13 لكِنْ، عِنْدَمَا يَأْتِيكُمْ رُوحُ الْحَقِّ يُرْشِدُكُمْ إِلَى الْحَقِّ كُلِّهِ، لأَنَّهُ لاَ يَقُولُ شَيْئاً مِنْ عِنْدِهِ، بَلْ يُخْبِرُكُمْ بِمَا يَسْمَعُهُ، وَيُطْلِعُكُمْ عَلَى مَا سَوْفَ يَحْدُثُ
لقد تحدثنا فى الفصل السابق, عن الطرق الثلاثة الأساسية التي يقود بها الروح القدس المؤمن وهم: الشهادة الداخلية، الصوت الرقيق الهادئ (صوت الضمير)، ثم صوت الروح القدس الأكثر حسمًا. لكن الآن أريد أن أقدم بعض الأمثلة عن الطرق المتنوعة التي يقودنا بها الروح القدس, بينما نتبع خطته فى حياتنا.
سوف يقودك الرب بنفسه
قبل كل شيء، أريد أن أؤكد شيئًا: هو أن استقبال قيادة من الرب لحياتك هو مسؤوليتك الشخصية. فالرب يريد أن يقودك بنفسه, ويرشدك فى جميع جوانب حياتك, حتى تستطيع الركوض بنجاح, في السباق الروحي الذي وضعه الله أمامك. لن يقودك الله أو يرشدك من خلال الآخرين, على الرغم من أنه ربما يستخدم بعض الأشخاص ليؤكد لك ما قد نلته في روحك (من قيادة). فهو يريد أن يقودك بروحه القدوس.
فهناك مؤمنون لا يشاءوا أن يتحملوا مسئولية استقبال قيادة من الرب بأنفسهم. فهم ينظرون دائمًا إلى الطرق السهلة دون أن يعتمدوا على علاقتهم الشخصية مع الرب, لأن الأمر يتطلب وقتًا ومجهودًا حتى ينضجوا روحيًا. لذلك يفضلون أن يصلي لأجلهم شخص آخر, ويطلب الرب نيابة عنهم ويخبرهم بما يجب أن يفعلوه.. مثل هؤلاء سوف يخفقون في استقبال أفضل ما أعده الله لهم، لأن الرب لن يقودهم من خلال الآخرين.
وبجانب ذلك، يشتاق الرب أن يكون في علاقة شخصية مع كل واحد من أولاده. لذلك لن يطلب الله من أي منَّا ليخبر الآخرين بما يجب أن يفعلوه, على الرغم من أنه في بعض الأحيان يمكن أن نساعد الآخرين, بتقديم مشورة حكيمة وفقًا لكلمة الله والروح القدس. فهو يريد لكل واحد من أولاده أن ينقاد بالروح القدس الذي يسكن فيه.
كم ستتغير حياة المؤمنين عندما يتحملوا مسؤولية سماع ما يقوله الروح القدس لكل واحد منهم! سيتمكنون تفادي مشاكل عديدة وتجارب كثيرة, كان يمكن أن يقعوا فيها إن لم يتعلموا كيف يتبعون قيادة الروح القدس.
نرى في الإصحاح السابع والعشرين من سفر أعمال الرسل, مثالاً كتابيًا يظهر ورطة كبيرة وقع فيها أشخاص, لأنهم رفضوا أن يصغوا لتحذير الروح القدس. فقد أشار الروح لبولس, وهو مقيد على السفينة المتجة إلى روما, عن الخطر القادم. فى الواقع, كان بولس الشخص الوحيد الموجود على ظهر السفينة, الذي كان بإمكانه سماع صوت الرب. فابتدأ يحذر أولئك المسئولين عن وجود خطر قادم.
(أعمال 27: 10-14، 20، 21)
10 «أَيُّهَا الرِّجَالُ، إِنَّي أَرَىَ فِي سَفَرِنَا الآنَ خَطَراً وَخَسَارَةً عَظِيمَةً، لاَ عَلَى السَّفِينَةِ وَحُمُولَتِهَا فَقَطْ، بَلْ عَلَى حَيَاتِنَا أَيْضاً»
11 عَلَى أَنَّ قَائِدَ الْمِئَةِ كَانَ يَمِيلُ إِلَى كَلاَمِ رُبَّانِ السَّفِينَةِ وَصَاحِبِهَا، لاَ إِلَى كَلاَمِ بُولُسَ
12 وَلَمَّا لَمْ تَكُنِ الْمِينَاءُ صَالِحَةً لِقَضَاءِ فَصْلِ الشِّتَاءِ، فَقَدْ قَرَّرَ مُعْظَمُ الْبَحَّارَةِ أَنْ يُغَادِرُوهَا، آمِلِينَ الْوُصُولَ إِلَى ميِنَاءِ فِينِكْسَ لِقَضَاءِ الشِّتَاءِ فِيهَا، وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ الْمِينَاءُ فِي كَرِيتَ تُوَاجِهُ الْجَنُوبَ وَالشَّمَالَ الْغَرْبِيَّيْنِ
13 وَهَبَّتْ رِيحٌ خَفِيفَةٌ مِنَ الْجَنُوبِ، فَظَنَّ الْبَحَّارَةُ أَنَّهَا سَتَدْفَعُهُمْ نَحْوَ فِينِكْسَ، فَرَفَعُوا الْمَرْسَاةَ وَأَبْحَرُوا عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ شَاطِيءِ كَرِيتَ.
14 وَلَكِنَّ رِيحاً عَاصِفَةً تُعْرَفُ بِالشَّمَالِيَّةِ الشَّرْقِيَّةِ هَبَّتْ بَعْدَ قَلِيلٍ
20 وَكَانَتِ الْعَاصِفَةُ تَشْتَدُّ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ، حَتَّى إِنَّنَا لَمْ نَرَ الشَّمْسَ وَلاَ النُّجُومَ عِدَّةَ أَيَّامٍ، فَانْقَطَعَ كُلُّ أَمَلٍ فِي النَّجَاةِ.
21 وَكَانَ الْمُسَافِرُونَ قَدِ امْتَنَعُوا مُدَّةً طَوِيلَةً عَنْ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ، فَتَقَدَّمَ بُولُسُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ، كَانَ يَجِبُ أَنْ تَسْمَعُوا كَلاَمِي وَلاَ تُقْلِعُوا مِنْ كَرِيتَ، فَتَسْلَمُوا مِنْ هَذَا الْخَطَرِ وَالْخَسَارَةِ
نلاحظ فى العدد العاشر أن بولس لم يقل: “لقد تكلم إليَّ الروح القدس”. لكنه قال: “.. إِنَّي أَرَىَ”. لابد وأن بولس قد استقبل شهادة داخلية أو تمييز روحي, بأن هناك خطر يقع أمامهم, حتى لا يشرعوا في القيام بأي رحلة قبل الشتاء.
إن كان هؤلاء المسئولين قد أصغوا لنصيحة بولس, لكانوا قد أنقذوا سفينتهم. لكنهم لم يصغوا, لأنهم رأوا أن الظروف كانت تبدو ملائمة (كانت الرياح الجنوبية تهب بلطف فشرعوا في السفر). لكن بعد وقت قصير, صدمت عاصفة شديدة السفينة بمَن عليها. كانت العاصفة هي ذلك الخطر الذي شعر به بولس في روحه قبل السفر. وبسبب هذه العاصفة, فقدوا جميع البضائع التي كانت على ظهر السفينة عند تحطمها. كان جميع المسافرون على متن السفينة على وشك الهلاك أيضًا, لولا أنهم اختاروا أن يصغوا لكلمات بولس (أعمال 27: 22-38).
عندما أصغى هؤلاء الرجال في النهاية لمشورة الروح القدس التي تكلم بها لبولس, أنقذ الله حياة جميع المسافرين (أعمال 27: 44). لكن الموقف كان سيختلف تمامًا, إن كانوا قد أصغوا من البداية لما تكلم به الله من خلال بولس.
