القضاء
الراعي الدكتور/ رامز غبور
▪︎ تعريفٌ للقضاءِ.
▪︎ لا تعارُض بين القضاء والنعمة.
▪︎ يختلف يوم الدينونة عن العرش الأبيض العظيم.
▪︎ سبب دينونة العالم.
▪︎ كيف سيحدث الاختطاف؟
▪︎ لا تعارض للقضاء مع المحبة والرحمة!
▪︎ اهتم بالكلمة وتشبّع بالحب الإلهي.
▪︎ الشكوى والاحتجاج والدينونة.
▪︎ القضاء والرحمة.
▪︎ للكنيسة سُلطة قضائية.
▪︎ خسائر مَن يستبيح معتمدًا على النعمة.
▪︎ الدينونة في اليوم الأخير.
▪︎ للكنيسة سلطانٌ قضائيٌ.
▪︎ أقضيةٌ نتيجة سلوك الإنسان.
▪︎ أقضية ذاتية المفعول وغير ذاتية المفعول.
▪︎ لا تستعجل تنفيذ القضاء.
▪︎ كأس غضب الرب.
▪︎ كونك صرت طرفًا في القضية ليس رخصة للتسيّب والاستباحة.
▪︎ إبليس ليس طرفًا في القضية!
▪︎ معايير القضاء الإلهي
▪︎ مَن سيُحاكَمون أولًا؟
▪︎ الدوائر التي سيتم القضاء فيها.
القضاء هو إبداءُ رأي، وليس شرطًا أن يكون إدانة، تَسيُّد، تَسلُّط أو حُكم بين طرفين، وقد وضع الله نظامًا قضائيًا منذ العهد القديم للقضاء على الشر، يرفضه البعض بسبب أفكارهم الخاطئة عن الله، ويختلف القضاء عن الدينونة؛ القضاء لمَن يسلك عن عمدٍ ضد الرب لفترة زمنية طويلة حتى يمتلئ كأس غضب الرب.
ما يحدث الآن على الأرض هو أقضية بسيطة “دينونة جزئية” هدفها إدارة الأرض والحفاظ على نظامها. أما الدينونة فلها يومٌ واحدٌ الذي يذهب فيه الناس إما للجحيم أو السماء، هذا يومٌ نهائيٌّ وليس هناك مَفرٌّ منه، فالقطار اقترب مِن الوصول إلى نهاية الرحلة وعلى كل مؤمنٍ إدراكُ ذلك حتى يكرز بالإنجيل للعالم أجمع ويتلمذه.
لابد مِن وجود ثلاث زوايا:
1- القانون.
2- القاضي؛ القاضي هو الله والإنسان، لذلك تتزعزع أُسس الأرض حينما لا يقوم القضاة (البشر) بأدوارهم (المزامير 5:82).
3- أطراف القضية ليكون هناك قضاء.
لابد أيضًا مِن وجود معايير لقياس القضية وأنْ يكون القاضي على عِلمٍ بها حتى يتم القضاء بشكلٍ صحيحٍ.
إرادة الله أنْ يتم القضاء على مملكة الظلمة فقط، لكن بسقوط الإنسان وتعاونه مع إبليس، صار الإنسان طرفًا مِن الأشخاص الذين سوف يتم عليهم القضاء، إذ لم يكن طرفًا في النزاع مِن قبل. مَن يضع نفسه في تضاد مع الله، سيُجرَى عليه هذا القضاء (عبرانيين 26:10-27).
ليس مِن الطبيعي أنْ يتم إجراء القضاء على المؤمنين لكنهم في نفس الوقت ليسوا معفيين مِنه، فيوجد فرقٌ بين مؤمنٍ لا يعرف كيف يتوقف عن الخطية ويتحرر منها وبين الذي يُخطئ عن عمدٍ؛ لأنه كلما زادت المعرفة والفَهم والإدراك لدى الشخص، كلما زادت المسؤولية عليه، فالقضاء يتم على شخص يعرف ويفهم جيدًا ويسلك عكس الله مُتعمِدًا الخطأ علي الرغم مِن إنه يعرف كيفية الخروج منه، فيضع نفسه في قضاءٍ جزئيٍّ وليس كلّيًّا.
▪︎ لا تعارُض بين القضاء والنعمة:
“فَإِنَّهُ إِنْ أَخْطَأْنَا بِاخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ، لاَ تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطَايَا، بَلْ قُبُولُ دَيْنُونَةٍ مُخِيفٌ، وَغَيْرَةُ نَارٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَأْكُلَ الْمُضَادِّينَ”. (عبرانيين 10: 26).
يتم القضاء الإلهي لمَن يخطئ عن عمدٍ ولفترةٍ زمنيةٍ طويلةٍ، وهذا لا يتعارض مع النعمة لأن هناك توازن بين النعمة والدينونة، فالله لا يحابي الوجوه ولا يسكت على الأخطاء. سيفقد المؤمن المُستبيح في الخطية خلاصه تدريجيًا لأنه يتدرب للهلاك إلى أنْ يصل لمرحلة يرفض فيها يسوع.
“أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْقِدِّيسِينَ سَيَدِينُونَ الْعَالَمَ؟” (1 كورنثوس 6: 2).
أنت قاضٍ تحت التدريب، درّب نفسك على الحُكْم في الأمور البشرية العادية بشكلٍ صحيحٍ حتى تعرف أنْ تحكم مع الرب، فلا تتعجل في أحكامك ولا تحكم حسب الظاهر.
▪︎ يختلف يوم الدينونة عن العرش الأبيض العظيم:
“لأَنَّهُ أَقَامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ“. (أعمال 17: 31).
هناك يومٌ للدينونة سيكون أمام العرش الأبيض العظيم، وهو يختلف عن كرسي المسيح، والذين عاشوا باستقامة في العهد القديم مع المُشتعِلين مِن الكنيسة هم الذين سيدينون مع الرب يسوع في العرش الأبيض العظيم.
“اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ”. (متى 25: 41).
يوم الدينونة هو يوم الغضب والسخط على إبليس وليس البشر، ولكنه أيضًا يكون على كل مَن وضع نفسه تحت إبليس، كما يختلف التأديب عن القضاء، فالتأديب للبنين (الله يؤدب أولاده بالكلمة)، لكن القضاء هو لإبليس وكل مَن صاروا ضد الله؛ سواء خطاة أو مؤمنين ارتدوا عن الله عن عمدٍ بسلوكٍ واعٍ عكس الكلمة. يمكن للمؤمن أنْ يضع نفسه في عداوة مع الله بمحبته للعالم، فيُعرّض نفسه للقضاء الذي لم يكن مرسومًا له مِن البداية.
▪︎ سبب دينونة العالم:
“اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ الْوَحِيدِ”. (يوحنا 3: 18).
سيُدان العالم على خطية عدم الإيمان بيسوع لأن الناس أحبوا الظلمة أكثر مِن النور.
“وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ“. (يوحنا 16: 8).
تبكيت الروح القدس هو تصحيحه وتوضيحه للخاطئ إنك لا داعي أن تجهد نفسك في حل مشكلة الخطية والتكفير عنها بالأعمال الحسنة (التديُّن)، لكن كل ما عليك فِعله هو قبول يسوع، فتُولَد مِن الله وستصبح أعمالك حسنة وصالحة لأنك أخذت طبيعته فيك.
“وَأَمَّا أَنْتَ، فَلِمَاذَا تَدِينُ أَخَاكَ؟ أَوْ أَنْتَ أَيْضًا، لِمَاذَا تَزْدَرِي بِأَخِيكَ؟ لأَنَّنَا جَمِيعًا سَوْفَ نَقِفُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ”. (رومية 14: 10).
يختلف كرسي المسيح عن كرسي الدينونة الذي هو للعالم كله كما ذكرنا سابقًا، أما كرسي المسيح فهو للمؤمنين بعد الاختطاف؛ “إِنِ احْتَرَقَ عَمَلُ أَحَدٍ فَسَيَخْسَرُ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيَخْلُصُ، وَلكِنْ كَمَا بِنَار.” (1 كورنثوس 3: 15) أي فيه ستحترق أعمال مَن لم يسلكوا بطريقة صحيحة كتابيًا، “لأَنَّهُ لاَبُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا“. (2 كورنثوس 5: 10) ستكون هناك مكافآت وفقًا لسلوك كل شخصٍ.
▪︎ كيف سيحدث الاختطاف؟
سيحدث الاختطاف بطريقة سرية غير مسموعة أو مرئية، لكن سيُسمَع بوقٌ في عالَم الروح، وكل مَن يسمعه في روحه سيُختطَف، وإنْ لم يكن المؤمن مُتدرِّبًا على السلوك بالإيمان، لن يتمكن مِن سماع صوت الروح القدس وقت الاختطاف.
“بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ فِي السَّمَاءِ، وَالصَّوْتُ الأَوَّلُ الَّذِي سَمِعْتُهُ كَبُوق يَتَكَلَّمُ مَعِي قَائِلًا: «اصْعَدْ إِلَى هُنَا فَأُرِيَكَ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَصِيرَ بَعْدَ هذَا“. (رؤيا 4: 1) بوق الاختطاف هو كلمات صوتها كالبوق، سيسمعها المؤمن في روحه كما يسمع صوت الروح القدس في مواقف الحياة اليومية.
لا تنسى أنّ سلوكك بالكلمة هو إدانة للأرض حتى وإنْ لم تقصد ذلك، فقد حدث ذلك بالفعل مع نوح؛ “بِالإِيمَانِ نُوحٌ لَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تُرَ بَعْدُ خَافَ، فَبَنَى فُلْكًا لِخَلاَصِ بَيْتِهِ، فَبِهِ دَانَ الْعَالَمَ، وَصَارَ وَارِثًا لِلْبِرِّ الَّذِي حَسَبُ الإِيمَانِ“. (عبرانيين 11: 7).
سيعاقِب الله شخصيًا مَن يُخرِب جسد المسيح وذلك عبر قادة الكنيسة، فقضاء الله يتم مِن خلال البشر؛ “أَنْ لاَ يَتَطَاوَلَ أَحَدٌ وَيَطْمَعَ عَلَى أَخِيهِ فِي هذَا الأَمْرِ، لأَنَّ الرَّبَّ مُنْتَقِمٌ لِهذِهِ كُلِّهَا كَمَا قُلْنَا لَكُمْ قَبْلًا وَشَهِدْنَ“. (1 تسالونيكي 4: 6).
▪︎ لا تعارض للقضاء مع المحبة والرحمة:
لا يوجد تعارض بين محبة الله ورحمته مع قضائه، فلابد أن يكونهناك ردع للخطأ، فدور قادة الكنائس هو ردع أي أمورٍ خاطئةٍ تحدث في الكنيسة، وإن تُرِكَت أمورٌ خاطئة داخل الكنيسة بحجة أن الله يحب الكل ويقبلهم كما هم، فبالتأكيد ستؤذَى الكنيسة إنْ آجلاً أو عاجلاً. يوجد حُكمٌ بين الأخوة، وتوجد حالات يتوجب فيها عزل أشخاصٍ مِن الكنيسة كما فعل بولس بزاني كورنثوس، حيث إنّ القضاء يبدأ مِن بيت الرب؛ “لأَنَّهُ الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ“. (1 بطرس 4: 17).
هناك مَن يجلب الآلام على نفسه بسبب تدخُله في أمورٍ لا تعنيه؛ “قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ، فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْتَ“. (يوحنا 21: 22)، وهناك مِن يعبرون في اضطهادات ويُجرَبون في أذهانهم خائفين لئلا يخجلوا بسبب رفض الناس، وهنا اعتمد على الروح القدس وانظر لصورتك الصحيحة لئلا تضيّع دعوة الله على حياتك، واستمر في عمل الصواب ولا تُحبَط.
