حلقة: عقوبة أم نتائج
برنامج: من البداية للنهاية
لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب

لمشاهدة الحلقة على الفيس بوك
لسماع الحلقة على الساوند كلاود
برنامج من البداية للنهاية
(راديو الحق المغير للحياة).
الحلقة السابعة: عقوبة أم نتائج.
تنويه: العظة مكتوبة بـالذكاء الاصطناعي، لم تُراجع من خدمتنا بعد، إن وجدت أخطاءً في الكتابة تواصل معنا واذكرها لنا.
- مُلخص رحلة الإنسان من الأزل إلى السقوط.
- العقوبة والنتيجة: فهم أعمق لسقوط آدم.
- أسئلة جوهرية حول عدل الله ومحبته.
- ما هي الخطية؟ تعريف كتابي عميق.
- أنواع الخطية في الكتاب المقدس.
- فهم الموت: أنواعه ومعناه الروحي العميق.
- هل تُنتِج الخطية أمراضًا؟
- مُلك الحياة: كيف تهزم سلطان الموت؟
مُلخص رحلة الإنسان من الأزل إلى السقوط:
بدايةً، دعني أن أقدم لك ملخصًا سريعًا لما تناولناه في الحلقات السابقة، لنبني عليها فهمنا اليوم. لقد بدأنا رحلتنا من الأزل، حيث كان الإنسان في فكر الله ومحبته قبل تأسيس العالم. من أجل هذا الكائن الذي سيحبه محبةً عظيمة تصل إلى منحه أثمن ما لديه، أي طبيعته الإلهية، أعدَّ الله كل شيء ورتبه.
- خلق الملائكة والعالم الأولي:
في حقبةٍ ما، خلق الله سماء السماوات، ثم خلق الملائكة. كُلِّف جزء منهم بالخدمة في السماء، بينما خُصِّص جزء آخر لخدمة الإنسان الذي سيأتي على الأرض. بعد ذلك، خلق الله السماء والأرض في أروع صورة. - سقوط لوسيفر:
الكائن الملائكي البديع، الذي يُدعى “لوسيفر” أو “هِيلِل” بالعبرية (والذي يعني “نجمة الصباح” أو “كوكب الزهرة”)، بدلًا من أن يلتفت بمجده نحو الله، التفت إلى ذاته وإمكانياته الهائلة والمسحة التي مُنحت له. وبسبب نظرته لذاته بدلًا من الله، سقط وأسقط معه جمهورًا من الملائكة. قال في قلبه: “أَصْعَدُ… أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ” إشعياء ١٤: ١٤، فطُرِد من السماء. - دمار الأرض الأولى وتجديدها:
كان من المفترض أن يخدم إبليس الإنسان، ولكن بسقوطه، تسبب في دمارٍ عظيم. يُعتقد أنه كان هناك مخلوقات على الأرض في ذلك الوقت، وأن طوفانًا من الماء قد غمر الأرض وقضى عليها. لهذا السبب، فإن ما نقرأه في “ وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.” تكوين ١: ٢ وما بعده ليس خلقًا من العدم، بل هو “إعادة تجديد” للخليقة. كلمة “خلق” لم تُذكر إلا ثلاث مرات فقط في هذا السياق، بينما استخدم الرب في معظم الأحيان تعابير مثل: “لِتُنْبِتِ الأَرْضُ” أو “لِتُخْرِجِ الأَرْضُ”. لقد كان الرب “يعمل” ويُعيد تشكيل ما هو موجود. - خلق الإنسان وخيانته:
بعد هذا المشهد، خلق الله الإنسان وأتى به إلى الوجود ليمنحه حياته. لكن إبليس استخدم نفس مبدأ الكبرياء والخداع الذي أسقطه. جاء إلى آدم وحواء في الجنة من خلال الحية، وبدأ يزرع الشك في قلبيهما قائلًا: “لماذا لا تكونان مثل الله؟ هل الله لا يحبكما؟ إنه يكذب عليكما!”. استخدم إبليس الكذب والتشكيك، وهو نفس الأسلوب الذي استخدمه مع الرب يسوع في تجربة الجبل عندما قال له مرتين “إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ“. - تسليم السلطان لإبليس:
كان سقوط آدم وحواء خيانة عظمى؛ لأنهما سلّما كل شيء لإبليس. تخيّل معي رئيس شركة يسلّم كل أوراق وممتلكات الشركة لشخص، وهذا الشخص بدوره يسلّمها لعدو الشركة. لقد أعطى الله السلطان لآدم في سفر التكوين، الإصحاح الأول، وكان مطلبه “سُدْ وتسلَّطْ على الأرض”. لكن آدم، بخيانته، سلَّم هذا السلطان لإبليس، وهذا ما أعطى إبليس حقًا قانونيًا للتحرك في الأرض. - عواقب السقوط:
لهذا السبب نجد إبليس يتواجد في محضر الله في سفر أيوب؛ لقد دخل بحق السلطان الذي سلّمه له آدم. ليس هذا فحسب، بل فُتح الباب للأرواح الشريرة لتدخل الأرض وتسيطر على كل شيء. لم يكن من المفترض أن تسكن الملائكة الساقطة في البشر، لكن هذا ما حدث. أصبح هناك أناسٌ ممسوسون من الأرواح الشريرة، بل وحتى الحيوانات تأثرت، كما رأينا في زمن الرب يسوع عندما دخل فيلق من الشياطين في قطيع الخنازير. لقد انتهك إبليس كل الحدود، واتخذ من سقوط الإنسان فرصة ليسكن فيه ويتحرك بسلطانه في الأرض.