لا يزال يتكرر اليوم ذات الشيء؛ فعادة ما يبدأ البعض في الإصغاء لصوت الروح, بعدما يجتازوا عواصف الحياة ولا يجدوا مخرجًا. وبهذا يجدوا أنفسهم في وضع حيث لا يوجد أمامهم سوى اختيارين: إما أن يصغوا إلى الله ويطيعوا توجيهاته, أو ينهاروا ويضيعوا.
|
نواجه جميعنا عواصف الحياة, لكن بعض منها كان يمكن تفاديه تمامًا, إن كنا قد أصغينا لقيادة الرب من البداية. إن الاختيار يرجع لنا؛ فإما أن ننتظر حتى تهب علينا عواصف الحياة, وتبدأ تضغط علينا من كل جهة, وعندئذٍ نسعى لنطلب قيادة الروح القدس. لكن كم سيكون من الأفضل جدًا إن اخترنا أن نصغي لنصائحه وتوجيهاته ونحن لا نزال على البرّ, حيث الرياح هادئة وكل شيء يسير بلطف؟ لذلك دعونا نتحمل مسئولية تمييز قيادة الرب بأنفسنا. ليتنا نتعلم كيف نستقبل شهادة الروح القدس الداخلية. هناك معين يسكن في داخل كل واحد منا, يريد أن يساعده ليتجنب الأخطار وعواصف الحياة, حتى يقوده بسلام طوال مسيرته في خطة الله لحياته.
|
الشهادة الداخلية
والآن, سوف أقدم بعض الأمثلة, لتوضيح الطرق التي يقود بها الروح القدس المؤمنين. كما سأقدم مباديء عملية تساعدك على اتباع قيادة الروح القدس في حياتك. بإمكاني سرد مئات من الأمثلة في حياتي الشخصية وخدمتي, توضح كيف قادني الروح القدس, من خلال الشهادة الداخلية, التي هي الطريقة الأولى والأساسية التي يقود الله بها أولاده.
على سبيل المثال, علمت عن طريق الشهادة الداخلية أني سوف أقيم مركز تدريب الكتاب المقدس “ريما”, منذ وقت طويل قبل أن أنطق بالأمر تحت إلهام الروح القدس, في مؤتمرنا السنوي عام 1973. كنت على يقين تام, من خلال الشهادة الداخلية, بأن الرب يريدني أن أقيم مدرسة تدريب للكتاب المقدس. كنت متأكدًا من هذا الأمر, كما لو أن الرب يسوع ظهر لي فى رؤيا وأخبرني بذلك.
عندما ظهر لي الرب يسوع عام 1950, في رؤيا, وتحدث معي عن خدمتي, أعطاني مسحة خاصة للشفاء. لكني كنت متيقنًا, من خلال الشهادة الداخلية, بأني سوف أقيم مركزًا لتدريب الكتاب المقدس, تمامًا مثل خدمة الشفاء التي نلتها من الرب يسوع في تلك الرؤيا. كنت أعلم في أعماق كياني, من خلال الشهادة الداخلية, بأن مشيئة الله لي أن أقيم مركزًا لتدريب الكتاب المقدس, على الرغم من أني لم أرغب في فعل ذلك في المقام الأول. كذلك, نلت قيادة, عن طريق الشهادة الداخلية, لموقع ريما الحالي فى “بروكن أرو” بتلسا أوكلاهوما. لقد عقدنا السنتين الأولتين, لمركز التدريب في كنيسة جماعة الله بتلسا, حيث لم يكن لدينا مبنى خاص بنا لنقيم “ريما”. قمنا بتخريج خمسة وثمانين طالبًا في السنة الأولى. لكن الحضور بدأ يتزايد سريعًا. وبحلول السنة الثانية, بدأت تتوافر لدينا الامكانيات التي تمكننا من استيعاب عدد كبير من الطلاب. ابتدأنا في عام 1976, نبحث عن مكان دائم لمركز “ريما” لتدريب الكتاب. فأخبرني أحد رجال الأعمال, والذي كان صديقًا لي: “ربما قد وجدت مكانًا مناسبًا لإقامة المدرسة في بروكن أرو”. فاستقليت السيارة مع زوجتي لأعاين المكان.
وفي اللحظة التي استدرت فيها بالسيارة عند ناصية الشارع ورأيت المبنى الإداري, وهو حاليًا المبنى الإداري لخدمات كينيث هيجن وقاعة “روكن” التذكارية, وجدت ارتياح عميق وأدركت إشارة الموافقة من الروح القدس في روحي. فقد علمت عن طريق الشهادة الداخلية بأني وجدت المكان الصحيح.
كانت زوجتي أيضًا لديها ذات الشهادة الداخلية. لم نختبر أي إعلانات مرئية أو ملموسة للحواس, لكن عرفنا في داخلنا أن الرب يقول: “هذا هو المكان”.
قمنا بشراء قطعة الأرض, ونقلنا الخدمة ومركز التدريب إلى “بروكن أرو”. لم يكن بالطبع قرارًا سهل التنفيذ, بل كان قفزة إيمان عظيمة لنا. كان المكان تحت الانشاء وغير مُجهز تقريبًا. وكان هذا يتطلب مبالغ مالية كبيرة, حتى نقيم “ريما”. لكن بغضّ النظر عما بدا الموقف عليه, من وجهة النظر الطبيعية, إلا أننا اخترنا أن نطيع الله. وقد سارت الأمور لصالحنا. في غضون سنوات, منذ يوم انتقالنا إلى “بروكن أرو”, أقمنا مركز “ريما” الحالي خطوة بخطوة, منجزين ما قال عنه الكثيرين أنه يستحيل انجازه. لكننا نفذنا جميع الأمور من خلال طاعتنا لشهادة الروح القدس الداخلية.
وإليك هذه الملاحظة الجانبية, عن حدث سوف يظهر لك أهمية الإصغاء للشهادة الداخلية. منذ عدة سنوات, تقابلت مع سيدة خمسينية مُسنة وأخبرتني كيف جاء الخمسينيون الأوائل إلى “بروكن أرو” في مطلع القرن التاسع عشر. ثم قصت لي عن مزارع شاب يُدعى “روبرت بارلي” كان قد اعتمد بالروح القدس, في أول كنيسة خمسينية في “بروكن أرو”. كان هذا الشاب يقيم في مزرعة – حيث يقع مكانها مبنى الطلاب الخاص بمركز “ريما” الحالي. ومع أن “روبرت” كان يافعًا, إلا أنه كان لديه اشتياق شديد ليرى نهضة في جيله وفي الأجيال القادمة. كان بعدما ينتهي من العمل في مزرعة والده, يقضي ساعات في الصلاة على تل صغير (حيث أقمنا لاحقًا المبنى الاجتماعي للطلاب). ظل يومًا بعد يوم يصلي لأجل النفوس الضائعة. وفي يوم بعد الصلاة, نهض “روبرت” من مكانه, وابتدأ يتنبأ تحت إلهام الروح القدس, وأخبر أنه من هذا الموضع بالتحديد, سوف ينشأ عمل عظيم للرب, سوف يمتد للعالم بأكمله. مجدًا للرب.
لذا لا عجب أنه عندما رأيت هذه القطعة, حدث وكأن الروح القدس أوصل روحي بتيار كهربائي. فمن خلال طاعة هذه الشهادة الداخلية لشراء قطعة الأرض هذه في “بروكن أرو”، أصبحنا وسيلة تتحقق من خلالها كلمة الرب, التي تنبأ بها منذ قرن مضى تقريبًا. وكانت تُعد أيضًا خطوة هامة في اتباع خطة الله لحياتي وخدمتي في هذه الأيام الأخيرة.
دائمًا ما يكون هناك نجاح يصاحب اتباع قيادة الروح القدس. قال لي يسوع ذات مرة, عندما ظهر لي في رؤيا: “إن تعلمت كيف تتبع الشهادة الداخلية فسوف أجعلك مزدهرًا (تسديد فائض لجميع الاحتياجات) وسوف أقودك في جميع شئون حياتك؛ ماديًا وروحيًا..”. إن الرب يهتم بجميع شئون حياتنا ويريدنا أن نزدهر ونختبر النجاح بينما نتبع خطته لحياتنا.
أخبرني أحد الأصدقاء, ممَن زاروا “ريما” في منتصف السبعينيات, وكان قد اختبر ازدهارًا ماديًا كبيرًا باتباعه للشهادة الداخلية, أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية, استثمر أربعة عشر ألفًا من الدولارات في شركة للكيماويات. ربما لا يبدو هذا المبلغ كبيرًا الآن, لكنه كان ضخمًا وقتها.
