القائمة إغلاق

ناموس روح الحياة – الجزء 3 – The Law of the Spirit of Life – Part

لمشاهدة العظة على اليوتيوب 

ناموس روح الحياةالجزء 3 

 

  • إساءة استعمال المصادر.
  • ناموس روح الحياة مقابل ناموس الخطية والموت:
  • دائرة النفس.
  • دائرة الجسد.

 

  • أربعة أمور تُفعِّل قانون الموت في حياتك:
  • الخطايا العَمديَّة.
  • تجاهُل الكلمة.
  • عدم تناول الكلمة بصورة صحيحة.
  • السلوك بالجسد.

 

  • كيف تسلُك بناموس روح الحياة؟
  • تَمسُّكك بكلمة الحياة.
  • علاقتك مع الروح القُدس.
  • إيمانك.
  • الفرح.
  • التأمل.

 

 

  • إساءة استعمال المصادر:

 عندما رأى الله أن الشريعة صارت تُستعمَل بطريقة خاطئة بدأ يتكلَّم عن إساءة استعمال القانون (الناموس) مُوضِّحًا مدى خطورة انقلاب ربوبية شيء على آخر، فعلى سبيل المثال: إن كان لديك فيضٌ في مالك وليس لديك شيءٌ تصرف فيه مالك في الوقت الحالي الذي قد يكون استغرقت سنة من التعب والإرهاق لتجميعه، فتُقرِّر أن تُعطي جسدك بعض الراحة عن طريق التنزُّه أو ما شابه، لكن ليس عن مللٍ، فهذا صحيح، أما إن قررّت ألّا تصرف المال تحت مُسمَى أن هذه تفاهات، فأنت بهذا تخدم المال وليس هو مَن يخدمك!

 يوجد مَن يرفض الذهاب لمكان ما بالسيارة خوفًا من عدم إيجاد مكان ليركن فيه، فيقرر إلغاء الذهاب لذلك المكان، بالطبع ليس من الخطأ أن تستعمل المواصلات مُوفِّرًا مجهود القيادة في الزحام، لكن لا تفعل ذلك عن خوف.

 نرى أيضًا اليوم أشخاصًا يعملون في مكان (محل مثلًا) تركه لهم والدهم ولم يُطوِّروا فيه مُواكِبين للعصر الحالي تحت مُسمى “الحفاظ على سُمعتنا، والتطوير هذا ما إلا تفاهات” وللأسف بهذا سيخسرون زبائنهم لأن الكل سيعتقد أن ما في المحل مُنتهِي الصلاحية لكونه قديمًا.

 تعمل قوانين الموت على تجارة وعمل البعض بسبب السلوك الخاطئ، فمظهرك الجَميل في عملك واهتمامك بصرف المال في تطوير ما تُقدِّمه للناس، سيجعل الزبائن تُحب المجيء إليك، بالطبع يوجد على الجانب الآخر مَن يصرف أي أموال تأتي إليه، وهذا خاطئ. ناموس روح الحياة سيعمل على تنظيم حياتك لتكون مُتوازِنًا وناجِحًا في كل زوايا حياتك.

“٢٣ وَاجْتَازَ فِي السَّبْتِ بَيْنَ الزُّرُوعِ، فَابْتَدَأَ تَلاَمِيذُهُ يَقْطِفُونَ السَّنَابِلَ وَهُمْ سَائِرُونَ. ٢٤ فَقَالَ لَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «انْظُرْ! لِمَاذَا يَفْعَلُونَ فِي السَّبْتِ مَا لاَ يَحِلُّ؟» ٢٥ فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ حِينَ احْتَاجَ وَجَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؟ ٢٦ كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ فِي أَيَّامِ أَبِيَأَثَارَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ إِلاَّ لِلْكَهَنَةِ، وَأَعْطَى الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَيْضًا». ٢٧ ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ. ٢٨ إِذًا ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا».” (مرقس ٢: ٢٣-٢٨).

 أرأيت ذلك! فقد صار الناموس عقدة للإنسان بدلًا من أن يكون وسيلة مساعدة! لأجل هذا شاهدنا غضب الكتبة والفريسيين من معجزات الرب يسوع في السبت، حيث اعتبروها شيئًا سيئًا وما غاب عن أذهانهم هو روح الناموس الذي كان يريد إعطاء حياة عن طريق بتر الخطية، لكنهم نظروا بسطحية للأمر على أنه التوقُّف عن الخطية فقط.

 دعونا نفهم ما هو السبت، السبت هو يوم الراحة لسماع الشريعة والاستفادة منها كما تَمَثَّل في شفاءات الرب يسوع فيه وما قاله بخصوص ما فعله داود، لكنهم للأسف صاروا عبيدًا للشريعة ليخدموها بدلًا من أن تخدمهم، فالله يريد الحرية للإنسان وليس جعله يُحبه بسبب عبودية الخوف. مجدًا لاسمه.

 كان هدف السبت هو أن يكون يوم راحة يختلي فيه الشخص مع الله مُتأمِّلًا في كلمته (الشريعة) ولكنهم أساءوا فهم هذا. يُحدِّثنا الكتاب عن أربعة أيام راحة بحسب ما جاء في (العبرانيين ٤):

  1. عندما استراح الله من الخلق.
  2. دخول شعب الله أرض الموعد.
  3. الكنيسة.
  4. مُلك الرب يسوع على الأرض في المجيء الثاني.

  نلاحظ من هذا التَسلسُّل أنّ أيام الراحة ليست في السماء، بل كلها على الأرض، لذلك الكنيسة تحتاج فَهْم أنّ يوم الراحة بدأ حينما جاء ملكوت الله، فالرب يسوع أباد الموت جاعِلًا الناموس الحقيقي الذي كان يُعده متاحًا من الآن.

“١ بُولُسُ، عَبْدُ اللهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، لأَجْلِ (تحفيز) إِيمَانِ مُخْتَارِي اللهِ وَمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، الَّذِي هُوَ حَسَبُ التَّقْوَى (الألوهية) ٢ عَلَى رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، الَّتِي وَعَدَ بِهَا اللهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ الْكَذِبِ، قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، ٣ وَإِنَّمَا أَظْهَرَ كَلِمَتَهُ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ، بِالْكِرَازَةِ الَّتِي اؤْتُمِنْتُ أَنَا عَلَيْهَا، بِحَسَبِ أَمْرِ مُخَلِّصِنَا اللهِ.” (تيطس ١: ١-٣).

  كان الرب يسوع دائمًا يتحدَّث عن الكلمة قائلًا: فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.” (يوحنا ٥: ٣٩)، فكما نرى الكتاب يتكلَّم أن تلك الحياة الأبدية موجودة في الكلمة.

 “٩ الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً (مُتفرِّدة) لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، ١٠ وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ.” (٢ تيموثاوس ١: ٩، ١٠).

  يقصد بـ “أَنَارَ الْحَيَاةَ” بأنه جعلها مُتاحة وظاهرة ومرئية وليست معناها أن الحياة كانت بحاجة إلى إضاءة، إذًا الإنجيل هو الفِكْر الإلهي، هذا الذي أبهر الوالي عندما رأى الرسول بولس قادِرًا على التَحكُّم في شخص كان الأعلى في نظر الناس مُندهِشًا من تعليمه: “فَالْوَالِي حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى مَا جَرَى، آمَنَ مُنْدَهِشًا مِنْ تَعْلِيمِ الرَّبِّ.” (أعمال الرسل ١٣: ١٢).

 آمن الكثير من الرومانيين بالرب يسوع -منهم الوالي نفسه الذي كان تحت الإمبراطور- نتيجة ما حدث، حيث أدركوا إنه يوجد شخصٌ أعلى من الإمبراطورية الرومانية يَحكُّم، كان ذلك في جزيرة قبرص.

  أدركَ الأمم حينها أن الله صار متاحًا، فالتعليم الذي يقول: “الحياة الإلهية صارت متاحة الآن” ليس جديدًا، بل هذا ما عَلَّمه الرسول بولس للقساوسة؛ تيموثاوس وتيطس كما رأينا في الشواهد السابقة، فبالتالي كان يتمّ وعظ هذا الكلام للشعب اللذان كانا يرعوه، فهذا التعليم من أيام الرسل.

  • ناموس روح الحياة مقابل ناموس الخطية والموت:

 دعونا نرى كيف يعمل ناموس الخطية الذي يَنتُج عنه موتٌ، وناموس روح الحياة الذي ينتج عنه حياة وسلام، في دائرتي “النفس والجسد”.

  • أولًا/ دائرة النفس:

 أصبح الكثير من الناس الآن يعتقدون أن حياتهم مُتوقِّفة على بشر لتسري على ما يرام، حيث ينتظرون نتيجة تحاليل جيدة، أو أن يتحسَّن الاقتصاد، أو الإجراءات مُتوقِّفة على موافقة شخص، فقد صار الإنسان عبدًا للإنسان وأصبح الأعمى يقود أعمى، لكن في الحقيقة حياتك ليست مُعتمِدة على البشر.

