المشاعر: صوت جسد
“الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا…” (رومية 16:8).
كثيراً ما يعتقد الناس بأن الشهادة التي تتحدث عنها هذه الآية هي أمر مادي جسدي.رغم أن هذا ليس صحيحاً. إنه أمر روحي. لأن روح الله يشهد لأرواحنا وليس لأجسادنا. فأنت لا تستطيع أن تسلك بالمشاعر الجسدية.
فنحن نخلط بين الأمور بسبب الطريقة التي نتحدث بها. فعندما نقول مثلاً: “إنني أشعر بحضور الله”. نكون بهذا أخطأنا. إذ أننا نشعر بحضور الله روحياً. إستخدم كلمة “الشعور” بتعقل وتروي؛ لأن هذا يسبب إنطباعاً خاطئاً بأن كل المشاعر هي مشاعر جسدية. فلا تخلط الأمور الروحية بالأمور الجسدية.
الشعور هو صوت الجسد.
والمنطق هو صوت النفس، أو العقل.
أما الضمير فهو صوت الروح.
فإذا سلكت بالمشاعر، فلا بد وأن تقع في الكثير من المتاعب. وهذا هو سبب تأرجح الكثيرين من أعلى إلى أسفل والعكس (إنني أطلق عليهم إسم مؤمنين الهيلاهوب)، تارة إلى أعلى وتارة إلى أسفل، مرة إلى الداخل وأخرى إلى الخارج. إنهم لا يسلكون بالإيمان أو بقيادة أرواحهم. بل يسيرون وفقاً لمشاعرهم وأحاسيسهم.
فعندما يشعرون بأنهم على ما يرام، يقولون: “مجداً للرب، لقد خلصت. هللويا، لقد امتلأت بالروح. كل شيء على ما يُرام”. وعندما يواجهون المشاكل، تكمد وجوههم ويقولون: “لقد خسرت كل شيء. إنني لم أشعر بما كنت أشعر به من قبل. لا بد وأن أكون قد إنحدرت روحياً”.
إنني أستمع إلى كثيرين وهم يتحدثون عن الوديان التي في حياتهم، ثم يتحدثون عن القمم، ثم يعودون مرة أخرى ويتحدثون عن الوديان. إنني لم أختبر قط الوديان في حياتي. لقد خلصت منذ أكثر من خمسين عاماً، ولم أتواجد قط في أي مكان سوى قمم الجبال. فليس من الضروري أن تتواجد أسفل القاع، أو أسفل الوادي.
يتحدث الناس عن “إختبارات الأوديه” رغم أنني لم أختبر تلك الإختبارات قط. نعم لقد كان هناك الكثير من المتاعب والتجارب، إلا أنني كنت دائماً هناك على قمم الجبال، أشق طريقي – وأحيا فوق كل تلك المتاعب والتجارب.
أتت إلينا سيدة، كنا نخدمها منذ عدة سنوات، وأخبرتنا عن إبنتها التي كانت تبلغ التاسعة والثلاثين من عمرها. كانوا على وشك الذهاب لإجراء عملية جراحية بسبب ظهور ورم ما بجسمها. وقد إكتشفوا بعد بضعة فحوصات طبية أنها مصابة بمرض السكر. وبعد عدة محاولات فاشلة للتحكم في هذا المرض. راحت في غيبوبة. أجمع ثلاثة أطباء بأنه لا يمكن إسترجاع وعيها، وأنها حتماً ستموت.
قالت هذه الأم: “هل تستطيع أن تضع يديك على هذا المنديل؟”،فصلّينا ووضعت يديّ على المنديل. ثم إستقلت الأم الأتوبيس ورجعت مسافة 300 ميلاً لتذهب إلى المستشفى حيث إبنتها طريحة الفراش فاقدة الوعي. وصلت إلى أنبوبة الأكسجين ووضعت المنديل على صدر إبنتها. وفي اللحظة التي وضعت المنديل عليها، عادت الإبنة إلى وعيها وحصلت على شفائها وولادتها الثانية وامتلأت بالروح القدس وبدأت تتكلم بألسنة، كل هذا كان في وقت واحد.
