حلقة: مدينتان
برنامج: من البداية للنهاية
لمشاهدة الحلقة على الفيس بوك أضغط هنا
لمشاهدة الحلقة على اليويتوب
لسماع الحلقة على الساوند كلاود
برنامج من البداية للنهاية
(راديو الحق المغير للحياة).
الحلقة الثانية عشر: مدينتان (الجزء الأول).
تنويه: العظة مكتوبة بـالذكاء الاصطناعي، لم تُراجع من خدمتنا بعد… إن وجدت أخطاءً في الكتابة تواصل معنا واذكرها لنا.
- استعراض المحطة السابقة: حقيقة النفيليم.
- عالم الروح: الحقيقة الغائبة والمُسيطِرة.
- الفهم الروحي: مفتاح دخول المملكة.
- امتداد النسل الهجين: من العماليق إلى نمرود.
- مدينتان: بابل مقابل مدينة الله.
- مدينتان: مبدأ التقليد الشرير مقابل الأصل.
- مبادئ بابل: الحياة للذات مقابل الحياة لله.
- دعوة للخروج من بابل.
- سلطانك الروحي: كيف تواجه الكلمات السلبية؟
- مبادئ بابل: الهروب من فكر الذات والاستقلالية.
- السر الحقيقي لبرج بابل: استدعاء الأرواح.
- التطبيق العملي: كيف تخرج من أرض بابل؟
نود أن نأخذ ملخصًا سريعًا عما سمعناه في الفترة الماضية، والذي كان شيئًا ضخمًا ورائعًا، ثم ننتقل إلى محطة جديدة.
في البداية، أحب أن أشكر القس رامز على هذه الفرصة التي أتاحت لي أن أكون متواجدًا. لقد تعلمت هذا من القس رامز. نحن في برنامجنا نسير من بداية كل شيء؛ الأصل لكل أمر وبدايته. نحن لا ندرس الكتاب إصحاحًا تلو الآخر، بل نسير عبر محطات مهمة كانت فارقة في حياة الأرض وفي تاريخ الإنسان.
لقد مررنا بمحطات من قبل تأسيس العالم، قبل الأزمنة الأزلية، وعرفنا أن الإنسان كان في فكر الله منذ البداية. قد يسأل سائل: ماذا كان يفعل الله قبل الأزمنة الأزلية؟ واحدة من الأمور التي كان يفعلها هي أنه كان يخطط لمجيء كائن سيكون على شبهه وعلى صورته، وسيأخذ طبيعته. ثم بعد ذلك، تطرقنا إلى أن الله صنع الملائكة، ثم السماء والأرض، وتكلمنا عن سقوط الملائكة الذي كان بقيادة لوسيفر، ووصلنا أيضًا إلى سقوط الإنسان وما ترتب عليه من نتائج.
والحلقة الماضية، التي كانت من الحلقات الغريبة والتي لم نكن نفهمها بهذا الشكل من قبل — وأحب أن أذكركم دائمًا، ارجعوا إلى كل حلقة قبل أن نبدأ برنامجنا، فنحن دائمًا نعلن عن حلقاتنا، ارجعوا لأننا نسير في سلسلة متكاملة جدًا جدًا، وجهزوا أسئلتكم — كانت بعنوان “النفيليم”.
استعراض المحطة السابقة: حقيقة النفيليم:
- البصمة المادية لإبليس على الأرض
تكلمنا عن أن إبليس لم يكتفِ فقط بوضع بصمته في فكر الإنسان، بل سعى ليكون له تواجد حرفي مادي على الأرض من خلال وجود بشر يضع نسله فيهم. لم يكن مجرد تواجد فكري، بل تواجد مادي أيضًا، حيث حدث تزاوج بين عالم الروح والعالم المادي لكي يضع إبليس بصمته، تمامًا كما صنع الله إنسانًا مشابهًا له على الأرض يمثله. إبليس أيضًا يريد أن يضع يده على الأرض، وأن يُدخل نفسه على الأرض بطريقة تجعل هناك بشرًا غير طبيعيين، بشرًا مهجَّنين، وهم الذين يُطلق عليهم “النفيليم”.
- هل هذه فكرة جديدة؟
أنا أعرف أن هذه الفكرة ليست مقبولة كثيرًا لدى البعض، والبعض يقول إنها فكرة جديدة ليس لها أساس. لكن في الحقيقة، هي ليست فكرة جديدة. هل لها مراجع أو إثباتات يستطيع مشاهدينا الرجوع إليها للوصول لها؟
هذا حقيقي. هذه الفكرة قديمة جدًا، وليست فكرًا طالعًا جديدًا، لكن هذا فكر كلمة الله في الأساس. بالإضافة إلى ذلك، لو رجعنا لآباء الكنيسة، سنجد أن الآباء في الكنيسة كانوا يؤمنون بهذا. لو رجعنا لمراجع يهودية، سنجد فيها هذا. يوسيفوس، المؤرخ اليهودي المشهور، كتب عن هذا وتكلم عن هذا الأمر. هذا الرجل ليس مسيحيًا، هو مجرد يهودي يكتب تاريخ اليهود. وهكذا آباء الكنيسة: القديس أغسطينوس، الشهيد يوستينوس، القديس أمبروس. كل هذه المراجع يمكن أن تكون موجودة وتُوضع في التعليقات، وستجدون أيضًا أماكن الكتاب، ورقم الصفحة، ورقم الفصل الذي تكلموا فيه عن هذا الأمر. (راجع الحلقة على راديو الحق المغير للحياة).
فهذه ليست مسألة جديدة. وأنا أشجع أي شخص: امنح نفسك فرصة لتفكر في الأمر. قد يبدو كأنه من أفلام الخيال العلمي، وأن هناك كائنات فضائية جاءت إلى الأرض، وكأنها أساطير بالفعل، لكن امنح نفسك فرصة للتفكير، وستجد أن هناك أسئلة كتابية لن يجيب عليها إلا إذا اقتنعت بهذا. نعم، هناك أسئلة كتابية لن نجد لها إجابة، وهذه هي البداية، مثل هذا النسل الهجين، وما هو التطور الحاصل.
- أسئلة كتابية يجيب عليها فهم “النفيليم“
إن إبليس يسعى طوال الوقت ليتواجد ويصنع له مكانة في الأرض عبر النسل، بأن يضع له نسلاً في الأرض، وهذا النسل يظل مستمرًا. ولهذا السبب، قال الرب عن جنس وحيد: “لِلرَّبِّ حَرْبٌ مَعَ عَمَالِيقَ مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ” خروج ١٧: ١٦. لِمَ هذا الجنس الوحيد الذي أعلن الرب حربًا عليه؟ لِمَ يدخل الرب نفسه في حرب مع الناس، والله يحب الناس؟ وهذا سيجيب على أسئلة كثيرة، منها الإبادة التي كانت تحصل في أرض كنعان، الإبادة حتى للأشجار، والحيوانات، والأطفال، والبشر—هذه أسئلة كثيرة تُطرح: لماذا تحصل إبادة جماعية بهذا الشكل؟ لن نجد تفسيرًا. وكذلك الإبادة الجماعية التي حصلت في الطوفان، والتي لم نكن نفهمها. هل كان السبب مجرد أن أناسًا أشرارًا تزوجوا بنات وأنجبوا جنسًا غير صالح، أو أناسًا أشرارًا؟ لو كان الأمر كذلك، فلماذا لا يتكرر الأمر الآن؟
السبب هو أنه كان هناك شيء وراء ذلك، شيء لن يُلتقط إلا بالروح، لأننا نتحدث عن أمور روحية. لن تُرى ولن تُدرَك إلا بالروح.
كما أن السبب الذي جعلنا نتحدث عن هذا هو أن الرب يسوع تكلم عن الوقت الذي سيأتي فيه، فقال إنه سيكون شبيهًا بأيام نوح وأيام لوط. وعندما ندرس أيام نوح وأيام لوط، نجد أن هذا الأمر كان حاصلًا. حتى في أيام لوط، سعى أهل المدينة أن يتزاوجوا مع الرجلين الملاكين اللذين دخلا عند لوط، لدرجة أن لوط حاول أن يضحي بابنتيه وبنفسه، لكنهم أصروا. كانوا فاهمين أن شيئًا ليس من الأرض قد دخل الأرض، وهم الرجلان أو الملاكان، ولهذا سعوا للتواصل معهم.
في المرة الأولى، غُسلت الأرض بالماء، وكأن الله أجرى إعادة ضبط (Reset) للأرض ليزيل هذا النسل، ولم يتبقَ إلا ثمانية أشخاص لم يتلوثوا. ولكن هذا تكرر مرة أخرى. لقد قرأنا في تكوين ٦ المرة الماضية أن الأمر تكرر ثانيةً. ليس عبر الملائكة أنفسهم الذين فعلوا ذلك، فالكتاب يقول في رسالتي بطرس ويهوذا إنهم قد سُجنوا، بل تكرر الأمر عبر أرواح “النفيليم”، أرواح الناس الذين تواجدوا على الأرض، والذين كانوا نتاج عالم الروح مع العالم المادي. فبعد أن تموت هذه الكائنات، تتحرك أرواحها في الأرض، فتكرر الأمر بهذه الطريقة.
عالم الروح: الحقيقة الغائبة والمُسيطِرة:
بينما نتحرك في هذه الزاوية، أحب أن أوضح شيئًا أكثر شرحه القس رامز باستفاضة، وهو “عالم الروح”. من كثرة انغماس الإنسان في العالم المادي—والعالم المادي هو أنني أرى، وأنني أسمع، وأنني أحس، وأنني أتذوق الشيء—أصبح العالم المادي بالنسبة لبعض الناس هو كل شيء. لكن لا، هناك شيء يسمى “عالم الروح”.
- هل عالم الروح حقيقي؟
هل هذا حقيقي؟ يعني، هل يمكننا… لأننا بشر، نشعر بأننا نريد أن نمسك الأشياء، نستخدم حواسنا لنراها. فهل عالم الروح شيء حقيقي بهذا الشكل؟ هل يمكننا القول إنه شيء حقيقي نقدر أن نتعامل معه ونتعايش معه؟ هل هذا حاصل؟
هذا صحيح، وهو حاصل وحقيقي. والله يريدنا ألا نتعامل إلا مع هذا العالم. هذا هو الأساس الذي أتعامل به وأستقي منه معلوماتي، ثم من خلاله أتعامل مع العالم المادي، أي ظروفي. ليس العكس. نعم، ليس العكس.
فمثلاً، شخص سمع خبرًا أو تلقى تقريرًا دخل إليه عن طريق الحواس، فصدّق هذا التقرير—قد يكون تقريرًا طبيًا مثلاً أو خبرًا سيئًا جاءه من شخص—فصدّق الخبر، مما أثّر سلبًا في داخله. بينما العكس هو ما يجب أن يحدث. كمولود من الله، أنت تسمع ما يقوله عالم الروح، ما يقوله الله عن الموضوع، فتفرض هذا على ما هو في الخارج، على الشيء الذي تريد أن تغيره من الخارج.
- آدم وحواء: الانفتاح على عالم الحواس
منذ بداية تكوين الإصحاح الثالث، عندما تحدث الكتاب عن آدم وحواء وقال: “فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا“، فإن آدم وحواء لم يولدا أعميين، ولم يكونا مغمضي العينين. فأي أعين انفتحت؟ هذا يعني أنهما كانا منفتحين على عالم، ثم انتقلا إلى عالم آخر، واكتسبا نوعًا آخر من المعرفة، معرفة مختلفة عن العالم الأول. وهذا ما جعل الله يسأل آدم” مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟” تكوين ٣: ١١. من أعطاك هذا النوع من المعرفة؟ من أعطاك هذه المعلومة؟ من أكسبك هذه المعرفة الجديدة التي من الطبيعي ألا تكون موجودة؟ لدرجة أن آدم وحواء، كما قال الكتاب، لم يكونا يعرفان أنهما عريانان، ثم بدآ يعرفان ويكتشفان ذلك بسبب انفتاحهما على عالم الحواس، وانفصال أرواحهما عن الله.