سرد هذا الرجل قائلاً: “إن مدير أعمالي ونائبي, قد نصحاني بعدم الاستثمار فى هذه الشركة. لكني كنت أجد راحة في روحي بدرجة واضحة, حتى أني لم أصغي إليهما ومضيت وصنعت الاستثمار”.
كانت تلك “الراحة الداخلية” التي شعر بها هذا الرجل في روحه ليست مشاعر جسدية إنما كانت إدراكًا وتمييزًا روحيًا. كانت شهادة الروح القدس تحثه أن يستثمر أمواله.
أثناء العشر سنوات الأولى, بعدما صنع هذا الرجل استثماره, لم يبد أنه استثمار حكيم. ثم أوضح قائلاً: “كان بإمكاني بيع أنصبتني من الأسهم واحصل على نصف الأموال التي دفعتها. وإن كنت قد فعلت ذلك لتعرضت للإفلاس وخسرت أمورًا كثيرة. ثم بدأت أقول في نفسي: ‘لابد أني أخفقت في قيادة الرب لي بصنع هذا الاستثمار’”.
لكن هذا الرجل ظل يتبع الشهادة الداخليـة التي لديـه, والتـي قادته ليستثمر أمواله في هذا
المشروع, ولم يشعر في روحه بأي إرشاد من جهة تغير اتجاه استثماره. فترك الأسهم كما هي وراقب ماذا سيحدث لها. بعد مرور سنوات عديدة, بدأت شركة الكيماويات تختبر بعض خطوات النجاح. وبعد مرور ثلاثين عامًا, منذ أن استثمر هذا الرجل أمواله, قال: “لا أزال احتفظ بأنصبتي من الأسهم في هذه الشركة. وإن عرضتها للبيع الآن فلن تقل عن أربعة ملايين دولارًا”.
أربعة ملايين دولار من أصل أربعة عشر ألفًا! استثمار جيد. مع أنه فى السنوات العشرة الأولى لم يبد أنه استثمار جيد, حتى اعتقد هذا الرجل أنه أخفق في قيادة الرب, إلا أنه كان يسير وفقًا لمشيئة الرب. فثلاثين عامًا ليست مدة طويلة في نظر الله. وفي مثل هذه الحالة, انتظر هذا الرجل ثلاثين عامًا حتى يرى الثمار الكاملة لطاعة قيادة الروح القدس.
|
إن اتباع الشهادة الداخلية أمر يستحق الدفع! بغض النظر إن استـغـرق الأمـر وقـتًـا طـويـلاً حتـى تحـصــد الثمـار الكـاملـة
لطاعتك, إلا انك إن تعلمت كيف تتبع الشهادة الداخلية حتى النهاية, فستقف أخيرًا منتصرًا. إن الرب لا يراجع حساباته في ليلة السبت من كل أسبوع أو نهاية كل سنة, لكن إن ظللت أمينا له, فآجلاً أو عاجلاً ستنجح كلمة الله والقيادة التي نلتها من الروح القدس, وستقف منتصرًا على القمة.
أطع تحذيرات روحك
ربما يقول أحدهم: “إنني أحاول اتباع الشهادة الداخلية, وقد وضعت بعض الخطط, معتقدًا أن الرب يقودني فى هذا الاتجاه. لكني لا أزال أجد عدم راحة في روحي تجاه الأمر. ماذا ينبغي عليّ فعله؟” إن لم تعلم باليقين في داخلك بقيادة الرب تجاه الأمر, فلا تتقدم خطوة واحدة. فأنت لا تزال تحتاج إلى اكتشاف خطته بوضوح أكثر, أو أنك تعرفها بالفعل لكن الوقت الصحيح لم يحن بعد.
كن مستعدًا, واستمر في طلب الرب لأجل القيادة, حتى تتيقن بالتمام. وعندما تحصل على إرشاده انتظر حتى تجد انطلاقة وحرية في روحك, بأنّ الوقت قد حان كي تتحرك في خطة الله. وإن كنت تتحرك في اتجاه ما, ووجدت تحذير في روحك, فلتتوقف على الفور. هذا التحذير أو عدم الارتياح في روحك, هو علامة حمراء من عند الرب بعدم الاستمرار. وعلى الرغم من أنك ربما لا تفهم معناها في حينها, إلا أن الرب لديه سببًا حكيمًا في ذلك. ولأن الرب يعرف المستقبل, فعندما يرى أنك تتحرك في اتجاه سوف يجلب أذى لك أو يعوقك عن إتمام خطته لحياتك, فسيعطيك علامة تحذير في روحك. وبمجرد أن تجد علامة حمراء فى روحك, فلابد وأن تسعى لطلب الرب حتى تعرف ماذا تعني هذه العلامة. لكن إن تجاهلت التحذير واستمررت في الاتجاه الذي تسير فيه, فسوف تتحمل عواقب عدم الاصغاء لتنبيه الروح القدس لا محال.
على سبيل المثال, لقد رأيت بنفسي رعاة يخفقون في خطة الله لحياتهم, بعدم الاصغاء للتحذيرات التي وضعها الرب في قلوبهم. وبدلاً من أن يقضوا وقتًا يطلبون الرب, ويسكَّتون أذهانهم ومشاعرهم وأجسادهم, حتى يمكنهم سماع صوت أرواحهم, تجدهم يتخذون خطوة خاطئة في طريق الخدمة, حتى إنه في بعض الأحيان كانوا سببًا في خروج كنائس بأكملها عن مشيئة الله. وقد استغراق الأمر مع البعض منهم عدة سنوات, حتى يعودوا مرة أخرى للمسار الصحيح لخطة الله لحياتهم. وهناك آخرون لم يعودوا مطلقًا للمسار الصحيح, واستمروا تائهين في الحياة وفي الخدمة, بسبب تلك الخطوة الغير صائبة التي اتخذوها, والتي أعاقت مقدرتهم عن سماع صوت الرب بوضوح. لكن شكرًا للرب, بإمكاننا سماع صوت الله بوضوح. لكن نحتاج أن نطلبه, حتى نتأكد أننا قد سمعنا منه. وإن حدث وأخفقنا في الطريق, فلنثق فيه حتى يعلَّمنا كيف نسمعه بوضوح أكثر في المرات القادمة.
سوف أشارك الآن قصة حدثت مع أحد الرعاة الذي أخفق في خدمته. عندما كنت في الثانية والعشرين من عمري, كنت راعيًا لإحدى كنائس الإنجيل الكامل. ذهبت لزيارة أحد الرعاة في مدينة مجاورة, وعندما توقفت أمام مدخل بيت الرعوية, رأيت ما أثار دهشتي أن سيارة الراعي متوقفة أمام البيت, وكانت تجر خلفها مقطورة صغيرة, حيث وضع فيها جميع أمتعته ومتعلقاته. وعندما تقابلت مع الراعي سألته: “ماذا يحدث؟”
فأجابني: “لقد تركت رعوية كنيستي..”.
في اللحظة التي تكلم فيها, علمت في روحي عن طريق الشهادة الداخلية, أنه قد اخفق في هذه الخطوة. لكني كنت وقتها في الثانية والعشرين من عمري, وكان هذا الراعي متقدم في السن بما يكفي ليكون والدي الروحي. لم يكن بإمكاني اخباره بأنه قد اخفق, ما لم يطلب الرب مني ذلك بالتحديد. لكني فكرت في نفسي: “ألا يعـرف أنـه قـد اخفـق؟”. ثـم بـدأت أساعـده
في نقل متعلقاته الشخصية, وعندما وضع كل شيء صافحني وقال لي: “مع السلامة”.
ثم قال الراعي شيئًا عرفت من خلاله أنه ليس متيقنًا بأن ما يفعله صوابًا أم خطأً. قال لي: “أتمنى أني لم أخفق في مشيئة الله..”. لن أنس أبدًا نبرة صوته وملامح وجهه عندما تكلم بهذه الكلمات. ثم هز رأسه وركب سيارته مع زوجته وغادر.
