إذا كنت تستطيع تصور ما حدث في يوم الخمسين في العوالم الثلاثة، سيُكشف لقلبك واحدة من أعظم المعجزات في تاريخ البشرية. أتساءل ما كان تأثير ذلك على الآب ويسوع؟
لقد عبر المسيح في الهاوية ليجعل هذا اليوم ممكنًا. لقد عانى الآب من آلام ألف جحيم وهو يرى آلام ابنه، ليجعل هذا اليوم ممكناً. ربما تسأل: “ماذا حدث؟ “
لماذا، لقد تأسست عائلة الله؛ أتت إلى حيز الوجود. أول أبناء الخليقة الجديدة من الأشخاص وُلدوا في تلك العلَية.
لقد فقد الله الإنسان في الجنة، والآن وجده مرة أخرى في العلَية.
وُلدِت الخليقة الجديدة وظهرت للوجود؛ أبناء الله وبناته قد وُلدوا.
الله أصبح أبًا في النهاية.
كان يسوع هو المخلص الحقيقي.
يسوع لم يكن مخلصًا من قبل.
كان هو الخالق، الله ظهر في الجسد.
لقد كان المُتمم العظيم للعهد القديم وكل ما يتعلق بها.
كان هو البديل.
لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليال عبر يسوع بآلام الأبدية لفداء الإنسان وإظهار بر الله. لقد وَفَى متطلبات العدالة؛ وبذلك يكون لله الآب –في ذلك اليوم الرائع- الحق أن يعطي الإنسان طبيعته الخاصة. فقد وُلد هؤلاء المائة من الرجال والنساء، ولدوا في عائلة الله.
لم يصبح يسوع مخلصًا فحسب، بل هو ربنا الجالس عن يمين الآب والوسيط بين الله والناس. وليس هذا فقط، ولكن عندما يوُلد الإنسان مرة أخرى في عائلة الله، يصير يسوع شفيعه، يحيا من أجله على الدوام ليشفع فيه لأجله. يا لها من خدمة بدأها التجسد، القلب بالكاد يمكن إدراك هذا.
إنه ليس فقط الشفيع العظيم، قائد فريق الصلاة في كل العصور، والقدوة لكل المصلين، لكنه أيضاً محاميهم. فعندما تأتي المتاعب ونستسلم للحظة للخصم، لدينا محام عن يمين العظمة في الآعالي. إنه المدعي العام خاصتنا. هو السيد العظيم، المسيح ربي. ولكن هذا ليس كل شيء. ففي يوم الخمسين العظيم، أصبح رأس الجسد، ذلك الهيكل الجديد الذي كان سيُقام من حجارة الحية: التي هي ذلك شيء جديد غريب، نوع جديد من البشر مثل يسوع.
هو الرأس
هو رب الكنيسة
فهو الولَي والمعتني، والدرع، والحامي.
إن تعبير “الولّي” يملأ قلبي بسعادة غامرة. فهو يهتم بي، يراقبني ويحرسني. يعرف كل حاجتي ورغباتي. إنه ربي.
لكن الصورة لن تكتمل إذا لم اُلفت انتباهكم إلى هذه الحقيقة إنه هو الكفيل والضامن. هو الضامن للعهد الجديد. فعرشه يحمي العهد. فإن هذا العرش هو أمن هو ضمانة العهد الجديد بدمه. يا له من ختم على ذلك العرش؛ دم ابن الله.
الآن نحن قادرون على التحدث مع الله كأبينا. لطالما كان دائما أباً. فطوال الأبدية، كان قلب الآب ينبضُ شوقاً لأبنائه. لقد تطلب الأمر دهوراً لخلق عالمنا ليكون مسكناً لإنسانه. لقد كانت الأرض هي عُش الحب لقلب الله تجاه عائلته. استغرق الأمر عصوراً ليخزن بالأرض العناصر والمعادن والغازات والبترول ليستمتع بها رجله (الإنسان). يا له من إلهٍ ينبضُ قلبه بحنان الأبوة.
إننا لنلتقط لمحات من ذلك القلب العظيم في الأناجيل الأربعة، ولكن يُرى مُشرقًا كاملاً في الرسائل. لا يمكن للكلمات أن تصفه، لأننا نعيش في عالم المعرفة الحسية، مُحاطين بصور المعرفة الحسية. حتى أن جميع ردود أفعالنا تأتي طبقاً للمعرفة الحسية. كم كان يوم سماوي مجيد حينما وُلدت عائلة الله.