إن الصورة الحقيقية التي كان الله يريد أن نكون عليها هي أن يكون العالم الروحي هو المسيطر على العالم المادي، عكس ما هو حاصل الآن، حيث أصبح العالم المادي—إن جاز التعبير—أقوى من العالم الروحي الحقيقي الذي يمكننا أن نتعامل معه. لدرجة أنه حدثت حالة من الغمامة، وأصبح أي شخص يتكلم عن عالم الروح يُنظر إليه وكأنه مهرطق، أو يتكلم ببدعة، أو بشيء ليس في الكلمة.
العكس هو الصحيح. الرب يسوع قال لنيقوديموس في أول محادثة مع هذا الرجل، قال له هكذا:” إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ ٱللهِ” يوحنا ٣: ٣. ماذا؟ هل يُرى ملكوت الله؟ إن ملكوت الله شيء روحي! نعم، يمكن أن يُرى. وبعدها بقليل، تعمق يسوع أكثر وقال له ليس فقط تراه، بل “ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱللهِ” يوحنا ٣: ٥. هذه مملكة روحية موجودة على الأرض، نعم، غير مرئية بالعيون المادية، لكن لها تأثير قوي وفعال على الأرض.
- أليشع: رؤية ما وراء الماديات
أليشع، في يوم من الأيام كان وعيه بعالم الروح أكثر من وعيه بالأمور المادية المحسوسة. تضايق منه ملك أرام لأنه كان يكشف كل مخططاته ويفشلها، فأرسل إليه جيشًا ثقيلاً بمركبات، كل هذا متجه من أجل شخص واحد، أليشع وغلامه. وفجأة، يفتح الغلام الباب، فيتفاجأ بأن الجبل كله محاط بجيش ومركبات ثقيلة. هذا ما رآه الغلام: مشهد جنود قادمين ليقتلوا ويمسكوا بأليشع. طبعًا، خاف وارتعب وقال له: “الحقنا يا سيدي! يا سيدي، تعال انظر ماذا يحدث! لقد انتهينا، كل هذا قادم من أجلنا”. كانت عيناه مفتوحتين على ما هو مادي، وكان يرى أمرًا مختلفًا.
أول شيء قاله له أليشع كان: “لَا تَخَفْ.”… طبيعي أن اللغة التي يتكلم بها الشخص تكشف بمن هو متصل، هل بعالم الروح أم بعالم الحواس. أول شيء قاله هو “لا تخف”. ثم قال له تعبيرًا، “لِأَنَّ ٱلَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ ٱلَّذِينَ مَعَهُمْ” (٢ ملوك ٦: ١٦. (انتبه جيدًا)، في الآية عندنا في العربية: “ٱلَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ ٱلَّذِينَ مَعَهُمْ” نحن أحيانًا نقرأها بطريقة غير دقيقة فنقول: “الذين معنا أكثر من الذين علينا”. ما الفرق بينهما؟ عندما أقول “الذين معي”، كان أليشع يقصد الملائكة، لأننا نكتشف بعد ذلك مباشرة أن عيني الغلام انفتحتا ورأى الجبل محاطًا بفرسان ومركبات نار، وهذه ملائكة. إذن، عالم الروح فيه فرسان وفيه مركبات نار، وهذا ليس تخيلاً ولا شيئًا رمزيًا يتخيله أليشع أو يتوهمه. لا، عالم الروح فيه هكذا. فلو قلت إن “الذين معي” (وهم الملائكة) أكثر من “الذين عليَّ” (وهم البشر الأشرار الذين أتوا ليمسكوا بأليشع)، فهذا غير دقيق. أليشع أصلاً لم يكن منتبهًا لوجود بشر، هو كان منتبهًا لعالم الروح، لدرجة أنه قال: “الذين معنا (وهم الملائكة) أكثر من الذين معهم”. سؤال: من هم “الذين معهم”؟ إنهم الأرواح الشريرة. فهو رأى أصلاً أن كل شيء يُقاد ويتحرك ضد أليشع. الناس الذين أتوا لقتله، لو نظرت إليهم، سأراهم بشرًا، لكن في الحقيقة، وراءهم أرواح شريرة. لهذا السبب، كانت عيناه مفتوحتين طوال الوقت على هذا العالم، وكانت أولى الكلمات التي قالها لغلامه: “لا تخف، الذين معنا أكثر من الذين معهم”. بعد ذلك، صلى للغلام أن تنفتح عيناه. وهذا ما نصليه في اسم يسوع: أن تنفتح عيناك على إدراك حقائق روحية.
الفهم الروحي: مفتاح دخول المملكة:
- صلاة بولس من أجل كنيسة كولوسي
تحدث الرسول بولس عن شيء اسمه في كولوسي الإصحاح الأول—سأقرأ هذه الآيات، فهي من الآيات الرائعة—شيء اسمه “فهم روحي”. هناك شيء اسمه “فهم روحي”. في كولوسي ١ وعدد ٩ يقول هكذا: “٩ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ نَحْنُ أَيْضًا، مُنْذُ يَوْمَ سَمِعْنَا، لَمْ نَزَلْ مُصَلِّينَ وَطَالِبِينَ لِأَجْلِكُمْ أَنْ تَمْتَلِئُوا مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِييئَتِهِ، فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ” كولوسي ١: ٩. إذن، هناك شيء اسمه “فهم روحي”.
هناك أناس بارعون وفاهمون في أمور في الأرض، وهذا رائع، لكنهم للأسف ليسوا بارعين وفاهمين في أمور في عالم الروح. بولس كان يصلي ويشكر الرب، وقال لهم أيضًا: أنا أصلي لكي تمتلئوا من معرفة مشيئته في كل حكمة وفهم روحي. هناك شيء اسمه “فهم روحي”. الكتاب يخبرنا أن الإنسان الطبيعي الذي يسير بحواسه لا يفهم ما لروح الله، فلا يعرفه. تُقال أمامه أمور وهي بالنسبة له طلاسم، أمور تمر عليه عاديًا. بينما شخص آخر لديه فهم روحي، يلتقط، يلتقط ما وراء هذه الأمور، يلتقط عالم الروح، يلتقط العمل الإلهي فيها.
بعدها مباشرة، بعد “فهم روحي”، تكلم الرسول بولس أيضًا عن مملكة، فقال هكذا في عدد ١٢ مثلاً: “١٢ شَاكِرِينَ ٱلْآبَ ٱلَّذِي أَهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ ٱلْقِدِّيسِينَ فِي ٱلنُّورِ، ١٣ ٱلَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ ٱلظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ٱبْنِ مَحَبَّتِهِ” كولوسي ١: ١٢-١٣. لو لم يكن لدي فهم روحي، لن أعرف كيف أفهم معنى أنني كنت في ظلمة، وأُنقذت من سلطانها—”سلطان” تأتي في ترجمات أخرى “حكومة”، حكومة الظلمة التي هي حكومة إبليس—وأيضًا “نُقلت”. إلى أين نُقلت؟ إلى أين ذهبت؟ يقول: “ملكوت ابن محبته”. يعني، لو سألت نفسي: أين أنا الآن؟ لو قلت إنني في منطقة المقطم الآن، ثم انتقلت وذهبت إلى محافظة المنيا أو أسيوط، أو خرجت خارج مصر، فأنا أصبحت في المكان الجديد. هنا، كلمهم عن فهم روحي، لأنه سيتكلم بعدها عن مملكة روحية لن يفهمها أي شخص. لن يفهم معنى أنني أصبحت في مملكة روحية.
- الحكمة الأرضية في مواجهة الفهم الروحي
بعض الناس، من كثرة فهمهم في أمور معينة أرضية، يعوقهم ذلك. فالذي يفهم في الطب كثيرًا—لا أقصد أنه يفهم فقط، بل يفهم ويسير به—قد يعوقه ذلك عن استقبال شفائه. من كثرة ما درس عن المرض الفلاني، وأنه يفعل واحد، اثنان، ثلاثة، ويصيب بكذا، ومراحله كذا، من كثرة معرفته… هل هذا يعني ألا أدرس؟ لا، ادرس، لكن لا تسرْ به. لا تضع قلبك فيه على أنه هو مفاتيحك، ليست هذه هي معرفتي. لهذا السبب، قال الرب إن الاعتماد والافتخار، في إرميا إصحاح ٩، “لَا يَفْتَخِرَنَّ ٱلْحَكِيمُ بِحِكْمَتِهِ” إرميا ٩: ٢٣.
هناك شخص، من كثرة دراسته مثلاً—وما أسهل “جوجل” الذي صار إلهًا لبعض الناس، أي شيء يبحثون عنه على “جوجل” ويصير موثقًا لديهم—فقد يكون أصلاً لم يدرس الطب، ولكن حدثت له أعراض معينة، فأسرع وبحث على “جوجل”. هناك شخص في الكتاب، أول ما مرض، أول شيء طلبه هو أطباؤه. فأرسل له الرب من يكلمه قائلاً: لماذا طلبتهم؟ لماذا لم تطلب الرب؟ فهناك أناس، أول ما يسرعون، يبحثون عن أعراض كذا وكذا، ويبدأ يتفاجأ بأعراض المرض، وأنها خطيرة، أو أن هذا المرض خطير. ولكونه وضع قلبه في هذه المعرفة وقضى وقتًا يفهمها، سيأتي وقت كلما قيلت له معلومات إلهية عن الشفاء، سيأتيه الصوت الذي قرأه: “لكن هذا المرض كذا…”، “لكنهم قالوا إنه لا يُشفى…”، “لكن الأطباء أجروا أبحاثًا ووجدوا كذا…”. من كثرة امتلائه بكلام الناس، بالمعرفة الحسية، بالفهم الأرضي، تأتي المعرفة الروحية وتمر عليه فلا يعرف كيف يستفيد منها.
العكس تمامًا هو ما حدث مع نازفة الدم. لقد مرت بخبرة أنها جربت أطباء كثيرين ولم تنتفع شيئًا، وكان من الممكن أن يعوقها ذلك لو أن أحدًا قال لها: “هناك معلم كان نجارًا من قبل، واسمه يسوع، وهو شاب، وهذا يشفي، ويشفي مجانًا”. كان من الممكن أن تقول: “ماذا سيفعل لي؟ لقد ذهبت إلى أهل التخصص، ذهبت إلى أهل الطب”، لأن الكتاب قال إنها ذهبت إلى أطباء كثيرين، ونحن نفهم أن لوقا كان طبيبًا، ففي ذلك الوقت كان هذا الأمر موجودًا ومنتشرًا. لكن مع ذلك، لم تسمح لعلاقتها بالطب والأطباء والأدوية والأموال التي صرفتها أن تمنعها عن التصديق بنوع آخر من معرفة أعلى، وهي أنها ستُشفى. ولهذا السبب، بدأت تأخذ شفاءها.
وهناك أيضًا جزء في هذه الآية، من الآيات الرائعة، عندما يقول: “أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ ٱلظُّلْمَةِ“، ويتكلم عن المملكة التي سنتكلم عنها: “نَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ٱبْنِ مَحَبَّتِهِ“ أو ملكوت ابنه المحبوب. هناك أناس يقفون عند “أنقذنا” فقط، يقفون عند هذا الجزء. دائمًا عندما يتكلم الكتاب عن الإنقاذ، لا يتكلم فقط عن إنقاذ “من”، بل هو إنقاذ “إلى”. عندما أخرجهم الرب من أرض مصر، قال لهم: “أنا أخرجتكم من بيت العبودية”، وهذا ليس كافيًا، بل “وأتيت بكم”. لقد أخرجتكم لكي أُدخلكم.
فنحن وصلنا إلى جزء أنني اكتشفت المكان الذي أنا فيه، والذي يقول عنه هنا “ملكوت ابن محبته” أو “مملكة ابنه المحبوب”. إن اكتشفت أنني في هذه المملكة، وما الذي لي في هذه المملكة الإلهية والذي أقدر أن أعيش به وأتمتع به، سأقدر أن أمشي بقوتها.
- السعي البشري الفطري نحو عالم الروح
هناك سعي دائم داخل أي شخص ليعرف عالم الروح. نعم. تلقائيًا مثلاً، وهذا يحدث كثيرًا ونراه، شخص جالس على “يوتيوب”، وهناك أناس يميلون لمشاهدة فيديوهات عن كائنات غريبة ظهرت، أو عن شخص فعل شيئًا غريبًا، عن سحر وأمور كهذه. قديمًا، قبل ذلك، كان السحر، والعرافة، والمنجمون، وكل هذه الأمور. ففي الإنسان سعي داخلي، فهو طوال الوقت يريد أن يعرف، لأنه مخلوق من هذا العالم، هو طالع من عالم الروح أساسًا، رغم أنه يفعل ذلك دون وعي بأنه فعلاً يبحث عن شيء، هذا هو الطبيعي الخاص به، هذا هو الطبيعي للإنسان أنه منجذب لعالم الروح. ولكن من الطبيعي أيضًا أن يدخله من الباب الصحيح.
