القائمة إغلاق

حلقة: صانع التاريخ Episode: The History Make

حلقة: صانع التاريخ

برنامج: من البداية للنهاية 

لمشاهدة الحلقة على الفيس بوك أضغط هنا 

لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب

video
play-sharp-fill

لسماع الحلقة على الساوند كلاود

 

برنامج من البداية للنهاية

(راديو الحق المغير للحياة).

الحلقة الثانية والثلاثون: صانع التاريخ.

 

 

تنويه: العظة مكتوبة بـالذكاء الاصطناعي، لم تُراجع من خدمتنا بعد، إن وجدت أخطاءً في الكتابة تواصل معنا واذكرها لنا.

 

أهلاً بكم في “راديو الحق المُغيِّر للحياة”، وفي برنامجنا “من البداية للنهاية”. في كل مرة، نبدأ حلقة جديدة ومحطة جديدة. وكما تعودنا، إن برنامجنا عبارة عن محطات؛ وهي ليست مجرد محطات عابرة، بل هي دراسة تتطلب من كل واحد منا تركيزاً. أُذكِّركَ أن تُحضِر دفتر ملاحظاتك وكتابك المقدس، وأن تجهز كل أسئلتك.

إن محطتنا اليوم مميزة جداً. ربما سمعنا عنها كثيراً في مدارس الأحد، وسمعنا قصصاً عديدة، لكننا اليوم سنغوص فيها أعمق لنرى قلب الله نحونا كشعب له.

سؤال الحلقة: هل سفر الخروج هو مجرد قصة شعب تحرر على يد موسى؟

سفر الخروج: قصة تحرير أم حرب روحية؟

هناك من ينظر إلى القصة بهذه الطريقة؛ مجرد قصة شعب يتحرر. في وقت من الأوقات في أمريكا، عندما كان الزنوج مستعبدين، كانت قصة موسى وتحرير العبيد هي القصة المحورية في ذلك الوقت. وهناك امرأة مشهورة جداً، كانت عبدة وتحررت، ثم حررت ما يقرب من ٧٠٠ شخص، اسمها هارييت توبمان، وكانت تُلقَّب بـ”موسى” لأنها كانت مُحرِّرة للعبيد.

ولكن بصراحة، القصة في الكتاب المقدس أعمق من ذلك بكثير. عندما نسترجعها في أذهاننا، قد نفكر في الخروج على أنه: طفل في سَفَط، فرعون يقتل الأطفال، عليقة مشتعلة… هذه هي أحداث القصة، نعم، ولكن القصة أكبر من ذلك بكثير. من المهم أن نرى موقع هذه القصة في سياق الكلمة كلها، وأن نفهم ما الذي يفعله الرب منذ المحطات الأولى التي درسناها، بداية من آدم.

ما الذي يفعله الرب في هذه القصة؟ إن الرب يستعيد شعبه. الرب في مهمة لإنقاذ البشرية التي هي في حالة من السقوط والضياع والانكسار. وكيف سينقذها؟ عبر شعبه، الذين وُضعوا هم أيضاً تحت حالة من العبودية في مصر تحت سلطان فرعون.

كان الرب مزمعاً أن يخلص هذا الشعب ليقول لهم: “أنتم الذين بكم سأصنع الخلاص، أنتم الذين بكم سأحرر البشرية”. ولكن، الشعب الذي كان من المفترض أن يحرر العالم وينقل وعد الله لإبراهيم بأن يكون بركة للأمم، وجد نفسه مقيداً وفي حالة من العبودية.

ما هي مصر؟ هل هي مجرد أرض عبودية؟

يجب ألا ننظر إلى مصر كمجرد بلد استعبد شعب الله. فالكتاب المقدس ينظر إلى مصر بطريقة مختلفة.

على سبيل المثال، ذُكرت مصر بدايةً في سفر التكوين في قصة يوسف، وكيف ذهب إلى مصر وأنقذ العالم في ذلك الوقت من المجاعة. ولكن إذا ذهبنا إلى آخر سفر في الكتاب، سفر الرؤيا، نجده يتحدث عن مصر بطريقة مختلفة. يقول في رؤيا ١١ عن حدث مستقبلي (ربما يفصلنا عنه سنوات قليلة، ولن نكون موجودين عندما يحدث)، وهو يتكلم عن الشاهدين اللذين سيكونان في زمن الضيقة العظيمة، وكيف أن الوحش سيقتلهما:
٨ وَتَكُونُ جُثَّتَاهُمَا عَلَى شَارِعِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلْعَظِيمَةِ ٱلَّتِي تُدْعَى رُوحِيًّا سَدُومَ وَمِصْرَ، حَيْثُ صُلِبَ رَبُّنَا أَيْضًا.” رؤيا ١١: ٨.

هذا غريب! كلمة “حَيْثُ صُلِبَ رَبُّنَا أَيْضًا” فهمتنا أن هذه المدينة هي أورشليم، حيث صُلب يسوع. ولكنه لقبها بلقبين روحيين: سدوم ومصر. إذاً، نفهم أن سدوم ومصر هما كيانان روحيان في الأساس. نحن لا نتعامل مع بلد، أو مجرد فرعون غضب من الشعب وخاف أن يشكلوا مشكلة له في المستقبل إذا جاء عدو خارجي. لا، لقد كان كياناً روحياً. لقد سمى الكتاب مصر هنا كياناً روحياً موجوداً، بمعنى أن هناك أرواحاً شريرة وراء الحكومة القائمة في ذلك الوقت، هدفها هو الاحتفاظ بهذا الشعب تحت حالة العبودية.

وهذا هو معنى “مصر” في الكتاب المقدس. عندما نعود إلى أصل الكلمة، نجد أن “مصر” تعني “الحبس”، “التقييد”، “الضغط”. ليست البلد هي التي تفعل ذلك، بل الأرواح الشريرة. لم يكن الأمر مجرد اسم لبلد أو مكان حدثت فيه عبودية، بل كان له كيان روحي.

لدرجة أن الرب، بعد أن أخرجهم، سيقول لهم تعبيراً غريباً: “لا تعودوا ترجعون في هذه الطريق أيضاً”. قد نقول: “يا رب، لقد انتهينا من مصر ومن كل ما فيها، من سيفكر في العودة؟”. نعم، لأنها كيان روحي يحاول أن يجذبهم مرة أخرى. وسنكتشف ربما في الحلقات القادمة أن هناك أناساً عادوا بالفعل. كانت الفكرة في الأمر الروحي؛ لم يرد الله أن نرجع إلى حالة العبودية تلك. نفس هذه الحالة كانت تحاول أن تشدهم مرة أخرى. فعلى الرغم من أنهم كانوا في البرية، كانت تأتيهم أفكار مثل: “مصر كانت أفضل! كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزاً!”. أراد الرب أن يخرج الشعب من هذا الكيان الروحي الذي كان يسود عليهم.

هدف إبليس من العبودية

كان هدف إبليس طوال الوقت هو إعاقة هذا التحرير وهذا الإطلاق الذي خطط له الله. وهذا ما فعله عبر استخدام مصر. سابقاً، كانت بابل هي الأداة، ومنها أخرج الله جدهم الأكبر إبراهيم. وقد خرج إبراهيم بمعجزة، حيث كان نمرود يريد أن يقتله. نفس النظام الروحي الذي كان في بابل هو نفس الأرواح الشريرة التي كانت موجودة في مصر في ذلك الوقت.