العقوبة والنتيجة: فهم أعمق لسقوط آدم:
بعد هذا الملخص الشامل، نأتي الآن إلى سؤال حلقتنا اليوم: ما حدث مع آدم بعد السقوط، هل كان عقوبة من الله أم نتيجة طبيعية لأفعاله؟
- هل عاقب الله آدم؟
طُرِد آدم من الجنة، وفارق الحضور الإلهي، ولُعنت الأرض بسببه، وصار يشقى ويتعب ليحصل على قوته، كما جاء في الكتاب “بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا” تكوين ٣: ١٩. وأصبحت ولادة الأطفال مصحوبة بالألم. فهل كان الله يعاقب آدم على ما فعله؟
في الحقيقة، ما حدث لم يكن عقوبة. الله لم يكن بحاجة لمعاقبة الإنسان، لأن الخطية في حد ذاتها مميتة. عندما قال الله لآدم: “يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ” تكوين ٢: ١٧، لم يكن هذا تهديدًا، بل كان تحذيرًا نابعًا من محبته. كان يقول له: “يا آدم، ليس هذا هو الوقت المناسب لتأكل من هذه الشجرة”. وكما ناقشنا سابقًا، كان سيأتي وقت يأكل فيه آدم من هذه الشجرة؛ فهي لم تُخلق للمشاهدة أو للامتحان فقط.
- ملعونة الأرض بسببك: نتيجة لا عقوبة
عندما قال الله لآدم: “مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ…” تكوين ٣: ١٧، لم يكن يصبّ لعنته على الأرض لأن آدم أغضبه. بل كان يقول: “يا آدم، انظر إلى ما حدث للأرض. أنت السبب في لعنتها. هذه هي نتيجة اختيارك”. أنتَ السبب.
إن أول كلمات نطق بها الله للإنسان كانت كلمات بركة، ومن طبيعته أن يبارك لا أن يلعن. طبيعة الله هي البركة. أول ما قاله الله لإبراهيم كان “وَأُبَارِكَكَ… وَتَكُونَ بَرَكَةً” تكوين ١٢: ٢. فالذي يبارك لا يستطيع أن يلعن. إذًا، ما مر به الإنسان لم يكن عقوبة، بل نتيجة مباشرة لاختياراته. هذه الاختيارات أدخلت كل المعاناة والألم إلى البشرية، وسيطر الجسد، “وضع الْعَالَمُ كُلُّهُ فِي الشِّرِّيرِ” كما قال الرسول يوحنا. حتى الحيوانات انقلبت ضد آدم بعد أن كانت خاضعة له.
وهذا يصحح فهمنا الخاطئ بأن الله ينتظرنا ليعاقبنا كلما أخطأنا. حتى التأديب الإلهي يُفهم خطأً على أنه عقاب. لكن الرب قال في سفر إرميا “عِصْيَانُكِ يُؤَدِّبُكِ.“ العصيان نفسه هو الذي يؤدب، تمامًا كمن يضع يده في الكهرباء فيُصعق؛ فهل نلوم المهندس الذي اخترع الكهرباء؟
أسئلة جوهرية حول عدل الله ومحبته:
- لماذا لم يسامح الله آدم ببساطة؟
هذا سؤال مهم جدًا. قد نقول: “بما أن الله محب، لماذا لم يصفح عن آدم وينتهي الأمر؟”. في الحقيقة، الله رحيم ومحب، لكن محبته لا تلغي عدله. لو أن الله غفر لآدم دون قصاص، لكان قد ألغى صفة العدل من طبيعته. الله عادل ١٠٠٪ كما أنه محب ١٠٠٪؛ لا يمكن لصفة أن تطغى على حساب الأخرى. كان لا بد من تحقيق العدل. - ما ذنبي أنا لأرث الخطية والموت؟
قد تسأل: “ما ذنبي أنا ليُحكم عليّ بأن أرث الخطية والموت من آدم؟”. حقيقةً، نحن بلا ذنب في وراثة هذا، ولكننا أيضًا بلا ذنب في الخلاص الذي قدمه يسوع. فبما أن يسوع قد دفع الثمن كاملًا، لم يعد لنا الحق في طرح هذا السؤال.
بالإضافة إلى ذلك، كانت البشرية كلها “شرعيًا” في آدم. يشرح الرسول بولس هذا المبدأ في الرسالة إلى العبرانيين، الإصحاح السابع. يقول إن لاوي، الذي كان يأخذ العشور من شعب إسرائيل، قد دفع العشور هو نفسه لملكي صادق، لأنه كان “فِي صُلْبِ أَبِيهِ [إبراهيم]“ عندما قدم إبراهيم العشور لملكي صادق.
هذا هو مبدأ “الرأس الفيدرالي” أو الشرعية. آدم لم يكن شخصًا عاديًا، بل كان رئيس كل البشرية. مثل رئيس دولة يتخذ قرارًا خاطئًا يوقع بلاده في ديون، فتعاني الأجيال القادمة كلها بسبب قراره. بالإضافة إلى ذلك، الخطية هي طبيعة روحية تورث، تمامًا كما تورث الجينات أو بعض الأمراض من الآباء إلى الأبناء. لا يمكنك أن تختار أن ترث الصفات الجيدة وتلغي وراثة السيئة. إن ألغيت مبدأ الوراثة، فأنت تلغيه بالكامل، وهذا يدمر كل شيء، بما في ذلك المبادئ الإيجابية مثل الزرع والحصاد. إن المبادئ الإلهية رائعة، لكن استخدامها بشكل خاطئ يؤدي إلى نتائج كارثية، مثل قانون الجاذبية الذي هو مفيد، لكن من يقرر القفز من مبنى شاهق سيتحمل نتيجة استخدامه الخاطئ للقانون.