لو دخلت بيتنا من الشباك، سأُجرح. ليس من الطبيعي أن أدخل من الشباك، أنا أدخل من الباب. فأي شخص يدخل عالم الروح من مدخل غير كلمة الله، فإنه يُجرح. حتى الخدام، مثلاً، الذي يخرج شياطين—وهو سلطان لكل المؤمنين—قد ينجرف الخادم إلى أن يجلس ويستجوب إبليس: “ومتى دخلت؟ وماذا فعلت معه؟ وكيف دخلت؟”، ويقضي وقتًا يستجوب إبليس وهو لا يعرف أن إبليس قد يضلله أساسًا، فإبليس كذاب. إذن، ما الضمانة أن المعلومات التي يقولها إبليس صحيحة؟ لأن إبليس كذاب، كما تكلمنا عنه. يسوع لم يكن يتعامل مع عالم الروح في صورة الأرواح الشريرة، كان يخرجها، لم يكن يتحاور مع إبليس كثيرًا. حتى إبليس كان يشهد عنه: “أنا أعرفك من أنت، قدوس الله”، فكان يسوع يخرسه ويقول له: “اسكت، لا أحتاج أن أعرفها منك، لا أحتاج أن أسمعها منك”. المرة الوحيدة التي سأل فيها يسوع عن اسم الكتيبة التي كانت موجودة داخل الرجل، وهي “لجئون”، كان فقط ليعطي التلاميذ انطباعًا بأنه، نعم، هذا ليس طبيعيًا، هناك شيء يعمل بداخله، أرواح شريرة أبعد مما ترونه فعلاً. لم يكن الغرض أن يستفسر يسوع ويعرف، كما يميل بعض الناس لهذه الأمور.
هناك أناس يلعبون ألعابًا لأنها قيل لهم إنها تفعل شيئًا، فتجعل جو الغرفة يتخذ شكلاً معينًا أو أمرًا معينًا. هناك أناس يشاهدون أفلام رعب ليحاولوا، أو أفلام خيال علمي ليحاولوا الدخول إلى هذا العالم، وهم لا يعرفون أنك تدخل من الشباك، تدخل من مكان خاطئ، وستُجرح. هناك أناس يتأذون من هذه الأشياء لأنهم يدخلون من ناحية خاطئة. فالنقطة التي أريد أن أقولها هي: هناك عالم روح، نعم، وينبغي أن تصدق فيه كابن مولود من الله، تصدق فيه، وإلا لن تستفيد به. ستكون مشغولاً بالعالم المادي وبكل ما فيه، وستضيع منك أمور رائعة، حتى لو بدا أننا نفعل أمورًا شكلها صحيح، لكنها كل البعد، تتحرك بحكمة أرضية لا علاقة لها إطلاقًا بالفهم الروحي.
- كلماتك هي أزرار روحية
هذا حقيقي. القس رامز يقول تعبيرًا جميلاً، يقول إننا طوال الوقت نضغط على أزرار روحية. بمعنى أن أي شيء يفعله الشخص، أساسه هو عالم الروح. أنت تدرك أو لا تدرك، أنت تشغل شيئًا. مجرد أنك تكلمت بكلمات، شخص تكلم بكلمات سلبية، جلس يتكلم بسلبية، هو لا يعرف أن هذا يساوي—لو أحضرنا أشعة لتكشف ما حدث—أنه جلس في مجلس وكان يمزح وقال كلمة سلبية، وهذا يساوي أنه في عالم الروح ضغط على زر، يساوي أنه قام بعمل نداء (calling) للأرواح الشريرة وهو لا يعرف. سيقول: “أنا أقول كلمة واحدة، أنا أمزح، لم أكن أقصدها ولا أعنيها، لقد خرجت مني هكذا، أنا متعود أن أقول هذا”. هذا حقيقي، أنا أمزح، لكن هناك من لا يمزح. إبليس لا يمزح.
الكتاب قال في أمثال ٢٦ أنه أعطى تشبيهًا مثل السنونو ومثل العصفور الذي يطير وتائه عن عشه ومكانه، فلا يجد مكانًا يقف فيه، ويبحث عن أي مكان مناسب ليقف فيه، ثم شبه هذا وقال: “٢ … كَذَلِكَ لَعْنَةٌ بِلَا سَبَبٍ لَا تَأْتِي” أمثال ٢٦: ٢. عندما تجد أن هناك لعنات تأتي، اعرف أن هناك سببًا. عندما تجد أن هناك لعنة—ومعنى كلمة “لعنة” هو قوة للفشل—في أي دائرة، قد تكون في الصحة، قد تكون في العمل، قد تكون في العلاقات، قد تكون في ذكاء الشخص، فاعرف أن هناك شيئًا، هناك سبب. الكتاب قال لنا: “لَعْنَةٌ بِلَا سَبَبٍ لَا تَأْتِي“. فهناك استدعاء للشيء. مثل العصفور، لن يأتي ويستقر في مكان ما لم يكن هذا المكان مهيئًا. يعني مثلاً، لن نرى مروحة تعمل وتدور، ولو دخل البيت أي عصفور تائه، عمره ما سيذهب ليقف على المروحة وهي تدور، لأن هذا المكان غير مهيأ ليقف عليه، هذا المكان يعمل وفعال. على العكس، لو وقفت عليها العصفورة، ستنتهي حياتها.
هكذا كلما كان الشخص روحيًا—بمعنى أن اللعنات لن تستقر عليه—يعمل، بمعنى أنني أقف في المكان الصحيح، أنا مدرك من أنا بشكل صحيح وفاهم، فاهم الكلمة، لا أعطي مساحة لأمور إبليس أو الأمور الروحية الخاطئة أن تستقر في حياتي، فلا أكون أجني هذا، أجني ثمر هذا.
أنا أوقات كثيرة أفعل أمورًا، لكنني أكون متخيلاً أنه لا مشكلة، الدنيا جيدة معي، لكن مع الوقت أجني ثمر أمور كثيرة زُرعت وراء بعضها البعض، لأنني لست فاهمًا ماذا أفعل. أو أن إبليس يستغل، يستغل حتى هذه الجزئية، أنه بعد أن تحصل الأمور السلبية، يسأل: “أين كان الله؟”، دون أن تدري أنك عشت طوال وقتك تزرع أمورًا خاطئة، تزرع خطأ، تزرع خطأ وأنت لا تعرف. الحياة تسير بشكل طبيعي، فلم تنتبه أن هناك شيئًا خاطئًا، لأن الزرع لا ينمو فورًا، وأنت لم تنتبه.
الكتاب قال في سفر الجامعة: “١١ لِأَنَّ ٱلْقَضَاءَ عَلَى ٱلْعَمَلِ ٱلرَّدِيءِ لَا يُجْرَى سَرِيعًا، فَلِذَلِكَ قَدِ ٱمْتَلَأَ قَلْبُ بَنِي ٱلْبَشَرِ فِيهِمْ لِفِعْلِ ٱلشَّرِّ” (الجامعة ٨: ١١. فبدأوا يفعلون الشر كثيرًا لأنه: “فلان يظلم ولم يحدث له شيء”، “فلان يغش ونجح وحصل على درجة جيدة”، “فلان يفعل كذا…”. من كثرة أنه لم يرَ قضاءً سريعًا، وهو لا يعرف أن هناك طول أناة من الله ينتظر هؤلاء الناس، ذهب هو وأخذها بطريقة خاطئة وقال: “خلاص، لا شيء يحدث”.
واحدة من الأسباب التي جعلت “تايتانيك”، وهي أعظم سفينة صُنعت، ومن كثرة ثقتهم فيها، قالوا إنهم لن يضعوا فيها قوارب نجاة—بالكاد وضعوا فيها حوالي ١٢ قاربًا، مع أن هذا ليس طبيعيًا مع سفينة عملاقة كهذه—قالوا أصلاً: “هذه السفينة التي لا تغرق”. فاطمأنوا بأن هذه السفينة لا تغرق. وفجأة، اصطدمت… “خلاص، نحن مطمئنون، كل شيء تمام، السفينة جيدة”. لم يكونوا منتبهين، لم يراقبوا المياه جيدًا، فاصطدمت بجبل جليدي تحت الماء. وهذا ما يحدث عندما لا أكون فاهمًا للحياة الروحية بطريقة صحيحة. قد تكون الحياة تسير وأنا مستقر، وفجأة، يستفيق شخص على كارثة.
وهناك أمر مطمئن، حتى لو أنني زرعت أمورًا كثيرة خاطئة، كوني توبت عنها، خلاص، تم حصاد ذلك، يسوع حمله على الصليب. واحدة من الأشياء التي رفعها يسوع على الصليب هي الأمور الخاطئة التي فعلتها. فلن أظل كثيرًا في دائرة: “لكنني زمان كنت أقول كلمات كثيرة خاطئة”، “لكنني زمان دعوت على أولادي ودعوت على نفسي، فهل سيأتي هذا على أولادي وعلى حياتي؟”، “لكنني قلت…”. قوة الحياة التي أحضرها يسوع أقوى جدًا من مفعول الموت الذي يخرج عبر الكلمات أو عبر الأمور الخاطئة التي يفعلها الشخص.
فهذه النقطة أريد أن أؤكد عليها: من المهم أن تفهم عالم الروح، من المهم أن يكون لك هذا الأمر. واحدة من الأشياء التي ستساعدك هي الروح القدس: أن تمتلئ بالروح القدس وتصلي بألسنة، هذا ما سيجعلك منفتحًا على عالم الروح.
امتداد النسل الهجين: من العماليق إلى نمرود:
- عمالقة أرض الطغاة وتأثيرهم المعاصر
هُنا في أرض الطغاة، كان يوجد عماليق، أُناسٌ ضخام الأجسام. عندما تنظر إلى المراجع وترى أن طولهم يصل إلى مراحل ضخمة جدًا، فهذا يشبه ما يحاول إبليس أن يفعله الآن من خلال أفلام الكرتون، والألعاب الإلكترونية (الجيمز)، وألعاب الكرتون، الألعاب الخاصة بالأطفال التي يدخلون من خلالها إلى ذلك العالم. ليست الموسيقى فقط، بل أي شيء يحضره أولادك، يجب أن تعرف أنه مدخل إلى عالم الروح، أيًا كان نوعه.
فبالتالي، الذي حدث هو كالآتي: وُجد أناس عمالقة كانت أجسامهم ضخمة. في تلك اللحظة، كانت الحرب تعتمد على الذراع والقوة الجسمانية، وكانت هذه القوة هامة جدًا. فبدأ إبليس يلعب في جينات الإنسان لكي يُخرج إنسانًا مهجنًا، مُجنَّسًا مع عالم الروح. يقول العدد الرابع من تكوين الإصحاح السادس إن الأرض كان بها طغاة في تلك الأيام، “وَبَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا“ تعني أن الأمر لم يقتصر على فترة نوح فقط.
- لماذا أمر الرب بالإبادة الكاملة؟
من الذي كان يقف لهم في تلك الفترة ما بعد نوح؟ شعب الله. هذه هي الوصايا التي يقول عنها الكتاب: “ادخلوا هذه البلاد وأبيدوهم جميعًا بأطفالهم”، لأن هؤلاء كانوا مهجنين، لم يكونوا بشرًا. وهذا يرد على سؤال: لماذا كان هناك كل هذا الدم في العهد القديم؟ كانت هناك بلاد طلب الرب منهم أن يرسلوا إليها رسلاً، وحصل قبول بأن يعبروا بسلام. إذن، هو لا يريد الدم، لكن كانت توجد أماكن أخرى أمر بقتل كل من فيها بحيواناتها، لأن حتى الحيوانات صارت مهجنة من تلك الأرواح الشريرة. فبالتالي، صار هناك نسل مجاور للإنسان.