▪︎ اهتم بالكلمة وتشبَّع بالحب الإلهي:
“لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ“. (متى 7: 2)، بنفس المقياس الذي تهتم به بالكلمة، سيعود عليك ويزيد.
“يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلًا الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ“. (متى 7: 5)، غير مسموحٍ للمؤمن الذي لم ينضج بعد ولم يتشبّع بالحب الإلهي أنْ يحكم في الأمور، إلى أنْ ينضج ويستبدل الأفكار البشرية بمبادئ الكلمة.
نجدُ بعض المؤمنين لا يحصلون على نتائج برغم دراستهم للكلمة وإعلانهم لها، والسبب إنهم مازال بهم شوائب مِن العالَم ولم يتخلصوا بعد مِن بشريتهم، فيرون المواقف بشكلٍ خاطئٍ. أنْ تحكم على الآخر بطريقةٍ ناضجةٍ هو ما سيحدد أنْ يكون لك سلطانٌ في المُلكِ الألفي.
ليس بالضرورة أنْ تكون الأمور السلبية الحادثة في حياة شخصٍ ما هي قضاءً، بل قد تكون نتيجةَ سماحه لإبليس بالتدخُل في حياته، فالقضاء هو تحرك الله شخصيًا مِن خلال أولاده الذين أزالوا القذى مِن أعينهم أولًا ليعرفوا كيف يحكموا على الآخرين.
▪︎ الشكوى والاحتجاج والدينونة:
“الَّذِينَ يُظْهِرُونَ عَمَلَ النَّامُوسِ مَكْتُوبًا فِي قُلُوبِهِمْ، شَاهِدًا أَيْضًا ضَمِيرُهُمْ وَأَفْكَارُهُمْ فِيمَا بَيْنَهَا مُشْتَكِيَةً أَوْ مُحْتَجَّةً”. (رومية 2: 15).
الشكوى هي الاتهام، والاحتجاج هو الدفاع، والدينونة هي الحكم بالحق أو الحكم بعقوبة، ويطلق لفظ “أحكامك” على كلمة الله في العهد القديم، لذلك كلمة الله هي الرأي السليم. ليس شرطًا أنْ يقوم القضاء بجلب كارثة، فربما يدخل شخصٌ في محاكمةٍ ويُحكَم عليه بالبراءة. القضاء هو الرأي الإلهي، ومَن يتّحد -مِن المؤمنين- بإبليس في طرقه عن عمدٍ وليس عن عدم نضوجٍ، فسيكون الحكم عليه بعقابه وليس بإنصافه.
▪︎ القضاء والرحمة:
“فَإِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي وُضِعَ، الَّذِي هُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدُ يَبْنِي عَلَى هذَا الأَسَاسِ: ذَهَبًا، فِضَّةً، حِجَارَةً كَرِيمَةً، خَشَبًا، عُشْبًا، قَشًّا، فَعَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ سَيَصِيرُ ظَاهِرًا لأَنَّ الْيَوْمَ سَيُبَيِّنُهُ. لأَنَّهُ بِنَارٍ يُسْتَعْلَنُ، وَسَتَمْتَحِنُ النَّارُ عَمَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ.” (1 كورنثوس 3: 11-13).
القضاء هو كشف الحقائق، وليس شرطًا أن يكون ضد الشخص، لكنه مِن الممكن أيضًا أنْ يكون في صفِّ الشخص، فستُكشَف أعمال كل شخص أمام كرسي المسيح في وقت سبع سنين الضيقة.
“بَلْ بِهذَا لِيَفْتَخِرَنَّ الْمُفْتَخِرُ: بِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَيَعْرِفُنِي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الصَّانِعُ رَحْمَةً وَقَضَاءً وَعَدْلًا فِي الأَرْضِ، لأَنِّي بِهذِهِ أُسَرُّ، يَقُولُ الرَّبُّ.” (إرميا 9: 24).
أولاًالرحمة هي الغفران وتشمل خلاص الرب، أما القضاء فهو لمَن يقف ضد الله، ثم البر والذي فعله يسوع؛ فقد جعل البراءة وطبيعة الله متاحين. ظهرت رحمة الله بأنْ كشف لنا فِكْره الذي مِن خلاله اكتشف الإنسان أن الله يقف في صفه، حيث أعطاه طريقة الإنقاذ التي هي السلوك بالكلمة.
يتم قبول يسوع بالإيمان، لكن لكي تستمر معه يجب أنْ تسلك بالأعمال، حيث إنّ كل شخصٍ سيُحاسَب بحسب مستوى نضوجه، لكن هذا لا يعني أنْ ترتبك بخصوص أعمالك، لكن عليك أنْ تؤمن بعمل الطبيعة الإلهية التي فيك، وبالتالي تسلك بجدية مع الرب، وليس أنْ تدفع ثمن خطيتك وتصير مُهدَّدًا.
▪︎ للكنيسة سُلطةٌ قضائيةٌ:
“أَمَّا الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ فَاللهُ يَدِينُهُمْ. «فَاعْزِلُوا الْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ“. (1 كورنثوس 5: 13).
طلب بولس مِن أهل كورنثوس بمُقتضى سلطانه الروحي عليهم أنْ يُعزَل زاني كورنثوس ويخرجه مِن حماية جسد المسيح لكي تخلُص روحه في يوم الرب، وكان يجب أن يفعل ذلك حتى لا يشجعه على الاستباحة في خطيته، وبالفعل حينما خرج هذا الشخص مِن حماية الجسد عانى مِن الظروف والأمراض وتاب ورجع مرة ثانية، ومِن هنا نرى أنّ للكنيسة سلطةً قضائيةً.
