعقُّل: هو خلاص الذهن والتدريب الروحي هو الذي يُؤدِي إلى التعقُّل، والتعقُّل هي نفس كلمة “النصح” الواردة في بعض الآيات.
“لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ.” (تيموثاوس الثانية 7:1).
“3 فَإِنِّي أَقُولُ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي لِكُلِّ مَنْ هُوَ بَيْنَكُمْ: أَنْ لاَ يَرْتَئِيَ فَوْقَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَئِيَ بَلْ يَرْتَئِيَ إِلَى التَّعَقُّلِ كَمَا قَسَمَ اللهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِقْدَاراً مِنَ الإِيمَانِ.” (رومية 3:12).
“وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ.” (بطرس الأولى 7:4).
أحيانًا تُترجَم “يقظة” وأحيانًا “نصحى”، هذا يَحدُث نتيجة العمل الروحي. إن لم تجد نتائج وأنت مُتعثِّرٌ في حياتك، اعلمْ أنّ سبب ذلك هو أنك لم تتدرَّب، لأن التدريب الروحي هو الذي يجعلك ترى نتائج في عالَم الروح، ولكي تسيطر على عالم العيان لابد أن تسلك في عالم الروح بطريقة صحيحة.
أُعْطِيت النعمة لك لتُعقِّلك، أي لتنصحك وتجعل ذهنك ناصِحًا، وهذا ما يجعلك مُتفوِّقًا في دراستك وفي عملك، لذلك فالتدريب الروحي لا يَخُص الأمور الروحية فقط، بل روحك الإنسانية المُدرَّبة جيدًا تُجدِّد ذهنك، مثل الفلاح الذي يزرع الكلمة في أرضه، فأنت تزرعها في ذهنك وهي تُصحِّح بدورها الأفكار الخاطئة وتسكن قلبك.
انتبه! فالتعقُّل يسبق البر(البر هو السلوك بشكل صحيح) وبالتالي يقود إلى التقوى، أي ظهور ذلك على الخارج، لذلك تبدأ التقوى بتصحيح الذهن ثم تصل إلى مستوى تنقاد فيه بالروح القدس بشكل تلقائي (يُرَى ذلك في: كتابة بريد إلكتروني بفكرة مُتميِّزة، التصرُّف بحكمة مع العملاء، اجتياز مقابلات العمل بشكل صحيح … إلخ) .
تقول الكلمة: “لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ.” (رومية 14:8)، لأن الروح يشهد ويتكلَّم إلى أرواحنا، مِن هنا تجد نفسك تعرف كيف تتصرَّف في الموقف، ستجد دافعًا وصوتًا قويًّا بداخلك لفِعْل شيءٍ، هذا ليس أمرًا مجهولاً بل هو الروح القدس الذي يقودك لأنك تسلك بحسب الكلمة.
لا تهتم بمَن يسخر منك عندما تُعلِن أنك تنقاد بروح الله، لأن يسوع نفسه قيل عنه: “48 فَأَجَابَ الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ: «أَلَسْنَا نَقُولُ حَسَناً: إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ؟» 49أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنَا لَيْسَ بِي شَيْطَانٌ، لَكِنِّي أُكْرِمُ أَبِي وَأَنْتُمْ تُهِينُونَنِي.” (يوحنا 48:8-49). أي إنه كان يهوديًّا لكنه مُختلِطٌ بالسامريين، هذا ما كانوا يقصدونه.
لهذا كان معنى ردّ الرب يسوع عليهم أنه يُقدِّر الشخص الذي يسكن فيه ويكون له مَعزَّة خاصة. نرى الرب يسوع هنا يتكلَّم عن الروح القدس، ولكن هذا لا يُعنِي أنْ تستعرض أمام الآخرين أنّ الروح القدس تكلَّمَ إليك بل قدِّره وأعطِه كرامةً.
إن كنت تخسر علاقات كثيرة في حياتك، فلا تُبرِّر ذلك بقول الرب: “34 لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ.” (متى 34:10-36)، بل اكتشفْ السبب الحقيقي وراء ذلك الذي قد يكون طريقة تفكيرك غير العاقِلة (غير الحكيمة)، فهذا النص يتكلَّم عن أُناسٍ تسير بشكل صحيح في الكلمة ولهذا يكرههم الناس أو يضطهدوهم بسبب اتّباعهم للمسيح.
لابد أن تصل الكلمة في حياتك إلى مبادئ فِكْرية وسلوكية تختص بحياتك. مثلاً إنْ كنت رئيسًا على فريق في عملك فأنت مسئولٌ عن إيصال تقارير عنهم، تجعلك كلمة الله قائدًا ناجِحًا. تَذكَّرْ معي عندما قال الله مواصفات خيمة الاجتماع لموسى وعَيَّنَ له بصلئيل وأهوليآب، حيث سَلَّمَ موسى رؤيته لهما دون أن يعمل بيده معهما.
“فَدَعَا مُوسَى بَصَلْئِيلَ وَأُهُولِيآبَ وَكُلَّ رَجُلٍ حَكِيمِ الْقَلْبِ قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ حِكْمَةً فِي قَلْبِهِ. كُلَّ مَنْ أَنْهَضَهُ قَلْبُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَى الْعَمَلِ لِيَصْنَعَهُ.” (خروج 2:36). أيضًا عندما انتهوا مِن العمل، سَلَّموا الخيمة إليه وذهبَ موسى بعدها ليرى ما الذي فعلوه: “فَنَظَرَ مُوسَى جَمِيعَ الْعَمَلِ وَإِذَا هُمْ قَدْ صَنَعُوهُ. كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ هَكَذَا صَنَعُوا. فَبَارَكَهُمْ مُوسَى.” (خروج 43:39).