- الحل في يسوع يجعلنا بلا عذر:
نعم، لقد ورثنا نتائج خطية آدم، ولكن الحل قد أتى. تخيّل شخصًا يعاني من الفقر والمرض بسبب جرائم ارتكبها والده، ويظل يشتكي قائلًا: “أبي هو السبب!”. لكن إن جاء شخص ثري وقال له: “أنا سأعالجك، وأسدد ديونك، وأوفر لك عملًا وحياة كريمة”، فهل يبقى له عذر بعد ذلك في أن يلوم أباه؟
هذا ما فعله يسوع. لقد جاء بالحل. لهذا يقول الرسول بولس إننا “بلا عذر”. يقول الكتاب” أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ” كورنثوس الثانية ٥: ١٩. العالم كله في نظر الله بلا خطية بسبب ما فعله المسيح. وهذه هي الأخبار السارة التي نكرز بها: ليس “توبوا عن خطاياكم”، بل “تعالوا اقبلوا الصفح الذي تم، فالثمن قد دُفع!”. لقد أخذنا الخطية مجانًا، وأخذنا الحل أيضًا مجانًا.
لماذا خلق الله الإنسان وهو يعلم أنه سيسقط؟
قد يدور في ذهنك السؤال الأخير والأكثر عمقًا: “إذا كان الله يعرف أن الإنسان سيسقط، فلماذا خلقه من الأساس؟”
- معرفة الله لا تُلغي حرية الاختيار:
افهم هذا جيدًا: معرفة الله المسبقة بالأحداث لا تعني أنه هو من اختارها أو أرادها. الله يعرف أن أناسًا سيذهبون إلى الجحيم، لكن هل هذه إرادته؟ بالطبع لا! فالكتاب يقول إنه ” الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ” (تيموثاوس الأولى ٢: ٤). معرفته لا تفرض حدوث الشيء. - المحبة هي الإجابة:
السؤال يجب أن يُطرح بطريقة عكسية: “لماذا أكمل الله خطته رغم أنه كان يعرف الثمن الباهظ الذي سيدفعه، أي حياة ابنه يسوع؟”. لا توجد إجابة سوى “المحبة”. محبة غير مشروطة جعلته يكمل، ويمنح الإنسان أثمن عطية: حرية الإرادة الكاملة. الله كائن حر الإرادة، وأراد أن يخلق كائنًا على صورته، قادرًا على أن يختار بحرية كاملة، دون أي ضغط. حتى الحياة الأبدية، كان على آدم أن يختارها بإرادته. الله لا يُسر بعبيد، بل بأبناء يحبونه ويختارونه بحرية.
ما هي الخطية؟ تعريف كتابي عميق:
حسنًا، لنتحدث عن الخطية. ما هي الخطية حقًا؟ وما هي تعريفاتها الكتابية؟ بسبب التعريفات الكثيرة المحيطة بنا، سواء في الثقافة العامة أو على وسائل التواصل الاجتماعي، اختلطت المفاهيم. فعندما نذكر كلمة “خطية”، يتبادر إلى ذهن الكثيرين أمور مثل: السرقة، القتل، الحلفان، الشتيمة، أو التدخين. هذه هي الخطية في نظر الناس.
ولكن، عندما ندرس الكلمة المقدسة لنرى تعريف الخطية، نجد أمرًا مختلفًا تمامًا. لذلك، من المهم جدًا أن نقف على التعريف الكتابي، لأنه هو الذي سيكشف لنا رأي الله في هذا الموضوع. فالمهم هو كيف يراها الله.
* الخطية: طبيعة روحية تُنتج أفعالًا
في الحقيقة، بحسب كلمة الله، الخطية هي طبيعة روحية تُنتج أفعالًا. هي ليست الأفعال ذاتها.
ماذا نعني بكلمة “طبيعة”؟ ببساطة، عندما نجد قطة تمشي على أربع، نقول إن هذا هو طبعها. وعندما نرى طائرًا يطير، نقول إن هذا هو الطبيعي له، فهذه هي طبيعته وغريزته، وهو لا يبذل مجهودًا ليفعل ذلك. لكن، لو رأينا إنسانًا يطير دون استخدام أي أجهزة، سنشعر أن هذا أمر غير طبيعي! أنت لا تملك عظام الطيور الخفيفة، ولا تملك أجنحة أو ريشًا. فمن أين أتيت بهذه القدرة؟
هكذا هي الخطية؛ إنها طبيعة روحية تُنتج أفعالًا. نحن لا نرى إلا المنتج النهائي، أي الأفعال: فلان سرق، فلان تحدث بطريقة غير لائقة، فلان خان، فلان اختلس. هذا هو المظهر الخارجي للخطية. لكن أصلها هو الطبيعة، وهي مثل بذرة مدفونة تحت الأرض لا يراها أحد، لكننا جميعًا نرى الثمرة التي تخرج من الشجرة في النهاية.
لقد أوضح الرب يسوع في (إنجيل مرقس ٧: ٢١ كيف أن الخطية هي طبيعة داخلية وليست مجرد أفعال خارجية. في إحدى المرات، استفز الرب يسوع أذهان الناس بهذه الكلمات: “فَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ فَاقْطَعْهَا… وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا“. هل كان يسوع يريدنا حقًا أن نقطع أيدينا ونُتلِف أعضاءنا؟ بالطبع لا! فهو يحب الجسد وكان يشفي الأجساد. لو أرادنا أن نقطع أعضاءنا، لما كان قد شفى المرضى، أو فتح أعين العُميان، أو ردّ يدًا يابسة لتعمل من جديد.
إذًا، لماذا قال ذلك؟ كان يسوع يستفز أذهان الناس ليوضح لهم أن المشكلة ليست في العضو نفسه. هل تظن أن المشكلة في يدك التي تسرق؟ هل تعتقد أنك لو قطعتها ستتوقف عن السرقة؟ هل تظن أن المشكلة في عينك التي تشتهي، وأنك لو قلعتها ستنتهي المشكلة؟ كان يسوع يوجه أنظارهم إلى أساس المشكلة، إلى الجذور.
