القائمة إغلاق

المجد الحالي بالقيامة – الجزء 1 The Present Glory Through The Resurrection – Part

 

لمشاهدة العظة علي الفيس بوك اضغط هنا

لسماع العظة علي الساوند كلاود أضغط هنا

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب

 

video
play-sharp-fill

video
play-sharp-fill

video
play-sharp-fill

(العظة مكتوبة)

المجد الحالي بالقيامة الجزء 1

 

▪︎ الحالة المزرية والتعيسة للإنسان.

▪︎ المجد هو انحياز الله للإنسان طبقًا لمبادئ.

▪︎ الرب لا يعطي مجده للمنحوتات لكنه يعطيه للإنسان.

▪︎ ما لذي كانت الأمم تحتاجه؟

▪︎ اسع للمجد الإلهي لأنه يحفز ايمانك!

▪︎ استعداد الرب يسوع للصيب قبل دخوله عليه.

▪︎ أنت هنا لمدح مجد نعمته:-

▪︎ ما هو المفهوم الصحيح للمجد:-

▪︎ ما الذي يعيق استعلان مجد الرب في حياتك:-

▪︎ البركات التي سيجنيها كل مَن يسعى للمجد الإلهي بجدية:-

 

▪︎ الحالة المزرية والتعيسة للإنسان:-

 إنّ أكثر الأشياء التي سببت ألمًا للإنسان على مدار التاريخ البشري هي تسليم الإنسان الأرض لإبليس، تلك هي الكارثة التي حدثت وسببت التكدير لبني البشر.

 أي شيء كارثي يحدث للإنسان ويكدر حياته اعلم أنّ وراءه أيدي شيطانية، فالتكدير والحزن دخلا البشرية كنتيجة لدخول إبليس لكي يسود على الأرض وذلك حدث بسبب سقوط الإنسان الأول آدم، ولكن الوحي المقدس يخبرنا عن ماذا فعل يسوع لكي يحل تلك المشكلة، والشاهد الأساسي الذي سنستند عليه خلال هذه السلسلة مِن العظات هو في رسالة بطرس الأولى:

 “١٠ الخَلاصَ الّذي فتَّشَ وبَحَثَ عنهُ أنبياءُ، الّذينَ تنَبّأوا عن النِّعمَةِ الّتي لأجلِكُمْ، باحِثينَ أيُّ وقتٍ أو ما الوقتُ الّذي كانَ يَدِلُّ علَيهِ روحُ المَسيحِ الّذي فيهِمْ، إذ سبَقَ فشَهِدَ بالآلامِ الّتي للمَسيحِ، والأمجادِ الّتي بَعدَها ١٢الّذينَ أُعلِنَ لهُمْ أنهُم ليس لأنفُسِهِمْ، بل لنا كانوا يَخدِمونَ بهذِهِ الأُمورِ الّتي أُخبِرتُمْ بها أنتُمُ الآنَ، بواسِطَةِ الّذينَ بَشَّروكُمْ في الرّوحِ القُدُسِ المُرسَلِ مِنَ السماءِ. الّتي تشتَهي المَلائكَةُ أنْ تطَّلِعَ علَيها.” (١ بُطرُسَ ١ : ١٠-١٢)

 نلاحظ هنا مِن لغة النص الأصلية أنّ الأنبياء كانوا يبحثون بشدة وبشغف، فمن وقت لآخر يتنبأون قائلين: “سيحدث كذا وكذا…” ثم يعودون ويتأملون فيما قالوه وتنبأوا به متسائلين في أنفسهم: “كيف سيكون هذا؟ تلك الصور والرؤى التي رأيناها، مَن يا ترى أولئك الذين سيعيشونها ويستمتعون بها؟!”

 فكانوا يبحثون عن “مَن ومتى” وهما سؤالان غير واضحان في الترجمات العربية، من هؤلاء الذين سيذوقون هذه النبوات ويعيشونها؟ ومتى سيكون ذلك؟ تلك النبوات التي دل عليها روح المسيح الذي فيهم، الذي سبق وشهد بالآلام التي ستحدث للمسيح، وكذلك الأمجاد التي بعدها.

 لذلك سأتكلم في هذه السلسلة عن تلك الأمجاد التي نعيشها الآن، حالة المجد التي نعيشها الآن بعد أنْ كانت البشرية في حالة عجز وانهيار.

 سمعنا كثيرًا الآية الشهيرة التي تقول: إذ الجميعُ أخطأوا وأعوَزَهُمْ مَجدُ اللهِ” (روميَةَ ٣: ٢٣).

 لكن الكتاب يوضح لنا الأمجاد التي بعد القيامة، ليست فقط التي بحث وفتش عنها الأنبياء بل أيضًا التي بحثت عنها الملائكة، فالملائكة أنفسهم يشتهون، ويتطلعون إلى، ويبحثون عن الأمجاد التي تلي آلام المسيح بالقيامة مِن الأموات.

 “فمَنْ هو الإنسانُ حتَّى تذكُرَهُ؟ وابنُ آدَمَ حتَّى تفتَقِدَهُ؟ وتَنقُصَهُ قَليلًا عن المَلائكَةِ، وبمَجدٍ وبَهاءٍ تُكلِّلُهُ. تُسَلِّطُهُ علَى أعمالِ يَدَيكَ. جَعَلتَ كُلَّ شَيءٍ تحتَ قَدَمَيهِ (المَزاميرُ ٨ : ٤ ٦).

 يحدثنا التراث العبراني عن أنّ الشخص المتسائل في هذا النص هو إبليس، إذ إنه طرف غائب غير الله وغير الإنسان، فحين رأي أنّ الله خلق الإنسان وكلله بكل مجد وبهاء وجعل مكانته أقل قليلاً منه حيث يقول النص الأصلي: وتنقصه قليلاً عن إيلوهيم فغار إبليس منه ومِن مكانته الرفيعة التي وُضِع فيها، ورأي أنّ الإنسان لا يستحق تلك المكانة بل هو مَن يستحقها، فوجه سؤاله للرب قائلاً: “مَن هو الإنسان حتى تذكره، وتضعه في مكانة رفيعة وعالية بعدك مباشرة؟”

 حين أخطأ الإنسان صار محتاجًا لمجد الله، حيث كان قبل السقوط مكللاً ومتوجًا “مُنَصّب وذو أحقية” وهو المالك والذي له أحقية السيادة والتسلط على الأرض، تلك هي الأوراق الرسمية في السماء: أنّ الأرض أعطيت للإنسان، لكن بالسقوط أعوزه مجد الله وصار خارج الشريحة التي كان الله يريده عليها.

▪︎ المجد هو انحياز الله للإنسان طبقًا لمبادئ:-

هنا تحار عقولنا ويحق لنا أنْ نتساءل: كيف يتدخل الله في حالة مأساوية كهذه؟ فإن سار الله حسب الواقع والعيان لم يكن ليستطيع أنْ يساعد الإنسان، لكني سأقول لكم سرًا خطيرًا عن المجد الإلهي حيث توجد في اللغة العبرية عدة كلمات تتحدث عن المجد الإلهي، وأول ذِكر له في الكتاب المقدس كانت في تكوين الإصحاح الثلاثون، ولكن لنفتح أولاً سفر الخروج ٢٣ : ٣ حيث يقول الوحي: ولا تُحابِ “تُمجّد” مع المِسكينِ “الفقير” في دَعواهُ“.