لم يَكُن موسى يتابعهم طول الوقت، لذلك كقائد ناجح أنت لا تعمل بيديك مع فريقك بل تُشرِف عليه إنْ كان هناك احتياجٌ، فإنْ كانت الأمور تسير على ما يرام تستطيع أن تشرف عليهم وتستثمر وقتك في أمور أخرى أوكلها الرب لك.
“11 اَلَّذِي مِنْ جِهَتِهِ الْكَلاَمُ كَثِيرٌ عِنْدَنَا، وَعَسِرُ التَّفْسِيرِ لِنَنْطِقَ بِهِ، إِذْ قَدْ صِرْتُمْ مُتَبَاطِئِي الْمَسَامِعِ. 12لأَنَّكُمْ إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ، تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ. 13لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ، 14وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.” (عبرانيين 11:5-14).
لا يُعنِي لفظ “الْحَوَاسُّ” هنا الحواس الجسدية بل الحِسّ الفِكْري أي طريقة تفكيرك، لأنها مُشتقة في اللغة اليونانية من كلمة تُعنِي الأفكار، أي إنك تُدرِك الخير والشر مِن ذهنك الذي يقوده روحك. لذلك ستُؤدِي الرياضة الروحية في النهاية إلى تدريب ذهنك وطريقة تفكيرك.
مثلاً إنْ كنت مُعتادًا أن تكره مَن يُسئ إليك فلتبدأ في تدريب ذهنك أن يُفكِر بطريقة كتابية ويرفض ما يريد جسدك أن يفعله، وعندما تُعرَض الفِكرة على ذهنك تستطيع أن ترفضها بعد أن تكون قد تأمَّلتْ في الكلمة وتشبَّعت بها وطبَّقتها على حياتك، فبدون تطبيق لن يتغير شيءٌ، لكن مَن تدرَّبَ وتعلَّمَ أن يتعقل ويُوجِّه تفكيره، يسلك بالكلمة بشكل تلقائي.
إليك أمثلة توضح هذا؛ قد يغار شخصٌ مِن زملائه في العمل لأنهم يحصلون على ترقيات، بينما هو أقدم وأكثر تميُّزًا منهم ولم يحصل على ترقية. لابد أن يُدرِّب ذهنه ويُوجَّه للتفكير بطريقة صحيحة تجاه المواقف والأحداث، لأن بداخله الطبيعة الإلهية ويسير بقوانين إلهية، وهذا ما يجعله ناجحًا في الحياة.
لتستبدلْ الأفكار القديمة بأخرى جديدة. افهمْ أنّ نجاحهم لا يُعنِي فشلك، لتبدأ بالتفكير في أفكار محبة تجاه زملائك، لا تغرْ من هؤلاء الأشخاص حتى إن كانوا يسيئون إليك لأن القوانين الإلهية حتمًا ستُنهي على الشر آجلاً أم عاجلاً.
ربما يواجهك إبليس بنجاحات الآخرين مثل الشخص الفلاني لديه ممتلكات كثيرة في سن صغير بينما أنت لا، أو هو نجحَ بشكل مبكر في شيء ما بينما أنت تعاني منذ سنوات، هذه ليست طريقة تفكير كتابية ويستغلها إبليس معك.
أيضًا أحيانًا يُلقِي إبليس على ذهنك أفكارًا مثل: “أنت مُقصِّرٌ في الحياة الروحية”، “أنت تمارس إيمانك ولا ترى نتائج”. اطمئنْ ولا تقلق لأنك تسير بقوانين إلهية وبالتأكيد ستأتي بنتائج. ربما تكون في مرحلة تدريب، لكن احذرْ إن طالت تلك المرحلة، فاعلمْ إنك لا تتمرَّنْ بكل قلبك. هذا في حال أنك تعرف الكلمة ولا تتعامل وتتجاوب معها بقلبك، أي غير متجاوب روحيًا بل ذهنيًا فقط وأنت من تعرف حال واتّجاه قلبك. تقول لك الكلمة: “افعلْ هذا” لذا أنت مسئولٌ!
“13 إِلَى أَنْ أَجِيءَ اعْكُفْ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ. 14لاَ تُهْمِلِ الْمَوْهِبَةَ الَّتِي فِيكَ الْمُعْطَاةَ لَكَ بِالنُّبُوَّةِ مَعَ وَضْعِ أَيْدِي الْمَشْيَخَةِ. 15اهْتَمَّ بِهَذَا. كُنْ فِيهِ، لِكَيْ يَكُونَ تَقَدُّمُكَ ظَاهِراً فِي كُلِّ شَيْءٍ. 16لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ وَدَاوِمْ عَلَى ذَلِكَ، لأَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ هَذَا تُخَلِّصُ نَفْسَكَ وَالَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ أَيْضاً.” (تيموثاوس الأولى 13:4-16).
