
برنامج من البداية للنهاية
(راديو الحق المغير للحياة).
الحلقة العشرون: التجربة (الجزء الأول).
تنويه: العظة مكتوبة بـالذكاء الاصطناعي، لم تُراجع من خدمتنا بعد، إن وجدت أخطاءً في الكتابة تواصل معنا واذكرها لنا.
أهلاً بكم في برنامج “راديو الحق المُغيِّر للحياة”. برنامجنا، كما اعتدتم، هو رحلة من البداية إلى النهاية، نسير فيها عبر الكتاب المقدس بأكمله، بادئين بسفر التكوين لنستكشف خطة الله الكاملة من بداية الأمور إلى نهايتها.
لقد بدأنا رحلتنا في سفر التكوين خلال حلقاتنا الماضية، في المرة السابقة، تحدثنا عن الامتحان، وتساءلنا: ما هو الامتحان؟ وهل كان القصد منه ترهيب الإنسان، أم كان له هدف آخر؟ وفهمنا أن الهدف منه هو ترقيتنا، وأن الله يريد أن يكشف لنا ما في قلبه أكثر فأكثر. اليوم، ندخل محطة جديدة من المحطات الجميلة التي نفهم من خلالها فكر الله تجاه الإنسان، وهي محطة “التجربة”. قد تكون هذه الكلمة ثقيلة على نفوسنا بعض الشيء، لذا، نريد اليوم أن نتعمق فيها أكثر لنفهم معناها الحقيقي. وهذا ما كان يدور حوله سؤال حلقتنا، ونحن نشجعكم دائماً على التفاعل مع أسئلة الحلقات ومشاركتنا بآرائكم وأسئلتكم لنُعلن معاً فكر الله في كل أمر.
فما هي قصة التجربة؟
من الامتحان إلى التجربة: توضيح لا بد منه
في الحقيقة، لا تُعتبر التجربة جزءاً من محطتنا الأساسية، ولكن كان لا بد أن نتوقف عندها. محطتنا الأساسية كانت تتمحور حول إبراهيم ودوره المحوري في فكر الله تجاه الأرض وخلاص الإنسان ومجيء يسوع. ولكن، لا يمكننا أن نتجاوز موضوع امتحان إبراهيم، وطالما ذكرنا كلمة “امتحان”، فمن الضروري أن نتوقف عند مفهوم “التجربة”.
في المرة السابقة، فهمنا معنى كلمة “امتحان”، وكيف أن الشخص عندما يكتشف الامتحانات الإلهية، يدرك أنها أمر رائع، بل سيشتاق أن يُمتحَن أكثر وأكثر وأكثر وأكثر. لهذا السبب، أشجع كل المشاهدين: إن لم تكن قد استمعت إلى حلقة الامتحان بعد، فارجع واستمع إليها، لأنها ستُحدث فارقاً كبيراً في فهمك، وستكتشف من خلالها روعة قلب الله الذي يريد أن يُعظِّمنا ويوضح لنا فكره أكثر فأكثر.
* المفهوم المعاكس: التجربة*
وعلى الجانب الآخر، يأتي المفهوم المعاكس للامتحان، وهو مفهوم التجربة. وبسبب الفهم الخاطئ لهذا المفهوم، فغالباً عندما يمر الإنسان بأمور صعبة، تكون أول عبارة تخرج من فمه هي: “الله يُجرِّبني”. لماذا يريد الله أن أَمُرَّ بهذه الأمور الصعبة؟ لماذا هذه التجربة؟ فدائماً ما ترتبط التجربة في أذهان الناس بأمر صعب، أمر مؤلم يفعله الله أو يسمح به.
وربما نربطها بالله لأننا لا نفهم حقيقتها. فنحن لا نمتلك تعريفات دقيقة للأمور؛ فمثلاً، إن لم يكن لدي تعريف واضح بأن هذا الشيء هو “خشب”، فقد أقول عنه إنه “معدن”. الخطأ هو أن نستمد تعريفاتنا من تجاربنا الشخصية أو من الناس المحيطين بنا، أو حتى من أي كتاب علمي. الصواب هو أن نعرف الله كما يُعلن هو عن نفسه.
لهذا السبب، ونحن نتحدث عن التجربة اليوم، أشجع المشاهدين على متابعة السلسلة الرائعة التي قدمها القس رامز بعنوان “كيف تغلب إلى النهاية”، فهي من أروع السلاسل التي تتناول هذا الموضوع.
ما هي التجربة؟ المعنى اللغوي والكتابي
فكما تناولنا في المرة السابقة معنى كلمة “امتحان”، سنتناول هذه المرة معنى كلمة “تجربة”، مع التركيز بشكل خاص على استخدامها في العهد الجديد.
* المعنى اللغوي مقابل الاستخدام العملي*
هذه الكلمة، من الناحية اللغوية البحتة – وأقصد هنا القواميس اليونانية – لها معنى محدد. ولكننا لا نكتفي بالمعنى اللغوي فقط، بل يجب أن ننظر إلى كيفية استخدامها. فقد تحمل الكلمة معنى عاماً وشاملاً، ولكن الأهم هو كيف استُخدمت في سياقاتها المختلفة. إذ ليس من الضروري أن تُستخدم الكلمة دائماً بمعناها الحرفي العام، بل قد تُستخدم في اتجاه محدد.
لذلك، عندما نتعامل مع أي كلمة، يجب أن ندرسها لغوياً وفي سياق المواقف التي وُضعت فيها، أي حسب استخدامها. هذا هو النهج الصحيح، فلا نكتفي بالمعنى القاموسي للكلمة.
على سبيل المثال، نحن نستخدم اليوم تعبير “جوّال”، وهي كلمة مشتقة من الفعل “يجول”، أي يتحرك ويتنقل. ولكن، على ماذا نُطلق هذا التعبير الآن؟ إننا نستخدمه للإشارة إلى الهاتف المحمول. فرغم أن المعنى اللغوي واسع ويمكن أن يُطلق على الرحّالة المتجول، إلا أن استخدامنا الشائع حالياً يقتصر على الهاتف.
* كلمة “بيرازموس” (peirasmos) في الأصل اليوناني*
فعندما نعود إلى الأصل اليوناني، نجد أن كلمة “تجربة” هي “بيرازموس” (πειρασμός). هذا هو اللفظ اليوناني، ومعناه العام هو “اختبار شيء ما”، أو “فحصه لإظهار معدنه الحقيقي”. هذا هو المعنى العام للكلمة. والجدير بالذكر أن هذه الكلمة تحمل في طياتها معنيين: إيجابي وسلبي، تماماً مثل كلمة “شهوة”.
ففي أذهاننا، ترتبط كلمة “شهوة” غالباً بمعنى سلبي، كالشهوة الجنسية. ولكن في الكتاب المقدس، استُخدمت الكلمة اليونانية نفسها بمعنيين مختلفين. ففي إحدى المرات، قال الرب يسوع: “١٥ فَقَالَ لَهُمْ: «شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ»” لوقا ٢٢: ١٥. في هذه الحالة، لم تكن شهوة الرب يسوع سلبية على الإطلاق، بل كانت شهوة إيجابية. وفي مواضع أخرى، استُخدمت كلمة “شهوة” بطريقة سلبية. وهكذا هو الحال مع كلمة “تجربة”.
لقد استُخدمت بالطريقة الإيجابية وبالطريقة السلبية. ففي المرة السابقة، استشهدنا بما ورد في إنجيل يوحنا الإصحاح ٦، وكيف امتحن الرب فيلبس عندما سأله عن كيفية إطعام الجموع، وعلّق يوحنا قائلاً: “٦ وَإِنَّمَا قَالَ هذَا لِيَمْتَحِنَهُ، لأَنَّهُ هُوَ عَلِمَ مَا هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَفْعَلَ” يوحنا ٦: ٦. الكلمة المستخدمة في الأصل اليوناني هنا هي نفسها “بيرازموس”، أي كان يمكن أن تُترجم “ليُجرِّبه”، ولكنها جاءت بالمعنى الإيجابي، وهو معنى الامتحان الذي فهمناه في المرة السابقة. كان القصد: “أنا أريد أن أُرَقِّي إيمانك، أريدك أن ترتفع إلى مستوى إيماني، فكما صنعنا معجزات كثيرة من قبل، سنصنعها هذه المرة أيضاً”.
* التجربة بمعناها السلبي: الفخ والخداع*
إذن، يمكننا القول إن كلمة “امتحان” هي التعبير عن “التجربة” في شكلها الإيجابي. لهذا السبب، ورغم أنها ليست محطة أساسية في رحلتنا، إلا أنها نقطة لا بد من التوقف عندها، لأنها تأتي أيضاً بمعنى سلبي، وهذا هو ما سنفهمه اليوم.
وهذا ما سنتحدث عنه: التجربة بمعناها السلبي، والتي غالباً ما تُستخدم لتشويه صورة الله، وتجعلنا غير قادرين على التعامل معه أو فهمه، فنتساءل: لماذا يفعل بنا هذا؟ لأنها ترتبط بالفقد، والإغواء، وهذا هو معناها السلبي. إنها أمر خبيث، مُضلِّل، وينطوي على فخ.
الغرض منها هو زعزعة إيمان الشخص، فهي سلبية بالكامل، على عكس الامتحان تماماً. فغرض الامتحان هو الترقية: “أنا أريد أن أرفع هذا الشخص، أن أعطيه مكانة أعلى، أن أباركه أكثر”. أما هنا، فالأمر عكس ذلك تماماً. فالتجربة تتضمن خداعاً وتضليلاً، وهي عبارة عن فخ. وسنرى كيف استخدم الرسول يعقوب في رسالته، الإصحاح الأول، تشبيهاً قريباً من هذا، إذ تحدث عن الطُعم الذي يُستخدم لصيد السمك.
إنها تعني زعزعة إيمان الشخص، والغرض منها هو هدمه وإسقاطه، فهي دائماً موجهة نحو نتيجة سلبية. ونتيجتها، إذا ما تجاوب معها الشخص، فإنه سيخسر.
فكرة أن الكلمة نفسها يمكن أن تحمل معنيين متعاكسين هي فكرة قد تبدو صعبة بعض الشيء. لم نعتد أن نرى كلمة لها معنى وعكسه في آن واحد، وليس مجرد مرادف. هذا صحيح، ولكن اللغتين اليونانية والعبرية هما لغتان متسعتان جداً. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الاستخدام هو ما يحدد المعنى. فمن أهم ما يميز اللغتين اليونانية والعبرية هو اتساعهما الشديد في المعاني، لدرجة أنه في اللغة العبرية، كما تحدثنا من قبل، الحرف الواحد يحمل شكلاً، ومعنى، واسماً، ورقماً. كل هذا في مجرد حرف واحد، وليس كلمة كاملة! وهكذا، فإن اللغتين اليونانية والعبرية متسعتان جداً، وفيهما كلمات يمكن أن تُستخدم إيجابياً وسلبياً حسب السياق الذي توضع فيه.