هنا يقول النص العبري: لا تمجد الشخص وتنحاز له في دعواه لسبب أنه مسكين. مِن هنا نفهم أنّ انحيازك للشخص يساوي تمجيدك له، لذلك قال الرب “لا تمجد المسكين لأنه فقير” فليس لكونه فقيرًا فهو دائمًا على حق، فربما يكون مخطئًا تمامًا مثله مثل الغني، كلاهما عرضة للخطأ.

 الهدف مِن هذا النص أنْ يجعلنا الكتاب المقدس حياديين ولا ننحاز لأحد ونمجده حسب حالته الاجتماعية أو الاقتصادية، لكن انحيازنا وجنوحنا يجب أنْ يكون تجاه وحسب ما هو حق وصواب، وليس حسب مشاعرنا تجاه الشخص، فالله يتحرك تجاهنا بمبادئ وليس بمشاعر، لذلك فحالات البكاء والاستعطاف لا تُجدي كثيرًا معه.

 لقد أعطى المجد للإنسان نتيجة مبادئ وليس نتيجة استعطاف، فحين سقط الإنسان كان الله يفكر تجاهه على هذا النحو: “لأن الإنسان مصنوع على صورتي، سأتدخل لأنقذه” وليس لأن الإنسان استعطفه وظهر بصورة مزرية أمامه!!

الرب صالح لأنه غير متقلب، كثيرون ممن يدرسون الكتاب بصورة خاطئة يرتعبون لئلا ينقلب عليهم الله بصورة فُجائية متوهمين أنّ الله متقلب المزاج تجاه الإنسان ومِن المحتمل أنْ يسحقه في لحظة لكي ينقيه مِن الشوائب! فإله بهذه الصفات ليس هو إلهنا الذي نعبده.

▪︎ الرب لا يعطي مجده للمنحوتات لكنه يعطيه للإنسان:-

“أَنَا الرَّبُّ هذَا اسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ، وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ” (إشعياء ٤٢: ٨).

يتكلم هذا النص أنّ الرب لا يعطي مجده للأوثان، لكنه يعطيه للإنسان، فالمزمور الثامن أخبرنا كيف أنّ الله كلل الإنسان وأحاطه بالمجد، للأسف كثيرون يفهمون أنّ الشاهد أعلاه يعلمنا أنّ الرب لن يعطي مجده للإنسان لكنهم مخطئون. والدليل على ذلك قول الكتاب:

 والّذينَ سبَقَ فعَيَّنَهُمْ، فهؤُلاءِ دَعاهُمْ أيضًا. والّذينَ دَعاهُمْ، فهؤُلاءِ بَرَّرَهُمْ أيضًا. والّذينَ بَرَّرَهُمْ، فهؤُلاءِ مَجَّدَهُمْ أيضًا” (رومية ٨ : ٣٠)

 هذا نص واضح وصريح يعرفنا أنّ الله يعطي المجد للإنسان.

 “٤ أنا مَجَّدتُكَ علَى الأرضِ. العَمَلَ الّذي أعطَيتَني لأعمَلَ قد أكمَلتُهُ. ٥ والآنَ مَجِّدني أنتَ أيُّها الآبُ عِندَ ذاتِكَ بالمَجدِ الّذي كانَ لي عِندَكَ قَبلَ كونِ العالَمِ.٢٢ وأنا قد أعطَيتُهُمُ المَجدَ الّذي أعطَيتَني، ليكونوا واحِدًا كما أنَّنا نَحنُ واحِدٌ ٢٤ أيُّها الآبُ أُريدُ أنَّ هؤُلاءِ الّذينَ أعطَيتَني يكونونَ مَعي حَيثُ أكونُ أنا، ليَنظُروا مَجدي الّذي أعطَيتَني، لأنَّكَ أحبَبتَني قَبلَ إنشاءِ العالَمِ.” (يوحنا ١٧ : ٤-٥، ٢٢ ،٢٤).

 نجد هنا للمرة الثانية أنّ المجد الذي أعطاه الآب لابنه يسوع (الخاص به) لم يعد خاص به وحده بل أعطاه لكنيسته، هللويا!

تلك النصوص السالفة توضح وتفسر وتكمل النص الذي قرأناه للتو في إشعياء، وذلك لكي لا يفهم الناس أنّ الرب لن يعطي مجده للبشر، ولكن ليفهموا أنه لن يعطيه للمنحوتات والأصنام، لكن مجده متاحًا تمامًا للبشر، بل إنه أعطاه بالفعل لهم.

 ١هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. ٢ لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ…. ٨ «أَنَا الرَّبُّ هذَا اسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ، وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ. ٩ هُوَذَا الأَوَّلِيَّاتُ قَدْ أَتَتْ، وَالْحَدِيثَاتُ أَنَا مُخْبِرٌ بِهَا. قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ أُعْلِمُكُمْ بِهَا»… ١٩ مَنْ هُوَ أَعْمَى إِلاَّ عَبْدِي، وَأَصَمُّ كَرَسُولِي الَّذِي أُرْسِلُهُ؟ مَنْ هُوَ أَعْمَى كَالْكَامِلِ، وَأَعْمَى كَعَبْدِ الرَّبِّ؟” (إشعياء ٤٢: ١-٢، ٨-٩، ١٩).

 اعتقد كثيرون أنّ كلمة “عبدي” في العدد الأول تشير لنفس الشخص الذي يتحدث عنه في عدد التاسع عشر، لكن “لا”، لأنه بداية مِن ذلك العدد يتحدث عن شعب الله، حيث قال عنهم الرب في المزامير: “الرَّبُّ يُعْطِي كَلِمَةً. الْمُبَشِّرَاتُ بِهَا جُنْدٌ كَثِيرٌ” (المزامير ٦٨: ١١) فالمبشرات هنا هم شعب الله، فهو الذي كان منوط به الإخبار بالكلمة في ذلك الوقت فهم عبيده ورسُله الذين يبشرون العالم بكلمته.

حينما قال: “مَنْ هُوَ أَعْمَى إِلاَّ عَبْدِي، وَأَصَمُّ كَرَسُولِي الَّذِي أُرْسِلُهُ؟” كان يتحدث عن حالة شعب إسرائيل وكيف أنهم يعبدون الأوثان، فصاروا في حالة عمى وصَمَم عن كلمة الرب، لأنهم أعطوا المجد للأوثان، ذلك المجد الذي أعطاهم الرب إياه عبر انحيازه لهم طبقًا لمبادئ وليس انحياز عاطفي تغلبه المشاعر.

 انحاز الرب لعهده مع إبراهيم لكي يعطيهم المجد، ويوضح لنا خروج ١٦ أنّ شعب الرب كانوا يُبصرون مجده في السحابة التي ظللتهم منذ أنْ خرجوا مِن أرض مصر، وبدأوا يبصرون التدخل الإلهي على الأرض لصالحهم، لأنهم لا يزالون مرتبطين بعهدهم معه، لكن عندما ابتعدوا عنه، وأعطوا هذا المجد والانبهار للمنحوتات، غار الرب بسبب هذا، نعم سيتدخل لينقذهم، لكنه سيفني منهم أولاً أولئك الذين فعلوا هذا وقادوا بقية الشعب لذلك الجرم الكبير.

