القائمة إغلاق

حلقة: ثلاثة أبطال Episode: Three Heroes

حلقة: ثلاثة أبطال

برنامج: من البداية للنهاية 

لمشاهدة الحلقة على الفيس بوك أضغط هنا 

 

لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب 

video
play-sharp-fill

لسماع الحلقة على الساوند كلاود

 

 

 

برنامج من البداية للنهاية

(راديو الحق المغير للحياة).

الحلقة التاسعة والعشرون: القصة كما هي.

 

 

تنويه: العظة مكتوبة بـالذكاء الاصطناعي، لم تُراجع من خدمتنا بعد، إن وجدت أخطاءً في الكتابة تواصل معنا واذكرها لنا.

 

أهلاً بكم في حلقة جديدة من حلقات “راديو الحق المُغيّر للحياة”، برنامجنا “من البداية للنهاية”.

حلقتنا اليوم، سنسارع فيها عبر المحطات التي كنا نمشي فيها طوال الوقت الماضي، لنصل إلى أهم وأعظم محطاتنا، وهي التي تدور حولها القصة كلها منذ البداية.

ونحن نتحدث اليوم عن محطة الميلاد، أحيانًا ونحن ننظر إلى كلمة الله أو المحطات التي نتحدث عنها، يبدو وكأن لا يوجد ارتباط، وكأنها أحداث متفرقة. لكننا سنكتشف اليوم، ونحن نحكي عن الميلاد الذي ظهر في العهد الجديد بدايةً من إنجيل متى الإصحاح الأول، أن الكلام عنه بدأ أصلاً من سفر التكوين. ففي ارتباط عجيب وقوي بين كل أحداث الكتاب. يعني، كنا عاجلاً أم آجلاً سنصل إلى هذه المحطة، لأنها المحطة الأساسية التي تدور حولها كل النبوات والمحور الرئيسي: أن الله سيأتي وسيكون مع الإنسان.

بدأت القصة مع الإنسان الأول الذي خلقه الرب وأحبه وأعطاه كل شيء، ثم حدثت الخيانة عبر خداع المرأة. وفي وسط النتيجة التي كان يحصدها الإنسان، ووسط الظلمة والخيانة التي حدثت، ظهر شيء رائع.

الميلاد: المحطة المحورية في قصة الفداء

من هذه الظلمة، قال الرب للمرأة… وهو يكلم الحية في الأول، قال لها هكذا: إنني سأضع عداوة بين نسلك وبين نسلها، هو يسحق رأسك وأنتِ تسحقين عقبه. فحاجة غريبة أن المرأة نفسها كانت هي أول وعد له علاقة بمجيء المسيح. لهذا قلت إن القصة مترابطة. يعني، ما سنتكلم عنه اليوم عن مجيء المسيح، الذي جاء بعد ٤٠٠٠ سنة بالنسبة للعهد القديم وبداية القصة، كان مُتنبأً عنه منذ ٤٠٠٠ سنة.

فنفس المرأة التي أدخلت المشكلة، أو التي استخدمها إبليس ليخدعها، كما قال الرسول بولس: “كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ”، الرب أخرج منها الحل وقال لها: “منكِ سيخرج هذا النسل، هو الذي سيسحق ويدوس، هو الذي سيخلص الإنسان وسيسحق رأس الحية”. وكم أن هذا الأمر مهم! فمن الأشياء التي يكلمنا عنها الميلاد أنه لا فقدان للأمل.

أنتِ يا حواء أدخلتِ الشر للعالم، أدخلتِ الخطية للعالم، كنتِ الفتحة والبداية. هذا لا يعني أن آدم غير مشترك، آدم مشترك. لكن من خلالكِ أيضًا سيأتي المخلص. فكأن الرب كان يقول: “ليس مهمًا ما خربتِه”. الرب، عن طريق نسل المرأة، يقول: “ليس مهمًا ما خربتِه، يمكن أن يُصلح، يمكن أن أستخدمكِ أنتِ نفس الشخص”.

هناك أناس قد يعيشون في عائلاتهم ويقولون: “أنا اتخذت قرارًا دمرت به العائلة أو دمرت به أناسًا”. أنت نفس الشخص يمكن أن يخرج منك الحل. فنفس المرأة التي دخل من خلالها الخطأ، هي نفس المرأة التي تم إخراج الحل منها.

الغريب في هذه الآية لدى اليهود، أنهم ليس لديهم شيء اسمه “نسل المرأة”. يعني مثلاً، لو نقرأ في الكتاب عن الأنساب، دائمًا الرجال هم من في النسل. فمثلاً: نسل إبراهيم، نسل إسحاق، نسل يعقوب، نسل آدم. هذه مثلاً مواليد آدم، مواليد الرجال. المواليد مرتبطة بالرجال. لكن الرب أدخل هنا شيئًا غريبًا لأول مرة، شيئًا غير معتاد لديهم.

وسنجد أن متى، وهو يتكلم عن سلسلة نسب الرب يسوع، أدخل أيضًا شيئًا غريبًا لم يعتد عليه اليهود في كتابة سلسلة نسبهم، إذ قال “نسل المرأة” ولم يقل “نسل الرجل”، الذي هو الأمر الطبيعي المعترف به لاحقًا في سلاسل النسب. وكأن الرب كان يُدخل شيئًا غريبًا إلى العالم، شخصًا لن يأتي من آدم، حتى لا يحمل الخطية ولا تلوث الإنسان، فيقدر هذا النسل الآتي من المرأة أن يخلص الإنسان. فكانت هذه أول نبوة غريبة نقرأها في البدايات، منذ السقوط، أنه سيأتي نسل مختلف، شخص مختلف. وسنكتشف بعد ذلك أن النبوات كانت توضح الأمر أكثر فأكثر. في البداية، لم يكن الأمر واضحًا تمامًا من هو نسل المرأة، لكن شيئًا فشيئًا، بدأ الأنبياء يتنبأون، وبدأت الصورة تتضح أكثر: متى سيأتي، وأين سيولد، وماذا سيحدث في حياته، فنجد تفاصيل تشرح حياته.

لماذا نعود إلى الخلفيات اليهودية؟

هذه التفاصيل نأتي بها من الخلفيات اليهودية. فما أهمية أن نرجع إليها؟ ولماذا نرجع إليها؟
هذا سؤال مهم، والكثير من الناس يسألونه أيضًا: “لماذا يذكر باستور رامز دائمًا الخلفيات في العظات؟ هل الكلمة ليست كافية؟”. لا، الكلمة كافية. الأمر أشبه بأننا لو كنا في بلد ليس لدينا فيه ثلج، ولا ينزل عندنا ثلج، وأقصى ما يصل إليه الشتاء مثلاً هو درجة حرارة لا تصل إلى السالب، فنحن لم نرَ الثلج. لو أن شخصًا في بلد به ثلج، ونحن لم نرَ الثلج أبدًا في بلدنا، لكي يوصل لنا الإحساس بالأمر، قد يجلس ويشرح كثيرًا بتفاصيل كثيرة لكي يجعلنا نعيش في جوه.

هكذا هي فائدة الخلفيات اليهودية. لماذا؟ لأن الذين كتبوا كلمة الله، الذين استخدمهم الرب، هم أناس من أصل يهودي. وهذا يجعلنا نعيش في جوهم، فنتذوق ونرى ما كانوا يرونه. أنا اليوم أنظر بنفس منظورهم. أنا أنظر إلى الميلاد، قد أنظر إليه على أنه قصة عادية، والأمر غير مترابط في ذهني كما كانوا يقرأونه هم.

الأمر يشبه تمامًا ما تفعله الخلفيات. أيام زمان، أيام التلفزيون القديم الأبيض والأسود، كان التلفزيون يعمل بالضرب، وعندما يحدث أي شيء في الإشارة، كنا نخبط على التلفزيون. كل ما كان يعرضه هو لونان: أبيض وأسود، وما بينهما من درجات الرمادي. اليوم، نسمع عن أشياء عالية الجودة (HD)، و(4K)، و(8K)، و(16K)، فنسمع عن أشياء عالية الجودة جدًا، وأصبح هناك ملايين الألوان. أنا في الماضي، كل ما كنت أقدر على رؤيته هو لونان فقط، أبيض وأسود، لم أكن أقدر أن أرى غير ذلك.

فالخلفيات كأنها تعطينا الألوان، هي التي تلون الصورة، فنقدر أن نرى المشهد أقرب إلى طبيعته أو حقيقته. إنها تجعلنا نعيش في جوهم. وهذا ما سنتحدث عنه في الميلاد، وكيف يمكننا أن نرى الألوان بوضوح ونحن بعد ٢٠٠٠ سنة تقريبًا من ميلاد الرب يسوع. كيف نقدر أن نقرأ هذه الأشياء كما كانوا يقرأونها هم؟ أنا لا أريد أن أقرأها اليوم بلغتي كشخص لديه كمبيوتر وإذاعات وتلفزيون، بل أريد أن أقرأها كما كانوا يقرأونها هم. كيف كانوا يرونها؟ وكيف كان الأمر ضخمًا لديهم؟

توقيت ميلاد يسوع: أبعد من مجرد تاريخ

رائع! نريد أن نبدأ القصة من بدايتها، من أول ميلاد يسوع. وهل وُلِدَ فعلاً في شهر يناير أو ديسمبر؟ وما الميعاد الذي وُلِدَ فيه؟ وما أهمية أن نفهم هذا أيضًا؟
هذه النقطة مهمة جدًا أن نتكلم عن الميعاد، وسنربطها لنرى ارتباطها بكلمة الله. الكلمة مترابطة، وسنرى أن حياة يسوع، وكل ما فيها، كانت تطبيقًا لنبوات وأعياد أعطاها الرب لشعبه. يعني، يسوع مات في عيد معين، وقام في عيد معين، ووُلِدَ في عيد معين. فالموضوع لم يكن يحدث بطريقة عشوائية.