لذلك، نحن لا ننظر إلى القصة مجرد نظرة شعب يستعبد شعباً آخر، بل هناك نظرة روحية أعمق. عالم الروح كان يتحكم في ذلك الوقت، وتقوده أرواح شريرة للإمساك بهذا الشعب. وهذا ما سعى إبليس لفعله دائماً، عن طريق وضع كيانات في الأرض. هذه الكيانات تبدو في الظاهر كحكومات، لكنها في الحقيقة كائنات روحية. عندما نقرأ دانيال ١٠، نفهم أن الذي يتحكم في الحكومات والرؤساء هم في الأساس ملائكة. وكما أن هناك ملائكة رائعين، هناك ملائكة ساقطون. لقد سمى الكتاب “رئيس فارس” و”رئيس اليونان”، وهذا يجعلنا نفهم أن هناك تحكماً.

لقد سعى إبليس لوضع قبضته على الأرض بعد أن سلمها له آدم وحواء، وبدأ يقيم إمبراطوريات، واحدة تلو الأخرى. ما الغرض منها؟ كان يريد أن يغلق الطريق على الوعد الذي قاله الرب: سيخرج النسل الذي سيأتي بالمسيّا، الذي سيصنع الخلاص، ويعكس الحالة التي كان عليها آدم بعد السقوط. النسل الذي “يسحق رأس الحية”. هذا هو الوعد الذي فهمه إبليس، ولذلك كان يسعى طوال الوقت لاقتناص أي شخص يشم فيه رائحة أنه سيسير في خطة الرب. كان من المفترض أن قايين، بكونه البكر، يسير في خطة الرب، لكنه قتل هابيل ووقع في الشر.

من ضمن الإمبراطوريات التي أقيمت كانت مصر، ثم آشور، ثم بابل، ثم مادي وفارس، ثم اليونان، وأخيراً الرومان الذين كانوا في زمن الرب يسوع. هذه هي الإمبراطوريات التي سعى إبليس لوضعها ككيانات على الأرض لتعيق وتوقف العمل الإلهي. ونحن هنا ننظر إلى القصة بطريقة روحية بحتة، ليست مجرد أناس يتحررون ويستنشقون حريتهم. الموضوع أكبر، ووراءه عالم الروح وأرواح شريرة تريد إيقاف الخطة الإلهية.

المواجهة بين الله وآلهة مصر

عندما كان بنو إسرائيل في أرض مصر، كانوا يفهمون أنها مليئة بالآلهة الوثنية، والتي تساوي أرواحاً شريرة. كلمة “إله” هنا لا تُقارن بالله، بل هي كيانات أقامها إبليس. قد يكون شكلها الخارجي تمثالاً، لكن وراءها روح شريرة. وقد أوضح الرسول بولس هذا في كورنثوس الأولى ١٠ قائلاً إن ما يذبحه الأمم للأوثان، فإنما يذبحونه للشياطين. لقد جعل الناس هذه الأشياء آلهة بسلطان من إبليس، وكان لها قوة سحرية لمن يؤمن بها، مثل آلهة الخصوبة، والمطر، والشفاء.

عندما ذهب موسى ليكلم فرعون، كان أول ما قاله فرعون، وهو يستهزئ بالرب (ففرعون نفسه كان يعتبر إلهاً للشعب)، هو ما نقرأه في:
٢ فَقَالَ فِرْعَوْنُ: «مَنْ هُوَ يَهْوَهُ حَتَّى أَسْمَعَ لِقَوْلِهِ فَأُطْلِقَ إِسْرَائِيلَ؟ لَا أَعْرِفُ يَهْوَهَ، وَإِسْرَائِيلَ لَا أُطْلِقُهُ».” خروج ٥: ٢.

كأن فرعون يقول: “أنا أيضاً إله، من هو هذا الذي تتحدث عنه؟ هذا اسم غير معروف لديّ”. لقد كان الموضوع صراع آلهة. والله نفسه تعامل مع الأمر بهذا الشكل. لذلك، يقول الرب في سفر الخروج، وهو ما يدخلنا إلى قصة الضربات:
١٢وَأَصْنَعُ أَحْكَامًا بِكُلِّ آلِهَةِ ٱلْمِصْرِيِّينَ. أَنَا يَهْوَهُ.” خروج ١٢: ١٢.

هذا غريب! كنا نتوقع أن الأحكام ستُجرى على الشعب لكي يُفك الحصار عنهم، وهذه كانت إحدى أسباب الضربات. ولكن يتضح أن الآلهة التي كانت تمسك بالشعب (بين قوسين: الأرواح الشريرة) كانت تريد الحفاظ عليهم في هذا الوضع، قائلة: “لن نترككم تخرجون، لن نترككم تتحررون، سنقضي على الحلم الإلهي بمجيء المخلص”. فقال الرب: “أنا سأصنع أحكاماً بكل آلهتكم”. لقد كانت حرب آلهة (مع العلم أن الله لا يُقارن بهذه الآلهة).

ويعلق سفر العدد على هذه الحادثة قائلاً:
٤ وَكَانَ ٱلْمِصْرِيُّونَ يَدْفِنُونَ جَمِيعَ ٱلْأَبْكَارِ ٱلَّذِينَ ضَرَبَهُمْ يَهْوَهُ مِنْهُمْ. وَبِآلِهَتِهِمْ صَنَعَ يَهْوَهُ أَحْكَامًا.” عدد ٣٣: ٤.

القصة لم تكن في الناس، ولا في فرعون، بل في المُحرِّك الخفي وراءهم. لذلك، القصة أبعد من مجرد شعب مُستعبد.

دافع المحبة والالتزام الإلهي

قد تسأل: لماذا دخل الله في هذه الحرب؟ لا يوجد سوى سبب واحد: المحبة الفائضة، التي يسميها الكتاب “حِسِيد”، أي المحبة المليئة بالولاء والإخلاص تجاه هذا الشعب، وتجاه الالتزام الذي قدمه الله يوماً ما لإبراهيم. “أنت التزمت معي وقدمت ابنك، وأنا ملتزم في المقابل”. كان تقديم الله بعد ٢٠٠٠ سنة هو ابنه يسوع. “أنت قدمت ابنك، وأنا سأقدم ابني. أنت التزمت تجاهي، وأنا سألتزم تجاه كل شعبك”.

لذلك قال لهم الرب هذه الآية الرائعة:
٧ لَيْسَ مِنْ كَوْنِكُمْ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ ٱلشُّعُوبِ، ٱلْتَصَقَ يَهْوَهُ بِكُمْ وَٱخْتَارَكُمْ، لِأَنَّكُمْ أَقَلُّ مِنْ سَائِرِ ٱلشُّعُوبِ. ٨ بَلْ مِنْ مَحَبَّةِ يَهْوَهَ إِيَّاكُمْ، وَحِفْظِهِ ٱلْقَسَمَ ٱلَّذِي أَقْسَمَ لِآبَائِكُمْ، أَخْرَجَكُمْ يَهْوَهُ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَفَدَاكُمْ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ مِنْ يَدِ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ.” تثنية ٧: ٧-٨.

الدافع الوحيد الذي يحرك الله هو محبته. الناس اليوم يحاولون فعل أشياء لكي يلتزم الرب في المقابل، أو يدفعون ثمناً لأخطائهم لكي يقبل الله هذا الثمن. لكن الدافع الوحيد الذي يحرك الرب هو محبته. لقد أخرجكم “بيد شديدة” وفداكم من “بيت العبودية”. هذا هو اللقب الروحي لمصر. وسنتكلم لاحقاً عن أن هناك أناساً ما زالوا في “مصر” الخاصة بهم؛ قد يكونون قد تحرروا، لكنهم ما زالوا يعيشون داخلها.