وقد أوضح هذا عندما قال:
” لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ” مرقس ٧: ٢١
إذًا، الموضوع يبدأ من الداخل، من الطبيعة.
* الخطية: إخفاق في إصابة الهدف:
هناك معنى لغوي آخر للخطية. عندما نقول إن فلانًا “أخطأ”، فكأننا وضعنا أمامه هدفًا ليصيبه، ولكنه لم يتمكن من إصابته. “أخطأ” تعني “لم يصب الهدف”.
لهذا السبب، عندما يقول الكتاب المقدس
” إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ” رومية ٣: ٢٣
فإن كلمة “أعوزهم” تعني أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى الهدف، أي المجد الإلهي. فالخطية تعني أنك تعيش بلا هدف، والحياة بلا هدف هي حياة بلا معنى. وهذا هو أحد أروع معاني الخلاص: كوني قد خَلُصت، فهذا يعني أنني وجدت المعنى والهدف لحياتي. لم أعد أعيش تائهًا في الحياة.
إن إحدى المشكلات الكبرى التي يواجهها الذين ينكرون وجود الله هي ما يسمونه “عبثية الحياة”، فيتساءلون: “من أين أتيت؟ وإلى أين أنا ذاهب؟ ما الهدف من وجودي؟”. هذه الأسئلة تنبع من عدم وجود هدف. الهدف هو ما يعطي للحياة معنى. لو خرجتُ اليوم من بيتي دون وجهة محددة، فما معنى رحلتي؟ ستكون رحلة بلا معنى. لكن لأن لديّ هدفًا، فأنا لست تائهًا.
هكذا يجب أن تنظر إلى الخلاص. لقد خَلُصتَ من الخطية، أي خَلُصتَ من أن تحيا حياة بلا معنى أو هدف. لقد وجدتَ الهدف، ووصلتَ إليه.
يقول الكتاب:” الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ” كولوسي ١: ١٣
الرب لم ينقذنا ويتركنا، بل نقلنا إلى مكان آخر، إلى هدف محدد. فعندما أختار أن أعيش في “اللا معنى” و”اللا هدف”، فكأني أعود لأحيا في نظام الخطية مرة أخرى.
أنواع الخطية في الكتاب المقدس:
لقد ورثنا الخطية من آدم لأنها طبيعة روحية تورث. لكننا غالبًا ما نراها كأفعال فقط. الكتاب المقدس يوضح لنا أن هناك أنواعًا مختلفة من الخطية:
* ١. الخطية الموروثة:
هي الطبيعة الخاطئة التي ورثها كل الجنس البشري من آدم.
* ٢. الخطية المنتسبة:
هذه خطية لم أفعلها بنفسي، لكنها انتسبت إليّ بسبب فعل شخص آخر. على سبيل المثال، يذكر الكتاب المقدس مرارًا عن يربعام، ملك إسرائيل، أنه “أَخْطَأَ وَجَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ“، فخطاياه أُلصقت بالشعب. وعلى العكس، نجد أن بر داود كان سببًا في أن يكرم الله ملوكًا من نسله من بعده. الأمر يشبه رئيس دولة يعقد صفقة سيئة، فتعاني الدولة بأكملها من ديون وفساد بسبب قراره.
* ٣. الخطية الفعلية:
هي الخطية التي أرتكبها أنا بنفسي، بأفعالي الشخصية.
إذًا، نحن لم نرث الطبيعة الخاطئة من آدم فحسب، بل انتسبت إلينا خطاياه، ونحن أيضًا أضفنا إليها بخطايانا الفعلية. لقد أصبح المصنع نفسه، أي الطبيعة البشرية، فاسدًا، فكان من الطبيعي أن يُنتج أفعالًا وأشكالًا فاسدة.
ماذا يعني الموت؟ هل مات آدم حقًا؟
دائمًا ما يُطرح هذا السؤال: بعد أن أخطأ آدم، قال له الله: “مَوْتًا تَمُوتُ“. لكن آدم لم يمت جسديًا في نفس اليوم. فهل مات حقًا؟ أم أن هناك أنواعًا من الموت لا نفهمها؟
للإجابة على هذا، يجب أن نُعرّف “الموت” كما نعرّف “الخطية”.
الموت، في أحد أهم معانيه الكتابية، هو انفصال الشيء عن مصدره الذي يمده بالحياة.
تخيّل غصنًا قُطع من شجرة. قد يظل مورقًا لبعض الوقت، لكنه انفصل عن مصدر حياته، عن عصارة الشجرة التي كانت تغذيه. لقد توقفت الحياة عن السريان فيه، ونهايته الحتمية هي الذبول والفناء.
فهل مات آدم في تلك اللحظة التي أكل فيها من الشجرة؟
نعم، لقد مات. لقد انفصل عن مصدر حياته، الله. سنتحدث لاحقًا عن أنواع الموت المختلفة بالتفصيل.
هل تورث الطبيعة الإلهية كما تورث الخطية؟
وصلنا سؤال في غاية الأهمية يقول: “لماذا لا تورث الطبيعة الإلهية كما تورث طبيعة الخطية؟”.
والإجابة المفرحة والمدهشة هي: أنها تورث بالفعل!
نعم، هذا هو الحق الرائع الذي يعلنه لنا الكتاب المقدس. فكما نؤمن ونوافق على أن طبيعة الخطية تورث، فلماذا لا نوافق على أن الطبيعة الإلهية أيضًا تورث؟ أعتقد أن سبب عدم الإيمان بهذا الحق يرجع إلى ترسيخ بعض المفاهيم الخاطئة، المبنية على تفسير غير دقيق لبعض الآيات، مثل “هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي” (مزمور ٥١: ٥). لقد غاب عن أذهاننا أن هذه الآية قيلت في العهد القديم، قبل أن يتمم الرب يسوع الفداء والخلاص. لقد فعل يسوع شيئًا فاصلاً ونهائيًا، وما كان يعاني منه أهل العهد القديم، لسنا مضطرين أن نعاني منه الآن.
