الفقرة الرئيسية : كلمة الحكمة هي إعلان خارق للطبيعي، بروح الله يتعلق بمقاصد في فكر ومشيئة الله في المستقبل.
1كورنثوس12: 1-12
1 وَأَمَّا بِخُصُوصِ المَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَلاَ أُرِيدُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْكُمْ
أَمْرُهَا.
7 وَلَكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ.
8 فَوَاحِدٌ يُوهَبُ، عَنْ طَرِيقِ الرُّوحِ، كَلاَمَ الْحِكْمَةِ، وَآخَرُ كَلاَمَ الْمَعْرِفَةِ وَفْقًا
لِلرُّوحِ نَفْسِهِ.
تقول ترجمة أخرى للعدد الأول, “وَالآنَ، أَيُّهَا الإِخوَةُ، لاَ أُرِيدُكُمْ أَنْ تَبقُوا فِي جَهلٍ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ”.
بدراستنا لمواهب الروح التسعة، يمكننا أن نرى أن جميع هذه المواهب تعمل وفقاً “كَمَا يَشَاءُ الرُّوحِ” (ع11).
الروح القدس يقسِّم المواهب كيفما يشاء
أريد أن أؤكد مرة أخرى، أنه ينبغي على الكنيسة – جسد المسيح المحلى – أن تشتاق وتسعى لإستعلان هذه المواهب وسط أفراد الجسد. لكن علينا أن نترك الأمر للروح القدس ليستخدم مَن يريد وبالطريقة التي يراها مناسبة، لأنه لن يستخدم الجميع بنفس الطريقة.
يعلن الكتاب المقدس بوضوح، أن الروح القدس، يقسِّم عمل هذه المواهب بين جميع المؤمنين كيفما يشاء. ربما يشتاق أحد أن يعمل في موهبة ما، لكن من المحتمل أن الروح القدس لا يريد له ذلك. لذا دعونا نكون مفتوحين لعمل الله، ونتركه يتمم مشيئته بيننا حتى في هذه الأمور الروحية. فإن أردنا أن نفعل الأمور بأنفسنا، ونسعى لما نريده نحن، بدلاً مما يريده الله، فسوف نقع في مشاكل عديدة.
على سبيل المثال، لن تُستعلن جميع مواهب الروح في حياة فرد واحد في نفس الوقت، لأن الكتاب يقول أن هذه المواهب تعمل هكذا: “فَوَاحِدٌ يُوهَبُ.. وَآخَرُ ..” (ع 8). فبهذا يتضح جيدًا أنه لا يوجد شخص سوف تُستعلن في حياته جميع مواهب الروح دفعة واحدة.
كجسد المسيح، دعونا نشتاق لإستعلان مواهب الروح، ونسمح للروح القدس أن يعمل في وسطنا كيفما يشاء. وبهذه الطريقة فإننا نسلك وفقًا لأسس كتابية. لذلك دعونا نلتصق بالكلمة حتى لا نفسد ما أعده الله لنا.
موهبة كلمة الحكمة
1كورنثوس12: 8
8 فَوَاحِدٌ يُوهَبُ، عَنْ طَرِيقِ الرُّوحِ، كَلاَمَ الحِكْمَةِ، وَآخَرُ كَلاَمَ الْمَعْرِفَةِ وَفقًا
لِلرُّوحِ نَفْسِهِ.
أحيانًا، يدعو البعض موهبة كلمة الحكمة بـ”موهبة الحكمة”، أو موهبة كلمة العلم بـ”موهبة العلم”، وهذا ليس صحيحًا. لابد أن ندعو الموهبة الروحية بالطريقة التي يذكرها الكتاب حتى لا نقع في تشويش.
على سبيل المثال، إن دعوت الكلب بـ”قطة”، سيظن الناس أنك لست على ما يرام. فموهبة كلمة العلم هي ليست موهبة علم، ولا موهبة كلمة الحكمة هي موهبة حكمة.
إن رسالة كورنثوس الاولى12: 8 لا تتكلم عن حكمة طبيعية، أو معرفة بوجه عام. إنما تقصد ما تعنيه بالضبط “كلمة” علم أو “كلمة” حكمة، أي كلمة أو جزء من معرفة وحكمة الله. وهذه المواهب تعمل على مستوى خارق للطبيعي، وليست على مستوى طبيعي.
الله كلي المعرفة وهو يعرف كل شيء، لكنه لا يعلن كل ما يعرفه لكل إنسان. إنما يعطيه “كلمة” أو جزء مما يعرفه. لذلك فإن كلمة العلم هي جزء من معرفة الله.
كذلك أيضًا، فإن موهبة كلمة الحكمة، هي ليست موهبة حكمة، لكنها “كلمة” أو جزء من حكمة الله الكلي الحكمة. فهو يعلن جزء من حكمته التي يريد أن يخبر بها في الوقت المعين.
كلمة الحكمة ليست حكمة في شئون الحياة
يختلط في بعض الأحيان مفهوم كلمة الحكمة مع الحكمة البسيطة في شئون الحياة. لكن الحكمة الطبيعية البسيطة ليست موهبة روحية.
في بداية خدمة يشوع، أخبره الرب بأن مفتاح نجاحه يكمن في التأمل في كلمة الله والتكلم بها، والتي من خلالها سوف يكتسب حكمة في شئون الحياة المختلفة.
يشوع 1: 8
8 وَاظِبْ عَلَى تَرْدِيدِ كَلِمَاتِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ، وَتَأَمَّلْ فِيهَا لَيْلَ نَهَارَ لِتُمَارِسَهَا
بحِرْصٍ بمُوْجِبِ مَا وَرَدَ فِيهَا فَيُحَالِفَكَ النَّجَاحُ وَالتَّوْفِيقُ.
تقول ترجمة أخرى، “لأنك بهذا تجعل نفسك مزدهرًا وتكون قادرًا على التعامل بحكمة في شئون الحياة المختلفة”. توجد حكمة مكتسبة من خلال معرفة كلمة الله، لكن هذا ليس إظهارًا خارقًا للطبيعي لموهبة كلمة الحكمة.