يُعنِي تعبير “اعْكُفْ” في الأصل اليوناني انكب على…، ضعْ نفسك فيه، وطريقة قيادة الله لحياتك هي أنْ يتكلَّمْ الروح القدس لروحك الإنسانية وتجد روحك تقود حياتك وتتعامل مع ذهنك، بالتالي تسلك بطريقة صحيحة.
“َنفْسُ (روح) الإِنْسَانِ سِرَاجُ الرَّبِّ يُفَتِّشُ كُلَّ مَخَادِعِ الْبَطْنِ.” (الأمثال 27:20)؛ الروح الإنسانية هي مصباح الله. كما إنها الأداة التي يتعامل الله مِن خلالها؛ “اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ.” (رومية 16:8) أي أنّ الروح القدس يُؤكِّد ويُثبِت الحق لأرواحنا، قد لا تعلَّمْ الشاهد الكتابي الذي يُؤكِد لك أنك مولودٌ مِن الله ولكن تجد الروح القدس يُؤكِّد لك أن روحك وُلِدَت مِن الله شخصيًا.
“26 إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ، لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَهَذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ.27وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ. 28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. 29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».” (يوحنا 26:8-28).
كان الرب يسوع يسمع دائمًا لروحه لأن الآب كان يتكلَّم إلى روحه دائمًا.
“40 فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ السَّامِرِيُّونَ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُمْ، فَمَكَثَ هُنَاكَ يَوْمَيْنِ. 41فَآمَنَ بِهِ أَكْثَرُ جِدّاً بِسَبَبِ كلاَمِهِ. 42وَقَالُوا لِلْمَرْأَةِ: «إِنَّنَا لَسْنَا بَعْدُ بِسَبَبِ كلاَمِكِ نُؤْمِنُ، لأَنَّنَا نَحْنُ قَدْ سَمِعْنَا وَنَعْلَمُ أَنَّ هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ الْمَسِيحُ مُخَلِّصُ الْعَالَمِ».” (يوحنا 40:4-42).
“فَآمَنَ بِهِ أَكْثَرُ جِدّاً بِسَبَبِ كلاَمِهِ”؛ كان الرب يسوع يسمع مِن الروح القدس ولأنه تشبَّعَ بكلامه، سجلت الكلمة لنا أنه صار كلامه هو شخصيًا وليس منقولاً، أي إنّ كلامه كان يخرُج بروح ومُعاشًا، فكان يخرج مِن تلقاء نفسه، هو شخصيًا صار الكلمة أي لم يَكُن ينقل كلامًا عن شخصٍ.
هناك ما يَحدُث مع كثيرين مِن مُعلِّمي الكلمة حيث ينقلون عظةً ما أعجبتهم ويتكلَّمون بنفس الكلام ونفس النقاط لكنها لا تجد صدى في نفوس السامِعين كما هو مُتوقَع، فالشخص الذي قال العظة في الأصل كان مُتَّحِدًا بكل كلمة قالها وفاهِمًا لها ويعيش بها لأنها توغَّلت فيه، بينما الشخص الآخر لم يجتَز هذا الكلام أو ذاك الاختبار، فلن يجد نفس النتائج المرجوة، هذا ما صار مع المسيح حيث خرجَ مِنه الكلام تلقائيًّا حتى آمن به كثيرون.
▪︎ خطوات التَحكُّم في الجسد:
هناك مَن يعتقد أنّ الجسد عائِقٌ في حياته الروحية، ويُثبِتون ذلك بهذا العدد؛ “وَلَيْسَ هَكَذَا فَقَطْ بَلْ نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضاً نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ فِدَاءَ أَجْسَادِنَا.” (رومية 23:8). لكن في الحقيقة هذا التفسير غير دقيق، فهناك طريقة للتحكُّم في الجسد وقيادته تحت سيطرة الروح، إليك الخطوات:
1- التحكُّم في الأفكار:
حينما تتحكَّم في أفكارك وتتشبَّع بالكلمة أنت بذلك تُخلِّص ذهنك، ستتوغَّل الكلمة في ذهنك حتى تفعل ذلك، ويبدأ ذهنك يتعقَّل ويُفكِّر بطريقة صحيحة، وبالتالي تميل وتنحاز إلى أفكار الكلمة.
هناك مَن لديه أفكار الكلمة لكنه يشعر بمعاناة عند التطبيق، لأنه لم يُجدِّد ذهنه ولم تُنشَّط روحه، تجده يتشتَّت وهو يدرس الكلمة لأنه لم يضع قلبه فيها وهذا هو المفتاح.
إنْ كانت لديك تساؤلات، اسألْ مَن يتابعك روحيًا ولا تكتفِ فقط بالصلاة، لأنك لن تعرف أنْ تكتشفها بمفردك في البداية، فالناضِجون هم مَن يعرفون أن يكتشفوا ذلك كما تقول الكلمة: “فَلْيَفْتَكِرْ هَذَا جَمِيعُ الْكَامِلِينَ مِنَّا، وَإِنِ افْتَكَرْتُمْ شَيْئاً بِخِلاَفِهِ فَاللهُ سَيُعْلِنُ لَكُمْ هَذَا أَيْضاً.” (فيلبي 15:3)، وطريقة قيادة الله هو اكتشافك للحقّ أثناء الصلاة.
2- التحكُّم في اللسان:
“اللِّسَانُ أَيْضاً، هُوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ وَيَفْتَخِرُ مُتَعَظِّماً. هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟” (يعقوب 5:3).