الهدف الأسمى الذي يريده الله هو الشراكة، بدافع المحبة. قال الرب لموسى في أول لقاء لهما: “اذهب يا موسى إلى فرعون وقل له: أَطْلِقِ ابْنِي ٱلْبِكْرَ لِيَعْبُدَنِي”. ولو رد عليك فرعون وقال: “لن أطلق ابن الله (إسرائيل)”، فسأقتل ابنك أنت. وهذا ما حدث في البداية؛ علاقة رائعة تبناهم فيها الرب بسبب أبيهم إبراهيم. لذلك، سنقرأ كثيراً في سفر الخروج عن الاسم الذي بدأ الرب يعلنه لموسى، “يهوه”، وهو اسم مرتبط بالعلاقة والالتزام: “أنا ملتزم بكم، أياً كانت وضعيتكم، أنا ملتزم بأن أخلصكم مما أنتم فيه”.

إعلان قوة الله: “اليد الشديدة” و”إصبع الله

لقد تدخل الرب بطريقة مجيدة. بدأت تظهر في هذا السفر ألفاظ لأول مرة، مثل: “يد شديدة”، “ذراع قوية”، “يد ممدودة”. تكررت هذه الألفاظ كثيراً كعلامة على القوة في التدخل. لدرجة أن سحرة فرعون في إحدى الضربات قالوا: “لا، نحن نتعامل مع إله أكبر من الذي معنا. إله موسى هذا لا نستطيع مجاراته. لقد وصلنا إلى هنا وتوقفنا. كانت هناك أشياء نعرف كيف نقلدها، لكننا عند هذه المرحلة عاجزون. هذا الإله يفوقنا”. فقالوا: “هَذَا إِصْبَعُ ٱللهِ!”. أي تدخل حاسم وقوة في الموقف.

نفس تعبير “إصبع الله” استخدمه الرب يسوع في العهد الجديد عندما جاء يؤسس مملكته، واتُهم بأنه يخرج الشياطين برئيس الشياطين. فرد يسوع وقال: وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِإِصْبَعِ ٱللهِ أُخْرِجُ ٱلشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ ٱللهِ.” لوقا ١١: ٢٠. لو سألنا الرب يسوع: “بماذا تخرج الشياطين؟”، لكان الجواب بالروح القدس. إذاً، “إصبع الله” هو الروح القدس. نحن نرى تدخلاً واضحاً وقوياً للروح القدس معهم في ذلك الوقت وهم في حالة العبودية. قال الرب لموسى: “سأريك قوتي، حتى لو وقف فرعون كسد منيع وأغلق الباب، أنا في النهاية سأظهر قوتي”.

تعبير “يد ممدودة” و”ذراع شديدة” كان يُطلق في مصر في ذلك الوقت على قوة جيوش فرعون. فعندما كان يُراد التعبير عن قوة جيش فرعون، كان يُقال: “الذراع الشديدة لفرعون”، أي جيشه القادر على حماية البلد. فكان الرب يقول له: “أنا سأتدخل، سأضع نفسي في المواجهة، وسأريك جيشي وشغلي. شاهد ما سأفعله بمصر”، أي بالقوى الروحية التي تريد أن تُغلق على هذا الشعب وتمنعه من تحقيق الغرض الإلهي، وهي ما زالت تعمل إلى اليوم.

إن إصرار الله على إنقاذ هذا الشعب نابع من كونه يعتبره ابنه البكر. هو لا يتعامل معه كمجرد مُلكية، بل كجزء منه، لذلك لم يكن لديه أي تنازل. وهذا ما يجعلنا نثق أنه لن يتنازل عن خلاص وتحرير أي واحد منا.

الضربات العشر: قضاء إلهي على آلهة مصر

هذا سؤال رائع. لا شيء يحدث في كلمة الله اعتباطاً. لم تكن مجرد مجموعة عشوائية من الضربات، بل كانت كل ضربة موجهة. بعضها ضرب الأرض، وبعضها ضرب السماء والجو، وبعضها ضرب الأجساد، وبعضها ضرب الزرع.

ليست كوارث طبيعية بل قضاء مُوجَّه

في البداية، يفسر بعض الناس الضربات على أنها كوارث طبيعية، كأن بركاناً انفجر فسبب الزلازل وموت الأسماك. لكن في الحقيقة، الأمر ليس كذلك؛ لأنه لو كانت كوارث طبيعية، لكانت قد أصابت مصر وإسرائيل معاً. لكن الكتاب كان يفرق، فيقول إن الضربات كانت تحدث هنا (في أرض المصريين)، بينما لم تكن تحدث هناك (في أرض جاسان حيث كان شعب الله). كان هناك ظلام لدى المصريين، لكن عند بني إسرائيل كان هناك نور. إذاً، هي أمور موجهة ومقصودة، وليست صدفة أو كارثة طبيعية. فأرض جاسان لم تكن في طرف معزول، بل كانت في منطقة الدلتا، في قلب الأرض الزراعية.

قد يطرح سؤال: هل الرب هو من يصيب الناس بالكوارث والمصائب؟ هي بالفعل مصائب، لأنها أصابت كل شيء: الزراعة دُمرت، والمحصول قُضي عليه تماماً. في كل مرة، كان الرب ينتظر من فرعون أن يتراجع، لكنه لم يفعل، حتى جاء مستشاروه وقالوا له: “إِلَى مَتَى يَكُونُ هَذَا لَنَا فَخًّا؟… أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مِصْرَ قَدْ خَرِبَتْ؟”. لقد دمرتها.

الثروة الحيوانية أُصيبت بالوبأ، والثروة السمكية ماتت منذ الضربة الأولى. كل مورد كانوا يعتمدون عليه تم ضربه. إذاً، هي أمور موجهة. الرب ليس هو من يصنع هذه الأشياء، بل هي قضاء. ما الغرض منها؟ كانت الضربات قضاءً موجهاً، ليس فقط ضد الشعب، بل ضد آلهة هذا الشعب، ضد الأرواح الشريرة التي كانت تقودهم، والتي كانت مجسمة في صورة آلهة.

جيش من الملائكة الأشرار

لكي لا يفهم الناس خطأً أن الرب يصيب الناس بالأمراض والأوبئة، يجب أن نفهم أنهم هم من جلبوا هذا على أنفسهم. ما فعله الرب هو حالة سماحية. “يا فرعون، أنت مصمم على أن تفعل هذا؟ حسناً. كان من الطبيعي أن أبارك شعب مصر لأن شعبي موجود فيها”، فالرب قال لإبراهيم: “مباركك مبارك، ولاعنك ملعون”. عندما بدأوا يقفون ضد الرب، سمحوا بأن تُرفع الحماية عنهم، فبدأت تهاجمهم الأرواح الشريرة.

يوضح المزمور ٧٨ ما حدث في وقت الضربات، فيقول:
٤٢ لَمْ يَذْكُرُوا يَدَهُ يَوْمَ فَدَاهُمْ مِنَ ٱلْعَدُوِّ، ٤٣ حَيْثُ جَعَلَ فِي مِصْرَ آيَاتِهِ، وَعَجَائِبَهُ فِي بِلَادِ صُوعَنَ. ٤٤ إِذْ حَوَّلَ خُلْجَانَهُمْ إِلَى دَمٍ، وَمَجَارِيَهُمْ لِكَيْ لَا يَشْرَبُوا. ٤٥ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ بَعُوضًا فَأَكَلَهُمْ، وَضَفَادِعَ فَأَفْسَدَتْهُمْ. ٤٦ أَسْلَمَ لِلْجَرْدَمِ غَلَّتَهُمْ، وَتَعَبَهُمْ لِلْجَرَادِ. ٤٧ أَهْلَكَ بِٱلْبَرَدِ كُرُومَهُمْ، وَجُمَّيْزَهُمْ بِٱلصَّقِيعِ. ٤٨ وَدَفَعَ إِلَى ٱلْبَرَدِ بَهَائِمَهُمْ، وَمَوَاشِيَهُمْ لِلْبُرُوقِ. ٤٩ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ حُمُوَّ غَضَبِهِ، سَخَطًا وَرِجْزًا وَضِيقًا، جَيْشَ مَلَائِكَةٍ أَشْرَارٍ.” (مزمور ٧٨: ٤٢-٤٩).