وقفت في منتصف الطريق أبكي. شعرت بحزن شديد في داخلي بينما أراهما يتحركون بعيدًا عن مشيئة الله. كان يحتاج هذا الراعي أن يدرك في داخله أنه قد أخفق في مشيئة الله- ليس لكونه خادمًا للرب- لكن لأنه ابن لله. فكل مؤمن يستطيع أن ينقاد بالروح القدس.
رجعت البيت وأخبرت زوجتي: “لقد ترك فلان رعوية كنيسته, وترك بيت الرعوية وذهب لمدينة أخرى..”.
قالت زوجتي: “ألا يعرف أنه قد أخفق في الأمر؟”
لم تكن زوجتي خادمة، لكنها عرفت في روحها أن هذا الراعي قد أخفق فيما فعل.
فأجبتها: “حتمًا هو قد أخفق. لكنها لم تكن مسؤوليتي أن أخبره بذلك, ما لم يطلب منى الرب”.
تحتاج أن تكون حكيمًا بشأن أمور كهذه. استطعت أن أميّز من خلال الطريقة التي تحدث بها الراعي, أنه كان سوف يرفض كلامي لو كنت أخبرته بأنه قد أخفق في الأمر. كنت أعلم أن الرب قد حاول أن يخبره كي يبقى حيثما كان. لكن إن كان هذا الرعي لم يصغ لصوت الرب, فحتمًا كان سيرفض أن يستمع لراعي في سن أبنائه.
جاء خادم آخر وتولى رعوية هذه الكنيسة بعدما تركها الراعي الأول. وعلى مدار الشهور التالية حدثت أمورًا رديئة كثيرة. وبنهاية سبعة أشهر عاد الراعي الأسبق مرة أخرى للكنيسة.
لم يُسَّر هذا الراعي ببقائه بعيدًا عن كنيسته الأولى, فرجع ومكث هناك سنوات عديدة. لكن أثناء الفترة التي لم يكن متواجدًا فيها, عانت كنيسته من مشاكل كثيرة. وبسبب هذه المشاكل التي استمرت سبعة أشهر تناقص شعب كنيسته للنصف!
إن كان هذا الراعي قد أطاع الرب ومكث في موضعه الأول, لكان قد تجنب مثل هذا الفشل. وبدلاً من الوقوع في مشاكل, كان شعب الكنيسة قد ازدهر روحيًا وربما ازداد في العدد.
|
ليس الرعاة وحدهم هم الذين يخفقون الاصغاء لتحذيرات أرواحهم. هناك أخطاء كان بإمكان كل واحد منا تفاديها, إن كانت لدينا حساسية كافية في أرواحنا لصوت الروح القدس. لذلك إن كنت تتحرك في اتجاه معين وتشعر بعدم راحة في روحك, لا تتقدم أبعد من ذلك. توقف واطلب الرب لتكتشف بالتحديد ما يتكلم به إلى روحك.
لا تسع للقيادة الملفتة للنظر
|
من ناحية أخرى, إن كنت تعلم في روحك, من خلال الشهادة الداخلية, بما يريدك الله أن تفعله, فلا تنتظر حتى يحدث شيئًا ملفتًا للنظر. أطع الشهادة الداخلية. بمعنى آخر, عندما يشهد الرب إلى روحك, من خلال الروح القدس, لكي تتحرك في اتجاه معين, كن حريصًا بعدم تجاهل تلك الشهادة الداخلية في انتظار أن يقودك الرب بطريقة ظاهرة وواضحة للعيان مثل رؤيا أو ملاك يظهر لك… وربما تكون أكثر عرضة للوقوع في هذه الخدمة, عندما يقودك الرب في اتجاه لا يريد جسدك أن يسير فيه.
على الرغم من أنه أحيانًا ما يقود الله أولاده من خلال رؤى أو أحلام أو من خلال أمور ملفتة للنظر, إلا أنه ليس من شأننا أن نخبر الرب عن الطريقة التي نريده أن يقودنا بها. فلا يوجد لدينا أي سند كتابي يعطينا الحق أن نطالب برؤيا أو أصوات مسموعة أو ظهور ملائكة.
لكن مع ذلك، فلدينا كامل الحق في المطالبة بكل ما يعدنا به الكتاب المقدس, وكلمة الله تخبرنا أن الروح القدس سوف يقودنا ويرشدنا إلى جميع الحق (يوحنا16: 13, رومية8: 14). لذلك دعونا نكتشف من كلمة الله كيف يقودنا الرب ويرشدنا عن طريق الروح القدس, وعندئذٍ نطلب أن يقودنا بالطريقة التي يراها مناسبة.
لقد أخطأت عندما تشككت في الشهادة الداخلية, التي كانت لديَّ من جهة العودة لرعوية الكنيسة التي في “فارم سفيل”, وبدأت أطالب بأمور ملفتة للنظر. وكما قلت سابقًا, لم تكن “أوريثا” أو حتى أنا نريد العودة إلى هذه الكنيسة. كنا نحب شعب الكنيسة لكن كنا نستاء من كل شيء آخر في هذه المدينة. بعدما اتفقت مع زوجتي أن الرب يقودنا للعودة إلى “فارم سفيل”, أودعنا الأمر بين يدي الله ليعمل فيه. وبعد مرور أقل من شهرين, اتصل بي واحدًا من لجنة القساوسة لهذه الكنيسة وقال لي: “يا أخ هيجن, لقد ترك الراعي الكنيسة هل تود العودة كراعٍ لكنيستنا؟”
لم أخبر هذا القس بما تكلم به الرب بالفعل إلى قلبي. لكني قلت: “حسنا, دعونا نقيم انتخابات ليدلي شعب الكنيسة عن رأيه ويصوَّت لاختياري”.
أجابني: “لهذا السبب قد اتصلت بك. لقد جاء الشعب إلى لجنة القساوسة وقالوا لهم: ‘ما رأيكم في عودة القس هيجن ليكون راعيًا لكنيستنا؟’”.
ذهبت لأعظ لبضع أيام فى كنيسة “فارم سفيل”, وبينما كنت هناك صوَّت الشعب لاختياري كراعٍ. على الرغم من أني كنت أعلم في داخلي بأني سوف أكون الراعي التالي لهذه الكنيسة, إلا أن ذهني ابتدأ ينجرف نحو التفكير من المنظور الطبيعي. بدأت أفكر: “هل أريد العودة حقًا إلى هناك؟ إن لم يكن لأجل الشعب, فلا يوجد شيئًا واحدًا يجذبني للعودة إلى هناك”. وهكذا بدأت أشكك في أمر الشهادة الداخلية. ثم حاولت أن أحصل من الرب على مزيد من القيادة الملفتة للنظر. فبدأت أصوم وأصلي يومًا بعد الآخر: “يا رب, تحرك.. تكلم إليَّ”. توقعت أنه سيكتب لي رسالة في السماء أو يلون لي صورة في السحب. أو على الأقل, يظهر لي ملاك أو أرى رؤيا أو يتنبأ لي أحدهم, ليؤكد مشيئة الله من جهة هذا القرار.
كنت ذات يوم أصوم وأصلي عندما تكلم إلي الرب. كنت وقتها راكعًا على ركبتي أصلي: “آه يا رب .. أعطني علامة..”. وفجأة تكلم إليّ مستخدمًا ذات الصوت الهاديء الرقيق قائلاً: “انهض من موضعك. لن أعطك أيّة علامة. أنت تضيع وقتك بالصوم والصلاة لأجل اظهارات ملفتة للنظر, مع أنك تعلم حقًا في داخلك بما ينبغي عليك فعله. فلتقم به إذًا”.
فأجبت: “أنت على صواب يا رب”. ولم أزد كلمة واحدة بشأن الأمر, وأطعت ما أخبرني به وقبلت رعوية الكنيسة التي في “فارم سفيل”. بعدما مرت الأيام, تباركنا بسبب طاعتنا لصوت الرب. لقد تعلمت درسًا من هذه الواقعة: وهو أني لن أسع أبدًا في طلب قيادة ملفتة للحواس مرة أخرى.