يا لها من أناشيد غنتها الملائكة! وصدى الجوقات التي دوَت خلال الفضاءات السماوية في يوم الميلاد المجيد للخليقة الجديدة؛ في اليوم الذي بدأ العهد الجديد يصير فعّالاً على الأرض، إن أمكننا التعبير عنها بهذه الطريقة. أنت ترى أن العهد الذي تم كان بين يسوع والآب. والكنيسة كانت هي المستفيدة من هذه الوثيقة الرائعة. فقد تم إثبات أن دم المسيح قد قُبِلَ وذبيحته كانت كافية. أتى ناموس العهد الجديد. فقد نال هؤلاء الناس طبيعة الله. أصبح الحب شيء طبيعي داخلهم. في الحقيقة لقد قفز الحب إلى الوجود. فليس من المستغرب أن هؤلاء الناس لم يعودوا يتمسكون بحقوقهم، بل صار لديهم كل شيء مشتركاً. مات النظام القديم للأشياء عندما انشق حجاب الهيكل، وغادر الله قدس أقداسه الأرضي ودخل إلى قدس الأقداس السماوي.
أعاد الروح القدس خلق المائة والعشرون شخصاً الموجودون بالعليّة. في تلك العلّية تكونت الكنيسة، جسد المسيح. هذا الجسد صار هيكل الروح القدس. فقد كان لأورشليم هيكلها حيث كانت تقدم الذبائح العظيمة. ثم أيضًا، كان لها خيامها الصغيرة حيث كان الناس يجتمعون من أجل سماع الوحي والشركة. هكذا أجسادنا هي الخيام الصغيرة حيث يعطينا الروح الإعلان والشركة من خلال الكلمة. صار للملائكة خدمة جديدة؛ فقد كانوا أولاً يخدمون عبيد الرب، والآن هم يخدمون أبناء وبنات الله. ووظيفتهم السابقة كوسطاء بين يهوه والإنسان قد انتهت. ويسوع الآن هو الوسيط العظيم. وصار حق شرعي لكل ابن وابنة لله في أن يدخلوا قدس الأقداس. بعكس ما كان في العهد الأول، فقد كان رئيس الكهنة هو فقط المسموح له بالدخول مرةً في السنة.
الآن نحن، كأبناء وبنات، يمكننا الدخول للأقداس كما نريد. قد ندخل للعبادة أو ندخل لتقديم التماساتنا. قد ندخل للشركة. وقد ندخل، ببساطة نجتمع معاً في محبة. كانت خدمة الروح القدس أولاً هي تكوين الخليقة الجديدة. أن يلد أبناء وبنات الله. ويقنعهم في قلوبهم ويريهم ما يمكن للحياة الأبدية أن تفعل لهم.
يكشف لهم كم أن الآب السماوي صالح وفي صفهم. فلم يُظهر فقط الفرق الشاسع بين حياتهم وحياة المسيح، بل يكشف لهم الإمكانيات العظيمة التي تصير للإنسان بعدما يستقبل لحياة الأبدية.
والتأثير العظيم الذي يصنعه مع أولاده هو أن يعلن لهم. يعلن لهذا الإنسان الجديد معنى أني يسير في المحبة، وأن يعيش كما عاش السيد. سمح لهم أن يعرفوا أنهم أصبحوا شركاء في الطبيعة الإلهية. ربما أعظم مكافأة يمكن أن يتلقاها المخلوقات الجديدة هي الإدراك أنه يمكنهم أن يدخلوا السرور لقلب الآب العظيم. الآب يمكنه أن يشعر بنفس الشوق على أبنائه كما يشعر الآباء الأرضيين تجاه أولادهم. يا لها من خدمة، فقد كان عليه أن يوصلنا إلى معرفة علاقتنا وامتيازاتنا وحقوقنا في عائلة الله.
الآن الروح القدس لديه برنامج الله لينفذه في العالم ومن خلال هذا الجنس الجديد من الناس. إن كان الله قد قال لآدم أن يُخضع ويسود على الأرض، فيالها من خدمة يمتلكها الإنسان الجديد في إخضاع الأنانية والشر والمرارة بالحب، والسلام والفرح.
نوع جديد من الناس ونوع جديد من الحب. أستطيع تذكر ما قاله يسوع في (يوحنا 13: 34-35): “ وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضً. بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ.”
إنهم أناس الحب
في عهد الحب
ويودهم قائد الحب
داخل عائلة الحب.
إن يوم القساوة والأنانية قد ولى بالحب.