لهذا السبب، من الأمور الهامة جداً ونحن نقرأ الكلمة، أي الكتاب المقدس، أن ننظر إلى سياق الكلمة وسياق النص بأكمله، لا أن نأخذ آية واحدة ونبني عليها فهماً كاملاً، أو كلمة واحدة ونمضي بها. بالتأكيد، ولا يكفي أيضاً أن أرجع إلى القاموس، لأن القاموس سيعطيني المعنى العام للكلمة فقط. لذلك، لا بد أن أبحث عن استخدامها: عندما استُخدمت في هذا الموضع، ماذا كان المقصود بها؟ ما هو الغرض من استخدامها هنا؟ وكيف تم توظيفها داخل هذا النص تحديداً؟
واستكمالاً لمعنى التجربة، فهي أمر خبيث، مُضلِّل، وهي فخ غرضه هدم الشخص وإسقاط إيمانه، وهي تحتوي على خسائر. هذا هو عكس الامتحان؛ فالامتحان لا يتضمن خسائر. لا توجد فيه خسارة لشيء يمتلكه الشخص بالفعل، ولكن قد يخسر الشخص الامتحان، أي يخسر الترقية، يخسر شيئاً كان سيأتيه، لكنه لا يخسر شيئاً يملكه حالياً، لا يرجع إلى الوراء، بل يبقى في مكانه، إلى أن يصعد إلى أعلى في المرة التالية. وهذا هو ما يريده الرب، أن يصعد الإنسان إلى أعلى، لذلك يجتاز الامتحانات ليرتقي.
مصدر التجربة: هل الله هو الفاعل؟
إذن، ما هو مصدر التجربة؟ المصدر الأساسي للتجربة السلبية هو إبليس. أو قد يكون الشخص نفسه، وسنرى كيف يمكن للشخص أن يكون مصدراً لتجربة نفسه، أو كأنه يستدعي التجربة.
ولكن، هل الله هو من يأتي بهذه التجربة السلبية؟ ألا يسمح بها مثلاً لأغراض معينة، مثل تنقيتنا أو تعليمنا؟ هل يفعل الله ذلك؟
الله بعيد كل البعد عن التجارب السلبية. وسنرى الأسباب الآن. ولكن أحياناً، بسبب أننا تصادفنا مع آيات لم تُشرح لنا بطريقة صحيحة، مثل قول أيوب: “أَألْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟” أيوب ٢: ١٠، فإن الشخص يقول: حسناً، إذن كلاهما يأتي من عند الرب. فبما أن الخير يأتي والشر يأتي، فكما يأتي الخير ونقول عنه “بركة”، يأتي الشر أيضاً وسأحاول أن أقول عنه “بركة”، مع أنني أعرف وأنا متأكد أنه شر. أقول ذلك مع أنني أعرف يقيناً أنه شر، ومع أن هناك شيئاً بداخلي يرفض هذا الأمر ويصارع معه، سواء كان مرضاً أو أي ظرف سلبي آخر أو احتياجاً. أنا أعلم أن هناك شيئاً في داخلي يرفض هذا الوضع.
مثال آخر، عندما صدر قضاء على بيت عالي الكاهن، قال تعبيراً شهيراً: “هُوَ الرَّبُّ. مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ يَعْمَلُ” (١ صموئيل ٣: ١٨. وهناك الكثير من الناس يستسلمون بهذه الطريقة، قائلين: “خلاص، الرب هو الذي أتى بهذا الأمر، الرب هو الذي يريد ذلك، الرب يريدني أن أكمل هكذا، يريدني أن أكون مريضاً أو متعباً”. أو يقولون: “الرب جربني بأن أخذ أحد أحبائي”، أو “جربني بأنني دخلت مشروعاً وخسرت كل ما أملك وأصبحت مديوناً الآن”، أو “جربني بأنني وُلدت بإعاقة معينة”، أو ما شابه ذلك.
في الحقيقة، الله بعيد كل البعد عن هذه الأمور السلبية، والرسول يعقوب أكد لنا ذلك في رسالته، الإصحاح الأول.
* مفاهيم خاطئة وآيات أُسيء فهمها*
لهذا السبب، من المهم أن نفهم الكلمة بطريقة صحيحة. فالآيات التي ذكرناها، مثل قول أيوب، إن كان أحد يريد رداً عليها، فأيوب كان يتحدث من واقع معرفته المحدودة بالله في ذلك الوقت. كان يصف الله بناءً على مستوى استنارته، كان يظن أن الله هكذا. لأن أيوب نفسه عاد في النهاية وقال للرب: “لقد تبيّن لي أنني لم أكن أعرفك”. قال: “٥ بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي” أيوب ٤٢: ٥. وفي ترجمة رائعة أخرى، جاءت بمعنى: “لقد كنت أعيش على إشاعات عنك”. وهناك الكثير من الناس يعيشون على هذه الإشاعات عن الله. إشاعات قد تأتي من خدام، أو من وعاظ، أو من الناس المحيطين به، ولكنه يعيش إشاعة، لم يذق هذا الإله بنفسه. فالكتاب المقدس يدعونا أن نذوق الرب ونرى ما أطيبه، أن نختبره ونرى إن كان هكذا حقاً أم لا.
صحيح، ويكتشف هل هذا الفكر موجود حقاً في كلمة الله، أو يسأل نفسه: “هل أنا كأب أرضي، أحب أن يحدث هذا لي أو لأحد يخصني؟”.
أيوب عندما قال هذه الكلمات، ندم عليها لاحقاً. وأصحاب أيوب أخطأوا أيضاً عندما قالوا كلمات مشابهة، مثل قول أليفاز لأيوب: “١٧ …فَلاَ تَرْفُضْ تَأْدِيبَ الْقَدِيرِ. ١٨ لأَنَّهُ هُوَ يَجْرَحُ وَيَعْصِبُ. يَسْحَقُ وَيَدَاهُ تَشْفِيَانِ” أيوب ٥: ١٧-١٨. بمعنى: يا أيوب، إن كان الله قد جرحك، فلا تقلق، فمن الناحية الأخرى سيُطبْطِب عليك. وهذا تناقض صارخ! لو رأينا شخصاً يفعل ذلك، لقلنا عنه إنه ذو وجهين. تخيل لو اكتشفنا أن هناك طبيباً، عندما يأتيه المرضى، يزيد من مرضهم لكي يُظهر لاحقاً أنه يستطيع شفاءهم! نحن لن نحب أمراً كهذا، بل إن هذا الطبيب سيتعرض للمحاكمة لأنه يؤذي الناس ليقوم بتمثيلية يُظهر فيها أنه طبيب ماهر.
ولكن، دعونا نفهم أن كلمة الله، أي الكتاب المقدس، سجّلت أقوالاً لشخصيات مختلفة. لقد تكلم فيها إبليس، ولكن ليس معنى أن كلام إبليس قد سُجِّل في الكلمة أن كلامه حقيقي أو صحيح. بالإضافة إلى ذلك، تكلم فيها أشرار وسجل الكتاب ذلك، وتكلم فيها أبرار أيضاً. فليس معنى أن العبارة مذكورة في الكتاب أن الرب يُصادق عليها ويقول: “نعم، يجب أن تعيشوا بها”. لقد ذُكرت أمور سلبية وقع فيها الناس، وهذا لا يعني أن الكتاب يُقرّها. فعندما تكلم أيوب وأصحابه عن هذه الأمور، لام الرب أصحابه ولم يلم أيوب. لماذا؟ لأن أيوب تاب.
في الإصحاح الأخير، الإصحاح ٤٢، قال أيوب للرب ما معناه: “أنا أتراجع عن كلامي في التراب والرماد. لقد تبيّن لي أنني كنت أجيبك وأنا لا أعرف شيئاً، لم أكن أفهم، لقد قلت أموراً كثيرة خاطئة، لقد لخبطت في الكلام عنك”. ولهذا السبب، غفر الرب له، لأن هذا الشخص اعترف بخطئه. أما أصحابه، فكانوا مُصرّين على كلامهم، لذلك وبّخهم الرب قائلاً لهم: “٧ …لأَنَّكُمْ لَمْ تَقُولُوا فِيَّ الصَّوَابَ كَعَبْدِي أَيُّوبَ” أيوب ٤٢: ٧.
* هل “يسمح” الله بالتجربة؟*
فكرة أن الله يُجرِّبني، وأن الله يفعل هذه الأمور تجاهي… لا، هو بعيد كل البعد عن التجربة، أو حتى عن فكرة “السماح” بها. وأقصد بـ”السماح” أن الناس دائماً يفرقون بين الفاعل والسامح. فعندما يرون أمراً سيئاً وسلبياً، لا يجرؤون على القول: “الله فعل هذا”. لا أستطيع أن أقول: “الله أتى بالمرض”، هذه عبارة صعبة. لذلك، يلجأون إلى صيغة أخرى فيقولون: “الله سمح به”. ولكن لو توقفتُ لأفكر في كلمة “سمح”، فما الفرق الحقيقي بين “سمح” و”فعل”؟ في النهاية، لا يوجد فرق، فكلاهما يؤدي إلى نفس النتيجة.
لو أنني رأيت أذى سيقع على شخص أمامي، وكنت أعلم أن هناك خطة تُدبَّر ضده، ورغم ذلك سكتُ ولم أحمه، فأنا أساوي الفاعل. فهل نرى الله بهذه الطريقة؟ هل نراه يرى خطة تُدبَّر ضد الإنسان، وهو ليس من أتى بالمرض، ولكنه “سمح به” رغم أنه كان يرى المرض قادماً، وقصّر في حمايته للإنسان؟ هذا يجعله شريكاً في الأمر ببساطة. بل على العكس، قد يكون خطؤه أكبر لأنه لم يمنعه.
كلمة الله الحاسمة: شهادة يعقوب الرسول
في رسالة يعقوب، الإصحاح الأول والعدد ١٣، يوضح لنا الرسول كيف يتعامل الله معنا، وكيف هي طبيعته. فيقول هكذا: “١٣ لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا” يعقوب ١: ١٣.
إنه يقول: “لا يقل أحد…”، أي يا من تقع في التجربة، إياك أن تقول هذا الكلام. فهو من البداية ينهاك عن ذلك. لا تقل: “إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ”. إذن، هذا رد كافٍ على السؤال: هل الله يُجرِّب؟ هل يسمح بالتجربة؟ الإجابة هي لا، فالله بعيد تماماً عن هذا الأمر.
ما الفرق بين “غير مُجَرَّب” و”لا يُجَرِّب”؟ معنى “غير مُجَرَّب” (بفتح الراء) هو أن هذا الفعل لم يقع عليه. أي أنه لا يفعل الشر، ولم يقع عليه الشر. وعبارة “وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ” تعني أنه لا يقوم بهذا الفعل. فلأنه لا يحدث معه ذلك، ولأن طبيعته خالية من هذا، فهو بالتالي لا يفعل ذلك تجاه الإنسان.
بهذا، يكون الله قد أغلق كل الأبواب التي كانت مفتوحة لهذا الفكر الخاطئ. إنه يؤكد من كل النواحي، وليس مجرد تكرار للكلمات، بل حقيقة مطلقة بكل المعاني: “لا، لم يقع عليَّ الشر، فلا تفكر يا إنسان أنني قد أفعله بك. أنا أصلاً لا يقع عليَّ الشر”.
* الطبيعة الحقيقية لله: مصدر كل صلاح*
وكأنه يعطينا معنى إضافياً، وهو أن ما أفعله يعكس ما هو في داخلي. فبما أن كل ما فيه هو صلاح، إذن كل ما يفعله تجاه الإنسان هو صلاح. وهذا ما سيقوله مباشرة بعد ذلك، إذ سيقلب الحديث تماماً عن قصة التجربة ليدخل في أمور رائعة. فبعد أن قال: “وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا”، يقول في العدد ١٦: “١٦ لاَ تَضِلُّوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ” يعقوب ١: ١٦.
كأنه يقول: “انتبهوا! ما سأقوله لكم الآن هو الحق، إياكم أن تضلوا عنه”. إن القول بأن الله يُجرِّبني، أو أرسل لي هذا الأمر، أو يختبرني بأن أخذ أحد أحبائي، أو أنه يتركني في هذا الوضع، يتركني أعاني ويتفرج عليَّ… كل هذا ضلال.