 المجد الإلهي هو انحياز الرب للإنسان، ولكن بمبادئ، لذلك حين كانوا في طريقهم للدخول لأرض الموعد كان الرب يحذرهم مِن أنْ ينحازوا إلى (أي يمجدوا) الشخص لكونه فقيرًا، فهو يريدهم أنْ يسيروا بمبادئ الرب ونواميسه، وليس بمشاعرهم والمظاهر الخارجية للبشر.

 الطريقة الإلهية التي تحرك بها الله لإنقاذ البشر كانت عبر إرسال يسوع للأرض، هذه التحركات نفسها كانت هي المجد الإلهي، فحين يوضح الكتاب ما هي الحالة التي كان ينبغي أنْ يكون عليها الإنسان مِن مجد، يخبرنا أيضًا أنّ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله.

▪︎ ما لذي كانت الأمم تحتاجه؟

 السِّرِّ المَكتومِ منذُ الدُّهورِ ومنذُ الأجيالِ، لكنهُ الآنَ قد أُظهِرَ لقِدّيسيهِ، الّذينَ أرادَ اللهُ أنْ يُعَرِّفَهُمْ ما هو غِنَى مَجدِ هذا السِّرِّ في الأُمَمِ، الّذي هو المَسيحُ فيكُم رَجاءُ المَجدِ” (كولوسي ١ : ٢٦).

يتحدث هذا النص أنّ الله أراد أنْ يعرفنا حالة المجد الغني، أو حالة ثقل المجد، وهي “الكيبود” حسب النطق العبري، الآن يوجد مجد، هذا السر الذي كان مكتومًا، ولم تكن الأمم تعرفه، وهو أنّ الرب يريد أنْ يدخل في علاقة معهم “الّذي هو المَسيحُ فيكُم رَجاءُ المَجدِ”، أنْ يصير الإنسان في علاقة مع الله وأنْ يسكن الله فيه، وهذا هو المجد المرجو، المجد الذي كان يرجوه الإنسان، لأنه محتاج إليه.

فهمك لهذه الحقيقة سيصلح إيمانك، إذ ستكتشف أنّ الله أعطاك مجده وجعله متاحًا لك لكي تسعى له وتكتشفه وتستمتع بسكناه في داخلك، وهذا سيغيرك تمامًا، لأنك ستذوق أمورًا لم تذقها مِن قبل وأصبح مِن حقك أنْ تذقها وتختبرها في حياتك.

▪︎ اسع للمجد الإلهي لأنه يحفز ايمانك!

“كيفَ تقدِرونَ أنْ تؤمِنوا وأنتُمْ تقبَلونَ مَجدًا بَعضُكُمْ مِنْ بَعضٍ، والمَجدُ الّذي مِنَ الإلهِ الواحِدِ لَستُمْ تطلُبونَهُ؟” (يوحنا ٥ : ٤٤).

 يعرفنا هذا النص السبب الذي لأجله لا نرى نتائجًا سريعة لإيماننا؛ وذلك لأننا لا نسعى للتفكير في المجد الإلهي، وهو غير قاصر فقط على رؤية الناس فيك سلوكًا حسنًا، ولكنه يُرى في عمق حياتك، وأنْ تكون في عمق علاقة مع الله، وفي حميمية معه، هذا هو معنى “المسيح فيكم رجاء المجد”.

 كانت كل البشرية تنتظر هذا المجد وترجوه لأنهم معتازين ومحتاجين إليه، الآن صار متاحًا، لم تكن الأمم تعرفه، أما شعب لله فذاق جزءًا منه، ثم ابتعد عنه بقلبه، فكانت المفاجئة المدوية أنّ الإنجيل انفتح بابه على مصراعيه للأمم.

نعود إلى النص السابق، فالرب يكلم شعبه قائلاً: كيف تقدرون أنْ تؤمنوا وأنتم قد استبدلتم رأي وفكر ومشيئة الرب بآراء وأفكار ومشورات البشر، ووضعتم كل تركيزكم على العيان وكأنه هو الحقيقة المطلقة المؤكدة، بهذا لن تستطيعوا أنْ تمارسوا إيمانكم.

▪︎ استعداد الرب يسوع للصيب قبل دخوله عليه:-

 صنعت حياة الرب يسوع ضجة كبيرة في كل نواحي الحياة وقتئذ، وفي أيامه الأخيرة على الأرض نفذّ الخطة الإلهية الرائعة والحكيمة إلى التمام، أما طفولته وشبابه فكانتا عبارة عن إعداد وتهيئة له لكي ينفذ هذه الخطة الإلهية الرائعة، فلم تكونا طفولة وشبيبة عاديتين تمامًا.

“٤أَعْطَانِي السَّيِّدُ الرَّبُّ لِسَانَ الْمُتَعَلِّمِينَ لأَعْرِفَ أَنْ أُغِيثَ الْمُعْيِيَ بِكَلِمَةٍ. يُوقِظُ كُلَّ صَبَاحٍ لِي أُذُنًا، لأَسْمَعَ كَالْمُتَعَلِّمِينَ. ٥ السَّيِّدُ الرَّبُّ فَتَحَ لِي أُذُنًا وَأَنَا لَمْ أُعَانِدْ. إِلَى الْوَرَاءِ لَمْ أَرْتَدَّ. ٦ بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ، وَخَدَّيَّ لِلنَّاتِفِينَ. وَجْهِي لَمْ أَسْتُرْ عَنِ الْعَارِ وَالْبَصْقِ. ٧ وَالسَّيِّدُ الرَّبُّ يُعِينُنِي، لِذلِكَ لاَ أَخْجَلُ. لِذلِكَ جَعَلْتُ وَجْهِي كَالصَّوَّانِ وَعَرَفْتُ أَنِّي لاَ أَخْزَى. ٨ قَرِيبٌ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُنِي. مَنْ يُخَاصِمُنِي؟ لِنَتَوَاقَفْ! مَنْ هُوَ صَاحِبُ دَعْوَى مَعِي؟ لِيَتَقَدَّمْ إِلَيَّ! ٩ هُوَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ يُعِينُنِي. مَنْ هُوَ الَّذِي يَحْكُمُ عَلَيَّ؟ هُوَذَا كُلُّهُمْ كَالثَّوْبِ يَبْلَوْنَ. يَأْكُلُهُمُ الْعُثُّ” (إشعياء ٥٠: ٤-٩).

 قيلت هذه نبوة عن الرب في مرحلتي طفولته وشبابه، فالتفكير في الكلمة واللهج بها هو لسان المتعلمين، لذلك كان قادرًا أنْ يغيث الآخرين، فهذا جاء كنتيجة أنه كان يعمل كثيرًا على نفسه ويُصقلها.

هناك الكثير مِن المواقف والأمور التي حدثت مع الرب يسوع، ولكنها لم تذكر صراحة في البشائر الأربعة، ومنها عدم التطرق للموقف الخاص بنتفهم لشعر ذقنه ووجهه.

 كان الرب يسوع كثير اللهج في كتابات إشعياء النبي ومنها الجزء أعلاه، إذ كان يحق لمن هم مِن سبط يهوذا، النسل الملكي، الاطلاع على المخطوطات الكتابية، خرج الرب مِن سبط يهوذا حسب الجسد، لذا متاحًا له الاطلاع عليها وقراءتها في الهيكل، كما كان متاحًا أيضًا ويحق لهم شراء نسخة مكتوبة بخط اليد لأحد الأسفار، وإنْ كانت أثمانها باهظة جدًا بالنسبة لتكاليف ذلك الزمان.