ربما تكون حريصًا في كلماتك المنطوقة لكنك لا تنتبه لأفكارك وهذا كافٍ لتدمير حياتك! لأن مَن تجلس معه (أفكارك مثلاً) تتكلَّم به، ولذلك قال الرب يسوع للفريسيين: “أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا.” (يوحنا 44:8).
هُم لم يجلسوا مع إبليس بمعنى حرفي ولم يتكلَّموا إليه كما كان -بشكل عكسي- المسيح يفعل مع الآب في الصلاة، لكنهم كانوا يجلسون مع أفكاره الشريرة ويُرحِّبون بها ويقبلوها بكل قلوبهم، فتحوَّلت إلى سلوك وحياة!
3- التمرين الروحي:
كي تصبح كلمة الله سلوكك الطبيعي لابد أن تتمرَّن أولاً، أي تُلزِم نفسك وتصطف في الطابور دون أن تدرك بشكل كامل ما تفعله في البداية. إن كان الروح القدس قد وَضَعَ بداخلك رؤية ضخمة، انتبه! لتُعدْ أولاً ولا تتشتَّت بهذه الرؤيا، يجب أن تتدرَّب لها.
هناك مَن يفعل العكس ويعيش بدون رؤيا، هذا غير صحيح، إن لم تعرف الرؤيا الخاصة بك، سيساعدك أبوك الروحي بشأن هذا. ليس شرطًا أن تكون شيئًا غيرَ معتادٍ أو غريبًا كالكرازة وسط بعض القبائل الإفريقية أو في السجون، قد تجد الروح القدس يقول لك: “افعل ما يقوله لك أبوك الروحي!”
لم يفعل الرب يسوع نفسه شيئًا دون قيادة الروح القدس؛ “فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي.” (يوحنا 28:8)، لذلك إن كان لديك مُدرِّبٌ روحيٌّ لن تضل أو تتأخر في حياتك الروحية طالما أنت متجاوِب معه.
التدريب الروحي هو أن تُطعِم روحك بالكلمة، مِن ثَم تُجدِّد روحك ذهنك (أي تجد نتائج) ومِن ضمن معاني التعقُّل أن يسلك الشخص في الشيء فورًا لأن روحك تعقِّلك، أي تجدها تقول لذهنك ما ينبغي أن تفعله وتنصحك، لذا كن سريع التجاوب.
هذا ما كان يفعله الرب يسوع أيضًا: “وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».” (يوحنا 29:9). أي يفعل الشيء فورًا، وهذا ما يجعل روحك نشطة، بالتالي أنت تسلك بطريقة صحيحة، ولكن إن كنت غير مُتأكِّد من ذلك فأنت لا تجلس مع الكلمة بشكل كافٍ.
قال الرب يسوع للتلاميذ: “اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ.” (متى 41:26). روحك نشيط وبه القوة التي تُقيمك، يَحدُث ذلك أثناء الصلاة لأنك تشحن نفسك في هذا الوقت، لهذا قال الرب يسوع: “اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ.” أي افعلْ عكس ما تشعر به.
لا تعتقد إنه إذا أُلْقِيت فكرة ما على ذهنك أنها لابد أن تَحدُث، لأن لديك القوة الكافية بروحك أن توقف تلك الفكرة، وذلك بتطبيق ما يقوله لك الروح القدس مِثل: أَغْلِقْ الفيس بوك وصلِّ الآن، وهكذا.
لكي تُنشِّط روحك وتسلُك بها، أدرِك أنّ الرياضة الروحية هي ممارسة حياة الله التي فيك، أن تُمارِس تمارين روحية وفقًا لما يقوله الكتاب وليس بالتخمينات. أيضًا عندما تصلي بألسنة، يتكلَّم الله إلى روحك وتجد نفسك تعرف شيئًا أو تريد أن تفعل شيئًا.
لكن إنْ كنت تعتقد أنّ الروح القدس يتكلَّم إليك وتسمعه مِن خلال أُذنك الجسدية بصوتٍ مسموعٍ لن تعرف أنْ تسمعه! عندما تصلي يضع الروح بداخلك تأكيدًا للفِكْرة التي تُصلِي لأجلها أو يعطيك الفِكْرة، كما يعمل إبليس بنفس هذه الطريقة، عندما تسمع بالكلمة تعرف أن تُميِّز بين صوت الله وصوت إبليس.
“لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كَلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي.” (يوحنا 43:8).
“كَلاَمِي” ليس المقصود بالكلام هنا اللغة بل لغة وأسلوب الحوار، كان المسيح يريد أن يقول لهم أنتم لا تعرفون أن تتواصلوا معي لأنكم لا تفهمون الكلمة، لذلك لن تفهم لغة الروح القدس إنْ لم تفهم تعليمًا كتابيًا “اللوجوس” أي فِكْر الله العام تجاه الحياة.
للرب يسوع طريقة كلام، فعندما قال: “وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي جَهَنَّمَ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ.” (متى 18:9)، لم يكُن يتكلَّم بشكل حرفي بل يريد أنْ يستفز تفكيرهم ليُدرِكوا أن الشهوة ستظل موجودة حتى وإن قلعوا أعينهم، لأن الأمر لا يتعلَّق بقلع العين بل بتغيير القلب! كان يريدهم أن يُفكِّروا في الأمر وليس قلع العين بشكل حرفي.