الله لا يفعل ذلك. على العكس تماماً:
“١٧ كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ” يعقوب ١: ١٧.
- كل عطية صالحة: هللويا! إذن، هذا الإله مليء بالعطاء، العطايا الصحيحة التي هي في نظر الإنسان أيضاً صحيحة. وكما قال الرب يسوع إن الأب البشري لن يؤذي ابنه، بل سيعطيه ما يحتاجه.
- أبو الأنوار: الله ليس فيه ظلمة، ولا انحراف، ولا ظلم، ولا لخبطة. فالظلمة دائماً ما تشير إلى الخطية، والأمور غير الصحيحة، والأشياء التي تُقلق وتُخيف وتجعل الشخص مشتتاً. فالله لا يمكن أبداً أن يُدخل شخصاً في وضعية تضليل وتشتيت ولخبطة وتخويف.
- الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران: عبارة “ليس عنده تغيير ولا ظل دوران” كانت تشير إلى صورة الأجرام السماوية كالشمس والقمر التي تدور، وينتج عن دورانها ظل، وتتغير المواسم. أما الله، فليس لديه مواسم أساساً. لا يوجد وقت يكون فيه جيداً معك، وأسبوع آخر يكون قاسياً. صلاحه لا يعتمد عليك أو على حالتك أو على ما تفعله. هو بعيد تماماً عن التأثر بحالة الإنسان، فهو ثابت.
“الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ“، ليس عنده خداع، ولا يتغير. وكما ذكرتِ، فإن الإنسان نفسه لن يفعل ذلك مع ابنه، فكيف أقول عن نفسي إنني أب صالح إن رأيت ضرراً سيلحق بابني وتخاذلت ولم أسرع لنجدته؟ في هذه الحالة، أنا أساوي الفاعل، حتى لو كان الضرر قادماً من مصدر خارجي. فالله لا يفعل ذلك، لا يسمح بالتجربة السلبية، لا هو يرسلها، ولا هو يسمح بها، ولا يريدها تجاه الإنسان.
هل يستخدم الله التجارب لإعادتنا إليه؟
حسنًا، لو تناولنا الحديث عن سؤال قد يطرحه البعض: “ألا يمكن أن تكون هذه التجربة وسيلة لتعليم الإنسان؟”. هناك أناس مرّوا بأمور صعبة، وكانت هي السبب في رجوعهم إلى الله، وأصبحوا قريبين منه، وفهموا أن الله كان بجانبهم وسندًا لهم، فيقولون: “أشكرك يا رب على هذا”. فهل هذا ممكن فعلًا؟ هل يمكن للتجربة أن تكون سببًا لرجوع الناس إلى الرب رغم أنها سيئة بهذا الشكل، أم ما الذي يحدث بالضبط؟
نعم، هذا صحيح، من الممكن أن تكون التجربة سببًا، وهذا ما نراه في حياة الكثيرين؛ إذ تكون سببًا في أن الشخص، بعدما كان قد اتخذ اتجاهًا شريرًا وعدوانيًا وبعيدًا عن الله، بدأنا نراه شخصًا قد اختلف تمامًا بعد أن حدثت له تجربة (هي ليست من الله).
الخطأ في تفسير التجربة
لكن الخطأ يكمن في تفسير الشخص للتجربة. يصل الأمر ببعض الناس إلى القول: “أنا لولا حدث معي كذا، لما كنت قد عرفت الرب، ولا تعاملت معه”. فيعتقد الشخص حينها أن الله هو من بعث بهذه التجربة، أو أرسل هذا الألم أو الشر لكي يوقظه. لدرجة أن هناك مقولة مشهورة قالها شخص معروف (دون داعٍ لذكر اسمه)، تقول: “يهمس إلينا الله في مسراتنا، ويتحدث في ضمائرنا، ولكنه يصرخ في آلامنا؛ فالألم هو بوق لإيقاظ عالم أصم”.
سأقولها ثانية، لأن أمورًا كهذه تجد صدى لدى بعض الناس، فيقولون: “نعم، هذا هو المنطق، وهذا ما يتبادر إلى ذهني أيضًا”.
هل الألم يوقظ الناس؟
إذًا، الألم يوقظ الناس. ولكن لو كان الأمر كذلك، فلماذا لم يمنعه الله من البداية؟ سنتحدث في هذه النقطة. سأقول المقولة مرة أخرى: “يهمس إلينا الله في مسراتنا، ويتحدث في ضمائرنا، ويصرخ في آلامنا؛ فالألم هو بوق لإيقاظ عالم أصم”. أنا أتفق مع بعض أجزاء هذه الجملة التي قالها كاتب مشهور قديمًا. فالعالم قد صار بالفعل في حالة صمم، وإبليس يسعى لأن يبقى العالم في هذه الحالة. هو يريد طوال الوقت أن يصم الآذان الروحية والأعين الروحية للإنسان عن طريق أمور مادية، فيستبدل دائمًا الروحيات بالماديات.
كيف يصم إبليس العالم؟
يستبدل فرح الإنسان الأبدي، الذي من المفترض أن يكون في الروح القدس، بشيء وقتي؛ بقليل من المال، ببعض النزهات، أو ببعض الهدايا مثلًا. لقد رأينا كيف أن قايين، لكي يعوّض عن غيابه عن حضور الله، خرج من حضوره. وبالطبع لا يوجد شبع خارج حضور الله، بل يوجد موت. فحاول أن يجمّل الموت الذي يعيشه بأن بنى مدينة، وكان في هذه المدينة آلات موسيقية، وعمل، وتجارة، وكل شيء، في محاولة منه لعمل نوع من التعويض.
فصحيح أن إبليس يحاول أن يصم العالم ويغلق الحواس الروحية، إما بإغراء الشخص فينجذب وينسحب في تجارة، أو عمل، أو زواج، أو ارتباط، أو حب، لكي يغلق حواسه الروحية. أو بأنه يجد أمانه في أمور أخرى؛ فالأمان أساسًا هو شيء روحي، لكن يبدأ الشخص في إيجاده في اتكاله على أناس معينين، أو على المال. وهذا كما رأينا مع الغني الغبي الذي كان يقول لنفسه: “لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ“. كنت سأسأله: “لماذا أنت مطمئن؟ ما الذي يمنحك هذا الاطمئنان؟”. لكان جوابه: “رصيدي في البنك جيد، معي خير كثير، أولادي حولي، وأموري مستقرة لسنوات كثيرة، وسأعيش طويلًا”. إلى أن قال له الرب: “من قال لك إنك ستعيش؟ «هَذِهِ ٱللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهَذِهِ ٱلَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟»”. لم يقل الرب إنه هو من سيأخذها، فالآية لا تقول ذلك كما يظن البعض، بل قالت: “تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ“. وقد علّق الرب يسوع قائلًا إن هذا الشخص لم يكن غنيًا لله؛ لقد بنى أمانه وحافظ على نفسه وحوّطها بأمور أرضية.
إبليس يفعل هذا مع العالم فعلًا لكي يصمّه عن سماع الصوت الإلهي. ولكن، سأرجع ثانية للمقولة، هل يستخدم الله الألم؟ هذا سؤال يجب أن يُطرح. هل يستخدم الله الألم مع الإنسان؟ في الحقيقة، كما رأينا في سفر يعقوب، لا، فطبيعة الله لا تفعل ذلك. لأنه قال: “أنا أتعامل معك كإنسان بما يتوافق مع طبيعتي، وأنا غير مُجرَّب بالشرور، وأنا لا أُجرِّب أحدًا”. فطبيعته ليست كذلك، وسياسته ليست كذلك. فأصلًا، فكرة أن الله هو الذي يبعث الألم لكي يُرجع الإنسان هي فكرة مستبعدة. سيظل السؤال قائمًا: “طيب، ما فلان رجع!”. ما الذي حدث فعلًا؟
الصوت الإلهي الذي لا يتوقف
الله كان يتكلم مع الإنسان طوال الوقت، كما قال في سفر إرميا: “كَلَّمْتُكِ فِي رَاحَتِكِ“. فهو يتكلم على طول الخط، وليس فقط في وقت الألم. الكتاب المقدس لا يدعم المقولة التي تقول إن الله يصرخ في ألمنا، أو إن الألم هو البوق الذي يصرخ الله من خلاله. في الحقيقة، الله يتكلم كل يوم. لو كان الألم هو صوت الله، لكان الأمر وكأنه يقول: “اصحَ! أنت لم تفهم بالطريقة العادية، فخذ هذه الخبطة لكي تفيق! كفاك!”. وطبعًا هذه “الخبطة” فيها خسارة وأمر سلبي شديد قد يحدث للشخص.
الحقيقة هي أن الله يتكلم مع الإنسان طوال الوقت، ولكن الإنسان، سواء كان مؤمنًا مولودًا من الله أو لم يكن قد عرف الرب يسوع بعد، فهو ليس تابعًا لله أساسًا، بل هو منغمس في العالم، والعالم قد سبب له صممًا، فالأصوات الأخرى عالية جدًا لدرجة أنه لا يسمع.
لهذا السبب، عندما قال لها في سفر إرميا: “كَلَّمْتُكِ فِي رَاحَتِكِ“، كان يصف ردها بأنها قالت، كما يقول الرب عنها: “أنتِ قلتِ هكذا: «لَا أَسْمَعُ»“. أي: “أنا لست متفرغة لك، ليس هذا وقته الآن. ليس الآن وقت الانتباه للرب، ليس الآن وقت الانتباه للحياة الروحية. أنا أريد أن أنتهي من عملي، أريد أن أنجز ارتباطي، أريد أن أنجز كذا…”. فالله يتكلم طوال الوقت، فيبدأ الإنسان، بسبب سيره بعيدًا عن الكلمة، في حصاد أمور صعبة في حياته، فتحصل كارثة. عندها يسمع في وقت الألم.
يسمع في وقت الألم، لأن الألم بمثابة من خفض صوت الأشياء التي كانت عالية جدًا. فالشخص الذي كان يضع فيه ثقته، تفاجأ بأنه قد خانه. الارتباط الذي كان يظن أنه سيساعده، تفاجأ بأنه لم يصبح سعيدًا بعده، بل زادت المشاكل. العمل أو المنصب الذي كان يظن أنه عندما يصل إليه سيشبع، والمال سيجري في يديه وسيلعب به، يرى أن المال أمام كارثة حدثت، كالمرض، لا يفعل شيئًا. “أنا مستعد أن أعطي كل أموالي لأي شخص لكي يخلصني من هذا المرض”. فالكارثة التي حدثت، والتي هي ليست من الله، هي نتيجة زرع الإنسان، كما يقول سفر الأمثال إن: “حَمَاقَةُ ٱلرَّجُلِ تُعَوِّجُ طَرِيقَهُ“. هو يسير بدون معرفة الكلمة، بدون معرفة طريق الله، فلا أحد يعرف الحياة مثل الله.
فإن لم يسر الشخص في الحياة بطريقة الله، فسيسير بطريقته هو، وسيفسد الأمور، وسيتخذ قرارات خاطئة، ثم سيبدأ في الوقوع في المشاكل. وعندما يقع في المشاكل، يبدأ في الإفاقة. خاصة عندما يواجه الموت، مثلًا، يرى أحد أحبائه قد مات. فتبدأ الأشياء التي كانت تبرق في عينيه، الأشياء الجميلة التي كان يستند عليها، يبدأ في رؤية حقيقتها، فيكتشف أنها كانت زائفة، ولم تكن حقيقية. فيبدأ في الإفاقة للصوت الذي كان أصلًا يتكلم طوال الوقت. هذا الصوت الذي تصفه المقولة بأنه “بوق”، هو في الحقيقة كان يبوّق طوال الوقت. الله يتكلم طوال الوقت، وأنت الذي اخترت الآن أن تسمع، لأنك خفضت صوت أشياء أخرى، وهذا أيضًا له علاقة بجاذبية الروح القدس.
