حلقة: أيون وكوزموس
برنامج: من البداية إلى النهاية
لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب
لمشاهدة الحلقة على الفيس بوك
لسماع الحلقة على الساوند كلاود
برنامج من البداية للنهاية
(راديو الحق المغير للحياة).
الحلقة التاسعة: أيون وكوزموس (الجزء الأول).
تنويه: العظة مكتوبة بـالذكاء الاصطناعي، لم تُراجع من خدمتنا بعد، إن وجدت أخطاءً في الكتابة تواصل معنا واذكرها لنا.
- قربان قايين المرفوض.
- تقديم ما تملك أم ما يطلبه الله؟
- مدينة الإنسان ونظام العالم.
- سمات نظام قايين.
- فهم نظام العالم: كُوزمُوس وأَيُون.
- أركان النظام الشيطاني مقابل النظام الإلهي.
- كلمة الله: كتالوج نظامك الإلهي.
- لماذا يكره الله هذا النظام؟
- مفاتيح عملية
بعد السقوط، وصلنا إلى محطة بعنوان “أَيُون وكُوزمُوس” (Aion and Kosmos)
لقد وصلنا في رحلتنا السابقة إلى آخر محطة في الأصحاح الثالث من سفر التكوين، حيث شهدنا سقوط الإنسان وكل النتائج التي تبعت هذا السقوط. وكما تعلمنا، نحن لا نتعامل مع سفر التكوين كأي سفر عادي، لأن كل ما ورد فيه يمنحنا مبادئ أساسية عن فكر الله؛ فهو الأساس لكل شيء. فإذا أردت أن ترجع لأصل أي حقيقة، عليك أن تعود إلى هذا الأساس.
في الأصحاح الرابع من سفر التكوين، بدأت العبادة تظهر، حيث قدَّم قايين وهابيل ذبيحة. كان قايين هو المُبادر الذي قدَّم أولاً، ولكن ذبيحته رُفضت بينما قُبلت ذبيحة هابيل. وهذه مشكلة كبيرة جدًا تطرح سؤالاً جوهريًا ومهمًا: لماذا تحديدًا رُفضت ذبيحة قايين؟ ولماذا لم تُرفض ذبيحة هابيل؟ هذا سؤال مهم بالفعل.
قربان قايين المرفوض:
لماذا رُفض قربانه؟
إن الله ليس إلهًا يحابي الوجوه، ولكنه في الوقت نفسه لا يتنازل عن الحق، ولا يتغاضى عن المبادئ الحقيقية. هو لن “يُمرّر” الأمر لمجرد ألا يتضايق الإخوة من بعضهم أو حتى لا يزعل أحدهما. لنقرأ ما يقوله النص الكتابي في تكوين الأصحاح الرابع.
في بداية الأصحاح، يوضح النص أن آدم وحواء كانا يعيشان على أمل مجيء المُخلّص الذي وُعدا به في تكوين ٣: ١٥(، وأنه سيأتي من نسل المرأة. نفس المرأة التي كانت سببًا في السقوط وجلبت الكارثة للبشرية، بتعبير بسيط، سيكون منها ومن نفس السلالة الخلاص والمُخلّص. فمن نفس مكان دخول الخطية، سيخرج الخلاص. كانا في حالة انتظار وترقب لمجيء هذا المُخلّص. وعندما وُلد قايين، قالت حواء“اقْتَنَيْتُ رَجُلًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ” تكوين ٤: ١. ثم وُلد هابيل. نقرأ في الأعداد التالية:
“٣ وَحَدَثَ بَعْدَ أَيَّامٍ أَنَّ قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ، ٤ وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا.” تكوين ٤: ٣-٤
هابيل قدَّم أفضل ما لديه: الأبكار، أي أفضل وأروع ما يملك، ومن أسمنها. لكن هناك تعبيرًا مهمًا في النص يكشف لنا لماذا قبل الرب تقدمة هابيل ورفض تقدمة قايين.
الله ينظر إلى القلب
يقول الكتاب: “فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ، ٥ وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ.” تكوين ٤: ٤-٥.
(انتبه لهذه الدقة الكتابية!) كان يمكن اختصار النص ليقول: “نظر الرب إلى قربان هابيل”، وانتهى الأمر. لكن الكتاب دقيق ويقول: “إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ“. هذا يعني أن الرب نظر إلى الشخص المُقدِّم قبل أن ينظر إلى التقدمة ذاتها. لقد رأى الله الدوافع التي كان قايين يأتي بها، ورأى قلب قايين. ولهذا السبب، لأن قلبه لم يكن مضبوطًا ودوافعه لم تكن صحيحة، جعله هذا يقدم شيئًا غير صحيح.
قد تسأل: “يعني لو كانت دوافعه جيدة، كان يمكن أن تُقبل تقدمته؟”. الحقيقة هي أنه لو كان قايين قد ضبط دوافعه وقلبه في البداية، لكان قدَّم ذبيحة دموية في ذلك الوقت، ولم يكن ليقدم من أثمار الأرض. مع أن الشريعة فيما بعد تضمنت بالفعل تقديمات من الدقيق والثمار وأول الحصاد، إلا أن الطريق الإلهي المرسوم للاقتراب إلى الله في ذلك الوقت كان من خلال الدم.
لقد كشف لنا الرسول يوحنا حقيقة قايين عندما قال عنه: “أَنَّهُ كَانَ مِنَ الشِّرِّيرِ” يوحنا الأولى ٣: ١٢. كان يوحنا يتحدث بمنطلق أن قايين قد خرج من نظام إبليس، وهذا هو ما جعله لا يضبط نفسه على الطريقة الإلهية التي وضعها الرب، وهي أن الاقتراب إلى الله لا يتم إلا من خلال الدم، ولا يوجد طريق آخر بعيدًا عن الفداء.
لم تكن نظرة الله مجرد اختيار عشوائي، بل هو يرى من كان يقدم التقدمة بحق. لقد نظر الله إلى الدوافع، نظر إلى القلب. وليس هذا فقط، بل هناك فرق بين أن أقدم “ما عندي” وكأني أؤدي واجبًا، وبين أن أقدم “ما يطلبه الله”. قد أقول: “سأقدم من عندي”، لكن هذه ليست الطريقة الصحيحة. الله لا يريد ما “عندك”، بل يريد ما “طلبه” هو.
تقديم ما تملك أم ما يطلبه الله؟
في مرة من المرات، أراد داود الملك أن يكرم تابوت العهد إكرامًا شديدًا. فقال: “كيف أسكن أنا في قصر، وتابوت الله في خيمة؟”. فقرر أن يأتي بالتابوت إلى مدينة داود، ويصنع له احتفالاً عظيمًا يليق به، ويحضر له أفضل ثورين أو بقرتين لجر التابوت على عجلة جديدة، أي شيء نظيف وجيد.
لكن ما حدث كان كارثة. حمي غضب الرب، ومات شخص في هذه القصة، وهو أمر يثير فينا التساؤلات: “لماذا حدث هذا؟”. (وأشجعكم على قراءة المقال الذي يرد فيها على سؤال: لماذا مات عُزَّة؟). ما أريد قوله في هذه الجزئية، هو أن داود أحب أن يفعل شيئًا للرب من تلقاء نفسه. وعندما وقعت الحادثة، خاف داود وقال: “أبعدوا التابوت عني”، لأنه خاف من الاقتراب من الحضور الإلهي. وأرسل التابوت إلى بيت رجل اسمه عوبيد أدوم.
بعد عدة أشهر، سمع أن بيت عوبيد أدوم قد تبارك، فقال: “لا، سأعيده”. ولكن ما فعله كان رائعًا، لقد بدأ يراجع نفسه وسأل: “ما الخطأ الذي فعلناه؟ لماذا حدث ذلك؟”. وهذا من أروع الأشياء التي تعلمنا إياها. ماذا لو كنت أمارس إيماني في أمر ما ولم يحدث؟ صليت صلوات ولم تستجب. أحتاج أن أراجع نفسي. أول خيار لدى معظم الناس هو القول: “الله لا يريد أن يعطيني”. وهذا هو ما ينتج عقائد خاطئة يؤمن بها الناس، أو يجعلهم يتعثرون. أول ما يفكر فيه الشخص هو: “بالتأكيد الله لا يريد أن يعطيني. أنا متخاصم مع هذا الإله. كيف يسمح بحدوث هذا؟ لماذا لم يحذرني؟ لماذا لم يقل لي؟”.
داود لم يفعل ذلك. لقد رجع وسأل: “ما الخطأ الذي فعلناه؟”. وأحضر الشريعة وبدأ يقرأ في أسفار موسى الخمسة، ثم اكتشف المشكلة. جمع المسؤولين من سبط لاوي، الكهنة واللاويين، وقال لهم“لأَنَّنَا لَمْ نَعْمَلْ حَسَبَ الْمَرْسُومِ” (أخبار الأيام الأول ١٥: ١٣). اتضح أن هناك طريقة محددة لم نفعلها، اتضح أن التابوت كان يجب أن يُحمل على أكتاف الكهنة (وهذا له رمز)، وليس على عجلة جديدة، أيًا كان نوعها أو زخرفتها.
بنفس الطريقة، أراد قايين أن يقدم ما يراه هو أفضل شيء عنده، لكنه لم يقدم ما طلبه الرب.