▪︎ خسائر مَن يستبيح مُعتمِدًا على النعمة:
- لن ينال ما له في المسيح، فسيُعذَّب بظروف الحياة بسبب سلوكه ضد الله بحبه للعالم ولمبادئه التي هي عداوة لله.
- لن يُختطَف بسبب عدم تجاوبه مع البوق الداخلي للروح القدس وقت الاختطاف.
- قد يرتد ويهلك ويفقد أبديته بسبب تدرّبه على الخطية عن عمدٍ.
- مَن لم يحيوا بالتقوى ورحلوا عن الأرض قبل وقت الاختطاف، لن يقوموا في القيامة الأولى ولن يأخذوا الأجساد المُمَجّدة كما إنهم لن يحكموا مع الله في المُلك الألفي.
“وَأَمَّا بَقِيَّةُ الأَمْوَاتِ فَلَمْ تَعِشْ حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ. هذِهِ هِيَ الْقِيَامَةُ الأُولَى. مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى. هؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ، بَلْ سَيَكُونُونَ كَهَنَةً للهِ وَالْمَسِيحِ، وَسَيَمْلِكُونَ مَعَهُ أَلْفَ سَنَةٍ“. (رؤيا 20: 5-6).
القيامة الأولى لن يسوقها الجميع.
“لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَة“. (يوحنا 5: 28-29).
▪︎ الدينونة في اليوم الأخير:
“أَنَا قَدْ جِئْتُ نُورًا إِلَى الْعَالَمِ، حَتَّى كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي لاَ يَمْكُثُ فِي الظُّلْمَةِ. وَإِنْ سَمِعَ أَحَدٌ كَلاَمِي وَلَمْ يُؤْمِنْ فَأَنَا لاَ أَدِينُهُ، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لأُخَلِّصَ الْعَالَمَ. مَنْ رَذَلَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ كَلاَمِي فَلَهُ مَنْ يَدِينُهُ. اَلْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ هُوَ يَدِينُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ“. (يوحنا 12: 46-48).
ستتم دينونة العالمفي اليوم الأخير مِن خلال يسوع الجالس على العرش الأبيض العظيم وليس الآن، وكلُ كلمةٍ نطق بها يسوع هي التي ستدين مَن سمعها ولم يعمل بها. أتى يسوع ليخلص وليس ليدين، وهكذا أنت على الأرض لتخلص وليس لتدين، وفي نفس الوقت سلوكك بالكلمة يدين مَن حولك.
عندما تسلك بالكلمة، أنت تسمح للقضاء بأنْ يحدُث سريعًا مع الناس، وأحيانًا أخرى بسبب كثرة رحمتك تسمح بعدم حدوث قضاء كما فعل استفانوس لراجميه. عليك أنْ تحيا حياة مُنضبِطة وتسمح لكلمة الله أن تؤدبك وتشكِّل فيك فتصير منهج وطريقة تفكيرك، وتفعل كلَ شيءٍ عن وعيٍّ عارفًا السند الكتابي له.
▪︎ للكنيسة سلطانٌ قضائيٌ:
• قلق بولس بشأن “هيمينايُس والإسكَندَر” حتى لا يجدفا على الرب ويفقدا خلاصهما، فأسلمهما للشيطان مما يوضح أن الكنيسة لها سلطان قضائي. (1 تيموثاوس 19:1-20).
• عليك بالسلوك بالكلمة، لكي تتمكن مِن الحُكم على الآخرين. (رومية 1:2-16).
ع 4 “أم تستَهينُ بغِنَى لُطفِهِ وإمهالِهِ وطول أناتِهِ، غَيرَ عالِمٍ أنَّ لُطفَ اللهِ إنَّما يَقتادُكَ إلَى التَّوْبَةِ؟” دينونة الله بحسب لطفه أما القضاء فيتم مِن خلال الإنسان مع الله، كما توجد دينونة لم تُستعلَن بعد؛ “وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ” (ع 5).
ع 14 “لأَنَّهُ الأُمَمُ الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمُ النَّامُوسُ، مَتَى فَعَلُوا بِالطَّبِيعَةِ مَا هُوَ فِي النَّامُوسِ، فَهؤُلاَءِ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ النَّامُوسُ هُمْ نَامُوسٌ لأَنْفُسِهِمِ”.
سيُحاسَب كلُ شخصٍ بحسب ما لديه مِن معرفةٍ وتمييزٍ، وقد وُضِعَ الناموس كشيءٍ واضحٍ، مرسوم ومكتوب لأجل الناس لكي يسلكوا به ومَن كان يتبع الرب كان يعرف الأمور البديهية لأن الله وضع نواميسه بداخل البشر، أما دخول الملكوت فهو يعتمد على الطبيعة الروحية وليس الأعمال؛ هل الشخصُ مولودٌ مِن الله ولديه طبيعته أم لديه طبيعة إبليس؟!
“وإنْ كُنتُ أنا ببَعلَزَبولَ أُخرِجُ الشَّياطينَ، فأبناؤُكُمْ بمَنْ يُخرِجونَ؟ لذلكَ هُم يكونونَ قُضاتَكُمْ!” (متى 27:12).
أي لعدم إيمانكم وعدم تبعيتكم لي، سيأتي اليوم الذي يصير فيه أبناؤكم التابعين لي ولهم سلطان إخراج الشياطين، هم أنفسهم قضاتكم. إن لم تُدرَّب على يوم الدينونة، لن تمارس القضاء في ذلك اليوم؛ لذا أوصى الرب أنْ تتخلص من القذى التي في عينك أولاً؛ أي تتخلص مما يخصك أولًا حتى تستطيع أن ترى ما يخص الآخر. كان شعب الله هو القاضي على كل الأمم ولم يكن ذلك تمييزًا بل لأن الله أعطاه الكلمة (يعقوب 12:5)، (2 بطرس 1:2-9)، (المزامير 1:149-7).