انتبه جيداً للآية الأخيرة! لقد أرسل الله “جَيْشَ مَلَائِكَةٍ أَشْرَارٍ”. كيف ذلك؟ لقد فُتح الباب للأرواح الشريرة لكي تعمل بسبب عصيان هذا الشعب ومحاولتهم الإمساك بشعب الله. لقد خرجوا من تحت حماية الله، ومن تحت مظلة البركة، وفتحوا الباب على أنفسهم للأرواح الشريرة التي كانوا يعبدونها بالفعل، والتي في النهاية تقتل من يعبدها.

كانت الضربات أيضاً إظهاراً لسيادة الرب وشعبه، وضعف المصريين وآلهتهم. لقد وقف السحرة كذا مرة وقالوا: “نحن لا نستطيع أن نقف أمام هذا الإله”. السحرة الذين كانوا يمارسون الشفاء والطب، أصيبوا هم أنفسهم بالدمامل ولم يستطيعوا الوقوف أمام فرعون. لقد كانت حالة من العجز والشلل لكل الأنظمة.

إعلان سيادة الله على الأمم

لم يكن الهدف مصر فقط، بل كان الرب يمهد لما هو قادم. كانت الشعوب تتفرج على ما يحدث في مصر. لم يكن حدثاً بسيطاً أو سرياً. لقد استغرقت الضربات شهوراً، لأن النص يتحدث عن فترات زراعية ومحاصيل مختلفة. لذلك، كانت الأخبار تنتشر. يقول الكتاب في سفر الخروج:
١٤ يَسْمَعُ ٱلشُّعُوبُ فَيَرْتَعِدُونَ. تَأْخُذُ ٱلرَّعْدَةُ سُكَّانَ فِلَسْطِينَ. ١٥ حِينَئِذٍ يَنْدَهِشُ أُمَرَاءُ أَدُومَ. أَقْوِيَاءُ مُوآبَ تَأْخُذُهُمُ ٱلرَّجْفَةُ. يَذُوبُ جَمِيعُ سُكَّانِ كَنْعَانَ. ١٦ تَقَعُ عَلَيْهِمِ ٱلْهَيْبَةُ وَٱلرُّعْبُ.” خروج ١٥: ١٤-١٦.

وهذا ما رأيناه لاحقاً عندما قابلتهم راحاب وقالت لهم: “سمعنا بأخباركم، وقد ذابت قلوبنا”. لقد سمعوا بما فعله الرب. هذه البلد دُمرت تماماً بكل آلهتها لأنها قررت أن تقف أمام الرب.

كانت الضربات حالة موجهة ضد نظام العبادة في مصر بالكامل. كل شيء في مصر كان له إله. على سبيل المثال، ضربة النيل، التي يعرفها معظمنا، كانت موجهة ضد الإله “حابي”.

نعم، كان الله لا يقف أمام بني آدم ليضايقهم فحسب، لا، بل كان يزيل الأساس الذي كانوا يستندون إليه. ولهذا السبب، عندما كان بنو إسرائيل يخرجون، بدأ أناس من المصريين يكتشفون أن هذا الإله حقيقي وأقوى من آلهتهم، وهؤلاء هم “اللفيف” الذين بدأوا يخرجون مع الشعب.

كل ضربة تستهدف إلهًا مصريًا

دعونا نستعرض الضربات سريعاً لنرى كيف كانت كل ضربة موجهة ضد إله معين في نظام العبادة المصري:

  • الضربة الأولى (تحويل النيل إلى دم): كانت هذه الضربة موجهة ضد الإله “حابي”، إله النيل. بل وضد إله آخر كان يُعتقد أنه يحمل النيل نفسه، والذي لم يستطع أن يفعل شيئاً. لقد أنتنت الأسماك، فضُرب النظام بالكامل.
  • ضربة الضفادع: كان لديهم إلهة اسمها “حِقت” (Heket)، وهي إلهة الخصوبة والتكاثر، ولم تستطع أن تفعل شيئاً أمام هذا الأمر.
  • الضربة الثالثة والرابعة (البعوض والذباب): لم تكن مجرد بعوض، بل كانت حشرات كثيرة، ومنها القمل أيضاً، جاءت على الناس. وقد أصابت هذه الحشرات الكهنة، الذين تنجسوا في ذلك الوقت. كان من المفترض أن يحلق الكهنة كل شعر أجسادهم لمنع وجود أي حشرات، فضُرب النظام الديني في صميمه. الكهنة الذين كان من المفترض أن يقوموا بالطقوس، حتى هذا النظام ضُرب. حتى الناس الذين كان من المفترض أن يتواصلوا مع الآلهة بالنسبة لهم. وفي هذه الضربة بدأ السحرة يعترفون قائلين: هَذَا إِصْبَعُ ٱللهِ!”.
  • ضربة المواشي: كانت هذه الضربة مرتبطة بالعجل “أبيس”، وبالإلهة “حتحور”، والإلهة “إيزيس” التي كانت تُرسم بقرون بقرة. كل هذه الآلهة، كل هذا النظام كان يُضرب.
  • ضربة الدمامل: كان هناك إله اسمه “سخمت” (Sekhmet)، وهو إله الشفاء عندهم، ولكنه لم يستطع أن يفعل شيئاً. المعالجون أنفسهم أصيبوا بالدمامل ولم يتمكنوا من مساعدة الشعب. فرعون نفسه أُصيب.
  • ضربة البَرَد: هذه الضربة كانت ضد آلهة الجو، مثل الإلهة “نوت” (Nut) إلهة السماء، والإله “شو” (Shu) إله الهواء، والإلهة “تفنوت” (Tefnut) إلهة الرطوبة. كل شيء كان يُضرب.

فكان القصد من كل ضربة من هذه الضربات، لم تأتِ هكذا، لكن القصد منها هو أن هناك إلهاً موجوداً أو أرواحاً شريرة وراءه يعبدونها، فكانوا يرون فشلها ويرون قوة الله وهو يتعامل مع هذا الشعب.

  • الضربة الأخيرة (موت الأبكار): كانت هذه الضربة موجهة ضد فرعون نفسه، الذي كان يُعتبر إلهاً. أن يموت ابنه البكر يعني أن نسله الإلهي قد انقطع. كان فرعون هو الذي يُعتقد أنه يحمي ما يسمى في مصر “ماعت” (Ma’at)، أي النظام الكوني المتوازن الذي يشمل الطقس والمناخ والحالة الاقتصادية والاجتماعية. لقد ضُرب كل هذا. ولهذا السبب جاء مستشارو فرعون وقالوا له: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مِصْرَ قَدْ خَرِبَتْ؟. لقد دُمرت أعظم وأقوى دولة في ذلك الوقت بسبب مجموعة من العبيد، لمن ينظر إلى الأمر من الخارج.

