17 فَلاَ تَكُونُوا حَمقَى، بَلِ افهَمُوا مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ.
18 وَلاَ تَسكَرُوا بِالخَمرِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى الانحِلاَلِ، بَلِ امتَلِئُوا مِنَ الرُّوحِ.
19 رَنِّمُوا مَزَامِيرَ وتَرَانِيمَ وَأَغَانِي رُوحِيَّةً فِيمَا بَينَكُمْ، أَطلِقُوا الأَلحَانَ مِنْ قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ
20 شَاكِرِينَ اللهَ الآبَ دَائِمَاً وَفِي كُلِّ شَيءٍ، بِاسمِ رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ.
(رومية12: 10، 11)
10 أَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً مَحَبَّةً أَخَوِيَّةً، مُفَضِّلِينَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْكَرَامَةِ
11 لاَ تَتَكَاسَلُوا فِي الاجْتِهَادِ، بَلْ كُونُوا مُلْتَهِبِينَ فِي الرُّوحِ، عَبِيداً خَادِمِينَ لِلرَّبِّ
يجتهد مؤمنون كثيرون فى الحياة, باحثين عن مشيئة الله لحياتهم, فى الوقت الذي قد وهب الله لشعبه قيادة خاصة, تتعلق بخطته وأغراضه لحياتهم.
فعندما تأتى أوقات يتعذر علينا فيها أن نعرف مشيئته الخاصة لحياتنا, يصبح من الضروري أن نسعى أكثر لمشيئته المُعلنة لنا جميعاً, فى الكلمة المقدسة ونكون عاملون بها.
نلاحظ العدد التالي يقـول: “افهَمُوا مَا هِـيَ مَشِيئَـةُ الـرَّبِّ.. لاَ تَسكَـرُوا بِالخَمـرِ الَّتِـي
تُؤَدِّي إلَى الانحِلاَلِ، بَلِ امتَلِئُوا مِنَ الرُّوحِ” (ع 17، 18). تخبرنا هذه الأعداد أنه بإمكاننا أن نعرف مشيئة الله الخاصة لحياتنا. ومن ناحية أخرى، تتكلم هذه الأعداد عن مشيئة الله المُعلنة لجميع المؤمنين؛ وهي أن يمتلأوا بالروح القدس. (لقد كتب بولس هذه الأعداد لمؤمنين قد سبق لهم وأن امتلأوا بالروح القدس أثناء خدمته (أفسس19). لكنه كتب لهم لكي يحافظوا على امتلاء مستمر من الروح القدس).
ربما يقول أحدهم: “لكني امتلأت بالروح القدس وتكلمت بالألسنة منذ سنوات مضت..”. حسنًا, إن التكلم بالألسنة هو العلامة الأولى للامتلاء بالروح القدس. لا تتوقف عند هذا الحد, فهذا الاختبار هو اختبار متجدد كل يوم. تحتاج أن تتكلم بالألسنة بصورة مستمرة, وتحافظ على ملء دائم من الروح, حتى تظهر العلامات الأخرى للحياة الممتلئة والفائضة بالروح, والتي سوف نتكلم عنها بعد قليل.
قال “ل.د. مودي” ذات مرة: “إن الاكتفاء باختبارات الماضي فقط دون تجديد هذه الاختبارات يشبه التغذية على مَنَّ متحلل”. إنني أتفق مع هذه المقولة. تقول رسالة (أفسس 5: 18) “.. امتَلِئُوا مِنَ الرُّوحِ”. تأتي صيغة الفعل “امتلئوا” في صيغة المضارع المستمر. هذا لا يعني أن تمتلئ بالروح الآن في الوقت الحاضر وحسب,بل إنه اختبار مستمر ومتجدد. فهو ليس شيئاً قد حدث ذات مرة في الماضي.
|
يخبرنا معلمو اللغة اليونانية أن الترجمة الحرفية لـ (أفسس 5: 18) تقول, “.. حافظوا على ملء مستمر من الروح القدس”. كان بولس يشجع المؤمنين أن يحافظوا على ملء مستمر مـن الـروح القـدس, والـذي سبـق لهـم أن امتـلئـوا منـه بالفـعـل-
من خلال التكلم المستمر بالألسنة. فمشيئة الله لحياتنا أن نكون ممتلئين حتى نفيض بالروح.
يقول الكتاب المقدس: “.. كُونُوا مُلْتَهِبِينَ فِي الرُّوحِ” (رومية 12: 11). وتقول ترجمة “ويموث”: “حافظوا على أرواحكم ملتهبة”. وتقول ترجمة أخرى: “.. تَوَهَّجُوا بِالرُّوحِ”. وتقول ترجمة موفات: “حافظوا على الشعلة..”. أحب هذه الترجمة كثيرًا.
هذه هي مشيئة الله لحياتنا وهذا ما يريدنا الرب أن نفعله: أن نحافظ على اشتعال الروح القدس. فالامتلاء بالروح والحفاظ على الشعلة متقدة هو مشيئة الله لنا, لأن كلمته المكتوبة تقول كذلك. ونحن نعرف أن كلمة الله هي مشيئته.
(عبرانيين 1: 1, 2)
1 إِنَّ اللهَ ، فِي الأَزْمِنَةِ الْمَاضِيَةِ، كَلَّمَ آبَاءَنَا بِلِسَانِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ نَقَلُوا إِعْلاَنَاتٍ جُزْئِيَّةً بِطُرُقٍ عَدِيدَةٍ وَمُتَنَوِّعَةٍ.
2 أَمَّا الآنَ، فِي هَذَا الزَّمَنِ الأَخِيرِ، فَقَدْ كَلَّمَنَا بِالابْنِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، وَبِهِ قَدْ خَلَقَ الْكَوْنَ كُلَّهُ!
إن الكتاب المقدس هو الله يتكلم إلينا. والكتاب يخبرنا أيضًا أن مشيئة الله لنا هي أن: “كُونُوا مُلْتَهِبِينَ فِي الرُّوحِ..” (رومية 12: 11). تقول ترجمة “جود سبيد”: “اشتعلوا بالنار من خلال الروح القدس”.