لكن بالنسبة لنا، لا يهم الاحتفال، سواء احتفلنا كشرقيين في ٧ يناير، أو كغربيين في ٢٥ ديسمبر، القصة لا تفرق. الكتاب لم يقل بوضوح متى وُلِدَ يسوع، ولن نجد آية لو بحثنا في الكتاب تقول بوضوح إن يسوع وُلِدَ في اليوم الفلاني في التاريخ الفلاني، لن نجد هذه الأشياء بوضوح. لكن لا يهم. أي يوم لو قدسناه ككنيسة وقلنا: “خلاص، هذا سيصير يومًا نحتفل فيه بميلاد الرب يسوع”، آمين، ليكن هذا. الطبيعي أن حياتنا نعيشها داخل هذا الاحتفال. لكننا نتحدث في هذا الأمر لنفهم ارتباطه بالكلمة. لكن ليس خطأ أن نحتفل سواء في ديسمبر أو يناير. لكن كتابيًا، يسوع لم يولد لا في ديسمبر ولا في يناير، بل بعيدًا عن حقبة ديسمبر ويناير.

نعم، كان باستور قد ذكر فعلاً أنه قد يكون في مارس.
نعم، سنتكلم في هذا الأمر أكثر ونشرح معناه. هناك أناس أيضًا يقولون إن يسوع قد يكون وُلِدَ في شهر سبتمبر، أي شهر ٩، على أساس عيد المظال، لأننا قلنا إن حياة يسوع مرتبطة بالأعياد اليهودية. وعيد المظال يقع أحيانًا في شهر سبتمبر أو أكتوبر، في هذه الفترة. لكن في الحقيقة، لا يمكن أن يكون يسوع قد وُلِدَ في شهر سبتمبر، على الرغم من أنه عيد المظال، لسبب معين.

إن عيد المظال كان من ضمن الأعياد لدى اليهود التي تسمى “ريجاليم”، أي التي يذهبون إليها سيرًا على الأقدام إلى أورشليم. كان يجب أن يتواجد جميع الذكور، فالرب قال لهم: “ثلاث مرات في السنة تعيّدون لي، ويظهر ذكوركم أمامي”. فكان يجب على كل الرجال في إسرائيل أن يذهبوا إلى أورشليم في ذلك الوقت. كان هذا واحدًا من ضمن ثلاثة أعياد. سنجد هذا الكلام موجودًا في سفر الخروج ٢٣.

  • أول عيد يتواجدون فيه هو عيد الفطير، وكان يأتي بعد الفصح، ومعاده تقريبًا بين شهري مارس وأبريل.
  • ثم بعد ذلك عيد الحصاد، أو اسمه عيد الخمسين، الذي نقرأ عنه في يوم الخمسين. هذا هو الوقت الذي نزل فيه الروح القدس على الأرض، وكان عيدًا عند اليهود، ولهذا كانوا مجتمعين، وهو عيد الحصاد أو الأسابيع.
  • ثم ثالث عيد هو عيد جمع الحصاد، أو هو عيد المظال.

فلو قلنا إن يسوع وُلِدَ في وقت عيد المظال، أي شهر سبتمبر، فهذا يساوي أن يوسف لم يكن موجودًا في ذلك الوقت، إذ كان يجب أن يكون في أورشليم، وإلا لكان مخالفًا للشريعة. ولهذا السبب، من المستبعد أن يكون يسوع قد وُلِدَ في ذلك الوقت، وإلا فإن يوسف لن يكون موجودًا في ذلك التوقيت.

إذًا، لو أردنا أن نحدد الوقت الذي وُلِدَ فيه يسوع تحديدًا؟
تحديدًا، حسب كلمة الله، كتوقيت زمني كسنوات، يسوع أيضًا لم يولد سنة صفر ميلادية. هناك أناس يعتقدون أنه بما أن هناك “قبل الميلاد” و”بعد الميلاد”، فإنه هو الفاصل بين ما قبل وما بعد. يسوع فعل ذلك فعليًا، لكن مجيئه داخل الزمن لم يكن في سنة صفر. لا توجد سنة اسمها “صفر ميلادية”. يعني، لدينا ١ قبل الميلاد، والسنة التي تليها مباشرة هي ١ ميلادية، لا توجد سنة صفرية.

يسوع، حسب الحسابات، لو رجعنا مثلاً ورأينا هيرودس الذي أمر بقتل الأطفال ثم مات، وحسابات وجود ولاة مثل أغسطس قيصر، يمكننا أن نصل إلى أن يسوع وُلِدَ قبل الميلاد، في فترة ما بين سنة ٦ قبل الميلاد وسنة ٤ أو ٣ قبل الميلاد. هذه هي الحقبة التي وُلِدَ فيها يسوع.

أما زمنيًا، أي في أي الشهور، فهذا ما سنراه معًا. فكر البعض، كما قلنا، أن يسوع وُلِدَ في الشتاء، أي ديسمبر ويناير، كما يحتفل الناس. لكن في الحقيقة، حكى الكتاب عن الرعاة وقال هكذا في الوقت الذي وُلِدَ فيه يسوع، في إنجيل لوقا الإصحاح الثاني، عدد ٨: ٨ وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ…”. “مُتَبَدِّينَ” تعني أنهم كانوا يقيمون في الحقول، يرعون أغنامهم ويبيتون في المكان. “…يَحْرُصُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ. أي أن هؤلاء الناس كانوا خارجين، ليسوا مجرد رعاة لديهم أغنام يدخلونها ويخرجونها صباحًا للرعي ثم يعودون بها إلى حظائرهم. لا، هؤلاء كانوا في الخلاء، في أماكن بها حقول، وكانوا يقيمون هناك.

وليس هذا فقط، بل كانوا أيضًا يعملون في ورديات: يَحْرُصُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ. وكلمة “يحرصون” هنا فيها تدقيق في الموضوع. وهذا سيفهمنا شيئًا سيشرحه باستور رامز لاحقًا: ماذا كان يفعل هؤلاء الناس؟ ولماذا ظهر لهم الملاك هم بالذات؟ “…عَلَى رَعِيَّتِهِمْ.

عندما نرجع إلى كتابات اليهود في ذلك الوقت، ونتكلم عن هذا الجزء، نجد أنه لم يكن من الممكن لأحد أن يرعى في ذلك الوقت. الجو لم يكن مناسبًا، خاصة في منطقة أورشليم أو منطقة بيت لحم، فالجو في الشتاء شديد، ولا يمكن لأحد أن يرعى في ذلك الوقت أو يخرج أغنامه لفترة طويلة.

لا يمكنه أن يقضي وقتًا طويلاً أو يخرج أغنامه في ذلك الوقت لفترة طويلة. من الطبيعي أن يكون للأغنام حظائر. فلو أن شخصًا الآن، بلغتنا في مصر، لو أن الجو بارد جدًا، وشخص مثلاً في الصعيد أو في أماكن معينة يربي أي حيوانات، فإنه يضعها في مكانها ويغلق عليها، لأن الحيوانات ستتأثر بالبرد.

لكن هنا، قال الكتاب إنهم كانوا في الخارج، والجو كان واضحًا أنه معتدل ومناسب. ولهذا السبب، استطاعوا أن يخرجوا ويبيتوا أيضًا في الخارج ويحرصوا حراساتهم. وهذا يؤكد، وهو واحد من ضمن الأشياء التي تؤكد، أنه لم يكن هناك شتاء قارس أو أمطار غزيرة تمنعهم من الجلوس والمبيت والسهر، لأنهم لم تكن لديهم بيوت في الخارج.

هذا يؤكد أن الجو في ذلك الوقت كان معتدلاً. والموسم في ذلك الوقت هو موسم ما بين شهري مارس وأبريل. هذا هو الوقت الذي وُلِدَ فيه الرب يسوع. هذه هي الحقبة التي فيها بداية السنة. بداية السنة اليهودية تبدأ في ذلك الوقت. السنة اليهودية لها بدايتان: هناك “روش هاشناه”، وهي بداية تاريخية، وهناك بداية روحية للسنة. قال لهم الرب في سفر الخروج: “هذَا يَكُونُ لَكُمْ رَأْسَ الشُّهُورِ”، وهو شهر أبيب قديمًا، أو نيسان حاليًا.

١ نيسان هو البداية. هذه هي الفترة التي تبدأ من شهر مارس وتستمر إلى شهر أبريل. هذه هي الفترة التي توافق فصل الربيع عندنا، وهي بداية أن الطبيعة تبدأ، والحقول، والجو المعتدل، والزهور تبدأ في الظهور بألوانها ورائحتها. فهذا هو الموسم بشكل عام.

وهذا أيضًا هو الموسم لديهم، عندما ندرس عنهم، الذي كان الرعاة يخرجون فيه، فهو أفضل موسم للخروج. وهو مرتبط أيضًا بأن الأغنام تلد في ذلك الوقت. الأغنام ليست كالبشر. الشخص يمكن أن يولد في أي وقت، في أي شهر من الشهور. لكن الأغنام، تحديدًا، لها شهر معين، وهو ما بين مارس وأبريل. هذا هو موسم التزاوج والولادة لديها. قد تحدث ولادات خارج هذا الشهر، لكن هذا هو الموسم الرئيسي.

هل هذا هو الوقت الذي تكون فيه الحملان جيدة وبصحة جيدة، أم هو الوقت الذي تولد فيه فعلاً؟
هذا هو وقت ولادتها، بالإضافة إلى الحراسات. سنعرف الآن لماذا كانوا يقومون بهذه الحراسات في ذلك الوقت.