لقد كانوا يفهمون أن آلهتهم قد فشلت، وأن الرب وراء كل هذا. لذلك قال المستشارون لفرعون: “أطلقهم، دعهم يذهبون!”. لقد كانوا يميزون أن الضربات كانت تصيب مصر ولا تصيب إسرائيل. حتى إن بعض المصريين بدأوا يصدقون. ففي إحدى الضربات، كان الله مليئاً بالرحمة تجاههم، وقال لموسى أن يذهب ويحذرهم من أن البَرَد قادم، وأن يدخلوا مواشيهم من الحقول إلى البيوت لتحتمي. يقول الكتاب إن المصريين الذين آمنوا بكلام الرب الذي قاله موسى، حُميت مواشيهم. أما الذين لم يصدقوا وتجاهلوا التحذير، فماتت مواشيهم بالكامل.

إن قلب الله في النهاية “يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى ٱلْأَشْرَارِ وَٱلصَّالِحِينَ”. لم يكن الهدف هو إبادة هؤلاء الناس، بل لو أنهم رجعوا وفهموا، لكان الأمر قد اختلف تماماً.

إنه حق كتابي ثمين جداً، وليس مجرد قصة سمعناها أو حفظناها. اليوم، يريد الروح القدس أن يفتح أعيننا على بُعد إلهي وسماوي: إن الله طوال الوقت في صفنا، الله طوال الوقت معنا، وهدفه الأسمى هو أن نكون في شركة معه، بدون معطلات، بدون “مصر”. ونحن ندرك الآن أن “مصر” هي عقلية وتفكير، وراءها أرواح شريرة تعيق الإنسان عن الاتحاد والعلاقة مع الله.

فاصل لفهم أعمق

كانت هناك طوال الوقت رحلة من القمع ومحاولة لإبعاد شعب إسرائيل عن المشيئة الإلهية ليعبدوا آلهة أخرى. كان هناك نشاط شيطاني دائم عليهم، وكانوا هم أنفسهم يخضعون له بقلب قاسٍ ويستمعون لهذه الأمور، فبدأوا يعبدون آلهة أخرى. وأول ما بدأ يحدث ذلك، بدأت الحرب تصير أشرس عليهم.

عندما تدرس الكلمة، تحتاج أن تفهم معاني كلمات لها مغزى معين. في سفر دانيال، كانت الحيوانات التي رآها كلها “وحوش برية”، في حين أن الحرب في البداية كانت أخف، وكانت “حيوانات بحرية”. لقد بدأ إبليس يرى أنه لا توجد هزيمة لمن يسلك مع الله، فبدأ يزيد من شراسته ويقاتل بقوة أكبر. ما تراه على أرض الواقع من ممالك كان له أساس روحي حقيقي، وليس رمزياً. هذه كائنات حقيقية في عالم الروح، والأرواح الشريرة لها هذه الأشكال في عالم الروح. وعالم العيان ما هو إلا انعكاس لعالم الروح.

هذه الكائنات كانت تتحرك بأوامر من إبليس لمنع مجيء المسيّا. لذلك، وأنا أختتم أمر العهد القديم وأدخل على العهد الجديد، أحب أن أقرأ معك بعض الشواهد. افتح معي مزمور ٨٠:
١ يَا رَاعِيَ إِسْرَائِيلَ، ٱصْغَ، يَا قَائِدَ يُوسُفَ كَٱلضَّأْنِ، يَا جَالِسًا عَلَى ٱلْكَرُوبِيمِ أَشْرِقْ… ١٢ فَلِمَاذَا هَدَمْتَ جُدْرَانَهَا فَيَقْطِفُهَا كُلُّ عَابِرِي ٱلطَّرِيقِ؟ ١٣ يُفْسِدُهَا ٱلْخِنْزِيرُ مِنَ ٱلْوَعْرِ، وَيَرْعَاهَا وَحْشُ ٱلْبَرِّيَّةِ.” (مزمور ٨٠: ١، ١٢-١٣).

لاحظ أن “الخنزير” كائن بري، وليس بحرياً. افتح معي حزقيال ٢٩:
٣ تَكَلَّمْ وَقُلْ: هَكَذَا قَالَ ٱلسَّيِّدُ يَهْوَهُ: هَأَنَذَا عَلَيْكَ يَا فِرْعَوْنُ مَلِكَ مِصْرَ، ٱلتِّمْسَاحَ ٱلْكَبِيرَ…” حزقيال ٢٩: ٣.

كانت الكائنات بحرية، ثم أصبحت برية. هذا يعني أن إبليس كان يسعى لتوسيع دائرة الحرب. عندما وجد أن الكائن البحري محصور في منطقة الماء ولا يستطيع العيش خارجها، قال: “حسناً، سأحارب بمنطلق أوسع، بكائنات برية، فأوسع الدائرة أكثر”. ما رأيناه من ممالك كان له أساس روحي حقيقي في عالم الروح.

هل قسَّى الله قلب فرعون؟

حول سؤال دائماً ما يطرح نفسه ونحن نقرأ سفر الخروج، وخاصة في قصة الضربات: “قسا قلب فرعون”، أو “قسَّى الله قلب فرعون”. هل قسَّى الله قلب فرعون حقاً؟

هذا هو السؤال المؤرق لأي شخص يقرأ سفر الخروج. وقد تكررت هذه العبارة حوالي ١٩ أو ٢٠ مرة. في بعض المرات، جاء النص ليقول إن فرعون هو الذي قسَّى قلبه، وفي مرات أخرى أن الرب هو الذي قسَّى قلبه.

لقد أوضح باستور رامز هذا الأمر بطريقة رائعة:

  • في الضربات الخمس الأولى، كان فرعون هو الذي يقسّي قلبه بنفسه.
  • في الضربات الخمس الثانية، كان الرب هو الذي يقسّي قلب فرعون.

إذن، ما القصة وراء هذه التقسية؟ بصراحة، لو أن الرب هو الذي فعلها شخصياً منذ البداية، لكانت القصة مجرد تمثيلية، وكأن الرب هو الذي يدفعهم نحو الضربات، مع أنه لا يريد ذلك. والدليل أنه بدأ بداية مسالمة، حيث قال لموسى: “اذهب وقل لفرعون أطلق شعبي”. لو كان يريد الدخول في هذه المعركة مباشرة، لفعل ذلك.

كما رأينا، عندما كانت ضربة البَرَد قادمة، أرسل الرب موسى ليحذر المصريين ليدخلوا مواشيهم. لو كان الرب يريد أن يعرضهم لهذه الضربات، لما فعل ذلك، وإلا لكان إلهاً متناقضاً.

وضع قضائي وليس فعلاً إلهياً مباشراً

إذن، ما معنى عبارة “قسَّى الرب قلب فرعون”؟ إنها تصف وضعاً قضائياً. الأمر يشبه شخصاً يضع نفسه أمام قطار مسرع. سيبدو أن القطار هو الذي دهسه، لكن الحقيقة هي أنه هو من وضع نفسه أمام القطار. سائق القطار ليس مذنباً، فهو يسير في طريقه الصحيح. لقد وضع فرعون نفسه في وضعية القضاء.

إن كلمة الله هي حياة، ولكنها في نفس الوقت “رائحة موت لموت”. كيف ذلك؟ هي في أصلها حياة، ولكن لمن يعارضها ويقف ضدها، تتحول هي نفسها إلى أداة للموت.

الأمر يشبه قانون الجاذبية؛ لقد وضعه الله لكي تستقر الحياة، ولكن لو أن شخصاً ألقى بنفسه من مكان مرتفع، فإنه يكسر القانون ويموت. هل نقول إن الله هو الذي أماته لأنه هو من وضع قانون الجاذبية؟ لا، هو مات لأنه وضع نفسه في وضعية قضائية.