▪︎ أقضيةٌ تحدث نتيجة سلوك الإنسان:
“اَلرَّبُّ صَنَعَ الْكُلَّ لِغَرَضِهِ (ليحقق مشيئته)، وَالشِّرِّيرَ أَيْضًا لِيَوْمِ الشَّرِّ”. (الأمثال 4:16).
“حِصْنٌ لِلاسْتِقَامَةِ طَرِيقُ الرَّبِّ، وَالْهَلاَكُ لِفَاعِلِي الإِثْمِ”. (الأمثال 29:10).
طريق الرب كما هو حصن لمَن يسير بالاستقامة، هو نفسه سيكون هلاكًا لمَن لا يسلكون باستقامةٍ. ليس كلُ قضاءٍ يقوم به الله، بل هناك أقضية تحدث نتيجة سلوك الإنسان.
“وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً يَبْنِي جِدَارًا وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ لِكَيْلاَ أَخْرِبَهَا، فَلَمْ أَجِدْ. فَسَكَبْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ. أَفْنَيْتُهُمْ بِنَارِ غَضَبِي. جَلَبْتُ طَرِيقَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ”. (حزقيال 30:22-31).
قضاء الله هنا هو أنّ ما فعلوه يرتدّ عليهم كمَن يخالف قانون الجاذبية ويتأذَّى بسبب مخالفه هذه، فليس الله هو المُتسبِّب في أذيته رغم أنه هو الذي وضع قانون الجاذبية لكن الشخص تأذّى نتيجة استخدامه الخاطئ له.
(رومية 30:9-33)
(ع 33) “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «هَا أَنَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ، وَكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى»”.، أي يصير هذا الحجر لمَن يؤمن خلاصًا، ولمَن لا يؤمن حجرَ عثرةٍ، يعود ذلك على قلب الشخص، هل هو في وضعِ استقبالٍ أم لا؟!
(2 كورنثوس 14:2-16)
(ع 15) “أَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ ِللهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ”. نفس هذه الرائحة التي كانت حياة للبعض، هي موت لآخرين. من هنا نفهم أن الله لم يُعاقب خصيصًا من لم يؤمن به، بل هذا الشخص وضع نفسه في وضعية عكس الله، فصار الله مُمِيتًا له كما صار عمود السحاب نورًا لشعب الرب وظلامًا للمصريين (خروج 19:14-20).
“وَلكِنَّنِي أَثِقُ بِكُمْ فِي الرَّبِّ أَنَّكُمْ لاَ تَفْتَكِرُونَ شَيْئًا آخَرَ. وَلكِنَّ الَّذِي يُزْعِجُكُمْ سَيَحْمِلُ الدَّيْنُونَةَ أَيَّ مَنْ كَانَ”. (غلاطية 10:5).
يُحذِّر بولس بشدة مِن السلوك بناموس موسى مع يسوع في ذات الوقت ويُحذِّر بأنّ مَن يُعلّم ويُزعج شعب الله بأمورٍ غير كتابيةٍ، سيقع هو نفسه في الدينونة.
(ع 40) “فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِر (اليهود حديثي الإيمان)ِ، فَبِي فَعَلْتُمْ”. هناك مَن سيؤمن بالرب يسوع خلال فترة سبع سنوات الضيقة وسيُحاكِم الرب يسوع مَن وقفوا ضدهم في بداية المُلك الألفي.
▪︎ أقضية ذاتية المفعول وغير ذاتية المفعول:
(ع 25) “فَتَنَجَّسَتِ الأَرْضُ. فَأَجْتَزِي ذَنْبَهَا مِنْهَا، فَتَقْذِفُ الأَرْضُ سُكَّانَهَا”. الأرض مُبرمَجة أنْ تقذف مَن هم ضد الله إذ توجد أقضية ذاتية المفعول.
• “فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟» فَقَالَ: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟» فَقَالَ: مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ”. (التكوين 9:4-10).
هناك نوع مِن القضاء يتحرك الله فيه حينما تصرخ الأرض إليه، الدم نفسه يصرخ للرب لأنه له صوتٌ، هذا نوع آخر مِن الأقضية وليس ذاتي المفعول؛ لأن هناك نظامًا موضوعًا للأرض يتحرك للرب.
“وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ، وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدًّا. أَنْزِلُ وَأَرَى هَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الآتِي إِلَيَّ، وَإِلاَّ فَأَعْلَمُ»”. (التكوين 20:18-21).
هناك نوعٌ آخر مِن الأقضية، دوريات مِن الملائكة (لاحظ أنّ الرب تحدّث مباشرةً مع إبراهيم، لكنه أرسل ملاكين لسدوم وعمورة للتحري؛ لأن الملائكة هي مَن ترسل تقاريرًا للرب) تجول الأرض لترى هل هذا الصراخ هو صراخ ظلم أم لا؟!
لا يمر صراخ المساكين والضحايا هكذا، بل يصعد للرب ويفحصه ليرى هل هذا الأمر صحيحًا أم لا؟! وينتظر بارًا في المكان ليقضي على هذا الشر لأنه لا يُجري القضاء مِن السماء إنما ينتظر إنسان ليُجريه على الأرض، وكلما كنت مشحونًا بالروح، ستجد سرعة في إجراء القضاء ضد مَن يقف ضدك.
▪︎ لا تستعجل تنفيذ القضاء:
ليكن لديك فَهمٌ وإدراكٌ صحيحٌ للقضاء ولا تضع جميع الناس في وضعية القضاء، بل انظر لهم بصبرٍ ورفقٍ وتحننٍ وتذكّر أنّ الرب يسوع نفسه لم يأتِ ليدين بل ليُخلِّص وفي (لوقا 17:4-20) لم يكمل قراءة الجزء الخاص بالقضاء إذ لم يأتِ موعده.