أثارت هذه الحادثة دهشة الممرضات فاستدعوا الطبيب الذي قال: “إنه شيء رائع أن تسترجع وعيها، ولكن يجب أن تحافظ على هدوءها”. فأعطاها مهدئاً، ولكن هذا المهديء لم يفد بشيء. لقد ظلت تتكلم بألسنة وتصرخ قائلة: “لقد شفيت… لقد شفيت … لقد شفيت”.
وفي اليوم التالي، قام الأطباء بإجراء بعض الفحوصات الطبية. لم يكن هناك خللاً في الدم بل كان سليماً وصحيحاً. لم تكن هناك أية آثار لمرض السكر. إختفى كذلك الورم نهائياً. وبعد ذلك، قال لها الطبيب: “لن أحصل منك على أية نقود، لأننا لم نفعل أي شيء. إن قوة ما، تفوقنا، هي التي فعلت هذا”.
والآن، وبعد مرور ثلاثة سنوات، جاءت الإبنة، التي كانت تبلغ من العمر الثانية والأربعون، مع أختها في الساعة الثانية صباحاً. لأنها إكتشفت ظهور ورم آخر.
لقد ظننت أنها أتت لتشهد عن شفائها. ولكن عندما علمت بظهور المرض مرة أخرى قلت لها: “بإمكانك أن تحصلي على الشفاء مرة أخرى. فقط سنقوم بوضع الأيدي عليكي الآن”.
أجابت، والدموع تملأ عينيها: “يا أخ هيجين، لا فرق عندي إذا حصلت على الشفاء أم لا. كل ما أريده حقاً هو أن أعود مرة أخرى إلى علاقتي التي كنت عليها مع الله، ثم أموت بعد ذلك وأذهب إلى السماء”.
عندما قالت هذا، علمت بأنها تدهورت في حياتها الروحية. نظرت إليّ نظرة أسف، وأدركت أنها لا بد وأن تكون قد إرتكبت خطية، فقلت لها: “إن الرب سوف يغفر لك …” ثم إقتبست لها بعض آيات الإنجيل التي تتكلم عن هذا الأمر وقلت لها: “سنركع جميعاً الآن بجانب هذه الأريكة. (كانت زوجتي وأخت هذه السيدة معنا أيضا في هذا المكان). سأركع بجانبك. ليس عليك الآن أن تعترفي لي، بل إحكي كل شيء للرب وهو سيغفر لك”.
نظرت إليّ وقالت: “يا أخ هيجين، لقد فتشت داخل قلبي، وحسب ما أعرف، لم أجد علّة واحدة داخلي، ولم أفعل أي شيء خطأ”.
تأزّم الموقف أمامي. خاصة أنني لم أنم مبكراً في الليلة الماضية – كنت أقود سيارتي مسافة طويلة وأعقد إجتماعات يومية – وبينما كنت مستغرقاً في نوم عميق، إستيقظت على صوت قرع الباب في ساعة مبكرة من الفجر، حتى أنني على ما أعتقد قد تحدثت عندئذ إلى هذه السيدة بحدة. نعم لقد كلمتها بحدة.
قلت: “إنهضي من الأرض. وإجلسي على هذه الأريكة. لو أنك ما إرتكبتي خطأ فلماذا تريدين العودة مرة أخرى إلى الله؟”
قالت: “حسناً، إنني لا أشعر بما كنت أشعر به من قبل”.
قلت: “وما هو الخطأ في هذا الأمر؟ فإذا كنت أنا قد إعتمدت على مشاعري، لكنت أعلنت قبل أغلب العظات بأن حياتي الروحية قد تدهورت”.
نظرت إليّ وقالت: “هل تعني أن الوعاظ يشعرون أيضاً بما أشعر أنا به؟”
قلت: “نعم، فنحن بشر مثل باقي البشر. ففي الحقيقة، إذا كنت أسير بمشاعري الآن لكنت طلبت منك أن تُصلي من أجلي. لأنني لا أشعر بأي شيء الآن ولم أشعر بشيء منذ أن أتيت هنا”.