يعتقد البعض أن حكمة سليمان، كانت إظهاراً لموهبة كلمة العلم، لكنها ليست كذلك. لقد أعطى الله سليمان حكمة مثل الحكمة التي جعلها متاحة لنا وفقًا لرسالة يعقوب, “وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بحَاجَةٍ إِلَى الحِكْمَةِ، فَليَطلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ. فسَيُعْطى لَهُ” (يعقوب 1: 5).
لقد وعد الله بأن هذه الحكمة – والتي أدعوها ببساطة حكمة عامة في التعامل في شئون الحياة المختلفة- متاحة لكل مَن يسأل. لكنها ليست إستعلانًا خارقًا للطبيعي لموهبة كلمة الحكمة.
كتب يعقوب في رسالته للكنيسة، أنه إن كان أحد تعوزه حكمة فليطلب من الله وسينال (يعقوب 1: 5). يمكننا أن نرى أن الحكمة العامة للتعامل في شئون الحياة المختلفة متاحة لكل مَن يسأل. فالحكمة التي يتكلم عنها يعقوب هنا، هي حكمة في التعامل في مختلف أوجه الحياة، وفي الطريقة التي تسلك بها كإبن لله.
وعندما يرى الله، أنه من المناسب أن يعلن عن فكره وقصده للإنسان، بطريقة خارقة للطبيعي، فإنه يفعل ذلك من خلال إستعلان موهبة كلمة الحكمة الفائق للطبيعي.
وهذا الإظهار الخارق للطبيعي لا يُعطى لكل فرد في جسد المسيح، بل يقول الكتاب، “فوَاحِدٌ يُوهَبُ عَنْ طَرِيقِ الرُّوحِ كَلاَمَ الحِكْمَةِ”. هذا يعني أن إستعلان موهبة كلمة الحكمة يُعطى لواحد وليس للجميع، كيفما يشاء الروح القدس.
الفرق بين كلمة الحكمة وكلمة العلم
كما عرفنا سابقًا أن موهبة كلمة العلم هي إعلان خارق للطبيعي بروح الله، يتعلق بحقائق معينة في فكر الله – من جهة أشخاص أو أماكن أو أحداث سواء كانت في الماضي أو الحاضر.
أما موهبة كلمة الحكمة فهي إعلان خارق للطبيعي بروح الله، بشأن خطط ومقاصد مستقبلية في فكر ومشيئة الله.
إن موهبة كلمة الحكمة هي الأفضل، من مواهب الإعلان، لأنها تكشف خطط ومقاصد في فكر الله نحونا.
لذلك فإن الفرق بين هاتين الموهبتين: كلمة الحكمة وكلمة العلم، هو أن كلمة العلم تأتي بإعلان عن شيء دائمًا ما يكون في الحاضر أو شيء قد حدث في الماضي. وعلى الجانب الآخر، فإن كلمة الحكمة تأتي دائمًا بالإعلان عن أمور مستقبلية.
كلمة العلم وكلمة الحكمة يعملان في وقت واحد
لقد فصلنا بين الموهبتين حتى يمكننا أن نتعامل مع كل منهما على حِدَة. لكن كما قلت سابقًا، إنه في أحيان كثيرة جدًا ما تعمل المواهب الروحية معًا.
يمكننا أن نرى عمل هاتين الموهبتين معًا في كل من العهد القديم والعهد الجديد. كذلك أيضًا نرى هاتين الموهبتين تعملان معًا عندما يتنبأ واحد من الأنبياء. فكثيرًا ما تعمل هاتان الموهبتان معًا – بالإضافة إلى موهبة النبوة -من خلال أنبياء العهد القديم.
فعندما كان أنبياء العهد القديم يتنبأون، لم يتكلموا عن أمور حاضرة وحسب – والتي تمثل موهبة كلمة العلم- بل كانوا يتنبأون أيضًا عن أمور مستقبلية – والتي تمثل إستعلان موهبة كلمة الحكمة. كانت نبواتهم تخبر بأحداث في المستقبل القريب والمستقبل البعيد كذلك (كل ما يتعلق بالعهد الجديد ومجيء المسيح).
النبوّة وعاء .. يُحمل من خلاله مواهب أخرى
كان لابد وأن تعمل موهبة كلمة الحكمة في خدمة نبي العهد القديم، لكي يكون قادرًا على الوقوف في خدمة النبي. حيث إنه كان يخبر بتوقعات تنبيء بالمستقبل – في حين أن موهبة النبوة البسيطة لا تحتوى على عنصر التنبؤ، أو التوقع بالمستقبل (أنظر تعريف النبوة لاحقًا). لذلك فإن التوقعات التي أعلنها أنبياء العهد القديم، فيما يتعلق بالمستقبل – حتى وإن جاءت من خلال النبوة – إلا إنها كانت إستعلان لموهبة كلمة الحكمة.
على سبيل المثال، إن كنت تقود سيارة فهذا لا يعنى أنك سيارة. بمعنى آخر، في بعض الأحيان، نجد أن وعاء النبوة يحمل موهبة كلمة الحكمة من خلاله، لكن هذا لا يجعل من كلمة الحكمة نبوة أو العكس. أي أن موهبة النبوة يمكنها أن تكون وعاءً يُحمل من خلاله موهبة كلمة الحكمة.
إن موهبة النبوة البسيطة – كما هي واردة في رسالة كورنثوس الأولى14: 3 تُعَّرف كالأتي: “أَمَّا الَّذِي يَتَنَبَّأُ، فَهُوَ يُخَاطِبُ النَّاسَ بِكَلاَمِ البُنْيَانِ وَالتَّشْجِيعِ وَالتَّعْزِيَةِ”. ومن هنا يتضح أن موهبة النبوة لا يوجد بها أي عنصر للتوقع أو التنبؤ بالمستقبل.
لذلك يمكنك أن تميز الفرق، عندما تُعطى رسالة تحمل إعلانًا بداخلها يتعلق بالمستقبل. عندئذٍ لم تعد الموهبة هذه مجرد موهبة نبوة بسيطة، بل موهبة نبوة تحمل معها موهبة كلمة الحكمة.