لقد أعمت هذه الخمس والعشرون سنة الأخيرة -من الحروب المروعة- وّعينا بالصواب والخطأ، والحب والفرح، لذا بالكاد نستطيع أن ندرك هذه الحقيقة، لكن حلم الآب هو أن يسود الحب ويحكم كل واحد منا. ترون أن هناك قوتين رئيسيتين في العالم؛ الأنانية والحب. لقد ولدت الأنانية كل أحزاننا وأوجاعنا والدموع. لقد تسببت في كل الحروب والفظائع الأخرى التي شارك فيها الناس. العالم لم يتعرف بعد على هذا النوع الجديد من الحب، حب الآغابي. قليلون رأوها تُمارس عملياً، ولا يزال عدد أقل يستمتعون بكمالها. المحبة تزيل الأنانية تمامًا.
لسنواتٍ كنت أتساءل ما هو الموت الروحي؟ علمت أن الحياة الروحية هي طبيعة الآب، فعرفت أن الموت الروحي يجب أن يكون هو طبيعة الشيطان. ثم رأيت أن طبيعة الآب تُكشف من خلال سلوكنا، من خلال أعمال محبتنا. رأيتها كوميضٍ. طبيعة الشيطان أنانية، والله أحب لدرجة أنه بذل. الشيطان كان أنانيًا لدرجة أنه سعى إلى سلب الله والجنس البشري كل شيء يستحق. الأنانية هي لصُ. لقد سادت بدون منافس عبر العصور. لكن الآن قوة جديدة قديرة قد اقتحمت عالم الحواس، هذه القوة الجبارة هي الحب (يمكنك قراءة كتابي “نوع الحب الجديد.”). الحب يأتي من الله، وفي المسيح كُشِفَ عنه النقاب. صار فعالّاً فينا.
الحب بدون القدرة على استخدامه لن يكون جيدًا. هذا هو السبب الذي جعل يسوع هو حكمتنا. فالحكمة هي القدرة على استخدام المعرفة من كل تلك الأشياء التي تحدثنا عنها. الحكمة هي الكفاءة والقدرة الإلهية الممنوحة للإنسان. الحكمة هي القدرة على استخدام المعرفة لصالحك. تُرى الحكمة في كل تفاصيل الخلقية.
فكل ما هو رائع من الغازات والمعادن والزيوت المخبأة في الأرض والبحر، ما كانت لُتكتشف، لو لم يعط الله للخليقة الجديدة الحكمة للعثور عليهم. ما علينا أن ندركه هو أن روح الإنسان هي التي يُعاد خلقها. فروح الإنسان هي الإنسان الحقيقي. هذه الروح تُنتج كل القدرة الخلاّقة سواء كان ذلك في المجال الإبداعي أو الأدبي أو الفني أو الموسيقي، تأتي القدرة من نفس المصدر.
يمكنك أن تقول إنها ولُدت من رحم واحد، وهو الروح المُعاد خلقها. هذا ليس فقط كل ما يولد من هذه الأم الرائعة؛ العلوم والفن ولكن أيضاً الحب والفرح.
إنها تسمى قلب الروح البشرية. لا تستطيع الروح البشرية الطبيعية أن تلد هذه الأشياء. هذا هو السبب إن الأمم الذين لم يستقبلوا أبدًا الحياة الأبدية متراجعون، بدون قدرة إبداعية. هم لا يملكون نوع الحب الجديد، الذي يولد من نوع جديد من الحياة التي جلبها يسوع إلى العالم.
نحن نقف الآن على الجانب الآخر من عظمة عمله النيابي للخليقة الجديد. ننظر إلى الرجال والنساء الذين وُلِدوا من فوق. هؤلاء من استقبلوا حياة الله وطبيعته. ماذا صار متاح لهم الآن؟ هل هناك بعض الأسرار الخفية والحقائق التي أُخفيت عنا؟ ماذا سيكون تأثيرهم على حياتنا إن كنا واعين لهذه الحقائق عن الخليقة الجديدة؟
فكل شيء فعله الآب في المسيح قد صار ملكاً لنا لقد باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح.
لنا الحق في الحكمة التي استخدمها يسوع في حياته حينما سار على الأرض. فقد صار لنا حكمة، ليعلمنا استخدام القدرة التي أعطيت لنا. من ملئه نحن جميعاً أخذنا. والآن لدينا القدرة على استخدام هذا الكمال لندخل إلى كل غنى عمله النهائي. لكن واحدة من أندر البركات التي أتت إلينا هي أننا نستطيع أن نجعل قلب الآب يفرح في مسيرتنا اليومية. يمكننا أن نبارك ونُدخل الفرح لقلبه.
___________
نشرت بإذن من مؤسسة كينيون لنشر الإنجيل Kenyon’s Gospel Publishing Society وموقعها www.kenyons.org.
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية بإذن من خدمة كينيون.
Taken by permission from Kenyon Gospel Publishing Society, site: www.kenyons.org. All rights reserved to Life Changing Truth.