  يجب أن تفهم أن بداخلك طبيعة تُغير المواقف ولا تخضع للاستسلام الذي يُعرَض عليك، كون أفكار الشكّ أو الخوف جاءتك، فهذا لا يعني أنها نابِعة منك لأنك لن تمنعها من أن تأتي، بل عليك قول “لا”، وترفضها مُدرِكًا أن الحياة الإلهية داخلك وأنك لست تحت رحمة إنسان أو مواقف، بل تعرف ما يجب فِعْله في كل موقف.

“إِنِ ارْتَخَيْتَ فِي يَوْمِ الضِّيقِ ضَاقَتْ قُوَّتُكَ.” (الأمثال ٢٤: ١٠).

 تشرح لنا كلمة الله هنا جذر مشكلة الضَعف والخوف في المواقف الصعبة، حيث نرى مبدأً كتابيًّا هامًا وهو؛ “إنك إن ضعفت أو هُزِمت وقت المشكلة، اعرف أنك كنت قبلها ضعيفًا ولم تكن مُجهَّزًا بالكلمة”. ستعجز عن نوال معجزتك إن لم ترى نفسك بالصورة الصحيحة؛ “أنك قادِرٌ على التغلُّب على هذا الأمر”.

 ستجعل ناموس الموت يعمل في حياتك إن أعطيت بنزينًا (وقودًا) للمشكلة من خلال التفكير بالحكمة البشرية العادية، فإن كنت ترى أن الموقف سيتغيّر تلقائيًّا، أو مثلاً تنتظر قرارًا يُؤخَذ مِن قِبَل شخصٍ ما، فأنت بهذا تُفعِّل ناموس الموت وستتفاقم المشكلة أكثر، حيث يختفي لديك بُعد المعجزات ويتجلَّى فقط بُعد العيان، وما يُمليه عليك الواقع.

 دعني أوضِّح كيف يعمل الله فيك عَبْر ناموس روح الحياة من خلال هذا المِثال: لدى أحد الأشخاص هاتفٌ لديه القدرة على الاتّصال ولكن نظام الجهاز توقَّف، فصار غير قادِر على إجراء المكالمات وسيحتاج إعادة تحميل النظام فيه، بالمنطلق نفسه؛ أعطاك الله القدرة على تغيير ظروفك، ولكن لن تُفَعَّل هذه القوة إلّا من خلال اكتشافك وسلوكك بناءً على الفِكْر الإلهي، فهذا هو الـ “software” الذي تحتاجه لتعمل بكفاءة.

 صار المُؤمنون يقولون جملاً صحيحة نظريًا ولكن بلا فَهْم، مثل: “أليس الله معنا فلماذا إذًا يحدث معنا كل هذا؟!” مُتغافِلين عن حقيقة أنه يجب تحميل النظام الإلهي في أذهانهم، فهذا هو مفتاح حدوث المُعجِزة.

 كما تتعطّل وظائف في الموبايل بسبب عُطل في النظام -بالرغم من إنه قادِرٌ على آدائها- هكذا تتعطّل قوة الله في حياتك بسبب وجود أفكار خطأ في ذهنك لم تُجدَّد بالكلمة بعد، حيث تجد نَفْسك في الموقف مَهزوزًا، هذا ما إلّا ظهور لما تم تحميله مُسبقًا من أفكار خاطئة.

 لاحظ شيئًا هامًا، لن يستطيع أن يسكُنك الروح القدس ولن تذوق الكلمة في حياتك إلّا عندما تُولَد من جديد، فروحك الفاسِدة القديمة لن تحتمل القوة الشديدة للروح القدس، لذلك يوجد حتمية للميلاد الجديد الذي يتمّ فيه استبدال روحك القديمة بأخرى جديدة بالكامل، حيث أشار إليها الرب يسوع مُسبقًا: وَلاَ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق عَتِيقَةٍ، لِئَلاَّ تَنْشَقَّ الزِّقَاقُ، فَالْخَمْرُ تَنْصَبُّ وَالزِّقَاقُ تَتْلَفُ. بَلْ يَجْعَلُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاق جَدِيدَةٍ فَتُحْفَظُ جَمِيعًا.” (متى ٩: ١٧).

  ستُدرِك من خلال ما أوضحته منذ قليل سبب عدم وجود نتائج لصلاتك، فالسبب يرجع إلى أفكار خاطِئة مازالت موجودة في ذهنك لم تُستبَدل بالفِكْر الإلهي، لذلك الموت الذي نراه يعمل في حياة البعض بسبب النظام الفِكْري العالمي أي “الدهر aiōnالـ “software” الذي وضعه إبليس صار يعمل في المُؤمِنين أيضًا لجهلهم بهذا.

 تخيّل معي هذا، ماذا لو سلك الرب يسوع بحسب نظام هذا العالم -مع استحالة حدوث هذا لأنه الحياة ذاتها- عندما كان يريد إشباع الجموع، لم يكن يستطيع إطعامهم إن سلك بمبادئ العالم الساقط، لكنه -كما نعلم- قام بعمل شيء غير طبيعي من خلال شيء طبيعي، حيث استخدم المصادر التي كانت لديه (الخمس خبزات والسمكتان) في عمل شيءٍ خارقٍ للطبيعي.

 يتوقّع البعض أنهم سيتحسَّنون في الحياة إن امتلكوا بعض المال ولانتظارهم له توقَّفت حياتهم، غير عالِمين أن الله سيستخدم ما لديهم ويعمل منه المعجزة، فالرب سيُعطيك أفكارًا بها تُزيد من دَخْلك دون أن تنتظر مجيء المال، فهذا هو ناموس روح الحياة الذي سيجعل كلًا من مالك أو وقتك أو مجهودك أن يكون مُثمِرًا بصورة غير عادية.

 سُمِيَّ ناموس الخطية والموت بهذا الاسم ليس إشارةً لفِعْل الخطية فقط بل يعني أيضًا الحياد عن الهدف، فيتفشَى مفعوله في وقتك ومجهودك، فتجد الأمر الذي يحتاج إلى خطوة واحدة لإنجازه تُنجزه أنت في أكثر من خطوة. لن يظهر ناموس روح الحياة إلّا عندما تعلَُم أنه بالفِعل داخلك؛ لهذا السبب أنت تتعلَّمه الآن.

 دعوني أُوضِّح لكم بمثال كيف تفشَّى ناموس الخطية والموت في حياة الكثيرين، يتَّجه البعض إلى أخذ قرارات كفتح مشاعر للآخر إنْ كان شابًا أو فتاةً تحت مُسمَى “لكي أشعر أني مُقدَّر” ويصل الأمر إلى التفكير في الارتباط بالآخر بناءً على المشاعر وليس على مبادئ، وهم لا يعلمون أنهم بهذا يتدرَّبون على الخيانة الزوجية قبل الارتباط وأي شخص تنجذب إليه مشاعرهم سيتعلّقون به.

 يتّجه بعض الشباب إلى الارتباط مُبكرًا قبل اكتمال بناء شخصيتهم واستقرارهم ماديًا، بسبب إنهم تدرَّبوا على عدم السيطرة على مشاعرهم من الخروج لأي شخص يُعجَبون به، فينتُج عن هذا ارتباطٌ تعيسٌ، إن حدث بالفعل. وهذا لأنه تمّ استهلاك الطاقة مع أكثر من شخص تمّ الإعجاب به، حيث تجد الشخص لم يَعُد قادِرًا على فَهْم نفسه، فتجده يُخطئ كثيرًا في عمله، دون أن يَعلَّم أنه بسبب عدم السيطرة على مشاعره يُخَرِّب أكثر من زاوية في حياته وليس ارتباطه فقط.

  هذه الأيام يختار بعض الرجال ترك وظيفتهم، لأنهم يرون زملاءهم يُمدَحون وهُم لا، فيتَّجهوا للعمل في مكان آخر سعيًّا للمدح. العلاج لهؤلاء يكمن في فَهْم أن كرامتهم ليست في مديح الناس، أو إظهار كم تتعب أو تجتهد في العمل، وهو لا يعلَّم أنه بسبب شفقته على نفسه فتح الباب على مصراعيه للأرواح الشريرة.

 انتبه لهذا؛ لا تُستمَد قيمتك أمام الناس والله من عملك أو شهاداتك وإنجازاتك، بل بما يقوله الله عنك حينها ستجد نفسك تُقيِّم الآخرين أيضًا بصورة صحيحة، ليس بناءً على أعمالهم، لأنك بدأت تُقيِّم نفسك بصورة سليمة.