لذلك عندما يكون هناك إستعلانًا لعناصر التوقع والتنبؤ بالمستقبل، من خلال شخص يقف في واحدة من مواهب الخدمة الخمسة – وخصوصاً خدمة النبي – فهذا عمل لموهبة كلمة الحكمة. فعندما يُخبِر أحدهم بالمستقبل ويعطي توقعًا بأمور آتية، وخصوصًا وهو يقف في موهبة النبي، ففي أغلب الأحيان يكون ذلك إستعلان لموهبة كلمة الحكمة. ولم تكن النبوة – التي هي بنيان ووعظ وتشجيع – سوى الوعاء الذي جاءت من خلاله موهبة كلمة الحكمة.
كما يمكن أيضًا لموهبة كلمة الحكمة أن تُستعلن من خلال وعاء النبوة، في حياة أي مؤمن ممتليء بالروح أثناء خلوته الشخصية – وكيفما يشاء الروح – بينما هو يصلي خطة ومشيئة الله لحياته الشخصية (يوحنا 16: 13، 14). سوف نناقش هذا الموضوع باستفاضة في فصل لاحق. لكن مع ذلك، فهذا لا يعني أن موهبة كلمة الحكمة سوف تأتي بطريقة متكررة من خلال وعاء النبوة، في حياة المؤمن العلماني أثناء الخدمة العلنية.
أما في حياة المؤمن الذي يشغل واحدة أو أكثر من مواهب الخدمة الخمس، فإن الأمر يختلف. فإنه أثناء الخدمة العامة، فإن موهبة كلمة الحكمة – أو أي من مواهب الإعلان الأخرى – تُستعلن بصورة متكررة من خلال “وعاء النبوة”، عن طريق خدمة النبي بصورة أساسية وعلى نحو مستمر. كما يمكن أيضًا لمواهب الإعلان أن تأتي من خلال أولئك الذين دُعوا لموهبة أو أكثر من مواهب الخدمة الخمسة، لكنها ستكون ظاهرة بصورة واضحة وبصفة مستمرة من خلال خدمة النبي على وجه الخصوص.
إن استخدم الروح القدس مؤمنًا علمانيًا في موهبة النبوة البسيطة – دون أن يكون هناك إستعلان لأي من مواهب الإعلان الثلاثة – فسيكون ما ينطق به هو ما تتضمنه موهبة النبوة البسيطة من وعظ وتشجيع وتعزية – دون أن تتخللها أي إعلانات.
يتضح من الكتاب المقدس أيضًا أن كلمة الحكمة يمكنها أن تأتي من خلال مواهب النطق الأخرى – مثل الألسنة وترجمة الألسنة. كما يمكنها أن تأتي أيضًا من خلال رؤيا أو حلم. على سبيل المثال، نرى في العهد القديم، أن كلمة الحكمة قد جاءت ليوسف من خلال حلم، حيث أعلن الله له عن خطته ومقاصده بشأن مستقبله. كما نال موسى إعلان الناموس بصوت مسموع حيث أملى الله عليه ناموس العهد، الذي كان يتعلق بمقاصد الله لأجل إسرائيل. كان هذا إستعلان أيضًا لموهبة كلمة الحكمة.
كما أن أنبياء العهد القديم الذين تنبأوا بخصوص مستقبل إسرائيل – حتى تلك الأمور التي لم تتحقق بعد – فإنها جاءت من خلال موهبة الحكمة. فمع أنهم كانوا يعملون في موهبة النبوة، إلا أن موهبة كلمة الحكمة كانت تعمل أيضًا لتخبر بأمور مستقبلية.
كلمة العلم وكلمة الحكمة يعملان معًا في العهد الجديد
- يوحنا على جزيرة بطمس
نرى في سفر الرؤيا مثالاً لعمل موهبتي كلمة العلم وكلمة الحكمة معًا.
كما ذكرنا في الفصل السابق أن الرب قد تكلم إلى يوحنا، وهو على جزيرة بطمس، من خلال رؤيا. فقد ظهر له الرب يسوع، وأخبره عن الوضع الحالي للكنائس السبعة في مقاطعة آسيا. وكان ذلك استعلانًا لموهبة كلمة العلم.
بعدما أعلن الرب ليوحنا عن الوضع الحالي للكنائس، مضى ليعطيه كلمة حكمة. فتكلم إلى كل واحدة من الكنائس، عن أمورها المستقبلية، فيما يرتبط بخططه ومقاصده لكل كنيسة.
- حنانيا
أعمال 9: 10-16
10 وَكَانَ فِي دِمَشْقَ تِلْمِيذٌ لِلرَّبِّ اسْمُهُ حَنَانِيَّا، نَادَاهُ الرَّبُّ فِي رُؤْيَا: ‘يَا
حَنَانِيَّا!’ فَقَالَ: ‘يَا رَبُّ!’
11 فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذهَبْ إِلَى الشَّارِعِ المَعْرُوفِ بِالمُسْتَقِيمِ وَاسْأَلْ فِي بَيْتِ
يَهُوذَا، عَنْ رَجُلٍ مِنْ طَرْسُوسَ اسْمُهُ شَاوُلُ. إِنَّهُ يُصَلِّي هُنَاكَ الآنَ.
12 وَقَدْ رَأَى فِي رُؤْيَا رَجُلاً اسْمُهُ حَنَانِيَّا يَدْخُلُ إِلَيْهِ وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَيُبْصِرُ»
13 فَقَالَ حَنَانِيَّا لِلرَّبِّ: «وَلَكِنِّي، يَا رَبُّ، قَدْ سَمِعْتُ مِنْ كَثِيرِينَ بِالفظَائِعِ الَّتِي
ارْتَكَبَهَا هَذَا الرَّجُلُ بِقِدِّيسِيكَ فِي أُورُشَلِيمَ.
14 وَقَدْ خَوَّلَهُ رُؤَسَاءُ الكَهَنَةِ السُّلْطَةَ لِيُلْقِيَ الْقَبْضَ عَلَى كُلِّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِكَ»
15 فَأَمَرَهُ الرَّبُّ: «اذهَبْ! فَقَدِ اخْتَرْتُ هَذَا الرَّجُلَ لِيَكُونَ إِنَاءً يَحْمِلُ اسْمِي إِلَى
الأُمَمِ وَالمُلُوكِ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ.
16 وَسَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي!