لماذا اختار الملاك الرعاة؟

هذا كان واضحًا أنه أحد الأسباب التي جعلت الملائكة تختار الرعاة. لماذا اختار الرب أن تذهب الملائكة لهؤلاء الرعاة بالذات، وليس لأي شخص آخر؟
القصة كلها سنجد فيها عناية في كل شيء: اختيار يوسف، اختيار مريم، اختيار بيت لحم، اختيار الناس الذين قابلوا يسوع في الهيكل، اختيار المجوس الذين هم من الأمم، اختيار الرعاة الذين هم من اليهود. يعني، كل شيء تم بدقة غير عادية. هذا ما سنكتشفه ونحن نتحدث، أن الأمر لم يكن… نحن بالنسبة لنا نحكيه كقصة، وأناس ظهروا، وأناس… آه، مثل شخص وُلِدَ فجاء أناس لزيارته. لا، الأمر له ارتباطات، وسنجد القصة متشعبة ومتشابكة جدًا. انظر كم أن الكلمة صادقة، وكل شيء قاله الرب كنبوة كان له معنى وجاء ليتحقق بالضبط.

لدرجة أن شخصًا جالسًا في قصره مثل أغسطس قيصر، الذي كان الحاكم في ذلك الوقت، وكانت منطقة اليهودية خاضعة لروما، ليس له علاقة بأي شيء، لكنه تحرك ليصدر أمرًا بحدوث اكتتاب. قال: “يا جماعة، كل واحد…”، هو بالنسبة له كان يريد جمع الأموال، يريد جمع الضرائب، فقال: “كل واحد يرجع إلى بلده الذي وُلِدَ فيه، مسقط رأسه أو الذي فيه عائلته، ليكتتب”. هذا الأمر هو ما جعل يوسف ومريم يتحركان إلى المكان الذي تنبأ به شخص في يوم من الأيام، نبي اسمه ميخا، وقال: ٢وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ…” ميخا ٥: ٢، وركز وقال “بيت لحم أفراتة”، لأنه كانت هناك بيت لحم أخرى في منطقة ثانية. حددها بالضبط، وقال إن منها سيخرج الشخص الذي سيرعى شعبه. وهذا الشخص أيضًا، وهو يتنبأ، قال إنه سيولد، سيخرج منك، لكنه أيضًا خارج الزمن، مخارجه منذ القديم، منذ الأزل.

فنكتشف أنه كان هناك تحريك. أنا أتخيل العذراء مريم وهي جالسة تفكر. كانوا يسكنون في الناصرة. أتخيلها وهي في فترات الحمل، حتى وهي تقترب من الشهر التاسع، تفكر: “طيب، ما الذي سيأخذنا… حسب النبوات، الطفل سيولد في بيت لحم، في منطقة أورشليم. ما الذي سيأخذنا إلى هناك؟ كيف سنذهب إلى هناك؟”. وفي ذلك الوقت، يحدث أن أغسطس قيصر، الذي كما قلت، بالنسبة له يريد جمع الأموال والضرائب، يصدر أمرًا محددًا بأن كل البلاد والمقاطعات الخاضعة للمملكة الرومانية يجب أن تكتتب، لا أحد مستثنى.

كانت كل الأمور فعلاً، كان الروح القدس يهيئها لتتحقق كل نبوة قيلت، ليست مجرد نبوات تُقال وانتهى الأمر، لكنها ستتحقق بالضبط.
نعم، مضبوط. أعود إلى الرعاة تحديدًا. قلنا إن الحقبة التي وُلِدَ فيها يسوع هي حقبة شهر مارس، حسب الكلمة. وسنكتشف أشياء أخرى من الكلمة تؤكد أن هذا هو الوقت الذي وُلِدَ فيه يسوع. قد يكون الأمر صادمًا للمشاهدين، لكن كما قلت، التوقيت ليس فارقًا في احتفالك بميلاد يسوع. لكن دعونا نتحدث حسب ما تقوله الكلمة.

لماذا ذهبت الملائكة إلى الرعاة تحديدًا وظهرت لهم وكلمتهم؟

أحيانًا نعتقد أيضًا أن هؤلاء الرعاة كانوا أناسًا بسطاء جدًا ليس لديهم أي خلفية، وجلسوا في حالهم، فجاءهم الرب. لا، هؤلاء الناس كانوا جالسين ينتظرون المسيح، كانوا متوقعين. هؤلاء الرعاة كانوا من اللاويين أساسًا، كانوا من فئة اللاويين. وكانت حملان الغنم في ذلك الوقت، التي يربيها الرعاة، هي نفسها الحملان التي كانت ستذهب لتُقدم بعد ١٤ يومًا في الهيكل في عيد الفصح. خلاص، عيد الفصح كان أمامه أسبوعان وسيدخل.

فنفس هذه الحملان، ولهذا السبب، من الواضح أنهم كانوا من فئة اللاويين الذين يقومون بفحص الذبيحة. لو أن حملًا من الحملان التي يعتنون بها وقع أو كُسِر، فإنه لا يصلح لتقديمه كذبيحة. لو جُرح، لا يصلح لتقديمه كذبيحة، خلاص، صار فيه عيب، حسب سفر الخروج الإصحاح ١٢.

كانوا يفهمون هذا جيدًا. ولهذا السبب، عندما يؤكد الكتاب أنهم يَحْرُصُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ، فهذا يعني أنهم كانوا يقومون بالأمر بتدقيق شديد مع الحملان، لا يمكن أن يحدث لها شيء. ليس مجرد أنهم يعتنون بالحملان وانتهى الأمر، لكن كان هناك بعد أبعد، وهو أنهم كانوا أناسًا يفهمون الكلمة. كما أنهم من فئة اللاويين الذين يفهمون الكلمة ويتعاملون مع الهيكل. هذه الحملان كانت تُربى في بيت لحم، التي بينها وبين أورشليم ما يقرب من ٩ كيلومترات. فنفس هذه الحملان كانت ستُؤخذ لتقدم في عيد الفصح في الهيكل.

لهذا السبب، عندما ظهرت لهم الملائكة، قالت لهم شيئًا غريبًا. قالت لهم: “سنعطيكم علامة لتعرفوا بها هذا الصبي”. يمكننا أن نقرأ هذا من إنجيل لوقا، في إنجيل لوقا الإصحاح الثاني، وعدد ٨ الذي كنا نقرأه: ٨ وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُصُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ. ٩ وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. ١٠ فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: ١١ أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ… مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ” لوقا ٢: ٨-١١.

ثم قال لهم: “طيب، كيف ستعرفونه؟”. تخيل لو أن الرعاة جلسوا يبحثون في بيت لحم، صحيح أنها ليست كبيرة جدًا، لكن لا يزال من الوارد أن يكون هناك أطفال وُلِدوا في ذلك الوقت، فكيف سيعرفونه؟ قال لهم: ١٢ وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ…” لوقا ٢: ١٢. “سأعطيكم علامة أنتم تعرفون بها هذا المولود الذي هو المسيح”. هم يفهمون “المسيح”، أي الشخص الموعود به الذي سيأتي من نسل داود. قال لهم: “…تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ” لوقا ٢: ١٢.

التقميط هو لف الطفل بشرائط (strips)، وهي عبارة عن أشرطة تُلف على الطفل عندما يولد. هذا هو التقميط، ليس مجرد لفة عادية. هو ليس ملفوفًا في بطانية أو شيء من هذا القبيل، بل هي عبارة عن أشرطة معينة تُلف حول الطفل. هذه هي نفس الأشرطة التي كانت تُلف حول الحملان التي وُلِدَت لتوها. ولهذا السبب قلنا إن نفس موسم شهر مارس، وهو وقت بداية السنة اليهودية ووقت عيد الفصح، هو نفس الموسم الذي وُلِدَت فيه الأغنام الصغيرة.

فحفاظًا عليها، عندما تولد، كانوا يلفونها بسرعة، خاصة حول مفاصلها، لأن الحمل وهو مولود حديثًا لا يكون قادرًا على سند رجله، ومن الوارد أن يقع أو يُخدش أو يُجرح، فتُلف هذه الأماكن. ولهذا السبب، كلمتهم الملائكة باللغة التي يفهمونها: “أنتم تنتظرون الحملان، الحملان التي تربونها هذه، والتي ستذهبون لتقدموها كفصح، تعالوا لأكلمكم الآن عن الحمل الحقيقي للكتاب، خروف الفصح الأساسي الذي تعرفون عنه في خروج ١٢. تعالوا لأكلمكم عن الحقيقي الذي جاء الآن”.

نعم، كان باستور قد شرح نقطة مهمة جدًا في هذا الجزء. هؤلاء الناس كانوا من ضمن الذين يجلسون يفحصون ويمحصون الحمل ليتأكدوا أنه بلا عيب. وعندما ذهبوا إلى يسوع، هم أيضًا لم يروه فقط، بل فحصوا يسوع، وتأكدوا أنه هو الحمل فعلاً، وأنه كطفل مولود ليس به أي عيوب جسدية في جسمه. فالملاك كان يكلمهم بما يفهمونه هم شخصيًا. هو عرف كيف يجد لديهم مادة يكلمهم من خلالها.

هم كانوا في انتظار هذا. فكل من كانوا في الميلاد كانوا في حالة ترقب. في ذلك الوقت، كانت هناك نبوات كثيرة، ليس فقط نبوات العهد القديم، بل كان هناك شعور بأن المسيح سيأتي قريبًا، والوقت قد اقترب، لأن دانيال كان قد تنبأ. الجو كان مجهزًا. في أيامنا الحالية، هناك حديث أن يسوع سيأتي قريبًا، فالكلام كثير جدًا عن اقتراب مجيء يسوع الثاني. في وقتهم هم، كان هناك كلام كثير عن أن المسيح على وشك الوصول، والأرض تُجهز، وشيء ما سيحدث في الأرض في ذلك الوقت. هؤلاء كانوا من ضمن الناس الذين كانوا في وضعية انتظار، كانوا فاهمين، لأنهم كانوا يتعاملون مع الذبيحة، مع الحملان، مع الأشياء التي ستُقدم في الهيكل.