فيسوع، إما أنه كان يتأمل في تلك المقاطع في الفصول التعليمية المتاحة في الهيكل في ذلك الوقت، والتي كان لا مفر له مِن دخولها وهو طفل صغير، التي تشبه لحد كبير فصول مدارس الأحد في أيامنا هذه، مع اختلاف أنها كانت حتمية وليست اختيارية كما اليوم، وسجلت لنا البشائر مشهدًا بسيطًا لهذه الفصول حين كان يحاور الشيوخ وكبار المعلمين، فمنذ طفولته وهو صانع ضجة حوله ويلفت أنظار الجميع، لأنه كان ذا فهم واستنارة عاليتان.

 أحد نتائج السقوط هو انعكاس حالة البشر إذ صار “مغبوط هو الأخذ أكثر مِن العطاء” فجاء يسوع مُصححًا الأمور المقلوبة، فعَرّف الناس أنه ينبغي لنا أنْ نعطي أيضًا لا أنْ نأخذ فقط، بعد أنْ كان الطبيعي أنْ يكون الإنسان شرهًا في الأخذ والاستقبال مِن الآخرين، ويمتلئ غضبًا ومرارةً وسخطًا إنْ لم يلبوا توقعاته منهم.

 هنا كان الرب له لسان المتعلمين ليعرف أنْ يعين ويساعد المتعبين، ويوقظ الروح القدس له أذن المتعلمين للاستنارة والفهم، وبعدها يقول الرب: “وَأَنَا لَمْ أُعَانِدْ، إِلَى الْوَرَاءِ لَمْ أَرْتَدَّ”.

نفهم مِن هذه الكلمات أنّ الأفكار كانت تحارب الرب، ولكنه لم ينشغل بها، إذ كان فكره مشغولاً بالمكتوب، لهذا حينما قرأ نبوة أخرى كهذه واستنار فيها:

 “٢ نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. ٣ مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. ٤ لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. ٥ وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا” (إشعياء ٥٣: ٢-٥).

 قال كل هذا جهرًا في المجمع عن نفسه وأنه اليوم تم هذا المكتوب (لوقا ٤: ٢١)، ولم يخف أو يرتاع مِن جمهورهم وهو يعلم أنهم ربما يحاولون رجمه أو رميه مِن على الجبل لكنه، لم يخف البتة.

ذكر الكتاب للمسيح خمسة وظائف، منها وظيفة النبي، ولأنه نبي رأى بروحه الأمور، فاستطاع أنْ يتخيل مِن خلال الكلمة ما سيحدث معه وله، كانت تأتي إليه الكثير مِن الأفكار ضد تلك الرؤى، فحين جاءته الفكرة: “ليس مِن الضروري أنْ تواجه كل هذه الأهوال المزمع أنْ تواجهها”، لكنه أجاب عليها: “لا.. لن أعاند.. لن أرتد عن مشيئة الرب، سأكمل ما بدأته مِن الخطة الإلهية الرائعة التي أرسلني الآب لأكملها وأتممها (إشعياء ٥٠: ٥-٦)، أنني مهيأ نفسيًا لهذه اللحظة ومستعد لها، سأعتمد على الروح القدس (إشعياء ٥٠: ٧)“.

دخل الرب مثلك في صراع، لكنه كان مُصممًا في قلبه، وظل يتخيل أنه ملك، لذلك حين سأله بيلاطس: “هل أنت ملك؟”، أجابه: “نعم، ما تقوله صحيح”.

كم كان هذا رائع أنْ يظل الرب يُعد نفسه طويلاً لهذه اللحظات قبل أنْ يدخل فيها، فردّدَ لنفسه كثيرًا: “السيد الرب يعينني لذلك لن أخجل، ستراني الملائكة في هذا الموقف وسأنتصر للنهاية”

 لم يتألم الرب فقط آلامًا جسدية، بل صار هو نفسه خطية، بل ونزل إلى أسفل الهاوية، إلى أسوأ مكان في الكون، الذي إذا دخله أحد لا يستطيع الخروج منه مرة أخرى، مركزية حكم إبليس للعالم الأرضي وكل سلطانه وجبروته وأقوى جنوده الأشرار، لكن هللويا، مبارك اسم يسوع الذي يخبرنا الكتاب أنه صعد منه إلى العلاء وسبي مِن هناك سبايا وخرج بهم مِن الهاوية (أفسس ٤: ٨-١٠).

 كانت سيطرة وسطوة إبليس على الذين في الهاوية شبه كاملة باستثناء جماعة “حضن إبراهيم”، خلاف هؤلاء كان لديه يد عليا عليهم، لأنهم في حيز مُلكه وسلطانه، لكن الرب وضع فاصلاً بينهما، ورغم وجود هذا الفاصل إلا أنهم ظلوا قادرين على رؤية بعضهم البعض وإدراك ما يحدث في الجهة الأخرى مِن أحداث.

 عبر الرب بأبشع ما يمكن أنْ يعبر به ويشمئز منه إنسان، وهو أنه صار خطية، وضعت عليه جميع خطايا البشر مِن آدم الي نهاية العالم، حتى إنه شبه بالحية النحاسية، مما يعني أنه أصبح خطية حرفيًا، لذا نزل للهاوية وذاق الأوجاع والآلام الخطيرة والعذابات التي يعاني منها كل مَن ينزلون إلى هناك، لكي ما نذهب نحن إليها، ويفدي نفوسنا مِن هوة الهلاك.

دعونا نعود مرة أخرى لنرى كيف أعد يسوع نفسه لتلك اللحظات، كان يردد لنفسه: “وَالسَّيِّدُ الرَّبُّ يُعِينُنِي، لِذلِكَ لاَ أَخْجَلُ” المقصود بالخجل هنا ليس الكسوف ولا لأنهم عروه قدام الناس، ولكنه يتحدث عن حالته حيث تركه الآب، لهذا أكمل إعلان إيمانه بالآب قائلاً: “لِذلِكَ جَعَلْتُ وَجْهِي كَالصَّوَّانِ…” فأنا مستعد لهذه اللحظة وعرفت وتأكدت تمامًا أنه لن يكون الخزي مِن نصيبي.

أتحدث إليك أخي العزيز، إنْ أردت أنْ تُعِد قلبك تجاه تحدي تواجهه، اشخص لذاك الذي أعَدّ قلبه تجاه الصليب، فلم يكن استهزاء الناس به بالأمر التافه، ولا الحدث البسيط، لكنه سبق وَجَهزّ نفسه وقلبه تمامًا ليواجه تلك المواقف قائلاً:

“قَرِيبٌ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُنِي”؛ أي أنا لست بمتروك وحدي، ماذا يصنع بي الإنسان، مَن هو صاحب دعوى معي فليتقدم إلى، هوذا السيد الرب يعينني، مَن هو الذي يحكم على؟ وسرعان ما رأي نهايتهم، فقال: “هُوَذَا كُلُّهُمْ كَالثَّوْبِ يَبْلَوْنَ. يَأْكُلُهُمُ الْعُثُّ”.

 لم يهاب الرب ولم يقلق مِن لحظات الصليب، ولا ما يليه، حتى الحظة التي ستترك فيها روحه جسده وهو نازل إلى الهاوية لم يخشاها، ولكن كل ما كان يشخص إليه ويهتم به هو علاقته بالآب، لأنه دائم الحضور في حضن أبيه.