نرى هنا عمل موهبتي كلمة العلم وكلمة الحكمة معًا. فكما رأينا في الفصل السابق أن موهبة كلمة العلم أعلنت إلى عن حقائق مؤكدة إلي حنانيا، كذلك جاءت إليه كلمة الحكمة لتعلن له عن خطط ومقاصد الله المستقبلية تجاه بولس. فقد طلب الله من حنانيا أن يذهب لبولس، ومن خلال كلمة العلم، عرف بالتحديد المكان الذي سيذهب إليه، وإسم الشارع الذي سيتوجه إليه والمنزل الذي سوف يقصده بالتحديد، والشخص الذي سوف يتكلم معه. كما أخبر الرب أيضًا حنانيا أن شاول كان يصلي في ذلك الوقت “إِنَّهُ يُصَلِّي هُنَاكَ الآنَ” (ع11). كانت هذه كلها أمور حاضرة عرفها حنانيا من خلال كلمة العلم.
كما أُعلن أيضًا لحنانيا أن شاول “قَدْ رَأَى فِي رُؤْيَا رَجُلاً اسْمُهُ حَنَانِيَّا يَدْخُلُ إِلَيْهِ وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَيُبْصِرُ” (ع12). فهذا إعلان عن حقائق معينة تتعلق بشاول وجاءت إلى حنانيا من خلال رؤيا. لذلك كانت هذه كلمة علم.
ثم قال حنانيا للرب، “قَدْ سَمِعْتُ مِنْ كَثِيرِينَ بِالفَظَائِعِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا هَذَا الرَّجُلُ بِقِدِّيسِيكَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَقَدْ خَوَّلَهُ رُؤَسَاءُ الكَهَنَةِ السُّلْطَةَ لِيُلْقِيَ القَبْضَ عَلَى كُلِّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِكَ” (ع 13، 14). وفى إجابة عن ذلك، تكلم الرب إلى حنانيا مرة أخرى في الرؤيا وأعطاه إعلانات اضافية. وفى هذه المرة، أعلن إليه من خلال كلمة الحكمة، عن خططه ومقاصده نحو شاول “اذهَبْ! فَقَدِ اخْتَرْتُ هَذَا الرَّجُلَ لِيَكُونَ إِنَاءً يَحْمِلُ اسْمِي إِلَى الأُمَمِ وَالمُلُوكِ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ” (أعمال 9: 15).
كان هذا الإعلان يتعلق بخطط ومقاصد الله المستقبلية نحو شاول. وكان إعلان عن الدور الذي سوف يقوم به بولس لأجل الرب. لذلك فإن هذه كانت كلمة حكمة لأنها تتطلع إلى المستقبل لتكشف خطط ومقاصد آتية.
هكذا نرى، أن الرب قد قصد أن يستخدم بولس في المستقبل لكي “يَحْمِلُ إسْمِي إِلَى الأُمَمِ وَالْمُلُوكِ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ” (ع15). كان هذا إعلانًا في المستقبل، يكشف به الله خططه ومقاصده الآتية لأجل بولس. وهذا ما يُدعى كلمة الحكمة.
كما أعلن الله لحنانيا شيئًا آخر يتعلق ببولس: “سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي” (ع 16). هذا لا يعني أن بولس كان سيتألم من أمراض وأسقام، لكنه كان سيعاني من اضطهادات كثيرة وصعوبات، كانت ستواجهه في طريق تتميمه لدعوة الله. وقد حدث ذلك بالفعل (أنظر 2كورنثوس11: 23-33). كان هذا إستعلان لموهبة كلمة الحكمة.
من صور الآلام التي واجهها بولس هو أنه رُجم حتى الموت (أعمال 14: 19). وفي كل مكان كان يذهب إليه، كان الشيطان يثير البشر ضده. وهكذا عانى بولس من أمور كثيرة لأجل عمل الرب.
لقد نال حنانيا لمحة عن مستقبل بولس، من خلال إظهار خارق للطبيعي، لموهبة كلمة الحكمة.
- فيلبس
نرى في سفر الأعمال والإصحاح الثامن، مثالاً آخر على عمل موهبتي كلمة الحكمة وكلمة العلم من خلال رجل علماني. كان فيلبس، في ذلك الوقت، أسقفًا وقد خُصص لخدمة الموائد (أعمال 6: 2، 3). لكن بعد ذلك وضعه الله في موهبة المبشِر.
عندما صار إضطهادًا عظيمًا على الكنيسة في بدايتها، تفرق المؤمنون في جميع الأماكن. لكن بينما كانوا مُشتتين، كانوا يكرزون بالإنجيل في كل مكان. فالتبشير بالإنجيل لم يكن مقصورًا على المبشرين وحدهم. بل جميع المؤمنين في الكنيسة المبتدئة، جالوا في كل مكان مبشرين بكلمة الله.
كان الرسل هم موهبة الخدمة الوحيدة الذين كانوا في الكنيسة في ذلك الوقت. فلم يكن قد نشأ بعد معلمون أو مبشرون. لذلك كان المؤمنون العلمانيون يتحدثون عن يسوع في كل مكان كانوا يذهبون إليه: “وَالَّذِينَ تَشَتَّتُوا كَانُوا يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ مُبَشِّرِينَ بِالكَلِمَةِ” (أعمال 8: 5).
بعدما خدم فيلبس في مدينة السامرة يخبرنا الكتاب أنه ظهر له ملاك، وأعطاه رسالة من عند الرب. وكما تكلمنا سابقًا عن الطرق المتنوعة، التي يمكن أن تأتي بها كلمة العلم أو كلمة الحكمة، مثل صوت الروح القدس المسموع، أو حلم أو رؤيا أو رسالة من ملاك، أو الألسنة وترجمة الألسنة أو نبوة. فالله لديه وسائل متنوعة يظهر من خلالها مواهب الروح.
