سراج الرب
لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ.
(رومية 8: 14)
فَالرُّوحُ نَفْسُهُ يَشْهَدُ مَعَ أَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ.
(رومية 8: 16)
رُّوحُ الإِنْسَانِ سِرَاجُ الرَّبِّ يُفَتِّشُ كُلَّ مَخَادِعِ الْبَطْنِ.*
(أمثال 20: 27 منقولة عن الترجمة الإنجليزية)
يستطيع أبناء الله أن يتوقعوا الإنقياد بالروح القدس.
لعل أمثال 20: 27 قد تُترجم في عصرنا الحالي كالتالي: “روح الإنسان هي مصباح الرب”. وهذا يعنى أن الله سوف ينيرنا ويقودنا .. من خلال أرواحنا.
مع ذلك، فكثيرًا ما نطلب القيادة بطرق أخرى خلافًا لتلك التي تكلم عنها الله. وعندما نفعل ذلك، تواجهنا المشاكل. وأحيانًا أخرى نحدد الطريقة التي سيقودنا الله بها من خلال ما تخبرنا به حواسنا الجسدية. لكن لم يذكر الله قط أنه سيقودنا من خلال حواسنا الجسدية. وكثيرا جدًا ما ننظر إلى الأمور من وجهة نظر عقلانية محاولين إستنباط الأمور بالمنطق. لكن لم يذكر الكتاب قط أن الله سيقودنا من خلال عقولنا. فالكتاب لا يقول أن الجسد هو سراج الرب، أو أن ذهن الإنسان هو سراج الرب.. إنما يقول أن روح الإنسان هي سراج الرب.
سيقودنا الله وينيرنا من خلال أرواحنا.
والآن، قبل أن نعرف كيف يقودنا الله ويرشدنا من خلال أرواحنا، فإننا نحتاج أن نفهم طبيعة الإنسان وندرك أن الإنسان هو روح.. يمتلك نفسًا، ويحيا في جسد.
الإنسان روح أبدي
وَقَالَ اللهُ: “نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ”.
(تكوين 1: 26 و27)
إن الإنسان هو كيان روحي، فهو مخلوق على صورة الله. قال يسوع في يوحنا 4: 24 أن الله روح؛ لذلك لابد أن يكون الإنسان هو روح أيضًا. فالإنسان هو روح يمتلك نفسًا ويعيش في جسد مادي (1 تسالونيكي 5: 23).
بينما يكون الجسد المادي للإنسان ميتًا وموضوعًا في القبر، فإن الروح تظل حية. هي ذلك الجذء من الإنسان الذي يظل خالدًا. فالأرواح لا يمكن أن تموت أبدًا.. والإنسان هو روح. يتكلم بولس في الشاهد التالي عن الموت الجسدي:
فيلبي 1: 23 و24 الترجمة العربية المبسطة
فَأَنَا مُحتَارٌ بَينَ البَدِيلَينِ: لِيَ اشتِهَاءٌ أَنْ أَترُكَ هَذِهِ الحَيَاةَ وَأَكُونَ مَعَ المَسيحِ، فَذَلِكَ أَفضَلُ جِدًا لِي. لَكِنَّ بَقَائِي هُنَا فِي الجَسَدِ هُوَ أَكثَرَ نَفعًا لَكُمْ.
سوف يُكمل بولس الحياة.. سواء في هذا الجسد أم خارجه، فسيظل حيًا. إذا بقى وعاش في الجسد، سيقدر أن يُعلِّم كنيسة فيلبي ويكون بركة لهم.. وهذا هو إحتياجهم بالأكثر. ومع ذلك، فإذا رحل بولس ليكون مع المسيح، سيكون ذلك أفضل بما لا يُقاس. بهذا كان يقول: “إما أن أحيا في الجسد أو أرحل وأكون مع المسيح”.
تُرى مَن الذي يريد أن يرحل؟ إنه الفاعل الحقيقي في هذه العبارة. لم يكن بولس يتكلم عن جسده، لأن الجسد لن يرحل. إنما كان بولس يتكلم عن الإنسان الداخلي، روح الإنسان التي تحيا في الجسد.