إذًا هل الجسد مؤرق وعائق ومشكلة كبيرة نحتاج أن نتخلص منها؟!
“17 فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ. 18فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا. 19لأَنَّ انْتِظَارَ الْخَلِيقَةِ يَتَوَقَّعُ اسْتِعْلاَنَ أَبْنَاءِ اللهِ. 20إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ – لَيْسَ طَوْعاً بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَخْضَعَهَا – عَلَى الرَّجَاءِ. 21لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضاً سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ.” (رومية 17:8-21).
يتحدث الرسول بولس ببُعد نبوي عمَّا سيحدُث في الكنيسة قائلاً لهم إن ما نجتاز فيه من اضطهادات لن يستمر كثيرًا، هناك مجدٌ قادمٌ، وهذا ما حدثَ بالفعل، حيث تعيش الكنيسة الآن في مجد أفضل، كما لن يحدُث هذا الأمر في المجيء الثاني بل هنا الآن على الأرض، أيضًا تنتظر الخليقة أولاد الله الناضجين لذا قال الخليقة تنتظر هذا.
إن كان هذا سيَحدُث في المُلك الألفي كما يظن البعض، فذلك يُعنِي انتهاء الخليقة وليس خلاصها! عند حدوث ذلك تتحرَّر الخليقة من نظام تفكير العالم (aion) الذي وضعه إبليس، ويخرجون من الظلمة إلى النور. لذلك تنتظر الخليقة الحلول الإلهية مِن خلال أولاد الله مِن الآن. نرى “إسحق نيوتن” كيف خدمَ العالم بعلمه وذكائه لأنه مولودٌ ثانيةً وبه حياة الله التي تُعطيه أفكارًا إلهية حتى لو لم يَكُنْ لديه كل الحق الكتابي بشكلٍ كافٍ.
“إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ” تأتي في الترجمات الإنجليزية capital أي معناها أنّ الله هو مَن أخضعها وهذا غير دقيق، حيث تُعنِي في اللغة اليونانية الإنسان هو مَن أخضعها وليس الله، وكما أخضعها الإنسان للبطل بسبب سقوطه هو مَن سيعتقها إلى الحرية، الفاعل هم أولاد الله.
▪︎ الأنين بحسب الكتاب:
“22 فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعاً إِلَى الآنَ. 23وَلَيْسَ هَكَذَا فَقَطْ بَلْ نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضاً نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ فِدَاءَ أَجْسَادِنَا. 24لأَنَّنَا بِالرَّجَاءِ خَلَصْنَا. وَلَكِنَّ الرَّجَاءَ الْمَنْظُورَ لَيْسَ رَجَاءً لأَنَّ مَا يَنْظُرُهُ أَحَدٌ كَيْفَ يَرْجُوهُ أَيْضاً؟ 25وَلَكِنْ إِنْ كُنَّا نَرْجُو مَا لَسْنَا نَنْظُرُهُ فَإِنَّنَا نَتَوَقَّعُهُ بِالصَّبْرِ.26 وَكَذلِكَ الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا.” (رومية 22:8-26).
تتمخَّض الخليقة وتئن بسبب سقوط الإنسان الذي أخضعها للفساد ودُمِّرَت، إذًا فالخليقة تئن بسبب سلبي، والعلاج في يدّ أولاد الله الناضجين فقط. إن كنا نحن الحلّ لتمخُّض الخليقة، كيف نئن مثلها؟! (نحن الذين قبلنا يسوع أولاً، لنا باكورة الروح أي أول قطفة). يختلف أنين المؤمنين عن أنين الخليقة.
ما كنا نرجوه مِن خلاص تحقَّقَ في مجيء الرب يسوع، ولكن الذي كنا نرجوه الآن (فداء أجسادنا) لم يتحقَّق بعد، لأنه كيف نرجو شيئًا قد تحقق ونئن بسببه؟! ولكنا نتوقعه (فداء أجسادنا) بالصبر، هذا الشيء لم يتم بعد. إذًا نحن كمؤمنين نئن بسبب محدودية الجسد وليس كأنين الخليقة.
الروح القدس الذي لا يُهزَم يئن أيضًا (ع 26)، يوضِّح هذا أنّ ليس كل أنين هو سلبي، فالروح القدس يشفع فينا بأنات لا يُنطَق بها، وهذا عبر الألسنة. إذًا هناك أنين رائع، وهذا ما يُثبِت أن أنين أولاد الله ليس سلبيًا، وبالرغم مِن إنهم في العالم لكنهم مُنعزِلون ومُنفصِلون عن الخليقة التي تئن وتتمخض بسبب خضوعها للبُطل.
مثلاً إن كان لديك امتحانٌ صعبٌ وبدأت تسأل أكثر مِن شخصٍ عن مدى صعوبة الامتحان، ولكي تتأكّد من صعوبته تسأل شخصًا بعينه لأن هو الشخص الصحيح الذي تقيس عليه صعوبة الامتحان مِن سهولته، كذلك نحن نفهم ما هو الأنين الذي نُعرَف به وفقًا لفهمنا لمفهوم أنين الروح القدس.