فمن هنا، نقدر أن نرى أن غرض الميلاد منذ البداية هو أن هذا الطفل الذي وُلِدَ، وُلِدَ ليموت، وُلِدَ ليُذبح. فكم أن الله منذ البداية يكلمنا عن ميلاد يسوع، الذي هو وقت فرحة لنا، لكنه مولود كخروف الفصح. لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا” كورنثوس الأولى ٥: ٧. هو مولود ليموت من أجلنا.

هو جاء وهو يعرف ماذا سيفعل. أريد أن أقول إن الغرض موجود حتى ضمن الميلاد. فبينما نحتفل بالميلاد، كما قلت، هو احتفال مستمر طوال الوقت، وأنا أرى الغرض من هذا الشخص. يعني، لن أفرح الآن وأنتظر القيامة… يعني، الآن نعايد فقط لأنه عيد وشخص وُلِدَ. نحن طوال الوقت نعايد. هناك أناس يفرحون في الميلاد، ويحزنون في الصلب، ويفرحون في القيامة. يعني، المفروض أننا نعيد بما عمله يسوع، ليس فقط لأنه وُلِدَ، بل لأنه جاء وهو مولود بالهدف الأساسي، وهو أن يموت من أجل الناس، ليبدأ في إعطاء حياة الله المتاحة للبشر. يقول الكتاب إنه اشترك معنا في اللحم والدم، لنقدر نحن أن نخرج من حيز الموت ونقدر أن نشترك في ألوهيته. هذا ما يريده الله، وهذا هو الغرض منذ بداية الميلاد. الموضوع ليس احتفالاً بطفل وُلِدَ.

غالبًا، لو أن شخصًا لديه ابن، فإنه يحتفل بعيد ميلاده، وكل القصة تكمن في أنه قد مر عام وزاد في عمره، وأصبح عمره الآن خمس سنوات، ست سنوات، سبع سنوات. أما يسوع، فالاحتفالية بالنسبة للرعاة، كانوا فاهمين أن هذا هو الحمل، هذا الطفل وُلِدَ ليموت. لدى المجوس، سنرى شيئًا آخر، كَمَلِك. هم يتعاملون معه كملك، ولهذا السبب، النجم الذي ظهر لهم، فهموا أن هناك ملكًا وُلِدَ في ذلك الوقت، وظهرت لهم أشياء أخرى فهموا منها أنه في منطقة اليهودية.

فنرجع إلى الرعاة. الرعاة فاهمون معنى أن يكون طفل “مقمطًا”. ولهذا قال لهم: “هذه علامة”. ما معنى “علامة”؟ لا يمكن للملاك أن يعطيهم علامة موجودة في أي مكان. يعني، لا يمكن أن أقول لشخص: “اذهب وابحث عن طفل مثلاً يلبس لبسًا معينًا أو موضوع في بطانية معينة”، فقد يجد الكثيرين. لكنه قال لهم: “هذه لكم العلامة”، ستجدون هذا تحديدًا، وهو ما يفهمونه في فكرة تقميط الحملان.

من أين جاءت مريم ويوسف بهذه الأقمشة أو الأشياء التي استخدموها؟
هناك احتمالية كبيرة أن الأشياء التي أحضروها، الأقمشة أو الشرائط (strips) التي لُف بها الرب يسوع، كانت من الهيكل. فملابس الكهنة ورئيس الكهنة، من الطبيعي أنها مع الوقت تبلى. هذه الملابس كانت مقدسة، دخلت الهيكل، ولا يمكن استخدامها في أي استخدام آخر، فهي أشياء صارت مقدسة. فعندما كانت تبلى ثياب الكهنة التي يخدمون بها، كانت قطع منها تُستخدم أولاً في المنارة، لتكوين فتيل المنارة الذي ينير.

ومن الوارد جدًا، لا ننسى أن مريم قبل ذلك كانت عند أليصابات أول ما عرفت بحملها، فتحركت بسرعة إلى أليصابات. من الوارد جدًا أن يكون زكريا… أليصابات ومريم ويوسف من سبط يهوذا، بعيدًا عن السبط الكهنوتي. من الوارد جدًا أن يكون زكريا، الذي هو كاهن من سبط لاوي، قد أعطى مريم هذه الأشياء، أعطاها هذه القطع، فتم استخدامها في الوقت الذي وُلِدَ فيه يسوع.

لم يكن هذا فقط ما يتم وقت الولادة، لكن كان يحدث شيء آخر، وهو أن الطفل يُغسل بماء وملح. هذا موجود في سفر حزقيال، وسنعرف ما فائدة ذلك. حزقيال ١٦، عدد ٤، يقول هكذا، وكان يتكلم عن شعب إسرائيل: ٤ وَأَمَّا مِيلاَدُكِ يَوْمَ وُلِدْتِ، فَلَمْ تُقْطَعْ سُرَّتُكِ، وَلَمْ تُغْسَلِي بِالْمَاءِ لِلتَّنَظُّفِ، وَلَمْ تُمَلَّحِي تَمْلِيحًا…” حزقيال ١٦: ٤. كانوا يفعلون ذلك مع الأطفال عندما يولدون، أن يُوضع عليهم الملح.

هو هنا في هذا الشاهد يتكلم عن من؟
هنا في هذا الشاهد كان يتكلم عن إسرائيل. فكان يقول لهم عن حالتهم: “أنتم لم يُفعل لكم أبسط الأشياء التي تُفعل لأي طفل، أي رضيع يولد”. وسيتكلم عن التقميط أيضًا في هذا الشاهد: “…وَلَمْ تُقَمَّطِي تَقْمِيطًا” حزقيال ١6: ٤. التقميط كان يتم. والذين لم يكن يحدث معهم ذلك كانوا أولادًا غير شرعيين. فالرب كان يقول لهم: “أنا وجدكم ورأيتكم رغم أنكم كنتم في حالة مزرية”. فكان هذا هو الأساسي الذي يحدث مع كل الناس، ولم يحدث مع هذا الشعب.

فيسوع لم يتم تقميطه فقط، وهو ما يرينا خروف الفصح الذي سيُذبح، هو الفصح الحقيقي الذي يقدمه الرب للعالم ليموت من أجل العالم، لكنه أيضًا تم تمليحه. ما قصة الملح؟ الملح مرتبط أيضًا بخروف الفصح، الملح مرتبط بالذبائح. مثلاً، نقرأ في لاويين ٢: ١٣، الملح له ارتباط مهم بالذبائح. يقول هكذا في لاويين، الرب يقول للشعب: ١٣ وَكُلُّ قُرْبَانٍ مِنْ تَقَادِمِكَ بِالْمِلْحِ تُمَلِّحُهُ…” لاويين ٢: ١٣.

إذًا، أي شيء أنت تأتي به كقربان، أي أنك ستقترب من خلال هذا الشيء، الذبيحة التي تأتي لتقدمها، “انتبه، وأنت تقرب هذه الذبيحة، يجب أن تضع فيها ملحًا”. فالملح كان له ارتباط بالذبيحة. “…وَلاَ تُخْلِ تَقْدِمَتَكَ مِنْ مِلْحِ عَهْدِ إِلهِكَ…” لاويين ٢: ١٣). إذًا، الملح له علاقة بالعهد. فالرب يقول له: “أنت تأتي لتقترب، تأتي لتتعامل معي، ضع الملح”. سنفهم أكثر ما هو هذا الملح. “…عَلَى جَمِيعِ قَرَابِينِكَ تُقَرِّبُ مِلْحًا” لاويين ٢: ١٣.

فالذبيحة كانت تُملح. فكون يسوع تم تمليحه، فهذا يعني أن هذا الشخص… نحن نرى إثباتات تلو إثباتات أنه مُجهز، وُلِدَ في الوقت الذي فيه هذا العيد، وهو مُجهز ليكون هو الذبيحة.

كما أنه في سفر العدد، الإصحاح ١٨، وعدد ١٩، يقول هكذا: ١٩ جَمِيعُ رَفَائِعِ الأَقْدَاسِ الَّتِي يَرْفَعُهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلرَّبِّ أَعْطَيْتُهَا لَكَ وَلِبَنِيكَ وَبَنَاتِكَ مَعَكَ حَقًّا دَهْرِيًّا. مِيثَاقَ مِلْحٍ…” عدد ١٨: ١٩. ليس فقط الملح له علاقة بالذبائح، بل الملح له علاقة بالعهد. قالها في الآية السابقة في لاويين ٢، إن له علاقة بالعهد. “…دَهْرِيًّا أَمَامَ الرَّبِّ لَكَ وَلِزَرْعِكَ” عدد ١٨: ١٩. إذًا، الملح كان علامة على: “يا هارون، أنا ملتزم بك، أنا ملتزم بكل عائلتك”.

فكون يسوع يُملح، فالله يقول للعالم: “أنا ملتزم بهذا العالم، أنا ملتزم بأن أخلصه”. الملح من ضمن الأشياء التي تدوم، لا يفسد إلا في حالات بسيطة. الرب يسوع عندما قال: “إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ”، كان يتكلم عن فعاليته، لكن غالبًا الملح لا يفسد. الملح لو بقي سنين طويلة لا يفسد، إلا في حالات بسيطة جدًا، يجب أن يتعرض لأشياء معينة ليبدأ في الفساد. فالرب يسوع عندما قال: “إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ”، كان يتكلم عن فعالية الملح، أنه فقد فعاليته، وليس أنه فسد بمعنى “بَاظَ”. لا، هو فقد فعاليته، فقد ملوحته، ولهذا قال مرة: “فقد ملوحته، فبماذا يُملح؟”.

