حلقة: الصراع
برنامج: من البداية للنهاية
لمشاهدة الحلقة على الفيس بوك أضغط هنا
لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب

لسماع الحلقة على الساوند كلاود
برنامج من البداية للنهاية
(راديو الحق المغير للحياة).
الحلقة الخامسة والعشرون: الصراع
تنويه: العظة مكتوبة بـالذكاء الاصطناعي، لم تُراجع من خدمتنا بعد، إن وجدت أخطاءً في الكتابة تواصل معنا واذكرها لنا.
أهلاً بكم في راديو “الحق المغير للحياة”، في برنامج “من البداية للنهاية”. نحن مسرورون بأن نكون معكم مرة أخرى في برنامجنا. كما تعلمون، إن برنامجنا عبارة عن محطات هامة جدًا نسير فيها في سفر التكوين؛ هي ليست مجرد دراسة عابرة، ولكن كان الأمر الفارق بالنسبة لنا هو أن نمر على محطات فارقة جدًا في حياة البشرية، ومؤثرة في حياة كل شخص فينا بشكل عملي.
لقد مررنا بمحطة إبراهيم، ورأينا كم كانت محطة فارقة جدًا في الخطة الإلهية، لكي يكون هناك عهد ويدخل الله الأرض وتكون هناك علاقة مع الإنسان، ورأينا كيف عمل بإيمانه وتضحياته وقلبه الرائع. ثم مررنا بإسحاق وسلوكه بالإيمان. ومحطتنا التي وصلنا إليها في المرة السابقة كانت عن يعقوب، ونحن نستكمل الحديث فيها.
لقد تحدثنا عن يعقوب وسلوكه بالجسد، وكيف أنه كان مُباركًا من بطن أمه، ورغم ذلك لم يعرف كيف يستمتع بهذه البركات. ورغم خيانته وخداعه والطريقة التي كان يتحرك بها، نريد أن نتأمل في أمانة الله معه طوال هذا الطريق. من الأمور الجميلة أن الله يريد لنا ما نريده، ويريد أن يعطينا، ويريدنا أن نأخذ؛ لكن أي بركات هي لنا لا تأتي بمعزل عن مبادئ الكلمة، وهذه هي المحطة التي نسير فيها.
حياة الصراع: السلوك بالجسد ونتائجه
لو أردنا أن نلخص حياة يعقوب في كلمات، يمكنني القول إن الجزء الأول والثاني من حياته كانا حياة صراع. يمكن تقسيم حياة يعقوب إلى ثلاثة أجزاء: جزء في بيت أبيه، ثم جزء عند خاله، ثم جزء في طريق العودة، وآخر جزء قضاه في أرض مصر. يمكننا اعتبار فترة وجوده عند خاله وعودته جزءًا ثانيًا. في هذين الجزأين الأولين، كانت حياته صراعًا مستمرًا؛ كان يخدع ويُخدَع، يخدع ويُخدَع، وكأنه في مباراة كرة قدم، يسجل هدفًا ويُسجَّل في مرماه هدف، فكان يعيش طوال الوقت في حالة من المعافرة.
كان يجري وراء أشياء، يجري ويجري ويتعب ليحصل عليها، ثم يأخذها، وبعد قليل يكتشف أنها ليست موجودة، أو أنه فقدها، أو أنها ضاعت منه. من خلال حياة يعقوب، نحن نتحدث عن مدى خطورة السلوك بالجسد في حياة المؤمن.
*ما هو السلوك بالجسد؟*
ببساطة، السلوك بالجسد هو محاولة الحصول على الشيء باستقلالية عن الله. الله لا يريد للإنسان أن يعافر، ولكن ما إن يحاول الإنسان الحصول على الأشياء باستقلالية عن الله، تبدأ المعافرة في حياته. حتى إن يعقوب نفسه قال في النهاية إنه عاش أيامًا “قَلِيلَةً وَرَدِيَّةً“، ووصف حياته بشكل صعب جدًا، قائلًا إنها لم تكن مثل أيام آبائه؛ لأن حياة يعقوب كانت مختلفة عن حياة إبراهيم وإسحاق.
حياة إبراهيم وإسحاق كانت حياة هادئة ومستقرة مع الله، كانا أصحابًا لله. أما حياة يعقوب، فكانت مليئة بالصراع. ولهذا سنتحدث عن الصراع الأخير الذي سأذكره اليوم، لكن من الواضح أن حياته كلها كانت صراعًا؛ في كل خطوة كان يصارع. أراد أن يخرج قبل أخيه، فأمسك بعقبه. نقرأ في سفر هوشع أنه: “فِي الْبَطْنِ قَبَضَ بِعَقِبِ أَخِيهِ“، وكأن هذا الأمر رسم حياته، فظل طوال الوقت يتعقب الشيء ويحتال ليأخذ ما يريده، مع أن الله كان يريده له بالفعل، لكنه كان يحاول أن يفعلها بذراعه وحكمته البشرية.
*علاقة مشروطة مع الله*
انتهينا في المرة السابقة عند ظهور الرب ليعقوب وهو هارب من أخيه عيسو، في طريقه إلى خاله. كان بلا حماية، لا يملك سوى عصاه، وقد قطع طريقًا طويلًا جدًا مليئًا بالوحوش المفترسة. بادر الرب نحوه وقال له إنه سيباركه، وبدأ يعطيه وعودًا، فقال له: “وَهَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ“. لم يطمئنه فقط على حاضره، بل طمأنه أيضًا على مستقبله، ووعده بأن يعطيه تلك الأرض. كان الرب يعلم أن لديه هذه المخاوف، ويعلم نقاط ضعفه، وكان يقول له باستمرار: “أنا بجانبك… اخرج من تركيزك على نفسك وركز معي”.
لدرجة أن يعقوب عندما أفاق – وكان اسم المكان “لُوز” كما يذكر الكتاب في تكوين ٢٨، ومعناه “انفصال” – سماه “بيت إيل”، أي “بيت الله”. قال يعقوب: “ما كنت أعرف أن الرب هنا! اتضح أن الرب في هذا المكان!”. ثم قال: “مَا أَرْهَبَ هذَا الْمَكَانَ! مَا هذَا إِلاَّ بَيْتُ اللهِ وَهذَا بَابُ السَّمَاءِ“. وسمى المكان “بيت إيل”، وكأن السماء انفتحت على الأرض في هذا المكان.
كنا نتوقع منه أن يكمل على هذا النحو، لكن الغريب أنه بعد ذلك مباشرة، في آخر آيات في تكوين ٢٨، بعد أن استيقظ يعقوب من حلمه، يقول الكتاب: “وَنَذَرَ يَعْقُوبُ نَذْرًا قَائِلًا“. لنتخيل ما سيقوله بعد كل الأمانة التي أظهرها الرب تجاهه. الرب لم يكن ينتظر منه شيئًا، وهو طوال الوقت… شيء غريب جدًا! فقال: “إِنْ كَانَ اللهُ مَعِي“. يا يعقوب! أتقول “إن كان الله معي” وقد قال لك الرب للتو: “هَا أَنَا مَعَكَ وَأَحْفَظُكَ“؟ أنت لست بحاجة لقول “لو” عمل الرب ذلك. ثم أكمل: “وَحَفِظَنِي فِي هذَا الطَّرِيقِ الَّذِي أَنَا سَائِرٌ فِيهِ، وَأَعْطَانِي خُبْزًا لآكُلَ وَثِيَابًا لأَلْبَسَ“.
كل ما كان يفكر فيه يعقوب هو أمور بسيطة، أن يبقى “على قده”، مع أن الرب قال له إن نسله سيمتد شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، وسيرث الأرض. كان الرب يكلمه عن أمور عظيمة وعملاقة، وهو يقول فقط: “لو أعطاني الرب أكلًا ولباسًا”. ثم قال: “وَرَجَعْتُ بِسَلاَمٍ إِلَى بَيْتِ أَبِي“. كان يشكك في هذه الأمور ويريد ضمانة أكبر، مع أن الرب قد قالها له بالفعل. ثم قال: “يَكُونُ الرَّبُّ لِي إِلهًا، وَهذَا الْحَجَرُ الَّذِي أَقَمْتُهُ عَمُودًا يَكُونُ بَيْتَ اللهِ، وَكُلُّ مَا تُعْطِينِي فَإِنِّي أُعَشِّرُهُ لَكَ” تكوين ٢٨: ٢٠-٢٢.
رغم كل الضمانات، ظل يتعامل مع الله بطريقة شرطية: “لو أعطاني الرب… لو فعل الرب… سأفعل أنا”. هذا يشبه كثيرًا ما نفعله اليوم: “لو نجحني الله في الامتحان… لو حصلت على هذه الوظيفة… لو تزوجت من هذه الفتاة… ستكون حياتي على ما يرام وسأكمل مع الرب”. وكأنني أضع شروطًا لهذا الإله لكي أحبه محبة مشروطة، وليست محبة غير مشروطة. هذا ما يوقع الكثيرين؛ قد تحدث معهم معجزات ضخمة، لكنهم يسقطون لأنهم يضعون شرطًا على الله: “لن أعرف الله إلا عندما يفعل لي كذا… إلا عندما ينجيني من كذا… فليثبت لي نفسه”. وهذه هي المحبة المشروطة التي توقع الكثيرين.