فسألتنا: “فماذا تفعل إذن؟ وكيف تستطيع أن تصلي إذا كنت لا تشعر بشيء؟”.
أجبت: “أنا لا أصلي من خلال المشاعر، إنني أصلي دائماً متخطياً إياها. فالمؤمن يجب أن يسلك هكذا، عليه أن يعيش في شركة مع الله كل يوم، وكل ساعة بل وكل دقيقة”.
قالت: “فماذا تفعل إذن؟”
قلت لها: “حسناً، إجلسي هنا فقط وراقبيني. سأغمض عيني وأصلي، ولكن إفتحي أنتي عينيك”.
ثم صليت وقلت: “أيها الرب الغالي، إنني سعيد جداً لأنني إبنك. ولأنني نلت الخلاص. وتمتعت بالولادة الثانية. إنني لا أشعر بشيء. ولكن ليس هذا بالشيء المهم. إن إنساني الداخلي هو إنسان جديد. وهو خليقة جديدة في المسيح. أريد كذلك أن أشكر، ليس لأنني وُلدت ثانية فحسب، بل لأنني امتلأت بالروح القدس أيضاً، وأن الله الآب والإبن والروح القدس يسكن فيّ. أريد أن أشكرك من أجل هذا. هللويا!”
لم أشعر بشيء وأنا أعلن هذه الحقائق، ومع ذلك فقد أعلنتها. ولكن عندما إعترفت بهذه الأمور في روحي، بدأت أشعر في داخلي بشيء مثل الفقاعات. كان هذا بمثابة تحرك وإظهار لروح الله. إستمررت لا أشعر بشيء، ولكنني أحسست بتلك الفقاعات في روحي، وهي تخرج من حنجرتي. بدأت أضحك – فهناك ضحك بالروح – وبدأت أتكلم بألسنة.
قالت السيدة: “إن وجهك قد أضاء. لقد تغيّرت ملامحه”.
قلت: “كان هذا النور موجوداً كل الوقت. لقد أوصى بولس تيموثاوس أن يضرم الموهبة التي فيه. وكل ما فعلته هو أنني أضرمت الشيء الذي كان فيّ كل الوقت.”
قالت: “وهل أستطيع أن أفعل ذلك أيضاً؟”
قلت: “نعم، يمكنك”.
وفعَلَت هذا. لقد أضرَمَت كل ما كان بداخلها كل الوقت.
لا أتذكّر أننا صلينا حتى من أجل الورم. ولكنه إختفى.
ثبت إيمانك على الكلمة – وليس على مشاعرك.
فالكتاب لا يقول ففي رومية 16:8 بأن الروح يشهد لأجسادنا أو لمشاعرنا.
قال “سميث ويجلسورث Smith Wigglesworth“، رسول الإيمان العظيم “إنني لا أتحرك بما أشعر به. ولا أتحرك بما آراه. إنني أتحرك فقط بما أؤمن به. لا أستطيع أن أفهم الله بمشاعري. إنني أفهم الله بواسطة ما تُعلنه كلمة الله عنه. إنني أفهم الرب يسوع المسيح بكلمة الله التي تتحدث عنه. فكل شيء تُعلنه كلمة الله عنه، أصدق أنه هو كذلك.”
أنت لا تستطيع فهم نفسك بمشاعرك. إفهم نفسك من واقع ما تُعلنه عنك كلمة الله، إنك قد ولدت ثانية وامتلأت بالروح القدس. وعندما تقرأ ما تُعلنه كلمة الله عنك – سواء شعرت بهذا أو لم تشعر – قل: “نعم، هذا هو أنا. إنني أمتلك هذا. إن كلمة الله تقول هذا. أستطيع أن أفعل كل ما تقول كلمة الله، نعم أستطيع. فأنا هو الشخص الذي تتحدث عنه كلمة الله.”
وسرعان ما تبدأ في النمو روحياً.
والروح القدس هو الذي يشهد لروحك.
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.