بعد مرور وقت طويل من هذا الاختبار بدأت أرى رؤى وإعلانات. لكن عندما حدث هذا, لم
أكن أصلي حتى يعطيني الرب رؤيا. فقد تعلمت أن أعتمد على قيادة الروح القدس, بأي طريقة يريد أن يقودني بها. وفي معظم الأحيان كان يقودني من خلال الشهادة الداخلية.
الصوت الرقيق الهاديء
لقد ذكرت سابقًا أنه بينما كنت أصلي وأصوم بشأن كنيسة “فارم سفيل”, تكلم الرب إلي عن طريق صوت رقيق هاديء.
إن هذا الصوت الرقيق هو صوت روحك, وهو يُعتبر ثاني أهم طريقة يقود الرب بها شعبه. كانت روحي تصغي لصوت الروح القدس, وهكذا كان الرب يقودني في ذلك الحدث.
والآن سوف أذكر مثالاً آخر من حياتي الشخصية, عندما قادني الرب من خلال هذا الصوت الرقيق الهاديء. كان ذلك في عام 1970, عندما كنت أقيم مع زوجتي, اجتماعات في مدينة نيويورك وفي مدن مختلفة. وذات يوم, بينما كنت أنقل متعلقاتنا الشخصية للفندق الذي كنا سوف نقيم فيه, بدأت أشعر باعياء جسدي. إن حدث ذلك مع شخص آخر فربما لا يعني له ذلك شيئًا. لكن طوال ستة وثلاثون سنة, منذ أن نهضت من فراش الموت, وأنا لم أصاب بنزلات برد أو أنفلونزا أو صداع طوال تلك المدة (والآن, قد مرت خمسة وخمسون عامًا ولم أصب بأنفلونزا أو صداع – ولا أتوقع حدوث ذلك. إنني لا أفتخر بنفسي لكني افتخر بيسوع طبيبي الشافي).
إن حدث وبدأت أعراض المرض تهاجمني, كنت اسلك وفقًا لـ (مرقس 11: 24) مثلما فعلت فى المرة الأولى, عندما نهضت من على فراش الموت. وطوال تلك السنوات, بمجرد أني أصلي صلاة الإيمان, كانت تزول الأعراض في الحال, أو ابتدأ أشعر بتحسن على الفور. لكن في هذه المرة, صليت صلاة الإيمان كالمعتاد لكن لم يحدث شيئًا. وعندما وصلت إلى غرفة الفندق استلقيت على الفراش من شدة التعب. وبينما كنت مستلقيًا, بدأت أطلب الرب لأعرف لماذا لم تعمل صلاة إيماني.
قلت للرب: “إنني لست متواصلاً معك من خلال الصلاة كما يجب. أعلم أن المشكلة ليست من طرفك, لأنك لا تتغير. لذلك فإنني أدرك أني قد أخفقت في زاوية ما. فلتخبرني يا رب أين تكمن المشكلة؟”
أجـابنـي الـرب – ليـس بصـوت مسمـوع لكـن مـن خـلال صـوت روحـي الرقيـق الهـادئ (إن
روحي تلتقط صوت الروح القدس وتتكلم به) – وقال لي: “ضع يديك على نفسك لكي تشفى. فمنذ أربعة وعشرين عامًا قد ظهرت لك وأخبرتك أني قد منحتك مسحة شفاء في يديك..”.
لم أتردد للحظة بوضع يديّ في الحال والصلاة لأجل نفسي. وفي ذات اللحظة شعرت بوهج دافيء يخرج من يدي ويتخلل جسدي, وبدأت أشعر بتحسن في الحال. قال لي الرب عندئذٍ: “لم تفعل ما أخبرتك به بخصوص خدمة الشفاء التي منحتها لك. إنها جزء من دعوتك..”. كنت قد توقفت عن خدمة وضع الأيدي لأكثر من خمس سنوات في الوقت الذي ظهر فيه الرب لي. لكن خدمة الشفاء كانت جزءًا من دعوة الله لحياتي. ثم أكمل قائلاً: “والآن, عد إلى مدينة “تولسا” وابدأ خدمة الشفاء مرة أخرى. أخبر الشعب أني ظهرت لك في رؤيا عام 1950, وأعطيتك مسحة للشفاء لكي تخدم للمرضى. وهذه المسحة سوف تحل عليك وتلازمك..”. ومن ذلك الوقت, أطعت الرب من جهة خدمة الشفاء, وبدأ كلامه يتحقق. صارت مسحة الشفاء تعمل من خلالي بدرجة عظيمة.
صوت الروح القدس الأكثر حسمًا
هناك طريقة أخرى يقود الرب بها شعبه وهي عن طريق صوت الروح القدس الأكثر حسمًا. كانت هناك أوقات في حياتي الشخصية حينما تكلم الروح القدس إلى روحي, بصوت يبدو مسموعًا, على الرغم من أن الأشخاص الذين حولي لم يسمعوا شيئًا.
كثيرًا بعدما كنت أسمع صوت الروح القدس الأكثر حسمًا كنت أسأل الأشخاص الذين يحيطون بي: “هل سمعتم هذا الصوت؟”. كان الصوت واضحًا جدًا بالنسبة لي لكنهم كانوا يجيبون: “كلا، لم نسمع شيئًا”.
إني أؤمن أن فيلبس المبشر (أعمال 8: 29) قد سمع صوت الروح القدس الحاسم: “قَالَ الرُّوحُ لِفِيلِبُّسَ: «تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هَذِهِ الْعَرَبَةَ!”. بغضّ النظر عمَّا إذا كان هذا الصوت مسموعًا للأشخاص الذين كانوا يحطون به أم لا, إلا أن فيلبس سمعه بوضوح.
هناك مثال آخر في سفر الأعمال والإصحاح العاشر يوضح صوت الروح القدس الحاسم. كان بطرس قد رأى للتو رؤيا بينما كان يصلي على سطح المنزل الذي كان مقيمًا فيه. لقد أخبره الرب في تلك الرؤيا بأن الخلاص متاح للأمم أيضًا (أعمال 10: 10-16).
(أعمال 10: 19، 20)
19 فِي هَذِهِ الأَثْنَاءِ كَانَ بُطْرُسُ يُوَاصِلُ التَّفْكِيرَ فِي مَعْنَى الرُّؤْيَا، فَقَالَ لَهُ الرُّوحُ: «بِالْبَابِ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ يَطْلُبُونَك
20 فَانْزِلْ إِلَيْهِمْ وَرَافِقْهُمْ بِلاَ تَرَدُّدٍ، فَإِنِّي أَنَا أَرْسَلْتُهُمْ»
من المحتمل أن الروح القدس قد تكلم إلى بطرس مستخدمًا هذا الصوت الحاسم (ع19). وإن كنت متواجدًا مع بطرس في ذلك البيت, فربما لم تسمع ما تكلم به الروح القدس, لكن صوت الروح كان حاسمًا ومسموعًا, حتى استطاع بطرس أن يميز ما قاله الروح.
من اختباري الشخصي, قد اكتشفت أنه في أغلب الأحيان, عندما يتكلم الرب إليَّ بهذا الصوت الحاسم- صوت الروح القدس- فهذا يعني أني على وشك اجتياز طريق عصيب. فكان الرب يتكلم إليَّ بهذا الصوت الحاسم كي ما أكون متمسكًا وثابتًا عندما تهب العاصفة. وعندما لا يكون هناك احتياج لمثل هذه القيادة الواضحة والقوية, كان الرب لا يتكلم إليَّ بمثل هذه الطريقة, بل كان يقودني من خلال الشهادة الداخلية.
نرى هذا المبدأ في الشاهد الكتابي السابق خلال ما حدث لبطرس, بعدما تكلم إليه الروح القدس. بعدما بشر بطرس كيرنيليوس وأهل بيته بالأخبار السارة, نال الجميع الخلاص وامتلأوا بالروح القدس (أعمال 10: 44-46). لكن بطرس تعرض لهجوم عنيف اثر ذلك. فبعد هذه الأحداث المذهلة التي جرت لبيت كرنيليوس, استدعى الأخوة اليهود بطرس للمساءلة. يقول الكتاب: “مَا إِنْ عَادَ بُطْرُسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَتَّى جَادَلَهُ دُعَاةُ الْخِتَانِ، وَعَارَضُوهُ قَائِلِينَ..” (أعمال 11: 2). فاضطر بطرس أن يبرر سبب كرازته للأمم قائلاً: “.. أَمَرَنِي الرُّوحُ أَنْ أَذْهَبَ مَعَهُمْ بِلاَ تَرَدُّدٍ، فَذَهَبْتُ” (أعمال 11: 12).