*ما هي معاناة السلوك بالجسد؟*
إذًا، ما هي المشكلة في أن يسلك الإنسان بالجسد أو بالحكمة البشرية، وهي إمكانيات منحه الله إياها؟ هل كانت هناك معاناة أو شكل للمعاناة؟
نعم، الله يريد من الإنسان أن يستخدم ما لديه من إمكانيات، ولكن تحت الألوهية. الإنسان يمتلك بشرية، وأفكارًا، وذكاءً، ومهارات معينة؛ قد يكون قد درس مجالات معينة، ويعرف لغات أو برمجة. الله يريدك أن تستخدم كل هذا، ولكن تحت السيطرة الإلهية، بالشكل الصحيح الذي يحقق أفضل النتائج. ليست هذه الطريقة التي نتحدث عنها، بل طريقة الاستقلالية. لو ابتعدت عن الله، فهذا هو السلوك بالجسد، وكأنك تقول إن هذه الإمكانيات أنا الذي صنعتها في نفسي، وليست من الله الذي أعطاك إياها ويريد أن يريك كيف تحقق بها أفضل ما لديها.
عاش يعقوب بهذه الطريقة، يحاول أن يتعقب الأشياء ليحصل عليها، والله ليس في حساباته، مع أنه شخص يحب الأمور الروحية ويعرف أهمية البركة. لكن حياته كانت موصوفة بالتعقب (Tracking) للشيء ليأخذه. ولهذا يقول سفر الأمثال في أمثال ٢٣: ٤: “لَا تَتْعَبْ لِكَيْ تَصِيرَ غَنِيًّا“. المبدأ هنا هو أن الشيء الذي تجري وراءه، سيركب أجنحة ويطير، لأنك تسعى إليه بطريقة بشرية وليست إلهية، فيبتعد عنك. هذا ما قاله سفر الجامعة: “بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ، الْكُلُّ بَاطِلٌ… وَقَبْضُ الرِّيحِ“. كأن شخصًا يحاول أن يمسك بالريح، وفي النهاية يكتشف أنه لم يمسك شيئًا، فلا أحد يستطيع أن يقبض على الريح. هذا يسبب له ألمًا ومعاناة وحزنًا لروحه.
المشكلة ليست في رغبتك في الحصول على الشيء، بل في أنك تضع قلبك وأمانك فيه، وتظن أن راحتك ستتحقق فقط عندما تصل إليه. المشكلة هي استقلالية الشخص عن الله. يعقوب لم يكن مطمئنًا للرب؛ فالرب يقول له: “سأفعل معك أكثر مما تتخيل”، وهو يقول: “فقط لو أعطاني الرب أكلًا وشربًا”. وفي نفس الوقت، كان يحاول الحصول على الأشياء الأخرى باستقلاليته وحكمته البشرية. لماذا؟ لأن البعض يشعر أن طريق الله قد لا ينجح، وأن المشي مع الله قد لا ينفع. يظنون: “لكي أكون تاجرًا ناجحًا أو ماهرًا في مجالي، يجب أن ألف وأدور”. الكلمة تقول لك: “كن صريحًا وواضحًا”، لكنهم يقولون: “لا، يجب أن نلتف، فشغلنا هكذا، لا يمكن أن ينجح إلا بالرشوة أو الخداع. لو لم أفعل ذلك، لن أربح ولن أكسب”.
الرب يريدك أن تمشي بكلمته، وحينها لن تجري أنت وراء الأشياء، بل الأشياء هي التي ستجري وراءك. لهذا يقول مزمور ٢٣: “إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي“. لم يقل: “أنا أجري وراهما”. الإنسان يجب أن يكون في المكانة التي يريدها الرب له، مكانة الملك، والأشياء هي التي تتبعه.
في حياة يعقوب، نرى تطبيق المبدأ المذكور في أمثال ٢٣: “٤ لَا تَتْعَبْ لِكَيْ تَصِيرَ غَنِيًّا. كُفَّ عَنْ فِطْنَتِكَ“. لا تشقَ، كفاك شقاءً. الرب يريدك أن تكون مُباركًا ماديًا ومسدد الاحتياجات، لكن لا تشقَ في سبيل ذلك. “كف عن فطنتك”، أي توقف عن الاعتماد على حكمتك الخاصة. ثم يقول في العدد التالي: “٥ هَلْ تُطَيِّرُ عَيْنَيْكَ نَحْوَهُ وَلَيْسَ هُوَ؟“. نحن نقول: “عينه ستخرج على الشيء الفلاني”. ولماذا تكون عين الإنسان “ستخرج” على شيء ما؟ لأنه لم يصبح الله بعد هو أغلى شيء في حياته، فلا تزال هناك أشياء غالية عيناه “ستخرج” عليها. ما إن يصبح الله هو الغالي والعالي، توضع الأشياء الأخرى في مكانها الطبيعي، وكأن لدي أرففًا، هذا في هذا الرف وذاك في ذاك الرف، كل شيء مقسم بشكل صحيح. حينها، لا يعود الإنسان مهمومًا أو خائفًا من أن يفقد الشيء أو ألا يناله، بل يكون مرتاحًا ومطمئنًا من داخله، لأن هذا الشيء هو لك بالفعل.
الجميل هنا، ونحن نرى حياة يعقوب على مدارها كله، هو أن البركة كانت له بالفعل. الله كان مصرًا ومكملًا معه قبل أن يولد، الموضوع كان منتهيًا. لكننا نفعل ذلك كثيرًا، نجري وراء شيء هو لنا بالفعل ومنتهٍ. نحن بحاجة لأن نرتاح. كأن الله يقول: “ارتح واستمتع بها”. الله يريد للإنسان أن يستمتع. فيقول العدد ٥: “هَلْ تُطَيِّرُ عَيْنَيْكَ نَحْوَهُ وَلَيْسَ هُوَ؟“، كشخص عينه ستُخلع على شيء ما. “لأَنَّهُ إِنَّمَا يَصْنَعُ لِنَفْسِهِ أَجْنِحَةً“. بسبب سلوك الإنسان البشري ورغبته في أن يفعلها بنفسه، فإن الشيء الذي يطير قلبه إليه، يقول الكتاب إنه سيركب أجنحة “كَالنَّسْرِ يَطِيرُ نَحْوَ السَّمَاءِ“.
يقول لنا مزمور ١٢٧ أيضًا عن قلب الله تجاه الإنسان، وأن الله يجب أن يكون هو المركز: “١ إِنْ لَمْ يَبْنِ الرَّبُّ الْبَيْتَ، فَبَاطِلًا يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ. إِنْ لَمْ يَحْفَظِ الرَّبُّ الْمَدِينَةَ، فَبَاطِلًا يَسْهَرُ الْحَارِسُ“. الله هو المركز. ثم يكمل قائلًا إن غرض الله ليس أن يظل الإنسان شقيًا ومتعبًا، فيقول: “٢ بَاطِلٌ هُوَ لَكُمْ أَنْ تُبَكِّرُوا إِلَى الْقِيَامِ، مُؤَخِّرِينَ الْجُلُوسَ، آكِلِينَ خُبْزَ الأَتْعَابِ“. شخص يقوم باكرًا جدًا، ويؤخر جلوسه، ويعود متأخرًا بعد تعب في العمل، “آكلين خبز الأتعاب”، أو كما تأتي في بعض الترجمات “من أجل لقمة العيش”، شخص متعب ومنهك. ثم يقول: “لكِنَّهُ يُعْطِي حَبِيبَهُ نَوْمًا“، أو يعطي حبيبه راحة. الرب يريدك أن ترتاح، لا يريدك أن تعيش في جو المعاناة هذا. وليس معنى أن الشخص الذي يسير مع الرب سيسير في فقر وعوز، بل العكس تمامًا؛ من يسير مع الرب سيسير بشكل صحيح، ولكن بمبادئه.
كم هي رائعة هذه الآية في سفر الأمثال ٨: ١٨، حيث تتكلم الحكمة وتقول: “١٨ عِنْدِي الْغِنَى وَالْكَرَامَةُ. قِنْيَةٌ فَاخِرَةٌ وَحَظٌّ“. “قنية فاخرة” تعني شيئًا تقتنيه ويبقى ثابتًا معك لا يضيع. أي شيء يحاول الإنسان أن يقتنيه بعيدًا عن الله، ما أسهل أن يضيع اليوم، ما أسهل أن يُفقد. في ترجمة أخرى (CEV)، تأتي الآية هكذا: “أستطيع أن أجعلك غنيًا ومشهورًا”. هل يريدنا الله هكذا؟ كنا نظن أن من يسيرون مع الرب لن يُعرف عنهم شيء، وسيكونون أتعس الناس، يعانون ومبتلين. لا، بل يقول: “أستطيع أن أجعلك غنيًا ومشهورًا”. وهذا ما حدث في حياة إبراهيم وإسحاق. عندما نقرأ الأصحاحات في سفر التكوين عنهما، نجد كم وصلا إلى الشهرة والغنى، لدرجة أن الملوك جاءت وعقدت معاهدات معهما. إذًا، الرب قادر أن يفعل هذا مع الإنسان إذا بدأ يسير بطريقته.