دور الإيمان
بالإضافة إلى ذلك، أعطانا كاتب الرسالة إلى العبرانيين في الأصحاح الحادي عشر مفتاحًا مهمًا يساعدنا على معرفة الدافع الذي قدم به قايين تقدمته، لكنه لم يذكره بطريقة مباشرة، بل من خلال الحديث عن هابيل. قال:
“٤ بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ للهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ.” عبرانيين ١١: ٤
إذا كان هابيل قد فعل ذلك “بِالإِيمَانِ“، فهذا يوضح لنا أن قايين عندما تحرك، لم يكن يتحرك من منطلق الإيمان على الإطلاق. كان يتحرك بشيء آخر بعيد عن الإيمان. وفي العدد السادس من نفس الأصحاح، يوضح المبدأ: “وَلكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ” عبرانيين ١١: ٦. لا يمكن لشخص أن يسير في اتفاق مع هذا الإله إن لم يكن يسير بطريقته.
إذًا، لماذا رُفضت ذبيحة قايين؟
١. لأنه “كَانَ مِنَ الشِّرِّيرِ“، ودوافع قلبه كانت خاطئة، مما جعله يقدم شيئًا غير صحيح في ذلك الوقت.
٢. ثم اكتشفنا أنه قدَّم ما “عنده“، وليس ما “طلبه الله“.
٣. ثم بعد ذلك، في العهد الجديد، عرفنا أن هابيل فعلها “بِالإِيمَانِ“، فمن الواضح أن قايين لم يخطُ في هذا الطريق أصلاً. لم يتحرك نحو الله بإيمان في الذبيحة التي يقدمها، وكأنه يقول: “يا رب، هذا هو الطريق الذي أقترب به منك”، بناءً على أن هناك من يموت في عمل فدائي بدلاً مني. هذا هو الطريق الذي رُسم منذ سفر التكوين عندما فدى الله آدم وحواء.
يا لهذه المفاتيح التي تختلف تمامًا عما كنا نتخيله! وكأننا دائمًا نلقي اللوم على الله، لكن هذه المفاتيح تجعلنا نرجع ونتحمل المسؤولية. ولكن يظل هناك سؤال في المنتصف: ألم يحاول الله معه؟
مبادرة الله نحو قايين:
إلهٌ يهتم ولا يفرط
نعم، وهذه هي الروعة التي تخبرنا أن الله لا يفرط في الناس. هو لا يفرط في أي أحد. لقد حكى لنا الرب يسوع كيف يترك الراعي التسعة والتسعين خروفًا ليبحث عن الواحد الضال. هذا الواحد بالمئة فارق معه، حتى مع وجود التسعة والتسعين. قد يقول قائل: “لدي تسعة وتسعون، لماذا أُعرض نفسي للخطر والأجواء البيئية القاسية والليل؟ هو أخطأ، فليستحق ما جرى له”. لكن كل نفس في العالم غالية عليه، ليس هناك شخص قيمته أقل من الآخر. الكل له نفس القيمة. ووجود عدد كبير لديه لا يجعله غير مهتم أو “بائع” للناس.
عندما نكمل قراءة نفس الأصحاح، سنكتشف كم كان قايين فارقًا مع الله. على سبيل المثال، في تكوين ٤، نقرأ:
“٦ فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «لِمَاذَا اغْتَظْتَ؟ وَلِمَاذَا سَقَطَ وَجْهُكَ؟»” تكوين ٤: ٦
هذا سؤال رائع، والرب هو الذي بادر به. ما حدث هو أن ذبيحة قايين لم تُقبل، فغضب وأغلق وجهه واغتاظ ووضع رأسه في التراب. فالرب يسأله أسئلة رائعة. قال له: “لِمَاذَا اغْتَظْتَ؟ وَلِمَاذَا سَقَطَ وَجْهُكَ؟“. وهذه من ضمن الأسئلة التي تنهض الإنسان، عندما تجد نفسك متضايق، أو فجأة فرحت بزيادة، اسأل نفسك: “لماذا؟”. لماذا اغتظت عندما قيلت لي هذه الكلمة؟ لماذا اغتظت عندما لم يُذكر اسمي أو لم أُشكر؟ لماذا فرحت جدًا عندما سمعت هذا الخبر؟ هذه الأسئلة تكشف دوافعنا الداخلية.
تحذير وتشجيع
يكمل الله حديثه: “إِنْ أَحْسَنْتَ أَفَلاَ رَفْعٌ؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ، وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا».” تكوين ٤: ٧
يا لروعة قلب هذا الإله! لدرجة أنه حذَّر قايين مما هو قادم. قال له: “انتبه يا قايين، على باب قلبك هناك خطية رابضة، هناك شيء ينتظرك، قنبلة موقوتة. خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ، وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا“. أنت تريد أن تفعل هذا، ولكنني أعطيتك القدرة: “وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا“. لديك السيادة عليها، أنت لست مجبرًا على الخضوع لها. ما هي هذه الخطية؟ هي أن يتحرك لينتقم من أخيه هابيل، لأن الرب رأى قلبه وعرف أنه سيبدأ بالتحرك نحوه.
المفروض أن مشكلة قايين هي مع الرب، وليست مع هابيل. لكنه أخذ الأمر شخصيًا ضد هابيل، وقال: “لماذا هو تُقبل تقدمته وأنا لا؟”. الله لم يكتفِ بإعطائه مفتاحًا ليعرف لماذا فعل ما فعله، بل حذره أيضًا من أنه لو استمر بهذه الدوافع الخاطئة، فسيؤدي ذلك إلى كارثة. وأعطاه تشجيعًا: “أنت تسود”. ربما لم يكن قايين قادرًا على اكتشاف نفسه في ذلك الوقت، لكن الرب قال له: “أنت قادر على أن تسود على ما يحدث”. ربما كان سينخدع بفكرة: “طالما جاءتني الفكرة، فقد وقعت فيها بالفعل”، كما ينخدع البعض. “طالما جاءتني هذه الإرادة أو انصبت عليَّ مشاعر معينة كالحزن أو الكآبة، سأغلق على نفسي وكأني خضعت لها”. إلا أن يأتي شخص ويقول لك: “لا، ليس معنى أن هناك إرادة أو مشاعر موجودة أنك يجب أن تستسلم لها”. كان الرب يقول له: “انتبه، لديك السيادة”. الرب هو المبادر في كل هذا الكلام.
لكن للأسف، لم يستمع قايين. “وَكَلَّمَ قَايِينُ هَابِيلَ أَخَاهُ. وَحَدَثَ إِذْ كَانَا فِي الْحَقْلِ أَنَّ قَايِينَ قَامَ عَلَى هَابِيلَ أَخِيهِ وَقَتَلَهُ.” تكوين ٤: ٨.
ومرة أخرى، بادر الرب بالكلام:
“٩ فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟» فَقَالَ: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟»” تكوين ٤: ٩
إنه يرد ردودًا صعبة. على من يرد؟ على الإله نفسه! إنه يقاوم. ليس فقط أنه مخطئ والله يحاول مساعدته، بل هو أيضًا يحاول الابتعاد عن هذه المساعدة. وهذا ما نفعله أحيانًا. إنه يرد بطريقة فيها ببجاحة أمام هذا الإله، وكأنه يقول: “أنا لست مهتمًا. هل أنا حارس عليه؟ اذهب وابحث عنه بنفسك!”.
الهدف هو الاسترداد
لماذا كان الله يسأله هذا السؤال؟ هل كان يهدف إلى “إحراجه”؟ أم ما كان هدف الله؟ كان الهدف هو استرداد الشخص وإرجاعه. كما قيل مرة: “سقط الإنسان بسؤال، وأراد الرب أن يسترده بسؤال”. لقد سقط بسؤال استنكاري من الحية: “أَحَقًّا قَالَ اللهُ…؟” تكوين ٣: ١، وكانت هذه بداية سلسلة السقوط. وبدأ الرب رحلة استرداده بسؤال: “آدَمُ، أَيْنَ أَنْتَ؟” تكوين ٣: ٩. هذه هي بداية استرجاع الله للإنسان، أن يفتح كلامًا معه، ويضع يده على المشكلة. الله دائمًا مبادر وفي صف الإنسان، لا يذهب وراءه لينتقم منه أو ليقول له: “لقد سجلت لك هذه الغلطة وسنتحاسب عليها”.
هذا المعتقد دخل في أذهان الكثيرين: أن الله يقف لي على كل صغيرة وكبيرة ليسجلها ضدي ويحاسبني عليها. وهم لا يعلمون أن هذا الإله يذهب وراءك ليقول لك: “قد غفرت لك”. أنا لا أهرول وراءك لأقول لك إنها محسوبة عليك. الأمر أشبه بطفل صغير يهرب من والدته، بينما هي تريد أن تقول له: “أنا أسامحك”، وهو يتخيل أنه سيُضرب بسبب خلفيات خاطئة. لكن الحقيقة هي أن الله دائمًا يفعل هذا.
يكمل الإصحاح “١٠ فَقَالَ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ. ١١ فَالآنَ مَلْعُونٌ أَنْتَ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا لِتَقْبَلَ دَمَ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ. ١٢ مَتَى عَمِلْتَ الأَرْضَ…” تكوين ٤: ١٠-١٢.