لا تستعجل لتنفيذ القضاء على الآخرين، عندما ترى المواقف بطريقة صحيحة بسبب المَسحة، ستعرف تبعيات ما يحدث وتصلي لأجل الأشرار مثل استفانوس.
(إشعياء 17:51)، (إرميا 17:25)، (المزامير 7:75-8) كل ما سبق لم يكن للمؤمنين.
▪︎ كأس غضب الرب:
(رؤيا 10:14)، (رؤيا 19:16)
النوايا الحسنة ليست مُبرِرًا للفعل الخطأ؛ عندما يُخطئ الطفل الروحي، لا يُحاسَب على أفعاله لكن إنْ استمر في أفعاله حينما ينضج، سيُحاسَب عمّا يفعله وليست نواياه فقط؛ إذ تختلف النوايا عن الأفعال.
هذا واضحٌ بشدة في هذا الشاهد (1 أخبار الأيام 7:13-10)، يمكنك الاطلاع عليه.
(ع 10) “فَحَمِيَ (تحرك ما كان موجودًا) غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى عُزَّا وَضَرَبَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مَدَّ يَدَهُ إِلَى التَّابُوتِ، فَمَاتِ هُنَاكَ أَمَامَ اللهِ”.
كان هناك غضبٌ سابقٌ وتحرك وقتها بناءً على آخر جزء له في كأس غضب الرب، كان لهذا الشخص رصيدًا سابقًا مِن الأفعال الخاطئة لم يذكرها الكتاب، حيث امتلئ كأس غضب الرب لهذا الشخص. ليس مِن السهل أن يتحرك الروح تجاه شخص بالقضاء إلا بعد أن يمتلئ كأسه بصورة شديدة.
لاحظ إنه لم يمت داود الذي اقترح هذه الفكرة في حين أنه كان مِن المفترض أن يموت، لأنّ كأس الغضب الخاص به لم يكن قد امتلئ بعد.
لم يفعلوا حسب المرسوم وهو ينقلون التابوت، فحسب ما هو معروف في الشريعة، يجب أنْ يُحمَل التابوت على الأكتاف (1 أخبار الأيام 13:15-15).
السبب في وجود كأس غضب للرب هو عدله لأنّ أي قاضٍ يحكم ببراءة شخص كان مِن المُفترَض أنْ يُحكَم عليه بالدينونة، هذا قاضٍ غيرُ عادلٍ.
يقف الله في صف كل شخصٍ ويحاول ربحه ولذلك أرسل ابنه يسوع ليأخذ الغضب ولكن يوجد شخصٌ يستهين بما فعله يسوع، فيضع نفسه في القضاء. لم يرسل نوح الطوفان لكن بسبب سلوكه بالإيمان مع الرب، دان العالم دون أنْ يعني ذلك (عبرانيين 7:11).
هكذا حينما تسلك بإيمان على الأرض، دون أنْ تقصد أو تتعمد، أنت بذلك تقضي على الشر في الأرض. (رومية 2:13)، (1 كورنثوس 29:11) أي شيءٍ تفعله في حياتك، إما يتحول لشيءٍ صحيحٍ أو يصير للدينونة، هناك أمورٌ إنْ لم يتب الإنسان عنها، تدينه بسبب عدل هذا الإله، فكان لابد مِن وجود ضوابط للتعامل مع هذا الإله الذي جعل نفسه في شراكة مع الإنسان.
▪︎ كونك صرت طرفًا في القضية ليس رخصة للتسيب والاستباحة:
(2 كورنثوس 8:3-9) حسب الإصحاح السابع مِن رومية؛ كشف الناموس الخطية لكنه لم يعطِ العلاج، في العهد القديم لم يكن يسوع تعامل مع الخطية وإبليس والطبيعة البشرية الحاملة لطبيعة إبليس، لم يكن قد أنهى على سلطان الظلمة وجعلنا أبناء لله بعد، لذلك هناك أمور لا تسري على مؤمني العهد الجديد لكن مبادئ الله لم تختلف في العهدين بسبب قضاؤه على إبليس والخطية.
توجد قواعد في تفسير الكتاب المقدس، كونك صرت طرفًا في القضية وأخذت طبيعة الله وأصبحت قاضيًا بعد أنْ كان محكومًا عليك، لايعطي لك حق التسيّب والاستباحة.
▪︎ إبليس ليس طرفًا في القضية:
“وإنَّما إنْ كانَ أحَدٌ لا يَعرِفُ أنْ يُدَبِّرَ بَيتَهُ، فكيفَ يَعتَني بكَنيسَةِ اللهِ؟ غَيْرَ حَدِيثِ الإِيمَانِ لِئَلاَّ يَتَصَلَّفَ فَيَسْقُطَ فِي دَيْنُونَةِ إِبْلِيسَ” (1 تيموثاوس 5:3-6) أي سيسقطون كما سقط إبليس وصار تحت دينونة وهذا يوضح أنّ إبليس ليس هو الديان.
لم يدفع يسوع ثمنَ الخطية لإبليس لأنه ليس طرفًا في القضية؛ لم يفتدينا مِن يده بل دفع ثمنَ خطايانا للآب؛ لأنه هو الطرف المُستحِق أن يُدفَع له الثمن وليس إبليس، إبليس ليس له شيءٌ في يسوع، فهو عدوٌ ولا يستخدمه الرب الله ليردع به البشر. هللويا.
للقضاء بداية ونهاية، فبدايته هنا على الأرض بأقضيةٍ ليس سببها غضب الله أو ثأره على الآخرين بل هدفها الحفاظ على إدارة وكينونة الأرض، ونهايته القصوى هي يوم الدينونة. وُضِعَ كأسُ الغضبِ الإلهي على يسوع، وعدم قبول الناس لهذا العمل العظيم يتسبب في ذهابهم للجحيم، وليس نتيجة أعمالهم.