أما يعقوب، فكان في مكان آخر؛ كان يجري ويجري وراء الشيء، يجري ويجري وراء البركة ليأخذها. أخذها، لكنه في النهاية لم يتذوقها. رأى راحيل من أول مرة وأعجبته، كان يسير بحواسه، لدرجة أنه امتلك قوة تفوق قوة عشرة رجال. كان هناك حجر على البئر، فسأل الرعاة: “لماذا تقفون ولا تسقون القطعان؟” فقالوا له: “لا نقدر، الحجر كبير، ونحن ننتظر بقية الرعاة ليتجمعوا”. ما إن رأى راحيل قادمة وقالوا له: “هذه راحيل ابنة لابان التي تسأل عنها”، دبت فيه قوة، وبمفرده رفع الحجر.
جرى وراء راحيل، وعمل سبع سنين، وتم إذلاله في هذه السبع سنين، وفي النهاية لم يأخذها. ثم عمل سبع سنين أخرى، وأخذها بعد انتهاء السبع سنين الأولى. كل هذا كان مهر راحيل. وأول زوجاته التي فقدها كانت راحيل، أول من ماتت من زوجاته. بعد راحيل، حدث شيء آخر. حسنًا، ما تبقى من رائحة راحيل هو يوسف. أحب يوسف بطريقة شديدة، فهذا ما تبقى له. أول من أُخذ من أولاده كان يوسف. بعد ذلك، حاول أن يحافظ على بنيامين. هنا بدأ الأمر يتضبط معه. كان بنيامين سيُؤخذ منه في البداية قبل أن يعرفوا أن الحاكم هو يوسف، فكان خائفًا من أن يرسله، وقال لهم: “لقد أعدمتموني من الأولاد، هل ستأخذون بنيامين أيضًا؟”. هذا عندما أرادوا أخذه إلى أرض مصر، وقالوا له إن الحاكم هناك قال: “يجب أن أرى أخاكم الصغير”. لكن هذا الأمر بدأ يتضبط في حياته.
هذا ملخص لحياة يعقوب، حياة فيها معاناة، يسير بمبادئه، لا يأخذ رأي الرب في شيء. لن نرى المرات التي صلى فيها إلا عندما كان في ضيقة شديدة. المرة التي صلى فيها كانت عندما سمع أن عيسو قادم. هذا عكس حياة إبراهيم وإسحاق، التي كانت تتصف بأنهما كانا يسيران طوال الوقت في صلاة، يتكلمان ويتحاوران مع الله. لكن يعقوب لم يكن كذلك، كان معتمدًا على رأيه. والكتاب يتكلم في سفر الأمثال عن الشخص الذي يظن نفسه فاهمًا أو يعتمد على رأيه تحت عنوان “الجاهل”. يعقوب كان يظن نفسه فاهمًا، لكنه في الحقيقة كان جاهلًا حسب سفر الأمثال.
حصاد السلوك بالجسد: معاناة وخداع
بالنسبة للسؤال عن ماذا حصد نتيجة سلوكه بالجسد أو سلوكه بالحكمة البشرية، كانت حياته مريرة. كما قيل في البداية، وصف حياته بأنها كانت أيامًا “رديئة وقليلة”، أي أنه لم يكن راضيًا عن الحياة التي عاشها بهذه الطريقة. وهذا ما يقوله الكتاب في يعقوب ٤ عن الحكمة التي هي عكس الحكمة النازلة من فوق، لشخص يعتمد على حكمته البشرية، فقال إنها “نفسانية شيطانية”، مليئة بالتشويش. شخص يعيش في ظلمة، في تشويش، مرتبك في حياته، لا يعرف كيف يأخذ قرارًا.
*الحياة تحت الظلمة*
عاش يعقوب هذه الحياة. بداية من تكوين ٢٨، يذكر الكتاب تعبيرًا جاء عكسه في تكوين ٣٢، وهو ما بعد المصارعة. يقول الكتاب إن “الشمس غابت” في تكوين ٢٨، وفي تكوين ٣٢ يقول: “أشرقت له الشمس”. والكتاب دقيق عندما يذكر هذه الأمور. ما قصة غياب الشمس وإشراقها؟
عندما كان يهوذا على المائدة مع يسوع وخرج ليخونه، يعلق يوحنا في إنجيل يوحنا إصحاح ١٣ قائلًا: “وَكَانَ لَيْلًا“. “ليلًا” بمعنى أن الظلمة كانت تدخل، وأنهم مقبلون على أجواء غير جيدة، أجواء فيها تشويش وارتباك. وهذا يصف المشهد، ويصف الحالة التي كان فيها يهوذا، لدرجة أن أفكار يهوذا كانت مشوشة، وصورة يسوع في نظره انقلبت إلى شيء غريب. لدرجة أنه استطاع أن يستدعي ليس فقط جنود الهيكل، بل جنودًا رومان بأسلحة ثقيلة. نفس التعبير المستخدم عن سلاح الله في أفسس ٦ هو الذي يصف الأسلحة التي كان الجنود يحملونها، كأنهم داخلون حربًا بالضبط. وهم في النهاية سيقبضون على شخص واحد أعزل لا يحمل سلاحًا. لكن من كثرة ارتباك يهوذا وتشويش الأرواح الشريرة له، استطاع أن يستدعيهم ويقول لهم: “احذروا من هذا الشخص، إنه ليس بالسهل، يمكن أن يفعل أي شيء”. فأحضروا أسلحة، ويقول الكتاب أيضًا إنهم لم يحضروا أسلحة فقط، بل أحضروا مشاعل ومصابيح، واستخدموا أكثر ما يمكن من إنارة. وكانوا كتيبة كبيرة، ما يقرب من ٣٠٠ إلى ٦٠٠ جندي روماني فقط، واستخدموا أدوات يمكن أن تضيء حتى الصباح. كل هذا من أجل شخص واحد! حتى صورة يسوع لدى يهوذا كانت مشوشة.
هكذا عندما يقول الكتاب في تكوين ٢٨ إن “الشمس غابت”، فإن حياة يعقوب بدأت، وبدأ يمشي في الظلمة، وبدأت الدنيا تسوء أكثر، وبدأت القرارات الخاطئة تظهر أكثر في حياته. كان صورة لشخص يملك كل شيء، لكنه لا يعرف كيف يستمتع به.
*حصاد الخداع في حياة يعقوب*
من ضمن الحصاد الذي بدأ يجنيه، أنه بعدما ذهب إلى خاله، وهو “ابن ذوات” بلغتنا، كان أبوه إسحاق غنيًا جدًا، وهو كان يجلس في البيت، فكان متوفرًا له كل شيء، لم يكن شخصًا فقيرًا. كان غنى أبيه شديدًا جدًا، لدرجة أن أبيمالك جاء وعقد معه معاهدة وقال له إن الرب يباركه بطريقة عظيمة. شخص ثري، من الأعيان. ذهب إلى خاله، وعمل في حالة أقل من العبيد. هذا من ضمن الأمور التي حدثت. لم يكن من المفترض أن يحدث هذا في حياته، لكن خاله استغله وكأنه سجين، مع أن هذا خاله وليس شخصًا غريبًا.
جلس شهرًا، فقال له خاله: “لا يصح أن تجلس معي هكذا، يجب أن أعطيك أجرة على ما ستفعله”. فقال له: “حسنًا”. ولأنه رأى راحيل وأُعجب بها، قال: “أريد أن أتزوج راحيل”. فقال له: “سأخدمك سبع سنين”. وكان هذا مهرًا غاليًا جدًا، لا أحد يفعل ذلك. الخداع الأول كان بعد انتهاء السبع سنين، وهو طوال هذه المدة لا يعمل شيئًا لنفسه، مجرد سبع سنين كمهر. في يوم الفرح والزواج، اكتشف في اليوم التالي أنه أخذ ليئة وليس راحيل. كانت هذه كصفعة على وجه يعقوب وهو يرى هذا الأمر يحدث بعد سبع سنين. اكتشف أن خاله خدعه وتزوجه من ليئة. حاول خاله أن يجد أي عذر: “لا يصح عندنا حسب عاداتنا أن نزوج الصغيرة قبل الكبيرة”، حاول أن يؤلف له قصة، لكنه كان خداعًا رهيبًا.
وهذا ذكّره بأمور، لأن الكتاب يقول عن ليئة إن عينيها كانتا ضعيفتين. وهو عندما خدع أباه، كانت عينا أبيه ضعيفتين. كل الأمور كانت كأنها زرع وحصاد. الطريقة التي كان يسير بها من خداع وخوف وقلق، هي نفسها التي كان يواجهها. كان يجد نتيجة للحياة التي عاشها. كما تكلمنا في المرة السابقة في الشاهد الذي يقول إن من يزرع للروح فمن الروح يحصد، ومن يزرع للجسد فسيحصد أيضًا التشويش والارتباك. حسب زرع الإنسان، في أي اتجاه يزرع. هكذا كانت ليئة هي الكبيرة، وراحيل هي الصغيرة. هذا نفس الموقف الذي حدث مع أبيه؛ هو أخذ دور الكبير وذهب إلى أبيه وقال له: “لقد أحضرت لك الطعام”. فقال له أبوه: “هل أنت ابني عيسو؟” فقال: “نعم”. قال: “لقد جئت مبكرًا”. قال: “الرب إلهك وفقني واصطدت بسرعة وجئت مبكرًا”. قال: “تعال لألمسك”. لدرجة أن أباه شك فيه وقال: “الصوت صوت يعقوب”. نفس الخداع بين الكبير والصغير هو ما حدث معه. كان يظن أنه ماهر وسيعرف كيف يخدع أباه وأخاه، فتفاجأ بأن هناك شخصًا أمهر منه. كان لابان أيضًا شخصًا ليس بالهيّن، كان محتالًا وانتهازيًا، مستعدًا لفعل أي شيء في سبيل المال. وهذا ما حدث في حياته، وكان يمكن أن يصل إلى القتل، لأنه كان سيقتل يعقوب وهو في طريقه، كان سيموته، لولا أن الرب أوقفه. كان مستعدًا لفعل أي شيء من أجل مصلحته.