“١٠ فَإِنَّنَا أَيْضًا حِينَ كُنَّا عِنْدَكُمْ، أَوْصَيْنَاكُمْ بِهذَا: «أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَلاَ يَأْكُلْ أَيْضًا». ١١ لأَنَّنَا نَسْمَعُ أَنَّ قَوْمًا يَسْلُكُونَ بَيْنَكُمْ بِلاَ تَرْتِيبٍ، لاَ يَشْتَغِلُونَ شَيْئًا بَلْ هُمْ فُضُولِيُّونَ. ١٢ فَمِثْلُ هؤُلاَءِ نُوصِيهِمْ وَنَعِظُهُمْ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِهُدُوءٍ، وَيَأْكُلُوا خُبْزَ أَنْفُسِهِمْ. ١٣ أَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلاَ تَفْشَلُوا فِي عَمَلِ الْخَيْرِ. ١٤ وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُطِيعُ كَلاَمَنَا بِالرِّسَالَةِ، فَسِمُوا هذَا وَلاَ تُخَالِطُوهُ لِكَيْ يَخْجَلَ.” (٢ تسالونيكي ٣: ١٠-١٤).

  نرى في الظاهر أن الرسول بولس ضَخَّمَ الأمر، لكنه يقول الحقيقة! فالسلوك بعكس مبادئ الكلمة خطيرٌ جدًا، حيث انتشر حينها أفكار مثل “أن الرب قريب وعلينا أن نُجهِّز أنفسنا للقائه فلا يجب أن نعمل” بسبب رؤيتهم للخارق للطبيعي بكثرة، لكن الرسول بولس أغلق باب النقاش فيها قائلًا:

“١ ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، ٢ أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعًا عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ. ٣ لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَا، لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الارْتِدَادُ أَوَّلاً، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ.” (٢ تسالونيكي ٢: ١-٣).

  لاحظ أنّ الأشخاص الذي حَذَّرَ منهم الرسول بولس لم يتركوا الرب يسوع بل كانوا خطيرين على مَن حولهم، فقط لكونهم لم يعيشوا الإنجيل، أي مبادئ الكلمة.

 “تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ.”

(المزامير ١٦: ١١).

  يتَّضح لنا هنا سِرّ الفرح المُستمِر ألّا وهو الوعي بحضور الله الدائم الذي لا يتركُّك حينما تترك غرفتك، بل كونك داخل هذه المملكة ومُمتلِئًا بالروح القدس، فأنت في حضوره طوال الوقت. أنت فيه تحيا وتتحرَّك وتُوجَد، وهذا ما يقوله الكتاب:

“وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ، إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنًا فِيكُمْ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَذلِكَ لَيْسَ لَهُ.” (رومية ٨: ٩).

  كان في العهد القديم حضور الله مُقتصِرًا على خيمة الاجتماع فقط لكن الآن بحسب الشاهد أعلاه صرنا حامِلين حضوره، حيث أصبح هيكله هو جسدنا. يكمن الفرح هنا، أنّ الله عَلَّمَنا طريقة العيش في هذه الحياة وأعطانا ناموس روح الحياة الذي به نقدِّر أن نُعطي حياة لأي شيء يخُصنا إنْ فَسد أو تَوقَّف عن العمل، لكن بشرط أن نتعلََّم كيف تُفعِّله.

 توغل الموت في حياة الكثيرين من خلال الكسل (الأعذار والمُبرِّرات)، حيث تظهر أعراض المللّ والإحباط بوضوح في الذين لازالوا يدرِسون، أو مَن بدأوا كورسات، بسبب أفكار كسل أتت عليهم مُبرِّرين ذلك بالآتي: “أنا لا أستفيد شيئًا من مذاكرة هذه المادة، ولكني سأذاكرها خوفًا من الامتحان، أو سأكمل الكورس فقط لأني أنفقت عليه المال”، أترى لقد تمّ تبرير الكسل، فهذا ما قاله الكتاب:

“قَالَ الْكَسْلاَنُ: «الأَسَدُ فِي الْخَارِجِ، فَأُقْتَلُ فِي الشَّوَارِعِ!».” (الأمثال ٢٢: ١٣).

 يقتل الشخص دراسته ومستقبله عندما يُبرِّر كسله ويقتنع ويخشى مِمَّا يقتنع ويخشاه الناس، فيتعكَّر ذهنه بسبب امتلائه بأفكار خاطئة استمدَّها من الناس، فمَن يقترِّب مِمَّن يفكرِّون هكذا يستقبل الموت الذي على حياتهم، لأجل هذا حَذَّرَ الرسول بولس الاختلاط بهم.

 تُعطينا كلمة الله تشخيصًا لِمَن يدَّعون عدم اقتناعهم بالحق الكتابي، حيث إن السبب هو “الكسل” وليس عدم الفَهم. انتبه للروح القدس مُنصِتًا لِما يقوله هو وليس آخر، حيث يُعطيك أفكارًا إيجابية مَبنيّة على الكلمة وسيُشجِعك داخليًا قائلًا لك: “هذه فرصة لإنجاز مُعجِزة، فرصة لإعطاء حلول، حتى لو في نظر الناس هذه المشكلة صعبة الحلّ”.

 يعمل الموت في أذهان الكثيرين بسبب خوفهم من أن تُكشف أخطائهم، فحتى إن أخطأ أحدٌ بعد الميلاد الجديد لا تندم على ذلك، فالداخل (روحك) يتجدَّد يومًا فيومًا (٢ كورنثوس ٤: ١٦)، لكن إن عَلِّمَ هؤلاء بما فعله الرب يسوع لما خافوا من الماضي، أو حتى من أقاربهم الذين يعرفون ماضيهم.

  • ثانيًا/ دائرة الجسد:

 يعتقد البعض كونهم شاعِرين بإرهاق، فهذا بالضرورة نتيجة تعب الجسم وهم لا يعلَّمون أنه قد تكون فكرة هي مَن سبَّبت هذا الشعور، لذلك مَن يسلك بناموس روح الحياة يفحص كل فكرة بتدقيقٍ، على عكس مَن يتحرَّك بناموس الخطية الذي يَنتج عنه موتٌ، حيث يصير مثل الذي يفتح فمه مُستقبِلًا أي طعام ضار كان أو مفيدًا.

 يظن بعض المُؤمِنين، بشرط ألّا يكونوا جُرِّبوا بسبب انجذابهم لشهوتهم، إنه في حالة السلوك بالروح لن تأتي الأفكار الشريرة وإن أتت يشكُّون فيما إن كانوا وُلِدوا من جديد أم لا، لكن كلا! فالرب يسوع نفسه -ليس تقصيرًا منه- قد جاءته أفكار سلبية. افهم، لا يمكن كَسْر روحك المولودة من جديد الآن، فهذا ما يقوله لك الروح القدس.

 يجب أن ترفض ما يُعرَّض عليك من أفكار، فالأمر يشبه شخصًا أتاه أحدًا ببضائع وهو لم يقبلها، لذا لا تَبني قراراتك على أفكار ليست مُنتَجة من روحك. لا يستطيع الشخص الذي لا يعرف الكلمة أن يُقاوِم أي أعراض تُهاجِم جسده، لأنه لا يعلَّم بوجود قوة شفاء مصدرها الروح القدس ستجعل من جسده الذي قد يكون تَعرَّض لكَسْر أو ما شابه، يتعافى سريعًا.

 يتعرَّض أحيانًا مَن بدأ في التعرُّض لكلمة الله لأعراض مرض وعندما يُمارِس إيمانه لا يجد نتائج، لِمّا؟ لأنه يوجد تدريبات وأمور تراكمت في ذهنك في السنوات التي بدون معرفة الكلمة.

 يشعر البعض أحيانًا بنوبات من الحزن والاكتئاب فجأةً دون مُقدمات ظانًا منهم أنّ هذا طبيعي، وهم لا يًعلَّمون أنها أرواح شريرة، فالروح القدس روح الفرح وليس الحزن، لذلك إن لم تكن تسلك بالروح لن تدرك الحرية التي صرت عليها بعد ميلادك الثاني، وستجد نفسك أسيرًا للحزن على الرغم من أنك أُعْتِقت من ناموس الخطية والموت (رومية ٨: ٢).

 يصف الكتاب المقدس الدموع بأنها تُذرَف في حالتين (على النفوس، أو نتيجة هزيمة) وكمولود من الله أنت بداخلك طبيعة إلهية لا يمكن هزيمتها أو كسرها، ودموعك لن تكون فيما بعد رثاءً على ذاتك بل على النفوس فقط، فإن كنت تبكي أثناء التشفُّع من أجل الآخرين فهذا رائعٌ، ولكن إن كان رثاءً لذاتك فأنت في خطر.

 قد يُصاب أحيانًا جسدك بمرض، ولكونك لا تسلك بالروح قبلت ما أُمْلِيَّ عليك، لكن في الحقيقة التصرُّف الصحيح في هذا الموقف هو أن تتكلَّم لجسدك وتُعطيه حياة، فعليك أن تُعامِل جسدك مثل الشخص الذي تعوله وتُعطيه حياة.

“١٠ وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ، فَالْجَسَدُ مَيِّتٌ بِسَبَبِ الْخَطِيَّةِ، وَأَمَّا الرُّوحُ فَ(يُعطي) حَيَاةٌ بِسَبَبِ الْبِرِّ. ١١ وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ (القابِلة للموت) أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ. ١٢ فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. ١٣ لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ.” (رومية ٨: ١٠-١٣).