“7 لَنَا هَذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ لِلَّهِ لاَ مِنَّا.8مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لَكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لَكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ.9مُضْطَهَدِينَ، لَكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لَكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ. 10حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضاً فِي جَسَدِنَا.” (كورنثوس الثانية 7:4-10).
“7 لَنَا هَذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ”؛ يتحدَّث الرسول بولس عن الجسد الذي يسكن فيه مع الروح القدس، والذي تَخرُج مِنه القوة للخارج. ثم يكمل قائلاً إن العيان يقول إننا لابد أن نكون مُكتئبين بسبب ما نواجه من مشاكل واضطهادات، يبدو هذا للبشر العاديين لكننا في الحقيقة ليس كذلك!
كانوا يزورون بولس الرسول في السجن مُتوقِّعين أن يجدوه مُكتئِبًا، يائسًا، يشعر بالظُلم بسبب الاضطهاد، هالِكًا، لكنهم كانوا يجدونه غيرَ مُتضايقٍ، مُتشدِّدًا ومُتشجِعًا، لا يشعر بالترك وغير هالِكٍ ويحمل في جسده حياة الله التي تستطيع أن تتعامل مع جسده وتُقيمه حتى إذا ضُرِبَ.
لدى الروح القدس قدرةٌ يُمكِن أن تظهر على جسد المريض وتشفيه، هل تثق في هذا؟! الروح القدس لديه القدرة أن يظهر على جسدك بعلاج حتى تظهر حياة يسوع فيك على جسدك بشكل خارجي بعد أنْ بدأت مِن الداخل.
“لأَنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ نُسَلَّمُ دَائِماً لِلْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ، لِكَيْ تَظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضاً فِي جَسَدِنَا الْمَائِتِ (القابِل للموت).” (كورنثوس الثانية 11:4).
هنا يتحدَّث الرسول بولس عن إنه يُواجِه السُلطات والاضطهادات لكي تصل الكلمة إليهم، بل ونظرَ للاضطهادات على إنها فرصةٌ لتظهر قوة الروح القدس على جسده.
“8 فَإِنَّنَا لاَ نُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ ضِيقَتِنَا الَّتِي أَصَابَتْنَا فِي أَسِيَّا، أَنَّنَا تَثَقَّلْنَا جِدّاً فَوْقَ الطَّاقَةِ، حَتَّى أَيِسْنَا مِنَ الْحَيَاةِ أَيْضاً.9لَكِنْ كَانَ لَنَا فِي أَنْفُسِنَا حُكْمُ الْمَوْتِ، لِكَيْ لاَ نَكُونَ مُتَّكِلِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا بَلْ عَلَى اللهِ الَّذِي يُقِيمُ الأَمْوَاتَ، 10الَّذِي نَجَّانَا مِنْ مَوْتٍ مِثْلِ هَذَا، وَهُوَ يُنَجِّي. الَّذِي لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ أَنَّهُ سَيُنَجِّي أَيْضاً فِيمَا بَعْدُ.” (كورنثوس الثانية 8:1-10).
يتكلَّم الرسول بولس هنا مِن الناحية البشرية إنه يأسَ مِن الحياة، لكن قوة الروح القدس ظهرت فيه واستطاعَ بها أنْ يقوم ويساعد غيره.
“13 فَإِذْ لَنَا رُوحُ الإِيمَانِ عَيْنُهُ، حَسَبَ الْمَكْتُوبِ «آمَنْتُ لِذَلِكَ تَكَلَّمْتُ»، نَحْنُ أَيْضاً نُؤْمِنُ وَلِذَلِكَ نَتَكَلَّمُ أَيْضاً. 14عَالِمِينَ أَنَّ الَّذِي أَقَامَ الرَّبَّ يَسُوعَ سَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ، وَيُحْضِرُنَا مَعَكُمْ. 15لأَنَّ جَمِيعَ الأَشْيَاءِ هِيَ مِنْ أَجْلِكُمْ، لِكَيْ تَكُونَ النِّعْمَةُ وَهِيَ قَدْ كَثُرَتْ بِالأَكْثَرِينَ، تَزِيدُ الشُّكْرَ لِمَجْدِ اللهِ. 16لِذَلِكَ لاَ نَفْشَلُ. بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْماً فَيَوْماً. 17لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيّاً. 18وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ.” (كورنثوس الثانية 13:4-18).
لفظ “سَيُقِيمُنَا” ليس معناه أنهم سيقومون في المستقبل بل هو أمرٌ قد تمَّ بالفعل، فكثيرًا ما يستخدم بولس أسلوب الحُجة والبرهان في كتاباته. يقول لنا بالرغم مِن إنه كان مِن المفترض أن يُقتلَوا بسبب الاضطهاد لكنه سيأتي مرةً أخرى ويعلِّمهم الكلمة، لهذا لا يفشل والسبب هو تجديد الداخل يومًا فيومًا والذي بدوره يؤثر في الخارج.
“1 لأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ.2فَإِنَّنَا فِي هَذِهِ أَيْضاً نَئِنُّ مُشْتَاقِينَ إِلَى أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا مَسْكَنَنَا الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ.3وَإِنْ كُنَّا لاَبِسِينَ لاَ نُوجَدُ عُرَاةً.4فَإِنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ فِي الْخَيْمَةِ نَئِنُّ مُثْقَلِينَ، إِذْ لَسْنَا نُرِيدُ أَنْ نَخْلَعَهَا بَلْ أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا، لِكَيْ يُبْتَلَعَ الْمَائِتُ مِنَ الْحَيَاةِ.” (كورنثوس الثانية 1:5-4).