لا تنسَ الصورة الأساسية: إن الله خلق الإنسان على صورته، وإبليس يحاول أن يجعل أحدًا على صورته هو.
- شخصية نمرود: جبار صيد أمام الرب
“ٱلَّذِي كَانَ جَبَّارَ صَيْدٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ“. هذه الكلمة ليست واضحة في اللغة العربية، ولن تجدها واضحة في ترجمات كثيرة. “لِذَلِكَ يُقَالُ: كَنِمْرُودَ جَبَّارُ صَيْدٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ“. ما معنى هذه الكلمة؟ “صيد” أي “خاطف النفوس”. هذا الشخص كان له قدرة إقناعية شريرة على أن يبدأ في تجييش الناس وإقناعهم، تمامًا كما تجد الآن أناسًا في عمل ما، أو في مصلحة ما، أو في شركة ما، أو أصحابًا في مدرسة، لديهم قدرة غريبة على الإقناع. الطب نفسه يسميها “شخصية هستيرية”، لكن هذا الأمر يكون وراءه تأثير من عالم الروح. إذا كان شخص لديه قدرة إقناعية بقوة الروح القدس، فهذه طبعًا صورة سليمة. لكن لو كانت لديه قدرة إقناعية شريرة، فمن الواضح جدًا أن وراءها مملكة الظلمة.
مدينتان: بابل مقابل مدينة الله:
- تأسيس المدينة الشريرة
الحلقة بعنوان “مدينتان”. سنتكلم في هذه الحلقة عن شيء تأسس، وربما نأخذ فيه أكثر من حلقة قادمة. بدأ الأمر بشخص أسس مدينة، وعمل في المدينة برجًا. نعم، برج. سنتكلم عن هاتين المدينتين. سنبدأ بالمدينة الشريرة التي تكوّنت. نحن لا نسير بترتيب زمني، كما قلت، لا نسير بطريقة مرتبة كإصحاحات، بل نسير بترتيب الأحداث، ونتكلم عن الأحداث التي أحدثت تغييرًا في مسار الأرض. لم يكن من الممكن أن نهمل الخلق، لم يكن من الممكن أن نهمل خطية آدم، لم يكن من الممكن أن نهمل تكوين الإصحاح السادس، لأن هذه الأمور حوّلت مسار الأرض. وهكذا، ما سنتكلم عنه الآن أحدث تحويلاً في مسار الأرض أيضًا. هذه الحادثة هي أن شخصًا بنى مدينة، وبنى داخلها برجًا. هذه واحدة من المدينتين اللتين سنتكلم عنهما.
في تكوين الإصحاح ١٠ والأعداد من ٨ إلى ١٠، نجد هذا الشخص: “وَكُوشُ وَلَدَ نِمْرُودَ ٱلَّذِي ٱبْتَدَأَ يَكُونُ جَبَّارًا فِي ٱلْأَرْضِ“. أنا أعرف أننا ربما أخذنا هذه الآيات ومررنا عليها مرورًا عابرًا مع الوقت، كأنها مثل سجلات الأسماء التي تُسجل في الكتاب. لكن أحيانًا، يذكر الكتاب مقاطع صغيرة عن شخص، ويكون هذا الشخص قد عمل شيئًا ضخمًا وكبيرًا. هنا، نمرود عمل شيئًا سلبيًا. اسمه “نِمرود” بكسر النون. “وَكُوشُ وَلَدَ نِمْرُودَ ٱلَّذِي ٱبْتَدَأَ يَكُونُ جَبَّارًا فِي ٱلْأَرْضِ“.
“٩ ٱلَّذِي كَانَ جَبَّارَ صَيْدٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ“. لو نلاحظ، كلمة “جبار” تتكرر. “ٱبْتَدَأَ يَكُونُ جَبَّارًا“. وفي العدد التاسع: “ٱلَّذِي كَانَ جَبَّارَ صَيْدٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. لِذَلِكَ يُقَالُ“…، لقد أصبح مثلاً يُضرب به: “كَنِمْرُودَ جَبَّارُ صَيْدٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. ١٠ وَكَانَ ٱبْتِدَاءُ مَمْلَكَتِهِ بَابِلَ وَأَرَكَ وَأَكَّدَ وَكَلْنَةَ، فِي أَرْضِ شِنْعَارَ“.
- من هو نمرود؟
نحن الآن أمام الشخصية التي ستؤسس المدينة، وهي شخصية نمرود. ومن معنى اسمه—لأن الأسماء في الكتاب مهمة جدًا—”نمرود” يعني شخصًا عاصيًا ومتمردًا. هو أول شخص يُقال عنه في الكتاب إنه “جبار”. وكما رأينا، ذُكرت كلمة “جبار” ثلاث مرات: “جبارًا في الأرض”، “جبار صيد أمام الرب”، وقيل عنه “كنمرود جبار صيد أمام الرب”. وكلمة “جبار” هذه تذكرنا بسهولة بأول مرة ذُكرت فيها كلمة “الجبابرة” في تكوين الإصحاح السادس. نعم، لا يوجد غير ذلك. فمن المرجح أن نمرود قد اختلط وصار “نفيليم” في وقت من الأوقات؛ لم يكن شخصًا طبيعيًا.
كلمة “جبار” كانت تُدمج دائمًا، خاصة مع الجبابرة في الحروب، فيُقال “جبار بأس”. لكن هنا يقول “جبار” فقط، لم توضع كلمة “بأس” التي نراها كثيرًا مع الجبابرة في الحروب. وهذا يقودنا إلى أن أقرب شيء له هم الجبابرة الذين ظهروا في تكوين الإصحاح السادس.
- معنى “جبار صيد” وتحدي الله
يقول عنه الكتاب إنه كان “جبار صيد”. وكلمة “صيد” هنا لا تُقال فقط عن صيد الحيوانات، لأنه لو كان المعنى كذلك، لكان الأمر عاديًا، كشخص يعرف كيف يصطاد جيدًا، مثلما قيل عن عيسو: “فِي فَمِهِ صَيْدٌ“ تكوين ٢٥: ٢٨، أي أنه كان يصطاد بمهارة. لكن الكلمة المستخدمة هنا في أصلها العبري لا تعني فقط أنه كان يصطاد الحيوانات، بل كان يصطاد النفوس، يصطاد الناس. كان يعرف كيف يسيطر على عقول الناس، ويعرف كيف يستخف بهم، ويعرف أيضًا كيف يقتلهم. لدرجة أنه يُقال عنه في المراجع اليهودية إنه قال للناس: “تعالوا اعبدوني أنا، ولتجدوا مسراتكم فيَّ، واتركوا الله”. فعرف كيف يسحب الناس إلى الخط الذي يريد أن يأخذهم إليه، وهو خط الشر، لأنه لم يكن شخصًا طبيعيًا.
وقد تحدى الله أن يرسل طوفانًا ثانيًا، وهذا كان أحد الأسباب التي جعلته يبني مدينة ويقيم داخلها برجًا، وكأنه يتحدى الله ويقول له: “أرسل طوفانًا كما تشاء، أرسل ما عندك، نحن هنا على الأرض نتحداك، ولدينا مدينة تحمينا وبرج يحصننا!”.
في الحقيقة، أول من صنع مدينة كان قايين، ولكن مدينته سُوِّيَت بالتراب عندما جاء الطوفان. وبما أن قايين كان شريرًا، فنحن نفهم أن مدينته لم تكن شيئًا صالحًا. نمرود صنع مدينته بنفس الغرض، وهو غرض الاستقلالية عن الله. فالمدينة هنا، بحكومتها وعملها، تعني أن الإنسان لديه غرض أن يستقل عن الفكر الإلهي، وأن يكون له فكره الخاص به. لقد زرع تحديًا واستقلالية داخل الناس، وأخذهم ليكونوا في حالة من الانفصال عن الله.
عندما يتحدث الكتاب عنه ويقول: “جَبَّارَ صَيْدٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ“، فإن كلمة “أمام” هنا لا تحمل معنى إيجابيًا. لقد شرح القس رامز أنها لا تعني معنى إيجابيًا كما قال بولس مثلاً إننا لا نغش كلمة الله بل نتكلم بها “أمام الله”، أي في حضرة الله. لا، هنا المعنى سلبي، بمعنى التحدي الواضح والسافر ضد الله. نعم، كأنه يقول: “أنا جبار وسأفعل ما أريد في الأرض، فأرني ماذا ستفعل بي!”. كان يقولها بهذه الطريقة، كأنه يبرز نفسه ويقول: “أنا أقف أمامك، واحدًا بواحد”. نعم، كان الأمر واحدًا بواحد. وكأنه يقول: “لقد استطعت أن تفعلها في الطوفان وأزلت ذلك النسل في تكوين الإصحاح السادس، عندما تواصل الملائكة مع البشر، فالكتاب يقول إن أبناء الله رأوا بنات الناس. لكن عندما نصل إلى تكوين الإصحاح الحادي عشر، نجد أن الإنسان هو الذي سعى ليسترجع هذا التواصل مرة أخرى”. لهذا بنوا المدينة والبرج.
وهكذا أيضًا في تكوين الإصحاح التاسع عشر في سدوم، الإنسان هو الذي سعى، بسبب خبرته السابقة وسماعه عن العمالقة الذين كانوا على الأرض وأبادهم الله بالطوفان، فالإنسان لديه سعي دائم للتواصل مع عالم الروح، سعي للقوة، ولكنه يأخذها بطريقة خاطئة. تمامًا كما زرع إبليس في آدم السعي “لتصيرا كالله”، وهو نفسه قال في يوم من الأيام: “أصير مثل العلي”، أي أنه يريد كرسيًا فوق كرسيه. فهو يريد أن يزرع الاستقلالية في الإنسان، لكي يسير الإنسان دائمًا بعقله وبمزاجه، ويصل إلى مرحلة يقول فيها: “لا يوجد إله، أنا لا أحتاج إلى الله”.
في الترجمة السبعينية، جاءت الآية “جَبَّارَ صَيْدٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ“ بمعنى “ضد الرب”. لقد بنى مملكة لم تكن سهلة. نحن لا نتحدث عن شخص أسس شركة، بل أسس مملكة لها نظام كامل. هذه المملكة التي أسسها هي بابل، التي نعرف أنها استمرت على مدار الكتاب المقدس، حتى أنها موجودة في سفر الرؤيا. الكتاب يتحدث عن نظامها. حتى اسمها “بابل” يعني “باب الإله” أو “باب الآلهة”. كانوا يريدون أن يفتحوا بابًا لاستدعاء التواصل مع الأرواح الشريرة مرة أخرى، وأن يقيموا لهم مستقرًا على الأرض. أي أنهم قالوا: “سنتواصل مع هذا العالم”. طبعًا، كانت هذه أفكار من إبليس، فهو الذي يعطي الإنسان هذه الأمور ليفتح الباب لها. وقد تجاوب الإنسان مع هذه الأفكار وسار معها بنفس الهدف.
مدينتان: مبدأ التقليد الشرير مقابل الأصل:
- المدينة الأرضية مقابل المدينة السماوية
هذا نجده في تكوين الإصحاح الحادي عشر، الذي يكلمنا عن هذه المدينة. في تكوين ١٠، رأينا كيف بدأ مملكته: “وَكَانَ ٱبْتِدَاءُ مَمْلَكَتِهِ بَابِلَ“. أما في تكوين الإصحاح ١١، فقد بدأ بالفعل وأسس هذه المملكة. كان يفعل مثل قايين، نسل قايين انتهى بالطوفان، ولم يتبقَ من النسل الذي كان موجودًا إلا نسل شيث. لكن نمرود سيصنع امتدادًا لقايين مرة أخرى. قايين أيضًا أسس مدينة وسماها باسم ابنه.
وسنكتشف بعد قليل أن الله قد أسس مدينة أيضًا، ولكنها ليست مدينة أرضية. ومن هنا جاء اسم الحلقة “مدينتان”. نعم، فالإنسان يسعى ليعمل لنفسه مدينة، يحصن بها نفسه، ويضع فيها كل وسائل الأمان، لكنه يكتشف في الآخر أنها تفسد ولا تؤمّنه. لكن الله هو صانع مدينة للإنسان. فكأن المبدأ الصحيح هو أن هناك مدينة، ولكن إبليس يحاول أن يستخدم كل شيء. على مدار الحلقات القليلة الماضية، أدركنا أن أصل الشيء يكون رائعًا جدًا، لكن إبليس يستخدمه ويطوعه. الإنسان يحاول أن يقلدها ويصنع منها مثالاً آخر له، ويستخدم نفس الأسماء ونفس المسميات ونفس التركيبة ونفس الأدوات، الإنسان نفسه، ليصنع له مملكة أخرى.