الله ليس متفرجًا بل منقذًا
الروح القدس لم يتركك، حتى في عز الموقف الذي أنت واقع فيه. الله لم يتصرف كمن يقول: “ما أنا قلت له كثيرًا، يستاهل، دعه يتحمل العواقب، هو الذي فعل هذا بنفسه”. الله لا يتكلم بهذه الطريقة، ولا يشمت في الشخص عندما يكون في هذه الوضعية، كما في مثل الابن الضال. بل على العكس، يكون بجانبه أكثر، ويدعمه، ويقف في ظهره لكي يساعده على الخروج منها. لكي يساعده على الخروج. في مشهد الابن الضال، يوحي الله للناس بأنه كان موجودًا منذ البداية.
لكن الترجمة تحدث بشكل خاطئ. ترجمة الشخص لما شرحنا كواليسه. فيفكر الشخص: “آه، إذًا هو أرسلها لكي أفيق”. لا، في الحقيقة لا. الله كان يريد أن يقول لك منذ البداية: “احذر، أمامك مطب، هناك منحنى، احذر”. لكنك أكملت وأنت قد رفعت صوت المسجل في السيارة، غير منتبه لأي شيء، غير منتبه للأصوات التحذيرية، للإشارات التحذيرية، فدخلت وارتكبت هذا الحادث. لكنك وجدت شخصًا بجانبك يقول لك: “أنا موجود، أنا مستعد لمساعدتك”. فهل تفكر أن هذا الشخص الذي يقول لك “أنا مستعد لمساعدتك” هو الفاعل؟ هذا يشبه ما يحدث عندما يأخذ أحدهم شخصًا مصابًا في حادث إلى المستشفى، فيتهمه أهل المصاب قائلين: “أنت الذي فعلت به هذا!”. فكأننا نفعل هذا مع الله بالضبط.
فمن هنا جاءت فكرة أن الناس بدأت ترى: “آه، لولا هذا…”. لا، في الحقيقة، كان من الممكن ألا تحدث هذه الحوادث أساسًا لو أنك سرت في الطريق الصحيح. الله لا يريد أن تحدث هذه الأمور في حياتك، الله لا يريد أن تحدث كوارث في حياتك. لكن الله يقول: “لا مشكلة، أنت أدخلت نفسك في مشكلة، وأنا مستعد أن أخرجك منها، أنا مستعد أن أحولها لخيرك”. لقد أدخلت نفسك في ألم بسبب أمور أنت زرعتها. وهنا، يحتاج الإنسان أن يكون أمينًا مع نفسه، لأن هناك أناسًا يدّعون البراءة وهم ليسوا أبرياء. وكأن الله يتجنى عليهم، كما حدث مع أيوب. أيوب طوال السفر يتكلم قائلًا: “الله يتجنى عليّ، الله يستهدفني، الله يتعنت معي، لا يريد أن يتركني، هو طوال الوقت يوجه سهامه نحوي. لو أنني فقط أقف أمام الله، سأذهب إليه وأثبت له، سأملأ فمي بالحجج، وسأخرج بريئًا أمامه”. إلى أن جاء الله وواجهه في وقت من الأوقات وقال له: “هل تظن أنك على صواب؟ هل تظن أن ما تقوله عني صحيح يا أيوب؟ أنت تظلم القضاء بكلام بلا معرفة”. إلى أن قال هو في الآخر: “أنا لا أعرف شيئًا”. لدرجة أن الرب نزل إلى مستواه وقال له: “حسنًا يا أيوب، ما دمت تفهم وتعرف، أنا سأسألك فتعلّمني!”. تخيل أن يقول الرب لواحد هكذا: “حسنًا، سأكون تلميذًا عندك، علّمني، هيا، قل لي، اشرح لي، ألست تظن أنك تعرف كل شيء؟ تظن أنك تعرف كيف تحكم وتصدر الأحكام؟”.
هناك أناس يأتون إلى الله قائلين: “يا رب، أنت فعلت معي كذا، أنت فعلت معي كذا”، غير راضين بالاعتراف بأن ما صنعته في حياتي هو الذي أدى بي إلى هذا. أنا زرعت أمورًا، والآن أحصدها. لكن الرائع هو أنه يمكنني ألا أحصدها لو قررت أن أبدأ في النظر إلى الكلمة، وأن أبدأ في النظر إلى الرب. الروح القدس في صفي لكي يأخذني ويخرجني من هذه الأمور.
فسأخرج من هنا بأن الله خارج التجربة والألم تمامًا. على العكس، عندما سنقرأ آيات بعد قليل، أو ربما في الحلقة القادمة، عن كيف أن الله وسط تجربة الإنسان له دور، ماذا يفعل؟ “يَجْعَلُ مَعَ ٱلتَّجْرِبَةِ… ٱلْمَنْفَذَ“. لقد فهم الناس هذه الآية خطأ، فظنوا أن الله يبعث التجربة ويبعث معها المنفذ.
ما هي ليست مسرحية أن أفعل شيئًا ثم أفتحه! كلمة “منفذ” تعني “طريقة الخروج”. الله لن يصنع مسرحية، لكن ببساطة، عندما يُدخل الشخص نفسه في تجربة، الله يفتح بابًا ويشير لك عليه قائلًا: “اهرب من هنا، لا تكمل في طريقك”. فهو معك، في صفك، لكي يخرجك، وليس هو السبب. ليس معنى أنه أنقذني وأسعفني أنه هو المتهم. هذه هي الأفكار التي تكونت لدى الناس بسبب قولهم: “آه، أنا رجعت وبدأت أعرف الله حقيقة بسبب التجربة التي حصلت”. في الحقيقة، الله كان يتكلم إليك، وأنت استيقظت في ذلك الوقت. الروح القدس كان منتبهًا لك طوال الوقت، وأنت الذي بدأت تنتبه في ذلك الوقت.
رائع جدًا أن الله يتكلم طوال الوقت. نحن الذين نقرر متى نسمع، نحن نقرر أي صوت نُعلي؛ هل نُعلي صوت العالم أم نُعلي صوت الله. نحن الذين في أيدينا كل شيء. ربما في وقت ما، هذا يمنحنا مسؤولية ويخيفنا. وكأنه: “يا إلهي! أنا المفروض أن أفعل كل شيء!”. وهذا في وقت ما يقلق. لكن فهمنا أن الروح القدس معنا طوال الوقت، وهو الذي يعلمنا أصلًا أين الطريق وأين المفتاح. لكن إدراكنا اليوم أن الروح القدس يتكلم إليك طوال الوقت، هو معك طوال الوقت، انتبه لهذا الصوت. إياك أن تنتبه فقط عندما تحصل مشكلة كبيرة، إياك! لا تنتظر أن يحدث هذا في حياتك لكي تسمع صوت الله.
شهادة الكتاب المقدس: الله لا يُجرِّب أحدًا
“١٣ لَا يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ»، لِأَنَّ ٱللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِٱلشُّرُورِ، وَهُوَ لَا يُجَرِّبُ أَحَدًا. ١٤ وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا ٱنْجَذَبَ وَٱنْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ“.
بمعنى، يستحيل أن يُجرِّب إبليس الرب. ولكن أول ما أصبح الرب في الجسد، جرّبه. إذًا، هذه الآية قد تبدو متضاربة. هذا معناه أن وجودك في الجسد يمنح قابلية لأن تُجرَّب. هذا ليس معناه أن جسدك سيء، وليس معناه أن لديك مشكلة. آدم وحواء لم يسقطا قبل أن يأخذا طبيعة الخطية، معنى ذلك أن الإغواء والخديعة هما ما أوقعاهما، وليس لأن شيئًا سيئًا كان بداخلهما. لم تكن بداخلهما طبيعة الله، ولهذا السبب لم يكونا أيضًا قادرين على الوقوف نفس وقفتنا. لكن الكتاب يقول إن آدم الأول كان نفسًا حية، لم يقل إن بداخله طبيعة الله، كان نفسًا حية، كان محايدًا، مستعدًا لاستقبال طبيعة الله. لكن آدم الأخير، الذي نحن على صورته، وهو الرب يسوع، هو روح مُحيٍ أو معطي الحياة.
تعالَ لنرى هنا، يقول: “لَا يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ»”، لأن الله غير مُجرَّب بالشرور، وهو لا يبيع شيئًا لا يتعامل به. إذًا، هو يراك كما يرى نفسه، ويقدرك كما يقدر نفسه. الكتاب يتكلم في رومية ٣، عدد ٣ و٤، أنه “تَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ“. سيسمح الرب في يوم الدينونة، يوم العرش العظيم الأبيض الذي سيحاول الناس الاختباء فيه، بالمناقشة مع الناس. سيقولون له: “نحن من المفترض أن تكون أسماؤنا مكتوبة في سفر الحياة لكذا وكذا”. فحينما يحاكمونه، سيغلب بالبراهين قائلًا: “لقد أُعطيتم فرصة أن تقبلوا يسوع، لكنكم رفضتم يسوع، أحببتم الظلمة ورفضتم النور”. لماذا سيبقى الإنسان في الهلاك إلى الأبد؟ لأنه إنسان أبدي، وليس لأن الرب يستلذ بذلك. لا يمكن أن يفنى، لا يمكن، كالملائكة. لماذا لا يفنى أساسًا وينتهي ويضمحل تمامًا؟ لأنه هو أساسًا أبدي، خُلق ليكون مع الرب. الهاوية والجحيم أُعدّا لإبليس وملائكته، وليس للبشر. أليس كذلك؟ الرب نفسه سيُحاكَم، سيدخل في مداولة، لماذا نزلت هذه الروح إلى الجحيم؟ وسيسمع، “حَتَّى تَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ“. معنى ذلك أن هذا الإله لا يستخدم سلطته ولا يتعامل كما يفعل بعض الناس، كمدير يقول: “أنا المدير، لا أحد يكلمني”، أو “أنا الكبير في البيت، لا أحد يكلمني”. إذا كان الله نفسه يسمح بالحوار، والكتاب يتكلم عن الحكمة الحقيقية الصحيحة بأنها “مُذْعِنَةٌ“، أي قابلة للمناقشة. أي مرة تأتيك فكرة وتطير مع نفسك هكذا، اعرف أنك تحت تأثير قوة شيطانية. أي فكرة غير قابلة للنقاش، يحاول الناس التكلم معك، “اهدأ يا فلان”، الموضوع يصبح واضحًا أنك مسحوب. يجب أن تتغلب على هذه المراحل وأنت تمر بها.
هنا يقول: “لَا يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ أَنَّهُ أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ، لِأَنَّ ٱللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِٱلشُّرُورِ، وَلَا يُجَرِّبُ أَحَدًا“. ما من عبارة أوضح من هذه. “وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا ٱنْجَذَبَ وَٱنْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ“. سأشرح هذا، لكن لنقرأها حتى آخرها. “ثُمَّ ٱلشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَٱلْخَطِيَّةُ إِذَا كَمَلَتْ تُنْتِجُ مَوْتًا. لَا تَضِلُّوا يَا إِخْوَتِي ٱلْأَحِبَّاءَ. كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ“. هذه هي التي تنزل من فوق. المرض ليس نازلًا من فوق، الفقر ليس نازلًا من فوق، المشاكل ليست هي التي تنزل من فوق. هذه ليست عطية صالحة، وليست كاملة. لفظ “تامة” يعني كاملة، لا يوجد عيب فيها.