تحدَّثَ بولس مرةً أخرى عن الجسد ومحدوديته، وأوضحَ أن تلك المحدودية سبب ذلك الأنين. أيضًا أدركَ بولس تمامًا أنّ بيته هو جسده، لذلك حتى وهو داخل السجن استطاعَ أن ينشر الكلمة، فكلمة الله لا تُقيَّد! لذا قال: “الَّذِي فِيهِ أَحْتَمِلُ الْمَشَقَّاتِ حَتَّى الْقُيُودَ كَمُذْنِبٍ. لَكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لاَ تُقَيَّدُ.” (تيموثاوس الثانية 9:2).
يتحدَّث بولس عن أنين الجسد مرةً أخرى ولكن الخلفية مفهومة هذه المرة لأنه سبق أنْ تكلَّمَ عنها في الرسائل السابقة، وإذا فهمت الآية خارج سياقها ستعتقد أنّ الجسد عائِقٌ.
عندما ظهرَ الرب يسوع بعد القيامة كان لحمًا وعظمًا فقط؛ “اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي».” (لوقا 39:24)، ولم يَقُل لحمًا ودمًا كما قال لبطرس: “طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْماً وَدَماً (طبيعة بشرية) لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.” (متى 17:16) لأنه كان له جسدٌ مُمجَّدٌ (جسدٌ خارِقٌ).
هذا هو الجسد الذي جعلَ الرب يسوع يظهر لتلاميذه والأبواب مُغلَّقة؛ “وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ: «سلاَمٌ لَكُمْ!».” (يوحنا 19:20). أيضًا هذا هو الجسد الذي نئن كي نأخذه ونلبسه، وهو ما كان بولس يرجوه.
▪︎ لغة بولس الرسول:
- عندما يقول “نحن” تعني إنها عقيدة.
- عندما يقول “أنتم” يعني أنه يتحدَّث عن أمر سلبي أو مستوى روحي قد اجتاز فيه من قبل؛ “مِنْ أجْلِ ذَلِكَ نَحْنُ أيْضاً، مُنْذُ يَوْمَ سَمِعْنَا، لَمْ نَزَلْ مُصَلِّينَ وَطَالِبِينَ لأَجْلِكُمْ انْ تَمْتَلِئُوا مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ.” (كولوسي 9:1) هو اجتاز هذا المستوى، ويُصلي من أجل كنيسة كولوسي كي يَصِلوا إليه.
- عندما يقول “أنا” تُعنِي إنه يعيش في هذا المستوى: “مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي.” (غلاطية 20:2). إن رجعت للخلفية التاريخية لرسالة غلاطية ستجد أنّ بطرس الرسول خافَ أنْ يأكل مع الأمم وتعجَّبَ الرسول بولس كثيرًا مِن ذلك، عندها تكلَّمَ بولس لبطرس لمواجهة ذلك، لهذا قال أنا أحيا بالإيمان.
“29 وَإِلاَّ فَمَاذَا يَصْنَعُ الَّذِينَ يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ الأَمْوَاتِ؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ الْبَتَّةَ فَلِمَاذَا يَعْتَمِدُونَ مِنْ أَجْلِ الأَمْوَاتِ؟ 30وَلِمَاذَا نُخَاطِرُ نَحْنُ كُلَّ سَاعَةٍ؟ 31إِنِّي بِافْتِخَارِكُمُ الَّذِي لِي فِي يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا أَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ. 32إِنْ كُنْتُ كَإِنْسَانٍ قَدْ حَارَبْتُ وُحُوشاً فِي أَفَسُسَ فَمَا الْمَنْفَعَةُ لِي؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ!” (كورنثوس الأولى 29:15-32).
كان بولس يُواجه هرطقة في هذه الأيام وهي عدم وجود قيامة أموات، لهذا كان يُصحِّح هذه الفكرة ويناقشهم ويُعلِّمهم بأنه إن لم توجد قيامة أموات، لماذا نكرز بالمسيح ونُضطَهد؟! بل علينا أن نأكل ونشرب لأن غدًا سنموت ولا نقوم لحياة أخرى وهذا تضارب، يُشبه هذا أن تسال أحدهم: “إن كان المرض هو مشيئة الرب لك، لماذا تذهب للطبيب؟ ولماذا تتناول الدواء كي تشفَى؟” بل عليك أن تُصلي حتى تُصاب بأمراض أخرى!