من هنا يتضح احتياج بطرس, إلى قيادة فائقة للمعتاد وبصورة حسية, من خلال صوت الروح القدس الحاسم حتى يستطيع الثبات واثقًا, عندما يتعرض لهجوم عنيف من قبل الأخوة اليهود. حتى ذلك الوقت, كان اليهود المؤمنين يقاومون دخول الأمم إلى العهد الجديد – لأنهم كانوا يجهلون أن خطة الله تشمل فداء الأمم أيضًا. لقد تكلم الرب إليّ في أوقات كثيرة من حياتي, من خلال صوت الروح القدس الحاسم عندما كنت على وشك اجتياز مصاعب.
على سبيـل المثال, كنت أفكر فى عام 1946, بشأن قبول رعوية كنيسة صغيرة في مدينة
“فان” بولاية تكساس. سألت الرب ذات مرة من جهة مشيئته لهذا الأمر, وفي الحال سمعت صوت الروح القدس الواضح والحاسم يتكلم لروحي. كان الصوت واضحًا جدًا, لدرجة أني اعتقدت أنه هناك شخص يقف خلفي قد تكلم إليَّ. قال لي الصوت: “ستكون الراعي التالي للكنيسة في مدينة “فان”. وستكون هذه هي أخر كنيسة سوف تقوم برعايتها”.
بعد مرور وقت قليل أدركت لماذا تكلم الرب إلي بهذا الصوت المسموع. لأنه إن لم يكن قد تعامل معي بمثل هذه القيادة الواضحة, لكنت قد تركت الكنيسة قبل أن أستلم رعويتها. لقد اكتشف أن هذه الكنيسة يُطلق عليها بين الخدام والمبشرين “كنيسة المشاكل”. كانت مليئة بمشاكل عديدة ومتنوعة, وكان شعبها منقسمًا إلى جزئين.
توجهت مع عائلتي لأعظ في هذه الكنيسة, حتى يستطيع شعبها أن يصوَّتوا لانتخابي راعيًا. وقد اكتشفت سريعًا صعوبة الوعظ في كنيسة وضع شعبها حاجزًا “وهميًا” في منتصف الكنيسة, ليفصلهما إلى مجموعتين: مجموعة تجلس في جانب الكنيسة تحارب المجموعة الثانية, على الجانب الأخر. كان جو الكنيسة العام باردًا وممتلئًا برائحة الموت, حتى أنه بدا لي, وكأن كل كلمة أعظ بها ترتد إليَّ مرة أخرى, وتصدمني في وجهي مثل الكرة المطاطية.
اعتقدت أني سوف أعظ لليلة واحدة وحسب، لكنهم كانوا قد رتبوا لكي أعظ عدة ليالي. كنت أضطر أن انتقل أنا وزوجتي والأولاد كل ليلة إلى مكان مختلف لنقيم فيه. مكثنا في منزل أحد الخدام ليلة وفي منزل خادم آخر الليلة التالية.
أخبرنا أحد الخدام: “إن مكثتم معي طوال الوقت فربما يغار بعض الشعب ويظنوا أني في صفك فيصوتون ضدك”.
هكذا تركنا كل أمتعتنا في السيارة وكنا نأخذ كل ليلة ما يكفينا لليوم التالي. وفي كل ليلة عندما كنا نذهب للفراش كنت أقول لزوجتي: “إن لم يكن الرب قد تكلم إليَّ بطريقة واضحة جدًا، لنهضت الآن وأخذت الأولاد واستقللت السيارة وغادرت دون أن أقول كلمة لأحد”. أراد جسدي أن يرحل بشدة، وعقلي أيضًا أراد ذلك. لكن روحي أبقتني ثابتًا لأن الله تكلم إليَّ بهذه الطريقة الواضحة.
لاحقًا عقدوا انتخابًا وحصلتُ على جميع الأصوات.
قال الجميع: “إنها معجزة القرن أن يحصل أحد على هذا التصويت من هذه الكنيسة”.
كنت أعلم طوال الوقت أني سآخذ هذه الرعوية لأن روح الله أخبرني بهذا.
كانت الستة أشهر الأولى, من رعاية هذه الكنيسة, أوقاتًا عصيبة! كان الراعي الأسبق لا يزال مقيمًا في تلك المدينة, وكان يزور بعض من أعضاء الكنيسة الذين كانوا لا يزالون منحازين له, ويقدمون له عشورهم. كان يخبر أي عضو يقابله من هذه الكنيسة, بأن الله لن يبارك هذه الكنيسة أبدًا, طالما أنه ليس راعيًا لها.
كان بمجرد أن يبتعد هذا الراعي عن المدينة قليلاً, ليقيم اجتماعات في بلدة أخرى, كنت أجد انفتاحًا ليس بقليل في عالم الروح, حتى أني كنت أعلم برحيله دون أن يخبرني أحد. كانت اجتماعات الكنيسة تنتعش, وكان المناخ الروحي يتحسن, وكنت أجد سهولة في إلقاء العظات. وعندما يعود, كنت أعلم برجوعه دون أن يخبرني أحد. عندما كنت أبدأ العظة, في صباح يوم الأحد, في الحال كنت أقول: “الأخ فلان قد رجع إلى المدينة”. كانت البرودة تخيَّم على جو الاجتماع, ويبدو وكأن الكلمات التي أتكلمها ترتد في وجهي مثل كرة مطاطية. كنت أخبر زوجتي بعد انتهاء خدمة مساء الأحد: “إن لم أكن متأكدًا من أن الرب يريدني أن أرعى هذه الكنيسة, لكنت قد استأجرت شاحنة ونقلت جميع متعلقاتنا فى منتصف الليل, وغادرت دون أن أخبر أحدًا أننا راحلين. وعندما يجيئون في اليوم التالي ويجدون منزل الرعوية فارغًا, سيظنون أن الاختطاف قد حدث..”. كنا نعاني على مدار الستة أشهر الأولى. كان الوضع صعبًا, لكن الأمور بدأت تتحول, بينما كنت أثابر سالكًا بالمحبة نحو الآخرين, وخصوصًا راعي الكنيسة الأسبق.
صممت في داخلي أني سوف أساعد هذا الراعي السابق بأي وسيلة مستطاعه لدي. وبمرور الوقت, سنحت لي الفرصة لأباركه. المحبة دائمًا تنتصر. حدث أن هذا الراعي وزوجته تصالحا مع شعب الكنيسة (التي كنت راعيًا لها في ذلك الوقت) وذهب بعدها وأسس كنيسة أخرى في بلدة مجاورة. وعلى الرغم من أن الشهور الأولى فى كنيسة “فان” كانت أوقاتًا عصيبة, بالنسبة لي ولأسرتي, إلا إنه بعد مرور عدة أشهر, تباركنا جدًا بسبب طاعتنا للرب.
في حادثة أخرى سمعت فيها صوت الروح القدس الحاسم, كان فى شهر مايو عام 1950. لقد سمعت صوتًا واضحًا ومسموعًا باللغة الانجليزية يتكلم إليَّ من السماء. كان الرب يسوع يتكلم إليَّ من خلال الروح القدس (يوحنا 16: 13).
قال لي يسوع: “لن تموت بل ستحيا.. أريدك أن تذهب وتعلَّم شعبي الإيمان. لقد علمتك الإيمان من خلال كلمتي, وسمحت لك أن تجتاز في اختبارات معينة حتى تمارس ما قد تعلمته. فأنت قد تدربت وتمرنت على الإيمان من خلال الكلمة والاختبار أيضًا. فلتذهب الآن وتعلَّم شعبي ما قد علمتك إياه.. اذهب وعلَّمهم الإيمان”.
ومنذ ذلك الحين وأنا حريص لأكون طائعًا لهذا الصوت السماوي. لهذا السبب تجدني
أعلَّم كثيرًا عن الإيمان أكثر من أي موضوع آخر. إن الضرورة موضوعة عليَّ لفعل ذلك. بالنسبة لي, إن التعليم عن الإيمان جزء من مشيئة الله لحياتي.