لقد وضع فرعون نفسه وشعبه في هذه الوضعية، لدرجة أن مستشاريه قالوا له: “كفاية!”. لقد كان بإمكانه أن يضع نفسه في وضعية صحيحة ويستفيد من الكلمة ويطلق الشعب.

عشر فرص للرحمة

انظر إلى رحمة الله! لقد أُعطيت عشر فرص لفرعون. والغريب أنه في كل مرة، كان فرعون يقول لموسى: “لقد تبت، صلِّ للرب أنت وهارون ليرفع عني هذا الأمر، ولن أعود إلى ذلك”. فيصلي موسى، ويرفع الرب الضربة. قد نقول: “يا رب، أنت تعلم أنه سيعود إلى عناده!”. نعم، لكن الله يتعامل مع الوضع الحالي. “فرعون الآن غير اتجاهه؟ حسناً، سأتعامل معه على هذا الأساس الآن”. على الرغم من أن الله بعلمه المسبق كان يعرف أنه سيستمر في عناده، إلا أنه أعطاه الفرصة كاملة، ولم يلوِ إرادته.

لقد استخدم فرعون هذه الرحمة والنعمة والفرص المعطاة له كوسيلة للقضاء على نفسه. إن “طبيعة” قلب فرعون كانت من النوع الذي عندما يتعرض لرحمة الله، تحدث نتيجة عكسية، فيزداد قساوة. على عكس شخص آخر كان قلبه سيذوب أمام هذه الرحمة الإلهية.

وهذا ما قاله الكتاب في رسالة رومية، وهو يصف كيف أن الأرواح الشريرة التي أعطاها فرعون المساحة هي التي قادت قلبه إلى هذه الحالة:
٤ أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ ٱللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى ٱلتَّوْبَةِ؟ ٥ وَلَكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ ٱلتَائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ ٱلْغَضَبِ وَٱسْتِعْلَانِ دَيْنُونَةِ ٱللهِ ٱلْعَادِلَةِ.” رومية ٢: ٤-٥.

لقد كان لطف الله مع فرعون يهدف إلى أن يقتاده إلى التوبة، لكنه بسبب قساوته، وضع نفسه في وضعية القضاء. فعبارة “قسَّى الرب قلبه” تعني: “حسناً، افعل ما تريد أن تفعله. أنت تريد أن تقف أمام القطار؟ لقد تركتك لاختيارك”.

فترة السماح الإلهية

دائماً ما يُطرح سؤال: أين رحمة الله في هذا؟ هل سيأتي وقت يتخلى فيه الله عن رحمته؟

إذا ظل الشخص مصمماً على أن “يستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته”، فإن هذه الرحمة نفسها، وهذه التحذيرات المستمرة، ستتحول إلى دينونة. الأمر يشبه شخصاً لديه باقة إنترنت. عندما ينتهي رصيده، لا تفصل الشركة الخدمة فوراً، بل تعطيه فترة سماح، أسبوعاً أو عشرة أيام، لكي يجدد اشتراكه. هناك فترة سماح يتعامل فيها الرب مع الأخطاء التي فعلها الشخص بجهل، فيتغاضى عن أزمنة الجهل.

 

ولكن، ماذا لو أن الشخص بدأ يفهم وظل مصمماً؟ أنت بذلك كأنك تقول للرب: “حسناً، اتركني لأفعل ما أريد”. سيترك الرب الشخص في ذلك الوقت لو أنه مصمم على أن يفعل ذلك. لذلك، هذه حالة خطيرة، ليس من الجيد أن يصل إليها الشخص؛ أن يظل يسمع تحذيرات، تحذيرات، تحذيرات، كما حدث مع فرعون.

إن الله لن يفعلها قسراً، ففكرة “أنا سأجلبه بالقوة” هي خدعة. أن تقول: “يا رب، سيطر عليَّ بالقوة، أمسك إرادتي قسراً، اقتحمني!”. إن الرب إله محترم جداً جداً، ولن يفعل ذلك مع أي شخص. دورك هو أن تستجيب للكلمة، الأمر بسيط، استجب للكلمة.

صحيح، لو أن الشخص يقول للرب: “تدخل بالقوة”، فهو بذلك يضع نفسه تحت خضوع ما سيُقال له، وما زال في الموضع الصحيح. ولكن في نفس الوقت، لو ظل الشخص معتمداً على أن يفعل الرب شيئاً بالقوة، كأن يلوي أفكاره أو يتحكم في عقله، فإن الأمر لن يحدث. الله لن يتحكم في إرادته أو يلغي تفكيره أو يلغي إرادته. لن يعطي الإنسان شيئاً ثم يسحبه منه؛ لن يعطي الإنسان حرية الإرادة بيد ثم يسحبها باليد الأخرى. حتى عندما يقول الناس: “أنا أعطيه السماحية”، فإن إعطاء السماحية للرب يكون عبر أن أسير وفقاً لما يقوله. هذا هو الصواب. أنا أقول له: “أنا أخضع لك، إذاً سأسير على ما تقوله لي”.

فرعون فعل العكس. نعم، كان يتراجع، ولكن بعد قليل يعود ليقسّي قلبه قائلاً: “أنا مصمم على أن أفعل ما أريد، لن أطلق هذا الشعب”. كان يقول: “اخرجوا أنتم الرجال واتركوا النساء والأطفال”، ثم يقول: “اخرجوا أنتم واتركوا الغنم والبقر هنا”. كان يريد أن يحتفظ بهم، لم يكن يريدهم أن يخرجوا بالكامل، كان يجب أن يظل شيء تحت سيطرته.

وفي مرحلة معينة، يتركه الرب لما يريد أن يفعله. تماماً كما ترك الأب في قصة “الأب المحب” ابنه ليخرج. لقد كان الابن كبيراً ويفهم. بالتأكيد حاول الأب أن يمنع ابنه من الخروج والذهاب إلى الكورة البعيدة، ولكن أمام حالة التصميم، تركه. إن المحبة التي تُفرض بالعنف تساوي اغتصاباً.

فالرب الذي يقول له الناس: “يا رب، الوِ ذراعي، اكسر إرادتي”، لن يفعل ذلك. المحبة العنيفة تساوي اغتصاباً. المحبة الحقيقية تعني أنني أمنحك حرية الاختيار، أن تختارني بإرادتك، أو أن تختار أن تغير ذلك بإرادتك.

لكن الرب إله محب وطويل البال حقاً. لقد طال باله على هذا الشعب ما يقرب من ١١٦ سنة. لقد عاشوا في مصر ٢١٠ سنوات، منها ١١٦ سنة في العبودية، والرب يطيل باله، يطيل باله، يطيل باله، لعل الحاكم الذي يأتي يتغير قلبه. وهكذا، أعطى فرعون فرصاً كثيرة جداً للتراجع. كان موسى يأتي ويكلمه، وكان فرعون يرى أموراً بعينيه، أموراً غريبة تحدث لأول مرة. يقول الكتاب إنه منذ أن أُنشئت أمة مصر، لم تحدث فيها مثل هذه الأمور. كان هذا كفيلاً بأن يجعله يفكر ويتساءل: “أنا أتعامل مع شيء أعلى وأكبر مني، إذاً يجب أن أتضع”.

لكنه كان مصمماً: “لا، أنا مستمر فيما أفعله”. كانت تقوده أرواح شريرة، وكأنه لم يكن يعطي نفسه أي فرصة على الإطلاق، بل كان يسير بقلبه الحقيقي القاسي الذي بداخله، وكأنه لا يرى. يتحدث الكتاب عن أن إبليس يعمي أذهانهم. ألا نرى كيف أن الرحمة تُقدَّم للناس؟ من الطبيعي أن أستقبلها. إن أقل شيء من هذه الضربات كان كفيلاً بأن يغير أي شخص. عندما يمرض إنسان ويُشفى، كم يقدم من الشكر والمجد! ولكن الرب تمهل، تمهل، تمهل. فالقسوة التي كان يتحدث عنها الرب كانت واضحة، ولم تكن مجرد أن الله هو الذي يقسّي قلب فرعون.