يقول بولس في مقدمته لرسالة رومية: “.. إِلَى جَمِيعِ مَنْ هُمْ فِي رُومَا مِنْ أَحِبَّاءِ اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَدْعُوِّينَ” (رومية 1: 7). لقد كتب بولس هذه الرسالة إلى الكنيسة التي في روما, لكنها تنطبق على كل مؤمن ينتمي لكنيسة الرب يسوع المسيح, في أي مكان وأي زمان. فالرب يريدنا أن نحافظ على حياة ممتلئة بالروح, ونكون حارين مشتعلين بالروح.
إن الحفاظ على حياة ممتلئة بالروح, هو مطلب ضروري في اتباعك لخطة الله لحياتك, يتساوى تمامًا كما لو أنك نلت توجيهًا خاصًا من الرب يخبرك فيه أن تفعل شيئًا معينًا.
على سبيل المثال, ربما تنال توجيهًا محددًا بشأن جزء معين من خطة الله لحياتك، وربما تحرص على طاعة صوت الرب, وتنفذ ما أخبرك به. لكن إن فعلت ذلك بدافع الشعور بالمسئولية والواجب, فلن تختبر أفضل ما لدى الله لك, لأن الأمر ينقصه حرارة الروح والالتهاب تجاه الموضوع وإلا ستسير الأمور بجفاف. بمعنى آخر, ستصبح مشيئة الله لحياتك صعبة وعسرة التنفيذ.
لكن الرب يريدك أن تكون ممتلئًا وفائضًا بروحه, ومشتعلاً بصورة مستمرة. هذه هي مشيئة الله المُعلنة لحياتك وقصده لك. لأن الرب يعلم أنك عندما تعيش بهذه الصورة، سيسهل عليك جدًا اتّباع خطته بنجاح.
مظاهر الاشتعال بالروح
وفقًا لرسالة (أفسس5: 18- 21), يتضح لنا أن الامتلاء بالروح والاشتعال به, أمر يمكن ملاحظته وتمييزه, لأنه إن لم تكن له مظاهر فلا تعرف ما إذا كنت مشتعلاً بالروح أم لا.
نرى فى سفر (الأعمال 6: 1-3), رجالاً قد وقع عليهم الاختيار, ليقوموا بعمل الرب, لأنهم كانوا ممتلئين بالروح. ليس ذلك فحسب, بل كانوا فائضين ومشتعلين بالروح القدس, وكان ذلك أمراً ملحوظاً.
(أعمال 6: 1-3)
1 وَإِذْ تَكَاثَرَ التَّلاَمِيذُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، احْتَجَّ الْيَهُودُ الْيُونَانِيُّونَ عَلَى الْعِبْرَانِيِّينَ، لأَنَّ أَرَامِلَهُمْ لَمْ يَكُنَّ يَحْصُلْنَ عَلَى نَصِيبٍ مِنَ الإِعَانَاتِ الْيَوْمِيَّةِ.
2 فَدَعَا الرُّسُلُ الاثْنَا عَشَرَ جَمَاعَةَ التَّلاَمِيذِ وَقَالُوا لَهُمْ: «لاَ يَصِحُّ أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ لِنَقُومَ بِتَوْزِيعِ الإِعَانَاتِ!
3 فَاخْتَارُوا، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، سَبْعَةَ رِجَالٍ مِنْكُمْ، لَهُمْ شَهَادَةٌ حَسَنَةٌ، مُمْتَلِئِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْحِكْمَةِ، فَنُعَيِّنَهُمْ لِيَقُومُوا بِهذِهِ الْمُهِمَّةِ.
|
فى بداية الكنيسة, كان المؤمنون يشاركون بعضهم فى كل شيء (أعمال2: 44). كان الرسل يشرفون على الكنائس, ليتمموا واجبات روحية ومادية تجاه شعب هذه الكنائس. لكن عندما شعر البعض أنّ هناك اهمال من ناحية خدمة الطعام، قال الرسل للتلاميذ: “لاَ يَصِحُّ أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ لِنَقُومَ بِتَوْزِيعِ الإِعَانَاتِ! فَاخْتَارُوا، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، سَبْعَةَ رِجَالٍ مِنْكُمْ، لَهُمْ شَهَادَةٌ حَسَنَةٌ..” (أعمال 6: 2، 3).
كان يتم جمع كل الأموال فى خزانة واحدة، لذلك وافق الرسل أن يعينوا أشخاصًا ليكونوا مسئولين عن الخزانة, وكذلك خدمة الموائد. فاحتاجوا إلى سبعة أشخاص, يسلكون بأمانة, ليقيموهم على هذا العمل. كانوا يحرصون على أنّ أولئك الذين سيتعاملون فى الأمور المادية, تكون لديهم شهادة وسيرة حسنة.
لم يبحث الرسل عن أفراد من أهل العالم ليختاروا منهم سبعة رجال أمناء، إنما فتشوا بين المؤمنين. أليس أمرًا غريبًا أن يبحث الرسل عن رجال أمناء بين “المؤمنين”؟ هذا يعنى أنه كان بين المؤمنين رجالاً غير أمناء, ولا يتمتعون بسيرة حسنة.
كان الرسل يبحثون عن “السمعة الحسنة” فى الأشخاص الذين أرادوا أن يقيمونهم على عمل الرب. بمعنى آخر، إن الأمانة وكمال شخصية الفرد, هي أمور واضحة وظاهرة. فهذه الصفات يمكن رؤيتها وملاحظتها فى حياة المرء.
دعونا ننظر إلى الصفة الثانية, التي كان الرسل يبحثون عنها فى الأشخاص السبعة, الذين أرادوا أن يعينوهم: “.. مُمْتَلِئِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (ع3).
كما أن السمعة الحسنة هي شيء واضح ويمكن ملاحظته, كذلك أيضًا فإن الامتلاء والفيض بالروح القدس, هو شيء يمكن ملاحظته كذلك.
لم يكن الرسل يبحثون عن مؤمنين أمناء وحسب, لكنه كان يشترط أن يكونوا ممتلئين بالروح القدس. بذلك نفهم أن الامتلاء بالروح القدس, هو مطلب أساسي لكل مؤمن يريد أن يقوم بعمل الرب. عندما يفيض المؤمنون الممتلئون بالروح القدس, حينئذٍ سوف يكونوا حارين فى الروح ومشتعلين.