لأنه كان يسير بالجسد، كان يصطدم بالناس الذين يسيرون بنفس الطريقة. هكذا المؤمن، عندما يبدأ في السلوك بالاعتماد على قوته وليس على الرب، يبدأ في تلقي الصدمات ويقابل أناسًا في حياته يؤذونه، لأنه يسير بالجسد، يسير في الشارع الخطأ. هذه نقطة خطيرة. حتى الناس الذين أتعرض لهم هم نتيجة سلوكي أنا. كأنني أضع نفسي في هذا الموقف، وفي هذه الأماكن، وفي هذه المقابلات، وفي هذه العلاقات، بقلب متجه في الشارع الذي أسير فيه، سأقابل فيه الناس. ليس الأمر صدفة، وليس لأنه قريب أو بعيد، بل هو انجذاب. كأنني أجذب هذه الأمور نتيجة للطريقة التي تحركت بها من البداية بشكل خاطئ.
أمانة الله رغم الخداع
هذا من ضمن الحصاد؛ خُدع في ليئة، وخدم عشرين سنة كعبد، مع أنه كان شخصًا له كرامته، وكان ثريًا. وقد قام بأعمال يمكن أن نقرأ عنها سريعًا في سفر التكوين إصحاح ٣٠. لنرَ الحياة التي عاشها عند خاله، كم كان فيها من معاناة. والدته قالت له: “اذهب واجلس أيامًا قليلة عند خالك، وسأرسل لأستدعيك ما إن يهدأ غضب عيسو”. كانت “أيامًا قليلة”، لكنه اكتشف أنها امتدت إلى عشرين سنة.
في تكوين ٣٠ وعدد ٢٩، قال يعقوب للابان: “أَنْتَ تَعْلَمُ مَاذَا خَدَمْتُكَ، وَمَاذَا صَارَتْ مَاشِيَتُكَ مَعِي“. ما كان عندك قبل أن آتي كان قليلًا، وأما الآن فلديك كثير، وقد باركك الله في كل ما صنعت. “وَالآنَ مَتَى أَعْمَلُ أَنَا أَيْضًا لِبَيْتِي؟“. هذا معناه أنه قضى ١٤ سنة يسدد مهرًا، كل هذا وهو مدين بمهر، لم يفعل شيئًا لنفسه. كأنه شخص سافر للغربة لمدة ١٤ سنة يسدد مديونية عليه، ولم يبدأ في بناء حياته. وكأنها لم تكن عليه أصلًا، لقد وضعت نفسك في مديونية صعبة جدًا.
“٣١ فَقَالَ: «مَاذَا أُعْطِيكَ؟». فَقَالَ يَعْقُوبُ: «لاَ تُعْطِينِي شَيْئًا. إِنْ صَنَعْتَ لِي هذَا الأَمْرَ أَعُودُ أَرْعَى غَنَمَكَ وَأَحْفَظُهَا“. سأعمل عندك. في ذلك الوقت، قرر أن يعود. قال يعقوب له: “٣٢ أَجْتَازُ بَيْنَ غَنَمِكَ كُلِّهَا الْيَوْمَ، وَأَعْزِلُ مِنْهَا كُلَّ شَاةٍ رَقْطَاءَ وَبَلْقَاءَ، وَكُلَّ شَاةٍ سَوْدَاءَ بَيْنَ الْخِرْفَانِ، وَبَلْقَاءَ وَرَقْطَاءَ بَيْنَ الْمِعْزَى. فَيَصِيرُ مِثْلُ هذِهِ أُجْرَتِي“. اتفقا على أن يأخذ يعقوب الأغنام المنقطة، ومن الحملان يأخذ السوداء. “٣٣ وَيَشْهَدُ لِي بِرِّي يَوْمَ غَدٍ إِذَا جِئْتَ مِنْ أَجْلِ أُجْرَتِي قُدَّامَكَ. كُلُّ مَا لَيْسَ أَرَقَطَ وَأَبْلَقَ بَيْنَ الْمِعْزَى وَأَسْوَدَ بَيْنَ الْخِرْفَانِ فَهُوَ مَسْرُوقٌ عِنْدِي“. فقال لابان: “هُوَذَا لِيَكُنْ بِحَسَبِ كَلاَمِكَ“.
لكن لابان، بذكائه ومكره وخداعه، في نفس اليوم، بسرعة ذهب إلى الغنم وعزل كل ما هو ملون، وأعطاها لأولاده، وجعلهم يسيرون مسافة ثلاثة أيام، ليضمن أن الغنم الذي سيرعاه يعقوب لا يوجد فيه شيء منقط أو ملون، وحتى عندما تتزاوج هذه الأغنام وتنجب، لا تنجب له شيئًا مخططًا أو ملونًا. كان يريد في النهاية أن يقضي على كل ما هو ليعقوب أو ما سيصبح ليعقوب. لأن الغنم المنقط عندما يتزاوج مع الغنم العادي، هناك احتمالية أن ينجب غنمًا مرقطًا. ففصل هذا عن ذاك.
لكن لابان قام في ذلك اليوم بعزل كل التيوس المخططة والمرقطة، وكل الماعز المخططة والمرقطة، وكل ما عليه بياض، وأعطاها لأبنائه، ثم أخذ هذه الحيوانات إلى مكان يبعد مسيرة ثلاثة أيام. كان يريد أن يمنع البركة عن يعقوب بأي طريقة، يمنع أن يأخذ ميراثه، مع أنهما كانا متفقين. وأكمل يعقوب يرعى بقية أغنام لابان. في ذلك الوقت، الغنم الذي مع يعقوب لم يكن فيه المرقط أو الملون، وهو ما كان الاتفاق عليه. شبه أن ثروة يعقوب ستكون لا شيء.
في ذلك الوقت، “٣٧ فَأَخَذَ يَعْقُوبُ لِنَفْسِهِ قُضْبَانَ لُبْنَى رَطْبَةٍ وَلَوْزٍ وَدُلْبٍ، وَقَشَّرَ فِيهَا خُطُوطًا بِيضًا، كَاشِطًا عَنِ الْبَيَاضِ الَّذِي عَلَى الْقُضْبَانِ. ٣٨ وَأَوْقَفَ الْقُضْبَانَ الَّتِي قَشَّرَهَا فِي الأَجْرَانِ فِي مَسَاقِي الْمَاءِ حَيْثُ كَانَتِ الْغَنَمُ تَجِيءُ لِتَشْرَبَ، تُجَاهَ الْغَنَمِ، لِتَتَوَحَّمَ عِنْدَ مَجِيئِهَا لِتَشْرَبَ. ٣٩ فَتَوَحَّمَتِ الْغَنَمُ عِنْدَ الْقُضْبَانِ، وَوَلَدَتِ الْغَنَمُ مُخَطَّطَاتٍ وَرُقْطًا وَبُلْقًا“. وسنكتشف أن الرب كان وراء هذا. الأمر الذي فعله هو أمر غير طبيعي، فكرة التوهم هذه، لكن كانت هناك يد إلهية تعمل معه لتباركه، رغم محاولات لابان لمنع البركة عنه.
كأنه كان ينفذ الاتفاق الذي اتفقا عليه، لكن حدثت خيانة من وراء ظهره. ورغم ذلك، كان الله في صفه. هو كان يحفر حفرًا لنفسه، والرب كان يحاول أن يخرجه من هذا المكان الخطأ والاتفاقات الخاطئة. قال لزوجتيه: “٦ وَأَنْتُمَا تَعْلَمَانِ أَنِّي بِكُلِّ قُوَّتِي خَدَمْتُ أَبَاكُمَا، ٧ وَأَمَّا أَبُوكُمَا فَغَدَرَ بِي وَغَيَّرَ أُجْرَتِي عَشَرَ مَرَّاتٍ“. شخص لا يمكن ضمان كلمته. لمدة عشر مرات، كلما اتفق معه على اتفاق، وبعد فترة يجد أن ثروة يعقوب قد كبرت، يقول: “من قال هذا؟ لم نقل هذا”. فيغير الاتفاق ويأخذ ثروة يعقوب. لمدة عشر مرات كان يخدعه. يقول يعقوب: “لكِنَّ اللهَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِي شَرًّا“.