وفى حادثة فيلبس الواردة في سفر الأعمال 8، جاءت كلمة الحكمة عن طريق ملاك:
أعمال 8: 26-29
26 ثمَّ إِنَّ مَلاَكًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ كَلَّمَ فِيلِبُّسَ فَقَالَ لَهُ: «قمِ اذهَبْ نَحْوَ الجَنُوبِ،
مَاشِيًا عَلَى الطَّرِيقِ البَرِّيَّةِ بَيْنَ أورُشَلِيمَ وَغَزَّةَ»
27 فقَامَ وَذَهَبَ. وَإِذا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ، خَصِيٌّ، يَعْمَلُ وَزِيرًا لِلشُّؤُونِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَ
كَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الحَبَشَةِ، كَانَ قَدْ حَجَّ إِلَى أورُشَلِيمَ لِلسُّجُودِ فِيهَا.
28 وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الحَبَشَةِ رَاكِبًا فِي عَرَبَتِهِ، يَقرَأ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ
29 فَقَالَ الرُّوحُ لِفِيلِبُّسَ: «تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هَذِهِ العَرَبَةَ!
لقد أعطى الملاك لفيلبس، توجيهات معينة تتعلق بخطط الله، لموقف ما في المستقبل القريب. فقد أخبره الملاك “قمِ اذهَبْ نَحْوَ الجَنُوبِ، مَاشِيًا عَلَى الطَّرِيقِ البَرِّيَّةِ بَيْنَ أورُشَلِيمَ وَغَزَّةَ” (ع26) كان هذا مجرد كلمة، أو جزء من خطة الله لخدمة فيلبس، عن شيء كان سيحدث في المستقبل القريب.
أطاع فيلبس وذهب إلى البرية حيث رأى خصي حبشي، ثم جاءته كلمة علم من خلال صوت الروح القدس: “تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هَذِهِ العَرَبَةَ” (ع29). أعطى الله لفيلبس، معرفة عن حقيقة معينة، كانت تحدث في وقتها، وتوجيه يتعلق بشيء راهن، وهو أن يلتحق بمركبة الخصي. كان هذا التوجيه مجرد جزء أو كلمة من معرفة في فكر الله لفيلبس في ذلك الوقت.
وفي هذا المقطع الكتابي نرى فيلبس يستقبل كلمة حكمة من خلال رسالة نقلها له ملاك، وكلمة علم عن طريق صوت الروح القدس. ومن خلال إستعلان هاتين الموهبتين، أعطى الله لفيلبس توجيهًا شاملاً كما ينبغي فعله.
بالطبع يقدم الله لكل مؤمن منا توجيهات، بينما يقودنا ويرشدنا من خلال الشهادة الداخلية. لكننا نرى هنا فيلبس، ينال توجيهات عن طريق إستعلان موهبتين من المواهب الروحية، هما كلمة الحكمة وكلمة العلم.
من المهم أن نلاحظ، أنه حتى على الرغم من أن التوجيهات التي نالها فيلبس، جاءته بطريقة ملفتة للنظر وظاهرة بصورة أكثر وضوحًا، عن التوجيهات التي ينالها أي مؤمن، سواء من خلال الشهادة الداخلية أو صوت الروح القدس، إلا أن فيلبس كان عليه أن يطيع هذه التوجيهات بالإيمان، مثلما يفعل أي مؤمن.
وكما ذكرت سابقًا، أن مواهب الإعلان التي يعطيها الله، من خلال طرق خارقة للطبيعي، فإنها مجرد كلمة أو جزء من معرفة وحكمة الله، بخصوص حقيقة معينة في فكر الله.
على سبيل التوضيح، عندما تحتاج إلى إستشارة قانونية تتعلق بموقف معين، سواء تواجهه في الوقت الحالي، أو سوف تتعرض له في المستقبل، فإنك تتوجه إلى محامٍ قانوني. لكن المحامي لن يقدم لك كل المشورة القانونية والحكمة التي لديه، لأنك لن تحتاجها كلها. بل سيقدم لك كلمة أو جزء من المعرفة والحكمة التي لديه، فيما يتعلق بموقفك, وسيكون هذا هو كل ما تحتاجه في ذلك الوقت.
وبالمثل، كان فيلبس يحتاج لتوجيه وجزء من حكمة الله. لذلك إستخدم الله ملاك، ليقدم له كلمة حكمة، يتعلق بجزء من خطة الله وقصده لخدمة فيلبس. ونتيجة لذلك آمن الخصي الحبشي وقبل يسوع المسيح مخلصًا شخصيًا له.
أمثلة العهد القديم لكلمة الحكمة
سوف نرى الآن بعض الأمثلة عن إستعلان موهبة كلمة الحكمة في العهد القديم.
- كلمة حكمة إلى نوح
قد إستُخدمت كلمة الحكمة في الكتاب المقدس، لتحذر الناس من غضب آت أو هلاك قريب. فعلى سبيل المثال، إستقبل نوح كلمة حكمة، بشأن هلاك قادم ودينونة آتية على العالم بأكمله، من خلال الطوفان. فبنى نوح فلكًا لخلاص بيته (تكوين 6: 13-18).
إن استطاع نوح أن يقنع آخرين بدخول الفلك معه لكانوا قد نجوا هم أيضًا. ونفس الشيء ينطبق على لوط وعائلته عندما دمر الله سدوم وعمورة (تكوين 19: 29). فكلمة الحكمة قد استُخدمت لتحرر أناس وتنقذهم من موت وهلاك.
- كلمة الحكمة إلى يوسف
لقد إستُخدمت كلمة الحكمة في العهد القديم، لتكشف خطط الله بشأن أولئك الذين سوف يعملون عمل الرب. فعلى سبيل المثال، تكلم الرب إلى يوسف، من خلال أحلام تتعلق بمستقبله. لقد حاول أخوة يوسف الحسودين، أن يتخلصوا منه، لكن الله أنقذه وتمم خطته في حياته. وعلى الرغم من أن يوسف قد وُضع في السجن لسنوات عدة، وعانى من مصاعب كثيرة، إلا أنه أصبح في النهاية الرجل الثاني في الحكم على أرض مصر. ثم جاء الوقت حينما سجد جميع أخوته أمامه كما أُنبيء له في الحلم.
عندما أفكر في قصة يوسف، أقف متأملاً أمام شخصيته. ففي ظروف مشابهة، كان كثيرون سيقولون لإخوتهم: “حسنًا ماذا تعتقدون الآن بشأن أخاكم الأصغر الذي احتقرتموه؟..” أو “سأريكم ما سوف أفعل بكم..”. لكن يوسف لم يكن متكبرًا أو متغطرسًا.