هنا، الرب لا يلعنه. هذا الإله لا يلعن، لا تخرج منه لعنة. لكنه يخبره بما حدث، بنتيجة ما فعله. الأمر كمن يكسر شيئًا، فتقول له: “انظر ماذا فعلت. لقد كسرت هذا الشيء. لقد عرضت نفسك لكذا. لقد كسرت إشارة المرور، فعرضت نفسك لغرامة”. هو يخبره بنتائج ما حدث، وليس أنه يلعنه وكأنه ينتظره ليخطئ ليضربه بالعصا.
“…تَائِهًا وَهَارِبًا تَكُونُ فِي الأَرْضِ.” تكوين ٤: ١٢.
فقال قايين للرب: “ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْتَمَلَ” تكوين ٤: ١٣.
حتى في هذه اللحظة، لم يتضع ليرجع. بل كان يقول للرب: “أنت تحملني فوق طاقتي. هذا كثير عليّ”. هو لا يعترف بخطئه، بل يقول: “العقوبة التي أعطيتها لي أكبر مما أستحق”.
“١٤ إِنَّكَ قَدْ طَرَدْتَنِي الْيَوْمَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ، وَمِنْ وَجْهِكَ أَخْتَفِي، وَأَكُونُ تَائِهًا وَهَارِبًا فِي الأَرْضِ، فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ وَجَدَنِي يَقْتُلُنِي».” تكوين ٤: ١٤
هو خائف ومرعوب. وهذا طبيعي، فكل من يحيا في الخطية يكون مطاردًا طوال الوقت.
علامة الرحمة
فقال له الرب. (لاحظ!) الرب طوال الوقت مبادر ومليء بالرحمة تجاه الإنسان. “١٥ فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «لِذلِكَ كُلُّ مَنْ قَتَلَ قَايِينَ فَسَبْعَةَ أَضْعَافٍ يُنْتَقَمُ مِنْهُ». وَجَعَلَ الرَّبُّ لِقَايِينَ عَلاَمَةً لِكَيْ لاَ يَقْتُلَهُ كُلُّ مَنْ وَجَدَهُ.” تكوين ٤: ١٥
لقد صنع الرب خصيصًا لقايين علامة معينة ليحميه. وكأنه يعطيه ضمانًا. “أنت خائف ومرعوب؟ حسنًا، أنا سأكمل معك في رحمتي إلى الآخر. سأعطيك ضمانًا، رغم أنك فعلت شيئًا خاطئًا، حتى لا تعيش بشعور المطاردة”. ونحن نفهمها بالعكس، كأن الله كان يعذبه بهذه العلامة!
كان بإمكان قايين أن يختار الرجوع، لأننا رأينا أن الله هو الذي بادر من البداية ومستمر حتى النهاية. كان يمكن لله أن يتراجع في أي مرحلة عندما لم يسمع له قايين، أو عندما بدأ يرد ردودًا صعبة، لكن في كل مرة كان الله مبادرًا ويقدم الرحمة لهذا الشخص.
مدينة الإنسان ونظام العالم:
إعلان الاستقلال
ثم بعد ذلك، “فَخَرَجَ قَايِينُ مِنْ لَدُنِ الرَّبِّ، وَسَكَنَ فِي أَرْضِ نُودٍ” تكوين ٤: ١٦. وكلمة “نود” تعني “تيهان”. لقد تاه. وكما قلنا، كشف لنا الرسول يوحنا طبيعة هذا الشخص: “كَانَ مِنَ الشِّرِّيرِ“.
لقد تلوث هذا الشخص بإبليس لدرجة أنه بدأ يصنع نظامًا غريبًا. “وَعَرَفَ قَايِينُ امْرَأَتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ حَنُوكَ. وَكَانَ يَبْنِي مَدِينَةً، فَدَعَا اسْمَ الْمَدِينَةِ كَاسْمِ ابْنِهِ حَنُوكَ.” تكوين ٤: ١٧.
هذا لا يعني أنه كان مجرد شخص مسكين وهارب، بل كان يتحدى الله لدرجة أنه بنى مدينة. وسنرى ماذا كان في هذه المدينة. كان هذا إعلانًا للاستقلالية والتمرد على الإله. وكأنه يقول: “لا يلزمني حضورك”. لقد خرج من لدن الرب. “لا يلزمني أن أقضي وقتًا في علاقة معك. هذا لا يهمني. أنا سأصنع مدينتي وسأفعل فيها كل ما يلذذني ويجعلني مستمتعًا”. وفي هذه المدينة، اكتشفنا أنه كسر كل القوانين التي كانت موضوعة. وكان يقول: “لا تلزمني مدينتك”.
المدينتان
لأن الله لديه مدينة. لقد تكلم الكتاب في عبرانيين ١١ و١٢ عن مدينة كان إبراهيم وكل الآباء يتطلعون إليها. عندما دعاهم الله، في الحقيقة، دعاهم إلى هذه المدينة. ولهذا السبب، عندما أخذوا الأرض الموعودة، مع أنهم امتلكوها، إلا أنهم عاشوا في خيام، لأنهم رأوا مدينة أعلى وأفضل من الأمور الأرضية، وهي المدينة التي تكلم عنها الكتاب باسم “صهيون”. هذه المدينة ليست السماء، بل هي مدينة روحية نحن موجودون فيها الآن، بحسب عبرانيين ١٢. لقد جئنا إلى هذه المدينة التي فيها حضور الله، وربوات من القديسين، ومحفل ملائكة. مدينة مليئة بالأعياد طوال الوقت، لا يوجد فيها أصوات خوف أو أعداء. وكلما سار الشخص في الكلمة وأدرك روحيًا، فإنه يحيا داخل هذه المدينة وهو على الأرض.
هي مدينة روحية، ولكنها ستُستعلن ماديًا قريبًا. بعد الملك الألفي، ستنزل هذه المدينة. لقد رآها يوحنا وقال: “رأيت المدينة النازلة”. ستنزل وتُستعلن. هي شيء روحي وسيبدأ بالظهور، مثل بخار الماء في الجو الذي لا نراه، ولكن عندما نأتي بشيء يكثفه، يبدأ بالظهور على شكل ماء. هذه المدينة سيأتي يوم وتظهر. نحن نحيا فيها الآن ونستطيع أن نتمتع بكل ما فيها.
لكن قايين صنع لنفسه مدينة. (راجع مقال “مدينة الله” على موقع الحق المغير للحياة).
سمات نظام قايين:
ورغم كل هذا، كان قايين متعمدًا في تمرده. هو ليس شخصًا مسالمًا، بل شخص متمرد ضد الله وضد كل ما يفعله الله، لدرجة أنه أسس نظامه الخاص. وكما قال الرسول يوحنا إنه كان من الشرير، فهمنا أن النظام الذي اخترعه كان مأخوذًا في الأصل من إبليس. لأن إبليس طوال الوقت يريد أن يحقن في الأرض فكره. لا يكفيه أنه وضع طبيعة الخطية داخل الإنسان، بل يريد أن يحقن في أذهان الناس فكره، ليس فقط كطبيعة، بل كنظام تفكير، وهو ما يُعرف بـ”نظام العالم”. عندما يقول الكتاب إن “الْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ” يوحنا الأولى ٥: ١٩، فإن بعض الترجمات توضح أن العالم كأنه “محضون” في إبليس، الذي يرضعه الشر ويغذيه بطريقة تفكيره.
في هذه المدينة، سنجد قتلاً، وسنجد أناسًا ادعوا أن الله يحميهم، مثل لامك الذي قال إنه قتل رجلاً وشابًا لأنهما حاولا أذيته. لقد تحدى الله الذي أسس مبدأ الارتباط بطريقة رائعة: رجل واحد لامرأة واحدة. كان لامك أول شخص يذكره الكتاب ارتبط بامرأتين. وكأنه في هذه المدينة تم كسر وإفساد كل شيء جميل، رغم أن الرب نبهه وقال له: “انتبه، أنت ذاهب في طريق خاطئ”. ولكنه استمر.
الموسيقى المزيفة
ولكن هناك سؤال: نحن نحكي عن العالم وأنه وُضع في الشرير، الله في وقت ما قال: “هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ“. وفي مكان آخر يقول لنا: “لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ“. هل هناك تناقض؟
أَيُون وكُوزمُوس: فهم “العالم“:
من هنا سنصل إلى عنوان الحلقة، وهو “أَيُون وكُوزمُوس” (Aion and Kosmos). هاتان الكلمتان يونانيتان، وقد يختلف النطق قليلاً لأن اليونانية القديمة تختلف عن الحالية، تمامًا كما تختلف العبرية القديمة عن الحالية، فاللغات تمر بمراحل تطور. كلتا الكلمتين، “أَيُون” و”كُوزمُوس”، يمكن أن تُترجما إلى كلمة “العالم”.
وما علاقتهما بقايين؟ علاقتهما هي أن قايين كان أول استعلان لفكر العالم الذي وضعه إبليس على الأرض، في المدينة التي بناها، المليئة بكل شيء، حتى بالموسيقى.