  يوجد قوة شفاء تعمل في جسدك، فماذا سيكون ردّ فِعلك لو شُخِّصت بمرض أو هاجمتك أعراض مرض؟ مع العِلم أنّ هذه الأعراض هي من إبليس. نعم، لم تنتقل العدوى من الشخص الذي قابلته وأنت لا تعلَّم أن السبب روح شرير.

 أتت كلمة “أَعْمَالَ” في الأصل من ضمن معانيها “الصفقات أو الاتفاقات غير الشرعيّة illegal” transactions” فإن اكتشفت أنك أخذت عدوى من العالَم فهذا غير شرعي وأنت قادِرٌ على تحطيمها، لأن بداخلة قوة قاتِلة للمرض، وإن لم تُقاوم سيتفاقم أكثر وأكثر.

 اعتاد البعض على فِعْل عادات خاطِئة ويستمرون في السلوك فيها حتى بعد قبولهم ليسوع، ولأنهم لا يعلَّمون أن الرب يسوع حرَّرهم بالكامل وأنهم كل ما عليهم فِعْله أن يستلموا عجلة القيادة ويقودوا جسدهم مُدرِكين أن لديهم طبيعة جديدة، فإن اعتدت على السخرية والاستهزاء بالآخرين عليك أن تبدأ في قول لا لهذه الأفعال، فأنت لديك طبيعة جديدة الآن.

  • أربعة أمور تُفعِّل قانون الموت في حياتك:

 سأشرح الآن أربعة نقاط مرّرنا بها قبل ميلادنا الجديد، وللأسف لازال هناك مَن يَمرّ بها، فكما فعل الرسول بولس وشرح حالة المؤمن قبل ميلاده الجديد في (رومية ٧) سأفعل أنا الآن:

 الخطايا العمديَّة:

 ارتكابك لهذا النوع من الخطايا يجعل قانون الموت يتفشَّى في جسدك وكل زوايا حياتك، ولكن دعني أُوضِّح أنك كمولود من الله: لا يوجد بداخلك رغبة لتفعل الخطية عن عمد.

  دعونا نُفرِّق بين نوعين من المُخطِئين: المُتعمِد نتيجة إنه ناضجٌ روحيًا والموهوم بأنه مُتعمِّد نتيجة إنه مازال ينضج، فالبعض يعتقد كون بداخله رغبة لفِعْل الخطية بكل إرادته فهذا نابعٌ مِنه، حيث إن هذا في الواقع خداعٌ أنت سُحِبْت فيه نتيجة إلحاح الفِكرة في ذهنك فاعتقدت أنك بالفِعل تريد الوقوع في الخطية، ففي الواقع ذهنك هو مَن يحتاج للضبط وليس أفعالك.

 كفاك النظر لنفسك على أنك الشخص الخاطئ الذي يرغب في فِعْل الخطية عن عمدٍ. نعم، قد تكون اندفعت تحت رغبة قوية لفِعْل أشياء خاطئة كالغضب أو مشاهدة الأفلام الإباحية واهِمًا بأنك كنت تريد ذلك، ولكن الحقيقة هي إنك كنت مَسحوبًا وراء الفِكْرة المُلِّحة التي تسحبك لفِعْل الخطية فباستسلامك لها صرت مُستبِيحًا في الخطية.

  يُعاني البعض من أنه أُحبطَ وفشلَ في نظر نفسه فيستبيح في الخطية، كمَن اعتاد -قهرًا- على السرقة، فبمجرد إنه فشل في مقاومة مَن أرغموه على السرقة، استباح وصار فاشِلًا في نظر نفسه، لاحظ إنه لم يكن يرى نفسه كسارق، ولكن في الواقع هو لأنه تمّ إجباره مرارًا وتكرارًا، اقتنع بهذه الصورة عن نفسه.

 يسأل البعض: “هل الشخص المُنتحِر سيذهب إلى السماء أم لا؟”

الإجابة هي: على حسب مستوى نضوجه، فإن كان غير ناضِج فلن تُحسَب عليه، لأن الله يتغاضى عن أزمنة الجهل (أعمال الرسل ١٧: ٣٠)، وأما إن كان ناضِجًا فبالطبع لن يذهب للسماء.

 أتكلَّم لك أنت يا مَن خُدِعْت في نفسك مُعتقِدًا أنك لازلت تريد فِعل الخطية. لا! أنت كمولود من الله لا تريد، وإن أخطأت سيَضعُف إيمانك لكن الله لن يتأثَّر وسيظل ينظر لك بنفس الصورة التي ينظر بها للرب يسوع. بالتأكيد هذا لا يُبرِّر الخطية بل سيُنهي على الحزن، وسيعمل هذا على إعطاءك فرصة لطلب حلّ للمشكلة بدلًا من تضييع الوقت في البكاء والندم ومن ثَمَ العودة لفِعْل الخطية مُجدَّدًا مرارًا وتكرارًا.

 تجاهُّل الكلمة:

“مَنْ يَرْفُضُ التَّأْدِيبَ (الكلمة) يُرْذِلُ (يُحقِّر ويُدني مِن) نَفْسَهُ، وَمَنْ يَسْمَعُ لِلتَّوْبِيخِ يَقْتَنِي فَهْمًا (وينمو في الحكمة).” (الأمثال ١٥: ٣٢).

  يشرح هنا ماذا يحدث للشخص الذي يتجاهل الكلمة، حيث يوضِّح بصياغة أخرى لكن بذات المعنى أن مفعول الموت سيعمل في حياته.

“اَلرَّجُلُ الضَّالُّ عَنْ طَرِيقِ الْمَعْرِفَةِ يَسْكُنُ بَيْنَ جَمَاعَةِ الأَخِيلَةِ (الأرواح الشريرة)” (الأمثال ٢١: ١٦).

 لا يحتاج الجاهِل بالمعرفة الكتابية أن يُعمَل له سحرٌ، فعدم معرفته بالكلمة كافية لجعله يسكن وسطهم. نعم يوجد سِحْرٌ، فهو ليس خرافةً بل حقًّا كتابيًّا واضِحًا، ولكن النقطة هي هل يُمكِن لهذا السِحْر أن يُؤثِّر عليك أم لا؟ ففي الحقيقة الإجابة تعتمد عليك أنت هل تفتح ثغرة لإبليس أم لا؟ لذلك إن كنت مُحصَّنًا بصورة صحيحة (بالكلمة) لن يستطيع إبليس أن يَمسّ أي زاوية من زوايا حياتك.

 يوجد أمورٌ سلبيةٌ تُؤثِر على أجيال أو شريحة مُعيًّنة من الناس، فقد تَمرّ شريحة من الناس حول العالم كله أو في منطقة معينة بحالة من الفشل، وهنا يَكمُن السؤال: “كيف تحمي نفسك من هذا التأثير كما حدث مع شعب الله قديمًا عندما اجتاز ملاك الموت ولم يتأثّروا؟” هو عَبْر الطريقة التي وَصَفَّها الرب “أن تعرف الكلمة” وما قاله الرب لشعب الله قديمًا هو أن يرشوا الدم على أبواب بيوتهم (الخروج ١٢: ١٣)، لكن في العهد الجديد وسيلة حمايتك هي أن تعرف مَن أنت في المسيح.

 لن يجتاز إليك الموت الذي قد يكون قد اجتاز لآخرين من نفس سِنّك، لأنك تسلك بقانون روح الحياة، فإن كان هناك سِحْرٌ أو لا فالعلاج واحد ألّا وهو الكلمة.

“لأَنَّ ارْتِدَادَ الْحَمْقَى يَقْتُلُهُمْ، وَرَاحَةَ (ما يعتبرونه راحة أو ازدهار) الْجُهَّالِ تُبِيدُهُمْ.٣٣ أَمَّا الْمُسْتَمِعُ لِي فَيَسْكُنُ آمِنًا، وَيَسْتَرِيحُ مِنْ خَوْفِ الشَّرِّ».” (الأمثال ١: ٣٢، ٣٣).

 جاءت كلمة “راحة” في بعض الترجمات بمعنى “شخص غير مُعتنِي بـ أو شخص لديه الكثير من المال”، حيث إن هؤلاء -مَن يعتمدون على المال- لا يعلَّمون أن المال هو مَن سيقتلهم ولن يُريحهم، لذلك مَن سيضمن لك الأمان هو سلوكك والتفاتك للكلمة وعدم ارتدادك عنها كما هو مُوضَّح في بقية الشاهد.

  • عدم تناول الكلمة بصورة صحيحة:

 لن تستفيد من كلمة الله إن لم تأكل منها ما يناسب مرحلة نضوجك الروحي. لأجل هذا نرى الكثيرين ممن التفتوا للكلمة بصورة خاطئة، فعمل في حياتهم ناموس الموت.

“فَأَجَابَهُ يَسُوعُ قِائِلاً: «مَكْتُوبٌ: أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ».” (لوقا ٤: ٤).