وعلى الرغم من إنه كان الرجل الثاني بعد فرعون، إلا أنه كان رجلاً متواضعًا ذا روح نبيلة ومسامحة. فهو لم يطلب نقمة لنفسه، ولم يوبخهم أو حتى يلومهم لأجل ما فعلوه. إنما تكلم إليهم بتسامح, “لاَ تَتَأَسَّفوا الآنَ .. لأَنَّ اللهَ أرْسَلَنِي أمَامَكُمْ حِفَاظًا عَلَى حَيَاتِكُمْ .. وَقَدْ أَرْسَلَنِي اللهُ أَمَامَكُمْ لِيَجْعَلَ لَكُمْ بَقِيَّةً فِي الأَرْضِ وَيُنْقِذَ حَيَاتَكُمْ بِخَلاَصٍ عَظِيمٍ .. فَلَسْتُمْ إِذاً أَنْتُمُ الَّذِينَ أَرْسَلتُمُونِي إِلَى هُنَا بَلِ اللهُ ، الَّذِي جَعَلَنِي مُسْتَشَارًا لِفِرْعَوْنَ وَسَيِّدًا لِكُلِّ بَيْتِهِ، وَمُتَسَلِّطًا عَلَى جَمِيعِ أَرْضِ مِصْرَ”(تكوين45: 5-8). لقد أدرك يوسف دعوة الله وخططه ومقاصده لحياته من خلال كلمة الحكمة.
كلمة الحكمة في العهد الجديد
نرى إستعلان لموهبة كلمة الحكمة في العهد الجديد.
- كلمة الحكمة إلى أغابوس النبي
نقرأ في سفر الأعمال عن أغابوس، إنه تنبأ وأخبر عن مجاعة كانت على وشك الحدوث (أعمال11: 28). وقد آمن به الشعب، لأنه كان رجلاً كاملاً ولديه خدمة موثوق بها.
فبعدما تنبأ أغابوس عن المجاعة مباشرة، إبتدأ المؤمنون في الحال يأخذون إستعدادهم، ليساعدوا القديسين الذين كانوا يعيشون في مكان تلك المجاعة.
كما نقرأ في أعمال 21 عن أغابوس النبي مرة أخرى، حينما كان بولس ورفقته في بيت فيلبس.
أعمال 21: 10، 11
10 فَبَقِينَا عِنْدَهُ عِدَّةَ أَيَّامٍ. وَبَيْنَمَا نَحْنُ هُنَاكَ جَاءَنَا مِنْ مِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ نَبِيٌّ
اسْمُهُ أَغَابُوسُ
11 فَأخَذَ حِزَامَ بُولُسَ، وَقَيَّدَ نَفسَهُ رَابِطًا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَ: «يَقُولُ الرُّوحُ
القدُسُ إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الحِزَامِ سَيُقَيِّدُهُ الْيَهُودُ هَكَذَا فِي أورُشَلِيمَ، وَيُسَلِّمُونَهُ
إِلَى أَيْدِي الأَجَانِبِ.
نلاحظ من الأعداد السابقة، أن الروح القدس قد أعلن عن شيء من خلال أغابوس النبي. وفى كل مرة يكون هناك إعلانًا من الروح القدس، فإنه يكون دائمًا إما كلمة حكمة أو كلمة علم أو تمييز أرواح. لأن هذه المواهب الثلاثة تحديداً، هي مواهب الإعلان. فالكتاب المقدس لم يذكر أي موهبة أخرى تقدم إعلانًا غير هذه المواهب الثلاثة.
إن الموهبة الروحية المذكورة في سفر الأعمال 21: 21 ليست كلمة علم، لأنها كانت تخبر عن شيء سوف يحدث في المستقبل. أما كلمة الحكمة، فهي تخبر عن شيء سوف يحدث في المستقبل.
إن كلمة العلم تختص بكل ما هو في الحاضر أو الماضي. لكن الله، في كل حكمته الإلهية، يعلم بكل ما سيحدث في المستقبل، لذلك يعلن للإنسان عن بعض الحقائق المعينة، التي تتعلق بالمستقبل، من خلال كلمة الحكمة.
أعمال 21: 12، 13
12 فَلَمَّا سَمِعْنَا هَذَا بَدَأْنَا جَمِيعًا، نَحْنُ مُرَافِقِي بُولسَ وَالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ
البَلدَةِ، نَرْجُو مِنْ بُولسَ أَلاَّ يَذهَبَ إِلَى أورُشَلِيمَ
13 وَلَكِنَّهُ قَالَ لَنَا: «مَا لَكُمْ تَبْكُونَ وَتُحَطِّمُونَ قَلْبِي؟ إِنِّي مُسْتَعِدٌّ لَيْسَ فَقَط لأَنْ
أقَيَّدَ فِي أورُشَلِيمَ، بَلْ أَيْضًا لأَنْ أَمُوتَ مِنْ أجْلِ اسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ!
ما تكلم به روح الله، من خلال أغابوس، كان إعلانًا عن مشيئة الله، لما سوف يحدث في المستقبل. لذلك جاءت في صورة كلمة حكمة لما سوف يحدث.
وكما ذكرت سابقًا أن كلمة الحكمة ربما تأتي من خلال وعاء النبوة. لكن عندما قال أغابوس، “يَقُول الرُّوحُ القُدُسُ..” كان يتكلم مباشرة بما سبق وناله من الرب. فسواء جاء الإعلان من خلال نبوة أو لا، فستظل هذه كلمة حكمة.
- كلمة الحكمة لبولس
جاءت كلمة الحكمة إلى بولس لتعلن عن تحرير وإنقاذ في وقت الشدائد. بعدما أقلع بولس على سفينة، وهو في طريقه لروما، ليعرض دعواه على قيصر، هبت عاصفة عنيفة.
كان بولس لديه شهادة داخلية، عما كان سيحدث للسفينة، حينما قال، “أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَرَىَ فِي سَفَرِنَا الآنَ خَطَرًا وَخَسَارَةً عَظِيمَةً، لاَ عَلَى السَّفِينَةِ وَحُمُولَتِهَا فَقَط، بَلْ عَلَى حَيَاتِنَا أَيْضًا. لكن لأن الرياح الجنوبية كانت خفية، لم يصغوا له وأقلعوا.