أما الصفة الثالثة, التي كان يبحث عنها الرسل فى أولئك المُعينين لخدمة الرب, هي “الحكمة”. كانوا يطلبون رجالاً أمناء, وممتلئين بالروح القدس, لكن بدون حكمة -خصوصًا فى التعامل مع الأمور المادية- كان يمكن لهؤلاء الرجال أن يفسدوا شئون الكنيسة المالية.
|
نلاحظ أن هذا المقطع من سفر الأعمال, يرتبط بالعدد الحادي عشر من رسالة (رومية 12: 11) “لاَ تَتَكَاسَلُوا فِي الاجْتِهَادِ بَلْ كُونُوا مُلْتَهِبِينَ فِي الرُّوحِ”. يأتي هذا الشاهد فى الأصل اليوناني هكذا: لا تتكاسلوا فى الأعمال. كما تأتي بمعنى: غير متكاسل أو متراخي في إدارة الشئون المالية. هذا ما يفسر وقوع مؤمنين في مشاكل مادية كثيرة؛ لأن ليس لديهم حكمة فى هذا الشأن. يمكن أن يمتليء المؤمنين بالروح القدس, لكن لا تزال تعوزهم الحكمة, والتي بدونها يمكن أن يخفقوا فى نواحي عدّة فى الحياة. فى الواقع، بدون الحكمة سوف تقع فى مشاكل روحية وذهنية ومادية وجسدية. وبدون الحكمة يمكن أن تقع فى مشاكل زوجية, وفى علاقاتك فى الخدمة والعمل.
بدون حكمة لن تقدر أن تتبع خطة الله لحياتك أو تتممها بنجاح. لكنه لا يوجد أي سبب يجعلك تفتقر إلى الحكمة, فالكتاب المقدس يخبرنا أننا يمكن أن نحصل على الحكمة إن طلبناها ببساطة من الله بالإيمان (يعقوب1: 5). فالله يشتاق أن يعطينا الحكمة حتى نزدهر فى جميع نواحي حياتنا.
من سفر (الأعمال 6: 1-3) نكتشف أن ملامح الامتلاء بالروح القدس والأمانة والحكمة, يمكن رؤيتها وتمييزها بوضوح. بمعنى آخر، يمكنك أن تميز ما إذا كان الشخص ممتلئًا حتى الفيض بالروح القدس أم لا. لأنه توجد سمات معينة تصاحب المؤمن الذي يحافظ على حياة فائضة بالروح القدس. فإن كنت ممتلئًا بالروح القدس, وتحافظ على حياة الفيض والاشتعال به, فسوف تجد دومًا تسابيح وأغاني روحية فى قلبك. وأول شيء تحتاج أن تفعله في ذلك الوقت, هو أن تنطق بهذه الأغاني وتتكلم بهم. لأن الكتاب المقدس يقول أنه من فضلة القلب يتكلم الفم. (لوقا9: 45، متى12: 34).
|
نلاحظ أن الكتاب يقول في رسالة (أفسس 5: 18) “رَنِّمُوا مَزَامِيرَ وتَرَانِيمَ وَأَغَانِي رُوحِيَّةً فِيمَا بَينَكُمْ، أَطلِقُوا الأَلحَانَ مِنْ قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ”. إن المزمور هو نشيد أو قصيدة روحية، قد تكون مقفاة أو لا، لكن يظل بها عنصر الشعر. إن الهدف من هذه المزامير هو فائدتنا (2 تيموثاوس3: 16). فكما كانت المزامير سبب تشجيع لداود في العهد القديم, كذلك يفعل الروح القدس, ذات الشيء اليوم, من خلال المزمور الذي يعطيك إياه, ليشجعك وسط الاختبارات والتجارب, حتى يُنهض روحك فتستطيع أن تحافظ
على اشتعالك بالروح. وهذه المزامير لا تكون بالضرورة من كتب الترانيم الخاصة بكنائسنا. في الحقيقة, إن الكثير من الترانيم المدونة لدينا في كتب كنائسنا, ليست موحاه بالروح القدس, وبعضها يضم مقاطع غير كتابية بالمرة, بل وهي مليئة بالشك وعدم الإيمان.
لكن المزامير والتسابيح والأغاني الروحية, التي يعطيك إياها الروح القدس, سوف تستقر في روحك وتعين نفسك, لأنها تكون موحاه بروح الله. ودون أن تدرى, تجد نفسك ترددها بفمك وتتكلمها بلسانك.
هكذا يتضح أن التكلم هو علامة أساسية للحياة الفائضة بالروح.
(أفسس 5: 18، 19)
18 وَلاَ تَسكَرُوا بِالخَمرِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى الانحِلاَلِ، بَلِ امتَلِئُوا مِنَ الرُّوحِ.
19 رَنِّمُوا مَزَامِيرَ وتَرَانِيمَ وَأَغَانِي رُوحِيَّةً فِيمَا بَينَكُمْ، أَطلِقُوا الأَلحَانَ مِنْ قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ
(أعمال 2: 4)
4 فَامْتَلأُوا جَمِيعاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَأَخَذُوا يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ أُخْرَى، مِثْلَمَا مَنَحَهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا.
(أعمال 10: 45، 46)
45 فَدُهِشَ الْمُؤْمِنُونَ الْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا بِرِفْقَةِ بُطْرُسَ، لأَنَّ هِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ فَاضَتْ أَيْضاً عَلَى غَيْرِ الْيَهُودِ
46 إِذْ سَمِعُوهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ، وَيُسَبِّحُونَ اللهَ
استمر فى التكلم بألسنة معظمًا الله. حافظ على حياة الامتلاء بالروح القدس, متكلمًا إلى نفسك بمزامير وتسابيح وأغاني روحية. هذه مشيئة الله المُعلنة لك.
الحفاظ على حياة مشتعلة بالروح يؤثر عليك روحًا ونفسًا وجسدًا
عندما تحافظ على حياة ممتلئة وفائضة بالروح القدس سوف يؤثر ذلك عليك بدرجة ملحوظة فى جميع نواحي حياتك. بالطبع, سوف تتأثر روحك. كذلك ذهنك أيضًا, سوف يتأثر بدرجة كبيرة فيصبح أكثر نقاءً وقوةً وذكاءً. كما أن الفيض بالروح القدس سوف يؤثر على جسدك بصورة إيجابية. هذه مشيئة الله لحياتك: أن تحافظ على اشتعال مستمر بالروح.