يحكي يعقوب عن القصة التي قرأناها قبل قليل في تكوين ٣١: “١٠ وَحَدَثَ فِي وَقْتِ تَوَحُّمِ الْغَنَمِ أَنِّي رَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَنَظَرْتُ فِي حُلْمٍ، وَإِذَا الْفُحُولُ الصَّاعِدَةُ عَلَى الْغَنَمِ مُخَطَّطَةٌ وَرَقْطَاءُ وَمُنَمَّرَةٌ. ١١ وَقَالَ لِي مَلاَكُ اللهِ فِي الْحُلْمِ: يَا يَعْقُوبُ. فَقُلْتُ: هأَنَذَا. ١٢ فَقَالَ: ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ. جَمِيعُ الْفُحُولِ الصَّاعِدَةِ عَلَى الْغَنَمِ مُخَطَّطَةٌ وَرَقْطَاءُ وَمُنَمَّرَةٌ، لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ كُلَّ مَا يَصْنَعُ بِكَ لاَبَانُ. ١٣ أَنَا إِلهُ بَيْتِ إِيلَ…”. الرب كان وراء مساعدته، وإلا لكان خرج بصفر. القصة لم تكن في القضبان التي صنعها، بقدر ما أن الرب جاءه في حلم وأعطاه أفكارًا ليبدأ في وضع إيمان بأنه لن يُسلب حقه الذي كان لابان يسلبه منه. كأنه كان يصلح نتيجة الأخطاء التي ارتكبها.
ولابان كان يريد أن يأكل حقه فعلًا. آخر آيات سأقرأها في هذا الجزء، يقول يعقوب للابان: “٣٨ اَلآنَ عِشْرُونَ سَنَةً أَنَا مَعَكَ. نِعَاجُكَ وَعِنَازُكَ لَمْ تُسْقِطْ“. لمدة عشرين سنة، لم تسقط نعجة أو معزة من قطيع لابان. لماذا؟ لأنه كان سيُطالب بها يعقوب. “وَكِبَاشَ غَنَمِكَ لَمْ آكُلْ“. تخيل، هذا خاله، لكنه كان يعمل بأقل من العبد. لم يأكل يومًا أكلة أو يذبح شيئًا ليأكله، مع أن هذا من حقه. “٣٩ فَرِيسَةً لَمْ أُحْضِرْ إِلَيْكَ. أَنَا كُنْتُ أَخْسَرُهَا. مِنْ يَدِي كُنْتَ تَطْلُبُهَا. مَسْرُوقَةَ النَّهَارِ أَوْ مَسْرُوقَةَ اللَّيْلِ. ٤٠ كُنْتُ فِي النَّهَارِ يَأْكُلُنِي الْحَرُّ، وَفِي اللَّيْلِ الْجَلِيدُ“. حياة صعبة جدًا. هذا هو الذي كان يجلس في البيت في حالة من الثراء والراحة. يعقوب في البيت كان يُخدم، كان لديه خدم، الآن هو أصبح أقل من الخدم. “وَطَارَ نَوْمِي مِنْ عَيْنَيَّ“. حرصًا على مواشيك. “٤١ اَلآنَ لِي عِشْرُونَ سَنَةً فِي بَيْتِكَ. خَدَمْتُكَ أَرْبَعَ عَشَرَةَ سَنَةً لابْنَتَيْكَ، وَسِتَّ سِنِينٍ بِغَنَمِكَ. وَقَدْ غَيَّرْتَ أُجْرَتِي عَشَرَ مَرَّاتٍ“.
هذه كانت المعاناة التي ذاقها بسبب سلوكه بالجسد، بسبب استخدامه للحكمة البشرية وليس الاعتماد على الرب. ومع ذلك، كان الرب أمينًا وفي صفه ويساعده. فكرة أمانة الله، وأنه طوال الوقت كان في صفه… لو جلسنا نتأمل فيها، أعتقد أنها ستكفي لأن تشعل فينا الرغبة في أن نفيق إن كنا في مكان مختلف، بسبب طريقة تفكيرنا، وبسبب ما نجذبه، وما نهتم به، وما نتجه إليه.
لهذا، فإن الطريقة للتعامل مع المواقف ليست طريقة بشرية نفسية. تعالَ لنرى سريعًا في رسالة يعقوب – وأنا أشجعك أن تستمع إلى سلسلة “الحكمة الإلهية” – يوجد تصنيف في الإصحاح ٣ والعدد ١٥: “١٥ لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ“. لقد وُضعت مع شريحة الأمور النفسانية، وُضعت مع ما يقوله الكتاب، وُضعت مع شريحة شيطانية وأرضية.
أي طريقة يقول فيها شخص: “حسنًا، أنا لا أعرف، هل هذا يعني أنني أعاني من الحقد على الناس أو الغيرة منهم؟”، فيرد عليه شخص آخر نفسيًا: “حسنًا، لو كانت لديك هذه الأعراض، فأنت فعلًا تحقد أو تغير. الأعراض هي واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة. لو حدث كذا، فأنت تحقد وتغير، ولو لم يحدث، فأنت لا تحقد ولا تغير”. هذه كلها مفاهيم نفسانية وليست كتابية.
عندما تدرس وترى كمية حالة التشويش التي تحدث للشخص، حيث حالة الحماس والسخونة، وتجد الشخص متسرعًا ويريد أن يأخذ القرار بسرعة… ارجع وادرس السلسلة، لأنني تكلمت عن معاني الكلمات في اليونانية. الغيرة والتحزب، شخص منحاز لرأيه لا يريد أن يصلحه أحد، لا يوجد تفاهم، والأمور فيها ارتباك. ستجد معاني كثيرة شرحتها. وبعد ذلك قال: “الحكمة التي من فوق“.
يعقوب دائمًا يتكلم عن “من فوق، من فوق”. استقبل من فوق، استقبل من فوق. بعد أن فات الأوان على يسوع الذي كان في وسطهم واقتنع به، بدأ يقول: “لقد اتضح أنه من فوق، من فوق!”. في يعقوب ١ يتكلم: “كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ… هِيَ نَازِلَةٌ مِنْ فَوْقُ“. وفي يعقوب ٣: “الحكمة التي من فوق“. لقد تكلم عن “من فوق، من فوق”. عِش من فوق، عِش من فوق. ليس بولس فقط.
لهذا، الطريقة هي الهدف. الطريقة هي الشيء الذي يريد الله أن يعرفه الإنسان: أن تعرف طريقة الشيء في الكلمة. فالطرق صارت الآن متاحة في العهد الجديد. لماذا؟ ما الفرق بين العهد القديم والجديد؟ ليس لنضع أنفسنا في مقارنة وعلو فوق العهد القديم، ولكن لأن يسوع أعطانا أن نعيش حياة إلهية هنا على الأرض.
هذه الطرق تجعلك تدخل إلى عالم الروح وأنت في مكانك. سرحانك، أفكارك، كلماتك، مخاوفك، فرحك، مصدر فرحك، هل هو إلهي أم لا؟ ستقول لي: “هل سأجلس أدقق هكذا؟”. ومن قال لك إن هذا نظام غريب؟ هذا هو النظام الصحيح، هذا هو النظام الكتابي. أنت كنت مرتبكًا. والإنسان يحب التكاسل. انظر، حتى الكتاب المقدس يستخدم لغة “الطريق” كثيرًا جدًا. الكسلان يقول: “الأَسَدُ فِي الطَّرِيقِ! الشِّبْلُ فِي الشَّوَارِعِ!”. يوجد دائمًا عوائق. الحياة الروحية ليست سهلة، يوجد أسد، يوجد شيء مرعب. يوجد دائمًا أعذار. الحياة الناجحة ليس فيها أعذار، لأن يسوع أزال هذه الأعذار. لماذا؟ لأنه حقق القوة الإلهية على الأرض. فحكاية أن أكون متكاسلًا روحيًا أو غير نشيط روحيًا… لو أنك وقعت مع شخص يساعدك روحيًا وهو يفهم الكلمة، سيقول لك: “هذه الورقة محروقة”. بعد ما عمله يسوع، لا يوجد عذر أن تحيا لنفسك.
استكمالًا لأمانة الله، بعد أن انتهى أمر لابان، كان يحاول معه حتى النهاية أن يقتله، وأن يأخذ كل الأشياء التي كانت من حقه. نريد أن نرى كيف أكمل الله هذه الأمانة في حياة يعقوب رغم كل هذا الأمر.
أمانة الله في وجه الخطر
كما قلنا في البداية، طوال فترة تواجده عند لابان، كان الله أمينًا تجاهه. الرب هو الذي قال له: “ارجع”. الرب هو الذي حماه. الرب قال له مبكرًا إن لابان ينوي كذا وكذا، حسب تكوين ٣١، وإن لابان لن يعطيه أي ميراث من الثروة، وفي النهاية كان سيأكل تعبه بعد عشرين سنة دون أن يعمل لنفسه أي شيء، كان يريد أن يخرجه بصفر.
فرأينا أمانة الرب أنه ظل في ظهر يعقوب، ظل وراءه، رغم أن يعقوب لم يكن يسير بشكل صحيح. ولهذا، أكثر شيء يسعى إبليس أن يضربه في المؤمنين هو أمانة الله. يقول لك: “أنت لا تستحق، أنت لا تستأهل. من أنت حتى تستحق أن يقف بجانبك أساسًا؟”. وهذا ما سيشعر به يعقوب بعد قليل، سيشعر بعدم الاستحقاق.