هناك فكرة أخرى خاطئة قد ظهرت، وهي أن المؤمن يمتلك طبيعتين: طبيعة البر وطبيعة الخطية. وبسبب هذا الاعتقاد، يظن البعض أنه من الطبيعي أن يورِّث طبيعة الخطية لأبنائه. هذا الفهم الخاطئ ينبع غالبًا من شرح غير دقيق لما كتبه الرسول بولس في رومية، الإصحاح السابع. فالرسول بولس نفسه، في نهاية هذا الإصحاح، بعد أن وصف صراعًا ومعاناة، أعلن انتصاره قائلًا إنه وجد الحل في يسوع المسيح. فلو كان هناك حل، إذًا بولس لم يكن يتحدث عن واقع المؤمن الذي يعيش فيه باستمرار، بل كان يتحدث عن حالته عندما كان تحت الناموس، وقد قال ذلك بوضوح: “أُكَلِّمُ الْعَارِفِينَ بِالنَّامُوسِ”. لقد كان يصف حالة كانت تحدث ثم انتهت.
لذلك، دعونا نفكر بمنطق: لو كان المؤمن يمتلك طبيعتين حقًا، لكان من المفترض أن يورِّث الطبيعتين معًا! ولكن الحقيقة، كما أن طبيعة الخطية تورث، فبكل تأكيد، طبيعة البر أيضًا تورث. في رومية، الإصحاح الخامس، يقارن الكتاب المقدس بين ما فعله آدم، الذي جرّ البشرية كلها وراءه إلى الخطية، وما فعله يسوع، الذي يمكن للبشرية كلها أن تسير وراءه إلى البر.
فكما قبلنا فكرة وراثة الخطية كأمر مُسلَّم به، يجب أن نفتح قلوبنا لنستوعب الحق الأعظم: كما نؤمن أن الخطية تورث، لماذا لا نؤمن أن البر يورث، وأن هذه الطبيعة الإلهية توضع في ابني الذي يخرج مني؟ إنها فكرة عظيمة قد تخيفنا لضخامتها، لكنها حق كتابي.
لقد أكد الرسول بولس على التأثير القوي للمؤمن، فقال:
“لأَنَّ الرَّجُلَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ مُقَدَّسٌ فِي الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ الْمُؤْمِنَةِ مُقَدَّسَةٌ فِي الرَّجُلِ. وَإِلاَّ فَأَوْلاَدُكُمْ نَجِسُونَ، وَأَمَّا الآنَ فَهُمْ مُقَدَّسُونَ.” ١ كورنثوس ٧: ١٤
فإن كان للمؤمن هذا التأثير التقديسي على غير المؤمن وعلى أولاده، فكم بالحري عندما يكون كلا الوالدين مؤمنين ويعرفان هذا الحق!
فهم الموت: أنواعه ومعناه الروحي العميق:
* أصل الموت: دخيل على الخليقة
في الحقيقة، الموت لم يكن جزءًا من خليقة الله الأصلية. لم يكن شيئًا موجودًا من الأساس. عندما تحدث الرب يسوع عن الآب، قال إنه “إِلهُ أَحْيَاءٍ وَلَيْسَ إِلهَ أَمْوَاتٍ”. الله هو مصدر الحياة. كما قال الرسول بولس في سفر أعمال الرسل ١٧، إن الله هو مصدر كل أنواع الحياة، هو الذي يعطي الحياة لكل شيء، حتى النباتات والحيوانات. هو أصل الحياة، وليس فيه موت.
إذًا، من أين أتى الموت؟ يجيبنا الكتاب المقدس بوضوح:
” مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.” رومية ٥: ١٢.
الخطية لم تكن موجودة، لكنها “دخلت” إلى العالم، وبدخولها، فتحت الباب للموت ليدخل أيضًا. ثم يقول” لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ…” رومية ٥: ١٤. لقد أصبح الموت ملكًا، له سلطان وسيطرة على البشرية.
انتبه جيدًا: الموت ليس مجرد توقف الجسد عن الحياة والذهاب إلى القبر. هذا هو نوع واحد فقط من الموت. الموت هو “نظام” كامل وشامل. المرض هو بداية الموت. الحزن هو من مفاعيل الموت. الفشل هو موت للنجاح، والإحباط هو موت للأمل. الشخص التائه الذي فقد المعنى والهدف في حياته، هو شخص يعمل فيه الموت. لقد دخل الموت من خلال آدم، وأثر على كل شيء في الخليقة، حتى إن الكتاب يقول في رومية ٨ إن الخليقة نفسها “أُخْضِعَتْ لِلْبُطْلِ“ ليس بإرادتها، بل من أجل الذي أخضعها (آدم)، ولكنها تنتظر على رجاء أن تُعتق.
* أنواع الموت الثلاثة
١. الموت الروحي:
هذا هو الانفصال عن مصدر الحياة، الله. روح الإنسان لا تفنى أو تتلاشى، لكنها “تموت” بمعنى أنها تنفصل عن الله. هذا ما كان يعنيه الرسول بولس عندما قال للمؤمنين في أفسس: “وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا” أفسس ٢: ١. كيف يكونون أمواتًا وهم أحياء؟ لأنه كان يتحدث عن الموت الروحي. وكذلك عندما عاد الابن الضال، قال أبوه: “لأَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ” لوقا ١٥: ٢٤. هو لم يكن ميتًا جسديًا، بل كان منفصلاً عن أبيه، وهذا الانفصال هو سبب كل معاناته.