إنه يسهل جدًا أن نميز ما إذا كان الشخص مُجهد جسديًا أو فكـريًا. فالإجهـاد سـوف يكـون
|
واضحًا عليه. على سبيل المثال، إن لم يتغذى الشخص بصورة جيدة فسوف يضعف جسديًا ويكون غير قادر على التفكير بصورة سليمة. فبمجرد رؤية الشخص يمكن تمييز ما إذا كان مُجهدًا أو مُتعبًا جسديًا. ينطبق الحال على الصحة الروحية, إذ يسهل تمييزها أيضًا. فى الواقع، إن صحة الإنسان الروحية يمكن تميزها بدرجة واضحة جدًا كصحته الجسدية.
لقد شرح أحد رواد الحركة الخمسينية, هذه النقطة جيدًا, ووضح ذلك من خلال اختبار شخصي حدث معه. كان هذا الراعي يعيش فى إنجلترا فى ذلك الوقت. وكان يعرف خادمًا صديقًا له, قد خرج إلى حقل الخدمة في بلد أجنبي, وكان قد عاد إلى وطنه للمرة الأولى على سفينة. فانتظر هذا الراعي صديقه فى الميناء. وبمجرد أن تبادلا التحية وشرعا في التحدث نظر هذا الراعي إلى صديقه المُرسل وقال: “ما المشكلة لديك؟”
فأجاب هذا المُرسل، محاولاً أن يبرر نفسه: “ماذا تقصد بقولك؟ لا يوجد لدي أية مشاكل”.
أجاب الراعي: “لست في قامتك الروحية المعتادة”.
ابتدأ هذا الخادم يفكر في نفسه: “ما الخطأ الذي رآه فيَّ؟ ما الشيء الذي لاحظه عليَّ؟.. ربما أكون بالفعل لست في قامتي الروحية, لكن ما المشكلة في ذلك؟”. ثم جاءته الإجابة في روحه وفي قلبه. ففي المدينة التي كان يخدم بها, والتي يزيد تعدادها عن المليون نسمة, كانت كنيسته هي كنيسة الإنجيل الكامل الوحيدة فى تلك المدينة. لكن خادمًا آخر جاء إلى المدينة, وابتدأ يخدم فى نفس المدينة .. فتضايقت نفسه من هذا الخادم.
ثم ابتدأ جزء من شعب كنيسة هذا المُرسل, يلتحقون بكنيسة الإنجيل الكامل الجديدة, التي أقامها هذا الخادم, والتي كانت قريبة من منازلهم. فصار الراعي يحتفظ بضغينة وحسد تجاه هذا الخادم ظانًا أنه “يغزو مملكته”.
لا يمكن لمدينة, يزداد تعدادها عن مليون نسمة, أن تكون مُلكًا له بأية حال. يخبرنا الكتاب المقدس أن الأرض وملأها ملك للرب، وليس لأي خادم. لذلك ينبغي على جميع الخدام والمُرسلون, أن يبتهجوا ويفرحوا عندما يقيم شخصًا كنيسة جديدة فى مدينتهم, فتأتي نفوس أكثر لملكوت الله.
والآن لا تسيء فهم الأمر. على سبيل المثال, لا يصح أن يأتي خادم إلى كنيسة خادم آخر ويسرق رعيته, ليبدأ كنيسته الجديدة فى نفس الشارع. فليس هذا سلوكًا يتصف بالمحبة, التي تفضل الشخص الآخر عن نفسها. فخدام الكلمة ينبغي أن تكون لديهم قيم ومباديء, ويسلكون بمحبة تجاه أحدهم الآخر.
لكن فى قصة هذا المرسل, كان أعضاء كنيسته, لا يزيدون عن 250 عضوًا فى مدينة يزيد تعداد سكانها عن المليون نسمة. بالإضافة إلى أن الكنيسة الجديدة التي أقامها الخادم الآخر, كانت تبعد أميالاً عدّة عن كنيسة هذا الراعي. لكن على الرغم من ذلك, اغتاظ واستاء فتأثرت روحه بالسلب نتيجة لذلك.
وهكذا يتضح, أن روحك المخلوقة من جديد تعرف الأمور الروحية أكثر مما يعرفها ذهنك. قلب هذا الراعي كان يعرف الموضوع الذي اخفق فيه. لذلك, بعدما أدرك خطأه ذهب إلى الراعي الجديد, واخبره أنه يحبه ويقدره كثيرًا ويحترم خدمته. ثم قدم دعوة لهذا الخادم الجديد ليعظ لديه. بعد حدوث ذلك, ابتدأ هذا المُرسل يشتعل بالرب مرة أخرى.
هكذا ترى, إن الحياة الفائضة بالروح أكثر جدًا من مجرد الصياح والضحك بالروح, أو القفز من الفرح. في الحقيقة, إن هذه الأمور هي الجزء الثانوي من مظاهر الفيض بالروح. لكن هناك ما هو أكثر من ذلك. على سبيل المثال, إن حدث أن تواجدت في اجتماع حيث يكون حضور الله واضح جدًا, ويكون الروح القدس مُستعلن بقوة, فتباركت كثيرًا. لكن هذا لا يعني أنك تعيش حياة فائضة بالروح وكل شيء يسير معك على ما يرام.
إن الحفاظ على حياة مشتعلة بالروح يعني الحفاظ على صحة روحية جيدة. وهذا يتطلب الامتلاء حتى الفيض بالروح, كل يوم أثناء فرصة صلاتك الشخصية. هذا ما كان بولس يعنيه بقوله: “افهَمُوا مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ .. امتَلِئُوا مِنَ الرُّوحِ” (أفسس 5: 17، 18). بمعنى آخر: حافظوا على اشتعالكم بالروح.
مؤمنون كثيرون انشغلوا كثيرًا, بمحاولة استقبال توجيهات خاصة من الرب, بشأن حياتهم وخدماتهم, فى حين أنهم نسوا أن يطيعوا الكلمة. والطاعة الكاملة لكلمة الله, تتساوى في أهميتها – إن لم تكن أكثر- من طاعة توجيه معين قد نالوه من الرب, بخصوص شيء ما فى حياتهم. إن طاعة الكلمة تتضمن الطاعة لكلٍ من “مشيئة الله المُعلنة” و “الغير مُعلنة”.