ما يؤكد لنا أنه لم يكن مرتعبًا مِن الصليب، هو مشهد عندما رأيناه خارجًا مِن البستان بعد أنْ أنهى صلاته للآب ووجد الجند يطلبونه، رد عليهم بكل هيبة: “أنا هو الذي تطلبونه”، وكأنَّه يقول بملء الفم: “أنا لست خائفًا منكم”. حيث كان أعَدّ وجّهزَ قلبه تمامًا لتلك المواجهة الشرسة مع جنود الشر وسلطان الظلمة، وكانت عليه مهابة عظيمة حتى أنْ الجنود سقطوا إلى الخلف (يوحنا ١٨: ٥).

  • • يدعونا هذا المشهد لنتعمق أكثر لنرى حالة التعاسة التي كان فيها الإنسان والبشر جميعًا قبل الصليب:-

 1.  أول ما سنراه هو انفصال الإنسان عن الله، فهو ابنه بالخلق، وكانت له في السابق علاقة معه، ومع ذلك فلم تكن له طبيعة الله بداخله كما لمؤمني العهد الجديد.

2.  خضع الإنسان لإبليس حين سقط وأطاع الشيطان، فنحن نصبح عبيدًا لمن نطيعه (رومية ٦: ١٦).

3.  تسلط جسد الإنسان وسيطر عليه، وأصبح الإنسان عبدًا لحواسه.

تذكر معي أنّ آدم وحواء كانا عريانين منذ زمان كبير لا نعرفه، لكنهما لم يكتشفا ذلك إلا بعدما سقطا، وهذا لأنهما لم يكُنا واعيين لعالم العيان قدر وعيهما لعالم الروح، حتى إنهما لم يتعجبا قط مِن أنهما عريانين إذ كانا مكللين ومحاطين بهالة مِن المجد والبهاء تجعلهما مدركين لعالم الروح أكثر بكثير جدًا مِن عالم العيان.

كان مِن السهل جدًا عليهما أنْ يتعاملا مع الملائكة الذين بالتأكيد كانوا يزورون الأرض كثيرًا، على الأقل في الأوقات التي أتى فيها الله ليزور آدم ويحكي معه كإله له وليس كأب، لأنه كما سبق أنْ ذكرت إنه “ابن الله” بالخلق وليس بالولادة الروحية.

 عرفنا مِن (١كورنثوس ١٥: ٤٥) أنّ آدم كان نفسًا حية، مقارنًا إياه بآدم الأخير أنه روحًا محييًا، ولم يقل الكتاب أنّ آدم الأول روحًا حية أو روحًا محييًا، لهذا صار الإنسان خاضعًا لحواسه الخمسة التي أصبحت تملي عليه ما يفعله وما يشعر به.

4.  وبدأ الموت يتسلل إلى العالم وأضحى الإنسان خاضعًا لقانون الموت.

5.  أصبح الإنسان يريد أنْ يأخذ أكثر مما يريد أنْ يعطي.

6.  أُخضِعت الأرض بجملتها لمملكة الظلمة، فانحدرت لحالة كبيرة جدًا مِن التعاسة، فأضحى كوكب الأرض منغلقًا ومحوصلاً بالكامل تحت سيادة إبليس الذي أصبح رئيس هذا العالم، إذ تسلم مفتاح سيادته عليه بخضوع آدم وحواء له، ولم يعد يسمح لله ولا للملائكة بالدخول إلى الأرض إلا بتصريح مِن إنسان وفي هيئة بشرية.

7.  ظهرت الحاجة الملحة والضرورية لوجود مخلص ينقذ البشرية مِن ذلك السلطان الجبار، لإبليس الشرير وجنوده الأردياء، ولكي ينقذ العالم لابد أنْ يدخل إليه، وكانت هناك الكثير مِن الإجراءات والنبوات التي يتكلم بها البشر عن ذلك المخلص الذي سيأتي لينقذ العالم، فتنبأ الأنبياء على مدار الأجيال القديمة، وحلِموا به، وتحدثوا عنه حتى جاء ملء الزمان وميعاد إدخال البكر إلى العالم:

 “وَأَيْضًا مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ…” (العبرانيين ١: ٦) وأيضًا: “لِذلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا لَمْ تُرِدْ، وَلكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَدًا” (العبرانيين ١٠: ٥).

8.  لم تُعد الأرض مفتوحة على السماء وانقطع التواصل معها، فكانت هناك بوابة تحتاج للانفتاح ليتم الدخول عبرها للأرض، بسبب العزل الذي عمله إبليس.

 نرى بوضوح في النصين السابقين مِن رسالة العبرانيين، وكذلك مِن النص الموجود في (لوقا ٩ : ٣١) حين ظهر موسى وإيليا مع الرب في التجلي على الجبل وتكلما عن خروجه؛ أي موته، الذي كان عتيدًا أنْ يكون في أورشليم.

هذا يعني أنّ الأرض أصبح لها مدخلاً ومخرجًا، ولكن بتواصل الإنسان مع الرب مرة أخرى أعطاه طريقة، وتعامل مع الإنسان بداية مِن آدم حتى وصلنا إلى إبراهيم ووعد الرب له ولنسله بالبركة، ومجيء المخلص مِن نسله.

حين دخل يسوع إلى العالم، لم يحدث ذلك بصورة عادية بل كانت معجزة في غاية الضخامة تحتاج أنْ نفهمها جيدًا، فمشهد دخوله للأرض تتطلب ترتيبات إلهية كثيرة في عالم الروح، لكي يتم عمل إخفاء وتمويه لدخوله، كما أخفي في مصر لفترة مِن الزمن.

 الحدث الأكثر أهمية في هذه المعجزة أنّ إبليس كان يهدف للتعامل مع المتزوجات لأنه يعلم أنّ المخلص سيأتي منهم، فكان ينظر بترقب لكل النسل البشري، حيث سمع مِن الرب أنّ نسل المرأة هو الذي سيسحق رأس الحية. لم يضع تركيزه مع مريم العذراء لأنها كانت مخطوبة فقط وليست متزوجة، وعمد إبليس إلى قتل الأطفال في بيت لحم، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي حاول فيها إبادة النسل الذي توقع أنْ يأتي منه المخلص. نجد هذا في سفر (الملوك الثاني ١١: ١-٣).

لولا إخفاء ذلك الطفل بطريقة إلهية، لمدة سبع سنوات في الهيكل، طوال فترة حكم الملكة الشريرة عثليا؛ لتم إبادة النسل الملكي لآخره، لهذا احتاج الأمر لشغل غير عادي مِن السماء لكي يتم إدخال الرب يسوع للعالم.

 تذكر هذا دائمًا، المجد الذي نحياه الآن دَفَع الرب له مقابلاً ضخمًا جدًا، فالأمر لم يكن مجرد لعبة ولا نزهة ترفيهية للأرض، حيث دخل لأسوأ مكان في العالم، المكان الذي إنْ دخله أحد، لن يخرج منه مرة أخرى.

يعتقد البعض أنّ العرافة نجحت في إصعاد روح صموئيل في هذه القصة المذكورة في (١صموئيل ٢٨: ٥-١٤) وهذا مستحيل لأنه هناك حماية خاصة على أرواح القديسين والأنبياء وكل متقو الرب حتى في العهد القديم، كما أنّ هذا الأمر ليس بهين كما يظن البعض.

