القائمة إغلاق

عقيدة الاختيار The doctrine of choice

  • عقيدة الاختيار
  • هل يختار الله البعض للحياة وآخرين للجحيم؟
  • هل يتعارض سلطان الله مع مسؤولية الإنسان؟
  • كيف نفهم اختيار الله؟
  • الخلفية التاريخية لاستخدام كلمة “الاختيار” 
  • الإنسان له دور في الاختيار ، فهو ليس مُسير.
  • خطير هو عدم التجاوب مع هذا الإله.
  • لديك الاختيار بأن تُعيق أو تسمح بتدخل الله في حياتك. 
  • الإنسان له دور في الاختيار ، فهو ليس مُسير: 

“لأَنَّهُ يَقُولُ لِمُوسَى: «إِنِّي أَرْحَمُ مَنْ أَرْحَمُ، وَأَتَرَاءَفُ عَلَى مَنْ أَتَرَاءَفُ».”

(رومية ٩: ١٥) 

   يبدو هنا في الظاهر أن الله ينتقي الأشخاص الذين سيقبلون يسوع مما جعل البعض يعتقد أنه يختار مَن يشاء، وهذا تحت شعار “لا يَقُل الطين لجابله لماذا صنعتني هكذا”، أو كما يُقال الآن: “المخرج يريد ذلك” أي بكلمات أخرى “هيأ الله مُسبقًا ظروف قبوله لأُناس معينين وآخرين لا”، ويستندون على ذلك بالآتي: “لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ…” (رومية ٨: ٢٩).

 

الخلفية التاريخية لاستخدام كلمة “الاختيار” 

eklogéἐκλογή

   أعلم أن تلك العقيدة متوغلة في كثير من الطوائف ولكنها ليست كتابية! فالإنسان مُخير وليس مُسير. دعني الآن أوضح المفهوم الكتابي الصحيح لتلك الآيات من خلال قصة حقيقية في أيام الدولة الرومانية:

   نظرًا لما كان يحدث أيام الدولة الرومانية من سيول وزلازل، فقد كانوا يعلمون موعد هطول السيول كونها كانت تهطل في نفس الميعاد كل موسم، حيث قامت الحكومة آنذاك بوضع قانون ينص على أن كل مَن يتضرر من تلك الكوارث يتم تعويضه وإعالته من قِبل الدولة، فالشخص المُعال هو الذي استوفت فيه الشروط أي تضرر منزله أو مكان عمله بسبب تلك الكوارث وليس لأي سبب آخر.

    كيف كانوا يُطبقون ذلك القانون حينها؟ عن طريق إقامة مجلس للوزراء الذين يعلمون حالة الأشخاص فبناءً على ذلك يُعينوا مَن يحتاجون للإعالة، فالتعيين يُحَدَّد بناءً على المعرفة المُسبقة لحالة الشخص وليس على اسم الشخص أو شيء آخر.

    كيف كان يستفيد الشخص من الدعم؟ من خلال توجهه للحكومة وعرض مشكلته فإن كان مستوفي الشروط (الضرر نتيجة الكارثة الطبيعية) إذًا يستحق الدعم، وهذا يدل على أن الشخص هو مَن يضع نفسه في وضعية التعيين وليست الحكومة هي مَن تختار من تلقاء نفسها.

   نرى الرسول بولس يشرح ذلك المبدأ أو عقيدة الاختيار في هذا الشاهد:

“٢٨ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ. ٢٩ لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. ٣٠ وَالَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهؤُلاَءِ دَعَاهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهؤُلاَءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا.”

(رومية ٨: ٢٨-٣٠)

   استنتاجًا لما سبق، اتضح معنى “سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ” أي “الأشخاص الذين اختاروا قبول الرب يسوع عينهم الله وأعطاهم السلطان أن يصيروا أولاده” (يوحنا ١٢:١).

 

   سيتضح لك من خلال هذا المفهوم الذي شرحته توًا فهم باقي سياق اصحاح (رومية ٩)، فالرسول بولس عندما قال:

“٢٠ بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا:«لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟» ٢١ أَمْ لَيْسَ لِلْخَزَّافِ سُلْطَانٌ عَلَى الطِّينِ، أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ؟”

(رومية ٩: ٢٠، ٢١)

 

    لا يقصد هنا أن الله إن أراد أحد سيُهيئ له الظروف المناسبة، بل على العكس فهو هنا يُجاوب المُعترضين قائلًا: “أنه ليس لك أن تعترض على القانون الذي وضعه الله” الذي هو التعيين بناءً على تهيئة الشخص لنفسه ليؤَهَل لذلك التعيين.

   نرى الدليل على ذلك من خلال فهم ما كان يقصده الرسول بولس في الآيات التالية:

“١٧ لأَنَّهُ يَقُولُ الْكِتَابُ لِفِرْعَوْنَ:«إِنِّي لِهذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ، لِكَيْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِي، وَلِكَيْ يُنَادَى بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ». ١٨ فَإِذًا هُوَ يَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ، وَيُقَسِّي مَنْ يَشَاءُ.”