طبعًا، مع الفارق، نحن نتكلم عن العهد القديم، كان الرب يسوع لم يأتِ بعد، لم يكن الصليب والقيامة قد تما، والخليقة الجديدة لم تكن قد تمت، والروح القدس لم يكن قد جاء بعد. فلا مبرر اليوم أن يشعر شخص، حتى لو أفسد الأمور، أنه غير مستحق أن يقف هذا الإله بجانبه أو أن يكون أمينًا معه، بسبب ما عمله الله والتزامه تجاه الإنسان. هذا الأمر نابع من الله شخصيًا.
*الهروب من لابان*
لم يكتفِ الرب بذلك. في وقت ما، قرر يعقوب أنه يريد أن يرحل، فاستغل أن لابان لم يكن موجودًا، مع أن الرب قال له: “تحرك”. لو كان يعقوب قد تحرك بهذه الجرأة وبهذا الإيمان، لما كان قد حدث أي شيء. لكنه كان خائفًا أيضًا. خوف يعقوب يجعله يهرب، ويجعل الأشياء تأتي وراءه. طوال الوقت، هرب من بيته، وبعد ذلك هرب من عند لابان. استغل أن لابان كان على مسافة ثلاثة أيام يجز غنمه، فهرب. بعد ذلك، قيل للابان: “الحق، إن يعقوب قد هرب وأخذ ثروته وأولاده وزوجاته”.
يقول الكتاب في تكوين ٣١: “١٩ … وَأُخْبِرَ لاَبَانُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ بِأَنَّ يَعْقُوبَ قَدْ هَرَبَ. ٢٣ فَأَخَذَ إِخْوَتَهُ مَعَهُ وَسَعَى وَرَاءَهُ مَسِيرَةَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، فَأَدْرَكَهُ فِي جَبَلِ جِلْعَادَ“. لم يذهب لابان وحده، وهذا يعني أنه كان ينوي الشر. “٢٤ وَأَتَى اللهُ إِلَى لاَبَانَ الأَرَامِيِّ فِي حُلْمِ اللَّيْلِ وَقَالَ لَهُ: «احْتَرِزْ مِنْ أَنْ تُكَلِّمَ يَعْقُوبَ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ»”. كل هذا كان يحدث من وراء يعقوب، لم يكن يعقوب يدري أي شيء.
لقد سار طوال الوقت بخوف، رغم أنه لم يكن يفعل شيئًا خاطئًا؛ لقد أخذ حقه وزوجته وأولاده، ويريد أن يستقر. لكنه فعل ذلك بطريقة المخاوف والخداع، حيث انتظر حتى يغيب لابان. الرب كان قد قال له: “تحرك”. لو أن شخصًا تحرك بالجرأة التي تقولها كلمة الله… لكنه كان خائفًا: “قد يمنعني لابان، قد يوقفني لابان”.
“٢٥ فَلَحِقَ لاَبَانُ يَعْقُوبَ… ٢٦ وَقَالَ لاَبَانُ لِيَعْقُوبَ: «مَاذَا فَعَلْتَ، وَقَدْ خَدَعْتَ قَلْبِي، وَسُقْتَ بَنَاتِي كَسَبَايَا السَّيْفِ؟ ٢٧ لِمَاذَا هَرَبْتَ خُفْيَةً وَخَدَعْتَنِي وَلَمْ تُخْبِرْنِي حَتَّى أُشَيِّعَكَ بِالْفَرَحِ وَالأَغَانِيِّ، بِالدُّفِّ وَالْعُودِ؟“ (هو لم يكن ليفعل ذلك، كان يحاول أن يدير الموقف). “٢٨ وَلَمْ تَدَعْنِي أُقَبِّلُ بَنِيَّ وَبَنَاتِي؟ الآنَ بِغَبَاوَةٍ فَعَلْتَ! ٢٩ فِي قُدْرَةِ يَدِي أَنْ أَصْنَعَ بِكُمْ شَرًّا، وَلكِنَّ إِلهَ أَبِيكُمْ كَلَّمَنِيَ الْبَارِحَةَ قَائِلًا: احْتَرِزْ مِنْ أَنْ تُكَلِّمَ يَعْقُوبَ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ»”.
كان الرب في ظهر يعقوب رغم الأسلوب الخاطئ أو الأعوج الذي كان يسير به يعقوب. وفي نفس الوقت، كان أعداؤه يشهدون بذلك. قال له لابان: “الذي أوقفني هو الإله الواقف في ظهرك”. لو أنك تسمعها من كل مكان! الرب نفسه ظهر له في حلم. طوال الوقت، عندما ظهر له الرب في بيت إيل، وبعد ذلك عند خاله، كلمه الرب في حلم. كان الرب معه طوال الوقت، لكن يعقوب هو الذي لم يكن منتبهًا، هو الذي لم يكن مع الرب. لهذا عندما قال: “إن كان الرب معي”، في الحقيقة، كان يجب أن يكون العكس. يا يعقوب، لو أنك مع الرب… لأن الرب قال له: “أنا معك، أحفظك، أردك، أباركك، وسأعطيك هذه الأرض”. لكنه يقول: “إن كان الرب…”، وكأنه يشكك في الرب، وكأن الرب هو المخطئ أو المقصر في دوره. السؤال هو: هل أنت مع الرب أم لا؟ هل تسير معه؟ هل تسير بنفس طريقته، بنفس مبادئه؟
الله ليس هو الذي يبتعد. لو أننا في وقت نرى فيه أن الله ليس موجودًا في المشهد، ففي الحقيقة نحن الذين ابتعدنا عن رؤية أن الله في المشهد، أو أننا لم نعطه مساحة. هذا كلام خطير جدًا، لأنه مفتاح. نحن نسير في حياة جميلة وسلسة، وفجأة، لا، كل شيء يفسد. كأن هناك كيسًا مثقوبًا. أنا أذهب إلى الكنيسة، أحضر الاجتماعات، أضع عشوري، أفعل كل الدور الذي عليّ، لكن هناك كيس مثقوب. آخذ شيئًا، فأجد أولادي يضيعون مني، أموالي تضيع مني، صحتي تضيع مني. كأن هناك شيئًا مثقوبًا، وهو اتجاه السلوك بالجسد المدمر، وتكلفته ليست سهلة. تكلفة السلوك بالجسد كبيرة جدًا. الخوف ليس شيئًا صغيرًا، ليس شيئًا “سيمر هذه المرة”. هناك أناس يعيشون هكذا، كل مرة تمر “بالدفع”. الرب لا يريد للإنسان أن يسير بهذه الطريقة.
*مواجهة الماضي: الخوف من عيسو*
تكملة المخاوف… ونحن نسير في طريق يعقوب، نجد نفس الرعب الذي كان يعيش به. كان هناك خطر وراءه، وهو لابان، والرب حماه منه. وكان هناك خطر أمامه، وهو ماضيه الذي يطارده: عيسو، الذي أخذ منه البكورية وسرق منه البركة. كان الماضي يطارده طوال الوقت، أخطاؤه التي ارتكبها. وسنرى كم أن الرب صالح وأمين، حتى الأخطاء التي ارتكبها الشخص في الماضي، الرب قادر أن يتعامل معها. لقد ارتكب فعلة ليست سهلة، لدرجة أن عيسو بعد عشرين سنة لا يزال يتذكر ما فعله، وكان قادمًا ليقتله. هذا أمر مطمئن للشخص: اعلم أن الرب يقدر أن يتعامل مع أخطاء الماضي. إن كان شخص قد أفسد الأمور، فالرب قادر أن يتعامل مع هذه الأخطاء ما إن يبدأ الشخص في السير بطريقة الله.
أول ما عرف في تكوين ٣٢ أن عيسو ينتظره – وهو كان قد رسم هذا في ذهنه: “أنا عائد، فبالتأكيد سأمر على عيسو” – “١ وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَمَضَى فِي طَرِيقِهِ فَلاَقَاهُ مَلاَئِكَةُ اللهِ“. بعد أن تركه خاله وعاد، أكمل يعقوب طريقه، فتقابل مع ملائكة. يا إلهي! اتضح أن الرب يحوطه طوال الطريق! كأنه يريد أن يقول له: “حتى الطريق الذي تسير فيه مضمون”. كأنه شخص يسير بحراسة. “٢ وَقَالَ يَعْقُوبُ إِذْ رَآهُمْ: «هذَا جَيْشُ اللهِ!». فَدَعَا اسْمَ ذلِكَ الْمَكَانِ «مَحَنَايِمَ»”. كلمة “محنايم” هي مثنى في العبرية، تعني “معسكران”. من الواضح أنه رأى مجموعتين من الملائكة، معسكرين. الرب يحميه من الأمام ومن الخلف، من لابان ومن عيسو. “يا يعقوب، أنت في حمايتي، أنت لست وحدك”.