ما يتم الآن ليس سببه الخطايا التي دفع الله ثمنها في يسوع، لأن الله لن يأخذ ثمنَ الخطية مرتين. يهدف الله إلى خلاص البشرية وليس القضاء لذلك قال بطرس الرسول لا تستهينوا بأناة ربنا يسوع المسيح. وجود الأقضية الحالية لضبط مَن هم سيُستخدَمون في القضاء لاحقًا.
▪︎ معايير القضاء الإلهي:
- المعرفة الدقيقة والسليمة
يُقاس القضاء بالمعرفة السليمة وليس أية معرفة، فكُل مَن أُعطِي كثيرًا يُطلَب منه كثيرًا، ومَن يودعونه كثيرًا يُطالبونه بأكثر كما قال الرب يسوع.
- النضوج في المعرفة
يجب على المؤمنين فهم وإدراك ما يعرفونه، لأنه يوجد فرق بين المعرفة والنضوج فيها.
“بَلْ أُنَاسٌ بِالضَّمِيرِ نَحْوَ الْوَثَنِ إِلَى الآنَ يَأْكُلُونَ كَأَنَّهُ مِمَّا ذُبِحَ لِوَثَنٍ، فَضَمِيرُهُمْ إِذْ هُوَ ضَعِيفٌ يَتَنَجَّسُ”. (1 كورنثوس 8: 7).
بسبب الوعي والإدراك نحو الوثن يصير الضمير ضعيفًا حيث إنه ليس لدى الجميع علمٌ أو استنارةٌ، لذلك يُقاس الأمر بحسب الاستنارة، حيث إنّ الله قادرٌ أنْ يثبت كل شخص حسب المرحلة التي اجتازها.
- عمل الروح القدس
“حِينَئِذٍ ابْتَدَأَ يُوَبِّخُ الْمُدُنَ الَّتِي صُنِعَتْ فِيهَا أَكْثَرُ قُوَّاتِهِ لأَنَّهَا لَمْ تَتُبْ”. (متى 11: 20).
يُقاس الأمر أيضًا بقوة واستعلان الروح القدس الظاهر وتقاس المسؤولية لكل شخص حسب ما وصل إليه مِن تعليمٍ.
- تكرار التعليم لأكثر مِن مرة
“5 وَذَاقُوا كَلِمَةَ اللهِ الصَّالِحَةَ وَقُوَّاتِ الدَّهْرِ الآتِي”. (عبرانيين 6: 5)؛ بعدما شهد الشخص عن حدوث معجزة يسقط ويقلل مِن قيمة ذات المعجزة التي شهد عنها قبلاً.
- طول زمن التعليم (التعليم السليم)
“اَلَّذِي مِنْ جِهَتِهِ الْكَلاَمُ كَثِيرٌ عِنْدَنَا، وَعَسِرُ التَّفْسِيرِ لِنَنْطِقَ بِهِ، إِذْ قَدْ صِرْتُمْ مُتَبَاطِئِي الْمَسَامِعِ. لأَنَّكُمْ إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ، لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ”. (عبرانيين 5: 11- 12).
- فقدان الموسم وعدم الاستفادة منه
“وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ، وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ“. (لوقا 19: 44)
لأنكِ لم تعرفي الزمن الذي جاء فيه الله ليزورك، ويُشرق عليكِ، حيث إنكِ لم تصغي بقلبٍ قابلٍ للتعلُم، لذلك لم تميزي عمل الروح القدس في الأحداث. حينما يفقد الشعب زمن الافتقاد، هم يُعرضون أنفسهم للقضاء. يبدأ زمن الافتقاد عبر تعليم فكر الله للشعب، والذي بدوره يؤدي إلى آيات وعجائب.
▪︎ من سيُحاكَمون أولًا:
- الخدام
“لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ”. (1 كورنثوس 9: 16).
ليس الخادم حسب اللقب أو الرسامة، بل حسب التكليف الإلهي كما حدث مع إرميا لم يكن أبوه نبيًا بل هو شخصٌ عاديٌ كلفه الرب بمهمةٍ.
- الوالدين
“وَلاَ يَكُونُونَ مِثْلَ آبَائِهِمْ، جِيلاً زَائِغًا وَمَارِدًا، جِيلاً لَمْ يُثَبِّتْ قَلْبَهُ وَلَمْ تَكُنْ رُوحُهُ أَمِينَةً لِلهِ”. (مزامير 78: 8).
ينتج هذا عن عدم تعليم الوالدين لأولادهم، والذي يسبقه عدم تعليم الخدام للوالدين.
- مسؤولية الإنسان
“فَهُوَذَا لُطْفُ اللهِ وَصَرَامَتُهُ: أَمَّا الصَّرَامَةُ فَعَلَى الَّذِينَ سَقَطُوا، وَأَمَّا اللُّطْفُ فَلَكَ، إِنْ ثَبَتَّ فِي اللُّطْفِ، وَإِلاَّ فَأَنْتَ أَيْضًا سَتُقْطَعُ”. (رومية 11: 22)، يعني هذا إنه يوجد لطف وصرامة أيضًا.
“لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً، وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْمِ”. (يعقوب 2: 13).
لابد أن يدرك الناس رحمة الله أولًا حتى يستطيعوا أنْ يرحموا الآخرين. لذلك نتيجة ما عمله يسوع إنْ لم يفكر الشخص بالرحمة لنفسه أولًا ثم يفكر بها تجاه الآخرين لن يُرحَم.
“مَعَ الرَّحِيمِ تَكُونُ رَحِيمًا. مَعَ الرَّجُلِ الْكَامِلِ تَكُونُ كَامِلاً. مَعَ الطَّاهِرِ تَكُونُ طَاهِرًا، وَمَعَ الأَعْوَجِ تَكُونُ مُلْتَوِيًا”. (مزامير 18: 25-26).