الموسيقى هي واحدة من الأشياء الخارجة من عالم الروح في الأساس. الموسيقى شيء روحي، لأنه عندما تكلم الكتاب في إشعياء ١٤ وحزقيال ٢٨ عن لوسيفر (الذي هو إبليس الساقط حاليًا)، الذي كان ممسوحًا، قال إن الآلات الموسيقية كانت جزءًا من تكوينه الداخلي، كانت تعزف بداخله. فالموسيقى شيء روحي. وفي مدينة قايين، كان الأمر وكأنه ينسخ كل شيء إلهي ويصنع له نظامًا موازيًا مختلطًا وخاطئًا. مثل شخص يقلد مصنعًا أصليًا، فيصنع نفس المنتج لكنه “مضروب”. قد يخطئ الناس ويشترونه لظنهم أنه الأصلي. هكذا يحاول إبليس تقليد كل شيء. ولأنه كان أستاذ موسيقى وعازفًا، فقد وضع هذا النظام. هو يعلم أن الموسيقى تخرج من عالم الروح وستجذب الإنسان. لقد رأينا في الكتاب كيف أن داود عندما كان يعزف، كان ذلك كفيلاً بإسكات الأرواح الشريرة عن شاول. فالموسيقى لها تأثير، وهذا ليس مجرد شيء نفسي. نحن لا نتحدث عن أن الموسيقى تهدئ الأعصاب وتعمل على ارتخاء العضلات، كما يبحث الناس على يوتيوب عن “relaxing music”. الكثير من هذه الموسيقى، رغم اسمها، تكون مسمومة بأمور إبليسية، لأن الموسيقى تخرج من روح الإنسان.
لهذا السبب، من المهم في العبادة أن يكون الشخص الذي يعزف في الفريق يتعلم كيف يخرج هذه الأنغام من روحه، لأن منبع الموسيقى هو عالم الروح. أليشع النبي في وقت من الأوقات احتاج أن يدخل في جو روحي. (هذا كان في العهد القديم، ولسنا بحاجة لفعله الآن). لقد تضايق لأنه رأى الملك يهورام ابن آخاب، ولم يكن يريد أن يرى وجهه. فلما تضايق، قال لهم: “ائْتُونِي بِعَوَّادٍ” (٢ ملوك ٣: ١٥. وعندما بدأ الشخص الممسوح بالعزف، يقول الكتاب إن يد الرب كانت على أليشع وبدأ يتنبأ.
هناك قصة عن شخص كان كعادته يشغل موسيقى معينة، وفي يوم من الأيام، بينما كان يسند رأسه للخلف ويستمع، شعر وكأن شيئًا خرج من الجهاز الذي يشغل الموسيقى (سواء كان هاتفًا أو راديو) ودخل فيه. لأن الموسيقى عالم روحي، فالشخص الذي يعزفها يكون إما ممسوحًا من الله، أو من إبليس. لأنها شيء روحي في الأساس.
لذلك، قلد إبليس هذا النظام ووضع الموسيقى. ماذا يحب الناس؟ الموسيقى. حسنًا، سأصنع لهم موسيقى، ولكنها خاصة بي أنا، وليست الموسيقى الإلهية. ولهذا نجد في مدينة قايين “أَبُو كُلِّ ضَارِبٍ بِالْعُودِ وَالْمِزْمَارِ” تكوين ٤: ٢١. بدأ الناس يخترعون أشياء في محاولة منهم للقول: “ماذا سيعطيكم هذا الإله؟ بم سيشبعكم؟ تعالوا، أنا سأشبعكم بكل شيء. تريدون موسيقى؟ لدينا موسيقى. تريدون إشباعًا لشهوات الجسد؟ تعالوا وتزوجوا بأكثر من امرأة”. كان كل شيء متاحًا في هذا النظام.
كان الغرض كله هو الاحتفاظ بالإنسان بعيدًا عن هذا الإله. “أنا سأشبعك”. ولكنها بالطبع كانت خدعة ومحاولة لتضليل الإنسان. إنه يحاول أن يصنع شيئًا يشبه الحقيقي حتى لا يُرفض، ولكنه مختلف في جوهره. ومن هنا جاء ما نتحدث عنه: “أَيُون وكُوزمُوس”، أو “العالم”. ولهذا السبب نقرأ أحيانًا آيات تبدو متناقضة، مثل: “أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ“، ونفس يوحنا الذي قال هذا، قال أيضًا: “لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ“. وفي مكان آخر: “أَنْقَذَنَا مِنَ الْعَالَمِ الْحَاضِرِ الشِّرِّيرِ” غلاطية ١: ٤.
السبب هو أن لفظ “العالم” في اللغة العربية هو لفظ واحد، ولكنه في الأصل اليوناني ليس دائمًا يحمل نفس المعنى.
فهم نظام العالم: كُوزمُوس وأَيُون:
كُوزمُوس وأَيُون: كلمتان مفتاحيتان
هناك كلمتان في اللغة اليونانية يمكن أن تعنيا “العالم”، وهما: “كُوزمُوس” (Kosmos) و”أَيُون” (Aion).
- كُوزمُوس (Kosmos): هذه الكلمة يُقصد بها “العالم” بمعنى الخليقة، المخلوقات، وكل الأشياء المادية الملموسة والجمال الذي وضعه الله في الخليقة. هذا هو العالم الذي يُطلق عليه اسم “كُوزمُوس”. عندما قال الكتاب: “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ…” يوحنا ٣: ١٦، كانت الكلمة المستخدمة هي “كُوزمُوس”، وكان يُقصد بها البشر، الناس الموجودين في العالم. الله أحب البشر والناس الموجودين لدرجة أنه بذل ابنه الوحيد من أجلهم. هذا هو لفظ “كُوزمُوس” الذي يُطلق على العالم.
- أَيُون (Aion): هناك لفظ آخر وهو “أَيُون”. أحيانًا يأتي هذا اللفظ بمعنى “العالم” في ترجماتنا، ولكنه في اللغة اليونانية في العهد الجديد يأتي كثيرًا بمعنى “الدهر“.كلمة “أَيُون” يمكن أن تأتي بمعنى العالم، ويمكن أن تأتي بمعنى تدبير أو عصر معين، أو طريقة تفكير معينة. هذا هو معنى كلمة “دهر” أو “أَيُون”.
من هنا فهمنا أن إبليس بدأ يضع الـ”أَيُون” الخاص به، أي طريقة تفكيره، نظامه، وشكل الحياة الذي يريده، وبدأ يزرعه في أذهان الناس.
إبليس: رئيس هذا العالم وإله هذا الدهر
كمثال على ذلك، نجد لقبين أُطلقا على إبليس.
١. في يقول الرب يسوع “لأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ“. يوحنا ١٤: ٣٠ من هو رئيس هذا العالم؟ ليس الله، حتى لا يتوقع أحد أننا نتحدث عن الله. قد أسأل: كيف يكون إبليس هو الرئيس والله هو الرئيس الكبير لكل شيء؟
٢أيضًا يقول: “الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ“... كورنثوس الثانية ٤: ٤
إذن، في الآية الأولى كان اللقب هو “رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ“، وفي الآية الثانية “إِلهُ هذَا الدَّهْرِ“. عندما يقرأ الشخص سياق الآيتين، سيكتشف أنهما تتحدثان عن إبليس. لقد قال يسوع عنه إنه “رئيس هذا العالم”، وقال بولس عنه إنه “إله هذا الدهر”. فليس غريبًا أن نجد الآن أناسًا ينادون بأن إبليس إله وأنه في تنافس مع الله. هذا يُقال حاليًا، وربما البعض لا يعرف ذلك.
هو قد نصَّب نفسه إلهًا منذ زمن بعيد، وهذا ما قاله بولس: “إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ” كورنثوس الثانية ٤: ٤.
- لماذا في التعبير الأول، “رئيس هذا العالم“، جاءت الكلمة “كُوزمُوس”؟ لأن هذا اللقب يتعلق بالعالم المخلوق. من كان الرئيس الطبيعي لهذا العالم؟ لقد تكلمنا في بداية الحلقات، وأشجع الناس على الرجوع أيضًا لمقالة “إيجار الله على الأرض”، أن آدم هو من كان ملكًا ورئيسًا. لقد باركه الله وقال له “سُدْ وتسلَّطْ” كإنسان على كل الأرض، وأخضع كل شيء تحت قدميه. لقد كان هو الرئيس، لكن هذا الرئيس قام بخيانة عظمى وباع سلطته وسلَّم كل ما له لآخر. فأصبح الرئيس عبدًا، وصار هناك من هو فوقه، وهو إبليس. لذلك صار إبليس هو الرئيس. ولهذا السبب، لم يكن إبليس يكذب عندما جاء ليسوع في التجربة على الجبل وأراه ممالك العالم في لحظة من الزمان وقال له: “لَكَ أُعْطِي هذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ… فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ” لوقا ٤: ٦-٧. صحيح أن إبليس كذاب، ولكنه هنا كان يتكلم بالصدق؛ فهو قد سحب هذا السلطان من الإنسان. هي ليست من حقه الطبيعي، لكنه سحبها. ولهذا السبب أُطلق عليه لقب “رئيس”. لاحظ جيدًا، الرئيس ليس المالك. الرئيس هو مدير، هو موكل، هو شخص يقود، لكن هذا لا يعني أنه يملك الشيء.