٢. الموت الجسدي:
هذا هو النوع الذي نعرفه جميعًا، وهو انفصال الروح عن الجسد. وكما يقول الرسول يعقوب: “لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ بِدُونِ رُوحٍ مَيِّتٌ” يعقوب ٢: ٢٦. هل مر آدم بهذا الموت؟ نعم. قد تسأل: “لكنه لم يمت في نفس اليوم الذي أكل فيه!”. في الحقيقة، يوم واحد في نظر الله كألف سنة. ولم يستطع أي إنسان، بما فيهم آدم، أن يعيش يومًا واحدًا كاملاً في نظر الله. عاش آدم ٩٣٠ سنة ولم يكمل الألف. فأمامه، مات في نفس اليوم.
٣. الموت الأبدي (الموت الثاني):
هذا هو الامتداد الأبدي للموت الروحي. فالميت روحيًا في هذه الحياة له أمل أن يحيا، ولكن الموت الثاني هو حالة ينتهي فيها هذا الأمل تمامًا، حيث يقضي الإنسان الأبدية كلها بعيدًا عن الله. إنه تعبير رهيب لا يمكن لعقولنا استيعابه. يقول الكتاب في سفر الرؤيا:
“وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. هذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي.” رؤيا ٢٠: ١٤
لكن يا له من وعد مجيد لنا في المسيح:
“مَنْ يَغْلِبُ فَلاَ يُؤْذِيهِ الْمَوْتُ الثَّانِي.” رؤيا ٢: ١١
* تعمّق في الموت الروحي: كيف حدث الانفصال؟
لفهم الموت الروحي بعمق، يجب أن نفهم أولاً من هو الإنسان في نظر الله. الله وحده، الصانع، هو من يستطيع أن يعرّف خليقته.
الإنسان هو كائن روحي ١٠٠٪، يمتلك نفسًا، ويسكن في جسد.
لهذا السبب، يُدعى الله في الكتاب “أَبِي الأَرْوَاحِ” و “إِلهِ أَرْوَاحِ جَمِيعِ الْبَشَرِ”، ولم يُدعَ أبدًا “أبو الأجساد”. الإنسان الحقيقي هو الكائن الروحي الداخلي، الذي يسميه الكتاب أيضًا “الإِنْسَانَ الْبَاطِنَ” أو “إِنْسَانَ الْقَلْبِ الْخَفِيَّ”. هذا الكائن الروحي يمتلك نفسًا (الذهن والعاطفة والإرادة)، ويسكن في بيت مؤقت هو الجسد.
وكما أن للجسد حواسه الخمس (اللمس، الشم، النظر، السمع، التذوق) ليتواصل مع العالم المادي، فإن لروحنا أيضًا حواسها لتتواصل مع العالم الروحي. فلأرواحنا عيون وآذان وقدرة على الفهم الروحي.
ما حدث في الموت الروحي هو “انقطاع الاتصال” (Disconnection). تخيّل أنك فصلت جهازًا عن مصدر الكهرباء؛ كل محركاته تتوقف فورًا ويحل الظلام. هذا بالضبط ما حدث. انفصلت روح آدم عن الله، مصدر حياتها، فتوقفت كل حواسها الروحية عن العمل.
ولأن الروح لا تفنى، فقد بدأت تبحث عن طريقة أخرى للتواصل وإدراك الواقع. فماذا فعلت؟ بدأت تستخدم حواس الجسد. وهنا كانت الكارثة! فجأة، “انْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ” تكوين ٣: ٧. هل كانا يرتديان ملابس من قبل؟ لا! لكن رؤيتهما للأمور تغيرت. لقد أُغلقت أعينهما الروحية التي كانت ترى الأمور من منظور الله، وبدأت روحهما ترى من خلال عيون الجسد فقط، فأدركت العري والخزي.
هذا الانفصال هو أصل كل حزن وألم وتعاسة ومعاناة، تمامًا كبطارية هاتف “ماتت”، فبدأ كل شيء في الانهيار.
* هل تُنتِج الخطية أمراضًا؟
بكل تأكيد، الخطية يمكن أن تكون مُنتِجة للأمراض، ولكن العكس ليس صحيحًا دائمًا؛ فليس كل مرض سببه خطية مباشرة. هذا الفهم الخاطئ يوقع الكثيرين في فخ إدانة النفس أو الآخرين. فعندما نرى شخصًا مريضًا، قد نسارع إلى القول: “لابد أنه أخطأ في أمر ما”. لكن هذا ليس بالضرورة صحيحًا. لقد قال الرب يسوع عن الرجل المولود أعمى” لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ” يوحنا ٩: ٣.
إذًا، ليس لدينا رخصة للحكم على الآخرين. ولكن، يجب أن ندرك أن من يسلك في طريق الخطية، فكأنه يسير في شارع مظلم؛ من الطبيعي أن يصطدم بشيء أو يقع في فخ. لقد قال الرب يسوع للمقعد الذي شفاه عند بركة بيت حسدا“هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ.” يوحنا ٥: ١٤. هذا يوضح لنا أمرين: أولاً، أن حالة هذا الرجل كانت مرتبطة بخطية في حياته. ثانيًا، أن الاستمرار في الخطية كان سيؤدي إلى ما هو أسوأ.
عندما تفتح بابًا للخطية، فأنت تفتح الباب على مصراعيه لإبليس. يقول الكتاب “وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا.” أفسس ٤: ٢٧. إبليس يجد مكانًا من خلال الأفكار والمشاعر والجسد، وعندما يجد مدخلاً، فإنه ينتج الموت بأشكاله المختلفة: أمراض في الجسد، فشل في العمل، خسارة مادية، علاقات محطمة، وأفكار مشوهة.
* لماذا يتأثر الأبناء بنتائج خطايا الآباء؟
كان هذا السؤال يُطرح حتى في العهد القديم، حيث قالوا المثل “الآبَاءُ أَكَلُوا الْحِصْرِمَ وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ.” حزقيال ١٨: ٢. ويفهم البعض خطأً آيات مثل ما جاء في سفر الخروج “أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ…” خروج ٢٠: ٥.