إذًا، ما هي طريقة الله؟
لو نحن الآن نفينا أن الله هو من وراء هذا، ووراء أنه يسمح بهذه الأمور وكل هذا، فما هي طريقة الله لكي نبقى فاهمين ونحن نسير كيف يتعامل الله معنا؟ لو لم يكن هو من يفعل هذا، فسؤال من الأسئلة: “إذًا، ماذا يفعل؟”.
كما قلنا، الله ليس وراء التجربة، لا طبيعته ولا طريقته. ببساطة، رأينا طريقته عندما خلق العالم؛ خلقه جميلًا، لم يكن يحوي أي تشويش أو فوضى أو معاناة. استيقظ الإنسان على خليقة رائعة، استيقظ في اليوم السابع وكل شيء مجهز له. لم يكن هناك أي مؤشر على الموت، على الألم، على الفوضى، على الدمار، على المرض، على الفقر. هذه الأشياء لم تكن موجودة أساسًا.
طريقة الله تتجلى في يسوع
طريقة الله يمكننا أن نراها من خلال الله المتجسد، كي لا أتخيلها. سأذهب لأرى الله المتجسد، الذي هو يسوع المسيح، كيف فعلها. الرب يسوع نفسه تكلم وقال إن الله لم يرسل ابنه إلى العالم ليدين العالم، لكن ليخلّص. طيب، كيف كان يسوع يخلّص؟ هل أرسل مشاكل للناس لكي يرجعوا؟ لا. يسوع كان يكلم الناس بالكلمة، أظهر اللطف، أظهر المحبة تجاه امرأة أُمسكت في زنا. ما الذي جعل هذه المرأة تتوب؟ هل أن يسوع اشترك مع الكتبة والفريسيين مثلًا وقال: “ارجموها حسب الناموس، طبقًا للشريعة”؟ لا. نعمته، محبته، عندما قال لها: “اذْهَبِي وَلَا تُخْطِئِي أَيْضًا“. “أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟… أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ ٱلْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟“.
إذًا، نفهم طريقة الله. قالها الرسول بولس في رومية ٢، وهو يتكلم مع شخص مستهين. نحن نتوقع أن الشخص المستهين هذا، سيتعامل الله معه… لو كان شخصًا لينًا، سيتعامل معه الله بطريقة جيدة، بطريقة هادئة. لكن الشخص المستهين، قال لنا الرسول بولس في رومية إصحاح ٢، طريقة الله في التعامل مع هذا الشخص المستبيح والمستهين، عدد ٤: “أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى…؟“. تجاه هذا الشخص، ماذا يفعل الله؟ كلمات ضخمة جدًا وكلمات مهيبة: “غِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ“. كل هذا يفعله الرب؟ نحن نتوقع: “يا رب، أنت ستتعامل مع هذا الشخص بأنك ستسحقه! كيف يكون هذا الشخص معاندًا؟ كيف يسير في طريق خاطئ؟ هذا شخص لم يرجع بعد!”.
هو لا يزال بعيدًا عن الرب، فيقول له: “هل تظن أنك ستستهين بهذه الأمور؟”. إذًا، الرسول بولس شرح لنا طريقة الله، ماذا يفعل مع الشخص الذي رد فعله هو أيضًا الاستمرار في استهانته؟ لكن الله يقدم “غِنَى لُطْفِهِ“، هذا اللطف غني جدًا، والإمهال، وطول الأناة، ورغبته في رجوع الشخص. “غير عالم…”. طيب، لماذا يا رب تفعل هذا؟ “أَنَّ لُطْفَ ٱللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى ٱلتَّوْبَةِ“. إذًا، الله سيقود الناس إلى التوبة، طبقًا لهذه الآية، كيف؟ يسوع سيقود الناس إلى التوبة، كيف؟ بلطف الله، بغنى لطفه، بإمهاله. اللطف لا يحتوي على شيء فيه شر، أو تشويه، أو فقدان، أو خسارة. فإذًا، لطف الله هو الذي يقود الناس إلى التوبة. لكن هذا الشخص، “مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ ٱلتَّائِبِ“، تعامل بقساوة، رفض هذه الأمور، فقال له: “تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا“. أنت الذي تحوّش لنفسك غضبًا، ليس الله هو من يحوّش لك.
أنت الذي تخزن أمورًا خاطئة ضد نفسك. فطريقة الله هي التي رأيناها في يسوع، أن يسوع كان يجعل الناس يرجعون عن طريق الرحمة، عن طريق محبته. في مرة من المرات، كان يسوع قد أرسل تلاميذه أمامه إلى مدينة قبل أن يدخلها، مدينة تابعة للسامرة، فالمدينة لم تقبله. كان يسوع يرسل تمهيدًا أمامه، فقالوا له: “لا نريد، لا نريد أن يدخل يسوع بلدتنا”. فرجعوا يخبرون يسوع بالخبر. من الذي تضايق من أجل يسوع وغضب لأنه كيف لا يقبلونه؟ كان يوحنا وأخوه، فذهبا إليه وقالا له: “كيف هذا؟ كيف يحدث هذا أساسًا؟ أعطنا فقط الإشارة، أعطنا الأمر لكي نفعل كما حدث من قبل، وننزل نارًا”. بلغتنا الآن: “المفروض ربنا يولع في الناس دي، المفروض ربنا يحرق الناس دي، كيف يفعلون هذا؟”.
سنرى الرد. كما قال الناس عندما جاء فيروس كورونا، الكوفيد، إن “ربنا بيعاقب الناس”. هم طلبوا من يسوع، قالوا له: “احرق هؤلاء الناس. في يوم من الأيام، فعلها في العهد القديم. أعطنا فقط الأمر لنحرقهم، إنهم لا يستحقون أن يعيشوا”. رد عليهم الرب يسوع قائلًا: “لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا!”. “ابتعدا عني، أنتما تتكلمان بروح مختلفة عن الروح التي جئت بها لأتعامل بها مع الناس. لِأَنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ ٱلنَّاسِ، بَلْ لِيُخَلِّصَ“. إذًا، طريقة الله لخلاص الإنسان، وماذا لو كان مؤمنًا يعرف الرب؟ طريقة الله لخلاصه هي عن طريق كلمته، أن الله يقدم له الكلمة، وتقديم الكلمة يساوي التأديب الإلهي. وكلمة “تأديب إلهي” تعني أن الله يقدم النصيب، يقدم الإرشاد، وليس أيضًا المعنى السلبي لمفهوم التأديب لدى الناس. لو قلت لواحد: “أنا سأؤدبك”، معناها أنني سأعاقبك، سأفعل معك شيئًا شريرًا، شيئًا مؤذيًا، سأضربك، فيه وجع وألم. لا، تأديب الله، الكتاب يقول عن الكلمة أنها نافعة للتأديب. إذًا، هي ستؤدي التأديب الذي في البر، ستؤدب الإنسان، يعني ستعلمه. وهذا هو معنى كلمة “تأديب”، أي تعليم الإنسان، إنضاجه، إرشاده، نصحه، يُقال له: “هذا خطأ وهذا صح، كن حذرًا”. هذه هي الطريقة التي يتعامل بها الله مع الإنسان، وليست طريقة الألم والمرض والمشاكل. هذه طريقة العدو، هذه طريقة إبليس، سنراها الآن كيف كانت طريقة إبليس. فالله لن يستخدم سلاح العدو.
تجاوبك مع الروح القدس هو المفتاح
طيب، جاءنا سؤال في هذه النقطة، يتكلم عن شخص يقول إنه شُفي من وجع شقيقة (صداع نصفي) كان يعاني منه لمدة ١٢ عامًا.
الشقيقة هي الصداع النصفي، المايجرين. ليس بالضرورة أن يمر الإنسان بمشكلة لكي يعرف الرب، لكن أيًا كان، هو مر بها. كما شرحنا منذ قليل، إن الإنسان أدخل نفسه بعيدًا عن الرب، فأدخل نفسه في مشكلة.
الرائع في هذا الشخص هو أنه تجاوب مع الله في ذلك الوقت. عندما جاءه صوت، أو قد يكون شخص ما قال له، أو جاءته فكرة: “طيب، ما تذهب لتُشفى بدلًا من أنك تعاني؟”. مثل الفكرة التي جاءت للابن الضال، “رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ“ وقعد يقول: “كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لِأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ ٱلْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا!”. وبدأ يقرر أن يرجع، ورأى محبة الأب، وهذا ما أذاب قلبه وجعله يتراجع عن كل ما فعله. وهذه هي طريقة الله التي يتعامل بها، سواء مع مؤمن أو غير مؤمن. الله في الآخر يريد حياة أفضل للإنسان يعيشها طوال الوقت وهو يسير. فبالأولى، من لا يعرف الرب أصلًا، أن تكون له علاقة معه. فالله كأنه يبحث عن أي فرصة، يقول: “حسنًا، بما أنها حدثت هكذا معك، أريد أن أؤكد لك أنني موجود، أريد أن أؤكد لك أن صوتي موجود”. لكن، كما اتفقنا، إن الله يتكلم طوال الوقت، يريدك طوال الوقت، يوضح لك الصورة. لكن صوت العالم وصوت الاهتمامات التي تشدنا هي التي تشوشر.
لكن الرائع أن شخصًا استجاب. الروح القدس تعامل معه في ذلك الوقت. الشخص لم يكن يعرف في ذلك الوقت أن هذه الشدة هي الرب يتكلم. يتكلم عن جاذبية الروح القدس: “لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ ٱلْآبُ“. فهناك مغناطيس خاص بالروح القدس يشد الشخص في ذلك الوقت. هي الأفكار التي تأتي له وتقول له: “طيب، كفاية، كفاية المعاناة التي تعانيها، كفاية الذي أنت تعيشه، طيب ما تجرب كذا؟ طيب ما تجرب الرب؟”. فالشخص يخرج بعد ذلك مقتنعًا بأن “لولا ألمي، لما عرفت الرب”. لا، هو في الحقيقة ليس الألم، هو في الحقيقة تجاوبك مع الروح القدس في ذلك الوقت. الألم ممكن يكون قد أيقظك، أو خفض الأصوات العالية بداخلك لكي تعرف كيف تسمع صوت الرب. لكن في الحقيقة، هذا الصوت كان شغالًا طوال الوقت. فليس بالضرورة أن أمر بألم لكي أعرف الرب، ليس بالضرورة أن أمر بألم، هذا ما يريده الرب أساسًا. لكن ماذا لو أنا خلاص، أمر بمشكلة، أمر بتحدٍ، أمر بأمر ما؟ الذي نريد أن نقوله في هذه الحلقة هو أن الله ليس هو السبب فيما تمر به، لكنه في صفك.
هذه النقطة أيضًا تتكلم عن أنه: “أنا أعرف أن الله يسمح لإبليس أن يجرب الإنسان فقط لو الإنسان هو الذي سمح”.
هل الله “يجرح ويعصب”؟ فهم حقيقي من خلال سفر أيوب
قد يتبادر إلى ذهنك سؤال حول جزئية معينة، ولتوضيحها بشكل أكبر، سنرجع إلى سفر أيوب. يعتقد الناس أن فكرة “يجرح ويعصب” تنطبق على الله، ويريدون أن يفهموا هذا السؤال بشكل أعمق. لنبدأ بكلمة “يجرح” ونرجع إلى سفر أيوب، بل إلى السفر ككل.