 يُرينا الله هنا التشخيص للشخص الذي يحيا على الخبز (الحواس الخمس) فقط دون أن يُغذِّي روحه على كلمة الله كما يُغذي جسده. مِثْل هؤلاء يَصِفهم الكتاب على إنهم أحياء وهم أموات.

 عليك بتناول الكلمة بجرعات دقيقة تَخصّ كل زاوية من زوايا حياتك، فإن كنت ستبدأ في ذلك، إذًا عليك بالبدء في دراسة موضوعات تختص بكيفية الدخول في علاقة مع الله وتكون في شركة معه، وبعدها تنتقل لدراسة الكلمة في زوايا أخرى في حياتك العمليّة، بمعنى آخر علاقتك مع الله هي الأهم ومن ثَمَّ باقي زوايا حياتك.

  • السلوك بالجسد:

“١ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا. ٢ اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ. ٣ لأَنَّهُ إِنْ ظَنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ شَيْءٌ وَهُوَ لَيْسَ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَغُشُّ نَفْسَهُ. ٤ وَلكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. ٥ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ. ٦ وَلكِنْ لِيُشَارِكِ الَّذِي يَتَعَلَّمُ الْكَلِمَةَ الْمُعَلِّمَ فِي جَمِيعِ الْخَيْرَاتِ. ٧ لاَ تَضِلُّوا! اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. ٨ لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. ٩ فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ.” (غلاطية ٦: ١-٩).

 لا تعني كلمة “انسبق” هنا على أنه أول مَن أخطأ وأنت سَتليه، بل تعني “سهوًا” ويوضِّح النصف الثاني من الآية كما يعتقد الكثيرين، أنك إن لم تأخذ حذرك ستسقط مثله، وهذا صحيح، لكن الشاهد ككل لا يعني بالضرورة أنك يجب أن تسقط مثله.

 يتكلَّم هنا إلى شعب الكنيسة (أهل غلاطية)، حيث يقول: “احملوا بعضكم بعضًا إن سقط أحدكم في خطية سهوًا، في الوقت نفسه حافظ على طريقة تفكيرك، أي لا تعتقد أنك أعلى قيمة من هذا الشخص الذي تساعده، فهذا زرع للجسد وسينتج عنه موتٌ!”

 “لأَنَّهُ إِنْ ظَنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ شَيْءٌ وَهُوَ لَيْسَ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَغُشُّ نَفْسَهُ”؛ لا يعني هنا أنك إن فعلت ذلك (فَكرَّتْ بدوافع خاطئة) ستكون بلا قيمة أو لا شيء، لا، بل يعني أنك لن تزيد قيمة عن أخيك الذي سقط، فالله يرى الكل بذات القيمة. لأجل هذا قال الرسول بولس: “٤ وَلكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. ٥ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ.”

“وَلكِنْ لِيُشَارِكِ الَّذِي يَتَعَلَّمُ الْكَلِمَةَ الْمُعَلِّمَ فِي جَمِيعِ الْخَيْرَاتِ”؛ يجب عليك أن تُحافِظ على طريقة التفكير هذه: حتى وإن أنقذت آخرين سأظل خاضِعًا لمَن يرعاني روحيًا ولن أظن نفسي أني أعلى منه، بل وأيضًا عليك بالمشاركة الماديّة فهذا “قانون كتابي”، فإن كنت استقيت تعليمًا وأتى بنتائج في حياتك فعليك بمشاركة هذه الخيرات أو هذه النتائج مع راعيك الروحي في الكنيسة التي تأكل منها الكلمة.

“لاَ تَضِلُّوا! اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. ٨ لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً.”

 لا تعتقد أن كبرياءك واستقلاليتك عن راعيك الروحي وشعورك بأنك صرت مُنقِذ لآخرين سيَمرّ مرور الكرام، بل عواقبه وخيمة، حيث إنك بذلك ستُفعِّل الموت في حياتك نتيجة زرعك لجسدك، أي زرعك لهذه الأفكار الخاطِئة. “٩ فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ.”

“٥ فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ (يضبطون أذهانهم)، وَلكِنَّ الَّذِينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ (يضبطون أذهانهم). ٦ لأَنَّ اهْتِمَامَ (ضبط ذهن) الْجَسَدِ (الحواس الخمس) هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ (ضبط ذهن) الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ. ٧ لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ ِللهِ، إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعًا لِنَامُوسِ اللهِ، لأَنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ. ٨ فَالَّذِينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ. ٩ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ، إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنًا فِيكُمْ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَذلِكَ لَيْسَ لَهُ.” (رومية ٨: ٥-٩).

 نرى في الشاهد أعلاه أن الأمر له علاقة بذهنك، حسبما تقوم بضبطه من أفكار ستُسقَى حياتك، فإما أن تُنتِج حياة أو موتًا على حسب ما سقيته من أفكار، فأنت المُعطِي حياة لكل ما يخصَّك. يعمل الروح القدس في كل زوايا حياتك، إن أعطيته المجال من خلال ذهنك. إن ضبطت طريقة تفكيرك بحسب الروح، أنت بذلك قُمت بتحميل الـ””software الإلهي على الـ”hardware” الذي هو ذهنك. سيبدأ حينها كل ما يَخُصَّك كجسدك على سبيل المثال بالأخذ من الناموس (القانون) الإلهي الذي صار يعمل في ذهنك

“٧ لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ عَدَاوَةٌ ِللهِ، إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعًا لِنَامُوسِ اللهِ، لأَنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ.”

 انتبه، أي شيء مبنيٌّ على الحواس الخمس ولا يتَّفق مع الله فهذا كن طرف العدو، بمعنى آخر أي أفكار أو مبادئ بشريَّة عادية هي عدوٌ للخارق للطبيعي.

 قال لي أحدهم ذات مرة: “عندما شعرت بالملل ذهبت لأتنزّه في الخارج”، في الحال كانت إجابتي له: “انتبه! أنت بهذا سِرّتْ مع عالم الروح وأصبحت عدوًا لله”، بالمُنطلق نفسه هذا رَبِّ ابنك حينما يشعر بالملّل أو يميل للبكاء الكثير مُحذِّرًا إياه أنه بهذا يتعامّل مع أرواح شريرة وعليه أن يفهم أنه في بيت لا يسكنه سوى الفرح ولا يوجد فيه أي ملل أو حزن.

 عليك أن تُفهِّم ابنك نهايات الأمور كما فَعَلَ سليمان، فتشرح له ما هو عالم الروح وما هي السماء، وتعكف على تعليمه وتُلغي من قاموسه كلمة “هو كدة”؛ لأنه مِن المستحيل أن يحزن أحدٌ بدون أسباب، فلكل شيءٍ سببٌ. إن كان طفلك لا يريد الصلاة أو يريد فِعل شيء قبل الميعاد، فتلقائيًّا يجب أن يكون ردّ فِعْلك تجاه هذا هو سؤاله دائمًا: “لماذا تريد أو لا تريد فِعل هذا؟” إلى أن يصل لمرحلة فيها هو مَن يقود حياته.

 تعليمك لابنك مبادئ الكلمة ونهايات الأمور الخاطِئة التي قد يريد فعلها أمرٌ هامٌ جدًا، مُوضِّحًا له أن هذه الأفعال، على سبيل المثال، هي التي ستجعلك غير قادِر على المذاكرة، أو لا تستطيع النوم، أو جعلك تحلم بكوابيس، فبهذا ستجعل ناموس روح الحياة يعمل في حياته نتيجة توجيه ذهنه ليُفكِر بطريقة سليمة، وعكس هذا عداوة لله وسيجعل قانون الموت يتفشَّى في حياة طفلك.

 تَعامَلنا كثيرًا مع الحزن في الماضي على إنه شيءٌ عاديٌّ إلى أن كَشَفت لنا الكلمة أنه الأرض الخصبة التي تعمل فيها الأرواح الشريرة، فالمجال الذي يعمل فيه الروح القدس والملائكة هو الفرح، فالحزن هو استنزافك من قِبَل إبليس. إن كنت تقضي وقتًا في تَذكُّر إيجابيات شخص انتقل فهذا رائع، ولكن إن تذكَّرت كم كانت الأيام معه جميلة وأن حياتك انحدرت منذ انتقاله، فأنت بهذا تتواصل مع الأرواح الشريرة

 “لأَنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ”، أي جسدك لم يُصمَّم ليتعامل مع عالم الروح، بل هو يُنفِّذ ما يُؤمَر به من الروح، وللأسف عُكِسَت وظيفته عند الكثيرين اليوم، حيث صار الجسد هو الرب على الروح الإنسانية الحامِلة للحياة والسلام كما هو مُوَضَّح في الشاهد أعلاه.