لقد أوضح الكتاب المقدس في سفر التثنية أن هذه النتائج تستمر فقط إذا استمر الأبناء في سلوك آبائهم الخاطئ. فالأمر هو نتيجة طبيعية لأفعالهم هم.
ولكن، ماذا لو تغير الأبناء وعرفوا الرب؟ هنا يتوقف كل شيء!
افهم هذا جيدًا: عندما نعرف الرب يسوع، فإننا ننتقل إلى واقع جديد تمامًا، بعيدًا عن كل ميراث سلبي من الأهل، سواء كان مرضًا، أو سمعة مشوهة، أو حتى سمات وراثية مثل العصبية. لقد “أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ” كولوسي ١: ١٣.
إيمانك بأنك يمكن أن تتأثر بلعنات الأجداد أو أعمال السحر هو ما يعطيها سلطانًا عليك، لأنه يفتح الباب لإبليس. أما إيمانك بأنك خليقة جديدة في المسيح، فقد انتقلت إلى مكان مختلف تمامًا، فهذا الإيمان يغلق الباب أمامه. لقد افتُدينا من كل ميراث باطل، كما يقول الرسول بطرس. وإن كنت تعاني من ميراث عائلتك، فهناك عائلة جديدة قد فُتحت لك: عائلة يسوع.
* عندما يموت الإنسان، من الذي يموت: الروح أم النفس أم الجسد؟
كما عرفنا، الموت هو انفصال الشيء عن مصدر حياته. والإجابة على هذا السؤال تتوقف على حالة الشخص الروحية: هل هو مولود من الله أم لا؟
- إن كان الشخص مولودًا من الله: فإن روحه متصلة بالله، وقد أُعيد خلقها من جديد في المسيح يسوع. في هذه الحالة، الموت الجسدي هو مجرد “خلع للبدلة” أو “الخيمة” المؤقتة، استعدادًا للحصول على الجسد الممجد. فالذي يموت هو الجسد فقط ويوضع في الأرض، أما الروح فتظل حية مع الرب.
- إن لم يكن الشخص مولودًا من الله: فهذا هو الأمر المحزن والخطير. إنه يختار أن يستكمل حالة الموت التي بدأها. لقد بدأ بالموت الروحي (الانفصال عن الله)، ثم مر بالموت الجسدي، وسيستكمل هذا الموت الروحي إلى الأبد في بحيرة النار والكبريت. الأمر ليس هينًا كما يظن البعض الذين يستهزئون و”يحجزون” أماكنهم في الجحيم؛ إنه انفصال أبدي ووحدة رهيبة.
مُلك الحياة: كيف تهزم سلطان الموت؟
بعد أن كان الموت هو الذي يملك ويسود ويفرض سلطانه على البشر، وبعد أن كان لإبليس سلطان الموت، جاء يسوع ليغير كل شيء. يعلن الرسول بولس هذا الحق المذهل:
” لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!” رومية ٥: ١٧.
لاحظ جيدًا: الكلمة تقول “سيملكون”، وهي لا تتحدث عن المستقبل فقط، بل عن واقع حاضر يمكنك أن تحياه الآن! يمكنك أنت أن تجلس على العرش وتملك وتحكم وتمسك بزمام الأمور في حياتك، بيتك، وصحتك. لقد انتهى عهد الخوف والوحدة.
الجميع يبحث عن ضمانة في هذه الحياة. شركات التأمين قامت على هذا المبدأ. لكن من يضمن لك مستقبلك؟ من يمنحك الحصانة الحقيقية ضد الخوف والمرض والخراب؟ إنه يسوع.
إذا كان آدم بخطيئته قد جعل الموت يتسيد ويقول كلمته في حياتك: “المرض سيمشي في جسدك، الفشل سيمشي في مشروعك، الألم سيمشي في حياتك”، فبالأولى كثيرًا، أنت الذي نلت فيض النعمة وعطية البر، يمكنك الآن أن تُقيم الموت من على كرسيه، وتجلس أنت لتملك في الحياة بالواحد يسوع المسيح.
دعوة إلى الحياة: صلاة وقرار
اسمع هذه الوعود المذهلة التي يقدمها لك الله اليوم:
“٢٠ فِي الْجُوعِ يَفْدِيكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَفِي الْحَرْبِ مِنْ حَدِّ السَّيْفِ. ٢١ مِنْ سَوْطِ اللِّسَانِ تُخْتَبَأُ، فَلاَ تَخَافُ مِنَ الْخَرَابِ إِذَا جَاءَ. ٢٢ تَضْحَكُ عَلَى الْخَرَابِ وَالْمَحْلِ، وَلاَ تَخْشَى وُحُوشَ الأَرْضِ. ٢٣ لأَنَّهُ مَعَ حِجَارَةِ الْحَقْلِ عَهْدُكَ، وَوُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ تُسَالِمُكَ. ٢٤ فَتَعْلَمُ أَنَّ خَيْمَتَكَ آمِنَةٌ، وَتَتَعَهَّدُ مَرْبِضَكَ وَلاَ تَفْقِدُ شَيْئًا. ٢٥ وَتَعْلَمُ أَنَّ زَرْعَكَ كَثِيرٌ، وَذُرِّيَّتَكَ كَعُشْبِ الأَرْضِ.” أيوب ٥: ٢٠-٢٥.
ربما تقول: “هل هذه الحياة حقيقية وممكنة على الأرض؟”. نعم، هي حقيقية جدًا ومتاحة لك الآن. إن كنت لم تقبل يسوع بعد، أشجعك أن تأخذ هذه الخطوة الآن وتصلي معي. وإن كنت قد قبلته، فتعمق في معرفته واكتشف كل ما صنعه لأجلك.