فهنا الرب يقول، كون يسوع تم هذا فيه، فهذا هو الملح الموضوع على الذبيحة، هذا هو الحمل. ولهذا السبب، مُلِحَ يسوع بالملح. وفي نفس الوقت، الله يقول: “هذا هو العهد الذي قطعته زمانًا مع إبراهيم، أنا ملتزم بهذا العالم، أنا ملتزم بأن أخلص هذا العالم، أنا ملتزم بأن أقدم الشخص الذي سيكفر عن العالم، وهو يسوع كالذبيحة”.

وليس هذا فقط، فالملاك عندما ظهر لهم، قال لهم إن هذا الذي سيولد في مدينة داود. داود يذكرنا بالشخص الذي قال له الرب: “أنت من نسلك سيأتي الذي سيجلس على كرسيك للأبد”. في سفر أخبار الأيام الثاني ١٣: ٥، نقرأ عن ارتباط الملح بداود: ٥ أَمَا لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَنَّ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ أَعْطَى الْمُلْكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ لِدَاوُدَ إِلَى الأَبَدِ، وَلِبَنِيهِ بِعَهْدِ مِلْحٍ؟” (أخبار الأيام الثاني ١٣: ٥). الرب عمل عهدًا مع داود وقال له: “أنت ستأخذ الكرسي، أنت ستأخذ السلطان، ليس أنت فقط، بل أنت وكل نسلك”. ولهذا السبب، متى عندما بدأ يتكلم عن يسوع، ربطه بداود. هذا هو الوريث الشرعي، هذا الذي جاء من نسل داود، هذا الذي يسير في الطريق الصحيح. لماذا؟ لأن هيرودس في ذلك الوقت، الذي كان يسيطر على اليهودية، لم يكن شرعيًا، بل كان من نسل عيسو، كان أساسًا خارج هذا الشعب، ولهذا كان متخوفًا ومرعوبًا على مُلكه وسلطانه.

…أباح عن نفسه للبشر، ظهر في العالم، هو هذا يسوع. فيقول: “لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ”. الناس الجالسون الذين لا يفهمون شيئًا، الناس الجالسون في الظلام، جاء ليشرق هذا النور عليهم. يسوع هو هذا الإشراق، هو النور الظاهر. لهذا السبب، استطاع أن يُخرج الناس الذين يعيشون داخل ظلال الموت. معنى “ظلال الموت” هو كل من هو متأثر بالموت؛ فالظل ليس هو الشيء الأصلي، لكنه هنا يتكلم عن الشخص الجالس في المكان المتأثر بالموت، أي الموت وأفعال الموت. “لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ”. لفظ “شالوم” في العهد القديم – لا تنسَ أن هذا يهودي يتكلم باللغة العبرية في ذلك الوقت، وأحيانًا يتكلم الآرامية – لكن كلمة “شالوم” لها وقعها عندهم، فهي تشمل كل معاني الخلاص.

يسوع جاء ليُخرج الناس من الظلمة. هنا في حياتنا، نقدر أن نعيش هذا. هنا في حياتنا، كما جاء في عدد ٧٥، نقدر أن نعيش جميع أيام حياتنا هنا على الأرض. كيف؟ منقذين، في حالة رائعة، لسنا مُؤرَّقين، لسنا متعبين. أرواح الشر ليس لها سلطان عليك لو فهمت هذا.

أريد أن أقف عند كلمة “لِيُضِيءَ”. يسوع جاء إلى الأرض، هو الكاشف، هو الإضاءة شخصيًا. يحتار الناس دائمًا في ترجمة كلمة “ليضيء”. على سبيل المثال، افتح معي رسالة تيموثاوس الثانية، الإصحاح الأول، وعدد ١٠، يقول: ١٠ وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ…”. للدقة، هي “الحياة ظهرت للنور”، فهو يستخدم نفس اللفظ “…وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ” (تيموثاوس الثانية ١: ١٠). معنى هذا أن ما يضيء قد ظهر الآن.

دعونا نرى أكثر ما معنى “الإضاءة” في الكتاب المقدس، ما قصة الإضاءة؟ حالة الإضاءة هي حالة الاستعلان. إن كنت تبحث عن استعلان أو معجزة في حياتك، فهذا يحتاج أن تسير مع يسوع الذي يستعلن هذا الأمر في حياتك. لكن دعني أفرق لك بين أمرين: إذا كان النور نفسه هو استعلان الحق، هو النور نفسه، فأنت لا تحتاج أكثر من النور نفسه.

تخيل معي أنك في مكان مظلم، “شَعْبٌ جَالِسٌ فِي ظُلْمَةٍ”، شخص جالس في ظلمة، حياته مليئة بالحيرة والتساؤلات. لو جاء شخص في هذه الظلمة وقال لك: “أنا معي مصباح يدوي (torch)، أنا معي بطارية”، فالموضوع قد حُل. أنت تعرف ضمنيًا أنك هكذا ستقدر أن ترى تفاصيل الغرفة التي أنت فيها، لأن الإضاءة هي الحل.

تخيل معي أنني لم أعطِك النور الخارج من البطارية أو المصباح هذا، بل أعطيتك المصباح نفسه. المستوى الذي كان يتكلم به يوحنا وزكريا كان مستوى “ليضيء”، لكن جاء مستوى مختلف تكلم به بولس، إذ يقول إن يسوع نفسه هو الإضاءة، وليس تأثير النور. بالتالي، هو “اللمبة” نفسها، هو (the Lamp) نفسه. لهذا السبب، دعونا نرى أكثر معنى هذه الكلمة، فهذا سيفرق معك كثيرًا لتصل إلى مرحلة تقول فيها: “طالما أن النور نفسه يسكن فيَّ، فالاستعلان حاصل”. فبدلًا من أن تبحث في موضوع الاستعلان (بين قوسين، ليس خطأ أن تفهم أن كل معجزة لها طريقة لتُخرجها إلى النور)، لكن أنت مسكون بهذا النور نفسه. أنت لست محتاجًا أن يضيء الرب بوجهه عليك، فأنت في داخلك النور نفسه، أنت نفسك نور. الرب يسوع يقول: “لِيُضِئْ نُورُكُمْ”، وفي اللغة الأصلية تأتي بمعنى: “ليضئ نوركم بقوة هكذا قدام الناس”.

لدينا سؤال جاءنا من المشاهدين يتكلم عن الفصل بين “قبل الميلاد” و”بعد الميلاد” في حياة يسوع. لماذا فصل يسوع هذه الفصلة؟ أو لو قلنا إنه وُلِدَ قبل الميلاد، فلماذا حدثت هذه الفصلة أو كيف؟

كون يسوع وُلِدَ قبل الميلاد، فمن أين أتينا بارتباط “ميلاديًا” و”ما قبل الميلاد”؟ الشرح تاريخي بعض الشيء. لكن القصة كلها أن شخصًا جاء وأعاد الحسابات مرة أخرى، على ما أتذكر اسمه ديونيسيوس أو شيء من هذا القبيل. فأعاد الحسابات مرة أخرى وبدأ يضبط أن يسوع وُلِدَ في سنة ١ ميلاديًا، وعلى هذا الأساس بدأ يعمل “ما قبل الميلاد” و”ما بعد الميلاد”. لكن هو كتابيًا، يسوع وُلِدَ قبل الميلاد، أي قبل بداية سنة ١ ميلادية.

لكن هل قسم يسوع التاريخ فعلاً؟ نعم، فالتاريخ ما بعد يسوع انقلب بطريقة مختلفة تمامًا عما قبل مجيء يسوع، لكن ليس لدينا وقت لنحكي عن كل التفاصيل التي عملها يسوع فعليًا. وإن كان هذا التقويم بشريًا – لأنه كانت هناك عدة تقاويم، فقبل أن يمسك أغسطس قيصر، كان الذي قبله يوليوس قيصر قد عمل تقويمًا يوليانيًا، وكان هناك تقويم معمول قبله بسنين يخص روما منذ بداية تكوينها، فبدأوا يعملون تقويمًا يخصهم – ففي الآخر هو كله تقويم بشري. لكن عندما نرجع للحسابات الصحيحة، الحسابات الإلهية أو كما يحسبها اليهود، نكتشف أنه جاء في وقت مضبوط، وكأنه قسم التاريخ فعليًا. نعم، التاريخ كله. لكن حتى لا ندخل في تفاصيل أكثر في قصة الحسابات هذه، من أين جاءت وهكذا. وأيضًا الفرق بين ٢٥ ديسمبر و٧ يناير هو فرق في التوقيت.

يسوع وخروف الفصح: تحقيق النبوة

كنا نتحدث عن فكرة الحمل، ونريد أن نعرف ارتباط يسوع بخروف الفصح، وما العلاقة بينهما.
هذا الأمر مهم، لأنه كما قلنا، عندما كلم الملاك الرعاة، كلمهم بما يفهمونه وبما كانوا ينتظرونه: الحمل. حياة الرب يسوع كانت كلها نبوية، هي تطبيق لنبوات، ومرتبطة بأحداث نبوية. من الأشياء الواضحة لنا جدًا مثلاً، أن يسوع عندما صُلِبَ، صُلِبَ متى؟ صُلِبَ بالضبط في وقت عيد الفصح. ومات بالضبط في الوقت الذي كان الشخص يذبح فيه الخروف ويقول: “قد أُكمِل”. فاليهودي وهو يذبح خروف الفصح في ذلك الوقت كان يقول: “قد أُكمِل”، وهي نفس العبارة التي قالها الرب يسوع على الصليب.

فيسوع، كل حياته… يسوع عندما قام، قام متى؟ قام في عيد لدى اليهود اسمه “عيد الباكورة”. إذًا، الموضوع ليس صدفة أنه قام في ذلك الوقت. إذًا، نفهم أن هذه الأشياء وُضِعَت منذ الأساس لأنها إشارة إلى يسوع. وهكذا الروح القدس عندما جاء في يوم الخمسين الذي تكلمنا عنه قبل قليل، كان عيدًا من ضمن الأعياد. ببساطة، كان عيدًا. كانت الأعياد صُمِّمَت على يسوع قبل أن يأتي، وحياته كانت تطبيقًا لهذه الأعياد.