ذُكرت كلمة “يجرح” في أيوب ٥، عندما كان أحد أصحاب أيوب، أليفاز، يفسر له ما حدث معه، فقال له: “يا أيوب، لا ترفض تأديب القدير. إن كان الرب قد فعل معك هذا، فإن كان قد جرحك، فهو سيعصبك. إن كان قد سبب لك جرحًا، فسيلف عليك عصابة. وإن كان قد سحقك بالأمور التي مررت بها…” – وسنرى الآن من سفر أيوب نفسه من الذي سحق أيوب.
*من هو الفاعل الحقيقي وراء آلام أيوب؟*
الكتاب المقدس سيخبرنا الآن، وسنقرأ الآية التي تقول إن الشيطان خرج وضرب أيوب بقرح رديء. إذًا، الذي ضرب أيوب ليس الرب. “فَخَرَجَ ٱلشَّيْطَانُ مِنْ حَضْرَةِ ٱلرَّبِّ، وَضَرَبَ أَيُّوبَ بِقُرْحٍ رَدِيءٍ” أيوب ٢: ٧. لقد خرج الشيطان من لدن الرب، أو من حضور الله، وضرب أيوب.
لقد كشف لنا سفر أيوب منذ الإصحاح الأول كيف يعمل عالم الروح. لقد قدم لنا مشهدًا وصورة للأرض، وحكى لنا عن أيوب، وقدم خلفية عن هذا الشخص: من هو، وما هي حالته، وحالته الأخلاقية والروحية، وماذا يمتلك، وأين يسكن. ثم بعد ذلك، انتقل السفر إلى مشهد روحي مختلف تمامًا، حيث قال إنه كان هناك اجتماع لبني الله، أي الملائكة، وفجأة دخل إبليس في وسطهم، وأقحم نفسه بينهم، وكان يحمل معه تقارير. نفهم من هذا أن هذا المجلس أو الاجتماع، بحسب سفر زكريا، كان يجتمع فيه الله ليسمع التقارير التي يقدمها الملائكة.
هذا أمر كتابي، وهناك شواهد تقول إن الملائكة تقدم تقارير عما يحدث في الأرض. ورغم أن الله قدير، قادر على كل شيء، وعليم بكل شيء، إلا أنه إله منظم. هو ليس بحاجة إلى الملائكة، ولكنه أوجد الملائكة من أجل التنظيم، وليس لأنه غير قادر على الإلمام بكل شيء. فدخل الشيطان وبدأ يقدم التقرير ضد أيوب، فعرض لنا السفر ما حدث في عالم الروح، ومن هنا عرفنا أن الذي ضرب أيوب، والذي صوب عليه، هو الشيطان.
*هل يتكرر هذا المشهد اليوم؟*
ولكن، هذا الأمر لا يحدث حاليًا؛ أن يدخل إبليس محضر الله. هذا صحيح، فبعد العمل الذي أتمه الرب يسوع، تم طرده هو وثلث الملائكة الذين أغواهم وأخذهم معه. لقد طُرد، وهذا لا يحدث الآن. يعتقد بعض الناس أنه في وقتنا الحاضر، لو أخطأ شخص ما، يأتي إبليس ويأخذ تسجيلًا من الخطية التي ارتكبها هذا الشخص، ثم يصعد أمام الله ويقول له: “انظر، أكرم أخطأ الخطأ الفلاني، انظر، هو يستحق كذا وكذا”.
كنا قد تعلمنا هذا الأمر بهذه الطريقة: فيأتي الله، أو يأتي يسوع، فماذا يفعل؟ يتدخل يسوع في ذلك الوقت ويقول له: “نعم، هو أخطأ، ولكنه الآن في داخلي، هو مختبئ فيَّ”. ولكن هذا ليس كتابيًا. ما حدث معنا هو أعظم، أعظم بكثير، بكثير، بكثير! فإبليس أصلًا قد طُرد من المحضر الإلهي، ولم يعد لك مكان هناك أساسًا. يتحدث الكتاب أن الرب يسوع عندما أتم المصالحة، صالح السماء والأرض. حسنًا، الأرض تصالحت لأنها كانت بعيدة عن الله، ولكن لماذا تتصالح السماء؟ لأن السماء كان لإبليس مدخل إليها، يدخل ويخرج منها، وهو لا يملك هذا الحق. كان من المفترض، ومنذ البداية، أن نتوقع أنه في ساعة ما أخطأ إبليس، يُطرد خارجًا. ما الذي أدخلك أساسًا لتجلس في هذا المكان؟ لقد طُردت منه. ولكن بسبب أنه أخذ سلطان آدم، كان هذا هو الحق الذي يدخل به إلى السماء، إلى محضر الله، ليقدم الشكاوى.
تصحيح المفاهيم الخاطئة: الله يرد على أصحاب أيوب
*وجهة نظر بشرية وليست حقيقة إلهية*
سأرجع مرة أخرى: قال أليفاز هذا الكلام لأيوب: “انظر، إن كان الله قد فعل معك هذا، فإن كان قد جرحك، فلا تقلق، سيكون يطبب جراحك، وسيكون يضع لك عصابة. وإن كان قد سحقك، فلا تقلق”. ولكن في الحقيقة، عندما نرجع لندرس هذا الكلام، نسأل أولًا: هل الله هو الذي قال عن نفسه هكذا؟ لا، هذا كلام شخص عن الله. إذًا، هذا كلام واحد من أصحاب أيوب، وهو أليفاز التيماني. وعندما نرجع إلى آخر إصحاح في سفر أيوب، نجد أن الرب قال لأليفاز وأصحابه: “لَمْ تَقُولُوا فِيَّ ٱلصَّوَابَ” أيوب ٤٢: ٧. هذا معناه أن الكلمات التي قالها أليفاز ليست صحيحة، وهذا معناه أنه لا يصح أن آخذ هذه الآية، لمجرد أنها ذُكرت في الكتاب، وأعتبرها حقيقة. فكما قلت، الكتاب ذكر كلمات إبليس.
هل كون إبليس تكلم في الكتاب المقدس يعني أن كلماته صحيحة، فقط لأنها تحت عنوان “الكتاب المقدس”؟ بكل تأكيد لا. الكتاب كان يوضح لنا الأمور لكي نميز. هذا حقيقي. فأحيانًا، يرى الشخص نظرته الخاصة عن الله، فهو يصف الإله الذي يعرفه، وهذه الصورة قد تكون منقوصة، وقد تكون مشوهة.
*الصورة الحقيقية لله: يسوع المسيح*
إذًا، ما هو الصواب؟ ارجع إلى يسوع. هذه هي الصورة الحقيقية، “ٱلَّذِي هُوَ صُورَةُ ٱللهِ غَيْرِ ٱلْمَنْظُورِ” كولوسي ١: ١٥. فلو أردت أن أرى الله فعلًا، انظر إلى يسوع. هل جرح يسوع أحدًا ثم وضع له عصابة؟ هل “يجرح ويعصب”؟ هل سحق يسوع أحدًا ثم شفاه؟
أحيانًا، تُقحم في هذه الجزئية قصة المولود أعمى. فلما رآه الرب يسوع، سأله التلاميذ: “مَنْ أَخْطَأَ: هَذَا أَمْ أَبَوَاهُ؟” يوحنا ٩: ٢. فقال لهم: “لَا هَذَا أَخْطَأَ وَلَا أَبَوَاهُ، لَكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ ٱللهِ” يوحنا ٩: ٣. فيظن الناس أن الله أراد أن يتمجد بألمه. ولكن لو فكرنا بهذا المنطلق، سنرى أن الموضوع سيصبح مجرد مسرحية، وأن الله يريد أن يتمجد على حساب الإنسان، على حساب ألم الإنسان. فكأن الله قد أعد مسرحية، فأصابه بالعمى، لكي يأتي يسوع بعد عدة سنوات – وهي عمر هذا الشخص الذي عاشه – ويشفيه. هل الله يلعب؟ هل الله يقيم مسرحية؟ هذا يشبه شخصًا نشر وباءً، وبعد سنوات من المعاناة، يقول: “يا جماعة، لقد اخترعت علاجًا!”. الناس التي تفهم بشكل صحيح ستتساءل: كيف تكون أنت من فعل هذا، وفي نفس الوقت أنت من يقدم الحل؟ وأنا أشجع الناس، لو أردت أن تفهم هذه الجزئية الخاصة بالمولود أعمى، ستجدها مشروحة باستفاضة في مقالات على الموقع.
فأليفاز ببساطة قال هذا الكلام من وجهة نظره عن الله، وليس عن الإله الحقيقي الذي نعرفه، الذي رأيناه في يسوع. هو يقول وجهة نظره عن الله، والله قال له في النهاية: “قَدِ ٱحْتَمَى غَضَبِي عَلَيْكَ وَعَلَى كِلَا صَاحِبَيْكَ” أيوب ٤٢: ٧. ما هذا الذي قلتموه عني؟ لقد قلتم أشياءً خاطئة عني، “لَمْ تَقُولُوا فِيَّ ٱلصَّوَابَ“. فأصلًا، الرب نفسه، في نفس السفر، نفى ما قاله أليفاز. ليس فقط أن هذا الكلام لم يقله الله، بل قاله واحد عن صاحبه، ولكن الله أيضًا لم يترك الموقف يمر صامتًا، بل قال إن ما قيل هو خطأ. انتبهوا، هذا ضلال، هذه جزئية تأخذكم في اتجاه خاطئ.
مفهوم “السماحية” ومسؤولية الإنسان
*هل الله يسمح بالشر؟*
لو كنا نتحدث عن أن إبليس أو نحن أنفسنا… أعتقد أننا لم نجب على السؤال الأول، كان هناك سؤال قبل الأخير بدأنا به، وهو الخاص بالسماحية. نعم، سماحية الله. صحيح، لو كنت أعرف أن الله يسمح عندما أنا أسمح، أريد توضيحًا أكثر في هذه النقطة.
هذه الفكرة صحيحة وليست خطأ، أن الله بمعنى “يسمح”، أي أن الله يقول “موافق” للإنسان عندما يقول الإنسان “موافق”. ولكنها سماحية مبنية على قرار الإنسان، وليست سماحية تعني: “أنا أرى أن هناك خطرًا قادمًا، وسأمرره إليك دون أن تعرف شيئًا”. قد تسأل: “ولماذا لم يمنعها؟ ألم يكن يعلم أن هذا الأمر سيؤذيني أو سيأخذني في اتجاه خاطئ، وأنا أقول له: يا رب، هذا الأمر بين يديك؟”.
هذا سؤال رائع، ولكن دعني أكمل جزئية السماحية وسأصل إلى هذه النقطة. بمعنى السماحية، كما رأينا الابن الذي طلب من أبيه: “أريد ميراثي، وأريد أن أرحل من هنا”. فلأن الأب يحبه، أعطى لابنه ما طلب، لأن محبتي للشخص تقتضي أن أمنحه الحرية. فلأنه يحبه، أعطاه الحرية ليتحرك. هذا ببساطة ما يحدث؛ الإنسان يريد أن يختار اختيارات معينة، ولو أن الله وقف أمامه عند كل اختيار وقال له: “لا، لا، لا”، فأين الحرية إذًا؟ وأين المحبة؟ هذا يعني أنك لا تحب الإنسان. لهذا السبب، الله يقول “نعم” على ما يقوله الإنسان “نعم”. طبعًا، يكون هناك تحذيرات، وتكون هناك محاولات من الله. لقد فهمنا أصلًا كيف نختار. ومن البداية، قال الرب للإنسان، قال له: “سأريك ما تختاره”. وقال للشعب: “سأريكم ماذا تختارون، أنا واضع أمامك الحياة والموت، أنا واضع أمامك البركة واللعنة”، ثم قال له: “فَٱخْتَرِ ٱلْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ” (التثنية ٣٠: ١٩. لم يقل فقط “أنت”، بل “أنت ونسلك”، فأنت ستؤثر أيضًا على الناس الذين يأتون بعدك. فالله أعطانا الحل.