  • كيف تسلُّك بناموس روح الحياة؟

 اتَّضح لنا بعدما شرحنا النقاط السابقة لماذا عندما كنت تتعرَّض لموقف صعب تتضايق وتغضب سريعًا، أو عندما يهاجمك مرضٌ يؤلمك بشدة تذهب مُندَفِعًا لتأخذ مُسكِّنات وأدوية للاكتئاب ومن ثَمَّ تجد الأمر يزداد سوءًا، أو نتيجة أنك لُقِّبت من الناس على أنك الغضوب، أو كثير الأخطاء، وقد يكون ما قالوه أُثْبِتَ إليك في مواقف حدثت بالفعل، فبدأت تستسلم لهذه الصورة وترى نفسك هكذا، وكل هذا لأنك ببساطة لم تكُن تعلَّم أنك قادِرٌ على قول “لا” لكل هذا.

 بدأ البعض يسلك بعكس طبيعتهم الجديدة نتيجة أنهم أعطوا هيبةً لكلام الناس فاستسلَّموا لرأيهم عنهم ورأى أنفسهم وسلكوا بناءً على ذلك، ولكن الرب يسوع يلفت نظرنا لأمر هام جدًا: كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْدًا بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟” (يوحنا ٥: ٤٤).

 يعني هذا أنك كونك أعطيت مصداقية لأي كلامٍ بعيدًا عن الكلمة أو الطبيب مثلاً أو ما شابه أن إيمانك مُتوقِّفٌ، بالطبع لم يتوقَّف بالكامل، بل قد يكون عامِلاً في بعض زوايا حياتك والبعض الآخر لا، فالإنسان كالكمبوند المليء بالمنازل الذي قد يكونوا بعضهم مبنيٌّ خطأ، حيث إن البعض يُبرِّر أخطاءه أي عدم سلوكه بالإيمان في زوايا معينة نتيجة سلوكه الصحيح بالإيمان في زوايا أخرى.

 دعونا الآن نتطرَّق للطريقة التي بها نسلك بناموس روح الحياة:

  • تمسُّكك بكلمة الحياة:

 ستُعطيك الكلمة التصرُّف الصحيح في كل موقف، كما قال داود: “تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ….” (المزامير ١٦: ١١)، لذلك إن كنت من القائِلين لماذا يجب فِعْل هذا أو ذاك مُخفِّفًا تعليمات الكلمة، فأنت بذلك تسلك سلوكًا غير شرعي، فَمِن المُفترَض أن تسلك في الأرض بالروح وليس بالجسد.

“١٣ لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ. ١٤ اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ، ١٥ لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْم، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ. ١٦ مُتَمَسِّكِينَ بِكَلِمَةِ الْحَيَاةِ لافْتِخَارِي فِي يَوْمِ الْمَسِيحِ، بِأَنِّي لَمْ أَسْعَ بَاطِلاً وَلاَ تَعِبْتُ بَاطِلاً.” (فيلبي ٢: ١٣-١٦).

 هذا الإله ليس خامِلاً بل يعمل فيك بالروح القدس، فهو لم يقل صلوا من أجل أن يعمل الله فينا، بل قال هو عاملٌ فينا بالفعل.

 تأتي كلمة “دمدمة” في الأصل بمعنى “نزاع داخلي أو عدم الرضا أو عدم المَسرَّة الداخلية”، وهذه المعاني ليس بالضرورة أن تنطقها بلسانك، فعلى الرغم من عدم نُطقك لها فهي سارية داخلك، وتتكلَّم بها داخليًا، وأتت كلمة “مجادلة” بمعنى “تشكيكات وتخيُّلات سلبية”، فهي تعني أيضًا “التساؤلات الفارِغة” مثل “لماذا أعيش في بيئة بهذا الشكل!” أو “لماذا أمتلك أبًا بهذه الصورة؟” أو “لماذا يوجد إبليس من الأساس؟!” وما إلى آخره.

“١٥ لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ (تمزيق)، وَبُسَطَاءَ (وحدانية الفكر)، أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ (غير مُلوَّث بالعالم وغير مُنحرِف أو مُعادِي) فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَم”

 كنت دائمًا أشرحها بهذه الطريقة، إن فتحت أكثر من تطبيق في آنٍ واحد على هاتفك على سبيل المثال سيُصبِح بطيئًا وقد يتعطَّل، بنفس الصورة سيُمَزَّق ذهنك ويُشتَّت ولن يكون مُوحَّدَ الفِكْر إن امتلأ بأفكار غير الكلمة، وهذا هو هدف إبليس: “أن يمتلئ ذهنك بأفكار غير كتابية”.

 يتكلَّم في الشاهد أعلاه عن كيفية سيرك في الأرض غير مُلوَّث أو مُتأثِر بالعالم، وبلا عثرات، حيث إن الكتاب تَكلَّم على النقيض وقال إن الأشرار طُرقهم مُعوَّجة، بل وتصير أيضًا نورًا في هذا الجيل، فهذا ما صارت عليه طبيعتك الآن، معطاءة وتؤثِر ولا تتأثر.

 أعطانا الرسول بولس المفتاح في الشاهد السابق ألّا وهو “التمسُّك بكلمة الحياة” فحياتك ليست في أصدقاءك أو عائلتك أو أولادك أو شريك حياتك، والناس كثيرًا ما استبدلوا الروح القدس بما يمتلكوه، لكن هذا لن يستطيع أن يحل محل ذاك.

“١٦ مُتَمَسِّكِينَ بِكَلِمَةِ الْحَيَاةِ لافْتِخَارِي فِي يَوْمِ الْمَسِيحِ، بِأَنِّي لَمْ أَسْعَ بَاطِلاً وَلاَ تَعِبْتُ بَاطِلاً”

 سيحدُّث هذا حرفيًا أمام كرسي المسيح، ونظرك لهذا اليوم سيُشكِّل حياتك بطريقة مُختلِفة، حيث سيُقدم الرسول بولس الأشخاص الذين عمل عليهم ليفتخر بهم، والذين تحته سيُسلمون ما عملوا عليهم أيضًا، فهناك مَن سيُقدِم شعوبًا.

 لا يعتمد الأمر على العدد بل على الجودة، حيث إنه يوجد أُناسٌ لم يكن لديهم الإمكانيات نفسها، ولكنهم فعلوا أقصى ما يمكن فِعْله، فعلى سبيل المثال، إن كان شخصٌ في قرية وعمل على ثلاثة أشخاص فقط، فسيُكافَأ مثل الرسول بولس! نعم فالأمر يعتمد على الجودة والإمكانيات كنسبة وتناسب، وحتى تعرف جِذْر الأمر عليك بدراسة مَثْل الأَمْناء والوزنات.

  • علاقتك مع الروح القدس:

 لا تقتصر علاقتك مع الروح القدس على وقت الصلاة فقط، بل أن تكون واعيًّا له وأنت تتكلَّم مع شخص ما، حيث سيُعطيك انطباعاته عن الأشخاص، فإن كنت تتكلَّم مع شخص وقال لك: “لن تجد هذا المُنتَج في السوق”، ستجد حينها الروح القدس يقول لك: “لا، فهو يكذب”، فعليك بالتدريب على أن تكون واعيًا له حتى تصل لمرحلة أنها صارت طريقة تفكيرك الطبيعية.

 كنت أتمشى إحدى المرات في بلد خارج مصر مع شخص يبلغ عمره تقريبًا خمسين سنةً، حيث كان يحكي لي هذا: “لقد سُرِقَت حقائبي في المطار وأصبحت الآن أعيش في الشارع وأتنقَّل من منزل شخص لآخر باحِثًا عن مأوى”، لدرجة أنني جسديًا تحرَّكَ عطفي وكنت بالفعل سأُعطيه بعض المال، إلى أن قال لي الروح القدس: “لا، لا تُعطيه فهو يكذب!”

 بعد بضعة أيام أتى إليّ أحدٌ قائلًا: “هذا الرجل مُخادِع ٌوقد جمع الكثير من المال من الناس لاحترافه في التمثيل!” حينها قلت: “واو قد جاءت المعلومات إليَّ دون أن أسعى لها وتمّ حمايتي من النصب!”. سيجعلك الروح القدس تكتشف الحقيقة في كل موقف.

 على النقيض؛ قد تفهم شخصًا ما بصورة خاطِئة ويكون ظاهريًا مُخطِئًا في نظر الناس، ولكن الروح القدس يكشف لك براءته، فهذا هو ناموس روح الحياة، يجعلك ترى بطريقة مختلفة، فقد تجد شخصًا ينال تصفيقًا حارًا من الناس، لكن تجد الروح القدس داخلك يكشف لك أنه مُرائي.

 يريد الروح القدس أن تكون علاقته معك ليست مُقتصِرة على وقت الصلاة (الوقت المُكثَّف في إدراك الروح القدس) فقط، بل تكون أسلوب حياة مبنيًّا على الكلام المُتبادِل، فهذا معنى كلمة dialogueأي حوار قائِم على طرفين وليس طرفًا واحدًا.