- وهذا يختلف عن اللقب الثاني، “إله هذا الدهر“. كلمة “الدهر” هنا هي “أَيُون”، أي نظام وفكر. لماذا سُمي “إلهًا”؟ لأنه هو خالق هذا النظام. هو لم يخلق العالم (الكُوزمُوس)، فالله هو خالق العالم. ولكنه خلق هذا النظام من الصفر، أخرجه من العدم. ولهذا استُخدم تعبير “إله الدهر” (انتبه)، لا يمكن أن نعكس التعبيرين. لا أستطيع أن أقول “إله العالم” (إله الكُوزمُوس)، لأن الكُوزمُوس له إله واحد، فـ “لِلرَّبِّ الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا. الْمَسْكُونَةُ وَكُلُّ السَّاكِنِينَ فِيهَا.” (مزمور ٢٤: ١). الأرض قد سُرقت من الإنسان، لكن في عقود الملكية الأساسية، هي ملك للرب. لو أجَّرتُ شيئًا لشخص وخُدع وسيطر عليه آخر بطريقة ما، يظل العقد الأساسي معي، وأنا أملك هذا الشيء. والأرض سترد للرب. لذلك لا يمكن أن يُقال عن إبليس “إله العالم”، لأنه لم يخلق العالم. ولكنه خلق شيئًا داخل العالم، وهو طريقة تفكيره. ولهذا سُمي “إله الأَيُون“، إله هذا الدهر، إله طريقة التفكير هذه التي صنعها.
ولذلك، عندما قال عنه بولس “إله هذا الدهر”، أكمل قائلاً إنه “أَعْمَى أَذْهَانَ“. إذن، هذا الدهر (الأَيُون) له علاقة بالذهن، له علاقة بأفكارك. يمكن لشخص أن يكون عايشًا داخل “أَيُون” إبليس، داخل دهره، وهو لا يدري. فكلمة “دهر” لا تعني فقط فترة زمنية، بل تعني طريقة تفكير. هو إله لأنه خلق طريقة تفكير ليعمي بها الأذهان، لأنه يعمل على الذهن أساسًا.
إذًا، هو “رئيس هذا العالم“ (المدير)، وقد أنهى يسوع عليه. وهو “إله هذا الدهر“، أي هو المؤلف والصانع لهذا الدهر الذي حقن به طريقة تفكيره في أذهان الناس.
نظام التشغيل: الهارد وير والسوفت وير
لقد شوَّه كل شيء جميل عمله الله وكل شيء روحي صحيح. فنظام الـ”أَيُون” هذا هو نظام يعمل داخل أذهان الناس، تمامًا مثل السوفت وير والهارد وير. لو قلت إن هذا الجهاز الذي أمسكه بيدي هو الهاردوير، أي الجزء الصلب الذي يُلمس ويُحس، فهذا يوازي الكُوزمُوس (العالم بمخلوقاته وبشره ونباتاته التي نستطيع أن نحسها). ولكن داخل هذا الهاردوير، توجد برامج، سوفت وير، لا أستطيع أن أمسكها. لو أدخلت يدي داخل الجهاز، هل سأقول: “أنا أمسكت برنامج الكتاب المقدس”؟ لا، هذا سوفتوير يعمل على الجهاز.
هذا هو نظام التشغيل، وهذا هو الـ”أَيُون”. لو أن هناك شركة تضع بروتوكولاً للعمل، فالموظفون يأتون في ساعة معينة ويتحركون في ساعة معينة، ونوعية العمل محددة. لو كانت هذه الشركة مصنعًا، فإن الآلات والمعدات هي المواد الصلبة الموجودة (الكُوزمُوس). الآن، تخيل أن النظام (البروتوكول) الذي يدير هذا المصنع هو نظام فاسد، فلا يوجد اهتمام بصيانة الآلات مثلاً. بسبب هذا النظام، ستفسد الآلات والمواد الصلبة. لقد أفسد النظام (الأَيُون) المادة (الكُوزمُوس).
لأن الـ”أَيُون” له تأثير على الـ”كُوزمُوس”. النظام له تأثير على ما هو محسوس. ولهذا قال الكتاب إن “الْخَلِيقَةَ أُخْضِعَتْ لِلْبُطْلِ” رومية ٨: ٢٠، بسبب أن هناك نظام تفكير إبليسي جعل حتى الحيوانات تعاني، والنباتات تعاني، وجو الأرض أصبح ملوثًا وصعبًا. فكما أن إدارة المصنع الفاسدة (الأَيُون) أثرت على آلات المصنع، هكذا أيضًا لو لم يُضبط ذهن الشخص على “أَيُون” الله (لأن الله له “أَيُون” أيضًا)، سيتأثر. الله له طريقة تفكير، والغرض منها هو أن يضعها فينا لنسير بها. هذا كان الأساس، أن يضع الله فينا طريقة تفكيره لتكون هي الآلية التي نعمل بها. لكن إبليس أخذها وأفسدها بشكل يظهر وكأنه نظام آخر جميل وجذاب، ولكنه في الحقيقة أفسد الشكل الجمالي الذي أراد الله أن يضعنا فيه.
أركان النظام الشيطاني مقابل النظام الإلهي:
أركان النظام الشيطاني: الخوف والأنانية
من ضمن نظام الـ”أَيُون” الشيطاني، ومنه سندخل إلى النظام الإلهي، حكى الكتاب أن هناك أركانًا أو عناصر لهذا النظام. تكلم الكتاب في رسالة غلاطية عن “عناصر هذا العالم” التي كنا خاضعين لها. إن العنصرين الأساسيين اللذين يقوم عليهما هذا النظام هما السبب وراء أي خطية.
يعني لو جلسنا نبحث وراء أي خطية، لماذا فعل فلان كذا؟ لماذا يحدث الأمر الفلاني؟ غالبًا سيكون السبب واحدًا من اثنين: الخوف أو الأنانية. هاتان هما الركيزتان اللتان يقوم عليهما نظام إبليس.
- الخوف: لماذا فعلت كذا؟ لأني كنت خائفًا. لماذا تأخذ هذه الأدوية؟ قالوا لي إن لم آخذها سأموت. لماذا تعيش حياتك كلها تجمع الأموال والله ليس له مكان في حياتك؟ لأنك خائف من أن تُصاب بمرض، وترى أن المال هو المنقذ لك.
- الأنانية: شخص متمحور حول ذاته، يفكر في نفسه فقط ولا يفكر في أي شخص آخر.
هذان السببان هما الأركان التي يقوم على أساسها “أَيُون” إبليس، طريقة التفكير التي لو بحثنا عن أي شيء يفعله الإنسان، سنجد أنه غالبًا ما ينبع من هذين المصدرين: إما أنه خائف، أو أنه أناني متمركز حول نفسه.
النظام الإلهي: الإيمان والمحبة
ولماذا من المهم أن نعرف هذين الأمرين؟ لأنه في النظام الإلهي، سنكتشف أن كليهما قد عُولج.
- علاج الخوف هو الإيمان. في الخليقة الجديدة التي صنعها الله فينا، وضع فينا الإيمان. وكأننا مبرمجون ومجهزون لنفعل الصواب.
- علاج الأنانية هو المحبة. سنجد أن الكتاب عندما يتحدث عن السلوك بالروح، نكتشف أن المحبة هي الجوهر.
(وأنا أشجع الناس، من المهم جدًا ألا تأخذ الكلمة كعنوان فقط، بل ابحث عن تعريفها). لأننا أحيانًا كثيرة نردد كلامًا ونحن لا نعرف كيف نجمعه، نقول كلمة “محبة”، “إيمان”، “بر”، “قداسة”، “حضور الله”، “مجد”، ونحن لا نفهم. ما تعريف هذه الأشياء؟ يجب أن يكون لها تعريف محدد في ذهني، وإلا ستظل أمورًا غامضة في الهواء.
في الخليقة الجديدة، وضع الله الإيمان الذي هو عكس الخوف، فكل أمور الشخص المؤمن يتحرك فيها بالإيمان. ثم وضع أيضًا المحبة، حيث يخرج الشخص من نفسه ويفكر في الآخر، تمامًا مثل إلهنا. وهذان هما العلاج للـ”أَيُون” الشيطاني، لطريقة التفكير الشيطانية التي زرعها إبليس، والتي تجعل الإنسان مثلاً في وضع المحدودية. فيُقال للشخص: “أنت مصاب بالمرض الفلاني، وأمامك بضعة أشهر لتعيش”.
ما هو الطبيعي الحقيقي؟
هذه الأمور تُقبل على أنها عادية. من الذي قال لك هذا؟ سيقول: “الطبيب الفلاني” أو “العلم”. مع أن هذا العلم نفسه (مع كل احترامنا للأطباء وكل الأمور الصحيحة في العلم) قال في يوم من الأيام إن هذا الشيء ليس له علاج، وبعدها اكتشفوا أن له علاجًا. فلماذا ما زلت تصدق وتتمسك بهذا، مع أنه يغير كلامه كل فترة، ولا تصدق هذا الإله عندما يقول لك إن كل شيء مستطاع للمؤمن؟
لقد بدأ الناس يسيرون بهذا النظام وهم لا يعرفون، ويعتقدون أن هذا هو “الطبيعي”. دائمًا نرى أنه طالما أن هذا الأمر طبيعي أو حدث مع كل الناس، فقد أصبح هو “الطبيعي”.