السلوك فى نور كلمة الله
مثلاً, تخبرنا كلمة الله, أننا ينبغي أن نسلك بالمحبة تجاه بعضنا البعض. هذا يعني أنّ السلوك بالمحبة هو جزء من مشيئة الله المُعلنة لنا. وإن لم نسلك بالمحبة فبذلك نحن لا نسلك فى النور (1يوحنا 2: 11).
|
لكن ما أكثر المؤمنين الذين يخفقون فى السلوك فى نور كلمة الله- مشيئته المُعلنة- التي تتعلق بالسلوك بالمحبة. لكن كيف يمكننا توقع استقبال توجيه خاص بشأن مشيئة وخطة الله لحياتنا, فى حين أننا نسير فى ظلمة روحية, ولا نرى إلى أين نحن ذاهبون؟
أتذكر إحدى الاختبارات التي حدثت معي فى كنيسة “فارم سفيل” بينما كنت راعيًا لها منذ أكثر من خمسين عامًا. كنا قد اعتدنا فى اجتماعات الخمسينيين أن نرتل هذه الترنيمة: “هل تواجه نهر لا يمكن عبوره؟ هل تقف أمام جبل لا تستطيع أن تخطو فوقه؟ الله قادر أن يُجيزك فوق المستحيلات ويفعل ما لا تقدر أي قوة أن تفعله..”.
أثناء انعقاد إحدى الخدمات فى هذه الكنيسة, قام أحد القساوسة وقال: “دعونا نرنم ترنيمتي المفضلة”. فابتدأ الجميع يرنمون هذه الترنيمة. وأثناء ذلك, ابتدأ هذا القسيس يصرخ ويقفز من الفرح ويهلل. كان فرحًا جدًا حتى أنه قفز من فوق مقعد.
بعد انتهاء الاجتماع, وأثناء عودته إلى المنزل, أخبرته زوجته أن أحد أبنائهما يحتاج إلى حذاء جديد. وبمجرد أن قالت ذلك, حتى انفجر من الغضب وابتدأ يصرخ في وجهها: “هل تظني أني مصنوع من المال؟ لقد اشترينا له حذاءًا جديدًا منذ بضعة أشهر؟..”.
لم يدرك هذا القسيس, أن فتى مراهق يمكن أن يستهلك أحذية, بسرعة أكبر من الشخص الناضج. لكن بدلاً من ذلك, استشاط غضبًا وابتدأ يصرخ فى وجه زوجته.
أدهشني هذا الحدث جدًا. كيف يمكن لأحد أن يرنم “أنه يستطيع أن يعبر الأنهار الهائجة ويخطو فوق الجبال المستحيلة”, لكنه يتعثر فى زوج من الأحذية!
ماذا حدث؟ لم يسلك هذا القس بالمحبة, ولم يحافظ على اشتعال الروح. لكن الله يريدنا أن نحافظ على شركتنا معه, كل دقيقة فى اليوم, ونحن نكلم أنفسنا دومًا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية, ومرنمين فى قلوبنا للرب (أفسس 5: 18). لا يتكلم هذا الشاهد عن وقت تواجدنا فى الكنيسة وحسب, بل ينبغي أن يكون هذا هو حال قلبنا أينما كنّا.
إن حافظت على حياة فائضة بالروح, ستجد دائمًا فى قلبك أغاني روحية أينما كنت، سواء فى الكنيسة أو البيت أو العمل, أو فى أي مكان تذهب إليه. هذه هي علامة الحياة الفائضة بالروح.
20 شَاكِرِينَ اللهَ الآبَ دَائِمَاً وَفِي كُلِّ شَيءٍ، بِاسمِ رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ.
توجد علامة أخرى تميز الحياة الفائضة بالروح وهى: القلب الممتليء بالشكر لله, بغضّ النظر عن الظروف الذي يواجهها.
(1تسالونيكي 5: 18)
18 اشكُروا اللهَ فِي كُلَّ حينٍ، فَهَذِهِ هِيَ مَشيئَةُ اللهِ لَكُمْ فِي المَسيحِ يَسوعَ
يعتقد البعض أنه عندما يحدث لهم مكروهًا أو شيئًا رديئًا فعليهم أن يقدموا شكرًا لله “لأجل” ما حدث. لكن الكتاب المقدس لا يقول هذا. لا ينبغي علينا أن نشكر الله لأجل ما يفعله إبليس. لكن بالرغم من ذلك, ففي وسط التجارب والامتحانات, وكل ما يفعله إبليس نستطيع أن نقدم شكرًا لله, لأننا نعلم أنه سوف يخرجنا وينجينا من كل تجربة وامتحان.
هذا ما نحتاج أن نفعله: نشكر الله دائمًا, حتى فى وسط الاختبارات والامتحانات, لأن هذه هي مشيئة الله لحياتنا. يخبرنا الكتاب المقدس, أن مشيئة الله لنا هي أن نقدم للرب شكرًا, وليس تذمرًا أو شكوى. إذا بدأت تتذمر وتشتكي بخصوص ظروفك فسوف تُهزم, لأنك بهذا تعلن أنك لا تسير بالإيمان, وقد انحرفت إلى الجانب السلبي للحياة. لكن إذا بدأت تشكر وتتذكر بركاته, فسوف تعبر إلى الجانب الايجابي للحياة وستطلق الله ليعمل لأجلك.
2 اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَّوِعَةٍ
لم يقل يعقوب, أنه لأمر مفرح أن نقع فى تجارب وامتحانات. لكنه أخبرنا أنه علينا أن نحسبه فرح. وإن ابتدأت تحسب جميع الأمور فرح, بينما تمر فى وسط التجارب والامتحانات, فستبدأ تبتهج بدافع من الشكر والحمد للرب.
لقد طبقت هذا الشاهد بينما كنت لا أزال فتى معمدانيًا صغير السن. لم أكن أعلم شيئًا عن الامتلاء بالروح القدس، لكني كنت قد نلت شفائي ونهضت من على فراش الموت. كنت مبتدئًا فى الخدمة وقتها, وكنت أجتاز فى اختبار عصيب للإيمان.
|
ذهبت لازور جدتي فى ذلك الوقت، وأتذكر أني توجهت إلى مخزن الحبوب لأصلي هناك. عندئذٍ طبقت بالتمام ما يقوله الرسول يعقوب: وحسبت الأمر أنه فرح تمام. كنت أعلم يقينًا أني واقف على صخرة كلمة الله, فنظرت إلى الشيطان وبدأت أضحك فى وجهه.