إن كان ربان السفينة قد أصغى لبولس، لما كانوا قد تعرضوا لفقدان سفينتهم، وكل الأمتعة التي عليها. فقد اضطروا في النهاية، أن يلقوا بكل شيء من على ظهر السفينة. وعندما تلاشى كل أمل في نجاتهم وفي وسط هذه الكارثة وقف بولس وتشدد لأنه سمع من السماء.
أعمال 27: 23، 24
23 فَقَدْ ظَهَرَ لِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ مَلاَكٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ الَّذِي أَنَا لَهُ وَإِيَّاهُ أَخْدِمُ
24 وَقَالَ لِي: لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ! فَلاَبُدَّ أَنْ تَمْثُلَ أَمَامَ القَيْصَرِ. وَقَدْ وَهَبَكَ اللهُ
حَيَاةَ جَمِيعِ المُسَافِرِينَ مَعَكَ.
قال لهم بولس، “سوف نفقد السفينة، لكن إن كنتم ستصغون إلى ما أقوله وتلازمون السفينة، فلن يهلك أحد”.
كان بعضهم يريد أن يلقى بنفسه من السفينة، لكن بسبب ما ناله بولس من إعلان من ملاك الرب، لازم الجميع السفينة، ولم يهلك منهم أحد. لقد جاءت هذه الحكمة الخاصة بالمستقبل لبولس، من خلال إعلان خارق للطبيعي. فقد أعلن الله لبولس عما سوف يحدث، وبدوره نقل بولس ما عرفه، لأولئك الذين كانوا على السفينة معه. فما أخبر به الملاك بولس كان إعلانًا خارقًا للطبيعي من الله.
كلمة الحكمة المشروطة
أحيانًا، عندما كان أحد الأنبياء، في العهد القديم، ينال كلمة حكمة من الله، تتعلق بشيء لم يحدث بعد، كان تحقيق هذه الكلمة يعد أمرًا مشروطًا. فقد كان يتوقف على طاعة الشخص المسئول.
- كلمة الحكمة إلى إشعياء
على سبيل المثال، أخبر الله إشعياء أن يذهب ويخبر بكلمة حكمة، تتعلق بشيء سوف يحدث في المستقبل للملك حزقيا (كانت هذه هي مشيئة الله لحزقيا وفقًا للظروف الحالية وقتها). كان على إشعياء أن يخبر حزقيا, “وَمَرِضَ حَزَقِيَّا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى المَوْتِ، فَجَاءَ إِليْهِ إِشَعْيَاءِ بْنُ آمُوصَ قَائِلاً: «هَذَا مَا يَقولُهُ الرَّبُّ: «نَظِّمْ شُؤُونَ بَيْتِكَ لأَنَّكَ لَنْ تَبْرَأ بَلْ حَتْمًا تَمُوتُ” (2ملوك20: 1).
سلَّم أشعياء الرسالة التي نالها ورجع في طريقه. لكن حزقيا حوَّل وجهه إلى الحائط وتاب عن أفعاله الخاطئة. بكى وصلى لله، وذكَّره كيف إنه سار أمام الرب بقلب كامل، في الأوقات الماضية. فقد أخبر الله كيف أنه حفظ وصاياه- على الرغم من أنه أخفق في بعض المواقف. إلا أنه تاب وتحوَّل.
وقبل أن يخرج إشعياء من باب القصر، جاءت كلمة الله إليه مرة أخرى، لتخبره أن يرجع إلى حزقيا ويعطيه كلمة حكمة أخرى. كانت كلمة حكمة، لأنها كانت تتعلق بأمر في المستقبل. قال الله لإشعياء “إرْجِعْ وَقلْ لِحَزَقِيَّا رَئِيسِ شَعْبِي: هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ إِلَهُ دَاوُدَ أبِيكَ: قَدْ سَمِعْتُ صَلاَتَكَ، وَرَأَيْتُ دُمُوعَكَ، وَهَا أَنَا أبْرِئُكَ، فَتَذهَبُ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ لِلصَّلاَةِ فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ. وَأضِيفُ عَلَى سِنِي حَيَاتِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا وَأُنقِذُكَ أَنْتَ وَهَذِهِ المَدِينَةَ مِنْ مَلِكِ أَشُورَ، وَأدَافِعُ عَنْهَا مِنْ أجْلِ نَفسِي وَإِكْرَامًا لِعَبْدِي دَاوُدَ” (ملوك الثانى20: 5، 6).
كانت كلمتي الحكمة الأولى والثانية اللتان نالهما حزقيا شرطيتين. وفقًا لكلمة الحكمة الأولى، وتحت الظروف الراهنة كان حزقيا سوف يموت. وكانت هذه الكلمة شرطية بوضع حزقيا في ذلك الوقت. بمعنى آخر, لو لم يتب حزقيا ويغير من حاله لكان قد مات.
لكن وفقًا لكلمة الحكمة الثانية، فإن حزقيا نجا من الموت، وزاد عمره خمسة عشر سنة أخرى. كان بإمكان حزقيا أن يغير كلمة الحكمة الثانية، التي أُعطيت له بشأن زيادة سني حياته خمسة عشر سنة، إن كان قد إبتعد عن الرب وضل.
- كلمة الحكمة إلى يونان
تكلم الرب إلى يونان النبي، وأعطاه كلمة حكمة تتعلق بمستقبل نينوى، وهي إنها سوف تهلك، ما لم يتب شعب المدينة ويرجع إلى الله. كانت كلمة الحكمة التي نالها يونان، تتعلق بخطط ومقاصد الله، وبحدث مستقبلي وهو هلاك نينوى.
لم يهتم يونان ما إذا كانت المدينة سوف تهلك أو لا. ونتيجة ذلك لم يذهب ليحذر الشعب. لكن الرب تعامل معه وهو في بطن الحوت. فذهب وبشر أهل المدينة محذرًا إياهم من الدينونة التي سوف تقع عليهم، ما لم يتحولوا ويرجعوا إلى الرب (يونان3: 4).