 أوضحت في سِلْسلة سابقة بعنوان “الأسئلة التي يجب أن تسألها” أن الروح القدس يتحرّك عبر الأسئلة، حيث يقوم بعمل عصف ذهني به يقوم بتحفيزك للبحث عن الإجابة، أما الأسئلة التي تأتيك وأنت تعرف إجابتها من الكلمة فهي من إبليس لتشكيكك، أما لو هناك سؤالٌ في الظاهر تشكيكي وليس لديك إجابة عليه من الكلمة، فما عليك سوى الإسراع في طلب إجابته مِمَّن يرعاك روحيًا وإلّا سينقلِب ضدَّك ويُعيق إيمانك.

 أُلقيت علينا في الماضي خيّالات من أرواح شريرة مُشوِّهةً صورة الروح القدس في أذهاننا، حيث إننا لفترة من الوقت اعتقدنا أنه صامتٌ نادرًا ما يتكلَّم، لكنه في الحقيقة مُتفاعِل ويتكلَّم إليك، لذلك تجاوب معه.

  • إيمانك:

 يعتمد سلوكك مع الله بشكل كامل على الإيمان، فأنت لا ترى الله ولكنك تسلك بناءً على المعلومات التي تعرفها من الكلمة وسلوكك بالإيمان يشمل إيمانك في نفسك ورفْض أي فكرة من إبليس تطعن فيك، أو في مجهودك قائِلةً لك: “أنت لم تفعل هذا بشكل كافٍ، أو لن تصل لهذا المستوى إلّا بعد زمن طويل” فهو يعمل على تثبيطك مُشوِّهًا قيمتك أمام نفسك، فحينما يُعرَّض عليك الامتلاء من الروح القدس، ترفض، لِماذا؟ لأنك ترى نفسك كخاطئ مُقيّمًا نفسك من خلال أفعالك وليس طبيعتك.

 يوجد مَن اعتاد على فِكرة “الحلو مبيكملش” ودائمًا سعادته مكسورة، فإن فرح أولاده في اللعب تجد بعدها شيئًا ما حدث يُعنِّفهم ودائمًا تراه مُتشائِمًا ويتوقَّع السلبي وكأن دائمًا سوف يكون هناك مَن يُفسِد عليه فرحته.

 احذر، أي أفكار أو صور تخيُّلية سلبية تأتيك مثل أنك ستفقد أحد الأحباء، أو الكل سيتركك أو ما شابه ذلك، فهذا سيعمل على تحطيم شخصيتك، فشخصيتك هي عبارة عن مجموعة أفكار قبلتها وصارت عادات، لذلك انتبه فأنت بهذا تسلك بناموس الخطية في تفكيرك، فالخطية ليست فقط أفعال، فالأفعال السلبية هي في الأصل عبارة عن قبول أفكار الخطية في ذهنك.

 حان الوقت لتسلُّك الكنيسة بالروح في وسط جيل يُعاني وفي ظل اضطرابات العالم اليوم الذي في حالة طوارئ مثل زلازل وحرائق والكثير من الكوارث، فالكل يُفسِّر ما يحدُّث بطريقته، حيث إن البعض يقول: “أنّ هذا يوم القيامة” والبعض الآخر يقول: “هذا بسبب الاحتباس الحراري”، وهُم لا يعلَّمون أن هذا وقت استعلان مجد أولاد الله (الكنيسة).

 بدأ العالم يُدرِك مؤخرًا أن الأرض لها نهاية وتحتاج لمُنقِذ، فقد لا يُبلوروا هذه الفكرة، ولكنك تراها مُتجليّة مثلًا في انجذاب الأشخاص لك قائِلين: “نحن نشعر بالراحة معك”، وقد يكون كلاكما لا يدرك أن هذا الانجذاب نتيجة أنه تلامس مع ناموس روح الحياة الذي يعمل فيك، ولأنك لا تُدرِك هذا لا تستغل الفرصة في مشاركته المجد الذي فيك، فالإيمان هو علاقتك مع ناموس روح الحياة.

 تَعلَّم أن تُسامح نفسك مُدرِكًا أنك لازلت تنضج، فوارد يكون سلوكك بالإيمان الآن لم يأتي بثمر بعد، ليس لعدم وجود إيمان بل قد تكون البذرة التي زرعتها لم تنضح بعد. انتبه! فالعيان لا يقيس سلوكك بالإيمان. لذا ثقّ في نفسك وفيما جعلك الله عليه وصنعه فيك.

 “١ فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. ٢ هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا! ٣ لكِنْ أَشْهَدُ أَيْضًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ. ٤ قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. ٥ فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرّ. ٦ لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.” (غلاطية ٥: ١-٦).

 أتى لفظ “من الإيمان” في الأصل بمعنى “بالإيمان” أي على عكس طريقة موسى، فهو يُقارن بين السلوك في السابق والآن.

 يتوقع الإيمان دائمًا نتيجة ما تفعله، وهنا يكمن السؤال “أين التَوقُّع في حياتك”، فإن كنت قد طلبت شيئًا من الآب توقَّع أنك نلته واسلك طوال الوقت في نور هذا التَوقٌّع، فالتوقُّع هو لغة الإيمان، حيث ترى الأمل في الحياة وترى ما هو صعب على الناس العاديين أنك أنت قادِرٌ على فِعله.

“لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا (جدًا جدًا) الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ (سيسلكون كملوك) فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!” (رومية ٥: ١٧).

reign as kings in life through the one Man Jesus Christ” (Romans 5:17 AMPC(

“٦ لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ (لأن كلاهما يحتاج ليسوع)، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.

 يُفسِّر الكثيرون المحبة هنا على أنها الغفران، ولكن في الحقيقة هي تعني “العلاقة الحميمة مع الله” أي إدراكك له، إذًا السلوك بالإيمان هو سِرّ السلوك بناموس روح الحياة الذي هو مفعول الروح القدس في حياتك.

 نلاحظ الآن أن السلوك بالروح (بالإيمان) هو السلوك القانوني في مملكة الله، تَذكَّر ما قاله الرب يسوع: “وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ بِأَصْبعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.” (لوقا ١١: ٢٠).

 يشرح هنا أنه بما إن الكائن الذي كان يخشاه الناس قد هُزِمَ، إذًا حان وقت الملكوت أي سيادتنا على الأرض، فهذا لن يكون في السماء مُستقبلًا بل هنا على الأرض، فإبليس غير موجود في السماء، لذلك لن نحتاج لهزيمته هناك.

  • الفرح:

 يُعتبَر الفرح أيضًا من سمات السالِكين بناموس روح الحياة، لذلك وكما شرحت مُسبقًا: لا تنجرف مع أفكار الحزن، حيث يقول الكتاب:

 “٨ أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا (ثَبِّتوا أفكاركم). ٩ وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ.” (فيلبي ٤: ٨، ٩).

 يعني هذا أن أيدي الروح القدس تعمل بهذه الطريقة من التفكير، أي أن تسلُّك بالفرح، وكيف تسلك به؟ عبر تفكيرك السليم المَبني على الكلمة، حيث يقول الرسول بولس في نفس الإصحاح:

“٤ اِفْرَحُوا (لأنكم) فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا. ٥ لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ (عدم الاعتناء بالجسدية والبشرية) مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ. ٦ لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. ٧ وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (فيلبي ٤: ٤-٧).

 يوجد سبب للفرح، فأنت في المملكة التي لا تتزعزع بل وتُساعد آخرين، فكلما وجهَّت ذهنك ليُفكِّر في الكلمة دعونا نرى هذه الآية نفسها في ترجمة أخرى توضِّح المعنى بأكثر دقة:

Celebrate God all day, every day. I mean, revel in him! Make it as clear as you can to all you meet that you’re on their side, working with them and not against them. Help them see that the Master is about to arrive. He could show up any minute!”

(Philippians 4:4-5 MESSAGE)

 يقصد هنا أنك بعد أن تدرَّبت بكفاية بالكلمة، أصبحت الحلّ والإنقاذ للآخرين، حيث إنهم يروا فيك أنك لا تهتم لنفسك بل لهم.

“وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.”

 يقتبس الكثيرون اليوم هذه الآية دون عِلْم أنها مُرتبِطة بما قبلها، أو تجد البعض يتساءل لماذا لا يوجد سلامٌ في حياتي؟ ويكون ردّ فِعْله لحلّ هذه المشكلة هو طلب الصلاة لأجله، لكن كفى اعتمادًا على صلاة الناس وأنت لم تضع طريقة تفكير الكلمة في ذهنك مُتجاهِلًا إياها ولا تضعها في الاعتبار، لأن حياتك ستُدمَّر وقسوة الحياة ستأكلك.

  • التأمُّل:

 إن لم تضع قلبك في الشيء، لن تحصد منه نتائج.

“١ قُلْتُ: «أَتَحَفَّظُ لِسَبِيلِي مِنَ الْخَطَإِ بِلِسَانِي. أَحْفَظُ لِفَمِي كِمَامَةً فِيمَا الشِّرِّيرُ مُقَابِلِي». ٢ صَمَتُّ صَمْتًا، سَكَتُّ عَنِ الْخَيْرِ (لم يَكُن هناك منفعة)، فَتَحَرَّكَ وَجَعِي (زاد اضطرابي). ٣ حَمِيَ قَلْبِي فِي جَوْفِي. عِنْدَ لَهَجِي (تأملي) اشْتَعَلَتِ النَّارُ. تَكَلَّمْتُ بِلِسَانِي” (المزامير ٣٩: ١-٣).