عندما نذهب مثلاً لنرى خروف الفصح في بداية الكلام عنه في خروج ١٢، عدد ٥، يقول الرب لموسى ما يجب أن يفعله ليُخرج الشعب، وهو هنا أيضًا يحكي عن قصة الخلاص. كما قال الرب لموسى: “اعمل هذا الحمل لتخلص الشعب، أنت ستفدي الشعب يا موسى، ويمكنهم أن يخرجوا من العبودية من أرض مصر”. فيقول عن الخروف: ٥ تَكُونُ لَكُمْ شَاةً صَحِيحَةً ذَكَرًا ابْنَ سَنَةٍ، تَأْخُذُونَهُ مِنَ الْخِرْفَانِ أَوْ مِنَ الْمَوَاعِزِ” خروج ١٢: ٥.

لو ركزنا هنا، سنجد أمرًا مهمًا. يقول لموسى إن الشاة التي ستذبحها في يوم الفصح، كان يجهزها من اليوم العاشر. يعني، من يوم ١٠ يبدأ في إحضار هذا الحمل ويظل يراقبه لمدة أربعة أيام، وفي اليوم الرابع يذبحه. كان يظل يراقبه ليرى هل ظهر فيه أي عيوب أو مشاكل، لأنه قال له: “صحيحة”، فلا يمكن أن يكون بها مشكلة أو عيب، لا يمكن أن تكون مكسورة أو بها خدوش.

لكنه قال شيئًا مهمًا: ابْنَ سَنَةٍ. يعني، لو أن موسى أو أي شخص من الشعب سيذبح خروف الفصح اليوم، وقد وصلنا إلى يوم ١٤ من شهر نيسان، فالمفروض أن عمر الخروف في ذلك الوقت هو سنة. هذا معناه أن الخروف وُلِدَ لو رجعنا سنة إلى الوراء.

منذ سنة. إذًا، وُلِدَ في نفس الميعاد.
نعم. من هنا، نقدر أن نفهم أن يسوع، نفس الميعاد الذي وُلِدَ فيه هو نفس الميعاد الذي مات فيه. يسوع مات متى؟ مات في الفصح. إذًا، يسوع، كما نرى التشابه والارتباط مع الخروف، وهذا ما قاله بولس: لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا” كورنثوس الأولى ٥: ٧. هذا كلام واضح في العهد الجديد. يسوع هو الذي شُبِّهَ بخروف الفصح. فخروف الفصح كان يولد في شهر نيسان، ليكون عمره سنة في السنة التالية ويُذبح في شهر نيسان كخروف فصح. يسوع بنفس الطريقة، وُلِدَ في نفس التوقيت ومات في نفس التوقيت.

هذه تربيطة رائعة من الرب تؤكد أن كلمته حية، وهي تطبيق لكل شيء.
هذا حقيقي. يسوع مات في العقد الرابع من حياته، وهو عنده ٣٣ سنة. ومجيئه، كما شرح باستور، جاء في اليوم الرابع بالنسبة لليهود (اليوم لديهم بألف سنة)، أي بعد ٤٠٠٠ سنة من آدم. وفعلاً، جاء يسوع بعد ٤٠٠٠ سنة من آدم. فنجد الارتباط وثيقًا بين الميلاد وما جاء الرعاة ليروه. هم لم يأتوا ليتفرجوا على شيء، بل أتوا ليفحصوا فعلاً هل هذا هو المخلص الآتي، هل هذا هو الحمل. فجاءوا ليروه بهذه الطريقة.

من هنا، نكتشف من خروف الفصح أن يسوع وُلِدَ في نفس الوقت الذي كان يولد فيه الحمل، في شهر مارس (نيسان)، ويصبح عمره سنة في عيد الفصح التالي. وهكذا يسوع، وُلِدَ في نفس التوقيت ومات في نفس التوقيت. لهذا السبب، لا يمكن أن تسقط كلمة واحدة. حياة يسوع لم تكن اعتباطية. في المرة التي وقف فيها يسوع، يقول الكتاب: “فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى بصوت عظيم”، وبدأ يتحدث عن الماء، وأن من يعطش فليأتِ. في ذلك الوقت، في ذلك العيد، كانت لديهم عادة أن يذهبوا ويأخذوا ماءً من بركة سلوام ويرشونه عند المذبح في الهيكل. فيسوع قال لهم: “الماء الذي تبحثون عنه هو أنا”. فيسوع، كل شيء عمله في حياته كان دقيقًا. بنفس الطريقة، نحن تطبيق لكل نبوة، ونقدر أن نعيش كل شيء قالته كلمة الله عنا، من بركات ونجاح، وأن نحصل على الأمور. ما هو الأساس الذي نقدر أن نعيش به؟ كلمة الله قالته. يسوع كان بنفس الطريقة، هو تطبيق لكل شيء حسب كلمة الله.

طرق أخرى لتحديد وقت الميلاد

واو. هناك طريقة أخرى من الطرق التي يمكن أن تساعدنا في الحساب. مثلاً، عندما نذهب إلى إنجيل لوقا، نكتشف أنه قبل ولادة يسوع بستة أشهر، أو قبل أن يبلغ الملاك مريم بستة أشهر، كانت قد حدثت قصة زكريا وأليصابات، وتلقيا البشارة بأنهما سينجبان ابنًا. من هذه الطريقة، نقدر أن نتتبع الحسابات أيضًا.

يقول الكتاب عن زكريا إنه كان من “فرقة أبيا”. وعندما نرجع إلى سفر أخبار الأيام الأول، الإصحاح ٢٤، نجد أن الفرق الكهنوتية كانت تُقسم وتخدم في السنة مرتين تقريبًا، وهي ٢٤ فرقة. فرقة أبيا كانت رقم ٨، وكانت تخدم في الأسبوع الثامن. في مخطوطات وادي قمران، تم اكتشاف مواعيد بداية خدمة هذه الفرق. ثم أخبرنا التلمود بعد ذلك أن الهيكل هُدِمَ سنة ٧٠ ميلاديًا، وذكر أسماء فرق الكهنة التي كانت تخدم في ذلك الوقت وتوقيتاتها. من هذه المعلومات الثلاث، دون الدخول في تفاصيل، نقدر أن نرجع بالزمن إلى الوراء، ونخصم الستة أشهر الخاصة بزكريا، فنعرف متى خدم، ثم نضيف ستة أشهر لنعرف متى كلم الملاك مريم، ثم نضيف تسعة أشهر للحمل، فنجد أنها تتطابق مع نفس ما تقوله الكلمة التي نحكي فيها.

واحد من آباء الكنيسة الأوائل في القرون الأولى، أعتقد اسمه هيبوليتوس، تكلم وقال إن يسوع وُلِدَ في شهر نيسان. قالها صراحة، وُلِدَ في شهر نيسان، أي بالنسبة لنا اليوم هو شهر مارس، أو أحيانًا يقع بين مارس وأبريل.

هناك شيء آخر مهم يمكن أن يؤكد لنا متى وُلِدَ يسوع. ما هو أكثر شيء يمكن أن يشير إلى يسوع ويجسده في العهد القديم؟ أكثر شيء هو “خيمة الاجتماع”. لهذا السبب، عندما يتكلم الكتاب في يوحنا ١، عدد ١٤، يقول: ١٤ وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا…” يوحنا ١: ١٤. كلمة “حلّ” في الأصل اليوناني تعني “نصب خيمته”. الله صار “عمانوئيل”، أي معنا، نصب خيمته بين البشر.

إذًا، أكثر شيء واضح يكلمنا عن التجسد هو خيمة الاجتماع. تعالوا نذهب لنرى متى بُنيت هذه الخيمة ومتى انتهت. بدأ العمل في خيمة الاجتماع في الشهر الثالث من خروجهم من أرض مصر، وانتهت بالضبط بعد تسعة أشهر. ومتى تم افتتاحها؟ في شهر نيسان، بداية السنة. هذا الكلام موجود في سفر الخروج، الإصحاح ٤٠. تفاصيل دقيقة، كلمة الله دقيقة جدًا. لا يوجد… كلما نظرنا إليها، نُذهل من مدى الدقة، لا توجد تفصيلة عابرة. كأنه شخص جلس بالضبط يختار البيت والديكور الخاص به، فلا يوجد لون عابر، ولا يوجد شيء ليس في مكانه.

في خروج ٤٠، عدد ١، يقول هكذا: ١ وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائلاً: ٢ «فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ…”. ما هو الشهر الأول؟ لو رجعنا إلى سفر الخروج، الإصحاح ١٢، عدد ٢، نكتشف أنه قال لهم إن شهر نيسان سيكون لكم هو أول شهور السنة. إذًا، الرب يقول لموسى: “…فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ، تُقِيمُ مَسْكَنَ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ»” خروج ٤٠: ٢. لو أردنا تفاصيل أكثر، لو ذهبنا إلى خروج ١٩، نكتشف أن العمل في الخيمة بدأ في الشهر الثالث من خروجهم، واكتمل في السنة الثانية في أول شهر، حسب خروج ٤٠.

من هنا، يتأكد لنا أن شهر نيسان لدى اليهود هو شهر البدايات الجديدة، لأنه كما قلنا، الطبيعة تبدأ تتفتح، فهو وقت الربيع. فهم كانوا يفهمون أن المسيح سيأتي في ذلك الوقت ليبدأ شيئًا جديدًا، يغير الشكل القديم ويمحوه ويبدأ شيئًا جديدًا. من هنا، نقدر أن نكتشف وقت ولادة يسوع. وكما قلت، التركيز ليس فقط على التاريخ، بل على هذه الحقبة، وكم أن حياة يسوع هي تتميم للنبوات.