ولكي يقول للإنسان أيضًا، كنوع من أنواع: “لماذا تسير وراء الله؟ أنا أقدر أن أفعل ذلك”. كما كان القس رامز يتكلم عن سحرة مصر، الذين عرفوا كيف يصنعون ثعابين مثل موسى. فرعون قال لموسى: “لن تغلبني، سأعرف كيف أصنع ثعبانًا”. فلديه أدواته الخاصة في التقليد، لدرجة أنه يجعل الشخص يتلخبط في حياته.
فمثلاً، هناك أناس يتساءلون: “أليس هناك أناس يمارسون اليوجا وأمورًا كهذه، ويمارسون التأمل الذي تتحدث عنه الكلمة، ويُشفون من الأمراض؟”. وهذا حقيقي، هناك أناس يُشفون من أمراض. فيشعر الشخص بالارتباك، ويشعر كأن كلمة الله هي التي أخذت مبادئ التأمل من هؤلاء الناس. في الحقيقة، لا. الأصل موجود، وإبليس يسعى للتقليد. ولأن روح الإنسان قوية رغم سقوطها، ما زال فيها إمكانياتها. فهناك أناس عرفوا كيف يدخلون إلى عالم الروح من خلال أرواحهم، من خلال التأمل. الكتاب يتكلم عن أن التأمل هو باب يمكن للشخص أن يدخل به إلى عالم الروح، ويمكنه أن يُخرج القوة التي في روحه، والتي يمكنها أن تشفي جسده، ولكن إلى مدى معين. بالإضافة إلى أن الشخص يفعلها بعيدًا عن الله، غير مستمتع بالشراكة معه، فلها حدود مهما كانت، وستنتهي.
الأمر مثل الشيء المقلد والشيء الأصلي. عندما يذهب شخص ليشتري شيئًا، قد يقول له البائع: “هذه نسخة عالية الجودة (High Copy)”. نعم، هو تقليد عالي جدًا، لكن في الآخر، خامتها ليست جيدة، وستنتهي. وهي معمولة بعيدًا عن الغرض، وهو أن يكون الله في علاقة مع الإنسان. ليس فقط أن تُسدد الاحتياجات وتُشفى الأمراض. الغرض الأساسي هو أن يكون الله في علاقة مع الإنسان. هذا هو الأساس، وما بعده يأتي تلقائيًا. نعم، الباقي سيأتي تلقائيًا.
الأب في قصة الابن الضال والأب المحب قال لابنه الأكبر، عندما قال له: “أنت لم تعطني جديًا لأفرح مع أصحابي، وعندما جاء ابنك هذا، ذبحت له العجل المسمن”. رد عليه الأب قائلاً: “يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ“ لوقا ١٥: ٣١. الطبيعي أن الذي معي، والذي في علاقة معي، سيستمتع بما لي. كان الأب يريد أن يقول له ذلك. أنت كل شيء لك. لكنه رغم وجوده في البيت، كان بعيدًا أيضًا، كان يعيش عيشة عبد، لم يكن مستمتعًا بما في البيت، لأنه كانت لديه هذه العقلية.
- تحليل بناء مدينة وبرج بابل
سنرى الآن المدينة التي أسسها نمرود. “١ وَكَانَتِ ٱلْأَرْضُ كُلُّهَا لِسَانًا وَاحِدًا وَلُغَةً وَاحِدَةً. ٢ وَحَدَثَ فِي ٱرْتِحَالِهِمْ شَرْقًا أَنَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ“. وهنا بدأت الفكرة. هذا ما يحدث في تكوين ١١. “٣ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ…”. ستبدو الفكرة جيدة في البداية، وهذا يجعلنا نفهم لماذا نزل الله بنفسه. تأمل، الله ينزل في ذلك الوقت ويختار أن يقوم بعمل قضائي على هؤلاء الناس. قد يتساءل البعض: ما المشكلة؟ إنهم يبنون! بنوا مدينة أو برجًا! الموضوع ليس في البرج فقط، بل في المدينة أيضًا. لأنهم سيقولون: “هَلُمَّ نَصْنَعُ لِبْنًا وَنَشْوِهِ شَيًّا“. هذا اختراع جديد، تكنولوجيا جديدة. “فَكَانَ لَهُمُ ٱللِّبْنُ مَكَانَ ٱلْحَجَرِ، وَكَانَ لَهُمُ ٱلْحُمَرُ مَكَانَ ٱلطِّينِ. ٤ وَقَالُوا: هَلُمَّ نَبْنِ لِأَنْفُسِنَا مَدِينَةً“. فالغرض هو بناء مدينة، والمدينة تساوي الاستقلالية عن الله. “وَبُرْجًا رَأْسُهُ بِٱلسَّمَاءِ“.
عندما كنت صغيرًا، كنت أفهم أن “رأسه بالسماء” تعني أنهم يريدون بناء برج يرتفع ويعلو حتى يصل إلى السماء، إلى الله. كانت تُشرح لي هكذا. ولكن الأمر ليس كذلك طبعًا. مهما بنى الإنسان، فسيكون لبنائه نهاية وحد، لن يستطيع أن يتجاوزه. نعم، لو عاشوا حياتهم كلها يبنون، لن يصلوا. كنا نتخيلها هكذا في تخيلات الأطفال. سنصل الآن إلى معنى “برج رأسه بالسماء”.
“وَنَصْنَعُ لِأَنْفُسِنَا ٱسْمًا لِئَلَّا نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلْأَرْضِ. ٥ فَنَزَلَ ٱلرَّبُّ لِيَنْظُرَ ٱلْمَدِينَةَ وَٱلْبُرْجَ“. يركز الكتاب على المدينة والبرج. نحن دائمًا نسمي هذا الإصحاح “برج بابل”، مع أننا لا نركز على أنها كانت مدينة. نعم، دائمًا التركيز على البرج، وكأنه هو المشكلة. لكن المشكلة كانت أيضًا في المدينة، في النظام الذي أُنشئ. “فَنَزَلَ ٱلرَّبُّ لِيَنْظُرَ ٱلْمَدِينَةَ وَٱلْبُرْجَ ٱللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَمَ يَبْنُونَهُمَا. ٦ وَقَالَ ٱلرَّبُّ: هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَهَذَا ٱبْتِدَاؤُهُمْ بِٱلْعَمَلِ“. إذن، كونهم يتكلمون لغة واحدة وشعبًا واحدًا، جعلهم يبدأون بهذه الطريقة. “وَٱلْآنَ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ“. هذا يوضح أهمية أن يتكلم الناس نفس الفكر ونفس اللغة؛ فلا شيء يستطيع أن يقف أمامهم. “٧ هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ“. سيعمل في مركز النطق في أدمغتهم، فيتكلم كل واحد بلغة مختلفة. “حَتَّى لَا يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ“. أي لا يفهم بعضهم بعضًا. “٨ فَبَدَّدَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلْأَرْضِ، فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ ٱلْمَدِينَةِ“.
في الحقيقة، البرج قد بُني، لكن ما توقفوا عنه هو بناء المدينة. لقد كفوا عن بنيان المدينة، لأن المدينة كانت خطيرة، وما كانوا سيصنعونه فيها كان خطيرًا. “٩ لِذَلِكَ دُعِيَ ٱسْمُهَا بَابِلَ“. “بابل” تعني “تشويش”، وتعني أيضًا “باب الآلهة”، أي الطريقة التي يدخلون بها الآلهة إلى الأرض. “لِأَنَّ ٱلرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ ٱلْأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ ٱلرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلْأَرْضِ“. كان هذا بابًا للأمور الخاطئة. نعم، بابًا لكل ما هو شرير، ولكل الأفكار الخاطئة.
- لماذا كان تدخل الله فوريًا وحاسمًا؟
لماذا استدعى الأمر أن ينزل الله بنفسه؟ لم يرسل حتى ملاكًا، بل نزل بنفسه ليستكشف ما يحدث، ويتحرك تحركًا فوريًا تجاه هؤلاء الناس. هذا يعني أننا أمام أمر عظيم، تمامًا كما كنا في الطوفان أمام أمر عظيم سيشمل كل الأرض، مع أنه قد يبدو من الآيات القليلة أن الناس تزوجوا وكانوا أشرارًا وامتلأت الأرض ظلمًا. لا، كان هناك شيء كبير وراء ذلك. الله لا يتحرك إلا عندما يكون الأمر خطيرًا جدًا. وليس خطيرًا عليه هو. فعندما يقول الكتاب: “لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ“، فهذا لا يعني أن الله خائف، أن الله خائف لئلا يبنوا برجًا يصل إليه ويحاربوه أو ينتصروا عليه. الله لا يتحرك بدافع الخوف، بل بدافع الحب. هو خائف على الإنسان، فيتحرك لمصلحة الإنسان. مدى خوفه هو مدى إدراكه لأهمية الأمر على الإنسان. نعم، الإنسان يفعل شيئًا خطيرًا. مثل الأم التي ترى ابنها يقترب من سلك كهرباء مكشوف، فتصرخ بأعلى صوتها، وهذا الصوت هو لإنقاذ الابن، ليتراجع ويعرف أنه يفعل شيئًا خاطئًا ويقول له: “احترس، ستؤذي نفسك!”.
مبادئ بابل: الحياة للذات مقابل الحياة لله:
- “لِنَصْنَعْ لِأَنْفُسِنَا ٱسْمًا”: جوهر فكر بابل
عندما قالوا: “لِئَلَّا نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلْأَرْضِ“، كان هذا في الحقيقة عكس المخطط الإلهي أيضًا. فالله أراد للإنسان أن يثمر ويكثر ويملأ الأرض، لا أن يبقى في مكان واحد. استغل إبليس هذا التجمع ليضع فيهم فكرة واحدة، فكانوا يتكلمون لغة واحدة، لكي يتمركزوا في مكان واحد، أي أنه كان “تجييشًا” لهم.
كما قالوا: “نَصْنَعُ لِأَنْفُسِنَا ٱسْمًا“. فنرى في هذه المدينة، وفي نظامها، شخصًا يبحث عن نفسه. “أعمل لنفسي شيئًا”. يقولون: “نَبْنِ لِأَنْفُسِنَا… نَصْنَعُ لِأَنْفُسِنَا ٱسْمًا“. هل فكر أحد في شيء لله؟ كل من على الأرض يفكرون في شيء لهم. “نريد أن يكون لنا اسم، أن نظل مذكورين، أن نعيش أعمارًا طويلة”. هذا هو فكر إبليس دائمًا، فكر الأنانية. فإبليس، بدلاً من أن ينظر إلى نفسه ويشكر الله على كمال الجمال والحكمة التي كان فيها قبل سقوطه، نظر إلى نفسه وقال: “ولماذا لا أكون أعلى؟ ولماذا أبقى أقل من الإله؟”. الكتاب يقول في رومية عن الناس الذين لا يشكرون الله ويعبدونه، إنهم بمجرد أنهم “لَمْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ…”، قال بسرعة: “…أَظْلَمَ قَلْبُهُمُ ٱلْغَبِيُّ“ رومية ١: ٢١. يظلم الذهن على الفور، لأن الشخص لم يسر في الطريق الصحيح.