تعالوا نكتشف “الطبيعي” من الكتاب، وكيف قال لنا الكتاب إننا لسنا “طبيعيين” بهذا المعنى. نحن طبيعيون ضمن مملكة الله، هذا صحيح. ولكن أن نكون طبيعيين بالمعنى الذي نشره إبليس، فهذا يعني أن الإنسان في الحقيقة أصبح أقل وأدنى من الطبيعي وهو لا يدري. فعندما تعيش على النظام الإلهي، سيقول لك الناس: “أنت لست طبيعيًا هكذا”. لا، أنا طبيعي جدًا عندما أفكر أن المستوى الأساسي الذي وضعه إبليس هو مستوى منحدر جدًا، وقد خدع إبليس الناس وجعلهم يسمون هذا المستوى “الطبيعي”. تخيل لو أن المستوى الإلهي هنا (في الأعلى)، فإن إبليس قد جعل مستواه هنا (في الأسفل)، وضحك على الناس وقال لهم: “هذا هو الطبيعي، هذا هو المعيار (Standard) الذي يجب أن تمشوا عليه”.
لا، الحقيقة أن “الطبيعي” هو في الأعلى. ولهذا، فإن الناس الذين في الأسفل، الذين يسيرون بطريقة إبليس، ينظرون إلى الناس الذين في الأعلى ويقولون لهم: “أنتم متكبرون، أنتم غير طبيعيين، أنتم مختلون، أنتم تعيشون في عالم آخر، في الوهم”. لكن الحقيقة ليست كذلك. لقد أنزل إبليس مستوى الناس لمرحلة جعلهم يظنون أن هذا هو الطبيعي، وأن أي شخص يعيش خارج هذا الجو فهو غير طبيعي.
“الطبيعي” هو ما قالته كلمة الله. لو أردت أن تعطي تعريفًا للطبيعي، انظر إلى ما قالته كلمة الله بخصوص أي شيء. كمثال، لو أمسكنا بموضوع المرض. ما هو الطبيعي للمرض؟ ستجد أن كلمة الله تتحدث عن الشفاء. كان يسوع يشفي جميع الذين لمسوه. إذن، لو أردت أن أضع معيارًا، فالخط هو أن كل الناس يجب أن يكونوا أصحاء، وليس طبيعيًا وعاديًا أن يمرضوا. ليس من الطبيعي أن يمر الشخص بأمراض الشيخوخة، حتى لو كان العلم يقول لك ذلك. لدينا أناس تحدوا العلم. ماذا عن موسى الذي بلغ ١٢٠ عامًا، وحتى مات لم تذهب نضارته ولم تكل عيناه؟ ماذا عن كالب الذي قال ليشوع وهو ابن ٨٥ عامًا: “أنا ما زلت عندي نفس القوة التي كانت لي وأنا شاب، عندما ذهبنا لنتجسس الأرض”. لقد مرت ٤٥ سنة على ذلك، ومع ذلك قال: “أنا ما زلت بقوتي”، وليس هذا فقط، بل قال: “أعطني هذا الجبل، سأذهب وأحارب العماليق الموجودين فيه”. وهذه حرب مكسبها ليس سهلاً. فقال: “سأحاربهم وأهزمهم وآخذ الأرض التي وعدني بها الرب”.
إذًا، لو أردت أن تعرف ما هو “الطبيعي” حتى لا تتوه كثيرًا، أخرج الأمر الذي تريد أن تعرفه وانظر إليه من خلال كلمة الله. ستكتشف أن الكلمة تتحدث عن كل شيء. هذا هو المعيار. هذا هو الـ”أَيُون” الإلهي، طريقة تفكير الله، هذا هو ما يريدك الله أن تفعله وتسير به.
كلمة الله: كتالوج نظامك الإلهي:
هذا هو الكتالوج الخاص بك. لو أردت أن ترى طريقة تفكير الله التي وضعها في كلمته، فأنت لا تحتاج أن تصلي وتقول: “يا رب، عرفني طريقة تفكيرك. يا رب، قل لي ما رأيك في كذا؟”. لأنه يحبك، فقد جهزها لك مسبقًا، ووضعها فيك. يتبقى فقط أن تكتشفها. الأمر مثل جهاز موجود وبه إمكانيات كثيرة، ولست بحاجة كل فترة أن تتصل بالشركة وتقول: “تعالوا وضعوا لي إمكانية معينة”. الإمكانية موجودة بالفعل، يتبقى أن تنظر في الكتالوج لتكتشف أن جهازك به هذه الإمكانية التي تحتاجها. ولأنك قد تكون لا تعرفها، فأنت لا تستخدمها، وتضطر أن تبذل مجهودًا أكبر أو تدفع أموالاً أكثر لتقوم بأمر هو موجود أصلاً في جهازك.
في النظام الشيطاني كان ينتشر الخوف والأنانية، وهما سبب الخطية. أما في النظام الإلهي فالعكس تمامًا.
جريمة الفكر: هل تسير في نظامين؟
هناك نقطة مهمة جدًا، وهي أن الفكر لم يتم تجريمه. فالناس أحيانًا يسيرون بمبدأ أنه طالما لا يوجد قانون يجرّم هذا الأمر، فهو صحيح. فالقانون يجرّم القتل، والسرقة، والاعتداء على حقوق الغير. ولكنه لم يجرّم أن تضع ملحًا زائدًا في الطعام مثلاً. لم يجرّم أحد أن تفكر بطريقة معينة، طريقة الخوف، وأنك تفعل كذا لأنك خائف. هذا خطأ، لكن لم يجرّمه أحد. فأنت بالنسبة لك، تستمر في هذه “الجريمة”، وهي جريمة كتابية.
فحتى في تصنيف الجريمة، لأنك قد تكون ترتكب جرائم وأنت تسير في نظام إبليس ولا تعرف. قد يكون جزء من حياتك يسير بشكل صحيح لأنك تسير فيه بفكر إلهي، وجزء آخر تسير فيه بنظام شيطاني وأنت لا تدري. ثم يرجع الشخص ويشتكي ويعاني: “لماذا لا تحدث نتائج قوية في حياتي؟ لماذا أشعر أني أسير ببطء؟”. لأنك فعلاً، في زوايا بنيتها صح وتسير فيها وهذا رائع، ولكن في زوايا أخرى ما زلت تحتاج أن تعرف، فأنت “تعرج” بين الفكر الإلهي وطريقة التفكير البشرية التي نجدها عادية في لغة الناس.
يجب أن تبتلع وتأكل هذا النظام الإلهي، حتى يصبح كلامك مثل طريقة كلام أبيك السماوي، طريقة كلام مملكة الله. وهذا ليس شيئًا بعيدًا عن التحقيق، بل هو متاح لنا أن نصل إليه. فالرب لا يعشمنا أو يوعدنا بأمور للسماء فقط، بل الآن على الأرض. هذه هي الفترة التي تحتاج فيها هذا الكلام. أنت لن تحتاج أن تُشفى في السماء، ولن تحتاج أن تكون مباركًا في السماء. أنت تحتاج هذا على الأرض؛ من أجل صحتك، من أجل جسدك، من أجل أنك هيكل للروح القدس، ومن أجل أن تعرف كيف تخدم الناس. تحتاج أن تكون مباركًا من أجل انتشار إنجيل الله.
فلا تعتقد أنك تسير على “الطبيعي” و”العادي” الذي وضعه الناس. المهم أن تسأل نفسك: هذا “العادي” الذي أسير عليه، من الذي وضعه؟ لئلا يكون شخص آخر قد وضعه لي وأنا لا أنتبه. إن الله يكره هذا النظام.
لماذا يكره الله هذا النظام؟
لهذا السبب قال الرسول يوحنا: “لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ” يوحنا الأولى ٢: ١٥. فالحب ليس فقط من شخص لشخص، بل يمكن لشخص أن يحب شيئًا ويتعلق به. ثم شرح لنا ما هي عناصر هذا العالم، وقال: “لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ.” (١ يوحنا ٢: ١٦.
سأشرح سريعًا هذه العناصر الثلاثة:
أولاً: شهوة الجسد
شهوة الجسد معناها كل ما يريده الجسد، كل شيء يحبه الجسد ويكون بالطبع زائدًا عن الحد الطبيعي. كمثال، لو أن شخصًا يقول: “أنا أحب الأكلة الفلانية”، ثم يقول: “فقط أحضروا لي هذا الطبق واتركُوني”، ثم ينقض عليه ليلتهمه بالكامل. أنت هنا تفعل شيئًا زائدًا عن الطبيعي، هذا يعني أنه ليس لديك انضباط، ليس لدى جسدك انضباط. فبدلاً من أن تُخضِع جسدك لسيطرتك، أنت تركت جسدك يسيطر عليك. هناك أناس أخطأوا بسبب شهوة الطعام. إسحاق لم يستطع أن يميز وكان على وشك أن يبارك عيسو، لأن عيسو كان يصنع له طعامًا شهيًا، فكان الصيد في فمه. فقال: “اذهب يا عيسو واصطد لنا صيدًا، واطهُه لنا جيدًا”. بسبب شهوة الأكل، كاد أن يخطئ ولا يميز، فيبارك عيسو، مع أن الرب كان قد تكلم منذ البداية أن الصغير (يعقوب) هو الذي سيتبارك.