لكن رغم ذلك، يعقوب لا يزال خائفًا، مرعوبًا. الملائكة لم تطمئنه. من يسلك بالجسد، من يسلك بالاعتماد على الحكمة البشرية، مهما حدث، لن يطمئن، بسبب اعتماده على حكمته البشرية. يجب أن يتنازل عنها. وهذا ما سيحدث في المصارعة. سيبدأ يعقوب في التنازل عن حكمته، عن اعتداده بذاته، عن اعتماده على أفكاره وآرائه، وعن رؤيته لنفسه بأنه على صواب طوال الوقت. حتى الملائكة لم تساعده، رغم أنه رأى فريقين من الملائكة، عددًا كبيرًا جدًا من الملائكة، لكنه لم يطمئن.
“٣ وَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ رُسُلًا قُدَّامَهُ إِلَى عِيسُوَ أَخِيهِ إِلَى أَرْضِ سَعِيرَ…”. أرسلهم ليجس النبض، لأنه كان سيمر عليه. “٤ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلًا: «هكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِي عِيسُوَ: هكَذَا قَالَ عَبْدُكَ يَعْقُوبُ…”. لا يزال يقر بأنه “سيده”. حسب النبوة، كان الكبير يُستعبد للصغير، أي أن عيسو سيخدم يعقوب. لكن يعقوب، لأنه لا يسير بالروح، لا يسير مع الرب بطريقته، يقول: “…تَغَرَّبْتُ عِنْدَ لاَبَانَ وَلَبِثْتُ إِلَى الآنَ. ٥ وَقَدْ صَارَ لِي بَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَغَنَمٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ. وَأَرْسَلْتُ لأُخْبِرَ سَيِّدِي لِكَيْ أَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ»”. كان يظن أنه بهذه الطريقة، بإعطاء هدية لعيسو واستدرار عطفه، وقوله “أنا عبدك وأنت سيدي”، سيحظى برضاه.
لقد ظل يسلك بعقله، يرى نفسه بذراعه. كأنه يستخدم الأمور التي يفعلها الله معه ليقول: “أنا الذي فعلتها، هذا ذراعي”. وكان إبليس يحاول أن يؤكد له: “أنت تسير على ما يرام، لا تحتاج إلى شيء آخر”. هذه هي المخاوف التي يزرعها إبليس، يجب أن ننتبه إليها. ليس معنى أن الله كان أمينًا في حياتك، أو أنك ناجح في أمر معين، أن هذا يعني أنك تسير بشكل صحيح. هناك أناس يقيسون حياتهم هكذا: “طالما أنا ناجح في عملي، ناجح في كذا، فهذا يساوي أن الله راضٍ عني، وأنني أسير بشكل جيد”. لا، الأمر كله يتعلق بما إذا كنت تسير مع الله بطريقته. الكتاب يقول: “بدون إيمان“ – ولنضع “الإيمان” بين قوسين ونقول “طريقة الله” – “لا يمكن إرضاؤه“. رضا الله مرتبط بأن تسير معه في نفس الطريق، بطريقته.
عاد الرسل الذين أرسلهم يعقوب، وكانت الكارثة! “٦ فَرَجَعَ الرُّسُلُ إِلَى يَعْقُوبَ قَائِلِينَ: «أَتَيْنَا إِلَى أَخِيكَ، إِلَى عِيسُوَ، وَهُوَ أَيْضًا قَادِمٌ لِلِقَائِكَ، وَمَعَهُ أَرْبَعُ مِئَةِ رَجُل»”. كان عيسو قد أحضر ٤٠٠ شخص من قبيلته وعائلته، وكان معهم سيوف مسلولة، كما يذكر التاريخ. كان قادمًا، ويعقوب نفسه سيقول إن عيسو سيقضي عليهم جميعًا، حتى الأمهات سيضربهن مع البنين.
“٧ فَخَافَ يَعْقُوبُ جِدًّا وَضَاقَ بِهِ الأَمْرُ“. هذه هي الضيقة التي تحدث للشخص الذي يسير بالاعتماد على حكمته، يتزنق في موقف تضيق به الدنيا، ويبدأ في التفكير: “لأتذكر الرب”. مع أن الرب كان لا يزال في المشهد معه، والملائكة لا تزال هناك، ولابان قد تركه للتو. “فَقَسَمَ الْقَوْمَ الَّذِينَ مَعَهُ، وَالْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَالْجِمَالَ، إِلَى جَيْشَيْنِ“. يكمل في التخطيط البشري. تحرك نحو الرب، خذ رأي الرب، افعل شيئًا! حتى الملائكة التي رآها، مجموعتين من الملائكة، من الواضح أنه استفاد من هذا، فقال: “حسنًا، سأقسم الناس الذين معي إلى مجموعتين”. “٨ وَقَالَ: «إِنْ جَاءَ عِيسُو إِلَى الْجَيْشِ الْوَاحِدِ وَضَرَبَهُ، يَكُونُ الْجَيْشُ الْبَاقِي نَاجِيًا»”. حالة السلوك بالجسد هي حالة الشك والتخمين طوال الوقت، شخص غير مرتاح، غير هادئ. ماذا يفعل الرب معه أكثر من ذلك ليطمئنه؟
المصارعة التي غيرت كل شيء
ذهب يعقوب وصلى، وقال: “٩ …يَا إِلهَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَإِلهَ أَبِي إِسْحَاقَ…”. لم يقل: “يا إلهي”. لم يكن قد دخل في مرحلة العلاقة العميقة معه. دائمًا يدعوه “إله آبائي”. حتى صلواته يظهر فيها هذا الفصل. لهذا، في المصارعة التي ستأتي بعد قليل، سيقول له الرب: “لقد عشت حياتك بهذه الطريقة، أنت لست خاضعًا لي، لا تسمع لي، لا تسير معي بنفس طريقتي”.
بدأ يذكر الرب بكلامه: “…يَا رَبُّ الَّذِي قَالَ لِيَ: ارْجعْ إِلَى أَرْضِكَ وَإِلَى عَشِيرَتِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ“. ثم الآية المشهورة: “١٠ صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ“. كلمة “ألطافك” هي نفسها كلمة “חסד” (chesed) في العبرية، وتعني التزامك نحوي. هو يذكر الله بالتزامه. الله لم يقصر في التزامه تجاه يعقوب، بل يعقوب هو الذي كان يسير بشكل خاطئ. قال: “أنا لست جديرًا بكل أعمال لطفك ووفائك التي عملتها معي”. وبدأ يتذكر كيف عبر كل هذه المسافة بعصا واحدة، وكيف باركه الرب هناك. لكنه لا يزال يسلك… حتى وهو يصلي، هو لا يصلي، بل يصلي من خوف. هناك أناس عندما يقعون في ضيقة يقولون: “لقد صليت”، لكنهم لا يعرفون أنهم يصلون بخوف، يصلون بطريقة خاطئة، ليست هذه الطريقة التي تستعطف الله. هذه الصلاة دفعت الله لأن يفعل شيئًا، أن يبدأ المصارعة القادمة.
لقد كان شاعرًا بعدم الاستحقاق. أريد أن أقول الآن، في العهد الجديد، بعد أن مات يسوع وقام، أنت صرت مستحقًا، صارت صلواتك مسموعة لأنك صرت بارًا. الكتاب يقول إن أذني الرب مصغيتان إلى طلبات الأبرار. فلا عذر أن تقول: “أنا أشعر أنني لا أستحق، لقد أفسدت الأمور”. الرب يحبك، يريد أن يسمعك.
كأن الله كان ينتظر هذه اللحظة. هذه تعتبر أول مرة يصلي فيها يعقوب في حياته. لم نقرأ عن صلاة في حياة يعقوب. حياة إبراهيم مرتبطة طوال الوقت بالمذبح، بناء مذبح، عبادة، شركة مع الله. وهكذا إسحاق. هذه هي المرة التي ذُكر فيها أنه صلى. لكنه حتى هنا، ظل يفكر بطريقته، فأرسل هدية ضخمة جدًا، حوالي ٥٨٠ من حيواناته، أرسلها لعيسو قائلًا: “لعله يرضى عني”.
في الحقيقة، ما حدث على الجانب الآخر، لماذا تراجع عيسو؟ بالعودة إلى الخلفية اليهودية، ظهرت لعيسو أيضًا ملائكة، كما ظهرت للابان، وأرعبت الملائكة عيسو حتى لا يقترب منه، بنفس الطريقة التي حدثت مع لابان. لهذا، كان عيسو قادمًا ليقتله فعلًا، لكن الأمر تغير تمامًا، وبدأ يقبله.
*ما معنى أن يصارع الله إنسانًا؟*
أغرب من أن نرى مصارعة ثيران، حيث يصارع الإنسان حيوانًا، أو مصارعة بين شخصين، هو أن يدخل الله ويصارع إنسانًا. هذه هي الغرابة. ولفظ “المصارعة” نفسه!
“٢٢ ثُمَّ قَامَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَأَخَذَ امْرَأَتَيْهِ وَجَارِيَتَيْهِ وَأَوْلاَدَهُ الأَحَدَ عَشَرَ وَعَبَرَ مَخَاضَةَ يَبُّوقَ. ٢٣ أَخَذَهُمْ وَأَجَازَهُمُ الْوَادِيَ، وَأَجَازَ مَا كَانَ لَهُ. ٢٤ فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ، وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. ٢٥ وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ، فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. ٢٦ وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي، لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». ٢٧ فَقَالَ لَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». ٢٨ فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ». ٢٩ وَسَأَلَ يَعْقُوبُ وَقَالَ: «أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟». وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. ٣٠ فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلًا: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهًا لِوَجْهٍ، وَنُجِّيَتْ نَفْسِي». ٣١ وَأَشْرَقَتْ لَهُ الشَّمْسُ إِذْ عَبَرَ فَنُوئِيلَ وَهُوَ يَخْمَعُ عَلَى فَخْذِهِ” تكوين ٣٢: ٢٢-٣١.