*مسؤوليتك أنت: الكلمة والسلطان*
وهذه هي إجابة السؤال الثاني: إن الكلمة فيها الحل. إن سرت في الكلمة، فلن تتعرض أساسًا للأمور السلبية. إن سقطت في التجربة، ستتعرض لنتائجها. وسنرى بعد قليل أن يسوع عُرضت عليه تجربة كإنسان كامل، لكن هل سقط يسوع؟ هل جُرِّب يسوع؟ نعم، جُرِّب. ألم يجربه إبليس على الجبل؟ قيل عنه “المُجرِّب”. هذا لا يعني أنني شخص سيئ لأنني وُضعت في هذا الموقف. التجربة لا تعني هذا، فيسوع لم يكن سيئًا، ويسوع لم يخطئ.
فنحن نفهم أنه توجد تجربة أساسًا، عندما نتحدث عن مصادر التجربة، هناك تجربة مُرسلة من إبليس، هو المتهم فيها بنسبة ١٠٠%، وهو يحاول أن يعرضها عليك. وهذا يفهمنا أن الإنسان لديه سلطان. لماذا؟ لأن إبليس سيحاول أن يعرض بضاعته. أنت لست مجبرًا على قبولها. الأمر يشبه شخصًا يطرق بابك ويقول لك: “معي بضاعة، ما رأيك فيها؟ كذا وكذا…” وفيها تجربة. هناك أنواع من التجارب سنتحدث عنها.
إذًا، لماذا لم يمنع الله ذلك؟ لأن هذه مسؤولية الإنسان. عندما يقول الكتاب: “قَاوِمُوا إِبْلِيسَ” يعقوب ٤: ٧، لا يصح أن أذهب عكس الآية وأقول: “يا رب، قاوم لي إبليس”. كون الرب قال لي “قاوم”، فهذا يعني أنه أعطاني القدرة. عندما أقول لابني مثلًا: “أمسك الكوب واشرب”، فهذا يعني ضمنيًا ومفهومًا أنك تملك القدرة على إمساك الكوب والشرب منه.
فالله كونه يقول لي “قاوم”، إذًا أنا الذي سأفعل ذلك. يقول: “لَا تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا” أفسس ٤: ٢٧، هو لا يقول: “صلوا لكي لا يعطي الرب إبليس مكانًا”. لا، أنت لا تفعل ذلك، “لا تُعطِ إبليس”. إذًا، لقد أعطاني الطريقة. فلو اتبعت الطريقة، خلاص، أنا محمي من أي شيء. تمامًا كما أقول لشخص: “ذاكر جيدًا”. مهما كان الامتحان الذي سيأتي، فأنت مستعد. لا يهم من سيضع الامتحان أو نوعية الأسئلة، سواء كانت أسئلة ملتوية أو صعبة، طالما أنك مستعد جيدًا، فلا يهم ما سيأتي. بنفس الطريقة، الله أعطانا الكلمة، ولهذا قال الرسول بولس إننا “لَا نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ” كورنثوس الثانية ٢: ١١، أي مخططاته وتكتيكاته.
ما معنى هذا؟ معناه أننا أعلم من إبليس. إذا كنت أنا أفهم تكتيكاته، وأفهم كيف يلعب، وما هي الطريقة التي يستخدمها، فلن يأتي بشيء جديد. في النهاية، حيل إبليس معروفة: واحد، اثنان، ثلاثة. الكتاب ذكرها، ولن يلعب خارجها. في النهاية، ستُصنف حيلته ضمن واحدة من الأمور الثلاثة التي تحدث عنها الكتاب. الأمر يشبه أن أقول لطالب: “الامتحان لن يخرج عن هذه الدروس الثلاثة، أو هذا الكتاب”. فخلاص، مهما لعب إبليس، لو كنت أفهم بشكل صحيح، سأُحمى، سأحيا في الصحة، سأحيا في الإثمار لملكوت الله، سأحيا في المحبة، لو عرفت الطريقة. لكن الإنسان يضر نفسه بسبب عدم معرفته. “هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ ٱلْمَعْرِفَةِ” هوشع ٤: ٦.
فلماذا لا يتدخل الله؟ لأن الله أعطاني أنا السلطان لكي أتعامل مع إبليس. يسوع تعامل مع إبليس وقضى على سلطانه، “جَرَّدَ ٱلرِّيَاسَاتِ وَٱلسَّلَاطِينَ” كولوسي ٢: ١٥. ودوري أنا الآن هو أن آخذ هذا السلطان وأعيش به وأتحرك به. “هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا ٱلْحَيَّاتِ وَٱلْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ ٱلْعَدُوِّ” لوقا ١٠: ١٩. إذًا، هذا السلطان أصبح ملكنا نحن، لنتعامل به مع ما يحاول إبليس أن يفعله.
كشف خطط العدو: من هو “المُجرِّب”؟
نود أن نستفيض أكثر وأكثر في هذه الجزئية، ولكن غالبًا لن يسعفنا وقت الحلقة اليوم. ولكننا حقًا نريد أن نأخذ المفتاح الأساسي، وهو فكرة إبليس في هذه النقطة. من الجميل أن الله أوضح لنا كل أبوابه. وهذا ما سنتحدث عنه في المرة القادمة. أشجعكم جدًا على هذا، لكي لا نجهل الطرق التي يستخدمها إبليس ونحن نتحرك. كنا نتحدث أن إبليس هو المصدر، هو الذي قيل عنه إنه “المُجرِّب”، هو الذي يجرب، هو الذي يفعل هذا.
*شواهد كتابية تكشف هوية المُجرِّب*
ما هو الشكل الذي يسير به؟ سريعًا، سنستعرض بعض الآيات بسبب وقت الحلقة. مثلًا، في (تسالونيكي الأولى ٣: ٥)، يقول بولس، وهذا لفظ أُطلق على إبليس ولم يُطلق على الله: “٥ مِنْ أَجْلِ هَذَا، إِذْ لَمْ أَحْتَمِلْ أَيْضًا، أَرْسَلْتُ لِكَيْ أَعْرِفَ إِيمَانَكُمْ، لَعَلَّ ٱلْمُجَرِّبَ يَكُونُ قَدْ جَرَّبَكُمْ، فَيَصِيرَ تَعَبُنَا بَاطِلًا“. من هو المُجرِّب هنا؟ إبليس. هو يتحدث عن إبليس، أن إبليس جربهم. إذًا، المُجرِّب هو الذي يجرِّب، وهو إبليس. (أتحدث عن النوع السلبي من التجارب).
في (أيوب ٢: ٧)، الآية التي أخذناها أو تكلمنا عنها منذ قليل: “٧ فَخَرَجَ ٱلشَّيْطَانُ مِنْ حَضْرَةِ ٱلرَّبِّ، وَضَرَبَ أَيُّوبَ“. إذًا، الذي ضرب أيوب ليس الرب.
أنا أعرف أنه سيظهر سؤال: “ولكنه أخذ الإذن من الرب”. في الحقيقة، هو لم يذهب ليأخذ الإذن من الرب. الشيطان ليس بحاجة إلى أن يأخذ إذن الله ليفعل شيئًا في الأرض. لقد رأيناه يدخل الجنة دون أن يأخذ إذنًا. هو دائمًا مُقتحم. لم يذهب الشيطان ليستأذن: “يا رب، أستأذنك أن أذهب لأجرب حواء، أستأذنك أن أذهب لأجرب أيوب”. الناس تتخيل قصة أيوب هكذا: أن الشيطان دخل على الله، والله قال له… أو أن الشيطان قال لله: “أنا سأذهب، ولكن من فضلك أعطني الإذن، وقّع لي على هذه الورقة لكي أذهب وأنفذ خطتي”. في الحقيقة، لا.
وحتى عبارة “وَلَكِنِ ٱحْفَظْ نَفْسَهُ” أيوب ٢: ٦، هذا كان تدخلًا إلهيًا لحماية الشخص. هذا يرينا صلاح الله. عندما نفهم سفر أيوب، سيفهمنا هذه الجزئية التي قد تسبب التباسًا.
*مثال توضيحي من واقعنا اليوم*
دعني أروي قصة سفر أيوب كما لو أنها تحدث في عام ٢٠٢٣ الآن. أب لديه ابن يحبه، والابن يحب أباه. جاء شخص شرير، عدو للأب وللابن، وقال للأب: “ابنك هذا لا يحبك. من قال أساسًا إنه يحبك؟ هو يحبك فقط لأنك تطعمه وتسقيه وتؤويه في بيتك. ما رأيك أن تتركني أؤدبه مع الأطفال الآخرين؟ سنعطيه علقة جيدة وهو عائد من المدرسة. نهايتها قد تكون كسرًا في يده أو رجله، ثم انظر وقتها هل سيستمر في محبتك وسيعود إلى البيت أم لا”.
من هو الأب الذي سيقول “نعم” على شيء كهذا اليوم؟ أنا موافق على هذا. لا يوجد، صفر. ولو قال أب ذلك، لقلنا إن هذا الأب مجنون، أو به شيء غريب. كيف نوافق على أن الله قد فعل ذلك منذ آلاف السنين؟ أن يدخل عليه إبليس ويقول له: “بعد إذنك، معي ورقة، أيوب هذا شخص جيد وكذا وكذا، أعطني التأشيرة لكي أذهب وأجربه وأفعل به هذه الأمور، ثم انظر ماذا سيفعل تجاهك”. إذا كنت أنا كأب الآن أقول “لا”، بل أنا أصلًا لن أتعامل مع عدوي.
فمن باب أولى، كيف أفعل ذلك بابني؟ حتى لو أردت أن أصححه في شيء، على الأقل – وأنا أفكر بعقلية شخص بعيد عن الكلمة – سيفكر ويقول: “على الأقل لن أؤذيه جسديًا، بل سأضبط حياته”. ولكنني لن أسمح لعدوي أن يفعل ذلك بابني. فكيف نفهم سفر أيوب بهذه النظرة؟ هذا يساوي إلهًا شريرًا يسلم ابنه في يدي عدوه.
إعادة قراءة الحوار في السماء: هل الله “تهيّج”؟
لهذا السبب، تُفهم آيات بشكل خاطئ. مثلًا، عندما قال الرب لأيوب… والناس تقف أمام هذه الآيات وتُصدم. جاء الشيطان ودخل محضر الله في الإصحاح الثاني، فقال له الرب – وكأن الرب قد تفاجأ بما حدث ولم يكن واعيًا بما يجري – قال له: “وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ لِأَبْتَلِعَهُ بِلَا سَبَبٍ” أيوب ٢: ٣. ما هذا الذي فعلته بي؟ دعونا نقرأها في سفر أيوب، لأنها من الآيات المفتاحية التي تجعلنا نفهم سياق السفر وكيف يسير، وستجعلك تراجع أفكارك عن الله وكيف تراه.
(أيوب ٢: ٣): “٣ فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي ٱلْأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي ٱللهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ. وَإِلَى ٱلْآنَ هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ، وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ لِأَبْتَلِعَهُ بِلَا سَبَبٍ»”.