شهوة الجسد هي كل ما يريده الجسد، كل ما يحبه، كل الرغبات، كل الغرائز. هي موجودة لكي تسيطر أنت عليها. بعض الناس يبررون تصرفاتهم قائلين: “ما أنا عندي غرائز!”. ليس كونها موجودة مبررًا. يقولون: “لقد وضع الرب فينا غريزة جنسية مثلاً، فلنطلق العنان لهذه الغريزة!”. لا، لقد وضعها الرب فيك لكي “تَسُودُ عَلَيْهَا“، كما قال لقايين، وليس لكي تسود هي عليك وتحركك. لأن أي شيء لم يُستخدم بطريقة صحيحة، يسهل أن يتلوث. هذه الأمور رائعة وضعها الرب فينا، ولكن لكي تُستخدم بطريقة صحيحة.
ثانياً: شهوة العيون
شهوة العيون هنا لا يُقصد بها مجرد العين الجسدية، بل يتكلم عن كل الأبعاد الفكرية التي يمكن لعينَي الشخص أن تسرح وتستحضرها. ليس من الضروري أن أرى شيئًا بعيني، بل يمكنني أن أُغمض عيني وأجلس أتخيل أمر ما، وأبدأ في الذهاب إلى طريقة التفكير تلك وأسير بها. هذه هي الشهوة التي تكلم عنها الكتاب، وهي ضمن النظام الشيطاني.
ثالثاً: تعظم المعيشة
تعظم المعيشة ليس كما يعتقد الناس أنه التكبر أو المظاهر، كأن يرتدي شخص ملابس جيدة أو يمتلك شيئًا معينًا. لا، تعظم المعيشة هنا يتكلم عن الاعتماد على المصادر الأرضية. أي أنك تشعر بالاطمئنان لأن لديك مالاً، أو لأن أسرتك حولك، أو لأنك تتقاضى مرتبًا جيدًا. أنت مطمئن لأنه لو حدث شيء، لديك فلان الذي ستهرول إليه ليحل لك المشكلة. أنت مطمئن لأن شخصًا ما قد وعدك بأمر. هذا هو الاعتماد على المصادر الأرضية. تمامًا مثل الغني الذي قال لنفسه“يَا نَفْسُي… كُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي!” لوقا ١٢: ١٩. لقد ارتاح لأن لديه خيرات كثيرة موضوعة لسنوات عديدة. لقد كان مستندًا على أمور أرضية، واضعًا أمانه وفرحه وسروره في أنه يمتلك أشياء.
ليس من الخطأ أن تكون احتياجاتك مسددة، ولكن الفرق هو أين يكمن اعتمادك. أين هو مصدر فرحك؟ ماذا لو جلست مع نفسك وحسبتها في ذهنك وشطبت على كل هذه الأشياء؟ ماذا لو تخلى عنك الناس، ماذا ستفعل وقتها؟ هناك أناس بالنسبة لهم، كما يقولون، “الحياة من غير الناس لا تُعاش”. يقولون: “أصحابي هم كل حياتي، علاقاتي الاجتماعية هي كل حياتي. لا أستطيع أن أجلس وحدي وأدرس الكلمة، لا أستطيع أن أمضي يومًا دون أن أخرج”. ماذا لو انتهت هذه الأشياء من حياتك، ماذا ستفعل وقتها؟ هل ستسقط؟ هل ستقع؟ هل لن تكمل في الحياة؟ هل ستنهار؟
ما هو أكثر شيء يجعلك تبكي، وما هو أكثر شيء يجعلك تفرح؟ إن لم يكن شيئًا له علاقة بكلمة الله، فأنت إذًا تسير ضمن هذا النظام. ماذا تفعل لو لم تُعطَ كرامة؟ وماذا تفعل أيضًا لو أُعطيت كرامة؟ قد يقول شخص: “أنا لا أهتم لو لم يشكرني أحد”. حسنًا، ولكن ماذا لو شكروك؟ بأي طريقة تفكر؟ هل ترى نفسك وقتها وتشعر أنك فعلت شيئًا عظيمًا، وتشعر بقيمة ولذة لأنك أنجزت أمرًا؟
هذا هو معنى تعظم المعيشة: الاعتماد على المصادر الأرضية. لقد تكلم الرب يسوع عنها عندما قال: “لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ” متى ٦: ٢٤. لم يكن يتكلم عن المال بطريقة حرفية، بل كان يتكلم عن “المامون” (Mammon)، الذي كان إلهًا في ذلك الوقت، أي الاعتماد على الأمور الحسية الملموسة التي يقنع إبليس الناس أنها هي التي تمنحهم الأمان. إلى أن تسير بالنظام الإلهي، فيصبح أمانك في كلمته. ما هو مصدر أمانك؟ أنه هو قال كذا.
هذا ما قيل في “لأَنَّهُ قَالَ: «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ». حَتَّى إِنَّنَا نَقُولُ وَاثِقِينَ: «الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي إِنْسَانٌ؟” (عبرانيين ١٣: ٥-٦). لو أمسكنا بجملة “فلا أخاف”، ما الذي يجعلك لا تخاف وتقولها بثقة وجرأة؟ هل لأنه هناك من يحميك؟ هل هناك جيوش وراءك؟ لا، بل “لأَنَّهُ قَالَ“. هذا هو ما يعطيني الجرأة في الحياة، ويعطيني الجرأة أن أتكلم وأعيش وأستمتع بحياتي، لأني أعتمد على الكلمة. أماني يكمن هنا، فرحي يكمن هنا، سعادتي وسروري وميراثي هنا.
إن البعض يسعى ليأخذ حقه بذراعه، أو يسير في العالم بمبدأ أنه “إن لم تكن ذئبًا أكلتك الذئاب”، أو “القوي يأكل الضعيف”. هذا مبدأ إبليسي يبدأ إبليس في إدخاله إليهم. فيبدأ الشخص يتجاوب مع نظام إبليس ويزيد عليه من عنده. لأن هذا النظام لا يحتاج إلى إيمان لكي تسير به. الإيمان هو أن تصدق أن هذا الإله سيُظهر حقك، وسيدافع عنك، وسيحميك حتى في الأمور التي لا تراها. قد تكون في جلسة لا تحضرها ويتكلمون عليك، قد يحاول أحدهم تشويه سمعتك. الإيمان هنا هو أن تصدق أن الروح القدس يحميك حتى في الأمور التي لا تراها.
هذه هي عناصر النظام الشيطاني: شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة. وقد قال الرب: “لا تحبوا هذه الأشياء”. وهذه هي كل الأشياء التي يقول الناس عنها إنها “الطبيعي” ويجرون وراءها. محلات الطعام ممتلئة بالناس، وصار الأكل لدى البعض هو الشيء الأساسي، يجب أن يجرب شيئًا جديدًا كل يوم، ويكتئب ويحزن لو لم يفعل، وكأن الطعام يعطيه السرور والشبع.
علميًا، بعض الأكلات تجعل مواد معينة تُفرز في جسم الإنسان وتشعره بالسعادة. هذا يعني أن جسده هو الذي يتحكم فيه. ماذا عن مستوى تتحكم أنت فيه بجسدك؟ فلا تنتظر أن يُفرز الدوبامين أو السيروتونين ليفرحك. ماذا عن مستوى: “افْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا” فيلبي ٤: ٤؟ “كل حين” يعني أن جسدي أصبح تحت سيطرتي، أنا الذي أقول له ماذا يُفرز وماذا لا يُفرز. هل هذا موجود؟ نعم، هو كتابي وموجود.
ثقوا، أنا قد غلبت العالم
وكأن الله في كل مرة يقف ويقول لنا، كما كان ينبه: “انتبهوا، هناك نظام يحاول الدخول في النظام الإلهي السليم ليفسد كل شيء”. هو لا يخرجك عن المألوف، بل يقول لك: “كُل، ولكن كُل بزيادة. استمتع، ولكن استمتع بإفراط شديد. اجعل اعتمادك عليها”. وكأنه يسقطنا من الشكل الذي كان يجب أن يكون طبيعيًا إلى حفرة سيئة جدًا. فمجدا لله أن لنا إنقاذًا من أن نعيش في هذا المكان.
لكن يسوع قال: “ثِقُوا، أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ” يوحنا ١٦: ٣٣. فهل وقفت القصة عند هذا الحد؟ هو غلبه، ونحن، أين وصلنا؟
هو رئيسنا وقائدنا. وكون الرب يسوع قد قال هذا في نهاية حياته، فهذا يعني الكثير. قال: “فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ“، والضيق هنا هو الاضطهادات التي مر بها هو. “وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ“. فيسوع هو مثالنا وقدوتنا الذي نسير وراءه، فسنفعل مثله. إذن، لك سلطان ونصرة على ألا تكون خاضعًا لعناصر العالم هذه. كل ما يصيب الناس بالقلق والحيرة والمرض والفشل والتعب، لك سلطان عليه، لأن قائدك قد فعله قبلك. وعندما قال لهم يسوع: “ثقوا”، كان يعني: “افرحوا وتهللوا واطمئنوا، أنا فعلتها”. وهو لم يكن يتكلم عن نفسه فقط، بل كان يريد أن يقول: “أنتم أيضًا تستطيعون أن تفعلوا هذا. لقد فتحت لكم الطريق. هذا العالم الذي لم يكن أحد يعرف كيف يخرج من قوانينه، أنا مشيت فيه وهزمته”.