يتساءل البعض أحيانًا: “هل سنعرف بعضنا البعض في السماء؟” فأسألهم على الفور: “هل تعرفون بعضكم البعض على الأرض هنا؟”
كما ترى.. فأنت الشخص الذي سيتواجد في السماء. إن كنت تعرف الآخرين هنا، فستعرفهم هناك أيضًا. إذ أن شخصك الموجود هنا سيظل هو شخصك هناك أيضًا.
يقول بولس: “سوف أترك هذه الحياة وأكون مع المسيح، فذلك أفضل جدًا”. أحب تلك العبارة! إن كان قد إكتفى بالقول أن “ذلك أفضل”، لكان هذا جيدًا.. لكنه قال أنه “أفضل جدًا”.
تُعلِم بعض المذاهب الخاطئة أنه عندما يموت الإنسان، يكون مثل كلبٍ ميتٍ. لكن الإنسان ليس كذلك. إنه أكثر من مجرد جسد.. إنه روح، يمتلك نفسًا ويحيا في جسد. يقول البعض أنه عندما يموت الإنسان يصبح في “نعاس نفسي”. لكن الكتاب لا يُعلِّمنا هذا. آخرون يقولون أن الروح تغادر بالفعل، لكنها ترجع مرة ثانية في صورة بقرة أو كلب أو شخص آخر. لكن تناسخ الأرواح ليس أمرًا كتابيًا. إن التصقتَ بكلمة الله، ستجدها تحِّل كل القضايا المتعلقة بهذا الموضوع. قال بولس: “سأنتقل وأكون مع الرب، وذلك أفضل جدًا”.
لقد وعظ بولس وعلَّم عن تلك الحقائق ذاتها في كل الكنائس. وهو يستعمل هنا كلمات مختلفة ليعلِّم نفس الحق المبارك لكنيسة كورنثوس.
2 كورنثوس 4: 16
… بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا.
يوجد إنسان داخلي وإنسان خارجي أيضًا. الإنسان الخارجي ليس هو شخصك الحقيقي، إنما هو المنزل الذي تعيش فيه وحسب. لكن الإنسان الداخلي هو شخصك الحقيقي. هذا الإنسان لا يتقدم في العمر أبدًا، إنما يتجدد يومًا بعد يوم.. وهو روح الإنسان.
ما هي الروح الإنسانية؟ ليتك تتذكر الشواهد التي ذكرناها في المقدمة. فرسالة رومية 8: 14 تقول: “لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ”. ثم يعطينا العدد 16 لمحة بسيطة عن الطريقة التي يقودنا بها روح الله: “فَالرُّوحُ نَفْسُهُ يَشْهَدُ مَعَ أَرْوَاحِنَا ِأَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ”. يقول سفر الأمثال 20: 27 أيضًا: “رُّوحُ الإِنْسَانِ سِرَاجُ الرَّبِّ…”. وفقًا لهذه الشواهد يتضح لنا أن الله سوف يقودنا من خلال أرواحنا؛ لذلك لابد أن نكتشف ما هي طبيعة أرواحنا.
قال يسوع لنيقوديموس: “لَنْ يَرَى أَحَدٌ مَلَكُوْتَ اللهِ مَا لَمْ يُوْلَدْ ثَانِيَةً” (يوحنا 3: 3). ولكون نيقوديموس طبيعيًا، إستطاع أن يفكر بالفطرة وحسب. لذا قال: “كَيْفَ يُمْكِنُ لأِحَدٍ أَنْ يُوْلَدَ ثَانِيَةً وَهُوَ عَجُوْزٌ؟ أَيُمكِنُهُ أَنْ يَدخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُوْلَدَ؟” (ع 4 الترجمة العربية المبسطة).
لم يكن يسوع يتكلم عن الميلاد الجسدي. فعندما قال: “اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ” (ع 6)، كان يتكلم عن الميلاد الروحي.
إن روح الإنسان هي ذلك الجزء الذي يُولد ثانيةً وينال حياة أبدية .. حياة وطبيعة الله. إنها روح الإنسان التي صارت خليقة جديدة في المسيح. يدعو بولس روح الإنسان بـ “الإنسان الباطن”. بينما يدعوها بطرس “إنسان القلب الخفي”.