- كيف تعيش كل شيء لمجد الله؟
هذه هي طريقة تفكير بابل. أول ما يبدأ شخص يفكر في نفسه بزيادة، ويريد أن يصنع لنفسه شيئًا على الأرض، ويعيش لحلمه هو، ولأجله هو، فهذا خطأ. هل من الخطأ أن أفكر وأحلم، والله قد أعطاني الإمكانيات لأفعل ذلك؟ لا، الله أعطاك الإمكانيات لتضعها في المكان الصحيح. السؤال هو: ما الغرض؟ ما الهدف؟ لمن تفعل ذلك؟ هل وراءه دافع الأنانية؟ دافع الخوف؟ هناك أناس يدخرون المال بدافع الخوف. الادخار ليس خطأ، لكن الادخار من خوف هو الخطأ. هناك أناس يخافون من الناس، ويفعلون أشياء من أجل الناس. الفكرة هي: ما الدافع وراء الفعل؟
وبكوني أصبحتُ تابعًا ليسوع، صار هو هدفي. لدرجة أن الكتاب قال: “فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشْرَبُونَ أَوْ تَفْعَلُونَ شَيْئًا، فَٱفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ ٱللهِ“ ١ كورنثوس ١٠: ٣١. حتى الأمور البسيطة في حياتنا اليومية، افعلوها لمجد الله، من أجل يسوع. فهل هدفك هو يسوع؟ هل أنت تعيش من أجل هذا الهدف؟ هل تخطط للغد من أجل يسوع؟
قد تقول: “هل يمكن حقًا أن أفعل كل شيء من أجله؟ هناك أمور عادية، أنا آكل وأشرب ليعيش جسدي. كيف أفعلها في نفس الوقت ليسوع؟ ماذا يعني أن أفعل كل شيء ليسوع؟”. معنى ذلك هو أن يسوع قد استولى على كل تفكيرك، على كل كيانك، فلم يعد هناك شيء في الأرض تعيش له غير يسوع. فيوم تأكل، أنت لا تأكل فقط لتعطي جسدك طاقة، بل لتعرف كيف تجلس وقتًا للصلاة، ووقتًا لدراسة الكلمة، وتعرف كيف تذهب إلى عملك وتكلم الناس عن يسوع. فكل شيء صار مربوطًا به، بهذا الشخص الذي صرتَ في علاقة معه. حتى عملي، حتى مذاكرتي إذا كنت لا أزال أدرس. نعم، لو أنا أذاكر—وهذه واحدة من الأمور التي نجدها عند الطلاب مثلاً في بداية السنة الدراسية، يكون لديهم إقبال على المذاكرة، وبعد فترة، تخف هذه الحماسة. الكتاب قال لنا في سفر الجامعة—وقد شرحها القس رامز—أنك عندما تنظر إلى نهاية الأمر، إلى الغرض والنهاية، فهذا هو ما يجعلك متحمسًا ومشتعلاً طوال الوقت. ما هدف المذاكرة؟ ما هدف أن أنجح؟ هل فقط لأجتاز هذه المرحلة؟ إذا اجتزتها وانتهى الأمر، انتهى الهدف. لا، الهدف هو شخص، هو أن أُكرم يسوع، أن يعلو اسم يسوع في وسط المكان الذي أنا موجود فيه، أنني أُعطيت هذه الأمانة. الرب أعطاني أمانة، وهي وقتي ومذاكرتي، فأنا أريد أن يُعرف اسم يسوع، كما قال الرسول بولس: “لِكَيْ تَجْثُوَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي ٱلسَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ ٱلْأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ…” فيلبي ٢: ١٠-١١. لكي يُسمع اسم يسوع في كل مكان. فهذا هو الغرض الذي يشغل ذهني، وهذا هو الغرض الذي سأعلمه لابني: أن يذاكر من أجل يسوع، وليس فقط ليذاكر لينجح. النجاح سيأتي على أي حال، فالله قد وضع فينا النجاح، فالنجاح شيء تلقائي. لكن أنا أفعل هذا الأمر من أجل هذا الشخص.
- موت حبة الحنطة: سر الحياة الحقيقية
قال الرسول بولس إنه بعد أن مات يسوع، هو “مَاتَ لِأَجْلِ ٱلْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ ٱلْأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لَا لِأَنْفُسِهِمْ…” ٢ كورنثوس ٥: ١٥. هؤلاء في بابل قالوا: “نبني لأنفسنا، نصنع لأنفسنا”. لا، الناس الذين عرفوا يسوع، أول شيء يظهر فيهم هو أنهم تخلصوا من الأنانية، لم يعودوا يعيشون لأنفسهم. كان الإنسان يعيش ليشبع احتياجاته وشهواته، يفكر في نفسه ولا يفكر في الآخرين. “…لَا لِأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لِأَجْلِهِمْ وَقَامَ“. صار هناك شخص آخر يشغل باله، وصار الآخرون يأخذون جزءًا من تفكيره.
بداية الحياة الحقيقية هي عندما يختار الشخص أن يموت عن ذاته. في مرة، قال الرب يسوع في يوحنا ١٢ مثل حبة الحنطة: إن حياتها في موتها. قال: “إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ ٱلْحِنْطَةِ فِي ٱلْأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا“ يوحنا ١٢: ٢٤. هناك أناس يعيشون حياتهم هكذا، وهذا هو الفشل، هذا هو الموت، أن يعيش الإنسان وحيدًا، كل عالمه هو نفسه، ذكرياته، ألمه. إن أكثر ما يؤلم الناس هو الانشغال بالنفس. أول ما تتألم من شيء، اسأل نفسك: “هل أنا مشغول بنفسي زيادة؟ هل أنا مشغول بهذا الشيء زيادة؟”. الألم يساوي أنك مشغول بنفسك. لكن عندما تعرف يسوع ومحبته، لن تتألم، لأنك مت عن هذه الذات. فقال الرب يسوع: “إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ ٱلْحِنْطَةِ فِي ٱلْأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا“. هذا هو الفشل، هذا هو الموت الحقيقي للحبة. “…وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ“. حياة الحبة التي يبدو أنها انتهت، نراها بعد ذلك في عود من القمح مليء بالسنابل. هذا ما فعله يسوع، مات في منتصف حياته، في منتصف شبابه، لكي—كما قال الكتاب—”يرى نسلاً تطول أيامه”. هو لم تطل أيامه ليحمل هذه اللعنة، بل ليرى النسل الذي بعده يعيش أيامه بالكامل.
في هذه المدينة، هناك تعظيم للنفس، تعظيم للذات، جري وراء “أنا”، وراء أن أكون معروفًا ومشهورًا. يريدون أن يصنعوا لأنفسهم اسمًا، يريدون أن يكونوا معروفين، لا يفكرون في الله، فهو خارج حساباتهم. وهكذا، كلما اخترت أن تفعل شيئًا، اسأل نفسك: “لماذا أفعله؟ هل من أجل يسوع؟”.
- قصة بيليه: عش لهدف أعظم منك
أتذكر قصة مشهورة وحقيقية عن اللاعب بيليه. عندما كان طفلاً صغيرًا وشابًا، وفي الخمسينيات تقريبًا، وصلت البرازيل إلى نهائي كأس العالم وخسرت. فكانت أول مرة يرى فيها الدموع في عيني أبيه. تأثر بهذا المشهد، وسأل أباه لماذا يبكي، فعرف أن أباه يبكي لأن منتخب بلاده قد هُزم. دموع أبيه لم تمر عليه مرور الكرام، فقال لأبيه: “امسح دموعك. أنا سأكبر وسأدخل المنتخب وسأجلب الكأس للبرازيل لكي لا تبكي مرة أخرى”. لقد عاش من أجل هذا الحلم، وفعلاً حقق الهدف. بعد سنين، دخل المنتخب وجلب كأس العالم للبرازيل.
عِش للهدف الإلهي، لا تحيا لحلم من أجل نفسك. وإن عشت من أجل حلم الله، ستكتشف أنك حققت أكثر بكثير مما حلمت به. كان هذا شعار يسوع على الأرض دائمًا: “أنا هنا من أجل الآب. ينبغي أن أكون فيما لأبي. نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي، بل مشيئة الذي أرسلني”. أنا هنا لأعمل شيئًا يخص شخصًا آخر، لم آتِ لأعمل أموري الشخصية. الرسول بولس أيضًا تكلم عن هذا الأمر.
دعوة للخروج من بابل:
- فاحص ذاتك: هل تسير بمبادئ بابل؟
هذه هي المبادئ الموجودة في مملكة بابل. فاحذر لئلا تكون أنت تخرج من مدينة الله الرائعة وتدخل هذه المدينة، عبر أنك تتشرب من طريقة تفكيرها.
- لا تيأس: الإنقاذ متاح في المسيح
هُنا، لو أنا أسير في هذا الطريق، ووجدت نفسي بعد سماع هذا الكلام اليوم أنني أُسحب إلى هذه المناطق، مناطق أذهب فيها وأفكر في نفسي، أفكر في اهتماماتي، أريد أن أشجع الناس وأقول لهم: لا، هناك مكان يمكنك أن تخرج منه، هناك إنقاذ لهذا الأمر. ليس مجرد إنقاذ، بل هو “نقلنا”، أي أنه وضعنا في مكان آخر مختلف. فلا تيأس إذا كنت تستمع لهذا الكلام وتشعر وتقول: “حسنًا، أنا هكذا، رغم أنني مؤمن، لكني لم أسر في هذا الطريق”. إن إدراكنا اليوم لما يسعى إبليس أن يفعله هو ما يجعلنا نقف ونخرج من هذا المكان.
أتفهم تمامًا وأعتذر بشدة للمرة الثالثة. من الواضح أن محاولاتي السابقة لم تصل إلى المستوى المطلوب من الدقة، وأنني كنت أقع في خطأ إعادة الصياغة الذي يؤدي إلى شعور بالاختصار، حتى وإن لم تكن نيتي كذلك.
سلطانك الروحي: كيف تواجه الكلمات السلبية؟
- هل يمكن كسر مفعول كلمات أهل بيتك السلبية؟
سؤال كان قد جاءنا يقول لنا: “هل يمكن أن أهدم وأكسر مفعول كل كلمة سلبية يتكلم بها أهل بيتي على أنفسهم؟”. هذا سؤال مهم جدًا، ومن الواضح أن له علاقة بالكلمات التي تكلمنا عنها.
نعم، هناك سلطان روحي يمكن للشخص أن يقف به من أجل عائلته. عندما قال الرب إنه طلب من بينهم رجلاً، لم يكن فقط ليقف في الثغر ويبني سورًا، بل أيضًا ليحامي عن هؤلاء الناس. فيمكن ذلك. كلما أخذتَ الكلمة وكبرتَ روحيًا، يصبح لك تأثير قوي. كما قلنا، تأثير الحياة الإلهية التي أخذناها أقوى من تأثير اللعنات. فبالشفاعة من أجلهم، وفي مرات يقود الروح القدس الشخص لأن ينتهر إبليس من أجل أن يستردهم. هناك تأثير قوي لما يفعله شخص واحد، فلا تتوقف.
- لا تتوقف عندما تزداد الأمور سوءًا
أشجع الشخص الذي يسأل: لا تتوقف، لأن الشخص أحيانًا يُحبط ويقول: “كلما صليت، يزدادون سوءًا أكثر!”. وأنت لا تعرف أن الأمور تزداد لكي تنتهي. نعم، أحيانًا في بعض الأمراض الطبية مثلًا، بمجرد أن ترتفع درجة الحرارة تمامًا، فإنها تصل إلى أقصاها، وبعد ذلك تبدأ في الانخفاض. قد يقول الشخص: “لكني آخذ الأدوية والحرارة لم تنزل!”. وهو لا يعرف أن هذا هو آخرها، لقد وصلت إلى أقصى حد لها في منحناها. فالشخص يأتي عند هذه النهاية ولا يعرف أن بعد هذه النهاية يوجد نزول، فيُحبط ويتوقف. لا، لا تتوقف. استمر في أن تتكلم وتتنبأ عليهم، خاصة أنك جزء من العائلة، فهناك سلطان ورابطة بينك وبينهم. فصدّق في تأثير هذه الرابطة وأن لها قوة، وأنك تقدر أن تساعدهم.
حتى لو كان شخص يحصد نتيجة كلماته—أي أنه كان يتكلم بكلمات سلبية أو يعيش طوال الوقت في مرارة، والآن هو يحصد ما كان يفعله—فيمكن أن يُسترد. لم يفت الأوان. مع الرب، لا يوجد شيء اسمه “فات الأوان”، أو “أنا أحصد نتيجة ما فعلت، فسأعيش أعاني طوال حياتي”. لا، لتستمر. كلماتك فيها قوة، كلماتك فيها سلطان من أجلهم، وربما تكون أنت الشخص الذي يقف من أجلهم، فلا تتخلَّ عن دورك. آمين. من الرائع أن تدرك هذا حينما تكون الأمور في ازدياد.