بعد هذا الاختبار الفائق للمعتاد, أطعت الرب وتوجهت إلى حقل الخدمة. وفي السنوات الأولى من العمل في حقل الخدمة, ذهبت أجوب الوديان والهضاب في شرق تكساس, أعلَّم عن الإيمان, في الوقت الذي لم يعلَّم أحد من قبلي عن هذا الموضوع. واجهت انتقادات واضطهادات؛ كانوا يتكلمون ضدي ويقاومونني. لكن لم أتردد البتة. لقد سلمني الرب إرسالية ومُهمة من خلال صوت الروح القدس الحاسم, لذلك واصلت التعليم عن الإيمان. لقد قررت مُسبقًا أنني سوف أطيع الرب, واتبع خطته لحياتي بغضّ النظر عما تكن.
كانت هذه بعض الأمثلة من حياتي الشخصية, حينما تكلم إليّ الرب من خلال صوت الروح القدس الحاسم حتى يعدَّني لما في خطته المستقبلية لحياتي. وهذا أمر كتابي.
الله يكشف لنا الأمور الآتية
تؤكد لنا كلمة الله أن الروح القدس سوف يكشف للمؤمنين أمورًا آتية في حياتهم: “عِنْدَمَا يَأْتِيكُمْ رُوحُ الْحَقِّ يُرْشِدُكُمْ إِلَى الْحَقِّ كُلِّهِ.. ويُخْبِرُكُمْ بِمَا يَسْمَعُهُ، وَيُطْلِعُكُمْ عَلَى مَا سَوْفَ يَحْدُثُ” (يوحنا16: 13). لذلك بإمكان كل مؤمن أن يتمسك بهذا الحق المُعلن فى (يوحنا 16: 13) ويتوقع أن يكتشف خطة الله لحياته الشخصية. بالطبع لن يكشف الرب جميع الأمور التي سوف تحدث في حياتنا دفعة واحدة. فهو لا يظهر خطته الكاملة لحياة الفرد منذ بدايتها إلى نهايتها دفعة واحدة, لأنه يريد منا أن نسير بالإيمان وليس بالعيان (2 كورنثوس 5: 7). فإن أظهر لك كل شيء فلن تعد في حاجة للسلوك بالإيمان (من جهة ما عرفته). لكن بدون إيمان لا يمكن أرضاء الله (عبرانيين 11: 6).
|
لذلك ستظل في خطة الله لحياتنا أمورًا مخفية حتى نسير بالإيمان, ونكتشف ما قد أعده لنا. قال بولس الرسول ذلك مرة: “.. إِنَّ مَعْرِفَتَنَا جُزْئِيَّةٌ وَنُبُوءَتَنَا جُزْئِيَّةٌ” (1كورنثوس 13: 9، 12).
في مثل هذه الأوقات أنت تحتاج لأن تسير بالإيمان. لكن الرب سوف يعطينا من حين لآخر لمحات عن المستقبل. وبينما
تحافظ على انفتاح مستمر على الروح القدس, سيبدأ الله يوقظ روحك لما سوف يأتي حتى تستطيع أن تُعدَّ نفسك, وتكون مستعدًا لخططه المستقبلية لحياتك.
لمحات عن المستقبل من خلال كلمة الحكمة
ربما يكشف الله خططه نحو المستقبل, من خلال موهبة كلمة الحكمة. فهذه واحدة من مواهب الروح القدس التسع المذكورة فى رسالة (كورنثوس الأولى 12: 8-10).
إن تعريف كلمة الحكمة يتضمن إعلانًا فائقًا للمعتاد بروح الله, يتعلق بخطط ومقاصد إلهية في فكر ومشيئة الله. وكلمة الحكمة يمكن أن تأتي من خلال طرق متنوعة؛ مثل الأحلام والرؤى أو صوت الروح القدس المسموع. ومن السمات المميزة لموهبة كلام الحكمة هي أنها تتعلق دائمًا بالمستقبل, سواء من خلال إعلان عن خطط الله المستقبلية, أو قيادة للمؤمن بشأن موقف ما أو تأكيد دعوة إلهية.. وعلى الرغم من أن استعلان موهبة كلمة الحكمة يكون أكثر تكررًا ووضوحًا في خدمة النبي, إلا إنها أحيانًا ما تعمل في حياة المؤمنين العلمانيين كيفما يشاء الروح.
لكن بغضّ النظر عما إذا كان هناك استعلان لموهبة كلمة الحكمة, فى حياة المؤمنين العلمانيين أم لا, فجميع المؤمنين يمكنهم أن يستقبلوا قيادة من الروح القدس تتعلق بأمورهم المستقبلية, التي سوف تأتي لحياتهم (يوحنا 16: 13). والآن, سوف أقدم مثالاً كتابيًا عن حادثة قدَّم الله فيها, كلمة حكمة لشخص. لقد كشف الرب ليوسف عن خططه المستقبلية لحياته من خلال كلمة الحكمة. وعندما كان يوسف لا يزال شابًا, أعطاه الله لمحة عن المستقبل من خلال حلمين منفصلين. فقد حلم يوسف أنه ذات يوم سوف يكون حاكمًا على اخوته, بل وحتى أبويه (تكوين 37: 5-10). قد أثار هذا غيرة اخوة يوسف, فباعوه عبدًا للإسماعيليين (تكوين 37: 27، 28). وعلى الرغم من أن الرب قد أنجح يوسف وهو لا يزال عبدًا, إلا أنه قد اتُهم باطلاً وأُلقي به في السجن (تكوين 39: 7-20).
قضى يوسف سنوات عديدة في السجن. وبطريقة لا شعورية, يتولد لدى أي إنسان مرارة, بعد قضاء كل هذا الوقت في السجن بسبب اتهام باطل. وإن وُضع معظم الناس في موقف مشابه, لاستسلموا, ونسوا ما تكلم به الله إليهم.
هكذا يتضح, أنه عندما يعطي الله كلمة حكمة لأحد, فكثيرًا ما لا يدرك هذا الشخص, طول المدة التي ربما تستغرقها هذه الكلمة حتى تتحقق. كما أنه ليس بالضرورة أن يعرف جميع الأمور, التي سوف تحدث خلال هذه الفترة حتى تتحقق هذه الكلمة. وكثيرًا ما تتحقق بطريقة مختلفة تمامًا عما كان يتوقعها الفرد. لهذا السبب, يتوجب على كل مؤمن أن يترك أمر تحقيق كلمة الحكمة بين يدي الرب. وكل ما عليه فعله هو أن يمارس إيمانه من جهة ما أخبره به الرب.
|
هذا ما فعله يوسف, فلسنوات عديدة بدا كل شيء يدعو لليأس. لكن يوسف ظل واثقًا في الرب. ولكونه أمينًا نحو الله, تحققت كلمة الحكمة التي نالها وهو لا يزال فتي. لقد رفع الله يوسف وجعله وزيرًا مرموقًا لأعظم دولة في هذا الوقت (تكوين 41: 38-41). وفي النهاية, شهد يوسف تحقيق الأحلام التي
نالها من الرب عندما انحنى اخوته أمامه لكونه الرجل الثاني في أرض مصر (تكوين 42: 6).
باستطاعتي أن أشارك بأمثلة عديدة من حياتي الشخصية, عن مواقف استقبلت فيها قيادة من الرب, عن طريق كلمة الحكمة. في بعض الأحيان, كانت تجيئني كلمة الحكمة من خلال صوت الروح القدس المسموع والأكثر حسمًا. ومرارًا عديدة كان الرب يوقظني في منتصف الليل من خلال صوت الروح القدس المسموع, ويخبرني بأمور تتعلق بالمستقبل, حتى يتسنى لي إعداد نفسي لما سوف يأتي.