 كان داود يحترق داخليًا لصمته على ما يفعله الأشرار وبالمناسبة هذا ما يُسبِّب للناس أمراض القلب وآلام الصدر، لوجود طاحونة أفكار في أذهانهم.

 يصف لنا الكتاب في الشاهد السابق بصورة تشريحية عملية التأمل، هو أنّ توجيه تفكيرك كافٍ ليُشعِّلك وهذا يُوضِّح لماذا لم تكُن مُشتعِلاً للرب؟ لأنك لم تَكُن مُوجِّه تركيزك فيه لفترة كافية. يُعطينا الروح القدس آلية عمل ناموس روح الحياة، حيث إن تأمُّلك في الشيء يُعطيه طاقة من روحك، أي لو فَكرَّت كثيرًا في أعراض المرض سيتفاقم.

“١٨ أَمَّا سَبِيلُ الصِّدِّيقِينَ فَكَنُورٍ مُشْرِق، يَتَزَايَدُ وَيُنِيرُ إِلَى النَّهَارِ الْكَامِلِ. ١٩ أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَكَالظَّلاَمِ. لاَ يَعْلَمُونَ مَا يَعْثُرُونَ بِهِ. ٢٠ يَا ابْنِي، أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذُنَكَ إِلَى أَقْوَالِي (اخترْ سماع صوتي) ٢١ لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. اِحْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. ٢٢ لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا، وَدَوَاءٌ لِكُلِّ (لكل شيء في) الْجَسَدِ. ٢٣ فَوْقَ كُلِّ تَحَفُّظٍ احْفَظْ قَلْبَكَ، لأَنَّ مِنْهُ مَخَارِجَ الْحَيَاةِ.” (الأمثال ٤: ١٨-٢٣).

 تستطيع أن تختار سماع ما تريد حتى إن كنت وسط أصوات كثيرة، لذلك يعتمد التركيز على سماع صوت الروح القدس مُتجاهِلاً كم الأصوات الأخرى الموجودة في ذهنك. لا تعتقد أن الحياة الروحية صعبة. لا تجعلها تبرح عن عيني ذهنك، كما جاءت في الأصل، واحفظها في وسط قلبك، أي اجعلها هي مَركَز تفكيرك وليس شيئًا فرعيًّا.

 “فَوْقَ كُلِّ تَحَفُّظٍ احْفَظْ قَلْبَكَ، لأَنَّ مِنْهُ مَخَارِجَ الْحَيَاةِ”؛ يضع الكتاب كل التركيز في هذا الأمر. احرس قلبك فهو مصدر حياة الشيء الذي تُفكِّر فيه، فإن كنت تُفكِّر في شيء سلبي سيأخذ ناموس الموت من قلبك حياة يُغذي بها هذا التفكير الذي بحسب الحكمة البشرية، فالأمر يُشبه بذرة ضارة أُلقيت في أرض خصبة فأخذت حياة منها وقدرة على الإثمار!

 اجترّْ طوال الوقت على ملاحظاتك التي دونتها من فهمك للكلمة وما درسته من وعظات، فكلما تأمَّلت في المجد الذي جعلك عليه الله كلما ارتقيت لمستويات أعلى في حياتك الروحية.

 دعني أُجيب الآن على السؤال الذي تبادر لذهن كثيرين ألّا وهو لماذا الكلمات السلبية تأتي بنتائج أسرع من كلمات الإيمان المَبنيّة على الكلمة؟ هذا لأنك كنت كثير التفكير في الأمور البشرية العادية، فكانت نتائجها سريعة. بحسب ما تُخزِّنه من تفكير ستكون سرعة حصادك للنتائج.

“١٧ وَأَمَّا الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ. ١٨ وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ (دون عوائق)، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.” (٢ كورنثوس ٣: ١٧، ١٨).

 “نَتَغَيَّرُ” جاءت في الأصل metamorphoōبمعنى “تَغيُّر من الداخل للخارج” أي كلما تأمَّلت في مرآتك (الكلمة) كلما ظهرت صفات طبيعتك الجديدة في الخارج.

 تختلف عن “تَغُّير” التي اُستخدِمَت كوصف لما سيَحدُث في الاختطاف بحسب ما جاء في (١ كورنثوس ١٥: ٥١، ٥٢) فهي تعني “تحوُّلاً” كما سيحدث في الجسد المُمجَّد، حيث إنه لن يتمّ خلْق جسد جديد بل سيتحوَّل.

 سيتمّ في القيامة الأولى اختطاف المُستعِدين روحيًا على مرّ العصور. أما غير المُستعِدين فلن يُختطَفوا، على الرغم من استحقاقهم لذلك، أو بلغة أخرى كان من حقهم هذا، فإن لم يتمرَّسوا على سماع صوت الروح القدس لن يسمعوا صوت البوق الذي سنسمعه بأرواحنا وليس بسمع الأذن العادية، لذلك عِشّْ بجدية وإلّا سيفوتك الصوت.

 لا تعتقد أن ذلك قائمٌ على هذا الجيل فقط، بل ساري على كل المُؤمِنين الذين كانوا أحياء على هذا الكوكب على مَرّ العصور، وسأشرح الفرق بين “القيامة الأولى والثانية” في وقتٍ آخر.

 يُعطينا الكتاب شرحًا دقيقًا لعملية تَحوُّل أجسادنا حينما نُختطَف في (١ كورنثوس ١٥: ٣٧-٥٤) مُوضِّحًا أن البذرة الميتة يخرج من داخلها النبات الحي، فهذه الصورة نفسها ستَحدُّث وقت القيامة الأولى.

 يُحدِّثنا الكتاب أن غير المُستعِدين لن يُختطَفوا، فليس لكونهم مُؤمِنين سيُختطَفون وهذا ليس عقابًا، بل لعدم قدرتهم على سماع صوت البوق بأرواحهم وأما إن كان هناك مَن آمن في آخر فترة قبل الاختطاف ولم يستطِع معرفة الكثير من الكلمة، فشغفه ووضع رجليه في طريق المعرفة كافٍ ليجعلوه مُؤهَّلاً لذلك.

 أخطأ البعض في تفسير مَثَل العذارى الحكيمات والجاهِلات. فالزيت الذي كان معهم لم يكن رمزًا للروح القدس، فالروح لا ينفذ، بل يرمز الزيت للكمية والجودة واللياقة الروحية اللواتي أصبحن عليها، فكل مِنهن لديه كل هذا، لكن أحدهن لديه بفيض والأخرى لا، لم يعمل على حياته، فعندما جاء العريس قال لهم: “الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ.” (متى ٢٥: ١٢)، وهذا ليس عقابًا بل نتيجة أنهم لم يكونوا في علاقة معه.

 سيذهب المُؤمِن الذي لم يُختطَف -إن لم يرتّد أثناء الضيقة- إلى السماء مع المئة والأربعة والأربعين ألفَ خادمٍ الذين سيُختطَفون في الضيقة، لكن في حالة إنه عَقَدَ العزم على الالتزام روحيًا. لكن إن تكاسل سيظل في الضيقة، مما يعني أنك يجب أن تكون على دراية بضيق الوقت وحتميّة الانضباط.

 لا تجعل هذا الكلام يُخيفك، فقط كن في علاقة قوية مع الرب وسترى أنك فَرِحٌ باقتراب هذا اليوم وليس العكس، لذلك احذر إن كان الرب ليس وسط قلبك، أو ليس مَرْكَز تأملاتك. لأجل هذا اعمل على صيانة روحك فالروح القدس يريد أن تكون حياتك مُنطلِقة، فالاختلاف بين المؤمن سريع النتائج وبطيء النتائج هو “هل التأمل كثير أم قليل؟”

 ضعْ ناموس روح الحياة وَضْع التنفيذ فالروح القدس يريدك أن تكون دائم التنقُّل من مجد لمجد أعلى وهذا من خلال استخدام تخيُّلاتك وأفكارك بطريقة صحيحة، فتخيُّلاتك وأفكارك إن وجهتها في الحلّ بدل المشكلة ستنقل حياة للموقف الميت، لهذا احذر من أن تستخدم ذهنك خطأ.

 أُعلِنَ لنا في الكلمة أن تلك الحياة الفائِقة أُظهِرَت وصرنا شركاء فيها: “فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا.” (١ يوحنا ١: ٢).

 “١١ وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. ١٢ مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ.” (١ يوحنا ٥: ١١، ١٢).

 صارت الآن حياة الله متاحة لنا وما علينا سوى تشغيلها من خلال نظام تشغيلها أي تحميل الكلمة على أذهاننا مُتأمِّلين فيها وهذا بدوره سيُنشِّط تلك الحياة فينا، لذا ضع الكلمة وضع التنفيذ.

 __________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$