في هذه المصارعة، جلس يعقوب وحده، من الواضح أنه كان يكمل صلاته. وهذه المصارعة رسمت حياة يعقوب القادمة، كانت مرحلة فاصلة في حياته. في جلسته هذه، هدأ نفسه. كفى انشغالًا وضجيجًا، وتجهيز الناس وتقسيمهم إلى فرق. طوال الوقت حكمة بشرية، حكمة بشرية. كان لا بد أن يهدأ ويجلس وحده. لهذا، سواء كنت رب أسرة أو قائد فريق، من المهم أن تجلس وتختلي بنفسك وأنت تفكر في الرب. هذا أمر مهم جدًا، يتحدد على أساسه الكثير في الحياة.
من هو المصارع هنا؟ الله هو الذي صارع يعقوب، وليس يعقوب هو الذي صارع الله. الكتاب يقول: “وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ“. نفس تعبير “إنسان” (אִישׁ – Ish) في العبرية أُطلق على الله في عدة مواضع، منها خروج ١٥: ٣: “الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ“. “رجل” هنا هي نفس الكلمة. كان هذا أحد ظهورات الروح القدس.
أيضًا، الذي يملك الحق في تغيير الأسماء هو الله. رأينا الرب يغير اسم إبرام وسارة، فنفهم أن هذا من الرب، ليس من مجرد ملاك. والذي يبارك هو الرب. ويعقوب نفسه عندما سمى المكان “فنيئيل” قال: “لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهًا لِوَجْهٍ“. من هنا نفهم أن الرب هو الذي كان متداخلًا في الموقف. وكأنه كان يسأله: “ألا تزال تشك يا يعقوب؟ ألم تفهم بعد؟ أنت تعرف أنه الرب، فلماذا تعيش دائمًا بالشك والخوف؟”. لهذا قال له: “لماذا تسأل عن اسمي؟”، ولم يجبه. كأنه يقول: “بعد كل هذا، ألم تفهم بعد؟”.
يخبرنا هوشع ١٢ أن المصارع كان الرب. ولاحظ، ليس يعقوب هو الذي صارع، بل الرب هو الذي صارع يعقوب. كان يعقوب يصلي، فاستدعى الرب. كان الرب يحاول أن يفعل معه شيئًا، أن يخرجه من الحالة التي هو فيها. يقول هوشع ١٢: ٣-٤: “٣ فِي الْبَطْنِ قَبَضَ بِعِقِبِ أَخِيهِ، وَبِقُوَّتِهِ جَاهَدَ مَعَ اللهِ. ٤ جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ وَغَلَبَ. بَكَى وَاسْتَرْحَمَهُ. وَجَدَهُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَهُنَاكَ تَكَلَّمَ مَعَنَا“. هنا يذكر هوشع شيئًا لم يُذكر في تكوين ٣٢، وهو أن انتصار يعقوب في هذه المصارعة كان عن طريق أنه “بكى واسترحمه“. بدأ يخضع، بدأ ينزل.
*الغرض من المصارعة*
الغرض من المصارعة هو أن يعقوب استدعى الرب في البداية لأنه كان خائفًا ومرعوبًا ويصلي: “يا رب نجني!”. لم يكن الرب ليتدخل مع يعقوب ما لم يتنازل يعقوب. فكان لا بد أن يتنازل. لهذا، صنع الرب هذه المصارعة خصيصًا. كان لا بد أن يُمسَك بيعقوب. طوال حياته عاش هاربًا، هرب من بيته، هرب من خاله لابان. كان لا بد أن يواجه. فواجهه الرب وكشف له طبيعة حياته: “لقد عشت حياتك يا يعقوب بهذه الطريقة، عشت تتصارع. تصارع أخاك من بطن أمك، تصارع من أجل البركة، تصارع من أجل راحيل، تصارع خالك لابان. حياتك كلها مصارعة. ليس هذا ما أريده. أريدك أن تخضع لي، أن تسمع لي، أن تسير برأيي”.
لهذا ضرب حق فخذه، وتحديدًا عرق النسا. لماذا؟ لأن هذا العصب هو أطول وأكبر عصب في الجسم، ويتحكم في الرجل بالكامل. كان الرب يريد أن يقول له: “كفاك اعتمادًا على قوتك البشرية”. هذه المنطقة من الحوض والرجل تمثل اعتماده على حكمته البشرية. “كفاك اعتمادًا على بشريتك، أنت تدمر نفسك. ها أنت الآن تعرج. أتعرف ماذا تفعل؟ اعتمد عليّ”.
هنا بدأ يعقوب يتنازل. لكنه لم يستسلم، بل ظل مكملًا مع الرب: “أنا مصر أن أتبارك”. لهذا قال له: “لا أطلقك إن لم تباركني”. قال له الرب: “أطلقني، قد طلع الفجر”. ليس لأن الرب كان لديه موعد آخر، بل كأنه يقول له: “هيا، انظر إلى حالك، انظر إلى الناس الذين معك، تحرك الآن”. لكن يعقوب قال: “لا، أنا مصمم”. لهذا قال الرب عن يعقوب إنه انتصر، لأنه كان مصممًا. كان لديه تصميم طوال الوقت، لكن هذه هي المرة الأولى التي يستخدمه فيها بشكل صحيح. كان تصميمه دائمًا: “يجب أن آخذ هذا الشيء”، ويجري وراءه، فيتفاجأ بأنه طار منه أو فسد. هنا أدرك أن هذه هي النقطة التي يجب أن يأخذها.
بدأ يتنازل. “بكى واسترحمه“، هذا هو الجزء الذي لم يُوصف في تكوين ٣٢. بدأ يخضع: “كفى، لن أسير بعقلي بعد الآن، لن أسير برأيي، سأسير بما تقوله أنت”. هذا قرار يمكنك أن تأخذه الآن وتغير مسار حياتك.
*الخضوع هو مفتاح النصر*
الضجيج الذي يحدث في حياتك ليس بسبب الظروف، ولا بسبب وجود أشخاص يضايقونك، أو مشاكل تحدث، ولا حتى بسبب الله. العكس تمامًا. الضجيج والارتباك والصراع يحدث لأنك لم تقرر أن تسير بالكلمة وتخضع نفسك لها. ماذا يعني أن أسير بالكلمة؟ ببساطة، أن أعطيها سلطانًا على حياتي. ما يقوله الله هو الذي له السلطة، هو الذي يُسمع له.
ما إن تختار أن تسير بهذا وتخضع نفسك، حتى لو بدا أنه عكس ما يحدث، حتى لو بدا أنه يجب أن تأخذ حقك بيدك – وهذا نوع من الاعتماد على الحكمة البشرية – حتى لو بدا أنك أُهنت في موقف أو حدث لك كذا وكذا، وأنت في حالة من الانتقام أو تريد أن تأخذ الشيء الفلاني الذي يخصك، كل هذا هو من أعمال الجسد. ما إن تختار أن تخضع لما يقوله الله – وكونك مولودًا من الله، فبداخلك هذه الإمكانية أن تسير بربوبية الكلمة – الكلمة هي الرب على حياتي، هي التي لها السيادة، ما تقوله هو الصحيح. من هنا، أنت أمير. ما إن تسير عكس ذلك، تدخل في العبودية، في الصراع، في المشاكل. الرب لا يريدك أن تدخل في هذا.
دعني أصلي معك الآن. لو أنك عشت مولودًا من الله لكنك كنت تتصارع لوقت طويل في حياتك، فقد حان الوقت أن تكف عن الصراع. كف عن الصراع مع الظروف، مع الناس. كف عن الخصومات، حتى الخصومات التي في ذهنك طوال الوقت، كف عنها. كما يقول الكتاب: “كف عن فطنتك”. ابدأ من جديد في إعطاء الكلمة أولوية في حياتك. هذا ما فعله يعقوب، بكى واسترحمه. ليس معناه أنه جلس يستدر عواطف الله وهو يبكي، لكنه بدأ يخضع: “لن أسير بعقلي بعد الآن، لن أسير برأيي، سأسير بما تقوله أنت”. هذا قرار يمكنك أن تأخذه الآن وتغير مسار حياتك، وتكون مباركًا جدًا، وتستمتع بما لك في المسيح، الميراث الذي لك من الأساس. كفى أيامًا عشتها في صراع، جاء وقت الراحة. كفى العيش في لباس يعقوب، جاء وقت أن تعيش في لباس إسرائيل، في لباس الأمير، الشخص الملك، الشخص الذي تخضع له الظروف، الذي تخضع له الأمور، الشخص الهادئ، المرتاح، المعتمد على الرب، الذي يأخذ رأي الرب في كل شيء. هللويا! كن مباركًا في حياتك وأنت تسير بالكلمة وبسلطانها على حياتك. آمين.
__________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