 ربما يستدعي البعض أشخاص مِن عالم الروح، لكنهم لا يعلمون أنهم يتعاملون مع الشياطين وليس أرواح البشر الراحلين، حيث توجد أرواح كثيرة منطلقة في العالم التي خرجت نتيجة لتزاوج البشر مع الأرواح الشريرة، وخرج منهم العمالقة أو النفيليم الذين ذُكروا في تكوين ٦ والتي لم تكن المرة الأخيرة التي تم فيها هذا التزاوج بل حدث في أجيال كثيرة ولا يزال.

حين يموت شخص مِن هؤلاء النفيليم يحاول هذا الروح الغريب -الذي لا ينتمي تمامًا إلى البشر ولا للملائكة، بل هو هجين بينهما- أنْ يطوف متعطشًا باحثًا بشره عن جسد بشري ليسكن فيه، فهي مُخربة جدًا للبشر، وهم الذين يسببون النكد والكدر لبيوت الناس، ويصيبونهم بأمراض بشعة، ودائمًا يبحثون عن أجساد ليسكنوها، حتى الحيوانات، فوجدناهم يطلبون مِن الرب يسوع أنْ يدخلوا في الخنازير حين كان يُخرجهم مِن الإنسان البائس الذي به لجئون، فهم جوعي وعطشي دائمًا لأجساد بشرية أو حتى حيوانية ليسكنوها ويدمروها.

تخيل معي حالة الأرض وهي تحت سيطرة تلك الأرواح الشريرة الهمجية، فهي التي أوحت وعَلّمت العصابات الشريرة والحكومات الفاسدة كيف يسيطرون على أماكن نفوذهم سواء كانت مناطق صغيرة أو بلاد كبيرة، وبالرغم مِن كل هذا دخل الرب بحكمة إلهية إلى الأرض.

ولد الرب في هذه الأرض، وحين وجدته تلك الأرواح وعرفته، تحول الشيطان مِن كونه روحًا مقاومًا البشر إلى ضد المسيح، فكان يثير عقول وقلوب الناس ضده أثناء وجوده في الأرض، لذا حدثت عدة محاولات لقتله سابقة لموته على الصليب، لكن الرب يسوع قال جملة مفادها: “لن تقدروا أنْ تفعلوها إنْ لم أضع أنا نفسي، فلي سلطان أنْ أضعها ولي سلطان أنْ آخذها، كما أنْ ساعتي لم تأتي بعد فأنا الذي سأسلم نفسي”.

 حين اقترب موعد تسليم نفسه أخبر التلاميذ بذلك، مرة بصورة مواربة، ثم بعد ذلك بصورة علنية أنه سيسلم لأيدي اليهود وسيموت وسيقوم في اليوم الثالث، وعند موته سلم نفسه لتلك العصابات، واجتمعت عليه في ذلك الوقت كل مملكة الظلمة فرحين أنه قد وقع في قبضتهم.

 في ظل هذه الكثافة مِن الأرواح الشريرة، لم يقدروا على الرب يسوع، وهذا يعني أنه بإمكانك أنت أيضًا أنْ تحيا في هذا المستوى، لأنه فعلها لكي ما يُمَكِّنك مِن فعلها والانتصار مثله على كل جنود الظلمة الأشرار، هذا هو السبب الذي لأجله اجتاز يسوع في تلك المنطقة الوعرة، هللويا، هو المجد الذي قد أعطاه لنا الرب يسوع!

▪︎ أنت هنا لمدح مجد نعمته:-

ضع قلبك لتفهم الحق الكتابي، إلى متى لا تفهم المجد الذي أعطي لنا، تقول كلمة الله إنْ لم تكن تسعى لتعرف المجد الذي أعطي لنا، فكيف إذًا سيعمل إيمانك؟! أنا أتحدث لبعض الناس الذين إلى الآن لا يضعون قلوبهم في كلمة الله، وعلى الجانب الآخر هناك مَن يدرس الكلمة بصورة رائعة جدًا.

“٣ مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، ٤ كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، ٥ إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، ٦ لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ… ١٢ لِنَكُونَ لِمَدْحِ مَجْدِهِ، نَحْنُ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَ رَجَاؤُنَا فِي الْمَسِيحِ” (أفسس ١: ٣-٦، ١٢).

نلاحظ في هذا النص أننا وجدنا لنكون لمدح مجده، فأنت هنا على الأرض لكي تمدح مجده.

“١٣ «أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. ١٤ أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، ١٥ وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. ١٦ فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ” (متى ٥: ١٣-١٦).

 نتعلم مِن كلمات السيد هنا أننا مدعوين لمدح مجده، وحين نكون كذلك يرى الناس أعمالنا ويمجدوا أبانا الذي في السماوات، فأنت نموذج ونتيجة لما فعله الرب يسوع وحياتك هي التي تمجد الرب إلهك.

▪︎ ما هو المفهوم الصحيح للمجد:-

 المجد ليس فقط هو الأعمال الحسنة ومساعدة الفقراء وحسن السير والسلوك، وما سنقرأه الآن تثبت لنا الحق الكتابي فيه.

  1. الشفاء الجسدي يُمجد الله.

“فَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعُ تَعَجَّبُوا وَمَجَّدُوا اللهَ الَّذِي أَعْطَى النَّاسَ سُلْطَانًا مِثْلَ هذَا” (متى ٩: ٨)

 مجد الناس الرب هنا لأنهم فهموا أنّ هناك سلطانًا أعطى للبشر، وأن الرب يتدخل لصالح صحة الإنسان، وهذه أعمال حسنة.

“٣٠ فَجَاءَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، مَعَهُمْ عُرْجٌ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَشُلٌّ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ، وَطَرَحُوهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ. فَشَفَاهُمْ ٣١ حَتَّى تَعَجَّبَ الْجُمُوعُ إِذْ رَأَوْا الْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ، وَالشُّلَّ يَصِحُّونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْعُمْيَ يُبْصِرُونَ. وَمَجَّدُوا إِلهَ إِسْرَائِيلَ. (متى ١٥: ٣٠، ٣١)

 “٢٤ وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا»، قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «لَكَ أَقُولُ: قُمْ وَاحْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!». ٢٥ فَفِي الْحَالِ قَامَ أَمَامَهُمْ، وَحَمَلَ مَا كَانَ مُضْطَجِعًا عَلَيْهِ، وَمَضَى إِلَى بَيْتِهِ وَهُوَ يُمَجِّدُ اللهَ. ٢٦ فَأَخَذَتِ الْجَمِيعَ حَيْرَةٌ وَمَجَّدُوا اللهَ، وَامْتَلأُوا خَوْفًا قَائِلِينَ: «إِنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا الْيَوْمَ عَجَائِبَ!»” (لوقا ٥: ٢٤-٢٦).

 “١٢ فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ دَعَاهَا وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، إِنَّكِ مَحْلُولَةٌ مِنْ ضَعْفِكِ!». ١٣ وَوَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ، فَفِي الْحَالِ اسْتَقَامَتْ وَمَجَّدَتِ اللهَ” (لوقا ١٣: ١٢، ١٣).