مبادئ بابل: الهروب من فكر الذات والاستقلالية:
- كيف تتعامل مع فكر بابل؟
عرفنا السمة المميزة لبابل: استقلالية عن الله، شخص يبحث عن نفسه. وكما قلتِ في الجزء الرائع، ليس معنى أنني أقع فيه أنني انتقلت إلى المملكة الثانية، بل أنت استوردت الفكر الثاني. أخرجه بسرعة، فهذه ليست طبيعتك، لقد وُضعت بداخلك طبيعة المحبة.
أكثر شيء سيساعدك ألا تفكر في نفسك كثيرًا بالطريقة البشرية، هو نفس الجزء الذي تكلم فيه الرب يسوع عن المحبة، فبعدها مباشرة قال الرب يسوع: “مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا“ يوحنا ١٢: ٢٥. من يحب نفسه بالطريقة البشرية، لا يعرف أنه يميتها. “وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ…”، أي يكره “البشرية”، بمعنى أن تكره رسائل الذات، تكره أن تجلس وتفكر في نفسك كثيرًا، تكره الشكوى والتذمر، تكره أن تقول: “لم يسألوا عني، لم يفكروا فيّ”. إذا كرهت هذه الأمور، فهو يقول: “مَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هَذَا ٱلْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ“. “يحفظها” هنا لا تعني أنه سيأخذها إلى السماء، بل “حياة أبدية” (زوي) تعني حياة الله التي تتصف بأنها لا نهائية. أي أنه في اليوم الذي أكره فيه هذه الأشياء، أنت تحافظ على نفسك داخل “زوي”، داخل الحياة الإلهية.
فلا تقلق، ليس معنى ألا تفكر في نفسك… قد تقول: “إذًا، من سيفكر في نفسي؟ أو هكذا سأكره نفسي؟”. كيف كان الرب يتكلم عن المحبة؟ نعم، هناك جزء من المحبة هو أنني أكون أحب نفسي. الكراهية هي “للبشرية”، للأمور الخاطئة. لكنني أحب نفسي بالطريقة التي أحبني بها الرب، أراها بالشكل الصحيح، أراها بالقيمة التي صنعها الرب لها، أقدرها وأراها بهذه القيمة. لا تنتظر أن يعطيك الناس، كن أنت المعطي. بادر وأعطِ. الكتاب قال: “مَغْبُوطٌ هُوَ ٱلْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ ٱلْأَخْذِ“ أعمال ٢٠: ٣٥. فالبركة لمن هنا؟ للذي يعطي. هناك أناس يعيشون في وضعية: “لم يعطوني”، وهي رسائل الذات والشعور بالشفقة على النفس طوال الوقت: “لم يسألوا فيّ، لم يعبروني، لم يسلموا عليّ”. أنت لا تعرف أنك تضع نفسك في وضعية الضحية، ولا تضع نفسك في وضعية البركة، لأن البركة للمعطي. أنت بداخلك، لو أنك قابلت يسوع، قد أخذت هذه الحياة.
السر الحقيقي لبرج بابل: استدعاء الأرواح:
- الغرض الخفي للمدينة والبرج
لنرجع ثانيةً إلى برج بابل، أو إلى مدينة وبرج بابل كما قلنا ترتيبهما. الغرض من وجود هذه المدينة هو إعلان الاستقلالية عن الله، فهم يفكرون في أنفسهم كثيرًا. بالإضافة إلى ذلك، هو تحدٍ لله، مع أنهم كانوا يعرفون أن الله قال لنوح ووعد الأرض أنها لن تُغمر بطوفان مرة أخرى. الله أعطى هذا العهد مع نوح، ورمزه هو قوس قزح الذي يظهر. فكل مرة يظهر، يؤكد الله على هذه العلامة بشيء ملموس لدى الإنسان: الأرض لن تغرق مرة أخرى بالماء، ولكنها ستفنى بالنار. رغم أنهم كانوا يعرفون ذلك، لكنهم استمروا في التحدي، وكأنهم يقولون: “افعل ما شئت، الأرض صارت لنا، وسنفعل فيها ما نريده”.
بالإضافة إلى ذلك، كلمة “رَأْسُهُ يَمَسُّ ٱلسَّمَاءَ“، التي تكلمنا عنها في البداية، جاءت في بعض الترجمات بمعنى: “سنصل إلى السماء”، أي “سنستدعي الآلهة التي في السماء على الأرض”، وهي الأرواح الشريرة. هذا ما كان قد حدث في تكوين الإصحاح السادس، وهو التواصل مع الأرواح الشريرة مرة أخرى. كما قلنا، في تكوين ٦، الأرواح هي التي سعت نحو الإنسان. أما في تكوين ١١، فالإنسان هو الذي سعى وذهب نحوها. لماذا بنى برجًا؟ ولماذا بناه عاليًا؟ في مفهومهم، كانوا يقولون: “نحن نسعى للتواصل مع هذه الأرواح الشريرة، نسعى لتكوينها ثانيةً. نريد نفس قوة النسل الهجين، النفيليم”. عندما دخلت الأرواح الشريرة إلى الأرض، علّمت الناس أشياء. بدأ الناس يتعرفون على عالم الروح، ولكن بطريقة خاطئة. فعلّمت الناس أمورًا رهيبة وخطيرة. ما زالت بعض العبادات تُمارس الآن نتيجة أنهم تعلموها من الأرواح الشريرة.
هيرودوت، وهو مؤرخ مشهور، تكلم عن هذا البرج وقال إنه في آخر البرج، كانت توجد غرفة مزينة بها سرير، وكانت تجلس فيها كاهنة ليتم التزاوج بينها وبين الأرواح الشريرة، من أجل إنتاج هذا النسل. فهم كانوا يستمرون في استدعاء هذه الأرواح لكي تأتي إلى الأرض. من الآخر، كانوا يريدون أن يرجعوا سيناريو تكوين الإصحاح السادس. لهذا السبب، قال الكتاب في تكوين ٦: “وَبَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا“، أي أن الأمر تكرر. أين بدأ يتكرر؟ بدأ يحدث من خلال نمرود في برج بابل، حيث أرادوا أن يجعلوا هناك تواجدًا شيطانيًا بطريقة ملموسة، ونسلاً شيطانيًا على الأرض بطريقة ملموسة.
- لماذا يسعى إبليس لتلويث النسل البشري؟
لماذا يوجد هذا السعي لتلويث النسل الإلهي، النسل الموجود؟ لأنهم لا يريدون أن يأتي يسوع. فإبليس يفهم منذ البدء أن الله قال إن نسل المرأة سيسحقه، فهو طوال الوقت يريد أن يلوث هذا النسل. إنه يلف ويدور وراءه في أي مكان يتواجد فيه، لكي يوقف هذا النسل من أن يوجد، لأنه يعرف أن هذا النسل هو الذي سيقضي عليه. نعم، هو يعرف أن هناك شخصًا سيأتي ويقضي عليه، وهو لا يدرك من هو، فيضرب كل شيء.
وهذه هي أهمية أن الله نزل بنفسه. لم يرسل ملاكًا، لم يرسل شيئًا، لضخامة الأمر الحاصل. كان الإنسان سيستفيض في هذا الأمر، وكان البشر سيدمرون تمامًا. هذه المرة، ربما ما كان لينجو أحد. في مرة نوح، كان هناك ناجون. هذه المرة، كانت كل الأرض يمكن أن تتلوث بسبب الشر الشديد والأمور التي فعلوها. عندما نقرأ في التاريخ عن الأمور الفظيعة التي كانت تحدث في ذلك الوقت، والتي ذُكرت في الكتاب بإيجاز شديد، نجد أنها كانت أمورًا صعبة تحدث، فكان لا بد من تدخل إلهي لإنقاذ الإنسان الذي لا يعرف مصلحته، والذي سيدمر نفسه، نعم، سيؤذي نفسه، كما قلت، مثل ابني الذي سيكهرب نفسه، فلا بد من إنقاذ لهم.
التطبيق العملي: كيف تخرج من أرض بابل؟
- احذر من استيراد أفكار مملكة الظلمة
من ضمن المبادئ الموجودة في بابل أيضًا، تكلمنا عن الاستقلالية، وحب النفس، والتواصل مع الأرواح الشريرة. وكمؤمن، يجب أن يحذر الشخص. نعم، لن يحدث معك “نفيليم” أو تزاوج، لكن احذر أن تستورد المشاعر والأفكار الخاصة بهم. القس رامز دائمًا يتحدث عن أن أرواحهم هذه هي التي تسكب على الشخص فجأة كآبة وحزنًا ومللاً. يصحو الشخص من نومه محبطًا، وفجأة يجد نفسه متضايقًا ولا يعرف لماذا. هذا حقيقي، وهو لا يعرف لأنه لم يكشف عالم الروح. لهذا نتكلم عن الفهم الروحي، لكي تفهم أن وراء هذا توجد أرواح شريرة تضايقك. حتى في نومك، هناك أناس يتضايقون بأحلام وأمور وراءها أرواح شريرة تحاول أن تضايق الشخص، لأنها تريد أن تفسد يومك، تفسد مزاجك، تفسد فرحك بالرب، تفسد ذهابك للخدمة. هناك أناس عندما يزعلون ويتضايقون يقولون: “حسنًا، لن أخدم، لن أذهب اليوم، لن أجري هذه المكالمة، لن أذاكر الدرس الذي عليّ اليوم”.
- بابل تسحبك بالسحر والأحزان
فهناك محاولة طوال الوقت من الأرواح الشريرة لسحبك. بابل عندما ذُكرت في سفر الرؤيا، واحدة من الأمور التي تفعلها هي أنها تسحب الناس بنوع من أنواع السحر. والسحر في الكتاب، أحد تعريفاته، كما قال بولس لأهل غلاطية: “مَنْ رَقَاكُمْ؟“ غلاطية ٣: ١، أي من سحركم؟ من سحبكم من المكان الذي فيه النعمة الإلهية، وبدأتم تسيرون بالناموس؟ ففيها “سحبة” للشخص. يبدأ الشخص يُسحب. هناك أناس يُسحبون بالأحزان، بحجة أن شخصًا عزيزًا عليهم قد انتقل، ربما منذ سنين طويلة، والشخص يعيش في الحزن ولا يعرف أنه قد سُحب إلى هذه الزنزانة، رغم أنه مؤمن، وقد يكون يعرف الرب، لكنه مسحوب. هناك أناس مسحوبون في الشكوى والتذمر. هناك أناس مسحوبون في عدم الغفران. هناك أناس مسحوبون في أنهم يقلّبون طوال الوقت ويريدون أن يعرفوا أخبار الناس، أو يجلسون على اليوتيوب طوال الوقت وذهنهم مسحوب في شيء بعيد عن هذه المدينة.
أنت أصبحت في مدينة، ففكر مثلها. كما قال لهم في كولوسي: “إِنْ كُنْتُمْ قَدْ مُتُّمْ مَعَ ٱلْمَسِيحِ… فَٱطْلُبُوا مَا فَوْقُ“ كولوسي ٢: ٢٠، ٣: ١). أي فكروا بطريقة “فوق”. كما أقول لشخص: “عِش عيشة أبيك”. هو يقول لهم: “عيشوا عيشة هذه المدينة، عيشوا عيشة البلد التي تنتمون إليها”، والتي سنتكلم عنها ربما في الحلقات القادمة، المدينة الرائعة التي فيها أمور رائعة. فكر بطريقتها، لا تفكر بطريقة أخرى، بطريقة بابل التي فيها استقلالية وفيها طريقة سحب تسحب الشخص.
- كيف تواجه “السحبة”؟ مثال السيارة العالقة
فلما تواجهك أمور مثل هذه: حزن، ضيق، أن تفكر في نفسك، انتبه! لا تتضايق من نفسك، هذا ليس منك. لا، هناك محاولات لسحبك، هناك فخ منصوب ليسحبك. استفق بسرعة.