أشجعك أن تغمض عينيك، ارفع قلبك، واعلم أن الله يسمعك لأنه يحبك. هذا ليس وقت التشتت، بل هو وقت قرار يمكن أن يغير أبديتك. صلِّ معي من كل قلبك:
“يا رب، آتي إليك باسم يسوع. أشكرك لأجل الفداء العظيم الذي صنعته لتنقذني أنا من الموت. أشكرك لأنك محوت كل خطاياي. أنا أقبل يسوع ربًا ومخلصًا لحياتي. أختاره سيدًا لأعيش له كل أيامي. أصدق أنه جاء من السماء، وعاش ومات وقام وصعد من أجلي، لكي آخذ عطية البر، وأعيش حياة النصرة التي رسمتها لي، حياة بلا خوف.
أنا أستقبل عطية البر الآن. أشكرك لأنني صرت بارًا في نظرك، وطبيعتك سكنت فيَّ. أشكرك لأن حياتك تسري فيَّ الآن. أنا ابن لك. أشكرك وأهلل لما صنعته من أجلي.”
والآن، أعلن هذا بإيمان:
لن يملك الموت في حياتي ثانيةً!
لن يملك المرض في حياتي ثانيةً!
لن يملك الخوف في حياتي ثانيةً!
ثق أنه بقبولك ليسوع، فإن حياة الله قد بدأت تسري فيك الآن، والموت بكل أشكاله لم يعد له سلطان عليك.
آمين.
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
ملخص رحلة الإنسان من الأزل إلى السقوط
- خطة الله الأزلية: كان الإنسان في فكر الله ومحبته قبل تأسيس العالم، وقد أعد الله كل شيء لمنحه طبيعته الإلهية.
- العالم الأولي والسقوط: خلق الله الملائكة لخدمة الإنسان، لكن “لوسيفر” سقط بسبب كبريائه، مما تسبب في دمار عظيم للأرض الأولى.
- تجديد الخليقة: ما ورد في تكوين ١: ٢ وما بعده هو “إعادة تجديد” للأرض التي دُمرت، وليس خلقًا من العدم.
- خلق الإنسان وخيانته: خلق الله الإنسان ليمنحه حياته، لكن إبليس خدعه بالتشكيك والكذب، مما أدى لسقوط آدم وحواء.
- تسليم السلطان: بخيانته، سلّم آدم السلطان الذي منحه الله له إلى إبليس، مما أعطى إبليس حقًا قانونيًا للتحرك في الأرض وفتح الباب للأرواح الشريرة.
العقوبة والنتيجة
- ما حدث لآدم بعد السقوط (الطرد، لعنة الأرض، الشقاء) لم يكن عقوبة من الله، بل نتيجة طبيعية لاختياره وعصيانه.
- الخطية في حد ذاتها مميتة، وكان تحذير الله لآدم تحذير محبة وليس تهديدًا.
- طبيعة الله هي البركة، والعصيان هو ما يؤدب الإنسان، لا غضب الله.
أسئلة جوهرية
- لماذا لم يسامح الله آدم؟ محبة الله لا تلغي عدله؛ كان لا بد من تحقيق العدل.
- لماذا أرث الخطية؟ كانت البشرية كلها “شرعيًا” في آدم كرئيس لها، والخطية طبيعة روحية تورث. لكن كما ورثنا الخطية، قُدِّم لنا الخلاص في يسوع مجانًا، مما يجعلنا بلا عذر.
- لماذا خلق الله الإنسان وهو يعلم أنه سيسقط؟ معرفة الله المسبقة لا تلغي حرية اختيار الإنسان. أكمل الله خطته بسبب محبته غير المشروطة، لأنه يريد أبناءً يختارونه بحرية لا عبيدًا.
ما هي الخطية وما هو الموت؟
- الخطية: هي طبيعة روحية تُنتج أفعالًا خاطئة، وليست الأفعال ذاتها. وهي أيضًا “إخفاق في إصابة الهدف” الإلهي، مما يؤدي لحياة بلا معنى.
- أنواع الخطية: الخطية الموروثة (من آدم)، والمنتسبة (بسبب فعل آخرين)، والفعلية (التي نرتكبها بأنفسنا).
- الموت: هو الانفصال عن مصدر الحياة. آدم مات روحيًا لحظة عصيانه لأنه انفصل عن الله.
- أنواع الموت: الموت الروحي (الانفصال عن الله)، والموت الجسدي (انفصال الروح عن الجسد)، والموت الأبدي (الانفصال الدائم عن الله).
وراثة الطبيعة الإلهية والحياة الجديدة
- كما تورث طبيعة الخطية، تورث الطبيعة الإلهية أيضًا من خلال المسيح. المؤمن لا يمتلك طبيعتين، بل طبيعة جديدة.
- الخطية والمرض: الخطية يمكن أن تنتج أمراضًا، لكن ليس كل مرض سببه خطية مباشرة.
- الميراث السلبي: في المسيح، نتحرر من نتائج خطايا الآباء؛ الأمر يتوقف إذا لم نستمر في نفس سلوكهم.
- مصير الإنسان بعد الموت: بالنسبة للمؤمن، يموت الجسد فقط. أما غير المؤمن، فيستكمل حالة الموت الروحي إلى الأبد.
مُلك الحياة ودعوة الخلاص
- بسبب خطية آدم “مَلَكَ الْمَوْتُ”، ولكن بفضل نعمة المسيح، يمكن للمؤمنين أن “يَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ“ الآن.
- يسوع يمنح المؤمن السلطان على الخوف والمرض والخراب.
- ينتهي النص بدعوة لقبول يسوع ربًا ومخلصًا للدخول في هذه الحياة المنتصرة وإعلان أن الموت لم يعد له سلطان.
__________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