الشخص الذي لا يرحم الآخرين، لن يذوق الرحمة ويستدعي النقد لحياته، فإنْ كنت أعوجًا سيتعامل الله معك بنفس طريقتك ولذلك لن تجد حياتك سَلِسَة.
“فَهكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَّلاَتِهِ”. (متى 18: 35)، هذا كلامٌ حرفيٌّ ولا يعني أنّ الله يُعاملك بالمثل بل بعد الرحمة التي عملها يسوع توجد مسؤولية، فعليك أنْ تحب الآخر وتتعامل معه بنفس الرحمة التي رحمك بها الله.
“اَلَّذِينَ إِذْ هُمْ قَدْ فَقَدُوا الْحِسَّ أَسْلَمُوا نُفُوسَهُمْ لِلدَّعَارَةِ لِيَعْمَلُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ فِي الطَّمَعِ”. (أفسس 4: 19)، عُرِضَ على هؤلاء المعرفة لكنهم رفضوها عن عمدٍ إلى أنْ فقدوا الحس أي تكلسوا وصاروا غير قابلين للتصحيح.
▪︎ الدوائر التي سيتم القضاء فيها:
- الإنسان (الكنيسة)
المولود مِن الله هو الذي يُجري القضاء سواء على الكنيسة أو العالم والملائكة، وبالتالي مَن يدير القضاء هو إنسانٌ إلهيٌّ، فالقضاءُ لا يحدثُ تلقائيًا.
“أَيَتَجَاسَرُ مِنْكُمْ أَحَدٌ لَهُ دَعْوَى عَلَى آخَرَ أَنْ يُحَاكَمَ عِنْدَ الظَّالِمِينَ، وَلَيْسَ عِنْدَ الْقِدِّيسِينَ؟ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْقِدِّيسِينَ سَيَدِينُونَ الْعَالَمَ؟ فَإِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُدَانُ بِكُمْ، أَفَأَنْتُمْ غَيْرُ مُسْتَأْهِلِينَ لِلْمَحَاكِمِ الصُّغْرَى؟ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا سَنَدِينُ مَلاَئِكَةً؟ فَبِالأَوْلَى أُمُورَ هذِهِ الْحَيَاةِ”. (1 كورنثوس 6: 1-4).
لن يتم القضاء في الكنيسة إلا مِن خلال حسم الأمور وعدم خوف الراعي مِن أنْ يترك المؤمنين الكنيسة، لأن مَن يترك هو يترك بقلبه أولًا.
“يُسْمَعُ مُطْلَقًا أَنَّ بَيْنَكُمْ زِنًى! وَزِنًى هَكَذَا لاَ يُسَمَّى بَيْنَ الأُمَمِ، حَتَّى أَنْ تَكُونَ لِلإِنْسَانِ امْرَأَةُ أَبِيهِ. أَفَأَنْتُمْ مُنْتَفِخُونَ، وَبِالْحَرِيِّ لَمْ تَنُوحُوا حَتَّى يُرْفَعَ مِنْ وَسْطِكُمُ الَّذِي فَعَلَ هذَا الْفِعْلَ؟” (1كورنثوس 5: 1-2).
كلمة تنوحوا المقصود بها تتشفعوا مِن أجله، وليس أنْ تُصدروا قضاءً، حيث إنّ القيادة الكنسيّة فقط هي مَن تختص بأمر القضاء، فالكنيسة هي وكالة الله على الأرض، ووسيلة الحماية، كونك داخل كنيسة الله أنت داخل قوة الله، وإنْ لم تكن مغروسًا في بيت الرب فأنت خارج الحماية. أخرج بولس زاني كورنثوس مِن الجسد أي خارج الحماية ليُسلَم للشيطان حتى لا يتمادى فيؤول به هذا للهلاك.
“6 ثُمَّ نُوصِيكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَتَجَنَّبُوا كُلَّ أَخٍ يَسْلُكُ بِلاَ تَرْتِيبٍ، وَلَيْسَ حَسَبَ التَّعْلِيمِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنَّا”. (2 تسالونيكي 3: 6).
كلمة “تجنبوا” أي انعزلوا عنه وانسحبوا مِن كلِ أخٍ لا يسلك بالنظام السليم أي التعليم الصحيح.
“وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُطِيعُ كَلاَمَنَا بِالرِّسَالَةِ، فَسِمُوا هذَا وَلاَ تُخَالِطُوهُ لِكَيْ يَخْجَلَ”. (2 تسالونيكي 3: 14)، “فسموا” أي ميزوا ولا تخالطوه حتى يخجل، ولكن لا يصل الأمر لمرحلة العداوة.
“وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً يَبْنِي جِدَارًا وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ لِكَيْلاَ أَخْرِبَهَا، فَلَمْ أَجِدْ”. (حزقيال 22:30).
التشفع هو الصلاة مِن أجل النفوس، تعلّم أنْ تتشفع وتنظر للأمر بجدية لأن هناك مَن يمتلئ كأس غضبه سريعًا عبر سلوكه ضد الكلمة عن عمدٍ.
- العالم
سيتم في يوم الدينونة الأخير أمام العرش العظيم الأبيض.
- الملائكة
“لأَنَّهُ إِنْ كَانَ اللهُ لَمْ يُشْفِقْ عَلَى مَلاَئِكَةٍ قَدْ أَخْطَأُوا، بَلْ فِي سَلاَسِلِ الظَّلاَمِ طَرَحَهُمْ فِي جَهَنَّمَ، وَسَلَّمَهُمْ مَحْرُوسِينَ لِلْقَضَاءِ“. (2 بطرس 2: 4).
“وَالْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ لَمْ يَحْفَظُوا رِيَاسَتَهُمْ، بَلْ تَرَكُوا مَسْكَنَهُمْ حَفِظَهُمْ إِلَى دَيْنُونَةِ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ بِقُيُودٍ أَبَدِيَّةٍ تَحْتَ الظَّلاَمِ”. (يهوذا 6)