ربما يتساءل أحدهم: “هل كنت تشعر بفرح وقتها؟”
أبدًا. لم أشعر بأي فرح. فى الحقيقة كنت أشعر بالحزن حتى البكاء. لكني ابتدأت أضحك بالإيمان، لأني كنت اعلم فى قلبي أن النصرة ملكًا لي, وفقًا لكلمة الله.
حتى ذلك الحين, لم يحدث لي أن أرى أبدًا شخص فى حياتي يقفز أو يصيح أو يرقص من الفرح بالروح القدس. لكن بينما كنت أسبح الله فى مخزن الحبوب داخل حديقة جدتي, حدث ذلك معي بالضبط, وبدأت أبتهج بالإيمان وأحسبه كل فرح وأعتبر أن نصرة قد صارت لي.
وبينما كنت أشكر الله, قلت لإبليس: “مهما وضعت عليّ من جميع أشكال الضغوط التي يمكن أن تضعها, فكلما اشتد الأمر عليّ كلما أزدت فرحًا وشكرًا للرب..”. وداومت على تسبيح الرب حتى ارتفع الثقل عن كاهلي, وانفك تسلُّط العدو.
وبعد مرور وقت قصير, تبدل موقفي في لحظة تقريبًا للأفضل. لكن إن كنت قد حصرت نفسي فى الدائرة السلبية, وظللت أشكو متذمرًا لأجل ما كنت أجتاز فيه, لما استطعت أن أخرج منتصرًا. ولما استطعت نوال أفضل ما أعده لي الله لهذا الموقف.
هكذا يتضح، من السهل جدًا أن تضحك وتغني وتفرح وتقفز عندما تكون فى اجتماعات الكنيسة, لكن عندما تمتليء بالروح القدس, وتفيض به وتحافظ على اشتعال الروح بصورة مستمرة وطوال الوقت، حينئذ تستطيع أن تشكر وتفرح بالرب وسط جميع الظروف بغضّ النظر عن شدتها أو قوتها.
إن كنت تجتاز فى اختبار أو محنة، فلا تشكر الله لأجل المحنة. لكن ابدأ في شكره وسط المحنة, لأنه قد جاءتك الفرصة لتختبر أمانة الله وصدق مواعيده, وتنمى إيمانك وتقويه.
(أفسس 5: 18، 21، 22)
18 وَلاَ تَسكَرُوا بِالخَمرِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى الانحِلاَلِ، بَلِ امتَلِئُوا مِنَ الرُّوحِ.
20 شَاكِرِينَ اللهَ الآبَ دَائِمَاً وَفِي كُلِّ شَيءٍ، بِاسمِ رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ.
21 اخضَعُوا بَعضُكُمْ لِبَعضٍ إكراماً للمَسِيحِ.
من السمات الأخرى للحياة الممتلئة والفائضة بالروح هي الاتضاع. يريد الله لكل واحد منا أن يتسم بالاتضاع والوداعة تجاه نفسه، دون أن يكون حاد الشخصية بصورة تجعله يصر على التمسك برأيه وطريقته كل الوقت. هناك مَن يواجهون مشاكل من جهة خضوعهم للآخرين. لكن عندما تفيض بالروح القدس وتشتعل به سيكون الأمر سهلاً.
يقول عدد 22: “أَيَّتُهَا الزَّوجَاتُ، اخضَعْنَ لأَِزوَاجِكُنَّ كَمَا تَخْضَعْنَ لِلرَّبِّ”. يستخدم بولس كلمة يخضع بالارتباط بالزوج والزوجة، كما يستخدم ذات الكلمة فى عدد 21 فيما يتعلق بخضوع المؤمنين بعضهم لبعض.
يقتلع البعض عدد22 من سياقه, محاولين أن يجعلونه يقول شيئًا لا يعنيه أبدًا. على سبيل المثال، قال لي أحدهم: “شكرًا للرب لأني رأس البيت. فأنا دائمًا ما أخبر زوجتي: ‘أنا الرأس, وعليكِ أن تفعلي ما أخبرك به، وإلا سوف أضربك على رأسك..’”. هل يبدو هذا مثالاً لشخص ممتلئًا بالروح القدس وفائضًا به؟ هذا السلوك لا يمجد الله البته.
قال لي أحد الرعاة:”لا أستطيع الصوم بالمرة. فلا أقدر على فعل ذلك. فى الحقيقة, إنني أعود للبيت كل يوم فى ميعاد الغداء, لأني لا استطيع أن أفوّت وجبة من الوجبات اليومية الثلاث. وإن حدث ورجعت البيت ولم أجد زوجتي قد أعدت الطعام فإني أجعل يومها جحيمًا”.
قلت فى نفسي: “يا إلهي, هذا الراعي يحتاج أن ينال الخلاص أولاً!”. لقد أجاب هذا الراعي دعوة الله على حياته, وربما قد تفرغ للخدمة التي دعاه الله إليها. لكنه لم يتبع خطة الله لحياته كاملة, لأنه لم يكن يسلك بالمحبة ولم يحافظ على حياة ممتلئة بالروح.
كما قلت سابقًا؛ إن الحفاظ على حياة ممتلئة بالروح سوف يؤثر بالإيجاب على جميع نواحي حياتك: روحًا ونفسًا وجسدًا. ومن ناحية أخرى، فإن الفشل فى الحفاظ على الحياة الممتلئة بالروح سوف يؤثر سلبًا على جميع نواحي حياتك أيضًا.
|
في المثال السابق، لم يحكم هذا الراعي على سلوكياته، فكانت النتيجة إنه انتقل فى عمر مبكر. لم تكن هذه هي مشيئة الله الكاملة له. لكن لعدم سلوكه فى نور كلمة الله دون أن يحكم على نفسه أو يدين سلوكياته حدث له ذلك. يقول الكتاب المقدس، “لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى نُفُوسِنَا، لَمَا كَانَ حُكِمَ عَلَيْنَا” (1كورنثوس11: 31).
يقول الكتاب المقدس إنه على الزوجات أن يخضعن لرجالهن كما للرب (ع22). كما يقول أنه على المؤمنين أن يخضعوا لأحدهم الآخر (ع21). هل يعني ذلك أن كل واحد منا عليه أن يترأس ويسود على الآخر؟ بالطبع لا. هكذا أيضًا, لا يقصد الكتاب المقدس أنه على الرجل أن “يترأس” على المرأة ويتسلط عليها ويعاملها بعنف وقسوة.