أكثر شيء علمه لنا القس رامز في هذه النقطة، قال تشبيهًا جميلاً. قال: تخيلوا أن سيارة قد “غرّزت”—يعني، كانت تسير في مكان وعلقت. أول رد فعل يفعله الشخص الذي في السيارة هو أنه يدوس على البنزين إلى الآخر. فتسمع صوت محرك السيارة وصوت العجلة وهي تحفر في الأرض. فأول ما تقع في شيء، “دوس بنزين على الآخر”. ما هو “البنزين” بتاعك؟ أن تصلي بألسنة، أن تتكلم بكلمات الله. هذا هو “البنزين” بتاعك في ذلك الوقت. أول ما تواجهك مشكلة، لا تترك الأمر يمر عاديًا. ادخل واقفل على نفسك واصرخ بألسنة، هذا يساوي “دوسة البنزين”. والعكس، لا تفعل العكس. لا تقفل على نفسك وتذهب لتبكي. نعم، لا تقفل على نفسك هكذا وتبكي، ويحاولون أن يطرقوا عليك الباب: “كل يا ابني، كلي يا بنتي، أنت لم تأكل منذ يوم”. لا. حتى لو كنت في هذا المكان، حتى لو كانت هذه هي الطريقة التي اعتدت عليها طوال الوقت، ابدأ وواجه. انتبه لها. رقم واحد: انتبه لها. اعرف اليوم من حلقتنا أن هناك أمورًا تسحبك لهذه الأمور، وأن هناك مملكة مختلفة، مملكة إبليس، يحاول أن يسحب فيها ويجيّش فيها نفوسًا له، رغم أننا مؤمنون، ورغم أننا أخذنا خطوات، لكن إبليس طوال الوقت، طوال الوقت يحاول أن يفعل ذلك. فانتبه، انتبه لهذا.
- غيّر نظام المواجهة: لا تستسلم
لا تنخدع في نفسك عندما يحدث شيء كهذا. تعلم أن تواجه. ربما البعض عاش حياته لا يواجه، يترك الأمور دائمًا هكذا. متعود أن يتحمل المسؤولية، ومن السهل عليه أن يرمي المسؤولية على الناس. الآن، قم وواجه. بداخلك قوة أكبر من الشيء المُلقى عليك. صدّق فيها. أنت بداخلك قوة أكبر من الشيء المُلقى عليك.. عندما يقول الكتاب: “ٱلَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ ٱلَّذِي فِي ٱلْعَالَمِ“ (١ يوحنا ٤: ٤، صدّق مجرد هذه الآية. الذي فيك، الروح القدس، ساكن فيك. الفرح موجود فيك. المحبة موجودة فيك. القوة موجودة فيك. أنت تستطيع كل شيء إن بدأت فقط تتعامل وتصدّق بهذه الطريقة.
بدلاً من أن أحزن وأكتئب وأقفل على نفسي وأتضايق، لا، أبدأ أصدّق شيئًا آخر مختلفًا، وأعيش بهذه العقلية، عقلية “الذي فيّ أكبر من الذي في العالم”. ما الذي في العالم يمكن أن يواجهني الآن؟ أنا مضغوط، أنا متضايق، أنا حاسس بحزن، أنا حاسس بملل. ربما هناك أسئلة تحتاج إلى إجابة عنها، اسأل وخذ إجابة عنها. ربما هناك شخص أنت حاسس أنه متضايق منك، بسرعة، اذهب وواجه الأمر، لا تترك الأمور معلقة. أو هناك شخص أنت زعلان منه أو هو زعلان منك، أنهِ هذه الأمور لكي لا يستغلها إبليس ضدك. لكن تعلم أن تواجه.
ويوم أفتح باب غرفتي وأقفله على نفسي، أختار هذا الاختيار: لن تكون غرفتي غرفة بكاء، لن تكون غرفتي غرفة رثاء للذات أو هروب. اعتبر غرفتك هذه أرض المعركة: يا قاتل يا مقتول. “أنا لن أخرج من الغرفة إلا عندما أنتهي من هذا الأمر”. وصدّق أن الكتاب قال إن أسلحة محاربتنا قادرة. معك سلاح قادر، معك أمور قادرة على أن تنهي ما تمر به، سواء كانت أعراضًا في جسدك، سواء كانت أفكارًا تهاجمك، سواء كان حتى أناسًا قائمين ضدك ويحاولون أن يؤذوك. إن صدّقت هذه المملكة وصدّقت ما فيها، مجرد هذه الآية، إن اعتدت أن ترددها، أن تجلس وتقول: “الذي فيّ أعظم من الذي في العالم. القوة التي فيّ أعظم من الخوف الذي في الخارج، فأنا لست خائفًا. المحبة التي فيّ أعظم من كراهيتهم لي. أنا منتصر، أنا لست مكسورًا”. لا تصدّق الأفكار التي تقول لك إنك مكسور وإنك واقع وإنك حزين.
- اخرج من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك
سوف نكتشف في الحلقة القادمة أن الرب دعا إبراهيم ليخرج. إبراهيم كان جالسًا في هذا المكان، في أرض الكلدانيين، كان جالسًا في نفس المكان الذي أُسست فيه المدينة. الرب قال له: “اخرج، هذا ليس مكانك”. فليس هذا مكانك، أن تظل جالسًا تفكر بأفكار مدينة بابل، أفكار “السحبة” وأفكار الشك وأفكار الخوف. الرب قال له: “اخرج من أهلك، من عشيرتك، من بيت أبيك”. وسنكتشف المرة القادمة لماذا ذكر الرب هذه الثلاثة أشياء بالأخص. كان من الممكن أن يقول له: “اخرج من الأرض”. الموضوع ليس فقط… وهذا أمر مهم، ليس أنك عندما تكون متضايقًا تقول: “سأخرج أشم هواء، سأتمشى قليلاً، سأشاهد المسلسل الفلاني لعلني أتحسن”. هناك أناس اعتادوا على طريقة الخروج من مشاكلهم بهذه الطريقة. في الحقيقة، هذه طريقة هروب. واجه. تعلم أن تواجه الأمر الذي تتعرض له. ليست أجواء البيت هي التي تسبب لك المشكلة، ليس الناس هم الذين يسببون المشكلة، ليست الظروف هي التي تسبب المشكلة. مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء، مع السلاطين، هناك أرواح شريرة تعمل. يمكنك أن تواجهها عبر أنك تصدّق الكلمة، تتأمل وترى ما تقوله كلمة الله، وتنطق بإيمان. بهذه الطريقة، أنت تخرج من “أرضك”، من “عشيرتك”، من “بيت أبيك”. أنت تخرج من طريقة التفكير الخاطئة، تخرج من “السحبة” التي تكون مسحوبًا إليها. آمين.
صلاة: دعوة للخروج من بابل ودخول مملكة الله
آمين. نريد أن تقودنا في صلاة من أجل كل شخص لا يزال خارج المملكة، خارج الإنقاذ، خارج مكان الله. ونصلي من أجل كل شخص مسحوب في هذا المكان، أي أنه مؤمن لكنه لم يدرك المكانة التي هو فيها، لم يدرك أن هناك مدينة تنتظره، والتي سنتحدث عنها بالتأكيد في المرات القادمة.
آمين. أشجعك، لتكن واحدًا من مواطني المدينة التي سنتحدث عنها المرة القادمة. لو أنت لم تقبل يسوع بعد في حياتك، لم تعلن ربوبيته بعد، ربما تقول: “أنا أحبه”، أو ربما تمارس طقوسًا معينة، تحضر الكنيسة، لكنك لم تدخل بعد في العلاقة الشخصية هذه. هناك طريقة قالها الرب لتدخل في هذه العلاقة، بأن تؤمن بقلبك وتعترف بفمك. تؤمن بقلبك بأن يسوع جاء ومات من أجلك، وتعترف بفمك بربوبيته، أنه رب على حياتي، هو رب على أفكاري، هو رب على كل ما يخصني. بهذه الطريقة، هذه هي البداية التي تدخل بها، التي قالها الرب يسوع لنيقوديموس: “لا أحد يقدر أن يرى هذه المملكة، لا أحد يقدر أن يدخلها إن لم يولد من فوق”. هذه هي الولادة من فوق.
فأشجعك، افعل هذا معي. أغمض عينيك، الرب يسمعك. يمكنك أن ترفع قلبك وتتكلم، حتى لو كنت في وسط زحام أو وسط ناس أو في مواصلات، يمكنك أن تتمتم بصوتك وتتكلم وتقول له:
“يا رب، أنا آتي إليك من خلال يسوع المسيح، ابنك الذي أرسلته من أجلي، ليدفع ثمن خطيئتي ويصالحني مع الله. أنا أصدّق أن يسوع جاء ومات من أجلي ليعطيني حياة جديدة، لأكون شخصًا جديدًا. أنا أستقبل عطية الحياة الجديدة. أنا أعلن أن يسوع هو مخلصي، هو ربي، هو سيد حياتي، هو كل شيء. من الآن، أنا أحيا له. شكرًا لأنك جعلتني ابنك. شكرًا لأن أصبح لي مستقبل، مستقبلي صار مضمونًا، صار محاطًا ومحفوظًا، لا يمكن أن يُسلب، لا يمكن أن يُسرق”.
أصلي من أجلك الآن أيضًا، أن تمتلئ بالروح القدس، في اختبار أن تأخذ الروح القدس ليسكن فيك، لتكون في علاقة وشراكة معه. ادعُ الروح القدس الآن ليأتي إلى حياتك. تكلمنا عنه، في كل مرة كانوا يمتلئون بالروح القدس، كانوا ينطقون بألسنة، ينطقون بلغة غريبة، ليست لغتهم. حتى لو هناك حروف على لسانك، ابدأ انطقها، صدّقها وانطقها، حتى لو كان ذهنك يحاول أن يعطلك ويقول لك: “ما هذا الذي تقوله؟ هذا كلام غريب”. اختر أن تسير بالفهم الروحي الذي قالته كلمة الله، حتى لو بدا في بعض الأوقات متعارضًا مع ذهنك. اسأل لو عندك أسئلة. الآن، امتلئ بالروح القدس، تكلم بهذه اللغة. هذه واحدة من الأمور التي تخرجك مما أنت فيه.
وكمؤمن وكمؤمنة بالرب، اختر أن تخرج الآن من السجن ومن الزنزانة هذه التي ربما أنت محبوسة فيها منذ وقت طويل، ربما أنت محبوس فيها منذ وقت طويل. اخرج من طاحونة الشغل والظروف، اخرج من الضغطة الذهنية. اخرجي من المرارة ومن فكرة أن هناك من يتكلم عليّ كل قليل وهذا يسبب لك ضيقًا. الاكتئاب والحزن لا يسود عليك، باسم يسوع. اختر أن تسير بطريقة تفكير مملكة الله، المليئة بالسلام. الكتاب قال إن طريقة تفكير الروح، اهتمام الروح، طريقة التفكير في هذه المملكة هي حياة وسلام. ستعيش الحياة الحقيقية، لن تكون في طاحونة من الأمور الصعبة التي تضايقك وتطحنك في الحياة. الآن، تستفيق باسم يسوع. الآن، تستفيقين وتقومين من الأحزان. لا بكاء ثانيةً. كرريها لنفسك وكررها لنفسك: “لا بكاء ثانيةً. لن أسمح ثانيةً أن تنزل دموعي شفقة على نفسي. أنا صرت منتصرًا/منتصرة في المسيح يسوع. أنا أقوم الآن، يعظم انتصاري بالذي أحبني. أنا محبوب جدًا/محبوبة جدًا، حتى إن لم آخذ هذا الحب من أقرب الناس لي. أنا محبوب جدًا/محبوبة جدًا. لن أفكر في نفسي ثانيةً، أنا أفكر في الرب، أفكر في مملكته. أنا أخرج من نفسي، كما هو خرج من نفسه ليعطيني حياته ومات من أجلي. أنا أخرج من نفسي لأكون له بالكامل”.
أنت الآن قادر أن تقول للأعراض: “اخرجي من جسدي”. قادر أن تقول للمرض: “لا”. لا للمرض، لأي سلب واستنزاف في عملك أو في أموالك، باسم يسوع. لا مخاوف في أحلامك. تطمئن، وفي نومك تطمئن، وتقوم وأنت شبعان من النوم، تقوم وأنت شبعان أيضًا من الأكل. لا تحيا حياتك طوال الوقت وأنت لست شبعانًا من أي شيء. باسم يسوع، بركات تتبعك، خير ورحمة يتبعانك أينما تذهب. حلول إلهية لكل شيء تقابله. قوة وقدرة من أجل المواد الدراسية التي تذاكرها، الآن تستقبل، باسم يسوع. آمين.
__________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