(رومية ٩: ١٧، ١٨)

   يظهر في الشاهد أعلاه كما لو أن الرب أعَّد مُسبقًا أُناسًا للغضب، لكن هذا غير صحيح وللأسف تم وعظ ذلك لسنوات، حيث يتضح لنا جليًّا أن الرب قبل أن يقوم بالضربات العشرة على فرعون قام بعرض صفقة عليه ألا هي مُباركة شعب مصر من خلال إطلاق شعب إسرائيل ليعبدوا الرب، وهذا طبقًا للقانون الذي قاله لإبراهيم: “وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ”. (التكوين ١٢: ٣)، لكن في اللحظة التي رفض فيها فرعون ذلك قُسِىَّ قلبه وليس الرب هو مَن قساه، وهذا نجده في سفر الخروج:

” وَكَانَ لَمَّا تَقَسَّى فِرْعَوْنُ عَنْ إِطْلاَقِنَا أَنَّ الرَّبَّ قَتَلَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ، مِنْ بِكْرِ النَّاسِ إِلَى بِكْرِ الْبَهَائِمِ. لِذلِكَ أَنَا أَذْبَحُ لِلرَّبِّ الذُّكُورَ مِنْ كُلِّ فَاتِحِ رَحِمٍ، وَأَفْدِي كُلَّ بِكْرٍ مِنْ أَوْلاَدِي”

(الخروج ١٣: ١٥)

   هل الشواهد أعلاه متناقضة، وأيهما نُصدق؟ الإجابة هي: “علينا تصديق كليهما”؛ لأن كل مَن لا يتجاوب مع الكلمة يغلظ قلبه ويَتقسى تلقائيًا، فيكون ظاهريًا أن الله هو مَن فعل ذلك ولكن في الحقيقة الله سَلَّمه لأفكاره وغلاظة قلبه.

   تَلِفَ إيمان كثيرين وصارت صلاتهم غير فعاله بسبب الفهم الخاطئ لتلك النقطة التي تفشت كالخميرة بينهم من خلال التعاليم الغير نقية، فهم دائمًا متوقعين من الله أنه قد يشاء في يوم أن يصنع معجزه وآخر لا.

  • خطير هو عدم التجاوب مع هذا الإله:

   لنتطرق لمبدأ هام جدًا تكلم عنه الكتاب يوضح نتائج رفض هذا الإله:

“١٨ لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. ١٩ إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، ٢٠ لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ. ٢١ لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. ٢٢ وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ، ٢٣ وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى، وَالطُّيُورِ، وَالدَّوَابِّ، وَالزَّحَّافَاتِ. ٢٤ لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ، لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ. ٢٥ الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ، وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ، الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.”

(رومية ١: ١٨-٢٥)

 

   يتكلم في ذلك الشاهد على وجه الخصوص عن المُلحدين، فصنعة يدي الله كافية لتجعل أي إنسان بلا عذر في اكتشافه لله، فالرب أظهرها لهم لكنهم لم يتجاوبون معه فصاروا في ظلام، لهذا سنخرج بمبدأ عام “عدم التجاوب مع هذا الإله يساوي أن القلب سيغلظ ويتقَسَّى”. تذكر، لو كان فرعون تجاوب مع الله وأخرج شعبه لتبارك شعب مصر وصاروا في أمان كما حدث مع باقي الأمم الذين لم يتأذوا بعد مرور شعب الله من خلالهم.

” ٢١ لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ(ينبهروا به) أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ”

    يقع الكثير من المؤمنين في هذا الخطأ ألا وهو عدم التفاعل مع الحق الكتابي الذين اكتشفوه، فيظلم قلبهم ويكونون في خطر وبحاجة إلى الاستفاقة من ذلك، فأي انبهار لأي شيء غير إلهي هو اتجاه لطريق مُظلم.

“٢٥ الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ، وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ، الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ”

 

   أترى ذلك، دائمًا ما يسعى الإنسان للعبادة فهو صُمم ليكون في علاقة مع العالم الغير مرئي، فعندما يعبد وينتبه لشيء غير هذا الإله يدخل في الظلمة؛ لأجل هذا تم التحذير في رسالة العبرانيين في أكثر من موضع على عدم “عبادة الأصنام” أي الانبهار بأي شيء غير هذا الإله.

  • لديك الاختيار بأن تُعيق أو تسمح بتدخل الله في حياتك:

“لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ

(رومية ١: ١٨)

   هل يمكن حجز الحق الذي بدوره سيغير حياتك؟ نعم، تسأل كيف؟ من خلال عدم قبولك وتفاعلك مع الكلمة بكفاية فكلمة “إثْمِ” لا تعني خطية ضخمة ولكن تعني هنا في سياق الآية “رفض الحقيقة التي أظهرها الله عن عمد”، فعدم تفاعلك بكفاية مع آية قرأتها أو عظة سمعتها سيجعلك غير مُستفيد منها بل وقد تُسرق منك، وهذا ما شرحه الرب يسوع من خلال المثل الذي ضربه في (لوقا ٨: ٤-٨) موضحًا خطورة عدم التجاوب مع الكلمة.

«تجاوب وتفاعل مع الكلمة لتذوق روعة هذا الإله في حياتك»

 

__________  

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$