إن التقسية تساوي التسليم. أي أن الله سلّمه ليفعل إرادته. كما قال الرب في رومية ١، عن الناس الذين “أَبْدَلُوا مَجْدَ ٱللهِ ٱلَّذِي لَا يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي يَفْنَى”، فبدأوا يعبدون الإنسان والطيور والدواب والزحافات. يقول النص: لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ ٱللهُ أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى ٱلنَّجَاسَةِ” رومية ١: ٢٤. لقد تركهم الله، “أسلمهم”. هذا لا يعني أن الرب هو من جلب لهم ذلك، بل كأنني أُقيّد شخصاً لمنعه من إيذاء نفسه، وهو يحاول أن يفلت من يديّ ليفعل ما يريد. ستأتي مرحلة أفتح فيها يديّ فيتحرك. هذا هو معنى “أسلمهم الله إلى شهواتهم”.

كأنه وافق على ما كانوا عليه، لأنه حاول معهم مرة واثنتين وثلاثاً، وقد تجاوزوا مرحلة عدم المعرفة. لقد وصلوا إلى مرحلة قالوا فيها: “لا، أنا مقرر أن أكمل بنفس الطريقة”. في هذه الحالة، يفتح الرب يده ويطلقهم لما هم موافقون عليه. فأي ألفاظ من هذا النوع في الكتاب، نفهم أن وراءها إرادة الإنسان، وبناءً عليها يتحرك الله.

هناك أمور شبيهة في الكتاب، مثل صيغة الأفعال التي تبدو مباشرة مع أنها سماحية، فيبدو أن الرب هو الفاعل مع أنه ليس كذلك. عندما قال الرب يسوع: لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلَامًا عَلَى ٱلْأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلَامًا بَلْ سَيْفًا.” متى ١٠: ٣٤، وشرح أن السيف هو الانقسام الذي سيحدث في البيوت. في الحقيقة، يبدو أن يسوع هو من جاء ليلقي الانقسام، لكنه لم يأتِ لذلك، بل وجوده على الأرض جلب السلام. لكن نتيجة الإيمان به، قد يحدث في أسرة واحدة حالة من التفرقة، كما يقطع السيف. فيبدو أمامنا أن يسوع هو من فعلها، لكنه لم يفعلها. يسوع جاء ليفعل الصواب، لكن الإيمان به أحدث فرقاً. لقد كان النور الذي أوضح الظلمة.

وهكذا أيضاً عبارة “قسَّى الرب قلب فرعون”. لقد كان قلب فرعون قاسياً، وقال الرب لموسى: “فِرْعَوْنُ غَلِيظُ ٱلْقَلْبِ”. كأنه يقول: “يا موسى، هذه هي الخلاصة، هو قد ضبط قلبه على هذا الوضع”. ولهذا السبب، بدأ الرب يتحرك معه بهذه الطريقة، فتم تقوية قلبه في اختياره. “أنت تريد أن تختار هذه الاختيارات؟ حسناً، أمين على اختياراتك”، مع إعطاء كافة الفرص. فالأمر لم يتم في أسبوع أو عشرة أيام، بل استغرقت الضربات شهوراً.

ما هو الهدف الحقيقي من الخروج؟

إن إمهال الله للإنسان له غرض رهيب. والسؤال الآن، ونحن نجمع خيوط حلقة اليوم: ما هو غرض الله من خروج الشعب؟ كل هذه المحاولات لإخراجهم، ما الهدف منها؟

الخروج وسيلة وليس غاية

في الحقيقة، الخروج ليس هو الهدف في حد ذاته، ما هو إلا وسيلة توصلهم إلى الهدف. لقد أوضح الرب الهدف في بداية الوصايا العشر:
٢ «أَنَا يَهْوَهُ إِلَهُكَ ٱلَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ.” خروج ٢٠: ٢.
لم يقل: “أنا الرب إلهك الذي خلق العالم”، بل قال: “أنا الرب إلهك الذي أخرجك”. لماذا؟ لكي أكون إلهك، لكي تدخل في علاقة معي. كانت هذه هي البداية. يريد الله أن يخرج الإنسان من العبودية، من أي شيء يتسلط عليه، لكي يكون في علاقة معه.

لذلك، قد يكون شخص قد قبل يسوع وصار مخلصاً وتحرر من العبودية، ولكن إن توقف عند هذه المرحلة، فهو لم يحقق الغرض الإلهي. إن الرب لديه غرض أسمى، وهو أن تكون في علاقة معه، وليس فقط أن تتحرر. التحرر هو مجرد البداية. الأمر يشبه شخصاً كان واقعاً في حفرة، فجئت وأخرجته وتركته على حافة الحفرة ومشيت. ماذا فعلت؟ لقد أنقذته، لكنه لن يقضي بقية حياته على حافة الحفرة. هو يحتاج أن يعيش حياته، يغير ملابسه، ويبدأ حياة جديدة. إنقاذك من الحفرة هو مجرد اللقطة الأولى لكي تبدأ الحياة.

قال الرب لهم:
٦ لِذَلِكَ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنَا يَهْوَهُ. وَأَنَا أُخْرِجُكُمْ مِنْ تَحْتِ أَثْقَالِ ٱلْمِصْرِيِّينَ وَأُنْقِذُكُمْ مِنْ عُبُودِيَّتِهِمْ وَأُخَلِّصُكُمْ بِذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ وَبِأَحْكَامٍ عَظِيمَةٍ، ٧ وَأَتَّخِذُكُمْ لِي شَعْبًا، وَأَكُونُ لَكُمْ إِلَهًا. فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا يَهْوَهُ إِلَهُكُمُ ٱلَّذِي يُخْرِجُكُمْ مِنْ تَحْتِ أَثْقَالِ ٱلْمِصْرِيِّينَ.” خروج ٦: ٦-٧.
إذاً، غرض الرب هو العلاقة.

من العبودية إلى العلاقة: تطبيق عملي للمؤمن

هذا ينطبق علينا الآن. لقد تحررنا من قبضة إبليس (حالة مصر) لكي ندخل في علاقة، وليس لكي نظل طوال حياتنا نقع ونقوم، أو تظل في حياتنا عبودية. بعد ما فعله الرب يسوع، لا يليق بالمؤمن أن يكون في عبودية. ليس من الطبيعي أن يكون المؤمن في عبودية. يقول الكتاب:
١٣ ٱلَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ ٱلظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ٱبْنِ مَحَبَّتِهِ.” كولوسي ١: ١٣.
الغرض ليس فقط الإنقاذ من سلطان الظلمة (مصر)، بل أن تُنقل إلى مملكة يسوع. فتنتهي سيادة ملكوت الظلمة على حياتك؛ تنتهي سيادة الاكتئاب، الحزن، الخوف، التهديد، حالة التقييد والقمع التي لا تجعلك تحلم أو تفكر.

لذلك، بعد أن قبلت يسوع، لا يليق أن تسودك الخطية مرة أخرى. قال بولس في رومية ٦ كلاماً غريباً:
١٤ فَإِنَّ ٱلْخَطِيَّةَ لَنْ تَسُودَكُمْ، لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ ٱلنِّعْمَةِ.” رومية ٦: ١٤.
هللويا! من سيفلت من الخطية؟ من لن يخطئ؟ لكن بولس لا يتحدث عن عدم الوقوع في الخطأ، بل عن عدم الخضوع لعبوديتها. لقد أُنقذت من سلطان فرعون، ولم يعد له قوة عليك.