تعلَّم أن تكون قابلاً للتعلم
إن كلمة “يخضع” تعني ببساطة أن يسلَّم أحدهم نفسه لسلطان الآخر. ربما يبدو هذا صعبًا فى بعض الأحيان من وجهة النظر الطبيعية. لكن إن امتلأت بالروح وحافظت على اشتعال مستمر منه، سيكون هذا أمرًا سهلاً, لأن روحك المشتعلة والحارة ستكون قادرة على قمع الجسد لسيطرتها وسلطانها.
هذا ما يريده الله لحياتك, ويجب أن تكون عليه. فعندما تُخضع جسدك لسيطرة روحك، ستظهر لك مشيئة الله الغير مُعلنة لحياتك, والخاصة بك, بدرجة أكثر وضوحًا.
يفشل بعض المؤمنين فى اخضاع أنفسهم للآخرين، لذلك تجدهم يتعثرون بسهولة. على سبيل المثال، تجد البعض يتعثرون حتى لأتفه الأسباب؛ عندما يسمعون مثلاً أحد الخدام يعلَّم شيئًا من كلمة الله لا تروق لهم. فتجدهم يتعثرون, حتى أنه في بعض الأحيان ربما يتركون الكنيسة. لكننا نحتاج أن نُخضع أنفسنا للآخرين ونَخضع لكلمة الله. كما يتوجب علينا أن نكون على استعداد كامل للتعلُّم.
إن الاتضاع هو أحد سمات الحياة الممتلئة بالروح. وبدون اتضاع وروح قابلة للتعلُّم سوف تعيق حياتك ومسيرتك الروحية, وتحرم نفسك من تتميم خطة الله لحياتك. لقد أمضيت أكثر من خمسين عامًا فى الخدمة وقد أدهشني العدد الضخم من المؤمنين الذين يتكلمون بالألسنة لكنهم غير قابلين للتعلُّم. قد يتباهون بأنهم يتكلمون بالألسنـة, وأنـه ليسـعدني أنهـم
|
قد اختبروا ذلك. لكن كثيرون منهم قد توقفوا عند عتبة الباب – على سبيل التعبير – فى حين أنه كان ينبغي أن يتقدموا في مسيرتهم مع الله إلى ما هو أبعد. ربما لا نتفق أحدنا مع الآخر على كل نقطة صغيرة فى الكتاب المقدس, لكننا ينبغي أن نحافظ على دوافع سليمة وروح صحيحة تجاه أحدنا الآخر, وخضوعنا بعضنا لبعض.
وإن حدث وانحرف أحدهم عن الطريق الصحيح, ووقع فى الخطأ –من الناحية الكتابية- فإننا لابد أن نظهر الحق- لكن بدافع من المحبة. لا ينبغي أن نجادل ونحاجج في الأمور الصغيرة التافهة, مثل: “هل مشاهدة التلفاز خطية أم لا؟ هل شرب الليمون خطية أم لا؟”. ربما تظن أن هذه مبالغة، لكن هناك أشخاص قد سألوا مثل هذه الأسئلة. ومثل هذا لن ينتج عنه سوى جدالاً سفسطائيًا.
لقد ذكرت سابقًا, أن الحفاظ على الاشتعال بالروح, يضمن الحفاظ على حياة روحية صحيحة وقوية. ومن إحدى الطرق التي تحافظ بها على حياة روحية قوية ممتلئة بالروح القدس هو أن تحافظ على شركة قوية مع الله من خلال الصلاة.
(أعمال 4: 13- 17، 23، 24، 29-31 )
13 فَتَعَجَّبَ الْمُجْتَمِعُونَ مِنْ جُرْأَةِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، لَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَلِّمَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ عَامَّةِ الشَّعْبِ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ
14 وَلكِنْ إِذْ رَأَوْا الْكَسِيحَ الَّذِي شُفِيَ وَاقِفاً مَعَهُمَا، لَمْ يَجِدُوا شَيْئاً يُعَارِضُونَ بِهِ
15 فَأَمَرُوهُمَا بِالْخُرُوجِ مِنَ الْمَجْلِسِ، لِيَتَشَاوَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ
16 وَقَالُوا: «مَاذَا نَعْمَلُ بِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ؟ فَمِنَ الْوَاضِحِ أَمَامَ أَهْلِ أُورُشَلِيمَ جَمِيعاً أَنَّ مُعْجِزَةً عَظِيمَةً قَدْ جَرَتْ عَلَى أَيْدِيهِمَا، وَلاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نُنْكِرَ
17 وَلَكِنْ لِئَلاَّ يَزْدَادَ هَذَا الأَمْرُ انْتِشَاراً بَيْنَ الشَّعْبِ، فَلْنُهَدِّدْهُمَا أَلاَّ يَذْكُرَا هَذَا الاِسْمَ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ الآنَ»
23 وَمَا إِنْ أُطْلِقَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا حَتَّى رَجَعَا إِلَى رِفَاقِهِمَا، وَأَخْبَرَاهُمْ بِكُلِّ مَا قَالَهُ لَهُمَا رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ
24 فَتَوَجَّهُوا بِقَلْبٍ وَاحِدٍ إِلَى اللهِ بِالدُّعَاءِ، قَائِلِينَ: «يَا رَبُّ، يَا خَالِقَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالْبَحْرِ وَكُلِّ مَا فِيهَا
29 وَالآنَ انْظُرْ، يَا رَبُّ، إِلَى تَهْدِيدِهِمْ، وَهَبْنَا نَحْنُ عَبِيدَكَ أَنْ نُعْلِنَ كَلاَمَكَ بِكُلِّ جُرْأَةٍ
30 وَمُدَّ يَدَكَ لِلشِّفَاءِ، كَيْ تُجْرَى مُعْجِزَاتٌ وَعَجَائِبُ بِاسْمِ فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ».
31 وَفِيمَا هُمْ يُصَلُّونَ ارْتَجَّ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأُوا جَمِيعاً بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، فَأَخَذُوا يُعْلِنُونَ كَلِمَةَ اللهِ بِكُلِّ جُرْأَةٍ!