كانت الرسالة التي نقلها يونان لأهل نينوى شرطية: “إن تبتم سوف تنجون. وإن لم تتوبوا فسوف تهلكون”. تاب الشعب نتيجة لذلك، ولم تقع الدينونة على ذلك الجيل، إلا أنها وقعت بعد ذلك (انظر سفر ناحوم).
إستعلان موهبتي كلمة العلم والحكمة
لتقديم مساعدة لأحد الخدام
لقد إسُتعلنت موهبة كلمة الحكمة، بصورتها الشرطية، من خلالي منذ عدة سنوات. تكلم الرب إلي بصوت مسموع من خلال كلمتي العلم والحكمة.
في صيف عام 1953، كنا نعقد إجتماعات في خيمة بولاية مجاورة. كان هناك خادم، ممن أعرفهم وأقدرهم كثيرًا، كان يبني مركزًا للنهضات والمؤتمرات بجوار خيمتنا. رأيته ذات يوم هناك، فذهبت معه لأتفقد هذه المباني. بعدما إنتهينا رجعنا إلى سياراتنا لنغادر المكان. وبينما أستعد للمغادرة، تكلم إلي الرب لأرجع وأخبر هذا الخادم، إنه إن لم يحكم على نفسه في ثلاثة أمور، فلن يعيش كثيرًا.
أخبرني الرب، أن هذا الخادم يجب أن يحكم على نفسه في ثلاث نقاط : أولاً المحبة، ثانيًا المال، ثالثًا الطعام.
مضت ثلاث سنوات، ورجعت مرة أخرى لهذا المكان، ووجدت أنهم مجتمعين ليصلوا لأجل هذا الخادم، فقد كان يحتضر. طُلب من كل الخدام المتواجدين في القاعة أن يأتوا ليصلوا لأجله. وبينما أعبر الممرات في طريقي إلى المنبر، تكلّم اليّ الرب وقال: “لا تذهب لتصلي لأجله، لأنه سيموت”.
فقلت: “لماذا يا رب ؟ إن مات هذا الخادم، ستضار كثيرًا خدمة الشفاء. فهو مبشر!”
فقال الرب لي: “سيموت هذا الشخص لأنه لم يحكم على نفسه. لم يسلك بالمحبة تجاه رفقائه في الخدمة. لذا أنا سلمته للشيطان ليهلك جسده “.
فتحولت ورجعت إلى مقعدي وأخبرت زوجتي وبعض الخدام بما قاله لي الرب.
هذا مثال على عمل موهبتي كلمة العلم والحكمة معًا. لقد تكلم الرب بصورة واحدة جدًا، عن وضع هذا الخادم الحالي: “إن لم يحكم على نفسه في هذه النواحي الثلاثة “المحبة والمال والطعام”. وكانت تشتمل أيضًا على كلمة حكمة: “سوف يموت في غضون ثلاثة سنوات ما لم يحكم على نفسه”.
تقول رسالة كورنثوس الأولى 11: 30، 31 “فلَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى نُفُوسِنَا، لَمَا كَانَ حُكِمَ عَلَيْنَا. وَلكِنْ، مَا دَامَ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا، فَإِنَّنَا نُؤَدَّبُ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ حَتَّى لاَ نُدَانَ مَعَ العَالَمِ “. أشار بولس إلى أن هؤلاء المؤمنين كانوا ضعفاء جسديًا ومرضى، وماتوا في عمل مبكر. كان بإمكانهم أن يتفادوا ما حدث، إن كانوا قد حكموا على أنفسهم.
لا يمكن لشيء من هذه الأمور أن يحرم هذا الخادم من الذهاب للسماء، لكنها إستطاعت أن تحرمه من التمتع ببركات الله هنا على الأرض.
كان هذا إعلانًا عن حقيقة حالية: وهو أن الخادم لم يحكم على نفسه، وكان هناك ثلاثة أمور لم يحكم على نفسه فيها. كما كان هناك إعلان عن شيء سوف يحدث في المستقبل، وهو إن لم يحكم هذا الخادم على نفسه فسوف يموت.
وللأسف، لم يحكم على نفسه ومات.
شكرًا لله، يمكننا أن نسمع من السماء من خلال إستعلان مواهب الروح. لكن علينا أن نتعامل مع إعلانات الله بكل جدية.
كم نحن في إحتياج شديد، لإظهارات مواهب الروح القدس، الخارقة للطبيعي اليوم. وبالأخص المواهب الفضلى، مثل موهبة كلمة الحكمة. فعندما نتعلم كيف نخضع لله، فسوف يعلن لنا خططه ومقاصده، من خلال كلمة الحكمة -وكيفما يشاء الروح.
أسئلة للدراسة
1. يعلن الكتاب المقدس بوضوح أن …………….، ……………. يقسَّم مواهب الروح لكل إنسان وفقاً ……………………
2. الله كلي الحكمة والعلم, لكن بأي قدر يعلن أي منهما للإنسان؟
………………………………………………………………………………………………………………………………….
1. ما هي أكثر المواهب التي تختلط مع كلمة الحكمة؟
………………………………………………………………………………………………………………………………….
1. ما هي نوع الحكمة التي يتكلم عنها الرسول يعقوب في رسالته1: 5؟
………………………………………………………………………………………………………………………………….
1. عرَّف ما هو المقصود بموهبة كلمة الحكمة؟
………………………………………………………………………………………………………………………………….
1. ما هو الوعاء الذي يمكن أن يحمل معه مواهب أخرى ؟
………………………………………………………………………………………………………………………………….
1. إعطي مثالين لعمل موهبتي الحكمة والعلم معًا في العهد الجديد.
………………………………………………………………………………………………………………………………….
1. إعطي مثالين لعمل موهبة كلمة الحكمة في العهد الجديد.
………………………………………………………………………………………………………………………………….
1. إعطي مثالين لعمل موهبة كلمة الحكمة في العهد القديم.
………………………………………………………………………………………………………………………………….
10- أحيانًا ما تأتي كلمة الحكمة بصورة شرطية. فعلى أي شيء تعتمد؟
…………………………………………………………………………………………………………………………….
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.