ثم جاء الرسول يوحنا وأعاد نفس الكلمات في رسالته الأولى فقال: “لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.” يوحنا الأولى ٥: ٤. هذه هي الطريقة التي تغلب بها العالم: أن تؤمن بما قاله الله بخصوص ما تريد أن تخرج منه. لو صدقت ما قاله الله، ستخرج منه. الإيمان هو الطريقة التي نغلب بها العالم.
ولهذا نرجع لقصة قايين وهابيل، الفرق كان هو الإيمان. كان هناك نظام إلهي، والله جاء ونبَّه قايين الذي لم يكن يعرف الإيمان، وأعطاه طريقة ليخرج مما هو فيه، لكنه لم ينتبه. وكأننا اليوم نأتي ونقول للناس: “انتبهوا، افهموا أن هناك نظامًا وضعه الله، ونظامًا وضعه إبليس. والله يعطينا طريقة لنخرج من هذا”.
مفاتيح عملية:
قد تسأل: كيف أنتبه لهذا، خاصة وأن كل من حولي يقولون إن هذا هو “الطبيعي”، وأنا نفسي أرى أنه من الطبيعي أن أغضب أو أُحبط؟
من ضمن الأشياء هي: “كُن طفلاً“. ربما أنت متعلم أو حاصل على شهادات عليا، ولكن كن طفلاً أمام كلمة الله. بمعنى، اقبل ما تقوله الكلمة، واجعل للكلمة سلطانًا على أي مستوى علمي أو اجتماعي أو ثقافي وصلت إليه. فمن الوارد جدًا أن تكون متأثرًا بأمور ليست حقيقية أو صحيحة.
المفتاح الأول هو أن تقبل ما تقوله كلمة الله. الموضوع قد لا يكون سهلاً، لأنه تحدٍ. قد تفقد في المقابل سمعتك أو أصحابك، لأنك قررت أن تؤمن بشيء أعلى من “الطبيعي”، قررت أن تترك المستوى الذي في الأسفل وتصعد للمستوى الذي في الأعلى. قد تجد سخرية واستهانة، ولكن ليكن في قلبك: “أنا أبحث عن كلمة الله”. وقتها ستجد معونة وقوة من الروح القدس ليساعدك.
لقد قيل عن الكهنة وأعضاء مجمع السنهدريم إنهم لم يقدروا أن يؤمنوا بيسوع، لماذا؟ “لأَنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ اللهِ.” يوحنا ١٢: ٤٣. ماذا تحب أكثر؟ ماذا يهمك أكثر؟ رأي الناس وإعجابهم بك، أم أن تكمل بالشخصية التي رسمتها لنفسك؟ قد تقول: “الناس يحبونني لأني مرح وأضحك دائمًا”. ماذا لو اكتشفت أن ما تفعله هو لجذب انتباه الناس، والكلمة تقول لك “لا”؟ هل أنت مستعد أن تضحي بكلمات المديح التي تفرح بها؟ الأمر مكلف في نظر الناس، ولكن أول ما تبدأ السير فيه، ستكتشف كم هو رائع، وأنك تعيش الحياة الحقيقية وتستمتع بها فعلاً.
عندما ينظر شخص من الخارج إلى مؤمن يعيش في فرح وسط الظروف الصعبة، يقول: “هذا ليس طبيعيًا”. ولكن عندما تعيش أنت هذا المستوى ويقول لك أحدهم ذلك، ستقول له: “هذا هو الطبيعي بالنسبة لي”، لأنك أصبحت تعيش فيه. وهذا هو ما أنت مدعو إليه.
إذا لم تكن قد قبلت الرب يسوع بعد، فكل هذا متاح لك. لقد جاء الرب يسوع ووضع كل هذا لكي تحيا وتستمتع بالحياة، وتأخذ الطبيعة الإلهية وتعيش بفكره. لا يمكن لشخص أن يُهزم وهو يحيا بالفكر الإلهي. اسأل نفسك سؤالاً بسيطًا: هذا الإله، كم مرة انهزم؟ تخيل أنك ستسير بنفس طريقته ومنهجيته. إنه لم يُهزم قط منذ ما قبل خلق العالم. خذ مثالاً عمليًا، يسوع، الله المتجسد، كم مرة انهزم؟ كم مرة خاف أو قلق أو مرض؟ لك هذا المستوى لتعيشه.
أشجعك إن لم تكن قد قبلت الرب يسوع، صلِّ معي هذه الصلاة. بها تعلن أن يسوع هو الرب والسيد على حياتك. افحص هذا الكلام جيدًا وقله بفمك.
“يا رب، أنا آتي إليك في اسم ابنك يسوع المسيح، وأقبل العمل الفدائي الذي عملته من أجلي. أشكرك لأنك أحببتني وجئت من السماء خصيصًا لأجلي. أنا أصدق أن يسوع جاء ومات وقام من أجلي ليغفر خطاياي ويصالحني معك. أنا أؤمن بكل قلبي وأعلن أن يسوع رب على حياتي من هذه اللحظة. أشكرك لأنك سمعتني، ولأني أصبحت ابنًا لك، وأخذت الحياة الأبدية في داخلي الآن. أمامي طريق من الانتصار والفرح والتأثير. سأعيش في الأرض منتصرًا، لأني صرت أنتمي وأخص هذا الإله. في اسم يسوع، آمين.”
ملخص حلقة “أَيُون وكُوزمُوس“:
- قربان قايين وهابيل:
- رُفض قربان قايين لأن الله نظر إلى قلبه ودوافعه الخاطئة قبل أن ينظر إلى القربان.
- قدم قايين “ما عنده” (من ثمار الأرض)، بينما قدم هابيل “ما يطلبه الله” (ذبيحة دموية).
- قدم هابيل ذبيحته “بالإيمان”، مما يعني أن قايين لم يفعل ذلك.
- مبادرة الله ورحمته:
- بادر الله بالحديث مع قايين ليساعده على فهم سبب رفض قربانه.
- حذره من الخطية الرابضة عند الباب، وشجعه بأنه يمتلك السلطان ليسود عليها.
- استمر الله في مبادرته بالرحمة حتى بعد أن قتل قايين أخاه، ووضع له علامة ليحميه.
- مدينة الإنسان ونظام العالم:
- بنى قايين مدينة كإعلان للاستقلال عن الله، وأسس فيها نظامًا موازيًا للنظام الإلهي.
- هناك مدينتان: مدينة الله الروحية (صهيون)، ومدينة الإنسان المتمردة.
- كان نظام قايين استنساخًا لفكر إبليس، والذي يُعرف بـ”نظام العالم”.
- فهم “العالم”: كُوزمُوس وأَيُون:
- هناك كلمتان يونانيتان تُترجمان “عالم”:
- كُوزمُوس (Kosmos): الخليقة المادية والبشر الذين أحبهم الله.
- أَيُون (Aion): الدهر أو نظام التفكير الذي أسسه إبليس.
- إبليس: رئيس هذا العالم وإله هذا الدهر:
- إبليس هو “رئيس هذا العالم” (كُوزمُوس) لأنه سرق السلطان من آدم.
- إبليس هو “إله هذا الدهر” (أَيُون) لأنه هو من خلق نظام التفكير الفاسد الذي يعمل في أذهان الناس.
- نظام التشغيل: الهارد وير والسوفت وير:
- “الكُوزمُوس” يشبه الهاردوير (الجهاز المادي).
- “الأَيُون” يشبه السوفتوير (نظام التشغيل والأفكار) الذي يدير الجهاز.
- نظام التفكير الفاسد (الأَيُون) يؤثر على العالم المادي ويفسده (الكُوزمُوس).
- أركان النظامين:
- النظام الشيطاني (الأَيُون): يقوم على ركيزتين هما الخوف والأنانية.
- النظام الإلهي: يقوم على الإيمان (الذي يعالج الخوف) والمحبة (التي تعالج الأنانية).
- “الطبيعي” الحقيقي:
- ما يعتبره العالم “طبيعيًا” هو في الحقيقة مستوى منحدر وضعه إبليس.
- “الطبيعي” الحقيقي هو ما تحدده كلمة الله، مثل الشفاء والصحة والقوة.
- عناصر النظام الشيطاني:
- شرح الرسول يوحنا عناصر هذا النظام في: “لا تحبوا العالم”
- شهوة الجسد: سيطرة رغبات الجسد غير المنضبطة.
- شهوة العيون: الانقياد وراء الأفكار والتخيلات الخاطئة.
- تعظم المعيشة: الاعتماد على المصادر الأرضية (المال، الناس… إلخ) للأمان والفرح.
- الغلبة على العالم:
- أعلن يسوع: “ثِقُوا، أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ”.
- المؤمن يغلب العالم بنفس الطريقة: “وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.” يوحنا الأولى ٥: ٤.
- مفاتيح عملية:
- كن كطفل أمام كلمة الله، واجعل لها السلطان على كل شيء في حياتك.
- اختر مجد الله فوق مجد الناس، حتى لو كان ذلك مكلفًا اجتماعيًا.
__________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