 “٢٠ لأَنَّنَا نَحْنُ لاَ يُمْكِنُنَا أَنْ لاَ نَتَكَلَّمَ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا». ٢١ وَبَعْدَمَا هَدَّدُوهُمَا أَيْضًا أَطْلَقُوهُمَا، إِذْ لَمْ يَجِدُوا الْبَتَّةَ كَيْفَ يُعَاقِبُونَهُمَا بِسَبَبِ الشَّعْبِ، لأَنَّ الْجَمِيعَ كَانُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ عَلَى مَا جَرَى” (أعمال الرسل ٤: ٢٠، ٢١).

  1. إقامة الموتى يُمجد الرب.

“٣ فَأَرْسَلَتِ الأُخْتَانِ إِلَيْهِ قَائِلَتَيْنِ: «يَاسَيِّدُ، هُوَذَا الَّذِي تُحِبُّهُ مَرِيضٌ». ٤ فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ، قَالَ: «هذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ، بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللهِ، لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللهِ بِهِ»” (يوحنا ١١: ٣، ٤).

  1. استجابة الصلاة.

١٣ وَمَهْمَا سَأَلْتُمْ بِاسْمِي فَذلِكَ أَفْعَلُهُ لِيَتَمَجَّدَ الآبُ بِالابْنِ. ١٤ إِنْ سَأَلْتُمْ شَيْئًا بِاسْمِي فَإِنِّي أَفْعَلُهُ.” (يوحنا ١٤: ١٣، ١٤)

اغسل عقلك دائمًا بهذه الآيات، إذ توجد حروب على الذهن تجعلك تظن أنك في وادي، والرب في وادي آخر، لذا لابد أنْ يكون ذهنك ممتلئًا بتلك النصوص والآيات التي تجعل ذهنك وقلبك مستقرين.

  1. أنْ تأتي بثمر في حياتك.

٧ إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ. ٨ بِهذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تَلاَمِيذِي” (يوحنا ١٥: ٧، ٨). 

يشمل الإثمار أيضًا أنْ لا تكُن في حالة ملل وذهن مشتت وإدمان للسوشيال ميديا، كما إنها تتضمن أنْ يكون لديك وقتًا جميلاً مع عائلتك، وتهتم بتفاصيل حياة أسرتك وإنفاقك عليهم بسخاء وحكمة.

  1. أنْ تبدأ عملاً وتكمله، أنْ تبدأ مشروعًا وينجح، هذا يمجد الرب.

“أنا مَجَّدتُكَ علَى الأرضِ. العَمَلَ الّذي أعطَيتَني لأعمَلَ قد أكمَلتُهُ” (يوحَنا ١٧: ٤).

هذه هي مشيئة الرب لك، المجد بسبب إكمال الأعمال والانتهاء منها.

  1. دخول الأمم إلى الخلاص.

٤٧ لأَنْ هكَذَا أَوْصَانَا الرَّبُّ: قَدْ أَقَمْتُكَ نُورًا لِلأُمَمِ، لِتَكُونَ أَنْتَ خَلاَصًا إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ». ٤٨ فَلَمَّا سَمِعَ الأُمَمُ ذلِكَ كَانُوا يَفْرَحُونَ وَيُمَجِّدُونَ كَلِمَةَ الرَّبِّ. وَآمَنَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا مُعَيَّنِينَ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ” (أعمال الرسل ١٣: ٤٧، ٤٨).

  1. حدوث معجزات وسط الأمم.

١٩ فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئًا فَشَيْئًا بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. ٢٠ فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ” (أعمال الرسل ٢١: ١٩، ٢٠).

  1. حسن تعاملك مع الناس وعدم التعامل بالشجار والمجادلات السخيفة.

“وأنْ تكونَ سيرَتُكُمْ بَينَ الأُمَمِ حَسَنَةً، لكَيْ يكونوا، في ما يَفتَرونَ علَيكُمْ كفاعِلي شَرٍّ، يُمَجِّدونَ اللهَ في يومِ الِافتِقادِ، مِنْ أجلِ أعمالِكُمُ الحَسَنَةِ الّتي يُلاحِظونَها” (١ بُطرُس ٢ : ١٢).

  1. الموت والشهادة لأجل المسيح.

“قالَ هذا مُشيرًا إلَى أيَّةِ ميتَةٍ كانَ مُزمِعًا أنْ يُمَجِّدَ اللهَ بها” (يوحنا ٢١ : ١٩)

  1. أنْ تحفظ حياتك مِن التلوث بالعالم.

١٦ أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ ١٧ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ” (١ كورنثوس ٣: ١٦، ١٧).

١٩ أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ ٢٠ لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ للهِ” (١ كورنثوس ٦: ١٩، ٢٠).

  1. تسديد احتياجات القديسين والسخاء في العطاء.

١٣ إِذْ هُمْ بِاخْتِبَارِ هذِهِ الْخِدْمَةِ، يُمَجِّدُونَ اللهَ عَلَى طَاعَةِ اعْتِرَافِكُمْ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، وَسَخَاءِ التَّوْزِيعِ لَهُمْ وَلِلْجَمِيعِ. ١٤ وَبِدُعَائِهِمْ لأَجْلِكُمْ، مُشْتَاقِينَ إِلَيْكُمْ مِنْ أَجْلِ نِعْمَةِ اللهِ الْفَائِقَةِ لَدَيْكُمْ. ١٥ فَشُكْرًا ِللهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا” (٢ كورنثوس ٩: ١٣-١٥).

وهذا يوضح لنا أن الرب يريد أن تكون كل زوايا حياتنا في روعة.

▪︎ ما الذي يعيق استعلان مجد الرب في حياتك:-

“كيفَ تقدِرونَ أنْ تؤمِنوا وأنتُمْ تقبَلونَ مَجدًا بَعضُكُمْ مِنْ بَعضٍ، والمَجدُ الّذي مِنَ الإلهِ الواحِدِ لَستُمْ تطلُبونَهُ؟” (يوحَنا ٥: ٤٤)

نفهم مِن هذه الآية أنّ الرب يريد منا أنْ نقبل أفكاره ورأيه ومشورته، وليس آراء وأفكار ومشورات البشر.

٤١ قَالَ إِشَعْيَاءُ هذَا حِينَ رَأَى مَجْدَهُ وَتَكَلَّمَ عَنْهُ. ٤٢ وَلكِنْ مَعَ ذلِكَ آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُمْ لِسَبَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِهِ، لِئَلاَّ يَصِيرُوا خَارِجَ الْمَجْمَعِ، ٤٣ لأَنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ اللهِ” (يوحنا ١٢: ٤١-٤٣).

نعم آمن به كثيرون، لكن تقرير السماء عنهم أنهم قد أحبوا مجد الناس أكثر مِن مجد الله.

“٢٣ «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ يَفْتَخِرَنَّ الْحَكِيمُ بِحِكْمَتِهِ، وَلاَ يَفْتَخِرِ الْجَبَّارُ بِجَبَرُوتِهِ، وَلاَ يَفْتَخِرِ الْغَنِيُّ بِغِنَاهُ. ٢٤ بَلْ بِهذَا لِيَفْتَخِرَنَّ الْمُفْتَخِرُ: بِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَيَعْرِفُنِي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الصَّانِعُ رَحْمَةً وَقَضَاءً وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ، لأَنِّي بِهذِهِ أُسَرُّ، يَقُولُ الرَّبُّ” (إرميا ٩: ٢٣، ٢٤).