تخيلوا الإله يقول للمخلوق، الشيطان: “ما هذا الذي فعلته بي؟ لقد سخنتني عليه، لقد حرضتني على أيوب لكي أبتلعه بلا سبب، فالرجل لم يفعل شيئًا”. فأي إله هذا الذي يثور ويتهيج لأن أحدًا حرضه أو “سخنه” على ابنه؟ وكأن الله كان مغلوبًا على أمره ويقول: “ماذا فعلت بي يا إبليس؟ لقد خدعتني! كيف فعلت بي هذا؟ لقد سخنتني لأبتلعه”، و”أبتلعه” هنا تعني “أدمره”.
في الحقيقة، الألفاظ المذكورة هنا هي ألفاظ تختص بإبليس أساسًا. عندما ندرس عن إبليس، نجد أنه هو الذي يفعل ذلك. مثلًا، الرسول بطرس عندما تكلم عن الابتلاع، قال: “إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ” (بطرس الأولى ٥: ٨). فإبليس هو الذي يبتلع. ولكن لأن الآية تبدو أنها جاءت في صيغة خبرية، فكأن الله يقول: “ما هذا الذي فعلته معي؟”، أو كأنه كان نائمًا واستيقظ فجأة على ما حدث وقال: “ما هذا الذي فعلته؟ كيف جعلتني أفعل هذا؟”.
في الحقيقة، الله يستنكر ما حدث. هذا سؤال استنكاري. هو يقول لإبليس: “هل تظن أنك يا إبليس قد هيجتني على أيوب لكي أبتلعه؟ هل تظن أنك نجحت في مخططك؟”. الشيطان لم يذهب ليأخذ إذنًا، والله لم يكن، كما يعتقد البعض، يدخل في تحدٍ مع إبليس على حساب أيوب، فيُفرم أيوب في المنتصف ويفوز الله في التحدي ويستعرض عضلاته أمام إبليس قائلًا: “سأريك كيف سيصمد أيوب”. الله لا يدخل في تحديات.
يسوع لم يدخل في تحدٍ مع الشيطان. بل على العكس، عندما طلب الشيطان التلاميذ لكي يغربلهم، وقف يسوع وقال: “وَأَنَا صَلَّيْتُ لِأَجْلِكَ لِكَيْ لَا يَفْنَى إِيمَانُكَ” لوقا ٢٢: ٣٢. لم يقف يتفرج. كيف نرى الله كأنه واقف يتفرج في سفر أيوب، بينما رأينا يسوع، الذي هو الله المتجسد، واقفًا من أجل التلاميذ؟ ليس فقط واقفًا، بل دافع عنهم. عندما جاء العسكر والناس ليقبضوا عليه، ما فعله بطرس كان سيجعلهم يأخذون التلاميذ معه. لقد قطع أذن عبد رئيس الكهنة، وهو شخص ذو مكانة كبيرة. لم يكونوا أصلًا قادمين ليأخذوا التلاميذ، بل يسوع فقط، ولكن ما فعله بطرس كان جريمة تستدعي القبض عليهم هم أيضًا.
فقال لهم يسوع: “فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هَؤُلَاءِ يَذْهَبُونَ” يوحنا ١٨: ٨. لآخر لحظة كان يدافع عنهم. ليس فقط في العيان على أرض الواقع، بل في عالم الروح أيضًا، قال لسمعان: “هُوَذَا ٱلشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَٱلْحِنْطَةِ! وَلَكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لَا يَفْنَى إِيمَانُكَ” لوقا ٢٢: ٣١-٣٢. “طلبكم” لا تعني أنه جاء يستأذن، بل تعني أنه يسعى لذلك، هذا هو طلبه ومسعاه. “ولكني وقفت له، وقفت لكي لا يفنى إيمانك”. إبليس كان ينوي أن يسحق كل التلاميذ، “اِضْرِبِ ٱلرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدَ خِرَافُ ٱلرَّعِيَّةِ”.
فسفر أيوب لم يكن عن شيطان يدخل ليستأذن، بل كان يظن أنه سيستطيع أن يحرض الله ضد أيوب. فالرب يرد عليه قائلًا: “هل تظن أنك هيجتني على أيوب لأبتلعه؟ هل تظن أنك ستفعل ذلك؟”.
إذًا، لماذا سلم الله أيوب للشيطان أساسًا؟ في الحقيقة، الله لم يسلمه. أيوب فتح الباب في حياته ليدخل الشيطان ويفعل معه هذا الأمر. كيف نفهم هذا؟ كما قلنا، العهد الجديد قال: “لَا تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا“. إذًا، عندما أجد إبليس يعمل في حياة شخص، فهذا يعني أنه أخذ مكانًا. قد يكون الشخص قد فتح هذا المكان، وليس بالضرورة بخطية. دائمًا ما يربط الناس الأمر بالخطية: “أصلًا أنا أخطأت الخطأ الفلاني، أصلًا أنا سرقت فلانًا، أو لم أتعامل بطريقة صحيحة…”. لا، قد يكون الأمر بسبب عدم المعرفة، ليس بالضرورة أن يكون الشخص قد ارتكب خطية أو يسير في طريق خاطئ، ولكن قد يكون بسبب عدم المعرفة.
خلاصة ودعوة للصلاة
*الله في صفك وليس ضدك*
ملخص اليوم هو أن هناك فرقًا بين الامتحان وبين التجربة. وإن كان المعنى اللغوي واحدًا، إلا أن هناك معنى سلبيًا ومعنى إيجابيًا. الله ليس هو من يقف وراء التجربة. هذا هو الخداع الحاصل. لن تعرف كيف تقول “لا” للمرض، لن تعرف كيف تقول “لا” للمشاكل التي تحدث، طالما أنك تتخيل أن الله هو الذي يقف وراء هذه المشاكل، وأن الله هو المتسبب فيها. فأنت لا تعرف كيف تقف ضده، وأنت لا تدري أن الله في الخلفية واقف أصلًا يدافع عنك، واقف في صفك لكي تطرد أنت هذه الأمور.
ما يجب أن تستنير به اليوم وتعرفه هو أن الله يحبك بطريقة لا تتخيلها. ما يصنعه معك هو ما يحدث معه هو. لم نرَ إلهًا بهذا الشكل، يحبك لدرجة أنه يريد أن ما يحدث معه يحدث معك. المكان الذي يجلس فيه، يريدك أنت أن تجلس فيه. ما يستمتع به، يريدك أنت أيضًا أن تستمتع به.
فلو كنت تفكر أن ما تمر به هو تجربة، وأن الرب جربني بالشيء الفلاني، فهذا خطأ. الرسول يعقوب قال: “لَا تَضِلُّوا” يعقوب ١: ١٦. “ٱللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِٱلشُّرُورِ، وَهُوَ لَا يُجَرِّبُ أَحَدًا” يعقوب ١: ١٣. افهم أن الله في صفك، والله يحبك لكي تخرج مما أنت فيه، سواء كنت قد أدخلت نفسك فيه بمعرفة أو بعدم معرفة، هو في صفك لتخرج منه، لأنه يحبك.
*صلاة لقبول حياة جديدة*
رائع جدًا. نفسي نصلي مع كل شخص لكي يعرف الرب، وألا تنتظر حتى يحدث شيء لكي تستفيق. افهم أن صوت الرب يكلمك دائمًا. افتح قلبك. دعنا نصلي هذه الصلاة معًا. افتح قلبك، فالله يتكلم إليك طوال الوقت لأنه يحبك ويريدك أن تكون له.
هناك صوت إلهي يناديك الآن. لو كنت لم تعرف يسوع بعد، ولم تقبل يسوع، لا تهرب من هذا الصوت. العالم مليء بالموت، رائحة الموت في كل شيء، رائحة الفساد، رائحة المرض والتعب في كل شيء. لا توجد راحة بعيدًا عن هذا الإله. هذا ما قاله الرب يسوع: “تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلْأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ” متى ١١: ٢٨. مهما كانت الحمول التي تحملها، توجد راحة. “أنا أريحكم”. لو كنت لم تتقابل بعد مع الرب يسوع، هذه هي الفرصة، وهذا هو الوقت لتتقابل معه.
نحن نرى العالم يزداد في الانهيار، والكتاب أخبرنا عن هذا. ولكن في وسط هذا، كأنك ترى مكانًا مليئًا بالدمار، ولكن توجد واحة مختلفة، والناس الذين فيها يعيشون حياة مختلفة. يمكنك أن تعيش هذه الحياة رغم صعوبة ما تواجهه، رغم أنه قد يكون حولك شر كثير، رغم الأمور التي فعلتها. يوجد حل، وتوجد راحة، لو بدأت تضع نفسك وتقبل يسوع في حياتك. الكتاب يعد بأنك ستولد من الله في تلك اللحظة، ستصير شخصًا آخر، مخلوقًا جديدًا.
صلِّ معي هذه الصلاة من كل قلبك، وأنت تعنيها. أنت تقول له: “يا رب، أنا آتي إليك، رغم كل ما أمر به. بعد أن اكتشفت أنك لست وراء ما أمر به، بل كنت في صفي طوال الوقت، وكان صوتك يتكلم لي طوال الوقت. أشكرك لأنك تحبني. لأنني وأنا أسمع هذه الرسالة الآن، هذا دليل أنك تحبني وتتذكرني. أنا لست مهملًا، أنا لست مجرد رقم محسوب وسط الناس. كم أنا غالٍ عندك! كم أنا فارق معك! الآن، أنا أقبل يسوع في حياتي. أنا أقبل الحياة الأبدية لتسكن فيَّ. أشكرك لأنك تجعلني برَّك الآن. شكرًا لأنك غفرت خطاياي. أنا الآن مخلوق جديد، شخص جديد”.
حتى وإن كان ما في الخارج كما هو، فقد تم تغيير روحك. روحك تم تغييرها لكي تولد من الله وتحمل نفس الصفات الإلهية لأبيك. فكما أن كل شيء يلد ما هو من نفس نوعه، هكذا عندما تولد من الله، أنت تصير من نفس النوع الإلهي.
الآن، أصبحت لديك إمكانية أيضًا أن تستقبل الروح القدس بعد أن قبلت يسوع. أن يصير الله نفسه ساكنًا في بيتك. وبيتك ليس عنوانك على الأرض، بيتك هو جسدك. أن يصير الله ساكنًا في هذا الجسد، فتصير متحركًا طوال الوقت بحضور الله في حياتك، ولا يفارقك، ولا يُنزع منك. آمن بهذا الآن، وتكلم وقل: “أنا أستقبل الروح القدس في حياتي الآن”. لديك القدرة أن تتكلم بلغة جديدة، سماها الكتاب “التكلم بألسنة”، أو “التكلم بأسرار”، أو “التكلم بألغاز”، لغة أنت لا تعرفها. يمكنك أن تفتح فمك وتصلي بها لأنك قبلت الروح القدس. بالسهولة هذه؟ نعم، بالسهولة هذه. بعد ما عمله يسوع، الكل صار سهلًا. إبليس لم يعد يشكل خطرًا. مهما كان ما تعرضت له، قد تكون تعرضت للسحر، قد تكون تعرضت لأعمال شريرة، قد تكون تعرضت لخيانات، لظروف صعبة… كونك قبلت يسوع في حياتك، كل هذا انتهى. “ٱلْأَشْيَاءُ ٱلْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ” كورنثوس الثانية ٥: ١٧. أنت بلا ماضٍ الآن. أنت مخلوق جديد وإنسان جديد. هللويا. آمين.
__________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