وكما أننا اليوم نحيا في نبوات، وإن كان الأمر بهذه الدقة في ميلاده الأول، فكم يكون في مجيئه الثاني! إذا كنا نرى هذه الدقة في ميلاده، فأحيانًا يصاب الناس بحالة من الإحباط لأنه لا أحد يعرف متى سيأتي الرب يسوع. هناك من يتكاسل، وهناك من يقول: “كل شخص يقول إن يسوع سيأتي في وقت كذا ولم يأتِ”. “أَيْنَ هُوَ مَوْعِدُ مَجِيئِهِ؟” كما قال الرسول بطرس. إن اكتشفنا أن مجيئه الأول تم بدقة، فكم وكم مجيئه الثاني! لهذا السبب، هؤلاء الناس حضروا مجيء يسوع وتم إخبارهم. لم يتم إبلاغ كل الناس بمجيء يسوع. هكذا في المجيء الثاني، إن كنت في حالة استعداد، ستكون واحدًا من الناس الذين سيقدرون على اكتشاف ومعرفة ذلك. فلا تتجاوز الأمر.

كان هناك أناس كثيرون في اليهودية في ذلك الوقت، منهم رؤساء الكهنة. عندما جاء المجوس، استدعاهم هيرودس وقال لهم: “قولوا لي أين سيولد؟”، فأخرجوا له النبوات. للأسف، عرفوا أن يخرجوا النبي الصحيح والنبوة الصحيحة، لكنهم في الحقيقة لم يكونوا من ضمن الناس الذين يحتفلون بهذا، الفرحين بوجود المسيح في وسطهم. فكما كان مجيء يسوع الأول بهذه الدقة، هكذا سيكون مجيء يسوع الثاني. نحن الآن على وشك، على الأعتاب. كما قلت في البداية، في ذلك الوقت كانت هناك نبوات كثيرة بأن المسيح على أعتاب دخول الأرض. الآن، المسيح على أعتاب دخول الأرض مرة أخرى ليأخذ الناس الجاهزين، الناس الذين ينتظرون مجيئه ويحبونه. فلنكن في حالة صحيان.

نعم، حقيقي، تفاصيل دقيقة ومبهرة تجعل أعيننا لا تتجاوز كلمات الله مرور الكرام، ولا نقرأ العهد القديم ونرى أسماء فنتجاوزها ولا نقرأها، أو أسماء أو خيمة الاجتماع أو تفاصيل الذبائح. كم أشجع المشاهدين أن يسمعوا السلسلة الحالية التي يتكلم فيها باستور عن الذبائح، وكم الاستنارة التي تصل إلينا. باستور يشرح تفاصيل عن الذبائح كنا نتجاوزها ونقول: “هم كانوا يقدمون ذبائح، ما علاقتنا نحن؟”. نكتشف كم أن لها ارتباطًا بنا وبحاضرنا. لو لم نفهمها، ربما لن نفهم قصد الرب لنا. الله لا يكتب أي كلمة اعتباطًا أو يريد أن يملأ الكتاب بمجرد كلمات.

تتميم النبوات

سريعًا، في الوقت الذي جاء فيه الرب يسوع، كان الذي يسيطر هو أغسطس، الذي كان اسمه سابقًا أوكتافيان ثم غير اسمه إلى أغسطس قيصر. كان في قصره يحكم المملكة الرومانية التي كان اليهود خاضعين لها. كان هيرودس هو الحاكم، تم تعيينه حاكمًا على منطقة اليهودية في ذلك الوقت، جالسًا في قصره أيضًا. كان رؤساء الكهنة، كما يحكي الكتاب تفاصيل في إنجيل لوقا، جالسين في هيكلهم، لا أحد يدري شيئًا. لم يكن كل الناس يعرفون. تعداد السكان في ذلك الوقت كان تقريبًا ٢٥٠ مليون على مستوى العالم، لكن كما قلت قبل قليل، لم يتم إخبار كل الناس. المجوس عرفوا لأنهم كانوا مجهزين قلوبهم.

كان الكتاب يحكي عن عذراء مخطوبة، مريم، في ذلك الوقت كان عمرها تقريبًا… الفتاة في اليهودية في ذلك الوقت كانت تُخطب وعمرها ١٣ أو ١٤ سنة، يعني أول ما تبلغ، تكون جاهزة لمرحلة الخطبة. يوسف، لا يوجد شيء تاريخي أو كتابي يقول إنه كان كبيرًا في السن. ربما نكون قد سمعنا عن هذا كثيرًا، أنه كان رجلاً كبيرًا. هناك أشياء ذُكرت في التقليد، لكن عندما نقارنها بكلمة الله، نكتشف أنه لا، يوسف لم يكن كبيرًا في السن. كان يجب أن يكون شخصًا لديه قوة جسدية وبدنية ليعرف كيف يعول مريم والصبي. تحرك بمريم مسافة تقرب من ٧٠ إلى ٩٠ ميلًا، ليأتوا من الناصرة حيث كانوا يسكنون، في الشمال، لينزلوا إلى أورشليم، التي كانت أعلى كمنطقة جغرافية. مسافة كبيرة يسافرونها على دواب في ذلك الوقت. يعني، بلغتنا اليوم، قد تستغرق… وواحدة مثل مريم في شهرها التاسع، يعني مريم لا تتحرك بسهولة، واحدة حامل على وشك الولادة، أن يقطعوا مسافة تقرب من ٩٠ ميلًا، استغرقت منهم ما يقرب من ٨ إلى ١٠ أيام. بعد قليل، نكتشف أنه هرب، قال له الملاك: “قم واذهب إلى مصر”، مسافة أكبر.

فكان شخصًا على قدر المسؤولية، شخصًا واضحًا أنه كان شابًا قوي البنية، وليس شخصًا كبيرًا في السن. أحيانًا، قيلت هذه النقطة لتأكيد قصة العذرية، أن مريم كانت عذراء وأنه كان شيخًا. لكن كتابيًا، لا يوجد شيء يقول هذا. على العكس، الشواهد الكتابية تقول أكثر إنه كان شخصًا قوي البنية، قادرًا على العمل، الرب لن يسلم ابنه الذي سيأتي إلى الأرض في أيدي أناس غير قادرين على الاعتناء به. فكان يجب أن يكون لدى الناس الذين سيستلمونه القدرة على التعامل مع يسوع. ويوسف هو قائد البيت الآن، هو الذي سيتحرك بمريم، هو الذي سيفعل كل شيء. فلا بد أن تكون لديه الإمكانية والقدرة الجسدية.

على فكرة، يوسف، كما شرح باستور، لم يكن نجارًا كما نتوقع، أي يعمل بالخشب. الكلمة معناها الأعمق تعني شخصًا حرفيًا، أو بلغتنا اليوم مهندسًا إنشائيًا أو معماريًا. لهذا السبب، لم يكن فقيرًا، يوسف لم يكن فقيرًا. ربما في وقت لاحق نأتي للتقدمة التي قدموها في الهيكل، لكن يوسف لم يكن فقيرًا، بل كان شخصًا مطلوبًا في عمله، وعمله لا يقوم به أي شخص، بل يحتاج إلى متخصص. وهكذا كان العمل الذي اشتغله الرب يسوع بعد ذلك. دُعي يسوع نجارًا. نحن “نجار” عندنا تعني مسمارًا وخشبًا وشاكوشًا. الأمر لم يكن كذلك، بل كان أكبر من ذلك، يصل إلى حد أنه مهندس معماري ينشئ أشياء ويشرف عليها، شيء كبير يحتاج إلى احترافية في العمل.

 

يقول الكتاب إن مريم كانت مخطوبة ليوسف. ليس هناك وقت لنحكي عن مريم ويوسف بتفاصيل أكثر، لكن قلبهما رائع. من خلال أفعالهما، نقدر أن نرى مدى القلب، مدى حبهما للرب، مدى جاهزيتهما. من هنا، نقدر أن نقول: “آه، لهذا السبب اختار الله مريم بالذات”. بسبب حالة جاهزيتها، فعندما يتعامل معها الملاك، تقول: “هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ”. وأول ما ذهبت عند أليصابات، بدأت تسبح وتخرج الكلام. من الواضح أنها كانت مشحونة بالكلمة، ولهذا كانت تسبحتها مليئة بالكلمة. هذا شخص مشحون، فبمجرد أن تلمسه، تجده يبدأ في إخراج الكلمة.

يوسف أيضًا أظهر شيئًا غريبًا. يقول الكتاب إنها كانت مخطوبة. الخطوبة في ذلك الوقت كانت تتم، كما قلت، في عمر ١٣ أو ١٤ سنة. كان يأتي الشاب ويتقدم هو وعائلته، وأحيانًا يكون الأهل قد نسقوا هذا سابقًا. وبعد موافقة الاثنين، كانا يشربان معًا كأس نبيذ، وتتم الخطبة. الخطوبة تساوي بلغتنا اليوم كأنها زواج بالنسبة لهم. ولهذا، كان فسخ الخطبة يحتاج إلى كتاب طلاق.

كانوا مخطوبين، ثم ينفصلان لمدة سنة، هي مع أبيها وأمها، والشاب يعود مع أبيه وأمه. في هذه السنة، وهي فترة الخطبة، يُسمى الاثنان “قادوشين”، بمعنى أنهما صارا مقدسين لبعضهما. لا يمكن لأحد أن يدخل ويعكر صفوهما، كل واحد سيحفظ نفسه للآخر. لا يمكن لأحد أن يكون في حالة عدم طهارة ويتعرف على شخص آخر خلال هذه السنة. الشاب يعد نفسه ويجهز، ثم يأتي بعد ذلك في موكب كبير ليأخذ الفتاة.