على سبيل المثال, كنت اعقد اجتماعًا عام 1956 في ولاية “كاليفورنيا”, وعند شروق الشمس قفزت وجلست على الفراش فجأة وكأن أحدهم لمسني. سمعت صوت الروح القدس يتكلم إلي بصوت مسموع, وبوضوح, وكأن شخص يقف بجواري في حجرة النوم. سمعت هذه الكلمات: “هناك صحوة اقتصادية قادمة. سوف تأتي صحوة وليس كساد. لذا استعد..”. مرت شهور على هذا الاختبار, ولم أعدَّ نفسي كما ينبغي. ولأني لم أصغ لتحذير الروح القدس, انتهى بي الأمر إلى الوقوع في مشاكل مادية. لكن مع ذلك, ابتدأ الرب يساعدني حتى أُخرج نفسي من المشاكل التي وقعت فيها, لأني لم أصغ لصوت الروح القدس.
وقعت حادثة مشابهة عام1974, لكن في هذه المرة أطعت ما أخبرني به الروح القدس. حدث هذا في السنة الأولى لـ “ريما” مركز تدريب الكتاب المقدس, حيث كنا لا نزال نعقد اجتماعاتنا في كنيسة جماعة الله “بتلسا”. في صباح أحد الأيام وعند الساعة السادسة إلا ربع صباحًا, استيقظت وجلست على الفراش فجأة. تكلم الرب إليَّ قائلاً: “هناك أزمة اقتصادية قادمة على أمريكا, فاستعد لها. وإن فعلت ما سأخبرك به سترى نتائج هذه الأزمة حولك لكنك لن تتأثر بها كما يتأثر الآخرون”.
كتبت بالتحديد ما اخبرني به الرب. قال لي: “أولاً: توقف عن تمويل الإرساليات والبعثات التي لم أخبرك أبدًا للاشتراك بها أو تدعيمها فى المقام الأول. ثانيًا: أنقص ميزانية الرواتب عن طريق الاستغناء عن الموظفين الكثيرين الذين فوق الاحتياج (وقد اخبرني بالضبط عن عدد الموظفين الذين يجب الاستغناء عنهم). ثالثًا: رشَّد من النفقات. أدر نفقات الخدمة بتسعين بالمائة من دخلك ثم ادخر العشرة بالمائة الباقية”.
بدأت في الحال باطاعة توجيهات الرب. استدعيت زوج ابنتي “بادي هارسيون”, الذي كان مدير مكتبي في ذلك الوقت, وقلت له: “أريد أن أجتمع مع جميع الموظفين الساعة الثانية ظهرا”. وعندما توجهت إلى الاجتماع أخذت معي قطعة الورق التي كتبت فيها ما تكلم به الرب إليّ وأخبرت الموظفين: “سوف أخبركم الآن بما تكلم به الرب إليّ في هذا الصباح”. ثم قرأت لهم ما هو مكتوب.
قلت لهم: “سوف أفعل بالضبط ما أخبرني به الرب. لم يحدث أني تعرضت لمشاكل إطلاقًا طالما أصغيت له. في الحقيقة, كل مرة كنت أتجاهل ما يقوله لي كنت أقع فى مشاكل. والآن, لا أريد أن أعاني من توابع عصياني له”.
اتبعت بالفعل توجيهات الرب, وقمنا بتخفيض أعداد الموظفين كما طلب الرب. كذلك تراجعنا عن إرسال بعثات وإرساليـات, لأن الـرب لم يخبرنا بهـذا علـى الإطـلاق. ولأنـي أطـعت
الرب, سار كل شيء على ما يرام. وبدأت بادخار عُشر دخل الخدمة كما أرشدني الرب.
في عام 1976, وجدت أنفسنا في احتياج لشراء قطعة أرض, لنقيم عليها مباني متعددة. فأدركت عندئذٍ أنه لولا أننا أطعنا الرب وقتها, وادخرنا مبلغًا من المال منذ عام 1974, لما وجدنا مالاً كافيًا لنبتاع قطعة الأرض الواقعة في “بروكن أور” حاليًا.
لقد قدم الرب لنا تحذيرًا من خلال كلمة الحكمة, عن طريق صوت الروح القدس المسموع. ولأننا أطعنا بالفعل توجيهاته, لم تتأثر خدمتنا سوى بقدر ضئيل جدًا, من الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت الولايات المتحدة بأكملها عام 1975.
لقد اجتزنا تلك الأزمة دون أي معاناة مادية, واستطعنا أن نسير في خطة الله لنا, ونتنقل إلى المكان الجديد في “بروكن أرو”. إن طاعة الله دائمًا ما تأتي بنتائج. ومن إحدى الطرق التي يكتشف عن طريقها المؤمنون خطة الله لحياتهم, تأتي من خلال كلمة الحكمة, التي ربما يعطيها الروح القدس لشخص, ليؤكد دعوة الله لحياته وإرساليته له.
على سبيل المثال، نالت سيدة مُرسلة قيادة إلهية خارقة للمعتاد من خلال كلمة حكمة, تكلم بها أحد الأشخاص عن طريق الألسنة وترجمتها. كانت هذه الكلمة تؤكد لهذه المُرسلة دعوة الله على حياتها. فقد كانت هذه السيدة تخدم في الهند لسبع سنوات قبل أن تعود بخيبة أمل إلى الولايات المتحدة.
وذات يوم, كانت هذه المُرسلة تتحدث عن إرساليتها في إحدى مدارس الكتاب المقدس, عندما وقف فجأة أحد الطلاب وابتدأ يتكلم بالألسنة. بعدما انتهى, انتظر الجميع أن يقوم أحد بالترجمة, لكنهم انتظروا طويلاً. كانت هذه المرسلة جالسة على المنبر, فابتدأت تبكي. لقد تأثرت كثيرًا برسالة الألسنة. وفي النهاية, وقفت وتقدمت نحو المنبر وقالت: “لا نحتاج لترجمة هذه الرسالة. إنها تخصني..”. ثم شرحت قائلة: “لقد تكلم هذا الشخص بإحدى اللكنات الهندية التي يتحدث بها شعب المدينة التي خدمت فيها لسبع سنوات. في الحقيقة, إن مدير الإرسالية التي أنا تابعه لها, لا يعرف هذا الكلام. لقد حدث في الآونة الأخيرة أني بدأت أجول في جميع أنحاء الولايات المتحدة, لأجمع أموالاً لتعضيد المرسلين في الهند, لأني لم أكن أنوي العودة إلى هناك أبدًا. لكن الرب تكلم إليَّ من خلال هذه الألسنة وأكد لي دعوته. قال لي: “لقد دعوتكِ إلى الهند. ارجعي واخدمي هناك”.
ثم أشارت إلى الطالب الذي تكلم الرب من خلاله, وأعطاه هذه الألسنة بشأن مستقبلها في الهند.
من خلال موهبة كلمة الحكمة, أعطى الرب هذه المُرسلة قيادة فائقة للطبيعة مؤكدًا على دعوته لها إلى الهند. وقد عادت هذه السيدة بالفعل إلى الهند وقضت خمسة وثلاثين عامًا إضافيين مكملة مشيئة الله لحياتها.
لقد قدمت أمثلة عديدة, سواء من كلمة الله أو حياتي الشخصية وحياة الآخرين, لأوضح بعض الطرق التي يستخدمها الروح القدس, ليقودنا في خطة الله لحياتنا. لكن تذكر أن الطريقة الأولى والأساسية التي يقودنا بها الله, هي من خلال الشهادة الداخلية. ربما يختار أن يقودنا ببعض الطرق الظاهرة للعيان, لكن لا ينبغي علينا أن نسعى لطلب أصوات مسموعة أو أحلام أو رؤى. كل ما نحتاج فعله هو أن نطلب الرب, منتظرين أن يقودنا من خلال الروح القدس, مثلما يقول الكتاب. بالطبع, هناك مسئولية شخصية تقع علينا في الانتظار أمام الرب في الكلمة والصلاة لكي نستقبل قيادة لحياتنا. لذلك ثق أن الروح القدس سوف يعطيك قيادة بالطرق التي يراها مناسبة, واحرص أن تكون حساسًا لقيادته, مطيعًا لكل ما يخبرك به, حتى تكون مستعدًا لما سوف يأتي على حياتك. وإن حرصت أن تكون طائعًا وراغبًا, فسوف يقودك الرب خطوة بخطوة, نحو اكتمال خطته ومقاصده لحياتك.
| ||||
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.