قال الرب كلاماً شبيهاً في سفر اللاويين:
٤٢ لِأَنَّهُمْ عَبِيدِي ٱلَّذِينَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، لَا يُبَاعُونَ بَيْعَ ٱلْعَبِيدِ.” لاويين ٢٥: ٤٢.
لقد أصبحوا ملكي. في يوم من الأيام كانوا عبيداً لفرعون، أما اليوم فهم يخصونني. لذلك، لا يليق بالشخص أن يقول: “لقد بعت نفسي لإبليس”، أو أن يصدق خداع إبليس الذي يقول له: “لقد بعت نفسك لي، ولن تستطيع العودة”. إن كنت قد اشتُريت بثمن دم يسوع، فأنا قد بِعت ليسوع، وليس لي الحق أن أبيع نفسي مرة أخرى.

من عبيد إلى أجناد الرب

حتى لو حاول إبليس أن يرمي عليك أفكار العبودية أو الفشل أو الإحباط، فليس له الحق في ذلك. لقد انتهى فرعون بعد أن انشق البحر وعاد وانغلق. لقد انتهت علاقة السيطرة التي كانت لإبليس عليّ.

لدرجة أن الرب، وهم خارجون، أطلق عليهم اسماً جديداً. يقول الكتاب:
٤١ وَكَانَ عِنْدَ نِهَايَةِ أَرْبَعِ مِئَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ، أَنَّ جَمِيعَ أَجْنَادِ يَهْوَهَ خَرَجَتْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ… ٥١ وَكَانَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ أَنَّ يَهْوَهَ أَخْرَجَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِحَسَبِ أَجْنَادِهِمْ.” خروج ١٢: ٤١، ٥١.
لقد سُمّوا “أجناد الرب”. مع أن من يراهم من الخارج يرى أناساً كانوا “مسحولين” في الطين. لقد أطلق عليهم الرب لقباً مختلفاً.

لذلك، لو أن أحداً كان في يوم من الأيام مستعبداً لأي شيء، فاليوم قد انتهت مصر من حياته. إنه خداع من إبليس أن يقول لك: “ارجع مرة أخرى”. لقد تم الفداء عن طريق الحمل المذبوح. نحن الآن في وضعية التحرير، لكي نحيا هذه الوضعية.

كيف أتعامل مع أفكار العبودية القديمة؟

قد يكون صوت هذه الأفكار عالياً، وكأنه يخرج من داخلي. حكى باستور مرة قصة جميلة، قال: “عندما كنت صغيراً، سمعت قطة تموء، فظننت أنها داخل البيت. بحثت عنها ولم أجدها، حتى جاء والدي وقال لي: يا حبيبي، القطة ليست في الداخل، إنها في الخارج بجانب الباب، ولكن لأن صوتها عالٍ، شعرت أنها في الداخل”.

هذا هو الخداع الأول الذي يفعله إبليس؛ يجعلك تشعر أن هذا الصوت هو صوتك، وأن هذه الرغبة القوية في فعل الخطية هي منك. الحل هو أن تكتشف أن هذا خداع، هذه ليست لك.

حتى لو كنت ما زلت تخطئ، أو تخرج منك ألفاظ لا تليق، أو ما زلت تتعصب، هل هذا يعني أنك لم تخرج من مصر؟ لا، أنت في مرحلة تدريب. بمجرد أن قبلت يسوع، أنت تغيرت تماماً. لكنك تحتاج أن تدرب نفسك كيف تسير مع هذا الإله. تماماً كالطفل الذي وُلد، يحتاج أن يدرب أعضاءه ليمشي ويمسك الأشياء. أنت كنت في الماضي محترفاً في الخطية، أما اليوم فأنت تحتاج أن تتدرب في البر.

عندما عبر الشعب البحر، من المؤكد أنهم قضوا وقتاً يستيقظون في نفس الموعد الذي كانوا يستيقظون فيه، ويحاولون أن يفكروا: “ما هذا؟ إن ورائي تبناً يجب أن أجمعه، وهناك شخص فوق رأسي سيضربني… كيف لم أُضرب اليوم؟ كيف يأتي الأكل بهذه السهولة؟”. أعتقد أنه جاء وقت حتى بدأوا يدركون حقيقة الوضع الجديد الذي أصبحوا فيه.

هذا هو دوري الآن، أن أدرب نفسي على وضعية البر. الرغبة التي تخرج من داخلي ليست مني، فداخلي الآن مشحون بالصلاح. كلما أدركت هذا، تغيرت. لو ظللت مدركاً للوضعية القديمة، ستزداد الأخطاء. ولو انتبهت للبر، سيزداد البر في حياتي، إلى أن أجد نفسي لم أعد أقع.

إن النضج في المسيح يأتي عن طريق أن أضبط ذهني على كلمة الله، وأن أتحرك مع الرعاية الروحية. خداع إبليس هو ما يجب أن أقف له. إنه يهيئ لي أن هذا صوتي، وأنني لم أتغير. حتى لو كنت قد وقعت في الخطأ، أتذكر أنني ما زلت في مرحلة تدريب، وسآخذ إرشادات أكثر من الذي يرعاني روحياً.

إن الرعاية الروحية ستوفر عليك مسافة طويلة، وعشرات الأميال التي كنت قد تضيعها وأنت تائه.

صلاة وقبول للحياة الجديدة

إن حياتك الحقيقية تُحسب من الوقت الذي تبدأ فيه بمعرفة الرب يسوع. ما قبل ذلك لا يُحسب. عندما خرج بنو إسرائيل من مصر، قال لهم الرب: “هَذَا ٱلشَّهْرُ يَكُونُ لَكُمْ رَأْسَ ٱلشُّهُورِ”. هذا هو تقويمكم الجديد، هذا يوم ميلادكم.

لو أنك لم تأخذ هذه الخطوة بعد، وما زلت واقعاً تحت سلطان الظلمة، فقد حان الوقت لتخرج. صلِّ معي من قلبك وأنت تعلن الرب على حياتك:
“يا رب، أنا آتي إليك رغم كل الوضع الذي أنا فيه. أشكرك لأنك تحبني، ورغبتك هي أن تحررني تماماً. أنت ربي، أنت سيدي، أنت مخلصي. الآن، أنا أخرج من مصر الخاصة بي، أخرج من حالة العبودية، ومن سلطان إبليس. أشكرك لأنني انتقلت إلى مملكتك، مملكة ابنك المحبوب. أنا الآن أستقبل الحياة الأبدية في روحي. لقد انتهت حياة الموت، والآن تبدأ حياة الأعياد والأفراح والانتصارات. الآن، أنا أطلب وأستقبل الروح القدس فيّ الآن ليملأني”.

وإذا كنت مؤمناً منذ سنين ولكنك ما زلت تعيش داخل “مصر” الخاصة بك، فقد حان الآن وقت الخروج. كفى أن تظل مستعبداً لأمور تقول إنك لا تستطيع التخلص منها. لقد جُرّدت الرياسات والسلاطين من قوتها لأجلك، لكي لا تحيا يوماً آخر في عبودية.

وإن كان إبليس يحاربك ويرمي عليك الشكوك، فلا تستجب. افهم خداعه. أنت تخص الرب، أنت تابع له. صوتك الحقيقي هو صوت الكلمة. صدق عن نفسك ما يقوله الرب عنك. هللويا. أمين.

 

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Hide picture