“12 وَلَكِنْ إِنْ كَانَ الْمَسِيحُ يُكْرَزُ بِهِ أَنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ فَكَيْفَ يَقُولُ قَوْمٌ بَيْنَكُمْ إِنْ لَيْسَ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ؟ 13فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! 14وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ 15وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضاً شُهُودَ زُورٍ لِلَّهِ لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ، إِنْ كَانَ الْمَوْتَى لاَ يَقُومُونَ. 16لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتَى لاَ يَقُومُونَ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. 17وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! 18إِذاً الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضاً هَلَكُوا! 19إِنْ كَانَ لَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ. 20وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ. 21فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ بِإِنْسَانٍ أَيْضاً قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. 22لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. 23وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ. الْمَسِيحُ بَاكُورَةٌ ثُمَّ الَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ. 24وَبَعْدَ ذَلِكَ النِّهَايَةُ مَتَى سَلَّمَ الْمُلْكَ لِلَّهِ الآبِ مَتَى أَبْطَلَ كُلَّ رِيَاسَةٍ وَكُلَّ سُلْطَانٍ وَكُلَّ قُوَّةٍ. 25لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ حَتَّى يَضَعَ جَمِيعَ الأَعْدَاءِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. 26آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْمَوْتُ. 27لأَنَّهُ أَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. وَلَكِنْ حِينَمَا يَقُولُ «إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُخْضِعَ» فَوَاضِحٌ أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ.” (كورنثوس الأولى 12:15-27).
إذا لم يَكُن المسيح قد قام فنحن شهود زور، لأنك أنت إثبات قيامة يسوع وإثبات الله على الأرض. يقول بولس: “إنْ لم يَقُم المُؤمِنون مِن الموت، هذا يُعنِي أنّ المسيح لم يَقُم” هذا معناه أنّ ما اجتازَ فيه الرب يسوع ستستفيد أنت مِنه.
كان يُمكِنه أنْ يقول: “إن كان يسوع قد قام مِن الأموات، توقَّعوا أن تقوموا أنتم أيضًا” لكنه قال: “إنْ لم توجد قيامة أموات فهذا يُعنِي أن المسيح لم يَقُم أيضًا” لذلك إن لم تفعل شيئًا ولم ترَ معجزةً في حياتك هذا معناه أنّ إيمانك ضعيف وهنا لا تتَّهم الله بتقصيره وليس هذا مُرتبِطًا بـ “إِنْ قُلْنَا إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِباً، وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا.” (يوحنا الأولى 10:1).
لكن يُعنِي أنه عندما تعيش بطريقة غير صحيحة فأنك تجعل الله كاذِبًا، وإن لم توجد قيامة موتى فإن الذين رقدوا هلكوا أيضًا، وإن كان الأمر قاصِرًا على هذه الحياة فسيكون ما أصعب هذه الحياة! تذكَّرْ؛ مثلما كان آدم سبب موت الإنسان كذلك الرب يسوع هو سبب قيامة الأموات (ع 21، 22).
أرادَ بولس القول إنّ الرب يسوع استثمرَ في ملكوت الله التي هي مدينة صهيون (ع 27). تذكَّرْ قول الرب يسوع: “فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً.” (يوحنا 2:14). هنا قال “مكانًا” وليس أماكن لأنها مدينة الله التي نعيش بها ككنيسة الآن وهو اتَّحدَ بنا مِن خلال الروح القدس.
شبَّهَ الرب يسوع ملكوت السماوات بأرض يوجد فيها لؤلؤة، فالرب يسوع لم يشترِ الكنيسة فقط بل الأرض بالكامل، والآب يقول للابن وهو غير مشمول بهذا حينما تُخضِع كل شيء ستُقدِم الأرض لي مرة أخرى.
ستَحدُث قيامة الأموات مِن الأرواح مِن الداخل للخارج، لكن لماذا آخِر عدو يُبطَل هو الموت؟ لأن الجسد المحدود القابِل للموت الذي يئن بولس مِن أجل أن يلبس فوقه الجسد المُمجَّد، وهذا لا يُعنِي إنه يتحدَّث عن الجسد كعائق له أو أنه غير قادِرٍ على السيطرة عليه لأنه قال في موضع آخر: “بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أنَا نَفْسِي مَرْفُوضاً.” (كورنثوس الأولى 27:9) مِمَّا يدل على أنه قادِرٌ على السيطرة عليه، وإذا لم يسيطر عليه سيصير غير لائق للَّعب.
يتبقى سؤالٌ؛ لماذا لم يُبطَل الموت بعد ومُؤجَّل التنفيذ؟ لأنه لا يُمكِننا أن نأخذ الجسد المُمجَّد الآن، فإن أخذنا هذا الجسد الآن لن نبقى في الأرض لأننا في هذه الحالة سنكون مثل الرب يسوع قبل الصعود بعد القيامة، لأن الرب يسوع في الفترة ما بين قيامته وصعوده لم يَمكُث في الأرض بل كان يظهر فقط.
هو جسدٌ غريبٌ بدون دمٍ، كما قُلنا لا يَمكُث الجسد المُمجَّد في الأرض، وقبل أن يأخذه الرب يسوع لم يَكُن يستطيع أنْ يوجد في أكثر مِن مكانٍ وكان ينام بسبب محدودية جسده. لذلك إنْ أخذَ كل مَن وُلِدَ من الله هذا الجسد سيختفي من الأرض ولن يبقى فيها أشخاصٌ يكرزون بالمسيح لمَن بعدهم، ولا يحق لهم أن يعملوا على الأرض. لكن مجدًا للرب حيث لديك الآن نفس مفعول القيامة بسبب حياة الله التي فيك، وتستطيع أن تحيا طويلاً على الأرض صحيحًا وسليمًا.
إنْ تعاملت مع الكلمة كروتين خالي من الحياة ستسقط من النعمة؛ “قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ.” (غلاطية 4:5) أي إن عشتم بالناموس (نظام موسى) ستسقط من النعمة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
Download