1 بطرس 3: 4
… بَلْ إِنْسَانَ الْقَلْبِ الْخَفِيَّ فِي الْعَدِيمَةِ الْفَسَادِ، زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ.
كثيرًا ما يتكلم الكتاب عن القلب، ويقصد به روح الإنسان، التي هي الإنسان الحقيقي. إن فكرت بهذه الطريقة ستقوي حياة إيمانك.
يمكنك أن تستبدل كلمة قلب في العهد الجديد بكلمة روح، وسترى بوضوح ما يتكلم الكتاب عنه. إنها روح الإنسان التي تُولد ثانية.
2 كورونثوس 5: 17
إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.
يتكلم هذا الشاهد عن الإنسان الداخلي ولا يقصد أبدًا الإنسان الخارجي. فبعد أن تُولد ثانية وتصير خليقة جديدة، لا تحصل على جسد جديد. إذ يظل الإنسان الخارجي كما كان من قبل. فإن كنت أصلعًا قبل أن تنال الميلاد الثاني، فسوف تظل هكذا بعده. وإن كانت عيناك بنية اللون قبل الخلاص، ستظل هكذا بعده أيضًا. فالإنسان الخارجي لا يتغير والله لا يفعل معه أي شيء. (تحتاج أنت أن تفعل شيئًا بنفسك مع هذا الجسد وتكتشف من الكتاب ما يريدك الله أن تفعله معه، ثم تنفذه بعد ذلك). إنما يتعامل الله مع ذلك الإنسان الداخلي ويجعله إنسانًا جديدًا وخليقة جديدة في المسيح. نعم.. خليقة جديدة!
الإدراك الروحي
… وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً….
(1 تسالونيكي 5 : 23)
يبدأ بولس في المقطع الكتابي السابق من الداخل؛ من أعمق جذء في الإنسان.. من قلب كيانه، الذي هو روحه، ثم يخرج إلى الخارج.
مع ذلك، فمعظم الناس يقتبسون هذا الشاهد بطريقة خاطئة. فهم يذكرون الجسد أولاً ثم النفس وبعد ذلك الروح. لماذا يضعون الجسد في الأول؟ لأنهم مدركون لأمور الجسد أكثر من إدراكهم لأمور الروح. الأمور الطبيعية أكثر أهمية لديهم من الأمور الروحية، لذلك يضعون الأمور الجسدية أولاً.
كذلك أحيانًا ما نكون أكثر إدراكًا للعقل لأننا نحيا في عالم الفكر.
لكن الإنسان هو كائن روحي، لذا نحتاج أن نكون مدركين للروح. وكلما ازداد إدراكنا للروح، كلما صارت الأمور الروحية أكثر واقعية لنا.
وان كنا نريد أن ننقاد بروح الله، فلابد أن نصبح أكثر إدراكًا للروح، وإلا سَنُحرَم من التمتع بالقيادة الإلهية. لأن روح الله يقودنا من خلال أرواحنا.
ضع الروح في المقام الأول وكن أكثر إدراكًا لها ولإنسانك الداخلي. تذكَّر أنك كائن روحي وقد صرت خليقة جديدة في المسيح يسوع.. فهذا سيساعدك لكي تنمو روحيًا.
بدأت منذ سنوات عديدة أفكر بهذه الطريقة، وبدأت أقول لنفسي بصوت مرتفع: “أنا كائن روحي، أمتلك نفسًا وأعيش في جسد”. وقد ساعدني هذا الإعلان أن أصبح أكثر إدراكًا للروح. كما عضد إيماني، لأن الإيمان هو من الروح (القلب).
* يذكر الأصل العبري لأمثال 20: 27 كلمة “روح” بدلاً من “نفس” (الكلمة المذكورة في الترجمة التي لدينا). بالإضافة إلى أن معظم الترجمات الإنجليزية تستخدم كلمة “روح”، لهذا السبب استخدمنا هذه الكلمة لأنها أدق.
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.