حدثت القصة الغريبة. يقول الكتاب: “وَبَيْنَمَا هِيَ مَخْطُوبَةٌ”، فجأة حدثت مشكلة، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” متى ١: ١٨. عندما أفكر فيها الآن، أتخيل شابًا خاطبًا فتاة، وأمامهما وقت ليتزوجا، وفجأة نكتشف أن الفتاة حامل، وهي تذهب لتقول له: “أنا حامل من الروح القدس”. غالبًا، لو عشناها في لحظتنا الآن، الموضوع ليس سهلاً. ما أسهل تكذيب الفتاة! “ما هذا الذي تقولينه؟ لا، أكيد حدث زنا، الموضوع ليس طبيعيًا”. خاصة لدى القانون اليهودي، لو حدث هذا، فإنه يساوي الرجم على الفور.

يوسف، تقواه كم هي رائعة، وحبه للرب! يقول الكتاب إنه لم يرد أن يشهر بها. والكلمة في اليونانية “تشهيرها” كأن شخصًا يمشي في موكب، والناس تتفرج وتقول: “انظروا ماذا حدث!”. فكرة التشهير جاءت من أن الخطوبة تساوي الزواج، فكأنه يطلقها. ولهذا، “أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا”. كان يجب أن يذهب عند الكاهن ويعملا كتاب طلاق فعلي. لماذا سيطلقها؟ لأنها حامل. وحامل تساوي زنا، لأنهما ما زالا مخطوبين ولم يجتمعا بعد.

قلبه رائع، لم يرد أن يشهر بها ويفضح الأمر. أي شخص آخر غير يوسف لقال: “لا، أنا أريد أن آخذ حقي! كيف تكونين حاملاً؟”. وكان يمكن أن يكذب ما يحدث. “كيف حامل من الروح القدس؟ لم نسمع عن شيء كهذا!”. كأن قلبه استدعى الرب ليطمئنه ويحكي له وجهًا لوجه. هنا، حدث تدخل خارق فعلاً بسبب قلبه، لأنه شخص رائع لا يريد أن يؤذي. لم يستغل الفرصة ليؤذي مريم. ظهر له الملاك وقال له شيئًا غريبًا: يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ…” متى ١: ٢٠. لم يناده باسم أبيه، بل “ابن داود”، كأنه يكلمه باللغة التي يفهمها: “أنت الوريث الشرعي لهذا الملك داود، ولهذا من نسلك سيأتي الشخص الشرعي”. وبدأ يكلمه ويقول له ألا يخاف أن يأخذ مريم امرأته.

كان يمكن ليوسف أيضًا أن يشكك في الحلم الذي حلمه، فالكلام حدث في حلم. لكن انظر مدى ليونتهما، معجونين بالكلمة. فيوم أن ظهر الموقف الصعب، قال: “آمين، أنا جاهز”. المواقف تختبر مدى كون الشخص معجونًا بالكلمة ويأخذها في حياته. عندما يقول لك الرب في وقت من الأوقات: “أريدك أن تعطي هذا المبلغ لي، أريدك أن تعطي هذا الشيء لي”، هل يكون الشخص على استعداد أن يتنازل ويقول: “حسنًا، أنا مستعد أن أفعل هذا، أنا مستعد أن آخذ هذه المسؤولية”؟

بالنسبة ليوسف، كانت مسؤولية أنه سيربي ابن الله، وسينتسب إليه، وسيكون هو الواجهة أمام الناس. ولهذا يقول إنجيل لوقا إن يسوع، “عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ”، هو ابن يوسف. لدى الناس في الواجهة، يوسف هو الأب، لكن في الحقيقة، الأب هو الروح القدس.

عندما نذهب إلى إنجيل متى، نرى سلسلة النسب. هناك سلسلتا نسب للرب يسوع، في متى ١ ولوقا ٣، والسلسلتان تسيران عكس بعضهما، واحدة تصاعدية وواحدة تنازلية. متى ذكر النسب من ناحية يوسف، ولوقا ذكره من ناحية مريم. يركز متى على الرقم ١٤ ثلاث مرات، لأن القيمة العددية لاسم “داود” في العبرية هي ١٤، لينسب هذا الشخص لداود، الوريث الشرعي. لا ننسى أن متى يكتب لليهود الذين يفهمون أنه حسب صموئيل الثاني، الإصحاح ٧، هناك وريث شرعي لداود سيملك للأبد. وهذا ما قاله الملاك لمريم: “وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ”.

ذكر متى خمس نساء في سلسلة نسبه: راحاب، وثامار، وراعوث، ومريم أم يسوع، وبتشبع. منهن أمميات، لأن يسوع جاء ليخلص الجميع. وراعوث كانت أممية، ورحاب كانت أممية، والكتاب لم يستحِ أن يقول إنها كانت زانية. هذا معناه أن الله في نسبه لا يخجل، لا يوجد لدى أحد عار. طالما أصبحت في يسوع، لا شيء يعيرك، حتى لو كان ماضيك موسومًا بأشياء معينة. لو نظرنا إلى هذا النسب، سنجد أنه ليس مشرفًا بالكامل، فهناك أناس زنوا، لكنهم انتموا ليسوع.

بنفس الطريقة اليوم، من ينتمي ليسوع، القديم قد مات. الأشياء العتيقة قد مضت. ليس مهمًا ماذا كنت، ليس مهمًا ماضي الناس. خلاص، أنت صرت تتبع النسب الملكي. كما يقول الكتاب: إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا” كورنثوس الثانية ٥: ١٧.

ختام
هللويا. من المهم جدًا أن نفهم هذا، أن الله عندما عمل ويعمل في التاريخ، فإنه يعمل عن طريق بشر. الأمر تم في هدوء شديد، لم تكن هناك زوبعة، لم يعرف كل الناس. هناك أناس يتوقعون أنه لكي يأتي الله إلى الحياة أو يعمل شيئًا، يجب أن تحدث ضجة. فعلاً، كانت هناك ضجة في عالم الروح، لكن لدى الناس، الأمر كان بسيطًا. أكبر حدث سيحصل في الأرض، ابن الله سيولد، يقول الكتاب: لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ” لوقا ٢: ٧. لا يوجد مكان! الأمر كبير، ابن الله سيولد، الأرض ستستقبل شيئًا، هذا الشخص سيغير العالم تمامًا، سيغير شكل الدهر كله، ولم يكن له مكان. هذا يعلمنا كم أن الله يعمل في هدوء. كن أنت مستعدًا لعمل الله في حياتك. يوسف ومريم كانا يعيشان الكلمة في حياتهما، إلى أن جاءت إليهما الكلمة وتحققت النبوات في حياتهما.

فهكذا، استمر في حياتك أن تحيا بالكلمة، ولا تتوقع أن تحدث ضجة معينة أو شيء خارق للطبيعة. الله تحرك في التاريخ بهدوء شديد جدًا. لم يعرف كل الناس أن ابن الله صار موجودًا، لدرجة أنهم لم يجدوا له مكانًا. وُلِدَ يسوع في مذود، وُضِعَ في المكان الذي تأكل فيه الأغنام.

لو أنك لم تقبل يسوع بعد، ولم تأخذ هذه الخطوة في حياتك، فمن المهم أن تنتمي لهذا النسب. لو أنك تبحث عن الله فعلاً وتقول: “كيف أعرفه؟ كيف أذهب إليه؟”، كانت هناك إجراءات كثيرة في العهد القديم ليصل الشخص إلى الله. في العهد الجديد، اختلف الأمر تمامًا، نكتشف أن الله خرج للإنسان، وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا” يوحنا ١: ١٤. كان في العهد القديم ستارة كبيرة تفصل بين الإنسان والله، لكن في العهد الجديد، تجسد الله، بمعنى أن الله لم يقل للإنسان: “أنا في مكاني، تعالَ إليَّ”، بل قال: “أنا سأخرج إليك”. ولهذا، عند موت يسوع، انشق الحجاب. “أنا خارج هذا المكان لأصير متاحًا للإنسان، لأصير معه ٢٤ ساعة”.

إن كنت لم تقبل يسوع بعد، يمكنك أن تتمتع بهذا. بحثك ينتهي هنا أول ما تتقابل مع يسوع الذي جاء. كثيرون عندما جاء يسوع لم يعرفوه. إياك أن تكون من هؤلاء الناس. يسوع موجود، هو متاح الآن لتقبله وأنت لا تعرفه.

صلِّ معي هذه الصلاة من قلبك وأنت تعنيها. أنت تقول له: “أنا أقبلك ربًا ومخلصًا لحياتي. أنا أختار أن أنتسب إليك”.
“يا يسوع، شكرًا لأنني غالٍ عندك، شكرًا لحبك لي، شكرًا لأن مجيئك كله كان يتمحور حولي أنا، ليخلصني أنا. أنت سيد حياتي. لا مزيد من البحث. أنا أتعرف عليك الآن، وأصير في حضورك بعد أن صرت متاحًا لي”.

الآن أيضًا، يمكنك أن تقبل الروح القدس، فتصير أنت مسكنًا لهذا الإله، تصير أنت تجسيدًا لهذا الإله. الله لا يسكن في هياكل مصنوعة بأيدي الناس، لكنه يسكن في البشر. الآن، يمكنك أن تقبل الروح القدس. قل له: “يا روح الله، أقبلك أن تدخل حياتي”. ليس فقط روحك تتغير وتصير طبيعة جديدة، لكن يمكنك أيضًا أن تصير مسكنًا للروح القدس، تصير يداك هما يدي الروح القدس، وكلماتك هي كلماته، متحدًا به. يمكنك الآن أن تنطق بلغة مختلفة، سماها الكتاب “التكلم بألسنة”. الآن، يمكنك أن تتكلم بألسنة أخرى، لا تستبعد الأمر. أنت خلاص، دخلت في العالم الإلهي، دخلت في جوه. هللويا، هللويا، آمين.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Hide picture