 كان الشعب وقتئذ في حالة ارتداد عامة عن الرب، وقضاء الرب على الأبواب، والمدينة على وشك السقوط في يد أعدائهم، فالجميع سيتساوون، لن يشفع للغني غناه، فغناه لن يحمي المدينة مِن السقوط، فأشار الرب عليهم -رغم عصيانهم وابتعادهم عنه واقتراب الأعداء- أنْ لا يضع أحد افتخاره أو اتكاله على خبراته ولا ذكائه ولا ماله، ولا على المبادئ والآراء التي يعتنقها ولم يطعن عليها أو يشك فيها، لذا يقول الرب أشير عليك أنْ يكون افتخارك واتكالك على الرب وأنك تفهم وتعرفني أنا الرب الصانع: الرحمة، القضاء، والعدل في الأرض.

ذلك هو الحل والعلاج لكل مشاكلك التي تواجهها، هو الحل في التعامل مع ابنك المتمرد الذي تعاملت معه بكل الحكمة البشرية المتوغلة، وإن كنت راعيًا لمثل هؤلاء المتمسكين بحكمتهم ويفتخرون بها، لن تجد منهم أي صدى إيجابي لكلماتك معهم، وسيتوجب عليك أولاً أنْ تجعله يدرك أنّ رأيه الشخصي خاطئ، ثم يتعلم أنّ رأي كلمة الرب هي الصواب.

إنْ كنت لا ترى نتائج سريعة، فذلك لأنك تسعى كثيرًا لمجد الناس؛ أي آرائهم وأفكارهم في مواقف حياته المختلفة، فمثلا: يردد كثيرين اليوم أنّ الاقتصاد ينهار! هذا رأي الناس، وللكتاب المقدس رأيًا مختلفًا، لذلك ليكن افتخارك واعتمادك على الرب وكلمته، حيث اعتمد الرب يسوع على الروح القدس في كل معاركه.

 ليفتخرن المفتخر بهذا، بأنه يفهم ويعرفني أنا الرب، لا تفتخر بشهاداتك ولا خبراتك، ولا بحكمتك ولا بمعرفتك لشريك حياتك الناتجة عن العشرة الطويلة التي قد تخرج منها بخلاصة أو نتيجة مفادها أنه أو أنها لن تتغير، فمثل هذه المبادئ أو الخلاصات لن تفيدك بل ستعيقك، بهذا افتخر، بأنك تفهم وتعرف الرب الصانع: الرحمة، والقضاء، والعدل (البر) في الأرض، فالرب يُسر بهذا.

في هذه المرحلة مِن أواخر الأيام ليفتخرن الإنسان؛ أي ليضع تركيزه وثقته في الرب، وليس في قدرته ولا في ماله في مواجهة المشاكل، لأنها لن تفيده.

▪︎ البركات التي سيجنيها كل مَن يسعى للمجد الإلهي بجدية:-

لو سعت الكنيسة وأفرادها في طلب المجد الذي صرنا عليه نتيجة القيامة، سترى نتائج مجيدة في حياتها، وسترى حقيقة ما عمله الرب يسوع في مملكة الظلمة، ففي جلسات الرعاية حينما أجد أحدهم يعبر بتحديات معينة، فأنصحه بالرجوع لدراسة موضوع السلطان، مع إنه ربما يكون درسه مِن قبل، فأؤكد له أنه إنْ أعاد دراسته سيكتشف أكثر السيادة والسلطان الذين أطلقا وأعطيا لأولاد الرب.

اكتشف سلطانك واستعمله، وستجد أنك بدأت تسيطر على الموقف بعد أنْ كنت لا تعرف ماذا تفعل وكأن الأمر ليس بيدك، ستجد نفسك تصلي وتجزم أمورًا مِن عالم الروح وتحدث تغيير.

ما صنعه يسوع هو أنه نزل تحت إلى الهاوية وأباد الموت المسيطر على العالم، حالة الرعب والخوف قد انهاها الرب، الكوكب الذي كان معزولاً تحت وطأة شيطانية قاسية، فكها الرب، وهزم الشيطان وجنوده بل وجردهم مِن سلطانهم، لذلك أثناء دراستك عن هذا المجد الإلهي ستجد أن إيمانك اشتعل بسرعة بينما تكتشف المجد والروعة التي صنعها الرب في حياتك.

يتساءل البعض قائلين: “ما فائدة دراستنا لهذه المواضيع؟” الحقيقة هي أنّ هذه الدراسة ستجعل إيمانك يشتعل إذ ستكتشف أنّ الأمر لم يعد في يد الرب الآن بل صار في يد الإنسان، وبمقدرتك التوقف عن عادات معينة ظلت مسيطرة عليك لفترات طويلة، وأنك بنعمة الرب أصبحت قادرًا على السيطرة على جسدك الذي أرقك زمنًا هذا قدره! عكس الحالة المزرية التي كنت عليها مِن قبل.

نعم، فالإنسان صار قادرًا، بنعمة الرب أنْ يسيطر على جسده كما كان قبل السقوط، بل أروع مما كان سابقًا، لقد عاد الكوكب مرة أخرى تحت سيطرة الإنسان.

إنْ بدأت تصنع تغييرًا فيه لحساب ملكوت الله وأثرت في حياة الناس، وهؤلاء بدأوا يعملون في أماكن مختلفة، فأنت تجعل ملكوت الله يسود، بمقدورك أيضًا أنْ تجعل يد الروح القدس تعمل معك في عملك وفي كل مجالات حياتك وكل المناطق التي في نطاق تواجدك. آدم الذي وصل لحالة يُرثي لها بعد السقوط إذ أصبح عبدًا لإبليس، لم يعد الآن عبدًا له.

انفتحت الأرض وصارت تتواصل السماء، وأخذ الروح القدس مسكنه فينا “الكابود”؛ أي المجد، والرفعة والجمال، ذكرت هذه الكلمة لأول مرة في الوحي المقدس في سفر التكوين: “فسمِعَ كلامَ بَني لابانَ قائلينَ: «أخَذَ يعقوبُ كُلَّ ما كانَ لأبينا، ومِمّا لأبينا صَنَعَ كُلَّ هذا المَجدِ»” (تكوين ٣١: ١).

 سمي أبناء لابان ثروة يعقوب “خابود” أي مجد، لكن هذا لا يعني أنّ المجد هو فقط (ثروة)، لأنه هو حالة الروعة والانحياز الإلهي للبشر، وأن ترى يد الرب الروح القدس تتدخل بصورة جيدة في حياتك لصالحك ولفائدتك، هذه هي حالة “المحاباة الإلهية” أو قيل عنها “المحاباة العادلة!” أو لتسميها “الإنصاف الإلهي لأولاد الرب”

حين سقط آدم كان مدركًا وواعيًا لما يفعله! وبناء عليه، إنْ نظر الرب إليه بصورة رسمية، فهو مخطئ قانونيًا ورسميًا ولا يستحق المساعدة، لأنه كان يعي ماذا يفعل، لكن الرب تدخل بصورة حكيمة ووضع جزاء سقوطه على نفسه؛ أي على الرب، فتم الأمر بصورة عادلة.

 ينحاز إليك الرب بناء على ما فعله يسوع لأجلك، تجاوب معه وسترى نتائج سريعة واستجابات لصلواتك، فالمجد هو أنْ ترى روعة الله في حياتك في كل أمورك فتمتلئ مِن السعادة، ويهرب الإحباط. آمين.

_______

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$
Hide picture