يتحدث الشاهد السابق, عن نفس الجماعة من المؤمنين الذين امتلئوا بالروح القدس فى الإصحاح الثاني من سفر الأعمال, وتكلموا بالألسنة كما أعطاهم الروح أن ينطقوا (أعمال 2: 4). لكننا نلاحظ فى الإصحاح الرابع من سفر الأعمال وعدد 31 هذا الأمر: “وَفِيمَا هُمْ يُصَلُّونَ ارْتَجَّ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأُوا جَمِيعاً بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، فَأَخَذُوا يُعْلِنُونَ كَلِمَةَ اللهِ بِكُلِّ جُرْأَةٍ!”. مع أن هؤلاء الأشخاص قد امتلئوا بالروح القدس, إلا أنه كان عليهم أن يحافظوا على امتلاء مستمر ومتواصل من الروح.
يذكر الشاهد السابق من سفر الأعمال, أنهم عندما امتلئوا بالروح ارتج المكان “وامْتَلأُوا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.. أَخَذُوا يُعْلِنُونَ كَلِمَةَ اللهِ بِكُلِّ جُرْأَةٍ!”. إن أردت أن تحافظ على حياة ممتلئة بالروح, فلابد أن تحافظ على فرصة صلاة ثابتة وقوية, كما تحتاج أيضًا أن تحافظ على طاعة مطلقة لكلمة الله, ولخطته لحياتك, وما وضعه في قلبك لتفعله.
تتميم مشيئة الله يتطلب الطاعة والتكريس
لن تتمكن من تتميم خطة الله لحياتك بالكامل دفعة واحدة. فإتمام خطة الله هي مسيرة خطوة تليها خطوة, من السلوك بطاعة وأمانة, بشأن ما قد نلته وما يريدك الله أن تفعله كل يوم بيومه. فطاعة الله والالتصاق بكلمته كل يوم, حتى في أبسط الأمور, سوف يساعدك في الحافظ على حياة ممتلئة بالروح.
الأمر الهام الثاني الذي يضمن الحفاظ على حياة ممتلئة بالروح, هي الالتزام بالتكريس نحو الله. إن كان هناك شيء قد أخفق فيه المؤمنون اليوم على مستوى العالم, هو نقص التعليم عن السلوك بالقداسة والتكريس فى كنائسنا. إن تكريس المؤمن لنفسه ليتمم مشيئة الله, هي عملية مستمرة التقدم. بمعنى آخر، لا يمكنك أن تكرس نفسك لفعل مشيئة الله مرة وللمنتهى, وعندئذٍ لا تحتاج أن تفعلها ثانية. كلا.
ربما لا تعلم بالضبط ما يريدك الله أن تفعله بالتفصيل في جميع مراحل حياتك, لكنك تحتاج أن تكون مستعدًا دائمًا لتفعل كل ما يريدك فعله, وتذهب لأي مكان يريدك للذهاب إليه. لا يمكنك أن تتبع مشيئة الله لحياتك دون أن تكون مستعدًا لتفعل كل ما يطلبه منك.
فى عام 1941, غادرت مع زوجتي, وتركت رعوية الكنيسة في مدينة “فارم سفيل” قبل الأوان. قد خرجت وقتها عن مشيئة الله بفعل ذلك. ظللت لمدة عامين أتنقل فى حقل الخدمة، إلى أن أعادني الرب مرة أخرى لكنيسة “فارم سفيل” حتى أنتهي من العمل الذي أعطاني الرب إياه. وبعدما رجعت إلى هناك فى المرة الثانية, انتهينا من العمل الذي كان ينبغي أن ننتهي منه فى المرة الأولى. وبعد ذلك, حان الوقت, فأخبرنا الله أن نغادر ونتوجه إلى حقل الخدمة.
|
لكن حتى بعدما خرجت إلى حقل الخدمة, مررت بوقت كنت أصارع فيه مع فكرة العودة مرة أخرى لكنيسة “فارم سفيل”. كنت أحيانًا فى منتصف الشتاء أستيقظ فى الثالثة أو الرابعة صباحًا لأصلي. كنت أظن أن الرب يتعامل معي للمرة الثالثة, بشأن العودة إلى هذه الكنيسة.
كنت أقول: “كلا يا رب، لا أريد العودة للمرة الثالثة..”. فى المعتاد، عندما أضع رأسي على الفراش أذهب فى النوم على الفور. لكني ظللت لأسابيع أعاني من أرق بشأن العودة مرة أخرى لكنيسة “فارم سفيل”.
فى النهاية أخضعت نفسي وقلت: “يا رب, إن أردت لي أن أعود إلى هذه الكنيسة فسوف أعود”. وبمجـرد أن انتهيـت حتـى
سمعت الرب يتكلم إلي بوضوح, كما لو كان هناك شخص حاضر فى الغرفة. قال: “لا أريدك أن تعود إلى هناك. لكني أردت أن أتأكد من استعدادك وموافقتك للذهاب إلي هناك وحسب”.
فقلت فى نفسي: “يا إلهى, لماذا صارعت كل هذه المدة؟ كم من ساعات ظللت أصلي بشأن التخلي عن رعوية هذه الكنيسة. كان بالإمكان أن أفتدي نفسي من كل هذا القلق, إن جعلت نفسي مستعدًا لطاعة الرب من المرة الأولى”.
ثم قال الرب لي شيئًا أدهشني، وأريدك أن تصغي جيدًا لهذه الكلمات. قال لي الرب: “يا بني, إن لم تكن مستعدًا لتعود لرعوية هذا الكنيسة، فلن أقدر أن أستخدمك فى أماكن أردت أن أستخدمك فيها”.
إن لم أكن مستعدًا للعودة لرعوية هذه الكنيسة, لما استطاع الله أن يستخدمني بالطريقة التي يستخدمني بها اليوم!
تحتاج أن تكون مطيعًا لتفعل كل ما يريدك الله أن تفعله, وإلا لن يعد باستطاعته أن يستخدمك على الإطلاق.
أحيانًا, وأثناء اتباعك لمشيئة الله لحياتك, ستجد نفسك مضطرًا لفعل أمور لا تريد أن تفعلها (من وجهة النظر الطبيعية). لكن إن كنت تطيع الرب خطوة بخطوة كل يوم, سالكًا في نور كلمته, ومصليًا, وطائعًا لتوجيهاته ومكرسًا نفسك, ستحافظ على حياتك مشتعلة بالروح, وستتمكن فى النهاية من إتمام خطته لحياتك.
|
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.